Alharmal (7) 01 01 2015 - العدد السابع من مجلة الحرمل

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪1‬‬

‫لق��اء العدد مع الس��يد ه��ادي البحرة‬ ‫رئيس االئتالف الوطين‬

‫‪AL harmal‬‬ ‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫مفتتح الكالم‬ ‫هل يمكننا أن نكتب رواية‪...‬؟‬ ‫ماجد رشيد العويد‬

‫املب��ادرة الروس��ية ودميس��تورا‪ ..‬األولوية حملارب��ة اإلرهاب‪!..‬‬

‫بيــان جنيــف األول صار من الماضي‪ ،‬والظروف قد تغيرت‬

‫هنــاك مــن يتســاءل عــن مضمــون خطــة املبعــوث‬ ‫األممــي دميســتورا‪ ،‬وكذلــك الدعــوة الروســية للحــوار‪،‬‬ ‫ومــن خلفهــا املبــادرة املرصيــة؟!‬ ‫وحقيقــة الحــال أن ال جديــد عــى مســتوى الحــل الجذري‬ ‫للمســألة الســورية‪ ،‬بــل هنــاك تراجــع واضــح عــن بيــان‬ ‫جنيــف األول‪ ،‬واصطفــاف جديــد مــع النظــام الســوري‪،‬‬ ‫ومتســكه بأولويــة محاربــة اإلرهــاب‪ ،‬وهــذا مــا توضحــه‬ ‫الترصيحــات التــي تنطلــق مــن هنــا ومــن هنــاك‪ ،‬فقــد‬ ‫وافــق دميســتورا النظــام الســوري عــى أن األولويــة هــي‬ ‫ملحاربــة اإلرهــاب‪ ،‬وأن موســكو وطهـران عــى حــق يف أن‬ ‫الظــروف الراهنــة مختلفــة عــن تلــك التــي صــدر فيهــا‬

‫بيــان جنيــف األول منتصــف ‪ 2014‬وبالتــايل فــإن مهمــة‬ ‫دميســتورا تقتــر عــى ترجمــة التــوازن العســكري يف‬ ‫حــل ســيايس لصالــح النظــام‪ ،‬إضافــة إىل طــي املبــادرات‬ ‫الســابقة‪ ،‬مبــا فيهــا خطــة النقــاط األربــع اإليرانيــة التــي‬ ‫تضمنــت تحديــد صالحيــات األســد‪.‬‬ ‫وهــذا مــا أكــده بوغدانــوف نائــب وزيــر الخارجيــة‬ ‫الــرويس بحســب وكالــة «أنرتفاكــس» الروســية‪ ،‬بقولــه‪:‬‬ ‫«مــن املهــم اآلن أن تســتأنف قــوى معارضــة بنــاءة يف‬ ‫ســوريا الحــوار الســيايس مــع دمشــق الرســمية يف مواجهــة‬ ‫خطــر اإلرهــاب الــدويل»‪ ،‬مضيف ـاً «أن أنشــطة املعارضــة‬ ‫ال يجــب أن تكــون ســتارا ً لإلرهابيــن بشــكل أو بآخــر»‪،‬‬ ‫ومؤكــدا ً «أن موســكو أبلغــت رشكاءهــا أكــر مــن مــرة‬

‫وال��ي أورف��ا يلتق��ي أس��رة احلرمل‬

‫أكــد الســيد عــز الديــن غوجــك وايل شــانيل‬ ‫أورفــا أن الربملــان الــريك بصــدد إصــدار قانــون‬ ‫عمــل يخــص عمــل الســوريني يف تركيــا‪ ،‬ويتضمــن‬ ‫املوافقــة عــى تعيــن ‪ %10‬مــن الســوريني يف كل‬ ‫منشــأة صناعيــة أو حرفيــة‪ ،‬جــاء ذلــك خــال‬ ‫الدعــوة الخاصــة التــي دعــا إليهــا وايل شــانيل‬ ‫أورفــا فريــق صحيفــة الحرمــل وعــدد مــن رجــال‬ ‫الفكــر الســوريني‪ ،‬مشـرا ً إىل أن الحكومــة الرتكيــة‬ ‫بصــدد دعــم إنشــاء مكتــب خــاص لتســجيل‬ ‫الوقوعــات الخاصــة بالــزواج والــوالدات وتجديــد‬ ‫اإلقامــات للضيــوف الســوريني‪ ،‬إضافــة إىل دراســة‬ ‫إمكانيــة تخصيــص املــدارس الرتكيــة للطلبــة‬ ‫والتالميــذ الســوريني مســا ًء‪.‬‬ ‫وقــال غوجــك يف حديثــه لفريــق الحرمــل‪ :‬أنتــم‬ ‫خالصــة فكــر ســوريا‪ ،‬لذلــك ننظــر إىل رضورة‬ ‫تأمــن مقــر كبــر لصحيفتكــم‪ ،‬يكــون مبثابــة مركز‬ ‫ثقــايف لــكل الســوريني‪ ،‬تناقشــون بــه همــوم‬ ‫أهلكــم وآمالهــم يف تأمــن أهــم مســتلزمات‬

‫العيــش الكريــم‪ ،‬وتحقــق لهــم الحيــاة الحــرة‬ ‫الكرميــة‪ ،‬وتنقلوهــا إىل املســؤولني األتــراك‬ ‫ملعالجتهــا فــورا ً‪.‬‬ ‫ودعــا غوجــك الحضــور إىل رضورة وضــع دراســة‬ ‫جــادة تتضمــن إمكانيــة تقديــم عــروض فنيــة‬ ‫ومرسحيــة ألطفــال املخيــات‪ ،‬والتــي تســهم يف‬ ‫تحقيــق األمــن وإعــادة الطأمنينــة لهــم‪ ،‬وت ُدخــل‬ ‫الفــرح إىل قلوبهــم‪ ،‬وترســم البســمة عــى‬ ‫شــفاههم املتعبــة‪.‬‬

‫أنهــا مســتعدة ملواصلــة العمــل يف إطــار روســيا والواليــات‬ ‫املتحــدة واألمــم املتحــدة للتحضــر إلنعــاش العمليــة‬ ‫السياســية الهادفــة إىل التســوية الســلمية يف ســوريا»‪.‬‬ ‫غــر أن الواليــات املتحــدة مل تعلــن عــن موقــف رســمي‬ ‫مــن هــذه املبــادرات والترصيحــات حتــى اآلن‪ ،‬مثلــا مل‬ ‫تعلــن عــن متســك واضــح مببــادئ مؤمتــر جنيــف‪ ،‬وكذلــك‬ ‫األمــم املتحــدة التــي مل يصــدر عنهــا مــا يشــر إىل تبنيهــا‬ ‫لهــذه املبــادرات‪.‬‬ ‫أمــا املعارضــة الســورية التــي وجــدت نفســها مبواجهــة‬ ‫الحائــط ومــن دون خيــارات بديلــة‪ ،‬تلقفــت هــذه‬ ‫الدعــوات‪ ،‬واجتمعــت يف القاهــرة عــى اتفــاق تأخــر أربــع‬ ‫ســنوات‪.‬‬

‫هل يستطيع الروائي أن يكتب روايته عن الثورة السورية؟‬ ‫يف كل مــرة يكــون الجــواب أن الروايــة ســتكون ناقصــة أو مبتــورة‪،‬‬ ‫ويف أحســن أحوالهــا تكــون قلقــة موتــورة مل تســتوف رشوطهــا الفنيــة‪.‬‬ ‫وأمــا الســبب فيكمــن يف عمــق هــذه الثــورة التــي انطلقــت تحــارب‬ ‫نظام ـاً شــديد العت ـ ّو‪ ،‬مل تشــهد املنطقــة العربيــة مــن قبــل مثلــه يف‬ ‫اإلج ـرام وســفك الدمــاء‪ .‬وعــى هــذا فنحــن أمــام حالتــن تحتاجــان‬ ‫قــدرا ً مــن الزمــن حتــى يتــم تحويلهــا إىل حالــة إبداعيــة مرنــة قابلــة‬ ‫للصياغــة‪ ،‬وبالتــايل تكــون قــادرة عــى التأثــر بقــارئ يجــب احــرام‬ ‫عقلــه وذائقتــه‪ .‬الحالــة األوىل عمــق وذكاء هــذه الثــورة‪ ،‬والثانيــة‬ ‫طبيعــة هــذا النظــام شــديد العتــو واإلج ـرام‪ .‬ففــي حالــة الثــورة‪ ،‬مل‬ ‫يكــن مــن املتخيــل أن يقــوم الســوريون بثورتهــم هــذه‪ ،‬فالنظــام الــذي‬ ‫د ّمــر حــاة كان يظــن أنــه قــى عــى املعارضــة ملئة عــام قادمــة‪ ،‬وكان‬ ‫يظــن أنــه ميكــن اختصــار الســوريني بأحزابهــم التقليديــة التــي تــم لــه‬ ‫تقليــم أظافرهــا يف الثامنينيــات‪ ،‬وركنــت هــذه بدورهــا للعمــل الــري‬ ‫الــذي مل يثبــت الكثــر مــن الجــدوى‪ .‬الســوريون بدورهــم كانــوا ينامون‬ ‫عــى قهــر مــا لبــث أن تف ّجــر‪ .‬املرصيــون ليســوا أفضــل وال التونســيون‬ ‫أو الليبيــون‪ .‬بالتأكيــد نظامــا مــر وتونــس كانــا أكــر تنــازالً لشــعبيهام‬ ‫لتوازنــات دوليــة عــى األرجــح‪ .‬فاالســتبداد واحــد‪ ،‬وإن كنــا نرجــح أن‬ ‫هيئــة النظــام الســوري نشــأت أص ـاً عــى اإلج ـرام‪ ،‬وســاعدها عــى‬ ‫التــادي إىل الحــد األقــى وجــو ُد إرسائيــل عــى حــدوده‪.‬‬ ‫ومــا يثبــت أن الثــورة الســورية ثــورة كاملــة مــا ن ـراه اليــوم يف مــر‬ ‫ويف ليبيــا وكذلــك اليمــن‪ ،‬فالثــورة يف هــذه البــاد مل تصــل حيــث جــذر‬ ‫االســتبداد واملســتبد‪ ،‬ولــذا فهــي تعيــد الكــرة مــرة واثنتــن‪.‬‬ ‫هــذا القهــر املتفجــر بــدأ ســلمياً‪ ،‬عـ ّـر عــن ذاتــه بالتظاهــر الســلمي‬ ‫ثــم تطــور بدافــع تراكــم املــوت بآلــة النظــام إىل ثــورة مســلحة‪.‬‬ ‫ما من ثورة دفعت هذا العدد الهائل من الشهداء‪.‬‬ ‫أجــل‪ ،‬املســتبد واحــد‪ .‬ســتالني قتــل املاليــن‪ ،‬ولكــن مــن دون ثــورة‬ ‫عــى نظامــه وكان يبنــي دولتــه‪ .‬النظــام الســوري د ّمــر الدولــة مــن‬ ‫أجــل كرســيه‪.‬‬ ‫هــذا كلــه إىل جانــب تحصيــل املعرفــة الجيــدة بتاريــخ الثورات يســاعد‬ ‫الــروايئ عــى متثّــل الحالــة الثوريــة الســورية بعــد رسـ ّوها واســتقرارها‬ ‫وانتقالهــا إىل حالــة البنــاء‪ .‬بالطبــع هــذا ال يلغــي إمكانيــة الكتابــة‬ ‫عــن جزئيــات مــن الثــورة‪ ،‬والقيــام بتحليــل مراحلهــا‪ ،‬وبيــان خطهــا‬ ‫التصاعــدي‪ ،‬ولك ـ ّن الروايــة يشء آخــر‪ ،‬فهــذا العــامل الواســع املتخيــل‪،‬‬ ‫والــذي يـراد لــه‪ ،‬ومنــه أن يكــون مبــوازاة العــامل املعيــش يحتــاج منــا أن‬ ‫نقلــق مــع الحــدث الــذي مل ينتـ ِه بعــد‪ ،‬ويحتــاج أن نظــل عــى مقربــة‬ ‫مــن تفاصيلــه‪.‬‬

‫أوبام��ا‪ ..‬م��ن محام��ة للس�لام إىل ق��رد يف غابة اس��توائية!‬

‫بــدوره أعــرب األديــب بســام البليبــل رئيــس‬ ‫مجلــس إدارة الحرمــل عــن ســعادته بهــذا اللقــاء‬ ‫الــذي يــأيت يف إطــار مــد الجســور الثقافيــة‬ ‫واالجتامعيــة بــن املجتمــع الــريك والضيــوف‬ ‫الســوريني‪ ،‬مؤكــدا ً أن هــذه اللقــاءات تــأيت مثــرة‬ ‫لجهــود حثيثــة بــن الطرفــن تؤكــد عــى عمــق‬ ‫العالقــات بــن الشــعبني الســوري والــريك‪ ،‬مشـرا ً‬ ‫إىل أن القيــادة الصالحــة يف تركيــا تصنــع أتباعــاً‬ ‫صالحــن‪.‬‬

‫الرئيــس أوبامــا الــذي دخــل البيــت األبيــض وهــو‬ ‫يحمــل حاممــة الســام‪ ،‬ووعــودا ً بإنهــاء جميــع‬ ‫الحــروب التــي دخلتهــا الواليــات املتحــدة األمريكية‪،‬‬ ‫تــرك البــاب موارب ـاً لدخــول عــامل الحــروب‪ ،‬عندمــا‬ ‫قــال يف خطــاب شــكره لهيئــة جائــزة نوبــل يف‬ ‫أوســلو‪« :‬الحــروب يف بعــض األحيــان قــد تكــون‬ ‫مــررة أخالقيــاً»‪.‬‬ ‫وهــذا مــا فعلــه الحقـاً‪ ،‬وهــو يتلطــى وراء شــعارات‬ ‫زائفــة للســام‪ ،‬وحقــوق اإلنســان مل تنطــلِ عــى‬ ‫أحــد‪ ،‬وسياســة املخاتلــة التــي تســمى «اإلدارة مــن‬ ‫الخلــف»‪ ،‬والحــروب البديلــة التــي اجتاحــت ســبع‬ ‫دول عربيــة وإســامية‪ ،‬وبشــكل غــر مســبوق يف‬ ‫السياســة األمريكيــة‪ ،‬كــا يف أفغانســتان وباكســتان‬ ‫وليبيــا واليمــن والصومــال والع ـراق وســوريا‪.‬‬ ‫حتــى أن عمليــات القصــف يف ســوريا هــي األوىل‬ ‫التــي تنفذهــا الواليــات املتحــدة منــذ الحــرب‬ ‫العامليــة الثانيــة دون تفويــض مــن األمــم املتحــدة‪،‬‬ ‫أو الجامعــة العربيــة‪ ،‬أو بطلــب مــن الدولــة‬ ‫املعنيــة‪ ..‬بــل تضاعفــت الطلعــات الجويــة دون‬

‫طيــار يف الباكســتان واليمــن والصومــال‪ ،‬وارتفــع‬ ‫عــدد القــوات األمريكيــة يف أفغانســتان مــن ‪30‬‬ ‫ألفـاً إىل ‪ 90‬ألفـاً‪ ،‬ومل ينتـ ِه الســجل الحــريب للرئيــس‬ ‫أوبامــا عنــد هــذا الحــد‪ ،‬فهــو مــا زال يف النصــف‬ ‫األول مــن دورتــه الرئاســية الثانيــة‪ ،‬فهــل ســتعيد‬ ‫لجنــة «نوبــل للســام» رأيهــا باســتحقاق أوبامــا‬ ‫للجائــزة التــي منحتــه إياهــا يف عــام ‪ .2009‬أم‬ ‫ســيكتفي العــامل بإضفــاء صفــات جديــدة عــى‬ ‫الرئيــس أوبامــا؟ كــا فعلــت لجنــة الدفــاع الوطنــي‬ ‫الكــوري عندمــا وصفــت أوبامــا‪« :‬بأنــه متهــور دامئـاً‬ ‫يف أقوالــه وأفعالــه‪ ،‬مثــل قــرد يف غابــة اســتوائية»‪.‬‬ ‫ويــأيت ذلــك عــى خلفيــة اتهــام الحكومــة الكوريــة‬ ‫الشــالية الواليــات املتحــدة بقطــع خدمــة االنرتنــت‬ ‫الــذي شــهدته كوريــا الشــالية يف األيــام األخــرة‪،‬‬ ‫وســط مواجهــة سياســية بــن البلديــن بشــأن‬ ‫اخــراق كمبيوتــر «ســوين بيكتــرز» منتــج فيلــم‬ ‫املقابلــة «الــذي أشــعل فتيــل التوتــر بــن بيونــغ‬ ‫يانــغ وواشــنطن»‪ ،‬والــذي يحــي خطــة الغتيــال‬ ‫زعيــم كوريــا الشــالية كيــم جونــغ أون‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫وثيقــة تفاهم بين هيئة التنســيق المعارضــة واالئتالف‬ ‫رسبــت مصــادر مــن داخــل هيئــة التنســيق‬ ‫املعارضــة وثيقــة اتفقــت عليهــا الهيئــة مــع‬ ‫االئتــاف املعــارض‪ ،‬وينــوي الطرفــان التوقيــع‬ ‫عليهــا خــال األيــام القليلــة القادمــة‪.‬‬ ‫وتنــص الوثيقــة عــى عــدد مــن النقــاط‬ ‫الرئيســية أهمهــا تشــكيل حكومــة انتقاليــة‬ ‫بصالحيــات واســعة‪ ،‬مــع اعتبــار أن هــدف‬ ‫العمليــة السياســية التفاوضيــة هــو االنتقــال‬ ‫إىل نظــام دميقراطــي تعــددي تــداويل عــى‬ ‫أســاس مبــدأ املواطنــة املتســاوية‪ ،‬كــا تؤكــد‬ ‫عــى وحــدة ســوريا أرضــاً وشــعباً‪ ،‬وعــى‬ ‫الســيادة الكاملــة للدولــة عــى أراضيهــا‪ ،‬وعــى‬ ‫حرصيــة الجيــش والقــوات املســلحة يف حمــل‬ ‫الســاح‪ ،‬إضافــة إىل اقــراح الوثيقــة تعهــد‬ ‫جميــع األطــراف بااللتــزام بنتائــج التفــاوض‪،‬‬

‫اللجــوء إىل اســتفتاء الشــعب‪ ،‬وتنــص الوثيقــة‬ ‫عــى أن تبــدأ العمليــة السياســية بعقــد‬ ‫مؤمتــر وطنــي يشــارك فيــه‪ ،‬مثالثــة‪ ،‬ممثلــن‬ ‫عــن الســلطة واملعارضــة وهيئــات املجتمــع‬ ‫املــدين‪ ،‬ينتهــي بتشــكيل حكومــة انتقاليــة‬ ‫تتمتــع بالصالحيــات الكاملــة املمنوحــة لرئاســة‬ ‫الجمهوريــة ومجلــس الــوزراء يف الدســتور‬ ‫الحــايل‪ ،‬وتشــكل الحكومــة مــن شــخصيات‬ ‫سياســية ووطنيــة عامــة يتــم التوافــق عليهــا‬ ‫مثالثــة مــن الســلطة‪ ،‬واملعارضــة‪ ،‬وشــخصيات‬ ‫وطنيــة‪ ،‬يتــم التوافــق عليهــا‪.‬‬

‫عــى أن تضمــن ذلــك الــدول الراعيــة للمؤمتــر‪،‬‬ ‫وأن تصــدر بقــرارات ملزمــة عــن مجلــس‬ ‫األمــن الــدويل‪ ،‬وفــق الفصــل الســادس‪ ،‬مــع‬ ‫إعــان جميــع األطــراف وقــف العنــف يف‬ ‫ســوريا وإطــاق رساح املعتقلــن واملخطوفــن‬ ‫وإصــدار عفــو شــامل عــن جميــع املطلوبــن‬ ‫والســاح بعــودة جميــع السياســيني املقيمــن‬ ‫يف الخــارج دون مســاءلة‪ ،‬وتعتــر الوثيقــة‬ ‫بيــان جنيــف هــو أســاس للعمليــة التفاوضيــة‬ ‫وااللتــزام بدعــم جهــود املوفــد الــدويل‬ ‫«ســتيفان دميســتورا» كــا االلتــزام مبحاربــة‬ ‫اإلرهــاب بــكل أشــكاله‪ ،‬وااللتــزام بإحالــة‬ ‫جميــع القضايــا الخالفيــة إىل لجنــة تقريــب حــوار القاهــرة هــو حــوار ســورى‪ -‬ســورى‪ ،‬وال‬ ‫وجهــات النظــر‪ ،‬فــإذا فشــلت إىل لجنــة تحكيم يحتــاج ألى دعــم دوىل وهــذه مهمــة وطنيــة‬ ‫دوليــة حياديــة‪ ،‬ويف حــاالت اســتثنائية يتــم ســورية علينــا القيــام بهــا كســوريني‪ ،‬ســننجح‬

‫إن شــاء اللــه وســنخرج بوثيقــة شــاملة‪.‬‬ ‫وحــول املبــادرة املرصيــة‪ ،‬يتســاءل الســيد‬ ‫هــادي البحــرة‪ ،‬رئيــس االتئــاف الوطنــي‬ ‫لقــوى الثــورة واملعارضــة الســورية‪ ،‬قائـاً‪ :‬هــل‬ ‫هنــاك مبــادرة مرصيــة وضعــت لحــل األزمــة‬ ‫الســورية؟ هــل وضعــت املعارضــة مطالبهــا يف‬ ‫القاهــرة يك تكــون أساســا للتفــاوض؟‬ ‫ويضيــف البحــرة‪ :‬يجــب أن نعــرف مــا املبادرة‪،‬‬ ‫املبــادرة املرصيــة‪ ،‬هــي تشــجيع املعارضــة‬ ‫الســورية للقيــام بعمليــة حــوار مشــرك فيــا‬ ‫بينهــا للخــروج برؤيــة مشــركة تهيــئ املنــاخ‬ ‫املناســب للمــي يف حــل ســيايس‪ ،‬هــذا الشــق‬ ‫موجــود منــذ فــرة ومــر قامــت بتفعيلــه‬ ‫اآلن بشــكل أوســع وأكــر‪ ،‬ال توجــد لــدى مــر‬ ‫بنــود محــددة تحــاول فرضهــا عــى أطــراف‬

‫يف الوقــت الــذي تشــهد فيــه الســاحة اإلقليميــة‬ ‫والدوليــة حـراكاً متســارعاً‪ ،‬وطــرح عــدة مبــادرات‬ ‫مــن الــروس واإليرانيــن واملرصيــن‪ ،‬يواصــل‬ ‫طــران النظــام الســوري قصفــه املتســارع‬ ‫واملتواصــل للمــدن واألريــاف الســورية‪ ،‬حيــث‬ ‫شــهدت محافظــة الرقــة غــارات متتابعــة أوقعــت‬ ‫العـرات مــن الشــهداء والجرحــى الذيــن ضاقــت‬ ‫بهــم مشــايف الرقــة‪.‬‬ ‫وقــد دأب النظــام الســوري عــى التصعيــد‬ ‫العســكري‪ ،‬واســتعامل القــوة املعــراة قبــل‬ ‫الــروع بــأي تفــاوض جديــد‪ ،‬يف محاولــة لفــرض‬ ‫إرادة القــوة عــى ســر عمليــة التفــاوض‪ ،‬بالتــوازي‬ ‫مــع قصــف ط ـران التحالــف لعــدد مــن مواقــع‬ ‫الدولــة اإلســامية‪.‬‬ ‫ففــي يــوم الســبت ‪ 2014/12/20‬قصــف ط ـران‬

‫النظــام عــدة مواقــع ســكنية يف وســط مدينــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬حيــث ارتقــى أكــر مــن ‪ /28/‬شــهيدا ً‬ ‫معظمهــم مــن األطفــال والنســاء‪ ،‬وأوقعــت‬ ‫عــرات الجرحــى الذيــن ضاقــت بهــم أقســام‬ ‫املشــفى الوطنــي‪ .‬وهنــاك جثــث غــر معروفــة‬ ‫الهويــة‪ ،‬وتركــزت الرضبــات عــى محيــط حــي‬ ‫البورسايــا يف محيــط مدرســة عمــر بــن الخطــاب‪،‬‬ ‫وحــي الفــردوس‪.‬‬ ‫كــا تعــرض حــي الوعــر لعــدة غــارات أوقعــت‬ ‫العديــد مــن الشــهداء والجرحــى‪ ،‬وطــال القصــف‬ ‫حــي جوبــر الدمشــقي‪ ،‬وبعــض األحيــاء املجــاورة‪،‬‬ ‫وتصاعــد قصــف طــران النظــام ليطــال الريــف‬ ‫الشــايل ملدينــة حلــب‪ ،‬كــا قصــف الطــران‬ ‫املروحــي بالرباميــل املتفجــرة مواقــع عــدة يف‬ ‫ريــف إدلــب‪ ،‬وخصوصــاً مناطــق جبــل الزاويــة‬

‫املعارضــة‪ ،‬وال يوجــد توجــه معــن ألى تشــكيل‬ ‫جديــد للمعارضــة‪ ،‬ومــا تســعى لــه القاهــرة‬ ‫تفعيــل الحــل الســيايس ومــر تعــي أن‬ ‫إنجــاح أي عمــل ســيايس يتطلــب توافقـاً دوليـاً‬ ‫وتوافقــاً إقليميــاً‪ ،‬وإرادة سياســية إلنجاحــه‪،‬‬ ‫لذلــك مــر تهيــئ للمعارضــة الســورية مناخـاً‬ ‫للخــوض يف عمليــات الحــوار التــي انطلقــت‬ ‫دون أي تدخــات مــن أي طــرف آخــر‪ ،‬وقــد‬ ‫انطلقــت عمليــة الحــوار يف القاهــرة‪ ،‬وكان لنــا‬ ‫وفــد التقــى بهيئــة التنســيق‪ ،‬نحــن نتوافــق‬ ‫كمعارضــة عــى اإلطــار التفــاويض‪ ،‬وعــى‬ ‫وثيقــة مبــادئ أساســية‪ ،‬وال يـزال بيــان جنيــف‬ ‫‪ 2012‬اإلطــار التفــاويض‪ ،‬ومازلنــا نــرى يف‬ ‫عمليــة جنيــف االســتمرارية املنطقيــة للخــروج‬ ‫بحــل لألزمــة‪.‬‬

‫انطلقــت اليــوم ‪2014/12/31‬‬ ‫حملــة «فكــوا قيودهــن» الخاصــة‬ ‫بالنســاء الســوريات املعتقــات‬ ‫واملخطوفــات لــدى النظــام واملتطرفــن‬ ‫اإلســاميني‪ .‬الحملــة مفتوحــ ٌة لــكل‬ ‫وكل حســب‬ ‫املنظــات والشــخصيات ٌ‬ ‫طريقتــه‪ .‬وقــد أسســت صفحــة‬ ‫بهــذا االســم ســينرش فيهــا باســتمرار‬ ‫صــور للمعتقــات واملخطوفــات مــع‬ ‫املعلومــات املتوفــرة عــن كل منهــن‪،‬‬ ‫ويجــري اآلن ترتيــب قاعــدة معلومــات‬

‫عــن املعتقــات واملخطوفــات‪ ،‬كــا‬ ‫ستشــهد الحملــة نشــاطات متعــددة‪.‬‬ ‫املشــاركون يف الحملــة عنــد بدئهــا هــم‪:‬‬ ‫منظمــة بيــت الرقــة لــكل الســوريني‪،‬‬ ‫الرقــة تذبــخ بصمــت‪ ،‬إعالميــون بــا‬ ‫حــدود‪ ،‬وشــخصيات صحافيــة ونشــطاء‬ ‫ومثقفــون وفنانــون‪.‬‬ ‫ندعــو الجميــع للمشــاركة يف الحملــة‬ ‫واالنضــام إليهــا وعــى وجــه الخصوص‬ ‫املنظــات والشــخصيات املشــهورة مــن‬ ‫الفنانــن واملثقفــن‪.‬‬

‫عروة المهاوش‬ ‫جنــويب العاصمــة الســورية دمشــق‬ ‫يقــع مخيــم الريمــوك الــذي يقطنــه حــوايل‬ ‫مليــون إنســان‪ ،‬أكــر مــن ‪ 150‬ألفــاً منهــم‬ ‫فلســطينيون‪ ،‬مل يبـ َـق منهــم ســوى مثانيــة عــر‬ ‫ألفـاً‪ ،‬يعيشــون ملحمــة املــوت جوعـاً‪ ،‬وإرصارا ً‬ ‫عــى البقــاء‪ ،‬بعــد أن فــرض النظــام الســوري‬ ‫حصــارا ً خانقــاً عليــه‪ ،‬ســبقه قصــف بــكل‬ ‫أنــواع األســلحة الثقيلــة‪ ،‬عــى مــدى أشــهر‪،‬‬ ‫عــى املبــاين املدنيــة والحكوميــة‪ ،‬مبــا فيهــا‬ ‫املســاجد واملشــايف‪ ،‬قصــف عشــوايئ يســتهدف‬ ‫كل أنــواع الحيــاة‪ ،‬وحصــار يرقــى إىل مصــاف‬ ‫اإلبــادة الجامعيــة بأبشــع صورهــا‪ ،‬وأكرثهــا أملـاً‬ ‫وأشــدها قســوة‪.‬‬ ‫تســيطر قــوات النظــام عــى البوابــة الشــالية‬ ‫للمخيــم منــذ كانــون األول ‪ 2012‬مبســاندة‬ ‫مــع مجموعاتهــا املواليــة مــن حــي التضامــن‬ ‫املجــاور‪ ،‬إضافــة للفصائــل الفلســطينية كقوات‬ ‫الجبهــة الشــعبية لتحريــر فلســطني «القيــادة‬ ‫العامــة»‪ ،‬وفتــح االنتفاضــة‪ ،‬وقــوات تابعــة‬

‫صــوت مجلــس األمن مســاء الثالثاء ‪2014/12/30‬‬ ‫ضــد مــروع قـرار فلســطيني يطالب بـ»انســحاب‬ ‫إرسائيــل مــن األرايض التــي احتلتهــا عــام ‪،»1967‬‬ ‫وكانــت الواليــات املتحــدة قــد أعلنــت مســبقاً أنهــا‬ ‫لــن تؤيــده‪.‬‬ ‫ومــن أصــل الــدول الخمــس صاحبــة العضويــة‬ ‫الدامئــة وحــق النقــض يف مجلــس األمــن‪ ،‬حصــل‬ ‫مــروع القــرار عــى تأييــد ثــاث منهــا‪ ،‬هــي‬ ‫فرنســا والصــن وروســيا‪ ،‬يف حــن صوتــت‬ ‫الواليــات املتحــدة ضــده‪ ،‬التــي أعلنــت مســبقاً‬ ‫أنهــا ستســتخدم «الفيتــو» إذا اقتــى األمــر ملنــع‬ ‫صــدوره‪ ،‬بينــا امتنعــت بريطانيــا عــن التصويــت‪،‬‬

‫وصــوت ضــد مــروع القــرار إضافــة للواليــات‬ ‫املتحــدة اسـراليا وكالهــا حليــف وثيــق إلرسائيــل‪.‬‬ ‫وامتنــع عــن التصويــت إضافــة لربيطانيــا‪ ،‬ليتوانيــا‬ ‫وكوريــا الجنوبيــة وراونــدا ونيجرييــا‪.‬‬ ‫وأعلــن الســفري الفرنــي «فرانســو ديالتــر» الــذي‬ ‫صوتتــه بلــده إىل جانــب الق ـرار‪ ،‬عــن خيبــة أملــه‬ ‫بعــدم نجــاح الجهــود التــي بذلــت للتفــاوض عــى‬ ‫نــص يتوافــق حولــه أعضــاء املجلــس‪ ،‬مؤكــدا ً ان‬ ‫بلــده صوتــت لصالــح مــروع القـرار الفلســطيني‬ ‫مدفوعــة للحاجــة امللحــة إىل التحــرك‪.‬‬ ‫وأضــاف «ديالتــر»‪« :‬لكــن جهودنــا ال يجــب أن‬ ‫تتوقــف هنــا‪ ،‬إن مســؤوليتنا هــي أن نحــاول أكــر‬ ‫قبــل أن يفــوت األوان»‪.‬‬

‫مــن جهتــه اتهــم الســفري الفلســطيني يف األمــم‬ ‫املتحــدة ريــاض منصــور مجلــس األمــن بعــدم‬ ‫تحملــه ملســؤولياته‪ ،‬واعــدا ً بالســعي عــر‬ ‫طــرق أخــرى للحصــول عــى اعــراف بالدولــة‬ ‫ا لفلســطينية ‪.‬‬ ‫يف الوقــت الــذي رصح فيــه ممثــل إرسائيــل يف‬ ‫األمــم املتحــدة‪« :‬لــدي أنبــاء للفلســطينيني‪ :‬ال‬ ‫ميكنكــم أن تصلــوا إىل دولــة عــن طريــق االنفعــال‬ ‫واالســتفزاز»‪.‬‬ ‫وأضــاف‪« :‬أحــض املجلــس عــى التوقــف عــن‬ ‫لعــب لعبــة الفلســطينيني‪ ،‬وانهــاء مســرتهم نحــو‬ ‫الجنــون»‪ .‬فيــا يلــف الســفراء العــرب صمــت‬ ‫مطبــق‪.‬‬

‫ناشطون سوريون يطلقون‬ ‫حملة «فكوا قيدهن»‬

‫ملحمة املوت جوعاً‪..‬‬ ‫لجبهــة النضــال الشــعبي املنشــقة‪ ،‬وهــي التــي‬ ‫تتصــدى لألهــايل كلــا حاولــوا كــر الحصــار‬ ‫املفــروض عليهــم للخــروج مــن املخيــم‪.‬‬ ‫بينــا تســيطر مجموعــات مســلحة ســورية‬ ‫وفلســطينية مواليــة للمعارضــة الســورية عــى‬ ‫مســاحة كبــرة مــن شــارع الريمــوك‪.‬‬ ‫املــوت جوعـاً حيــث أصبــح فتــات الخبــز حلـاً‬ ‫للطفــل قبــل الشــيخ الطاعــن يف الســن‪ ،‬حيــث‬ ‫منعــت حواجــز النظــام إدخــال مــادة الخبــز‪،‬‬ ‫وبشــكل نهــايئ يف الخامــس مــن رمضــان‬ ‫‪ ، 2013‬بعــد أن كانــت تســمح بإدخــال ربطــة‬ ‫واحــدة‪ ،‬يف حــال كان حاملهــا رجــاً مســناً‪،‬‬ ‫أو امــرأة طاعنــة يف الســن أيضــاً‪ ،‬كــا منــع‬ ‫إدخــال حليــب األطفــال مــا أدى إىل وفيــات‬ ‫كثــرة يف صفوفهــم‪ ،‬وكانــت صورهــم وآثــار‬ ‫املــوت جوعـاً واضحــة للعــامل أجمــع‪ .‬كتــل مــن‬ ‫العظــام ال يســرها ســوى القليــل مــن الجلــد‬ ‫بينــا اختفــت معــامل الوجــوه واألجســاد‪ .‬أكــر‬ ‫مــن (‪ )200‬إنســان ماتــوا جوع ـاً‪ ،‬بينــا العــامل‬

‫الس��فري الفرنس��ي يعل��ن ع��ن خيب��ة أمله وصمت م��ن الديبلوماس��ية العربية‬

‫من األرشيف‬

‫ريف دمشق ‪ -‬مخيم الريموك‬

‫يقــف متفرج ـاً‪.‬‬ ‫مســاعدات محــدودة ال تشــكل نقطــة ببحــر‬ ‫االحتياجــات‪ ،‬قدمتهــا وكالــة األمــم املتحــدة‬ ‫للغــوث والتشــغيل يف شــهر ينايــر ‪ ،2014‬آالف‬ ‫املواطنــن تجمعوا يف منظر تقشــعر لــه األبدان‪،‬‬ ‫يف شــارع واحــد‪ ،‬يحاولــون الحصــول عــى لقمة‬ ‫خبــز ألطفــال عــى شــفا املــوت‪ .‬مل ينتـ ِه األمــر‬ ‫هنــا بالحصــار فقــط بــل تعــداه وضمن دراســة‬ ‫ممنهجــة لزيــادة عــدد الشــهداء‪.‬‬ ‫جــوع ومــرض‪ ،‬قيــام قــوات النظــام باختطــاف‬ ‫الطواقــم الطبيــة‪ ،‬وزجهــم يف الســجون‪ ،‬وذلــك‬ ‫عــى خلفيــة قيامهــم بواجبهــم اإلنســاين‪،‬‬ ‫مبعالجــة الجرحــى واملصابــن‪ ،‬فمنــذ نيســان‬ ‫‪ 2011‬تــم اعتقــال مــا ال يقــل عــن ‪ 150‬طبيبـاً‬ ‫وعام ـاً بالصحــة‪ ،‬وتؤكــد املنظــات املختصــة‬ ‫بحقــوق اإلنســان عــى وجــود ‪ 80‬طبيبــاً ال‬ ‫زالــوا يف ســجون النظــام‪ .‬حاليـاً ال يوجــد ســوى‬ ‫طبيــب واحــد يف املخيــم‪ ،‬ومل يتــم تخرجــه‬ ‫بعــد‪ ،‬إمنــا حتــم عليــه واجبــه اإلنســاين القيــام‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫أمريــكا ترفــض وبريطانيــا تمتنــع وفرنســا تصــوت لصالــح قــرار انهــاء االحتــال‬

‫مبــادرات إقليمية ودولية والنظام يصعد عســكريا‬

‫ووادي الضيــف‪ ،‬فيــا اســتمر الطــران الحــريب‬ ‫واملروحــي طلعاتــه الجويــة يف ســاء درعــا ملقيـاً‬ ‫الرباميــل املتفجــرة والصواريــخ الفراغيــة فــوق‬ ‫الســكان اآلمنــن‪.‬‬ ‫وشــهدت الرقــة وهــي تــودع العــام الحــايل غــارات‬ ‫متواصلــة نهــار ‪ 2014/12/31‬شــارك فيهــا ط ـران‬ ‫النظــام وطـران التحالــف‪ ،‬وتركــز قصــف التحالف‬ ‫يف منطقــة الحمــرات يف محيــط ووســط معمــل‬ ‫القرميــد‪ ،‬ومواقــع تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫يف أطــراف املدينــة‪ ،‬فيــا تركــز قصــف طــران‬ ‫النظــام الحــريب يف داخــل مدينــة الرقــة‪ ،‬حيــث‬ ‫تعرضــت منطقــة التأمينــات االجتامعيــة وتحديــدا ً‬ ‫يف مبنــى التأمينــات الجديــد‪ ،‬ومحيــط مدرســة‬ ‫عــي دهــام ومســاكن املعلمــن‪ ،‬مــا أدى لوقــوع‬ ‫مجــزرة يف صفــوف املدنيــن راح ضحيتهــا عــدد‬ ‫مــن الشــهداء والجرحــى‪.‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫‪3‬‬

‫بــدوره‪.‬‬ ‫ملحمــة املــوت جوع ـاً‪ ،‬مل تحمــل األهــايل عــى‬ ‫رص‬ ‫الهجــرة‪ ،‬الرجــل الســبعيني (أبــو العبــد) أ ّ‬ ‫عــى البقــاء قائــاً‪ :‬ال خــروج مــن املخيــم إال‬ ‫إىل جهتــن فقــط (فلســطني أو القــر) منتهي ـاً‬ ‫بــرح معاناتــه مــن الطريقــة املهينــة لتوزيــع‬ ‫الســال الغذائيــة داخــل املخيــم‪.‬‬ ‫جــدل ومســاومات سياســية رخيصــة‪ ،‬ومصالــح‬ ‫دول تحــرك بهــا أحجارهــا مــن القــوى‬

‫العســكرية‪ ،‬حيــث ينطــق الســاح‪ ،‬وميــوت‬ ‫اإلنســان مبحرقــة إنســانية حقيقيــة‪ ،‬وكل طــرف‬ ‫فيهــم يلقــي اللــوم عــى اآلخــر‪ ،‬وعــداد املــوت‬ ‫جوعــاً ال يتوقــف‪.‬‬ ‫بينــا الفصائــل املســلحة الســورية‪ ،‬والقــوى‬ ‫الفلســطينية املؤيــدة لهــا‪ ،‬وجــدت الفرصــة‬ ‫مناســبة لنهــب البيــوت واملحــات‪ .‬الــكل‬ ‫مشــارك يف قتــل أطفالنــا وننتظــر معجــزة‬ ‫ربانيــة للخــاص‪.‬‬

‫لعبة الموت _ لعبة الوقت‬ ‫عدنان الصباح المقداد‬ ‫س��بحان م��ن َّ‬ ‫حللك��م للذب��ح أيه��ا‬ ‫السوريون‬

‫ســبحان مــن أخرجكــم مــن بيوتكــم لتــزوروا‬ ‫بلــدان العــامل‪ ،‬تضحــك صديقتــي بشــكل‬ ‫هيســتريي‪..‬‬ ‫اآلن مضــت أربــع ســنوات عــى فرارنــا مــن‬ ‫ســوريا بعــد أن جــاءين خــر‪ :‬أســتاذ غــدا ً‬ ‫الخميــس يتــم اقتحــام الحــي‪ .‬أنــت مطلــوب‬ ‫غــادر املنــزل عــى الفــور‪ ،‬ســيتم قتلــك داخــل‬ ‫املنــزل‪.‬‬ ‫اآلن متــي أربــع ســنوات ومــا يـزال الســوريون‬ ‫يقتلــون بالكيــاوي وبالرباميــل املتفجــرة عــى‬ ‫أيــدي النظــام‪.‬‬ ‫األنيــاب املغروســة يف لحــم شــعبي هــي أنيــاب‬ ‫النظــام الســوري الطائفــي‪ ..‬وإذا أردنــا التحدث‬ ‫عــن التطــرف واإلرهــاب فلــن نغــض الطــرف‬ ‫عــن إرهــاب النظــام وال طائفيتــه التــي أغرقــت‬ ‫ســوريا بالــدم وذهبــت بعيــدا ً‪.‬‬ ‫مــن العجيــب أن النظــام رغــم انهيــاره مــا‬ ‫ي ـزال يلعــب ‪ -‬مبســاعدة حلفائــه مــن الــروس‬ ‫واإليرانيــن ‪ -‬ومبهــارة عــى الوقــت معتمدا ً عىل‬ ‫تفوقــه الجــوي وامتالكــه الكيــاوي‪ ..‬ولكــن‬

