Alharmal (11) 01 3 2015 - مجلة الحرمل العدد الحادي عشر

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬ ‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪AL harmal‬‬ ‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬

‫معاب��ر ال��ذل‬

‫وداعًا بشري هالل‬ ‫ماجد رشيد العويد‬

‫ن�يرون روم��ا ون�يرون س��وريا‬

‫الحقيقــة المــرة انــه فــي ســوريا فاقــت مجــازر نيــرون‬ ‫ســوريا كل التوقعــات والتصــورات وبــدت لنــا ظلمــات‬ ‫التاريــخ تخيــم فــوق بلدنــا الحبيــب‪..‬‬

‫مش��هدية القم��ع يف س��وريا‬

‫فــي ســوريا يجــري اآلن تحــول كبيــر فــي الحيــاة‬ ‫السياســية‪ ،‬يحــاول بشــار األســد وعائلتــه وأد هــذا‬ ‫التحــول وعــدم الســماح لــه بالظهــور‪..‬‬

‫قص��اص األثر‪ ..‬رواي��ة جديدة للروائي الس��وري خليل النعيمي‬

‫عندم��ا س��افر قط��ار درع��ا ووص��ل إىل مح��ص‬

‫كأين عرفتــه منــذ ســنني‪ ،‬أنــا الــذي مل ألتــق بــه أبــدا ً‪ ،‬غــر‬ ‫أنهــا األفــكار يلتقــي بعضهــا بعضـاً يف كوكــب الحريــة املنشــودة‪.‬‬ ‫هكــذا كانــت طبيعــة العالقــة مــع بشــر هــال الصحفــي اللبنــاين‬ ‫الــذي انتــر للثــورة الســورية‪ ،‬وقــاوم بفكــره اســتبداد حــزب‬ ‫اللــه بلبنــان ذيــاً إليــران‪ ،‬وناهــض غــر خائــف نظــام األســد‬ ‫املســتبد بســوريا مــن غــر مــروع قــام عليــه بعــض طغــاة‬ ‫القــرن الفائــت‪.‬‬ ‫ويف حــوار لــه نــر يف كلنــا رشكاء قبــل رحيلــه قــال‪ :‬إن “الــرأس”‬ ‫املدبــرة يف هيئــة أركان نظــام األســد وحــزب اللــه إيرانيــون‪..‬‬ ‫وهنــاك تنســيق عســكري كبــر بــن حــزب اللــه ولــواء أبــو‬ ‫الفضــل العبــاس ألن اإلدارة املركزيــة لالثنــن إيرانيــة‪ ،‬وكذلــك‬ ‫مــع امليليشــيا األفغانيــة والباكســتانية واليمنيــة‪ ،‬ويتــوىل حــزب‬ ‫اللــه التنســيق مــن خــال عنــارصه القياديــة التــي ثبــت وجودهــا‬ ‫مــن خــال حربــه مــع إرسائيــل‪ .‬ورأى هــال أن “عــدد عنــارص‬ ‫حــزب اللــه محــدود وكل عنــر يفقــده يف حربــه يف ســوريا تؤثــر‬ ‫عليــه موضوعيــاً لذلــك أصبــح يتبــع أســاليب مبتكــرة لتجنيــد‬ ‫عنــارص جديــدة”‪ .‬وأوضــح هــال إن “ترصيحــات حســن نــر‬ ‫اللــه املتكــررة حــول تفضيلــه الحــل الســيايس يف ســوريا مثــرة‬ ‫للســخرية فهــو يســر يف خــط الحــل العســكري إىل جانــب‬ ‫النظــام‪ ،‬وتدخــل الحــزب منــذ بدايــة األحــداث مل يكــن مــن‬ ‫أجــل التفــاوض وردع نظــام األســد‪ ،‬بــل ســاهم بــكل املنــاورات‬ ‫واملعــارك”‪.‬‬ ‫كان مــروع الحرمــل فكــرة متبلــورة تنتظــر الصــدور عندمــا‬ ‫راســلته أطلــب منــه مقــاالً لعددهــا األول‪ ،‬ومل يتخلــف الرجــل‬ ‫مجيبـاً طلبــي باســتعداده قائـاً‪ :‬ليــس كثـرا ً عــى الثورة الســورية‬ ‫أن يكتــب املــرء مقــاالً ملجلــة تعمــل عــى نرصتهــا‪ ،‬وبالفعــل نُــر‬ ‫مقالُــه يف العــدد األول‪.‬‬ ‫وراســلته ثانيــة للكتابــة يف العــدد الخــاص عــن الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫والــذي يتزامــن مــع مــرور أربــع ســنوات عليهــا‪ ،‬ومل أتلــق ردا ً‬ ‫منــه‪ ،‬ثــم فوجئــت مبوتــه بالرسطــان‪ .‬املدهــش يف األمــر قدرتــه‬ ‫عــى تحمــل آالم مرضــه العضــال وتلبيتــه طلبــي وطلبــات غــري‬ ‫يف الكتابــة ملــا آمــن بــه‪ ،‬ورصف حياتــه ألجلــه‪.‬‬ ‫هــذا «املواطــن اللبنــاين األول» كــا ســاه حــازم صاغيــة‪ ،‬قــارب‬ ‫موقفــه مــن الثــورة الســورية وعشــقه لنرصتهــا حبــه لبلــده‬ ‫لبنــان‪ .‬انتــر لهــا كــا كان ينتــر لســيادة لبنــان‪ .‬ولعــل هــذا‬ ‫اإلحســاس الوطنــي الشــامي مــرده إىل صالبــة موقفــه الوطنــي‬ ‫النضــايل فهــو املحامــي والشــيوعي القديــم واليســاري عمومــاً‪،‬‬ ‫ولعــل الســبب يف كــرة مــا كتــب عنــه يعــود إىل اختالفــه عــن‬ ‫كثرييــن ممــن باعــوا أنفســهم للشــيطان‪ ،‬وأمــا بشــر فمــن منفــاه‬ ‫يف فرنســا بقــي يدافــع عــن حريــة البــاد والشــعوب‪.‬‬ ‫وداعاً بشري اإلنسان املخلص إلنسانيته‪.‬‬

‫«ماء الفضة» يفوز باجلائزة الكربى يف مهرجان ‪ if‬يف اسطنبول‬

‫نقل ضريح سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية إىل أمشة على احلدود السورية الرتكية‬

‫محل��ة أطلقه��ا ناش��طون حت��ت عن��وان «ارفع��وا احلص��ار ع��ن دي��ر ال��زور»‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫نق��ل ضري��ح س��ليمان ش��اه ج��د مؤس��س الدول��ة العثماني��ة‬

‫إىل أمش��ة على احلدود الس��ورية الرتكية‬ ‫أعلــن رئيــس الــوزراء الــريك أحمــد داود‬ ‫أوغلــو أن تركيــا نظمــت عمليــة عســكرية‬ ‫واســعة وأعــادت دون معــارك أربعــن جندي ـاً‬ ‫تركيــاً كانــوا يحرســون رضيــح ســليامن شــاه‬ ‫الواقــع يف منطقــة يســيطر عليهــا تنظيــم الدولة‬ ‫اإلســامية يف ريــف حلــب الشــايل‪ .‬وقــد قالــت‬ ‫تركيــا أنهــا أعــادت رفــات الشــخصية الرتكيــة‬ ‫مؤقت ـاً إىل تركيــا‪.‬‬ ‫وحــول عمليــة نقــل الرضيــح‪ ،‬ذكــرت وكالــة‬ ‫األناضــول لألنبــاء أنــه تــم نقــل رفات «ســليامن‬ ‫شــاه» (جــد مؤســس الدولــة العثامنيــة)‪ ،‬مــن‬ ‫رضيحــه يف حلــب بســوريا‪ ،‬إىل تركيــا‪ ،‬وبــدأت‬ ‫عمليــة «رضيــح ســليامن شــاه» يف التاســعة‬ ‫مســاء (بتوقيــت تركيــا)‪ ،‬حيــث دخــل إىل‬ ‫ســوريا ‪ 39‬دبابــة و‪ 57‬عربــة مدرعــة و‪100‬‬ ‫عربــة‪ ،‬و‪ 572‬جنديــاً‪ ،‬ووصلــت تلــك القــوات‬ ‫إىل رضيــح ســليامن شــاه يف حــدود الســاعة‬ ‫‪( 00:30‬بتوقيــت تركيــا)‪ .‬ويف الســاعة ‪09:02‬‬ ‫مســاء دخلــت قــوة تركيــة أخــرى مصحوبــة‬ ‫بالدبابــات إىل محيــط قريــة «آشــمة» يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬وســيطرت عــى قطعــة أرض باملنطقــة‬ ‫ورفعــت العلــم الــريك عليهــا‪ ،‬متهيــدا ً لنقــل‬ ‫رفــات «ســليامن شــاه» إليهــا‪ .‬فيــا تــم‬ ‫تدمــر جميــع املبــاين التــي كانــت موجــودة‬ ‫يف مــكان الرضيــح‪ ،‬بعــد نقــل جميــع األمانــات‬ ‫ذات القيمــة املعنويــة العاليــة‪ ،‬وذلــك لقطــع‬ ‫الطريــق أمــام أي محاولــة لســوء اســتغالل‬ ‫املــكان‪.‬‬ ‫كــا تــم اتخــاذ قــرار تنفيــذ عمليــة رضيــح‬ ‫«ســليامن شــاه» يف أنقــرة‪ ،‬يف إطــار القواعــد‬ ‫القانونيــة‪ ،‬ومل يتــم طلــب اإلذن أو املســاعدة‬

‫مــن أي جهــة‪ ،‬فيــا تــم إخطــار قــوات التحالف‬ ‫الــدويل أثنــاء العمليــة (نقــل رضيــح «ســليامن‬ ‫شــاه» مــن ســوريا إىل أنقــرة)‪ ،‬لتجنــب وقــوع‬ ‫أي ضحايــا بــن املدنيــن‪ ،‬وكان مــن الــروري‬ ‫التنســيق مــع قــوات التحالــف بســبب‬ ‫العمليــات الجويــة التــي ينظمهــا باســتمرار‪.‬‬ ‫وأضافــت وكالــة أنبــاء األناضــول قائلــة‪ :‬إن‬ ‫عمليــة (نقــل رضيــح «ســليامن شــاه» مــن‬ ‫ســوريا إىل تركيــا) كانــت ناجحــة للغايــة‪ ،‬ومل‬ ‫نتخــل عــن أي حــق مــن حقوقنــا املعــرف بهــا‬ ‫يف القانــون الــدويل‪ ،‬ومل يتخلــل عمليــة نقــل‬ ‫رضيــح «ســليامن شــاه» أي موقــف يســتدعي‬ ‫تدخــل القــوات الجويــة الرتكيــة‪ ،‬وجميــع‬ ‫األطــراف كانــت عــى علــم بــأن أي تدخــل‬ ‫يف ســر العمليــة سيســتدعي ردا ً عــى أعــى‬ ‫مســتوى مــن الجانــب الــريك‪ ،‬وبالتــايل مل تشــهد‬ ‫العمليــة أي اشــتباكات‪ ،‬ومل يســقط أي ضحايــا‬ ‫يف صفــوف املدنيــن‪.‬‬ ‫وقالــت رئاســة األركان الرتكيــة إن عمليــة نقــل‬

‫رضيــح ســليامن شــاه مل تشــهد أي اشــتباكات‪،‬‬ ‫إال أن أحــد الجنــود األتــراك ســقط شــهيدا ً‪،‬‬ ‫نتيجــة حــادث وقــع خــال املرحلــة األوىل مــن‬ ‫العمليــة‪ .‬وأضافــت األركان الرتكيــة‪ ،‬يف بيــان‬ ‫لهــا‪ ،‬أنــه «تــم نقــل األمانــات التــي تحمــل‬ ‫قيمــة عاليــة والتــي تركهــا لنــا أجدادنــا‪ ،‬مــن‬ ‫رضيــح ســليامن شــاه (يف حلــب)‪ ،‬الــذي يعتــر‬ ‫أرضــاً تركيــة وفقــاً للمعاهــدات الدوليــة‪ ،‬إىل‬ ‫تركيــا بشــكل مؤقــت‪ ،‬متهيــدا ً لنقلهــا إىل قريــة‬ ‫آشــمة يف ســوريا‪ ،‬وذلــك بســبب املشــكالت‬ ‫األمنيــة يف ســوريا والــرورات العســكرية»‪.‬‬ ‫ووصفــت الحكومــة الســورية التدخــل‬ ‫العســكري الــريك يف األرايض الســورية بأنــه‬ ‫«عــدوان صــارخ»‪ ،‬وذلــك حســب وكالــة األنبــاء‬ ‫الســورية الرســمية ســانا‪ ،‬ونقلــت الوكالــة عــن‬ ‫بيــان أصدرتــه وزارة الخارجيــة يف دمشــق قولــه‬ ‫إن «تركيــا مل تكتـ ِ‬ ‫ـف بتقديــم كل أشــكال الدعــم‬ ‫ألدواتهــا مــن عصابــات «داعــش» و»النــرة»‬ ‫وغريهــا مــن التنظيــات اإلرهابيــة املرتبطــة‬ ‫بتنظيــم القاعــدة بــل قامــت فجــرا ً بعــدوان‬

‫ســافر عــى األرايض الســورية‪.‬‬ ‫فيــا ذكــر مصــدر باالئتــاف الســوري لقــوى‬ ‫الثــورة واملعارضــة الســورية أن عمليــة نقــل‬ ‫رضيــح ســليامن شــاه والجنــود مــن قبــل قــوات‬ ‫الجيــش الــريك متــت بعلــم االئتــاف والجيــش‬ ‫الحــر‪ ،‬ومــن دواعــي االرتيــاح أن متــت العمليــة‬ ‫بســام‪ ،‬وأن وفــاة الجنــدي الــريك الــذي قــى‬ ‫نحبــه جــاءت إثــر حــادث غــر قتــايل أثنــاء‬ ‫العمليــة‪.‬‬ ‫بــدوره قــال املســؤول املحــي يف عــن العــرب‬ ‫«كوبــاين» إدريــس نعســان إن العمليــة التــي‬ ‫قــام بهــا الجيــش الــريك داخــل ســوريا نفــذت‬ ‫بالتنســيق مــع «غرفــة عمليــات الفــرات» يف‬ ‫كوبــاين املؤلفــة مــن فصائــل الجيــش الحــر‪،‬‬ ‫ووحــدات حاميــة الشــعب الكــردي‪ .‬وبينــا‬ ‫رفــض إعطــاء تفاصيــل عســكرية عــن هــذا‬ ‫التنســيق‪ ،‬أوضــح لـــلرشق األوســط أنــه ومنــذ‬ ‫كانــت كوبــاين تحــت ســيطرة النظــام كان يتــم‬ ‫تبديــل فــرق حــرس رضيــح ســليامن شــاه‪ ،‬لكــن‬ ‫ومنــذ خمســة أشــهر‪ ،‬حــن بــدأت املعــارك‬ ‫بــن «داعــش» واألكــراد‪ ،‬عمــد التنظيــم إىل‬ ‫منعهــم مــن الوصــول إىل الرضيــح عــر كوبــاين‬ ‫وأجربوهــم عــى ســلوك طريــق جرابلــس‪ ،‬أمــا‬ ‫اليــوم وبعــد تحريــر كوبــاين كان الق ـرار الــريك‬ ‫بنقــل الرضيــح‪ ،‬وتــم ذلــك بالتنســيق مــع‬ ‫األطــراف املســؤولة يف املنطقــة وعــر معــر‬ ‫مرشــد بينــار الوحيــد بــن تركيــا وكوبــاين‪.‬‬ ‫يذكــر أن ســليامن شــاه هــو جــد عثــان األول‪،‬‬ ‫مؤســس الدولــة العثامنيــة ســنة ‪ .1299‬ويحــى‬ ‫أن املغــول غــزوا إمرباطوريــة ســليامن شــاه‬ ‫بغتــة‪ ،‬فلقــي حتفــه غرقـاً يف نهــر الفـرات أثنــاء‬ ‫محاولتــه الفــرار ســنة ‪ 1227‬ودفــن بالقــرب‬ ‫مــن املــكان املســمى حاليــاً تــرك مــزاري يف‬

‫جــوار قلعــة جعــر يف محافظــة الرقــة بســوريا‪.‬‬ ‫ويشــكك بعــض املؤرخــن يف الروايــات الرســمية‬ ‫عــن رضيــح شــاه قائلــن إنهــا رمبــا لُفقــت‬ ‫الحقًــا إلثــراء هويــة تركيــة إمرباطوريــة‪ ،‬ثــم‬ ‫هويــة وطنيــة‪.‬‬ ‫وبحســب املــادة التاســعة مــن معاهــدة أنقــرة‬ ‫املوقعــة بــن تركيــا وفرنســا التــي تــم توقيعهــا‬ ‫يف عهــد االنتــداب الفرنــي عــى ســوريا ســنة‬ ‫‪ ،1921‬ات ُفــق عــى أن رضيــح ســليامن شــاه هــو‬ ‫تحــت الســيادة الرتكيــة‪ ،‬وحاليــاً يعتــر هــذا‬ ‫املــزار‪ ،‬األرض الوحيــدة ذات الســيادة الرتكيــة‬ ‫خــارج حــدود الدولــة‪ ،‬ويســهر عــى حاميــة‬ ‫امل ـزار جنــود أت ـراك‪.‬‬ ‫يف ســنة ‪ ،1973‬كانــت ميــاه ســد الفــرات‬ ‫ســتغمر الرضيــح‪ ،‬بعــد مفاوضــات تركيــة –‬ ‫ســورية تقــرر نقــل الرضيــح إىل منطقــة أخــرى‬ ‫مســيجة عــى رشيــط مــن األرض ناتــئ يف مــاء‬ ‫نهــر الفــرات قــرب قريــة قــره قــوزاك عــى‬ ‫بعــد ‪ 25‬كــم مــن تركيــا مســاحتها ‪ 8,797‬مــر‪²‬‬ ‫داخــل محافظــة حلــب‪.‬‬ ‫يذكــر أن األرض املحيطــة بالرضيــح أرض قاحلــة‬ ‫ليــس فيهــا ســوى بعــض القــرى املبعــرة هنــا‬ ‫وهنــاك‪ ،‬وتتــوىل كتيبــة تركيــة تتمركــز قــرب‬ ‫الحــدود الســورية تدويــر الوحــدات التــي‬ ‫تحــرس الرضيــح‪ .‬كــا أنــه بنــي مركــز رشطــة‬ ‫ســوري إىل جانــب موقــع الرضيــح‪ ،‬ويف عــام‬ ‫‪ 2010‬قــررت اللجنــة املشــركة لربنامــج التعاون‬ ‫الســوري – الــريك وضــع لوحــات وشــاخصات‬ ‫داللــة للموقــع‪ ،‬وصيانــة الطريــق املؤديــة إىل‬ ‫الرضيــح باعتبــاره مقصــدا ً ســياحياً للــزوار‬ ‫األتـراك وخــال زيــارة الرئيــس الــريك عبــد اللــه‬ ‫غــول إىل حلــب زار وفــد رســمي تــريك الرضيــح‪،‬‬ ‫وقــرر إقامــة أعــال صيانــة وترميــم فيــه‪.‬‬

‫ب�لات ف��ورم أورف��ا يوج��ه مس��اعدات إىل الداخ��ل الس��وري‬ ‫أعــرب العميــد عــوض العيل وزيــر الداخلية‬ ‫يف الحكومــة الســورية املؤقتــة عــن امتنــان‬ ‫وشــكر الحكومــة الســورية املؤقتــة ألهــايل‬ ‫واليــة شــانيل أورفــا‪ ،‬والشــعب الــريك عمومـاً‪،‬‬ ‫والقيــادة الرتكيــة‪ ،‬ومنظــات املجتمــع املــدين‬ ‫يف أورفــا ملــا قدمــوه مــن مســاعدات إنســانية‬ ‫وإغاثيــة ومــا بذلــوه مــن جهــود لنــرة‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬منــذ انطــاق رشارة الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬داخــل ســوريا ويف تركيــا‪.‬‬ ‫جــاء ذلــك خــال االجتــاع املوســع الــذي‬ ‫عقــده مــع اتحــاد جمعيــات أورفــا املدنيــة‬ ‫(البــات فــورم)‪ ،‬والــذي ترافــق مــع توجيــه‬ ‫حملــة مســاعدات إىل الداخــل الســوري‪،‬‬ ‫وحــره الســادة عبــد الــرزاق الحســن‬ ‫وزيــر العــدل‪ ،‬والدكتــور عــاد بــرق وزيــر‬ ‫الرتبيــة‪ ،‬وعثــان غ ـرام رئيــس مجلــس إدارة‬ ‫البــات فــورم وأعضــاء مجلــس إدارة اتحــاد‬ ‫الجمعيــات األهليــة يف أورفــا‪.‬‬ ‫وقــال عــوض يف كلمتــه‪ :‬لقــد وجد الســوريون‬ ‫يف محنتهــم إخــوة حقيقيــن لهــم‪ ،‬هــم‬ ‫الشــعب الــريك‪ ،‬الذيــن قدمــوا كل مــا‬ ‫يســتطيعون يف أيــام الــرد والجــوع‪ ،‬وكانــوا‬ ‫بحــق نعــم اإلخــوة واألصدقــاء‪ ،‬مشــرا ً إىل‬ ‫األعــال الخرييــة التــي قــام اتحــاد جمعيــات‬ ‫أورفــا األهليــة (البــات فــورم)‪ ،‬الذيــن واكبــوا‬ ‫الثــورة ومحنــة الشــعب الســوري منــذ‬ ‫البدايــة‪ ،‬والتــي ســتبقى إىل األبــد يف قلــوب‬

‫الســوريني كافــة‪ ،‬وإن شــاء اللــه ســتكون‬ ‫هــذه األعــال الخــرة مســجلة يف تاريــخ‬ ‫ســوريا القــادم‪.‬‬ ‫وقــال وزيــر العــدل القــايض عبــد الــرزاق‬ ‫الحســن‪ :‬يف املثــل العــريب «عنــد الضيــق‬ ‫يُعــرف العــدو مــن الصديــق»‪ ،‬الشــعب‬ ‫الســوري يف لحظــات أملــه‬ ‫املمتــدة عــى مــدى أربــع‬ ‫ســنوات مضــت‪ ،‬وجــد‬ ‫يف تركيــا خــر معــن يف‬ ‫أزمتــه ومحنتــه‪ ،‬لذلــك ال‬ ‫يســعنا إال التقــدم بالشــكر‬ ‫والعرفــان لإلخــوة األت ـراك‬ ‫حكومــة ورئيســاً وشــعباً‪،‬‬ ‫أمــا أورفــا فلهــا مســاحة‬ ‫كبــرة يف قلبــي‪ ،‬ويف قلــوب‬ ‫كل الســوريني‪ ،‬فلقــد‬

‫أحسســت بغربــة حقيقيــة وأنا أغادرهــا‪ ،‬ألنها‬ ‫تشــبه مدينــة الرقــة يف كل يشء‪ ،‬وشــعبها هــم‬ ‫خــر النــاس الذيــن ميكــن أن تعيــش معهــم‬ ‫بســام‪ ،‬وهــو مــا ينطبــق عــى عمــوم مناطــق‬ ‫تركيــا األخــرى‪ .‬شــكرا ً لرتكيــا وملنظــات‬ ‫املجتمــع املــدين الذيــن بذلــوا جهــودا ً جبــارة‬

‫ملســاعدة إخوتهــم الســوريني‪.‬‬ ‫كــا تحــدث الدكتــور عامد بــرق وزيــر الرتبية‬ ‫عــن أهميــة أعــال اتحــاد جمعيــات أورفــا‪،‬‬ ‫والصــدى الــذي تركتــه يف قلــوب الســوريني‬ ‫كافــة‪ ،‬مؤكــدا ً أن هــذه األعــال تــأيت يف‬ ‫إطــار تعزيــز اإلخــوة بــن الشــعبني الصديقني‪،‬‬ ‫والــذي جــاء ترجمــة حقيقيــة لتوجيهــات‬ ‫الرئيــس الــريك رجــب طيــب أردوغــان باعتبار‬ ‫الســوريني املهاجريــن‪ ،‬واألنصــار هــم إخوتهــم‬ ‫مــن األتــراك‪ ،‬موضحــاً أن وزارة الرتبيــة يف‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة بصــدد توقيــع‬ ‫اتفاقيــة تعــاون‪ ،‬تتضمــن خضــوع مــدارس‬ ‫الســوريني لــإرشاف الكامــل مــن قبــل وزارة‬ ‫الرتبيــة الرتكيــة‪ ،‬وهــذا مــا يعطــي نتائــج‬ ‫إيجابيــة للعمليــة الرتبويــة والتعليميــة‬ ‫وإمكانيــة قبــول شــهادات الســوريني يف‬

‫الجامعــات الرتكيــة مســتقبالً‪.‬‬ ‫بــدوره بـ ّـن الســيد عثــان غـرام عمــل اتحــاد‬ ‫الجمعيــات البــات فــورم‪ ،‬واملناطــق التــي تــم‬ ‫اســتهدافها باملســاعدات اإلنســانية واإلغاثيــة‬ ‫التــي تــم توجيههــا إىل الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫موضحــاً أن عــدد املهاجريــن الضيــوف مــن‬ ‫الســوريني القاطنــن يف واليــة شــانيل أورفــا‬ ‫تجــاوز ‪ 550‬ألــف مواطــن‪ ،‬وهــو مــا ميثــل‬ ‫‪ %25‬مــن الســوريني الذيــن يعيشــون يف‬ ‫تركيــا‪ ،‬مؤكــدا ً أن الشــعب الــريك يف أورفــا‬ ‫يتمثــل كــرم النبــي إبراهيــم‪ ،‬وصــر أيــوب‬ ‫يف مســاعدة إخوتهــم الســوريني‪ ،‬مطالبــاً‬ ‫املجتمــع الــدويل بإنهــاء أزمــة الســوريني‪،‬‬ ‫وإزاحــة الظلــم عنهــم‪ ،‬متمني ـاً لهــم العيــش‬ ‫بســام ومحبــة‪.‬‬ ‫وقــال إن البــات فــورم قــام بإرســال ‪130‬‬ ‫شــاحنة محملــة باملــواد اإلغاثيــة للشــعب‬ ‫الســوري يف املناطــق املحــررة مــن النظــام‪،‬‬ ‫كــا تــم توزيــع ‪ /258/‬قاطــرة عــى اإلخــوة‬ ‫الســوريني القاطنــن يف واليــة شــانيل أورفــا‪،‬‬ ‫فيــا تضــم الحملــة األخــرة أربــع قاط ـرات‬ ‫محملــة بحرامــات الصــوف‪ ،‬واالســفنجات‪،‬‬ ‫ومــواد املنظفــات‪ ،‬واملدافــئ‪ ،‬واأللبســة‬ ‫الشــتوية‪ ،‬واالحتياجــات الشــخصية‪ ،‬وســيتم‬ ‫توزيعهــا يف مناطــق حلــب وإدلــب وريــف‬ ‫الالذقيــة‪.‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫‪3‬‬

‫صح��ة ب�لا صح��ة بوج��ود داع��ش‬

‫يعتمــد قطــاع الصحــة مبحافظــة الرقــة عــى‬ ‫مرافــق أساســية‪ ,‬ويف ظــل ســيطرة تنظيــم‬ ‫داعــش غــاب االعتنــاء بهــذا القطــاع‪ ،‬وأصابــه‬ ‫الكثــر مــن اإلهــال‪ ،‬األمــر الــذي انعكــس عــى‬ ‫حالــة املدنيــن الصحيــة‪ ،‬والخدمــات املقدمــة‬ ‫مــن قبــل تلــك القطاعــات لهــم‪.‬‬ ‫وترتكــز الخدمــات الصحيــة يف املنشــآت‬ ‫الصحيــة التاليــة‪ ،‬وهــي املشــفى الوطنــي يف‬ ‫الرقــة‪ ،‬ومشــفى التوليــد يف الرقــة‪ ،‬ومشــفى‬ ‫الطبقة‪ ،‬و مشــفى تــل أبيــض‪ ،‬إضافــة إىل عــدد‬ ‫مــن املســتوصفات واملراكــز الصحيــة يف املدينــة‬ ‫والريــف‪ ،‬والتــي عددهــا يتجــاوز عــرة‬ ‫مراكــز‪ ،‬وعــدد مــن املشــايف الخاصــة مبدينــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬وواحــدة بتــل أبيــض‪ ،‬لكــن منــذ ســيطرة‬ ‫التنظيــم عــى املحافظــة‪ ،‬وإنشــائه املكتــب‬ ‫الصحــي الخــاص بــه‪ ،‬قــام بالتدخــل بــكل‬ ‫مفاصــل القطــاع الصحــي‪ ،‬األمــر الــذي أدى‬ ‫إىل توقــف عــدد كبــر مــن املســاعدات الطبيــة‬ ‫للمحافظــة‪ ،‬ومنهــا املســاعدات املقدمــة مــن‬ ‫قبــل املعارضــة‪ ،‬وكذلــك بعــض املســاعدات‬ ‫القادمــة مــن منظمــة الهــال األحمــر الســوري‪،‬‬ ‫بعــد أن أوقــف التنظيــم عمــل فرعــه يف الرقــة‪،‬‬ ‫وكذلــك مــن وزارة الصحــة التابعــة للنظــام‬ ‫الســوري بدمشــق‪ ،‬وتعــر كذلــك برامــج‬ ‫التلقيــح والتحصــن الخاصــة باألطفــال‪ ،‬رغــم‬ ‫الجهــود املبذولــة مــن جهــات عــدة لــي ال‬ ‫تتوقــف برامــج التحصــن تلــك خوفــاً مــن‬ ‫حــدوث أمــور ال تحمــد عقباهــا نتيجــة انتشــار‬ ‫األمــراض‪ ،‬وخصوصــاً مبــا يخــص األطفــال‪.‬‬ ‫عانــت مدينــة الرقــة وال ت ـزال تعــاين مــن قلــة‬ ‫املــادة الدوائيــة بســبب توقــف عــدد مــن‬ ‫الــركات الطبيــة عــن إرســال األدويــة إىل مراكز‬ ‫التوزيــع الخاصــة بهــا يف محافظــة الرقــة‪ ،‬بعــد‬ ‫أن أقــدم التنظيــم عــى مصــادرة عــدد مــن‬ ‫تلــك املســتودعات‪ ،‬وقيامــه بعمليــات اعتقــال‬ ‫تعســفي بعــدد مــن مالــي تلــك املســتودعات‬ ‫مــن كال الجانبــن ( نظــام – داعــش)‪ ،‬مــا‬

‫أدى لنــدرة أنــواع عديــدة مــن األدويــة‪ ،‬فيــا‬ ‫البحــث جــار عــن بدائــل لبعــض األدويــة‪،‬‬ ‫وخصوصــا األدويــة الخاصــة مبعالجــة أمــراض‬ ‫الضغــط والســكري‪ ،‬وكذلــك بالنســبة لألدويــة‬ ‫واملــواد الطبيــة الخاصــة بغــرف العمليــات‪.‬‬ ‫أمــا حــال املشــايف حاليــاً‪ ،‬فقــد غــاب عنهــا‬ ‫التعقيــم‪ ،‬والعنايــة بالنظافــة بســبب عــدم‬ ‫وجــود الكــوادر الخاصــة بالنظافــة باملشــايف‪،‬‬ ‫كــون تلــك املشــايف ســابقا كانــت تعتمــد‬ ‫عــى التعاقــد مــع القطــاع الخــاص بخصــوص‬ ‫النظافــة الخاصــة بهــا‪ ،‬وكذلــك املعانــاة يف‬ ‫تفاقــم مبــا يخــص‪:‬‬ ‫‪ -1‬غيــاب الــكادر الطبــي املتخصــص صاحــب‬ ‫الخــرة بتلــك املشــايف بســبب نــزوح وهــروب‬ ‫العديــد مــن أطبــاء الرقــة باتجــاه تركيــا أو إىل‬ ‫املناطــق املســيطر عليهــا مــن قبــل النظــام‬ ‫بســبب املامرســات املرتكبــة مــن قبــل التنظيــم‬ ‫بحــق األطبــاء‪ ،‬وحتــى قبــل ســيطرة التنظيــم‪،‬‬ ‫حيــث ســجلت حــاالت اعتــداء عــى الكــوادر‬ ‫الطبيــة باملشــايف العامــة بالرقــة‪ ،‬والتدخــل‬ ‫بآليــة عمــل املشــايف‪ ،‬وغيــاب االحــرام يف‬

‫التعامــل‪ ،‬األمــر الــذي أدى إىل غيــاب وهــروب‬ ‫تلــك الكــوادر‪.‬‬ ‫‪ -2‬األعطــال الكبــرة التــي تعــاين منهــا‬ ‫التجهيــزات واألدوات يف املشــايف‪ ،‬ونقــص يف‬ ‫قطــع الغيــار‪ ،‬وخــروج العديــد مــن األجهــزة‬ ‫عــن الخدمــة (أجهــزة غســيل الــكىل – الطبقــي‬ ‫املحــوري – أجهــزة التصويــر الشــعاعي –‬ ‫حاضنــات األطفــال – املنافــس)‪ ،‬وســجلت‬ ‫حــاالت وفيــات بســبب األعطــال التــي أصابــت‬ ‫تلــك األجهــزة‪ ،‬نتيجــة عــدم إمكانيــة إصــاح‬ ‫املتعطــل منهــا ألســباب عــدة منهــا عــدم‬ ‫اكــراث التنظيــم إلجــراء اإلصالحــات الالزمــة‬ ‫لتلــك املعــدات‪ ،‬فيــا ينصــب اهتــام التنظيــم‬ ‫مبشــافيه امليدانيــة‪ ،‬والتــي تخــدم عنــارصه‬ ‫فقــط‪.‬‬ ‫‪ -3‬تــرب عــدد مــن املعاملــن بقطــاع الصحــة‬ ‫باتجــاه القطــاع الخــاص بســبب غيــاب الدعــم‬ ‫للكــوادر الصحيــة باملشــايف العامــة‪ ،‬والســعي‬ ‫للعمــل بالقطــاع الخــاص‪ ،‬بحثــاً عــن فــرص‬ ‫تعينهــم يف معيشــتهم‪ ،‬وخصوصــاً بعــد أن‬ ‫أوقــف النظــام رواتــب عــدد كبــر مــن العاملني‬

‫بقطــاع الصحــة‪.‬‬ ‫‪ -4‬نوعيــة العنايــة الطبيــة الرديئــة املقدمــة‬ ‫مــن تلــك املشــايف بســبب صعوبــة مــا تعانيــه‪،‬‬ ‫والــذي بــدا واضحــاً أثنــاء الغــارات التــي‬ ‫تعرضــت لهــا املدينــة مــن قبــل طـران النظــام‪،‬‬ ‫والتــي أدت إىل ارتفــاع عــدد الوفيــات بالنســبة‬ ‫للمصابــن‪ ،‬وتجــى ذلــك بعــدم قــدرة هــذه‬ ‫املشــايف عــى إســعاف األعــداد الكبــرة مــن‬ ‫املصابــن‪.‬‬ ‫وســعى التنظيــم خــال الفــرة املاضيــة الفتتــاح‬ ‫كليــة للطــب البــري بالرقــة إليجــاد كــوادر‬ ‫طبيــة تكــون قــادرة عــى ســد الف ـراغ‪ ،‬نتيجــة‬ ‫النقــص الحاصــل يف املشــايف‪ ،‬ومــن املتوقــع‬ ‫تخريــج دفعــات مــن األطبــاء مــن ذوي الخــرة‬ ‫والكفــاءة القليلــة‪ ،‬ألســباب عــدة أبرزهــا قــر‬ ‫املــدة الزمنيــة للدراســة‪ ،‬وكذلــك ضعــف الكادر‬ ‫التدريــي الــذي يــرف عــى تلــك الكليــة‪.‬‬ ‫وبســبب تلــك العوامــل وعوامــل أخــرى ظهــر‬ ‫يف املدينــة مؤخـرا ً العديــد مــن األمـراض منهــا‪:‬‬ ‫الالشــانيا‪ :‬رضب هــذا املــرض محافظــة الرقــة‬ ‫مؤخـرا ً حيــث تــم رصــد أوىل الحــاالت يف أواخــر‬ ‫العــام ‪ 2013‬يف بعــض العائــات النازحــة مــن‬

‫مدينــة حلــب مــن بعــد هجمــة الرباميــل‬ ‫املتفجــرة التــي تعرضــت لهــا حلــب آنــذاك‪،‬‬ ‫لكــن ومــع الوقــت ازداد عــدد الحــاالت بشــكل‬ ‫كبــر يف اآلونــة األخــرة‪ ،‬حيــث يرتكــز املــرض‬ ‫بصــورة كبــرة يف شــال املحافظــة‪ ،‬وتعمــل‬ ‫عــدة جهــات عــى الحــد مــن ذلــك املــرض‪,‬‬ ‫والــذي ســاعد عــى انتشــاره هــو انتقــال عــدد‬ ‫مــن العائــات مــن ريــف الحســكة إىل الريــف‬ ‫الشــايل للرقــة‪ ،‬والعامــل اآلخــر غياب الوســائل‬ ‫الوقائيــة خــال األعــوام الثالثــة األخــرة‪ ،‬إضافــة‬ ‫الســتيقاظ أم ـراض الســل والجــرب والكول ـرا‪.‬‬ ‫وبعيــدا ً عــن األمــراض‪ ،‬يقــوم التنظيــم‬ ‫عــر مكاتبــه املختصــة ببــث فكــر التطــرف‬ ‫والكراهيــة وسياســة املــوت‪ ,‬ومؤخــرا ً ســعى‬ ‫جاهــدا ً إىل غــرس العرقيــة يف عقــول النــاس‬ ‫والكراهيــة تجــاه مكونــات الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫وترتكــز أعاملهــم يف أوســاط األطفــال والشــباب‬ ‫الذيــن يتلقــون هــذه الســموم التــي تنهــش‬ ‫عقولهــم‪ ،‬فيــا يصارعــون البقــاء مــن جــراء‬ ‫تفــي األمــراض الســارية واملعديــة‪.‬‬

‫الرقة تذبح بصمت‬

‫محل��ة أطلقه��ا ناش��طون حت��ت عن��وان «ارفع��وا احلص��ار ع��ن دي��ر ال��زور»‬ ‫أطلــق مجموعــة مــن اإلعالميــن والناشــطني‬ ‫والحقوقيــن حملــة عــى مواقــع التواصــل‬ ‫االجتامعــي ووســائل اإلعــام املختلفــة‪ ،‬تهــدف‬ ‫لرفــع الحصــار عــن مدينــة ديــر الــزور‪،‬‬ ‫والــذي دخــل شــهره الثــاين‪ ،‬وتحييــد املدنيــن‬ ‫عــن األعــال العســكرية‪ ،‬وحــاالت التجويــع‬ ‫والحرمــان الناجمــة عــن الحصــار‪ ،‬والعمــل‬ ‫عــى توفــر مســتلزمات الحيــاة األساســية مــن‬ ‫دواء وغــذاء لجميــع ســكان مدينــة ديــر الــزور‪.‬‬ ‫وحــول هــذه الحملــة‪ ،‬تحــدث اإلعالمــي أحمــد‬ ‫يســاوي قائ ـاً‪ :‬دخــل حصــار املناطــق الواقعــة‬ ‫تحــت ســيطرة النظــام يف ديــر الــزور شــهره‬ ‫الثــاين‪ ،‬واســتمر معــه «تنظيــم الدولــة» يف منــع‬ ‫وصــول الغــذاء والــدواء إىل نحــو ‪ 400‬ألــف‬ ‫مــدين أغلبهــم مــن أبنــاء املحافظــة النازحــن‪،‬‬ ‫ويــأيت ذلــك يف الوقــت الــذي مل يتــوان فيــه‬ ‫النظــام عــن توفــر كل املســتلزمات املعيشــية‬ ‫لقواتــه املتواجــدة يف تلــك املناطــق‪ ،‬عــر‬ ‫مخزونــه االســراتيجي أو مطــاره العســكري‪،‬‬ ‫ليبقــى املــدين وقــودا ً لحــرب بــن طرفــن مل‬ ‫يــرددا يف قتلــه أو حصــاره وتجويعــه‪.‬‬ ‫يومــا بعــد يــوم‪ ،‬تــزداد معانــاة املدنيــن يف تلــك‬ ‫املناطــق دون وجــود أي أفــق لفــك الحصــار‪،‬‬ ‫لتنظــم أحيــاء ومناطــق ديــر الــزور األخــرى‬ ‫الواقعــة تحــت ســيطرة «تنظيــم الدولــة» منــذ‬ ‫أيــام إىل الحــال ذاتــه‪ ،‬وإن كان بشــكل جــزيئ‪،‬‬ ‫ومنفــذه النظــام ذاتــه‪ ،‬الــذي مل يتــوان ســابقاً‬ ‫عــن اتخــاذ الحصــار والتجويــع ســاحاً ضــد‬

