Alharmal web(30) 15 12 2015 - العدد 30 من مجلة الحرمل

Page 1

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬ ‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ثالثــون ‪ 15 /‬ك األول ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫الذكرى الرابعة لربكان الرقة‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 30‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫مؤمتر الرياض خطوة لتوحيد املعارضة السورية‪ ..‬وغياب تام لتمثيل حمافظة الرقة‬ ‫ذرور احلرمل‬ ‫املعارضة السورية بني الوهم واحلقيقة!‬ ‫«لي��س م��ن اخلطأ مصادق��ة الذئاب‪ ،‬م��ا دام الف��أس بيدك»‬

‫بسام البليبل‬

‫أكث��ر م��ن ‪ 50‬ش��هيداً يف دوم��ا وعش��رات الش��هداء يف الرق��ة‬

‫الرق��ة‪ ..‬يف مرم��ى صواري��خ اجلن��ون‬ ‫الروس��ي «كالي�بر»!‬

‫يف لقــاء وزيــر الدفــاع الــرويس‬ ‫شــويغو مــع الرئيــس بوتــن يف‬ ‫‪2015/12/8‬م قــال‪ :‬إن القــوات‬ ‫الروســية و ّجهــت رضبــات إىل موقعني‬ ‫كبرييــن لتتنظيــم داعــش يف مدينــة‬ ‫الرقــة الســورية مــن غواصــة روســية‬ ‫عاملــة يف ميــاه البحــر األبيــض‬ ‫املتوســط‪.‬‬ ‫وأشــار شــويغو إىل أنــه قبــل بــدء‬ ‫العمليــة أبلغــت وزارة الدفــاع‬ ‫الروســية العســكريني اإلرسائيليــن‬ ‫واألمريكيــن نيتهــا توجيــه هــذه‬ ‫فيامعــر‬ ‫الرضبــات الصاروخيــة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫البنتاغــون عــن امتنانــه لهــذا التعــاون‬ ‫املعلومــايت‪.‬‬ ‫وقــال بوتــن أثنــاء لقائــه وزيــر‬ ‫الدفــاع الــرويس الــذي أبلغــه أن‬

‫صواريــخ كاليــر وصواريــخ ‪A101‬‬ ‫قــادرة عــى حمــل رؤوس تقليديــة‬ ‫وأخــرى نوويــة‪ ( :‬الثابــت حتــى‬ ‫اآلن أننــا ال نحتــاج رؤوســاً نوويــة‬ ‫يف الحــرب عــى اإلرهــاب‪ ،‬وأرجــو أال‬ ‫نضطــر إىل ذلــك قريبــاً)‪.‬‬ ‫والجديــر بالذكــر أن روســيا قــد‬ ‫اســتخدمت صواريــخ كاليــر املجنحــة‬ ‫للمــرة الثانيــة ‪ ،‬حيــث أطلقــت يف‬ ‫املــرة األوىل ‪2015/10/7‬م مــن أربــع‬ ‫ســفن صاروخيــة يف بحــر قزويــن ‪26‬‬ ‫صاروخــاً وصــل منهــا ‪ 11‬صاروخــاً‬ ‫إىل أهدافــه يف ســورية‪ ،‬كــا رصح‬ ‫بذلــك وزيــر الدفــاع الــرويس ســرغي‬ ‫شــويغو‪ ،‬فيــا ســقطت أربعــة‬ ‫صواريــخ منهــا يف إيـران وفقـاً لبعــض‬ ‫وكاالت األنبــاء‪.‬‬

‫حتال��ف إس�لامي عس��كري ض��د‬ ‫اإلره��اب بقي��ادة س��عودية‬ ‫مبوافقــة ‪ 17‬دولــة عربيــة‪ ،‬إىل‬ ‫جانــب ‪ 17‬دولــة إســامية‪ ،‬وتأييــد‬ ‫عــر دول أخــرى‪ ،‬تــم اإلعــان عــن‬ ‫تحالــف إســامي عســكري‪ ،‬كانــت‬ ‫الريــاض قــد أعلنــت عــن إطالقــه‬ ‫ملكافحــة اإلرهــاب بقيــادة ســعودية‪،‬‬ ‫وفقــاً ملــا كشــف عنــه ويل العهــد‬ ‫الســعودي‪ ،‬وزيــر الدفــاع‪ ،‬األمــر‬ ‫محمــد بــن ســلامن‪ ،‬مســاء االثنــن‬ ‫مــن الشــهر الجــاري‪.‬‬ ‫وستســتضيف العاصمــة الســعودية‬ ‫الريــاض مركــز عمليــات مشــركة‬ ‫لتنســيق ودعــم العمليــات العســكرية‬ ‫ملحاربــة اإلرهــاب‪ ،‬ولتطويــر الربامــج‬ ‫واآلليــات الالزمــة لدعــم تلــك الجهود‪،‬‬ ‫حســب وكالــة األنبــاء الســعودية‪.‬‬

‫وأوضــح األمــر محمــد بــن ســلامن إن‬ ‫التحالــف الجديــد ســيقوم بالتنســيق‬ ‫مــع جميــع املنظــات الدوليــة ومــع‬ ‫الــدول املهمــة يف العــامل‪ ،‬مشــرا ً إىل‬ ‫أنــه ســيحارب اإلرهــاب عســكرياً‬ ‫وفكريــاً وإعالميــاً‪ ،‬وأضــاف أ ّن‬ ‫التحالــف ســيتصدى أليــة منظمــة‬ ‫إرهابيــة‪ ،‬وليــس لداعــش فقــط‪.‬‬ ‫وبخصــوص اإلرهــاب يف العــراق‬ ‫وســوريا‪ ..‬قــال‪ :‬إن العمليــات يف‬ ‫ســوريا والعــراق ســتتم بالتنســيق‬ ‫مــع الرشعيــة‪ ،‬واملجتمــع الــدويل‪،‬‬ ‫وقــد توقــف الكثــرون أمــام هــذه‬ ‫العبــارة‪ ،‬ال ســيام بعــد أن أســقطت‬ ‫الثــورة الســورية الرشعيــة عــن النظــام‬ ‫الحاكــم‪.‬‬

‫هــل كان ال بــد للمعارضــة الســورية مــن خمــس ســنوات مــن النزيــف‬ ‫والدمــار لــي يلتــم شــعثها‪ ،‬ويضطــ ّم شــتاتها عــى كلمــة ســواء؟! وإذا‬ ‫كانــت قــادرة عــى ذلــك فــا الــذي كان يحــول بينهــا وبــن أن تفعــل؟!‬ ‫وهــل اســتفاقت الريــاض فجــأة عــى صــوت مــن وراء حجــاب يقــول لهــا‬ ‫أن انهــي لهــذا اللقــاء فقــد آن أوانــه‪ ،‬أم مثــة مــن بعــث يف روعهــا أن‬ ‫تفعــل ‪..‬؟!‬ ‫خمــس ســنوات مــن املطــل والتســويف وسياســة املراوغــة‪ ،‬لهثــت املعارضة‬ ‫وراءهــا ومل تــزل‪ ،‬أوردتهــا مــوارد التشــتت والــذل‪ ،‬وأوردت الســوريني موارد‬ ‫الهــاك‪ ،‬ولكــن لألســف مــا زلنــا نلــدغ مــن ذات الجحــر مـرات ومـرات‪.‬‬ ‫لقــد أُخــذت املعارضــة الســورية ذات يــوم مــن ترشيــن األول ‪ 2011‬بنخــوة‬ ‫الغــرب‪ ،‬يــوم أن دعــا الرئيــس الفرنــي الســابق ســاركوزي لتشــكيل تجمــع‬ ‫أصدقــاء ســوريا‪ ،‬إليجــاد حــل لألزمــة الســورية‪ ،‬عــى إثــر اع ـراض روســيا‬ ‫والصــن عــى قراريــن يف مجلــس األمــن الــدويل يدينــان النظــام الســوري‪.‬‬ ‫ثــم مــا لبثــت املعارضــة الســورية املمثلــة باملجلــس الوطنــي آنــذاك أن‬ ‫توهمــت أنهــا ليســت بحاجــة ملعارضــة الداخــل‪ ،‬وال لجمهورهــا الــذي‬ ‫تســتمد منــه رشعيتهــا‪ ،‬بعــد أن اعــرف بهــا ممثــاً رشعيــاً للســوريني‬ ‫ســبعون عضــوا ً مشــاركاً يف املؤمتــر األول ألصدقــاء ســوريا يف تونــس ‪.2012‬‬ ‫وعندمــا بلــغ عــدد أصدقــاء الشــعب الســوري املئــة والعرشيــن صديقـاً‪ ،‬يف‬ ‫املؤمتــر الرابــع ألصدقــاء ســوريا يف مراكــش‪ ،‬صدّقــت املعارضة الســورية أنها‬ ‫قــد صــارت قــاب قوســن أو أدىن مــن الحكــم يف دمشــق‪ ،‬حتــى أن االئتــاف‬ ‫الوطنــي مل يلتفــت إىل تحريــر الرقــة يف ‪ 2013/3/4‬وال إىل النــداءات التــي‬ ‫دعتــه إىل دخــول املحافظــة‪ ،‬والعمــل مــع املجالــس العســكرية عــى مــلء‬ ‫الفـراغ الســيايس واألمنــي فيهــا‪ ،‬بإرســال كتيبــة عســكرية‪ ،‬ونقــل الحكومــة‬ ‫املؤقتــة التــي تشــكلت برئاســة غســان هيتــو آنــذاك إىل الداخــل املحــرر‪،‬‬ ‫حتــى أن االئتــاف مل يفكــر أن يفتــح مكتبــاً ميثلــه يف الرقــة‪ ،‬فــا الــذي‬ ‫يفعلــه يف هــذه املدينــة النائيــة‪ ،‬وعينــه عــى ســدة الحكــم يف العاصمــة‪،‬‬ ‫التــي يعتقــد أنــه عــى وشــك دخولهــا‪.‬‬ ‫خطــأ تاريخــي واس ـراتيجي وقــع فيــه االئتــاف‪ ،‬أدى إىل ســقوط الرقــة يف‬ ‫يــد التطــرف‪ ،‬ونجمــت عنــه تداعيــات خطــرة ألحقــت األذى بالســوريني‬ ‫وبالثــورة‪ ،‬وســيتحمل االئتــاف املســؤولية السياســية عنهــا‪ ،‬ومــا نجــم عــن‬ ‫تقاعســه وإهاملــه لهــذه اللحظــة التاريخيــة‪.‬‬ ‫وتالحقــت املؤمتـرات‪ ،‬وقــد توقــف يب العــد عنــد املؤمتــر الســادس ألصدقــاء‬ ‫ســوريا‪ ،‬واملؤمتــر الثالــث لجنيــف‪ ،‬واملؤمتــر الثــاين لفيينــا‪ ،‬واملؤمتــر األول‬ ‫للريــاض‪ ..‬ومل تــدرك املعارضــة الســورية بعــد‪ ،‬التــي أسلســت قيادهــا‬ ‫للغــرب‪ ،‬وتركــت ألصدقائهــا الحبــل عــى الغــارب‪ ،‬أن ال صداقــة دامئــة يف‬ ‫السياســة‪ ،‬وأنــه ال قـرار لــدى الغــرب خــارج اإلرادة األمريكيــة‪ ،‬وإذا كان ال‬ ‫بــد مــن مصادقــة الذئــاب فــا بــد أن تكــون الفــأس يف يــدك‪ ،‬كــا يقــول‬ ‫الفرنســيون‪.‬‬ ‫فهــؤالء الذيــن مل يكونــوا يقبلــون إالّ برحيــل بشــار األســد‪ ،‬هــا هــم اليــوم‬ ‫قــد تغــرت ترصيحاتهــم‪ ،‬وتراجعــت مواقفهــم‪ ،‬ومل يعــد رحيــل بشــار‬ ‫األســد رشطـاً مســبقاً‪ ،‬وتحولــت األزمــة الســورية إىل قضيــة دوليــة مؤجلــة‪،‬‬ ‫وحلّــت مكافحــة اإلرهــاب أوالً‪.‬‬ ‫ومــا زلنــا ننتظــر مؤمتــر أصدقاء ســوريا الســابع يف باريــس‪ ،‬ومؤمتــر نيويورك‬ ‫للحــل الســيايس‪ ،‬ونصــدق ترصيحــات املنطقــة اآلمنــة‪ ،‬ونتطلــع إىل حكومــة‬ ‫الوفــاق كاملــة الصالحيــات‪ ،‬ونحــن نعلــم أ ّن أمريــكا هــي التــي متنــع إقامــة‬ ‫املنطقــة اآلمنــة‪ ،‬وتحــرص عــى إعــادة إنتــاج النظــام الســوري‪ ،‬وتعــارض‬ ‫تســليح الجيــش الحــر‪ ،‬وتبتــدع يف كل مرحلــة مــن مراحــل الن ـزاع وســائل‬ ‫خلــط األوراق بانتظــار متغـرات جديــدة تطيــل أمــد الـراع‪ ،‬وتســاهم يف‬ ‫مزيــد مــن الحــروب الطائفيــة واملذهبيــة واإلثنيــة‪ ،‬يف بــاد تــرى أمريــكا أ ّن‬ ‫فيهــا فائضـاً مــن البــر‪ ،‬وفائضـاً مــن التديــن اإلســامي‪ ،‬يجــب تقليصهــا‬ ‫بــأي وســيلة ولــو باإلبــادة‪ ،‬كــا يقــول محمــد مختــار الشــنقيطي‪ ،‬فيــا‬ ‫ال ي ـزال يش ـ ّنف آذاننــا وزيــر الخارجيــة الســعودي عــادل الجبــر بتك ـرار‬ ‫قولــه‪ ،‬إذا مل يرحــل األســد بالسياســة‪ ،‬ســنعمل عــى أن يرحــل بالقــوة‪.‬‬ ‫بينام يردد البعض ممن يسمع هذه الترصيحات‪:‬‬ ‫وشفت أنفسنا مام تج ْد‬ ‫ليت هندا ً أنجزتنا ما تع ْد ***‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫واستبدتْ مر ًة واحـــد ًة *** إنّ ا العاجز من ال يستب ْد‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ب��ركان الرق��ة‪ ..‬ي��وم جمي��د م��ن أي��ام ث��ورة احلري��ة‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الطريان الروسي يرتكب جمازر جديدة يف عموم سوريا‬ ‫أكثر من ‪ 50‬ش��هيداً يف دوما وعش��رات الشهداء يف الرقة‬

‫محمد صليبي‬ ‫مل يكــن يــوم ‪2011/12/15‬م يومــاً كباقــي‬ ‫أيــام الســنة‪ ،‬أذكــر حينهــا أن الشــمس مل تغــب‪،‬‬ ‫واكتمــل البــدر كلّــه يف محافظــة الرقــة‪ .‬يومهــا‬ ‫أثبتــت مدينتــي أنّهــا ترفــض لبــس ثــوب الــذل‬ ‫والعــار‪ ،‬أرادت أن تقــول ّأن ســورية أحــزن‬ ‫لحــزن أخــوايت مــن املــدن الســورية‪ ،‬وال أرىض‬ ‫بالظلــم‪.‬‬ ‫صمــت مرعــب كان يحمــل بداخلــه كل‬ ‫صيحــات ورصخــات الحريــة والعــدل‪ .‬انتــرت‬ ‫قــوات األمــن والشــبيحة يف كل مــكان خوفــاً‬ ‫مــن أن تطــال رصخــات الحريــة قــر ســيدهم‪،‬‬ ‫كانــوا أكــر مــن همــوم وظلــم الدنيــا كلّهــا‪..‬‬ ‫ولكــن مل يكونــوا أقــوى مــن األمــل والحــب‬ ‫الــذي كان بصــدور وحناجــر أحــرار وحرائــر‬ ‫الرقــة‪.‬‬ ‫لقد ضقنا ذرعاً يا أسد!!‪..‬‬ ‫مل نعــد نســتطيع الصمــت عــن كل هــذا مجــازر واعتقــاالت ّ‬ ‫وذل‪ ،‬لــن نقبــل ولــن نــرىض‪ .‬كــا الهتــاف بصــدور املتظاهريــن كان فجأة ومن بعيد رصخ النهر منتفضاً‬ ‫مســتعدا ً‪ ،‬صمــت يلــف الشــوارع والحــواري‪( - ،‬حرية!!!!)‪..‬‬ ‫القهــر واملــوت الــذي ترســله ومتارســه بحــق الجميــع ينتظــر برهبــة‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫فاهتــزت الجســور واهتــز لرهبــة صوته الســور‪،‬‬ ‫خــوف تــكاد األرصفــة ترتجــف منــه‪.‬‬ ‫أهلنــا الســوريني عــى جميــع األرايض الســورية‪ ،‬الرصــاص مبخــازن البنادق يف وضعية اســتعداد‪،‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الحرمل ـ خاص‬

‫اشــتعلت الدنيــا مبــن فيهــا‪ ،‬نطقــت القلــوب‪،‬‬ ‫وغــردت الطيــور‪ ،‬مــات الخــوف فجــأة‪ ،‬وكــر‬ ‫حاجــز الصمــت‪ ،‬مل نكــن نعــرف حينهــا‪ ،‬أ ّن‬ ‫بجانــب كلٍ منــا شــهيد‪ ،‬وخلفــه يقــف معتقــل‪،‬‬ ‫وعــى ميينــه أرملــة‪ ،‬أو يتيمــة‪ ،‬وعــى شــاله‬ ‫نــازح حزيــن‪ ..‬إنهــا الرقــة تنتفــض عــن بكــرة‬ ‫أبيهــا‪ ،‬الرقــة تنفــض عنهــا ظلــم الســنني‪ ،‬وتقول‬ ‫أن للرقــة بركانـاً‪ ..‬إن ثــار لــن يخمــده ّإل وطــن‬ ‫جميــل يجمــع كل الســوريني!!‬ ‫تفجــر بــركان الرقــة‪ ،‬وثــار يف الخامــس عــر‬ ‫مــن شــهر كانــون األول مــن العــام ‪..2011‬‬ ‫وهــو لــن يخمــد بعــد اليــوم ّإل بوطــن حــر‬ ‫جميــل يجمــع تحــت جناحيــه كل الســوريني‪..‬‬