‫نســوا أن الدمــاء ال تســقط بالتقــادم‪ ،‬ورغــم‬ ‫أن لعبــة الوقــت التــي اشــتهر بهــا حافــظ أســد‬ ‫واســتنبطها خلفــاؤه‪ ،‬هــي ســاحه الفعــال‪،‬‬ ‫إال أنــه ال يعــي أنــه مل يعــد لــه مســتقبل يف‬ ‫ســورية‪.‬‬ ‫اللعبــة‪ :‬ال شــك أن داعــش تشــكل حلفـاً مبــارشا ً‬ ‫مــع النظــام وتشــاركه يف لعبــة املــوت‪ ،‬هــؤالء‬ ‫ال قضيــة لهــم ســوى الســلطة والتحكــم بحيــاة‬ ‫النــاس‪ ،‬فداعــش تعتــر نفســها البديــل الوحيــد‬ ‫للنظــام‪ ،‬وتعكــس الصــورة الحقيقيــة للنظــام‪،‬‬ ‫داعــش باســم اإلســام مللمــت كل املتعطشــن‬ ‫للــدم واملجرمــن والطامحــن للســلطة والتحكــم‬ ‫يف العــامل‪ .‬واتبعــت اس ـراتيجية النظــام يف بــث‬ ‫الرعــب والخــوف فأقامــت مراكــز االعتقــال‬ ‫والتعذيــب واملقابــر الجامعيــة‪ .‬حيــث يتــم‬ ‫تجميــع الشــباب واملطلوبــن يف املناطــق التــي‬ ‫تســيطر عليهــا وتفاجــئ الســكان بذبحهــم‪.‬‬ ‫داعــش لديهــا قوائــم مشــركة مــع النظــام‬ ‫للمطلوبــن‪.‬‬ ‫اللعبــة األخــرى التــي تتشــارك بهــا داعــش مــع‬ ‫النظــام هــي لعبــة الوقــت واســتغالله بشــكل‬ ‫فعــال‪ ،‬إطالــة مــدى املعركــة يف ســبيل هضــم‬ ‫املناطــق التــي يســهل االســتيالء عليهــا‪.‬‬ ‫هنــاك لعبــة أخــرى أيض ـاً تجمــع بــن داعــش‬

‫واألســد هــي تبــادل املنفعــة‪ ،‬ومــن أهــم‬ ‫اس ـراتيجياتها االســتيالء عــى مصــادر الــروات‬ ‫التــي متكنهــا مــن تطويــر قدراتهــا‪ ،‬وتجميــع‬ ‫املزيــد مــن املرتزقــة وتطهــر املناطــق التــي‬ ‫تســتويل عليهــا‪ .‬العنــر البــري والســاح هــو‬ ‫مــا تركــز عليــه داعــش حيــث تقــوم بإعــدام‬ ‫كل مــن ال يواليهــا‪ .‬إن عنــر تبــادل املنفعــة‬ ‫ال ينحــر فقــط يف العالقــة بــن داعــش‬ ‫والنظــام بــل ميتــد عــى املســتوى الــدويل‬ ‫فهنــاك املفاوضــات بــن أمريــكا وإي ـران التــي‬ ‫تتمســك بحصــة لهــا يف ســوريا‪ ،‬حيــث يغــض‬ ‫النظــام الــدويل الطــرف عــن التدخــل اإلي ـراين‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬فالصمــت األمريــي هــو جــزء مــن‬ ‫االتفــاق مــع اإليرانيــن إلتاحــة الفرصــة أمامهــم‬ ‫إلخــاء املناطــق الســورية مــن الســكان وتهجــر‬ ‫مــن تبقــى مــن الســوريني‪ ،‬فهــدف الشــيعة‬ ‫واإليرانيــن ترشيــد الســنة وإبادتهــم‪.‬‬ ‫صناعــة الكارثــة‪ :‬عمليــة التدمــر الشــامل لبنــى‬ ‫الحيــاة يف ســوريا‪ ،‬الزراعــة والصناعــة الغــذاء‬ ‫الــدواء املــاء الكهربــاء‪ ،‬هــو جــزء مــن تدمــر‬ ‫البنيــة الســكانية والضغــط عــى الســكان‬ ‫والحاضنــة االجتامعيــة وتهجريهــم بهــدف‬ ‫التغيــر الدميوغ ـرايف‪ .‬واألخبــار التــي تــأيت مــن‬ ‫الداخــل أن ‪ %99‬مــن الذيــن يشــرون البيــوت‬

‫هــم مــن اإليرانيــن‪.‬‬ ‫داعــش اسـراتيجية‪ :‬درســت األوضــاع يف ســوريا‬ ‫والع ـراق بدقــة واســتغلت الف ـراغ املوجــود يف‬ ‫املناطــق املحــررة واســتغلت املوقــف الــدويل‬ ‫املــراوغ واملتأرجــح‪ ،‬وأدركــت داعــش أهميــة‬ ‫االســتيالء عــى األســلحة واملــال والعنــر‬ ‫البــري لذلــك ركــزت عىل تنفيــذ اسـراتيجياتها‬ ‫بدقــة وبرصامــة وإغــاق املناطــق التي تســتويل‬ ‫عليهــا وتطهريهــا مــن خــال األنظمــة الصارمــة‬ ‫التــي تفرضهــا عــى مــن تبقــى مــن الســكان‪.‬‬ ‫إن تجربــة داعــش تنتمــي يف الحقيقيــة إىل‬ ‫البيئــة الدينيــة املتشــددة املتواطئــة‪ .‬والبيئــة‬ ‫الدينيــة هــي التــي ضمنــت لداعــش االســتمرار‪.‬‬ ‫الديــن هــو مــن أ ّمــن لداعــش هــذا التواجــد‬ ‫القــوي‪ ،‬والتنظيــات اإلســامية العســكرية‬ ‫الحليفــة لهــا لعبــت دورا ً مســاندا ً لهــا تحــت‬ ‫ســتار الديــن‪ .‬ولكــن داعــش ال تقبــل رشيــكاً‬ ‫لهــا لذلــك قامــت بتصفيــة جميــع الفصائــل‬ ‫اإلســامية واغتالــت قياداتهــا لتســهيل االســتيالء‬ ‫عليهــا وضمهــا بالقــوة وتحــت التهديــد‪.‬‬ ‫اإلبــادة‪ :‬الديــن أحــد مكونــات املجتمــع‬ ‫الســوري الثقافيــة‪ ،‬ولكنــه ليــس املكــون الثقــايف‬ ‫الوحيــد‪ ،‬ولــن يحكمــه أحــد باســم الديــن أو‬ ‫باســم اللــه إال عــر إبــادة املجتمــع وإعــادة‬

‫تشــكيله وهــذه هــي االســراتيجية املشــركة‬ ‫التــي تجمــع بــن داعــش والنظــام والرؤيــة‬ ‫اإليرانيــة‪.‬‬ ‫ال الســكاكني وال الرجــم وال الســواد وال االعتقال‬ ‫والرباميــل املتفجــرة والكيــاوي بقــادرة عــى‬ ‫إبــادة الحيــاة‪ ،‬وليــس مــن مســتقبل ينتظــر‬ ‫هــذه املرحلــة االســتثنائية‪.‬‬ ‫مــن أســوأ التأثــرات التــي أرضت القضيــة‬ ‫الســورية هــو اســتخدام الوضــع الســوري‬ ‫كورقــة يف املفاوضــات بــن أمريــكا وإيــران‬ ‫التــي أدت إىل تشــجيع بشــار وطأمنتــه بعــد‬ ‫أن كان مهــددا ً بالعقــاب الســتخدام الكيــاوي‬ ‫ضــد الشــعب‪.‬‬ ‫كانــت رؤيــة أوبامــا أن مــا ســيحققه بتشــديد‬ ‫العقوبــات بشــأن امللــف النــووي اإليــراين‬ ‫ميكــن أن يحققــه باملفاوضــات‪ ،‬وكان الثمــن‬ ‫التنــازل عــن الورقــة الســورية لصالــح الورقــة‬ ‫اإليرانيــة التــي دخلــت يف املفاوضــات‪ ،‬وأدت‬ ‫إىل غــض النظــر عــن بشــار‪ ،‬وعــدم الســاح‬ ‫بإســقاطه‪.‬‬ ‫سياســة أوبامــا أدت إىل توســيع دائــرة العنــف‬ ‫مبــا تركتــه مــن انعكاســات وآثــار عــى الشــعب‬ ‫الســوري‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫نــدرك أننــا نعيــش يف زمــن القلــوب‬ ‫الفاســدة لكننــي أبحــث عــن اإلنســانية مــن‬ ‫خــال تعامــي معكــم‪ ,‬أثنــاء تواجــدي بــن‬ ‫الالجئــن أتســاءل كثـرا ً‪ :‬أيــن هــي اإلنســانية؟!‬ ‫فأشــعر بجــرح يف قلبــي وحمــل ثقيــل يف نفــي‬ ‫وتعــب مــن هــذه الحيــاة الظاملــة التــي تعــذب‬ ‫اإلنســان وتجعــل مــن الصعــب العيــش فيها‪.‬‬ ‫أجلــس بــن الالجئــن أرى يف عيونهــم اإلحبــاط‬ ‫فأشــعر بــاألمل والحــرة‪ ،‬ومــا يؤملنــي أكــر‬ ‫أننــي عاجــز عــى أن أقــدم لهــم أي مســاعدة‬ ‫فأكتفــي بــأن أقــدم لهــم االعتــذار ألخفــف‬ ‫عنهــم بعض ـاً مــا يعانــون‪.‬‬ ‫أريــد أن أرصخ بأعــى صــوت ممكــن‪ :‬مــا‬ ‫ذنبــي يف هــذه الحــرب‪..‬؟!‬ ‫أريــد أن أنــادي اإلنســانية‪ :‬أنــا هنــا‪ ..‬فأيــن‬ ‫ِ‬ ‫أنــت؟‬ ‫أناديهــا بــأن تــأيت وتقــدم يــد املســاعدة‪..‬‬ ‫أنــادي الضامئــر التــي ماتــت أمــام مــا يحــدث‬ ‫مــن انتهــاكات‪ ..‬فهــل مــن مجيــب؟!!‬ ‫أنــادي وأتســاءل‪ ..‬هــل ســيبقى الحــزن مهيمنـاً‬ ‫عــى عاملنــا البائــس؟‬ ‫متــى يــدرك العــامل أن اإلنســانية تجمعنــا‪ ،‬وأنــه‬ ‫ال فــرق بــن العــرب واألكــراد‪ ..‬بــن البيــض‬ ‫والزنــوج‪ ..‬وأنــا أحــاول أن أُبقــي قلبــي أبيــض‬ ‫بعيــد عــن كل القوميــات‪.‬‬ ‫يحضنــي اإلســام دامئ ـاً عــى الجهــاد والدفــاع‬ ‫عــن الوطــن واملطالبــة بالحريــة‪ ،‬ولكنــي أســأل‬ ‫نفــي دومـاً عــن حقــي بالعيــش الكريــم مثــل‬ ‫باقــي البــر‪ ،‬وأوجــه دوم ـاً نــدايئ لإلنســانية‪،‬‬ ‫وأخربهــا بــأين أدرك شــعور كل الجــئ يف تركيــا‪،‬‬ ‫وأين أريــد لهــم العيــش بحريــة‪ ,‬والنظــر إىل‬ ‫الســاء بحريــة‪ ,‬وأن يشــعروا باألمــان بعيــدا ً‬

‫حالق الوزير‪!..‬‬

‫د‪ .‬محمد الحاج صالح‬

‫محمد صبحي‬

‫* محمد ديكيج‬

‫الحرملي‬

‫أعياد«نا» وأعياد«هم»‬

‫شبكة األمان االجتماعي‬ ‫أكــدت املتدافعــات االجتامعيــة مــا‬ ‫طفــى عــى ســطح الحــدث ‪-‬التحريــر املزعــوم‬ ‫للرقــة ‪-‬بــأن خ ـرات األمــان االجتامعــي التــي‬ ‫يكتنزهــا املجتمــع املوروثــة منهــا والواعيــة‪ ،‬مل‬ ‫ـدى‪ ،‬ووشــحت املشــهد االجتامعــي‬ ‫تذهــب سـ ً‬ ‫إبــان حالــة التحريــر القــري للمدينــة‪ ،‬مبظاهر‬ ‫األمــان الــذايت للمجتمــع‪ ،‬وأبــر َز (املجتمــع‬ ‫ـي) ريفـاً ومدينـةً‪ ،‬التامســك الــذي ال يقـ ُّـل‬ ‫الرقـ ُّ‬ ‫أبــدا ً عــا ُوجــد عليــه عندمــا كانــت ســلطة‬ ‫النظــام قامئــة‪ ،‬وهنــا يــر ُز مســتويان للمشــكلة‬ ‫يف ظــل الســلطة الجديــدة التــي فرضــت‬ ‫نفســها عــى املجتمــع‪:‬‬ ‫• املســتوى الفــردي وحالــة االنتــاء العضــوي‬ ‫لهــذا املجتمــع‪ ،‬والدوائــر التــي ميكــن أن‬ ‫تلعــب الــدور اإليجــايب يف دفــع الفــرد‬ ‫لتعزيــز رقابتــه الذاتيــة عــى نفســه‪ ،‬يق ِّو ُمهــا‬ ‫الــوازع األخالقــي والثقافــة الحقوقيــة للفــرد‪،‬‬ ‫مضافــا إليهــا العــادات والتقاليــد املحافظــة‬ ‫وال ّروابــط االجتامعيــة التــي تُظف ِّـــر هــذه‬ ‫الروابــط مبســلكيات تحــرم الجامعــة وتعليهــا‪،‬‬ ‫وتتمثــل حالــة الضبــط النفــي والســلويك‬ ‫التــي ميارســها الفــرد عــى نفســه يف حــاالت‬ ‫النــزف االجتامعــي العــام مــن ج ـراء الفــوىض‬ ‫وغيــاب القانــون‪ ،‬ويبــدو أن كل واحــد منــا كان‬ ‫يســتبطن شــعورا ً باملســؤولية تجــاه املجتمــع‬ ‫بالرغــم مــن التخريــب الــذي طبقــه النظــام‬ ‫الســيايس عــى املجتمــع فعــزز الفردانيــة فينــا‬ ‫ســلوكاً وثقافــة‪ ،‬وبالــرورة هــي حالــة تقويض‬ ‫ألي روح جامعيــة أو تشــاركية لدينــا‪.‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫• املســتوى الجمعــي وانعكاســات الثقافــة‬ ‫العامــة عــى الحــدث ومحاولــة نقــده دون‬ ‫التأثــر فيــه‪ ،‬الحالــة التــي تحتمــل اإليجــاب‬ ‫والســلب يف آن واحــد‪ ،‬ولتظهــر هــذه امليــزة‬ ‫جيــدا البــد لنــا مــن بعــض التحليــل قلي ـاً يف‬ ‫الســلوك والرؤيــة‪ ،‬فقــد تعامــل أبنــاء الرقــة‬ ‫مــع كل الحــوادث بروحيــة مختلفــة وتأرجحــوا‬ ‫كث ـرا ً مــا بــن االنفعــال يف مجريــات األحــداث‬ ‫ومــا بــن القــدرة عــى التأثــر فيهــا‪ ،‬حتــى أنهــم‬ ‫فتحــوا بيوتهــم وصدورهــم لــكل مــا تحتاجــه‬ ‫الثــورة مــن دعــم إن كان إغاثيــاً أو تســهيالً‬ ‫لوجســتياً دون أن يعلمــوا مــا يحيــق بهــم‪ ،‬لكنه‬ ‫املنســوب الوجــداين واإلنســاين الــذي حــدا بهــم‬ ‫إىل ذلــك‪ ،‬منحازيــن بكليتهــم ضــد مجريــات‬ ‫عنفيــه وغــر مســؤولة‪ ،‬وفئويــة‪ ،‬رســمت خطـاً‬ ‫بيانيــاً النحيــازات واضحــة يف ســلوك النظــام‬ ‫والــذي كان مــن املفــرض أن يتعامــل مــع ثــورة‬ ‫البــاد مبســؤولية وطنيــة تحاكــم مصلحــة عامــة‬ ‫للســوريني‪ ،‬بعيــدا ً عــن التعنــت يف رضب اإلرادة‬ ‫العامــة هــذه الحالــة تضغــط عــى الوجــدان‬ ‫الرقــي باســتمرار وتدفعــه ألن يكــون جــز ًء مــن‬ ‫الحالــة العامــة يف ســوريا‬ ‫مــا بــن الــذات املنعتقــة يف رغبــات الجامعــة‬ ‫وســلوكياتها التقليديــة املتأصلــة‪ ،‬ومــا بــن‬ ‫الجامعــة التــي تكبــل الفــرد كث ـرا ً بــل وتقلــل‬ ‫مــن مبادرتــه‪ ،‬حــدث بعــض التشــظي ونفــذت‬ ‫كالســهام مرشوعــات دخيلــة عــى املجتمــع‬ ‫املحــي يف الرقــة‪ ،‬فككــت طاقاتــه املجمعــة‬ ‫وفصمــت الكثــر مــن عــراه وكان التحــدي‬

‫والرهــان األكــر يف أن يغــر املجتمــع الرقــي‬ ‫خصوصيتــه االجتامعيــة والدينيــة!!‬ ‫ففــي العــادة والتقليــد اســتهدف الفــرد يف‬ ‫الرقــة بشــكل خــاص ومل يُــرك (رجــل أو امــرأة)‬ ‫لحالــة تطــوره الطبيعــي وتــم إشــغاله قرسي ـاً‬ ‫مبظاهــر ال تلقــى االســتحباب يف نفســه ‪-‬ولــو‬ ‫أنهــا لقيــت المتثلهــا دون إجبار‪-‬وليــس لهــا‬ ‫يف الذاكــرة الزمانيــة أو املكانيــة‪ ،‬فــا هــو‬ ‫املقصــود مــن هــذا الفعــل ‪..‬؟!‬ ‫رمبــا تقودنــا حالــة (املتقنــع الفــردي) إىل حالــة‬ ‫متقنــع اجتامعــي يجــري الرهــان عليهــا اآلن‪،‬‬ ‫وهــو إجـراء قــري يقلــب حــاالت االســتثناء يف‬ ‫املجتمــع إىل حــاالت القاعــدة‪ ،‬كل هــذا يجــري‬ ‫بصعوبــة بالغــة يف مجتمعنــا اآلن‪ ،‬فآثــر عــدد‬

‫كبــر مــن املجتمــع النــزوح‪ ،‬لكن هذا التشــظي‬ ‫غــر مأمــون النتائــج وقــد يولــد خطـرا ً جديــدا ً‬ ‫يهــدد الهويــة العامــة للمجتمــع‪ ،‬وحتــى ال‬ ‫يُفهــم أننــا نلمــح ملقاومــة أو تالقــح أو ذوبــان‬ ‫اجتامعــي أو حضــاري يف ســياق تطــوري‪ ،‬إمنــا‬ ‫الخــوف مــن أن نَلــ ِو عنــق املجتمــع بهــذا‬ ‫االتجــاه!‬ ‫يبــدو أن كل هــذا الواقــع ســيحيلنا إىل‬ ‫رضورة وجوديــة يقررهــا األفــراد والجامعــات‬ ‫واملنظــات االجتامعيــة‪ُ ،‬محفــز ًة بوعيهــا‬ ‫لخطــورة التغيــر الطــارئ والقــري ملجتمعاتنــا‬ ‫املحليــة دون غريهــا واســتنبات مــا ميكــن‬ ‫اســتنباته مــن معمــات الفكــر والسياســة‬ ‫التــي تتأبــط املقــدس وتــرب بــه وجــه‬

‫املجتمــع لتشــوهه باســتغالل كامــل لحياديتــه‬ ‫اتجــاه مــا يجــري‪.‬‬ ‫هــل مــازال مــن املمكــن أن يحتفــظ املجتمــع‬ ‫بأمنــه الــذايت؟ اعتــادا ً عــى قيــم اجتامعيــة‬ ‫وأخالقيــة موروثــة تط ِّعمهــا تعاليــم وأخــاق‬ ‫الســاحة التــي طُبعــت بهــا املنطقــة‪ ،‬مــرورا‬ ‫بــكل الرشائــع واألديــان مــع الحفــاظ عــى أي‬ ‫خصوصيــة دينيــة أو مذهبيــة واحرتامهــا‪ ،‬كــا‬ ‫كان يشــكل هــذا االحــرام قاعــدة عامــة يف‬ ‫مجتمعاتنــا‪ ،‬نعتقــد أنــه مل يَفــت األوان يف ذلــك‬ ‫وأنــه مــازال الكثــر مــن املجتمــع مــن ينتظــر‬ ‫املبــادرات لتشــكيل شــبكة أمانــه ويقطــع‬ ‫الطريــق عــى كل املشــاريع التــي تضــع يف‬ ‫أولويتهــا تدمــر املجتمعــات وســحقها بالكامل‪.‬‬

‫أيــن اإلنســانية؟!‬

‫عــن حيــاة اللجــوء‪.‬‬ ‫يف كل صبــاح أدخــل إىل املخيــم ألبــارش عمــي‬ ‫فأســمع قصــص الالجئــن ومشــاكلهم وهموهــم‬ ‫فأشــعر بثقــل وأىس يعتــر قلبــي مــن كل مــا‬ ‫يعانــون‪.‬‬ ‫فأشــعر بــأن الرحمــة تالشــت بــن النــاس‪ ،‬ومل‬ ‫يعــد لهــا وجــود بينهــم‪ ,‬فــأرى الكثــر مــن‬ ‫األطفــال فقــدوا آباءهــم وكث ـرا ً منهــم طالتــه‬ ‫آثــار الحــرب ومآســيها‪ ,‬فأتســاءل هــل نجــد‬ ‫هــذا القهــر والحــزن يف الدعــوة االســامية؟!‬ ‫أيهــا اإلنســان هــل ستســتمع إىل هــذه‬ ‫الحكايــات املؤملــة دون تقديــم أي مســاعدة؟‬ ‫هــل لديــك مثــل هــذه الحكايــات يف بــادك؟‬ ‫أنــا أعيــش هــذه الحكايــات عــى أرض الواقــع‪..‬‬ ‫وأنتــم تشــاهدونها مــن خــال الشاشــة‬ ‫الصغــرة وتنســون بعــد ذلــك مــا رأيتــم‪,‬‬

‫أمــا أنــا فأعيشــها بــكل لحظاتهــا وأوجاعهــا‬ ‫ومآســيها‪.‬‬ ‫هــل فكرتــم بأنكــم تعيشــون يف بيوتكــم‬ ‫املرفهــة‪ ،‬وتشــعرون باألمــان بينــا هــؤالء‬ ‫النــاس يعيشــون يف الع ـراء ال ميلكــون أي يشء‬ ‫وال يعرفــون معنــى الرفاهيــة منــذ أن تركــوا‬ ‫بيوتهــم فــا بيــت يأويهــم وال أمــان يســكن‬ ‫قلوبهــم؟‪.‬‬ ‫مــا ذنــب هــذا الطفــل الــذي ال يتذكــر ســوى‬ ‫مشــهد مقتــل والديــه بــا ســبب‪ ,‬وهــدم‬ ‫منزلــه بــا ســبب‪ ,‬وكونــه أصبــح مهج ـرا ً مــن‬ ‫بــاده دون أبويــن ودون منــزل؟! إنهــا وصمــة‬ ‫عــار عــى كل إنســان فهــل تســمعني نــداءايت‬ ‫أيتهــا اإلنســانية؟‬ ‫فقــد أثقلــت هــذه الحكايــات الحزينــة قلبــي‬ ‫وجفّــت عينــاي مــن البــكاء بســببها‪ ,‬أُصــر‬

‫قلبــي وأحثــه عــى حفــظ هــذه الحكايــات‬ ‫للتاريــخ‪ ،‬ويحزننــي شــعوري بأننــي تأخــرت يف‬ ‫مســاعدة هــؤالء الالجئــن‪.‬‬ ‫ومــا اســتغربه حق ـاً ملــاذا مل تتأثــر اإلنســانية؟!‬ ‫وملــاذا مل تنهــض؟!‬ ‫هــل مــن املمكــن أين الوحيــد الــذي تأثــرت‬ ‫بهــذه املعانــاة؟!!‬ ‫هــل هــذا بســبب عيــي بينهــم وشــعوري‬ ‫بهــم لحظــة بلحظــة؟!!‬ ‫قــد يكــون هــذا ســبباً لكنــه ليــس بعــذر‪..‬‬ ‫وبــاب التاريــخ ال يـزال مفتوحـاً للشــهادة عــى‬ ‫هــذه الحــرب ضــد اإلنســانية‪ ،‬وأملنــا بــأن يعــم‬ ‫الخــر والحــب والســعادة بــن كل النــاس‪،‬‬ ‫وأن تــزول هــذه الغيــوم التــي تحمــل األمل‬ ‫والحــزن عــن كل البــاد اإلســامية‪ ،‬وأمنيتــي‬ ‫أن يفــرح كل طفــل بوجــود والديــه‪ ,‬وأمنيتــي‬

‫أن ينتهــي الظلــم واملــوت والحــرب مــن هــذه‬ ‫األرض‪ ..‬أريــد حقـاً أن تعــم الحريــة والســعادة‬ ‫والطأمنينــة فــوق هــذه األرض‪ ,‬أريد أن أشــاهد‬ ‫فرحــة األطفــال بصنــع طائراتهــم الورقيــة يف‬ ‫بلدهــم بحريــة وأمــل وســعادة‪.‬‬ ‫أيتهــا اإلنســانية ال أريــد غيــوم الحــزن واألمل‬ ‫فــوق أرض بلــدي‪ ,‬أريــد أن اســتيقظ كل صبــاح‬ ‫وأنــا بــن أهــي وعــى أريض‪ ,‬أريــد أن أشــعر‬ ‫باألمــان‪ ,‬وأحلــم أن أفتــح النافــذة وأتأمــل‬ ‫الطيــور التــي تحلــق بحريــة فأشــعر بــأين‬ ‫أحلــق مثلهــا‪.‬‬ ‫وال شــك عنــدي بــأن التاريــخ سيســجل األمل‬ ‫واملعانــاة التــي عشــتها وعاشــها كل الجــئ‬ ‫أخــرين عــن قصتــه وعــن املعانــاة التــي‬ ‫أوصلتــه إىل تركيــا‪ .‬يــا أيتهــا اإلنســانية بحــق‬ ‫ســيدنا محمــد وســيدنا مــوىس وســيدنا إبراهيم‬ ‫ندعــوا أن تتوقــف هــذه اآلالم واألحــزان‬ ‫والدمــار ونفتــح قلوبنــا للحيــاة الحــرة الكرميــة‪.‬‬ ‫أدرك أن هــذه الدنيــا ليــس لهــا صاحــب ولكــن‬ ‫اإلخــوة التــي تجمعنــا هــي أقــوى مــن هــذه‬ ‫املعانــاة فالرابــط الحقيقــي الــذي يربطنــا هــو‬ ‫اإلخــوة‪.‬‬ ‫وليــس املهــم انتامءنــا وليــس املهــم أنــك‬ ‫ســوري أو تــريك أو مــن أي مــكان آخــر فالرابــط‬ ‫القــوي بيننــا هــو أننــا إخــوة‪.‬‬ ‫وأســأل اللــه عــز وجــل مــن كل قلبــي وبحــق‬ ‫كل الكتــب الســاوية مــن القــران الكريــم‬ ‫والتــوراة واإلنجيــل أن توضــع نهايــة لهــذه‬ ‫الحــروب‪.‬‬ ‫يف النهايــة علينــا جميع ـاً إىل أن تكــون اإلخــوة‬ ‫هدفنــا‪ ،‬وهــي الصلــة األقــوى التــي تجمعنــا‪.‬‬ ‫* صحفي تركي‬

‫صــارت أعيادنــا زيــارات ثقيلــة ورشب‬ ‫قهــوة وشــاي وعصائــر وحموضــة معــدة‬ ‫وأكل حتــى التخمــة وتجشــؤ يتبعــه حمــ ُد‬ ‫للــه‪ .‬هــل مــن يشء آخــر؟‬ ‫كــا صــار ينطبــق علينــا املثــل الفــرايت «ال‬ ‫يعــر وال يعطــي الجـراب»‪ .‬فنحــن ال نحتفــل‬ ‫وال نلهــو وال نريــد لغرينــا أن يحتفــل ويلهــو‪.‬‬ ‫تجــ ُد الكثــر م ّنــا يديــن طرائــق االحتفــال‬ ‫الغربيــة بأعيــاد امليــاد وينظــر إليهــا كأعيــاد‬ ‫كفــار ال أخالقيــة‪ ،‬ويديــن بشــدة مــن يحتفــل‬ ‫بــرأس الســنة مــن املســلمني‪ ،‬وأخ ـرا ً أفتــى‬ ‫أمئ ـ ٌة بخــروج املحتفــل مــن امللّــة‪.‬‬ ‫األعياد رموز عىل حيوية املجتمع وفرحه‪.‬‬ ‫لقــد كان اخــراع أو اســتعارة الرمــوز‬ ‫وهضمهــا لــدى األمــم الح ّيــة الفاعلــة فع ـاً إيجابي ـاً يط ـ ّور يف الثقاف ـ َة‬ ‫نســه)»‬ ‫ويعطــي فرصــة يف االنفتــاح عــى اآلخــر‪« .‬بابــا نويــل (يــوال ّ‬ ‫الــذي يحســب الكثــر مــن املســلمني أنــه عــادة غربيــة مســيحية‪ ،‬جــاء‬ ‫عابـرا ً طريــق الحريــر مــن الصــن‪ .‬نعــم بابــا نويــل عــادة صينيــة قدميــة‪،‬‬ ‫والبعــض يقــول تركيــة اســتعارها الغــرب دون ُعقــد وجعلهــا رم ـزا ً مــن‬ ‫رمــوزه‪.‬‬ ‫شــجرة امليــاد ذاتهــا التــي يزينهــا الغربيــون اآلن ويجعلــون منهــا أيضــا‬ ‫رم ـزا ً فَرِح ـاً‪ ،‬حولــه تتج ّمــع هداياهــم لبعضهــم البعــض‪ ،‬هــي األخــرى‬ ‫ليســت قدميــة‪ .‬فقــد كانــت املســيحية قبــل اإلصــاح الدينــي كــا هــو‬ ‫اإلســام اآلن متجهمــة خشــنة عبوســة‪.‬‬ ‫ـاس جــال؛ ثلثــان‬ ‫نجــح املســيحيون يف جعــل الصليــب رمـزا ً عامليـاً ومقيـ َ‬ ‫ـرض‪.‬‬ ‫طــوالً وثلــثٌ معـ ٌ‬ ‫متام ـاً مثلــا نجــح اليهــود يف تســمية النجمــة السداســية نجمــة داوود‪،‬‬ ‫عل ـاً أنهــا نجمــة تزيــن‪ ،‬وهــي مــن أســهل وأجمــل نجــات التزيــن‬ ‫املعروفــة يف الــرق قبــل اليهوديــة بزمــن بعيــد‪ .‬زائــر الجامــع األمــوي‬ ‫ســيلحظ وجــود النجمــة السداســية إذا مــا دار حــول الجامــع ونظــر‬ ‫إىل الزاويــة الرشقيــة الجنوبيــة‪ .‬نحــن ســاهمنا يف أ ْن يحتكــر اليهــود‬ ‫الصهيونيــون النجمــة السداســية كرمــز منتــر يف كل أنحــاء العــامل‪ .‬هــل‬ ‫مســلم ال يكــره النجمــة السداســية؟‬ ‫منــذ ســنوات مررنــا أنــا وصديــق يل مــن أمــام رشكــة نرويجيــة وعــى‬ ‫جدرانهــا تزيينــات بنجمــة سداســية ذهبيــة‪ .‬قــال صديقــي «صهاينــة‬ ‫كالب وأشــار إىل النجمــة»‪.‬‬ ‫عندنــا يف اإلســام وعندنــا نحــن املســلمني قلــا أجمعنــا عــى رمــز أو‬ ‫اخرتنــا رمـزا ً‪ .‬هنــاك نظــرة عدائيــة أو دينيــة سياســية للرمــز‪ .‬فــا إجــاع‬ ‫عــى احـرام وحــب الرايــات واألعــام مثـاً ســوى يف تركيــا ورمبــا الجزائــر‬ ‫وتونــس‪ ،‬وإن جــرى واحرتمــت رايــ ٌة أو علــم فاألصــل هــو اإلجبــار‬ ‫والقهــر‪ .‬كــم مــن مســتهجن للســيف يف رايــة الســعودية؟ كــم مــن كاره‬ ‫لرايــة داعــش والنــرة؟‪ ...‬والعكــس‪.‬‬ ‫نتخــى عــن رموزنــا وعــن مــا ميكــن أن يضفــي جــاالً عــى حياتنــا بــكل‬ ‫ســهولة بــل ونعاديــه‪ .‬يف الثامنينيــات والتســعينيات وال أدري إن كان مــا‬

‫‪5‬‬

‫يـزال‪ ،‬كان اللبــاس املوحــد ملضيفــات الطـران‬ ‫اإلرسائيــي هــو ثــوب املــرأة الفلســطينية‬ ‫املطــرز‪ .‬رسقــة موصوفــة‪ .‬بينــا راحــت‬ ‫املــرأة الفلســطينية وبضغــط رجــال الديــن‬ ‫واألهــل تلبــس زي ـاً يشــبه الشــادور اإلي ـراين‬ ‫أو الحجــاب الخليجــي‪.‬‬ ‫أنــا شــخصياً لحقــت عندمــا كان عيــد األضحى‬ ‫يســمى بالعيــد الكبــر‪ ،‬وكان فيــه فــرح كبــر‪.‬‬ ‫وكان رمــزا ً فعليــاً للفــداء وللتضحيــة بــيء‬ ‫صغــر للحفــاظ عــى الــيء الكبــر‪.‬‬ ‫كان العيــد يجــري يف قريتنــا هكــذا‪ :‬األلبســة‬ ‫الجديــدة واألحذيــة مشـراة قبــل أيــام‪ .‬نحــن‬ ‫األطفــال وقتُهــا كانــت أول حركــة لنــا هــو‬ ‫تــل الجــرن‬ ‫لبــس الجديــد واالتجــاه نحــو ّ‬ ‫حيــث املقــرة وحيــث نــر الســكر فــوق القــر‪ .‬مــا أحالهــا! ثــم ســباق‬ ‫الخيــل‪ .‬ثــم «التهديــف» بالبواريــد واملسدســات كالً عــى حــدة‪ .‬ثــم‬ ‫الــراب الــذي يصنعــه املرحــوم عمــي ياســن يف عــدة تنــكات أو يف‬ ‫برميــل‪ .‬الـراب مؤلــف مــن مــاء كثــر وعــدة كيلــوات مــن الســكر ومــاء‬ ‫الــورد وملــح الليمــون‪ .‬مــا أحــاه! ثــم الضحيــة أي الغــداء املؤلــف مــن‬ ‫اللحــم والــرز أو الربغــل أو الرثيــد‪ .‬وقبــل الغــداء وبعــده دبك ـةٌ‪ ،‬نعــم‬ ‫ـرعْ»‬ ‫دبكــة فــرح تشــارك فيهــا النســاء‪ .‬عـرا ً يلعــب الرجــال لعبــة «الـ ِّ ِ‬ ‫التــي تشــبه لعبــة الهــويك‪ .‬ويف األيــام الثــاث التاليــة كنــا نلعــب كــرة‬ ‫القــدم مــع الكبــار وبــن بعضنــا البعــض‪ .‬كانــت الكــرة مــن جلــد حقيقــي‬ ‫كل داخلهــا عندمــا تنتفــخ‪ ،‬وللج ـراب‬ ‫ولهــا ج ـراب بالســتييك يســتبطن ّ‬ ‫ـدس البلبولــة تحــت فتحــة صغــرة ذات‬ ‫بلْبولــة منهــا تُنفــخ الكــرةُ‪ ،‬وتُـ ّ‬ ‫خيــط كخيــط الحــذاء‪ .‬ويف هــذه األيــام يحــق للنســاء املتقدمــات يف‬ ‫الســن أن يدخلــن املضافــة ويقلــن شــيئاً‪ .‬ويف هــذه األيــام يــأيت األقربــاء‬ ‫مــن قــرى عديــدة للمعايــدة واللعــب‪.‬‬ ‫كل هــذا ذهــب ومــا عــاد‪ ،‬ذهــب تحديــدا ً بعــد الـــ‪ .67‬يعني مع تشــديد‬ ‫قبضــة البعثيــن‪ ،‬والهزميــة‪ ،‬وانتشــار الفكــر الدينــي‪ ،‬ومجــيء الوهابية إىل‬ ‫قرانــا‪ .‬منــذ ذلــك الوقــت تعلمنــا العبــوس والتجهــم والحديــث الدائــم‬ ‫عــن الصحابــة وســرهم‪.‬‬ ‫لــو أننــا طورنــا احتفاالتنــا بعيــد األضحــى وأخذنــا باالعتبــار أن هنــاك‬ ‫راديــو وتلفزيــون ووســائط اتصــال اجتامعــي وفــن مــن أنــواع مختلفــة‪،‬‬ ‫كلهــا ميكــن أن تكــون أدوات للفــرح واالحتفــال بــدل التجهــم والعبــوس‪،‬‬ ‫ـس‬ ‫لكانــت لنــا أعيــا ٌد تضاهــي «بابــا نويلهــم» وشــجرة ميالدهــم‪ ،‬ولتنافـ َ‬ ‫فر ُحنــا وفرحهــم ملــا فيــه خــر اإلنســانية‪.‬‬ ‫كان ميكــن أن يكــون الهــال رمــزا ً لنــا ولكــن ال‪ ،‬األكرثيــة ال تقبــل‪،‬‬ ‫فالهــال ميكــن أن يكــون رم ـزا ً لعبــادة القمــر‪ .‬ليــس بعيــدا ً ويف عالمــة‬ ‫انتــكاس الثــورة الســورية قامــت جبه ـ ُة النــرة بقطــع شــجرة معمــرة‬ ‫يف شــال ســورية‪ .‬وملــاذا؟ ألن النــاس يــزورن موقعهــا ويعلقــون أرشطــة‬ ‫متنــي عليهــا‪.‬‬ ‫ح ـ ّراس الوهــم وأعــدا ُء أ ْن يفــرح الجمهــور هــم ويف كل التاريــخ رجــال‬ ‫الديــن والنخبــة الحاكمــة املســتبدة‪.‬‬

‫أول مـ ّرة أكتشــف أن لدينــا وزارة للطاقــة يف الحكومــة الســورية املؤقتــة‪ ،‬وال أعــرف‬ ‫إن كان هــذا مــن حســن الطالــع؟ فقــد تنامــى إىل مســامعي عرضـاً ال قصــدا ً‪ ،‬أن أحدهــم‬ ‫دخــل إىل محــل أحــد الحالقــن األتـراك يف مدينــة عنتــاب‪ ،‬طالبـاً منــه إخــاء املحــل لــي‬ ‫يتمكــن الســيد وزيــر الطاقــة يف حكومتنــا الســورية املؤقتــة مــن القــدوم إىل املحــل لــي‬ ‫يحلــق شــعره‪ ،‬ويشــذب شــاربه‪ ،‬ويزيــل العالــق مــن شــعر زائــد عــى أط ـراف أذنيــه‪،‬‬ ‫وينتــف الشــعرات املسرتســلة مــن منخاريــه‪ ،‬وال يريــد أن يكــون يف املحــل غــره‪ ،‬عــى‬ ‫طريقــة مــا ورد يف األثــر العاملــي عــن قصــة «حــاق امللــك»‪ .‬الحــاق الــريك تفاجــأ‬ ‫بالطلــب‪ ،‬لكنــه أرص عــى معاملــة الوزيــر مثــل بقيــة النــاس‪ ،‬وعندمــا وصــل الوزيــر‬ ‫تفاجــأ بوجــود أحــد الزبائــن بــن يــدي الــريك‪ ،‬الــذي توجــه بالــكالم إىل الســيد الوزيــر‬ ‫قائـاً‪ :‬بإمكانــك معــايل الوزيــر الجلــوس عــى ذاك الكــريس‪ ،‬وأشــار إىل زميلــه‪ ،‬فالحــاق‬ ‫املوجــود عليــه ســوري‪!..‬‬ ‫بالطبــع معاليــه رفــض أن يحلــق عنــد الســوري‪ ،‬خوفـاً أن يكتشــف حالقنــا كــر أذنيــه‪،‬‬ ‫أو وجــود ثعلبــة يف رأســه‪ ،‬أو رمبــا يكتشــف أن رأس الوزيــر بشــعره املسرتســل أصبــح‬ ‫عش ـاً للقمــل والصئبــان‪.‬‬ ‫مــن بــاب املصادفــة البحتــة أيضــاً اكتشــفت أن لدينــا وزارة لالتصــاالت يف الحكومــة‬ ‫املؤقتــة‪ ،‬وال أعــرف بالتحديــد مــا هــو نطــاق عمــل هاتــن الوزارتــن‪ ،‬ومــا هــو العمــل‬ ‫املنــاط بهــا‪ ،‬وهــا يف املنفــى‪ ،‬هــل مــن املمكــن أن تكــون األوىل مضطلعــة بتمديــد‬ ‫وإيصــال الكهربــاء إىل املناطــق املحــررة‪ ،‬أم هــي املســؤولة عن إنتــاج الطاقــة وملحقاتها؟‬ ‫أم هــي تعــد دراســات مســتقبلية إلنتــاج الطاقــة البديلــة الجديــدة واملتجــددة؟ أو‬ ‫تفكــر بشــكل جــدي ببيــع الفائــض البــرويل يف الســوق الدوليــة‪ ،‬ورمبــا تكــون الثانيــة يف‬ ‫معــرض تطويــر االتصــاالت والكابــات وملحقاتهــا؟ أم أن للحكومــة رأي ـاً آخــر؟‬ ‫يبــدو أننــا ال نعمــل حتــى بالنيــات عــى املســتوى البســيط للكلمــة‪ ،‬إمنــا جــاءت هــذه‬ ‫الــوزارات للمحاصصــة‪ ،‬واالرت ـزاق‪ ،‬كــا يؤكــده رأي الصديــق راشــد الصطــوف يف هــذا‬ ‫الســياق‪ ،‬عندمــا قــال‪« :‬إن املعارضــة الســورية مل تنتــمِ يومــاً إىل الشــعب وثورتــه يف‬ ‫ســلوكهم الســيايس واألخالقــي‪ ،‬وهــم توهمــوا بأنهــم ســلطة حتــى عــى ثورتهــم‪ ..‬إنهــم‬ ‫باختصــار‪ ..‬تعاملــوا معنــا مبنطــق الغنيمــة الــذي أبدعــه حافــظ األســد يف الســبعني‬ ‫حينــا اعتــر ســوريا غنيمــة لعائلتــه وعصابتــه الوضيعــة»‪.‬‬ ‫هكــذا هــو حالنــا مــع هــذه الــوزارات‪ ،‬فكيــف هــو الحــال يف الــوزارات األخــرى‪،‬‬ ‫ولنحــر توجهنــا يف وزارة الرتبيــة‪ ،‬التــي تغيــب عــن املشــهد الرتبــوي والتعليمــي غيــاب‬ ‫أهــل الكهــف‪ ،‬وتركــت مهمتهــا الرئيســة يف تعليــم األطفــال لغريهــا‪ ،‬وتــوزع التالميــذ‬ ‫غنائــم بــن يــدي املســؤولني األت ـراك عــن مــدارس الســوريني‪ ،‬ومعلمــن بــادروا تطوع ـاً‬ ‫لالضطــاع مبهــام الرتبيــة والتعليــم‪ ،‬إالّ مــن رحــم ريب‪ ،‬وهــذا يؤكــده أن تالميذنــا إىل‬ ‫حينــه مل يحصلــوا عــى كتــب أو وســائل تعليميــة مســاعدة ملتابعــة الــدروس‪ ،‬وهــم‬ ‫يخطــون عــى دفاترهــم مــا ميليــه املعلمــون عليهــم‪ ،‬إضافــة ملــا تشــهده بعــض املــدارس‬ ‫مــن تســيب وإهــال يــؤدي بالــرورة إىل تــرب التالميــذ مــن املــدارس والتحاقهــم‬ ‫بســوق العمــل أو التــرد‪.‬‬ ‫هكــذا يتجــدد مفهــوم الغنيمــة‪ ،‬وهكــذا نظــل نســتورد العفــن البائــد مــن النظــام‬ ‫املأفــون‪ ،‬ونعيــد ترتيــب الحكايــة كــا يشــاء امللــك‪ ،‬بانتظــار أن يســتيقظ الحــاق مــن‬ ‫جديــد لــروي عــى املــأ حكايــة أذين امللــك الكبريتــن‪ ،‬غــر آبــه بامللــك وجالديــه‪..‬‬