‫املدنيــن‪ ،‬ليشــهر ســاحه هــذه املــرة عــر‬ ‫إغــاق بوابــة دمشــق واملحافظــات األخــرى إىل‬ ‫ديــر الــزور‪ ،‬وقطــع طريــق دمشــق مــن خــال‬ ‫بوابــة تدمــر‪ ،‬مانعـاً مــن خاللهــا مــرور الغــذاء‬ ‫والــدواء إىل مناطــق ديــر الــزور املختلفــة‪.‬‬ ‫«ارفعــوا الحصــار عــن ديــر الــزور»‪ ،‬حملــة‬ ‫ينفذهــا مجموعــة مــن اإلعالميــن والحقوقيــن‬ ‫والناشــطني مــن أبنــاء ديــر الــزور‪ ،‬هدفهــا املدين‬ ‫املحــارص‪ ،‬الــذي يجــب أن ال يكــون الوقــود ألي‬ ‫حــرب‪ ،‬أيــا كانــت مســبباتها وغاياتهــا وأطرافهــا‪،‬‬ ‫وبالتــايل ليــس مــن أهدافهــا الدخــول يف‬ ‫مهاتــرات املواقــف والتحالفــات والتحزبــات‬

‫والسياســة والعســكرة‪ ،‬ليكــون تحركهــا ذو‬ ‫هــدف إنســاين بحــت‪ ،‬أال وهــو رفــع الحصــار‬ ‫عــن ديــر الــزور‪ ،‬الــذي ال تــرره رشيعــة وال‬ ‫قانــون‪ ،‬وال يقبلــه عقــل ســليم‪ ،‬وال نهــج قويــم‪.‬‬ ‫وقــال عبــد الواحــد فيــاض‪ :‬أكـيـــد أن هــذه‬ ‫الحملــة وهــذا الــكالم وهــذه «الهاشــتاغات»‬ ‫مــا راح تفــك الحصــار‪ ،‬وتفتــح طرقــات الديــر‪,‬‬ ‫بــس ممكــن أنهــا تفتــح عقــول مغلقــة إىل‬ ‫اآلن ال متيــز بــن العــدو والصديــق وبــن األخ‬ ‫والغريــب‪ ,‬وممكــن تفتــح أعــن مغطــاة وآذان‬ ‫مســدودة وأفــواه مكممــة عــن رؤيــة الواقــع‬ ‫وقــول الحقيقــة‪ ،‬ممكــن تكــون هــذه الحملــة‬

‫رســالة البــن البلــد أنــه إذا نســيت تــرى هــذه‬ ‫كلهــا ديــرنــــا‪ ,‬الجــورة والقصــور حاراتنــا‪،‬‬ ‫مثلــا الجبيلــة والحميديــة والحويقــة حاراتنــا‪،‬‬ ‫فحــاول أن تغــر بلســانك وإن مل تســتطع‬ ‫فبقلبــك وذلــك أضعــف اإلميــان‪ ،‬ويــا ســيدي إن‬ ‫مل تســتطع قــول الحــق فعــى األقــل ال تصفــق‬ ‫للباطــل‪ ،‬أوالً وثاني ـاً ال تثبــط النــاس ومتنعهــم‬ ‫مــن جهودهــم اليســرة إن كان بألســنتهم أو‬ ‫دعــوات قلوبهــم‪.‬‬ ‫ديــر الــزور بحاجــة لــكل أبنائهــا‪ ,‬املحارصيــن يف‬ ‫ديــر الــزور هــم ديريــون‪ ,‬هــم أهــل الشــهيد‪,‬‬ ‫والنــازح الــذي تدمــر بيتــه‪ ،‬وأم املعتقــل‬

‫«الــي دايــرة» مــن فــرع لفــرع إىل محكمــة‬ ‫لــي تعــرف مصــر ابنهــا الــي مــا حــدى‬ ‫مــن األشــاوس ســأل عنــه (إال مــن رحــم ريب)‬ ‫واملوظــف عنــد الدولــة (ليــس عنــد النظــام)‬ ‫الــذي يقبــض «فرنــكات يدفــش حالــو بيهــا‬ ‫مشــان مــا ميــد ايــدو لــي يســوى والــي مــا‬ ‫يســوى»‪.‬‬ ‫اللــه يفــرج عــن ديــر الــزور بــكل أحيائهــا‬ ‫(من الـكـورنـيـــش لـلـدلـــة) وعــن كل مناطقها‬ ‫وقراهــا وعــن أهــايل الديــر جميع ـاً ويحميهــا‬ ‫مــن كل شــخص يتاجــر بدمــاء الديريــن‬ ‫وتضحياتهــم‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫مؤمت��ر ع��ام للتعري��ف حب��زب العدال��ة والتنمي��ة الس��وري‬ ‫افتتــح يف صالــة مــرح بلديــة أورفــا الكــرى‬ ‫مبدينــة شــانيل أورفــا املؤمتــر العــام لحــزب‬ ‫العدالــة والتنميــة الســوري‪ ،‬وذلــك بحضــور‬ ‫عــدد كبــر مــن اإلخــوة األتــراك والســوريني‪،‬‬

‫ويف بدايــة املؤمتــر أعــرب الســيد أحمــد عبــد‬ ‫العزيــز رئيــس منظمــة أورفــا لحــزب العدالــة‬ ‫والتنميــة الســوري عــن شــكره للحضــور‬ ‫الكريــم‪ ،‬مؤكــدا ً عــى عمــق العالقــات الســورية‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬والســعي نحــو بنــاء جســور مــن‬ ‫املحبــة والتقــارب بــن الشــعبني‪ ،‬وقــال‪ :‬أشــكر‬ ‫أهــل هــذه األرض الطيبــة وشــعبها وقادتهــا‬ ‫الطيبــن‪ ،‬الكــرام املؤمنــن‪ ،‬وأتوجــه بخالــص‬

‫قبــل ســنوات عرش مضــت‪ ،‬الغايــة منهــا العودة‬ ‫باملســلمني إىل العصــور الحجريــة‪ ،‬فيــا يتفــق‬ ‫األوربيــون فيــا بينهــم‪ ،‬بينــا نحــن املســلمني‬ ‫نختلــف كثـرا ً وال نتوحــد‪ ،‬كل األطـراف الدولية‬

‫الشــكر واالمتنــان للطيــب رجــب طيــب‬ ‫أردوغــان‪ ،‬رئيــس تركيــا‪ ،‬والســيد أحمــد داوود‬ ‫أوغلــو‪ ،‬رئيــس وزراء تركيــا‪ ،‬وتركيــا كــا وصفهــا‬ ‫طيبهــا أردوغــان هــي دار هجــرة الســوريني‪،‬‬ ‫الــذي وصفنــا باملهاجريــن والشــعب الــريك‬ ‫األنصــار‪.‬‬ ‫تــا ذلــك كلمــة للســيد ويســل بــوالت‪ ،‬رئيــس‬ ‫اتحــاد الصحفيــن األتــراك‪ ،‬فــرع أورفــا‪ ،‬قــال‬ ‫فيهــا‪ :‬نتوجــه بالشــكر لإلخــوة الســوريني مــن‬ ‫كان منهــم حــارضا ً ومــن كان غائبــاً‪ ،‬مل نكــن‬ ‫نتخيــل حجــم الكارثــة التــي حلــت بالشــعب‬ ‫الســوري يف ســنوات الحــرب‪ ،‬مــدن الحضــارات‬ ‫والتاريــخ دمرتهــا الحــرب‪ ،‬وشــعب عريــق‬ ‫تــم تهجــره مــن بــاده‪ ،‬وهــذا يؤملنــا جــدا ً‬ ‫كمســلمني‪ ،‬نشــعر مبعاناتكــم‪ ،‬ونســأل اللــه‬ ‫الســامة لنــا ولكــم‪ .‬هــذه الحــرب وكــا وصفها‬ ‫الرئيــس األمــريك بــوش «الحــرب الصليبيــة» تريــد إطالــة فــرة الحــرب يف ســوريا‪ ،‬بحســب‬ ‫مــا تقتضيــه مصالحهــا الشــخصية ومكاســبها‬ ‫مــن هــذه الحــرب‪ ،‬ونحــن يف تركيــا لــن نقبــل‬ ‫لســورية التجربــة العراقيــة يف التقســيم‪ ،‬لــذا‬ ‫أطالــب الــدول العربيــة واإلســامية بالتصــدي‬ ‫ملــروع التقســيم الــذي تحــاول الــدول الغربية‬ ‫فرضــه عــى العـراق وســوريا‪ ،‬وأن تتوحــد هــذه‬ ‫الــدول لــي تؤســس مســتقبالً مرشق ـاً لبالدنــا‪،‬‬

‫ونكــون قــوة مشــركة واحــدة يجمعنــا اإلســام‪،‬‬ ‫وأمامنــا تجربــة سياســية إســامية تتمثــل‬ ‫بحــزب العدالــة والتنميــة الــريك‪ ،‬الــذي يرأســه‬ ‫الســيد رجــب طيــب أردوغــان‪ ،‬ويف النهايــة‬

‫أنصحكــم أيهــا الســوريون باملحبــة‪ ،‬أحبــوا‬ ‫بعضكــم يك تبنــوا بلدكــم مبحبــة‪.‬‬ ‫بكلمــة مقتضبــة تحــدث الدكتــور عمــر‬ ‫شــحرور «رئيــس حــزب العدالــة والتنميــة‬ ‫الســوري» أوضــح فيهــا‪ :‬لقــد طرحنــا تأســيس‬ ‫هــذا الحــزب يك نتوحــد ونعمــل إلســقاط‬ ‫النظــام القاتــل‪ ،‬ونبنــي ســوريا الحديثــة‪،‬‬ ‫محدديــن سياســتنا بنقــاط خمــس أولهــا‪ :‬أن‬

‫يكــون هــذا الحــزب خادمـاً للشــعب الســوري‪،‬‬ ‫وخــادم لــكل املســلمني‪ .‬ثانيـاً أن يهتــدي حزبنــا‬ ‫وأعضــاؤه بكتــاب اللــه وســنة نبيــه‪ ،‬واضعــن‬ ‫نصــب أعيننــا تجربــة حــزب العدالــة والتنميــة‬ ‫الــريك كنمــوذج رائــع‪ .‬ثالث ـاً‪ :‬أن يقــرن قولنــا‬ ‫بعملنــا فعليــاً‪ .‬رابعــاً يكــون توجهــا نحــو‬ ‫التوحــد والتكامــل مــع الدولــة الرتكيــة لتحريــر‬ ‫ســوريا وبنائهــا‪ .‬ونحــن لــن نتنــازل عــن‬ ‫ســوريتنا (املتقدمــة العادلــة) وســوف ننتــر‬ ‫إن طــال الزمــان أو قــر‪ ،‬وأن ال ننفصــل عــن‬ ‫واقــع شــعبنا وتوحيــد جهودنــا لتحقيــق النــر‪.‬‬ ‫الكلمــة األخــرة كانــت للســيد جمعــة اغاتــش‬ ‫«نائــب رئيــس حــزب العدالــة والتنميــة الــريك‬ ‫فــرع اورفــا» متنــى فيهــا النجــاح والتوفيــق‬ ‫للمؤمتــر‪ ،‬والنــر للشــعب الســوري يك تنتهــي‬ ‫معاناتــه يف النــزوح واالغ ـراب‪ ،‬كــا عــر عــن‬ ‫رسوره لهــذا التعــاون بــن الحزبــن (الســوري‬ ‫والــريك)‪ ،‬والفخــر القتدائكــم بتجربــة حزبنــا‪،‬‬ ‫وطرحكــم اإلســامي املعتــدل‪ ،‬الــذي يتبنــى‬ ‫منهجــا سياســياً واضــح املعــامل‪ ،‬وقوانــن مــن‬ ‫شــأنها تحقيــق العدالــة بــن مختلــف أبنــاء‬ ‫األمــة‪ ،‬وختام ـاً أمتنــى أن تكونــوا بــن صفــوف‬ ‫شــعبكم‪ ،‬وعــدم التعــايل عــى املســتضعفني‬ ‫منهــم‪ ،‬منــد لكــم يــد العــون وأه ـاً بكــم‪.‬‬

‫أزم��ة األح��زاب السياس��ية يف س��وريا‬ ‫أزمة األحزاب السياسية يف سوريا منذ‬ ‫عام ‪ 1970‬وحتى اليوم‪.‬‬ ‫تحــت هــذا العنــوان أقــام حــزب‬ ‫العدالــة والدســتور «وعــد» فــرع‬ ‫مدينــة أورفــا الرتكيــة محــارضة ألقاهــا‬ ‫حســن النيفــي‪ ،‬عضــو املكتــب الســيايس‬ ‫للحــزب‪ ،‬بحضــور كل مــن الســادة‬ ‫الدكتــور أحمــد كنعــان األمــن العــام‬ ‫للحــزب‪ ،‬ونبيــل قســيس القائــم مبهــام‬ ‫رئاســة الحــزب‪ ،‬وســعد وفــايئ نائــب‬ ‫األمــن العــام‪ ،‬وعــي صالــح الجاســم‬ ‫عضــو املكتــب الســيايس‪ ،‬وأعضــاء‬ ‫شــعبة أورفــا وعــدد كبــر مــن املواطنــن‬ ‫املهتمــن‪.‬‬ ‫وألقــى الدكتــور أحمــد كنعــان كلمــة‬ ‫الرتحيــب بالحضــور قــدم فيهــا تعريف ـاً‬ ‫كامـاً عــن املحــارض وتجربته السياســية‬ ‫يف ســورية‪ ،‬ثــم افتتــح املحــارض «حســن‬ ‫النيفــي» محارضتــه بتحديــد ســبب‬ ‫اختيــار هــذا املوضــوع‪ ،‬الــذي ينحــر‬ ‫بعــدم وجــود دراســات حقيقــة تختــص‬ ‫باألحــزاب الســورية‪ ،‬مبينــاً االتجــاه‬ ‫نحــو ظاهــرة تشــكيل الحــزب الســيايس‪،‬‬ ‫وملــاذا يتشــكل الحــزب وكيــف؟‬ ‫يقــول‪ :‬يف علــم االجتامع الســيايس هناك‬ ‫اتجاهــان لتشــكيل األحــزاب (االتجــاه‬ ‫املاركــي واالتجــاه البورجــوازي)‪،‬‬ ‫ومــن رشوط تشــكيل األح ـزاب اإلميــان‬ ‫مببــادئ وأفــكار الحــزب ضمــن‬ ‫أيديولوجيــة موحــدة‪ ،‬إضافــة لبنــاء‬ ‫الهيكليــة التنظيميــة‪ ،‬وكســب التأييــد‬ ‫الشــعبي كــرط ثالــث وهــام‪ ،‬وأهــم‬ ‫مــا ميكــن أخــذه عىل األحـزاب الســورية‬ ‫املعارضــة بــكل أطيافهــا نقــاط عــدة‬ ‫نوجزهــا فيــا يــي أوالً‪ :‬االنشــغال‬ ‫بااليدولوجيــا‪ ،‬والســعي الحثيــث إليجــاد‬ ‫مــرر لوجــود هــذا الحــزب‪ ،‬بــدالً‬ ‫مــن االهتــام بربنامــج الحــزب الــذي‬

‫يتجســد عــى األرض‪ ،‬النقطــة الثانيــة‬ ‫االســتغراق الكامــل يف الشــأن الســيايس‬ ‫لألمــة‪ ،‬وتصديــر الخطابــات والبيانــات‬ ‫«األحــزاب القوميــة»‪ ،‬واالبتعــاد عــن‬ ‫حاجــات النــاس الشــعبية‪ ،‬ثالثــاً‪:‬‬ ‫اإلدعــاء بتمثيــل الجامهــر دون‬ ‫االلتفــات إىل التبايــن الفكــري لرشائــح‬ ‫املجتمــع الســوري‪ ،‬رابع ـاً‪ :‬عــدم قــدرة‬ ‫هــذه األح ـزاب عــى إعــادة مضامينهــا‬ ‫األيديولوجيــة واعتبارهــا مقدســة‪.‬‬ ‫خامســاً‪ :‬منــو لوثــة االســتبداد يف‬ ‫املامرســة السياســية‪ ،‬النقطــة السادســة‬ ‫كانــت الضحالــة الفكريــة والثقافيــة يف‬ ‫معظــم املكونــات الحزبيــة‪ ،‬وســابعاً‪:‬‬ ‫وليــس أخــرا ً افتقــار هــذه األحــزاب‬ ‫ملحتــوى فكــري نظــري‪ ،‬واالتجــاه نحــو‬ ‫البحــث العلمــي ومراكــز البحــوث‪.‬‬ ‫ال ننكــر هنــا بــأن هــذه املعارضــة‬ ‫قدمــت التضحيــات الكبــرة وأبــدت‬ ‫شــجاعة قــل نظريهــا يف الصــر والجلــد‪،‬‬ ‫ولنــا أمثلة كثرية يف الســجناء السياســيني‬

‫ومــدى صربهــم لســنوات طويلــة‪ ،‬دون‬ ‫الرضــوخ لــروط اإلفــراج املتمثلــة‬ ‫باالنســحاب مــن الحــزب املنتمــي لــه‪.‬‬ ‫أزمــة األحــزاب السياســية ابتــدأت‬ ‫منــذ اســتالم حكــم األســد لســوريا‬ ‫يف انقالبــه العســكري وعــدم توكيــل‬ ‫املدنيــن والسياســيني يف قيــادة البــاد‪،‬‬ ‫بــل عــزز مــن ســلطة وقــوة العســكر‪،‬‬ ‫وأصــدر املــادة الثامنــة مــن الدســتور‪،‬‬ ‫‪,‬وأعلــن تشــكيل الجبهــة الوطنيــة‬ ‫التقدميــة بق ـرار ســيايس‪ ،‬حيــث كانــت‬ ‫تلــك الجبهــة مخرتقــة أمنيــاً‪ ،‬وكانــت‬ ‫وظيفتهــا لــدى النظــام دعائيــة ال أكــر‬ ‫يف اإلعــام الغــريب‪ ،‬للتنــوع الســيايس‬ ‫متمثــاً بوجودهــا‪ ،‬بينــا مل يكــن لهــا‬ ‫أي دور فاعــل يف القـرار الســيايس‪ ،‬وتــم‬ ‫احتــكار الحيــاة السياســية يف ســورية‬ ‫كام ـاً مبظلــة حــزب البعــث‪ ،‬وتجميــد‬ ‫املجتمــع يف مامرســة حقــه يف التجربــة‬ ‫السياســية‪ ،‬انفجــار أزمــة عــام ‪ 1982‬بني‬ ‫حــزب اإلخــوان املســلمني والســلطة‪،‬‬

‫وتحولهــا إىل مواجهــات مســلحة‪ ،‬كانــت‬ ‫الرضبــة القاضيــة لــكل التشــكيالت‬ ‫السياســية الحزبيــة‪ ،‬فقــد كانــت ردة‬ ‫فعــل النظــام قاســية جــدا ً ومدمــرة‬ ‫لــكل أشــكال الحيــاة بــدءا ً مــن مدينــة‬ ‫حــاة التــي قدمــت وحدهــا ‪ 40‬ألفــاً‬ ‫مــن الشــهداء‪ ،‬وتتالــت املجــازر الكبــرة‪،‬‬ ‫ففــي ســجن تدمــر أزهــق رفعــت األســد‬ ‫أرواح ‪ 1800‬معتقــل ســيايس خــال‬ ‫ســاعتني بعــد اقتحــام الســجن‪ ،‬ومجــزرة‬ ‫هنانــو بحلــب‪ ،‬وجــر الشــغور‪ .‬يف‬ ‫هــذه املرحلــة ابتــدأ التغــول األمنــي‬ ‫يف الدولــة وتســلط املخابــرات عــى‬ ‫رقــاب الشــعب‪ ،‬وتحــول مراكــز الق ـرار‬ ‫يف ســورية للمقربــن فقــط‪ ،‬وتــم‬ ‫تحويــل حــزب البعــث بــكل أعضائــه‬ ‫إىل مؤسســة أمنيــة تراقــب كل كبــرة‬ ‫وصغــرة‪ ،‬امتــأت الســجون الســورية‬ ‫وأصبــح الحديــث يف السياســة حديــث‬ ‫الغيــاب واملــوت‪ ،‬مــا ولــد ردة فعــل‬ ‫لــدى الشــعب باالبتعــاد عــن العمــل‬

‫أدت إىل حالــة مــن التصحــر‬ ‫الســيايس يف املجتمــع الســوري‪.‬‬ ‫د‪ .‬أحمــد كنعــان قــال‪ :‬نتحمــل‬ ‫جميعــاً مســؤولية مــا حــدث‬ ‫ومــا قــد يحــدث‪ ،‬ألن الســكوت‬ ‫عــى االســتبداد لــه رضيبــة‬ ‫ندفــع مثنهــا جميعــاً اليــوم‪،‬‬ ‫تفتقــر أغلــب األحــزاب إىل‬ ‫رؤيــة عامــة‪ ،‬وعــدم التفــاف‬ ‫الجامهــر حولهــا‪ ،‬نتيجــة حالــة‬ ‫االســتبداد يف مراكــز الحــزب‬ ‫ذاتــه‪ ،‬ونشــكو حالي ـاً مــن كــرة‬ ‫األحــزاب دون رؤيــة سياســية‬ ‫معينــة وواضحــة‪ ،‬ووجــود‬ ‫قواعــد جامهرييــة لهــا‪.‬‬ ‫يف نهايــة املحــارضة تــم طــرح‬ ‫العديــد مــن األســئلة مــن قبــل‬ ‫اإلخــوة الحضــور‪ ،‬وتــم الــرد‬ ‫الســيايس والنفــور مــن كل مــن عليهــا مــن قبــل املحــارض ومــن‬ ‫يعمــل بــه‪ ،‬كل هــذه األســباب معــه مــن قيــادات الحــزب‪.‬‬

‫د‬ ‫إعالن‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫خد‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫لس‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫اإلر‬ ‫ني‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ل ال‬ ‫ب‬ ‫مك‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫قم‬ ‫ ال‬‫‪4‬‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫‪0‬‬ ‫اإل‬ ‫ت‬ ‫‪1‬‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ طيبة ا ري ‪2‬‬‫ت‬ ‫‬‫ا‬ ‫ل‬ ‫أل‬ ‫ش‬ ‫ركات ‪ -‬نوار‬ ‫ا‬ ‫األ‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫الرتاخي ملدنية‬ ‫التصديق ص ‪ -‬ال‬ ‫رت‬ ‫الوكالة مجة ‪-‬‬ ‫‬‫ف‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫غ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ة‪-‬‬ ‫ري‬

‫حرمل الصحافة‬

‫عروة المهاوش‬

‫عــى الحــدود مهربــون باعــوا‬ ‫إنســانيتهم بــا حــدود ال يهربــون مــن‬ ‫املــوت والدمــار فحســب‪ ،‬وال مــن الذبــح‬ ‫واملــوت رعبــاً كلــا شــاهدوا ســيارات‬ ‫وعنــارص بلباســهم الغريــب‪ ،‬كوجوههــم‬ ‫الغريبــة عــن املدينــة‪ ،‬بــل لهــم أحــام‬ ‫كثــرة‪ ،‬برؤيــة أحبــاء لهــم غــادروا حــدود‬ ‫الوطــن‪ ،‬ومل يغــادروا حــدود القلــب‪.‬‬ ‫رحلــة الرعــب واالبتـزاز تبــدأ مــن املدينة‪،‬‬ ‫فــكل صاحــب ســيارة لــه أجــر خــاص بــه‬ ‫ووقــت النطــاق الرحلــة نحــو املجهــول‬ ‫تحــت جنــح الليــل‪ ،‬الــذي يخطــف كل‬ ‫األحــام الجميلــة التــي خطفــت النــوم‬ ‫مــن عيــون األمهــات‪ ،‬وكان ليلهــن‬ ‫طويـاً مملــوءا ً بدمــوع الشــوق لفلــذات‬ ‫أكبادهــن‪ ،‬بينــا يحبــس اآلبــاء هــذه‬ ‫الدمــوع يف املحاجــر‪ ،‬يظهــر أثرهــا رغ ـاً‬ ‫عنهــم رغــم محاوالتهــم الظهــور مبظهــر‬ ‫القــوي‪ ،‬ال ينطــق لســانهم ســوى بالدعــاء‬ ‫بــأن تقــر عيونهــم برؤيــة أحبائهــم‬ ‫قبــل خــروج الــروح مــن األجســاد التــي‬ ‫أهلكتهــا ســنوات القهــر والــذل‪ ،‬طــرق‬ ‫كثــرة للتحايــل عــى الحواجــز الكثــرة‬ ‫املنتــرة عــى الطرقــات‪.‬‬ ‫يف رحلــة الضيــاع التــي دامــت ‪ 18‬ســاعة‬ ‫قاتلــة‪ ،‬ابتــدأت عــى الحاجــز األخــر‬ ‫مبعــر تــل أبيــض الحــدودي‪ ،‬الــذي يتبــع‬ ‫لتنظيــم الدولــة اإلســامية‪ ،‬حيــث تــم‬ ‫احتجــاز جميــع الــركاب لســاعات‪ ،‬كلهــا‬ ‫رعــب وخــوف مــن املجهــول‪ ،‬يف الثانيــة‬ ‫صباحـاً تــم إخــاء ســبيلهم‪ ،‬بعــد تدقيــق‬ ‫كل الثبوتيــات‪ ،‬وتفتيــش كل الحقائــب‪،‬‬ ‫رجــل‬ ‫علــاً أنــه مل يكــن معهــم ســوى ٌ‬ ‫واحــد‪ ،‬والبقيــة كلهــن نســوة كبــار‬ ‫يف الســن‪ ،‬أكربهــن يف العقــد الثامــن‬ ‫بينــا أصغرهــن يف عقدهــا الثالــث‪،‬‬ ‫وكل واحــدة منهــن لديهــا قصــة لتلــك‬ ‫املغامــرة الرهيبــة‪.‬‬ ‫أم املقــدام امــرأة يف العقــد الخامــس‬ ‫مــن عمرهــا‪ ،‬حملــت حقيبــة فيهــا تعــب‬ ‫شــهر كامــل‪ ،‬وهــي تعــد أطايــب الطعــام‬ ‫لولديــن وزوج مريــض أجربتهــم الظــروف‬ ‫عــى املغــادرة خوفــاً عــى حياتهــم‪،‬‬ ‫تــروي لنــا بعــض مــا يعانيــه الســوريون‬ ‫عــى املعابــر‪ ،‬تطمينــات كثــرة قالهــا لنــا‬ ‫املهــرب‪ ،‬ونحــن نســر معــه تحــت جنــح‬ ‫الظــام والــرد‪ ،‬منــه تعلمنــا كيــف خــدم‬ ‫أوالدنــا يف الجيــش‪ ،‬تعلمنــا التخفــي‬ ‫واالنصيــاع للتعليــات‪ ،‬حيــث قرفصنــا‬ ‫بحســب األوامــر وانبطحنــا عــى األرض‪،‬‬ ‫وكتمنــا األنفــاس لحظــات‪ ،‬ونحــن ننفــذ‬ ‫التعليــات بدقــة متناهيــة‪ ،‬حتــى أم عــي‬ ‫يف عقدهــا الثامــن كانــت أكرثنــا انضباطـاً‪،‬‬

‫احلرملي‬

‫معابر الذل‪!..‬‬

‫بــدأت املســاومات عــى املبلــغ النهــايئ‬ ‫عنــد الرشيــط الحــدودي وتــم ابتزازنــا‬ ‫مببلــغ إضــايف يف اللحظــات األخــرة‪ ،‬عــدا‬ ‫عــن تخويفنــا مــن بعــض العصابــات‬ ‫التــي تخطــف أشــخاصاً مقابــل املــال‪،‬‬ ‫كانــت الخطــة حســب االتفــاق أن نســر‬ ‫مســافة ال تتعــدى املئتــي مــر ومعنــا‬ ‫مهــرب آخــر غــر الــذي اتفقنــا معــه يك‬ ‫يوصلنــا إىل الطــرف الــريك بأمــان‪ ،‬تحــت‬ ‫جنــح الظــام‪ ،‬وصــوت الرصــاص املنطلــق‬ ‫مــن الجيــش الــريك‪ ،‬اختفــى صديقنــا‬ ‫املهــرب لنجــد أنفســنا وحدنــا يف بـراري ال‬ ‫نعــرف عنهــا شــيئاً‪ ،‬هــرب بعــد أن كانــت‬ ‫النقــود يف جيبــه‪ ،‬التــي تقاضاهــا مــن كل‬ ‫شــخص لتلــك املهمــة‪ ،‬كان حملنــا ثقيـاً‪،‬‬ ‫وأنهكنــا التعــب‪ ،‬ونحــن منــي بخــوف‬ ‫ورعــب‪ ،‬نقــع كث ـرا ً‪ ،‬وتغــوص أقدامنــا يف‬ ‫األوحــال والرتبــة‪ ،‬نســمع فقــط أصواتنــا‪،‬‬ ‫ونحــن نتفقــد بعضنــا‪ ،‬تعــب وإرهــاق‬ ‫وخــوف‪ ،‬وأقــدام مل تعــد تقــوى عــى‬ ‫حمــل أجســادنا جعلنــا نرمــي بحملنــا يف‬ ‫البســاتني التــي مررنــا بهــا‪ ،‬نــودع فيهــا مــا‬ ‫كنــا نتمنــاه ألوالدنــا أن يتذوقــوه‪.‬‬ ‫أم عــي مل يقـ َو قلبهــا املتعــب أصـاً عــى‬ ‫هــذا العــذاب والخــوف‪ ،‬فخــارت قواهــا‪،‬‬ ‫ومل تعــد قدماهــا تحمالهــا‪ ،‬يقــول ابنهــا‬ ‫املرافــق لهــا‪ :‬كنــت أحمــل طفــي البالــغ‬ ‫مــن العمــر ســنتني وعــددا ً مــن الحقائب‪،‬‬ ‫وأتفقــد الجميــع فليــس معهــم رجــل‬ ‫ســواي‪ ،‬مهمتــي كانــت عســرة جــدا ً‬ ‫ومتعبــة‪ ،‬وعندمــا رأيــت والــديت بهــذه‬ ‫الحــال رميــت كل الحقائــب‪ ،‬وســاعدتها‬ ‫عــى النهــوض‪ ،‬وحاولــت حملهــا عــى‬ ‫ظهــري مبســاعدة مــن معــي‪ ،‬لكــن‬ ‫الجميــع كان بــا قــوة وال حــول‪ ،‬هــل‬ ‫أرمــي طفــي؟ وأنقــذ أمــي التــي ولدتنــي‪،‬‬ ‫وتحــت وقــع صــوت الرصــاص امتلكــت‬ ‫ـدي‬ ‫قــوة ال أعــرف مصدرهــا‪ ،‬ووضعــت يـ ّ‬ ‫تحــت أكتافهــا مــرددا ً يــا اللــه‪ ،‬نهضــت‬ ‫أمــي وهــي متعلقــة يب وأكملنــا مســرنا‬ ‫لنقــع يف النهايــة بيــد الجيــش الــريك‪.‬‬ ‫تقــول أم املقــدام واألوحــال متــأ ثيابهــا‪:‬‬ ‫نتيجــة لعــدم الخــرة وقعنــا جميعــاً‬ ‫بيــد الجيــش الــريك‪ ،‬وســاقونا مشــياً‪،‬‬ ‫وهــم يتلفظــون بكلــات ال نفهمهــا‪،‬‬ ‫كانــت معاملتهــم لنــا كأرسى حــرب‪ ،‬مل‬ ‫يراعــوا كــر الســن لــدى أم عــي مريضــة‬ ‫القلــب التــي جــاءت إلكــال عالجهــا‬ ‫يف مستشــفيات تركيــا بعــد صعوبــة‬ ‫الوصــول إىل مشــايف ســورية‪ ،‬وبعــد‬ ‫املســر بحــدود ألــف مــر‪ ،‬وعنــد نقطــة‬ ‫تجمــع للجيــش الــريك‪ ،‬تجمــع عــدد كبــر‬ ‫يتجــاوز املئــة مــن املواطنــن الســوريني‪،‬‬

‫الــكل يجلــس عــى األرض بهــذا الــرد‬ ‫الصباحــي‪ ،‬والجنــود يراقبــون أي تحــرك‬ ‫لنــا‪ ،‬حيــث وضعونــا ضمــن جمــع بينــا‬ ‫شــكلوا دائــرة حولنــا‪ ،‬تعرفــت عــى مــن‬ ‫هــم حــويل‪ ،‬كانــوا جميعــاً مــن العــراق‬ ‫«تركــان» املوصــل‪ ،‬بينــا نحــن فقــط‬ ‫ســتة مــن الســوريني‪ ،‬لكننــا مل نفصــح عــن‬ ‫أنفســنا يف انتظــار مــا قــد يحــدث‪ ،‬قضينــا‬ ‫الليــل كلــه يف العــراء والــرد‪ ،‬ترتجــف‬ ‫الضلــوع منــا خوفــاً وبــردا ً‪.‬‬ ‫الســاعة الســابعة صباحـاً‪ ،‬أتــت شــاحنات‬ ‫كبــرة‪ ،‬وعــدد مــن العنــارص برفقــة‬ ‫ضابــط‪ ،‬وبــدأ توثيــق األســاء‪ ،‬وزجهــم‬ ‫يف الســيارات لرتحيلنــا إىل املخيــات‪،‬‬ ‫كــا فهمــت مــن بعــض النســوة‪ ،‬كانــت‬ ‫معاملــة الجنــد الجــدد وضابطهــم جيــدة‬ ‫جــدا ً‪ ،‬حتــى وصولنــا إليهــم وعرفــوا أننــا‬ ‫ســوريني‪ ،‬وكأن مسـاً مــن الجــن أصابهــم‪،‬‬ ‫فقــد عــا صياحهــم‪ ،‬ورضبــوا الشــاب‬ ‫الــذي معنــا‪ ،‬وأركعــوه أرضـاُ طالبــن مــن‬ ‫كل ذوي الجنســيات الســورية الخــروج‬ ‫مــن التجمــع‪ ،‬كنــا فقــط ســتة‪ ،‬أتينــا معـاً‬ ‫مــن الرقــة يف رحلــة قــال لنــا املهربــون‬ ‫إنهــا ســهلة جــدا ً‪ .‬أمــر الضابــط‪ ،‬فســاقنا‬ ‫جنــود ثالثــة باتجــاه الحــدود الســورية‪،‬‬ ‫رغــم حالتنــا املزريــة والتعــب واإلرهــاق‪،‬‬ ‫إال أن أوامــر العســكر كانــت تســتعجلنا‬ ‫يف املســر‪ ،‬وعنــد األســاك الشــائكة رصخ‬ ‫أحدهــم مشــرا ً بيــده‪ :‬ســوريا‪ ،‬تابعنــا‬ ‫مســرنا يف األرايض الزراعيــة‪ ،‬وكانــت‬ ‫وجهتنــا بيــت بعيــد اســتطعنا رؤيتــه‪ ،‬مل‬ ‫نجــد بــرا ً يف طريقنــا ليهدينــا ملدينــة‬ ‫تــل أبيــض يك نعــود للرقــة محملــن‬ ‫بخيباتنــا‪ ،‬أرض ال نعرفهــا‪ ،‬وال نــدري أيــن‬ ‫نحــن يف هــذا التــرد الذليــل‪ ،‬دعــاء‬ ‫الحجــة أم عــي عــى بشــار وهــي تركــع‬ ‫عــى ركبتيهــا‪ ،‬رافعــة يديهــا نحــو الســاء‬ ‫البعيدة‪،‬اأقتحــم صمتنــا جميعــاً الــذي‬ ‫كنــا بــه‪ ،‬فالــكل كان ليــس لــه القــدرة‬ ‫حتــى عــى الــكالم‪.‬‬ ‫ياســن‪.‬م‪ ،‬يعمــل عــى مســاعدة النــاس يف‬ ‫الداخــل‪ ،‬ميلــك جــوازا ً للســفر‪ ،‬يســتطيع‬ ‫الدخــول بــه بشــكل نظامــي مــن معــر‬ ‫بــاب الســامة‪ ،‬لكنــه قــرر الدخــول‬ ‫تهريــب مــن حــدود تــل أبيــض‪ ،‬وكان‬ ‫الســبب أن أحــد مرافقيــه ال ميلــك جــوازا ً‪،‬‬ ‫قــال لنــا‪ :‬أخذنــا املهــرب إىل بيتــه بعــد‬ ‫اإلف ـراج عنــا مــن حاجــز تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬صنــع لنــا شــاياً‪ ،‬وأشــغل‬ ‫لنــا مدفــأة الحطــب‪ ،‬تبادلنــا أطــراف‬ ‫الحديــث قليــاً حــول دخولنــا‪ ،‬كان‬ ‫لســانه حلــوا ً ومطمئن ـاً لنــا‪ ،‬وأننــا ســوف‬ ‫نســر عــر دقائــق فقــط يك نكــون‬