‫مل يقتــر القصــف الــرويس الــذي طــال‬ ‫مدينــة الرقــة عــى الطــران فقــط‪ ،‬بــل‬ ‫بــدأ مسلســل الرعــب بقصفهــا بالصواريــخ‬ ‫البالســتية البعيــدة املــدى‪ ،‬وذلــك مــن‬ ‫خــال الصواريــخ املوجهــة التــي انطلقــت‬ ‫مــن غواصاتهــا وبوارجهــا املتمركــزة قبالــة‬ ‫الســاحل الســوري‪ ،‬والتــي شــوهدت‬ ‫بالعــن املجــردة وهــي تهــوي عــى مواقــع‬ ‫زراعيــة شــال وجنــوب الرقــة‪ ،‬فيــا أكــد‬ ‫ناشــطون أن أحــد الصواريــخ وقــع يف مدينــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬ومل يعــرف إىل حينــه عــدد القتــى مــع ســاع دوي انفجــارات متتاليــة مــن يتعرضــون لهــا‪ ،‬وبانتظــار موقــف جــدي‬ ‫مــن املجتمــع الــدويل‪ ،‬واملنظــات‬ ‫الجهــة الشــالية ملدينــة الرقــة‪.‬‬ ‫والجرحــى‪.‬‬ ‫الحقوقيــة‪ ،‬وقــوى املعارضــة تجــاه مــا‬ ‫الطــران الــرويس ومروحيــات النظــام يجــري مــن قتــل ألهلنــا يف ســوريا‪.‬‬ ‫يف الســادس مــن الشــهر الجــاري‪ ،‬كانــت‬ ‫ِ‬ ‫تكتــف بقصــف الرقــة‪ ،‬بــل امتــدت‬ ‫حصيلــة القصــف بغــارات الطــران الــرويس مل‬ ‫ع ـرات الشــهداء مــن املدنيــن يف مدينــة الغــارات لتشــمل عمــوم ســوريا‪ ،‬كان الحالــة اإلنســانية يف مدينــة الرقة مرتدية‬ ‫الرقــة‪ ،‬والكثــر مــن الجرحــى يف مجــازر أشــدها مــا وقــع يف ‪ 2015/12/13‬ملــدن ومأســاوية‪ ،‬يف ظــل ارتفــاع حاد باألســعار‪،‬‬

‫دير الزور جوع وحصار‪..‬‬ ‫دير الزور ـ الحرمل‬

‫الطريان يقتل من اجلو والنظام وداعش يقتالن على األرض‬

‫وســط صمــت دويل مطبــق حــول املجــازر‬ ‫املتتابعــة التــي يرتكبهــا الطــران الــرويس‬ ‫والنظــام املجــرم‪ ،‬تابــع طـران التحالــف الــدويل‬ ‫اســتهداف املناطــق اآلمنــة التــي يقطنهــا‬ ‫املدنيــون يف عمــوم محافظــة ديــر الــزور‪،‬‬ ‫وظهــور أخبارهــا عــى اســتحياء يف الفضائيــات‬ ‫العربيــة واملحليــة‪ ،‬وامتنــاع أركان املعارضــة‬ ‫عــن إصــدار بيــان اســتنكار لهــذه الجرائــم‬ ‫البشــعة التــي تطــال املدنيــن العــزل‪.‬‬ ‫مــا زال املــوت يرتبــص بأهــل مدينــة ديــر الزور‬ ‫وريفهــا عــى أيــدي داعــش وأحكامهــا املطلقــة‬ ‫باملــوت‪ ،‬أو العيــش املــر‪ ،‬حصــار وجــوع وقتــل‬ ‫يعيشــه الديريــون مبــرارة‪ ،‬مــرارة امتــدت إىل‬ ‫األرض املنــذورة بالخــاص‪ ،‬فهــا هــو املــوت‬ ‫يتلقفهــم كــا الســوريني اآلخريــن يف البحــر‪،‬‬ ‫وينتظــر أن يكمــل ملحمتــه يف النمســا يف بـراد‬ ‫املــوت‪ ،‬أو عــى حــدود هنغاريــا أو كرواتيــا‪ .‬لنجــاة ابنتهــا من املــوت املحتــم‪ ،‬وبعــد معاناة‬ ‫طويلــة وتوســات ألركان مــن تبقــى مــن‬ ‫ش��هيدة احلص��ار واألح��كام اجلائ��رة‪ ..‬النظــام املتهالــك امتــدت أيامـاً‪ ،‬اســتطاعت مــع‬ ‫فاطمــة ابنــة الثالثــن‪ ،‬ســيدة ديريــة فقــدت ابنتهــا الخــروج مــن حصــار الجــوع واملــوت‪،‬‬ ‫أباهــا‪ ،‬ثــم اختفــى أخوهــا يف غيــاب قــري وقبــل مدينــة معــدان‪ ،‬تلقفتهــم أيــدي داعــش‬ ‫يف ســجون النظــام‪ ،‬ثــم عاجــل املــوت زوجهــا يف ســؤال يصعــب اإلجابــة عنــه‪ .‬أيــن املحــرم يف‬ ‫الشــاب يف حــادث ســر‪ ،‬وعــى يــد أحــد ســفركم هــذا؟‬ ‫ســائقي جبهــة النــرة‪ ،‬مل تكتـ ِ‬ ‫ـف بــكل هــذه مل تــ ِن توســات األم وال رصخــات أمل ابنتهــا‬ ‫املــآيس املتالحقــة‪ ،‬لتصحــو عــى قصــور كلــوي مــن عزميــة الشــيخ‪ ،‬فألقاهــا يف الســجن‬ ‫حــاد أدى لتوقــف جــزيئ يف الكليتــن‪ ،‬وبــدأت ليومــن متتالــن‪ ،‬مل ينفــع توســل األم وال‬ ‫رحلــة عالجهــا املصحوبــة باملــرارة‪ ،‬مــن ديــر رصاخهــا املتتابــع‪ ،‬ويف اليــوم الثالــث‪ ،‬وعــى‬ ‫الــزور‪ ،‬البقعــة الصغــرة الخاضعــة للنظــام‪ ،‬إىل رصاخ األم وندائهــا ودموعهــا‪ ،‬بثتهــا فاطمــة‬ ‫ديــر الــزور الخاضعــة لتنظيــم الدولــة‪ ،‬ثــم إىل بضــع كلــات‪ :‬أمــي‪ ..‬وصيتــي أوالدي أمانــة‬ ‫مدينــة املياديــن‪ ،‬ويف كل بقعــة مــن املحافظــة يف عنقــك‪ ..‬ثــم أطلقــت رصختهــا األخــرة‪،‬‬ ‫تناهــى إىل ســمعها أنهــا تحتــوي عــى جهــاز وفارقــت الحيــاة‪.‬‬ ‫غســيل كلــوي تكــون هنــاك حــارضة‪ ،‬بحثـاً عــن‬ ‫عــاج‪ ،‬يبعــد شــبح املــوت عنهــا‪ ،‬وهــي تنظــر داع��ش تقص��ف باملدفعي��ة مواق��ع‬ ‫إىل أوالدهــا الصغــار‪.‬‬ ‫املدني�ين وتع��دم وتعتق��ل العدي��د م��ن‬ ‫دربهــا‬ ‫رفيقــة‬ ‫كانــت‬ ‫ً‪،‬‬ ‫ا‬ ‫عامــ‬ ‫أمهــا جميلــة ‪60‬‬ ‫األش��خاص‬ ‫يف التنقــل‪ ،‬وهــي الوحيــدة التــي نــذرت وط�يران التحال��ف والنظ��ام وروس��يا‬ ‫نفســها ملســاعدتها‪ ،‬طرقــت األبــواب‪ ،‬وباعــت يتاب��ع قصف��ه مواق��ع املدني�ين‬ ‫كل مــا متلــك يف ســبيل ذلــك‪ ،‬اســتقر رأيهــا يف قصفــت ‫‏داعــش‬ حــي الجــورة بعــدد مــن‬ ‫النهايــة أن ال خــاص البنتهــا إال زرع كليــة مــن قذائــف الهــاون اســتهدفت مبنــى املحاســبة‬ ‫متــرع‪ ،‬ومــن يقــدر عــى هــذا األمــر ســواها‪ ،‬التابــع ملديريــة الرتبيــة يف مدينــة ديــر‬ ‫ق ـرار صعــب باحــت بــه البنتهــا‪ ،‬مؤكــدة أنهــا الــزور‪ ,‬مــا أدى إىل استشــهاد أربعــة اشــخاص‬ ‫مســتعدة للتــرع بكليتيهــا إن اقتــى األمــر‬

‫بينهــم طفــل وإصابــة بالغــة المرأتــن وجــرح‬ ‫أشــخاص آخريــن كانــوا بالقــرب مــن املوقــع‪،‬‬ ‫بالتزامــن مــع غــارات جويــة يعتقــد أنهــا‬ ‫لطــران التحالــف الــدويل تقصــف مناطــق‬ ‫متفرقــة يف ريــف ديــر الــزور الرشقــي‪ ،‬والنـران‬ ‫وألســنة اللهــب تتصاعــد بالقــرب مــن حقــل‬ ‫العمــر النفطــي‪ .‬وأيضــاً اســتهدف طــران‬ ‫التحالــف رشكــة الكهربــاء يف غرانيــج بثــاث‬ ‫غــارات متتابعــة‪ ،‬كــا قصــف الطـران الحــريب‬ ‫مدينــة القوريــة مســتهدفاً إحــدى املــدارس يف‬ ‫البلــدة‪ ،‬مــا أدى إىل استشــهاد امــرأة وســقوط‬ ‫عــدد مــن الجرحــى‪ .‬وتابــع الطــران الحــريب‬ ‫قصفــه لألحيــاء املحــررة‪ ،‬واســتهدف بعــدد‬ ‫مــن الغــارات حــي الحويقــة‪ ،‬بالتزامــن مــع‬ ‫تصاعــد حـ ّدة االشــتباكات بــن تنظيــم ‫‏داعـش‬‬ ‫وقــوات النظــام‪ ،‬التــي امتــدت لتشــمل عــددا ً‬ ‫مــن قطاعــات املدينــة ويف محيــط املطــار‬ ‫العســكري‪ ،‬وهنــاك قتــى يف صفــوف النظــام‬ ‫وتنظيــم ‫‏داع ـش‬‪ .‬وقــام الط ـران الحــريب أيض ـاً‬ ‫باســتهداف حــي البوعــواد يف املدينــة بأربع ـة‬‬ ‫صواريــخ فراغيــة‪ ،‬كــا اســتهدف الطــران‬ ‫الــرويس قريتــي السوســة والباغــوز يف ريــف‬ ‫مدينــة البوكــال بعــدد مــن الصواريــخ مــا أدى‬ ‫الستشــهاد الع ـرات‪ ،‬بينهــم أطفــال‪ ،‬ووقــوع‬ ‫عــدد مــن الجرحــى‪‬‬‬.‬‬ ‫ويف بلــدة ‏الشــحيل‬ مــن الريــف الرشقــي‪،‬‬

‫داهمــت ‫‏داعـش‬ العديــد مــن منــازل املدنيــن‬ ‫بحثـاً عــن مطلوبــن بتهمــة انتامئهــم لفصائــل‬ ‫معاديــة لداعــش‪ ،‬ويف مدينــة البوكــال بلّغــت‬ ‫داعــش ذوي الشــاب «هاشــم حاتــم العمــر»‬ ‫‪ 18‬عامــاً بأنــ ُه تــم إعدامــ ُه بتهمــة التواصــل‬ ‫مــع الجيــش الحــر دون الكشــف عــن تفاصيــل‬ ‫اإلعــدام‪ .‬ويف مدينــة‏ديــر الــزور‪ ،‬أعــدم‬ تنظيــم‬ ‫‏داعـش‬ «محمــود خــر الشــعبان» عــن طريق‬ ‫ربطــه بســيارتني وفصــل جســمه إىل نصفــن‬ ‫بعــد تحريكهــا باتجاهــن مختلفــن‪ ،‬وذلــك‬ ‫بتهمــة التعامــل مــع جهــات خارجيــة‪ ،‬كــا‬ ‫غ ـ ّرم التنظيــم امــرأة مبلغ ـاً وقــدره ‪ 500‬ألــف‬

‫لــرة ســورية إلخراجهــا مــن ســجن الحســبة‬ ‫الخــاص بهــم بعــد أن اعتقلهــا بتهمــة رضب‬ ‫أحــد عنــارص داعــش بحذائه ـا‬‪ ،‬واعتقــال أحــد‬ ‫املدنيــن يف بلــدة العشــارة بتهمــة التكلــم عــن‬ ‫قــادة التنظيــم بالســوء‪ ،‬ويف مدينــة البوكــال‬ ‫تــم إعــدام أربعــة أشــخاص بالقــرب مــن‬ ‫ســاحة الفيحــاء ودوار املرصيــة‪ ،‬وقــد تراوحــت‬ ‫تهمهــم بــن التعامــل مــع الجيــش الحــر‬ ‫والتواصــل مــع الخــارج‪ .‬كــا أعــدم تنظيــم‬ ‫‫‏داعــش‬ خمســة أشــخاص يف قريــة الطابيــة‬ ‫الجزيــرة الواقعــة يف ريــف ‫‏ديــر الــزور‬ الرشقــي‬ ‫بتهــم مختلفــة‪ ،‬وتــم إلقــاء رجــل مــن بنــاء‬ ‫شــاهق يف شــارع التكايــا مبدينــة ‫ديــر الــزور‬‪،‬‬ ‫وذلــك بتهمــة املثليــة الجنســية‪‬‬‬‬.‬‬

‫أوض��اع إنس��انية مرتدي��ة يف عم��وم‬ ‫دي��ر الزور‬ ‫‫يف األيــام املاضيــة شــهدت أحيــاء الجــورة‬ ‫والقصــور وعيــاش الخاضعــة تحــت ســيطرة‬ ‫النظــام نقصــاً كبــرا ً يف املــواد واملشــتقات‬ ‫النفطيــة‪ ،‬ويتــم بيــع املــازوت والــكاز باألســواق‬ ‫بكميــات قليلــة جــدا ً ولفــرة قصــرة وســط‬ ‫ازدحــام كبــر مــن قبــل األهــايل عنــد الباعــة‬ ‫الذيــن تتوفــر عندهــم هــذه املــواد مــع ارتفــاع‬ ‫غــر مســبوق ألســعار املــازوت والــكاز املكــرر‬ ‫ويتــم بيــع اللــر مــن ‪ 900‬لــرة حتــى ‪1200‬‬ ‫لــرة ويتوفــر البنزيــن املكــرر وســعر اللــر‬ ‫‪ 2500‬لــرة‪ ،‬كــا اســتمرت أحــوال الســكان‬ ‫بالــردي نتيجــة نقــص ونــدرة املــواد األساســية‬ ‫كالخضــار والفواكــه‪ ،‬وســط نــدرة فــرص العمــل‬ ‫أو انعدامهــا‪‬.‬‬ ‫وبينــا يعيــش ســكان مدينــة ديــر الــزور‬ ‫وريفهــا مــرارة العيــش وشــظفها يف ظــل‬ ‫ســيطرة داعــش‪ ،‬نبّــه املدعــو محمــد الرفــدان‬ ‫(أحــد قيــادي ‫‏داع ـش‬ وشــقيق عامــر الرفــدان‬ ‫وايل واليــة الخــر لــدى التنظيــم والــذي قــى‬ ‫بغــارة للتحالــف) خطبــاء املســاجد والعنــارص‬ ‫الســوريني يف التنظيــم (األنصــار) بــأن كل‬ ‫مــدين مل يســجل اســمه لــدى املختــار يف دورات‬ ‫االســتتابة التــي أعلــن عنهــا التنظيــم خــال‬ ‫األيــام املاضيــة يعــد مرتــدا ً وبالتــايل وجــب‬ ‫قتلــه‪.‬‬

‫متتاليــة تعيــد إنتــاج الظلــم يوميــاً‪،‬‬ ‫والضحايــا عــى الغالــب مــن املدنيــن‬ ‫العــزل‪ ،‬الذيــن ال حــول وال قــوة لهــم‪،‬‬ ‫إحــدى املجــازر وقعــت يف الحقــول القريبــة‬ ‫مــن مزرعــة حطــن‪ ،‬وبلــغ عــدد الشــهداء‬ ‫هنــاك ‪ 13‬شــهيدا ً منهــم ســبعة أطفــال‪،‬‬ ‫وهــم مــن عائلــة واحــدة‪ ،‬إضافــة إىل عائلــة‬ ‫نازحــة تعمــل لديهــم يف الحقــول الزراعيــة‪،‬‬ ‫وســائق الجــرار‪ ،‬وتــم قصــف املنطقــة‬ ‫بالقنابــل العنقوديــة‪.‬‬

‫وبلــدات الغوطــة الرشقيــة‪ ،‬حيــث تجــاوزت‬ ‫الغــارات مــا هــو متوقــع‪ ،‬ووصلــت يف يــوم‬ ‫واحــد إىل أكــر مــن ‪ 125‬غــارة‪ ،‬والغــارات‬ ‫التــي طالــت مدينــة دومــا أحدثــت دمــارا ً‬ ‫شــامالً فيهــا‪ ،‬وأوقعــت أكــر مــن خمســن‬ ‫شــهيدا ً‪ ،‬واملئــات مــن الجرحــى‪ ،‬معظمهــم‬ ‫أصيبــوا ببــر أعضــاء‪ ،‬وجــراح خطــرة‪،‬‬ ‫كــا طالــت الغــارات بلــدات عــن ترمــا‬ ‫وســقبا وحموريــة وداريــا‪ .‬القتــل الــرويس مل‬ ‫يتوقــف عــى هــذه املناطــق‪ ،‬بــل كان وقعه‬ ‫يف حلــب أعنــف‪ ،‬حيــث طــال الدمــار عــددا ً‬ ‫مــن األحيــاء املحــررة يف مدينــة حلــب‪،‬‬ ‫ومدينتــي البــاب ومنبــج الخاضعتــن تحــت‬ ‫ســيطرة تنظيــم الدولــة «داعــش»‪ ،‬وكان‬ ‫معظــم الضحايــا مــن املدنيــن العــزل‪ ،‬ومل‬ ‫ـج مــدن درعــا وإدلــب والريــف الشــايل‬ ‫تنـ ُ‬ ‫ملدنينتــي الالذقيــة وحــاة مــن القصــف‪،‬‬ ‫وكان نصيبهــا العــرات مــن الشــهداء‬ ‫والجرحــى‪.‬‬

‫القصــف كان عنيفــاً منــذ الصبــاح عــى‬ ‫الرقــة‪ ،‬وأكــر مــن مثــان غــارات‪ ،‬اســتهدفت‬ ‫الجهــة الشــالية الغربيــة للمدينــة‪،‬‬ ‫ومنطقــة الفروســية‪ ،‬وكليــة الزراعــة‪،‬‬ ‫ومقــر الفرقــة‪ 17‬وتــم مشــاهدة ثــاث‬ ‫طائــرات حربيــة كبــرة ألول مــرة تحلــق‬ ‫يف ســاء الرقــة‪ ،‬وتــم اتــاف أحــد الكوابــل‬ ‫الرئيســية التــي تغــذي مدينــة الرقــة‪ ،‬مــا‬ ‫أدى النقطــاع الكهربــاء عــن جــزء كبــر مــن‬ ‫الطــران الــرويس وطــران النظــام‬ ‫املدينــة‪ ،‬ويف اليــوم التــايل طائــرة مــن دون‬ ‫طيــار تســتهدف ســيارة بالقــرب من مســجد والتحالــف يســتهدف أهلنــا يف ســوريا‪،‬‬ ‫النــور‪ ،‬مــا أدى الحرتاقهــا مبن فيهــا‪ ،‬بالتزامن وســط صمــت دويل عــن املجــازر التــي‬