‫الحرملي‬

‫مجازر صامتة بال دماء‬ ‫العلــم أســاس التمــدن‪ ،‬والتطــور‪ ،‬وهــو أســاس الرقــي‬ ‫باألمــم‪ ،‬لــذا اتجهــت أغلــب دول العــامل نحــو تطويــر‬ ‫البحــث والتحصيــل العلمــي‪ ،‬ووفــرت لهــذا الهــدف كل‬ ‫الســبل واإلمكانــات‪ ،‬لتطويــر أنظمتهــا التعليميــة إذ أدركــت‬ ‫الــدول أن العلــم هــو الدافــع األول لتقــدم مجتمعاتهــا‬ ‫ورقيهــا‪ ،‬وصنــع مســتقبلها‪ .‬كذلــك اهتــم ديننــا الحنيــف‬ ‫بالعلــم أعظــم اهتــام‪ ،‬بقولــه عــز وجــل‪( :‬اقــرأ باســم ربــك‬ ‫الــذي خلــق‪ ،‬خلــق اإلنســان مــن علــق‪ ،‬اقــرأ وربــك األكــرم‬ ‫الــذي علــم بالقلــم‪ ،‬علــم اإلنســان مــامل يعلــم)‪ .‬آيــات‬ ‫محكــات فيهــا أمــر إلهــي بالعلــم‪.‬‬ ‫يف الوقــت ذاتــه وبعرصنــا هــذا ألغــت «الدولــة اإلســامية»‬ ‫يف واليــة الرقــة الحيــاة التعليميــة يف املدينــة عــر بيانهــا‬ ‫رقــم (‪ )9‬الصــادر عــن منظومتهــا التعليميــة والتــي اعتــرت‬ ‫املناهــج التعليميــة التابعــة لــوزارة التعليــم الســورية أنهــا‬ ‫صــادرة عــن «حكومــات كفريــة مرتــدة»‪ ،‬كونهــا تفصــل‬ ‫الديــن عــن السياســة‪ ،‬وترســخ مبــادئ العلامنيــة‪ ،‬والقوميــة‬ ‫البعثيــة‪ ،‬وعليــه قــرر ديــوان التعليــم‪ :‬إيقــاف الهيئــة‬ ‫التعليميــة لحــن االنتهــاء مــن املناهــج الجديــدة»‪ ،‬والتــي‬

‫ي ّعدهــا ديــوان التعليــم يف دولــة الخالفــة‪ ،‬والتــي تتفــق مــع‬ ‫الــرع اإلســامي كــا ذكــر البيــان‪.‬‬ ‫األكــر قســوة بحــق أبنائنــا كان قـرار عــدم الســاح للطالب‬ ‫مبتابعــة تحصيلهــم العلمــي خــارج حــدود الواليــة‪ ،‬وفــرض‬ ‫أشــد العقوبــات عــى املخالفــن‪ ،‬كل هــذا يف ظــل تعتيــم‬ ‫إعالمــي كبــر‪ ،‬مــن القنــوات اإلخباريــة املحليــة منهــا‬ ‫والعامليــة‪ ،‬رغــم كونهــا مجــزرة ال تقــل بشــاعة وقســوة‬ ‫عــن مجــازر النظــام‪ ،‬التــي طالــت املــدن الســورية‪ ،‬تدمـرا ً‬ ‫وقتــاً‪ ،‬صفحــات النشــطاء واملثقفــن أيضــاً خلــت مــن‬ ‫ذكــر هــذه الجرميــة‪ ،‬بينــا الحكومــة الســورية املؤقتــة‪،‬‬ ‫مل تذكــر شــيئاً عــن الجرميــة بحــق أبنائنــا وحــق املعلمــن‪،‬‬ ‫الذيــن أفنــوا ســنوات العمــر يف تعليــم أجيــال كثــرة‪،‬‬ ‫تخــرج منهــا أصحــاب كفــاءات علميــة‪ ،‬ينافســون بخربتهــم‪،‬‬ ‫خـرات أصحــاب شــهادات كبــرة يف الــدول املتقدمــة‪ ،‬والتي‬ ‫تضــع كل إمكاناتهــا الكبــرة تحــت تــرف طالبــي العلــم‬ ‫واملعرفــة‪.‬‬ ‫أطفالنــا الهاربــون مــن الحــرب واملــوت‪ ،‬وصــور أصدقائهــم‬ ‫يف الصــف‪ ،‬ويف الحــي‪ ،‬مل تفــارق مخيلتهــم النقيــة‪ ،‬وهــم‬

‫يرونهــم أشــاء مبعــرة بعــد أن كانــوا ينبضــون بالحيــاة‪،‬‬ ‫حملــوا يف ذاكرتهــم الكثــر مــن األمل والخــوف واملشــاكل‬ ‫النفســية‪ ،‬التــي تصــل إىل حــد االنهيــار‪ ،‬حيــث مل تشــفع‬ ‫لهــم توصيــات أوليــاء األمــور‪ ،‬وباحثــي الدعــم النفــي‬ ‫إلخراجهــم مــن حاالتهــم النفســية الصعبــة‪ ،‬ومــع ذلــك ظــل‬ ‫العلــم هدفهــم األول‪.‬‬ ‫الكثــر مــن املعلمــن ومــدراء املــدارس حملــوا معهــم‬ ‫تربيتهــم البعثيــة‪ ،‬ليامرســوا عقدهــم النفســية عــى أبنائنــا‬ ‫يف دول النــزوح‪ ،‬يف ظــل وجــود البعــض مــن املربــن‬ ‫األفاضــل الذيــن ترفــع لهــم القبعــات احرتام ـاً وتقدي ـرا ً‪ ،‬وال‬ ‫ميكــن نكـران مــا قدمــوه اليــوم ومــا ســيقدمونه مســتقبالً‪،‬‬ ‫فبعــد أن ســمحت لهــم الحكومــة الرتكيــة افتتــاح مــدارس‬ ‫يف مدنهــا وقراهــا‪ ،‬نجــد البعــض منهــم ميــارس عقوبــات‬ ‫نفســية قــد تصــل للجســدية بحــق أطفالنــا‪ ،‬أمثلــة كثــرة‬ ‫فقــد يعاقــب أبنــاؤك بالطــرد مــن املدرســة فقــط إذا قلــت‬ ‫رأيــك «اآلبــاء يأكلــون الحــرم واألبنــاء يرضســون»‪.‬‬ ‫قامــت إدارة مدرســة الضيــوف الســوريني رسيــن‪ -‬أورفــا‬ ‫وبعــد اجتــاع لهيئتهــا التعليميــة واإلداريــة بطــرد‬

‫الطالبــن ف ـراس مــن الصــف الثالــث‪ ،‬ويامــن مــن الصــف‬ ‫الســادس‪ ،‬وذلــك بعــد إبــداء والدهــم الــرأي وانتقــاد بعــض‬ ‫املامرســات الالإنســانية مــن بعــض املربــن‪ ،‬حيــث تعــرض‬ ‫طــاب الصــف بالكامــل لعقوبــة جامعيــة ملــدة ســاعة‬ ‫ونصــف تحــت األمطــار «يســتثنى منهــم املقربــون للــكادر‬ ‫التعليمــي»‪ ،‬وتــم إخراجهــم مــن املدرســة التــي تبعــد عــن‬ ‫البيــت بحــوايل ثالثــة كيلــو مـرات معرضــن حيــاة األطفــال‬ ‫لــكل أنــواع املخاطــر‪ ،‬فهنــاك طريقــان رسيعــان للســيارات‬ ‫كان عــى األطفــال تجاوزهــا‪.‬‬ ‫ليســت حالــة فرديــة إمنــا حــاالت كثــرة تتكــرر كل يــوم‪،‬‬ ‫كل هــذا وال يســتطيع أحــد الحصــول عــى حقوقــه يف ظــل‬ ‫التهميــش املتعمــد مــن وزارة الرتبيــة يف الحكومــة الســورية‬ ‫املؤقتــة‪ ،‬والتــي ال تقــدم للمــدارس أي دعــم يذكــر ســوى‬ ‫بعــض املناهــج والكتــب املدرســية‪ ،‬وبعــض املــدارس تعتمــد‬ ‫وبشــكل كيل عــى مصــادر للدعــم مــن خــارج الــوزارة‪.‬‬ ‫هــذا القتــل‪ ،‬وهــذه الجرميــة بحــق أطفالنــا وبحــق األجيــال‬ ‫القادمــة ال تغتفــر أبــدا ً‪ ،‬العلــم ســاحنا الوحيــد لنهضــة‬ ‫مجتمعاتنــا لرنقــى بهــا إىل مصــاف الــدول املتقدمــة‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫أثر الفقر على البعد السياسي واالجتماعي في مستقبل سوريا‬ ‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬ ‫إن عــدم قــدرة النظــام القــادم يف املجتمــع الســوري‪،‬‬ ‫بعــد نجــاح الثــورة بــإذن اللــه والقضــاء عــى النظــام‬ ‫الــذي عــاث فســادا ً وتســلطاً واســتبدادا ً وتدم ـرا ً‪ ،‬عــى‬ ‫مواجهــة متطلبــات األغلبيــة الســاحقة ألف ـراد املجتمــع‬ ‫وإشــباع حاجياتهــم األساســية ســيؤدي إىل بــروز ظاهــرة‬ ‫التطــرف الســيايس املنظــم فتعــر النظــام القــادم مهــا‬ ‫كان شــكله ولونــه عــن مواجهــة املشــكالت الخارجيــة‬ ‫والداخليــة وطــول مــدة هــذا التعــر إذا مل يجــد حلــوالً‬ ‫رسيعــة أو متوســطة يحــس النــاس بهــا ســيؤدي إىل‬ ‫تفاقــم املشــاكل عــى النظــام القائــم حيــث ســينتهي‬ ‫األمــر بأعــداد كبــرة مــن الشــعب إىل طابــور الفقـراء أي‬ ‫أن هنــاك خلـاً أساســياً إمــا يف جوهر وفلســفة النظام أو‬ ‫يف أدائــه أو فيهــا معـاً ولــن ينظــر النــاس إىل التحديــات‬ ‫الكبــرة التــي تواجــه املرحلــة القادمــة‪ ،‬ومــن هنــا يجــب‬ ‫البــدء بالبحــث عــن بديــل يخرجهــم ويخلــص املجتمــع‬ ‫مــن املشــكالت املتفاقمــة والتــي تــزداد حدتهــا كلــا‬ ‫زاد أمــد الثــورة فكلــا اشــتدت حــدة هــذه املشــكالت‬ ‫ســتتحول إىل أزمــة تكــر وتكــر ليصبــح البديــل مختلفـاً‬ ‫متامـاً عــن النظــام املوجــود‪ ،‬وكلــا زاد اختــاف البديــل‬ ‫املطلــوب عـ ّـا هــو موجــود فع ـاً أصبحنــا بصــدد مــا‬ ‫يســمى التطــرف الــذي يقــود إىل العنــف‪ ،‬ومــن ثــم‬ ‫االنقــاب الــذي هــو انعــكاس لتعــر النظــام الســيايس‬ ‫واالجتامعــي يف مواجهــة األزمــات الداخليــة والخارجيــة‪،‬‬ ‫ألن الفشــل يولــد اإلحبــاط‪ ،‬واإلحبــاط يخلــق داخــل‬ ‫األف ـراد شــحنات انفعاليــة عدوانيــة‪ ،‬وهــذه العدوانيــة‬ ‫قابلــة للتحــول إىل عنــف خارجــي فــردي وجامعــي‪،‬‬ ‫وم��ن أه��م أس��باب العن��ف السياس��ي‪.‬‬ ‫‪ )1‬اتســاع الفجــوة بــن األمــل والواقــع فحــن يخلــص‬ ‫األفــراد يف املجتمــع إىل أن الفجــوة اتســعت بحيــث‬ ‫أصبحــت غــر طبيعيــة يتولــد عندهــم أحســاس بالفشــل‬ ‫واإلحبــاط وبالتــايل شــحنات عدوانيــة داخليــة قــد‬ ‫يستســلمون لهــا‪ ،‬ولكــن إذا خلصــوا إىل أن الســبب يف‬ ‫هــذا الفشــل يعــود إىل الرتكيبــة السياســية واالجتامعيــة‬ ‫الســائدة يف املجتمــع الــذي ينتمــون إليــه فــإن هــذه‬ ‫الشــحنات العدوانيــة التــي يحملونهــا تتحــول إىل تهيــؤ‬ ‫واســتعداد الســتخدام العنــف ضــد النظــام الســيايس‬ ‫االجتامعــي القائــم ويصبــح هدفهــم البحــث عــن‬ ‫تك ّيــف إيديولوجــي وتنظيمــي وعــن وســائل لتغيــر‬ ‫هــذا النظــام‪.‬‬ ‫‪ )2‬عــدم العدالــة التوزيعيــة فاملعادلــة التــي يســتخدمها‬ ‫األفــراد بوعــي أو دون وعــي هــي ببســاطة العدالــة‬ ‫التوزيعيــة = حجــم االســتثامرات املاديــة واملعنويــة‬ ‫= نصيــب الفــرد مــن الــروة والســلطة‪ ،‬وهــذا يعنــي‬ ‫أنــه عندمــا تتســاوى اســتثامرات الفــرد (مجهــوده) مــع‬ ‫اســتثامرات اآلخريــن (مجهودهــم) فمــن الطبيعــي‬ ‫التوقــع أن يكــون عائــده مــن الــروة والســلطة والتقديــر‬ ‫املعنــوي متســاوياً مــع مــا يحصــل عليــه غــره مــن‬ ‫أبنــاء املجتمــع‪ ،‬فــإذا كانــت مجهــودات الفــرد ضعــف‬ ‫مجهــودات غــره وإن عائــد غــره أكــر منــه فســوف‬ ‫يكــره املجتمــع ويكــره هــذه السياســة التــي جعلتــه‬ ‫يحصــل عــى أقــل مــا يبــذل مــن جهــد بينــا الــذي ال‬ ‫يبــذل جهــدا يحصــل عــى دخــل أكــر منــه وهكــذا فــأي‬ ‫اختــال يف هــذه املعادلــة أو القاعــدة التوزيعيــة ســيؤثر‬ ‫عــى شــعور األفــراد بالظلــم والســخط مــا يــؤدي‬ ‫بهــم إىل العنــف وبالتــايل حــدوث عــدم االســتقرار يف‬ ‫املجتمــع‪.‬‬ ‫‪ )3‬الحرمــان النســبي فقــد تتحســن أحــوال الفــرد يف‬ ‫املجتمــع لكنــه يجــد نفســه نســبياً أقل مــن التحســينات‬ ‫التــي طــرأت عــى األفــراد يف املجتمعــات األخــرى‬ ‫الشــبيهة مبجتمعــه وهــذا يــؤدي بــه إىل الغضــب‬ ‫املــؤدي إىل اعتنــاق األفــكار الناقــدة للنظــام االجتامعــي‬ ‫الســائد والداعيــة إىل التمــرد مــن خــال العنــف‪ ،‬وهــذا‬

‫الديمقراطية وتطبيق الشريعة‬ ‫جمال الفالح‬

‫يفــر ســخط الفئــات الفقــرة واملتوســطة الوافــدة مــن‬ ‫الريــف إىل املدينــة للدراســة والعمــل حيــث تشــعر‬ ‫بتناقضــات املجتمــع الهائلــة وإحساســها بالدونيــة‬ ‫والضيــاع واالســتغراب فتلجــأ إىل األح ـزاب والجامعــات‬ ‫املتطرفــة لتعــر عــن شــعورها فاالنقســام بــن الريــف‬ ‫واملدينــة ســاهم يف زيــادة عامــل عــدم االســتقرار يف‬ ‫املجتمــع بســبب العامــل االقتصــادي بالدرجــة األوىل‪.‬‬ ‫‪ )4‬ظهــور البورجوازيــة التجاريــة والذيــن اســتغلوا‬ ‫الوضــع القائــم ضمــن الثــورة فلــم يشــاركوا فيهــا فعليـاً‬ ‫بــل ســعوا إىل اســتثامرها وجنــي األمــوال مــن خــال‬ ‫الظــروف املحيطــة بهــا مــن رشاء أرايض وعقــارات أو‬ ‫تجــارات مختلفــة ليصبحــوا برجوازيــن بــن عشــية‬ ‫وضحاهــا باإلضافــة إىل بعــض الكتائــب املنتفعــن حيــث‬ ‫بــدأت معــامل الــراء تظهــر عليهــم وهــم معروفــون‬ ‫بفقرهــم ســابقاً‪.‬‬ ‫‪ )5‬ظهــور الطبقــات األرســتقراطية مــع الربجوازيــة‬ ‫التجاريــة والصناعيــة املدعومــة مــن قبــل الســلطة مــا‬ ‫يعنــي انقــراض الطبقــة الوســطة مــا يولــد ســخط‬ ‫املواطنــن فيحــدث رصاع يــؤدي إىل انقســامات حــادة‬ ‫يف املجتمــع‪.‬‬ ‫‪ )6‬عــدم العدالــة يف توزيــع الدخــل القومــي واملشــاركة‬ ‫السياســية والضامنــات الدســتورية وإزالــة املعوقــات‬ ‫السياســية واملاليــة والترشيعــات التــي تعــرض‬ ‫املؤسســات والهيئــات التــي تقــوم باالســتثامر والتوزيــع‬ ‫واإلنتــاج للبيــع أو الخصخصــة غــر العادلــة ودون‬ ‫تنميــة ال يوجــد أمــن فالــدول الناميــة التــي ال تنمــو‬ ‫منــوا ً حقيقيـاً ال ميكــن أن تظــل آمنــة‪ ،‬وكذلــك مواطنوهــا‬ ‫ال ميكنهــم أن يتخلــوا عــن طبيعتهــم اإلنســانية وكلــا‬ ‫زادت التنميــة زاد األمــن‪.‬‬ ‫‪ )7‬إن تأثــر إج ـراءات السياســات االقتصاديــة الخاطئــة‬ ‫التــي تتبعهــا الحكومــة عــى االســتقرار الســيايس يف‬ ‫البــاد ال تظهــر خطــورة فقــط يف مظاهــر عدم االســتقرار‬ ‫الســيايس املصاحبــة لبــدء تنفيــذ هــذه اإلجـراءات بل إن‬ ‫الصــورة الحقيقيــة ملــدى خطــورة تلــك السياســات عــى‬ ‫االســتقرار الســيايس تظهــر مــن خــال اآلثــار االجتامعيــة‬ ‫الناجمــة عــن هــذه السياســات والتــي تتلخــص بزيــادة‬ ‫الفقــر والبطالــة وســوء توزيــع الدخــل وتفــي بدورهــا‬ ‫إىل مجموعــة آثــار أخــرى اجتامعيــة وسياســية تتمثــل‬ ‫يف التفــكك الوطنــي مقابــل التكامــل الوطنــي فزيــادة‬ ‫حجــم الفقــر تجعــل الفق ـراء أغلبيــة يف مواجهــة أقليــة‬ ‫هــي الفئــات العليــا يف املجتمــع مســتفيدة مــن تلــك‬ ‫السياســات لتعزيــز موقعهــا وتناقــض الرشعيــة عــن‬ ‫طريــق تقليــص دور الدولــة يف الحيــاة االجتامعيــة‬ ‫واالقتصاديــة إىل أبعــد الحــدود فيظهــر الحديــث عــن‬ ‫نهايــة عــر الدولة ثــم العنف الســيايس أي أن السياســة‬ ‫املتبعــة جعلــت التغيــر بواســطة الدميقراطيــة مســتحيالً‬ ‫ألن نظــام الحكــم ال يقــف ضــد عوامــل التغيــر بــل‬ ‫يحاربهــا وعــدم االســتجابة للتغيــر قــد يطيــح باســتقرار‬ ‫الدولــة ويدخلهــا يف فــوىض شــاملة وحلقــة مــن العنــف‪.‬‬ ‫‪ )8‬يف حــال أن برنامــج عمــل الحكومــة أخفــق يف تلبيــة‬ ‫إتاحــة فــرص العمــل وتوفــر الســكن ومعالجــة الجرحــى‬ ‫واملعاقــن وتأمــن حاجياتهــم واإلخفــاق يعــود إىل ســببني‬ ‫عــدم ترشــيد الحاجيــات العامــة عــن طريــق الســلطات‬ ‫وتدبــر معالجتهــا وضخامــة الحاجيــات املطلوبــة‪.‬‬ ‫‪ )9‬الحاميــة االجتامعيــة التــي تشــكل أيضـاً أداة اســتقرار‬ ‫مــن خــال خدمــات الصحــة واألرسة والشــيخوخة‬ ‫والتعليــم وصعوباتــه‪.‬‬ ‫‪ )10‬تغييــب املنظــات غــر الحكوميــة عــن شــبكة‬ ‫الضــان االجتامعــي واقتصــار نشــاطها عــى الجوانــب‬ ‫السياســية والثقافيــة والرتفيهيــة‪.‬‬ ‫(‪ 11‬عــدم االســتغالل األمثــل للتربعــات والهبــات رغــم‬ ‫الــدور الجيــد الــذي ميكــن أن تلعبــه ملحاربــة الفقــر‪.‬‬ ‫‪ )12‬إذا تــم تبنــي اســراتيجية وطنيــة فعالــة ملحاربــة‬ ‫الفقــر فيجــب أن تعــرف طريقــاً إىل التطبيــق الفعــال‬

‫ولهــذا ترجــع أســباب تدهــور املعيشــة للمواطنــن إىل‬ ‫ســوء توزيــع الــروة وإهــدار املــال العــام والفســاد‬ ‫املــايل واإلداري وســوء التخطيــط وإتبــاع سياســة ماليــة‬ ‫ورضيبيــة خاطئــة كــا أن اســتمرار مجموعــة صغــرة‬ ‫مــن املتنفذيــن يف الهيمنــة عــى االقتصــاد يف القطاعــن‬ ‫العــام والخــاص يقــف حائــاً بوجــه اإلصالحــات‬ ‫الحقيقيــة‪.‬‬ ‫‪ )13‬االثــار االجتامعيــة واألمنيــة النتشــار الفقــر ســوف‬ ‫تــؤدي إىل ارتفــاع حاد يف انتشــار الفســاد وارتفــاع معدل‬ ‫جرائــم الرسقــة‪ ،‬وازديــاد معــدالت الطــاق‪ ،‬والعــزوف‬ ‫عــن الــزواج وتزايــد عمــل النســاء واألطفــال يف ظــروف‬ ‫ورشوط عمــل غــر مالمئــة‪.‬‬ ‫‪ )14‬هنــاك مختصــون وخـراء يفــرون أن االنخـراط يف‬ ‫املنظــات العســكرية الرسيــة يف أغلــب األحيــان يعــود‬ ‫لعوامــل اقتصاديــة واجتامعيــة ألنهــا قــد تدفــع نتيجــة‬ ‫الفقــر إىل تبنــي أفــكار العنــف واالنتقــام مــن الغــر أو‬ ‫إىل تعاطــي املخــدرات واالشــتغال بالدعــارة واالنضــام‬ ‫إىل عصابــات نهــب ورسقــة وقتــل وميكــن تلخيــص اآلثــار‬ ‫الضــارة واالنعكاســات الســلبية للفقــر عــى االســتقرار‬ ‫االجتامعــي والســيايس مبــا يــي‪:‬‬ ‫كيفية معاجلة ظاهرة الفقر من وجهة نظرنا‪:‬‬ ‫‪ –1‬يجــب أن تعــد دراســات اس ـراتيجية ملعالجــة هــذه‬ ‫الظاهــرة وتقييــم مواردنــا متهيــدا ً الســتغاللها اســتغالالً‬ ‫أمثــل رشــيدا ً‪ ،‬والبحــث عــن مصــادر جديــدة لخلــق‬ ‫فــرص عمــل يكــون مجتمعنــا بحاجــة إليهــا (مــزارع‬ ‫األســاك يف البحــر)‪.‬‬ ‫‪ -2‬وضــع سياســات مشــركة مــع الــدول الداعمــة‬ ‫واملانحــة كهــدف اســراتيجي وليــس تكتيكيــاً‪.‬‬ ‫‪ -3‬إنجــاز دراســات دقيقــة ملــؤرشات الفقــر ومــا وصلــت‬ ‫إليــه بعــد مــا يقــارب أربــع ســنوات مــن عمــر الثــورة‬ ‫ومســتوى الدمــار والخــراب الــذي وصــل إليــه البلــد‬

‫ تفشي األمراض االجتماعية‬‫ اخنفاض املستوى التعليمي والثقايف‬‫ اخنفاض املستوى الصحي‬‫ التهمي��ش وضع��ف املش��اركة يف احلي��اة‬‫العام��ة‬ ‫ االنعكاس��ات الس��لبية عل��ى وض��ع امل��رأة‬‫واألطف��ال‬ ‫‪ -‬االضطرابات السياسية واألمنية يف اجملتمع‬

‫وتحديــد خــط الفقــر الغــذايئ واملطلــق بصــورة دقيقــة‬ ‫وواقعيــة تســاهم يف قيــاس ظاهــرة الفقــر ووضــع‬ ‫الخطــط والربامــج والسياســات ملكافحتــه‪.‬‬ ‫‪ -4‬اتخــاذ إجــراءات مســتعجلة للتخفيــف مــن حــدة‬ ‫الفقــر ورســم سياســة تنمويــة مســتدمية ملختلــف‬ ‫القطاعــات الزراعيــة والصناعيــة والســياحية‪ ..‬الــخ‬ ‫‪ -5‬الحــد مــن الفقــر وخلــق وظائــف جديــدة مــن‬ ‫خــال مبــادرات تنميــة املجتمــع املحــي‪.‬‬ ‫‪ -6‬توجيــه شــبكة األمــان االجتامعــي نحــو األرس األكــر‬ ‫حاجــة وترشــيد سياســة الدولــة يف املــوارد وتنظيــم‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫‪7‬‬

‫صناديــق رعايــة اجتامعيــة مــع تحســن طريقــة‬ ‫االســتهداف للمحتاجــن‬ ‫‪ -7‬تبنــي سياســة اجتامعيــة يكــون أهــم محاورهــا‬ ‫تحصيــل الرضائــب وعائــدات الدولــة مــن الطبقــة‬ ‫الربجوازيــة التــي خلطــت بــن السياســة والتجــارة‬ ‫وإعــادة صياغــة السياســة املاليــة واالقتصاديــة للدولــة‬ ‫مبــا يتناســب مــع مــوارد البــاد وإمكانياتهــا والتقليل من‬ ‫الق ـرارات التــي تزيــد النفقــات عــى الخزينــة العامــة‬ ‫وتقليــص الفــوارق املوجــودة بــن منفــذي السياســة‬ ‫االجتامعيــة للدولــة ومســتحقيها وتحديــد مقاييــس‬ ‫الحاميــة االجتامعيــة وتطهــر قوائــم املســتفيدين غــر‬ ‫الرشعيــن منهــا بعيــدا ً عــن الحزبيــة املقيتــة‪.‬‬ ‫‪ -8‬تفعيــل مؤسســات التربعــات والهبــات والــزكاة ملــا‬ ‫لهــا مــن دور هــام يف املجتمــع‪.‬‬ ‫‪ -9‬فتــح املجــال أمــام املنظــات غــر الحكوميــة للقيــام‬ ‫بدورهــا يف مكافحــة الفقــر وعــدم ربطهــا بأحــزاب‬ ‫سياســية‪.‬‬ ‫‪ -10‬تفعيــل الدســتور والــذي يقــي بتأمــن الضــان‬ ‫االجتامعــي للعاطلــن والعاجزيــن عــن العمــل وتحديــد‬ ‫حــد أدىن مالئــم لألجــور وإج ـراء إصالحــات جذريــة يف‬ ‫الســلطات الترشيعيــة والتنفيذيــة والقضائيــة وإيجــاد‬ ‫نظــام رقابــة إداريــة وماليــة فاعــل ملحاربــة الهــدر‬ ‫والفســاد‪.‬‬ ‫‪ -11‬التنميــة الريفيــة والزراعيــة وتشــجيع االســتثامر‬ ‫يف الريــف وإعــداد دراســات مــن أجــل التوصــل إىل‬ ‫اســتثامر أمثــل لــأرايض الزراعيــة ودعــم املزارعــن‬ ‫بالقــروض امليــرة وتوفــر امليــاه الالزمــة والســعي إىل‬ ‫القضــاء عــى األميــة يف الريــف وإنشــاء املســتوصفات‬ ‫الصحيــة وإعــادة تأهيــل املــدارس‪ ..‬الــخ‬ ‫يف الختــام إن الظــروف االقتصاديــة التــي ســتمر بهــا‬ ‫ســوريا بعــد االنتصــار بــإذن اللــه ســتؤدي إىل كارثــة‬ ‫مــامل يكــن هنــاك سياســات اقتصاديــة وماليــة مبنيــة‬ ‫عــى التخطيــط الســليم واإلصــاح املــدروس وتهــدف إىل‬ ‫اإلرساع مبختلــف املســارات لإلصــاح وأهمهــا‪ :‬القضــاء‬ ‫عــى ظاهــرة الفقــر التــي بــدأت تظهــر بشــكل كبــر‬ ‫منــذ األن ومــن تهميــش للطبقــات الفقــرة يف املجتمــع‬ ‫واســتبعادها مــن لعــب أي دور مؤثــر لذلــك يجــب‬ ‫إج ـراء دراســات دقيقــة ملعرفــة كافــة مــؤرشات قيــاس‬ ‫مســتوى املعيشــة‪.‬‬ ‫مســتقبالً يجــب أن تتضافــر جهــود الدولــة مــع جهــود‬ ‫فئــات املجتمــع للقضــاء عــى هــذه الظاهــرة ملــا لهــا من‬ ‫آثــار ســلبية متعــددة عــى مســار التنميــة كــا يجــب‬ ‫وضــع خطــة كاملــة للصناعــات الصغــرة واملتوســطة‬ ‫والتــي تخــدم عجلــة اإلنتــاج وحاجــات املجتمــع بنــا ًء‬ ‫عــى دراســات موســعة ودقيقــة وواقعيــة الحتياجــات‬ ‫الســوق املحــي والــدويل وأن تســتند خطــة الدولــة‬ ‫القــادة إىل ثالثــة محــاور رئيســية أولهــا محــور تدعيــم‬ ‫النمــو االقتصــادي لتخفيــض حــدة الفقــر‪ ،‬وثانيهــا‬ ‫مدخــل التنميــة البرشيــة مــن خــال زيــادة االســتثامر‬ ‫يف التعليــم والتدريــب والصحــة وتعزيــز دور مؤسســات‬ ‫املجتمــع املــدين واملحــور الثالــث يتعلــق بالرفاهيــة‬ ‫االجتامعيــة مــن خــال ترشــيد املدفوعــات التحويليــة‬ ‫والدعــم وإيصالهــا ملســتحقيها‪.‬‬

‫بقــدر مــا يشــكل التنــوع الثقــايف والدينــي والعرقــي‬ ‫عامــل إغنــاء وإضافــة لآلخريــن فإنــه يفــرض علينــا‬ ‫كســوريني تحديــاً عــايل املســتوى‪ ،‬ويفــرض علينــا اإلجابــة‬ ‫عــن أســئلة يف غايــة الخطــورة حيــث تكــون اإلجابــة عــن‬ ‫هــذه األســئلة جــزءا ً هامـاً مــن العقــد االجتامعــي للســوريني‬ ‫يف دولتهــم الحديثــة القامئــة عــى التعدديــة واملواطنــة‬ ‫وســيادة القانــون‪.‬‬ ‫وإســهاماً متواضعـاً منــي يف طــرح القضايــا اإلشــكالية بهــدف‬ ‫تحريــر املفاهيــم‪ ،‬وتحديــد محــل الن ـزاع حتــى ال نختلــف‬ ‫عــى مصطلحــات تثــر يف الذهــن معــانٍ ضبابيــة توســع مــن‬ ‫حجــم الهــوة بــن األفرقــاء‪ ،‬فلعـ ّـل جانبـاً كبـرا ً مــن خالفاتنــا‬ ‫يرجــع إىل خــاف يف تحديــد املعــاين الدقيقــة للمصطلحــات‬ ‫باإلضافــة إىل حاجتنــا املاســة لعمليــة فــرز دقيــق يُظهــر‬ ‫الفــرق بــن املبــدأ الــذي نؤمــن بــه‪ ،‬وبــن تطبيقاتــه‬ ‫التاريخيــة‪ ،‬فــا أظــن أن مــن يعــي أن الدميقراطيــة آليــة‬ ‫لرتجمــة ســلطان األمــة املمنــوح لهــا يف رشيعــة اللــه بشــكل‬ ‫عمــي يصفهــا بعــد ذلــك بأنهــا نظــام كفــر‪ ،‬وأن مــن‬ ‫يدعــون إليهــا مرتديــن تُســتحل دماؤهــم وأموالهــم إال إذا‬ ‫كان ممعنــاً يف جهلــه وتطرفــه‪ ،‬وال أعتقــد أن مــن يعــرف‬ ‫أن الدولــة يف اإلســام دولــة تعاقديــة‪ ،‬وأنهــا دولــة العــدل‬ ‫واملســاواة واملواطنــة يصفهــا بعــد ذلــك بأنهــا دولــة دينيــة‬ ‫(ثيوقراطيــة)‪ ،‬إال إذا كان يســتبطن روحــاً إقصائيــة‪ ،‬وال‬ ‫يؤمــن بالتعدديــة إال شــعارا ً‪.‬‬

‫ومــن القضايــا الكــرى التــي تثــر إشــكاالً بــن أبنــاء الوطــن‬ ‫الواحــد يف ســوريا قضيــة الدميقراطيــة وتطبيــق الرشيعــة‪،‬‬ ‫وهنــا نعتقــد أن كثــرا ً ممــن ينافحــون عــن تطبيــق‬ ‫الرشيعــة إزاء خصومهــم ال يعــون املعنــى الدقيــق لهــا‪ ،‬وال‬ ‫مــدى صالحيــة الحاكــم يف التدخــل لتطبيقهــا يف فروعهــا‬ ‫املختلفــة‪ ..‬فكلمــة الرشيعــة وردت يف القــرآن الكريــم مــرة‬ ‫واحــدة يف قولــه تعــاىل‪:‬‬ ‫(ثــم جعلنــاك عــى رشيعــة مــن األمــر فاتبعهــا وال تتبــع‬ ‫أهــواء الذيــن ال يؤمنــون)‪ .‬الجاثيــة ‪18‬‬ ‫وبالعــودة إىل تفســر اإلمــام الطــري‪ ،‬وهــو مــن أقــدم كتــب‬ ‫التفاســر‪ ،‬نجــد أنــه ســاق أقــواالً تؤكــد عــى أن املقصــود‬ ‫بهــا هــو الديــن كلــه‪.‬‬ ‫عقيــدة ‪ -‬وأخــاق ‪ -‬وشــعائر تعبديــة – وأحــكام فرعيــة‬ ‫ميكــن أن تصبــح جــزءا ً مــن القانــون كنظــام العقوبــات‬ ‫واألحــوال الشــخصية‪ ،‬وأحــكام كليــة تتعلــق بنظــام الحكــم‪،‬‬ ‫وتحديــد مصــادر الترشيــع والجهــة املخولــة مببــارشة ســن‬ ‫القوانــن اعتــادا ً عــى مصادرهــا‪ ،‬ومصدريــة الســلطة‪،‬‬ ‫وأســاس بنــاء الدولــة‪ ،‬وتنظيــم العالقــة بــن الحاكــم‬ ‫واملحكــوم‪ ،‬مــا ميكــن أن نســميه الجانــب الدســتوري مــن‬ ‫الرشيعــة – فــا هــو املعطــل مــن الرشيعــة حتــى نعلــم‬ ‫حقيقــة الدعــوى لتطبيقهــا‪.‬‬ ‫‪ -1‬العقيــدة‪ :‬مــن املعلــوم أن القضايــا االعتقاديــة ال ســلطان‬ ‫للدولــة عليهــا ســواء كانــت إســامية أم علامنيــة‪ ،‬فعنــد‬ ‫املســلمني الفصــل يف هــذا املوضــوع قولــه تعــاىل (ال إكـراه‬

‫يف الديــن)‪ .‬فــا يحــق للدولــة فــرض عقيــدة معينــة عــى‬ ‫النــاس كــا أن املســلم يســتطيع أن يحافــظ عــى عقيدتــه‬ ‫يف ظــل دولــة غــر إســامية فهــذا الجانــب مــن الرشيعــة مل‬ ‫يكــن معط ـاً أص ـاً‪.‬‬ ‫‪ -2‬األخــاق‪ :‬وطبيعــة األخــاق ال تقبــل أن يكــون للدولــة‬ ‫ســلطا ٌن عليهــا بغــض النظــر عــن طبيعــة النظــام الســيايس‬ ‫املطبــق إســامياً كان أم علامنيــاً مــع التســليم عــى أن‬ ‫النظــام االســتبدادي مفســ ٌد لضامئــر النــاس وهنــا نذكــر‬ ‫قــول املصطفــى (ص)‪ :‬إن اإلمــام إذا تتبــع عــورات (تجســس‬ ‫عليهــم) رعيتــه أفســدهم‪.‬‬ ‫‪ -3‬الشــعائر‪ :‬مل يفــرض النظــام الســابق أو معظــم األنظمــة‬ ‫العلامنيــة املنــع عــى أداء الشــعائر إال عــى ســبيل التضييق‪.‬‬ ‫وفــرض أداء الشــعائر عــى النــاس ليــس مــن صالحيــة‬ ‫الحاكــم املســلم إذا اســتندنا عــى كتــاب اللــه وســنة رســوله‬ ‫ال عــى مــا طبــق تاريخيـاً عــى أنهــا أحــكام اإلســام ماعــدا‬ ‫فريضــة الــزكاة التــي هــي حـ ٌـق للمجتمــع‪.‬‬ ‫‪ -4‬األحــكام الفرعيــة‪ :‬وقــد كانــت مطبقــة يف أج ـزاء منهــا‬ ‫كنظــام األحــوال الشــخصية واإلرث‪ ،‬ومعطلــة يف أجــزاء‬ ‫أخــرى كالقانــون الجنــايئ (الحــدود)‪ ،‬وبعــض األحــكام التــي‬ ‫تتعلــق بالناحيــة االقتصاديــة وهــذه القوانــن عطلــت منــذ‬ ‫دخــول االســتعامر إىل البلــدان اإلســامية‪.‬‬ ‫‪ -5‬الجوانــب الدســتورية‪ :‬وتشــمل األحــكام والقواعــد‬ ‫الكليــة التــي تنظــم عالقــة الحاكــم باملحكــوم‪ ،‬كالشــورى‬ ‫واملشــورة ومصدريــة الســلطة (نظــام البيعــة الرضائيــة)‪،‬‬

‫سوريا‪ ..‬أرض اهلل الصغيرة‬

‫أولئك‪!..‬‬ ‫طارق عبد الغفور‬

‫معبد الحسون‬ ‫«جــون شــتاينبك» علــم مــن أعــام األدب يف الجنــوب‬ ‫األمريــي‪ ..‬أشــتهر بــن النــاس بروايتــه الذائعــة الصيــت‬ ‫«عناقيــد الغضــب» التــي كانــت ســبباً يف ذيــوع شــهرته‬ ‫وانتشــار اســمه يف كل بــاد ولغــات العــامل‪ ،‬حتــى بــات‬ ‫يُعــرف بأنــه أحــد كبــار أعــام األدب الــروايئ يف العــامل كلــه يف‬ ‫القــرن العرشيــن‪ ..‬ولكــن مــا مل يُعــرف ويُشـتَهر عــن «جــون‬ ‫شــتاينبك» هــو روايــة أخــرى ال تقــل يف مضمونهــا وقيمتهــا‬ ‫األدبيــة عــن عناقيــد الغضــب‪ ..‬وهــي روايــة‪( :‬أرض اللــه‬ ‫الصغــرة)‪..‬‬ ‫تلخــص روايــة أرض اللــه الصغــرة جــزءا ً مــن ســرة حيــاة‬ ‫أحــد مــايك األرايض واســمه «آدم»‪ ،‬حيــث يصفــه الكاتــب‬ ‫بأنــه إنســان مســتقيم ومتديــن ويحــب فعــل الخــر للنــاس‪.‬‬ ‫وتبــدأ الروايــة مــن فكــرة خطــرت ببــال آدم‪ ،‬وحســم أمــره‬ ‫يف تنفيذهــا فــورا ً ـ رغــم أنــه استشــار كل معارفــه وجريانــه‬ ‫وآل بيتــه بشــأنها ـ وهــي أن يتــرع للــه بقطعــة أرض صغــرة‪،‬‬ ‫يجعلهــا موقوفــة عــى مصاريــف الخــر وأن تتــزود الكنيســة‪،‬‬ ‫بيــت اللــه‪ ،‬ببعــض حاجاتهــا مــن ريــع هــذه األرض‪ ،‬التــي‬ ‫باتــت تعــرف بعــد قــرار آدم هــذا باســم «أرض اللــه‬ ‫الصغــرة»‪ ...‬كانــت نيــة املـ ّـاك آدم هــي الخــر والثــواب‪ ،‬ويف‬ ‫مضمــون بعيــد أن يســاعده اللــه بعــد منحــه أرض ـاً صغــرة‬ ‫مــن أمالكــه وأراضيــه يف شــيوع الربكــة وزيــادة إنتــاج األرض‪،‬‬ ‫وكســب الثــواب يف اآلخــرة‪ ..‬لكــن الــذي حــدث أن الفــاح‬ ‫آدم قــد تفاجــأ مبشــكلة جديــدة‪ ،‬وهــي العنايــة بــأرض اللــه‬ ‫الصغــرة إىل جانــب اهتاممــه وعنايتــه بأرضــه‪ ،‬واإلنفــاق‬ ‫عــى أرض اللــه الصغــرة فــوق إنفاقــه عــى أرضــه‪ ..‬مــن‬ ‫ســيفلح أرض اللــه الصغــرة؟ مــن ســيدفع أجــور الج ـرارات‬ ‫والعــال‪ ،‬وكلفــة نقــل املوســم إىل الســوق‪..‬؟ يبــدو أن‬ ‫الكنيســة غــر عابئــة أو مهتمــة باألمــر‪ ..‬وعليــه فلقــد وجــد‬ ‫آدم نفســه يف ورطــة جديــدة‪ ..‬هنــاك دفــر حســابات ألرضــه‬ ‫ودفــر حســابات ألرض اللــه‪ ..‬ولقــد أضطــر أن يقــرض اللــه‬ ‫مــن مالــه عــى أمــل أن يحصــل مبالــغ مــا أنفقــه عليهــا يف‬ ‫نهايــات املواســم‪ ..‬كانــت أرض اللــه الصغــرة دامئــاً مدانــة‬ ‫للفــاح آدم‪ ..‬وكانــت متأخــرة دومـاً يف ســداد دينهــا‪ ..‬وتراجــع‬ ‫إنتاجهــا وتدهــور‪..‬‬