‫ضمــن األرايض الرتكيــة‪ ،‬فقــط ينتظــر‬ ‫تغيــر نوبــة الحراســة الحاليــة‪ ،‬هاتفــه‬ ‫ال يهــدأ أبــدا ً‪ ،‬يتكلــم الرتكيــة والكرديــة‬ ‫بطالقــة‪ ،‬اعتــذر منــا بعــد أن قبــض املبلــغ‬ ‫املتفــق عليــه لدخولنــا‪ ،‬وقــال ســأغيب‬ ‫عــر دقائــق فقــط وأعــود إليكــم‪،‬‬ ‫وبعــد انتظــار ســاعة كاملــة‪ ،‬دخــل‬ ‫علينــا ثالثــة أشــخاص أحدهــم يحمــل‬ ‫مسدس ـاً حربي ـاً‪ ،‬بينــا اآلخــرون بيدهــم‬ ‫ســكاكني‪ ،‬أعطونــا كل يشء معكــم أو نقتل‬ ‫أحدكــم‪ ،‬ونســلم الباقــي لجهــات ال تعرف‬ ‫الرحمــة‪ ،‬قالهــا مــن يحمــل املســدس‪،‬‬ ‫بينــا التــف االثنــان اللذيــن معــه خلفنــا‬ ‫وبــدؤوا برضبنــا بأرجلهــم اســتعجاالً‬ ‫إلخ ـراج النقــود‪ ،‬كانــت خطتنــا املســبقة‬ ‫أن نضــع نقودنــا يف عــدة أماكــن تحســباً‬ ‫ملثــل هــذه املواقــف‪ ،‬أعطيناهــم النقــود‪،‬‬ ‫وهــي كل مــا منلــك يف هــذا املخبــأ‪،‬‬ ‫والــذي تعمدنــا أن يكــون لدينــا غــره يف‬ ‫مــكان آخــر‪ ،‬أمرونــا بالخــروج مــن البيــت‬ ‫وســاقونا نحــو الســلك باتجــاه الحــدود‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬عربنــا الســلك ومشــينا حــوايل‬ ‫ربــع ســاعة‪ ،‬وعندمــا ســمعنا صــوت‬ ‫الرصــاص القريــب منــا‪ ،‬انبطحنــا أرضــاً‬ ‫وأكملنــا زحفـاً وركضـاً‪ ،‬ونحــن نتجــه نحو‬ ‫ضــوء بعيــد يلــوح لنــا‪ ،‬اعتربنــاه منــارة‬ ‫للوصــول إىل األرايض الرتكيــة‪ ،‬يف الطريــق‬ ‫هوجمنــا مــن الجيــش الــريك‪ ،‬اســتطاع‬ ‫اثنــان اإلفــات بينــا صديقنــا ســعيد‪،‬‬ ‫وقــع يف قبضتهــم‪ ،‬وأكملــت مــع صديقــي‬ ‫اآلخــر الهــروب والركــض برسعــة قبــل أن‬ ‫يشــق الضــوء ظــام الليــل‪ ،‬وأخـرا ً وصلنــا‬ ‫واســتعدنا أنفاســنا لنكمــل رحلتنــا نحــو‬ ‫مهمتنــا التــي جئنــا مــن أجلهــا‪.‬‬ ‫يقــول ياســن‪ :‬نحــن نعمــل ضمــن فريــق‬ ‫منظــم منــذ مــدة طويلــة‪ ،‬ويتســم عملنــا‬ ‫حاليــاً بالرسيــة الكاملــة خوفــاً مــن‬ ‫اعتقالنــا مــن عنــارص تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬ورغــم خطــورة العمــل إال أننــا‬ ‫مصممــون عــى مســاعدة أهلنــا‪ .‬نطلــب‬ ‫مــن ممثلينــا يف الحكومــة الســورية‬ ‫املؤقتــة ويف االئتــاف عــى إعطائنــا‬ ‫جــوازات للســفر نســتطيع الدخــول فيهــا‬ ‫والخــروج مــن املعابــر‪.‬‬ ‫يختلــف اســم املعــر ومكانــه بينــا‬ ‫املهربــون نســخة واحــدة‪ .‬كل معابــر‬ ‫التهريــب عــى الحــدود الســورية الرتكيــة‪،‬‬ ‫فيهــا مهربــون اتفقــوا عــى مــص دمائنــا‪،‬‬ ‫وحاجتنــا للنجــاة مــن املــوت والدمــار‪،‬‬ ‫نفــوس مريضــة‪ ،‬وجــرم كبــر بحــق‬ ‫اإلنســان الســوري‪ ،‬أن يكــون مــن يبتــزك‬ ‫ســورياً آخــر‪ ،‬ال تهمــه حياتــك وحيــاة مــن‬ ‫معــك‪ ،‬هدفــه الوحيــد املــال فقــط‪ ،‬عــى‬ ‫معــر بــاب الســامة تــم توظيــف أطفــال‬ ‫صغــار يحملــون يف ثنايــا أجســادهم‬ ‫جــوازات للســفر برســم اإليجــار للدخــول‬ ‫مببلــغ ‪ 100‬لــرة تركيــة‪ ،‬بينــا املهــرب‬ ‫يأخــذ مبلغــاً إضافيــاً لعمليــة الدخــول‬ ‫مــن املعــر فيــا يبــدو أنــه اتفــاق بــن‬ ‫املهــرب‪ ،‬وبعــض عنــارص الحــدود عــى‬ ‫املعــر الــريك‪ ،‬قــد تنجــح الخطــة أحيانـاً‪،‬‬ ‫وقــد تفشــل‪ ،‬لكنهــا يف النهايــة تبقــى مــن‬ ‫أســوأ طــرق التهريــب مذلــة ومشــقة‬ ‫عــى كبــار الســن واألطفــال‪ ،‬وال ينتهــي‬ ‫األمــر هنــا بــل يتعــداه إىل ضنــك العيــش‬ ‫داخــل األرايض الرتكيــة‪ ،‬ومشــقة البحــث‬ ‫عــن مــأوى وعــن كــرة خبــز فيهــا‬ ‫القليــل مــن الكرامــة اإلنســانية‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫يف احلديث عن‬ ‫إغاثة السوريني‬

‫يوسف دعيس‬

‫ال تخلــو جلســة تجمــع اثنــن مــن املهاجريــن (الالجئــن‬ ‫الســوريني) مــن حديــث يتعلــق بأمــور إغاثــة الســوريني‪،‬‬ ‫ورمبــا يكــون حديــث اإلغاثــة‪ ،‬هــو الشــغل الشــاغل للقاطنني‬ ‫يف واليــة شــانيل أورفــا‪ ،‬نظ ـرا ً النعــدام فــرص العمــل فيهــا‪،‬‬ ‫بالتــوازي مــع ارتفــاع آجــار البيــوت‪ ،‬وغــاء أســعار الســلع‬ ‫واملــواد األساســية‪.‬‬ ‫باألمــس القريــب زارين أحــد الناشــطني‪ ،‬وكان مجمــل‬ ‫الحديــث الــذي دار بينــي وبينــه يتعلــق بتوزيــع الســال‬ ‫الغذائيــة‪ ،‬واشــتىك مــن طريقــة التوزيــع‪ ،‬التــي تســتثني‬ ‫ســكان معظــم أحيــاء أورفــا‪ ،‬التــي توصــف بالراقيــة‬ ‫والحديثــة‪ ،‬وأوضــح بــأن ســكان األحيــاء التــي توصــف‬ ‫بالفقــرة‪ ،‬يطالهــم التوزيــع عــدة م ـرات يف الشــهر الواحــد‪،‬‬ ‫إضافــة لســيطرة أبنــاء املحافظــة (س) عــى عمــوم النشــاط‬ ‫اإلغــايث يف أورفــا‪ ،‬وانحيازهــم التــام ألبنــاء محافظتهــم‪ ،‬وأن‬ ‫اتحــاد جمعيــات أورفــا (البــات فــورم) ال يســتند إىل بيانــات‬ ‫صحيحــة‪ ،‬واالتحــاد يعمــل عــى طريقــة «أســمع جعجعــة‬ ‫وال أرى طحنــاً»‪ ،‬كــا أشــار يف حديثــه إىل عمــل املنظمــة‬ ‫الدامنركيــة ‪ DRC‬غــر العــادل‪ ،‬الــذي يخضــع ملـزاج موظفــن‬ ‫ال يقــدرون حاجــة النــاس‪ ،‬وقصورهــم يف إدراك ومعرفــة‬ ‫أساســيات العمــل اإلغــايث‪.‬‬ ‫لــن أذهــب بعيــدا ً‪ ،‬فعــى الصعيــد الشــخيص زارتنــي‬ ‫مجموعــة العمــل الخاصــة باملنظمــة الدامنركيــة‪ ،‬وال‬ ‫أخفيكــم أين هللــت فرحــاً بقدومهــم‪ ،‬واحتلــت ابتســامة‬ ‫صادقــة مســاحة وجهــي ليــوم كامــل‪ ،‬لكنــي ســأكون أكــر‬ ‫رصاحــة معكــم‪ ،‬فبعــد رحيلهــم‪ ،‬قلــت يف رسي‪ ،‬يــا ليتنــي‬ ‫أخفيــت عنهــم علبــة التبــغ (الغلــواز األحمــر)‪ ،‬ومل أقــدم‬ ‫لهــم القهــوة الســورية‪ ،‬فهــذه مــن عالئــم النعمــة‪ ،‬ورمبــا‬ ‫ســيكتفون باملنحــة األوىل (الهديــة كــا ســموها)‪ ،‬لكــن مــع‬ ‫ذلــك اســتبرشت خ ـرا ً‪ ،‬فهــم شــاهدوا بــأم العــن املحتــوى‬ ‫الفاخــر للبيــت الــذي أقطنــه‪ ،‬وهــو أشــبه مــا يكــون بعــرزال‬ ‫أحــد العـزاب (بضــع اســفنجات موزعــة عــى أطـراف غرفــة‬ ‫الضيــوف‪ ،‬وســجادتني‪ ،‬إحداهــا باليــة تركهــا مســتأجر‬ ‫البيــت الســابق‪ ،‬واألخــرى تكرمــت بهــا علينــا جارتنــا‬ ‫العجــوز الرتكيــة‪ ،‬وســتائر ثــاث‪ ،‬كل واحــدة بلــون وشــكل‬ ‫مختلــف عــن أخواتهــا‪ ،‬ووســائد عديــدة كل واحــدة بلــون‬ ‫مختلــف عــن أختهــا)‪.‬‬ ‫املهــم وبعــد أن غــادروين‪ ،‬انتظــرت أســبوعاً لتفعيــل الهديــة‪،‬‬ ‫ويف املوعــد املحــدد ّهلــت البشــائر‪ ،‬وتدفقــت اللحــوم‬ ‫والزيــوت والــرز والســكر والشــاي إىل البيــت‪ ،‬وعـ ّم الــرور‪،‬‬ ‫ودامــت األفــراح أيامــاً‪ ،‬والجميــع بانتظــار آخــر الشــهر‪،‬‬ ‫معولــن عــى تجديــد البطاقــة‪ ،‬وتقديــر مــدى حاجتــي‪،‬‬ ‫لكــن شــيئاً مــن ذلــك مل يحــدث‪ ،‬فهــا أنــا أنتظــر منــذ أكــر‬ ‫مــن شــهرين‪ ،‬ومل يقــرع بــايب أحــد‪ ،‬ومل يــرن جــرس هاتفــي‬ ‫الجــوال‪ ،‬علـاً أننــي كنــت صادقـاً معهــم إىل درجــة كبــرة‪،‬‬ ‫ومل أخـ ِ‬ ‫ـف عنهــم خافيــة‪ ،‬وكأننــي أتحــدث مــع نفــي‪.‬‬ ‫يف تعريــف املناطــق املنكوبــة‪ ،‬يتســاوى الغنــي والفقــر‪ ،‬وال‬ ‫يُســأل الشــخص إن كان ميلــك املاليــن أو ال ميلــك شــيئاً‪،‬‬ ‫وال يُنتظــر مــن العاملــن يف املنظــات اإلنســانية تطبيــق‬ ‫العدالــة‪ ،‬وهــذا مبــدأ أســايس يف العمــل اإلغــايث‪ ،‬ألن الــكل‬ ‫متســاوون‪ ،‬فالــذي خــرج مــن بلــده يحمــل الغــايل والنفيس‪،‬‬ ‫فمــن املؤكــد أنــه أنفــق مــا ميلكــه‪ ،‬وتســاوى مــع الفقــر‬ ‫الــذي خــرج بلباســه‪ ،‬إال مــن اســتثناءات بســيطة‪ ،‬تــكاد ال‬ ‫ت ُذكــر‪.‬‬ ‫مــن املؤســف أن تكــون العجــوز الرتكيــة أرحــم مــن أبنــاء‬ ‫جلدتنــا‪ ،‬ومــن املؤســف أن نــرى اللصــوص يرتبعــون عــى‬ ‫عــروش اإلغاثــة‪ ،‬ويتلــذذون بتوزيعهــا عــى معارفهــم‬ ‫وأصحابهــم وأقاربهــم‪ ،‬ويكتفــي كل هــؤالء بالتصويــر مــع‬ ‫املســؤولني واملتنفذيــن أمــام قاطــرات املســاعدات‪ ،‬وإىل‬ ‫جــوار الســال الغذائيــة املكدســة‪ ،‬والرفــوف املمتلئــة‬ ‫باأللبســة والحرامــات واملدافــئ‪ ..‬بانتظــار أن تصــل إىل‬ ‫الســوريني‪ ..‬فهــل وصلــت؟!‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫اإلره��اب الداعش��ي ول��د م��ن رح��م إره��اب الدول��ة البعثي��ة‬ ‫بهنان يامين‬ ‫األســبوع املــايض شــهد العــامل عــدة حــوادث‪ ،‬كانــت‬ ‫البدايــة يف نــورث كارولينــا‪ ،‬حيــث قتــل أمريــي طبيب ـاً‬ ‫مــن أصــل ســوري وزوجتــه وأختهــا‪ ،‬بطريقــة أقــل‬ ‫مــا يقــال عنهــا‪ ،‬أنهــا ال أخالقيــة‪ .‬ولــو كنــت مــكان‬ ‫املحقــق األمريــي لصنفتهــا يف خانــة اإلرهــاب‪ ،‬ألنهــا‬ ‫بالفعــل حادثــة إرهابيــة حســب مــا يــدرس اإلرهــاب‬ ‫يف الجامعــات األمريكيــة‪ ،‬وال يقبــل تربيــر زوجــة القاتــل‬ ‫بأنــه خالفــاً عــى موقــف للســيارات‪ ،‬وهــو تفســر‬ ‫أخــرق‪.‬‬ ‫الحــدث الثــاين كانــت الحــوادث اإلرهابيــة التــي‬ ‫شــهدتها الدامنــارك‪ ،‬والتــي هــي مــن إحــدى الدولــة‬ ‫االســكندنافية التــي تعطــي للمضطهديــن يف بالدهــم‪،‬‬ ‫وخاصــة العربيــة منهــم‪ ،‬مكانـاً آمنـاً‪ ،‬وكأن بهــذا الحدث‬ ‫تحريضــاً للدامنــارك إلغــاق هــذا امللجــأ اآلمــن‪ ،‬وكل‬ ‫الــدول االســكندنافية‪ ،‬يف وجــه املضطهديــن يف األوطــان‬ ‫التــي يتحكــم بهــا الطغــاة‪.‬‬ ‫ولقــد كان ذبــح األقبــاط الواحــد والعرشيــن ثالثــة‬ ‫األثــايف‪ ،‬حيــث قتــل هــؤالء الذيــن ال ذنــب لهــم‪ ،‬إال‬ ‫كــا يقــول املثــل األمريــي الــدارج‪ ،‬وجــدوا يف املــكان‬ ‫الغلــط‪ ،‬ويف الزمــن الغلــط‪ ،‬وهــم أبريــاء وفقـراء‪ ،‬تركــوا‬

‫مــر‪ ،‬كباقــي املرصيــن وراء لقمــة عيشــهم‪،‬‬ ‫فــكان مصريهــم الذبــح بطريقــة أقــل مــا‬ ‫يقــال عنهــا بربريــة‪ ،‬آذت اإلســام‬ ‫بطريقــة غــر مقبولــة‪ ،‬ولقــد ظهــر‬ ‫هــذا الناطــق باإلنكليزيــة الكاملــة‪،‬‬ ‫وكالمــه بالطبــع موجــه إىل‬ ‫الشــعوب الغربيــة‪ ،‬وهــو يحــرف‬ ‫كالم القــرآن بطريقــة واضحــة ملــن‬ ‫يلــم بالثقافــة اإلســامية‪ ،‬وكأنــه‬ ‫أراد أن يفهــم ملــن يوجــه لهــم‬ ‫كالمــه بــأن هــذا هــو اإلســام‪ ،‬بينــا‬ ‫الحقيقــة ليســت كذلــك‪ ،‬حيــث يســتبدل‬ ‫كلمــة «قرآنــاً» بكلمــة «ســيفاً»‪.‬‬ ‫بالطبــع يعــرف املطلعــون عــى الوضــع الســيايس يف‬ ‫املنطقــة العربيــة بــأن داعــش وحالــش وكل املنظــات‬ ‫اإلســاموية جــاءت مــن رحــم نظامــي البعــث الســوري‬ ‫والعراقــي‪ ،‬ومــن النظامــن الطائفيــن‪ ،‬األســدي واملالــي‪،‬‬ ‫ألن معظــم القيــادات املكشــوفة ثبــت باألســاء بأنهــا‬ ‫كانــت مــن بقايــا نظــام صــدام حســن ومــن قياداتــه‬ ‫األمنيــة‪ ،‬ومــن يــدري أن ال يكــون العديــد مــن هــذه‬ ‫القيــادات التــي تتلثــم واملوجــودة يف الرقــة وديــر الــزور‬ ‫إال مــن ضبــاط األمــن يف نظــام الطاغيــة األســدي‪ ،‬ألن‬

‫وجــود داعــش ال يخــدم إال هــذا النظــام‪ ،‬وهــو‬ ‫ال يــؤذي إال الثــورة الســورية والشــعب‬ ‫الســوري‪.‬‬ ‫ولقــد كان الدكتــور محمــد‬ ‫حبــش‪ ،‬الــذي كان عضــوا ً يف مجلس‬ ‫الشــعب األســدي‪ ،‬وكان أحيانــاً‬ ‫كثــرة يــرر فيهــا النظــام‪ ،‬يف مقــال‬ ‫لــه نــر يف موقــع «كلنــا رشكاء»‪،‬‬ ‫واملعنــون «جئتكــم بالذبــح وأنــا‬ ‫الذبــاح الرحيــم»‪ ،‬صادقــاً مــن‬ ‫حيــث رشحــه زيــف إســام داعــش‪،‬‬ ‫ليختــم مقالــه بقولــه‪:‬‬ ‫«ال شــك أن مــا أخــرج النــاس إىل هــذا‬ ‫الالمعقــول هــو الظلــم الالمعقــول الــذي واجهــوه يف‬ ‫حياتهــم‪ ،‬ومــع أن قيــادات داعــش لهــا تكويــن خــاص‬ ‫ال يتصــل بالعقــل‪ ،‬ولكــن جمهــور املحاربــن فيهــا مــن‬ ‫أبنــاء ســوريا والعــراق‪ ،‬وهــؤالء املحاربــون مل يكونــوا‬ ‫خاليــا نامئــة مــن قبــل‪ ،‬ومل يكونــوا يتدربــون يف تــورا‬ ‫بــورا وقندهــار‪ ،‬لقــد كانــوا عــاالً وموظفــن ومعلمــن‬ ‫وســواقني‪ ،‬كانــوا عــى بــاب اللــه‪ ،‬وكثــر منهــم كان‬ ‫حزبيـاً وبعثيـاً‪ ،‬يعيــش الحيــاة عــى فــن املمكــن‪ ،‬ولكــن‬ ‫الرباميــل املتفجــرة وصواريــخ الســكود والتعذيــب حتــى‬

‫املــوت يف ســجون النظــام األســود‪ ،‬وســحب جثــث‬ ‫األطفــال مــن تحــت األنقــاض‪ ،‬واســتالم الجثــث مــن‬ ‫فــروع املخابــرات هــو الــذي أخــرج النــاس إىل هــذا‬ ‫الخيــار الثــأري الغرائــزي‪».‬‬ ‫إذا فــإن داعــش ليســت فقــط مســتوردة‪ ،‬فاملســتوردة‬ ‫منهــا لهــا أجندتهــا مــن أجــل التخريــب عــى اإلســام‬ ‫واملســلمني‪ ،‬مثــل الذيــن ذبحــوا األقبــاط يف ليبيــا‪ ،‬ولقــد‬ ‫كانــت طريقــة الذبــح وكالمهــم ولباســهم وتلثمهــم‪،‬‬ ‫يدلــل عــى أن هــؤالء لهــم غايــة غــر رشيفــة يف تأجيــج‬ ‫«اإلســام فوبيــا» لــدى العديــد مــن بســطاء النــاس‬ ‫يف الغــرب‪ ،‬التــي ال تعــرف كــا أســلفنا عــن اإلســام‬ ‫شــيئاً‪ ،‬وكالتــي شــاهدناها تتظاهــر غــداة حادثــة مجلــة‬ ‫الكاريكاتــور «شــاريل ايبــدو»‪.‬‬ ‫باملحصلــة فــإن داعــش‪ ،‬وكل املنظــات اإلرهابيــة‪،‬‬ ‫التــي تتواجــد عــى األرض الســورية والعراقيــة‪ ،‬جــاءت‬ ‫بشــكل أو بآخــر مــن رحــم أنظمــة االســتبداد‪ ،‬التــي‬ ‫صــادرت اإلرادة الشــعبية يف املنطقــة‪ ،‬ومنعــت قيــام‬ ‫الدولــة املدنيــة الدميقراطيــة‪ .‬ومــا تحويــل القتــال يف‬ ‫ســورية‪ ،‬مــن قتــال مــن أجــل حريــة وكرامــة الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬إىل قتــال طائفــي ال يخــدم إال التطــرف‬ ‫واإلرهــاب وكذلــك النظــام املتطــرف والــذي ميــارس‬ ‫إرهــاب الدولــة‪.‬‬

‫نريون روما ونريون سوريا‬ ‫د‪.‬محمد حاج بكري‬

‫كنــت قــد وعــدت الســيد رئيــس التحريــر المحتــرم‬ ‫بــأن أكتــب مقــاالً اقتصادي ـاً فــي هــذا العــدد‪،‬‬ ‫لكــن ج ارئــم األســد المتالحقــة ومجــازره المتتاليــة‬ ‫يوم ـاً بعــد يــوم لتضــاف إلــى رصيــده الــذي ال‬ ‫يحصــى مــن قتــل وتدميــر منعتنــي هــذا العــدد‬ ‫بسســب وجــود مجــزرة جديــدة كان مســرحها‬ ‫الســاحل الســوري فبتاريــخ ‪ 2015/2/15‬قــام‬ ‫طي ـران االحتــال باإلغــارة علــى قريــة كفرنجــة‬ ‫اآلهلــة بالمدنييــن‪ ،‬وكان ضحيتهــا عشـرات مــن‬ ‫الشــهداء والجرحــى‪ ،‬باإلضافــة إلــى تدميــر حــي‬ ‫كامــل فــي القريــة وبتاريــخ ‪ 2015/2/21‬كان‬ ‫هجــوم آخــر علــى ناحيــة كنســبا‪ ،‬ونتيجتــه وقــوع‬ ‫مجــزرة أخــرى مشــابهة‪.‬‬

‫الحقيقــة الم ـرة أنــه فــي ســوريا فاقــت مجــازر‬ ‫نيــرون ســوريا كل التوقعــات والتصــورات‪،‬‬ ‫وبــدت لنــا ظلمــات التاريــخ تخيــم فــوق بلدنــا‬ ‫الحبيــب‪ ،‬كمــا لــو أنهــا ســاحة رومــا التــي‬ ‫ارتكــب فيهــا نيــرون جرائمــه التاريخيــة القــذرة‪،‬‬

‫فد ارك ـوال ســوريا ينهــش لحــم الشــعب الســوري‬ ‫وال زال مؤشــر االستشــهاد يصعــد إلــى علييــن‬ ‫مؤذنـاً بــأن النتيجــة علــى قــدر التضحيــات‪ ،‬إو�ن‬ ‫الشــعب الســوري عليــه أن يعــول علــى عــون هللا‬ ‫أوالً‪ ،‬ثــم مــدى اســتعداده لدفــع ثمــن الحريــة لمــن‬ ‫ســيبقى علــى قيــد الحيــاة‪ ،‬ولألجيــال القادمــة‪،‬‬ ‫ولفجــر ســوريا‪ ،‬الــذي بــدأ يتبيــن خطــه األبيــض‬ ‫مــن األســود‪ ،‬فالشــعب الســوري يعــرف هــذا‬ ‫المعتــوه جيــداً‪ ،‬ويعــرف مقــدار إج ارمــه‪ ،‬فقــد قــام‬ ‫بصــب آالف األطنــان مــن القنابــل والصواريــخ‬ ‫والبراميــل فــوق ســوريا‪ ،‬وحــول خضرتهــا إلــى‬ ‫ح ارئــق‪ ،‬وجمالهــا إلــى بشــاعة‪ ،‬وقــام بقتــل‬ ‫مئــات اآلالف مــن الســوريين الشـرفاء األحـرار‪،‬‬ ‫ومعظمهــم ليــس لهــم قبــور‪ ،‬بــل أكلــت حيتــان‬ ‫البحــر جثامينــم الطاه ـرة‪ ،‬ولنــا فــي ذاكرتنــا‬ ‫الكثيــر‪ ،‬فمجــزرة تدمــر حاض ـرة فــي أذهاننــا‪،‬‬ ‫فقــد هاجمهــم‪ ،‬وظــل يحصدهــم بالذخيـرة الحيــة‪،‬‬ ‫وهــم معتقلــون وعــزل محشــورين فــي الزنازيــن‬ ‫والســاحات بكالبــه الضالــة حتــى قتــل منهــم‬ ‫اآلالف‪ ،‬وجريمــة حمــاة التــي قتــل فيهــا عشـرات‬ ‫اآلالف بعدمــا حاصرهــا بقيــادة رفعــت األســد‬ ‫جريمــة نك ـراء فظيعــة تقشــعر لهــا األبــدان‬ ‫بــكل المقاييــس التاريخيــة فــي الدنيــا تــرى كــم‬ ‫احتــاج كالبــه مــن وقــت وذخيـرة ووحشــية حتــى‬ ‫يحصــدوا ذلــك العــدد الهائــل‪ .‬كيــف اســتطاعوا‬ ‫قتــل كل ه ـؤالء البشــر؟ وهــم معتقلــون ضمــن‬ ‫مدينتهــم لــم يحاكمـوا‪ ،‬ولــن يحاكمـوا فــي نظريــة‬ ‫ه ـؤالء المجانيــن‪.‬‬ ‫ال شــك بأن ســقوط نيرون ســوريا أصبح حقيقة‬ ‫واقعــة‪ ،‬والمســألة تتعلــق بالتوقيــت فقــط وال ســيما‬ ‫أن معظــم علمــاء الديــن فــي األمــة أفت ـوا بــأن‬ ‫الخــروج علــى نيــرون هــو فــرض عيــن بعــد‬ ‫الج ارئــم التــي ارتكبهــا بحــق شــعبه الــذي قصفــه‬ ‫بالطائ ـرات‪ ،‬واألســلحة الثقيلــة والكيمــاوي‪.‬‬ ‫لقــد كشــفت الج ارئــم التــي يرتكبهــا االحتــال‬

‫المتمثــل باألســد وأعوانــه بحــق الســوريين بأنــه‬ ‫ال ينتمــي ال للشــعب وال لســوريا‪ ،‬وليتذكــر‬ ‫الجميــع مــا يحكــى عــن جــذور هــذه العائلــة‬ ‫الحقيقيــة لقــد حــول األســد ســوريا إلــى خ ـراب‪،‬‬ ‫والشــعب الســوري إلــى عبيــد‪ ،‬ومقــدرات ســوريا‬ ‫وشــعبها إلــى ممتلــكات شــخصية‪ ،‬فأبنــاؤه‬ ‫وعائلتــه وأقربــاؤه وحاشــيته يرفلــون بالذهــب‬ ‫والحريــر وأموالهــم بالمليــارات فــي البنــوك‬ ‫األوروبيــة‪ ،‬ويركبــون الطائ ـرات والســيارات‬ ‫الفارهــة واليخــوت ويصرفــون أمـوال الشــعب بــا‬ ‫حــدود‪ ،‬إن ســوريا مــن وراء هــذا المعتــوه يملؤهــا‬ ‫إطــاق الرصــاص‪ ،‬وأزيــز الطائـرات‪ ،‬وأصـوات‬ ‫االنفجــارات‪ ،‬وحــرق ودمــار فــي البنيــة التحتيــة‬ ‫كل يــوم‪ ،‬وهــو مــا أثــار رد فعــل معظــم بلــدان‬ ‫العالــم‪ ،‬لكنهــا لــم تــر َق حتــى اآلن لمســتوى شــل‬ ‫يــد نيــرون ســوريا عــن القتــل واإلج ـرام‪ ،‬ومــص‬ ‫دم الشــعب الســوري‪ ،‬وتحويــل األنفــس البريئــة‪،‬‬ ‫والب ارعــم اليافعــة إلــى رمــاد‪ ،‬كمــا شــاهد الجميــع‬ ‫الصــور التــي تبكــي الحجــر قبــل البشــر‪.‬‬ ‫واليــوم يدفــع الشــعب الســوري الثمــن مــن دمائــه‬ ‫الزكيــة‪ ،‬وتضــع المشــقة أرواح ـاً بيــن يــدي‬ ‫بارئهــا وندع ـوا هللا أن يتقبلهــا مــن الشــهداء‪،‬‬ ‫ولــن تضيــع أيــة قطـرة دم هبــاء‪ ،‬فدمــاء الشــهداء‬ ‫ـاء‪ ،‬ســوى بالقــدر الــذي تحيــا بــه‬ ‫لــن تصبــح مـ ً‬ ‫سوريا عزيزة أبية حرة من نير الظالم المستبد‪،‬‬ ‫ومــن خصوصيــات هــذه الثــورة أن مطالبهــا‬ ‫ومنــذ البدايــة لــم تكــن اجتماعيــة‪ ،‬بــل ركــزت‬ ‫منــذ انطالقتهــا علــى مطلــب الحريــة والتحــرر‬ ‫مــن االســتبداد الجاثــم علــى صــدور الســوريين‬ ‫منــذ حوالــي نصــف قــرن‪ ،‬وهــذا نب ـراس لبقيــة‬ ‫الشــعوب التــي تظــن أن الثــورة ال تكــون ســوى‬ ‫بالمطالــب االقتصاديــة‪.‬‬ ‫ولي ارجــع نيــرون ســوريا التاريــخ فبعــد أن ثــارت‬ ‫جماهيــر رومــا علــى نيــرون‪ ،‬والعاه ـرة بومبيــا‪،‬‬ ‫بــدأ الطوفــان الغاضــب‪ ،‬وزحفــت الجماهيــر‬

‫الثائـرة إلــى القصــر اإلمب ارطــوري‪ ،‬وجرفــت فــي‬ ‫طريقهــا تماثيــل نيــرون وبومبيــا‪ ،‬وعلــى هديــر‬ ‫الطوفــان البشــري ســقط قنــاع الجبــروت مــن‬ ‫علــى وجــه نيــرون‪ ،‬فانكمــش الوحــش داخلــه‪،‬‬ ‫وبأصابــع مرتعشــة أصــدر أم ـ اًر إلــى الجيــش‬ ‫بالتصــدي إلــى الث ـوار‪ ،‬وكان الحصــاد مذبحــة‬ ‫ســقط فيهــا اآلالف‪ ،‬وهبــت الجماهيــر بســاح‬ ‫الغضــب‪ ،‬فأحرقــت بعــض المياديــن والســاحات‬ ‫فــي رومــا‪ ،‬وعنــد الفصــل بيــن الجنــون والعتــه‬ ‫كان نيــرون يصــدر أم ـره المرتجــف األخيــر‬ ‫باإلتيــان علــى بقيــة األحيــاء حرق ـاً‪ ،‬وحجتــه‬ ‫القضــاء علــى ثـوار الغضــب الجماهيــري حتــى‬ ‫حاصــرت النيـران أكثــر مــن مائــة ألــف شــخص‪،‬‬ ‫تفحمــت جثثهــم باللهــب ونيــرون يغنــي ويعــزف‬ ‫علــى قيثارتــه‪ ،‬وعندمــا انقلــب معظــم مؤيديــه‬ ‫ضــده‪ ،‬اتهــم الجميــع بالخيانــة‪ ،‬وهددهــم بإلقائهــم‬ ‫طعام ـاً للض ـواري الجائعــة‪ ،‬لكنــه لــم يجــد مــن‬ ‫يلبــي أوام ـره فقــرر االنتحــار‪ ،‬وأخــرج خنج ـره‬ ‫بيــد‪ .‬لــم يكــن يملــك الشــجاعة لذلــك فنــاول أحــد‬ ‫مرافقيــه الخنجــر لينفــذ العمليــة فبــادر األخيــر‬ ‫بنيــل شــرف تخليــص الشــعب مــن ش ـره‪.‬‬ ‫وهنــاك تشــابه كبيــر بيــن نيــرون ســوريا ونيــرون‬ ‫رومــا‪ ،‬فكالهمــا أحــرق المتظاهريــن‪ ،‬ودمــر‬ ‫بلــده‪ ،‬وكالهمــا شــهد انقالب ـاً جزئي ـاً مــن بعــض‬ ‫ق ـواه الدبلوماســية والعســكرية‪ ،‬وكالهمــا هــدد‬ ‫بالقتــل والحــرب األهليــة والتخويــن والتجويــع‪،‬‬ ‫لكــن النهايــة بــإذن هللا ســتختلف‪ ،‬فهــي ســتكون‬ ‫علــى أيــدي أبطــال الجيــش الحــر‪ ،‬وليــس علــى‬ ‫يــد مســاعديه‪.‬‬ ‫إن الطغــاة يظلــون طغــاة إلــى أن يغرقهــم‬ ‫الشــعب فــي دمائهــم‪ ،‬إو�ن الحريــة لهــا ثمــن‪،‬‬ ‫هــو الســجون والشــهادة‪ ،‬فهنيئـاً لمــن ينــال شــرف‬ ‫إضــاءة الطريــق لآلخريــن‪ ،‬ألن البديــل بقــاء‬ ‫الجميــع فــي الظلمــات‪ ،‬ومــوت الجميــع فــي‬ ‫مزبلــة التاريــخ‪.‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫‪ ...‬وأما ما فعلوه بنا‪..‬‬ ‫مــا فعلــه الخــارج بنــا‪ ,‬فهــو أيضــاً كثــر وإحصــاؤه‬ ‫صعــب‪ .‬ورمبــا تعــود نقطــة االنطــاق فيــا فعلــوه‬ ‫بنــا إىل مــا عــرف تاريخي ـاً بـ»املســألة الرشقيــة» أو إىل‬ ‫أبعــد مــن ذلــك‪ .‬ولــن نقــدم رسدا ً ألحــداث تلــك الفــرة‪,‬‬ ‫فليــس هنــا مجالــه‪ ,‬بــل ســنمر رسيع ـاً عــى مــا ن ـراه‬ ‫مفصــاً هامــاً معروفــاً جيــدا للمتابعــن املهتمــن‪.‬‬ ‫انقســم العــرب بــن مــن يريــد الخــاص مــن العثامنيــن‬ ‫متامـاً‪ ،‬وبــن مــن يريــد البقــاء معهم عــى قدم املســاواة‪،‬‬ ‫كجنــاح مــن جناحــي اإلمرباطوريــة العثامنيــة‪ .‬انتــر‬ ‫األولــون بعــد وقوعهــم يف فخــاخ السياســة الربيطانيــة‬ ‫عــر مراســات الحســن‪ -‬مكامهــون الشــهرية‪ ,‬لكنهــم‬ ‫مل يحققــوا شــيئاً مــا أرادوه‪ ,‬وانتقــل هــدف الجهــد‬ ‫التحــرري إىل الخــاص مــن القوتــن االســتعامريتني‬ ‫الكبريتــن آنــذاك الربيطانيــة والفرنســية بعــد أن دالــت‬ ‫اإلمرباطوريــة‬ ‫العثامنيــة‪ .‬وقــد أظهــرت نهايــة الحــرب العامليــة األوىل‬ ‫ونشــوء عصبــة األمــم‪ ،‬وفــرة مــا بــن الحربــن‪ ،‬ونهايــة‬ ‫الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬القــو َة األمريكيــة الشــابة‪،‬‬ ‫ووضعتهــا يف موقــع املنافــس للقــوة العجــوز‪ ،‬التــي‬ ‫انســحبت مــن الواجهــة لتكتفــي فرنســا‪ ،‬مبــا بقــي لهــا‬ ‫مــن نفــوذ معنــوي حفظتــه يف املنظمــة الفرنكوفونيــة‪,‬‬ ‫وتكتفــي بريطانيــا برئاســة فخريــة للكومنولــث‪ ،‬وبــدور‬ ‫التابــع للواليــات املتحــدة األمريكيــة الــذي أعطاهــا‬ ‫خطــوة إىل األمــام‪.‬‬ ‫أمــران اثنــان نعتقــد أنهــا يشــكالن األســاس‪ ،‬لــكل‬ ‫مــا رأينــاه قب ـاً ومــا ن ـراه اآلن‪ ,‬وهــا أم ـران مرتبطــان‬

‫عدنان الصباح المقداد‬ ‫يف ســوريا يجري اآلن تحول كبري يف الحياة السياســية‪،‬‬ ‫يحــاول بشــار األســد وعائلتــه وأد هــذا التحــول وعــدم‬ ‫الســاح لــه بالظهــور‪ ،‬وهــو الخــروج مــن حالــة الكبــت‬ ‫الشــديدة التــي أسســها حافــظ األب حيــث جعلــت‬ ‫املجتمــع الســوري مجتمع ـاً مقهــورا ً ذا تكويــن نفــي‬ ‫متصــدع يتجــه نحــو تقديــس الحاكــم وتأليهــه تحــت‬ ‫ســلطة ‪ 17‬فــرع أمنــي قــادرة عــى اعتقــال وتصفيــة‬ ‫واغتيــال ونفــي وســحق كل مــن تســول لــه نفســه‬ ‫ويفكــر أو يحلــم مجــرد حلــم بالتغيــر‪.‬‬ ‫كان التفكــر بالتغيــر جرميــة سياســية مــن الدرجــة‬ ‫األوىل كونهــا تطــال كيــان الدولــة الطائفيــة‪ .‬فالتفكــر‬ ‫بالتغيــر يشــمل بالــرورة تغيــر كيــان الدولــة وميســها‪.‬‬ ‫لذلــك مل يكــن حافــظ األب ليتســامح يف هــذه املســألة‬ ‫وكان شــديدا ً عــى معارضيــه‪ ،‬ويعــرف كيــف يصفيهــم‬ ‫ويقــي عليهــم‪ .‬وبســبب الشــدة التــي انتهجهــا حافــظ‬ ‫األســد تجــاه معارضيــه يف ذلــك الوقــت مل يســتطع‬ ‫املجتمــع الســوري ‪ -‬لعجــزه‪ -‬دفــع الثمــن الباهــظ‬ ‫والرضيبــة مــن أجــل التغيــر فاستســلم املجتمــع‬ ‫لحافــظ أســد الــذي ظــل يســتنزفه ملــدة عــرة ســنني‬ ‫وهــو يقتــل ويســجن دون أي احتجــاج بــل أصبــح‬ ‫املجتمــع نفســه يقمــع املحتجــن‪.‬‬ ‫إننــا أمــام منظومــة متكاملــة للقمــع والتنكيــل تعذيب ـاً‬ ‫وقت ـاً وحرمان ـاً بكافــة أشــكاله كــا لــو كانــت حالــة‬ ‫انتقــام واســعة مورســت عــى الشــعب بأكملــه‪ ،‬وعــى‬ ‫طائفــة األغلبيــة التــي ترعــب هــذا التشــكيل الطائفــي‪.‬‬ ‫هــذه املنظومــة تشــكلت وتكاملــت خيوطهــا عــى يدي‬ ‫الثنــايئ حافــظ ورفعــت ثــم تجمعــت خيوطهــا بيــد‬ ‫بشــار وماهــر وبقيــة أطـراف األرسة‪ ،‬حتــى وصلــت إىل‬ ‫مرحلتهــا األخــرة بتحــول الســلطة إىل مافيــا اقتصاديــة‬ ‫وسياســية تســيطر عــى كل منافــذ الحيــاة‪.‬‬ ‫كانــت هــذه املنظومــة تقــوم عــى مجموعــة مــن‬

‫‪7‬‬

‫وما فعلوه بنا؟!‬

‫ببعضهــا ارتباطـاً وثيقـاً وال ميكــن الفصــل بينهــا‪ :‬األول‬ ‫هــو أن هــدف الغــرب وأمــركا أساس ـاً مل يتغــر‪ ,‬وهــو‬ ‫اإلرصار عــى الســيطرة عــى هــذه املنطقــة واإلرصار‬ ‫عــى عــدم الســاح لهــا باإلفــات مــن قبضتــه‪ .‬والثــاين‬ ‫هــو أن يكــون حكمــه لهــا مــن داخلهــا‪ ،‬ال مــن خارجهــا‪،‬‬ ‫كــا كان يحصــل حتــى مــا قبــل الحــرب العامليــة‬ ‫تغــر أهميــة أدوار‬ ‫تغــر األســاليب فرضــه ّ‬ ‫الثانيــة‪ّ .‬‬ ‫الالعبــن‪ ،‬وتقــ ّدم األمريكيــن إىل الواجهــة وإمســاكُهم‬ ‫بخيــوط اللعبــة كلهــا‪ .‬وأكــر أدلتنــا ســطوعاً عــى ذلــك‪،‬‬ ‫هــو مــا حصــل يف إي ـران‪ ،‬يف أوائــل خمســينيات القــرن‬ ‫املــايض‪ ،‬عندمــا أطاحــت املخابــرات املركزيــة برئيــس‬ ‫الــوزراء مصــدق‪ ،‬وأعــادت إىل الحكــم الشــاه الهــارب‪.‬‬ ‫ومــا ذكــره باتريــك ســيل يف كتابتــه لســرة حافــظ األســد‬ ‫عــن اجتــاع هــذا األخــر الــري‪ ،‬مبســؤول بريطــاين‬ ‫رفيــع أثنــاء زيــارة لــه إىل لنــدن‪.‬‬ ‫هــذان األم ـران هــا اللــذان صبغــا‪ ،‬ومــا زاال يصبغــان‬