‫وغــاء املعيشــة‪ ،‬وانعــدام فــرص العمــل‪،‬‬ ‫وانقطــاع الرواتــب واألجــور‪ ،‬وتدهــور‬ ‫الحيــاة الزراعيــة‪ ،‬يقابــل ذلــك بــرد وجوع‬ ‫ودمــار وقتل‪ ،‬ونــدرة يف املواد واملشــتقات‬ ‫النفطيــة‪ ،‬وارتفــاع أســعار الحطب بشــكل‬ ‫غــر مســبوق‪ ،‬نتيجــة ارتفاع أســعار رصف‬ ‫الــدوالر الــذي وصــل إىل عتبــة ‪ 400‬لــرة‬ ‫ســورية‪ ،‬أمــا بالنســبة للكهربــاء التــي‬ ‫يعتمــد عليهــا الســكان بشــكل رئيــي‪،‬‬ ‫وتحولهــا إىل رشيــان أســايس للحيــاة يف‬ ‫التدفئــة والطبــخ‪ ،‬فقــد أصبــح وضعهــا‬ ‫ســيئا ً نتيجــة القصــف املتواصــل للكابالت‬ ‫الرئيســية التــي تغــذي املدينــة وخــروج‬ ‫عــدد مــن املحطــات عــن الخدمــة‪،‬‬ ‫ونظــرة رسيعــة عــى أســعار بعــض املــواد‬ ‫يؤكــد أن الحيــاة باتــت مســتحيلة يف‬ ‫مدينــة الرقــة‪ ،‬فقــد وصــل ســعر كيلــو‬ ‫غــرام البنــدورة إىل ‪ 275‬لــرة‪ ،‬والبطاطــا‬ ‫‪ ،275‬والباذنجــان ‪ 150‬لــرة‪ ،‬والتفــاح ‪300‬‬ ‫لــرة‪ ،‬والربتقــال ‪ 200‬لــرة‪ ،‬ومــا زالــت‬ ‫أســعار لحــم الغنــم والفــروج يف ارتفــاع‬ ‫متواصــل‪ ،‬وأصبحــت مبنــأى عــن موائــد‬ ‫أهــل الرقــة‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫خسائر داعش تزيد من‬ ‫توحشه‬

‫الرقة تذبح بصمت‬

‫شــهد منتصــف هــذا العــام انحســار حجــم‬ ‫األرايض مبحافظــة الرقــة املســيطر عليهــا‬ ‫مــن قبــل تنظيــم داعــش‪ ،‬حيــث اســتطاعت‬ ‫قــوات حاميــة الشــعب الــــ‪ YPG‬باإلضافــة إىل‬ ‫مقاتــي لــواء ثــوار الرقــة الســيطرة عــى شــال‬ ‫املحافظــة‪ ،‬الذيــن متكنــوا مــن صــد محــاوالت‬ ‫التنظيــم الســتعادة تلــك املناطــق والتــي‬ ‫كلفتــه املئــات مــن املقاتلــن‪ ،‬وفقــدان التنظيــم‬ ‫لســمعته وكــر لشــعاره األهــم وهــو (باقيــة‬ ‫وتتمــدد) التــي طاملــا حــاول اقنــاع املدنيــن‬ ‫بهــا‪ ،‬ال بــل وترافــق ذلــك مــع فقدانــه ألر ٍ‬ ‫اض‬ ‫واســعة يف العـراق وجنــوب محافظــة الحســكة‪.‬‬ ‫املئــات مــن الشــبان دفــع بهــم التنظيــم‬ ‫ملحاولــة وقــف ذلــك االنحســار‪ ،‬والتــي بــاءت‬ ‫بالفشــل يف كل الجبهــات‪ ،‬وباتــت نســبة‬ ‫املنضمــن لهــذا التنظيــم عــى قلتهــم ســابقاً يف‬ ‫انخفــاض مســتمر‪ ،‬حيــث ارتبــط مصطلــح رتــل‬ ‫مبصطلــح قتيــل‪ ،‬فــا عــودة ألولئــك الذيــن يــزج‬ ‫بهــم شــاالً بصــورة أساســية‪.‬‬ ‫يف بدايــة العــام كان ســؤال عنــارص التنظيــم‬ ‫عــن ســر املعــارك يف عــن العــرب (كوبــاين)‬ ‫مــن قبــل املدنيــن تــأيت مــن بــاب االســتهزاء‬ ‫بهــم‪ ،‬لكــن ومــن بعــد خســارة الريــف الشــايل‬ ‫بالكامــل‪ ،‬بــات هــذا املوضــوع أكــر اســتفزازا ً‪،‬‬ ‫وقــد يصــل املوضــوع إىل حــد االعتقــال‪ .‬كل‬ ‫ذلــك دفــع التنظيــم إىل إطــاق يــد الجهــاز‬ ‫األمنــي بشــكل أكــر وحشــية‪ ،‬وتقلــد موقــع‬ ‫ترميــم الجهــاز األمنــي‪ ،‬وإعــادة ترتيبــه أبــو‬ ‫لقــان‪ ،‬األمــر املحــي األهــم‪ ،‬واالســم األبــرز‬ ‫يف الرقــة مــن أجــل فــرض األمــن داخـاً‪ ،‬ومنــع‬ ‫املدنيــن مــن التفكــر بــأي خيــار مســتقبيل‪،‬‬ ‫والــذي بــات يلــوح يف األفــق‪ ،‬فأكــر املواضيــع‬ ‫املتداولــة بــن املدنيــن حالي ـاً هــي‪:‬‬ ‫ من قُتل من عنارص التنظيم؟‬‫ إىل أين وصلت قوات الجيش الحر شامالً؟‬‫ كيــف يعيــش الســكان شــاالً‪ ،‬وهــل هنالــك‬‫طريــق آمــن لتلــك املناطــق؟‬ ‫ كيــف يهــرب عنــارص التنظيــم أثنــاء وقــوع‬‫الغــارات؟‬

‫ ومتى ستحني ساعة خالصهم من التنظيم؟‬‫هــذه األســئلة دفعــت التنظيــم إىل زيــادة‬ ‫التضييــق عــى خدمــة االنرتنيــت‪ ،‬ومنعهــا يف‬ ‫مناطــق محــددة‪ ،‬وباتــت مراقبــة مــن قبــل‬ ‫التنظيــم ومكتبــه األمنــي بصــورة مبــارشة‬ ‫إن توفــرت‪ ،‬والحواجــز وعمليــات التفتيــش‬ ‫للشــبان يف املدينــة‪ ،‬ومراقبــة حركــة كل مــن‬ ‫يشــك بأمــر والئــه للتنظيــم‪.‬‬ ‫تهجــر األكــراد بالرقــة أىت مــن البــاب ذاتــه‪،‬‬ ‫فقــام بنقــل املئــات مــن العائــات إىل مناطــق‬ ‫أخــرى كنــوع مــن درء الشــك مــن تلــك‬ ‫العائــات‪ ،‬التــي يعتقــد التنظيــم بارتباطهــم‪،‬‬ ‫وتعاطفهــم مــع القــوات املقاتلــة شــاالً‪ ،‬والتــي‬ ‫تشــكل الوحــدات الكرديــة العمــود الفقــري‬ ‫لهــا‪ .‬ناهيــك عــن إغــاق املدينــة‪ ،‬ومنــع النــاس‬ ‫مــن مغادرتهــا‪ ،‬واالنتشــار بــن املدنيــن يف‬ ‫األحيــاء والتضييــق بصــورة كبــرة عــى عنــارص‬ ‫التنظيــم نفســه مــن خــال الحواجــز التــي‬ ‫تنــر بــن الحــن واآلخــر داخــل املدينــة‪ ،‬وعــى‬ ‫الطرقــات العامــة‪ ،‬والتــي يتــم التدقيــق فيهــا‬ ‫عــى عنــارص التنظيــم بعيــد اختفــاء عنــارص‬ ‫والتــي تنــدرج تحــت ســبنب هــا‪:‬‬ ‫‪ 1‬عمليــات االختــاس ألمــوال التنظيــم والهرب‬‫بعيــدا ً عــن مناطــق ســيطرت التنظيم‪.‬‬ ‫‪ 2‬االنشــقاق والهــروب إىل مناطــق ســيطرة‬‫النــرة وبعــض الفصائــل اإلســامية‪.‬‬ ‫وتؤكــد مصــادر مــن داخــل التنظيــم أن تلــك‬ ‫االنشــقاقات‪ ،‬وعمليــات الهــروب تلــك نتيجــة‬ ‫القناعــة بــأن التنظيــم إىل زوال‪ ،‬وأن املســألة ال‬ ‫تتعــدى مســألة وقــت ال أكــر‪.‬‬ ‫ويخــى يف الفــرة القادمــة أن يبــدأ التنظيــم‬ ‫بعمليــات انتقــام واســعة تطــال كل مــن‬ ‫يشــك بأمــره ووالئــه مــن املدنيــن‪ ،‬والتــي‬ ‫يــدرك التنظيــم أنــه ال وجــود لحاضنــه لــه يف‬ ‫مدينــة الرقــة‪ ،‬وانتقــل الــكالم بهــذا املوضــوع‬ ‫إىل العلــن‪ ،‬ومــن عــى منابــر الجوامــع‪ ،‬حيــث‬ ‫يقــال إن الرقــة وأهلهــا كارهــون لهــذا التواجــد‬ ‫وأن بقيــة املناطــق أفضــل حــاالً مــن أهــايل‬ ‫الرقــة‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫وف��د أمم��ي يف ضياف��ة أهال��ي ح��ي الوع��ر احلمص��ي احملاص��ر‬ ‫إدخال املساعدات اإلنسانية دون الرجوع إىل النظام‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬ ‫الصدم��ة احلضارية واالندماج‬ ‫يف اجملتمعات الغربية‬

‫حلب‪ ...‬بني حدي الفرح واحلزن‪!..‬‬ ‫حلب ‪ -‬عمر عرب‬ ‫مــن قلــب أخطــر مدينــة يف العــامل‪،‬‬ ‫املدينــة التــي دامئ ـاً تشــتم رائحــة املــوت يف‬ ‫كل لحظــة متــر بهــا‪ ،‬ويف كل يــوم تغادرهــا‬ ‫مئــات األرواح‪ ،‬مــن قلبهــا صنعــت إرادة‬ ‫البقــاء والصمــود بتحــدي كل القـرارات التــي‬ ‫تبيــح إعــدام روح الحيــاة فيهــا‪ ،‬أنــاس قــد‬ ‫خلقــوا لهــا نبض ـاً جديــدا ً نابع ـاً مــن حبهــم‬ ‫وعشــقهم لهــا‪ ،‬وكــا قــال الكاتــب «مصطفى‬ ‫عبــد الدايــم»‪( :‬ألنــه يف عشــق الوطــن منتلــك‬ ‫دوم ـاً فرصــة الرتــكاب معجــزة)‪.‬‬ ‫لهــذا فقــد ارتكبــت معجــزات كثــرة يف‬

‫حلــب‪ ،‬ومــن قبــل أهــايل مدينــة حلــب‪ ،‬وكل‬ ‫مــا كان يف املــايض هــو مــن رضب املســتحيل‬ ‫أصبــح اآلن لديهــم جائـزا ً وممكنـاً‪ ،‬ملــا ال ومــا‬ ‫زالــوا عــى قيــد الحيــاة ومــا زالــت أرواحهــم‬ ‫وقلوبهــم تنبــض حزنــاً وأملــاً عــى مــا أملّ‬ ‫بوطنهــم‪ ،‬ذاك األمل الــذي اســتطاعوا تحويلــه‬ ‫فرحـاً معجزيــن بذلــك كل محــاوالت النظــام‬ ‫مبحــو معــامل حياتهــم وعيشــهم‪.‬‬ ‫حلــب التــي تنــام وتســتيقظ عــى أصــوات‬ ‫الطائـرات متكنــت مــن تغيــر املعادلــة وقلبها‬ ‫لصالحهــا‪ ،‬لتكــون يف الصباح موت ويف املســاء‬ ‫فــرح واحتفــاالت‪ ،‬حيــث زفــت مدينــة حلــب‬ ‫يف يــوم األربعــاء ‪ 2015/12/11‬مجموعــة‬

‫مــن شــباب املدينــة‪ ،‬هــذا وقــد أقيــم وســط‬ ‫املدينــة حفــل جامعــي لخمســن عريس ـاً يف‬ ‫ليلــة واحــدة‪ ،‬وأحيــا الحفــل املطرب واملنشــد‬ ‫«أحمــد حبــوش»‪ ،‬وتــم الحفــل بالتنســيق‬ ‫مــع عــدة جهــات مدنيــة‪ ،‬منهــا قنــاة الغــد‬ ‫العــريب ومجلــس ثــوار بســتان القــر‪ ،‬وكان‬ ‫الهــدف منــه إحيــاء الفــرح وإخـراج الشــباب‬ ‫مــن دوامــة الدمــاء واملــآيس التــي تعيشــها‬ ‫املدينــة مــن قصــف ودمــار ومــوت‪.‬‬ ‫وأكــد محمــود حبــو ناشــط ثــوري مــن‬ ‫حلــب‪ :‬عــى أن العــرس كان األول مــن نوعــه‬ ‫يف مدينــة حلــب وهــي األخطــر يف العــامل‪،‬‬ ‫وخمســن عريس ـاً يف يــوم واحــد هــذا بحــد‬

‫ذاتــه تحـ ٍـد جديــد لنظــام بشــار األســد ومــن‬ ‫معــه مــن مليشــيات وطائــرات روســية‪.‬‬ ‫كــا أضــاف أحــد العرســان الذيــن كانــوا‬ ‫ضمــن الحفــل الجامعــي حذيفــة دهــان‬ ‫قائــاً‪ :‬أنــه رغــم املعانــاة التــي نعيشــها‬ ‫يف مدينــة حلــب بســبب قصــف الطــران‬ ‫الــرويس والســوري عــى مناطــق حلــب‬ ‫املحــررة وبجهــود بعــض األشــخاص وأذكــر‬ ‫منهــم وائــل عــادل الــذي كان مــن القامئــن‬ ‫عــى نجــاح العــرس الجامعــي لخمســن‬ ‫شــاباً‪.‬‬ ‫مشــرا ً إىل أنــه عنــد التجهيز للعرس استشــهد‬ ‫شــابني مــن العرســان عــى جبهــات النظــام‬ ‫ليصبــح بعــد ذلــك عددهــم ‪٤٨‬عريسـاً‪ ،‬وأنــه‬ ‫رغــم كل التحديــات التــي تجــري وتحصــل إال‬ ‫أنــه كان يوجــد تنظيــم يف الصالــة‪ ،‬والعــرس‬

‫بشــكل عــام ومــن كافــة النواحــي‪ ،‬كــا حرض‬ ‫الحفــل ثالثــة منشــدين‪ ،‬واجتمــع فيــه عــدد‬ ‫كبــر مــن الناشــطني والثــوار واملقاتلــن يف‬ ‫مــكان واحــد منهــم عرســان ومنهــم أصدقــاء‬ ‫أو أهــل العرســان‪ ،‬وختــم كالمــه بقولــه‪ :‬ك ّنــا‬ ‫نجتمــع عــى الجبهــات أثنــاء املعــارك واآلن‬ ‫قُــدر لنــا أن نجتمــع يف العــرس‪ ،‬وإن شــاء‬ ‫اللــه ســوف نجتمــع مــرة أخــرى ونحتفــل‬ ‫بالنــر‪ ،‬ســائلني اللــه أن يرحــم الشــهداء‬ ‫الذيــن استشــهدوا ويجمعنــا معهــم يف الجنة‪.‬‬ ‫مل يكــن هــذا الحفــل مجــرد تــرف عابــر إمنا‬ ‫هــو إرادة أنــاس تحــدوا املــوت بالحيــاة‪ ،‬كل‬ ‫يــوم لهــم قصــة وحكايــة جذورهــا ممتــدة‬ ‫إىل مــا ال نهايــة‪ ،‬إىل كل مــا يتصــل بالعزميــة‬ ‫واإلرصار واملواجهــة والقــدرة عــى التعايــش‬ ‫مهــا كانــت الظــروف‪...‬‬

‫مؤمت��ر الري��اض خط��وة لتوحي��د املعارض��ة الس��ورية‪ ..‬وغي��اب ت��ام لتمثي��ل حمافظ��ة الرق��ة‬ ‫عضو االئتالف أمحد رمضان‪ 27% :‬من السوريني مل يتم متثيلهم يف املؤمتر‬ ‫الرياض‪ -‬الحرمل‪ -‬وكاالت‬ ‫بعــد مفاوضــات واجتامعــات مطولــة تــم‬ ‫تحقيــق نجــاح دبلومــايس كبــر للمعارضــة‬ ‫الســورية بانعقــاد مؤمتــر الريــاض‪ ،‬والــذي‬ ‫كان انعقــاده تكليــاً لنجــاح الدبلوماســية‬ ‫العربيــة‪ ،‬بوجــه الدبلوماســية اإليرانيــة‬ ‫والروســية املســاندة للنظــام ولجرامئــه اليوميــة‪،‬‬ ‫وكان أكــر مــن ‪ 115‬شــخصية سياســية مــن‬ ‫املعارضــة الســورية‪ ،‬قــد توصلــوا إىل اتفــاق‬ ‫بتشــكيل وفــد مفــاوض تحــت اســم «الهيئــة‬ ‫العليــا للتفــاوض» إلجـراء محادثــات ســام مــع‬ ‫الحكومــة الســورية‪.‬‬ ‫وأصــدر مؤمتــر املعارضــة الســورية الــذي‬ ‫أنهــى أعاملــه مســاء الخميــس ‪2015/12/10‬‬ ‫يف الريــاض‪ ،‬بيانــا دعــا فيــه إىل «تأســيس نظــام‬ ‫تعــددي ميثــل كل الطوائــف يف ســورية وال‬ ‫مييــز فيــه ال عــى أســاس الديــن وال العــرق‬ ‫وال الجنــس»‪ ،‬وشــددت قــوى املعارضــة عــى‬ ‫«عــدم وجــود أي دور للرئيــس الســوري بشــار‬ ‫األســد ومســاعديه يف الفــرة االنتقاليــة»‪.‬‬