‫وتعيــن الحقــوق والواجبــات‪ ،‬وتحديــد صالحيــة الحاكــم‪،‬‬ ‫والتأكيــد عــى املســاواة والعــدل بــن املواطنــن والتأكيــد‬ ‫عــى فصــل الســلطات واســتقاللية القضــاء‪ ،‬وهــذه األحــكام‬ ‫معطلــة يف معظمهــا منــذ أكــر مــن ‪ 1400‬عــام بعــد انتهــاء‬ ‫عهــد الخالفــة الراشــدة‪.‬‬ ‫وهنــا نــرى أن شــعار تطبيــق الرشيعــة كــا هــو يف ذهــن‬ ‫مطلقيــه يشــوبه كثــر مــن الخلــط والضبابيــة إذ هــو يف‬ ‫أذهــان الكثرييــن تطبيــق للقانــون الجنــايئ الــذي عطلــه‬ ‫الســتعامر(الحدود) أمــا الجانــب الدســتوري مــن اإلســام‬ ‫فيلفــه صمــت مريــب مــع أولويتــه وأهميتــه‪ ،‬وكأنهــا ردة‬ ‫فعــل عــى مــا تــم فرضــه مــن قبــل القــوى الخارجيــة‪،‬‬ ‫عــا تواطــأت أنظمــة الحكــم اإلســامية عــى‬ ‫والســكوت ّ‬ ‫إهاملــه ووأده‪ ،‬والتعويــض عنــه بالتدخــل يف شــؤون النــاس‬ ‫بشــكل ســافر وإجرامــي يف جوانــب العقيــدة وأداء الشــعائر‪،‬‬ ‫ويف بعــض العــادات كاللبــاس وغريهــا بصــورة مســتفزة‬ ‫شــوهت جــال اإلســام وعدلــه ورحمتــه‪ ،‬وهنــا نذكــر‬ ‫حديــث النبــي (ص)‪( :‬ســيكون أم ـراء مــن بعــدي يقولــون‬ ‫مــا ال يفعلــون ويفعلــون مــا ال يؤمــرون) لعلهــم يســدون‬ ‫ثغــرة فقدانهــم لرشعيــة ســلطتهم ســواء يف أصــل بنائهــا أو‬ ‫يف طريقــة مامرســتها‪.‬‬ ‫وبعــد هــذا العــرض املوجــز يتبــن لنــا‪ ،‬إن فهمنــا رشيعتنــا‬ ‫فهــاً صحيحــاً‪ ،‬أنهــا ال تشــكل خطــرا ً عــى الحريــة‬ ‫والدميقراطيــة‪ ،‬وإذا فهمنــا الدميقراطيــة بشــكل صحيــح‬ ‫ســنعلم أنهــا تطبيــق للشــق الدســتوري مــن الرشيعــة‪.‬‬

‫نهايــة األمــر‪ ،‬يقــرر املــاك أن يبيــع أمالكــه جميعـاً (بالطبــع‬ ‫ماعــدا أرض اللــه الصغــرة التــي تنــازل عنهــا فلــم تعــد لــه)‪،‬‬ ‫وأن ينتقــل مــن املنطقــة كلهــا مــع عائلتــه‪ ..‬لكــن املشــري‬ ‫الوحيــد الــذي تقــدم لـراء أرضــه ودفــع مثنـاً مجزيـاً مقابلها‬ ‫اشــرط عليــه رشطــاً قاســياً‪ ،‬أوقعــه يف ورطــة جديــدة‪..‬‬ ‫فاملشــري رفــض أن يشــري أرض آدم إال وأرض اللــه الصغــرة‬ ‫جــزءا ً مــن كامــل مســاحة العقــار‪ ..‬يــردد آدم ويرفــض أن‬ ‫يبيعــه أرض ـاً مل تعــد لــه‪ ،‬وال يحــق لــه التــرف بهــا‪ ،‬ألنهــا‬ ‫باتــت منــذ زمــن جــزءا ً مــن ملكيــة اللــه وحيازتــه‪ ..‬لكــن‬ ‫اآلخــر يــر وال يرتاجــع عــن رشطــه‪ :‬إمــا رشاء كامــل األرض‬ ‫وإمــا ال بيــع وال رشاء ألي جــزء منهــا‪ ..‬وبعــد محنــة ومعانــاة‬ ‫مــن جانــب آدم‪ ،‬وبعــد مراجعــة للموقــف يقــرر آدم أن اللــه‬ ‫ليــس بحاجــة لهــذه األرض املدانــة‪ ،‬والفاشــلة‪ ،‬وغــر املثمــرة‬ ‫كــا ينبغــي‪ ..‬اللــه غنــي‪ ،‬وهــو ميلــك الكــون كلــه‪ ،‬ولــن‬ ‫يضــره أن تنتقــص مــن أمالكــه أرض اللــه الصغــرة‪ ..‬فيضمهــا‬ ‫آدم للاملــك الجديــد وينتهــي مآلهــا إىل أن تكــون جــزءا ً مــن‬ ‫عقــد البيــع‪..‬‬ ‫مــا أشــبه ســوريا اليــوم بــأرض اللــه الصغــرة‪..‬؟ كل مســلحي‬ ‫األرض وفــدوا إليهــا طلبــاً لألجــر والثــواب! كل أصحــاب‬ ‫املشــاريع نذروهــا قربانــاً ملشــاريعهم! كل طالــب جهــاد‪،‬‬ ‫وكل طالــب ثــأر مــن عــد ٍو قــرر أن ثــأره لــن يُنــال إال يف‬ ‫ســوريا‪ ..‬ســوريا املنــذورة للثــواب‪ ..‬ســوريا املوقوفــة لفعــل‬ ‫الخــرات‪ ..‬والوطــن الــذي عايــش الحضــارة منــذ خمســة‬ ‫آالف عــام وعايشــته‪ ،‬وأنتجهــا وأنتجتــه‪ ،‬وأبدعهــا وأبدعتــه‪..‬‬ ‫حينــا ســتحني لحظــة الحقيقــة‪ ،‬ويقــرر طالبــو الخــرات‬ ‫وأهــل السياســات أن يرحلــوا أو يصفــوا تركــة الخــراب‪،‬‬ ‫وبقيــة اليبــاب‪ ،‬ويفــوزوا بالبيــع واألجــر عنــد اللــه‪ ..‬عندئـ ٍـذ‬ ‫ال منــاص مــن بيعهــا إىل معاليــم ومجاهيــل‪ ..‬وإمتــام صفقــة‬ ‫البيــع االضط ـراري والتخلــص مــن الحجــر والبــر واألشــاء‬ ‫والدمــاء ومــا علــق يف ضامئرهــم مــن ذنــوب‪ ..‬ألن رشط البيع‬ ‫موقــوف عــى دمارهــا الكامــل وإســامها إىل قدرهــا النهــايئ‬ ‫أوالً‪ ..‬وألن اللــه الــذي يطلبــون ثوابــه وأجــره ويســارعون‬ ‫إىل جنتــه لــن يضــره‪ ،‬وهــو مالــك هــذا الكــون الكبــر‪ ،‬أن‬ ‫تنتقــص مــن ملكيتــه هــذه الـ»ســوريا» الصغــرة والجميلــة‪..‬‬ ‫وفاقــاً ومتامــاً‪ ...‬مثــل أرض اللــه الصغــرة‪..‬‬

‫نحــن ‪ -‬األشــخاص العاديــن ‪-‬عــى وجــه العمــوم‬ ‫‪ ,‬ننظــر إىل أولئــك الذيــن تتصــدر أخبارهــم نــرات‬ ‫القنــوات الفضائيــة والصفحــات األوىل يف الصحافــة‬ ‫املقــروءة‪ ,‬ومواقــع التواصــل االجتامعــي‪ ,‬فرياهــم‬ ‫بعضنــا أشــخاصاً مختلفــن عنــا ومتميزيــن‪ ,‬قــد نحبهــم‬ ‫أو قــد نكرههــم أو قــد نحســدهم‪ ,‬وقــد يتمنــى بعضنــا‬ ‫أن يخــرق الدوائــر املحيطــة بهــم‪ ,‬فيكــون قريبــا مــن‬ ‫احدهــم‪ ,‬ورمبــا يجمــح بــه الخيــال فيتمنــى لــو كان‬ ‫أحدهــم ‪.‬‬ ‫وقــد نظــن ‪ -‬نحــن األشــخاص العاديــن ‪-‬أن أولئــك‬ ‫يتكلمــون لغــة مختلفــة‪ ,‬ومبــا أن اللغــة وســيلة نقــل‬ ‫األفــكار‪ ,‬فــان أفــكار أولئــك مختلفــة أيضـاً‪ ,‬وقــد نظنهــا‬ ‫للوهلــة األوىل معقــدة وتســتعيص عــى أفهامنــا‪,‬‬ ‫فينتابنــا شــعور بــأن أولئــك‪ ,‬أو بعضهــم عــى األقــل‬ ‫أنــاس قادمــون مــن عــوامل مختلفــة‪ ,‬ويتحركــون يف‬ ‫مجــاالت ال ندركهــا ويســتقون أفكارهــم مــن مناهــل ال‬ ‫تبلــغ مداهــا ظنوننــا‪.‬‬ ‫ويســتخدم كثــر مــن أولئــك عبــارات بعينهــا يكررونهــا‬ ‫مبناســبة وبــدون مناســبة‪ ,‬وســواء كانــت تعطــي‬ ‫للســياق املكــررة فيــه معنــى أو ال تعطيــه‪ ,‬فتكــون‬ ‫حشــوا ً ميكــن االســتغناء عنــه بحســب اللغويــن‪,‬‬ ‫فيدفعنــا ذلــك إىل التفكــر فيهــا‪ ,‬ثــم إىل إمعــان التفكــر‬ ‫فيهــا لعــل وعــى أن نجــد شــيئا مــا يريــد أولئــك‬ ‫الوصــول إليــه مــن اســتخدامها‪.‬‬ ‫مــن هــذه العبــارات التــي يكررهــا أولئــك قولهــم‪« :‬‬ ‫أن ال حــل عســكريا يف ســورية‪ ,‬وأن الحــل للمشــكلة‬ ‫أو األزمــة الســورية لــن يكــون ســوى حــل ســيايس « ‪.‬‬ ‫كأن يف هــذه العبــارة ســحرا‪ ,‬يكررهــا بعضهــم‪ ,‬بــل‬ ‫أغلبهــم إن مل يكــن كلهــم‪ ,‬أولئــك الذيــن تلــوص‬ ‫أيديهــم يف قــدر األزمــة الســورية‪ ,‬عــى حــد وصفهــم‪.‬‬ ‫أولئــك ال ينظــرون إىل مــا يجــري يف ســورية عــى أنــه‬ ‫ثــورة قــام بهــا شــعب رزح ملــا يقــرب مــن نصــف‬ ‫قــرن تحــت حكــم مســتبد مالــه مــن نظــر‪ ,‬مطالبــا‬ ‫بحريتــه وكرامتــه‪ .‬أولئــك يرونهــا مجــرد أزمــة‪ ,‬وبغــض‬

‫النظــر عــن الصفــة التــي يطلقونهــا‪ ,‬ثــورة أو أزمــة أو‬ ‫مشــكلة‪ ,‬فــان القــول بــأن ال حــل عســكريا لهــا بــل‬ ‫هــو ســيايس يبــدو قــوال ال معنــى جديــا لــه‪ ,‬فــا بــد أن‬ ‫يكــون أولئــك قــد قــرأوا قــول كالوزفيتــز‪« :‬الحــرب هــي‬ ‫امتــداد للسياســة بوســائل أخــرى»‪ ,‬وهــو قــول أثبتتــه‬ ‫حــوادث التاريــخ منــذ غــزو االســكندر املكــدوين آلســيا‬ ‫إىل غــزو أمريــكا للعــراق ومــا بينهــا‪ .‬ومــا دامــت‬ ‫الحــرب ليســت للحــرب‪ ,‬فلــاذا يفصــل أولئــك بــن‬ ‫الحلــن العســكري والســيايس؟‪.‬‬ ‫البــد أن يكــون ألولئــك هــدف مــن ذلــك‪ ,‬ن ـراه نحــن‬ ‫األشــخاص العاديــن بوضــوح عندمــا نفكــر فيــه‪ ,‬وان‬ ‫بغــر إمعــان‪ .‬عندمــا ال يريــد أولئــك أن يصلــوا إىل‬ ‫النتيجــة السياســية بالرسعــة وبالطريقــة التــي توفــر‬ ‫الــدم واملــال‪ ,‬خاصــة إذا مل يكــن الــدم الــذي يســيل‬ ‫دمهــم‪ ,‬وكان املــال الــذي هــو مــال غريهــم يصــب‬ ‫يف جيوبهــم‪ ,‬يــأيت فصلهــم بــن العســكري والســيايس‪,‬‬ ‫ويصبــح ال مانــع لــدى أولئــك أن تســتمر الوســيلة‬ ‫العســكرية‪ ,‬وأن تتأخــر غايتهــا السياســية‪.‬‬ ‫وبعــد مــا ظهــر أن مــا ظننــاه للوهلــة األوىل معقــدا‬ ‫ويســتعيص عــى أفهامنــا مل يكــن كذلــك‪ ,‬نقــف نحــن‬ ‫األشــخاص العاديــن مذهولــن ومحبطــن‪ .‬أولئــك مل‬ ‫يكونــوا مختلفــن‪ ,‬ومل تكــن أفكارهــم معقــدة‪ ,‬ومل‬ ‫يســتقوها مــن مناهــل ال تبلــغ مداهــا ظنوننــا‪ ,‬ومل‬ ‫تكــن لغتهــم مبهمــة‪ ,‬إال أنهــم ويف الوقــت ذاتــه ليســوا‬ ‫أناســاً مثلنــا‪ ,‬إنهــم ببســاطة شــديدة أنــاس دجالــون‬ ‫كذابــون مراوغــون وأقــول إنهــم أغبيــاء فــوق هــذا‬ ‫وشــاهد ذلــك أنهــم يدعمــون خطــة قــال مصممهــا‬ ‫نفســه إنهــا مل تتشــكل بعــد‪ ,‬خطــة مــا زالــت يف الهــواء‬ ‫ورمبــا سيســقطها عــى األرض ســقوط وادي الضيــف‪.‬‬ ‫كتــب أحدهــم عــى صفحتــه عــى الفيســبوك يطلــب‬ ‫أال نقســو عــى «هــؤالء» يف تقييــم تعاملهــم مــع أولئــك‬ ‫‪ .‬ليــس األمــر قســوة أو لينــاً‪ ,‬إنــه أمــر وضــع عربــة‬ ‫الثــورة عــى الســكة الصحيحــة‪ ,‬إذ أننــا‪ ,‬وببســاطة‬ ‫شــديدة أيضـاً‪ ,‬نريــد أن يحــك ظفرنــا جلدنــا‪ ,‬وال نريــد‬ ‫أن تحكــه أظافــر بــل أظفــار أولئــك‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫الحرمــل تلتقــي «هــادي البحرة»‬ ‫حديــث فــي السياســة ومــآالت الثــورة الســورية‬

‫«البحــرة» ينفــي ارتهــان أعضــاء االئتــاف لقــوى أو دول خارجيــة‬

‫آ‪ .‬آخيل‬

‫من األرشيف‬

‫تنظي��م الدول��ة اإلس�لامية نش��أ يف الع��راق وترع��رع يف أحض��ان النظ��ام الس��وري‬

‫مؤسســات الدولــة‪ ،‬وتقــدم خدماتهــا للشــعب‬ ‫العســكري والســيايس‪.‬‬ ‫* الســؤال الثالــث‪« :‬داعــش» مل تنــزل ضمــن هــذه املناطــق‪ ,‬يك ال تعــود «داعــش»‬ ‫علينــا مــن الســاء‪ ،‬برأيــك كيــف منــا هــذا إىل نفــس هــذه املناطــق مجــددا ً‪.‬‬ ‫الجســم؟ وكيــف نســتطيع إيقــاف متــدده‪ * ،‬الســؤال الرابــع‪ :‬مــا هــو موقــف االئتالف‬ ‫الوطنــي مــن التحالــف الــدويل الــذي تقــوده‬ ‫ومــن ثــم القضــاء عليــه؟‬ ‫أمريــكا ملحاربــة «داعش»؟‬

‫* «يتوجــب عــى االئتــاف الوطنــي لقــوى‬ ‫الثــورة واملعارضــة الســورية قيــادة برنامــج‬ ‫وطنــي شــامل مــع كل األح ـزاب والتيــارات‬ ‫السياســية الســورية التــي تتوافــق مــع‬ ‫أهــداف الثــورة‪ ،‬وتفعيــل النقابــات املهنيــة‬ ‫الحــرة»‪.‬‬ ‫الســؤال األول‪ :‬عــن أيــة أح ـزاب وتيــارات‬ ‫سياســية نتحــدث يف ظــل تحــول االئتــاف‬ ‫نفســه إىل كتــل وتجمعــات مرهونــة للخارج‪،‬‬ ‫وتحــول األحــزاب والنقابــات إىل دكاكــن‬ ‫تتحــن الفــرص لــي تنضــوي تحــت مظلــة‬ ‫ّ‬ ‫الكتــل األساســية يف االئتــاف؟‬

‫تواف��ق أحزاب وكتل املعارضة‬ ‫السوريــ��ة لتحــ��قيق إنتقــ��ال‬ ‫سياس��ي س��لمي للس��لطة‪..‬‬ ‫** نتحــدث عــن كل األحــزاب والتيــارات‬ ‫السياســية املعارضــة داخــل ســوريا وخارجهــا‬ ‫والتــي تتوافــق عــى أهــداف الثــورة‪ ،‬ورضورة‬ ‫تحقيــق االنتقــال الســيايس‪ ،‬ولكــن قــد تختلــف‬ ‫بالــرؤى حــول طريقــة تحقيقــه‪ .‬أمــا بالنســبة‬ ‫ملــا تقولــه عــن االئتــاف‪ ،‬فأنــت تعلــم أنَّــه‬ ‫ليــس حزب ـاً سياســياً وإمنــا ائتــاف بــن عــدة‬ ‫أحـزاب وتيــارات وشــخصيات معارضة سياســية‬ ‫وممثلــن عــن املجالــس املحليــة وممثلــن عــن‬ ‫الح ـراك الثــوري وممثلــن عــن الجيــش الحــر‬ ‫واألركان‪ ،‬وال أعتقــد أن أيــاً منهــم مرتهــن‬ ‫ألي دولــة بالخــارج‪ ،‬لكــن البعــض منهــم قــد‬ ‫تتوافــق رؤاه للمرحلــة مــع رؤيــة دولــة مــا‬ ‫أو اتجــاه مــا وهــذا طبيعــي‪ ،‬املهــم أن يكــون‬ ‫دامئ ـاً حريص ـاً عــى بنــاء هــذه العالقــة وفــق‬ ‫مــا يتقاطــع منهــا مــع مصالحنــا الوطنيــة‪ .‬أمــا‬ ‫بخصــوص النقابــات فهــي غــر ممثلــة ضمــن‬ ‫االئتــاف لكــن نحــن يف االئتالف ندعم تأســيس‬ ‫هــذه النقابــات لتكــون مهنيــة ومســتقلة‪،‬‬ ‫وهــذا الدعــم غــر مربــوط أو مرتهــن مبواقــف‬ ‫سياســية وال نطالبهــا بــأن تكــون مؤيــدة‬ ‫لالئتــاف باملطلــق‪ ،‬لكــن نريدهــا أن تكــون‬ ‫رقيبـاً عــى االئتــاف وحريصــة عــى مســرته يف‬ ‫االتجــاه الصحيــح‪.‬‬

‫* أمــام تغــول النظــام األســدي يف قتــل‬ ‫الســوريني يف كل مــكان‪ ،‬ودخولــه عــى خــط‬ ‫دول التحالــف‪ ،‬وإن كان يف الباطــن‪ ،‬يف‬ ‫محاربــة اإلرهــاب‪ ،‬ودخــول حليفتــه إي ـران‬ ‫تاليــاً عــى الخــط نفســه‪ ،‬ورضبهــا ملواقــع‬ ‫«داعــش» يف العــراق‪.‬‬ ‫الســؤال الثانــي‪ :‬مــن مينــع أهلنــا يف‬ ‫الداخــل مــن االنضــام إىل «داعــش» كــرد‬ ‫فعــل عــى االصطفــاف الطائفــي‪ ،‬وغيــاب‬ ‫دور املعارضــة السياســية الفاعلــة‪ ،‬وتهالــك‬ ‫فصائــل الجيــش الحــر‪ ،‬أال تشــكل كل هــذه‬ ‫املعطيــات املــاذ األخــر اآلمــن لهــم؟ أو إن‬ ‫شــئت أن نســميها «الهــروب إىل العقيــدة‬ ‫النقيــة» ونقصــد بذلــك (الديــن الصحيــح‬ ‫مــن وجهــة نظرهــم)؟‬

‫النظ��ام الس��وري‪ ...‬املس��بب‬ ‫الرئيس��ي لإلره��اب وراعي��ه‬ ‫** ال ميكــن للتحالــف أن ينجــح عندمــا‬ ‫يتعاطــى مــع أعــراض املــرض وهــو اإلرهــاب‬ ‫املتمثــل بداعــش‪ ،‬ويهمــل املســبب الرئيــس‬ ‫لــه وهــو نظــام األســد‪ .‬هــذه الثغــرة أدت‬ ‫الســتغالل النظــام لهــذا الوضــع‪ ،‬وســمح لــه أن‬ ‫يتــرف بطريقــة توحــي بوجــود تنســيق فيــا‬ ‫بينــه وبــن التحالــف مــا أفقــد التحالــف‬ ‫التأييــد الشــعبي لــه‪ ،‬وأتــاح لداعــش القــدرة‬ ‫لتزيــد عــدد املنتســبني واملتطوعــن ضمــن‬ ‫صفوفهــا‪.‬‬ ‫هنــاك عــدة عوامــل النضــام الشــباب لداعش‪،‬‬ ‫ولعـ ّـل أهمهــا عــدم محاربــة التحالــف الــدويل‬ ‫لســبب انتشــار اإلرهــاب وهــو نظــام األســد‪,‬‬ ‫وعــدم تأمــن متطلبــات مقاتــي الجيــش الحــر‬ ‫بالحــد األدىن مــن طعــام ورشاب ولبــاس مــن‬ ‫قبــل الــدول الداعمــة‪ ،‬مــا تســبب يف تهالــك‬ ‫بعــض فصائــل الجيــش الحــر وانضــام قلّــة‬ ‫منهــا لداعــش‪ ,‬ولعــل الســبب األهــم حجــم‬ ‫الدعــم الــذي يصــل بالحــدود الدنيــا‪ ،‬وطريقــة‬ ‫توزيعــه التــي تســبب‪ ،‬بشــكل ال يقبــل الشــك‪،‬‬ ‫عــدم التنســيق والتكامــل بــن املســارين‬

‫داع��ش تتب��ع نه��ج إحت�لال‬ ‫ضرب��ات التحال��ف اجلوي��ة‪..‬‬ ‫تس��د‪!..‬‬ ‫احمل��رر وسياس��ة ف�� ّرق ُ‬ ‫ال حتق��ق نص��راً عل��ى داع��ش‬

‫** أنــت محــق هــذا التنظيــم نشــأ يف‬ ‫العــراق أثنــاء فــرة االحتــال األمريــي لــه‪،‬‬ ‫أسســته مجموعــات مــن الشــباب العــرب‬ ‫واألجانــب‪ ،‬الذيــن ســهل لهــم النظــام العبــور‬ ‫عــر حــدود ســوريا إىل العــراق‪ .‬ولكــن هــذا‬ ‫التنظيــم مل يســتطع الســيطرة عــى أي مدينــة‬ ‫يف العــراق‪ .‬النظــام ســهل انتقالــه إىل ســوريا‪،‬‬ ‫كــا أنــه مل يحاربــه بــأي شــكل جــدي يف‬ ‫أي موقــع‪ ،‬وتــرك لــه الســيطرة عــى املواقــع‬ ‫الرثيــة بالــروات الطبيعيــة‪ ،‬ومــن البدايــات‬ ‫كانــت «داعــش» تتبــع سياســة احتــال املحــرر‬ ‫وفــرق تســد‪ ،‬مــا ســمح لهــا بقضــم كتائــب‬ ‫الجيــش الحــر فـرادى‪ ،‬نحــن أعلنــا موقفنــا مــن‬ ‫هــذا الخطــر منــذ شــهر أيلــول ‪ 2013‬وأنذرنــا‬ ‫كل العــامل منــه‪ ،‬ولكــن لألســف كان املجتمــع‬ ‫الــدويل حينهــا يلتــزم بالصمــت‪.‬‬ ‫يف بدايــة هــذا العــام قــرر الجيــش الحــر‬ ‫خــوض حربــه ضــد هــذا التنظيــم كونــه‬ ‫بــات يشــكل خطــرا ً عليــه وعــى املصلحــة‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬وخــاض منــذ ذلــك الوقــت حربــه‬ ‫عــى اإلرهــاب‪ ،‬وبنفــس الوقــت حربــه ضــد‬ ‫نظــام الطغيــان‪ ،‬وكان وحيــدا ً دون أي دعــم‬ ‫دويل‪ ،‬ومل تقــم الــدول الداعمــة حتــى برفــع‬ ‫مســتويات الدعــم‪ ،‬ومنعــت األســلحة النوعيــة‬ ‫عــن مقاتــي الجيــش الحــر‪ .‬مــا أدى لتقلــص‬ ‫مســاحة األرايض التــي يســيطر عليهــا الجيــش‬ ‫الحــر وانهاكــه لصالــح انتشــار «داعــش»‪.‬‬ ‫ال ميكــن التخلــص مــن «داعــش» والتطــرف إال‬ ‫عــر اســتخدام اس ـراتيجية مــن ثالثــة عنــارص‬ ‫يتــم العمــل عليهــا بالتــوازي وهــي‪ ،‬محاربــة‬ ‫«داعــش» عســكرياً ودحرهــا مــن املناطــق‬ ‫التــي تســيطر عليهــا‪ ،‬وهــذا ال ميكــن تحقيقــه‬ ‫بالرضبــات الجويــة فقــط وإمنــا بالتنســيق‬ ‫الكامــل بــن الرضبــات الجوية وكتائــب الجيش‬ ‫الحــر عــى األرض‪ ,‬كــا البــد مــن محاربــة‬ ‫املســبب الرئيــس لإلرهــاب وهــو نظــام األســد‪,‬‬ ‫والبــد مــن رفــع إمكانيــات الحكومــة الســورية‬ ‫املؤقتــة لــي تبســط ســلطتها عــى املناطــق‬ ‫التــي تندحــر منهــا «داعــش»‪ ،‬وتعيــد تشــغيل‬

‫** إن مل يقــم هــذا التحالــف باتبــاع‬ ‫االسـراتيجية التــي ذكرتهــا لــك يف اإلجابــة عــى‬ ‫الســؤال الســابق فهــو لــن ينجــح بتحقيــق‬ ‫أهدافــه‪ ،‬ال بــل ســيؤدي إىل تفاقــم مشــكلة‬ ‫اإلرهــاب وانتشــارها يف املنطقــة والعــامل‪.‬‬ ‫* تقــي خطــة املبعــوث األممــي إىل‬ ‫ســوريا «ســتيفان دميســتورا» بتجميــد القتــال‬ ‫يف مناطــق محــددة مــن ســورية‪ ،‬حلــب‬ ‫أمنوذجــاً‪ ،‬واالنتقــال إىل املصالحــة‪ ،‬والتــي‬ ‫رأى النظــام يف هــذا الطــرح مخرجـاً لــه مــن‬ ‫عنــق الزجاجــة‪.‬‬ ‫الســؤال الخامــس‪ :‬أال تــرى بــأن خطــة‬ ‫دميســتورا تتوافــق مــع خطــة النظــام يف‬ ‫املصالحــة التــي أجراهــا يف مناطــق دمشــق‬ ‫ومحيطهــا‪ ،‬وحمــص؟ ومــا هــو موقــف‬ ‫االئتــاف مــن خطــة املبعــوث األممــي يف‬ ‫ظــل تقــ ّول البعــض عــن رغبــة النظــام يف‬ ‫إيقــاف القتــال يف مناطــق حلــب‪ ،‬وحشــد‬ ‫قواتــه يف مناطــق أخــرى‪ ،‬وهــي كافيــة‬ ‫برأيهــم لزيــادة رجحــان كفــة النظــام عــى‬ ‫املعارضــة الســورية املســلحة التــي تتســم‬ ‫باعتدالهــا؟‬

‫املبعوث األممي «دميستورا»‬ ‫لي��س لدي��ه خط��ة متكامل��ة‪،‬‬ ‫وه��ي جم��رد أف��كار م��ن أج��ل‬ ‫خط��ة ممكن��ة التحق��ق‪...‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫قراءة في كتاب‪..‬‬ ‫«رقعة الشطرنج الكبرى» لزبيغنيو بريجنسكي‬

‫حــاوره‪ :‬يوســف دعيس ‪ -‬خلــف الجربوع‬

‫ه��ل ميك��ن أن يك��ون مفت��اح احل��ل لألزم��ة الس��ورية بي��د االئت�لاف الوط�ني لق��وى الث��ورة واملعارض��ة الس��ورية؟ وه��ل ه��و‬ ‫الالع��ب األه��م واملؤث��ر يف اللعب��ة اإلقليمي��ة والدولي��ة؟‬ ‫أم��ام املعطي��ات األخ�يرة للقضي��ة الس��ورية وال�تي تتفاق��م يوم��اً إث��ر ي��وم‪ ،‬يف ظ��ل دخ��ول أص��وات جدي��دة عل��ى خ��ط إجي��اد‬ ‫احللول السياسية املمكنة‪ ،‬أو الرامسة خلرائط طريق جديدة للحل املستقبلي هلذه القضية املستعصية‪ ،‬يقف االئتالف‬ ‫موقف��اً جدي��داً م��ن خ�لال اتصال��ه املباش��ر م��ع أط��راف معارضة أخرى عّله يل��ج باب املفاوضات بقوة تس��تند على أس متني‬ ‫أركان��ه كل أطي��اف املعارضة‪.‬‬ ‫يف لقائن��ا م��ع الس��يد ه��ادي البح��رة‪ ،‬رئي��س االئت�لاف الوط�ني‪ ،‬حاولن��ا تس��ليط الض��وء عل��ى جوان��ب هام��ة خت��ص القضية‬ ‫الس��ورية‪ ،‬ع�بر طرحن��ا ألكث��ر م��ن مخس��ة عش��ر س��ؤا ً‬ ‫ال‪ ،‬لكن��ه أج��اب ع��ن مخس��ة منه��ا‪ .‬وحن��ن يف احلرم��ل نق��در «انش��غال‬ ‫البحرة» باهلم الس��وري‪ ،‬ونس��جل إعجابنا الش��ديد يف جتاوبه معنا‪ ،‬مع اإلش��ارة إىل أنه أبدى اس��تعداداً لإلجابة على بقية‬ ‫األس��ئلة يف أع��داد قادم��ة م��ن صحيفتنا‪.‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫** ال ميكــن الحكــم عــى مبــادرة دميســتورا‬ ‫اآلن فهــو مل يقدمهــا بشــكل مكتــوب ورســمي‬ ‫بعــد‪ ،‬علينــا الــروي‪ ،‬وبعــد أن يقدمهــا‬ ‫لنــا سندرســها بالكامــل‪ ،‬ونســلمه رســمياً‬ ‫مالحظاتنــا عليهــا واالقرتاحــات‪ .‬لقــد تباحثنــا‬ ‫معــه يف رؤيتــه غــر املكتملــة ورشحنــا مخاوفنــا‬ ‫ورؤيتنــا الواجــب توافرهــا يف خطتــه يك ال‬ ‫تســتخدم مــن قبــل النظــام لصالحــه ولصالــح‬ ‫اســتمرار إجرامــه‪ .‬مــن هذه املالحظــات رضورة‬ ‫أن تكــون جــزءا ً مــن رؤيــة متكاملــة لحــل‬ ‫ســيايس شــامل وفــق بيــان جنيــف‪ ،‬ورضورة‬ ‫وجــود ضامنــات وعواقــب ونظــام مراقبــة‪،‬‬ ‫بحيــث ال تســمح للنظــام مــن نقــل قواتــه مــن‬ ‫منطقــة واســتخدامها يف منطقــة أخــرى لريتفــع‬ ‫مســتوى العنــف فيهــا‪ ،‬وبالتــايل ســتنتقل البــؤر‬ ‫امللتهبــة مــن منطقــة إىل منطقــة أخــرى‪ .‬ولعـ ّـل‬ ‫العواقــب مــن أهــم البنــود الواجــب توافرهــا‬ ‫يف خطتــه‪ ،‬فــأي اتفــاق دون عواقــب تطبــق‬ ‫عــى مــن يخالفــه يكــون اتفاق ـاً عــى الــورق‬ ‫لــن يلتــزم بــه النظــام‪ .‬هنــاك فــارق كبــر‬ ‫بــن نوعيــة هــذه الخطــة واالتفاقيــات التــي‬ ‫متــت يف حمــص وكان بهــا رشوط انســحاب‬ ‫لكتائــب الجيــش الحــر ونــزع أســلحة ثقيلــة‪،‬‬ ‫كانــت اتفاقيــات «التجويــع أو االستســام»‪.‬‬ ‫بينــا هــذه الخطــة تقــي ببقــاء كتائــب‬ ‫الجيــش الحــر يف أماكنهــا وعــدم نــزع ســاحها‬ ‫والســاح بدخــول املســاعدات اإلغاثيــة لهــذه‬ ‫املناطــق وعــودة النــاس ألعاملهــا‪ .‬عــى كلٍ‬ ‫علينــا االنتظــار لحــن تقديــم الخطــة لنــا‬ ‫بشــكل كتــايب ومفصــل‪.‬‬

‫صــدر الكتــاب العــام ‪ 1997‬أي يف الفــرة التــي‬ ‫اتهمــت فيهــا الواليــات املتحــدة بعــدم امتالكهــا‬ ‫لرؤيــة اسـراتيجية واضحــة‪ .‬وبــأن السياســة األمريكية‬ ‫تتعامــل مــع األحــداث العامليــة بصــورة تكتيكيــة‪.‬‬ ‫تكتســب كتابــات بريجنســي مصداقيتهــا مــن كتــاب‬ ‫ســابق لــه صــدر يف العــام ‪ 1986‬يــرى فيــه أهميــة‬ ‫اسـراتيجية للحـزام األورايس مــن أجــل احتواء روســيا‬ ‫والصــن‪ .‬وهــا هــو يعيــد التأكيــد عــى أهميــة هــذا‬ ‫الحـزام بعــد ســقوط االتحــاد الســوفيايت‪.‬‬ ‫إنــه يعــرض وجهــة نظــر مخالفــة لــآراء الســائدة‬ ‫لــدى الجمهــور (امليديــا) كمثــل نهايــة التاريــخ‬ ‫وصــدام الحضــارات وترشــيحات أوروبــا للعــب دور‬ ‫البديــل‪.‬‬ ‫محتويات الكتاب ومحاوره وأفكاره الرئيسة‪:‬‬ ‫أ‪ -‬انتخاب عدو ألمريكا بطريقة الصواب والخطأ‪.‬‬ ‫وطريقــة الصــواب والخطــأ تقتــي تجربــة مختلــف‬ ‫االحتــاالت لغايــة مصادفــة االحتــال الصحيــح‪.‬‬ ‫ويبــدو املؤلــف وكأنــه يســتبعد كافــة االحتــاالت‬ ‫املطروحــة دون أن يجــد االحتــال الصحيــح‪ .‬وإن‬ ‫كان يؤكــد رضورة وجــوده‪.‬‬ ‫فاالتحــاد األورويب بعيــد جــدا ً عــن إرســاء قواعــد‬ ‫االئتــاف الصحيحــة بــن أعضائــه‪ .‬حتــى أن قــراء‬ ‫فرضيــة جــاك آتــايل (مســتقبيل فرنــي)‪ ،‬حــول قيــام‬ ‫االتحــاد األورويب كقطــب بديــل‪ ،‬يجــدون يف آراء‬ ‫بريجنســي وتحليالتــه ازدرا ًء ليــس بـ»آتــايل» وحــده‬ ‫وإمنــا بــكل مــن قبــل هــذه الفرضيــة‪ .‬ولــو نحــن‬ ‫راجعنــا ســلوك دول االتحــاد األورويب أثنــاء حــرب‬ ‫كوســوفو وموافقتهــا عــى تعديــات حلــف الناتــو‬ ‫لوجدنــا أن املؤلــف كان مــدركاً لهــذه النتيجــة‬ ‫قبــل ســنتني مــن وقوعهــا‪ .‬بــل أكــر مــن ذلــك فــإن‬ ‫برجينســي يــرى يف تعزيــز الســيطرة األمريكيــة عــى‬ ‫حلــف الناتــو جــرا ً للعبــور إىل القوقــاز‪ .‬كونــه‬ ‫يرفــض رفضـاً قاطعـاً فرضيــة قــدرة دول الناتــو عــى‬ ‫تصديــر الليبرياليــة إىل مــا وراء بحــر قزويــن والحـزام‬ ‫األورايس‪.‬‬ ‫ثــم ينتقــل املؤلــف لبحــث احتــال لعــب اليابــان‬ ‫لــدور القطــب البديــل‪ .‬فيســتبعدها أيضــاً لجملــة‬ ‫أســباب منهــا‪ :‬خالفاتهــا مــع محيطهــا وحاجتهــا‬ ‫امللحــة لآلخريــن عــدا عــن مشــاكلها األخالقيــة‬ ‫واالجتامعيــة واالقتصاديــة وانتهــا ًء مبجاورتهــا للصــن‪.‬‬ ‫والصــن بدورهــا مســتبعدة مــن قبــل املؤلــف (أقلــه‬ ‫عــى املــدى املنظــور كــا يقــول)‪ ،‬وذلــك ألســباب‬ ‫متداخلــة أهمهــا تناقضاتهــا بــن نظــام متشــدد‬ ‫وانفتــاح اقتصــادي مقنــن وبــن الفــوارق بــن‬ ‫ســكانها عــى صعيــد املســتوى املعيــي والرفاهيــة‬ ‫ومنــط الحيــاة اليوميــة‪ .‬وأيض ـاً التناقضــات الدينيــة‬ ‫والفكريــة بــن ســكانها‪ .‬مــع إيــاء املؤلــف األهميــة‬ ‫األكــر العتقــاده بعجــز الصــن عــن االحتفــاظ‬ ‫مبعــدل التنميــة الراهــن والــذي يعتــر رشطــاً‬ ‫ملزمــاً إلمكانيــات تطورهــا وفــق التزامهــا بخطــة‬ ‫إنفــاق عســكري ضمــن الحــدود الراهنــة (ســوف‬ ‫تضطــر لزيــادة اإلنفــاق العســكري لــو أنهــا ســعت‬ ‫للعــب دور القطــب البديــل)‪ .‬ويصــل إىل تشــبيه‬ ‫األوضــاع االقتصاديــة الراهنــة للصــن مبثيالتهــا يف‬ ‫االتحــاد الســوفيايت املؤديــة النهيــاره‪ .‬بهــذا يتطــرف‬ ‫برجينســي يف اســتبعاده للصــن وصــوالً إليحائــه‬ ‫بقــرب انهيارهــا وفــق النمــوذج الــكاريث الســوفيايت‪.‬‬ ‫ويصــل الكاتــب إىل أندونيســيا الغارقــة يف فقرهــا ويف‬ ‫تعدديــة أعراقهــا مبــا يكفــي الســتبعادها أيضــاً‪.‬‬ ‫أمــا الهنــد فهــي تــداري فقرهــا وزيادتهــا الســكانية‬ ‫مبلكيتهــا للســاح النــووي‪ .‬الــذي يؤهلهــا ملجابهــة‬ ‫الصــن (أي أنهــا يف حالــة احتــواء مــزدوج‪ -‬بحســب‬ ‫القامــوس الســيايس األمــريك وإن تجنــب املؤلــف‬ ‫اســتخدام هــذا املصطلــح)‪ .‬ومــع ذلــك فهــو يــرى أن‬ ‫مــن مصلحــة الهنــد أن تبقــي عــى عالقاتهــا الجيــدة‬ ‫مــع الواليــات املتحــدة‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬الحزام األورايس‪:‬‬ ‫بعــد هــذه االســتبعادات املتتاليــة يصــل املؤلــف‬ ‫بقارئــه إىل نتيجــة قوامهــا الضعــف اآلســيوي‬ ‫الشــامل‪ .‬وهــو إذ يســتعري كنايــة «رقعــة الشــطرنج‬ ‫الكــرى» للقــارة اآلســيوية فهــو يجــد أنهــا مليئــة‬ ‫بالبيــادق مــا يجعلهــا قابلــة لالنفجــار عــى دفعــات‬