‫الحيــاة السياســية يف بالدنــا‪ ،‬منــذ‬ ‫الحــرب العامليــة األوىل وإىل اآلن‪ .‬ومــا‬ ‫ادعــاء املقاومــة واملامنعــة والصمــود‬ ‫والتصــدي‪ ,‬وهــذه مصطلحــات ليســت‬ ‫بجديــدة‪ ,‬جعجعــة بــا طحــن‪ ،‬وتغطيـ ًة‬ ‫للعــورة بورقــة تــن مهرتئــة‪.‬‬ ‫وليــس بجديــد أن نقــول‪ :‬إن العالقــات‬ ‫بــن الــدول تحكمهــا املصالــح‪ ،‬أو بعبــارة‬ ‫أخــرى عالقــات «خــذ وهــات»‪ ،‬وليــس‬ ‫بجديــد أيض ـاً‪ ،‬أن نجــاح سياســات أيــة‬ ‫دولــة يف عالقاتهــا‪ ،‬مــع أيــة دولــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬يف أي مجــال مــن املجــاالت‪،‬‬ ‫تكمــن يف حجــم مــا تســتطيع أخــذه‬ ‫مقارنــاً بحجــم مــا تعطيــه واملوازنــة بــن مــا يُعطــى‬ ‫ومــا يُؤخــذ تعتمــد أساسـاً عــى مقــدار مــا ميلــك طـ ٌ‬ ‫ـرف‬ ‫مــا مــن أوراق القــوة التــي يســتطيع اســتخدامها‪ ,‬وهنــا‬ ‫تجــدر اإلشــارة إىل أننــا‪ ،‬وعــى مــدار مــا يقــرب مــن‬ ‫قــرن كامــل‪ ،‬مل نكــن منلــك أيــة أوراق قــوة‪ ،‬نســتخدمها‬ ‫حتــى ذهبنــا األســود‪.‬‬ ‫واألمــر املثــر للدهشــة يف حالتنــا هــذه‪ ،‬هــو ســقوط‬ ‫نظريــة ابــن خلــدون يف ولــع املغلــوب بتقليــد الغالــب‬ ‫‪ .‬فالغالــب أرخــى للعقــل عنانــه‪ ,‬يفكــر كــا يشــاء‪,‬‬ ‫ويجــرب كــا يشــاء‪ ,‬ويصحــح أخطــاءه‪ ،‬وتجاربــه يف‬ ‫خــط ســره الصاعــد دامئ ـاً إىل األمــام‪ .‬وليــس صحيح ـاً‬ ‫مطلق ـاً أنــه قطــع حبــل الوصــل مــع ماضيــه وتراثــه‪,‬‬ ‫ولكنــه فقــط وضعهــا يف مكانهــا الصحيــح‪ .‬واملغلــوب‬ ‫رضه فيــه‪,‬‬ ‫ميعــن يف الحديــث عــن ماضيــه‪ ,‬ويدفــن حــا َ‬ ‫ويقيــد العقــل فيمنعــه مــن التفكــر بحريــة‪ ،‬ويحظــر‬

‫عليــه الولــوج إىل مناطــق معينــة‪ ,‬ويرخــي العنــان للحلم‬ ‫نــص عليهــا‬ ‫بعــودة ســالف أليــام متجاهــاً بدهيــةً‪ّ ،‬‬ ‫الكتــاب واألثــر اللذيــن يــر املغلــوب عــى التمســك‬ ‫بهــا ‪ -‬وهــذه هــي املفارقــة ‪ -‬وهــي أن الزمــن ال يرجــع‬ ‫إىل الــوراء‪ .‬ففــي الكتــاب قولــه تعــاىل‪« :‬والشــمس‬ ‫تجــري ملســتقر لهــا ذلــك تقديــر العزيــز العليــم»‬ ‫ويف األثــر‪« :‬ربّــوا أوالدكــم عــى غــر مــا ربّيتــم عليــه‪،‬‬ ‫فإنهــم خُلقــوا لزمــان غــر زمانكــم»‪ ,‬ومل يســلم مــن‬ ‫يريــد كــر هــذا املحظــور‪ ،‬مــن قتــل أو نفــي أو‬ ‫ترشيــد‪ ،‬وهــذا عبــد الرحمــن الكواكبــي‪ ،‬وعــي عبــد‬ ‫ال ـرازق‪ ،‬ونجيــب محفــوظ‪ ،‬وفــرج فــودة ونــر حامــد‬ ‫أبــو زيــد‪ ...‬والقامئــة تطــول‪.‬‬ ‫هــذا النمــط مــن التفكــر الــذي أطــروه لنــا‪ ،‬ال ميكــن‬ ‫أن يُنتــج إال قيــادات خانعــة‪ ،‬يحكمنــا الغالــب بهــا‪ ،‬ال‬ ‫تســتطيع‪ ،‬وال تريــد أن تطالــب بأكــر مــا يُعطــى لهــا‪.‬‬ ‫إنهــم يذلوننــا‪ ،‬ويســتهزئون بنــا‪ ،‬ويســخرون منــا‪،‬‬ ‫بترصيحــات ال تســمن وال تغنــي‪ ,‬ومبلهــاة ســوداء‪،‬‬ ‫يقدمونهــا لنــا عــر رجــل مفضــوح غــر مســتور‪ ،‬ميلــك‬ ‫مرشوعــاً إليقــاف القتــال يف حــي مــن أحيــاء حلــب‬ ‫فقــط‪ ،‬وليــس ذلــك فحســب‪ ،‬بــل إنهــم ال يروننــا‪ ,‬وال‬ ‫يــرون عذاباتنــا‪ ,‬ويغمضــون أعينهــم عــن وطــن يدمــر‪،‬‬ ‫وشــعب يقتــل‪ .‬بــل يــرون – إمعانـاً يف إذالننا والســخرية‬ ‫بنــا ‪ -‬قاتلَنــا ويربطــون عــى كتفــه‪ ،‬ويطلبــون منــا‬ ‫التفاهــم معــه ونحــن نســتجيب‪.‬‬ ‫لقــد كنــا دامئــاً يف موقــع املفعــول‪ ،‬ومل نكــن يومــاً يف‬ ‫موقــع الفاعــل‪ .‬وهــذا هــو الوضــع املأســاوي الــذي‬ ‫وضعونــا فيــه‪ ،‬وارتضينــاه ألنفســنا‪ ,‬فانظــروا مــا فعلــوا‬ ‫بنــا ثــم‪« :‬فــا تلومــوين‪ ...‬ولومــوا أنفســكم»‪.‬‬

‫مشهدية القمع يف سورية‬

‫الجرائــم الكــرى‪ ..‬وكــا يقــال لــكل ظــامل ولــكل ظلــم‬ ‫نهايــة ويحمــل نهايتــه بيــده‪ ،‬فــإن اإلصــاح‪ ،‬كـــ ((‬ ‫لفــظ )) وكـــ ((مطلــب)) وكـــ ((شــعار ســلطة)) وضعــه‬ ‫بشــار ليلتــف عــى ‪ 30‬عامــا مضــت‪ ،‬كان يشــكل لحظــة‬ ‫كشــف للمســتور‪ ،‬وهــي األســس التــي تقــوم عليهــا‬ ‫هــذه املنظومــة مــن فســاد اقتصــادي وإداري وأخالقــي‬ ‫ومامرســات ال إنســانية‪ .‬فلــي تســود هــذه املنظومــة‬ ‫وتقــوم بعملهــا يجــب أن تســتقر عــى أرضيــة تســمح‬ ‫لهــا بذلــك وهــي نــر الفســاد عــى أوســع نطــاق‬ ‫وإلغــاء عمــل القانــون واملحاســبة وتشــجيع أعــال‬ ‫النهــب والرسقــة يف قطاعــات الدولــة واالســتيالء عــى‬ ‫املؤسســات وتشــديد الرقابــة األمنيــة وتعــداد املراكــز‬ ‫األمنيــة وتوســيعها لتشــمل املجتمــع مــع تحويــل حــزب‬ ‫البعــث إىل مركــز لجمــع املعلومــات عــن كل أبنــاء‬ ‫الشــعب الســوري لصالــح فــروع األمــن حتــى أصبحــت‬ ‫الدولــة تقــوم عــى بوابتــن البوابــة األمنيــة وبوابــة‬ ‫املافيــا‪.‬‬ ‫مشهدية القمع والقهر يف سورية األسد‪:‬‬ ‫مســألة الخــروج عــن الصمــت هــي مســألة جامعيــة مل‬ ‫يكــن مــن املمكــن الوصــول إليهــا لــوال أن هــب املجتمع‬

‫الســوري دفعــة واحــدة‪ ،‬ووقــف يف وجــه الحاكــم الظــامل‬ ‫محتجــاً‪ .‬انطلــق الشــعب إىل فضــاء الحريــة وتحــرر‬ ‫مــن عامــل الخــوف وأصبــح املــوت جــزءا ً مــن حياتــه‬ ‫اليوميــة‪ ،‬ورايــة الثــورة مل تعــد بأيــدي املتظاهريــن‬ ‫الســلميني فقــط‪ ،‬ولقــد أصبــح لهــم ســند مصمــم عــى‬ ‫هزميــة منظومــة القمــع‪.‬‬ ‫لحظــة بــدء الثــورة كانــت لحظــة قلــب املفاهيــم‬ ‫والبــدء بالتعامــل وفــق آليــة جديــدة مــع الواقــع الــذي‬ ‫يشــكل لوحــة املعانــاة‪ .‬فاألنظمــة املكللــة بالهزائــم‬ ‫ليســت أنظمــة مامنعــة‪ ،‬وال تريــد انتصــار الشــعب‬ ‫بقــدر مــا تريــد الحفــاظ عــى هياكلهــا ووجودهــا‬ ‫لذلــك فــإن أهــم حــرب لهــا اآلن هــي حربهــا عــى‬ ‫الشــعب‪ .‬إنــه نظــام أمنــي يقــوم عــى أجهــزة مســلطة‬ ‫عــى رقــاب الشــعب والــذي يعتــدي يف كل لحظــة‬ ‫عــى عقــل اإلنســان ويفــكك ارتباطــه باآلخــر وبالوطــن‬ ‫وبالحيــاة ليســهل الســيطرة عليــه واســتعباده فهــم‬ ‫األســياد ونحــن العبيــد‪.‬‬ ‫أساســيات املشــهد هــي شــدة القمــع والقهــر والحريــة‬ ‫والحاجــة وخلــق األزمــات واملعانــاة والفقــر‪ .‬حافــظ‬ ‫أســد كان يهــوى أن يجعــل خصومــه حارضيــن أمامــه‬ ‫(كالفـران) وموجوديــن يف الصــورة دامئـاً ويتالعــب بهــم‬

‫مغ ـرا ً بقوتــه فهــو الفريــد ويفعــل مــا يريــد‪ .‬ويتســى‬ ‫بهــم مســتغالً عامــل الوقــت ومســتمتعاً بهواياتــه يف‬ ‫خلــق األعــداء والقضــاء عليهــم وينشــئ التنظيــات‬ ‫ثــم يعتقلهــم‪ ،‬فهــم كالف ـران املكشــوفني يف حركاتهــم‬ ‫ونواياهــم‪ ،‬إمنــا تظهــر عظمتــه وقدرتــه اإللهيــة‪.‬‬ ‫بالســيطرة عــى اآلخــر وخنقــه‪.‬‬ ‫يجــب أن يكــون يف املشــهد دومــاً صــورة املواطــن‬ ‫املهــزوم املالحــق الخائــف ألنــه العــدو األســايس للحاكــم‬ ‫الظــامل‪ -‬الــذي يخــاف شــعبه ويخــاف ثورتــه‪ -‬فــإذا مــا‬ ‫غــاب عــن عينيــه يصــاب بالذعــر ألنــه يتوقــع أن يفلــت‬ ‫ـر ملؤامــرة‪ .‬لذلــك‬ ‫مــن يديــه ويفعــل شــيئاً مــا ويحـ ِّ‬ ‫تســتنفر األجهــزة األمنيــة لتبقيــه أمامهــا يف املشــهد‬ ‫عــى الشاشــة فهــو رضوري يف مشــهد القمــع والقهــر‪.‬‬ ‫وال ميكــن أن تنتهــي أزمــة الســجون يف ســورية فهــي‬ ‫رضوريــة أيضـاً ملشــهد القهــر والقمــع ويجــب أن تكــون‬ ‫مليئــة ويجــب انتشــار التعذيــب والتشــديد فيهــا لدرجة‬ ‫أن عــددا ً كبــرا ً مــن الذيــن يعتقلــون يتــم تصفيتهــم‬ ‫تحــت التعذيــب املنهجــي بأيــدي املتخصصــن‪ .‬بســبب‬ ‫األعــداد الكبــرة للمعتقلــن مل تعــد الســجون املخصصــة‬ ‫ســابقاً تتســع فحولــوا املــدارس واملخــازن والهنجــارات‬ ‫واملالعــب الرياضيــة والصــاالت إىل ســجون‪ ،‬وأمــا مــا‬ ‫يعانيــه املعتقلــون هــو الزحــام الشــديد حيــث يُحرشون‬ ‫يف األماكــن الضيقــة بأعــداد كبــرة فــا يســتطيعون ال‬ ‫الجلــوس وال النــوم ويتناوبــون عــى الوقــوف والجلــوس‬ ‫والنــوم ثــم هنــاك الجــوع الشــديد وقضــاء الحاجــات‬ ‫األساســية واإلصابــة باألم ـراض املختلفــة بســبب نقــص‬ ‫التغذيــة والنظافــة فينتــر القمــل والجــرب والســل‬ ‫والســحايا والدمامــل والجــروح امللوثــة وغــر ذلــك‬ ‫وليــس هنــاك أي عنايــة طبيــة وال أي دواء فــكل يشء‬ ‫ممنــوع ويجــري تهديــد املعتقلــن بأنــه إذا مــا نجحــت‬ ‫الثــورة فإنهــم ســيقتلون جميعـاً وبعــض املعتقلــن قالــوا‬ ‫بأنهــم مل يكونــوا يتمنــون نجــاح الثــورة‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫أبن��اء الرق��ة جي��ددون العه��د الثوري م��ن أجل س��ورية احلرة‬ ‫البيانــات الصــادرة عــن لــواء ثــوار الرقــة‪ ،‬وميثــاق‬ ‫أبنــاء الحـراك الثــوري بالرقــة‪ ،‬الصــادران اليــوم يبعثــان‬ ‫برســالة جديــدة ألبنــاء ســورية‪ ،‬وللمجتمــع الــدويل‪،‬‬ ‫مفادهــا بــأن الرقــة‪ ،‬وأبنــاء الرقــة مــا يزالــون عــى‬ ‫العهــد يف الدفــاع عــن حريــة النــاس‪ ،‬وكراماتهــم‪،‬‬ ‫ولديهــم اإلرادة الصادقــة‪ ،‬لتجــاوز األخطــاء الســابقة‪،‬‬ ‫ويتعهــدون بعــدم تكرارهــا‪ ،‬خاصــة‪ ،‬وأن األخطــاء التــي‬ ‫حصلــت جعلــت أبنــاء الرقــة يقعــون ضحايــا التطــرف‪،‬‬

‫كبــر ألبنــاء الرقــة الذيــن تــردوا خــارج مدينتهــم‪ ،‬ويف‬ ‫املــدن األخــرى‪ ،‬ويف الــدول األخــرى‪ ،‬ليحتــل بيوتهــم‪،‬‬ ‫ومدينتهــم‪ ،‬جوابــو اآلفــاق‪ ،‬وطريــدو املجتمــع الــدويل‪،‬‬ ‫وأصحــاب الســوابق الجنائيــة‪ ،‬الذيــن يتلــذذون‬ ‫بالقتــل‪ ،‬وبالتعذيــب‪ ،‬وينافســون النظــام املجــرم يف‬ ‫أشــكال االنتقــام الدمــوي وكراهيــة البــر‪.‬‬

‫والعــودة إىل العصــور املظلمــة مــن التفكــر املتخلــف‪،‬‬ ‫واملامرســات الحاقــدة عــى البــر وعــى الحجــر!‬ ‫أبنــاء الرقــة لــن يكونــوا أقــل مــن أبنــاء عــن العــرب‬ ‫(كوبــاين) وســيقفون مبواجهــة مــن اختطــف مدينتهــم‪،‬‬ ‫واســتباح كرامــات أهلهــا‪ ،‬ونهــب تاريخهــا‪ ،‬وآثارهــا‬ ‫ليبيعهــا يف أســواق املافيــات الدوليــة‪ ،‬غــر عابــئ بــأي‬ ‫قيمــة معنويــة‪ ،‬أو أخالقيــة‪ ،‬وكل همه متويــل اإلرهاب‪،‬‬ ‫الرقــة ســتقف بقــوة ضــد النظــام الغاشــم‪ ،‬وضــد‬ ‫والتطــرف والنفــخ يف ن ـران الحقــد وتأجيجهــا!‬ ‫البيــان الصــادر مــن لــواء ثــوار الرقــة‪ ،‬محــط اهتــام العصابــات اإلرهابيــة املتطرفــة‪ ،‬ولــن متــر األيــام‬

‫القادمــة بســهولة عــى أعــداء الحريــة‪ ،‬وأعــداء‬ ‫الوطــن‪..‬‬ ‫ســورية اليــوم تخــرج مــن حالــة االنتظــار‪ ،‬ومــن حالــة‬ ‫تســول الشــفقة مــن الــدول األخــرى‪ ،‬ويقــوم أبناؤهــا‬ ‫بواجبهــم لتحريــر بلدهــم‪ ،‬ولــن ينتظــروا اإلذن مــن‬ ‫أحــد‪ ،‬ولــن يتوقفــوا إال يف ســورية الحــرة‪ ،‬واملحــررة من‬ ‫كل أشــكال العســف‪ ،‬والظلــم الــذي تجــره امليليشــيات‬ ‫الطائفيــة‪ ،‬والتنظيــات املتطرفــة‪ ،‬وســتدحر النظــام‬ ‫الغاشــم مهــا كلــف الثمــن‪.‬‬

‫معبد الحسون‬

‫مراجعات إسالمية ـ ‪ 2‬ـ‬

‫ميثاق الشرف صادر عن لواء ثوار الرقة‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫نحــن ثــوار محافظــة الرقــة الســورية‪ ،‬لقــد حملنــا‬ ‫ســاحنا لندافــع عــن كرامــة شــعبنا ونحــرر وطننــا‬ ‫ســورية مــن التمييــز والطغيــان‪ ،‬نتعهــد أمــام اللــه‬ ‫وشــعبنا العظيــم‪:‬‬ ‫إن ســاحنا وكفاحنــا ومقاومتنــا مكرســة للدفــاع‬ ‫عــن كل مواطــن ســوري‪ ،‬وملواجهــة عصابــات‬ ‫القتــل‪ ،‬واإلجــرام التــي يقودهــا املجــرم بشــار‬ ‫األســد‪ ،‬وتحريــر بالدنــا مــن املليشــيات اإلرهابيــة‬ ‫التــي جلبهــا األســد بقيــادة اإلرهابيــن نــر اللــه‬ ‫والبغــدادي‪.‬‬ ‫ونتعهــد باحـرام حقــوق اإلنســان ومبــادئ رشيعتنا‬ ‫الســمحاء‪ ،‬ونلتــزم بالقوانــن واألعــراف الدوليــة‪،‬‬ ‫وأن نتجنــب أي ســلوك أو مامرســة تــيء ملبــادئ‬ ‫ثــورة الحريــة والكرامــة‪.‬‬ ‫ونتعهــد باملحافظــة عــى مكتســبات الثــورة‬ ‫الســورية العظيمــة‪ ،‬ونســاعد ونشــجع املجتمــع‬ ‫املــدين ليكــون أصــل التغيــر املنشــود يف بنــاء‬ ‫املؤسســات والحفــاظ عليهــا‪.‬‬

‫وإننــا نســعى بــكل جهدنــا لتوفــر البيئــة املالمئــة‬ ‫لعمــل املؤسســات الخدميــة‪ ،‬والتنمويــة‪ ،‬والثقافية‪،‬‬ ‫التــي تهــدف إىل بنــاء دولــة العدالــة‪ ،‬واملســاواة‪،‬‬ ‫والحريــة‪ ،‬عــى كامــل ال ـراب الســوري‪.‬‬ ‫ونتعهــد باحــرام الهيئــات القضائيــة‪ ،‬والقانونيــة‪،‬‬ ‫ونلتــزم بالقوانــن املتفــق عليهــا‪.‬‬ ‫ونحــرم حــق الحيــاة‪ ،‬وحريــة الــرأي‪ ،‬والتعبــر‪،‬‬ ‫والعمــل الصحفــي الحــر‪ ،‬ونقــاوم اإلكـراه الفكــري‬ ‫والســيايس‪.‬‬ ‫وإننــا نلتــزم بالرايــة الجامعــة التــي يحملهــا أحرارنا‬ ‫وثوارنــا‪ ،‬وهــي رايــة الثــورة الســورية‪ ،‬إلقامــة‬ ‫جيــش وطنــي جامــع يحمــي األرض‪ ،‬ويصــون‬ ‫كرامــة الســوريني‪ ..‬كل الســوريني‪.‬‬ ‫الرقة ‪2015/2/15‬م‬ ‫لواء ثوار الرقة‬ ‫المجاهد أبو عيسى‬

‫بي��ان دع��م احل��راك الث��وري مليث��اق الش��رف الص��ادر ع��ن «ث��وار الرق��ة»‬ ‫ّ‬ ‫املدني يف حمافظة الر ّقة‬ ‫حنن أبناء احلراك‬ ‫الثوري ّ‬ ‫نعلــن دعمنــا وتأييدنــا مليثــاق الــرف الــذي أق ـ ّره وأعلنــه ث ـ ّوار‬ ‫محافظــة الرقّــة‪ ،‬والــذي يثبــت صــدق وعمــق انتامئهــم لثــورة‬ ‫الح ّريّــة والكرامــة‪..‬‬ ‫ونجـ ّدد وقوفنــا الكامــل إىل جانــب لــواء ثـ ّوار الرقّــة الــذي يحظــى‬ ‫عــى ثقــة أبنــاء املحافظــة وتقديرهــم‪ ..‬ونث ّمــن عاليـاً التضحيــات‬ ‫الهائلــة التــي ق ّدموهــا يف مســرة كفاحهــم مبواجهــة االســتبداد‬ ‫ـكل ألوانــه وأشــكاله‪.‬‬ ‫والطغيــان بـ ّ‬ ‫ونؤكّد عىل األمور التالية‪:‬‬ ‫‪ – 1‬ألننــا أبنــاء ثــورة قامــت مــن أجــل الح ّريّــة والعدالــة وكرامــة‬ ‫أي شــكل مــن أشــكال العنــف القائــم‬ ‫ـوري‪ ،‬نرفــض ّ‬ ‫اإلنســان السـ ّ‬ ‫ـي‪،‬‬ ‫ـخيص‪ ،‬أو ّ‬ ‫عــى دوافــع االنتقــام الشـ ّ‬ ‫ـي أو الدينـ ّ‬ ‫التعصــب القومـ ّ‬ ‫ـوري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وكل أشــكال التمييــز بــن أبنــاء الوطــن السـ ّ‬ ‫بــكل تعبرياتــه إن كانــت باألقــوال أو‬ ‫‪ – 2‬نحــن ضــ ّد التطــ ّرف ّ‬ ‫األفعــال‪ ،‬ونؤكّــد أ ّن الدعــوات القوم ّيــة املغاليــة ال تقـ ّـل خطــورة‬ ‫عــن املامرســات اإلرهاب ّيــة أل ّن كليهــا يشــعل نــار الفتنــة‪ ،‬وانعدام‬ ‫الثقــة بــن أبنــاء املحافظــة باختــاف انتامءاتهــم‪ ،‬خصوصــاً وأ ّن‬ ‫الفــرة املاضيــة قــد تركــت الكثــر مــن اآلثــار الســلبيّة يف جســدنا‬ ‫الواحــد‪.‬‬

‫‪ – 3‬يف الوقــت الــذي نــرى فيــه أ ّن قض ّية‬ ‫أهــل املنطقــة واحــدة‪ ،‬وأ ّن معركتهــم‬ ‫ضــ ّد الطغيــان واحــدة‪ ،‬نؤكّــد مــن‬ ‫جديــد وحــدة شــعبنا وقضيّتنــا‪ ،‬قطع ـاً‬ ‫لطريــق مروجــي الكراهيــة والتطــ ّرف‬ ‫والعنــف األعمــى بــن مك ّونــات األخـ ّوة‬ ‫الســوريّة اإلثن ّيــة والدين ّيــة‪.‬‬ ‫‪ – 4‬إنّنــا نجــد يف لــواء ثــ ّوار الرقّــة‬ ‫حاضنــة ثوريّــة وإطــارا ً ممكن ـاً لوحــدة‬ ‫كافّــة القــوى املخلصــة التــي تناضــل من‬ ‫أجــل تحريــر الرقّــة مــن نــر (داعــش)‪،‬‬ ‫وبنــا َء عــى هــذه الرؤيــة ينبغــي عــى‬ ‫قيــادة لــواء ثــ ّوار الرقّــة‪ ،‬وقيــادات كافّــة الفصائــل العســكريّة‬ ‫األخــرى التعــاون والتنســيق فيــا بينهــا‪ ،‬فوحــدة الثــ ّوار هــي‬ ‫الطريــق الرضوريّــة لتحقيــق النــر‪.‬‬ ‫‪ -5‬ينبغــي عــى إخوتنــا املقاتلــن االســتفادة مــن التجارب الســابقة‬ ‫يف عالقتهــم مــع أهــل محافظتهــم‪ ،‬وتج ّنــب الوقــوع يف األخطــاء‬ ‫التــي ن ّفــرت النــاس منهــم‪ ،‬وســاعدت يف متهيــد الطريــق النتشــار‬ ‫التطــ ّرف‪ ،‬كــا ندعــو كافّــة أبنــاء املحافظــة إىل توحيــد القــوى‬

‫والجهــود‪ ،‬ودعــم املقاتلــن ولــو بالكلمــة الطيّبــة‪ ،‬والبعــد عـ ّـا يثري‬ ‫الفُرقــة‪ ،‬ويشـتّت القـ ّوة‪ ،‬ويضيــع االت ّجــاه الصحيــح نحــو الهــدف‬ ‫ـايس الــذي هــو إســقاط النظــام القاتــل وتحريــر ســورية‪..‬‬ ‫األسـ ّ‬ ‫لقــد آن األوان الــذي نُظهــر فيــه جميعـاً ـ فعـاً وقــوالً ـ انتامءنــا‬ ‫ألهلنــا‪..‬‬ ‫لقد آن األوان ل ُنظهر ـ فعالً وقوالً ـ حبّنا ملدينتنا‪..‬‬ ‫وآن األوان لتعود الرقّة عاصمة لتحرير سورية‪..‬‬ ‫عاشت سورية ح ّرة أب ّية‪ ..‬النرص لثورة الح ّريّة والكرامة‪.‬‬ ‫‪2015/02/23‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫مــا ســبق أســتطيع أن آخــذ عــى عاتقــي القــول بــأن‬ ‫اإلســام‪ ،‬كإحــدى الديانــات الكــرى يف تاريــخ العــامل‪،‬‬ ‫كانــت لــه غائيــة‪ ،‬وهــذه الغائيــة كانــت‪ ،‬يف ســنخها‬ ‫وجذورهــا‪ ،‬منفصلــة عــن غائيــة الســلطة والحكــم ‪.‬‬ ‫ومل تكــن هــذه النتيجــة باألمــر الــذي يعــر الربهنــة‬ ‫عليــه ‪ .‬فلــو كان أحــد الســياقني يحتــاج إىل اآلخــر‪ ،‬وال‬ ‫يقــوم إال بــه ملــا تهــاون املســلمون عــر التاريــخ ال يف‬ ‫وصول خلفاء «فســقة» إىل رأس الســلطة‪ ،‬وال أصحاب‬ ‫بــدع دينيــة وعقائديــة مــن مذاهــب شــتى‪ ،‬بــل وملــا‬ ‫قبلــوا وتعايشــوا ـ وبإق ـرار تــام ـ مــع خلفــاء وأم ـراء‬ ‫ووزراء وســاطني وذوي مناصــب رفيعــة يف أعــى‬ ‫ســلم اإلدارات مــع املخالــف عقائديــاً كالطوائــف‬ ‫األخــرى‪ ،‬والتــي كان يُســمح لهــا‪ ،‬يف موضــع التقابــل‬ ‫والتفاضــل بينهــا وبــن أهــل الســنة والجامعــة مــن‬ ‫املســلمني‪ ،‬أن تكــون يف مواقــع الســلطة والحكــم‪،‬‬ ‫لكنهــا ليســت يف املوضــع الــذي يســمح لهــا أن تكون‪،‬‬ ‫وبنفــس الســهولة يف موضــع الديــن ومرجعياتــه‪ .‬إن‬ ‫الفصــل كان ـ ومــا ي ـزال ـ واضح ـاً‪ ..‬فالســلطان شــأن‬ ‫مــن شــؤون الدنيــا‪ ،‬يتعاقــب عليه املســلم واملســيحي‬ ‫واليهــودي والشــيعي واإلســاعييل‪ ..‬أمــا الديــن فهــو‬ ‫شــأن مــن شــؤون املســلمني وحدهــم‪.‬‬ ‫رأي بــأن‬ ‫ال أريــد أن يُحكــم عــى مــا تقــدم مــن ٍ‬ ‫الســلطة والحكــم ليــس لهــا أيــة مرجعيــة يف النــص‬ ‫الدينــي (= القــرآن والســنة)‪ ،‬بــل وليــس لهــا أيــة‬ ‫مرجعيــة حتــى يف النــص القيــايس (= رأي العلــاء‬ ‫واجتهادهــم) إال يف حالــة واحــدة وتفصيــل واحــد‪:‬‬ ‫هــو أن يتعــارض املبــدأ الــذي تقــوم عليــه «الجامعــة‬ ‫اإلســامية» مــع املبــدأ الــذي يقــوم عليــه الســلطان‬ ‫(= الســلطة‪ ،‬الحكومــة‪ ،‬الخالفــة‪ ،‬ســمها مــا شــئت‪،)..‬‬ ‫وهــو مبــدأ دقيــق يقــوم عــى أن يحفــظ الثــاين حــد‬ ‫األول فــا يفســده‪ ،‬وأن يقومــا معـاً عــى حســن جــوا ٍر‬ ‫ووفــاق بينهــا ال يفســده أي اعتــداء وخــرق هدنــة‬ ‫مــن أي طــرف مــن الطرفــن‪ ..‬هــذا املبــدأ بقــدر مــا‬ ‫كان مفهومـاً ومتســعاً يف بداهــة كل املســلمني خــال‬ ‫الخمســة عــر قرنـاً املنرصمــة بقــدر مــا بــات ضيقـاً‬ ‫ومحصــورا ً بفهــم مخصــوص بــه خــال القــرن املــايض‪،‬‬ ‫القــرن العرشيــن‪ .‬وهــو أمــر ميكننــا فهمــه إذا ق َّدرنــا‬ ‫أن املســلمني‪ ،‬شــأنهم شــأن بقيــة الشــعوب وبقيــة‬ ‫أمــم األرض األخــرى‪ ،‬راحــوا يطــورون مفاهيــم الهويــة‬ ‫الخاصــة والــذات القوميــة املاميــزة واملخالفــة‪،‬‬ ‫مــع مفاهيــم الدولــة الحديثــة والكثــرة‪ ،‬والســلطة‬ ‫واإلدارة الحديثــة التــي أشــعلت حريقهــا الثــورات‬ ‫التحرريــة منــذ عــر النهضــة حتــى عــر الحداثــة‬ ‫الــذي نعيشــه‪ ،‬مــرورا ً بعــر مــا بعــد الحداثــة الــذي‬ ‫نعيــش إرهاصاتــه وبداياتــه‪ ..‬إننــا ـ حــن نتنــاول‬ ‫مفهومـاً مخصوصـاً لدولــة إســامية مبعايــر محــددة ـ‬ ‫والحــال كذلــك‪ ،‬نتحــدث (عــن فلســفة وفكــر)‪ ..‬ومــن‬ ‫حــق كل إنســان أن يــديل برأيــه‪ ،‬وأن يشــارك بعقلــه‬ ‫يف وجهــة النظــر التــي يراهــا فيــا يختــص بالســلطة‬ ‫والحكــم‪ ،‬وهــو حــق مكفــول لفولتــر مثلــا هــو حــق‬

‫مكفــول لســيد قطــب‪ ..‬ومــن كفالــة حريــة الــرأي‬ ‫لوجهــة نظــر مــا أن يــرى مــا يــرى بوصفــه (فك ـرا ً)‬ ‫ال بوصفــه (دينـاً)‪ ..‬فكيــف أحكمــت وجهــات النظــر‬ ‫وبضعــة آراء ملفكريــن مســلمني أدواتهــا وعدتهــا يف‬ ‫إحــداث هــذا اإلنقــاب العمــودي يف التفكــر والعقــل‬ ‫اإلســامي‪..‬؟ هــل نجحــت حزمــة مــن األفــكار‬ ‫واملبــادىء واآلراء حــول مفهــوم الدولــة ومعناهــا يف‬ ‫تثبيــت وترســيخ فكــرة أن (الدولــة اإلســامية) رضورة‬ ‫مــن رضورات الديــن‪ ،‬شــأنها شــأن الصــاة والصــوم‪،‬‬ ‫واإلميــان بهــا يعــدل اإلميــان باملالئكــة واليــوم اآلخــر‪،‬‬ ‫بهــذه الخفــة والبســاطة دون أي اســتعانة بإقحــام‬ ‫أي مفهــوم ( َعقــدي) ميكنــه أن يضفــي عــى الفكــرة‬ ‫هالــة مــن القداســة‪..‬؟ كان مــن املشــكوك بــه أص ـاً‬ ‫أن تنجــح املحاولــة ـ محاولــة اإلنقــاب الــذي خدمتــه‬ ‫الــدالالت اللغويــة أكــر مــا خدمتــه مفاهيــم‬ ‫إســامية قاطعــة لهــا معنــى إعتقــادي ـ وال أن يُكتــب‬ ‫لهــا أي نصيــب مــن النجــاح لــوال أن تــم إقحــام‬ ‫عنــر جديــد‪ ..‬أكــر تثويـرا ً وتطويـرا ً للفكــرة‪ ،‬بحيــث‬ ‫أن مفهــوم الدولــة اإلســامية كلــه مــا كان إال الشــكل‪/‬‬ ‫القالــب‪ ،‬الــذي اكتمــل امتــاؤه بذلــك املضمــون ذي‬ ‫الجاذبيــة القدســية التــي ال تقــا َوم‪ ،‬والــذي حســم‬ ‫نجــاح مــروع التفكــر اإلنقــايب اإلســامي مبزيــد‬ ‫مــن الحرفيــة‪ ..‬هــذا املفهــوم املعتقــدي الــذي أُقحــم‬ ‫ـ أو اقتحــم الفكــرة ـ هــو مفهــوم «الجامعــة»‪..‬‬ ‫الجامعة‪:‬‬ ‫مــن خــال حزمــة كل النصــوص اإلســامية يف‬ ‫القــرآن والســنة‪ ،‬وكأن مثــة توأمــة بــن نســقني مــن‬ ‫الفهــم‪ :‬األول لغــوي رصف‪ ،‬والثــاين عقيــدي رصف‪..‬‬ ‫ويتعــذر فهمهــا معـاً يف منظــور واحــد مــا مل يتجــرأ‬ ‫أحــ ٌد مــا عــى أن يقــوم بعمليــة تلبيــس واحتيــال‬ ‫ٍ‬ ‫مســتحدث‬ ‫عــى األفهــام‪ ،‬بغيــة توريطهــا يف فهــمٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫غــرض‬ ‫ومســتولد للمفاهيــم مــن أجــل حاجــ ٍة أو‬ ‫ـوص‪ ..‬غـ ٍ‬ ‫مخصـ ٍ‬ ‫ـرض يســتثمر مفــردات العقيــدة وهــو‬ ‫يعمــل مــن خارجهــا ـ ســهوا ً أو قصــدا ً ـ ‪ ..‬أمــا مــا‬ ‫تــر ُّده معــاين ودالالت الكلمــة فإنهــا‪ ،‬يف املــآل‪ ،‬ويف‬ ‫كل مــا يتحصــل مــن الفعــل أو‬ ‫الشــق اللغــوي‪ُّ ،‬‬ ‫املصــدر (جمــع ـ جميــع ـ مجمــوع ـ جمــع ‪..‬الــخ‬ ‫‪ .)..‬فمحصلــة املصطلــح ســوف تــرف املعنــى عــن‬ ‫كل مــا لــه يف األذهــان مــن غايــة تــؤدي إىل التفــرق‬ ‫املجتمعــي (واإلنســاين باملعنــى العــام) وهــي غايــات‬ ‫موكولــة يف رشوطهــا إىل حفــظ الغايــات األربــع‪:‬‬ ‫(حفــظ الديــن والنفــس وال ِعــرض واملــال)‪ ..‬ولنســمها‬ ‫مبدئيــاً‪ ،‬واصطالحــاً‪ ،‬بـ»الحقــوق املطلقــة»‪ ..‬هــذه‬ ‫الحقــوق املطلقــة هــي وســائل وغايــات يف الوقــت‬ ‫نفســه‪ :‬وســائل تحفــظ حــق غريهــا يف الديــن‬ ‫والنفــس والعــرض واملــال‪ ،‬وغايــات تطالــب غريهــا‪،‬‬ ‫مبــا بــات حقــاً رصفــاً لهــا‪ ،‬أن يحفظهــا باعتبارهــا‬ ‫أوجــب الواجبــات ‪ .‬فــإذا انســجم الفــرد ـ عــى هــذا‬ ‫الــرط ـ مــع املجمــوع حقــق رشط (الجامعــة)‬ ‫وانتــاءه إليهــا‪ ..‬أمــا إذا أخـ َّـل بـ ٍ‬ ‫ـرط مــن رشوطهــا‬ ‫فقــد أخـ َّـل بــكل رشط مــن رشوط (الجامعــة) ونقــض‬ ‫عهدهــا‪ ،‬وبالتــايل دخــل يف مبــدأ جديــد هــو (إحــداث‬ ‫الفتنــة) التــي توجــب التصــدي واملبــادرة بالهجــوم أو‬ ‫الدفــاع حفظـاً للفــرد واملجمــوع‪ ،‬أي التامسـاً لواجــب‬ ‫حاميــة (مفهــوم الجامعــة)‪ ،‬والــذي يشــرط مضمونــه‬ ‫تحقيــق الســام والوئــام داخــل املجمــوع اإلســامي‪،‬‬ ‫ومتاســك املجتمــع عــى هــذا األســاس‪ ،‬ولــزوم اإلقـرار‬ ‫باالنتــاء لجامعــة املســلمني عــى هــذا الــرط‪.‬‬ ‫تحــت هــذا املعنــى‪ ،‬ومــن أجلــه‪ ،‬ســن اإلســام رشعــة‬ ‫الجهــاد لغايــة واحــدة‪ ،‬ومــن أجــل قصــد وهــدف‬ ‫واحـ ٍـد ال غــر‪ :‬وهــو درء الفتنــة أو التصــدي لهــا أو‬ ‫نزعهــا‪ ..‬والفتنــة كلمــة ال معنــى لهــا خــارج هــذه‬ ‫املطلقــات األربعــة‪( :‬حفــظ الديــن والنفــس والعــرض‬