‫ســتفوض الهيئــة ‪ 15‬شــخصاً مــن بينهــا لقيــادة‬ ‫املفاوضــات مــع الحكومــة الســورية املزمــع‬ ‫عقدهــا أوائــل العــام املقبــل بــإرشاف األمــم‬ ‫املتحــدة‪ ،‬كــا ســيجري تعيــن متحــدث رســمي‬ ‫باســم «الهيئــة العليــا للتفــاوض»‪ ،‬ومــن‬ ‫املتوقــع أن يتــم اختيــار أمانــة عامــة لهــا‪ ،‬عــى‬ ‫أن يكــون مقــر عملهــا يف الريــاض‪.‬‬ ‫وقــد مث ّــن رئيــس املجلــس الوطنــي الســابق‬ ‫الدكتــور برهــان غليــون يف ترصيحــات خاصــة‬ ‫لـــ «قــدس بــرس»‪ ،‬نتائــج مؤمتــر الريــاض‬ ‫للمعارضــة الســورية‪ ،‬ووصفــه بأنــه «انجــاز‬ ‫كبــر للمعارضــة الســورية»‪.‬‬ ‫وأضــاف‪« :‬لقــد نــزع مؤمتــر الريــاض األعــذار‬ ‫مــن النظــام وحلفائــه لدخولهــم يف مفاوضــات‬ ‫جديــة مــع املعارضــة‪ ،‬بعــد أن كانــوا يتحدثــون‬ ‫عــن تفــرق املعارضــة وخالفهــا»‪.‬‬ ‫ورأى غليــون‪ ،‬أن «اتفــاق املعارضــة الســورية‪،‬‬ ‫يرمــي الكــرة يف ملعــب موســكو»‪ ،‬وقــال‪:‬‬ ‫«مفتــاح الحــل يف ســورية ليــس بيــد نظــام‬ ‫األســد‪ ،‬وإمنــا بيــد موســكو التــي عليهــا أن‬

‫تظهــر مــا إذا كانــت مســتعدة للــروع يف‬ ‫مفاوضــات جديــة أو أنهــا تحتــاج ملزيــد مــن‬ ‫الوقــت لتعديــل ميــزان القــوى عــى األرض»‪.‬‬ ‫وتوقــع غليــون أن متاطــل موســكو يف دعــم‬ ‫عمليــة مفاوضــات الحــل الســيايس يف ســورية‪،‬‬ ‫وقــال‪« :‬الــروس لديهــم رغبــة يف الوصــول إىل‬ ‫حــل يف ســورية‪ ،‬لكنهــم يريــدون حــا مــن‬ ‫موقعهــم ومــن موقــع حليفهــم نظــام األســد‪،‬‬ ‫ولذلــك ســوف يعرقلــون املفاوضــات‪ ،‬ورمبــا‬ ‫يطرحــون ورقــة اإلرهــاب مــن جديــد لكســب‬

‫مزيــد مــن الوقــت لتعديــل ميـزان القــوى عــى‬ ‫األرض لصالــح حليفهــم‪ ،‬لكــن مــن الواضــح أن‬ ‫هنــاك رغبــة دوليــة يف التوصــل لحــل ســيايس‬ ‫لألزمــة الســورية هــذه املــرة»‪ ،‬عــى حــد‬ ‫تعبــره‪.‬‬ ‫وقــد رحبــت الواليــات املتحــدة األمريكيــة‬ ‫باتفــاق املعارضــة الســورية خــال اجتامعهــم‬ ‫يف العاصمــة الســعودية الريــاض عــى اتخــاذ‬ ‫موقــف موحــد لعقــد محادثــات ســام مــع‬ ‫الحكومــة الســورية‪.‬‬ ‫ووصــف املتحــدث باســم الخارجيــة األمريكيــة‬ ‫جــون كــريب اتفــاق قــوى املعارضــة يف اجتــاع‬ ‫الريــاض مســاء الخميــس بأنــه «خطــوة‬ ‫حاســمة» باتجــاه التفــاوض مــع الحكومــة‬ ‫الســورية مطلــع الشــهر املقبــل‪.‬‬ ‫وقــد تــم توجيــه مالحظــات كثــرة عــى طــرق‬ ‫االختيــار للشــخصيات املمثلــة للمعارضــة‬ ‫الســورية‪ ،‬حيــث أن عضــو االئتــاف الســوري‬ ‫أحمــد رمضــان قــال يف ترصيــح لــوكاالت األنبــاء‬ ‫بــأن ‪ 27%‬مــن الســوريني مل يتــم متثيلهــم يف‬

‫هــذا املؤمتــر‪ ،‬كــا أن بعــض املــدن الســورية‬ ‫تــم اســتكامل متثيلهــا يف اليــوم التــايل للمؤمتــر‬ ‫مثــل مدينــة حــاة‪.‬‬ ‫يف حــن أن مدينــة الرقــة الســورية تــم تجاهلهــا‬ ‫ومل متثــل بشــكل حقيقــي‪ ،‬حيــث أن هــذه‬ ‫املدينــة يســتمر تجاهلهــا الــذي رســخه النظــام‪،‬‬ ‫وتابــع تنظيــم داعــش هــذا الظلــم للمدينــة‪،‬‬ ‫وقــد قامــت املعارضــة الســورية وعــر معظــم‬ ‫مؤمتراتهــا بتجاهــل مدينــة الرقــة‪ ،‬واســتبعاد‬ ‫ناشــطيها‪ ،‬علــاً بــأن الرقــة أول مدينــة تــم‬ ‫تحريرهــا مــن ســلطة النظــام‪ ،‬وأنهــا محــور‬ ‫للكثــر مــن املناقشــات الدوليــة اإلقليميــة‬ ‫والعامليــة‪ ،‬بســبب إرهــاب داعــش الــذي‬ ‫احتــل هــذه املدينــة التــي تدفــع يومي ـاً أمثان ـاً‬ ‫باهظــة بحجــة القضــاء عــى اإلرهــاب‪ ،‬ويتــم‬ ‫ترشيــد أهلهــا إىل املــدن والــدول األخــرى‪،‬‬ ‫وقــد احتــج ناشــطو الرقــة عــى هــذا الظلــم يف‬ ‫متثيــل املدينــة وعــدم اختيــار الناشــطني الذيــن‬ ‫يســتطيعون إيصــال صــوت أهلهــا املظلومــن‬ ‫إىل املجتمــع العــريب والــدويل!‬

‫روس��يا تعادي العامل بس��بب مس��اندتها للقاتل بشار أسد!! أردوغان لروحاني‪..‬‬

‫الرتك��ي احلاص��ل عل��ى نوب��ل لبوت�ين‪ :‬روس��يا اآلن ه��ي الرج��ل املريض ســتدفعون ثمن ـاً باهظاً‬ ‫وعه��د القياص��رة قد وىل!‬

‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬ ‫انتقــد العــامل الــريك عزيــز ســنجار‪،‬‬ ‫الحاصــل عــى جائــزة «نوبــل» للكيميــاء‪،‬‬ ‫املواقــف الروســية األخــرة تجــاه بــاده‪ ،‬وقــال‬ ‫للرئيــس الــرويس فالدميــر بوتــن أن تركيــا مل‬ ‫تعــد الرجــل املريــض وأن عهــد القيــارصة يف‬ ‫روســيا قــد وىل‪.‬‬ ‫موقــف ســنجار‪ ،‬جــاء يف حــوار مــع‬ ‫«األناضــول»‪ ،‬بعــد مشــاركته يف ســتوكهومل‪،‬‬ ‫بنــدوة نظمتهــا األكادمييــة امللكيــة الســويدية‬ ‫للعلــوم املانحــة لجائــزة «نوبــل»‪.‬‬ ‫وقــال ســنجار يف معــرض انتقــاده للمواقــف‬ ‫الروســية‪ ،‬بعــد إســقاط طائــرة الســوخوي‬ ‫التــي اخرتقــت املجــال الجــوي الــريك‬

‫«أســأل اللــه أن مينــح الرئيــس الــرويس فالدميري‬ ‫بوتــن العقــل‪ ،‬لقــد وىل العهــد القيــري‪،‬‬ ‫ومل تعــد تركيــا هــي الرجــل املريــض وإمنــا‬ ‫روســيا»‪.‬‬ ‫وأضــاف «كل مــا يقــوم بــه بوتــن جنــون‪،‬‬ ‫ويلحــق الــرر بروســيا وتركيــا والعــامل‪ ،‬عــى‬ ‫الشــعب الــرويس أن يعيــد بوتــن إىل رشــده»‪.‬‬

‫وفيــا يتعلــق بفــوزه بجائــزة نوبــل للكيميــاء‪،‬‬ ‫قــال ســنجار «لــو كنــت أعلــم أن فــوزي‬ ‫ســيفرح الشــعب الــريك إىل هــذه الدرجــة‪،‬‬ ‫لحصلــت عــى الجائــزة قبــل ‪ 20‬عام ـاً‪ ،‬وآمــل‬ ‫أن يصبــح هــذا منوذجــاً للشــباب الــريك‪،‬‬ ‫وأرغــب بشــدة يف أن يحصــل الشــباب الــريك‬ ‫عــى جائــزة نوبــل يف املجــاالت العلميــة»‪.‬‬

‫أعربــت تركيــا‪ ،‬عــن دهشــتها لالتهامــات‬ ‫اإليرانيــة ألنقــره بدعــم تنظيــم الدولــة‪،‬‬ ‫والتــورط يف تجــارة النفــط مــع الجهاديــن يف‬ ‫ســوريا والع ـراق‪ .‬وقــال املتحــدث باســم وزارة‬ ‫الخارجيــة الرتكيــة‪ ،‬تانجــو بيلغيتــش‪ ،‬يف بيــان‬ ‫أن ال يشء يف االتهامــات اإليرانيــة يؤخــذ عــى‬ ‫محمــل الجــد!‬ ‫وقــال الرئيــس الــريك رجــب طيــب أردوغــان‪،‬‬ ‫إنــه حــذر نظــره اإليـراين حســن روحــاين بشــأن‬ ‫تقاريــر يف وســائل إعــام إيرانيــة تتهــم أردوغان‬ ‫وأرستــه بالتــورط يف عمليــات تجــارة النفــط‬ ‫مــع جهاديــي تنظيــم الدولــة‪ .‬وقــال أردوغــان‬ ‫إنــه تحــادث هاتفيــاً مــع روحــاين‪ ،‬وأبلغــه‬ ‫ســتدفعون مثنــاً باهظــاً إذا اســتمر الوضــع‬ ‫عــى هــذا النحــو‪ ،‬مضيف ـاً أن اإليرانيــن أزالــوا‬

‫هــذا الــكالم مــن املواقــع اإللكرتونيــة الحقــاً‪.‬‬ ‫وأكــد بيلغيتــش حصــول املكاملــة الهاتفيــة بــن‬ ‫الرئيســن‪ ،‬وقــال إن أيــة محــاوالت لتحويــر‬ ‫مضمونهــا ليــس غــر أخالقــي فحســب‪ ،‬بــل‬ ‫يــوازي أيضــاً إخفــاء الحقيقــة عــن الشــعب‬ ‫اإليــراين‪ ،‬وردا ً عــى إردوغــان‪ ،‬دعــت وزارة‬ ‫الخارجيــة اإليرانيــة الجمعــة إىل مراعــاة‬ ‫اللياقــة‪ ،‬ومبــدأ االحـرام املتبــادل يف العالقــات‪،‬‬ ‫وفقــاً لوســائل اإلعــام اإليرانيــة‪ .‬ونقلــت‬ ‫وكالــة األنبــاء اإليرانيــة عــن املتحــدث باســم‬ ‫الخارجيــة‪ ،‬حســن جابــر أنصــاري‪ ،‬قولــه إن‬ ‫اســتمرار السياســات واملواقــف‪ ،‬التــي تســهم يف‬ ‫دعــم االرهــاب يف ســوريا والعـراق ســتؤدي إىل‬ ‫تفاقــم األزمــة يف املنطقــة‪ ،‬واســتفحال مشــاكل‬ ‫الــدول التــي تواصــل مثــل هــذه السياســات‪.‬‬

‫حمص ‪ -‬مهند البكور‬

‫زار وفــد أممــي رفيــع املســتوى حــي الوعــر‬ ‫املحــارص يف مدينــة حمــص‪ ،‬ظهــرة يــوم الســبت يف‬ ‫الثــاين عــر مــن شــهر ديســمرب الجــاري‪ ،‬وكان عــى‬ ‫رأس الوفــد «ســتيفن اوبرايــن» الوكيــل العــام لألمــم‬ ‫املتحــدة للشــؤون اإلنســانية‪ ،‬إضافــة ملســؤول الشــق‬ ‫اإلنســاين‪ ،‬ومديــر مكتــب تنســيق الشــؤون اإلنســانية‪،‬‬ ‫وســفري األمــم املتحــدة يف ســوريا‪ ،‬ومكتــب حمــص‬ ‫لألمــم املتحــدة‪ ،‬وممثلــن عــن الهــال األحمر الســوري‪،‬‬ ‫ووفــد مــن ممثــي املفوضيــة الســامية لشــؤون الالجئني‬ ‫وعــدد مــن املنظــات ‪..‬‬ ‫أفــاد عضــو مركــز حمــص «محمــد الحمــي» لـــمراسل‬ ‫الحرمــل أن الوفــد دخــل وبرفقتــه قافلــة مــن‬ ‫املســاعدات الغذائيــة‪ ،‬وترافــق دخــول الوفــد مــع‬ ‫خــروج أهــايل حــي الوعــر الحمــي مبظاهــرة حاشــدة‬ ‫نــددت بخــروج الثــوار مــن الحــي‪ ،‬ورفــع املتظاهــرون‬ ‫الفتــة تضمنــت «هــل تســتطيع األمــم املتحــدة تنفيــذ‬ ‫القراريــن ‪ 2139-2160‬اللذيــن يقضيــان بدخــول‬ ‫املســاعدات اإلنســانية للمدنيــن يف املناطــق املحــارصة‬ ‫دون إذن مــن النظــام‪.‬‬ ‫وأشــار «الحمــي» إىل أن زيــارة الوفــد التــي دامــت‬ ‫اثنتــي عــرة ســاعة عقــد خاللهــا اجتامعـاً موســعاً مــع‬ ‫مجلــس محافظــة حمــص ال ُح ـ ّرة الــذي يرأســه «أمــر‬ ‫عبــد القــادر إدريــس» وممثــي عــن لجنــة املفاوضــات‬ ‫اإلغاثيــة‪ ،‬ومكتــب الخدمــة التعليميــة الثوريــة يف الحي‪،‬‬ ‫وتــم طــرح العديــد مــن التســاؤالت‪ ،‬كان أبرزهــا‪ ،‬هــل‬ ‫ســيتابع النظــام سياســة التجويــع يف املناطــق املحــارصة‪،‬‬ ‫واســتخدام األمــم املتحــدة كســاح بيــده يســتخدمه‬ ‫كيفــا شــاء؟ وهــل ســيتم إفــراغ الحــي كــا حصــل‬ ‫يف هدنــة حــي ُحمــص القدميــة‪ ،‬وإحــداث تغيــرات‬ ‫دميغرافيــة يف الحــي؟‬ ‫يف بدايــة االجتــاع كانــت الكلمــة األوىل للجنــة‬ ‫التفــاوض‪ ،‬حيــث شــددت عــى أن الهدنــة كانــت ذات‬ ‫طابــع إنســاين‪ ،‬وبعكــس مــا يــروج لــه النظــام الســوري‬ ‫أنهــا حــل ســيايس‪ ،‬وعــرت اللجنــة التفاوضيــة عــن‬

‫رضوخهــا لتوقيــع الهدنــة يف حــي الوعــر بعــد حصــار‬ ‫خانــق دام أكــر مــن أربعــة أشــهر‪ ،‬وأضافــت اللجنــة‬ ‫التفاوضيــة أن ربــط دخــول القوافــل بهدنــة الوعــر‬ ‫هــو أمــر مرفــوض متامــاً ألن قــرارات مجلــس األمــن‬ ‫رقــم ‪ 2039 2165-‬متنــح األمــم املتحــدة حــق إدخــال‬ ‫املســاعدات للمناطــق املحــارصة دون الرجــوع للنظــام‬ ‫األســد‪.‬‬ ‫وقــد أثنــى «ســتيفان أوبرايــن» عــى اللجنــة‬ ‫التفاوضيــة‪ ،‬وعملهــا الحثيــث للبحــث يف طــرق الســام‪،‬‬ ‫وتجنيــب املدنيــن الحــرب‪ ،‬مؤكــدا ً عــى رضورة العمــل‬ ‫املشــرك للوصــول لصيغــة تفاهــم مشــركة وبنــاء الثقــة‬ ‫مــع األمــم املتحــدة يف املراحــل القادمــة‪ .‬كــا وجهــت‬ ‫اللجنــة التفاوضيــة استفســارا ً عــن موضــوع املعتقلــن‬ ‫لــدى قــوات النظــام‪ ،‬وقــال «يعقــوب الحلو» مجيبـاً‪ :‬إن‬ ‫مكتــب البحــوث الخــاص عــى رأســه الســيدة «خولــة‬ ‫مطــر» مــازال مســتمرا ً‪ .‬وقــال «ســتيفان أوبرايــن»‪ :‬إن‬ ‫األمــم املتحــدة ســتعمل بشــكل جــاد لتعزيــز الحــل‬ ‫الســلمي يف ســوريا‪ ،‬وكان جــواب اللجنــة التفاوضيــة‬ ‫حســبام أفــاد «محمــد الحمــي» عضــو مركــز حمــص‬ ‫أن النظــام ي ـراوغ بشــكل متســمر‪ ،‬واألهــايل ال يزالــون‬ ‫يعانــون عــى كافــة األصعــدة الغذائيــة والطبيــة‬ ‫والعســكرية وغريهــا‪ ،‬وأضافــت «اللجنــة» أن الجميــع‬ ‫يبحــث عــن حــلٍ ‪ ،‬ونحــن مســتعدون للحــل الســيايس‬ ‫الــذي «ال يتعــارض مــع مســار الثــورة» دون وجــود‬ ‫دور لنظــام األســد‪ ،‬وإال ال ميكــن الوصــول لحــل ســيايس‬ ‫أبــدا ً‪.‬‬ ‫وخــال االجتــاع طرحــت اللجنــة التفاوضيــة عــ ّدة‬ ‫مطالــب‪ ،‬قالــت إنهــا تقــع عــى عاتــق األمــم املتحــدة‬ ‫كان أبرزهــا ‪:‬‬ ‫* البحــث عــن آليــة لتثبيــت النــاس يف حــي الوعــر‪،‬‬ ‫ومنــع التهجــر والتغيــر الدميغـرايف الــذي يســعى إليــه‬ ‫النظــام وميليشــياته األجنبيــة‪.‬‬ ‫* إنشــاء مكاتــب لألمــم املتحــدة داخــل الحــي ووضــع‬ ‫مراقبــن رفيعــي املســتوى لتعزيــز الثقــة‪ ،‬وتحقيــق‬ ‫ـي وتســجيل انتهــاكات‬ ‫ضامنــات ملموســة لســكان الحـ ّ‬ ‫النظــام ‪.‬‬