‫متتاليــة‪ .‬وهــو يســتعري لهــذه التفج ـرات مصطلــح‬ ‫«البلقنــة»‪ .‬مؤكــدا ً أن تناقضــات الــدول الـــ‪ ،35‬التــي‬ ‫تؤلــف الحــزام األورايس‪ ،‬كفيلــة بتفجــر ســرورة‬ ‫بلقنــة أكــر حــدة مــن البلقنــة األساســية‪.‬‬ ‫ومبعنــى آخــر فإنــه يكشــف عــن منطقــة متفجــرة‬ ‫تضــم ‪ 400‬مليــون إنســان مهدديــن بالوقــوع ضحايــا‬ ‫الحــروب والرصاعــات (تقتــي التدخــل اإلنســاين‬ ‫األمــريك إلنقاذهــم‪ .‬إنهــا كوســوفات جديــدة تحتــاج‬ ‫لــدورات تربويــة باألســلحة األمريكيــة املتطــورة ‪-‬مل‬ ‫يقــل املؤلــف ذلــك إال أنــه التفســر الوحيــد لطرحــه‪-‬‬ ‫وعــى غـرار كوســوفو فــإن التدخــل اإلنســاين يحتــاج‬ ‫إىل طلبــات رســمية للتدخــل عــى أن تــأيت مــن دول‬ ‫املنطقــة األقــوى! مبــا يعــادل تــورط هــذه الــدول‬ ‫وخضوعهــا لــروط الحلــول اإلنســانية األمريكيــة)‪.‬‬ ‫هــذا ويهتــم املؤلــف بتحديــد املنطقــة األوراســية‬ ‫األهــم اس ـراتيجياً (الحتوائهــا عــى ثــروات نفطيــة‬ ‫وذهــب) فيجدهــا تضــم الــدول التاليــة‪ :‬تركيــا‬ ‫وإيــران وكازاخســتان وقرغيســتان وطاجكســتان‬ ‫وأوزبكســتان وأذربيجــان وأرمينيــا‪( .‬بالتــايل فــإن‬ ‫الرصاعــات التــي تفتــح أبــواب التدخــل األمريــي‬ ‫يجــب أن تكــون يف بعــض هــذه البلــدان)‪.‬‬ ‫خالصــة القــول إن املؤلــف يركــز عــى الفــراغ‬ ‫االســراتيجي الهائــل يف هــذه املنطقــة مــن رقعــة‬ ‫الشــطرنج الكــرى‪ .‬وهــي منطقــة ثــروات ضخمــة‬ ‫ال يجــوز إهاملهــا‪ .‬وإن كانــت مــن أعــال االتحــاد‬ ‫الســوفيايت الزائــل ووريثــه االتحــاد الــرويس‬ ‫املتعــر‪ .‬حيــث متيــل روســيا تاريخي ـاً نحــو االتجــاه‬ ‫االمرباطــوري‪ .‬مــا يجعــل آمــال الدميوقراطيــة‪،‬‬ ‫خصوصــاً باملفهــوم األمريــي‪ ،‬مســتبعدة‪ .‬وبالتــايل‬ ‫فــإن عــى الواليــات املتحــدة أن تتــرف‪.‬‬ ‫أهميــة هــذا الــكالم أنــه يــأيت يف إطــار منحــى فكري‪-‬‬ ‫اسـراتيجي يشــكل تيــارا ً خاصـاً بــه‪ .‬كام أنه يــأيت قبل‬ ‫حــرب كوســوفو‪ .‬التــي نــرى فيهــا اليــوم اختبــارات‬ ‫متداخلــة‪ .‬واحــد للقــدرة الروســية (أصيبــت بالشــلل‬ ‫ومل تتدخــل بالرغــم مــن الضغــط الشــعبي الــرويس‪.‬‬ ‫وذلــك مقابــل اإلفـراج عــن قــرض لروســيا مــن البنــك‬ ‫الــدويل مقــداره ‪ 50‬مليــار دوالر فقــط‪ -‬أي مــا يعادل‬ ‫‪ %25‬مــن التوظيفــات األمريكيــة يف القوقــاز)‪ .‬كــا‬ ‫تضمنــت حــرب كوســوفو اختبــارات لرتكيــا (امتنــان‬ ‫للتدخــل األمريــي) والصــن (التــي أظهــرت ردة‬ ‫فعــل عنيفــة عــى قصــف ســفارتها يف بلغـراد‪ -‬لكنهــا‬ ‫قابلــة لالســتيعاب واالحتــواء)‪ .‬باإلضافــة إىل دول‬ ‫العــامل اإلســامي (إصــاح طــرح صــدام الحضــارات)‬ ‫واالتحــاد االورويب (أمكــن دفعــه للرتاجــع عــن‬ ‫بعــض مــواد ميثاقــه لصالــح تعديــات االطلــي‬ ‫االس ـراتيجية‪ .‬وهــو تعديــل بالــغ الــرر مبســتقبل‬ ‫اليــورو) وأخ ـرا ً إي ـران (التــي بــن اختبــار كوســوفو‬ ‫إمكانيــة البــدء مبحــاوالت احتوائهــا ووضعهــا خــارج‬ ‫دائــرة التجاذبــات)‪ .‬وهــذه النتائــج مجتمعــة تصــب‬ ‫يف تصــورات بريجنســي االســراتيجية‪ .‬فهــل يصــح‬ ‫بعــد ذلــك أن ننفــي وجــود اســراتيجية أمريكيــة‬ ‫واضحــة ومحــددة؟‪ .‬وهــل يجــوز الفصــل بــن‬ ‫حــرب كوســوفو وحــرب تيمــور والحــروب األوراســية‬ ‫القادمــة؟‪ .‬وهــل لنــا أن نراجــع بحث ـاً عــن الطــرف‬ ‫املســتفيد مــن انــدالع هــذه الحــروب؟‪.‬‬ ‫ج‪ -‬الرصاع بني مدرستني‪:‬‬ ‫منــذ أواســط الثامنينيــات توزعــت وجهــات النظــر‬ ‫االسـراتيجية يف أمريــكا عــى تياريــن رئيســيني هــا‪:‬‬ ‫‪ .1‬التيــار االنعــزايل‪ :‬ويدعــو إىل العزلــة األمريكيــة‬ ‫إلج ـراء ثالثــة اصالحــات أساســية يف النظــام وهــي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬تراجــع الحصــة األمريكيــة مــن الناتــج االقتصــادي‬ ‫العاملــي‪ .‬وتنامــي حصــص اليابــان وأوروبــا الغربيــة‬ ‫والــدول الصناعيــة الحديثــة مــن هــذا الناتــج‪ .‬ب‪-‬‬ ‫تراجــع النفــوذ الســيايس األمريــي كنتيجــة لرتاجــع‬ ‫النفــوذ االقتصــادي‪ .‬ج‪ -‬عــدم جــواز االســتمرار يف‬ ‫اإلنفــاق العســكري ألن اقــران هــذا اإلنفــاق مــع‬ ‫الرتاجــع االقتصــادي إمنــا يعنــي بدايــة النهايــة‬ ‫للواليــات املتحــدة‪.‬‬ ‫‪ .2‬التيــار الــدويل‪ :‬القائــل بــأن الحفــاظ عــى الــدور‬ ‫األمريــي القيــادي للعــامل الحــر يقتــي تقديــم هــذه‬ ‫التضحيــات االقتصاديــة‪ .‬رشط قدرتهــا عــى التجــدد‬ ‫والتطــور مبــا يحفــظ لهــا القيــادة والنجــاح يف‬ ‫اختباراتهــا‪ .‬فــإذا مــا حصــل ذلــك فــإن هــذه الســلطة‬

‫‪9‬‬

‫استراتيجيات وبيادق‬

‫تعــوض االقتصــاد‪.‬‬ ‫وكســب التيــار الــدويل معركتــه تدريجي ـاً‪ .‬إذ انهــار‬ ‫االتحــاد الســوفيايت وبــرزت الواليــات املتحــدة‬ ‫كقطــب عاملــي أوحــد ثبــت نجاحــه يف اختبــار‬ ‫القــوة‪ .‬ثــم فــاز هــذا التيــار بالرضبــة القاضيــة العــام‬ ‫‪ 1998‬عندمــا بــدأ االقتصــاد األمريــي بتحقيــق‬ ‫الفوائــض للمــرة األوىل منــذ العــام ‪ .1956‬وهــا هــو‬ ‫مــروع بريجنســي لبلقنــة الحــزام األورايس يعــد‬ ‫االقتصــاد األمريــي بأربــاح خياليــة وبحصــة غــر‬ ‫مســبوقة للواليــات املتحــدة يف الناتــج االقتصــادي‬ ‫العاملــي‪.‬‬ ‫لكــن هــذا كلــه ال يعنــي البتــة إهــال التيــار‬ ‫االنعــزايل والتنكــر لــه‪ .‬فقــد أثبــت هــذا التيــار‬ ‫صدقيتــه عندمــا عجــزت الواليــات املتحــدة عــن‬ ‫املوافقــة عــى اإلنـزال الــري يف كوســوفو‪ .‬وهــو عجز‬ ‫احرجهــا كونــه يعكــس انعزاليــة املواطــن األمريــي‬ ‫املقرتنــة مــع رغبتــه امللحــة يف الرخــاء‪ .‬وعــى هــذا‬ ‫األســاس رأينــا الواليــات املتحــدة تتجنــب التدخــل‬ ‫يف مســألة تيمــور الرشقيــة تاركــة قيــادة القــوات‬ ‫فيهــا ألوســراليا‪ .‬كــا وجدناهــا غائبــة متامــاً عــن‬ ‫الـراع يف الشيشــان (انســحبت منــه بعدمــا تبــن أن‬ ‫مخزونــه النفطــي أقــل كثــرا ً مــن املتوقــع)‪.‬‬ ‫ولعــل املراوحــة بــن هذيــن التياريــن تفــر‬ ‫لنــا تأرجــح طروحــات املؤلــف وتفاوتهــا بــن‬ ‫االســتخفاف الظاهــري باألعــداء املقرتحــن وبــن‬ ‫التحذيــر الضمنــي مــن خطرهــم واحتــاالت‬ ‫مصادمتهــم للواليــات املتحــدة‪ .‬ولقــد تجلــت هــذه‬ ‫املراوحــة أكــر مــا تجلــت يف تحليــل املؤلــف ملوقــف‬ ‫روســيا ومســتقبلها حيــث تســاءل رصاحــة هــل هــي‬ ‫صديقــة أم عــدوة؟ وهــل ينبغــي علينــا مســاعدتها‬ ‫وإىل أيــة حــدود؟‪.‬‬ ‫د‪ -‬ما مل يقله بريجنسيك‪:‬‬ ‫هــل يقــدم مؤلــف مثــل بريجنســي عــى تقديــم‬ ‫عــرض كامــل لرؤيتــه االس ـراتيجية يف كتــاب موجــه‬ ‫للجمهــور؟‪ .‬وإن هــو رغــب يف ذلــك فهــل هــو‬ ‫يســتطيع تجــاوز الخطــوط الحمــراء املوضوعــة‬ ‫لــه ولغــره مــن مالــي املعلومــات غــر الشــعبية؟‪.‬‬ ‫والجــواب هــو ال بالطبــع‪ .‬فاملحظــورات باتــت شــبه‬ ‫محــددة وإن اختلفــت باختــاف املواضيــع‪ .‬لذلــك‬ ‫وانطالق ـاً مــن املســائل املطروحــة يف الكتــاب نجــد‬ ‫أنــه مــن حقنــا كقــراء أن نطــرح جملــة اســئلة‬ ‫تتداعــى إىل الذهــن يف ســياق متابعتنــا لتحليــات‬ ‫بريجنســي ولعــل أهمهــا التاليــة‪:‬‬ ‫‪ .1‬تشــكل أوسـراليا استنســاخاً عــى طريقــة النعجــة‬ ‫دولــي للواليــات املتحــدة‪ .‬وذلــك بســبب تشــابه‬ ‫ظــروف النشــأة واملوزاييــك الســكاين واملنطلقــات‬ ‫السياســية‪ .‬وهــذا مــا جعــل األمريكيــن (ويف مقدمتهم‬ ‫نيكســون يف مذكراتــه) يــرون أوسـراليا نســخة عنهــم‬ ‫باقيــة بعــد زوالهــم‪ .‬ومرشــحة لخالفتهــم‪ .‬وتأكــد‬ ‫ذلــك يف العــام ‪ 1999‬عندمــا دعيــت أوســراليا‬ ‫لالنضــام إىل حلــف االطلــي‪ .‬وعندمــا عهــد إليهــا‬ ‫بقيــادة القــوات الدوليــة يف تيمــور الرشقيــة والبقيــة‬ ‫تــأيت‪ .‬وهنــا يطــرح الســؤال‪ :‬ملــاذا تجاهــل املؤلــف‬ ‫أوسـراليا كبديــل للواليــات املتحــدة مــع أنهــا بديــل‬ ‫غــر عــدواين؟‪.‬‬ ‫‪ .2‬املؤلــف بولــوين األصــل وهــو عــى إطــاع‬ ‫معمــق عــى دور الفاتيــكان يف مســاعدة بولنــدا‬ ‫الكاثوليكيــة عــى تحســن مســتوى معيشــتها أثنــاء‬ ‫الحكــم الشــيوعي‪ .‬ومــن ثــم الحقــاً عــى دوره يف‬ ‫إخراجهــا مــن الشــيوعية ومســاعدتها عــى التكامــل‬ ‫يف املجتمــع االورويب الغــريب‪ .‬عــدا التســهيالت التــي‬ ‫أمنتهــا الكنيســة للمهاجريــن البولــون يف أنحــاء‬ ‫العــامل‪ .‬وعليــه فــإن االتحــاد األورويب املتعــر ال‬ ‫يتعــارض مــع وجــود تجمــع كاثوليــي أورويب قابــل‬ ‫للتعــومل وقــادر عــى لعــب دور مؤثــر يف السياســة‬ ‫العامليــة‪ .‬واألمريكيــة الداخليــة أيضــاً فلــاذا هــذا‬ ‫التجاهــل؟‪.‬‬ ‫‪ .3‬إن مــا يخيــف الواليــات املتحــدة مــن الصــن‬ ‫هــو انبعــاث قوميتهــا وليــس نظامهــا االشــرايك‬ ‫الحــايل‪ .‬فلــاذا تجاهــل املؤلــف امكانيــة تحويــل‬ ‫هــذا النظــام يف االتجــاه القومــي؟‪ .‬وهــو تحــول‬ ‫كان نيكســون قــد حــذر منــه يف مذكراتــه معتـرا ً أن‬ ‫املشــاعر القوميــة يف الصــن عميقــة بحيــث متلــك‬

‫الشاوي الضليل‬

‫يف لعبــة الشــطرنج‪ ،‬مــوت ملــك (شــاه) الخصــم‪ ،‬هــدف اس ـراتيجي لــكل العــب وتتنــوع‬ ‫فيهــا التكتيــكات والخطــط‪ ،‬مــع تنــوع الالعبــن‪ ،‬ومســتوى ذكائهــم‪ ،‬وخربتهــم‪.‬‬ ‫أعتقــد أن الســاحة الســورية‪ ،‬ت ُعــد أبــرز ســاحة تجريبيــة لبطولــة شــطرنج فرعيــة‪ ،‬يتحــدد‬ ‫مــن خاللهــا‪ ،‬تســمية الالعبــن والقضــاة الكبــار يف األدوار النهائيــة‪ ،‬وميكــن للمراقــب أن يحــدد‬ ‫مســتويني يف األداء‪.‬‬ ‫المستوى األول‪:‬‬ ‫ويعتمــد أســلوب اللعــب ضــد الســاعة‪ ،‬وذلــك اعتــادا ً عــى العــب ماهــر يواجــه عــددا ً مــن‬ ‫الالعبــن دفعــة واحــدة‪ ،‬مــن أجــل تســجيل نقــاط فــوز تؤهلــه لــأدوار النهائيــة يف بطولــة‬ ‫الشــطرنج الســورية‪ ،‬وهــي البطولــة التــي ســيتحدد مــن خاللهــا أهــم املرشــحني لبطولــة الــدور‬ ‫النهــايئ‪ ،‬وهــذا الشــكل مــن األداء‪ ،‬يعتمــد عــى رسعــة الالعــب يف نقــل األحجــار‪ ،‬وعــى مبــدأ‬ ‫التضحيــة (وتكســر حجــر مقابــل حجــر)‪ ،‬وأن أي تباطــؤ يف األداء‪ ،‬يجعــل الالعــب الخصــم‬ ‫يربــح‪ ،‬إمــا بالزمــن أو بالتفــوق مــن حيــث عــدد القطــع‪ ،‬وهــذا األســلوب يف اللعــب‪ ،‬ال يقتــي‬ ‫مــوت امللــك (الشــاه) بالــرورة‪ ،‬ويف هــذا املســتوى يلعــب الــروس وقــد حققــوا عــدة نقــاط‬ ‫(اتفاقــات اقتصاديــة مــع تركيــا‪ ،‬عالقــات ناميــة مــع الســعودية ومــر)‪ ،‬وهاهــم مبســاعدة‬ ‫هــؤالء الالعبــن‪ ،‬طرحــوا دعــوة لتجميــع العبــن ســوريني مــن الدرجــة األوىل (النظــام)‪ ،‬وآخريــن‬ ‫ال ترتيــب لهــم (هيئــة التنســيق‪ ،‬وعائــدون إىل حضــن الوطــن‪ ،‬وبعــض أعضــاء االئتــاف‪ ..‬الــخ)‬ ‫يف موســكو عــى طاولــة لعــب واحــدة‪ ،‬وهــذا ســيحقق فــوزا ً ســهالً لالعــب األبــرز عــى هــذه‬ ‫الطاولــة‪ ،‬أال وهــو النظــام‪ ،‬وبهــذا الفــوز املــدروس بخــرة ومهــارة الــروس‪ ،‬واســتخدامهم‬ ‫ألســلوب آمــر لبعــض الالعبــن الثانويــن‪ ،‬باالستســام (للنظــام) دون مقاومــة يف اللعــب‪ ،‬وبهــذا‬ ‫ســيحقق الــروس عــدة أهــداف منهــا‪:‬‬ ‫أ‌‪ -‬ضامن ترقية الروس كرشيك ال يستغنى عنه يف تنظيم الدور النهايئ للبطولة السورية‪.‬‬ ‫ب‌‪ -‬املشاركة يف هيئة التحكيم الدويل للبطولة‪.‬‬ ‫ت‌‪ -‬ضامن مشاركة العبه األسايس (النظام) يف الدور النهايئ‪ ،‬وعىل الطاولة رقم واحد‪.‬‬ ‫المستوى الثاني‪:‬‬ ‫يديــر اللعــب فيــه الالعــب األمريــي‪ ،‬ومبســتويات وأســاليب متنوعــة‪ ،‬لنفــي احتــال فــوز‬ ‫أي العــب ســوري أو دويل يف املباريــات التجريبيــة أو التدريبيــة‪ ،‬معتمــدا ً عــى اســراتيجية‬ ‫(بريجنســي املطــورة يف نفــي االحتــاالت مــن أجــل احتــال أمثــل)‪ ،‬لذلــك نجــده يضحــي‬ ‫ويحصــن ملكــه (الشــاه) باألحجــار الثقيلــة‪ ،‬وهــذا‬ ‫بالبيــادق بوصفهــا احتــاالت مهملــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األســلوب يف اللعــب يهمــل الزمــن إىل حــد مــا‪ ،‬ويطيــل زمــن اللعبــة‪ ،‬ويجعــل مــن الطــرف‬ ‫املقابــل هدف ـاً ثابت ـاً‪ ،‬ميكــن التنبــؤ بنقلتــه التاليــة‪ ،‬ويتيــح لألمريــي حســاب الــرد االحتــايل‬ ‫الف ّعــال ملواجهــة نتائــج هــذه النقلــة‪ ،‬وهــذا بــدا واضح ـاً وجلي ـاً يف اللعبــة التجريبيــة التــي‬ ‫يديرهــا (دي ميســتورا) بــإرشاف أمريــي‪ ،‬والتــي ســتبقي عــى املجاميــع الكبــرة (األحجــار‬ ‫الثقيلــة)‪ ،‬وســيضحي ببعــض التشــكيالت الصغــرة (بيــادق مهملــة)‪ ،‬وهــذا األداء التكتيــي‬ ‫يحقــق عــدة أهــداف تســاعد عــى حســم اللعبــة يف دورهــا النهــايئ لصالــح احتــال تــم‬ ‫اإلعــداد لــه جيــدا ً‪ ،‬ومــن هــذه األهــداف‪:‬‬ ‫أ‌‪ -‬ضامن دور الرئاسة يف التنظيم واإلعداد للدور النهايئ من البطولة‪.‬‬ ‫ب‌‪ -‬ضامن دور رئاسة لجنة التحكيم الدولية‪.‬‬ ‫ت‌‪ -‬االنفـراد يف تســمية الطــرف الثــاين يف اللعبــة النهائيــة‪ ،‬الــذي أعتقــد أنــه ســيكون الالعــب‬ ‫(الجوكــر)‪ ،‬كاحتــال غــر قابــل للنفــي‪ ،‬وأن هــذا الالعــب مميــز ويلعــب بخطــط وتكتيــكات‪،‬‬ ‫تجعــل منــه أبــرز مــن لعــب خطــة البيــدق الطمــوح‪ ،‬الــذي يصــل إىل نهايــة الرقعــة ويرتقــى إىل‬ ‫مرتبــة الحجــر الثقيــل‪ ،‬وينهــي اللعبــة مبــوت ملــك الخصــم بأســلوب انتحــاري‪ ،‬وهــذه واحــدة‬ ‫مــن أهــم مواصفــات ثــاين وأخطــر العــب يف ســورية بعــد النظــام أال وهــو املتمثــل بدولــة‬ ‫الخالفــة‪ ،‬والــذي يُعــد ليكــون أهــم العــب يف املنطقــة‪ ،‬وميكــن اعتــاده (االحتــال األمثــل) يف‬ ‫اس ـراتيجية االحتــاالت املطــورة يف لعبــة إعــادة رســم الخرائــط يف الــرق األوســط‪ ،‬بحيــث‬ ‫يكــون النمــوذج يف إعــادة رســم خرائــط جديــدة يف مناطــق أخــرى تعــاين مــن فـراغ اسـراتيجي‪.‬‬ ‫القــدرة عــى تجــاوز كل التناقضــات والخالفــات‪.‬‬ ‫وهــو أعــرب عــن دهشــته مــن االح ـرام الــذي‬ ‫أظهــره مــاو تــي تونــغ تجــاه خصمــه شــان كاي‬ ‫تشــك ( متجنبــاً ذمــه أمــام أمريــي غريــب)‪.‬‬ ‫واليــوم نحــن أقــدر عــى اكتشــاف مــا حــاول‬ ‫املؤلــف اخفــاءه وتجنبــه اظهــار عالئــم القــوة‬ ‫الصينيــة‪ .‬وهــي العالئــم التــي تبــدت للجمهــور‪،‬‬ ‫بعــد صــدور الكتــاب‪ ،‬يف مشــاهد غايــة يف‬ ‫الصــدق‪ .‬منهــا احتجــاج التايوانبــن (حلفــاء‬ ‫امــركا) عــى قصــف الســفارة الصينيــة يف بلغـراد‪.‬‬ ‫ومنهــا أيضــاً تجنــب حلــف األطلــي (عــر‬ ‫تعديالتــه االســراتيجية) اإلعــان عــن وجــود‬ ‫مصالــح لــه يف املنطقــة املحيطــة بالصــن وعــى‬ ‫تخومهــا‪.‬‬ ‫‪ .4‬إن الواليــات املتحــدة ال تــزال ترتعــد خوفــاً‬ ‫مــن ســيطرة الجــراالت الــروس عــى الســلطة‪.‬‬ ‫ألن هــؤالء مســتعدون لفتــح أبــواب ترســانتهم‬ ‫العســكرية لــدول العــامل الثالــث لتجنــب الواقــع‬ ‫االقتصــادي املــذل لبالدهــم‪ .‬ولعــل توريــط‬ ‫هــؤالء يف حــرب الشيشــان خطــوة عــى طريــق‬ ‫الخــاص منهــم‪.‬‬ ‫‪ .5‬إن تــوازن الرعــب القائــم يف الــرق األوســط‬ ‫مل يعــد مريحــاً للواليــات املتحــدة بعــد أن‬ ‫تولــت قواتهــا العســكرية تأمــن مصالحهــا يف‬

‫املنطقــة‪ .‬بحيــث باتــت املنطقــة مصــدر إح ـراج‬ ‫وإنهــاك لــإدارة األمريكيــة‪ .‬فتكاليــف الدعــم‬ ‫إلرسائيــل والحصــار للعــراق والتعويضــات‬ ‫التابعــة لهــا باتــا يشــكالن عبئ ـاً عــى الخزانــة‬ ‫األمريكيــة‪ .‬وكان الســام أحــد أســهل وأقــرب‬ ‫الحلــول لهــذه املشــكلة‪ .‬لكــن قناعــة أمريكيــة‬ ‫ترســخت ومفادهــا أن الســام األمريــي مرفــوض‬ ‫مــن جميــع األطــراف‪ .‬خصوصــاً بعــد أن فقــد‬ ‫مصداقيتــه يف مفرتقــات عــدة‪ .‬منهــا املســار‬ ‫الفلســطيني الــذي وصــل إىل حــدود االحتيــال‬ ‫واالبت ـزاز اإلرسائيــي تحــت رعايــة أمريكيــة عــر‬ ‫عرابــة (أولربايــت) تقــود جوقــة عرابــن يهــود يف‬ ‫اإلدارة األمريكيــة‪.‬‬ ‫وهــذا الواقــع يتطلــب تدخــاً أمريكيــاً حاســاً‬ ‫لفــرض تســوية (ألن الســام مرفــوض) تحــول‬ ‫الــرق األوســط إىل الحــرب البــاردة ريثــا ترســخ‬ ‫الواليــات املتحــدة أقدامهــا يف الحــزام األورايس‪.‬‬ ‫حيــث اســتثامراتها القوقازيــة تبلــغ حــدود‬ ‫الـــ‪ 200‬مليــار دوالر مقابــل ‪ 40‬مليــار إلرسائيــل‪.‬‬ ‫وتلــك البــاد كانــت بــاد املتهوديــن الخــزر‪ .‬فهــل‬ ‫ميكــن للمؤلــف أو غــره أن يخربنــا عــن موقــف‬ ‫اإلرسائيــي مــن العــودة إىل أرض الخــزر لــو هــي‬ ‫أمنــت لــه رخــا ًء أفضــل مــا يحصــل عليــه يف‬ ‫أرض ميعــاده؟‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫ابتسام إبراهيم تريسي‬ ‫منع سفر‬

‫يف شــهر أيلــول ‪ ،2012‬جاءتنــي دعــوة مــن جامعــة‬ ‫«درهــام» يف إنكل ـرا لإلقامــة ثالثــة أشــهر هنــاك وحضــور‬ ‫ي أن أســافر إىل الكويــت‬ ‫معــرض الكتــاب‪ ..‬فصــار لزامـاً عـ ّ‬ ‫لتجديــد إقامتــي‪.‬‬ ‫أوصلنــي حســام صديــق نــور إىل مطــار دمشــق قبــل‬ ‫ســاعتني مــن إقــاع الطائــرة‪ .‬دخلــت إلمتــام اإلجــراءات‬ ‫قبــل املوعــد املحــدد‪ ،‬وفوجئــت أن «الســورية للطـران» ال‬ ‫تســمح ســوى بــوزن ‪ 20‬كيلــو‪ ،‬وأنــا معــي أكــر مــن ثالثــن‬ ‫باإلضافــة إىل مــا ســأحمله إىل الطائــرة!‪ .‬كانــت املــرة األوىل‬ ‫التــي أســافر فيهــا عــى الطـران الســوري‪ ،‬ومل أنتبــه ملســألة‬ ‫الــوزن‪ ..‬املهــم‪ ..‬املوظفــة طلبــت منــي أن أدفــع لــكل‬ ‫كيلــو ‪ 150‬لــرة‪ ،‬أي مــا يعــادل ‪ 1800‬لــرة إلجــايل الــوزن‪،‬‬ ‫ومل يكــن معــي منهــا ســوى ‪ 500‬لــرة!‪ .‬اتصلــت بحســام‬ ‫مســتنجدة‪ ..‬فقــال يل‪« :‬خالــة ال يوجــد معــي هــذا املبلــغ‪،‬‬ ‫لكــن ســأدبره لــك»‪ .‬بعــد ربــع ســاعة‪ ،‬اتصــل وقــال‪« :‬مــي‬ ‫ي أن أخضــع إلجــراءات جديــدة‬ ‫الحــال»‪ .‬طبعــاً كان عــ ّ‬ ‫للخــروج مــن صالــة املغادريــن والعــودة إليهــا‪ .‬أخــذت مــن‬ ‫حســام مبلغ ـاً مؤلف ـاً مــن بضــع دوالرات ول ـرات ســورية‬ ‫مل ِ‬ ‫يــف بالغــرض! املجمــوع كان ‪ !1500‬وخضعــت ثانيــة‬ ‫للتفتيــش قبــل الدخــول!‬ ‫املوظفــة قالــت يل‪« :‬شــويف املســؤول عــن الرحلــة»‪ .‬املوظف‬ ‫املســؤول عــن الرحلــة تعاطــف معــي عندمــا رأى اإلح ـراج‬ ‫الــذي أشــعر بــه والــذي تف ّجــر دموعـاً رغـاً عنــي وحســم‬ ‫مــن الــوزن ثالثــة كيلــو‪ ..‬كنــت يف تلــك اللحظــة أعيــش‬ ‫حالــة التس ـ ّول والــذل إىل ح ـ ّد أرعبنــي‪ ..‬وف ّكــرت ببشــاعة‬ ‫هــذا املوقــف الــذي يضطــرك لطلــب املســاعدة املاديــة مــن‬ ‫اآلخريــن! فكّــرت بالنــاس الذيــن كنــت أســاعدهم منــذ‬ ‫فــرة «النازحــون» مــن املــدن املنكوبــة‪ ..‬يــا إلهــي‪ ..‬اآلن‬ ‫أفهــم كيــف يشــعرون!‪..‬‬ ‫املوظفــة قالــت‪« :‬ادفعــي املبلــغ يف الصنــدوق»‪ ..‬ذهبــت‬ ‫ي أن أحمــل أغـرايض‬ ‫لدفــع املبلــغ‪ ..‬ويف ّ‬ ‫كل مشــوار كان عـ ّ‬ ‫الثقيلــة التــي س ـرافقني إىل الطائــرة!‪ ..‬موظــف الصنــدوق‬

‫ي أن أدفعــه ‪ 1800‬لــرة! قلــت‪ :‬مســافرة لزيــارة زوجــك‪ ،‬ملــاذا يطلبــك األمــن إذن؟‪ ..‬لسـ ِ‬ ‫ـت‬ ‫قــال يل‪ ،‬إ ّن املبلــغ الــذي عـ ّ‬ ‫ولكــن املوظفــة حســبت يل الكيلــو ‪ 150‬وعنــدك عــى متعلمــة؟ لكــن تعرفــن القـراءة بالتأكيــد»‪ .‬قلــت مــن دون‬ ‫ي بوقاحــة وهــو يدفــع تفكــر‪« :‬قلي ـاً»‪.‬‬ ‫الورقــة الــوزن ‪ 10‬كيلــو‪ ..‬ر ّد عــ ّ‬ ‫الوصــل إ ّيل عــر الطاولــة «املوظفــة مــا بتفهــم»!‬ ‫عــدت لعنــد املوظفــة أخربهــا وحلقــي يتش ـقّق‪ ،‬قالــت يل‪ :‬نظــر يف وجــه زميلــه‪ ،‬وقــال‪« :‬مــا رأيــك؟»‪ .‬زميلــه تأملنــي‪،‬‬ ‫«أنــا عبــد مأمــور‪ ،‬ليــس بيــدي يشء‪ ..‬شــويف املســؤول عــن ورد‪« :‬نســحب الجــواز منهــا‪ ،‬ونرســله للفــرع‪ ،‬وهــي تأخــذه‬ ‫ـس باملهانــة مــن هنــاك»‪.‬‬ ‫الرحلــة»‪ .‬رجعــت إىل املســؤول ثانيــة‪ ،‬كنــت أحـ ّ‬ ‫والقهــر‪ ..‬كــم هــو صحيــح املثــل الــذي يقــول «هــن قرشــك ال أنكــر أ ّن الــدم غــاض يف عروقــي‪ ،‬وشــعرت بجفــاف يف‬ ‫وال تهــن نفســك» لعنــة اللــه عــى النقــود‪ ..‬أ ّول مــ ّرة يف حلقــي‪ ،‬وأدركــت أن ضغطــي قــد هبــط بشـ ّدة مــن الــدوار‬ ‫ي يف تلــك اللحظــة أن أمتاســك‪،‬‬ ‫عمــري أتعــ ّرض ملثــل هــذا املوقــف‪ .‬املوظــف املســؤول الــذي شــعرت بــه‪ ،‬وكان عـ ّ‬ ‫عــن الرحلــة تــرك عملــه وســط زحمــة النــاس مــن حولــه‪ ،‬وأجــد مخرجـاً‪ .‬قلــت للضابــط الشــاب‪« :‬ابنــي معتقــل‪ ،‬قــد‬ ‫وذهــب لعنــد املوظفــة‪ ،‬وأخــذ منهــا الوصــل وحســم ‪ 5‬كيلو يكــون أمــر اســتدعايئ ألجلــه»‪ ..‬الشــاب أخــذ جــواز الســفر‬ ‫مــن الــوزن‪ ،‬ثـ ّم قــال لهــا‪« :‬وال قلــك‪ ،‬ألغــي الــوزن نهائيـاً» مــن زميلــه الــذي أخــره أ ّن الفــرع ال يــرد عــى الهاتــف‪..‬‬ ‫والتفــت إ ّيل وقــال‪« :‬ادعيلنــا اللــه ال يرضنــا‪ ،‬وهــذا يكفــي»‪ .‬وقــال يل‪« :‬اللــه يفــك أرسه يــا خالتــي‪ ،‬هــذا يعنــي شــغلتك‬ ‫غلبنــي الدمــع‪ ،‬ودعــوت لــه يف قلبــي‪ .‬أنهيــت إجــراءات بســيطة‪ ،‬ال تخــايف‪ ،‬خــذي الجــواز‪ ،‬وهــذا رقــم االســتدعاء‪،‬‬ ‫الــوزن‪ ،‬ووصلــت إىل مــكان ختــم الجــواز‪ .‬املوظــف نظــر وراجعــي فــرع األمــن غــدا ً صباحـاً إن مل تســتطيعي اليــوم‪،‬‬ ‫يف الكمبيوتــر أمامــه‪ ،‬ونظــر يف وجهــي‪ ..‬وســألني متــى ونحــن سرنســل إشــارة إىل الفــرع أنّنــا أعدنــاك مــن املطــار»‪.‬‬ ‫غـ ِ‬ ‫ـادرت البــاد آخــر مـ ّرة؟ قلــت لــه‪« :‬يف نيســان‪ ،‬وعــدت يف برصاحــة مل أصــدق أذ ّين‪ ..‬مل أصــدق أ ّن جــواز ســفري صــار‬ ‫حزيـران»‪ .‬قــال‪« :‬ومل تراجعــي فــرع األمــن بعــد عودتــك؟»‪ .‬يف حقيبتــي‪ ،‬وحمــدت اللــه أ ّن شــبكة الكمبيوتــر يف غرفــة‬ ‫قلــت‪« :‬مل يطلبنــي أحــد»‪ .‬ر ّد‪« :‬أنــت ممنوعــة من الســفر»‪ .‬الضابــط غــر موصولــة مــع «العــم جوجــل» وأنّــه مل يفكــر‬ ‫خــرج مــن غرفتــه‪ ،‬وقــال‪« :‬اتبعينــي»‪ .‬أوصلنــي إىل غرفــة يف استشــارته بأمــري!‬ ‫أمــن املطــار‪ ،‬وســلّم لهــم الجــواز‪ .‬يف الغرفــة كان هنــاك رافقنــي املوظــف لي ّدلنــي عــى مــكان الخــروج‪ ..‬وهنــاك‬ ‫أربعــة ضبــاط‪ ..‬أحدهــم الحــظ ّأن ال أســتطيع الوقــوف‪ ،‬اتصلــت بحســام‪ ،‬وطلبــت منــه أن يعــود ليأخــذين‪ .‬حســام‬ ‫فقــال‪« :‬اجلــي يــا خالتــي»‪ .‬تناوبــوا عــى النظــر يف جــواز قــال‪« :‬واللــه قلبــي ح ّدثنــي يــا خالــة ّأن ســأعود‪ ..‬لك ّنــي‬ ‫ســفري‪ ،‬وأخــذه أحدهــم إىل غرفــة ثانيــة‪ ..‬وأنــا أنتظــر ويف ســأتأخر قلي ـاً هنــاك تفجــر عــى األوس ـراد‪ ،‬وقــد قطعــوا‬ ‫الطريــق بحاجــز‪ ،‬ال ينشــغل بالــك»‪.‬‬ ‫حلقــي شــوك وعطــش!‬ ‫رجــل األمــن عــاد‪ ،‬وس ـلّم الجــواز للضابــط الشــاب _الــذي انتظــرت ملـ ّدة ســاعة حتّــى أحــروا يل حقائبــي‪ ،‬وخرجــت‬ ‫طلــب منــي الجلــوس_ ومعــه ورقــة تحمــل رقـاً‪ .‬الضابــط مــن بــاب العائديــن‪ ،‬وكانــت الســاعة الرابعــة ع ـرا ً‪ ،‬وقــد‬ ‫ســألني‪« :‬خالــة أنــت مل تراجعــي فــرع األمــن عنــد عودتــك غــادرتْ الطائــرة!‬ ‫مــن الكويــت؟» قلــت‪« :‬ال»‪ .‬ســأل‪« :‬ومل يطلبــوك قبــل‬ ‫****‬ ‫ذلــك؟»‪ .‬قلــت‪« :‬ال»‪ .‬اســتغرب وقــال‪« :‬لك ّنــك مطلوبــة‬ ‫منــذ عودتــك إىل الفــرع ‪ ..255‬خالتــي‪ ،‬مــاذا تعملــن؟»‪ .‬إىل العفيــف أوصلنــي حســام‪ ..‬يف بيــت تحــت األرض كان‬ ‫ِ‬ ‫قلــت‪« :‬ال يشء‪ ،‬ســت بيــت»‪ .‬قــال باســتغراب‪:‬‬ ‫«لســت الشــباب يتخذونــه مســتودعاً ومقــرا ً للقــاءات رسيعــة‪،‬‬ ‫موظفــة!‪ ..‬غريــب جــواز ســفرك ليــس فيــه مهنــة وأنــت لتوصيــل املــواد اإلغاثيــة‪ ..‬قضيــت يومــاً وليلتــن‪ ..‬ريثــا‬

‫أنا أشبه أورفا‪ ..‬وأورفا في قلبي‬

‫اســتطاع حســام تأمــن حجــز يل إىل أريحــا‪.‬‬ ‫البوملــان غــادر كــراج العباســيني يف الســابعة صباحــاً‪..‬‬ ‫والســائق وضــع يف املســجل ســورة يوســف! فتفاءلــت‪،‬‬ ‫ســيكون ســفرا ً موفقــاً بــإذن اللــه‪.‬‬ ‫عــى الرغــم مــن الحواجــز التــي ال تحــى عــى الطريــق‪..‬‬ ‫إالّ ّأن كنــت مطمئنــة‪ ،‬ففــي ذلــك الوقــت مل يكــن الجنــود‬ ‫يهتمــون لهويــات النســاء‪ ،‬يفتشــون الشــباب فقــط‪،‬‬ ‫ويطلبــون هوياتهــم!‪.‬‬ ‫الســائق ومعاونــه اســتبدال القــرآن بأغــانٍ هابطــة بعــد‬ ‫مغــادرة الحاجــز الرئيــس يف مدخــل دمشــق‪ ..‬ثــ ّم ســاد‬ ‫التوتــر بعــد مــي أربــع ســاعات عــى مغــادرة دمشــق‬ ‫ووصولنــا إىل إحــدى قــرى حــاة‪ ..‬الســائق كان عــى موعــد‬ ‫هنــاك مــع شــخص سريســل معــه بعــض األغ ـراض‪ ،‬عندمــا‬ ‫أوقــف البــاص عــى طــرف الطريــق‪ ،‬نــزل بعــض الــركاب‬ ‫ليدخنــوا‪ ،‬ويقضــوا حاجاتهــم‪ ،‬وحــدث شــجار‪ ،‬تطــور إىل‬ ‫شــتائم وكفــر واقــرب مــن الــرب‪ ..‬الســائق كان قــد‬ ‫ن ّبــه الــركّاب إىل عــدم النــزول مــن البــاص تحــت طائلــة‬ ‫املســؤولية‪ ،‬فالق ّناصــة منتــرون عــى الطريــق‪ ،‬والحواجــز‬ ‫الط ّيــارة تظهــر فجــأة‪ ،‬وهــو مســؤول عــن األرواح التــي‬ ‫يحملهــا معــه‪ .‬مــن وجهــة نظــره هــو عــى حــق‪ ،‬ومــن‬ ‫وجهــة نظــر الــركّاب املخنوقــن واملتوتريــن إىل أقــى ح ـ ّد‬ ‫هــم عــى حــق!‬ ‫وصلــت أريحــا يف الســابعة مســاء‪ ..‬بعــد أن نزلنــا يف إدلــب‪،‬‬ ‫واســتطعنا إقنــاع ســائق رسفيــس أن يحملنــا إىل أريحــا وكنــا‬ ‫تســعة ركّاب‪ ..‬التوقيــت كان خطــرا ً‪ ..‬بــن إدلــب وأريحــا‬ ‫ال يجــرؤ ســائق أن ميــر بعــد الســاعة الثانيــة ظه ـرا ً حــن‬ ‫ينتهــي دوام املوظفــن! ويصبــح الطريــق مهجــورا ً وخاليـاً إال‬ ‫مــن الحواجــز ووجــوه الجنــود الكئيبــة‪ ،‬والوجــوه املتحفــزة‬ ‫للقتــل!‪.‬‬ ‫مل توافــق أ ّمــي بعــد أيــام مــن وصــويل عــى بقــايئ يف ســوريا‬ ‫مــ ّدة أطــول‪ ،‬عــى الرغــم مــن ّأن كنــت أو ّد ذلــك بعــد‬ ‫ســاعي بإشــاعة تقــول إ ّن هنــاك مرســوم عفــو ســيصدر‬ ‫عــن املعتقلــن يف العيــد! وقــررت مغــادرة ســوريا بــأرسع‬ ‫مــا ميكــن‪.‬‬

‫سأبني قبراً‪!..‬‬ ‫يف بدايــة الحــرب الهمجيــة مــن النظــام‬ ‫الحاكــم يف ســوريا عــى الشــعب الســوري بــدأ‬ ‫النــاس بالنــزوح هربــاً مــن بطــش الحاكــم‪,‬‬ ‫واتجهــوا إىل أقــرب املواقــع اآلمنــة عابريــن‬ ‫الحــدود الدوليــة التــي قررتهــا خارطــة‬ ‫ســايكس وبيكــو يف بدايــات هــذا القــرن‪.‬‬ ‫اتجــه ســكان املناطــق الشــالية إىل تركيــا‪,‬‬ ‫اســتقبلتهم الدولــة الجــارة كــا يليــق بجــار‬ ‫ودود أن يســتقبل جريانــه ويقــف معين ـاً لهــم‬ ‫يف أزمتهــم‪ ,‬فتحــت مدنهــا الســتقبال مــن‬ ‫اســتطاع ســكن املــدن‪ ,‬وأقامــت املخيــات ملــن‬ ‫خرجــوا مــن بيوتهــم ال يحملــون مــن املتــاع‬ ‫ســوى مــا يرتدونــه مــن املالبــس‪ ,‬ومعظمهــم‬ ‫مــن النســاء واألطفــال والرجــال املســنني‬ ‫واملــرىض‪ ,‬مــن معظــم محافظــات ســورية‪.‬‬ ‫اســتلم النازحــون خيامهــم‪ ,‬يف كل خيمــة‬ ‫عــدد مــن الفــرش االســفنجية‪ ,‬والبطانيــات‪,‬‬ ‫وبضــع أطبــاق معدنيــة‪ ,‬وأكــواب بالســتيكية‪,‬‬ ‫وبعــض مــواد التنظيــف وانتظــروا انتهــاء‬ ‫الحــرب لريجعــوا إىل ديارهــم وأمانهــم‪.‬‬ ‫كان الطعــام يأتيهــم مطبوخــاً مــن مطاعــم‬ ‫خصصــت لهــذا الغــرض‪ ,‬يــوزع عليهــم ثــاث‬ ‫وجبــات منتظمــة التوقيــت‪ ,‬ال يشء يعملونــه‪,‬‬ ‫ال يشء يقطعــون بــه الوقــت العنيــد‪ ,‬ال يشء‬ ‫ســوى فــراغ قاتــل‪ ,‬كانــوا يقضــون النهــار‬ ‫بالحديــث عــن الثــورة وعــن مآســيهم‪ ,‬ويف‬ ‫إحصــاء أســاء مــن استشــهدوا ومــن اعتقلــوا‬