‫واملــال)‪ ..‬مــن هنــا اقرتنــت معظــم آيــات الجهــاد‬ ‫والقتــال بســببية نــزع الفتنــة‪( :‬وقاتلوهــم حتــى ال‬ ‫تكــون فتنــة ويكــون الديــن للــه)‪ ..‬أمــا أن يكــون‬ ‫شــكل القتــال وهيئــة إعــداده وتفاصيلــه هجومــاً‬ ‫أو دفاعــاً أو فتحــاً‪ ،‬أو مــا شــئت مــن مســميات‪..‬‬ ‫فهــذا كلــه يخضــع لالجتهــاد البــري‪ ،‬أو مــا ميكــن‬ ‫أن نســميهم قــادة املجتمــع والقامئــن عليــه أوعــى‬ ‫الدفــاع عنــه‪.‬‬ ‫إذن‪ ..‬ليــس الجهــاد يف اإلســام حالــة قتاليــة مفتوحــة‬ ‫بــدون ضوابــط‪ ،‬وانفتاح ـاً عــى قتــال اآلخــر ـ ســوا ًء‬ ‫كان مســلامً أو غــر مســلم ـ بإطــاق الحالــة‪ ..‬هــذا يف‬ ‫املعنــى الدينــي «معتقــد»‪ ..‬أمــا يف املعنــى الســيايس‬ ‫التوســعي‪ ،‬والخاضــع ألهــواء االمتــاك والســطوة‬ ‫واألطــاع البرشيــة فهــو شــأن آخــر ال عالقــة لــه‬ ‫مبوضوعنــا‪ ،‬وليــس موضــع نقاشــنا يف مــا نحــن فيــه‪..‬‬ ‫الجهــاد إذن‪ :‬نصـاً هــو مفهــوم عقيــدي هدفــه حامية‬ ‫الجامعــة هجومــاً أو دفاعــاً‪ ،‬والجامعــة هــي ذلــك‬ ‫الوئــام الــرف‪ ،‬والســام غــر املــروط الضامــن‬ ‫للديــن والنفــس والعــرض واملــال‪ .‬وليــس وراء ذلــك‬ ‫أي معنــى للجامعــة‪ ،‬وليــس وراء ذلــك أي هــدف‬ ‫للجهــاد‪ ..‬ولقــد اشــتغل العلــاء املســلمون عــى‬ ‫إمتــام ضبــط الحــدود التفاضليــة يف املصالــح واملفاســد‬ ‫حســب األوىل‪ ،‬واألقــل يف ســلم الخســائر واملرابــح‪،‬‬ ‫وذلــك عــر قواعــد أصوليــة ثابتــة وصارمــة‪ ،‬تصلــح‬ ‫العقيــدة وتحفــظ الرشيعــة مبــا هــي مصلحــة مرســلة‬ ‫هدفهــا إعــار األرض وضبــط حاجــات النفــس ومــا‬ ‫فيــه قــوام حيــوات البــر جميعــاً‪ ،‬مســلمني وغــر‬ ‫مســلمني‪ ..‬وهــذه القواعــد هــي حســب التسلســل‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ ال رضر وال رضار‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ الرضر يزال‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ إذا تعارضــت مفســدتان ُروعــي أش ـ ُّدهام باتبــاع‬ ‫أخفهــا رضرا ً‪..‬‬ ‫فكيــف تــم االتفــاق عــى مفهــوم الجامعــة‪ ،‬ونقلــه‬ ‫ـوم ســيايس‬ ‫وانتزاعــه مــن ســياقه (املعتقــدي) إىل مفهـ ٍ‬ ‫يعنــي مــا تعنيــه الحاجــة الدنيويــة حــن تســتخدم‬ ‫الديــن ألغراضهــا الخالصــة‪ ،‬ويُلَ ِّبــس عــى عــوام‬ ‫املســلمني وجهلتهــم مبصطلحــات الديــن والــرع‬ ‫تلبيس ـاً يــؤدي بالفهــم إىل أن الجامعــة هــي تجمــع‬ ‫(مجمــوع مــن النــاس عــى هــدف ســيايس يدعــي‬ ‫أنــه هــو اإلســام واملســلمني‪ ،‬أو أنــه هــو جامعــة‬ ‫املســلمني‪ ،‬أو أنــه هــو النــواة املرشوعيــة لجامعــة‬ ‫املســلمني)‪..‬؟ كيــف نجــح هــذا اإلنقــاب الجــذري‬ ‫يف مفاهيــم اإلســام‪..‬؟ وهــل الجامعــات اإلســامية‬ ‫املوجــودة عــى ســطح الكــرة األرضيــة كلهــا هــي‬ ‫جامعــة إســامية (إحداهــا أو كلهــا مجتمعــة)‪..‬؟‬ ‫وبــأي معنــى ميكنهــا أن تكــون كذلــك‪..‬؟ هل اإلنســان‬ ‫البســيط الــذي يقطــن يف بقعــة مــن بقــاع األرض هــو‬ ‫خــارج (جامعــة املســلمني) ملجــرد أنــه مل يســم ْع أو مل‬ ‫ينتــمِ ألي تنظيــمٍ مــن تنظيــات اإلســام الســيايس‪..‬؟‬ ‫ســوف نصــل مــن خــال هــذه األســئلة إىل املفــاد‬ ‫التــايل‪ :‬هــل الجامعــة (جامعــة املســلمني) هــي‬ ‫حالــة معتقديــة (كــا رشحناهــا فيــا ســبق‪ ،‬تعنــي‬ ‫وئــام املجتمــع وســامه وحفــظ مطلقاتــه يف الديــن‬ ‫والنفــس والعــرض واملــال) أم هــي (ت ّجمــع ألشــخاص‬ ‫مــن املســلمني‪ ،‬ي ّدعــون هــم أنهــم جامعــة املســلمني‪،‬‬ ‫ـي‪ ،‬ومــا يرونــه حقـاً‬ ‫وأم ُرهــم ونه ُيهــم هــو األمــر والنهـ ُ‬ ‫وصدقـاً هــو الحــق والصــدق‪..‬؟ ومــا يرونــه باطـاً هو‬ ‫الباطــل والضــال‪..‬؟ باختصــار نقــول‪ :‬عــى كل تجمــع‬ ‫أو تنظيــم أو تكتــل إســامي‪ ،‬وتحــت أي مســمى كان‪،‬‬ ‫أن يجيــب املســلمني جميع ـاً عــى الســؤال التــايل‪:‬‬ ‫ـ هــل أنتــم جامعــ ُة املســلمني‪..‬؟ أم أنتــم جامعــ ٌة‬ ‫مــن املســلمني‪..‬؟ وبنــا ًء عــى الجــواب ســوف نبنــي‬ ‫الحقائــق الجديــدة عــى مــا تقــدم‪..‬‬

‫‪9‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫تعديالت جذرية وإعادة‬ ‫االعتبار للمهمش‬

‫الشاوي الضليل‬

‫أعتقــد أن رســالة جميــس بلفــور بتاريــخ ‪/2‬نوفمــر‪ ،1917/‬واملوجهة‬ ‫إىل اللــورد روتشــيلد‪ ،‬واملعروفــة بوعــد بلفــور‪ ،‬هــي اإلعالن الرســمي‬ ‫عــن بــدء عمليــات تنفيــذ التفاهــم الــري‪ ،‬املعــروف باتفاقيــة‬ ‫ســايكس بيكــو (‪ )1916‬التــي أنتجــت مــا تــم اصطالحــه بــدول‬ ‫الــرق األوســط املعــارصة‪ .‬مــى مــا يقــارب القــرن عــى اســتقرار‬ ‫هــذا التقســيم امل ُعـ ّرف‪ ،‬وامل ُقيّــد باتفاقــات أمميــة‪ ،‬وبضامنــة األمــم‬ ‫املتحــدة ومجلــس أمنهــا‪ ،‬والــذي ُدعــم باتفاقيــة يالطــا بعــد الحــرب‬ ‫العامليــة الثانيــة (‪ ،)1945‬وكان هــذا الــرق األوســط نتيجــة النهيــار‬ ‫اإلمرباطوريــة العثامنيــة‪ ،‬الــذي رافــق انتصــار الثــورة الشــيوعية يف‬ ‫روســيا القيرصيــة‪.‬‬ ‫إن هــذا الــرق األوســط قــد أدى أدواره الوظيفيــة (سياســياً‬ ‫وأيديولوجي ـاً واقتصادي ـاً) بــكل أمانــة وإخــاص‪ ،‬وذلــك بتوظيــف‬ ‫مــوارده البرشيــة املتخلفــة‪ ،‬وثرواتــه النفطيــة‪ ،‬وموقعه الجيوســيايس‬ ‫إبــان الحــرب البــاردة‪ ،‬وحــروب الوكالــة الطرفيــة التــي أرهقــت‬ ‫اإلمرباطوريــة الســوفيتية‪ ،‬أعتقــد أن انهيــار اإلمرباطورية الســوفيتية‪،‬‬ ‫واســتقالل الكثــر مــن دولــه‪ ،‬وخصوصــاً الجنوبيــة ذات الغالبيــة‬ ‫املســلمة‪ ،‬والقوميــات املتعــددة املهمشــة تاريخيـاً‪ ،‬والغنيــة باملــوارد‬ ‫النفطيــة والباطنيــة‪ ،‬قــد خلــق فراغ ـاً اس ـراتيجياً مل يُشــغل‪ ،‬وهــذا‬ ‫يطــرح تحديــات اإلمــاء‪ ،‬التــي تصــدت مراكــز البحــث الدوليــة‬ ‫واألمريكيــة بشــكل أخــص لهــا‪ ،‬والتــي متحــورت حــول خياريــن‪:‬‬ ‫‪ -1‬تقويــة الحلفــاء الوظيفيــن‪ ،‬ومســاندتهم يف تطويــر بلدانهــم‪،‬‬ ‫وآليــات اســتمرارهم‪ ،‬كنظــم مســتقرة‪ ،‬لكــن هــذا الخيــار مخاطــره‬ ‫كثــرة‪ ،‬منهــا تعزيــز اســتقالل القــرار الوطنــي‪ ،‬وانتشــار رقابــة‬ ‫الشــعوب عــى هــذه النظــم‪ ،‬وهــذا يعنــي القبــول بالرشاكــة مــع‬ ‫أتبــاع‪ ،‬وقــد ترقــى بعــض هــذه الــدول إىل مراتــب الرشاكــة الكاملــة‪.‬‬ ‫‪ -2‬إعــادة االعتبــار للجامعــات‪ ،‬والشــعوب التــي أهملتهــا اتفاقيــة‬ ‫ســايكس بيكــو‪ ،‬ألن إهاملهــم املتعمــد كان يخــدم بقــاء دول الــرق‬ ‫األوســط تحــت الســيطرة‪ ،‬وألن الغــرب الــذي تتزعمــه أمريــكا‪،‬‬ ‫اســتخدم هــذه الجامعــات والشــعوب كأداة ضغــط دائــم‪ ،‬ومســتمر‬ ‫يف جعــل دول الــرق األوســط مطواعــة لــكل السياســات األمريكية‪،‬‬ ‫وحــارس ملصالحهــا يف املنطقــة‪ ،‬ألن حقــوق هــذه الجامعــات‬ ‫والشــعوب كانــت تلــك العصــا الغليظــة التــي تهــدد بتفكيــك‬ ‫كياناتهــم إىل مكوناتهــا‪ ،‬النافيــة للتعايــش‪ ،‬والتســليم بالتنــوع تحــت‬ ‫دعــاوى عقيديــة أو قوميــة‪.‬‬ ‫أعتقــد أن إعــان التحالــف الــدويل الحــرب عــى اإلرهــاب‪ ،‬املعــادل‬ ‫لرســالة بلفــور إىل روتشــليد‪ ،‬واإلعــان الرســمي لبــدء تنفيــذ الخيــار‬ ‫الثــاين‪ ،‬الــذي كان خيــارا ً موضوعيــاً الســتمرار هيمنــة أمريــكا‬ ‫عــى العــامل‪ ،‬وقــد وضعــت كل االحتــاالت قيــد البحــث وتنفيــذ‬ ‫خارطــة طريــق‪ ،‬إلعــادة االعتبــار للجامعــات املهمشــة‪ ،‬والتأســيس‬ ‫لكيانــات عرقيــة شــبه صافيــة‪ ،‬أو طائفيــة‪ ،‬تعيــش كل منهــا وســط‬ ‫كيانــات معاديــة‪ ،‬تنازعهــا التاريــخ والجغرافيــة‪ ،‬تنغلــق كل منهــا‬ ‫أمــام الكيانــات املجــاورة‪ ،‬كخيــار وجــودي‪ ،‬يجربهــا أن تكــون مجــرد‬ ‫جــرم تابــع للشــمس األمريكيــة‪ ،‬وألن العنــف ســمة تاريخيــة‪ ،‬يف‬ ‫نشــوء الــدول والكيانــات‪ ،‬اســتخدم املخططــون أدوات مطــورة مــن‬ ‫العنــف‪ ،‬اصطلــح عليهــا تســمية اإلرهــاب‪ ،‬وقــد ســاعدوا معظــم‬ ‫التنظيــات املتطرفــة‪ ،‬عــى فــرض أيديولوجياتهــا الدينيــة أو القومية‬ ‫أو الطائفيــة داخــل الديــن الواحــد عــى مجتمعاتهــم املهمشــة‪،‬‬ ‫ألن ذلــك يعفيهــم مــن املســؤوليات األخالقيــة أمــام مجتمعاتهــم‪،‬‬ ‫باعتبــار هــذه التنظيــات تشــكل خطــرا ً عــى منــط حيواتهــم‪،‬‬ ‫وشــيطنتهم بوصفهــم حراسـاً لبوابــات الجحيــم‪ ،‬لذلــك تتبــارى هذه‬ ‫التنظيــات إىل مامرســة العنــف تجــاه اآلخــر املختلــف (ديني ـاً أو‬ ‫قوميـاً أو طائفيـاً أو مقاومـاً ملرشوعهــا)‪ ،‬بأشــكال مل يعهدهــا البــر‪،‬‬ ‫(كــا تفعــل الطوائــف يف ســورية والع ـراق‪ ،‬أو مــا يفعلــه داعــش‬ ‫تجــاه الكــورد‪ ،‬ومــا يفعلــه الكــورد تجــاه ســكان املناطــق املختلطــة‬ ‫والغنيــة بالنفــط)‪ ،‬وهــذا العنــف املصنــف إرهابــاً‪ ،‬يعتــر اآلليــة‬ ‫التنفيذيــة األهــم يف رســم حــدود هــذه الكيانــات‪ ،‬واملؤســس لثارات‬ ‫وعــداوات بينهــا‪ ،‬ال ميكــن إيجــاد أو اجـراح مصالحــات ممكنــة بــن‬ ‫هــذه الكيانــات لعقــود طويلــة قــد متتــد إىل قــرن مــن الزمــن‪ ،‬ومــن‬ ‫ذلــك أعتقــد أن الــرق األوســط الجديــد‪ ،‬ســتكون دولــه مؤسســة‬ ‫عــى النقــاء العرقــي أو الدينــي أو الطائفــي‪ ،‬أيديولوجياتهــا عدائيــة‬ ‫ومتوحشــة‪ ،‬وأنــه ســيبقى بــؤرة رصاع دائــم ومســتمر‪ ،‬تســتنزف‬ ‫مــوارده لصالــح املركــز الــذي يرعــى اســتمرار هــذه الكيانــات‪،‬‬ ‫وعــى ذلــك ميكننــا أن نظيــف عــى مقولــة كالوزوفتــز «الحــرب‬ ‫سياســة بوســائل عنيفــة» جملــة أخــرى «اإلرهــاب وســيلة سياســية‬ ‫لتكريــس املصالــح وحاميتهــا»‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫أسعد فخري‬ ‫مثــة العديــد مــن األعــال الروائية الســورية‬ ‫التــي تعرضــت‪ ،‬وبصــور مختلفــة للثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬حيــث امتلكــت تلــك األعــال مــن‬ ‫الجــرأة‪ ،‬واملغامــرة مــا يخولهــا لتأثيــث أبعــاد‬ ‫جديــدة حاولــت مــن خاللهــا ترسيــد الوقائــع‪،‬‬ ‫والحكايــات‪ ،‬وفــق مــا يجــري مــن تحــوالت‬ ‫داخــل معــرك حــراك الثــورة وتداخالتهــا‪،‬‬ ‫رهانــاً منهــا عــى امتصــاص الحالــة التوثيقيــة‬ ‫للوقائــع‪ ،‬واالشــتغال عليهــا كمقاربــة للبعــد‬ ‫الــردي الــذي يحتاجــه العمــل الــروايئ‪ ،‬وذلــك‬ ‫للخــروج مــن عنــق زجاجــة التوثيــق‪ ،‬والتخلــص‬ ‫مــن مقــرة التأريــخ الــذي أصبــح بعــدا ً جديــدا ً‬ ‫اجتــاح أغلــب األعــال الروائيــة التــي واكبــت‬ ‫مــا يدعــى بروايــة الثــورة الســورية‪.‬‬ ‫وهنــا تظهــر املقايســة التأريخيــة يف املنجــز‬ ‫الــروايئ الــذي يتصــدى ملهمــة شــائكة‪ ،‬مركبــة‬ ‫األبعــاد والتحصيــات‪ ،‬يف الوقــت الــذي ال بــد‬ ‫عــى الــروايئ أن يكتــب مرشوعــه الــردي‪،‬‬ ‫بــأدوات الــروايئ‪ ،‬وليــس البتــة‪ ،‬بــأدوات املــؤرخ‬ ‫الــذي يراكــم مقاربــات الوقائــع الذاكريــة‪،‬‬ ‫واملشــاهد اليوميــة‪ ،‬والكثــر مــن األحــداث‬ ‫الشــفوية لتأثيــث البعــد االســتنتاجي مــن خــال‬ ‫تربيــط صــارم‪ ،‬ونقــل دقيــق يعتمــد الوصــف‬ ‫(الفوتوغـرايف) بعيــدا ً عــن لعبــة االســتلهام التــي‬ ‫تحتــاج أدوات التعبــر‪ ،‬واالســتغراقات املجازيــة‪،‬‬ ‫كــرط يتطلبــه ترسيــد الحكايــة الروائيــة‪،‬‬ ‫ودافعيــة تنميــة‪ ،‬وبنــاء الشــخوص داخــل متــون‬ ‫املنجــز الــروايئ‪.‬‬ ‫تــأيت أهميــة تقــري روايــة راهــن الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬كقطــاف مبكــر‪ ،‬ملنجــز حــاول‬ ‫امتصــاص التوثيــق دون أن يحــرز تحصيــات‬ ‫أبعــاد‪ ،‬ورضورات اســتلهامه‪ ،‬كمعادلــة تحمــل‬ ‫يف طياتهــا الكثــر مــن املفاعيــل الرسديــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫مــا يدفعنــا للســؤال مــن جديــد‪ :‬هــل قــدم‬ ‫املنجــز الــروايئ الراهــن للثــورة مــا يضاهــي مــا‬ ‫قدمتــه الثــورة لــه؟‪.‬‬ ‫ولــي نحــدد معــامل محاولــة اإلجابــة عــى‬ ‫ذلــك الســؤال الهــام‪ ،‬البــد أن ننظــر ونتقــرى‬ ‫يف البعــض مــن تلــك األعــال الروايــة التــي‬ ‫واكبــت قيــام الثــورة‪ ،‬حيــث ظهــرت العديــد‬ ‫مــن األعــال الروائيــة املتباينــة كــا هــي‬ ‫تجربــة عدنــان فــرزات يف روايتيــه (كان الرئيــس‬ ‫صديقــي‪ ،‬ورأس الرجــل الكبــر) أمــا روايــة‬ ‫(قهــوة الجـرال) لغســان جباعــي فإنهــا الروايــة‬ ‫األكــر فنتازيــا‪ ،‬واألكــر تجريــدا ً حيــث طغــى‬ ‫عــى مشــاهدها الرسديــة الحضــور املرسحــي‬ ‫الالفــت يف الحــوار بتفاصيلــه الدقيقــة‪ ،‬وكذلــك‬ ‫كثافــة البعــد الســري‪ ،‬وتشــكيالته العديــدة‬ ‫لتبقــى الروايــة رهينــة تجربــة ســرية بحتــة‪ ،‬تــم‬ ‫االشــتغال عــى روينتهــا‪ ،‬فغرقــت يف املبــارشة‪،‬‬ ‫والوصــف‪.‬‬ ‫أمــا األعــال الروائيــة التــي حاولــت أن تحافــظ‬ ‫عــى رسودهــا الروائيــة‪ ،‬فهــي األخــرى مل تتمكن‬ ‫مــن التخلــص مــن هاجس الســرية‪ ،‬ووسواســها‪،‬‬ ‫ولــي ندلــل عــى تلــك املعايــر‪ ،‬آثرنــا تقــري‬ ‫عملــن لهــا أهميتهــا يف أدب الثورة الســورية‪،‬‬ ‫ويُعــدان مــن األعــال التــي تشــر بشــكل ال‬ ‫يقبــل الشــك‪ ،‬عــى حــال االنهيــار الــكاريث الــذي‬ ‫وصــل اليــه مــا يدعــى بــأدب الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫ومنجزهــا اإلبداعــي املواكــب‪ ،‬وهــا‪( :‬تقاطــع‬ ‫نــران) لســمر يزبــك ـ دار اآلداب بــروت ط‪1‬‬ ‫‪ 2012‬و(قميــص الليــل) لسوســن حســن ـ دار‬ ‫نــون ط‪ 1‬اإلمــارات العربيــة املتحــدة ‪.2014‬‬ ‫والحقيقــة أن العملــن مثــار أســئلة كبــرة‪،‬‬ ‫منهــا مــا يتعلــق مبفاعيــل الكتابــة الروائيــة‪،‬‬ ‫واســتخالص االنتهاجــات الرسديــة املختلفــة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫التــي ال تقيــم لرصانــة الســياق الــروايئ‪،‬‬ ‫واشــراطاته مكانتــه الالئقــة‪ ،‬كذلــك تَعجلهــا‬ ‫البائــن يف الت َح ّصــل عــى رؤيــة‪ ،‬مل ت ُن ِجــز مهــام‬ ‫أبعادهــا‪ ،‬وأهدافهــا‪ ،‬وذلــك مــا دفعنــا لتقريهام‪،‬‬ ‫محاولــة منــا للتعــرف عــى مفهومــن جديديــن‪،‬‬ ‫بــدأت ظهوراتهــا يف املشــهد الــروايئ الســوري‪،‬‬ ‫املواكــب للثــورة هــا (روينــة الســرة‪ ،‬وســرنة‬ ‫الروايــة)‪.‬‬ ‫واختيارنــا ملنجزيــن رسديــن مــن هــذا الط ـراز‬ ‫يعــود لجملــة مــن االعتبــارات الفنيــة‪ ،‬فهــا‬ ‫عمــان ينتميــان لــذات الجنــس الــروايئ‪،‬‬ ‫واشــتغالهام مل يلبــث يقــرب أو يبتعــد يف‬ ‫مفاعيلــه عــن الــدوران يف فلــك الروينــة‪ ،‬أو‬ ‫الســرنة كــا هــي الحــال يف منجــز ســمر يزبــك‬ ‫(تقاطــع نــران) والتــي اعتزمــت أن تجعلــه‬ ‫شــاهدا ً حقيقي ـاً‪ ،‬وســرياً عــى مــا يجــري مــن‬ ‫وقائــع يف الثــورة الســورية حيــث لهــث املنجــز‬ ‫بتوثيقاتــه خلــف إيقــاع روايئ‪ ،‬خذلتــه املعطيات‬ ‫الضحلــة‪ ،‬واملفككــة‪ ،‬لنثــار مــن الســرة الذاتيــة‪،‬‬ ‫والتجربــة الشــخصية يف امتــاك ناصيــة الــرد‬ ‫الــروايئ‪ ،‬مــا جعــل منجــز تقاطــع نـران يلملــم‬

‫خيــوط املأســاة الســورية يف يوميــات أصابهــا‬ ‫التكـرار الصــادم‪ ،‬وبــدت أشــبه مبرصد ال يســتقر‬ ‫عــى هــدف‪ ،‬نتحصــل مــن خاللــه‪ ،‬التعــرف‬ ‫عــى األبعــاد التــي ينشــدها‪ ،‬جــراء تِطوافــه‬ ‫العشــوايئ واملبعــر‪ ،‬وذلــك مــا دفــع الروائيــة‬ ‫ســمر يزبــك لوصــف انجازهــا‪ ،‬بـ(مــن يوميــات‬ ‫الثــورة الســورية) وقــد اســتخدمت مــن خاللهــا‬ ‫العديــد مــن املواربــات‪ ،‬دون أن تتخلــص مــن‬ ‫إطالالتهــا الروائيــة بــن الفينــة واألخــرى‪.‬‬ ‫يف تقاطــع نــران مثــة خيــط يربــط الســياق‪،‬‬ ‫عــر مجموعــة مــن القصــص امل ُر ّوعــة‪ ،‬ومــن‬ ‫خــال نســيج حــكايئ غــر متجانــس يف تالوينــه‪،‬‬ ‫فاملشــهدية يف اســتمرار (الحــي) ثابتــة‪ ،‬وســاكنة‬ ‫تركــن يف حراكهــا الــردي إىل رتابــة اإليقــاع‬ ‫يف أناشــيد أقاصيــص التوثيــق‪ ،‬التــي بــدت‬ ‫الهاجــس األهــم واملركــزي‪ ،‬يف يوميــات تقاطــع‬ ‫نـران‪ ،‬حيــت ت ُضَ ــخ املــرودات الشــاهدية عىل‬ ‫هيئــة َم ْرويّــات منتقــات‪ ،‬حاولــت عربهــا ســمر‬ ‫ـر املعلــوم عــى املجهــول يف تلــك‬ ‫يزبــك أن تَقـ ُ‬ ‫الوقائــع‪ ،‬وذلــك لتســويغ إحــداث الصدمــة لدى‬ ‫القــارئ‪ ،‬وجذبــه‪ ،‬وإدخالــه إىل متاهــة الرعــب‬ ‫التــي أرادت أن تحقــق لهــا حضــورا ً خاصــاً يف‬ ‫يومياتهــا‪.‬‬ ‫يف مفتتــح يوميــات الثــورة الســوية‪ ،‬تقــول ســمر‬ ‫يزبــك (هــذه األوراق ليســت توثيقــاً مبــارشا ً‬ ‫إنهــا مجــرد أوراق اســتعنت بهــا يف أيامــي عــى‬ ‫مواجهــة الخــوف والذعــر‪ ،‬وكذلــك مــراودة‬ ‫األمــل‪ ،‬لكنهــا كتابــة حقيقيــة واقعيــة وال متــت‬ ‫للخيــال بصلــة) ص‪.7‬‬ ‫ذلــك مــا نســتدل مــن خاللــه عــى مــا أرادتــه‬ ‫ســمر يزبــك يف يومياتهــا‪ ،‬لكنهــا يف اآلن ذاتــه‬ ‫نجدهــا تطــل بــرأس الروائيــة لتقــول‪( :‬كانــت‬ ‫لحظــة فقــط‪ ،‬رمبــا أكــر‪ ،‬لحظــة دفعــت فيهــا‬ ‫بجســدي نحــو حافــة الرشفــة‪ ،‬وصــار نصــف‬

‫جســدي معلقـاً يف الهــواء‪ ،‬كانــت لحظــة حريــة‬ ‫رائعــة‪ ،‬وشــفيفة مثــل طــران ال متناهــي‬ ‫ـي لكننــي مل أق ـ َو عــى‬ ‫الحــدود‪ ،‬أغمضــت عينـ ّ‬ ‫فــرد ذراعــي يف الهــواء‪ ،‬تخيلــت تلــك الرســوم‬ ‫الطائــرة التــي كانــت تأتينــي يف الحلــم بــن‬ ‫وقــت وآخــر) ص‪126‬‬ ‫األمثلــة عديــدة‪ ،‬وكثــرة حــن نريــد االســتغراق‬ ‫يف املقاربــة أكــر‪ ،‬لندلــل عــى أبعــاد روينــة‬ ‫الســرة داخــل متــون يوميــات ســمر يزبــك‪،‬‬ ‫وتقاطــع نريانهــا‪ ،‬وهــذا مــا يؤكــد مــا كنــا قــد‬ ‫ذهبنــا إليــه متقريــن العديــد مــن الحــاالت‬ ‫التــي كانــت تخفــي داخــل أبعادهــا التوثيقيــة‪،‬‬ ‫والتســجيلية‪ ،‬هاجــس الروايــة التــي ال تنفــك‬ ‫عــن إقـران الوقائــع بحــاالت ترسيديــة تبث من‬ ‫خاللهــا‪ ،‬مواربــات روائيــة إىل درجــة االع ـراف‬ ‫الرصيــح يف التعبــر‪ ،‬عــن مكامــن رغبتهــا‪،‬‬ ‫وهــي تقــول‪( :‬أفكــر أين روايــة حقيقيــة‪ ،‬وأن‬ ‫شــخوصها‪ ،‬ورسدهــا بحاجــة لرحابــة‪ ،‬وعمــق يف‬ ‫البنــاء‪ ،‬فأســتطيع التامســك‪ ،‬والصالبــة‪ ،‬وأمســك‬ ‫خيــوط حيــايت أكــر‪ ..‬ألننــي روائيــة أســتطيع‬ ‫أن أكــون أكــر رحابــة مــع نفــي‪ ،‬وخيــوط‬ ‫حيــايت املتشــابكة‪ ،‬والصعبــة الحــل‪ ،‬كنــت أديــر‬ ‫عقدهــا كــا أديــر دمــى متحركــة‪ ،‬لكــن الفــارق‬ ‫أين كنــت اللعبــة‪ ،‬والخيــوط‪ ،‬واليــد الغامضــة‬ ‫الكــرى املجهولــة) ص‪.110‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك ماهيــة الروينــة يف اإلســهاب‬ ‫الســري الــذي اتــكأت عليــه تقاطــع ن ـران يف‬ ‫مرجعيتهــا إىل الواقعــة املوصوفــة‪ ،‬وفــق معايــر‬ ‫ت ُ َح ّيـ ُد املخيــال يف ظواهــر التوثيق‪ ،‬والتســجيلية‪،‬‬ ‫وتنصــاع لرغبــة الروائيــة يف أن تكــون الروايــة‬ ‫ذاتهــا مــن خــال تقمصهــا‪ ،‬أي تقاطــع ن ـران‪،‬‬ ‫دور الســارد الشــاهد‪ ،‬واملوثــق املــؤرخ الــذي‬ ‫يريــد أن يحــدد مســارات األحــداث‪ ،‬ويصفهــا‬ ‫داخــل وجدانــه اإلنســاين‪ ،‬وهــذا مــا شــكل‬ ‫البعــد الحقيقــي لتداخــل الــروايئ حــن يســتذكر‬ ‫مــا جــرى لــه يف ذلــك اليــوم‪ ،‬أو مــا قبلــه‪ ،‬أو‬ ‫مــا بعــده‪ ،‬لتكــون بعدئــذ الحالــة الســرية‪ ،‬هــي‬ ‫األكــر صخبـاً‪ ،‬وحضــورا ً يف كتــاب تقاطــع نـران‬ ‫ســمر يزبــك الــذي مل يدخــر جهــدا ً يف توشــية‬ ‫معــامل وصــف وقائــع ومجريــات الثــورة يف‬ ‫شــهورها األوىل عــر مننــات حميميــة طالــت‬ ‫حيــاة ســمر يزبــك الشــخصية لتكــون الصــوت‬ ‫املنفــرد‪ ،‬والــذي وقــع عليــه العــبء األكــر يف‬ ‫تنســيق الوقائــع‪ ،‬والحكايــات املؤملــة‪.‬‬ ‫تنتهــي ســمر يزبــك مــن تقديــم شــهادات األمل‪،‬‬ ‫وصــور الــدم‪ ،‬والقتــل معلنــة عــن رحيلهــا إىل‬ ‫خــارج البــاد لتــرك كل يشء خلفهــا الحرائــق‬ ‫واملــوت والدمــار‪ ،‬وهــي تقــول‪( :‬أن النــار‬ ‫تطهــر‪ ،‬النــار تجلــو‪ ،‬النــار إمــا أن تحولــك إىل‬ ‫رمــاد أو تصقلــك) ص‪.302‬‬ ‫أمــا روايــة (قميــص الليــل) للروائيــة سوســن‬ ‫حســن‪ ،‬ففيهــا تحتشــد العديــد مــن األســئلة‬ ‫امللحــة لنتحصــل عــى أهــم ســؤال فيهــا‪( :‬كيــف‬ ‫ميكننــا التمســك بالفــن الــروايئ ومكونــات‬ ‫حضــوره حــن نريــد االشــتغال عــى الــرود‬ ‫الســرية مــن خلــف‪ ،‬كــا يســميها «جــرار‬ ‫جنيــت» وهــل مــن معطيــات تأثيثيــة يحتاجهــا‬ ‫العمــل الــروايئ ليحافــظ بــدوره عــى حالــة‬ ‫االنتــاء إىل جنســه األديب)؟‪.‬‬ ‫رمبــا مل تســتطع روايــة قميــص الليــل تحقيــق‬ ‫اشــراط مــن هــذا الطــراز الصعــب‪ ،‬والــذي‬ ‫يحتــاج العديــد مــن املكونــات اإليهاميــة التــي‬ ‫ت ُْصطَفــى مــن خاللهــا الشــخصيات الروائيــة‬ ‫داخــل متــون النــص وفــق انتخــاب يحقــق‬ ‫أثــرا ً ذا معنــى‪ ،‬تتحــدد مــن خاللــه القيمــة‬ ‫الترسيديــة التــي ت َعتَــ ُد بالتعبــر لتغيــب‬ ‫الوصــف‪ ،‬وتدفعــه إىل حالــة مــن التــايش داخــل‬

‫املــن الــروايئ‪.‬‬ ‫مــن هنــا ال بــد أن يكــون التعبــر الــردي‪،‬‬ ‫وليــس البتــة‪ ،‬الوصــف الــردي‪ ،‬هــو املقيــاس‪،‬‬ ‫واملعيــار لبنــاء شــخصية روائيــة لهــا أبعادهــا‬ ‫املؤثــرة داخــل كتلــة الترسيــد الــروايئ‪ ،‬وفحــواه‪،‬‬ ‫وذلــك مــا يحــدد بنيــة الشــخصية‪ ،‬وأبعــاد‬ ‫وجودهــا املتنامــي عــر تعــدد األصــوات فيهــا‪،‬‬ ‫ووفــق مفاعيــل رسديــة حاذقــة ترســم املصائــر‬ ‫األخــرى لباقــي الشــخصيات يف املــن الــروايئ‪.‬‬ ‫يف قميــص الليــل تســتقيم الروايــة عــى خمــس‬ ‫شــخصيات أساســية يف رسودهــا‪ ،‬وهــم‪( :‬الـراوي‬ ‫العليــم‪ ،‬حيــاة‪ ،‬وجيغــا املمســوس‪ ،‬ونــورس‪،‬‬ ‫وحســبي‪ ،‬وهنــودة)‪ ،‬وهــم يف حضورهــم‪،‬‬ ‫وغيابهــم داخــل املــن الــروايئ مشــتبكني‪،‬‬ ‫ومتداخلــن يف التنــاوب عــى ترسيــد حكايــة‬ ‫الثــورة وتحوالتهــا الجاريــة‪ ،‬والــذي تاقــت‬ ‫إىل تقدميــه روايــة قميــص الليــل مســتندة‬ ‫يف أهدافهــا األســية عــى املأســاة الســورية‪،‬‬ ‫بتالوينهــا املختلفــة‪ ،‬وتحوالتهــا الخطــرة‪ ،‬وفــق‬ ‫أبعــاد ي ـراد منهــا اإلشــارة إىل ظهــورات م ـراث‬ ‫كاريث‪ ،‬تجلّــت فيــه الطائفيــة املدفونــة يف‬

‫الصــدور منــذ عقــود‪.‬‬ ‫إن الخيــط الواهــي الــذي يربــط كل األصــوات‬ ‫الروائيــة‪ ،‬والــذي أرادت الروائيــة مــن خاللــه أن‬ ‫يكــون مقرون ـاً بشــخصية جيغــا‪ ،‬ذلــك الســكري‬ ‫املمســوس‪ ،‬والــذي تصفــه الروايــة‪ ،‬أنــه ال ميلــك‬ ‫شــيئاً يف حياتــه ســوى بطحــة العــرق‪ ،‬التــي‬ ‫يتحصــل عــى مثنهــا مــن خــال أتــاوات يســلبها‬ ‫مــن املــارة داخــل الحــي‪ ،‬وتلفــت الروائيــة أيضـاً‬ ‫إىل ظرافــة ســلوكه يف مالعبــة صبيــة الحــي‪،‬‬ ‫عــى الرغــم مــن شــقاوتهم يف التهكــم عليــه‪،‬‬ ‫وإغاضتهــم لــه‪.‬‬ ‫هكــذا يبــدو لنــا جيغــا داخــل رسود الروايــة‬ ‫بعــد أن أُ ْعل ـ َن عــن مقتلــه عــى يــد مجهولــن‪،‬‬ ‫وجيغــا كــا تســهب يف وصفــه الروايــة‪،‬‬ ‫شــخصية ممسوســة‪ ،‬وأحــد دراويــش املدينــة‬ ‫التــي ال يعلــم ســكانها مــن أيــن أىت جيغــا‪ ،‬أو‬ ‫مــا هــو دينــه‪ ،‬أو مذهبــه‪.‬‬ ‫أمــا حيــاة التــي تقــرر مــذ تبــدأ رسودهــا‬ ‫العليمــة‪ ،‬أن تذهــب إىل عملهــا ســرا ً عــى‬ ‫األقــدام عــى غــر عادتهــا‪ ،‬حيــث تبــدأ نشــيدها‬ ‫التوصيفــي لــكل مــا تــراه يف طريقهــا‪ ،‬تخربنــا‬ ‫عــن أســعار الخــروات‪ ،‬وتصــف لنــا الحواجــز‬ ‫األمنيــة املنتــرة يف كل مــكان‪ ،‬دون أن تــرك‬ ‫حج ـرا ً‪ ،‬أو ب ـرا ً‪ ،‬غــر منفكــة عــن وصــف كل‬ ‫يشء يعــرض طريقهــا إىل عملهــا‪ ،‬وشــخصية‬ ‫حيــاة كصــوت عليــم يف الروايــة موجــودة دامئـاً‬ ‫يف كل مفصــل‪ ،‬وهــي مبعــث مفاعيــل الــرود‪،‬‬ ‫ودافــع التنامــي داخــل شــخصيات الروايــة‪،‬‬ ‫فحــن تغيــب عــن الــرود‪ ،‬يكــون لهــا حضورها‬ ‫الطاغــي عــى الشــخصيات األخــرى‪ ،‬يف الوقــت‬ ‫الــذي مل نتبــن فيــه بعد‪ ،‬أبعــاد شــخصية هنودة‬ ‫التــي كانــت تربطهــا بجيغــا املقتــول حديثــاً‬ ‫روابــط ظلــت حبيســة الغمــوض‪ ،‬امرأة ســاحرة‪،‬‬ ‫وفاتنــة‪ ،‬ذات جــال آخــاذ‪ ،‬لكــن دورهــا داخــل‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫قوس قزح‬

‫«شق الثعبان» لشريف صاحل‪..‬‬ ‫ومضات قصصية‬

‫الرواية السورية والثورة ـ‪2‬ـ‬ ‫وسري ُ‬ ‫ُ‬ ‫َنة الرواية)‬ ‫رية‬ ‫الس‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫( َروي َن ِ‬