‫* إعــادة النازحــن واملهجريــن مــن «عرســال» اللبنانيــة‪،‬‬ ‫ودول الجــوار مــن ســكان حــي الوعــر ألن الحــي‬ ‫يســتطيع اســتيعاب أكــر مــن ‪ 400‬ألــف نســمة‪.‬‬ ‫ويف حديــث لرئيــس مجلــس محافظــة حمــص ال ُح ـ ّرة‬ ‫«أمــر عبدالقــادر إدريــس» بعــد الرتحيــب بالوفــد‬ ‫الزائــر ورشحــه لتفاصيــل الوضــع املأســاوي الــذي‬ ‫يعيشــه الحــي‪ ،‬أشــار إىل إنــه يأمــل مــن األمــم املتحــدة‬ ‫عــدم الســاح بالتهجــر‪ ،‬ودعــم القطاعــات الزراعيــة‬ ‫والحيوانيــة وقطــاع الصحــة يف الوعــر وريــف حمــص‪،‬‬ ‫إضافــة لســاح دخــول املحروقــات‪ ،‬ودعــم التعليــم‬ ‫وإعــادة إعــار الحــي ‪..‬‬ ‫وشــدد «ســتيفان أوبريــن» لرئيــس مجلــس محافظــة‬ ‫حمــص أن األمــم املتحــدة تتمتــع بحياديــة تامــة وأن‬ ‫القــرارات املطالــب بتفعيلهــا هــي ســارية بزعمــه‪،‬‬ ‫وهــي ســبب وجودنــا هنــا اليــوم وتابــع «أوبرايــن»‬ ‫قائــاً‪ :‬إننــا ال نوفــر أي جهــد لجمــع األمــوال ورشاء‬ ‫حاجــات النــاس وتقدميهــا يف وقتهــا‪ ،‬واختتــم «أوبرايــن»‬ ‫حديثــه قائـاً‪ :‬إن الطلبــات التــي قدمــت ســتأخذ بعــن‬ ‫االعتبــار وســيتم تطبيــق املمكــن منهــا عــر مكتبنــا‬ ‫بحمــص‪ ،‬وأكــد عــى التواصــل القريــب بخصــوص‬ ‫إعــادة إعــار الحــي‪.‬‬ ‫ويف لقــاء مــع ممثــي املدنيــن‪ ،‬قــال أبــو هــام مخاطبـاً‬ ‫ســتيفان أوبرايــن‪ :‬نتمنــى أن تكــون لألمــم املتحــدة‬ ‫مواقــف واضحــة‪ ،‬وعــدم املســاواة بــن الضحيــة والجالد‬ ‫مــع اإلرصار عــى تنفيــذ ق ـرارات مجلــس األمــن دون‬ ‫الرجــوع إىل لنظــام وعــدم ربــط دخــول املســاعدات‬ ‫بــأي هدنــة أو اتفاقيــة مــع الرفــض الكامــل للتدخــل‬ ‫الــرويس واإليــراين الذيــن تقاتــل قواتهــم مــع األســد‬ ‫ضــد الثــورة‪ ،‬وأكــد عــى الحــل الســيايس وفــق مقــررات‬ ‫جنيــف‪ 1‬واســتنكر «أبــو هــام» التطهــر العرقــي‬ ‫والتغيــر الدميغــرايف الــذي ترعــاه األمــم املتحــدة يف‬ ‫حمــص منــذ عــدة أعــوام‪.‬‬ ‫ويف ختــام االجتــاع قــال «ســتيفان أوبرايــن» رئيــس‬ ‫الوفــد‪ :‬إن الجهــود الدوليــة مســتمرة لتحقيــق الســام‪،‬‬ ‫ووقــف القتــال والدمــاء يف مختلــف مناطــق ســورية‪.‬‬

‫د‪.‬محمد الحاج صالح‬ ‫لــدى الرنويجيــن تعبــر ميكــن ترجمتــه أن لــكل إنســان‬ ‫ـت وبقجتَـ َـك‪ .‬فإمــا أن‬ ‫آت مــن حضــارة مغايــرة «بقجــة»‪ .‬أنـ َ‬ ‫تــذوب يف املجتمــع‪ ،‬أو أن تندمــج‪ ،‬أو أن تعــزل نفســك‪.‬‬ ‫سياســة الدولــة الرنويجيــة الرســمية هــي «االندمــاج»‬ ‫‪ integrasjons politikk‬وتعنــي أنــك يجــب أن تخضــع‬ ‫للقوانــن الرنويجيــة‪ ،‬وأن تراعــي الثقافــة والعــادات والتقاليــد‬ ‫لســت مجــرا ً عــى أن تتخــى عــن‬ ‫الرنويجيــة‪ ،‬ولكنــك‬ ‫َ‬ ‫بــل إنــك تلقــى التشــجيع‬ ‫ثقافتــك وعاداتــك وتقاليــدك‪ْ ،‬‬ ‫عــى أن تحافــظ وبقــوة عــى «اإليجــايب(!)» فيهــا‪ .‬هــذه‬ ‫هــي خالصــة سياســة االندمــاج مكثفــة‪ .‬أمــا سياســة الذوبــان‬ ‫‪ assimilasjonspoltikk‬فيقــول بهــا بعــض الرنويجيــن مــن‬ ‫اليمــن‪ ،‬وهــي أن تنــى كل مــا يف بقجتــك وتصبــح نرويجيـاً‬ ‫ـت‬ ‫يف كل يشء‪ .‬وأمــا سياســة العــزل ‪ isolasjonspolitikk‬فأنـ َ‬ ‫مــن يبدأهــا‪ ،‬تنعــزل فيعزلونــك وتعيــش لحالــك ويف عائلتــك‪.‬‬ ‫تظهــر املشــاكل يف العائــات الالجئــة واملهاجــرة نتيجــة‬ ‫للصدمــة الحضاريــة مبالحظــة الفــروق الكبــرة بــن ثقافــة‬ ‫املــرء الســابقة وثقافــة املجتمــع الجديــد‪ ،‬ويزيدهــا العجــز‬ ‫اللغــوي‪ .‬مــن األمثلــة لإلشــكاالت الباكــرة‪:‬‬ ‫ األطفــال يتعلمــون اللغــة برسعــة قياســية‪ .‬والنســاء‬‫الفــرص‪ ،‬مــع‬ ‫يتعلمنهــا أرسع مــن الرجــال إذا مــا تســاوت‬ ‫ُ‬ ‫االســتثناءات طبعـاً‪ .‬وهــذا ينتــج أن الطفــل هــو من يســتطيع‬ ‫التفاهــم مــع البوليــس ومؤسســة الشــؤون االجتامعيــة‬ ‫ويصبــح املرتجــم عــن والديــه‪ .‬وتصــوروا حــال الوالديــن!‬ ‫وبعــد هــذا تبــدأ املــرأة بتدبــر رأســها لغــة وعمـاً واندماجـاً‬ ‫بصــورة أفضــل مــن الرجــل‪ .‬وهكــذا‪.‬‬ ‫ الطفــل محمــي مبؤسســة اســمها حاميــة الطفــل‪ .‬ال يجــوز‬‫تعنيــف الطفــل بالــكالم وال فيزيائيـاً‪ .‬ويتوجــب عــى كل مــن‬ ‫يــرى أو يعلــم عــن تعنيــف للطفــل أن يبلــغ الســلطات‪ .‬وقــد‬ ‫يصــل األمــر إىل أن تنــزع الســلطات الطفــل مــن عائلتــه‬ ‫وتســلمه لحاميــة الطفــل‪.‬‬ ‫ تســتطيع املــرأة وبســهولة أن تســتقل عــن الرجــل يف حــال‬‫بيــت‪ ،‬ودخلهــا مضمــون لهــا‬ ‫الخــاف‪ ،‬وأن يصبــح لديهــا ٌ‬ ‫وألوالدهــا‪.‬‬ ‫ الــزواج اإلجبــاري ممنــوع ويعاقــب عليــه‪ .‬الــزواج املرتــب‬‫مكــروه وغــر محــرم‪.‬‬ ‫ الرشف هو العمل والصدق‪ .‬ومن ال يعمل ال يحرتم‪.‬‬‫ الحصــول عــى العمــل يحتــاج إىل اللغــة‪ ،‬وإىل جهــد كبــر‬‫ومعقــد وهــو االمتحــان األكــر‪.‬‬ ‫املجتمعــات الغربيــة‪ ،‬ومنهــا املجتمــع الرنويجــي مفتوحــة‬ ‫ومغلقــة بــآن‪ .‬ودامئـاً ووفــق تجربتــي يحتــاج الالجــئ القــادم‬ ‫مــن ســورية إىل الرنويــج أن يفتــح بقجتــه وينتقــي منهــا‪،‬‬ ‫ويحــاول أن يــرى مــا يف بقــج الرنويجيــن‪ .‬ويف مرحلــة تاليــة‬ ‫وعــى مهــل يخلــط «كياموي ـاً» مــا اختــاره مــن بقجتــه مــع‬ ‫البقجــة الرنويجيــة القياســية الوســط‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫لندن الصغرى بوجه آخر‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ناش��طون‪ 30 :‬حال��ة ش��لل ت��ام و‪ 7‬ح��االت ب�تر ب�ين‬ ‫اخلارج�ين م��ن «الوعر» ح��ي الوعر‬ ‫وكاالت‬

‫منبج اإلخبارية‬ ‫مــا إن تضــع أقدامــك عــى (أرض الخالفــة‬ ‫املزعومــة) قاطــع منبــج‪ ،‬حتــى تــدرك أنــك‬ ‫يف مدينــة مل تتصــور أن تكــون بهــذا الشــكل‬ ‫الغريــب واملريــب‪ ،‬فــكل مــن يدخلهــا هــو‬ ‫بالنســبة لعنــارص تنظيــم داعــش موضــع شــك‬ ‫حتــى ولــو كان مــن أهلهــا وترعــرع فيهــا ونشــأ‬ ‫فيهــا‪.‬‬ ‫تتصــارع وتتناقــض األفــكار يف مخيلتــك‪ ،‬هــل‬ ‫أنــا يف مســقط رأس عمــر أبــو ريشــة الشــاعر‬ ‫املخــرم أم يف قندهــار؟! هــل أنــا يف مدينــة‬ ‫أبــو فــراس الحمــداين أم يف ضاحيــة مــن‬ ‫ضواحــي كابــل األفغانيــة؟!‬ ‫يف اآلونــة األخــرة أقــدم تنظيــم داعــش عــى‬ ‫تغيــر املظهــر املثــايل للمدينــة مــن كافــة‬ ‫النواحــي‪ ،‬وكان جــل تركيــزه عــى املظهــر‬ ‫الخارجــي لســكانها‪ ،‬عــدا عــن محاوالتــه‬ ‫الحثيثــة لتطبيــق مــا يــراه مناســباً لتثبيــت‬ ‫الخــوف والشــك يف جميــع النفــوس‪ ،‬وجعــل‬ ‫مبــدأ فقــدان الثقــة فيــا بــن الســكان أمــرا ً‬ ‫أساســياً‪.‬‬ ‫خليــط مــن ‪ 40‬جنســية عامليــة يســكنون هــذه‬ ‫املدينــة الوادعــة والرشقيــة بــكل التفاصيــل‪،‬‬ ‫فمظهــر اللحيــة املتوســطة الطــول والــزي‬

‫الرجــايل القصــر هــو العامــل املشــرك بــن‬ ‫عنــارص التنظيــم وبــن ســكان املدينــة الذيــن‬ ‫أخضعهــم التنظيــم لهــذا املظهــر بالقــوة‪،‬‬ ‫وتحــت طائلــة العقوبــات املشــددة لــكل مــن‬ ‫يتمــرد عــى هــذه األوامــر‪ .‬تحــس ببعــض‬ ‫الرهبــة‪ ،‬وتشــعر أنــك ال تنتمــي إىل هــذه‬ ‫املدينــة‪ ،‬تخــال نفســك انتقلــت مــن عــر‬ ‫الحضــارة إىل القــرون الوســطى يف رحلــة عــر‬ ‫الزمــن‪ ،‬ومــن غرائــب التناقضــات تــرى يف‬ ‫زاويــة املدينــة مطعــاً غربيــاً يبيــع (البيتــزا)‬ ‫بعــدة أنــواع‪ ،‬والزبائــن ال يــكادون يفارقــون‬ ‫هــذا املطعــم أو ذاك‪ ،‬فمعظــم زبائنهــم‬ ‫مــن الجنســيات الغربيــة وخاصــة الفرنســية‬ ‫والربيطانيــة واألملانيــة‪ ،‬حتــى العنــارص مــن‬ ‫الجنســية الواحــدة متيــز بينهــم عندمــا تتقــن‬ ‫شــيئاً مــن لغتهــم‪ ،‬فهــذا بريطــاين مــن ويلــز‪،‬‬ ‫واآلخــر مــن ضواحــي لنــدن‪.‬‬ ‫جميــع هــذه التناقضــات تجتمــع يف هــذه‬ ‫املدينــة‪ ،‬التــي مل يهــادن أهلهــا التنظيــم حتــى‬ ‫اليــوم‪ ،‬ويبــدون نوع ـاً مــن التحــدي للتنظيــم‬ ‫رغــم وحشــيته يف التعامــل مــع كل مــن يتمــرد‬ ‫عليــه‪ ،‬لتختارهــا يومــاً صحيفــة «الصنــداي‬ ‫تاميــز»‪ ،‬وتطلــق عليهــا لقــب «لنــدن الصغــرى‬ ‫ولكــن بوجــه آخــر!‬

‫خم�برو وزارة الثقاف��ة يف حكوم��ة‬ ‫النظام يتباكون على حقوق اإلنسان!!!‬ ‫وزارة ثقاف��ة النظ��ام‪ :‬حتت��ج عل��ى س��جني يف الس��عودية‬ ‫وتتجاه��ل عش��رات اآلالف م��ن املعتقل�ين الس��وريني وم��ن‬ ‫بينه��م آالف األدب��اء واملثقف�ين والفنان�ين الس��وريني!‬

‫بعــد أن تحولــت وزارة الثقافــة الســورية إىل‬ ‫مفــرزة مــن مفــارز املخاب ـرات الســورية بتــويل‬ ‫املخــر الشــهري عصــام خليــل لهــا‪ ،‬بــدأت‬ ‫فصــول جديــدة مــن أكاذيبهــا للتســر عــى‬ ‫اإلجــرام الوحــي للنظــام‪.‬‬ ‫وهــا هــي متجاهلــة ملئــات آالف اإلعدامــات‬ ‫التــي ارتكبهــا ويرتكبهــا نظامهــا بــا أحــكام‬ ‫وال محاكــم‪ ،‬نظمــت وزارة الثقافــة يف حكومــة‬ ‫النظــام االثنــن وقفــة احتجاجيــة أمــام مبنــى‬ ‫األمــم املتحــدة بدمشــق تنديــدا ً بحكــم‬ ‫اإلعــدام الصــادر يف الســعودية بحــق الشــاعر‬ ‫الفلســطيني أرشف فيــاض‪.‬‬ ‫وادعــى وزيــر الثقافــة يف حكومــة النظــام عصام‬ ‫خليــل الــذي كان عــى رأس املحتجني يف دمشــق‬

‫أنهــم يف حكومــة النظــام مــع حريــة العقــل‬ ‫وحريــة التفكــر‪ ،‬متهــاً الســعودية أن مثــل‬ ‫هــذا الحكــم يعــود بهــا إىل مــا قبــل الجاهليــة‪.‬‬ ‫إال أن الوزيــر اتهــم يف الوقــت نفســه صمتــه‬ ‫ووزارتــه عــن قتــل مئــات ألــوف الســوريني‬ ‫وكأنــه يشء ال يعنيهــا‪ ،‬وصمــت أيض ـاً عــن كــم‬ ‫أفــواه املثقفــن الســوريني وتهجريهــم وحبســهم‬ ‫يف ســجون النظــام‪ ،‬والســبب فقــط هــو العــداء‬ ‫للســعودية التــي تطالــب حتــى اللحظــة‬ ‫بســوريا خاليــة مــن بشــار األســد ونظامــه‪.‬‬ ‫ويــأيت هــذا التضامــن بعــد شــهر مــن دعــوات‬ ‫إليقــاف الحكــم الصــادر عــى فيــاض مــن‬ ‫محكمــة ســعودية بتهمــة الرتويــج ألفــكار‬ ‫إلحاديــة‪.‬‬

‫أعــادت مأســاة حمــص املحــارصة تجســيد‬ ‫نفســها يف مشــهد خــروج ع ـرات العائــات‬ ‫مــن حــي الوعــر‪ ،‬وأجــر ظلــم نظــام األســد‬ ‫وعدوانــه األهــايل املدنيــن عــى هجــرة أغــى‬ ‫مــا ميلكــون والذهــاب يف دهاليــز املجهــول‪،‬‬ ‫كــا حصــل يف حمــص القدميــة قبــل أكــر‬ ‫مــن عــام ونصــف‪.‬‬ ‫ويف هــذا الســياق عرضــت «مؤسســة مــدى‬ ‫ســوريا» فيديــو مؤثــرا ً للعــرات مــن‬ ‫عائــات الوعــر وهــم يغــادرون بيوتهــم‪،‬‬ ‫وبــدا الكثــر مــن أبنائهــا‪ ،‬وهــم يقفــون إىل‬ ‫جانــب حقائبهــم بانتظــار الحافــات التــي‬ ‫ســتقلهم إىل خــارج الحــي‪.‬‬ ‫وتحــدث أحــد أبنــاء الحــي مشــرا ً إىل أنــه‬ ‫مصــاب وبحاجــة لعــاج وتابــع‪« :‬الطريــق‬ ‫مــا بنعرفــو طالعــن عــى مجهــول»‪ ،‬وأوضــح‬ ‫الشــاب املصــاب أن أبنــاء الحــي الخارجــن‬ ‫طالعــن ضمــن بنــود الهدنــة الــي بتنــص‬ ‫عــى خــروج معطــي الهدنــة»‪.‬‬ ‫واســتدرك الشــاب‪« :‬نحنــا مالنــا معطلــن‬ ‫االتفــاق نحنــا محتاجــن للطلعــة كعــاج»‬ ‫وتابــع‪ :‬إن املصابــن الخارجــن بحاجــة‬ ‫لعمليــات جراحيــة ملحــة ألن اإلصابــات‬ ‫تســبب لهــم بالكثــر مــن املشــاكل الصحية»‪.‬‬ ‫وصمــت الشــاب برهــة ليتابــع بحرقــة‪« :‬يف‬ ‫يش»‪ ،‬ثــم قــال للمصــور «حاجــي» ‪-‬كفــى‪-‬‬ ‫وأشــاح بوجهــه عــن الكامــرا وهــو يــداري‬