‫ومــن فقــدوا وضاعــت أخبارهــم‪ ,‬يجتمعــون‬ ‫يف صــاالت جهــزت بشاشــات تلفزيونيــة‬ ‫يتابعــون األخبــار بشــغف‪ ,‬وحــاس‪ ,‬وميــي‬ ‫األطفــال يومهــم يف املســاحات بــن الخيــام‬ ‫ميثلــون املظاهـرات‪ ,‬يغنــون أغنياتهــا ويهتفــون‬ ‫هتافاتهــا‪ ,‬ويعــودون يف املســاء إىل خيامهــم‬ ‫بانتظــار صبــاح جديــد يحمــل لهــم بشــائر‬ ‫العــودة‪.‬‬ ‫خليــط غــر متجانــس مــن كل البيئــات‬ ‫الســورية‪ ,‬جمعــت بينهــم الكارثــة‪ ,‬كــا‬ ‫جمعهــم حلــم الحيــاة الكرميــة‪ ,‬لكــن‬ ‫حلــم العــودة راح يتباعــد كل يــوم‪ ,‬وانتبــه‬ ‫املتعلمــون منهــم إىل خطــورة وضــع األطفــال‪,‬‬ ‫وابتعادهــم عــن املــدارس‪ ,‬فراحــوا يؤسســون‬ ‫مــدارس ارتجاليــة داخــل الخيــام‪ ,‬يجلســون‬ ‫األطفــال عــى األرض‪ ،‬ويلقنوهــم العلــوم التــي‬ ‫يف ذاكرتهــم بشــكل شــفهي‪ ,‬ال كتــب وال دفاتــر‬ ‫وال ألــواح وال مقاعــد‪.‬‬ ‫انتبهــت اإلدارة الرتكيــة إىل مــا يحصــل‬ ‫فجاءتهــم مبقاعــد وألــواح‪ ,‬ومدتهــم بكميــات‬ ‫قليلــة مــن الدفاتــر واألقــام وبــدأ التعليــم‪,‬‬ ‫تحــرك املعلمــون بشــكل أوســع‪ ,‬اجتــاز بعــض‬ ‫منهــم الحــدود‪ ,‬متحديــن املخاطــر‪ ,‬وحملــوا‬ ‫الكتــب املدرســية مــن داخل ســوريا إىل املخيم‪,‬‬ ‫ليبــدأ التعليــم مرحلــة أكــر تطــورا ً‪ ,‬واســتمرت‬ ‫التطــورات حتــى انتظمــت يف املخيــم إحــدى‬ ‫عــرة مدرســة ابتدائيــة‪ ،‬ومدرســة إعداديــة‬

‫بــدوام مــزدوج وكذلــك الثانويــة‪ ,‬بعــدد طــاب‬ ‫تجــاوز الســبعة آالف‪ ,‬وعــدد مــن املعلمــن‬ ‫واملعلــات يقــارب الثالمثائــة وخمســن‪.‬‬ ‫انتهــى توزيــع الطعــام املطبــوخ‪ ،‬وأعطيــت‬ ‫كل أرسة بطاقــة يتــم مبوجبهــا رصف املــواد‬ ‫الغذائيــة مــن متجــر أقيــم داخــل املخيــم‪,‬‬ ‫انتظمــت الحيــاة‪ ,‬انتظــم الشــقاء‪ ,‬نهــار األرسة‬ ‫ميــي مــا بــن عجــن وخبــز وطبــخ‪ ,‬وغســل‬ ‫املواعــن وغســل املالبــس‪ ,‬ورفوهــا وترقيعهــا‪,‬‬ ‫كل ذلــك بشــكل يــدوي‪.‬‬ ‫الخيــام تهتــز أمــام الريــح‪ ,‬تصمــد مــدة‬ ‫وتنخلــع مــن أوتادهــا هاويــة عــى مــن فيهــا‪,‬‬ ‫األطفــال يغوصــون يف الــدروب املوحلــة‪ ,‬مــاء‬ ‫املطــر يــري مــن تحــت الخيــام مبلــاً كل‬ ‫يشء‪ ,‬الكتــب والدفاتــر والفــرش واملالبــس‪,‬‬ ‫يتعــاون الج ـران عــى إغاثــة أصحــاب الخيــام‬ ‫املنكوبــة وتطلــع الشــمس لتــداوي مــا جرحتــه‬ ‫الريــاح والعواصــف املمطــرة‪.‬‬ ‫مخيــم جيــان بينــار منــي مــن قبــل كل‬ ‫الجمعيــات الخرييــة واالغاثيــة‪ ,‬رمبــا لبعــده‬ ‫عــن مركــز العمــل‪ ,‬أو ألســباب ال ندركهــا؟‬ ‫ســكانه عددهــم ي ـراوح بــن ‪ 26‬إىل ‪ 28‬ألــف‬ ‫نســمة‪ ,‬يزيــد العــدد وينقــص وفقــاً لحركــة‬ ‫النــزوح مــن وإىل الداخــل الســوري التــي‬ ‫يحددهــا مســار الحــرب‪ .‬املخيــم مقســم إىل‬ ‫أحــد عــر مــن األحيــاء‪ ,‬ويضــم خمســة آالف‬ ‫خيمــة‪ ,‬ويهتــف الســكان يف كل ســاعة مالنــا‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫ح��وار مفت��وح م��ع الفن��ان التش��كيلي الرتك��ي «نه��اد كجي��و أوغل��و»‬

‫أيامي األخيرة في سوريا‪..‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫ابتسام شاكوش‬ ‫غــرك يــا اللــه‪.‬‬ ‫الشــعب الســوري حــي يحــب‬ ‫الحيــاة‪ ,‬لذلــك بــادر الســكان إىل‬ ‫اســتغالل املســاحات الصغــرة بــن‬ ‫الخيــام لزراعــة أنــواع الخضــار‬ ‫والزهــور‪ ,‬محاولــن ســد النقــص‬ ‫يف احتياجاتهــم اليوميــة‪ ,‬وافتتــح‬ ‫بعضهــم بســطات يبيعــون فيهــا‬ ‫مــواد اســتهالكية للحاجــات‬ ‫اليوميــة‪ ,‬وانــزوى األطفــال‪,‬‬ ‫خمــدت لديهــم الحامســة‪ ,‬عــى‬ ‫مــر الشــهور والســنوات‪ ,‬وضاعــت‬ ‫منهــم أفـراح الطفولــة‪ ,‬صــار منظر‬ ‫طفــل نصــف عــار‪ ,‬وبــا حــذاء‪,‬‬ ‫يجلــس صامتــاً ذاهــاً يف زاويــة‬ ‫خيمــة أم ـرا ً عادي ـاً‪ ,‬ومنظــر طفلــة‬ ‫تبــي بحرقــة‪ ,‬وبــا ســبب مشــهدا ً‬ ‫متكــررا ً‪ ,‬األطفــال يكــرون‪ ,‬مضــت‬ ‫ســنوات عــى ترشدهــم‪ ,‬الصغــار‬ ‫نســوا شــيئاً اســمه بيــت وجــدار‪,‬‬ ‫صــارت الخيمــة واملخيــم وطنــاً‬ ‫بديــاً‪ ,‬نســوا فرحــة األعيــاد‪ ,‬ألن‬ ‫األعيــاد متــر صامتــة باهتــة‪ ,‬ال ثيــاب جديــدة‬ ‫وال ألعــاب‪ ,‬وال عيديــات مــن األهــل املفلســن‪,‬‬ ‫وحــن تســأل أحدهــم مــن أيــن أنــت؟ يجيبــك‪:‬‬ ‫أنــا مــن الحــي الثالــث‪ ,‬أو العــارش‪ ..‬حســب‬ ‫رقــم الحــي الــذي يقطنــه‪.‬‬

‫طفــل شــاهدته يجمــع الحجــارة ويصفهــا‬ ‫بشــكل مســتطيل‪ ,‬ســألته مــاذا تفعــل يــا‬ ‫صغــري؟ قــال أبنــي قــرا ً‪ ,‬ملــن يــا صغــري؟‬ ‫تأمــل وجهــي برهــة وأشــاح‪ ,‬هــز رأســه‪ ,‬قلــب‬ ‫شــفته ونهــض بكتفــه‪ ,‬إنــه ال يــدري‪ ,‬لكــن‬ ‫القــر كان آخــر مشــاهداته قبــل فـراق الوطــن‪.‬‬

‫حاوره‪ :‬أسعد فخري‬ ‫مل يحدثنــا الفنــان التشــكييل القديــر نهــاد‬ ‫كجيــو اوغلــو حــن التقينــاه يف مرســمه عــن‬ ‫املكانــة التاريخيــة ملدينتــه «شــانيل أورفــا»‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬لكننــا كنــا نعلــم‪ ،‬كــا يعلــم الكثــرون‬ ‫أن مدينــة شــانيل أورفــا بقيــت محــط أنظــار‬ ‫واهتــام أغلــب املؤرخــن املعارصيــن‪ ،‬اذ‬ ‫اعتــرت متحف ـاً مفتوح ـاً‪ ،‬نتيجــة الكــم الهائــل‬ ‫مــن اآلثــار التــي مل تكتشــف بعــد‪ ،‬واالعتقــاد‬ ‫الســائد عنــد األتــراك أن نبــي اللــه إبراهيــم‬ ‫عليــه الســام قــد ولــد فيهــا وحاجــج النمــرود‬ ‫ابــن كــوش حاكــم بابــل وملــك آشــور عــى‬ ‫أراضيهــا‪ ،‬يف الوقــت الــذي يعتــد األتـراك كثـراً‬ ‫وإىل يومنــا هــذا أن النمــرود بعــد أن فقــد‬ ‫الحجــة أمــام خليــل اللــه أمــر بإشــعال نــار‬ ‫وإلقــاء ســيدنا إبراهيــم عليــه الســام فيهــا‪،‬‬ ‫وهــم يعتقــدون جازمــن أيضــاً أن املــكان‬ ‫الــذي أوقــدت نــار النمــرود فيهــا تحولــت إىل‬ ‫بحــرة مــاء واســعة‪ ،‬واســتحال حطــب النــار‬ ‫فيهــا إىل أســاك‪ .‬ذلــك مــا جعــل للمــكان‬ ‫قدســية خاصــة‪ ،‬ومــا زال حتــى يومنــا هــذا‬ ‫مقصــداً للنــاس‪ ،‬يتربكــون بــه‪ ،‬ويطعمــون‬ ‫أســاك بحريتــه طعام ـاً خاص ـاً‪ ،‬وهــم يبتهلــون‬ ‫طالبــن تحقيــق اآلمــال واألمنيــات‪.‬‬ ‫تلــك هــي شــانيل أورفــا (ذات الشــأن) حســب‬ ‫مــا يراهــا الفنــان نهــاد كجيــو أوغلــو دون‬ ‫أن يلتفــت أو يصغــي إىل اآلراء واملصــادر‬ ‫التاريخيــة التــي مل تتفــق بعــد عــى إجــاع‬ ‫يؤكــد أن نبــي اللــه أيــوب عليــه الســام قــد‬ ‫عــاش فيهــا وصابــر عــى ابتالئــه‪ ،‬وشــفي منــه‬ ‫بعــد أن اغتســل مــن مــاء بــر فيهــا‪ ،‬كذلــك‬ ‫يعقــوب عليــه الســام عــاش وترعــرع عــى‬ ‫أرضهــا‪ ،‬وأن شــيخ االســام ابــن تيميــة ولــد يف‬ ‫حرانهــا‪ ،‬يف الوقــت الــذي اعتــر أكــر املؤرخــن‬ ‫أنهــا كانــت مســكناً للرســل ومحجــاً للعديــد‬ ‫مــن أوليــاء اللــه الصالحــن‪.‬‬ ‫إن املكانــة التاريخيــة التــي نالتهــا مدينــة‬ ‫شــانيل أورفــا جعلهــا (ذات األســاء) حيــث‬ ‫تعــددت أســاؤها وخصالهــا‪ ،‬فســاها العــرب‬ ‫(الرهــا) ودعاهــا اآلراميــون (أورهــاي) يف‬ ‫الوقــت الــذي ســاها اإلغريــق (أديســا)‬ ‫وكذلــك هــم الســلوقيون أســموها (أ ِدســا)‪،‬‬ ‫بيــد أن عمرهــا التاريخــي قــد تجــاوز (‪)9000‬‬ ‫عــام قبــل امليــاد‪.‬‬ ‫مدينــة بقيــت كالظــل تــازم الفنــان نهــاد كجيو‬ ‫أغلــو دون أن تنفــك عنــه كــا باقــي الفنانــن‬ ‫التشــكيليني األورفليــن‪ ،‬حيــث املــكان شــغلهم‬ ‫الشــاغل مبــا عليــه مــن بــر وحجــر فأغلــب‬ ‫تصاويرهــم تنحــو جهــة الــراث اإلســامي‬ ‫وفــق ســمة مــن القداســة الالفتــة‪ ،‬ومــا مييــز‬ ‫الفــن التشــكييل الــريك أنــه يطمــح وباســتمرار‬ ‫عــى تقديــم التالويــن الرتاثيــة واالجتامعيــة‬ ‫بصــورة بارعــة تســتحق التقديــر والتوقــف‬ ‫مطــوالً عندهــا‪ ،‬فهــم باحثــون دؤوبــون يف هــذا‬ ‫املجــال‪ ،‬ويحققــون تنوعــاً يف طرائــق تناولــه‬ ‫مــن زوايــا مختلفــة حيــث تتمظهــر يف أعاملهــم‬ ‫الرشائــح االجتامعيــة البســيطة ومــا ميتهنونــه‬ ‫مــن مهــنٍ ُعرفــت بهــا أورفــا عــى مـ ِّر التاريــخ‪.‬‬ ‫يف حوارنــا مــع الفنــان البــارع نهــاد كجيــو‬ ‫أوغلــو لفتنــا جملــة مــن املســائل أهمهــا‬ ‫هــدوؤه الواضــح ودقــة إجاباتــه ومتســكه‬ ‫الشــديد باالتجــاه الواقعــي يف الفــن التشــكييل‬ ‫عل ـاً بأنــه ميتلــك كل املقومــات التــي متكنــه‬ ‫مــن تجريــب االتجاهــات الفنيــة املعــارصة‬ ‫املختلفــة‪ ،‬وتحقيــق حضــور الفــت فيهــا‪ ،‬لكنــه‬ ‫يُؤثــر ذلــك االتجــاه دون غــره‪ ،‬فرحنــا نســأله‪:‬‬ ‫* حبــذا لــو أعطيتنــا فكــرة موجــزة عــن‬

‫‪11‬‬

‫قوس قزح‬ ‫مفهوم اللوحة الفنية‬ ‫موفق فرزات‬

‫تجربتــك الفينــة يف الرســم‪ ،‬ومنــذ متــى بــدأ‬ ‫لديــك هاجــس تحويــل املعــامل التاريخيــة‬ ‫للمدينــة اىل أعــال زيتيــة‪ ،‬ومــا هــي الغايــة‬ ‫التــي تحققــت لديــك مــن ذلــك ‪.‬‬ ‫** بــدأ هاجــس الرســم لــدي يف املرحلتــن‬ ‫اإلعداديــة والثانويــة‪ ،‬عملــت بعدهــا مدرســاً‬ ‫للصــف األول االبتــدايئ واإلعــدادي‪ ،‬ولكــوين‬ ‫مــن واليــة شــانيل أورفــا أحــب أن يعــرف العــامل‬ ‫مدينتــي مــن خــال أعــايل التشــكيلية التــي‬ ‫أنجزتهــا‪ ،‬وقــد متكنــت مــن تحقيــق هــديف‬ ‫عــر عــدة معــارض فرديــة أقمتهــا داخــل تركيــا‬ ‫وخارجهــا‪ ،‬إضافــة إىل مشــاركات عديــدة يف‬ ‫ورش للفــن التشــكييل‪ .‬عملــت موظفــاً لفــرة‬ ‫طويلــة تزيــد عــن خمســة عــر عام ـاً كرســام‬ ‫للواليــة حولــت خاللهــا آثــار املدينــة ومعاملهــا‬ ‫إىل لوحــات فنيــة‪.‬‬ ‫* اســتوقفتني تجربتــك الفنيــة كث ـراً‪ ،‬ولفتنــي‬ ‫العديــد مــن املعطيــات التشــكيلية الهامــة يف‬ ‫العمــل الفنــي لديــك‪:‬‬ ‫‪ .‬توزع الكتل البرشية عىل مساحة اللوحة‪.‬‬ ‫‪ .‬املقــدرة املذهلــة عــى تقديــم الحــس‬ ‫الهنــديس برباعــة داخــل الخطــوط واملنحنيــات‪.‬‬ ‫‪ .‬إيقاع الظل والنور‪.‬‬ ‫كل ذلــك دفعنــي للســؤال‪ :‬كيــف متكــن الفنــان‬ ‫نهــاد أوغلــو مــن تحريــك الثابــت وبــث الحيــاة‬ ‫فيه؟‪.‬‬ ‫** أبــث يف اللوحــة الحيــاة ألننــي أدرك أن‬ ‫كل مــا هــو ثابــت يف شــانيل أورفــا‪ ،‬ال بــد أن‬ ‫يتحــول إىل حركــة يف عــن الفنــان‪ ،‬أعتمــد كثـرا ً‬ ‫عــى الصــورة الفوتوغرافيــة مــن أجــل التقــاط‬ ‫املعــادل البــري للوحــة‪ ،‬واســتخراج الشــكل‬ ‫مــن الصــورة ألمنــح اللوحــة الحيــاة‪ ،‬والدافــع‬ ‫لــدي يف اســتخدام ذلــك اإلحســاس ألننــي‬ ‫مؤمــن أن أورفــا بالنســبة يل يشء مختلــف‪..‬‬ ‫إنهــا مدينتــي التــي أحــب‪ .‬أمــا مــا يخــص‬ ‫اإلحســاس الهنــديس فإننــي أعتمــد عــى لعبــة‬ ‫الظــل والنــور‪ ،‬ويف أوقــات متعــددة مــن النهــار‬ ‫والليــل‪ ،‬وأطبــق مــدى إيقاعهــا عــى الشــكل‬ ‫الــذي أرســمه ضمــن أعــايل ورســومايت‪ ،‬لــكل‬ ‫فصــل مــن فصــول الســنة حالــة متبدلــة مــن‬ ‫ســقوط الضــوء‪ ،‬ويف كل لحظــة مــن أزمــان تلــك‬ ‫الفصــول‪.‬‬ ‫* الالفــت يف تجربتــك الفنيــة أن لديــك‬ ‫مجموعــة مــن املفــردات البرصيــة تتكــرر‬ ‫بصــورة دامئــة مثــال‪1 :‬ـ الغيــوم ‪2‬ـ القبــاب ‪3‬ـ‬ ‫املــآذن ورصوح العبــادة ‪4‬ـ الحـ َـام ‪5‬ـ الزوايــا‬ ‫الحــادة هندســياً ‪6‬ـ القــاع ‪7‬ـ االشــجار ‪8‬ـ‬ ‫األشــخاص يف ســن متقدمــة مــن العمــر ويف‬ ‫حالــة مــن اليــأس واالنتظــار ‪9‬ـ األزقــة ‪10‬ـ‬ ‫بحــرة الســمك ‪11‬ـ مقــام ســيدنا إبراهيــم‬ ‫عليــه الســام‪.‬‬ ‫هــل ميكننــا الحصــول عــى معرفــة الرؤيــة‬ ‫الفنيــة مــن وجــود تلــك املفــردات بصورتهــا‬ ‫املتكــررة؟‪.‬‬ ‫** ال أريــد الخــروج مــن روح أورفــا ومعاملهــا‬ ‫ضمــن أعــايل الفنيــة‪ ،‬فهــي تالزمنــي بــكل‬

‫مفرداتهــا الحياتيــة‪ ،‬وأحــاول تقدميهــا يف كل‬ ‫لحظــة مــن الزمــن‪ .‬لــذا تتكــرر عنــدي تلــك‬ ‫املفــردات البرصيــة دون قصــد محــدد ســوى مــا‬ ‫قلتــه لــك‪ ،‬أنــا أشــبه أورفــا‪ ،‬وأورفــا يف قلبــي‪،‬‬ ‫وأنــا أعيــش فيهــا‪ ،‬أكلنــا مــن خبزهــا ورشبنــا‬ ‫مــن مائهــا وواجبــي أن أرد الديــن لهــا‪.‬‬ ‫* اللــون‪ ..‬ضــوء يف املحصلــة‪ ،‬كيــف ميكننــا‬ ‫التعــرف عــى بالغــة اللــون وتدرجاتــه يف‬ ‫تجربتــك الفنيــة‪ ،‬بــل أكــر مــن ذلــك‪ ،‬كيــف‬ ‫يســتطيع الفنــان نهــاد أوغلــو إدراك لعبــة‬ ‫الظــل والنــور وجامليــات التناغــم بينهــا‪.‬‬ ‫** قبــل أن أرســم تفاحــة مثــاً‪ ،‬ال بــد أن‬ ‫أتعــرف عــى لونهــا وشــكلها‪ ،‬واذا أردت رســم‬ ‫إنســان ال بــد أن أتعــرف عــى مالمــح وجهــه‬ ‫وتفاصيلــه األخــرى‪ ،‬أنــا أســتلهم مــن الشــكل‬ ‫وأحفــظ مــا حصلــت عليــه يف مخيلتــي ومــن‬ ‫بعــد ذلــك أرســمه‪ ،‬أنظــر إىل الغيــوم يف أوقــات‬ ‫متعــددة مــن النهــار وأحفظهــا يف مخيلتــي‬ ‫ألعــود مــن جديــد إىل رســمها‪ ،‬بعــض الرســامني‬

‫إن التقــاط املوضــوع الفنــي مــن الواقــع واالشــتغال عليــه تشــكيلياً وفــق حساســية الفنــان‬ ‫املرهفــة سيشــكل الحافــز األهــم لــدى ذلــك الفنــان‪ ،‬حيــث ينصهــر يف الواقــع ويكــون‬ ‫املنافــس أو النــد ألبعــاده املختلفــة وتحوالتــه املتعــددة بعيــدا ً عــن أن يكــون ناســخاً لهــذا‬ ‫الواقــع وصــورة فوتوغرافيــة عنــه‪.‬‬ ‫إن البعــد الحضــاري ومفرداتــه اإلنســانية هــي مــن أهــم عنــارص العمــل الفنــي املتكامــل‬ ‫الــذي يشــكل أبعــاد اللوحــة الفنيــة إضافــة إىل آليــة التقــاط املوضــوع بحساســية مرهفــة‬ ‫ينتظــم املحســوس فيهــا بجاملياتــه عــى شــكل عالقــة مركــزة ومدروســة تجــاه قضيــة‬ ‫راهنــة‪ ،‬أو ظاهــرة معينــة يــرى فيهــا الفنــان حالــة مناســبة لعمــل تشــكييل مــا‪.‬‬ ‫مــا ينقــص البعــض الكثــر مــن فنانينــا يف حقيقــة األمــر هــو معرفــة الواقــع الحضــاري بــكل‬ ‫تفاصيلــه ومعطياتــه التاريخيــة‪ ،‬والفنــان املبــدع هــو مــن يتفهــم تلــك املســائل الجوهريــة‪،‬‬ ‫ويوليهــا اهتاممـاً خاصـاً يف تأمالتــه‪ ،‬ويتمكــن مــن إعــادة صياغــة طــرق وأســاليب جديــدة‬ ‫تتناســب مــع الواقــع الحــايل‪ ،‬ومحاولــة إيصــال مضمــون فكرتــه للنــاس بقــدرة فائقــة مــن‬ ‫التأثــر يف النفــس البرشيــة‪ ،‬وبقــدر مــا يكــون عطــاؤه صادقــاً فإنــه ســيحقق الوصــول‬ ‫والنفــاذ إىل وجــدان النــاس‪ ،‬ويــرك فيهــم أثـرا ً فعــاالً مــن الصعوبــة محــوه مــن الذاكــرة‪.‬‬ ‫إن املتلقــي ال يتعاطــف إال مــع مــا يـراه تعبـرا ً حقيقيـاً عنــه يف العمــل الفنــي‪ ،‬ومــا ينفــذ‬ ‫إىل وجدانــه ويســاهم يف إيقــاد الشــحنة اإلنســانية ضمــن تالحــم مزدهــر يحققــه ســحر‬ ‫الفــن والتفاعــل معــه‪.‬‬ ‫يف واقــع الحــال إن كثـرا ً مــن الفنانــن املحدثــن الذيــن أحدثــوا انقالبـاً يف تحطيــم بعــض‬ ‫الثوابــت والركائــز الفنيــة‪ ،‬قــد بلغــوا حــد اإلشــباع يف اصطنــاع النزعــة التحرريــة املطلقــة‪،‬‬ ‫وكثــرا ً منهــم حــاول اســتبعاد املوضــوع متامــاً مــن صميــم العمــل الفنــي يف حــن أن‬ ‫البعــض وجــدوا أنفســهم مدفوعــن بشــكل أو بآخــر إىل اختيــار موضوعــات هائلــة مــن‬ ‫أجــل تحويــل أنظــار النــاس إىل أعاملهــم‪ ،‬بينــا نجــد أن كبــار الفنانــن نــادرا ً مــا يعمــدون‬ ‫إىل املبالغــة يف التهويــل أو اإلغـراق يف اختيــار موضوعــات لوحاتهــم ألنهــم يعلمــون حــق‬ ‫العلــم أن بســاطة املوضــوع قــد ال تتعــارض مطلق ـاً مــع أصالــة التعبــر وقــوة الصــورة‪،‬‬ ‫وكث ـرا ً مــا تكــون الصــورة األوليــة يف نظــر الفنــان لهــا األفضليــة مــع املضمــون ف ـراه ال‬ ‫يضــع املوضــوع يف مقدمــة أولياتــه إال يف االعتبــار الثــاين‪ ،‬بينــا يقتــر عــى التالعــب‬ ‫بالصــورة املجــردة‪ ،‬مرك ـزا ً عــى قــوة الصــورة البرصيــة وتداعياتهــا ناســياً أو متناســياً أن‬ ‫املتلقــي ال يهمــه كث ـرا ً قــوة الصــورة بقــدر مــا تهمــه عالقــة الصــورة باملوضــوع‪ ،‬أي أنــه‬ ‫يبحــث عــن املــزج بــن املعادلتــن إذ البــد للمتلقــي مــن فهــم ســيطرة الفنــان عــى عملــه‬ ‫الفنــي مــن حيــث تكويــن اللوحــة شــكالً ومضمون ـاً‪ ،‬وهــذه املعطيــات تدخــل يف صلــب‬ ‫موضــوع العمــل الفنــي كأســاس لبدايــة مهمــة يف تحديــد مفهــوم اللوحــة بــكل أبعادهــا‬ ‫ومقوماتهــا ألن الفــن مــا هــو إال وســيلة مــن وســائل اتصــال النــاس فيــا بينهــم يف الوقــت‬ ‫الــذي ينقــل األف ـراد أفكارهــم بواســطة الــكالم‪ ،‬وباملقابــل بفضــل الفــن يتبــادل النــاس‬ ‫عواطفهــم وأحاسيســهم عــر العمــل الفنــي وتجلياتــه‪.‬‬

‫يســتخدمون أجهــزة معينــة يعتمــدون عليهــا يف‬ ‫الرســم‪ ،‬أنــا أعتمــد عــى مــا التقطتــه عينــي ومــا‬ ‫هــو محفــوظ يف مخيــايل‪.‬‬ ‫ـم مل تشــتغل عــى تقديــم أعــال فنيــة يف‬ ‫* لِـ َ‬ ‫إطــار املدرســة التعبرييــة‪ ،‬ويف الحقيقــة لك أكرث‬ ‫مــن عمــل جميــل وهــام داخــل (كاتلوجــك)‬ ‫الخــاص كذلــك يف اتجاهــات فنيــة أخــرى مثــل‬ ‫التجريديــة أو الرسياليــة علــاً أنــك متتلــك‬ ‫طاقــة هائلــة يف الترشيــح واإليقــاع اللــوين‪.‬‬ ‫** أنــا أرســم الواقعيــة دون غريهــا علـاً بأننــي‬ ‫اشــتغلت عــى الكثــر مــن االتجاهــات الفنيــة‬ ‫األخــرى‪ ،‬لكننــي وجــدت نفــي يف االتجــاه‬ ‫الواقعــي أكــر مــن أي اتجــاه آخــر‪.‬‬ ‫* هــل تلقــى دعــاً وحرصــاً ورعايــة مــن‬ ‫املؤسســات الرســمية ملــا قدمتــه وأنجزتــه‬ ‫مــن مشــاريع مهمــة تــرز معــامل املدينــة‬ ‫الرتاثيــة واالجتامعيــة‪.‬‬ ‫** نعــم القيــت ومــا زلــت أالقــي الكثــر مــن‬ ‫الدعــم واملســاعدة مــن قبــل املؤسســات‬ ‫الرســمية وباألخــص وايل شــانيل أورفــا ورئيــس‬ ‫بلديتهــا‪.‬‬ ‫* مــا هــي أهــم املتاحــف أو املؤسســات‬ ‫التــي اقتنــت أعــال لــك يف تركيــا وخارجهــا؟‪.‬‬ ‫** لقــد اقتُنيــت يل أعــال كثــرة كان أولهــا‬ ‫يف متحــف أنقــرا للفــن الحديــث والهيــاكل‬ ‫والرســم‪ ،‬كذلــك وزارة الثقافــة الرتكيــة وبعــض‬ ‫البلديــات يف مــدن تركيــا مختلفــة إضافــة اىل‬ ‫رئاســة مجلــس الــوزراء ورئاســة الجمهوريــة‪،‬‬

‫عــى الصعيــد الخارجــي شــاركت يف ورشــة‬ ‫عامليــة للفــن الشــكييل يف قــرص‪ ،‬وكنــت‬ ‫املشــارك الــريك الوحيــد فيــه‪.‬‬ ‫* مــا يجــري للشــعب الســوري اليــوم مــن‬ ‫قتــل وترشيــد وإبــادة جامعيــة وقصــف‬ ‫بالطائــرات الحربيــة‪ ،‬هــل شــكل لديكــم‬ ‫دافعـاً مــا لتقديــم رؤيــة برصيــة تخــص هــذا‬ ‫الشــأن؟‪.‬‬ ‫** يف الحقيقــة أن مــا يتعــرض لــه إخوتنــا‬ ‫الســوريون فــاق الخيــال وأن حالــة اإلجــرام‬ ‫التــي وقعــت عــى الشــعب الســوري شــكلت‬ ‫لدينــا دافعـاً كبـرا ً للقيــام بجهــد جامعــي مــع‬ ‫بقيــة الزمــاء الفنانــن األتـراك‪ ،‬لكننــي أحتــاج‬ ‫ملجموعــة مــن الصــور الفوتوغرافيــة والتــي‬ ‫ستســاعدين يف اشــتغايل عــى تلــك الفكــرة‪،‬‬ ‫نحــن مــع الشــعب الســوري وهــم إخــوة لنــا‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫من ديوان أغاني فالمنكو لشاعر سوري‬

‫أرشب الليل‬ ‫ال بد أن َ‬ ‫ِ‬ ‫ال معنى أن ألتقيك وأنا صا ٍح‬ ‫ِ‬ ‫وسألقاك مثالً بصخبه‪.‬‬ ‫صاخب‬ ‫الليل‬ ‫ٌ‬ ‫رستُ عىل شاطئ البحر‬ ‫قذفت الحىص مل ّوحاً‬ ‫ُ‬ ‫اقص ْك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ترقص كام سأر ُ‬ ‫ألجعل الدوائر ُ‬ ‫هل أنا سكران؟‪.‬‬ ‫ست قلبي‪،‬‬ ‫تل ّم ُ‬ ‫حملت ك ّفاً من خيايل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫المستُها بصدري‪،‬‬ ‫انحنيت أقبّلُها‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫شفتا الهواء تهذيان‪،‬‬ ‫انفلت من أعالي‬ ‫ث ّم صوتٌ‬ ‫َ‬ ‫صارخاً‪:‬‬ ‫اس ُم ِك متناث َر الحروف من فمي‬ ‫خريف كالوطن‬ ‫الطقس ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يستبدل أوراقَه باملطر‪.‬‬ ‫الشج ُر‬ ‫عانقت غصناً عارياً‬ ‫ُ‬

‫عبد اهلل حسن‬

‫ألصقت فمي عىل رش ٍخ يف جذع ِه‬ ‫ُ‬ ‫شممت نسغَه‬ ‫ُ‬ ‫رس ّي الخفاء‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫يشبه ً ّ‬ ‫لَ ُد َن يل كأنه سيزهر‬ ‫فهمي من طني؟‪.‬‬ ‫فهمتُه‪ ..‬أليس َ‬ ‫ألغرس الغص َن يف أعامقي‬ ‫َ‬ ‫مبشاع ِر جس ْد‪.‬‬ ‫الرياح‬ ‫وم ّرت‬ ‫ُ‬ ‫م ّر املطر‬ ‫وحل الصفري‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫هل حان موعد الرقص؟‪.‬‬ ‫أنا قاد ٌم‬ ‫اقصك‬ ‫سأر ُ‬ ‫سأض ُّمك‬ ‫جسدي ط ٌني مش ّجر‬ ‫ِ‬ ‫لك أن تراقصيني كغصن‬ ‫أو تأوي يف جسدي كطري‬ ‫دون أن تخلعي ريشك‬

‫غريب الدار‬

‫دفن قبرة‬

‫ترقصُ في ثراها الجذور‬

‫شاهر خضرة‬

‫حرمل الثقافة‬

‫هل غادر الشعراء من مرتدّم؟‬

‫نبيل حاتم‬ ‫تركتــه جحافــل الــكالم وغــدا ً مثقــاً‬ ‫بالصمــت حــن ســألته‪:‬‬ ‫ هــل ســينجيل هــذا الســم يف الهــواء‪ ،‬وتزهــر‬‫أشــجار التفــاح؟‬ ‫ـس وكأن جثتــه تلقــى مــن شــاهقٍ يف وســط‬ ‫أحـ َّ‬ ‫الســاحة‪ ،‬صمتــت مــع صمتــه وقــد كتمــت‬ ‫آه ـ ًة وصلــت إىل أعمــق أعامقهــا‪.‬‬ ‫كان عــى لســانه كالم كثــر‪ ،‬لكنــه اختــار‬ ‫الصمــت‪ .‬قالــت‪:‬‬ ‫ لقــد شــاهدت اليــوم مرسحيــة الشــيطان‬‫ٌ‬ ‫رجــال ال يشــبهون الرجــال‪،‬‬ ‫املمثلــون فيهــا‬ ‫ر وأنصــاف ثــران‪ ،‬رؤوســهم‬ ‫أنصــاف بــ ٍ‬ ‫خاويــة إالّ مــن الخــوف‪ ،‬والحقــد يلتمــع‬ ‫بعيونهــم امللســاء‪ .‬خشــبة املــرح كانــت هــذه‬ ‫الســاحة‪...‬‬ ‫قال وكأنه مل يسمع ما تقول‪:‬‬ ‫ لقــد اغتالتنــي كلمــة واحــدة‪ ،‬خرجــت مــن‬‫الفــم ذي االبتســامة الصفــراء‪« :‬اخــرس»!‬ ‫ي أن‬ ‫أحسســت أنــه أمــر نهــا ٌيئ وأبـ ٌ‬ ‫ـدي وأن ع ـ ّ‬ ‫أســكت إىل األبــد‪.‬‬ ‫تابعت حديثها‪:‬‬

‫العري‬ ‫ال يُشرت ُط عليك‬ ‫ُ‬ ‫نامي‪ ..‬نامي‪ ...‬مل َء عينيك‬ ‫حملت رصاخي‬ ‫أصوات القيثارات‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫والكؤوس الحمراء‬ ‫ُ‬ ‫شعوري اإلنسا ّين‬ ‫جرعت‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ومل يبق سوانا‪:‬‬ ‫ط ٌري نام بكاملِ ِ‬ ‫ريش ِه‬ ‫كعش‪.‬‬ ‫وذات معلّقة ّ‬ ‫هذه األرض تشتهيني‬ ‫الرتاب يش ّدين من ذيول ذاكرة أبديّة‬ ‫واملا ُء كل املاء‬ ‫الخفي منه والظاه ُر‬ ‫ُّ‬ ‫يف السامء‪ ،‬أو يف خجل الينابيع‬ ‫كان يبادلُني مذاقَه‬ ‫مبذاق امرأ ٍة راقصتني طويالً‬ ‫طويالً‪ ...‬طويالً‪..‬‬ ‫كنسيانِ املوت؛‬ ‫ترقص يف ثراها الجذور‪.‬‬ ‫ُ‬

‫نصف الباب‬

‫ لقــد كانــت مرسحيــة حمقــى‪ ،‬لصــوص‬‫الفــوىض‪ ،‬يف موســيقاها خلــل يخالــف إيقــاع‬ ‫الحيــاة‪ ،‬أمل ت ـ َر عــى وجــوه كل املمثلــن‪ ،‬ذلــك‬ ‫الشــؤم الــذي ميـ ّزق صباحــات التفــاؤل‪ .‬تغتالهــا‬ ‫دراميــة أحداثهــا وتدفعــك يك تكــون‪ ..‬مجــرد‬ ‫جــدار يف ديكورهــا‪..‬‬ ‫قال وهو شارد الذهن‪:‬‬ ‫ اليــوم عجــزتُ عــن دفــن القــرة التــي ماتــت‬‫عــى شــبايك‪.‬‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫ أتراهم هبة غبا ٍر ستبعرثها الريح‪..‬؟‬‫أجاب وهو ينظر إىل أفق بعيد‪:‬‬ ‫ اخــرس! هكــذا رصخ يب‪ ،‬خرجــت كســهم‬‫مســموم‪ ،‬اخــرق صــدري‪ ،‬تهاويــت وتالشــت‬ ‫يف يــدي أنفــاس القــرة حريــة‪ ..‬حريــة‪ ..‬حتــى‬ ‫غابــت‪ ..‬وكأن ســهامً أصابهــا‪ ..‬مثــة صمــت‬ ‫كئيــب قبــل أن يخــرج الغيــظ مــن صــدري‬ ‫ويتغلغــل يف جــدران الســاحة املشــبعة برائحــة‬ ‫الطعنــات الخائنــة والكرامــات املذبوحــة‪.‬‬ ‫أنــت كنــت يف الســاحة؟ مل أســمعك‬ ‫ إذا ً َ‬‫تنــادي‪.‬‬

‫قلــت ِ‬ ‫لــك طلــب منــي أن (أخــرس)‪ .‬لقــد‬ ‫‬‫ُ‬ ‫كنــت مشــغوالً بالبحــث عــن مســاح ٍة بحجــم‬ ‫كــف اليــد يك أدفــن قــ ّريت‪.‬‬ ‫لقــد كانــت الســاحة مكتظــة بالخــوف‪..‬‬ ‫الخــوف كان يف كل جنباتهــا مرتبصـاً يف زواياهــا‬ ‫املظلمــة‪....‬‬ ‫سأحمل قربيت وأرحل إىل كوكب جديد‪.‬‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫ كل الكواكــب مليئــة باألحــزان‪ ،‬فالخــوف‬‫موجــود هنــاك أيضــاً‪.‬‬ ‫ إىل أين إذن‪ ..‬أين سأقيم العزاء لقربيت‪..‬‬‫ اســمع‪ ...‬رمبــا تجــد مكانــاً تحــت الســاحة‬‫حيــث دفنــوا جثــث األوفيــاء‪ ..‬صدقنــي الفــرح‬ ‫مدفــون هنــاك‪ ،‬لــو وضعــت أذنــك عــى الـراب‬ ‫ستســمع أصواتهــم هدي ـرا ً عالي ـاً‪.‬‬ ‫قال وكأنه مل يسمعها‪:‬‬ ‫ ســأبحث عــن مــكان أدفــن فيــه عظــام قــريت‬‫ـب منــي أن أخــرس‪.‬‬ ‫فقــد طُلِـ َ‬ ‫نظــر إىل وجههــا‪ ،‬ابتســم‪ ،‬حمــل ق ّربتــه وغــاب‬ ‫صامت ـاً بــن الجمــوع‪..‬‬ ‫نيسان ‪2011‬‬