‫حرمل الثقافة‬

‫املــن الــروايئ‪ ،‬اقتــر عــى ظهــورات محــدودة‪،‬‬ ‫وضئيلــة‪ ،‬أمــام ظهــور ُمركّــب األبعــاد لشــخصية‬ ‫(حســبي) املثــرة يف أبعادهــا ومراميها‪ ،‬فحســبي‬ ‫رجــل معــارض لنظام الحكــم‪ ،‬وســجن يف زنازينه‬ ‫مــدة خمســة عــرة عام ـاً‪ ،‬أرادت الروائيــة أن‬ ‫تقــدم مــن خاللهــا حالــة فارقــة‪ ،‬لهــا تحــوالت‬ ‫غرائبيــة يف ســلوكها‪ ،‬وحيواتهــا‪ ،‬وطرائــق‬ ‫حضورهــا الــردي‪ ،‬حيــث نجــد حســبي‪ ،‬أحــد‬ ‫أهــم تجــار الحــرب يف الثــورة الســورية‪ ،‬فهــو‬ ‫مصــدر بيــع الســاح‪ ،‬والذخــرة‪ ،‬واملــواد اإلغاثية‬ ‫التــي يتــم رسقتهــا لتبــاع لــه‪ ،‬إضافــة إىل مهــات‬ ‫أخــرى تتعلــق بالقتــل العمــد‪ ،‬أو االغتيــال‪،‬‬ ‫عــى العكــس مــن شــخصية نــورس‪ ،‬والــذي‬ ‫يظهــر يف الروايــة كأخ أصغــر لشــخصية حيــاة‪،‬‬ ‫والــذي صورتــه املــرودات الروائيــة عــى أنــه‬ ‫حالــة الخــوف املــريض الــذي اجتــاح املفاصــل‬ ‫األساســية لحيــاة النــاس االجتامعيــة والسياســية‪،‬‬ ‫فهــو يهــذر مهلوســاً بكامــرات املراقبــة التــي‬ ‫ترصــده مــن كل صــوب عــى الرغــم مــن عيشــه‬ ‫وحيــدا ً داخــل منزلــه‪.‬‬ ‫تلــك هــي األصــوات الروائيــة األكــر حضــورا ً‬ ‫يف روايــة قميــص الليــل‪ ،‬ضمــن أبعادهــا‬ ‫الرسديــة األوليــة‪ ،‬لكــن اإلشــكالية التــي تعــرت‬ ‫فيهــا الروايــة‪ ،‬هــي إجرائيــة تربيــط ســلوك‬ ‫الشــخصيات مــع بعضهــا النجــاز املعنــى‪،‬‬ ‫والهــدف الذيــن أرادتهــا كتعبــر عــن الحالــة‬ ‫املركبــة للثــورة الســورية‪ ،‬حيــث مل يتحصــل‬ ‫املنجــز الــروايئ عليــه بصــورة متناغمــة‪،‬‬ ‫ومتناســقة‪ ،‬مــا جعــل العمــل الــروايئ‪ ،‬واهن ـاً‬ ‫أمــام األفخــاخ الرسديــة التــي انكبــت عــى‬ ‫التوصيــف الزائــد‪ ،‬والترسيــد الفائــض‪ ،‬وهــا‬ ‫ســمتان يرتبــط وجودهــا مــع مــا يســمى‪،‬‬ ‫ضبابيــة األهــداف‪ ،‬والتــي تربــك املعــاين الكــرى‬ ‫للمنجــر الــروايئ وتدفــع بــه نحــو الســطحية‬ ‫والتســويف‪.‬‬ ‫أمــا الحالــة األكــر إثــارة يف الروايــة‪ ،‬وعالقتهــا‬ ‫بشــخصياتها‪ ،‬فهــي حالــة التفــكك املريــع بــن‬ ‫الســارد‪ ،‬ومتواليــات مرسوداتــه‪ ،‬فحــن تتحــدث‬ ‫الروايــة عــن مقتــل جيغــا املبكــر‪ ،‬تختفــي‬ ‫ظهوراتــه‪ ،‬ويغيــب الترسيــد عنــه يف ســبات‬ ‫طويــل‪ ،‬ليســتيقظ‪ ،‬ويخربنــا عــى عجــل‪ ،‬بــأن‬ ‫جيغــا مركــون داخــل بــراد املشــفى‪ ،‬وعــى‬ ‫رضورة اســتالمه مــن قبــل مختــار الحــي‪ ،‬وحــن‬ ‫ال يقبــل أحــد الصــاة عليــه‪ ،‬ودفنــه تظهــر‬ ‫مــن تحــت أنقــاض االنهيــار الــردي املريــع‪،‬‬ ‫شــخصية هنــودة لرتقــص رقصــة (البــو عزيــزي)‬ ‫كــا تصفهــا الروايــة‪ ،‬فــوق جثــان جيغــا‪،‬‬ ‫عاريــة مــن ثيابهــا‪ ،‬ولنــدرك حينهــا أن لحســبي‬ ‫ثــارات قدميــة مــع هنــودة‪ ،‬مل توضحهــا الروايــة‪،‬‬ ‫ونعلــم أيضــاً ودون ســابق إلشــارة ترسيديــة‬ ‫مــا‪ ،‬أن جســد هنــودة كان مطلي ـاً مبــادة قابلــة‬ ‫لالشــتعال‪ ،‬مــا إن يطلــق عليهــا حســبي النــار‬ ‫مــن مسدســه‪ ،‬حتــى تشــتعل النــار فيهــا وتبــدأ‬ ‫رقصتهــا املقدســة‪.‬‬ ‫إن روايــة قميــص الليــل كمنجــز روايئ مواكــب‬ ‫للثــورة‪ ،‬ومتصــد لتحوالتهــا‪ ،‬مل يوفــق يف تناوالتــه‬ ‫الفنيــة للتعبــر عــن اســتلهامه لهــا‪ ،‬فهــو مل‬ ‫يســتثمر الحالــة الســرية الذاكريــة‪ ،‬ويشــتغل‬ ‫عليهــا بعيــدا ً عــن إقحــام املجــاز‪ ،‬والرمزيــة‬ ‫اإلســقاطية التــي تتميــز بهــا األعــال الروائيــة‬ ‫املركبــة‪ ،‬وذلــك مــا جعــل مــن العمــل الــروايئ‬ ‫مليــاً لخالئــط غــر متجانســة يف الرتكيــب‪،‬‬ ‫والبنــاء‪ ،‬واملعنــى‪ ،‬مــا دفــع الشــخصيات‬ ‫األساســية يف الروايــة إىل االضمحــال‪ ،‬والتــايش‬ ‫أمــام حــدث هــام‪ ،‬وكبــر اســمه الثورة الســورية‬ ‫وتحوالتهــا الكــرى‪.‬‬

‫يف مجموعتــه القصصيــة الجديــدة «شــق الثعبــان»‬ ‫عــن دار صفصافــة للنــر والتوزيــع يواصــل رشيــف‬ ‫صالــح مرشوعــه القصــي معتمــ ًدا عــى لعبــة‬ ‫التجريــب‪.‬‬ ‫اختــار صالــح هــذه املــرة أن يخصــص «شــق الثعبــان»‬ ‫للنصــوص القصــرة جــدا حيــث تحتــوى املجموعــة عــى‬ ‫أكــر مــن ســتني نصــا منهــا‪ :‬معــارك قدميــة‪ ،‬زوجتــي‬ ‫والحيــة‪ ،‬نزهــة عــى البســكلتة‪ ،‬الزعيــم يف محطــة‬ ‫املــرو‪ ،‬أمل الزجــاج‪ ،‬األمــايل أليب عــي القــايل‪ ،‬طريقــي‬ ‫إىل اللــه‪ ،‬الفعــل املخفــي‪ ،‬شــق الثعبــان‪ ،‬هوايــة تصويــر‬ ‫الجثــث‪ ،‬مليــون نســخة‪ ،‬بــذرة أمريكيــة‪ ،‬مالكمــة الظــل‪،‬‬ ‫والكــريس الــذي ال ينــى‪.‬‬ ‫تتأرجــح كل النصــوص مــا بــن ســطر واحــد إىل‬

‫صفحــة‪ ،‬فيــا تتبايــن فني ـاً مــا بــن الــروط الجامليــة‬ ‫للقصــة القصــرة جــدا‪ ،‬والومضــة الشــعرية والرسديــة‪،‬‬ ‫واملوتيفــات الحلميــة‪ ،‬والذكريــات‪ ،‬والتصــوف‪ ،‬والتقــاط‬ ‫تفاصيــل غايــة يف البســاطة مــن الواقــع‪ ،‬مــع حــرص‬ ‫الكاتــب رغــم الكثافــة الشــديدة عــى العصــب الــردي‬ ‫مهــا بــدا شــفيفًا‪.‬‬

‫خصوصــا يف أعاملــه‬ ‫وال يخفــى األثــر املحفوظــي‬ ‫ً‬ ‫القصــرة مثــل «أصــداء الســرة الذاتيــة» و»أحــام فــرة‬ ‫النقاهــة»‪.‬‬ ‫ومــن أصغــر قصــص املجموعــة «ملــح البحــر»‪ ،‬نقــرأ‪:‬‬ ‫«خرجــت البنــت تلهــو مــع أمهــا‪ ،‬وملســت البحــر ألول‬

‫مــرة بكفهــا‪ ،‬ومل تعــرف كــم هــو مالــح إال عندمــا طفــا‬ ‫جســدها عــى املــاء»‪ .‬فنحــن هنــا أمــام شــخصيتني‪ :‬األم‬ ‫وطفلتهــا‪ ،‬يف لحظــة لهــو تنقلــب إىل مأســاة تؤســس‬ ‫للمفارقــة الرسديــة مــا بــن اللهــو واملــوت‪.‬‬ ‫وبعــض النصــوص مثــل «معــارك قدميــة» و»نزهــة عــى‬ ‫البســكلتة» ال تخلــو مــن الطابــع الفتنــازي الســيايس‪،‬‬ ‫وتداخــل األزمنــة‪ ،‬بينــا بعضهــا اآلخــر مييــل إىل التأمــل‬ ‫الــذايت والروحــي بلغــة ترميزيــة‪.‬‬ ‫وتعــد «شــق الثعبــان» خامــس مجموعــة قصصيــة‬ ‫لصالــح‪ ،‬الــذي صــدر لــه مــن قبــل «إصبــع ميــي‬ ‫وحــده» و»مثلــث العشــق الحائــزة عــى جائــزة‬ ‫ســاويرس‪ ،‬و»بيضــة عــى الشــاطئ» الحائــزة عــى‬ ‫جائــزة ديب الثقافيــة‪ ،‬وكذلــك «شــخص صالــح للقتــل»‪.‬‬

‫قصة قصرية‪..‬‬ ‫* حلمي ياسين‬ ‫ليــى بجانبــي!! إذن كل يشء حــر‪..‬‬ ‫جنــود األمــن املركــزى‪ ،‬ومباحــث أمــن‬ ‫الدولــة‪ ،‬واألمــن العــام‪ ،‬وســيارات‬ ‫املطافــئ وســيارات اإلســعاف‪ ،‬وجميــع‬ ‫وســائل اإلعــام ‪ -‬املقــروءة واملســموعة‬ ‫واملرئيــة ‪ -‬هــذه هــى عالقتــى بليــى‪،‬‬ ‫ال نجتمــع ىف مظاهــرة إال وحــر هــؤالء‬ ‫وأحاطونــا بالرعايــة والحاميــة‪ ،‬ونشــعل‬ ‫الدنيــا هتافــاً ضــد كل يشء‪ ،‬وتحــت‬ ‫مســميات كثــرة‪.‬‬ ‫وليــى امــرأة جميلــة ىف الخامســة‬ ‫والثالثــن مــن عمرهــا تقريبــاً‪ ،‬مطلقــة‬ ‫وليــس عندهــا أوالد‪ ،‬وهــى ابنــة رجــل‬ ‫أعــال عصامــي شــهري‪ ،‬إنضمــت إلينــا‬ ‫حديثـاً إميانـاً منهــا بالدميوقراطيــة‪ ،‬وإننــا‬ ‫شــعب متحــر ينقصــه التنظيــم فقــط‪،‬‬ ‫وأن مــا متــر بــه البــاد مــن أزمــات‬ ‫مرحلــة مؤقتــة‪ ،‬ومتــر بهــا الــدول الكــرى‪،‬‬ ‫ولكــن ال يجــب الســكوت عــى هــذه‬ ‫األزمــات‪ ،‬فاملظاه ـرات الســلمية وســيلة‬ ‫للتنبيــه مبفهــوم القــوة الناعمــة حتــى‬ ‫ال تطــول األزمــة‪ ،‬وكل الــدول املتحــرة‬ ‫تفعــل ذلــك‪ ،‬واملظاهـرات وســيلة للتنبيــه‬ ‫ووســيلة لرفــع املظــامل وتنفيــذ املطالــب‪.‬‬ ‫وليــى ترفــض الهتافــات املهينــة ضــد‬ ‫أى شــخص كان‪ ،‬وتتعمــد أن ال تتجــاوب‬ ‫معهــا أو ترددهــا‪ ،‬ويتفــق معهــا بعــض‬ ‫الرفقــاء يف الحركــة‪ ،‬ولكــن األغلبيــة ترفض‬ ‫معظــم أفكارهــا‪ ،‬خاصــة مفهومهــا عــن‬ ‫الدميوقراطيــة واملظاهــرات‪ ،‬فاملشــاركة‬ ‫يف املظاهــرات ىف بلــد مثــل بلدنــا‬ ‫شــجاعة فرديــة مــن املشــارك‪ ،‬تــره ىف‬ ‫عملــه إذا كان موظفــاً أو غــر موظــف‪،‬‬ ‫بــل تــر أرستــه ملجــرد أنــه مشــارك يف‬ ‫املظاهــرات‪ ،‬وليســت هنــاك أي عالقــة‬ ‫بــن املظاه ـرات يف بالدنــا بالدميقراطيــة‪،‬‬ ‫وهــذا خــاف دائــم ومســتمر بينهــا وبــن‬ ‫معظــم املنتمــن للحركــة‪ ،‬خاصــة الذيــن‬ ‫ينتمــون لطبقــات شــعبية‪ ،‬والشــباب‬ ‫العاطــل واملســيس‪.‬‬ ‫مــن جانبــي مل أكــن أصــدق – أول مــرة‬ ‫رأيتهــا ‪ -‬أنهــا ستشــارك يف مظاهــرة‪ ،‬فليىل‬ ‫رقيقــة جــدا ً‪ ،‬دقيقــة املالمــح ووجههــا‬ ‫بــريء‪ ،‬ترتــدي جينــز وبلــوزة نصــف‬ ‫كــم دامئــاً‪ ،‬وشــعرها طويــل منســدل‬ ‫عــى ظهرهــا‪ ،‬وال تتحمــل هــواء عصــا‬ ‫جنــدي مــن جنــود األمــن املركــزي‪ ،‬لكنــي‬ ‫فوجئــت أنهــا تقــف بجانبــي‪ ،‬مكتفيــة‬

‫«متظاهر ليلى»‬

‫عندمــا تالقــت أعيننــا بهــز رأســها‪ ،‬وهــي‬ ‫ىف الغالــب تحيتهــا املعتــادة‪ ،‬ثــم نظــرت‬ ‫حولهــا ويف ســاعتها وســألت عــن بقيــة‬ ‫الرفقــاء‪ ،‬فأجبــت يف الطريــق‪ ،‬فأخرجــت‬ ‫هاتفهــا املحمــول وأجــرت عــدة مكاملــات‬ ‫بصــوت هامــس‪ ،‬ثــم أغلقتــه وأعادتــه‬ ‫إىل حقيبــة يدهــا‪ ،‬وســألتني ثانيــة عــن‬ ‫املســئول بتوزيــع علــم مــر‪ ،‬أجبتهــا يف‬ ‫الطريق وســيصل حــاالً‪ ،‬ثم إســتأذنتني أن‬ ‫تقــف بجانبــي طــوال املظاهــرة فرحبــت‬ ‫فرحــاً‪ ،‬فبادرتنــي إذن تعــال نقــف ىف‬ ‫الظــل بــدالً مــن هــذا املــكان املشــمس‪.‬‬ ‫كنــا قــد حورصنــا بحواجــز حديديــة‪،‬‬

‫وفتــح رجــال الرشطــة ‪ -‬الذيــن كانــوا‬ ‫أكــر منــا عــددا ً ‪ -‬فتحــة تكفــي لفــرد‬ ‫واحــد للدخــول‪ ،‬ومنعــوا الخــروج ألي‬ ‫شــخص كان إال بعــد إنتهــاء املظاهــرة‬ ‫كــا هــو معتــاد‪ ،‬كانــت الهتافــات‬ ‫ســاخنة أحيانــاً‪ ،‬متهكمــة ىف أحايــن‬ ‫أخــرى‪ ،‬ناقــدة معظــم الوقــت‪ ،‬وليــى‬ ‫تلــوح بالعلــم ومل تبتعــد عنــي لحظــة‬ ‫واحــدة‪ ،‬وهــو األمــر الــذي دفعنــي أن‬ ‫أســألها‪ ،‬هــل هــذه أول مظاهــرة لهــا؟‬ ‫فأجابــت هــذه أول مظاهــرة يل يف مــر‪،‬‬ ‫ولكنــي شــاركت يف املظاهــرات عندمــا‬ ‫كنــت أدرس يف فرنســا‪ ،‬ضــد رفــع النقــاب‬ ‫وترحيــل الغجــر‪ ،‬وتضامن ـاً مــع القضيــة‬ ‫الفلســطينة‪.‬‬ ‫تصــوروا مظاهــرة تغطيهــا جميــع وســائل‬

‫اإلعــام املســموعة واملقــروءة واملرئيــة‬ ‫وفيهــا ليــى‪ ،‬فجــأة وجــدت نفــي يف‬ ‫اليــوم التــايل نجــم النجــوم‪ ،‬صــوريت يف‬ ‫كل الجرائــد واملجــات والتليفزيــون وأنــا‬ ‫بجــوار ليــى‪ ،‬بالطبــع لســت أنــا املقصــود‬ ‫بالصــور‪ ،‬ولكــن بســبب وقــويف بجــوار‬ ‫ليــى‪ ،‬حتــى أن بعــض الصــور يظهــر فيهــا‬ ‫نصــف وجهــى أو أذين‪ ،‬أو كتفــي‪ ،‬ويف‬ ‫صــور أخــرى يغطــي العلــم الــذي تلــوح‬ ‫بــه ليــى وجهــي‪ ،‬ولكــن هــذا ال مينــع أن‬ ‫هنــاك صــورا ً كنــت أظهــر فيهــا واضح ـاً‪.‬‬ ‫ىف املظاهــرة الثانيــة إختارتنــي أيضــاً‬ ‫ووقفــت بجانبــي‪ ،‬ولكنهــا كانــت أكــر‬

‫شــجاعة وتفــاؤالً هــذه املــرة‪ ،‬وكانــت‬ ‫تــردد بعــض الهتافــات خلــف (الهتيــف)‬ ‫بصوتهــا الناعــم والــذي مل يســمعه إال أنــا‪.‬‬ ‫تكــرر نفــس املشــهد يف عــدة مظاه ـرات‬ ‫حتــى بــدأ بعــض الرفقــاء يظنــون أن‬ ‫هنــاك عالقــة بينــي وبينهــا‪ ،‬أو أنــا‬ ‫الــذي أقــف بجوارهــا متعمــدا ً‪ ،‬وبــدأت‬ ‫اإلســتنتاجات مــن الرفقــاء بوجــود‬ ‫عالقــة بــن ابــن الحــي الشــعبي‪ ،‬الــذي‬ ‫يعيــش عــى هامــش الحيــاة وميــارس‬ ‫السياســة يف أوقــات الف ـراغ‪ ،‬وبــن بنــت‬ ‫رجــل األعــال املطلقــة التــي تشــارك يف‬ ‫املظاه ـرات دع ـاً للدميقراطيــة‪ ،‬ولكنهــا‬ ‫مل تأبــه لتحليــات الرفقــاء‪ ،‬خاصــة بعــد‬ ‫أن حدثهــا منســق الحركــة رصاحــة عــن‬ ‫مــا يــدور ويــروى مــن شــائعات حولنــا‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫ظلــت ليــى عــى هــذا الوضــع لفــرة‬ ‫طويلــة‪ ،‬حتــى أصبــح اســمي يف الحركــة‬ ‫«متظاهــر ليــى» وكل هــذه الفــرة مل‬ ‫يــدر بيننــا آيــة أحاديــث منفــردة ‪ ،‬فبعــد‬ ‫انتهــاء أي مظاهــرة‪ ،‬تذهــب ليــى إىل‬ ‫ســيارتها وتفتــح البــاب‪ ،‬وتضــع العلــم يف‬ ‫املقعــد الخلفــي‪ ،‬حتــى أننــي مل أحصــل‬ ‫عــى رقــم هاتفهــا‪ ،‬ولكــن ارتباطنــا‬ ‫باملظاهــرات ووقوفهــا بجانبــي دامئــاً‪،‬‬ ‫هــو الــذي وثــق هــذا الربــط بــن أعضــاء‬ ‫الحركــة‪ ،‬وقــد تعمــدت ذات مــرة أن‬ ‫أتأخــر عــن الحضــور لــي أرى ترصفهــا‬ ‫عندمــا ت ـراين‪ ،‬وقــد كانــت النتيجــة هــى‬ ‫ذاتهــا اقرتبــت منــي وأبــدت قلقهــا عــن‬ ‫تأخــري‪ ،‬ثــم وقفــت بجــواري ىف أقــرب‬ ‫مــكان بــه ظــل‪ ،‬فقــد أصبحنــا خ ـراء ىف‬ ‫اختيــار األماكــن التــي بهــا ظــل‪.‬‬ ‫ذات يــوم وبعــد إنتهائنــا مــن إحــدى‬ ‫املظاهــرات‪ ،‬دعتنــي بــأن توصلنــي إىل‬ ‫منــزيل‪ ،‬وبعــد رفــض وصــد أقســمت بــكل‬ ‫غــال ورخيــص أن توصلنــي بســيارتها‪ ،‬ألن‬ ‫هــذه آخــر مظاهــرة ستشــارك فيهــا‪،‬‬ ‫وأبــدت رغبتهــا الشــديدة يف أن تعــر يل‬ ‫عــن شــكرها وامتنانهــا العميقــن‪ ،‬لوقــويف‬ ‫بجوارهــا طــوال فــرة تواجدهــا معنــا‪.‬‬ ‫كانــت ســيارتها فارهــة وواســعة مــن‬ ‫الداخــل‪ ،‬دخلــت فيهــا بســهولة شــديدة‬ ‫وبطريقــة مريحــة‪ ،‬قياســاً بســيارات‬ ‫األصدقــاء والرفقــاء املتناهيــة الصغــر‪،‬‬ ‫فأنــا أبــدو يف ‪ -‬تلــك الســيارات ‪ -‬كأننــي‬ ‫أحــد العامليــق لضخامــة جســمي وطــويل‬ ‫الزائــد‪.‬‬ ‫ظلــت تقــود وتتحــدث عــن نفســها‬ ‫وعــن ظروفهــا النفســية القاســية‪ ،‬والتــي‬ ‫أجربتهــا إىل العــودة إىل فرنســا ثانيــة‬ ‫للعيــش هنــاك ورمبــا لــن تعــود‪.‬‬ ‫كنــت أســتمع لهــا وأنــا مســتمتع‪،‬‬ ‫ولكــن بقــي هنــاك ســؤال يحــرين‪ ،‬ملــاذا‬ ‫اختارتنــى أنــا بالــذات؟؟‬ ‫إبتســمت إبتســامة مل أرهــا مــن قبــل‪،‬‬ ‫وقالــت ســأقول لــك ولكــن عــدين‬ ‫أن ال تغضــب‪ ،‬إبتســمت وقلــت لــن‬ ‫أغضــب‪ ،‬قالــت اخرتتــك لتحمينــي أثنــاء‬ ‫املظاهــرات‪ ،‬قلــت ليــس ىف هــذا مــا‬ ‫يغضــب‪ ،‬ابتســمت وأشــارت إىل حجمــي‬ ‫الضخــم بأصابعهــا‪ ،‬فإبتســمت ثــم‬ ‫ضحكــت بشــدة حتــى نزلــت دمــوع‬ ‫عينــي ضحــكاً ثــم بــكا ًء‪.‬‬ ‫*كاتب مصري‬

‫فلس��فة الفن املعاصر ‪2‬‬ ‫ االنفعال الفين ‪-‬‬‫فهد الحسن‬ ‫ميكننــا القــول بــأن هنــاك مثــة عالقــة مؤثــرة بــن اللــذة‬ ‫والجــال تدعــم الشــعور الداخــي الــذي يحســه الفنــان يف‬ ‫لحظــات معينــة مــن حياتــه الفنيــة‪ ..‬ذلــك الشــعور الــذي‬ ‫ينطــوي عــى الحريــة واللــذة القصــوى‪ .‬وهــذا مــا دعــا‬ ‫املهتمــن بعلــم الجــال إىل تســمية هــذا املعنــى باإلكليــل‬ ‫الجــايل أو _الخصوبــة الجامليــة _ التــي تغنــي عمــق‬ ‫اإلنســان الداخــي‪ ،‬وتزيــد مــن صــرورة انفعالــه‪ ..‬وإذا‬ ‫افرتضنــا أن هــذه االحتــاالت صحيحــة فــإن مثــة قوانــن‬ ‫هامــة تنتــج عنهــا‪ ،‬وتتمثــل يف‪:‬‬ ‫‪ -1‬حــن يكــون اإلحســاس مــن األحاســيس اللذيــذة القويــة‬ ‫غــر متصــف بالجــال‪ ،‬فمــرد ذلــك إىل الشــدة املحليــة لهــذا‬ ‫اإلحســاس‪ ،‬حيــث تحــول بطبيعتهــا دون ســعته‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن املــدة الالزمــة لالنتشــار العصبــي يف الدمــاغ والرتجيــع‬ ‫يف الشــعور تعلــل لنــا دامئ ـاً مل كل اإلدراك الجــايل ﻻ يتــم‬ ‫عــى الفــور يف كل األحيــان‪.‬‬ ‫ولتقريــب الفكــرة مــن اﻷذهــان أكــر‪ ،‬نجــد أن اإلنكليــز‬ ‫واألملــان أبطــأ مــن الفرنســيني يف إطــاق الحكــم الجــايل‪،‬‬ ‫وبهــذا املعنــى نخلــص يف النهايــة إىل تعريــف الجــال بأنــه‬ ‫ إدراك أو فعــل يوقــظ فينــا الحيــاة يف صورهــا الثــاث‬‫معــا (الحــواس والعقــل واإلرادة)‪ ،‬وهــذا يعنــي أن االنفعــال‬ ‫الفنــي لــه دور كبــر يف اســتيعاب املفاهيــم الجامليــة‬ ‫ودالالتهــا‪ ،‬ولــه رشوط كثــرة وأنــواع مختلفــة‪ ،‬فهنــاك‬ ‫االنفعــال املطلــق الــذي يســكن يف عمــق الــذات البرشيــة‬ ‫مســاهامً يف تروضيهــا وتهذيبهــا‪ ،‬وهنــاك االنفعــال الجــزيئ‬ ‫الــذي ميــس عضــوا ً يف الجســد دون األعضــاء األخــرى‪ ،‬وهــذا‬ ‫االنفعــال ﻻ ميكــن أن نلصــق بــه صفــة الجــال واألناقــة‬ ‫إال ضمــن إطــار محــدود وضيــق لحضــوره اآلين مــن جهــة‪،‬‬ ‫ولعــدم قدرتــه عــى الظهــور مبظهــر خــاق ينتــج عنــه‬ ‫الحــرارة والتوقــد يف الــذات اإلنســانية مــن جهــة أخــرى‪.‬‬ ‫وهنــا نخــرج بنتيجــة عامــة عــن االنفعــاالت الجامليــة تتمثل‬ ‫يف أن االنفعــال الجــايل املطلــق‪ ،‬هــو الــذي يقــرب مــن‬ ‫األحاســيس والعواطــف املختزنــة داخــل الجســد البــري‪،‬‬ ‫أمــا االنفعــال الجــزيئ أو اآلين فــا ميثــل نبــل الــروح ورعشــة‬ ‫أحاسيســها‪ ،‬بــل يجهــض يف حينــه‪ ،‬أمــا العقــل وأهميــة دوره‬ ‫يف ترجمــة الحــس الجــايل فيمكننا اعتبــاره ميلــك دورا ً مؤثرا‬ ‫وفعــاالً‪ .‬فــإذا حذفنــا مــن الفعــل الــذي يقــوم بــه الشــاعر‬ ‫أو الفنــان فــإن حلمــه ســيتبدد وينحــر‪ ،‬وســيحدث نــوع‬ ‫مــن االنفصــام يف العاطفــة‪ ،‬وهــذا مــا ســيدعو الفنــان إىل‬ ‫االســتعانة بالعقــل لرتجمــة الخيــال‪ ،‬وهنــا ميكننــا أن نســقط‬ ‫هــذا الحكــم عــى الرســم ‪ -‬التصويــر ‪ -‬الــذي يختلــف يف‬ ‫ترجمتــه لألحاســيس عــن الشــعر واألدب واملوســيقى‪ ،‬رغــم‬ ‫أن كل هــذه الفنــون تصــب يف مجــرى واحــد وقنــاة واحــدة‬ ‫هــي ‪ -‬الفــن ‪ -‬إال أن الصــورة يف الشــعر مث ـاً تولــد نتيج ـ ًة‬ ‫لتعــاون كل الحــواس وامللــكات‪ ،‬يف حــن تالحــظ أن الجــال‬ ‫يف لوحــة الرســام أو متثــال النحــات يــزداد عــى قــدر مــا‬ ‫تســتطيعه هــذه اللوحــة وهــذا التمثــال أن يوقظــا بالتداعــي‬ ‫مختلــف امللــكات التــي يتمتــع بهــا اإلنســان‪ ،‬وهــذا يعنــي‬ ‫أن تنميــة االنفعــال واإلحســاس بالجامل يســتدعي االشــتغال‬ ‫عــى تنميــة مهــارات الحــس الجــايل يف شــعور اإلنســان‬ ‫الداخــي‪ ،‬وإيقــاظ ملكاتــه العميقــة‪ ،‬والتــي قــد تكــون‬ ‫يف حالــة كمــون أو ارتخــاء شــعوري‪ ،‬وبذلــك تتــم تهيئتهــا‬ ‫للتفاعــل مــع عنــارص الفــن ومخرجاتــه‪ ،‬والتعاطــي معــه‬ ‫عــى أســاس متنــام يختــزن يف الذاكــرة والشــعور‪ ،‬فيتفاعــل‬ ‫مــع اإلنتــاج الفنــي‪ ،‬وهــذا مــا يؤهلــه ملواكبــة األعــال‬ ‫الفنيــة وتأثريهــا‪ ،‬والتامهــي معهــا لالقــراب مــن عواملهــا‬ ‫مبهــارة واقتــدار‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫قصة قصرية‪.‬‬ ‫هشام الخميسي *‬

‫ مدينة جارة لنا أعلنت االتحاد والتوأمة مع مدينتنا‪...‬‬‫ وكيف تحدث التوأمة بني الزواحف والخراف؟‪.‬‬‫ دعني أكمل قبل أن متطرين بأسئلتك‬‫ أعتذر‪ ،‬أكمل‪.‬‬‫ ظلــت تلــك املدينــة التــوأم أللفيــات قبــل وبعــد امليــاد‪،‬‬‫وهــي مملكــة أو شــبه مملكــة قبــل تحولهــا وتأســيس األرسة‬ ‫األوىل والجمهوريــة امللكيــة األوىل‪ ،‬بزعامــة القيــر األعظــم‬ ‫الــذي قــاد اإلنقــاب وأســس جمهوريــة الخـراف امللكيــة‪.‬‬ ‫أضاف ابن عمك‪:‬‬ ‫ مــن قبــل امليــاد بقــرون عديــدة وكوشــارا تحكمهــا أرس‬‫مــن الداخــل والخــارج حتــى جــاء أحــد الجـراالت يف القــرن‬ ‫املــايض فأنهــى امللكيــات‪.‬‬ ‫ ومــن هــذا الجـرال؟ وكيــف جــاء؟ ومتــى جــاء؟ واإلنقالب‬‫أبيــض أم أحمر؟‬ ‫أجابه ابن عمك‪:‬‬ ‫ علينــا العــودة للمملكــة قبيــل اإلنقــاب بســنوات للنظــر‬‫عليهــا‪....‬‬ ‫أكملت أنا‪.....‬‬ ‫ اململكــة أقــرب إىل فنــدق نجــوم خمــس ويزيــد‪ ،‬لذلــك‬‫ســميت «اململكــة الفندقيــة»‪ ،‬بــه لــكل مولــود ذكــر أو أنثــى‬ ‫حجــز مســبق‪.‬‬ ‫اسرتد ابن عمك الكلمة‪:‬‬ ‫ الفنــدق عــى أرض شاســعة هــي كل اململكــة عــدا قــر‬‫العاهــل األعظــم‪.‬‬ ‫مل يندهش صديقكام الغريب وأجابك‪:‬‬ ‫‪ -‬لدينــا يف مدننــا فنــادق خمــس نجــوم وتزيــد للقطــط‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫وأخــرى للــكالب‪ .‬مــا هــو الجديــد فيــا تريــد أن ترويــا لنــا‬ ‫مــن؟‪.‬‬ ‫وأجبته‪:‬‬ ‫ ال تتــرع‪ ،‬ال وجــه للمقارنــة بــن فنــادق القطــط‬‫والــكالب‪ ،‬وفنــدق الخ ـراف‪ ،‬يف فنــدق الخ ـراف كل األشــياء‬ ‫فتحــت اإلقامــة‪ ،‬املائــدة‪ ،‬األجنحــة‪ ،‬الزمــن‪ .‬املــال مــن رصيــد‬ ‫غــر محــدود يــأيت‪ ،‬والحســاب مــن بطاقــات متخمــة يســدد‪.‬‬ ‫ هو مصدر حسد منا نحن‬‫قال أحد األصدقاء من ْمن ال يحملوا جنسية مدينتكم‪.‬‬ ‫ الفنــدق هــذا‪ ،‬أو اململكــة الفندقيــة تلــك يتمــرد عليهــا‬‫ويعارضهــا طوائــف وجامعــات و‪......‬‬ ‫ قاطعك صديقكام يسأل‪:‬‬‫ وملــاذا ال يدخلــه الــكل فيتمــرد عليــه البعــض ويرفضــه‬‫ويــرد عنــه القليــل والفنــدق بــه مــراع متعــددة مــن‬ ‫حشــائش متنوعــة‪ ،‬وأعــاف خـراء برســيم صيفــي وشــتوي‪،‬‬ ‫وأعــاف جافــة؟‪.‬‬ ‫وأجبته‪:‬‬ ‫ لسبب وحيد‪.‬‬‫ ومــا هــو هــذا الســبب الوحيــد الــذي يجعــل بعــض‬‫الخــراف ترفــض وتتمــرد عــى النعيــم؟‪.‬‬ ‫قبل أن تجيبه أجابه ابن عمك‪:‬‬ ‫ الرعي الطليق الحر‪.‬‬‫ خراف ضالة!!‬‫قال الغريب عن املدينة وأجبته‪:‬‬ ‫ بل خراف حرة‬‫سأل صديق آخر‪:‬‬ ‫‪ -‬ومن زعيم مملكة الخراف اآلن؟‪.‬‬

‫قالت أجملهن بتاميل‪:‬‬ ‫ رمبــا ســتكون قريبـاً رتبــة كبــرة يف الحــرس امللــي الخــاص‬‫لزعيمنــا العاهــل األعظــم‪.‬‬ ‫قالت أخرى‪:‬‬ ‫ قد تحمل أكتافك يوماً رتبة جرنال‪.‬‬‫قال ابن عمك‪:‬‬ ‫ وتلك كانت أقىص أمانيه‪.....‬‬‫قاطعته‪:‬‬ ‫ ذلــك الج ـرال مل يكــن يحمــل رتبــة الج ـرال عندمــا تــم‬‫عــى يديــه القضــاء عــى األرسة الحاكمــة الثانيــة والثالثــن‬ ‫للمدينــة وأُعلــن عــن قيــام ال‪.......‬‬ ‫قاطعك صديقكام مندهشاً‪:‬‬ ‫ ضابط صغري يقود انقالب!!!!‬‫ كيــف حــدث االنقــاب وكيــف اســتطاع الســيطرة عــى‬‫مــن هــم‪......‬‬ ‫قاطعه ابن عمك‪:‬‬ ‫ منــذ بدايــة عهــده عمــل للقضــاء عــى التكتــات الكبــرة‬‫لتشــكيالت الجنــد فتتهــا لرسايــا‪ ،‬وكتائــب وأخضعهــا‬ ‫لســلطان وقيــادة أفــراد عائلتــه‪.‬‬ ‫وأكملت أنت‪:‬‬ ‫ ومــع األيــام األوىل لبدايــة عهــده حــول الفنــدق الكبــر‬‫لزريبــة ال تجــد فيهــا الخ ـراف والنعــاج كأل يومهــا وتقتــات‬ ‫عــى الفتــات الــذي يرمــى لهــا‪.‬‬ ‫ وملاذا حول الجرنال الفندق لحظرية أو زريبة؟‪.‬‬‫ضحكت قبل أن تجيبه‪:‬‬ ‫‪ -‬أمل أقل أنكم انحدرتم من مدن ال زالت تحيا بالكهوف‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫سيِّئة مبا‬ ‫يكفي ( قراءة يف قصة لنجيب حمفوظ )‬

‫َّ‬ ‫جن ُ‬ ‫��ة الوح��دة الوطنيَّ��ة يصنعه��ا األطف��ال‬

‫* تقى المرسي‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫مجهورية اخلراف امللكية‬ ‫ تقصد جمهورية الخراف امللكية؟‪.‬‬‫صوب ابن عمك سؤاله وأجبت‪:‬‬ ‫ زعيمها كان يسحب يوماً باتجاه املجزر‪.‬‬‫ وكيف نجا؟ وكيف صار زعيامً؟‬‫ الصدفة‬‫ الصدفة!!!‬‫ نعــم الصدفــة ففــي أحــد أيــام الصيــف الحــارة بعــد أن‬‫خــرج أحــد الخـراف البوليســية مــن حــام الســباحة جلــس‬ ‫إىل املائــدة يلتهــم صــواين الرقــاق املحشــوة مبفــروم لحــم‬ ‫الضــأن‪ ،‬جــاءه زمــاء لــه يبــدو عليهــم القلــق واالضط ـراب‬ ‫خاطبــه أحدهــم‪:‬‬ ‫ هيا أرسع عليك تقديم التامس لقائد الحرس املليك‪.‬‬‫ التامس أي التامس؟!!‬‫ حدث خطأ وضعوك يف قامئة الجز‪.‬‬‫ضحك يرد عىل زميله‪:‬‬ ‫ الخــراف البوليســية تنتــج الصــوف رمبــا يف الغــد تحــل‬‫محــل النعــاج الشــغاالت وتعمــل عملهــن‪.‬‬ ‫رد زميل آخر يحثه للتحرك الرسيع‪:‬‬ ‫ رمبــا حــدث خطــأ أو مكيــدة وقــد تجــد نفســك عــى‬‫قامئــة الذبــح ال الجــز‪.‬‬ ‫مل يعــر كلــات زميلــه اهتــام وراح يف نوبــة قهقهــة‪ ،‬جعلتــه‬ ‫يتوقــف عــن فــض غــاف ســيجاره الكويب‪.‬‬ ‫يف صباح اليوم التايل كانوا يجرونه نحو املجزر‪.‬‬ ‫بعــد خمســة عــر يومـاً مــن تقدمــه بتوســل وقــع ملفــه‬ ‫مصادفــة أمــام العاهــل األعظــم فجاءتــه يف اليــوم ذاتــه‬ ‫مجموعــة مــن أجمــل جميــات النعــاج تبــره‪:‬‬ ‫‪ -‬متت ترقيتك ونقلك لجناح الكباش‪.‬‬