‫دموعــه‪ ،‬وبــدا آخــرون وهــم يودعــون‬ ‫أقاربهــم وأصدقاءهــم‪ ،‬فيــا رفــع شــاب‬ ‫عالمــة النــر وهــو يركــب عربــة نقــل مــع‬ ‫عــدد مــن الشــبان اآلخريــن‪.‬‬ ‫وكانــت «رابطــة إعالميــي الثــورة يف حمــص»‬ ‫أكــدت أن «جميــع مــن خــرج مــن حــي‬ ‫«الوعــر» هــم مــن عائــات حمــص القدميــة‪،‬‬ ‫بينهــم كثــر مــن الجرحــى بحاجــة إىل‬ ‫عمليــات‪ ،‬كــا يوجــد مقاتلــون ال ينتمــون‬ ‫لكتائــب خرجــوا ألنهــم رافضــون لالتفــاق»‪.‬‬ ‫وفصلــت الرابطــة عــدد الخارجــن مــن‬ ‫ّ‬ ‫الوعــر عــى النحــو التــايل‪ :‬العائــات ‪160‬‬ ‫عائلــة وهــي تتألــف مــن ‪ 200‬امــرأة و‪100‬‬ ‫طفــل تحــت الثــاث ســنوات و‪ 110‬مــن ‪3‬‬

‫ســنوات إىل ‪ 12‬و‪ 77‬مــن ‪ 17‬ومــا فــوق وهــم‬ ‫مرافقــون لعائالتهــم ومــن ضمــن املعطلــن‬ ‫لالتفــاق»‪.‬‬ ‫وأشــارت الرابطــة عــى صفحتهــا الشــخصية‬ ‫يف «فيســبوك» إىل أن «هنــاك حــاالت حرجــة‬ ‫مــن بــن الخارجــن مــن الوعــر بحاجــة إىل‬ ‫عمليــات جراحيــة وهــم عــى النحــو التــايل‪:‬‬ ‫‪ 30‬حالــة شــلل تــام و‪ 7‬حــاالت بــر ومــن بــن‬ ‫الحــاالت خمــس نســاء»‪.‬‬ ‫وف ّنــدت الرابطــة يف منشــورها املذكــور‬ ‫الشــائعات التــي يطلقهــا النظــام عــن دخــول‬ ‫الجيــش باأليــام القادمــة عــار عــن الصحــة‬ ‫مضيفــة أن «التشــكيالت عــى األرض باقيــة‬ ‫ولــن تخــرج أبــدا ً ال ببدايــة املراحــل األوىل‬ ‫مــن االتفــاق وال بنهايتهــا‪.‬‬

‫بعد سيطرة جيش الفتح على مدينة إدلب‬ ‫ه��ل تك��ون رق��ة ثاني��ة ومص�ير أس��ود بانتظاره��ا‬ ‫إدلب ‪ -‬إبراهيم اإلدلبي‬ ‫بعــد ســتة أشــهر عــى ســيطرة جيــش‬ ‫الفتــح عــى مدينــة إدلــب وريفهــا بشــكل‬ ‫كامــل‪ ،‬وانســحاب قــوات النظــام منهــا‬ ‫إىل ريــف حــاة‪ ،‬خــرج أمــراء الحــرب يف‬ ‫الجيــش ليقولــوا إن الحكــم يف املدينــة عــن‬ ‫طريــق املدنيــن‪ ،‬ولــن تكــون هنــا رقــة‬ ‫ـت لكــم‪.‬‬ ‫ثانيــة‪ ،‬فنحــن وجدنــا لنكــون عوننـ ً‬ ‫تســارعت األحــداث يف إدلــب وريفهــا‪،‬‬ ‫وقســمت الكعكــة «مدينــة إدلــب» بنــاء‬ ‫عــى نســبة األســهم يف مــا يســمى جيــش‬ ‫الفتــح‪ ،‬وكان لحركــة أحـرار الشــام النصيــب‬ ‫األكــر مــن املقاعــد‪ ،‬ولجبهــة النــرة التابعة‬ ‫للقاعــدة الدرجــة الثانيــة‪ ،‬وكذلــك بقيــة‬ ‫الفصائــل املكونــة لهــذا الجيــش‪ ،‬بــدأت‬ ‫الروايــة مبنــع دخــول اإلعــام إىل داخــل‬ ‫املدينــة‪ ،‬وتعطيــل أي حــراك مــدين يتبــع‬ ‫ملجلــس محافظــة إدلــب‪ ،‬الــذي يشــغل‬ ‫منصــب املحافــظ ورئيــس املجلــس األســتاذ‬ ‫أحمــد القســوم‪ ،‬همــش املجلــس وقيــدت‬ ‫صالحيتــه‪.‬‬ ‫الجميــع يريــد أن يحكــم مركــز املحافظــة‬ ‫وجعلهــا قاعــدة لــه‪ ،‬ويثبــت وجــوده‬ ‫فيهــا مــن خــال التضييــق عــى الشــعب‬ ‫ومالحقتــه عــى أشــياء ســخيفة ليــس‬ ‫بوقتهــا‪ ،‬يقــول الكثــرون‪ :‬حــن أعلنــت‬ ‫جبهــة النــرة وحركــة أحــرار الشــام‬ ‫وفيلــق الشــام ودور القضــاء وغريهــم مــن‬ ‫الهيئــات اإلســامية يف بيــان مكتــوب وقعــوا‬ ‫عليــه‪ ،‬والــذي مبوجبــه تــم منــع النســاء‬ ‫اإلدلبيــات مــن املســر بالشــارع متربجــات‬ ‫أو يرتديــن املالبــس الضيقــة‪ ،‬وذلــك حســب‬ ‫البيــان الصــادر‪ ،‬والذيــن تســارعوا إىل‬

‫حرمل االقتصاد‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫د‪ .‬عبد القادر العلي‬ ‫عشــت يف االتحــاد الســوفييتي عــر‬ ‫ســنوات إال ثالثــة أشــهر‪ ،‬درســت فيهــا‬ ‫اقتصــاد الســوق‪ .‬كانــت األطروحــة حــول‬ ‫اقتصــاد الســوق األوروبيــة واألمريكيــة‪،‬‬ ‫للتشــابه الكبــر بينهــا مــن حيــث املبــدأ‬ ‫والنهــج االقتصــادي‪ ،‬واعتــاد النظريــات‬ ‫االقتصاديــة نفســها تقريبـا ً‪ ،‬واخــرت بعض‬ ‫أكــر الــركات يف القارتــن إلجــراء هــذه‬ ‫الدراســة كــركات الحديــد والصلــب‬ ‫والســيارات والخدمــات‪ .‬عشــت خــال‬ ‫هــذه الســنوات العــر كل مراحــل تطــور‬ ‫الســوق الســوفيتية مــن عــز تحكــم هــذه‬ ‫الســوق بــكل يشء‪ ،‬مــن محــات دهــان‬ ‫األحذيــة إىل محــات الحالقــة‪ ،‬إىل صناعــة‬ ‫الطائــرات إىل ســقوط النظــام االشــرايك‬ ‫وتهاويــه دون أن ينعيــه أحــد‪ ،‬ولكــن‬ ‫كانــت شــعوب بأكملهــا جاهزة للمشــاركة‬ ‫بتعجيــل دفنــه وإىل األبــد‪.‬‬ ‫مل يفكــر أحــد حينهــا‪ ،‬مــا هــو القــادم؟‬ ‫وكيــف ســيكون الحكــم‪ ،‬هــل ســيكون‬ ‫أســوأ أم أفضــل‪ ،‬ولكــن لســان حــال‬ ‫الجميــع يــردد‪ :‬أبشــع مــن القــرد مل يخلــق‬ ‫اللــه‪ .‬ومــا الحظتــه‪ ،‬أن أكــر املندفعــن‬ ‫للخــاص هــم املســلمون‪ ،‬ألنهــم حســب‬ ‫رأيهــم‪ ،‬أنــه نظــام كافــر‪ ،‬أمــا الــروس‪،‬‬ ‫فمنهــم مــن يريــد العــودة إىل الكنيســة‬ ‫والحكــم القيــري‪ ،‬والقســم الثــاين‪،‬‬ ‫يريــد دولــة دميقراطيــة عــى غـرار الــدول‬ ‫األوروبيــة الغربيــة‪ ،‬أمــا الطــرف الثالــث‪،‬‬ ‫فهــم جامعــة بوتــن‪ ،‬الذيــن أرادوا حك ـاً‬ ‫يشــبه الغــرب شــكالً‪ ،‬والــرق مضمونــا ً‪،‬‬ ‫دميقراطيــة عــى الطريقــة الروســية‪ ،‬حيث‬ ‫يرقــص الرئيــس‪ ،‬ويعــزف املوســيقى‪،‬‬ ‫ويلعــب الجــودو‪ ،‬ويغنــي‪ ،‬ولكــن ميكن أن‬

‫‪7‬‬

‫اقتصاد الطغاة‬ ‫يُقْتــل رأس املعارضــة الروســية عــى بعــد‬ ‫مئتــي مــر عــن الكرميلــن وســط النهــار‪،‬‬ ‫وال يســتحق مــن رئيــس الجمهوريــة‬ ‫الروســية املشــاركة يف عزائــه‪ ،‬وهكــذا‬ ‫ينتهــي نهــج معــارض‪..‬‬ ‫فقــط‪ ،‬أيــام القيــارصة‪ ،‬كان الســجن‬ ‫للمعارضــة بعــد محاكمــة‪ ،‬وكان لينــن‬ ‫أحــد الســجناء لــدى القيــر‪ ،‬وأفــرج عنــه‬ ‫بعــد انقضــاء حكمــه‪ ،‬ليعــدم القيــر‬ ‫وعائلتــه يف إحــدى الغابــات بعــد انتصــار‬ ‫الثــورة الشــيوعية‪ ،‬حتــى الطفــل املريــض‬ ‫مل يشــفع لــه مرضــه وال طفولتــه‪ ،‬هكــذا‬ ‫تحولــت الدميقراطيــة مــن عهــد ســابق إىل‬ ‫عهــد الحــق‪ ،‬ليؤســس لعــر متنــى الــروس‬ ‫بعــده أن ال يكونــوا أطلقــوا طلقــة واحــدة‬ ‫نحــو القيرصيــة‪.‬‬ ‫وبالعــودة إىل الناحيــة االقتصاديــة‪ ،‬كنــت‬ ‫يف تناقــض بينــي وبــن مــا كنــت أشــاهده‬ ‫للــدور االقتصــادي يف التحكــم يف مجريــات‬ ‫الحيــاة االجتامعيــة بشــكل عــام‪ ،‬وانطالقـا ً‬ ‫مــن الخلفيــة الفكريــة االشــراكية التــي‬ ‫كنــت أعتمــد عليهــا يف تحليــي للواقــع‬ ‫االقتصــادي الســائد آنــذاك يف االتحــاد‬ ‫الســوفييتي‪ ،‬فــإن مــا كنــت أراه مــن نفــاد‬ ‫كامــل للمــواد الغذائيــة يجــب أن يُســقط‬ ‫أقــوى نظــام يف العــامل‪ .‬مــرت ســنوات‬ ‫عديــدة والحــال مــن يسء إىل أســوأ‪ ،‬إال‬ ‫الفــودكا كانــت تتوفــر أكــر فأكــر‪ ،‬ولكــن‬ ‫الطوابــر عــى محــات بيــع الخمــور أيضـا ً‬ ‫تــزداد طــوالً وعرضــا ً‪.‬‬ ‫كل مــن أقــام يف موســكو‪ ،‬ال بــد أنــه تعرف‬ ‫عــى مــكان اســمه البرييوســكا‪ .‬هــذا‬ ‫املــكان متوفــر فيــه مــا تشــتهي النفــس‬ ‫مــن كامليــات ومرشوبــات وعطــورات‪،‬‬ ‫ورمبــا أشــياء غذائيــة كــا ذكــروا رواد‬

‫املــكان‪ .‬األســعار فيــه مل تتغــر منــذ عــام‬ ‫‪١٩٣٥‬م‪ .‬هــذا املــكان مخصــص ألعضــاء‬ ‫املكتــب الســيايس واللجنــة املركزيــة‬ ‫وضيوفهــم مــن كل أنحــاء العــامل‪ ،‬وال‬ ‫يحــق للــروس دخــول املــكان‪ ،‬ولهــذا كانــوا‬ ‫يتوســلون األجانــب للحصــول عــى هديــة‬ ‫أو قنينــة عطــر يهديهــا لصديقتــه يف عيــد‬ ‫ميالدهــا‪ ،‬وأنــا كنــت ممــن اســتفاد مــن‬ ‫هــذه امليــزة‪ ،‬مــن خــال معرفتــي ببعــض‬ ‫الضيــوف القادمــن إىل فنــدق اللجنــة‬ ‫املركزيــة‪.‬‬ ‫مل يــ َر ضيــوف االتحــاد الســوفييتي مــن‬ ‫الشــيوعيني القادمــن مــن بلــدان الفقــر‬ ‫إىل هنــاك ســوى البرييوســكا واملــرح‬ ‫الكبــر وبعــض املتاحــف‪ ،‬لذلــك كانــوا‬ ‫يعــودون محملــن باإلعجــاب بنتائــج‬ ‫االشــراكية العظمــى‪.‬‬

‫بــدأ النظام الشــيوعي يف نهايــة الثامنينيات‬ ‫باختــاق املــررات االقتصاديــة‪ ،‬التــي دأب‬ ‫عــى تكرارهــا‪ ،‬وهــو يعــرف أن هــذه‬ ‫املــررات مل تعــد تقنــع أحــدا ً‪ ،‬مــع ذلــك‪،‬‬ ‫اســتمر يف تكرارهــا‪ ،‬ألنــه أخــذ مناعــة‬ ‫تجــاه متلمــل املجتمــع مــن مثــل هــذه‬ ‫ـت حينهــا‬ ‫األمــور عــى مــدى عقــود‪ .‬وصلـ ُ‬ ‫لقناعــة‪ ،‬أن كل النظريــات االقتصاديــة‬ ‫التــي درســتها ال قيمــة لهــا‪ ،‬وأنهــا محــض‬ ‫هـراء يف تحديدهــا مصــر الطغــاة‪ ،‬ولكنهــا‬ ‫قــد تخلــق األرضيــة لثــورات غــر معروفــة‬ ‫النتائــج‪ .‬واآلن زادت قناعتــي أكــر‬ ‫مــن قبــل‪ ،‬بــأن انهيــار االقتصــاد ليــس‬ ‫بالــرورة أن يــؤدي إىل انهيــار النظــام‬ ‫الحاكــم‪ ،‬ولكــن ميكــن ألطـراف يف الحكــم‪،‬‬ ‫أن تســتغل هــذا الوضــع لالقتصــادي‬ ‫لالنقــاب عــى النظــام نفســه‪ ،‬يف هــذه‬

‫الحالــة‪ ،‬ميكــن للقــادم الجديد‪ ،‬أن يكســب‬ ‫تأييــد املجتمــع ويســتمر يف الحكــم‪ .‬هــذا‬ ‫مــا حــدث يف العــراق أيضــا ً‪ ،‬مل يســقط‬ ‫النظــام بســقوط الدينــار العراقــي إىل‬ ‫درجــة أن امليــزان للــرزم النقديــة أصبــح‬ ‫هــو الحــل بــدل العــد اليــدوي أو اآليل‪.‬‬ ‫هكــذا هــي الحــال يف ســورية اليــوم‪،‬‬ ‫حيــث تهبــط اللــرة دون توقــف منــذ‬ ‫مــا يقــارب الخمــس ســنوات‪ ،‬والنظــام‬ ‫يحــاول تعويــض نقــص القيمــة الســلعية‬ ‫للعملــة بزيــادة عــدد األوراق النقديــة‬ ‫يف راتــب املوظــف والعامــل‪ .‬يف هــذه‬ ‫الحالــة‪ ،‬ال يعــرف املواطــن أو رمبــا يعــرف‪،‬‬ ‫ولكنــه ال يعــرف القيمــة الحقيقيــة لحجــم‬ ‫الرسقــات التــي يتعــرض لهــا لتذهــب‬ ‫مبــارشة لخزينــة النظــام يف كل مــرة يُعلــن‬ ‫فيهــا النظــام عــن زيــادة لألجــور!!!‬

‫نتائج احلرب املدمرة وتدهور االقتصاد!!‬ ‫شــوية ســوالف اقتصاديــة مــن وكاالت األنبــاء العالميــة والمحليــة‬ ‫الوض��ع االقتص��ادي للنظ��ام ه��ل س��يطيح ب��ه؟؟ فباإلضاف��ة إىل ختب��ط النظ��ام يف تدم�ير البل��د‪ ،‬فاالقتص��اد ص��ار‬ ‫مش��كلة حقيقي��ة تقل��ع ع�ين النظ��ام كم��ا تتوق��ع الكث�ير م��ن ال��وكاالت االقتصادي��ة واإلخباري��ة‪ ،‬وكم��ا يت��داول‬ ‫الش��ارع الس��وري أبس��ط املس��ائل االقتصادي��ة إىل أعقده��ا‪:‬‬ ‫كان مدعومــاً مــن الحكومــة ثالثــة أضعافهــا‬ ‫عــن العــام ‪ ،2014‬وكذلــك األمــر بالنســبة إىل‬ ‫امليــاه والكهربــاء‪.‬‬

‫وضــع أختامهــم عليــه‪ ،‬لتظهــر أســاءهم‬ ‫علنــاً‪ ،‬وهــي تؤكــد أنهــم يســيطرون عــى‬ ‫الحكــم اإلداري تحــت غطــاء الرشيعــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬متناســن أن الطــران الحــريب‬ ‫واملروحــي وصواريــخ األرض أرض الروســية‬ ‫التــي تســتهدف املراكــز املدنيــة يف إدلــب‬ ‫وريفهــا يف كل يــوم‪ ،‬والتــي أجــرت الجميــع‬ ‫عــى البقــاء يف املالجــئ معظــم ســاعات‬ ‫اليــوم‪ ،‬متناســن أيض ـاً أنــه ال يوجــد منــزل‬ ‫يف الريــف إال ويحــوي عــى شــهيد أو‬ ‫معتقــل أو مصــاب‪ ،‬وال يوجــد وقــت للتــرج‬ ‫فصفــارات اإلنــذار ال تــكاد تهــدأ يف املناطــق‬ ‫املحــررة‪ ،‬والنــاس يتزاحمــون يف املالجــئ‬ ‫ليحافظــوا عــى حياتهــم مــن غــدر الط ـران‬