‫هذا املحفو ُر بخارط ِة الع َرقِ‬ ‫باب املقهى مندفعاً نحو الشارع ثاني ًة‬ ‫لك ّن النه َر بعي ٌد كطفولتنا‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫أفتح َ‬ ‫ـرب الــرثَّ املتس ـ ّك َع يف َصيـ ٍ‬ ‫ـف ال ُ‬ ‫َم ـ ْن يعـ ُ‬ ‫املغ ُّرب من التجوا ِل امل ُضني‬ ‫أتف ّيأُ ِظ ّل الجدرانِ املتآكل ِة طال ًء‬ ‫أعرف كالضائعِ كالصائِعِ كالسائ ِر يف الحلمِ‬ ‫ـرف يف بــروتَ امل ُغـ َ‬ ‫نظراتُ عجو ٍز بارد ٌة‬ ‫خطاي التعبى‪..‬‬ ‫إىل أين تس ُري‬ ‫مــا‬ ‫أس ُري وحيدا ً‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫قدماي قليالً عن َد العتبة‬ ‫أحياناً تتباطأ‬ ‫الساعات املحروق ِة قيلولتها‬ ‫وشوار ُع بريوت‪ ,‬تأخ ُذ يف‬ ‫تاب تلفُظ ُه الطرقاتُ وحيدا ً ُدون صديق‬ ‫أتب ُع من َعر َِج الظِّل‪..‬‬ ‫ك ِك ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رأيس‬ ‫لك ّني أميش‪..‬‬ ‫الكلامت‪ ,‬وآه‪..‬‬ ‫والقيظ‪ ,‬وآه‬ ‫وتشوي َه الغربة للبني آدمِ ‪,‬‬ ‫شوار ُع دو َن ِظالل‬ ‫محرتساً ُ‬ ‫أقف وأطر ُِق ْ‬ ‫ٍ‬ ‫أميش أميش محرتقاً‬ ‫أكتب ِشعرا ً‬ ‫بعض رذا ِذ هواء بارد‬ ‫ُّ‬ ‫شوار ُع صامت ٌة وشوار ُع ُمغلق ٌة‬ ‫فريش الظُّه َر بوجهي ُ‬ ‫أحياناً ُ‬ ‫أجلس يف املقهى ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫باب ما‪...‬‬ ‫أ ْص ُف ُن ساعات دون حر ْاك‬ ‫واألُخرى ال تؤوي الغربا َء وال الغربان‬ ‫رس ُب من فتحة ٍ‬ ‫تأتينــي مــن خَلــف النافــذة املفتوحـة رائحـ ُة امــرأة بثيـ ِ‬ ‫ـاب يت ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوقت وأحل ُم…‬ ‫لبعض‬ ‫وجهي‬ ‫أترك‬ ‫ـي الشــاحبت ِني عــى فنجــانٍ أو زخرفـ ٍة أو حتــى النوم‬ ‫ظهري ُة متو ٍز يف بريوتْ ‪ ..‬تجعلُني مثل اإلسفلت املائ ْع‪..‬‬ ‫ينطفئ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وأُعلّـ ُـق عينـ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ـب اإلسـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫األكلِ‬ ‫ً‬ ‫للنصــف‬ ‫الخشــبي املفتوحــة‬ ‫البــاب‬ ‫ُلــل‬ ‫خ‬ ‫مــن‬ ‫م‬ ‫ُــ‬ ‫ل‬ ‫أح‬ ‫ة‬ ‫ائح‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫أحيان‬ ‫يئ‬ ‫أمعا‬ ‫ش‬ ‫ر‬ ‫وته‬ ‫ـرة‬ ‫ـ‬ ‫عاب‬ ‫ة‬ ‫ـرأ‬ ‫ـ‬ ‫ام‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫نح‬ ‫ة‬ ‫ً‬ ‫ـفلت حفــا‬ ‫ـض فــوق لهيـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫آ ٍه‪ ..‬يــا مــا كُنــا نركـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫بأشــيا َء كثــرة‪.‬‬ ‫وجهي‬ ‫تتلصص يف‬ ‫وأحياناً‪،‬‬ ‫النادل ير ُمقني بربو ٍد كالعادة‬ ‫النهـ ِر و‪ ..‬يــا مــا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫* الحسن بنمونة‬ ‫السيد سياسة‬ ‫_ ماذا تريد سيدي؟‬ ‫_ أرغب يف أن أكون عضوا يف حزبكم‪..‬‬ ‫_ آه‪..‬حزبنــا‪ ..‬كال‪ ..‬كال‪ ،‬ســيدي‪ .‬ليســت لنــا‬ ‫وظائــف شــاغرة‪ .‬ولكــن ال بــأس مــن أن متــأ‬ ‫اســتامرة‪ ..‬فــإذا طردنــا عضــوا ً أو _ ال قــدر‬ ‫اللــه‪ -‬التحــق بالرفيــق األعــى طلبنــاك‪.‬‬ ‫_ شــكرا لكــم‪ ..‬ســيدي‪ ..‬ولكــن مل تضيعــون‬ ‫عضــوا ً بهــذا القــدر مــن الحــاس والثــورة؟‬ ‫_ ســيدي‪ ،‬أنــت ال تــدري (وهــذه مــن أرسار‬ ‫حزبنــا)‪ ،‬أن حزبنــا أراد تحديــث آلياتــه‬ ‫ومرجعياتــه‪ ..‬ولهــذا أرجأنــا الدخــول إليــه مــن‬ ‫البــاب الواســع‪..‬‬ ‫_ مل أفهم شيئاً سيدي‪..‬‬ ‫_ وأنــا هــل فهمــت شــيئاً؟ أنــا أنقــل إليــك مــا‬ ‫قيــل يف أحــد املؤمت ـرات العاجلــة‪ ..‬بعــد ســنة‬ ‫أو ســنتني‪ ،‬أو عرشيــن ســنة‪ ،‬أو خمســن ســنة‪..‬‬ ‫ســنقبلك عضــوا ً بــن صفوفنــا‪ ..‬لنناضــل جميعــا‬ ‫ألجــل الحريــة التــي تــرق وتغيــب‪.‬‬ ‫_ ســأعود إليكــم بعــد خمســن ســنة‪ ..‬وأنــا‬ ‫كال ّرميــم‪ ..‬وليبــارك اللــه دخــويل مــن البــاب‬ ‫الضيــق‪..‬‬ ‫_ واآلن خــذ هــذه الورقــة‪ ..‬امألهــا دون‬ ‫تشــطيب أو تزييــف للحقائــق‪ ..‬واذهــب إىل‬ ‫حــال ســبيلك غــر ملــوم‪.‬‬

‫قصص قصيرة‬ ‫البندقية والذبابة‪.‬‬

‫_ شــكرا ً لكــم ســيدي‪ ..‬فقــد أنرتــم يل الطريــق‪..‬‬ ‫شــكرا ً لكم‪..‬‬ ‫قال له‪:‬‬ ‫وخرج ساخطاً عىل الساسة أجمعني‪.‬‬ ‫_ ناولني البندقية‪.‬‬ ‫_ أنــت ال تجيــد اســتعاملها‪ .‬قــد تصيــب بدنــك‬ ‫بجــروح وقــد تصفيــه‪.‬‬ ‫األعداء قادمون‬ ‫_ ومــا شــأنك أنــت ببــدين؟ هــو ال ينتمــي إليك‬ ‫صاح بصوت مرتفع‪:‬‬ ‫فلــم تشــغل بالــك بــه؟ أمرتــك بــأن تناولنــي‬ ‫_ األعدا ء‪ .‬األعدا ء‪ .‬األعداء‪.‬‬ ‫البندقيــة يــا رجــل‪.‬‬ ‫ثالث مرات‪.‬‬ ‫شــمرنا عــن ســواعدنا وهرعنــا إىل البنــادق _ ومل ال تتناولها بيدك أيها العاجز؟‬ ‫_ أنــا حقــاً عاجــز عــن تناولهــا ألننــي أريــد‬ ‫والســيوف والســكاكني فتســلحنا بهــا‪.‬‬ ‫أن أعــرف إن كنــت أمتلــك أصدقــاء أوفيــاء أم‬ ‫مل نر أي عدو‪.‬‬ ‫ال‪ .‬أنــت ال متــت بــأي صلــة إىل طينــة الوفــاء‪.‬‬ ‫مرت سنوات ثم أعاد صيحته الشهرية‪:‬‬ ‫مالمحــك تــي بذلــك‪ .‬متتلــك وجــه متــرمٍ‬ ‫_ األعداء‪ .‬األعداء‪ .‬األعداء‪ .‬األعداء‪.‬‬ ‫مــن الحيــاة‪ .‬ال تحــب إســداء خدمــة جـ ّـى إىل‬ ‫أربع مرات‪.‬‬ ‫صديــق ويف‪.‬‬ ‫ومل نر أي عدو يعن لنا يف األفق‪.‬‬ ‫مــرت ســنوات طــوال وهــو يلجــأ إىل الصيــاح _ وإن ناولتــك هــذه البندقيــة أتــود لــو ترديني‬ ‫قتيالً ؟‬ ‫يخيفنــا مــن أعــداء وهميــن‪.‬‬ ‫_ ال‪ ،‬يــا صديقــي‪ .‬أو تــود لــو أدخــل الســجن‬ ‫ابن الكلب‪.‬‬ ‫كان يقتــات مــن خوفنــا‪ .‬يتلقــى الدعــم مــن ألجــل حــدث تافــه؟ أقتــل بقــة آدميــة‪ .‬أنــا‬ ‫جمعيــات غــر حكوميــة إلعالتنــا ســاعة يهجــم أريــد قتــل الذبابــة التــي بــدا لهــا أن خــدي‬ ‫علينــا األعــداء فيشــتتون شــملنا ويقتلــون كــريس محطــة قطــار أيهــا الوغــد‪ .‬أرسع‬ ‫وأعطنــي البندقيــة‪.‬‬ ‫صغارنــا وكبارنــا ونســاءنا‪.‬‬ ‫ابن الكلب‪.‬‬ ‫ال يخجــل مــن أعاملــه الدنيئــة أبــدا ً‪ .‬يتحــدث‬ ‫صورة‪.‬‬ ‫عــن معاناتنــا إىل القنــوات الخارجيــة وهــو أنتــم تــرون يف الواجهــة الشــاعر أحمــد‬ ‫جالــس يف صالــون صمــم باملاليــن‪.‬‬ ‫املجاطــي‪ .‬لــه قصيــدة شــهرية عــن الــدار‬ ‫البيضــاء‪ .‬جنبــه عــى اليمــن الشــاعر الكنــوين‬

‫املهــووس باألســاطري القدميــة‪ .‬ال غرابــة يف أن‬ ‫مضامينهــا ال تنفصــل عــن غرابــة واقعنــا‪ .‬يف‬ ‫اليســار الشــاعر محمــد زف ـزاف‪ .‬املعــذرة‪ .‬هــو‬ ‫ليــس بشــاعر‪ .‬هــو بائــع قصــص وروايــات‪.‬‬ ‫يقــال دومــاً إننــا بنــي البــر نخطــئ وقــد‬ ‫نرتكــب الكبائــر دون قصــد‪ .‬املعــذرة أيهــا‬ ‫القـراء األعـزاء‪ .‬مل يحــر الشــاعر شــكري ألنــه‬ ‫كان مصابـاً بنزلــة بــرد‪ .‬املعــذرة‪ .‬أخطــأت مــرة‬ ‫أخــرى‪ .‬أرضب اآلن خــدي األميــن‪ .‬مل تخطــئ‬ ‫يــا لســاين‪.‬؟ يبــدو املجاطــي مبتس ـاً فالصــورة‬ ‫التــي التقطهــا مصــور هــاو معجــب بشــعره‬ ‫ألنــه مــن الــدار البيضــاء صادفــت ابتســامة‬ ‫صــدرت عــن متشــاعر‪ .‬هــذا يعنــي أنــه يســخر‬ ‫منــه يف أعامقــه‪ .‬ال بــأس‪ .‬ال بــأس‪ .‬فالحيــاة‬ ‫مليئــة بالســار والضــار كــا يقولــون‪ .‬الكنــوين‬ ‫يريــد قــول يشء ألن فمــه كان مفتوحــاً‪ .‬يف‬ ‫الواقــع نحــن نتوجــس خيفــة مــن الذبــاب‪ .‬مل‬ ‫يكــن مهتــاً بالذبــاب‪ .‬يبــدو عليــه انشــغال‬ ‫باملــرض‪ .‬ألعنــك أيهــا املــرض‪ .‬ألعنــك أيتهــا‬ ‫األمــراض اللعينــة‪ .‬ال بــأس‪ .‬ال بــأس‪ .‬صــورة‬ ‫معــرة عــن لحظــة شــاعرية ولكنهــا مخلوطــة‬ ‫بقهــوة ســوداء ال تثــر إال القلــق‪ .‬يف اليســار‬ ‫الشــاعر عبــد اللــه راجــع وهــو صاحــب‬ ‫خريــف الــدار البيضــاء‪ .‬يقــال إن القصيــدة‬ ‫جنــت عليــه‪ .‬ال بــأس‪ ،‬ال بــأس‪ .‬نحــن ال نعيــش‬ ‫يف بلــد يحــرم فيــه الفــرد اآلخــر‪ .‬ال بــأس إن‬ ‫أخطــأ وهــذا ال يعنــي أنه مجــرم‪ .‬الشــعراء وإن‬

‫أخطــؤوا ليســوا مبجرمــن‪ .‬ال بــاس البــس‪ .‬ثالثــة‬ ‫شــعراء كبــار جمعتهــم لحظــة مــن الزمــن‬ ‫فجمــدت ابتســاماتهم‪ .‬ال شــك أنهــم اآلن يف‬ ‫جحيــم الشــعر يلوكــون كالمــاً عــن الشــعر‬ ‫الــذي خلفــوه جريحــاً ويضحكــون‪.‬‬

‫جرحان‪.‬‬

‫ال بــأس إن تراشــقنا بالــكالم البــذيء‪ .‬نحــن مــن‬ ‫طينــة خاصــة جــدا ً‪ .‬أبداننــا تشــبه تضاريــس‬ ‫جبــال وعــرة ال يســلكها الخائفــون الجبنــاء‪.‬‬ ‫نرتاشــق بالــكالم البــذيء وبعدهــا عندمــا‬ ‫نصــاب بالعــي‪ ،‬منســك بالســكاكني لنبــدأ‬ ‫مرحلــة جديــدة يف العــراك‪ .‬أرشــق صديقــي‬ ‫الــويف بســكيني فيلــج صــدره‪ .‬يســتقبل املؤامرة‬ ‫الدنيئــة بفــرح ال يعادلــه إال فــرح العثــور عــى‬ ‫قطعــة ذهــب يف شــارع يكتــظ باملــارة‪ .‬يرفــع‬ ‫يديــه إىل األعــى وينــط هنــا وهنــاك غــر مهتم‬ ‫بالدمــاء التــي تنســاب مــن صــدره‪ ،‬وقميصــه‪.‬‬ ‫يرشــقني بســكينه فأهــوي إىل األرض ولكننــي‬ ‫أمتاســك حتــى ال أبــدو مغــرورا ً أو جبانـاً‪ .‬أقــف‬ ‫شــامخاً كشــجرة صفصــاف‪ ،‬وأســتل الســكني‬ ‫مــن لحمــي ثــم أتفاخــر بهــا أمــام املــارة الذيــن‬ ‫مل يعــد يهمهــم أمــر العـراك والدمــاء‪ .‬صديقــي‬ ‫يقــوم مبــا أفعــل‪ .‬نتعانــق بحــب قـ ّـل نظــره يف‬ ‫هــذا العــامل الكئيــب‪ .‬نتعانــق ونضحــك عالي ـاً‬ ‫ثــم ننحنــي إىل األرض لنصنــع عجينــة مــن‬ ‫ال ـراب منــأ بهــا الجرحــن‪..‬‬ ‫* كاتب مغربي‬

‫إبراهيم العلوش‬ ‫أربعة أعوام والثورة السورية تقدم الغايل والنفيس‪..‬‬ ‫أربعــة أعــوام‪ ..‬ونــار الحــاس للحريــة تتلظــى غــر آبهــة بحجــم التحديــات‪ ،‬وال بحجــم‬ ‫الوعيــد الــذي يتهددهــا‪ ،‬مل تتوقــف نــار الثــورة رغــم كل التضحيــات‪ ،‬ورغــم كل الدمــار‪،‬‬ ‫ورغــم كل التحليــات التــي تتنبــأ باستســامها املســتحيل!‬ ‫أربعــة أعــوام‪ ..‬ومل يكتــب الشــعراء قصائدهــم‪ ،‬التــي ترتقــي إىل جبــل اإلرصار والتحــدي‬ ‫الــذي تبنيــه إرادة الشــعب الســوري‪ ،‬وتبنيــه تضحياتــه العظيمــة!‬ ‫أربعــة أعــوام‪ ..‬ومل نقــرأ روايــة كبــرة تتلقــف روح الثــورة املتوقــدة‪ ،‬أو تعيــد فهــم األشــياء‬ ‫إىل الجــادة الصحيحــة‪ ،‬وتكــرس جامليــات جديــدة وغــر مســبوقة‪ ،‬أربعــة أعــوام خلقــت‬ ‫أبطــاالً خارقــن‪ ،‬وخلقــت مشــاعر عميقــة‪ ،‬أعمــق كث ـرا ً مــن املحيطــات املتاموجــة منــذ‬ ‫ماليــن الســنني!‬ ‫إذا كان السياســيون قــد فشــلوا‪ ،‬وأكلتهــم مطامعهــم الشــخصية‪ ،‬أو الفئويــة الضيقــة‪،‬‬ ‫وخذلتهــم تصوراتهــم املحــدودة‪ ،‬واملتناغمــة مــع مــا رســخه االســتبداد مــن أخــاق الضعــة‪،‬‬ ‫ومــن التذلــل ملختلــف أنــواع األجهــزة املحليــة واإلقليميــة والدوليــة‪ ..‬فأيــن الشــعراء‪ ،‬وأيــن‬ ‫الكتــاب‪ ،‬وأيــن الفنانــون؟!‬ ‫هــل خضعــوا لليــأس وتركــوا عشــاقهم وأبطالهــم هامئــن بــا ورق يؤويهــم يف هــذا الــرد‬ ‫القــارس‪ ،‬ويف ذاك الحــر املســتعر؟‬ ‫هــل تخلــوا عــن أقالمهــم وعــن أخيلتهــم‪ ،‬وراحــوا يركضــون هامئــن عــى وجوههــم يف‬ ‫دروب الضيــاع والتــرد‪ ،‬باحثــن عــن الشــفقة‪ ،‬أو منطويــن تحــت ســيطرة البنــادق التــي‬ ‫تنكــرت للمبــادئ وللنــاس‪ ،‬وراحــت تبحــث عــن أمــان لــدى هــذه الجهــة الخادعــة‪ ،‬أو‬ ‫تلــك‪ ،‬مســقطة خيــار الوطــن الســوري الحــر الكريــم؟!!‬ ‫أبطــال الثــورة الســورية بانتظــار قصائــد الشــعراء‪ ،‬التــي ترتقــي إىل تضحيــات الشــهداء‬ ‫واألبطــال املجهولــن‪ ،‬بانتظــار اللوحــات الجميلــة التــي تخلــد دماءهــم املســفوكة يف‬ ‫الشــوارع‪ ،‬ويف البيــوت‪ ،‬ويف أقبيــة التعذيــب‪ ..‬بانتظــار الروايــات التــي تحــي للعــامل‪،‬‬ ‫ولألجيــال‪ ،‬وللنــاس‪ ،‬ولــكل مــن قســت قلوبهــم‪ ،‬تحــي عــن مالئكيــة األرواح التــي صعــدت‬ ‫إىل الســاء غــر آبهــة بــكل مطامــع السياســيني‪ ،‬وال خائفــة مــن كل تهديــدات املهدديــن‬ ‫واملتوعديــن‪..‬‬ ‫أربــع ســنوات مــرت كأربعــة قــرون‪ ،‬أو أكــر بكثــر مــا يعـ ّدون‪ ،‬لقــد مــرت محملــة بــكل‬ ‫أنــواع العذابــات‪ ،‬وبــكل أنــواع األحــام‪ ،‬وبــكل أنــواع التحديــات التــي ال متــر خــال قــرون‬ ‫مــا يعيشــه املســتبدون وأعــوان املســتبدين‪..‬‬ ‫هــذه الثــورة مــن دمــاء‪ ،‬ومــن حلــم‪ ،‬ومــن إرادة ال تلــن‪ ،‬وهــي تحتــاج إىل شــعراء‪،‬‬ ‫وإىل كتّــاب‪ ،‬وإىل فنانــن يفهمونهــا‪ ،‬ويفهمــون تضحياتهــا‪ ،‬ويحســون بأحاســيس أناســها‪،‬‬ ‫ويرتقــون مــع أبطالهــا إىل الســاء‪ ،‬ويدخلــون مــع أبطالهــا إىل املعتقــات‪ ،‬ويركضــون يف‬ ‫الصحــاري‪ ،‬ويف الــدروب املقطوعــة‪ ،‬ويف الليــايل التــي تبخــل عــى النــاس حتــى بإضــاءة‬ ‫قمــر وليــد!‬ ‫هــذه الثــورة‪ ..‬ال تطلــب مــن أحــد وال تتذلــل ألحــد‪ ،‬إنهــا حاملــة املجــد وكل مــن يقــرب‬ ‫منهــا ويندمــج فيهــا‪ ،‬ويكتــب لهــا مســتلهامً روحهــا‪ ،‬ســيتعاىل إىل عظمتهــا التــي تضمــن لــه‬ ‫املجــد‪ ،‬وتضمــن لكلامتــه البقــاء!!‬ ‫فهل سنبقى نكرر قول عنرتة العبيس‪:‬‬ ‫هل غادر الشعراء من مرت ّدم ‬

‫يف متام العشق موتى‬ ‫يا ِ‬ ‫أهتف ال أنا‬ ‫أنت ُ‬ ‫هذا املسا ُء‬ ‫ُم َخ َّبأٌ بقصيديت‬ ‫كالغيمِ‬ ‫ِ‬ ‫للشمس‬ ‫ُ ْي ِس ُك يَاقَ ًة‬ ‫ترشق يف ميادي َن‬ ‫استقرتْ ها هناك‬ ‫وها هنا‬ ‫هل جاءت الثوراتُ عاري ًة‬ ‫تداعب حل َمنا؟‬ ‫ُ‬ ‫أم أننا جئنا عرايا‬ ‫يف بال ٍد‬ ‫ال تُجِي ُد‬ ‫حياك َة الصب ِح امل ُ َو َّش بالجنونِ ؟‬ ‫ِ‬ ‫مقلتيك‬ ‫داعب‬ ‫فال نسيم ال ُحلمِ‬ ‫َ‬ ‫وال الهوى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الحرف‬ ‫ارتشاف‬ ‫يهوى‬ ‫تفتش عن حن ٍني‬ ‫قافي ًة ُ‬ ‫كيف تفرتش الغواي ُة‬ ‫أُف َْق هذا املُتَّ َكأْ؟‬

‫* سناء مصطفى‬

‫و َمن اشتهى لون الجرا ِح‬ ‫ومن نكأْ؟‬ ‫ِ‬ ‫العاديات‬ ‫ما زل ِْت ‪-‬رغم‬ ‫يَ ِف ْد َن من زمن األساطريِ البعيد ِة‪-‬‬ ‫تستبيحني السكوتَ‬ ‫مبتغاى‬ ‫فال سكوت ُِك‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫حديثك يستث ُري صبابتي‬ ‫وال‬ ‫ِ‬ ‫حنينك عن ورو ِد قصائدي‬ ‫كُفِّى‬ ‫ال برئَ عندي‬ ‫وال ُرعا ٌء‬ ‫كأس تفو ُر‬ ‫ُ‬ ‫كأسنا‪ٌ ..‬‬ ‫مبا تبقى من مشاه َد‬ ‫ِ‬ ‫للبطوالت املعبأة ‪-‬انكسارا‪-‬‬ ‫تفضح‬ ‫والرصاص ُة سوف‬ ‫ُ‬ ‫َمن تخاذل يف الطريقِ‬ ‫و َمن بىك‬ ‫جفت األقالم هيا‬ ‫فـ «الجزيرةُ»‬ ‫سوف تُ ْعلِ ُن يف متام العشقِ َم ْو ِت‬ ‫تليق‬ ‫والهزمي ُة ال ُ‬ ‫مبن يُ َو ِّرث مدفعا‬

‫‪13‬‬

‫أم هل عرفت الدار بعد توهم؟!‬

‫حلم الخالص‬ ‫* اسامة الزقزوق‬

‫* شاعرة مصرية‬

‫من ذا يقاوم حلم‬ ‫الخالص‬ ‫يف لغتي‬ ‫وأنا الذي ناداه النيل منذ الطفولة‬ ‫وألبسه عنفوان التجيل‬ ‫وعلّمه لغة ال تنكرس أرشعتها فوق الضفاف‬ ‫وأنا النورس الفتي الذي يأىب الهجرة بغري‬ ‫رغبه‬ ‫حتى وإن منحوه رس املكاشفة‬ ‫رس الضياء‬ ‫ورس القمر املتيم بلياله‬ ‫ورس ما أنت وسواك يخشاه‬ ‫فأنا الطفل الذي علمه أبوه‬ ‫أن من فرط يف األرض‬ ‫فرط فيام سواه‬

‫* شاعر مصري‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫في سجن صيدنايا‪..‬‬ ‫َمن قتل الناشط احلقوقي نزار رستناوي؟!‬

‫مــن معرفتــي اللصيقــة باملهنــدس نــزار‬ ‫تأكــد يل أنــه كان يلعــب دورا ً عــى غايــة‬ ‫األهميــة يف ســجن صيدنايــا‪ ،‬كان باعتبــاره‬ ‫عضــوا ً يف قيــادة منظمــة حقوقيــة ســورية‬ ‫معنيـاً مبتابعــة أوضــاع الســجناء داخل الســجن‬ ‫ـض النظــر‬ ‫مبــن فيهــم الســجناء اإلســاميون‪ ،‬بغـ ّ‬ ‫عــن رأيــه بعقائدهــم وخالفــه معهــم بشــكل‬ ‫مســتمر‪ ،‬وهــو مــن منطلــق أخالقــي وإنســاين‬ ‫وحقوقــي حــاول املســتحيل لتطويــر وتحســن‬ ‫أوضاعهــم اإلنســانية والصحيــة‪ ..‬ومــن أجــل‬ ‫ذلــك بنــى عالقــات مصلحيَّــة مــع عــدد مــن‬ ‫حــرس الســجن‪ ,‬وبعــض عنــارص اإلدارة بتقديــم‬ ‫املــال أو هدايــا بســيطة لهــم‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫الحصــول عــى بعــض األدوات الرضوريــة‬ ‫الســتخدام الســجناء صحي ـاً وإنســانياً‪ ..‬وفــوق‬ ‫هــذا كان يطالــب مبقابلــة مديــر الســجن‬ ‫مــن أجــل نقــل أوضــاع الســجناء الســيئة لــه‪،‬‬ ‫محــاوالً الضغــط عــى املديــر لتحســينه‪ ,‬عــر‬ ‫إنــذاره أن الســجن ســوف ينفجــر يف وجــه‬ ‫العقيــد‪ ،‬وأن أوضــاع الســجناء ال ت ُحتمــل‪ ،‬وأنــه‬ ‫ال بُــ َّد مــن التعامــل مــع اإلســاميني بشــكل‬ ‫إنســاين‪ ,‬ومحاولــة محاورتهــم أو تثقيفهــم‪.‬‬ ‫لهــذا كان نــزار محرتمــاً مــن الســجناء مبــن‬ ‫فيهــم بعــض اإلســاميني املعتدلــن‪ ،‬وهــو‬ ‫بالتأكيــد‪ ,‬كان محبوب ـاً فــوق أنَّــه ُمحــرم مــن‬ ‫الســجناء العلامنيــن الدميقراطيــن األكــراد‬ ‫والجنائيــن‪ ،‬لهــذا كانــوا يلقبونــه بـ»الخــال»‪،‬‬ ‫نظ ـرا ً ملوقعــه الكبــر بالنســبة لهــم‪ ،‬ن ـزار كان‬ ‫مبثابــة األب‪ ..‬ولقــد دفــع حياتــه مثن ـاً ألبوتــه‪..‬‬ ‫يــوم ‪ 27‬آذار بعــد ســاعات مــن بدايــة التم ـ ّرد‬ ‫األول يف صيدنايــا‪ ،‬طلبــت لجنــة ‪ -‬قيــل إنهــا‬ ‫مك َّونــة مــن ضبــاط جــاؤوا مــن القــر‬ ‫الجمهــوري والجيــش ‪ -‬مجموعــة مــن الســجناء‬ ‫ملفاوضتهــم‪ ,‬ومعرفــة أســباب التمــ ّرد‪ ،‬اختــار‬ ‫الســجناء اإلســاميون ســبعة أشــخاص بطبيعــة‬ ‫الحــال مل يكــن بينهــم أي ســجني غــر إســامي‪،‬‬ ‫فطلبنــا مــن نــزار رســتناوي أن يكــون جــزءا ً‬ ‫مــن املفاوضــن يك نعــرف مــا الــذي يجــري‬ ‫وإىل أيــن يذهــب الســجن‪ ،‬بعــد اإللحــاح‬ ‫عــى نـزار مــن قبــل األصدقــاء قبــل بااللتحــاق‬ ‫باملفاوضــن‪ ،‬أتذكــره اآلن وهــو ينــزل درجــات‬ ‫الســلم الحلــزوين مــن الطابــق الثالــث هبوط ـاً‬ ‫إىل الطابــق األول‪ ،‬توقــف وســط الــدرج ونظــر‬ ‫إىل األعــى أشــار إليــه أحدهــم أن انــزل‪،‬‬ ‫هــل كان نــزار مــرددا ً؟ أم شــعر أنــه يجتــاز‬ ‫الخطــوات األوىل نحــو حتفــه؟ بعــد أن عــاد‬ ‫نــزار مــن لقــاء اللجنــة العســكرية واألمنيــة‬ ‫اســتمعت لــه ولبقيــة لجنــة الســجناء‬ ‫التــي‬ ‫ْ‬ ‫اإلســاميني‪ ,‬قــال إنــه فضــح مديــر الســجن‬ ‫العقيــد عــي خــر بــك‪ ,‬لدرجــة أن أحــد ضبــاط‬ ‫اللجنــة طــرد عــي خــر بــك خــارج غرفتــه ألنــه‬ ‫حــاول مقاطعــة نــزار أكــر مــن مــرة‪ ،‬وقــد‬ ‫قــال ن ـزار للجنــة العســكرية وبحضــور لجنــة‬ ‫الســجناء اإلســاميني‪ ,‬إن الســبب يف االســتعصاء‬ ‫هــي الضغــوط التــي مارســها مديــر الســجن‬ ‫عــي خــر بــك‪ ،‬ومحاولتــه إذالل اإلســاميني‪,‬‬

‫فــا طعــام يصلــح للبــر وال زيــارات لغــر‬ ‫املحكومــن‪ ..‬الــخ‬ ‫وهــذا مــا فاجــأ مديــر الســجن الــذي اعتقــد أن‬ ‫ن ـزار ســيكون أقـ ّـل املنتقديــن لــه‪ ،‬لكــن ن ـزار‬ ‫كان أشــد املنتقديــن لعــي خــر بــك فهــو أخــر‬ ‫اللجنــة العســكرية األمنيــة‪ ,‬أنــه كان قــد حـذّر‬ ‫مديــر الســجن أكــر مــن مــرة مــن االنفجــار‬ ‫بســبب ضغوطــه ومامرســاته الســيئة تجــاه‬ ‫املعتقلــن‪ ,‬لكنــه مل يرتاجــع عــن مامرســاته‪.‬‬ ‫فشــل عــي خــر بــك بتحميــل الســجناء‬ ‫اإلســاميني مســؤولية االســتعصاء األول يف‬ ‫صيدنايــا‪ ،‬بســبب اتفــاق كل الســجناء الذيــن‬ ‫اســتمعت إليهــم اللجنــة العســكرية عــى أن‬ ‫الســبب األول لالســتعصاء هــي مامرســات‬ ‫وضغــوط عــي خــر بــك عليهــم‪ ...‬مــن هــذه‬ ‫الحادثــة بالضبــط ميكــن أن نــدرك الســبب‬ ‫الحقيقــي ملقتــل نــزار رســتناوي‪ ،‬لقــد أخــذ‬ ‫العقيــد عــي خــر بــك قــرارا ً ال رجعــة عنــه‬ ‫يف هــذا اليــوم باالنتقــام مــن ن ـزار رســتناوي‪،‬‬ ‫ألنــه مــ ّرغ وجهــ ُه أمــام اللجنــة العســكرية‬ ‫األمنيــة اآلتيــة مــن القــر الجمهــوري‬ ‫والجيــش‪ ،‬وأظهــره مبظهــر املســؤول الوحيــد‬ ‫عــن اســتعصاء ســجن صيدنايا العســكري األول‪،‬‬ ‫وهــو اســتعصاء مل يحــدث يف تاريــخ الســجن‬ ‫أو أي ســجن آخــر يف ســورية عــى مــا نعلــم‪،‬‬ ‫مــع ذلــك وبــدالً مــن ترسيــح عــي خــر بــك‬ ‫أو نقلــه إىل مــكان آخــر بعيــدا ً عــن ســجن‬ ‫صيدنايــا‪ ,‬بقــي يف مكانــه كمديــر لســجن‬ ‫صيدنايــا‪ ،‬رمبــا لقرابتــه مــن األرسة الحاكمــة‪،‬‬ ‫وربــا أعطــي فرصــة لتصحيــح مــا ارتكبــه يف‬ ‫ّ‬ ‫عهــده األول املنتهــي يف يــوم االســتعصاء األول‪.‬‬ ‫الفــرة الثانيــة لحكــم عــي خــر بــك تحققــت‬ ‫فيهــا معظــم مطالــب الســجناء حيــث تحســن‬ ‫الطعــام وعــرض املــرىض عــى لجــان طبيــة‪,‬‬ ‫وخــرج عــدد منهــم بعفــو طبــي‪ ،‬وفتحــت‬ ‫الزيــارات للجميــع‪ ,‬وصــار بإمــكان الواحــد منــا‬ ‫أن يقــرأ بعــض الكتــب وبــدأت سلســلة مــن‬ ‫املحــارضات الدينيــة حــارض بهــا ابــن رمضــان‬ ‫البوطــي‪ ,‬وعــي الشــعيبي‪ ,‬وســواهم‪ ،‬وقيــل إن‬ ‫ن ـزار رســتناوي هــو مــن أقنــع مديــر الســجن‬ ‫أو اللجنــة العســكرية بهــذه الخطــوة األخــرة‪،‬‬ ‫لكــن هــذه الفــرة كان ســمتها الفــوىض أيض ـاً‪،‬‬ ‫فلقــد بــدأ املتطرفــون اإلســاميون يحتاطــون أو‬ ‫يســتعدون ملعركــة جديــدة‪ ,‬خوفـاً مــن اقتحــام‬ ‫الســجن مــن قبــل النظــام أو بســبب أخذهــم‬ ‫ضــوء أخــر مــن عــي خــر بــك مدير الســجن‪،‬‬ ‫أو مــن جهــة مــا لتحويــل الســجن إىل مــكان‬ ‫رسة‬ ‫للتدريــب عــى القتــال‪ ,‬فتحولــت بعــض األ ّ‬ ‫وأجــزاء مــن األبــواب الحديديــة إىل ســيوف‬ ‫وخناجــر‪ ،‬كان عــي خــر بــك يعلــم بالوضــع‬ ‫الجديــد فــرك مجــاالً أكــر للســجناء اإلســاميني‬ ‫الذيــن راح بعضهــم ينتقــل بــن جنــاح وآخــر‪،‬‬ ‫دون مامنعــة مــن أحــد مــن الضبــاط أو مــن‬ ‫عــي خــر بــك‪ ،‬كانــت أيــام الحريــة داخــل‬ ‫صيدنايــا‪ ,‬لكنهــا كانــت أيضـاً فرصــة عــي خــر‬ ‫بــك لينتقــم مــن ســجناء صيدنايــا ومــن ن ـزار‬ ‫رســتناوي بالدرجــة األوىل‪ .‬مديــر الســجن يبــثّ‬

‫الفرقــة بــن الســجناء‪:‬‬ ‫ات ّبــع عــي خــر بــك سياســة التفرقــة بــن‬ ‫الســجناء كــا فعــل ســلفه لــؤي يوســف‪ ،‬حيث‬ ‫كان يذهــب إىل أجنحــة اإلســاميني ويحرضهــم‬ ‫عــى الســجناء الجنائيــن والدميقراطيــن‬ ‫الذيــن وصفهــم بالعمــاء ألمريــكا والخونــة‪،‬‬ ‫ويذهــب إىل أجنحــة الجنائيــن والدميقراطيــن‬ ‫ويخيفهــم مــن اإلســاميني بالقــول أنتــم‬ ‫بالنســبة لإلســاميني كفــار وســوف يذبحونكــم‪،‬‬ ‫وكان هــو املســؤول عــن الفــوىض التــي وصــل‬ ‫إليهــا ســجن صيدنايــا‪ ,‬بــل كان يــرف عليهــا‪،‬‬ ‫ويف نفــس الوقــت يكتــب تقاريــر يوميــه‬ ‫إىل قيادتــه يقــول فيهــا‪ ,‬إن أوضــاع الســجن‬ ‫أصبحــت ســيئة‪ ,‬وإن اإلســاميني يصنعــون‬ ‫أســلحة ويتدربــون ويعطــوا دروسـاً يف التكفري‪..‬‬ ‫اســتمرت تقاريــر عــي خــر بــك إىل القيــادة‪,‬‬ ‫حتــى اقتنعــت القيــادة بكالمــه فطلبــت منــه‬ ‫إعــادة األوضــاع يف ســجن صيدنايــا إىل حالتهــا‬ ‫األوىل قبــل االســتعصاء األول‪ ،‬أي بضبــط‬ ‫الســجن‪ ،‬وهــذا مــا كان يريــد عــي خــر بــك‬ ‫الحصــول عليــه‪ ,‬لســببني األول يك تتأكــد‬ ‫القيــادة أنــه كان مصيبــاً يف طريقــة تعاملــه‬ ‫مــع اإلســاميني‪ ,‬وان اإلســاميني ال مينحــون‬ ‫حريــة‪ ,‬بــل البــد مــن التعامــل معهــم بقســوة‪،‬‬ ‫وبالتــايل يســتعيد ثقــة القيــادة بــه‪ ،‬والســبب‬ ‫الثــاين االنتقــام مــن الســجناء الذيــن أذلّــوه‬ ‫يف التحقيــق الــذي أجرتــه اللجنــة العســكرية‬ ‫األمنيــة يــوم االســتعصاء األول ‪ 27‬آذار‪ ،‬وكانــت‬ ‫فرصــة عــي خــر بــك لالنتقــام مــن نــزار‪.‬‬ ‫اإلســاءة إىل ســمعة نــزار بغايــة التحريــض‬ ‫عليــه‪ :‬فيــا يخــص ن ـزار فقــد ر ّوج عــي خــر‬ ‫بــك عــن طريــق املتعاملــن معــه وجواسيســه‬ ‫مــن اإلســاميني والجنائيــن‪ ,‬أن نــزار يتعامــل‬ ‫معــه ويكتــب تقاريــر ضــد اإلســاميني‪ ,‬وهــو‬ ‫يــدرك أن نـزار يكــره اإلســاميني وهــم بدورهــم‬ ‫– املتطرفــون منهــم بالخصــوص ‪ -‬يكرهونــه‬ ‫بــل ولقــد كفــره بعضهــم بعــد عــدة حــوارات‬ ‫ـت إحــدى املشــادات بينــه‬ ‫بينــه وبينهــم‪ ،‬انتهـ ْ‬ ‫وبــن أيب حيــدر الز ّمــار (حــارس بــن الدن) إىل‬ ‫رص‬ ‫أن صفعــه نــزار فأدمــى فمــه‪ ،‬ألن نــزار أ ّ‬ ‫عــى البقــاء يف املهجــع بينــا كان اإلســاميون‬ ‫يطالبونــه باالنتقــال إىل جنــاح آخــر‪ ,‬ألنهــم ال‬ ‫يتقبّلــون آراءه باإلســام ومحاوالتــه الدامئــة‬ ‫ملحاورتهــم ديني ـاً مســتخدماً املنطــق وبالتــايل‬ ‫إلزامهــم الح ّجــة‪ ،‬وهــو مــا أثــار اســتياء‬ ‫القياديــن منهــم‪ ,‬عــى الخصــوص فاتهمــه‬ ‫بعضهــم أنــه متشـ ّيع‪ ،‬والتشــيع عنــد املتطرفــن‬ ‫ـتغل عــي خــر‬ ‫اإلســاميني يــوازي الكفــر‪ ..‬اسـ ّ‬ ‫بــك الشــقاق الحاصــل بــن ن ـزار واإلســاميني‬ ‫املتطرفــن ليص ّعــده‪ ,‬فيزيــد يف لهيبــه باتهــام‬ ‫نــزار بالتعامــل معــه‪ ,‬وكتابــة تقاريــر ضــد‬ ‫الســجناء اإلســاميني‪ ،‬وحــن أصبــح الجــو‬ ‫بــن ن ـزار واإلســاميني ال يطــاق‪ ,‬طالــب ن ـزار‬ ‫مديــر الســجن بنقلــه‪ ,‬ألن اإلســاميني ك ّفــروه‬ ‫وهــو يشــعر بالخطــر عــى حياتــه‪ ،‬بحيــثُ‬ ‫ربــا يقتــل‪ ,‬وهــو نائــم كــا فعــل أبــو ســعيد‬ ‫َ‬ ‫الضحــاك بأحــد الســجناء‪ ,‬حيــث عمــد إىل قتلــه‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫نريد عد ً‬ ‫ال يف البلديات‪..‬‬

‫‪Belediyelerin adil olmasını istiyorum‬‬

‫تصريحات السيد شكري كيربوغا لصحيفة «أورفا ناتيك»‬

‫فراس سعد‬

‫بهــراوة حديديــة‪ ,‬وهــو نائــم وحــاول قتــل‬ ‫ثالثــة ســجناء آخريــن بنفــس الطريقــة‪ ،‬لكــن‬ ‫جــواب عــي خــر بــك لنـزار كان «شــو بعملــك‬ ‫يعنــي؟ بــدك انقلــك عــى املرييديــان؟ هــدول‬ ‫الــي كنــت تدافــع عنهــم»‪.‬‬ ‫لطلــب نقلــه إىل‬ ‫كل هــذا اضطــ ّر نــزار‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫جنــاح آخــر اســمه جنــاح املختلــط أو جنــاح‬ ‫التجســس‪ ،‬وكان فيــه مزيــج مــن اإلســاميني‬ ‫املعتدلــن واألك ـراد وتهــم التجســس وأضيــف‬ ‫إليهــم الدميقراطيــون والعلامنيــون وتهــم‬ ‫أخــرى غــر إســامية‪.‬‬ ‫فمــن هــو قاتــل نــزار؟ ال شــك أن القاتــل‬ ‫الحقيقــي لنــزار رســتناوي هــو مديــر ســجن‬ ‫صيدنايــا العقيــد عــي خــر بــك الــذي فضحــه‬ ‫نــزار أمــام اللجنــة العســكرية التــي التقــت‬ ‫الســجناء املتمرديــن يف االســتعصاء األول يف‬ ‫صيدنايــا يف ‪ 27‬آذار مــارس ‪ ،2008‬رغــم أن‬ ‫البعــض يتهــم أحــد املعتقلــن اإلســاميني مــن‬ ‫مــورك – بلــدة نــزار ‪ -‬بقتــل نــزار‪ ،‬وهــذا‬ ‫الشــخص مييــل للشــقرة‪ ،‬عينــاه ملونتــان‪,‬‬ ‫فــت‬ ‫رمبــا لونهــا أخــر عــى مــا أذكــر‪ ،‬تع َّر ُ‬ ‫عليــه يف جنــاح العقوبــات‪ ,‬بعــد الحكــم عــي‬ ‫بأربــع ســنوات‪ ,‬وكان هــذا الجنــاح يضــم أشــد‬ ‫اإلســاميني املعاقبــن‪ ،‬أخــرين الشــاب أنــه مــن‬ ‫بلــد ن ـزار‪ ,‬وحــن عــرف أين أتحــدث مــع ن ـزار‬ ‫عــر فتحــة الجــدار التــي تفصــل بــن الجنــاح‬ ‫وجنــاح نــزار‪ ,‬قــال يل «ســلّم يل عــى نــزار»‪،‬‬ ‫وبعــد دقيقــة أو أكــر تراجــع وقــال «ال‪ ،‬مــا‬ ‫تســلّم عليــه» وبــدا عليــه االرتبــاك‪ ،‬أخــرين‬ ‫أحــد األصدقــاء الحقـاً أن هــذا الشــاب مه ـ ّرب‬ ‫وحشّ ــاش‪ ..‬تــورط بقضيــة جنائيــة‪ ,‬وتحــ ّول‬ ‫يف الســجن م ّدعيــاً أنــه إســامي‪ ,‬كــا جــرت‬ ‫العــادة مــع بعــض الجنائيــن الذيــن يوضعــون‬ ‫يف جنــاح اإلســاميني‪.‬‬ ‫* شــهادة مــن صديــق (غــر قادر عــى الترصيح‬ ‫باســمه)‪« :‬التقيتـ ُه مــرة واحدة‪ ,‬اســتطاع خاللها‬ ‫أن يــرك يف نفــي مــا يصعــب نســيانه‪ ,‬كانــت‬ ‫كلامتــه وعباراتــه تحمــل إيقاعــات أخــرى‪ ,‬مل‬ ‫أكــن اســمعها مــن قبــل‪ ..‬شــاءت األقــدار أن‬ ‫أُعتقــل خــال الثــورة ثــم أُنقــل إىل ســجن حامة‬ ‫املركــزي‪ ,‬وهنــاك اســتطعت أن أتكلــم مــع‬ ‫بعــض ســجناء صيدنايــا الذيــن نقلهــم النظــام‪,‬‬ ‫ووزعهــم عــى ســجون املحافظــات‪ ,‬أول ســؤال‬ ‫ســألته ألحدهــم مــن خلــف نافــذة مكســورة‪,‬‬ ‫هــل نـزار رســتناوي عــى قيــد الحيــاة‪ ,‬فأجــاب‬ ‫دون تــردد ال‪ ,‬لقــد قتــل‪ ,‬وعندمــا ســألته مــن‬ ‫قتلــه أجــاب ال أعلــم‪ ,‬لكــن الــذي أعلمــه‪ ,‬أنــه‬ ‫يف صبيحــة يــوم محاولــة اقتحــام الســجن جــاء‬ ‫خمســة ملثمــن‪ ,‬واقتــادوا ن ـزار‪ ,‬وبعــد نهايــة‬ ‫املعركــة األوىل‪ ,‬وجــد جثــة هامــدة يف أحــد‬ ‫الغــرف وآثــار القضبــان الحديديــة عــى رأســه‪,‬‬ ‫ـت مــن هــذا الســجني‪ ,‬وبشــدة أن يخــرين‬ ‫طلبـ ُ‬ ‫الحقيقــة مــن قتــل الرســتناوي؟ فأجــاب‪:‬‬ ‫ظاهريــاً نحــن‪ ,‬يعنــي بذلــك اإلســاميني أمــا‬ ‫الحقيقــة‪ ,‬فأنــا ال أعلــم مــن هــؤالء الخمســة‪,‬‬ ‫ولكــن بعــد ســيطرة النظــام عــى الســجن‪ ,‬نُ ِّفـ َذ‬ ‫حكــم اإلعــدام بســتة أشــخاص بتهمة قتــل نزار‪,‬‬