‫حممد عبد اهلل اهلادي *‬

‫لنجيــب محفــوظ قصــة قصــرة يف‬ ‫كنت أعل ُم‬ ‫ُ‬ ‫خــارة القــط األســود ) اســمها (‬ ‫مجموعتــه ( َّ‬ ‫واي‬ ‫أنَّني ال أعني أحدا ً ِس ْ‬ ‫ج َّنـ ُة األطفــال ) ‪ ،‬البطــل الرئيــي يف القصــة هــو‬ ‫حتّى أيب وأ ّمي‪،‬‬ ‫( الحــوار ) الــذي يتس ـيَّد الــرد ســيادة كلَّيــة ‪،‬‬ ‫السام ُء ع ّني‬ ‫شَ غلتْ ُهام َّ‬ ‫ويحــارصه يف جمــل قليلــة ‪ ،‬كأمنــا اضطــر إليهــا‬ ‫لذلك أعدَدتُ أكفاين‬ ‫محفــوظ اضطـرارا ً لتــؤدي دور أدوات الربــط ال‬ ‫ألحتفي بجنازيت ‪..‬‬ ‫أكــر ‪ .‬الحــوار هــو األســاس يف فــن املــرح ‪،‬‬ ‫وحدي !‬ ‫لكــن محفــوظ وظَّفــه كحتميــة بنائيــة يف قصــة‬ ‫**‬ ‫تعتمــد حكايتهــا عــي ســجال بــن طفلــة و‬ ‫سيئ ٌة أنا‬ ‫أبيهــا ‪ ،‬طفلــة مل تتقبــل براءتهــا أن تبتعــد عنهــا‬ ‫مبا يكفي ﻹفسا ِد مزا ِج الكون‬ ‫صديقتهــا حتــى يف حصــة الديــن ‪ ،‬فهــي مســلمة‬ ‫ِ‬ ‫يخاص ُم ِني ال َّنه ُر‪،‬‬ ‫وصاحبتهــا مســيحية ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فأغرق م ّرتني !‬ ‫والقصة تبدأ مبارشة بهذا الحوار ‪:‬‬ ‫**‬ ‫( ـ بابــا ) ‪ ( ..‬ـ نعــم ) ‪ ( ..‬ـ أنــا وصاحبتــي ناديــة‬ ‫ُ‬ ‫يقول ع ّني دامئاً إنَّني األقوى ‪..‬‬ ‫دامئـاً مــع بعــض ) ‪ ( ..‬ـ طبعــا يــا حبيبتــي فهــي‬ ‫ملَ ال ‪..‬‬ ‫صاحبتــك ) ‪...‬‬ ‫وأنا سيّد ُة هذا الحزنِ بال ُمنازع‪،‬‬ ‫ثــم يتوالــد الحــوار يف متواليــة مســتمرة مــا‬ ‫الطريق إلي ِه بدمو ٍع تبتسم‪،‬‬ ‫أع ُرب‬ ‫َ‬ ‫بــن ســؤال وجــواب ‪ .‬فســؤال الطفلــة حتــاً‬ ‫خلف ابتسامتي؛‬ ‫وأخبّ ُئ قلبي َ‬ ‫يقودهــا إيل أســئلة أخــرى ‪ ،‬أســئلة غالبــاً مــا‬ ‫يك ال يرى العابرو َن‬ ‫تكــون مفاجئــة أو صعبــة ‪ .‬وإجابــات األب‬ ‫أث َر النزيف ‪!!..‬‬ ‫ـ التــي تجاهــد يف االقــراب مــن عــامل طفلتــه‬ ‫**‬ ‫ـ تــأيت قــرا ً منقوصــة أو مراوغــة أو حائــرة ‪،‬‬ ‫زلت ‪..‬‬ ‫ما ُ‬ ‫وهــي تحــاول املواءمــة بــن حقائــق الحيــاة‬ ‫أطوي املساف َة بيننا ‪..‬‬ ‫الكــرى وقناعــات العقــل الصغــر ‪ ،‬فتدفــع هــي‬ ‫عرشي َن جرحاً‪ ،‬أو يزيد !‬ ‫أيضــاً بالحــوار قدمــاً للمزيــد مــن األســئلة ‪..‬‬ ‫خاوي ٌة َ‬ ‫تلك املسافاتُ التي خلَّفَتني رمادا‬ ‫وهكــذا متــي بنــا القصــة مــن موضــوع مهــم‬ ‫عاريةٌ‪ ..‬إال من الري ِح؛ تصف ُر يف دمي‬ ‫آلخــر أهــم ‪ ،‬ومــن قضيــة شــائكة ألخــرى أكــر‬ ‫أيّها العازف ‪:‬‬ ‫َّــت تحــوم‬ ‫شــوكاً ‪ ،‬لك َّنهــا يف كل األحــوال ظل ْ‬ ‫املصلوب قي َد رضاك‪..‬‬ ‫أنا نايُ َك‬ ‫ُ‬ ‫حــول القضيــة الرئيســية التــي أثارتهــا الطفلــة‬ ‫برغمِ الجرا ِح ‪..‬‬ ‫‪ ،‬والتــي متثــل لــدى محفــوظ الفكــرة الرئيســية‬ ‫أغ ِّني !‬ ‫* شاعرة مصرية التــي يطرحهــا عملــه ‪.‬‬

‫العمــل الفنــي ال يعــدم حيلتــه أبــدا ً لــدى‬ ‫نجيــب محفــوظ ‪ ،‬فالســكارى يف « ثرثــرة فــوق‬ ‫النيــل « يرثثــرون حتــاً فيــا يتحفــظ عليــه‬ ‫اآلخــرون مــن األصحــاء والعقــاء ‪ .‬والدراويــش‬ ‫واملعتوهــون واملجانــن وغريهــم منــاذج برشيــة‬ ‫موجــودة بكــرة يف أعــال محفــوظ عندمــا‬ ‫تســتدعيهم الــرورة الفنيــة أن يقولــوا أو‬ ‫يفعلــوا الكثــر ‪ .‬لذلــك فــإن الطفلــة ‪ /‬الــراءة‬ ‫هنــا ‪ ،‬لــن يكبحهــا كابــح بعــد يف الســؤال عــا‬ ‫يجهلــه عقلهــا الصغــر ‪ ،‬أو تقبلــه فطرتهــا‬ ‫الســليمة مــن ترصفــات الكبــار وحســاباتهم‬ ‫الخاصــة ‪:‬‬ ‫( ـ مل يــا بابــا ؟ ) ‪ ( ..‬ـ ألنــك لــك ديــن وهــي لهــا‬ ‫ديــن آخــر ) ‪ ( ..‬ـ كيــف يــا بابــا ؟ ) ‪ ...‬ومتــي‬ ‫األســئلة ‪ :‬إذا كانــت تعبــد اللــه وأنــا أعبــد اللــه‬

‫فلــاذا هــي يف حجــرة وأنــا يف حجــرة أخــرى ؟‬ ‫‪ ..‬ومــن هــو اللــه يــا بابــا ؟ ‪ ..‬أيــن يعيــش ؟ ‪..‬‬ ‫أريــد أن أراه ‪..‬‬ ‫وتنحــو القصــة بالســؤال عــن اللــه يف الديانتــن‬ ‫الســاويتني ‪:‬‬ ‫( ـ لكــن ناديــة قالــت أنــه عــاش عــي األرض )‬ ‫‪ ( ..‬ـ ألنــه يــرى يف كل مــكان وكأنــه يعيــش يف‬ ‫كل مــكان ) ‪ ( ..‬ـ وقالــت إن النــاس قتلــوه ) ‪..‬‬ ‫( ـ كالَّ يــا حبيبتــي ‪ ،‬ظ ُّنــوا أنهــم قتلــوه ولكنــه‬ ‫حــي ال ميــوت ) ‪..‬‬ ‫وهكــذا تســتمر الطفلــة يف أســئلتها عــن املــرض‬ ‫واملــوت والج َّنــة والنــار ‪..‬‬ ‫ورغــم أن أســئلة القصــة ظلــت صعبــة ‪ ،‬فــإن‬ ‫اإلجابــات ظلــت غــر مكتملة ‪ ،‬وحســم محفوظ‬ ‫القضيَّــة يف نهايــة األمــر حس ـاً ال يقبــل نقض ـاً‬ ‫وال إبرامـاً ‪ ،‬حسـاً يســتمد حيثياتــه مــن املنابــع‬ ‫األوىل للــراءة والطفولــة والفطــرة الســليمة ‪،‬‬ ‫عندمــا قــال ‪:‬‬ ‫ـت فشــعر مبــدى مــا حـ َّـل‬ ‫( وتنهــدتْ ثــم صمتـ ْ‬ ‫بــه مــن إرهــاق ‪ .‬مل يــدر كــم أصــاب وال كــم‬ ‫أخطــأ ‪ .‬وحــرك تيــار األســئلة عالمــات اســتفهام‬ ‫راســبة يف أعامقــه ‪ .‬ولكــن الصغــرة مــا لبثــت‬ ‫هتفــت ‪:‬‬ ‫أن‬ ‫ْ‬ ‫ـ أريد أن أبقى دامئاً مع نادية ‪.‬‬ ‫فنظر إليها مستطلعاً ‪ .‬فقالت ‪:‬‬ ‫حصة الدين ! ‪) .‬‬ ‫ـ حتى يف َّ‬ ‫وتنتهــي القصــة عنــد هــذا الحــد ‪ ،‬رغــم أن‬ ‫محفــوظ أراد لهــا بــرورة قــد تبــدو غــر فن َّيــة‬ ‫لــدى البعــض ‪ ،‬أن متتــد لبضعــة أســطر أخــرى‬ ‫‪ ،‬يف حــوار آخــر بــن األب واألم التــي نكتشــف‬ ‫أنهــا كانــت تنصــت طــوال الوقــت رغــم‬ ‫انشــغالها بالتطريــز ‪.‬‬

‫* روائي مصري‬

‫حرمل الثقافة‬

‫* كاتب مصري‬

‫من قصيدة مرثية‬ ‫لعبد اهلل‬ ‫حمدو خلوف‬ ‫أعبد الله هل ضاقت بك األبواب?‬ ‫أعبد الله ال ترحل‬ ‫متهل ليلة أخرى‬ ‫فام زالت مراكبنا مهشم ًة‬ ‫وما زلنا نتوق لرؤية األحباب‬ ‫أعبد الله كيف صباحك التايل?‬ ‫وكيف تغادر الزمالء دون وداع‬ ‫كيف تركت باب الفصل مفتوحاً‪ ,‬ومل ترجع?‬ ‫دفاترك التي ضاعت تعود إليك ثانية‬ ‫وتسأل عنك هل ترجع?‬ ‫أتكتب مرة أخرى?‬ ‫أمتحو مرة أخرى?‬ ‫أتحفظ مرة أخرى?‬ ‫أتقرؤها رسائلك التي ارتجفت?‬ ‫أترسلها? أتطويها?‬ ‫قبيل أن تطوي مخالب موتك األحمق‬ ‫مشاعرك الطفولية‬ ‫وعبد الله يستلقي‬ ‫وحيدا ً كان يستلقي‬ ‫وآالف من األقدام ماضية‬ ‫وآالف العيون تجيء أو متيض‬ ‫عجيب كيف ال تبيك!!‬ ‫أعبد الله‪ ..‬هل أبيك وأعتذر?‬ ‫أعبد الله أنت اآلن تستلقي‬ ‫وآالف من األحالم يف شفتيك قد يبست‬ ‫وحيدا ً أنت تستلقي‬ ‫وال شيئاً سوى الدود‬ ‫وتابوت‪..‬‬ ‫وصمت ما له ح ُّد‬ ‫أعبد الله‪ ...‬هل أبيك وأعتذر‪?..‬‬

‫قصاص األثر‪..‬‬ ‫رواي��ة جديدة للروائي الس��وري خلي��ل النعيمي‬ ‫عــى هامــش معــرض القاهــرة الــدويل للكتــاب‪ ،‬تحــدث الــروايئ الســوري‬ ‫«قصــاص األثــر» التــي صــدرت عــن‬ ‫خليــل النعيمــي عــن روايتــه الجديــدة ّ‬ ‫املؤسســة العربيــة للدراســات والنــر يف بــروت وعـ ّـان قائ ـاً‪ :‬إن روايتــه‬ ‫تناولــت االســتياء الــذي يصيــب ال ـراوي‪ ،‬ويجعلــه يغــادر منزلــه أو البــؤرة‬ ‫التــي هــو فيهــا‪ ،‬مــن أجــل أن يلقــى رمبــا حريتــه النهائيــة يف الطريــق‪ ،‬ويف‬ ‫هــذا املعنــى وصفهــا بأنهــا روايــة «النــزوح الســوري» بعــد الدمــار الــذي‬ ‫أصــاب ســوريا‪.‬‬ ‫وحــول الحجــر عــى الــرأي ومصــادرة املعرفــة‪ ،‬أوضــح النعيمــي أن الوطــن‬ ‫العــريب كلــه حجــر عــى الكتابــة واألخــاق والســلوك‪ ،‬ويف دول الــرق‬ ‫األوســط ال ميكــن للمواطــن العــريب أن ينــال أيــة حريــة‪ ،‬ســواء يف االعتقــاد‪،‬‬ ‫أو السياســة أو الســلوك‪ ،‬أو التعبــر عــن الــرأي‪ ،‬واصفــاً‬ ‫الوطــن العــريب يف القــرن الواحــد والعرشيــن باملجتمــع غــر‬ ‫النموذجــي‪ ،‬وأن كل مــا فيــه يــؤدي إىل قمــع الفــرد وتهميشــه‪،‬‬ ‫واســتغالله مــن قبــل الســلطة السياســة والدينيــة‪.‬‬ ‫وذكــر النعيمــي بأنــه زار كل بلــدان الكــرة األرضيــة‪ ،‬ووجــد‬ ‫أن البقعــة األرضيــة الوحيــدة التــي تحــاول أن تفــرض هيمنــة‬ ‫الديــن عــى السياســة هــي الوطــن العــريب‪ ،‬واصفــاً ذلــك‬ ‫بـ»املخلفــات الفكريــة» بحســب تعبــره‪ ،‬ألن الديــن عبــادة‪،‬‬ ‫وكل إنســان حــر يف ديانتــه‪ ،‬لكــن السياســة مختلفــة وتخضــع‬ ‫لقوانــن وســلطة ترشيعيــة وتنفيذيــة‪ ،‬ويتصــور بحكــم التطــور‬

‫اإلنســاين أنــه مــن املســتحيل أن تنجــح تجربــة إخضــاع السياســة للديــن‪ ،‬وال‬ ‫مجــال للدمــج بــن االثنــن‪.‬‬ ‫يذكــر أن الكاتــب خليــل النعيمــي مــن الروائيــن والكتــاب الســوريني الذيــن‬ ‫عانــوا مــن ســلطة البعــث القمعيــة‪ ،‬وأجــر عــى مغــادرة ســورية‪ ،‬فـرارا ً مــن‬ ‫القمــع الــذي اســتفحل ليصــل إىل القيــام بــكل هــذه املذابــح‪ ،‬واملجــازر عــى‬ ‫األرض الســورية‪ ،‬التــي يرتكبهــا النظــام االســتبدادي ويتنكــر لــكل جرامئــه‪،‬‬ ‫كــا فعــل رأس النظــام‪ ،‬يف مقابلتــه األخــرة مــع البــي يب يس‪ ،‬التــي أنكــر‬ ‫فيهــا اســتعامل الرباميــل املتفجــر‪ ،‬التــي دمــرت أج ـزاء واســعة مــن ســورية‬ ‫أرض ـاً وشــعباً‪.‬‬

‫مح��زة رس��تناوي يف حماض��رة ع��ن اش��كاالت اهلوي��ة‬ ‫واملواطن��ة يف الري��اض‬ ‫ضمــن نشــاطات وفعاليــات الجاليــة الســورية يف منتــدى الحــوار الوطنــي‬ ‫الدميقراطــي الســوري يف مدينــة الريــاض ألقــى الباحــث الدكتــور حمــزة‬ ‫رســتناوي بتاريــخ ‪ 2015 -2-13‬محــارضة بعنــوان اشــكاالت الهويّــة واملواطنــة‪،‬‬ ‫تالهــا العديــد مــن الحــوارات واملداخــات ذات الصلــة باملحــارضة‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫ـت‬ ‫ألمســية شــعرية وفق ـرات موســيقية للدكتــور صمــود العمــر‪ ..‬وقــد توزّعـ ْ‬ ‫املحــارضة عــى املحــاور التاليــة‪ :‬مقدمــة مــع ورشــة عمــل حــول الهويــة‬ ‫واملواطنــة‪ -‬ميــزان املواطنــة واالحتــكام اىل معيــار عامــة النــاس‪ -‬األنســاق‬ ‫املعرفيــة والتعريفــات‪ -‬املواطنــة الضعيفــة تكشــف أكذوبــة الوطــن القــوي‪-‬‬ ‫اشــكالية الهويــة واملواطنــة يف ســوريا‪ -‬مقاربــات التصحيــح‪ -‬هــل املواطنــة‬ ‫لوحدهــا قــادرة عــى حــل االشــكاالت املتعلقــة بالهويــة‪.‬‬

‫أربعة مبدعني سوريني يف اجلوائز األوىل‪..‬‬ ‫جلائزة الشارقة لإلبداع العربي‪ -‬اإلصدار األول‬

‫أعلنــت دائــرة الثقافــة واإلعــام بحكومــة الشــارقة‪،‬‬ ‫يف ‪ ،2015/2/16‬عــن نتائــج الــدورة الـــ‪ 18‬لجائــزة‬ ‫الشــارقة لإلبــداع العــريب ـ اإلصــدار األول‪ ،‬التــي‬ ‫تخــص املخطوطــات املعــدة لإلصــدار األول للكاتــب أو‬ ‫الكاتبــة‪ ،‬ومل يســبق نرشهــا يف كتــاب‪.‬‬ ‫و اســتقطبت الجائــزة أكــر مــن ‪ 300‬مشــارك‪ ،‬وســيتم‬ ‫يف نهايــة ابريــل املقبــل االطــاع عــى تجاربهــم و‬ ‫مشــاركاتهم ضمــن حفــل للجائــزة يتــم فيــه تكريــم‬ ‫الفائزيــن‪ ،‬حيــث نالــت الجائــزة مكانتهــا الفريــدة‬ ‫واملتميــزة يف املشــهد الثقــايف والفكــري واإلبداعي كونها‬ ‫مرتبطــة باإلصــدار األول وبالشــباب يف كامــل الوطــن‬ ‫العــريب ويف شــتى حقــول املعرفــة اإلنســانية‪( :‬القصــة‪،‬‬ ‫الروايــة‪ ،‬النقــد‪ ،‬أدب الطفــل‪ ،‬املــرح‪ ،‬والشــعر)‪.‬‬ ‫أمــا أســاء الفائزيــن فكانــت عــى النحــو التــايل‪،‬‬ ‫الشــعر‪ :‬لــؤي أحمــد محمــود عبداللــه مــن األردن‪ ،‬عــن‬ ‫مجموعتــه « ناقــف الحنظــل»‪ .‬وفــاء مطــاوع ســعيد‬ ‫ُ‬ ‫«تقــول‬ ‫جعبــور مــن األردن ثانيــاً عــن مجموعتهــا‬ ‫القصيــدةُ»‪ ،‬مصعــب يوســف بريوتيــة مــن ســورية‬ ‫ظــي»‪ .‬القصــة‬ ‫ُنــت أراو ُغ ِّ‬ ‫ثالثــاً عــن مجموعتــه «ك ُ‬

‫القصــرة‪ :‬جــاء يف املركــز األول‪ ،‬أميــن ســليامن األحمــد‬ ‫مــن ســورية عــن مجموعتــه «أنثــى املــاء»‪ .‬فضيــل‬ ‫محمــد أحمــد مــن الســودان ثانيــاً عــن مجموعتــه‬ ‫«زمهريــق»‪.‬‬ ‫رشيــف عــي مــن مــر ثالثـاً عــن مجموعتــه «تحــت‬ ‫الكوبــري»‪ .‬ويف حقــل الروايــة‪ ،‬أســامة قرطــام مــن‬ ‫مــر أوالً عــن روايتــه «رواق البغداديــة»‪ ،‬همــدان‬ ‫زيــد دمــاج مــن اليمــن ثاني ـاً عــن روايتــه «جوهــرة‬ ‫التَّ ْعكــر»‪« ،‬مناصفــة»‪ :‬آمــال عبدالحليــم عبدالحليــم‬ ‫مــن «مــر» عــن روايتهــا «رومثــان أزرق» و ميلــود‬ ‫يربيــر مــن الجزائــر عــن روايتــه «جنــوب امللــح»‪ .‬يف‬ ‫فئــة املــرح جــاء إبراهيــم بــن حامــد بــن ســعيد‬ ‫الحــاريث مــن الســعودية عــن مرسحيتــه «ومل ُ‬ ‫يــك‬ ‫شــيئاً» يف املرتبــة األوىل‪ ،‬حســام رشــاد األحمــد مــن‬ ‫ســورية ثاني ـاً عــن مرسحيتــه «بارانويــا»‪ ،‬عــي عدنــان‬ ‫آل طعمــة مــن العـراق ثالثـاً‪ ،‬عــن مرسحيتــه «يوســف‬ ‫ملــك إســبانيا»‪ .‬يف مجــال أدب الطفــل‪ :‬يف املرتبــة‬ ‫األوىل رامــة محمــد عيــان مــن ســورية عــن مجموعتهــا‬ ‫«الشــجرة الباكيــة وقصــص أُخــرى»‪ ،‬هــاين عبدالرحمــن‬ ‫عبداملقصــود القــط مــن مــر ثاني ـاً عــن مجموعتــه‬

‫«تحــت ســاء اللــه»‪ ،‬واملرتبــة الثالثــة «مناصفــة»‬ ‫بــن هنــد الظهــوري من«اإلمــارات» عــن مجموعتهــا‬ ‫«الحقــول الذهبيــة» وســارة محمــد مــن مــر عــن‬ ‫مجموعتهــا «أرسار القمــر»‪ .‬يف مجــال النقــد جــاء يف‬ ‫املرتبــة األوىل د‪.‬رجــاء عــي مــن مــر عــن دراســتها‬ ‫«الخطــاب البــري يف قصــص األطفــال «اللــون ـ الخــط‬ ‫ـ الصــوت ـ الحركــة» منــاذج‪.‬‬ ‫رحمــة اللــه أوريــي مــن الجزائــر ثانيــة عــن دراســتها‪:‬‬ ‫«اســتطيقا علــم جــال‪ ..‬قصــص األطفــال مــن الحوامــل‬ ‫املكتوبــة إىل الحوامــل املرئيــة»‪ .‬أحمــد عيــد مــن مــر‬ ‫ثالثــاً عــن دراســته «األدوات البرصيــة ألدب الطفــل‬ ‫املصـ ُور وأثرهــا عــى إبــداع الطفــل وثقافتــه البرصيــة‪..‬‬ ‫دراســة تحليليــة‪.‬‬ ‫ويذكــر بــأن املبدعــن الســوريني يتصــدرون الكثــر‬ ‫مــن القوائــم األوىل يف معظــم الجوائــز العربيــة‪ ،‬ورغــم‬ ‫الظــروف القاهــرة التــي ميــر بهــا الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫وميــر بهــا املبدعــون الســوريون‪ ،‬فــا تـزال الكثــر مــن‬ ‫الجوائــز األوىل يحتلهــا املبدعــون الســوريون وبجــدارة‬ ‫فنيــة كبــرة تعــر عــن أهميــة املبــدع الســوري يف عــامل‬ ‫اإلبــداع العــريب والعاملــي‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫غريب الدار‬

‫هل كان القصف‬ ‫اإلسرائيلي إليران‪..‬‬ ‫هو احلل؟‬

‫إبراهيم العلوش‬

‫قبــل عــدة ســنوات ظهــر نتنياهــو عــى منــر األمــم املتحــدة‪،‬‬ ‫وهــو يحمــل لوحــة‪ ،‬مرســوم عليهــا ســاح نــووي إي ـراين قيــد‬ ‫اإلنتــاج‪ ،‬وكان ينبــه العــامل إىل خطــر إيــران القــادم‪ ..‬ويدعــو‬ ‫إىل قصــف املنشــآت العســكرية اإليرانيــة‪ ،‬قبــل أن تقــوم هــذه‬ ‫املنشــآت باالعتــداء عــى العــامل ومنــه إرسائيــل كــا قــال يومها‪..‬‬ ‫كانــت الطائـرات اإلرسائيليــة تقــوم بتدريبــات مكثفــة‪ ،‬لقصــف‬ ‫املنشــآت اإليرانيــة‪ ،‬وكادت عمليــات القصــف أن تنجــز‪ ،‬خــال‬ ‫شــهور‪ ،‬مــن بعــد ذلــك الخطــاب الــذي نبــه العــامل كلــه إىل خطر‬ ‫إيـران‪ ،‬والــذي صــار ينافــس الخطــر اإلرسائيــي يف املنطقــة!‬ ‫اســتنكرنا يومهــا‪ ،‬أن تقــوم إرسائيــل بقصــف إيــران الدولــة‬ ‫اإلقليميــة‪ ،‬وإكرامــا ألهلهــا املأســورين يف كذبــة واليــة الفقيــه!‬ ‫لكــن إيـران اليــوم تقــوم بتدمــر بلدنــا ســورية‪ ،‬وتحطــم كيــان‬ ‫وجودنــا‪ ،‬وتبــث الحقــد الطائفــي‪ ،‬وينفذ حرســها الثــوري اإليراين‬ ‫املذابــح‪ ،‬واملجــازر ضــد املدنيــن الســوريني‪ ،‬بدافــع التدمــر‬ ‫والهيمنــة‪ ،‬واالنتقــام الطائفــي األعمــى‪ ،‬ورمبــا الحقــد التاريخــي!‬ ‫لــو حــدث القصــف اإلرسائيــي‪ ،‬ضــد املنشــآت العســكرية‬ ‫اإليرانيــة حينهــا‪ ،‬لكانــت إيـران بعيــدة عنــا اليــوم‪ ،‬وبعيــدة عــن‬ ‫لعــب دورهــا الرشيــر ضــد شــعبنا الســوري‪ ،‬فالدمــار والقتــل‬ ‫الــذي تقــوم بــه إيـران كل يــوم يف ســورية‪ ،‬يفــوق بأضعــاف‪ ،‬كل‬ ‫مــا تعرضنــا لــه يف تاريخنــا املعــارص!‬ ‫إيـران دولــة مــن دول الــر مــن وجهــة نظــر شــعبنا الســوري‪،‬‬ ‫عــى األقــل‪ ،‬ناهيــك عــن وجهــة النظــر األوربيــة واألمريكيــة‪.‬‬ ‫واليــوم وبعــد تالقــي املصالــح اإليرانيــة‪ ،‬مــع املصالــح‬ ‫اإلرسائيليــة‪ ،‬لتدمــر بلدنــا تقــوم إي ـران بــدور همجــي‪ ،‬تــزرع‬ ‫الحقــد والهمجيــة‪ ،‬وتدفــع املتطرفــن ألن يكونــوا أكــر وحشــية‬ ‫وأكــر حقــدا ً مــن الحقــد اإليــراين الدفــن!‬ ‫ليــس لنــا إال شــعبنا‪ ،‬وأبنــاء شــعبنا للتخلــص مــن وبــاء االحتــال‬ ‫اإليـراين‪ ،‬بــكل مكوناتــه املذهبيــة والتاريخيــة التــي تســبق قيــام‬ ‫اإلســام نفســه!‬ ‫إيــران اليــوم دولــة احتــال اســتيطاين تعمــل عــى الرتحيــل‬ ‫الجامعــي‪ ،‬وعــى إعــادة التوطــن‪ ،‬ونهــب العقــارات باالبت ـزاز‬ ‫والتهديــد‪ ،‬لتمتلــك مســاحات واســعة مــن دمشــق‪ ،‬ومــن حلــب‪،‬‬ ‫ومــن حمــص باملــال‪ ،‬وبالهتافــات الطائفيــة‪ ،‬املدعومــة باألســلحة‬ ‫الروســية‪ ،‬وبالفاشــية البوتينيــة‪ ،‬التــي تزيــد الحقــد والتدمــر‬ ‫وتســتمتع بقتــل الســوريني!‬

‫يا ساري الليل‬

‫موان وادي‬ ‫خلف ّ‬

‫يا ساري الليل أرسج يف ال ّدجى شجني‬ ‫أودع هزيع النوى َ‬ ‫موال نجوانا‬ ‫ ‬ ‫يا ساري الليل أعذرين فقافيتي‬ ‫تبيك عىل طللٍ هامت مطايانا‬ ‫ ‬ ‫قد م َّر عا ٌم وأعوا ٌم له سبـــــقت‬ ‫قلب عىل التذكار نشوانا‬ ‫ ‬ ‫واهتز ٌ‬ ‫إين التجأت إىل القرطاس أنشد ُه‬ ‫حزين النبيل عىس يروي حكايانا‬ ‫ ‬ ‫القلب يف جلباب أغني ٍة‬ ‫وينسج‬ ‫َ‬ ‫قد بادلتني لبوس العشق اِشجانا‬ ‫ ‬ ‫وساجلتني بسفح البوح خمرتها‬ ‫وغبت يف راحها املحمومِ سكرانا‬ ‫ ‬ ‫أسامر اآله مكلوماً عىل وطنٍ‬ ‫قد كان للكون ميزاناً وعنواناِ‬ ‫ ‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫‪KARLAR ÜLKESİNDEN GELEN MEKTUBA CEVAP‬‬

‫قدم��ت حصيل��ة موق��ع الذاك��رة اإلبداعي��ة للث��ورة الس��ورية‬

‫س��نا يازجي‪ :‬لس��ت خجلة حني أقول حربًا‪ ..‬وال ساذجة حني أقول ثورة‬

‫أنــا هنــا ألتحــدث عــن ذاكــرة وتوثيــق ثــورة تحولــت إىل‬ ‫حــرب طاحنــة مدمــرة الخــارس فيهــا اإلنســان الســوري‪.‬‬ ‫واســتدركت «لســت خجلــة حــن أقــول حرب ـاً‪ ،‬وال ســاذجة‬ ‫حــن أقــول ثــورة»‪ .‬هكــذا قدمــت مؤسســة موقــع‬ ‫الذاكــرة اإلبداعيــة للثــورة الســورية‪ ،‬ســنا يازجــي‪ ،‬نفســها‪،‬‬ ‫ومحارضتهــا‪ ،‬يف النــدوة التــي اســتضافها هامــش (املركــز‬ ‫الثقــايف الســوري يف اســطنبول)‪ ،‬االثنــن ‪ 23‬شــباط ‪،2014‬‬ ‫يف صالــة غاالطــة‪.‬‬ ‫حــر النــدوة التــي حملــت عنــوان «توثيــق وسياســات‬ ‫الذاكــرة يف ســوريا» أكــر مــن ‪ 70‬شــخصاً‪ ،‬أغلبهــم مــن‬ ‫األتــراك‪ ،‬وقــدم للنــدوة ياســن الحــاج صالــح‪ ،‬وقامــت‬ ‫بالرتجمــة بــن العربيــة والرتكيــة شــناي أوزدن‪ ،‬مــن هامــش‪.‬‬ ‫وباســتدراك آخــر‪ ،‬قالــت يازجــي «نعــم‪ ،‬كانــت هنــاك ثــورة‬ ‫واغتيلــت‪ ،‬لكــن قضيــة الحــق العادلــة باقيــة‪ ،‬وبقاؤهــا‬ ‫مرهــون بحامليهــا ومبــا يبذلونــه مــن جهــد إلبقائهــا حيــة‪،‬‬ ‫يف الضمــر الســوري أوالً‪ ،‬ويف ضمــر اإلنســانية ثانيــاً‪ ،‬يك ال‬ ‫تتحــول إىل مجــرد ذكــرى طُويــت صفحتهــا‪ ..‬أنــا هنــا ألقــول‬ ‫مــا قالــه كــر غــري‪ :‬يف مــكان مــا بعينــه‪ ،‬يف زمــن مــا بعينــه‪،‬‬ ‫هــذا مــا حــدث‪ ..‬يك ال ننــى‪ ..‬يك ال يضيــع الحــق‪ ..‬ويك نفــي‬ ‫شــهداءنا حقهــم‪ ،‬ويك يكــون ملوتهــم معنــى»‪.‬‬

‫األكثر توثيقاً‬

‫حاولــت يازجــي اإلجابــة عــى ســؤال‪ :‬ملــاذا وكيــف وثقــت‬ ‫الثــورة الســورية نفســها‪ ،‬مؤكــدة أن الثــورة الســورية هــي‬ ‫األكــر توثيق ـاً عــى اإلطــاق‪.‬‬ ‫فمــن ناحيــة‪ ،‬يعــد التوثيــق حفــظ للذاكــرة‪ ،‬كذخــرة‬ ‫للمســتقبل‪ ،‬كــا أن الوثيقــة لهــا قــوة قانونيــة أمــام املحاكــم‬ ‫املحليــة والدوليــة ملحاســبة كل مــن أجــرم يف حق الســوريني‪،‬‬ ‫ابتــداء بالنظــام‪ ،‬ووصــوالً إىل كل مــن ارتكــب جرم ـاً بحــق‬ ‫الســوريني يف ثورتهــم‪ ،‬ومــا قبــل ثورتهــم‪.‬‬

‫بهــا يف توثيــق وأرشــفة املــواد اإلبداعيــة يف موقــع الذاكــرة‬ ‫اإلبداعيــة للثــورة الســورية «مــن غــر توافــر أدلــة توثــق‬ ‫صحــة ادعــاء مــا‪ ،‬ال ميكــن أن يتحــول هــذا االدعــاء إىل‬ ‫حقيقــة تواجــه األكاذيــب والشــائعات بشــهادات تســتند إىل‬ ‫حقائــق تحــارص الجرميــة ومتهــد الســتعادة الحقيقــة وضامن‬ ‫العدالــة بقــوة القانــون عندمــا تتحقــق دولــة القانــون يومـاً‬ ‫مــا‪ .‬وألن هنــاك جانبـاً كبـرا ً مــن الحقيقــة ال ميكــن التعــرف‬ ‫عليــه مــن خــال التفاصيــل املتفرقــة واملبعــرة هنــا وهنــاك‪،‬‬ ‫تــأيت أهميــة الجمــع والتوثيــق إلعطــاء الصــورة األمثــل»‪.‬‬ ‫ولهــذا نوثــق‪.‬‬ ‫وعــادت يازجــي بالذاكــرة إىل لحظــة حلــول االســتبداد يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬لــروي مــن ذاكرتهــا مالمــح مــن «األبــد الســوري»‪،‬‬ ‫الــذي تحــول إىل «املنــى الســوري»‪ ،‬حســب تعبــر ياســن‬ ‫الحــاج صالــح‪ .‬وبالرغــم مــن أن الفاعــل يف هــذا املنــى‬ ‫غــر مســترت يف ضمــر الســوريني‪ ،‬إال أن العاملــن القريــب‬ ‫والبعيــد ظــا متفرجــن غالب ـاً‪ .‬تقــول يازجــي «يف عمــر ‪14‬‬ ‫عامــاً خرجــت يف مســرة حاشــدة نقــول عنهــا عفويــة‪..‬‬ ‫كنــت أغنــي يف املســرة بأعــى صــويت وأنظــر إىل الســاء‬ ‫(يــا شمســنا يــا رمزنــا يــا حافــظ األســد‪ ...‬يــا حبنــا الباقــي‬ ‫إىل األبــد)‪ ..‬وإذا بحافــظ األســد يطــل مــن إحــدى الرشفــات‬ ‫ليحيــي الجامهــر‪ ،‬فــوق رأيس متامـاً‪ .‬نظــرت إليــه‪ُ ،‬صدمــت‪،‬‬ ‫ي»‪.‬‬ ‫ثــم أُغمــي ع ـ َّ‬

‫املواطن الصحفي‬

‫ذاكرة بصرية‬

‫وتــروي يازجــي يف الســياق «ســمعت حديثـاً عــى التلفزيون‬ ‫الســوري متــدح فيــه مواطنــة ســورية املحطــات املحليــة‬ ‫وتشــكرهم عــى أنهــم يطمئنــون الســوريني‪ ،‬وقالــت‪ :‬نشــعر‬ ‫حقيقــة إنــو مــا يف يش‪ ،‬وإنــو ســوريا بخــر‪ .‬فقــال لهــا‬ ‫املذيــع‪ :‬عــال‪ ..‬طيــب ال تحطــي عــى غــر محطــات‪ .‬فقالــت‬ ‫لــه‪ :‬يــي مــا بدنــا نعــرف شــو عــم يصــر!»‪.‬‬ ‫وقالــت يازجــي شــارحة مضمــون املوقــع «الزاويــة التــي‬ ‫يأخذهــا موقــع الذاكــرة اإلبداعيــة للثــورة الســورية هــي‬ ‫باملجمــل برصيــة‪ ،‬واملوقــع معنــي بشــكل جوهــري بالتعبــر‪.‬‬ ‫نحــن معنيــون بـــ كيــف عــر الســوريون‪ ،‬أفـرادا ً وجامعــات‪.‬‬ ‫مــاذا قالــوا‪ ،‬وكيــف أبدعــوا‪ ،‬أو ابتدعــوا مــن طــرق ســلمية‬ ‫لالحتجــاج واملقاومــة‪ .‬كيــف حاولــوا بإبداعاتهــم إعــادة‬ ‫إنتــاج معــاين وجودهــم الســيايس واالجتامعــي»‪.‬‬

‫‪ 5000‬مادة‬

‫ثــم اســتعرضت بعــض املنشــور يف املوقــع الــذي وصــل عــدد‬ ‫املــواد فيــه إىل خمســة آالف مــادة تجمعــت يف البدايــة‬ ‫بشــكل الهــث خوفـاً مــن ضياعهــا‪ ،‬ومــن ثــم بــدأ التوثيــق‬ ‫الــذي يســتند إىل أعــى درجــات املهنيــة ويســتند إىل قواعــد‬ ‫متعــارف عليهــا تحــرم امللكيــة الفكريــة وحقــوق النــر‪.‬‬ ‫يعمــل يف املوقــع عــرة أشــخاص‪ ،‬وتدعمــه جهــات عــدة‪.‬‬ ‫انطلــق املوقــع يف أيــار ‪ 2013‬باللغتــن العربيــة واإلنجليزيــة‬ ‫يف آن معــاً‪ ،‬ومبحتــوى مــن ‪ 200‬مــادة منوعــة‪ .‬وشــهد‬ ‫ترشيــن الثــاين ‪ 2013‬إطــاق النســخة الفرنســية‪.‬‬ ‫وتتــوزع مــواد املوقــع عــى ‪ 22‬صنفــاً مختلفــاً‪ :‬الجــدران‬ ‫والالفتــات‪ ،‬واملظاه ـرات‪ ،‬والفــن واملنشــورات‪ ،‬موثقــة مــن‬ ‫حيــث املــكان والزمــان وصاحــب العمــل كــا جــاء يف‬ ‫مصادرهــا‪ ،‬مبــا فيهــا األخطــاء اللغويــة واإلمالئيــة‪ ،‬إضافــة‬ ‫إىل دليــل باملؤسســات والجمعيــات املنتجــة لألعــال‪،‬‬ ‫واملبــادرات اإلبداعيــة‪ ،‬والرســوم‪.‬‬

‫بعــد ثالثــن ســنة مــن هــذه الواقعــة‪ ،‬تضيــف يازجــي «خرج‬ ‫الشــباب الســوري باندفــاع عــارم‪ .‬صــور الشــباب املنتفــض‬ ‫مقاطــع فيديــو‪ ،‬وصــورا ً فوتوغرافيــة لــكل مــا كان يقــوم‬ ‫بــه الســوريون مــن مبــادرات عــى أنواعهــا‪ .‬تــم تحميلهــا‬ ‫عــى شــبكة اإلنرتنــت‪ ،‬وعــى مواقــع التواصــل االجتامعــي‪،‬‬ ‫كإحــدى الوســائل األكــر رسعــة وطواعيــة للنــر‪ .‬وانهالــت‬ ‫مئــات الصفحــات واملواقــع الســورية للتوثيــق والنــر‪ ،‬ومــا‬ ‫لبثــت أن أصبحــت املصــادر الوحيــدة لإلعــام الخارجــي‬ ‫قوة الوثيقة‬ ‫والداخــي ملعرفــة مــا يجــري عــى األرض الســورية‪ .‬هــذا امللكية الفكرية‬ ‫واستشــهدت يازجــي بنصــوص قانونيــة تحــاول االسرتشــاد تطلــب مــن النظــام إنشــاء جيــش إلكــروين ملواجهــة ذلــك! شــهد النقــاش الــذي تال املحــارضة تركيـزا ً عىل جانــب حقوق‬

‫امللكيــة الفكريــة للمــواد املنشــورة يف املوقــع‪ ،‬بعــد أن قالــت‬ ‫يازجــي يف مــن املحــارضة «‪ ...‬يقــول الفرنســيون مثـاً‪ :‬مــاذا‬ ‫لــو أردنــا أن ننــى‪ ،‬كيــف ننظــم مــا نريــد نســيانه؟‪ .‬وهــو‬ ‫موضــوع ســجال بينهــم وبــن األملــان‪ ،‬والذيــن يعتــرون‬ ‫أن كل حــدث شــخيص ميــس الشــأن العــام يعتــر ذاكــرة‬ ‫جامعيــة ويخــرج مــن امللك ّيــة الخاصــة لصاحبــه»‪.‬‬ ‫كــا استشــهدت بنــص مــن كتــاب «ح ّمــى األرشــيف»‪،‬‬ ‫لجــاك ديريــدا «مــا مــن ســلطة سياســية دون ســيطرة عــى‬ ‫األرشــيف‪ ،‬إن مل يكــن عــى الذاكــرة‪ ،‬فالدميقراطيــة الحقيقية‬ ‫ميكــن قياســها دامئ ـاً يف حريــة الوصــول إىل األرشــيف»‪.‬‬ ‫وختمــت يازجــي (نحــن نوثــق لــرد عــى االدعــاء القائــل‪:‬‬ ‫ال ت ُرينــا الثــورة الســوريّة وث ّوارهــا نشــاطهم وقوتهــم…‬ ‫ال يــا ســادة‪ ،‬لقــد كشــفت الثــورة مــن ق ّوتهــا كل مســتور‬ ‫ومســكوت عنــه‪ ،‬وأظهــرت لنــا وللعــامل أن «اإلنســان» ال‬ ‫معنــى لــه أمــام املصالــح الكــرى‪ ،‬وســقط «كل يشء» أمــام‬ ‫أقــدام «ثــورة النــاس» التــي يريــد العامل أجمــع أن ننســاها)‪.‬‬