‫الــرويس‪ ،‬والنظــام املجــرم‪ ،‬فيــأيت مــن يتهمــم‬ ‫«بالعاريــات الكاســيات»ـ «املتربجــات دون‬ ‫حيــاء»‪ ،‬عــى حــد قــول أمــراء تنظيــم‬ ‫النــرة املهاجريــن‪ ،‬وذلــك يف تغريــدات‬ ‫عــى موقــع تويــر‪.‬‬ ‫لقــى هــذا البيــان ســخط وغضــب الشــارع‬ ‫اإلدلبــي‪ ،‬فبــدأ النــاس بتناقــل العبــارة‬ ‫املشــهورة‪ ،‬قبــل أن تفــرض حكمــك علينــا‬ ‫احمنــا واســقنا واطعمنــا وأم ًنــا ثــم احكمنــا‪،‬‬ ‫وهكــذا يبقــى حــال املدنيــن يف الريــف‬ ‫اإلدلبــي يف ظــل وجــود تنظيــم القاعــدة‬ ‫إضافــة إىل الفصائــل املقربــة منــه‪ ،‬مصــر‬ ‫أســود يطمــس إنجــازات الثــورة‪ ،‬التــي خــرج‬ ‫النــاس فيهــا انتصــارا ً لحريتهــم وكرامتهــم‪.‬‬

‫ ضرائب على الشاورما والكراسي‬‫ارتفع ســعر ســاندويش الشــاورما إىل ‪ 220‬لرية‬ ‫ســورية بــدالً مــن مئتــي لــرة بعدمــا أضيفــت‬ ‫رضيبــة جديــدة بنســبة ‪ 10%‬للمســاهمة يف‬ ‫«إعــادة اإلعــار» عــى مثــن كل ســاندويش‪.‬‬ ‫وســاندويش الشــاورما ليــس وحــده عرضــة‬ ‫للرضائــب الجديــدة‪ ،‬اذ بــات عــى أصحــاب‬ ‫املطاعــم دفــع رضيبــة مقابــل عــدد الك ـرايس‬ ‫املوجــودة يف مؤسســاتهم‪ .‬وفرضــت الحكومــة‬ ‫أيضــا رضيبــة شــهرية ت ـراوح بــن ‪ 500‬و‪1000‬‬ ‫لــرة ســورية عــى الشــقق املؤجــرة واملبــاين‬ ‫التجاريــة‪ .‬وارتفــع ســعر ربطــة الخبــز الــذي‬

‫‪ 12‬مليــون مــر مكعــب مقابــل ‪ 27‬مليونــاً‪،‬‬ ‫وتجــاوزت قيمــة خســائر قطــاع النفــط والغــاز‬ ‫يف ســوريا الخمســن مليــار دوالر أمــريك منــذ‬ ‫بــدء النــزاع‪ ،‬وفــق مــا أعلــن وزيــر النفــط‬ ‫الســوري ســليامن العبــاس نهايــة ترشيــن األول‪.‬‬ ‫كــا تقلصــت إيــرادات الدولــة جــراء تراجــع‬ ‫إنتــاج الفوســفات وتدهــور القطــاع الســياحي‪.‬‬ ‫وينطــوي مــروع موازنــة العــام ‪ 2016‬عــى‬ ‫عجــز قــدره ‪ 31%‬بالنســبة إىل النفقــات‪ ،‬عــى‬ ‫غــرار موازنــة العــام الحــايل‪.‬‬ ‫ خفض التدفئة‬‫قــررت الحكومــة بالتــايل خفــض النفقــات‬ ‫وطلبــت مــن اإلدارات الرســمية تقليــص‬ ‫اســتهالك الطاقــة املخصــص للتدفئــة بنســبة‬ ‫ثالثــن يف املئــة وبوضــع حــد «قــدر املســتطاع»‬ ‫للعقــود مــع آالف االجــراء‪.‬‬

‫ الدوالر حنو الـ‪ 500‬ل س‬‫ويقــدم انخفــاض قيمــة العملــة الســورية دليـاً‬ ‫ملموسـاً عــى االقتصــاد املنهــك جـراء اســتمرار‬ ‫الحــرب إذ تبلــغ قيمــة رصف الــدوالر الواحــد‬ ‫اليــوم ‪ 390‬لــرة ســورية مقابــل ‪ 240‬لــرة‬ ‫ســورية العــام املــايض‪ .‬ويتوقــع رصافــون أن‬ ‫يبلــغ عتبــة الـــ‪ 500‬لــرة ســورية مطلــع العــام‬ ‫املقبــل‬ ‫ الذهب األسود بال عائدات‬‫انخفــض إنتــاج النفــط الــذي تأثــر بالعقوبــات‬ ‫الدوليــة املفروضــة عــى ســوريا‪ ،‬إذ بلــغ‬ ‫معــدل إنتــاج النفــط اليومــي خــال العــام‬ ‫الحــايل ‪ 9688‬برميــاً‪ ،‬مقابــل ‪ 380‬ألفــاً قبــل ‪ -‬مستقبل قامت‬ ‫انــدالع حــرب النظــام عــى الشــعب الســوري‪ ،‬ضاعفــت رشكــة االتصــاالت العامــة التــي‬ ‫وكذلــك انخفــض إنتــاج الغــاز اليومــي إىل تحتكــر خطــوط الهاتــف الثابتــة يف ســوريا‬

‫بدورهــا بــدل االشــراك الــذي يدفعــه ‪4,5‬‬ ‫ماليــن مشــرك‪ ،‬مــا مــن شــأنه أن يوفــر نظريـاً‬ ‫عائــدات بقيمــة ‪ 10,8‬مليــارات لــرة ســورية‬ ‫(‪ 308‬مليــون دوالر)‪ .‬لكــن وبحســب نــرة‬ ‫«ســوريا ريبــورت» االلكرتونيــة‪ ،‬فــإن العائــدات‬ ‫ســتكون أقــل مــن هــذا املبلــغ بســبب الحالــة‬ ‫الســيئة لشــبكة االتصــاالت‪ ،‬والتــي بلغــت‬ ‫نســبة الــرر الالحــق بهــا نهايــة العــام‬ ‫‪ 2013‬حــوايل ‪ 40%‬بحســب وزارة االتصــاالت‬ ‫الســورية‪.‬‬

‫ اإلنفاق العسكري‬‫يقــول جهــاد يازجــي‪ ،‬رئيــس تحريــر النــرة‬ ‫االقتصاديــة االلكرتونيــة «ســوريا ريبــورت»‪:‬‬ ‫ســتضطر الدولــة إىل عــر نفقاتهــا أكــر فأكــر‪،‬‬ ‫ومبــا أنــه ال ميكنهــا املــس باإلنفــاق العســكري‬ ‫ســتتجه إىل التقنــن يف الخدمــات العامــة وتغض‬ ‫النظــر عــن إصــاح مــا هــو متــرر جــراء‬ ‫الحــرب‪ .‬ومــن شــأن ذلــك أن يجعــل النــاس أكرث‬ ‫فقــرا ً ويعتمــدون تدريجيــاً عــى مدخراتهــم‬ ‫وســيلجأ كثــرون إىل الهجــرة»‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫ليــس مــن الســهولة مبــكان التنبــؤ‬ ‫بــدور إيجــايب لدولــة مثــل «روســيا» داخــل‬ ‫مــا يجــري مــن تحــوالت عميقــة وجذريــة‬ ‫يف بلــدان الــرق األوســط‪ ،‬وحــروب اإلنابــة‬ ‫التــي تقودهــا العديــد مــن الــدول املشــاركة‬ ‫عــى أراضيــه‪ ،‬ويف ســاواته التــي غــدت‬ ‫مرسحــن دمويــن لتصفيــة حســابات تاريخيــة‬ ‫بــن العديــد مــن تلــك الــدول‪ ،‬وموقعاً مناســباً‬ ‫لتفعيــل أهدافهــا اإلســراتيجية والثأريــة‬ ‫حيــث حلــت روســيا محاربـاً لتــوه خــرج مــن‬ ‫حالــة االنتظــار واملواربــة والدعــم الخفــي إىل‬ ‫ســاحات القتــال بصورتــه املبــارشة التــي ال‬ ‫تخلــو مــن الحمــق والرذيلــة‪ ،‬وهــي الدولــة‬ ‫التــي بقيــت رهينــة عقليــة «براغامتيــة»‬ ‫تعــاين مــن العــوز االســراتيجي يف سياســاتها‬ ‫منــذ أن انفضــت عنهــا دول االتحاد الســوفيتي‬ ‫الســابق بعــد انتهــاء الحــرب البــاردة‪ ،‬والتفكك‬ ‫املريــع الــذي أصــاب مكوناتهــا كدولــة عظمى‬ ‫قــادت العديــد مــن االحرتابــات والتدخــات‬ ‫يف شــؤون مختلفــة املناحــي واألهــداف‪ ،‬بيــد‬ ‫أن املعلــوم عــن روســيا يف ســياق ت َك ّونهــا أنهــا‬ ‫مــن أكــر الــدول املفتونــة بالتوســع الجغـرايف‬ ‫األحمــق والتمــدد االس ـراتيجي‪ ،‬الــذي يقــوم‬ ‫عــى معايــر «جيوسياســية» قلقــة املبعــث‪،‬‬ ‫تعــود يف جوهرهــا إىل هاجــس قديــم أملَّ‬ ‫بالــروس إبــان تشــكلهم وتكونهــم ككيــان‪،‬‬ ‫وأمــة اعتمــدت يف وجودهــا عــى آليــة قضــم‬ ‫وضــم مــا اســتطاعت مــن املناطــق التــي‬ ‫تالمــس حدودهــا يف كل االتجاهــات التــي‬ ‫تجاورهــا‪ ،‬فهــي يف كل مــرة ت ُ َبـ ِـد ُل حدودهــا‬

‫لتضــم إىل أســوارها عديــدا ً مــن اللغــات‬ ‫الجديــدة‪ ،‬وامللــل واألديــان املضافــة‪ ،‬والســحن‬ ‫املتنوعــة‪ ،‬التــي أثقلــت عــى مــر التاريــخ‬ ‫كاهلهــا‪ ،‬وعوقــت حركيــة ســياق وجودهــا‬ ‫كأمــة لهــا مقومــات متاثــل يف حضورهــا األمــم‬ ‫الكــرى داخــل التاريــخ‪.‬‬ ‫‪ 1‬ـ الظه��ورات اإلش��كالية لرباب��رة‬ ‫ا لش��ما ل ‪:‬‬ ‫لقــد َعـ َرف العــرب واألوربيــون واآلســيويون‬ ‫«الــروس» يف نهايــات القــرن العــارش للميــاد‬ ‫عــى أنهــم مجــرد قبائــل متجــاورة شــديدة‬ ‫البــأس والهمجيــة تعتــاش مــن غاراتهــا‬ ‫وغزواتهــا عــى طــرق التجــارة بــن البحــر‬

‫األســود وبحــر البلطيــق‪ ،‬كــا أنهــم كانــوا‬ ‫إبــان تلــك الفــرة مصــدر تهديــد دائــم ململكة‬ ‫البلغــار‪ ،‬والعديــد مــن القبائــل الرببريــة‬ ‫النازحــة إىل «اإلســتبس»‪ ،‬إضافــة إىل غاراتهــم‬ ‫امل ُحكَّمــة واملأثــورة عــى اإلمرباطوريــة‬ ‫البيزنطيــة التــي عانــت مــن دمويتهــم‬ ‫ووحشــيتهم‪ ،‬فأطلقــت عليهــم تســمية‬ ‫«برابــرة الشــال» وظلّــت تلــك الصفــة مبــا‬ ‫تحملــه مــن معــانٍ همجيــة مصــدرا ً للتعريــف‬ ‫بهــم ومبكوناتهــم وأهدافهــم‪ ،‬التــي كانــت‬ ‫تقــوم عــى غيــاب الهـ ٍ‬ ‫ـوت يدينــون بــه عــى‬ ‫العكــس مــن باقــي الشــعوب املحيطــة بهــم‬ ‫مــن مســلمني ومســيحيني ويهــود‪ ،‬وألنهــم‬

‫كانــوا يدينــون بالوثنيــة‪ ،‬فقــد َسـ ُهلت عليهــم‬ ‫أمــور القتــل‪ ،‬وبراعــة التوحــش دون رادع‬ ‫قيمــي ينظــم حياتهــم ومســلكهم‪ ،‬الذي شــهد‬ ‫تحــوالت جارفــة ومفصليــة منــذ اللحظــة التي‬ ‫لجــأ فيهــا جدهــم األول «األمــر فالدميــر»‬ ‫حاكــم روســيا كييــف تحــت ضغــط التخلــص‬ ‫مــن تاريخهــم الدمــوي إىل البيزنطيــن‪ ،‬معلنـاً‬ ‫الــوالء لهــم ولدينهــم‪ ،‬فتــم قبولــه وتعميــده‬ ‫للتخلــص مــن رشوره ونزواتــه‪ ،‬وأصبــح الــروس‬ ‫منــذ ذلــك الحــن إمــارة تديــن باملســيحية‪،‬‬ ‫وكان ذلــك يف العــام ‪ 927‬للميــاد‪ ،‬حيــث‬ ‫ِ‬ ‫يكتــف الــروس إبــان تلــك الفــرة بتملــق‬ ‫مل‬ ‫البيزنطيــن‪ ،‬واالســتحواذ عــى دينهــم‪ ،‬بــل‬ ‫ذهبــت بهــم القرصنــة إىل اعتــاد دســتورهم‬ ‫ورشائعهــم القانونيــة واالجتامعيــة لتكــون‬ ‫نــواة مركبــة مليــاد إمــارة إشــكالية املنابــت‬ ‫واألهــداف‪ ،‬ظلــت مثــار جــدل وريبــة تخامــر‬ ‫هواجــس الشــعوب املجــاورة لهــا‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫حصــل فعــاً يف الســنوات الالحقــة‪ ،‬حيــث‬ ‫أقــدم الــروس عــى تفعيــل عقــدة مرضيــة‬ ‫لطاملــا متكنــت مــن رؤوســهم وأوغلــت يف‬ ‫اســتيقاظ توحشــهم مــن أجــل صناعــة‬ ‫خريطــة التمــدد واالســتيالء التــي اســتمرت‬ ‫طــوال حكــم «إيفــان العظيــم وفاســيييل‬ ‫الثالــث وإيفــان الرهيــب»‪ ،‬الذيــن كان لهــم‬ ‫الفضــل الكبــر يف اخــراع وصناعــة تدابــر‬ ‫أكــر خارطــة لروســية يف تاريخهــا القديــم‬ ‫والحديــث يف ظــل قانــون كســب األرض‬ ‫املضافــة تحــت حكمــة آبقــة اخرتعهــا الــروس‬ ‫وأســموها بصالفــة الرببــري األحمــق قانــون‬

‫ـت)‬ ‫ومــن التعابــر الجميلــة كذلــك (راعــي البيـ ْ‬ ‫رب األرسة‪ .‬ومــا أرسين يف‬ ‫كنايــة عــى الرجــل ّ‬ ‫الرقّــة كذلــك طيبــة أهلهــا وبســاطتهم‪ ،‬وكذلــك‬ ‫وجــود أريحيــة كبــرة يف التعامــل معهــم‪،‬‬ ‫وإقامــة صداقــات وعالقــات اجتامعيــة طيبــة‪،‬‬ ‫ـب هــذا املقــال بعــد خمســة عــر‬ ‫وأنــا أكتـ ُ‬ ‫عامــاً قــد يكــون الرقاويــون هــم مــن أكــر‬ ‫ـت إىل الرقــة‬ ‫أصدقــايئ حتّــى اآلن! عندمــا قدمـ ُ‬ ‫ـت حديــث العهــد بكتابــة الشــعر نــرتُ‬ ‫كنـ ُ‬ ‫فقــط بضــع قصائــد يف دوريــات ســورية‪ ،‬بــدأ‬ ‫احتــكايك بالوســط األديب يف الرقــة مــن خــال‬ ‫القــاص عبــد اللطيــف الجاســم‪ ،‬ورسعــان مــا‬ ‫فــت بعدهــا عــى الشــاعر املرحــوم عبــد‬ ‫تع ّر ُ‬ ‫اللطيــف خطــاب‪ ،‬والشــاعر حســام الفــرا‪،‬‬ ‫والشــاعر عايــد رساج‪ ،‬والشــاعر ابراهيــم النمر‪،‬‬ ‫والقــاص يوســف دعيــس (أبــو محمــد) الــذي‬ ‫ك ّنــا نلتقــي عنــد ســتوديو التصويــر الضــويئ‬ ‫الخــاص بــه‪ ،‬والــذي كان مبثابــة جمعيــة أدبيــة‬ ‫ـت يف الوســط األديب يف الرقــة‪.‬‬ ‫مص ّغــرة‪ ،‬وانخرطـ ُ‬ ‫شــهدتْ قاعــة املركــز الثقــايف (القديــم) يف‬ ‫الرقــة أ ّول أمســية شــعرية يل‪ ،‬ونــرتُ بضــع‬ ‫قصائــد ومقــاالت يف جريــدة صــوت الرافقــة‬

‫الصــادرة عــن مديــرة الثقافــة هنــاك‪ ،‬ك ّنــا‬ ‫نلتقــي بشــكل شــبه يومــي يف مقهــى الفنــان‬ ‫التشــكييل الراحــل ياســن الجــدوع برفقــة‬ ‫القــاص‪ /‬الــروايئ ماجــد العويد‪ ،‬والشــاعر باســم‬ ‫القاســم‪ ،‬والصديــق (املختــار) نجــم الدرويــش‪،‬‬ ‫وكان مــن عــادة الدكتــور عبــد الســام العجييل‬ ‫أن يــأيت إىل مقهــى ياســن الجــدوع عقــب صالة‬ ‫العشــاء‪ ،‬حيــث ك ّنــا نســتمتع إىل أحاديثــه‬ ‫امل ُقتصــدة والرصينــة‪ ،‬كان املرحــوم ياســن يقيم‬ ‫معرضـاً شــبه دائــم يف املقهــى‪ ،‬لرســوم رسياليــة‬ ‫بقلــم الرصــاص عــى الكرتــون‪ ،‬رســوم أشــبه‬ ‫برســومات ســكان الكهــوف أو خربشــات طفــل‬ ‫صغــر‪ ..‬رســوم تثــر الكثــر مــن التســاؤالت‬ ‫وتبعــثُ عــى القلــق‪ .‬كان ياســن الجــدوع‬ ‫عصبــي املــزاج ال تتناســب شــخصيت ُه مــع‬ ‫إدارة املقهــى‪ ،‬فكث ـرا ً مــا كان يلزمنــا – نحــن‬ ‫أصدقــاءه‪ -‬بــرب شــاي أو قهــوة ســيئة‬ ‫التحضــر‪ ..‬وأحيانــاً يدخــل يف معــارك كالميــة‬ ‫وعـراك مــع املقهــى املجــاور الــذي كان ألقربــا ٍء‬ ‫لــه‪ ،‬ومــع ذلــك كان قريبــاً إىل نفــي‪.‬‬ ‫ـت بكوكبــة مــن املثقّفــن الرقاويني‬ ‫الحقـاً التقيـ ُ‬ ‫يف مقهــى الواحــة امل ُجــاور‪ ،‬حيــث كان مقهــى‬