‫حرمل املنوعات‬

‫هــذه الشــهادة ســمعتها مــن شــخصني‪ ,‬كالهــا‬ ‫تــم اإلفـراج عنــه‪ ,‬واحــد منهــم استشــهد‪ ,‬بعــد‬ ‫فــرة وجيــزة مــن خروجــه بإحــدى املعــارك‬ ‫ضــد النظــام‪ ,‬والثــاين مــازال عــى قيــد الحيــاة‪.‬‬ ‫الرحمــة لروحــك أيهــا البطــل والــذل والعــار‬ ‫لــكل مــن شــارك يف جرميــة قتلـ ْـك‪.‬‬ ‫* شــهادة فــواز تلــو (ســيايس وســجني ســابق)‪:‬‬ ‫مــن قتلــه هــو نديــم بالــوش شــخصياً وبعــض‬ ‫رفاقــه‪ ،‬نديــم بالــوش أطلــق النظــام رساحــه‬ ‫أواخــر عــام ‪ 2010‬ومــن ثــم شــكل كتيبــة‬ ‫تابعــة للقاعــدة عــام ‪ 2012‬يف جبــال الالذقيــة‪,‬‬ ‫واختطــف وقتــل املــازم أول املنشــق ريــاض‬ ‫أحمــد‪ ,‬وبعــد كشــفه واعتقالــه مــن قبــل‬ ‫الثــوار‪ ,‬حررتــه جبهــة النــرة‪ ,‬وهــرب وهــو‬ ‫اآلن‪ ،‬كــا تــرب موجــود‪ ،‬يف الرقــة‪.‬‬ ‫* تعريــف بنـزار رســتناوي‪ :‬ناشــط حقوقــي من‬ ‫مواليــد مــورك ‪ -‬حــاة ‪ 1960‬عضــو ُمؤســس‬ ‫للمنظمــة العربيــة لحقــوق اإلنســان‪ ,‬اعتقــل‬ ‫مــن قبــل الســلطات الســورية تعســفيا بتاريــخ‬ ‫‪ 18‬نيســان ‪2005‬م وحكمــت عليــه محكمــة‬ ‫أمــن الدولــة العليــا بالســجن ملــدة ‪ 4‬ســنوات‪..‬‬ ‫وقبــل أن يكمــل مــدة الســجن‪ ..‬وردت أخبــار‬ ‫متواتــرة بأنــه قتــل مــن قبــل التكفرييــن إبــان‬ ‫مجــزرة صيدنايــا صيــف ‪2008‬م وبتواطــؤ مــن‬ ‫ســلطات الســجن نفســه‪ .‬مل تقــ ّدم الســلطات‬ ‫الســورية أي معلومــات عــن مصــر نــزار‬ ‫رســتناوي رغــم مطالبــة العائلــة وكذلــك‬ ‫منظــات حقوقيــة دوليــة بذلــك‪ .‬ويبقــى نـزار‬ ‫رســتناوي كمثــال للنضــال ضــد الديكتاتوريــات‬ ‫واالســتبداد الدينــي يف الوقــت نفســه‪.‬‬

‫* رابط منظمة العفو الدولية‪ :‬رقم الوثيقة‪ 2009/015/24 MDE‬وتاريخها ‪ 8‬يونيو ‪2009‬‬ ‫‪http://www.amnesty.org/ar/library/info/MDE2009/015/24/ar‬‬ ‫سوريـا‪ :‬قلق من التعرض للتعذيب أو غريه من رضوب إساءة املعاملة‪ /‬االختفاء القرسي‪ :‬نزار رستناوي‬ ‫‪www.amnesty.org‬‬

‫أكــد الســيد شــكري كريبوغــا رئيــس جمعيــة‬ ‫عــرب تركيــا لجريــدة «أورفــا ناتيــك» قائــاً‪:‬‬ ‫نريــد مــن البلديــات أن تكــون عادلــة‪ ،‬وإن‬ ‫االهتــام الــذي أبــدوه تجــاه إخواننــا يف كوباين‪،‬‬ ‫نريــده أن يكــون أيض ـاً اهتامم ـاً متوازن ـاً تجــاه‬ ‫كل الســوريني املتواجديــن يف تركيــا‪.‬‬ ‫موضحــاً أهميــة االهتــام بــكل الســوريني‬ ‫دون متييــز‪ ،‬ومؤكــدا ً عــى أن الثــورة الســورية‬ ‫قــد مــى عليهــا أربــع ســنوات‪ ،‬وكان عــدد‬ ‫النازحــن مــن الســوريني يف تزايــد مســتمر‪،‬‬ ‫حيــث بلــغ عــدد اإلخــوة الســوريني ‪ 3-2‬مليــون‬ ‫ســوري‪ ،‬علــاً بــأن أكــر مــن ‪ 400000‬منهــم‬ ‫متواجــدون يف أورفــا لوحدهــا ‪.‬‬ ‫كــا أن املواطنــن األتــراك مل يقــروا تجــاه‬ ‫إخوتهــم الســوريني‪ ،‬لكــن إمكانيــة مواطنــي‬ ‫أورفــا محــدودة‪ ،‬وال تكفــي لتغطيــة احتياجــات‬ ‫اإلخــوة الســوريني‪.‬‬ ‫لكــن مــا شــاهدناه مــن معاملــة خاصــة‪ ،‬تجــاه‬ ‫اإلخــوة القادمــن مــن كوبــاين‪ ،‬جعلنــا نلحــظ‬ ‫أن ‪ 800‬قاطــرة مــن املســاعدات قدمــت‬ ‫عــى الفــور إىل إخوتنــا يف كوبــاين‪ ،‬أمــا باقــي‬ ‫الســوريني فقــد تــم إهاملهــم‪ ،‬ومل تقــدم لهــم‬ ‫املســاعدات بالصــورة املرجــوة‪ ،‬وقــد قامــت‬ ‫بتقديــم تلــك املســاعدات منظمــة ‪IHH‬‬ ‫الرتكيــة‪.‬‬ ‫كذلــك أكــد الســيد كريبوغــا عــى أن مديريــة‬ ‫الكــوارث الطبيعيــة الرتكيــة ‪afad‬وباقــي‬ ‫املؤسســات الرســمية الرتكيــة املختصــة بهــذا‬ ‫الشــأن هــي التــي تضــع يدهــا عــى تلــك‬ ‫املســاعدات‪ ،‬وال تقــوم بتوزيعهــا بشــكل عــادل‪،‬‬ ‫مــا جعــل باقــي إخوتنــا الســوريني يعانــون‬

‫كث ـرا ً ويواجهــون العــوز والحاجــة‪ ،‬يف الوقــت‬ ‫الــذي ال يجــدون فرصــة عمــل لســد حاجاتهــم‬ ‫واســتمرار حياتهــم عــى األرايض الرتكيــة‬ ‫بكرامــة!‬ ‫أمــا باقــي إخوتنــا يف املخيــات فرمبــا يكــون‬ ‫وضعهــم أفضــل مــن باقــي أشــقائهم الســوريني‬ ‫مــن خــارج املخيــات‪.‬‬ ‫وأضــاف كريبوغــا قائـاً‪ :‬ال بد للحكومــة والدولة‬ ‫الرتكيــة مــن تأمــن نظام بطاقــات شــهرية توزع‬ ‫عــى األشــقاء الســوريني لتأمــن احتياجاتهــم‬ ‫املعيشــية فاإلنســان الجائــع يشــكل خطـرا ً حني‬ ‫‪yardım miktarı 800 tırken,‬‬ ‫ال تؤمــن لــه احتياجاتــه اإلنســانية‪ .‬ونريــد مــن‬ ‫‪Şanlıurfa’daki Suriyeli‬‬ ‫البلديــات صاحبــة الشــأن أن تكــون عادلــة‪kardeşlerimize yapılan yardım ،‬‬ ‫وأن ال يتحــول مــا نقــوم بــه إىل حالــة حساســية‬ ‫‪miktarı 268 tırdır.Oysaki‬‬ ‫تجــاه كل الســوريني‪ ،‬وال أريــد أن أذكــر أســاء‬ ‫‪Şanlıurfa merkezde 300 bine‬‬ ‫بعينهــا‪ ،‬لكــن مــن املفــرض واألخالقــي أن ‪yakın Suriyelinin bulunduğunu‬‬ ‫‪biliyoruz.Bu konuda ben‬‬ ‫يكــون جميــع الســوريني إخــوة لنــا‪ ،‬دون متييــز‬ ‫‪adalet istiyorum, yani eşitlikten‬‬ ‫بــن عــرب وأكـراد وتركــان وباقــي القوميــات‪،‬‬ ‫‪ziyade adil davranılmasını‬‬ ‫وعلينــا االهتــام جيــدا ً ملنــع التمييــز والتفريــق ‪istiyorum.Çünkü buradakilerde‬‬ ‫بينهــم‪.‬‬ ‫‪kardeşlerimiz, oradakilerde‬‬ ‫‪kardeşlerimizdir.Ancak‬‬ ‫إن مقــدار مــا قــدم إىل كوبــاين فــاق ‪ 800‬قاطرة‬ ‫‪bu şekilde biz başarılı‬‬ ‫مــا يشــكل فائضــاً مــن تلــك املســاعدات‬ ‫‪olabileceğimizi düşünüyorum.‬‬ ‫عــى حاجاتهــم‪ ،‬علــاً بــأن مــا قــدم لباقــي‬ ‫‪Depolarda yardımların‬‬ ‫الســوريني يف أورفــا مل يتجــاوز ‪ 268‬قاطــرة وأن‬ ‫‪olduğunu biliyoruz, yardımlar‬‬ ‫العــدد يفــوق ‪ 400‬ألــف ســوري‪ ،‬لــذا نطالــب ‪oralarda bekletiliyor. Depolarda‬‬ ‫بالعدالــة يف التوزيــع واملســاندة واالهتــام‪،‬‬ ‫‪bekletileceğine Şanlıurfa‬‬ ‫‪merkezdeki ve diğer ilçelerde‬‬ ‫ألن هــؤالء أشــقاؤنا أيضــاً وأننــا لــو فعلنــا‬ ‫ذلــك لحققنــا الهــدف املطلــوب‪ ،‬وإننــي أعلــم ‪bulunan Suriyeli kardeşlerimize‬‬ ‫‪dağıtılabilir. Birçok aile yardım‬‬ ‫جيــدا ً بــأن مســتودعات املؤسســات صاحبــة‬ ‫‪almadığını bize söylüyor.‬‬ ‫الشــأن فيهــا مــن املســاعدات مــا يكفــي ويســد‬ ‫ترجمة‪ :‬أكرم دادا‬ ‫حاجــات مــن هــم مــا يزالــون يعانــون مــن‬ ‫أشــقائنا الســوريني!‬ ‫‪Ekram Dede‬‬

‫شــاركت صحيفــة الحرمــل احتفــال عــرب تركيــا يف يــوم‬ ‫اللغــة العربيــة بتاريــخ ‪2014/12/18‬م‬ ‫حيــث احتفــل عــرب تركيــا‪ ،‬وكل الجمعيــات العربيــة بيــوم‬ ‫اللغــة العربيــة‪ ،‬وعــروا عــن حبهــم للغــة العربيــة‪ ،‬لغــة‬ ‫القــرآن الكريــم‪ ،‬وحاملــة مجــد اإلســام عــر القــارات وعــر‬ ‫اللغــات األخــرى‪..‬‬ ‫وتراوحــت الكلــات االحتفاليــة بــن الكلــات الدينيــة‪،‬‬ ‫التــي تؤكــد عــى ارتبــاط املســلمني باللغــة العربيــة‪،‬‬ ‫ورضورتهــا لــكل مســلم يف أداء الطقــوس الدينيــة وتــاوة‬ ‫القــرآن الكريــم‪ ،‬وفهــم الديــن بشــكل صحيــح‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إىل الكلــات التــي تتغنــى باللغــة العربيــة‪ ،‬وتســتعرض‬ ‫جاملهــا‪ ،‬وحســن تعابريهــا‪ ،‬وتتغنــى بالعــرب‪ ،‬وأفضالهــم‬

‫‪15‬‬

‫‪Suriyeli muhacir kardeşlerimiz‬‬ ‫‪şuanda ciddi şekilde sıkıntı‬‬ ‫‪yaşamaktalar. Konuştuğum her‬‬ ‫‪Suriyeli yardım alamadığını,‬‬ ‫‪gıdaya ihtiyacı olduğunu, iş‬‬ ‫”‪bulamadığını söylüyorlar‬‬ ‫‪dedi. Konteynır ve çadır‬‬ ‫‪kentte yaşayan Suriyeliler‬‬ ‫‪şuanda çok rahat durumdalar.‬‬ ‫‪Devletimiz eğer mümkünse‬‬ ‫‪bu Suriyeli misafirlerimize kart‬‬ ‫‪sistemi getirmesi gerektiğini‬‬ ‫‪belirten Kırboğa, “Kamplarda‬‬ ‫‪olduğu gibi kart sistemine‬‬ ‫‪geçilmesi gerekiyor. Her ay‬‬ ‫‪gıdasını ve diğer ihtiyaçlarını‬‬ ‫‪karşılayabilecek şekilde‬‬ ‫‪bu sistemin yapılması‬‬ ‫‪gerekiyor. Çünkü böylesi‬‬ ‫‪durumlar sosyal olaylara da‬‬ ‫‪sebebiyet verebilir aç kalan‬‬ ‫‪insan tehlikeli insandır. Bu‬‬ ‫‪konuda duyarlı olmamız‬‬ ‫‪lazım” dedi. “Belediyelerin adil‬‬ ‫‪olmasını istiyorum. Kobanili‬‬ ‫‪kardeşlerimize yapılan‬‬ ‫‪hassasiyetin aynısını diğer‬‬ ‫‪Suriyeli kardeşlerimize de‬‬ ‫‪yapılmasını istiyorum. Irk ismi‬‬ ‫‪söylemiyorum, çünkü Suriyeli‬‬ ‫‪dediğimiz zaman bunun‬‬ ‫‪içinde kürt, arap, türmen ve‬‬ ‫‪diğer kardeşlerimizde var.‬‬ ‫‪Özellikle şehir merkezindeki ve‬‬ ‫‪ilçelerdeki insanlarımıza aynı‬‬ ‫‪hassasiyetleri göstermeleri‬‬ ‫‪gerekiyor.Çünkü Kobanili‬‬ ‫‪kardeşlerimize yapılan‬‬

‫ع��رب تركي��ا حيتفون بيوم اللغ��ة العربية‬

‫ومســاهمتهم الكبــرة يف تاريــخ اإلســام وكونهــم هــم‬ ‫مــادة اإلســام‪ ،‬وأداتــه التــي حملتــه إىل كل مغــارب األرض‬ ‫ومشــارقها‪..‬‬ ‫وزينــت األمســية بعــض األغــاين الشــبابية باللغــة العربيــة‪،‬‬ ‫والتــي تفاعــل الجمهــور معهــا بشــكل كبــر‪ ،‬مثــل أغــاين‬ ‫مرســيل خليفــة‪ ،‬وجوليــا بطــرس وغريهــم وبأصــوات مغنــن‬ ‫أت ـراك‪ ،‬وكذلــك ببعــض أغــاين ال ـراب التــي أداهــا مطــرب‬ ‫موهــوب‪ ،‬وقامــت فرقــة صوفيــة بــأداء بعــض األناشــيد‬ ‫الدينيــة الرائعــة‪ ،‬حيــث كان املنشــدون هــم أبنــاء أحــد‬ ‫مشــايخ الصوفيــة‪ ،‬ومــن املحبــن ألداء املوشــحات الدينيــة‪،‬‬ ‫واألغــاين الجامعيــة التــي أداهــا أبنــاؤه‪ ،‬مــن مختلــف‬ ‫األعــار بــن ســن ‪ 7‬وســن ‪ 17‬ســنوات‪ ،‬وكان االنســجام‬

‫والحــاس قــد جعــل األجــواء يف األمســية حميميــة‪..‬‬ ‫وتتالــت الكلــات لعــرب مارديــن الذيــن طالبــوا بالحفــاظ‬ ‫عــى عــرب تركيــا‪ ،‬ووحدتهــم الثقافيــة والسياســية‪ ،‬يف بنــاء‬ ‫الدولــة الرتكيــة الحديثــة‪ ،‬وكذلــك تحــدث منــدوب جمعيــة‬ ‫اتحــاد عــرب األناضــول‪ ،‬وجمعيــة املحلميــة‪ ،‬والجمعيــة‬ ‫التنمويــة والثقافيــة لعــرب تركيــا‪ ،‬وحركــة شــباب عــرب‬ ‫تركيــا وغريهــا مــن الجمعيــات التــي فاجأتنــا بتنوعهــا‬ ‫وبتعــدد طموحاتهــا‪..‬‬ ‫ومــن ســورية‪ ،‬تحــدث الســيد عمــر قنــر عــن العربيــة‬ ‫واإلســام وأهميــة التــازم بينهــا‪ ،‬وشــكر تركيــا وعــرب‬ ‫تركيــا عــى روح التآخــي والطمــوح‪ ،‬وعــى النخــوة الكبــرة‬ ‫التــي أبدوهــا بدعــم الالجئــن الســوريني‪ ،‬وكانــوا لهــم خــر‬

‫ثقافي��ة ـ��ـ سياس��ية ـ��ـ نص��ف ش��هرية ـ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرقة لكل الس��وريني‬ ‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئ��ة التحري��ر‪ :‬أس��عد فخ��ري ‪ -‬خل��ف اجلرب��وع ‪ -‬إبراهي��م العل��وش ‪ -‬ع��روة امله��اوش ‪ -‬مصطف��ى س��ليمان ‪-‬‬ ‫عبدالرمح��ن اهلوي��دي ‪ -‬حمم��د صلي�بي ‪ -‬إي��اس حمم��د‪.‬‬

‫‪ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬‬

‫للتواصل عرب تويرت‬ ‫للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪Türkiye Arapları Yardımlaşma‬‬ ‫‪ve Kültür Derneği Genel‬‬ ‫‪Başkanı Şükrü Kırboğa,‬‬ ‫‪“Belediyelerin adil olmasını‬‬ ‫‪istiyorum. Kobanili‬‬ ‫‪kardeşlerimize yapılan‬‬ ‫‪hassasiyetin aynısını diğer‬‬ ‫‪Suriyeli kardeşlerimize de‬‬ ‫‪yapılmasını istiyorum” dedi.‬‬ ‫‪Türkiye Arapları Yardımlaşma‬‬ ‫‪ve Kültür Derneği Genel‬‬ ‫‪Başkanı Şükrü Kırboğa‬‬ ‫‪Urfanatik gazetesine özel‬‬ ‫‪açıklamalarda bulundu.‬‬ ‫‪Kırboğa, “Bilindiği Suriye‬‬ ‫‪savaşının üzerinden yaklaşık‬‬ ‫‪olarak beş yıl geçti.3-2 milyona‬‬ ‫‪yakın Suriyeli Türkiye’de‬‬ ‫‪barınıyor. Şanlıurfa’da ise‬‬ ‫‪400 bine yakın Suriyeli‬‬ ‫‪bulunmaktadır. Hemşerilerimiz‬‬ ‫‪vefakar bu insanlara yardım‬‬ ‫‪etmeye çalışıyor ama işte‬‬ ‫‪vatandaşlarımızın da imkanları‬‬ ‫‪bir yerlere kadar fakat şu‬‬ ‫‪anda şahit olduğumuz bir‬‬ ‫‪konu var ki, Kobani’den‬‬ ‫‪gelen kardeşlerimize 800‬‬ ‫‪tır yardım yapıldı. Şanlıurfa‬‬ ‫‪ve ilçelerde bulunan diğer‬‬ ‫‪Suriyeli kardeşlerimiz yardım‬‬ ‫‪alamıyorlar, yardım sıkıntısı‬‬ ‫‪çekiyorlar. Gerçi yardımlar‬‬ ‫‪konusunda İHH bu konuda‬‬ ‫‪uğraşıyor ama AFAD’ın ve‬‬ ‫‪diğer kamu kurumlarının da‬‬ ‫‪bu işe el atmaları gerekiyor.‬‬

‫أخــوة يف الديــن ويف العروبــة‪ ،‬وخــر جــوار للســوريني!!‬ ‫كــا تحــدث الســيد شــكري قريوغــا رئيــس جمعيــة الرابطــة‬ ‫الثقافيــة واالجتامعيــة لعــرب تركيــا املنظــم لالحتفاليــة يف‬ ‫مدينــة أورفــا‪ ،‬وأكــد عــى أهميــة اللغــة العربيــة وأهميــة‬ ‫توحــد عــرب تركيــا واكتســاب املزيــد مــن الدعــم للغــة‬ ‫العربيــة والثقافــة العربيــة لدعــم بنــاء تركيــا الجديــدة!‬ ‫امللفــت أن االحتفاليــة حرضهــا جمهــور منــوع مــن الشــباب‬ ‫والشــيوخ والنســاء والرجــال‪ ،‬وكان االحتفــال أشــبه بعــرس‬ ‫شــعبي ورســمي لتكريــم اللغــة العربيــة‪ ،‬لغــة الضــاد‪ ،‬ولغــة‬ ‫العلــم‪ ،‬واإلميــان‪ ،‬وهــا هــي تصبــح لغــة الحريــة‪ ،‬بعــد فجــر‬ ‫ثــورات الربيــع العــريب التــي ســتغري مفاهيــم املنطقــة‪،‬‬ ‫ومفاهيــم العــامل عــن العــرب وعــن املســلمني!!ِ‬ ‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Atatürk Mah7-.sk. NO = 9. ŞanliUrfa MOB: 00905459679973 SAYI:3 YIL: 2014 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ : ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫أشعار حلمنتيشية‬ ‫بسام البليبل‬

‫يرفــض التعامــل مــع مثــل تلــك املذكـرات القضائيــة القادمة‬ ‫مــن ســلطات النظــام الغاشــم ألنهــا مخالفــة ألحــكام املــادة‬ ‫الثالثــة للنظــام التأســييس التــي متنــع منعــاً باتــاً عــى‬ ‫املنظمــة أن تتدخــل بــأي نشــاطات ذات طابــع ســيايس أو‬ ‫دينــي أو عســكري أو عرقــي‪.‬‬ ‫بقــي أن نشــر إىل أن ســلطات النظــام الســوري قتلــت أكــر‬ ‫مــن ‪ 300‬ألــف مواطــن ســوري‪ ،‬وتعتقــل أكــر مــن مئتــي‬ ‫ألــف‪ ،‬تــم توثيــق قتــل حــوايل خمســن ألف ـاً منهــم حتــى‬ ‫اآلن‪ ،‬تحــت التعذيــب‪ ،‬باإلضافــة إىل املجــازر امليدانيــة التــي‬ ‫تقــوم بهــا مختلــف صنــوف أســلحة النظــام ضــد املدنيــن‪،‬‬ ‫وقــد تــم تهجــر نصــف عــدد ســكان ســورية وتحويلهــم‬ ‫إىل الجئــن ونازحــن بعيــدا ً عــن بيوتهــم‪ ،‬مــا يجعــل منــه‬ ‫املجــرم األول يف التاريــخ الحديــث‪.‬‬

‫عندما وقعت يف يدي جريدة الكلب ألول مرة‪ ,‬استوقفني واملستوى الثاين‪ :‬للتعبري عن مدى الرفض السوري للمركزية‬ ‫فيها بيتان من الشعر مذيالن باسم األديب الكبري الدكتور السياسية‪ ,‬والرقابة األمنية‪ ,‬واالحتكار الحكومي لإلعالم‬ ‫عبد السالم العجييل‪.‬‬ ‫الذي بدأ مع التقلبات السياسية الحادة التي شهدتها‬ ‫وعندما أتيحت يل فرصة محاورة العجييل شعرياً‪ ,‬يف أوائل سورية منذ انقالب حسني الزعيم عام ‪ ,1949‬وما تاله‬ ‫التسعينيات من القرن املايض‪ ,‬استحرضت هذين البيتني يف من انقالبات انتهت بسيطرة حزب البعث عىل املجتمع‬ ‫أحد أسئلتي إليه قائالً‪ ,‬وأنا أحسب أنهام من نظمه‪:‬‬ ‫والدولة‪.‬‬ ‫مل ّا ذكرنا الكلب وهــي صحيف ٌة‬ ‫وعن ذلك يقول صدقي اسامعيل ملجلة «األسبوع العريب»‬ ‫بالشـــعر تنبح ال تخـاف عقابا‬ ‫ ‬ ‫البريوتية عام ‪ 1963‬يف حديث أجراه معه زهري مارديني‪:‬‬ ‫َ‬ ‫لسانك سـيدي‬ ‫وقرأت فيها عن‬ ‫«أصدرتُ الجريدة حني رأيت أول دكتاتورية تقام عىل‬ ‫بيتني تعـــدل يف الحديث كتابا‬ ‫ ‬ ‫رؤوسنا‪ ,‬لقد شعرت باالشمئزاز من الترصفات املجنونة‬ ‫(الكلب أعجبني أال يـا حبـــذا‬ ‫واملزيج العجيب من القسوة املتناهية‪ ,‬وكان البد من عمل‬ ‫لو كـــان كــــل الكاتبني كالبــا‬ ‫ ‬ ‫يشء لكشف هذه املتناقضات ورد الشباب إىل حقيقتهم‪»...‬‬ ‫والقارئني وكل شـــخص فيكـمو‬ ‫وقد كتب صدقي إسامعيل يف مقاله االفتتاحي للعدد‬ ‫منهم‪ ،‬ولن أسـتعرض األسـبابـا)‬ ‫ ‬ ‫األول‪:‬‬ ‫قد جئت أطلب منكمو يا سيدي‬ ‫ال يشء يزعج يف الصبا ِح‪ /‬مثل املقال االفتتاحي‬ ‫أن ترسلوا يف ذا الحديث شهابا‪.‬‬ ‫ ‬ ‫تتلوه منفوض املزاج ولست أعني غري صاحي‬ ‫فأجاب العجيلي قائالً‪:‬‬ ‫بل عارفاً أن الجرائد عندنا ضد املزا ِح‬ ‫صدقـي جـــزاه الله عن إبداعه‬ ‫فالنرص مثل البعث كاأليام بل مثل الكفا ِح‬ ‫خـــريا وبـــوأه الجنــان مثــابا‬ ‫ ‬ ‫من أجل هذا جاء دور «الكلب» أستاذ النبا ِح‬ ‫نســب الذي قد قاله من نظمه‬ ‫يعوي وحيدا ً بينام اتفق الجميع عىل الصيا ِح‬ ‫زورا ً إلـــي وحــب ذاك دعـابـا‬ ‫ ‬ ‫أ ّما منهج الجريدة وسياستها فقد حددها صدقي إسامعيل‬ ‫ســـــخريّة منه مبـن قد ُص ّنفوا‬ ‫بني الجد والهزل بقوله‪:‬‬ ‫جريد ٌة شعرية األغراضِ‬ ‫يف ســخفهم بـني الـورى كـتّابـا‬ ‫ ‬ ‫وليس فيها أي سط ٍر ِ‬ ‫ما كان صدقي وحده ممن رأى‬ ‫فاض‬ ‫يف الكلب فضالً صاغ فيه خطابا‬ ‫ ‬ ‫شعارها متانة القوايف‬ ‫ِ‬ ‫من قبله قــــد قال منا شـــاع ٌر‬ ‫اإلسفاف‬ ‫وحفظكم من وصمة‬ ‫وهو الفراتـي شـــــاكياً وأصـابا‬ ‫ ‬ ‫يف الشعر والفن ويف السياسة‬ ‫جـعنا ولـم نعـ ِو احتجاجاً ليتنـا‬ ‫من دونها سوف تضيع الطاسة‬ ‫كنا عىل الجــــــوع امل ُل ّم كالبـا‬ ‫ ‬ ‫وكثريا ً ما ضمت جريدة الكلب قصائد ألصدقاء صدقي‬ ‫وإنني إذ استذكر هذه األبيات التي ت ُعرف بالشعر‬ ‫إسامعيل‪ ,‬منهم وهيب غانم‪ ,‬وأحمد إبراهيم عبد الله‪,‬‬ ‫الحلمنتييش‪ ,‬والذي أسست له جريدة الكلب التي كان‬ ‫ويحيى الشهايب‪ ,‬ونجاة قصاب حسن‪ ,‬وحسيب كيايل‪,‬‬ ‫يحرر نسختها الوحيدة األديب املرحوم صدقي إسامعيل‬ ‫وغازي أبو عقل‪ ,‬والشاعر سليامن العيىس الذي أصدر‬ ‫بخط يده‪ ,‬ويكتب ما يرد فيها غالباً عىل لسان أصدقائه‬ ‫يف فرتة الحقة يف حلب جريدة مامثلة حملت اسم ابن‬ ‫من األدباء والشعراء‪ ,‬وينظم كل ما فيها شعرا ً ساخرا ً عميقاً الكلب‪ ,‬ويف إحدى رسائله إىل جريدة الكلب من مؤمتر كان‬ ‫الذعاً‪ ,‬فإننا نؤرخ ل َع َلمة فارقة عىل مستويني‪:‬‬ ‫يشارك فيه كتب قائالً‪:‬‬ ‫املستوى األول‪ :‬التأسيس ملا عرف بالشعر الحلمنتييش‬ ‫أمريكا بنت كلب هكذا‬ ‫السوري الذي مييل إىل السخرية من الحالة التي يتحدث‬ ‫أجمع الرأي ووافقنا كام ْن‬ ‫فيها الشاعر‪ ,‬والتي تعالج األوضاع الحياتية واملعيشية‬ ‫رشدتنا وأقامت دول ًة‬ ‫والسياسية يف املجتمع‪ ,‬يف قالب يثري الضحك‪ ,‬ويقال إن أول يف أراضينا كرأس األفعوا ْن‬ ‫من كتب الشعر وقرضه عىل هذا النحو الهزيل‪ ,‬هو الشاعر هذه قصتنا موجز ٌة‬ ‫املرصي الساخر حسني شفيق‪ ,‬وأ ّن هذه التسمية أُخذت‬ ‫تؤثر «ابن كلب» إيجاز البيان‬ ‫من مجلة مرصية كانت تصدر يف األربعينيات‪ ,‬ويرجح أنها ومازال هذا الوصف ينطبق عىل أمريكا‪ ,‬ومازال يصدق فينا‬ ‫«االثنني»‪.‬‬ ‫املثل القائل‪ :‬أوسعته شتامً وأودى باإلبل‪.‬‬

‫رشــيق ٍة‪ ،‬كالعائــد إىل الحيــاة‪ .‬وشــتّان بــن مــن مينحــك‬ ‫الحيــاة ومــن يرسقهــا منــك‪.‬‬ ‫مــارس نظــام األســد األب‪ ،‬ومــن ثــم صغــره القاتــل‪ ،‬الــذي‬ ‫تفــوق عليــه يف إجرامــه‪ ،‬أســاليب أمنيــة ممنهجــة يف بــث‬ ‫الرعــب يف كل مــكان‪ ،‬مــا يجعــل الســوري‪ ،‬يف قلــقٍ وأرق‪،‬‬ ‫ـتعذب لحظ ـ ًة يف حياتــه‪ :‬البيــت‪ ،‬واألرسة‪ ،‬يف الشــارع‬ ‫ال يسـ ُ‬ ‫والعمــل‪ .‬الخــوف أن يخــرج مــن البيــت وال يعــود إليــه‪ ،‬أن‬ ‫ينــام ويســتيقظ عــى طَ َرقــات البــاب يف أحســن األحــوال‪،‬‬ ‫إن مل تداهمــه عنــارص املخاب ـرات وتعتقلــه‪ ،‬تجرجــره مــن‬ ‫رسيــره‪ ..‬أمــام أهــل بيتــه!‬ ‫مل يــرك القتلــة للســوريني ســوى الخــروج مــن أرضهــم‬ ‫وبيوتهــم‪ ،‬يــدرأون املــوت والخـراب عــن أنفســهم‪ ،‬فجعــل‬ ‫منهــم شــعباً تنــره ريــاح النــزوح‪ ،‬حيثــا فتحــت لهــم‬ ‫أبــواب ونوافــذ‪ ..‬وأرشعــوا أرواحهــم للرحيــل يف جهــات‬ ‫ٌ‬ ‫القهــر‪.‬‬ ‫مــن بــن دول العــامل املختلفــة‪ ،‬تركيــا هــي الدولــة الوحيدة‪،‬‬

‫املعارضــة الســورية‪ ،‬والحكومــة املؤقتــة‪ ،‬وحققــت متايــزا ً‬ ‫كبــرا ً عــا تلقــاه النازحــون يف بلــدان الجــوار األخــرى‪:‬‬ ‫لبنــان واألردن والعـراق‪ ،‬إضافــة إىل مــر‪ ،‬ومــا آلــت إليهــا‬ ‫أوضاعهــم وطــرق التعامــل معهــم يف تلــك البلــدان‪.‬‬ ‫عندمــا دخلــت أورفــا عابـرا ً أقجــه قلعــة‪ ،‬يف رحلــة خــاص‬ ‫مل يكــن يل منهــا بـ ٌّد‪ ،‬داهمتنــي ابتســامة الوجــوه‪ ،‬ونظافــة‬ ‫األمكنــة‪ ،‬والهــدوء يف ذروة األوقــات‪ .‬أدهشــتني الــورود‬ ‫ـت ممتناً بشــكل‬ ‫التــي تعــر عــن دواخــل النــاس‪ ..‬التــي الزلـ ُ‬ ‫شــخيص فيهــا ألحبــة وقفــوا إىل جانبــي‪ ،‬ليــس هنــا مقــام‬ ‫ذكرهــم‪ ..‬ألنهــم كانــوا يرحبــون يب‪ ..‬بالســوريني‪ ،‬يف تركيــا‬ ‫مبــا يجعــل دمعتنــا تتجمــد يف املحاجــر‪ .‬كنــا والزلنــا نريــد‬ ‫مــن أصدقائنــا دع ـاً أكــر لقضيــة الحريــة والكرامــة‪ ،‬وأن‬ ‫يكــون الســوري عزي ـزا ً أينــا قادتــه ريــاح الهمــوم واآلالم!‬ ‫شــانيل أورفــا‪ ..‬هنــاك حيــث املــاء والظــل الفـرايت الــوارف‪..‬‬ ‫شــكرا ً ملقامــك يف قلــوب الســوريني‪ ،‬يــا شــقيقة البــاد التــي‬ ‫تنتظرنــا‪.‬‬

‫مذكرة لألنتربول بحق د‪ .‬أحمد جاســم الحســين‬

‫أصــدرت ســلطات النظــام الســوري قبــل أيام قـرارا ً بفصل‬ ‫األســتاذ الدكتــور أحمــد جاســم الحســن مــن كليــة اآلداب‬ ‫بجامعــة دمشــق بســبب «هجومــه عــى الســيد الرئيــس‪،‬‬ ‫ووصفــه بالطاغيــة‪ ،‬وإعالنــه يف أكــر مــن مقــال منارصتــه‬ ‫للثــورة‪ ،‬ووصفــه الحكومــة الســورية بنظــام الطاغيــة‬ ‫وحديثــه عــن العالقــات الخاصــة باألشــقاء اإليرانيــن واصفـاً‬ ‫إياهــا باالحتــال اإلي ـراين!»‪.‬‬ ‫وذكــرت «أورينــت نــت» أن متابعــة مــن مســتوى عــال متت‬ ‫للق ـرار مــن قبــل ســلطات النظــام حيــث ســطرت مذكــرة‬ ‫للرشطــة الدوليــة اإلنرتبــول العتقالــه كونــه أحــد املطلوبــن‪،‬‬ ‫وقــد حــرك محامــون للســلطة عــى الحســن دعــوى قضائيــة‬ ‫تتضمــن مطالبــة النظــام بالحجــز عــى أموالــه مبــا فيهــا‬ ‫بقايــا منزلــه الــذي تعــرض للقصــف يف معضميــة الشــام‪.‬‬ ‫وأكــد الدكتــور الحســن بــأن الكلمــة هــي ســاحه الوحيــد‬ ‫ضــد الظلــم والقمــع الــذي تقــوم بــه ســلطات االحتــال‬ ‫اإلي ـراين األســدي لبلدنــا الحبيــب ســورية‪ ،‬وأنــه تخــى عــن‬ ‫عــادة كليــة اآلداب يف الحســكة‪ ،‬وعــن كونــه مستشــارا ً‬ ‫لوزيــر التعليــم العــايل يف ســبيل منــارصة الحــق والحريــة!‬ ‫وهــذا الفصــل الجديــد مــن تظاهــر الســلطات الســورية‬ ‫باإلجــراءات القانونيــة‪ ،‬مل ميــر عــى أحــد‪ ،‬وال حتــى عــى‬ ‫الرشطــة الدوليــة حيــث أن املكتــب القانــوين لإلنرتبــول‬

‫عبد الرحمن مطر‬ ‫الحديــث عــن مدينــة أورفــا‪ ،‬أو عــن تركيــا بأكملهــا‪ ،‬ال‬ ‫يســتقيم دون أن أذكّــر نفــي بأننــي طــوال عــر ســنوات‬ ‫ســبقت دخــويل إىل األرايض الرتكيــة يف صيــف ‪ ،2012‬مل‬ ‫أســتطع النــوم ولــو ليلــة واحــدة دون خــوف‪ .‬لكــن أورفــا‬ ‫منحتنــي تلــك الليلــة األوىل التــي رقــدتُ يف بيوتاتهــا‪..‬‬ ‫نوم ـ ًة هادئ ـ ًة هانئــة ألول مــرة‪ .‬مل أســتطع التعبــر حتــى‬ ‫اآلن‪ ،‬عــن مــدى إحســايس باألمــان الــذي عشــته‪ ،‬دون أن‬ ‫ـص ضلوعــي بــأن بلــدا ً هــو وطنــي اســتلب منــي‪ ،‬ومــن‬ ‫تغـ ّ‬ ‫ماليــن أمثــايل‪ ،‬ذلــك الحــق الــذي منحتــه يل بلــدة صغــرة‬ ‫جميلــة‪ ،‬ربطتنــا بهــا عالقــة روحيــة ثقافيــة‪ ،‬ناهيــك عــن‬ ‫أوارص القــرىب‪ ..‬وكانــت تعتــزم شــق طريــق وســط الرقــة‬ ‫هديــة منهــا‪ ،‬عربــون تعــاون وحســن جــوار‪ ..‬منحتنــي أفقـاً‬ ‫جديــدا ً للحيــاة‪ .‬فيــا كان ذلــك الطريــق الــذي يفــي‬ ‫إىل فــرع املخابــرات العســكرية‪ ،‬ال مينحنــا ســوى املذلــة‬ ‫والرعــب‪ ،‬وكان الخــارج منــه راجع ـاً إىل حارتــه‪ ،‬بخطـ ٍ‬ ‫ـوات‬

‫«شانلي أورفــا» ّ‬ ‫فـراتــي‬ ‫ظـل‬ ‫ّ‬

‫التــي فتحــت أبوابهــا عــى مرصاعيهــا أمــام الســوريني‪،‬‬ ‫وذللــت كل العقبــات التــي تعــرض‪ ،‬احتــاء املدنيــن‬ ‫بالجــران األتــراك‪ .‬وعــى املالحظــات التــي تشــوب أي‬ ‫جهــود‪ ،‬مــن هــذا النــوع‪ ،‬فــإن وجــود هــذا العــدد الكبــر‬ ‫الــذي قــد يصــل وفقــاً لبعــض اإلحصائيــات‪ ،‬إىل مليــوين‬ ‫ســوري‪ ،‬يعكــس طبيعــة موقــف النظــام الســيايس الــريك‪،‬‬ ‫ـت بصــدد الحديــث عــن دور‬ ‫الداعــم للثــورة الســورية‪ .‬لسـ ُ‬ ‫تركيــا اإلنســاين‪ ،‬بقــدر مــا تتوجــب اإلشــارة إليــه‪ ،‬وأن نشــر‬ ‫لــكل اإليجابيــات التــي أضحــت عمــاً تراكميــاً لفائــدة‬ ‫الالجئــن واملقيمــن‪ .‬وأن نشــر أيضــاً إىل الســلبيات التــي‬ ‫ترتاجــع أمــام الخطــوات التــي تتخذهــا تركيــا مــن حيــث‬ ‫التعليــم والصحــة‪ ،‬وحريــة الحركــة بــن طــريف الحــدود‪،‬‬ ‫والتنقــل والعمــل داخــل الدولــة‪ .‬وقــد بذلــت وال تــزال‬ ‫أنقــرة جهــودا ً مهمــة يف توفــر األمــان والحاميــة للســوريني‪.‬‬ ‫العنايــة الرتكيــة وفتــح البــاد أمــام الســوريني‪ ،‬يتجــاوز‬ ‫مــا قدمتــه عــى الصعيديــن املــادي واملعنــوي‪ ،‬مؤسســات‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05459679973( :‬أو مراجع��ة مقره��ا الكائ��ن خل��ف بلدي��ة أورف��ا‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السابع ‪ 1 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.