‫كادر سناء يازجي‬

‫• املؤسس��ة واحملررة الرئيسة ملوقع الذاكرة‬ ‫اإلبداعية للثورة السورية‪.‬‬ ‫• خرجي��ة كلي��ة الفن��ون يف دمش��ق‪ ،‬قس��م‬ ‫التصمي��م الغرافيك��ي‪.‬‬ ‫• مؤسس��ة وحمررة جملة «يوميات ثقافية»‬ ‫ال�تي كان��ت تص��در بالعربي��ة واإلنكليزي��ة يف‬ ‫دمش��ق ‪.2012 –2007‬‬ ‫• مؤسس��ة مب��ادرة «أل��وان» لدع��م األطف��ال‬ ‫الالجئني السوريني يف لبنان عن طريق الفن‪.‬‬

‫«احلرمل» اسطنبول ‪ -‬خاص‬

‫عندما سافر قطار درعا ووصل إىل محص‬ ‫علي العائد‬

‫«ماء الفضة» يفوز باجلائزة الكربى يف مهرجان ‪ if‬يف اسطنبول‬

‫فــوز فيلــم «مــاء الفضــة» لصان َعيْــه الســوريَّ ْي‪ ،‬أســامة‬ ‫ْ‬ ‫ســيامف بدرخــان‪ ،‬بالجائــزة الكــرى يف‬ ‫محمــد‪ ،‬ووئــام‬ ‫مهرجــان األفــام املســتقلة (‪ )if‬يف اســطنبول‪ ،‬يدخلنــا يف‬ ‫جــدل الفنــي والســيايس‪.‬‬ ‫الفيلــم وثيقــة سياســية حقوقيــة يقــدم فيهــا خــال ‪92‬‬ ‫دقيقــة كل مــا يديــن القاتــل أمــام أي محكمــة مســتقلة‬ ‫ســتأيت‪ ،‬وال شــك‪ ،‬يف وقــت قريــب‪ ،‬أو بعيــد‪ .‬وهــو يف‬ ‫الوقــت نفســه رشيــط فنــي أراد بــه صانعــاه إعــادة تشــكيل‬ ‫الواقــع اإلنســاين املأســاوي لتقدميــه جامليــاً ضمــن رشوط‬ ‫املأســاة التــي يعيشــها الســوريون منــذ أربــع ســنوات‪ ،‬ثــورةً‪،‬‬ ‫ومنــذ أكــر مــن ‪ 44‬ســنة‪ ،‬اســتبدادا ً مغلف ـاً باســتقرار أبــد‬ ‫الدكتاتوريــة يف «ســوريا – األســد»‪.‬‬ ‫أعلنــت نتائــج مســابقة املهرجــان يــوم األحــد ‪ 22‬شــباط‬ ‫املــايض‪ ،‬يف اليــوم األخــر للــدورة الخامســة عــرة منــه التــي‬ ‫ُعقــدت يف املــدة (‪ )22 - 12‬مــن الشــهر نفســه‪.‬‬ ‫وعنــد الســؤال‪ ،‬مــا هــي أولويــة الفنــي عــى الســيايس يف‬ ‫رشيــط ســيناميئ‪ ،‬ومــا هــو مــدى االســرخاء والتفكــر الــذي‬ ‫شــعر بــه صانعــوه املعلومــون واملجهولــون‪ ،‬ســيبدأ هنــا‬ ‫جــدل ال ينتهــي‪.‬‬ ‫الحاســم يف األمــر أن السياســة أوســع مــن حالــة طارئــة‬ ‫مثــل الثــورة الســورية‪ .‬والســينام فــن يســتطيع بهــا املبــدع‬ ‫الفنــان‪ ،‬حتــى لــو كان يقــدم قصــة ســاقطة أخالقيـاً‪ ،‬أن يقنع‬ ‫متابعيــه بأحقيــة الباطــل‪ .‬وانظــروا إىل مــا فعلتــه الســينام‬ ‫إلرسائيــل والصهيونيــة‪.‬‬ ‫ورغــم املكانــة األخالقيــة أوالً‪ ،‬والسياســية ثانيــاً‪ ،‬للثــورة‬

‫الســورية‪ ،‬تظــل الســينام يف حــد ذاتهــا سياســة‪ ،‬حتــى لــو‬ ‫كان موضوعهــا قصــة حــب يف حالــة مــن الرخــاء والســام‪.‬‬ ‫ومــع تضافــر الفنــي واألخالقــي‪ ،‬يســتطيع أســامة وسـ ْ‬ ‫ـيامف‬ ‫أن يعتـزا مبــا قدمــاه يف فيلمهــا «مــاء الفضــة»‪.‬‬ ‫قــدم «مــاء الفضــة» ســوريا بــن ‪ 9‬أيــار ‪ ،2011‬ومــا بعــد‬ ‫أيــار ‪ 2012‬بشــهور‪ ،‬حــن كانــت «الثــورة َملِــكاً»‪ .‬يف التاريــخ‬ ‫األول غــادر أســامة محمــد دمشــق إىل باريــس‪ ،‬عــى أن‬ ‫يعــود‪ ،‬ومل يعــد‪ .‬ذلــك اليــوم يصــادف يــوم إعــان النــر‬ ‫عــى الفاشــية‪.‬‬ ‫وئــام سـ ْ‬ ‫ـيامف بدرخــان ســورية كرديــة تعيــش يف حمــص‪،‬‬ ‫واســمها األوســط يعنــي «مــاء الفضــة»‪.‬‬ ‫يبدأ الحدث من درعا‪« :‬سافر قطار درعا»‪.‬‬ ‫والدة طفــل وقطــع حبلــه الــري‪ .‬معتقــل عــار‪ ،‬لكنــه‬ ‫واضــح‪ .‬حــذاء الجــاد يــدل عــى الجــاد املجهــول ‪ -‬املعلــوم‪.‬‬ ‫أنــا املؤلــف طاغيــة يف الفيلــم اتســاقاً مــع ظاهــرة املخــرج –‬ ‫املؤلــف يف الســينام «الرســمية» الســورية‪ .‬صحيــح أن ذلــك‬ ‫الحــوار الفيســبويك «تشــاتينغ» بــدا حـاً ال بــد منــه ليقــول‬ ‫الفيلــم قصــة عــى خلفيــة صــور وفيديوهــات مــن الثــورة ال‬ ‫يربطهــا ســوى الســقف العــايل للثــورة‪ ،‬لكــن ظهــور املخــرج‬ ‫باســمه وصفتــه مل يكــن رضوريــاً إىل هــذا الحــد وهــو‬ ‫يعيــش يف باريــس‪ ،‬عــى حــن كان ال بــد أن تقــدم سـ ْ‬ ‫ـيامف‬ ‫نفســها‪ ،‬باســمها‪ ،‬وبصفتهــا كناشــطة تحمــل الكامـرا وتعــر‬ ‫مــع الطفــل عمــر مــن فرجــة بنايتــن يحرســها قنــاص‪.‬‬ ‫كان ال بــد مــن تعريــف الضحيــة‪ .‬وبقــدر أكــر‪ ،‬رمبــا‪ ،‬كان ال‬ ‫بــد مــن مالحقــة الجــاد‪ .‬كامـرا سـ ْ‬ ‫ـيامف وضعــت الجــاد يف‬ ‫إطــار الصــورة يك ال يهــرب مســتقبالً‪.‬‬ ‫أمــا أســامة محمــد فــكان عليــه التخفــي بــرداء املخــرج‬

‫املحــرف‪ ،‬مثلــه مثــل املصوريــن املجهولــن أصحــاب أفــام‬ ‫اليوتيــوب الذيــن صــوروا ورفعــوا األفــام عــى شــبكة‬ ‫اليوتيــوب‪.‬‬ ‫أســامة محمــد‪ ،‬كمخــرج‪ ،‬فعــل مــا يفعلــه املحرتفــون‪،‬‬ ‫فأعــاد قــص شــتات مــن الصــور‪ ،‬ثــم لصقهــا‪ .‬يرافقــه حين ـاً‬ ‫صــوت تنبيــه «الفيســبوك تشــاتينغ»‪ ،‬وحينـاً صــوت نعمــى‬ ‫عم ـران األوب ـرايل‪ ،‬تهدهــد‪ ،‬وتهــدل‪ .‬يعلــو الصــوت‪ .‬حبــال‬ ‫صوتيــة تتهــدج بأصــوات برشيــة مــا قبــل لغويــة‪ ،‬وبعبــارات‬ ‫نرثيــة مقحمــة يف الغنــاء املجــرد‪ ،‬وداخلــة يف بــاب السياســة‬ ‫والتعــدد العرقــي يف ســوريا‪ ،‬وبعبــارات دالليــة أكــر منهــا‬ ‫تصويــت غنــايئ‪ .‬هنالــك دامئ ـاً مــا يقرتحــه أســامة محمــد‪،‬‬ ‫قبلنــا بذلــك‪ ،‬أم تســاءلنا عنــه‪ ،‬أو رفضنــاه‪.‬‬ ‫هــذه املالحظــات يف مجمــوع مــا وصلنــا مــن الفيلــم ال‬ ‫تشــكل نســبة كبــرة‪ ،‬إذ إن صــورة واحــدة مقربــة كانــت‬ ‫كافيــة لالندمــاج يف الفيلــم‪ ،‬نفســياً‪ ،‬بــل والحلــول يف عمــق‬ ‫املأســاة التــي مل نغادرهــا‪ .‬تســاوى هنــا الســوري وغــر‬ ‫الســوري‪ ،‬فمعظــم الذيــن شــاهدوا الفيلــم مــن أتــراك‬ ‫وأجانــب غــر ســوريني تلقــوا الصدمــة نفســها مــن الفيلــم‪،‬‬ ‫مــا يعنــي أن املعــادل الفنــي حققــه الفيلــم‪ ،‬ومل يقتــر‬ ‫الفيلــم عــى تقديــم بروباغنــدا‪ ،‬والربوباغنــدا باملناســبة‬ ‫ليســت دامئــاً عيبــاً‪.‬‬ ‫اســتطاع الفيلــم‪ ،‬فني ـاً‪ ،‬وبقــوة مظلوميــة الثــورة الســورية‬ ‫الوصــول إىل العــامل‪ ،‬عندمــا حصــد «مــاء الفضــة» جائــزة‬ ‫«جريرســون» ألفضــل فيلــم وثائقــي يف املســابقة الرســمية‬ ‫للــدورة ‪ 58‬يف مهرجــان لنــدن الســيناميئ يف أكتوبــر ‪.2014‬‬ ‫واليــوم‪ ،‬بعــد حصــده جائــزة مهرجــان األفــام املســتقلة‬ ‫(‪ )if‬يف اســطنبول‪ ،‬أكــد جدارتــه‪ ،‬بجهــد مئــات‪ ،‬ورمبــا آالف‬

‫الكام ـرات املجهولــة يف دمشــق ودرعــا‪ ،‬إضافــة إىل كام ـرا‬ ‫سـ ْ‬ ‫ـيامف التــي قدمــت كث ـرا ً مــن الصــور املقربــة (‪Close-‬‬ ‫‪ )up‬التــي يحبهــا الســيناميئ املحــرف‪ ،‬كــا قدمــت بصوتهــا‬ ‫املنفعــل بالحــدث حـرارة مختلفــة عن صــوت أســامة محمد‬ ‫الــذي بــدا بــارد النــرة وهــو يتأمــل الحــدث مــن بعيــد‪.‬‬ ‫فلــون الــدم يف الصــورة مختلــف عــن الحقيقــة‪ .‬وحــرارة‬ ‫الــدم ورائحتــه ال تظهــر يف الصــورة مهــا اجتهــد املونتــر‪ ،‬أو‬ ‫مصحــح األلــوان يف الفيلــم‪.‬‬ ‫نذكــر أن املهرجــان عــرض أيضـاً الفيلمــن الســوريني «بلدنــا‬ ‫الرهيــب» لــكل مــن محمــد عــي األتــايس وزيــاد حمــي‪،‬‬ ‫و»مســكون» للمخرجــة لــواء يازجــي‪.‬‬

‫مهرجان ‪If‬‬

‫تأســس مهرجــان اســطنبول الــدويل لألفــام املســتقلة (‪ )if‬يف‬ ‫عــام ‪ .2001‬ومنــذ ذلــك العــام اســتضاف يف فربايــر ومــارس‬ ‫مــن كل عــام‪ ،‬وحتــى ‪ ،2014‬أكــر مــن ‪ 80‬ألــف متابــع‪.‬‬ ‫تعكــس أفــام املهرجــان القضايــا املســتجدة يف العــامل‪ ،‬ولذلك‬ ‫اعتمــد منظمــوه عــى اســتحداث مــروع لتوزيــع األفــام‬ ‫ضمــن نشــاطاته‪ ،‬لتقاســم التجــارب الرائــدة‪ ،‬وعرضهــا ضمــن‬ ‫املهرجــان يف أكــر مــن ‪ 30‬مدينــة يف تركيــا ودول مجــاورة‬ ‫وقريبــة‪ ،‬منهــا فلســطني‪ ،‬وأرمينيــا‪.‬‬ ‫يف عــام ‪ ،2008‬أطلــق املهرجــان مســابقة دوليــة تتنافــس‬ ‫فيهــا األفــام عــى جائــزة تبلــغ ‪ 15‬ألــف دوالر‪.‬‬ ‫ويف عــام ‪ ،2014‬اســتحدث املهرجــان مســابقة دوليــة ثانيــة‬ ‫قيمتهــا ‪ 10‬آالف دوالر تُ نــح لفيلــم واحــد‪ ،‬أو مخــرج‪ ،‬يــرى‬ ‫العــامل مــن خــال عــن ناقــدة مؤمنــة أن عاملـاً آخــر ممكنـاً‪،‬‬ ‫ويثبــت أن الســينام ميكــن أن تحــدث تغيـرا ً‪.‬‬

‫حرمل املنوعات‬

‫‪15‬‬

‫‪yeni dünya duygusuz‬‬ ‫‪anneler, duygusuz‬‬ ‫‪babalar… Ve bunların‬‬ ‫‪çocukları... Hep beraber‬‬ ‫‪maç seyrediyor gibi‬‬ ‫‪katliama uğrayan şehirleri‬‬ ‫‪seyrediyoruz. Halep‬‬ ‫‪efsanelerde kaldı. Hama‬‬ ‫‪yine şehit.‬‬ ‫‪Bunu çok sonradan‬‬ ‫‪öğrendim Şiraze. İnsan ve‬‬ ‫…‪doğa arasındaki ilişkiyi‬‬ ‫‪Öfkeyi, hıncı, acımasızlığı,‬‬ ‫‪bencilliği azdıran çarpık‬‬ ‫‪ilişkileri hep kartopu‬‬ ‫‪oynayan çocuklar‬‬ ‫‪bozacak, biz bozacağız‬‬ ‫‪Şiraze. İnan bana Şiraze‬‬ ‫‪beton duvarlar arasında‬‬ ‫‪bir çiçek açacak. Adı‬‬ ‫‪Kardelendi bu çiçeğin.‬‬ ‫‪Şimdi de betonları‬‬ ‫‪delecek.‬‬ ‫‪Bütün bu trajedileri‬‬ ‫‪önemsizleştiren ve‬‬ ‫‪önleyebilen “sabahın ve‬‬ ‫‪gecenin Sahibine” seni‬‬ ‫‪ve bizi emanet ediyorum‬‬ ‫…‪Şiraze‬‬

‫‪* Milat Gazetesi/Yazar‬‬

‫أيوب أزالل‬

‫…‪yatırsa ne iyi olur Şiraze‬‬ ‫‪Şiraze, Üsküdar’a Ay‬‬ ‫‪Vaktinde gelmişliğini‬‬ ‫‪duydum ben de kar‬‬ ‫‪vaktinde gelmiştim.‬‬ ‫‪Bu yüzden göremedik‬‬ ‫‪birbirimizi. Sana yazdığım‬‬ ‫‪ilk mektubumu oracıkta‬‬ ‫‪bırakmıştım. Sen kuzeye‬‬ ‫‪Ural Dağlarına gitmiştin.‬‬ ‫‪Ben Çukurova ve‬‬ ‫‪Sonra Harran Ovasına‬‬ ‫‪açılmıştım.‬‬ ‫‪İnsanlar neden karı‬‬ ‫‪özlemiş benim gibi.‬‬ ‫?‪Biliyor musun Şiraze‬‬ ‫‪Savaşlardan, ölümlerden‬‬ ‫‪ve çöküşlerden‬‬ ‫‪korktukları için… Bir de‬‬ ‫‪oyuncaklardan yoksun bir‬‬ ‫‪dünyadayız artık. Kartopu‬‬ ‫‪olsa da oynasak diyoruz.‬‬ ‫‪Topa tüfeğe karşı. Gerçi‬‬ ‫‪genlerimiz yaralı Şiraze‬‬ ‫‪genlerimiz. Bizim en iyi‬‬ ‫‪filmlerimiz kılıç ve kalkan,‬‬ ‫‪en kötüleri ise varil‬‬ ‫‪bombalarıyla süslenmiş.‬‬ ‫‪Duyguları yitik insanları‬‬ ‫‪lapa lapa yağan bir kar‬‬ ‫‪kurtarır Şiraze. Duygusuz‬‬

‫‪da özlemişim ve kartopu‬‬ ‫‪oynamayı, çocuklar gibi.‬‬ ‫‪Hanidir özlemliğim bitmedi‬‬ ‫‪Şiraze, annemin yaptığı‬‬ ‫‪patiklere dair. Üşümezdi‬‬ ‫‪ayaklarımız.‬‬ ‫‪Kaç yıl ve kaç ay karın‬‬ ‫‪yağmasını bekledim.‬‬ ‫‪Biliyorum bu bekleyiş beni‬‬ ‫‪bitirecek Şiraze. Hüzünlü‬‬ ‫‪türküler söylemeliyim‬‬ ‫‪karakışa. Bu sevda‬‬ ‫‪ne kara bu sevda ne‬‬ ‫‪kış. Bu sevda elif elif‬‬ ‫‪yağan kardan tahattür.‬‬ ‫‪Sonra bahtıma düşecek‬‬ ‫‪cemreleri anmalıyım.‬‬ ‫‪Beyaz örtüleri neden‬‬ ‫‪giymiyor tabiat Şiraze.‬‬ ‫‪Senin tabiatınla tabiatım‬‬ ‫?‪bir değil mi‬‬ ‫‪Dumanlı dağları‬‬ ‫‪Gavurdağlarından‬‬ ‫‪biliyorum Şiraze.‬‬ ‫‪Payitahta giderken karlı‬‬ ‫‪dağları, karlı yolları‬‬ ‫‪aşmak çok zordu.‬‬ ‫‪Belki hatırlaması zor‬‬ ‫‪rüyalara tutuluyoruz.‬‬ ‫‪Yitirilmiş bulutlar, doğayı‬‬ ‫‪ninnileriyle kış uykusuna‬‬

‫‪sırtlarında büyük‬‬ ‫‪siyah taşlarla örülü‬‬ ‫‪köyümüzün hatırası‬‬ ‫‪duruyor önümde. Karların‬‬ ‫‪diz boyu yükseldiği bu‬‬ ‫‪köyde biz çocukların ilk‬‬ ‫‪neşesi kardan bir adam‬‬ ‫‪yapmaktı. Havuçtan‬‬ ‫‪burnu, kömürden gözleri‬‬ ‫‪ve geçici bir süreliğine‬‬ ‫‪verdiğimiz atkı. Bir oyun‬‬ ‫‪oynamak değildi bizimkisi.‬‬ ‫‪Bir yardımlaşma, bir‬‬ ‫‪imeceydi gözümüzde.‬‬ ‫‪Biliyorum bu şehre kar‬‬ ‫‪yağmayacak Şiraze. Bir‬‬ ‫‪yangın yerine dönüşüyor‬‬ ‫‪yüreğim mektubunu‬‬ ‫‪okurken. Kar fırtınasına‬‬ ‫‪yakalan sen ve özlemler‬‬ ‫‪içerisinde ben. Karları‬‬ ‫‪bastırmalı bağrıma‬‬ ‫‪hep dualarımda. Lapa‬‬ ‫‪lapa yağan karları. Kar‬‬ ‫‪yağarken üzerinde‬‬ ‫‪yürümeyi, ayaza‬‬ ‫‪yakalanmadan… Bir‬‬ ‫‪çocukluk özlemi işte‬‬ ‫‪beni tuttu Şiraze. Ne‬‬ ‫‪olur kızma bana Kardan‬‬ ‫‪adam yapmayı ne kadar‬‬

‫‪*Eyyüp Azlal‬‬

‫‪Şiraze, ateşin‬‬ ‫‪İbrahim’i yakmadığı‬‬ ‫‪bir kentten yazıyorum.‬‬ ‫‪Son mektubunda‬‬ ‫‪Ural Dağlarında kar‬‬ ‫‪fırtınasına yakalandığını‬‬ ‫‪söylüyorsun. Ben ki‬‬ ‫‪sana inat, kar fırtınasına‬‬ ‫‪inat karın yirmi yıldır‬‬ ‫‪yağmadığı bir şehirden‬‬ ‫‪hatırayla mektubumu‬‬ ‫‪yazıyorum.‬‬ ‫‪Burada, karı ancak‬‬ ‫‪Halilürrahman Gölüne‬‬ ‫‪yağdığı kartpostallarda‬‬ ‫‪görüyoruz. Bir de‬‬ ‫‪küçükken Karacadağ‬‬

‫جواب لرسالة قادمة من بالد الثلج‬

‫أكتــب مــن املدينــة التــي مل تحــرق خليــل اللــه‬ ‫إبراهيــم‪ ,‬أخربتنــي يف آخــر رســالة أنــك تعرضــت‬ ‫لعاصفــة ثلجيــة يف جبــال األورال‪ ,‬رغــاً عنــك وعــن‬ ‫العواصــف الثلجيــة يف مدينــة مل تطأهــا الثلــوج منــذ‬ ‫عرشيــن عامــاً أكتــب رســالتي بالذكريــات‪.‬‬ ‫هنــا وعــى بحــرة خليــل اللــه ال نــرى الثلــوج إال يف‬ ‫الصــور والذكريــات‪ .‬أمتثــل اآلن ذكريــات الطفولــة يف‬ ‫قريتــي املحاطــة بالحجــارة الســوداء‪ ،‬وعــى ســفح‬ ‫جبــل كاراجــا‪ ،‬الــذي ترتاكــم عليــه الثلــوج‪ ،‬يرتفــع الثلــج‬ ‫يف قريتنــا إىل فــوق الركبــة‪ ،‬حيــث صنعنــا رجــل الثلــج‪،‬‬ ‫ووضعنــا مــكان أنفــه جــزرة ومــكان العينــن قطعتــن‬ ‫مــن الفحــم‪ ،‬كانــت هــذه متعتنــا األوىل بالثلــج‪ .‬هــي‬ ‫ليســت لعبــة نلعبهــا‪ ,‬بــل هــي بــذرة أوىل للتعــاون‪.‬‬ ‫عفــوا ً شــرازا ال أعــرف‪ ،‬ولكــن لــن تهطــل الثلــوج يف‬ ‫هــذه املدينــة‪ .‬يحــرق قلبــي عندمــا أقــرأ رســالتك‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫تعرضــت لعاصفــة ثلجيــة وأنــا الــذي يف‬ ‫أنــت التــي‬ ‫األشــواق أعيــش‪ .‬أتــرع ألذيــب الثلــوج بصــدري‪,‬‬ ‫أن تنهمــر الثلــوج بكثافــة‪ ,‬والســر فــوق الطرقــات‬ ‫املغطــاة بالثلــوج‪ ,‬وعــدم التعــرض للصقيــع‪ ...‬هــوس‬ ‫طفولــة شــرازا‪ .‬ال تغضبــي منــي‪ ,‬كــم أنــا مشــتاق‬ ‫لصناعــة رجــل ثلجــي مــرة ثانيــة‪ ،‬واللعــب بكــرات‬ ‫الثلــج مثــل األطفــال‪.‬‬ ‫شــرازا‪ ..‬مل تنتــ ِه أشــواقي وحنينــي إىل املــايض الــذي‬

‫يذكــرين بالجــوارب التــي كانــت تنســجها أمــي لــي ال‬ ‫تــرد أقدامنــا‪ .‬كــم شــهر وكــم ســنة انتظــرت ســقوط‬ ‫الثلــج‪ ,‬أعــرف أن هــذا االنتظــار ســيقتلني شــرازا‪..‬‬ ‫يجــب عــي أن أغنــي أغــاين حزينــة للثلــوج وللشــتاء‪,‬‬ ‫هــذا الحــب ليــس أســود وال شــتاء قــاس بــل هــو‬ ‫للتذكــر والتمعــن‪ .‬يجــب عــي التفكــر بالجمـرات التــي‬ ‫ستســقط عــى قــدري‪.‬‬ ‫شـرازا ملــاذا مل تلبــس الطبيعــة األبيــض‪ .‬هــل طبيعتــك‬

‫مختلفــة عــن طبيعتــي؟ شــرازا أعــرف الجبــال التــي‬ ‫يعلوهــا الدخــان مــن جبــال الكفــار‪ .‬عنــد الصعــود‬ ‫ي تجــاوز الجبــال والطــرق‬ ‫إىل األعــايل كان صعبــاً عــ ّ‬ ‫املغطــاة بالثلــوج‪ ,‬رمبــا نتمســك بأحــام مســتحيلة لــي‬ ‫تتحقــق‪.‬‬ ‫شــرازا‪ ,‬الغيــوم الضائعــة بألحانهــا الجميلــة لــو‬ ‫تســتطيع تنويــم الطبيعــة‪ ،‬لــي تركــن لســبات الشــتاء‬ ‫لــكان ذلــك فارق ـاً وجمي ـاً‪ ..‬ش ـرازا ســمعت أنــك قــد‬

‫ثقافي��ة ـ��ـ سياس��ية ـ��ـ نص��ف ش��هرية ـ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرقة لكل الس��وريني‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس‬

‫للتواصل عرب فيس بوك‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫هيئ��ة التحري��ر‪ :‬خل��ف اجلرب��وع‪ ،‬أس��عد فخ��ري‪ ،‬إبراهي��م العلوش‪ ،‬ع��روة املهاوش‪ ،‬حممد صلي�بي‪ ،‬إياس احملمد للتواصل عرب تويرت‬ ‫احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ ،‬عبدالرمحن اهلويدي ‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪YIL: 2014 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪SAYI:3‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫‪00905459679973‬‬

‫ِ‬ ‫أتيــت إىل «أُســكودار» يف وقــت انبــاج القمــر وأنــا‬ ‫أتيــت هنــاك وقــت ســقوط الثلــج‪ ,‬ولهــذا مل نلتــقِ ‪.‬‬ ‫تركــت هنــاك أول رســالة كتبتهــا لــك‪ .‬أنــت كنــت‬ ‫ُ‬ ‫ذاهبــة إىل الشــال‪ ،‬حيــث جبــال األورال‪ ,‬وأنــا كنــت‬ ‫يف «جوكوراوفــا» وبعدهــا يف مراعــي حــران‪ .‬شــرازا‪,‬‬ ‫هــل تعرفــن ملــاذا النــاس اشــتاقوا للثلــج مثــي؟ ألًنهــم‬ ‫يخافــون مــن الحــروب واملــوت والدمــار‪ ..‬وألنّنــا اليــوم‬ ‫يف دنيــا محرومــن مــن األلعــاب‪ ،‬نقــول لــو وجــدت‬ ‫ك ـرات ثلــج لنلعــب‪ ,‬رغــم أنــف املدافــع بالرغــم مــن‬ ‫جــرح قلوبنــا ش ـرازا‪ .‬أجمــل أفالمنــا ُمزينــة بالســيوف‬ ‫والــروس وأبشــعها الرباميــل والحاويــات املتفجــرة‪.‬‬ ‫شـرازا الثلــوج املتســاقطة تغســل القلــوب التــي تخلــو‬ ‫مــن األحاســيس‪ .‬العــامل الجديــد املعــدوم اإلحســاس‬ ‫واألمهــات واآلبــاء املعدومــو اإلحســاس‪ ..‬وأوالدهــم‬ ‫يشــاهدون مجــازر املــدن كمثــل مــا يشــاهدون‬ ‫مبــاراة‪ .‬حلــب يف األســاطري وحــاة مــرة ثانيــة شــهيدة‪،‬‬ ‫وكالعــادة علمــت بهــا بعــد فــوات األوان شــرازا‪.‬‬ ‫األحاســيس املشــركة بــن الطبيعــة واإلنســان‪ ,‬غضــب‬ ‫وحقــد وعــدم ارتيــاح‪ ،‬والعالقــات التــي توقــظ األنانيــة‬ ‫سيفســدها األطفــال الذيــن يلعبــون بكــرات الثلــج‪,‬‬ ‫شــرازا نحــن مــن سنفســدها‪ ,‬صدقينــي ســتتفتح‬ ‫وردة مــن بــن الجــدران‪ .‬اســتودعك شــرازا ملالــك‬ ‫الصبــاح واملســاء‪ ،‬والــذي بســط كل هــذه الرتاجيديــات‬ ‫ويســتطيع أن مينعهــا‪.‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Atatürk Mah7-.sk. NO = 9. ŞanliUrfa MOB:‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬

‫أقدا ٌم من طني!‬ ‫بسام البليبل‬

‫خميمات النزوح وإهمال املسؤولني‬

‫قــال مديــر مخيــم بــاب الســامة يف لقــاء عــى‬ ‫إذاعــة هــوا ســارت اليــوم‪ ،‬إن طفلــة استشــهدت حرقـاً‬ ‫وأصيــب طفــان قبــل يومــن‪ ،‬جـراء انفجــار عبــوة وقود‬ ‫التدفئــة‪ ،‬مــا أدى أيضـاً الحـراق ثــاث خيــم‪ ،‬مشـرا ً إىل‬ ‫أن عبــوات الوقــود ُوزعــت عــى النازحــن مــن قبــل‬ ‫وحــدة تنســيق الدعــم ‪.ACU‬‬ ‫وذكــر محمــد الكيــاين مديــر املخيــم أيضــاً‪ ،‬أن عــدة‬ ‫حــوادث مشــابهة ُســجلت يف مخيــات أخــرى‪ ،‬حيــث‬ ‫ســجل خــال األســبوع املــايض‪ ،‬إحـراق ســت وعرشيــن‬ ‫خيمــة يف تجمــع مخيــات أطمــة بريــف إدلــب‪ ،‬وذلــك‬ ‫بســبب اســتخدام النــوع ذاتــه مــن الوقــود‪.‬‬ ‫ويف ختــام حديثــه‪ ،‬أكّــد الكيــاين أن وحــدة تنســيق‬ ‫الدعــم مل تســحب الوقــود مــن املخيــات‪ ،‬مــا اضطــر‬

‫بشار العيسى‬

‫األهــايل الســتخدامه خــال موجــة الــرد التــي تــرب هــذا ويعــاين الالجئــون الســوريون مــن ظروف معيشــية‬ ‫وصفهــا ناشــطون بالكارثيــة‪ ،‬ليقعــوا بــن ســندان‬ ‫املنطقــة‪.‬‬ ‫وكانــت وحــدة التنســيق أعلنــت يف وقــت ســابق‪ ،‬أن الشــتاء‪ ،‬ومطرقــة اإلهــال الشــديد مــن قبــل مؤسســات‬ ‫الوقــود هــو املســبب للحرائــق‪ ،‬وأنهــا ستســحبه بســبب الحكومــة املؤقتــة ووحــدة تنســيق الدعــم‪.‬‬ ‫عــدم صالحيتــه لالســتخدام يف التدفئــة‪..‬‬ ‫ويف ســياق متصــل‪ ،‬قــال يــارس درويــش مديــر مخيــم‬ ‫التآخــي يف ســلقني بريــف إدلــب‪ ،‬إن عــر خيــم انهــارت‬ ‫بســبب األمطــار‪ ،‬حيــث تـ ّم إجــاء العائــات إىل مدرســة‬ ‫قريبــة‪ ،‬بعــد أن أوقفــت العمليــة التعليميــة فيهــا‪.‬‬ ‫ســوء األحــوال الجويــة‪ ،‬ال يعـ ّد املشــكلة الوحيــدة التــي‬ ‫تواجــه النازحــن يف مخيــات الشــال الســوري‪ ،‬حيــث‬ ‫ســجل انتشــار لحمــى التيفوئيــد يف مخيــم باب الســامة‬ ‫وبخاصــة بــن األطفــال‪.‬‬

‫معرض فين للفنان حم سورك يف ليون الفرنسية‬ ‫يســتعد الفنــان الرقــي خليــل حــم ســورك‬ ‫إلقامــة معــرض فنــي يف مدينــة ليــون‬ ‫الفرنســية‪ ،‬والــذي يــأيت بالتزامــن مــع‬ ‫االحتفــال بعيــد النــوروز وذلــك بتاريــخ‬ ‫‪ 2015/3/21‬يف صالــة املعــارض يف بلديــة‬ ‫ديســن‪ ،‬ويرصــد ريــع املعــرض ألطفــال عــن‬ ‫العــرب «كوبــاين»‪ ،‬وكان الفنــان حــم ســورك‬ ‫قــد أقــام عــدة معــارض يف مــدن فرنســية‬

‫عــدة‪ ،‬رصــد ريعهــا لدعــم أطفــال ســوريا‪.‬‬ ‫ويضــم معــرض الفنــان حــم ســورك ‪/25/‬‬ ‫عمــاً فنيــاً مــن أعــال الحــرق عــى‬ ‫الخشــب‪ ،‬يرصــد فيهــا البيئــة الفراتيــة‪،‬‬ ‫ومعانــاة الشــعب الســوري‪ ،‬وثــورة الحريــة‬ ‫والكرامــة التــي يتطلــع الســوريون مــن‬ ‫خاللهــا لبنــاء دولــة العدالــة والدميقراطيــة‪،‬‬ ‫دولــة موحــدة لــكل الســوريني‪.‬‬

‫«يــرع الدبلوماســيون يف األحــوال الطبيعيــة‪ ,‬ويف األحــوال‬ ‫املطــرة يغرقــون يف الوحــل»‪ ,‬مثــة مــن يــرى أن هــذا هــو حــال‬ ‫املبعوثــن الدوليــن الذيــن تعاقبــوا عــى األزمــة الســورية‪,‬‬ ‫ابتــدا ًء بالفريــق الــدايب‪ ,‬مــرورا ً بـ»كــويف عنــان» و»األخــر‬ ‫اإلبراهيمــي»‪ ,‬وانتهــا ًء بـــ»دي ميســتورا»‪ ,‬الــذي توصــل ‪ -‬بعــد‬ ‫استشــهاد أكــر مــن مئتــي ألــف ســوري‪ ,‬واعتقــال وتهجــر‬ ‫ونــزوح نصــف الشــعب الســوري‪ ,‬وتدمــر مــا ال ميكــن إعــادة‬ ‫بنائــه مــن املعــامل التاريخيــة الســورية التــي تدخــل يف عــداد‬ ‫ال ـراث اإلنســاين العاملــي ‪ -‬إىل أ ّن األســد هــو جــز ٌء مــن الحــل‪,‬‬ ‫ثــم عــاد وأوضــح أ ّن املقصــود مــن هــذه النتيجــة العبقريــة‬ ‫التــي توصــل إليهــا بعــد أكــر مــن مثانيــة أشــهر مــن تكليفــه‪,‬‬ ‫بــأ ّن األســد هــو جــز ٌء مــن الحــل العســكري ووقــف إطــاق‬ ‫النــار‪ ,‬ثــم تبــن أيضــاً أن املقصــود بوقــف النــار‪ ,‬وتجميــد‬ ‫القتــال‪ ,‬هــو حــي واحــد يف حلــب‪ ،‬وهــو حــي صــاح الديــن‬ ‫كــا جــاء عــى لســان النظــام الســوري؟!‬ ‫ولكــن مثــة مــن يقــول أن نتائــج عمــل املبعوثــن الدوليــن‬ ‫تكــون منحــازة يف الغالــب إىل وجهــة النظــر األمريكيــة‪ ,‬وال‬ ‫ســيام يف األزمــات املعقــدة التــي مل يُحســم القـرار حولهــا بعــد‪,‬‬ ‫أو تلــك التــي يخــدم اســتمرارها املصالــح األمريكيــة‪ ,‬وذلــك‬ ‫نتيجــة لتحكــم الواليــات املتحــدة األمريكيــة ابتــدا ًء بهيئــة‬ ‫األمــم املتحــدة التــي توجــد عــى األرض األمريكيــة‪ ,‬والتــي‬ ‫تتحمــل الواليــات املتحــدة األمريكيــة القــدر األعظــم مــن‬ ‫ميزانيتهــا‪ ,‬وميزانيــة املنظــات والهيئــات واللجــان التابعــة لهــا‪,‬‬ ‫إضافـ ًة إىل التحكــم األمريــي يف اختيــار أمنائهــا العامــن‪ ,‬وليــس‬ ‫خــر بطــرس غــايل ببعيــد‪ ,‬الــذي منعــت أمريــكا إعــادة انتخابــه‬ ‫مــرة ثانيــة‪ ,‬وانتهــا ًء باختيــار املبعوثــن الدوليــن الذيــن ال‬ ‫يريــدون أن يتقاعــدوا سياســياً‪ ,‬وأن يخــروا رواتبهــم الضخمــة‪,‬‬ ‫واســتمرار تكليفهــم مبهــام دوليــة أخــرى كموظفــن أمميــن مــن‬ ‫الدرجــة املمتــازة‪.‬‬ ‫ولكــن إذا كان هــذا هــو حــال املبعوثــن الدوليــن‪ ,‬فــا بــال‬ ‫أولئــك السياســيني الذيــن يجــب أن يتمثلــوا القيــم التــي‬ ‫تبــر بهــا دولهــم‪ ,‬أو عــى أقــل تقديــر أن يركنــوا لسياســاتها‬ ‫الخارجيــة املعلنــة‪ ,‬كــا هــو حــال فرنســا وبرملانييهــا األربعــة‪,‬‬ ‫الذيــن زاروا ســورية مؤخـرا ً‪ ,‬والتقــوا رأس النظــام فيهــا‪ ,‬وكأنهــم‬ ‫يســ ّوقون مــا توصــل إليــه دي مســتورا‪ ,‬كــا لــو أ ّن هنــاك‬ ‫توجه ـاً دولي ـاً إىل تســويق ذلــك‪ ,‬أو أنهــم ميثلــون رأي ـاً منحرف ـاً‬ ‫لسياســة دولتهــم املعلنــة تجــاه األزمــة الســورية‪ ,‬انطالق ـاً مــن‬ ‫أيديولوجيــا أحزابهــم اليمينيــة‪ ,‬أو كتلهــم الربملانيــة التعصبيــة‪.‬‬ ‫وإ ّن تربيــر الربملانيــن األربعــة وأحزابهــم لهــذه الزيــارة ‪-‬‬ ‫بعــد التنديــد الواســع بهــا وال ســيام مــن األوســاط الفرنســية‬ ‫الداعمــة للقضيــة الســورية ‪ -‬جــاء مخيبــاً لآلمــال‪ ,‬ويعكــس‬ ‫فشـاً أخالقيـاً ذريعـاً رغــم التظاهــر العقــاين بوجــوب إيقــاف‬ ‫الحــرب‪ ,‬والتــزام الحــل الســيايس الكفيــل بإنهــاء األزمــة‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫ولكــن حتــى وإن كان العقــل مــن ذهــب عــى مســتوى‬ ‫الحكمــة‪ ,‬فــإ ّن هــذا ال يــرر أن تكــون األقــدام مــن طــن عــى‬ ‫املســتوى األخالقــي‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05459679973( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء التي تنشر بالمجلة تعبر عن رأي أصحابها‪ ،‬وال تمثل بالضرورة رأي المجلة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي عشر ‪ 1 /‬آذار ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.