‫ـت بكوكبــة مــن املثقفــن‬ ‫ثقــايف بامتيــاز‪ ،‬التقيـ ُ‬ ‫الذيــن كان لهــم تأثــ ٌر كبــ ٌر عــى شــخص ّيتي‬ ‫وتجربتــي األدبيــة‪ ،‬منهــم الشــاعر إبراهيــم‬ ‫الزيــدي‪ ،‬والقــاص‪ /‬الــروايئ محمد الحــاج صالح‬ ‫والقــاص‪ /‬الــروايئ إبراهيــم العلــوش‪ ،‬والقــاص‬ ‫الــروايئ محمــد جاســم الحميــدي‪ ،‬والقــاص‬ ‫تــريك رمضــان‪ ،‬والقــاص املرحــوم معن حســون‪،‬‬ ‫وال عجــب أ ّن جلّهــم مــن القصاصــن‪ ،‬حيــث‬ ‫كانــت الرقــة يف حينهــا تل ّقــب بعاصمــة القصــة‬ ‫القصــرة يف ســوريا‪ ،‬ووفق ـاً إلحصائيــة أجراهــا‬ ‫الدكتــور نضــال الصالــح كان عــدد املجموعــات‬ ‫القصصيــة املطبوعــة ألدبــاء رقاويــن يتجــاوز‬ ‫فــت هنــاك‬ ‫الســبعني مجموعــة آنــذاك‪ .‬تع ّر ُ‬ ‫إىل كوكبــة مــن الفنانــن التشــكيليني عــن‬ ‫طريــق صديقــي حســام دويــدري املــد ّرس‬ ‫يف معهــد الفنــون‪ ،‬كان شــاباً طيــب الخلــق‬ ‫عابثـاً فاجأنــا الحقـاً بكتابــة وص ّيتـ ِه وااللتحــاق‬ ‫بقتــال الغــزو األمريــي يف العــراق‪ ،‬عــا َد‬ ‫ُمحبطــاً كافــرا ً بالعروبــة واأليديولوجيــات!‬ ‫ـت إىل املرحــوم محمــود غـزال‪ ،‬والنحــات‬ ‫تع ّرفـ ُ‬ ‫مــوىس الرمــو‪ ،‬وهاشــم االلــويس الــذي أهــداين‬ ‫لوحــة غــاف مجموعتــي الشــعرية (ملكــوت‬ ‫الرنجــس)‪ .‬صــادف وجــودي هنــاك بدايــات مــا‬ ‫ـت‬ ‫ُعــرف الحق ـاً بربيــع دمشــق‪ ،‬وهنــاك تع ّرفـ ُ‬ ‫عــى مجموعــة مــن املثقفــن والسياســيني‬ ‫املعارضــن للديكتاتوريــة أمثــال د‪ .‬اســاعيل‬ ‫الحامــض (مختطــف مــن قبــل داعــش)‪ ،‬وخليل‬ ‫حمســورك‪ ،‬والشــاعر معــاذ هويــدي‪ ،‬وأحمــد‬ ‫مولــود طيــار‪ ،‬و د‪ .‬محمــود صــارم‪ ،‬ومحمــد‬ ‫غانــم‪ ،‬و د‪ .‬محمــد الحــاج صالــح غريهــم‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫وكانــت املــ ّرة األول التــي أتعــ ّرف فيهــا عــى‬ ‫معارضــن مــن غــر الخلفيــة االســامية‪ ،‬أتذكّــر‬ ‫ـت شــوارع الرقــة‬ ‫يــوم خرجنــا يف مظاهــرة جابـ ْ‬ ‫تضامن ـاً مــع أهلنــا يف مخيــم جنــن‪ ،‬مظاهــرة‬ ‫حقيقيــة مــن دون صــور أو شــعارات (األب‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ش��يء م��ن األزم��ة املعرفي��ة يف الثقاف��ة العربي��ة ورؤي��ة أوليّ��ة لتجاوزه��ا‬

‫أسعد فخري‬ ‫«ابتــاع األعــداء بــدالً مــن مواجهتهــم»‪ ،‬ومــن‬ ‫هنــا نــدرك حجــم الكارثــة التــي ســتنال مــن‬ ‫الشــعوب املجــاورة للــروس واملحــاددة لهــا‪،‬‬ ‫فــإذا كان الهولنديــون اســتطاعوا اخــراع‬ ‫أرضهــم مــن خــال رصاعهــم مــع البحــار‪،‬‬ ‫فــإن الــروس هــم أيضــاً اســتطاعوا اخــراع‬ ‫بحارهــم مــن خــال رصاعهــم مــع الــدول‬ ‫املجــاورة‪ ،‬وأن أكــر مــا ميثــل ذلــك القانــون‬ ‫هــو مــا فعلــه الــروس مــن أجــل الحصــول‬ ‫عــى نافــذة تطــل عــى البحــر األســود‪ ،‬حيــث‬ ‫قــادوا رصاعــاً دمويــاً مــع األتــراك للســيطرة‬ ‫عــى ضفــاف البحــر األســود ونجحــوا يف جعــل‬ ‫بحــر قزويــن بحــرة روســية بامتيــاز‪.‬‬

‫إن جانبــاً‬ ‫مهــاً مــن أزمــة املعرفــة يف‬ ‫ّ‬ ‫الثّقافــة العرب ّيــة‪ ،‬يــرز يف افتقــار كثــرٍ مــن‬ ‫مســارات التّفكــر إىل حريّــة الـ ّرأي الحقيق ّيــة‪،‬‬ ‫ـي وتقديــره‪،‬‬ ‫وإىل إدراك قيمــة الفكــر اإلبداعـ ّ‬ ‫وتشــجيع اإلنتــاج الجديــد األصيــل‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إىل غيــاب الفــرص أمــام منـ ّو الطّاقــات املف ّكــرة‬ ‫وعمــل العقــول ال ّناقــدة‪ ،‬التــي تســعى إىل‬ ‫مراجعــة األفــكار الراســخة ونقدهــا وتغيريهــا‪،‬‬ ‫وإىل ابتــكار أفــكا ٍر فريــدة‪ .‬إ ّن العمــوم يعــود‪،‬‬ ‫غالبـاً‪ ،‬إىل ســاحة الجامعــة ويسـلّم‪ ،‬عــن طــو ٍع‬ ‫الســائدة‪ ،‬ويتباطــأ يف‬ ‫أو إجبــار‪ ،‬بأفكارهــا ّ‬ ‫االنفتــاح عــى حلــول جديــدة غــر مســبوقة‬ ‫ملشــاكل قامئــة‪ .‬وهــو يتقاعــس عــن تح ّمــل‬ ‫مخاطــر التّجديــد واملجازفــة‪ ،‬بســبب خوفــه‬ ‫مــن املنظومــة االجتامعيّــة التــي تحــارص‬ ‫أفــكاره الحــرة واملســتحدثة؛ األمــر الــذي يؤثّــر‬ ‫العلمــي والثّقــا ّيف‪ ،‬ويف منــ ّو‬ ‫ســلباً يف ال ّنهــوض‬ ‫ّ‬ ‫الواقــع املعــر ّيف‪ ،‬تعلّــاً وتعليــاً وإنتاجــاً‪.‬‬ ‫تظهــر طالقــة التّفكــر‪ ،‬برأينــا‪ ،‬مــن لحظــة‬ ‫عمــل اإلنســان عــى فهــم الواقــع ومشــاكله‬ ‫فهــاً عميقــاً وال ّنجــاح يف تحقيــق حســن‬ ‫التّك ّيــف وحســن املعايشــه‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫بنــاء الواقــع اعتــادا ً عــى األفعــال الواعيــة‬ ‫والهادفــة‪ ،‬ثـ ّم اســتمرار العمــل عليــه‪ ،‬بالتّغيــر‬ ‫الصالــح وإخضــاع األفــكار والوقائــع‬ ‫الفاضــل ّ‬ ‫ٍ‬ ‫إىل عــ ٍن فاحصــة وذهــنٍ متّقــد‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫االنتقــال إىل األفضــل‪ .‬ويبــدأ فهــم الواقــع‪،‬‬

‫برأينــا‪ ،‬مــن فهــم الــذّات وتقديــر طاقاتهــا‬ ‫واإلميــان بح ّريتهــا‪.‬‬ ‫لعـ ّـل مظاهــر التّفكــر التــي تفتقــر إىل الحريّة‪،‬‬ ‫التبيّــة والتّعليــم‪ ،‬تســتوقنا‬ ‫يف أغلــب مواقــع ّ‬ ‫لنســأل بجديّــة‪:‬‬ ‫كيــف نســتطيع أن نكــون خالقــن يف نظرتنــا‬ ‫إىل الواقــع والوجــود‪ ،‬ونحــن مرغمــون‪ ،‬عــى‬ ‫املســايرة واملجاملــة‪ ،‬وبالتّــايل مرغمــون عــى‬ ‫إنــكار ذواتنــا اإلنســانية؟ وكيــف يح ّقــق املــرء‬ ‫منــا ذاتــه يف ضــوء تربيــة وتعليــم‪ ،‬يبالغــان‬ ‫قــي قولبتــه داخــل منــوذج عــا ٍّم ينســخ األفـراد‬ ‫جميعــاً مــن حــر واحــد ولــون واحــد؟ ثــ ّم‬ ‫وي‪ ،‬مبختلــف أشــكاله‪،‬‬ ‫أليــس التّو ّجــه ّ‬ ‫الــر ّ‬ ‫أقــرب بعمومــه‪ ،‬إىل إلقــاء املعلومــات وحفظها‬ ‫داخــل الــرأس‪ ،‬وإىل تقديــم األجوبــة‪ ،‬مــن‬ ‫ـي واحــد‪ ،‬يضــم الجميــع‪،‬‬ ‫خــال منــوذج تعلّمـ ّ‬ ‫غاف ـاً فرديّــة اإلنســان وخصائصــه التــي قــد‬ ‫الصــورة العامــة لل ّنمــوذج؟ ث ّم أال‬ ‫تتناقــض مــع ّ‬ ‫يؤثّــر هــذا التو ّجــه‪ ،‬ســلباً يف طالقــة العفويّــة‬ ‫وتفجــر طاقــة ال ـذّات الفرديّــة اإلبداع ّيــة؟‬ ‫الفكــري غيــاب‬ ‫ميكــن أن نــرى يف واقعنــا‬ ‫ّ‬ ‫ال ّنضــج املعــر ّيف عــن إدراك قيــم الجــال‬ ‫والعاطفــة واملبــادىء‪ ،‬يظهــر خصوصــاً‪ ،‬يف‬ ‫ســوء تعاطينــا الجــال وســوء إنتاجــه‪ ،‬ويف‬ ‫ــي‪ ،‬الــذي أخــذ‬ ‫فســاد بعــض ذوقنــا الف ّن ّ‬ ‫يــرز واضح ـاً يف ع ـ ّدة مجــاالت؛ مثــل مجــال‬ ‫صناعــة األغــاين واألفــام التــي تغزوهــا ح ّمــى‬

‫ثالثًا ‪ -‬طالقة ّ‬ ‫التفكري‪:‬‬ ‫الشّ ــهوات والغرائــز‪ ،‬ومثــل مجــال البيئــة‬ ‫التــي تتعــرض لإلســاءة املســتم ّرة ومجــال‬ ‫الطّبيعــة التــي تواجــه أشــكال التّجاهــل‬ ‫واإلهــال‪ .‬كــا يظهــر يف ســطحيّة بعــض‬ ‫القيــم األخالقيّــة ويف هشاشــتها؛ مــا أ ّدى إىل‬ ‫ـض القيــم‬ ‫تك ـ ّون فراغــات خطــرة ت ُســا ِقط بعـ َ‬ ‫الســامية؛ ف ُيشــوه ذوقنــا‪ ،‬وتتعطّــل طاقــات‬ ‫ّ‬ ‫إبداعنــا وتنســاق عواطفنــا وقيمنــا الجميلــة‬ ‫إىل مجاهــل اإلســفاف والقبــح؛ فتنــأى عــن‬ ‫مخاطبــة الهمــوم اإلنســان ّية وقضاياهــا امله ّمــة‪،‬‬ ‫وتديــر رأســها عــن معالجــة العواطــف ال ّنبيلــة‬ ‫األصيلــة‪ ،‬وعــن اســتخدام اللغــة الجميلــة‪.‬‬ ‫***‬ ‫رضوري‬ ‫ـي‬ ‫إن تغيــر التّو ّجــه ّ‬ ‫ّ‬ ‫التبــوي والتّعليمـ ّ‬ ‫يف عمليّــة بنــاء التّفكــر اإلنتاجــي وصقلــه؛‬ ‫ألنّــه أســاس ال ّنهضــة املعرفيّــة؛ لذلــك يجــب‪:‬‬ ‫‪ 1‬أن يكــون اإلدراك الواعــي ملنظومــة القيــم‬‫الســامية والتزامهــا يف تربيتنــا وتعليمنــا‪ ،‬جــزءا ً‬ ‫ّ‬ ‫مــن أهدافنــا يف التغلّــب عــى أزمتنــا املعرف ّيــة؛‬ ‫فيتّجــه عملنــا إىل تطويــر القــدرات واملهــارات‬ ‫التــي ترفــع حــاالت اإلبــداع واالبتــكار‬ ‫وتوســع الخيــال وطاقــة‬ ‫الفرديــن والجامعيــن‪ّ ،‬‬ ‫الصفــات‬ ‫الوجــدان‪ ،‬كــا تعــي شــأن تقديــر ّ‬ ‫الجامليّــة‪ ،‬وشــأن اعتنــاق املبــادئ األخالقيــة‪.‬‬ ‫‪ 2‬أن نعمــل عــى بنــاء ثقافــة فنيّــة عميقــة‬‫راقيــة متن ّوعــة الوجهــات‪ ،‬تق ـ ّدر الجــال‪ ،‬يف‬

‫كل ومواقعــه وأشــكاله؛ فهــي مه ّمــة جــدا ً‬ ‫يف تكويــن ثقافتنــا املعرف ّيــة التــي تجعلنــا‬ ‫أكــر ارتباط ـاً بالكــون املحيــط‪ ،‬أرضــه وبحــره‬ ‫وجـ ّوه‪ ،‬وأكــر حساســية بــه وباملشــكالت التــي‬ ‫تحيــط بــه‪ .‬ونحــن عندمــا نرفــع عالي ـاً قيمــة‬ ‫احـرام البيئــة وال ّدفــاع عــن نقائهــا وعذوبتهــا‬ ‫وجاملهــا؛ نحقّــق انتصــارا ً حقيقيّــاً ملجــاالت‬ ‫املعرفــة البيئ ّيــة التــي تبنــي املتســقبل‬ ‫والحضــاري‪.‬‬ ‫اإلنســا ّين‬ ‫ّ‬ ‫‪ 3‬أن نســعى بوعــي إىل توســعة مجــال‬‫ـردي القائــم عــى التّســاؤل‬ ‫التّعلّــم ال ـذّا ّيت الفـ ّ‬ ‫الب ّنــاء‪ ،‬وعــى االستفســار والتّخ ّيــل الخــاق‪،‬‬ ‫مــن خــال تعــاون األجهــزة الرتبويّــة مبراكزهــا‬ ‫وجوانبهــا املختلفــة‪.‬‬ ‫‪ 4‬أن ندعــم عمليّــة تنميــة اإلبــداع‪ ،‬ونســاعد‬‫يف إغنــاء تجربــة الفــرد مــن أجــل إنتــاج‬ ‫جديــد األفــكار والفنــون‪ ،‬وصناعــة أفضــل‬ ‫األعــال واألنشــطة التــي يتحقّــق فيهــا‬ ‫االبتــكار واألصالــة واإلتقــان‪ .‬وهــو أم ـ ٌر مه ـ ٌّم‬ ‫جـ ّدا ً يف اإلتيــان بأنجــح الحلــول ملشــاكل الفــرد‬ ‫واملجتمــع‪ ،‬مبــا يقــود الواقــع نحــو األصلــح‪.‬‬ ‫‪ 5‬أن نحســن االســتفادة مــن مســتج ّدات‬‫اإلبداعــي الــذي يبــدو‬ ‫أبحــاث التّفكــر‬ ‫ّ‬ ‫«عمليــة ذهنيــة يتفاعــل فيهــا املتعلــم مــع‬ ‫الخــرات العديــدة التــي يواجههــا‪ ،‬بهــدف‬ ‫اســتيعاب عنــارص املوقــف مــن أجــل الوصــول‬ ‫إىل فهــم جديــد‪ ،‬أو إنتــاج جديــد‪ ،‬يحقّــق‬

‫حمزة رستناوي‬ ‫القائــد) وبهتافــات ُمحرجــة للنظــام األســدي‪،‬‬ ‫مظاهــرة فاجــأت الحــزب وأجهــزة األمــن‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫لفــت انتباهــي يف الرقــة آنــذاك وجــود‬ ‫مــا‬ ‫هــذا الكــم الكبــر مــن املبدعــن امل ُه ّمشــن يف‬ ‫منطقــة نائيــة‪ ،‬وكذلــك لفــت انتباهــي حضــور‬ ‫الحريــات االجتامعيــة يف مدينــة الرقــة ســواء‬ ‫مــن جهــة مشــاركة ولبــاس املــرأة أو مــن‬ ‫جهــة تنــاول املرشوبــات الكحوليــة يف أماكــن‬ ‫مفتوحــة ومغلقــة‪ ،‬ومل يكــن أثــر لظاهــرة‬ ‫النقــاب يف الرقــة‪ ،‬وهــذا مل يكــن حــارضا ً‬ ‫عــى ســبيل املثــال يف مدينــة إدلــب أو حــاة‬ ‫آنــذاك‪ .‬ومل يكــن يخطــر عــى بــايل أ ّن هــذه‬ ‫املدينــة ســتتحول إىل (عاصمــة دولــة الخالفــة‬ ‫اإلســامية يف الشــام)!! اآلن وأنــا أســتحرض‬ ‫ذكريــات عمرهــا خمســة عــر عامــاً‪ ..‬لقــد‬ ‫لــت الرقــة إىل مقــرة يســتبيح ســاءها‬ ‫تح ّو ْ‬ ‫ط ـران العاملــن قصف ـاً‪ ،‬ويســتبيحها خفافيــش‬ ‫الظــام الدواعــش أرضــاً‪ ،‬والغالبيــة العظمــى‬ ‫مــن أصدقــايئ هنــاك غادروهــا‪ ...‬لتبقــى‬ ‫مدينــة الرشــيد شــاهدة عــى موتهــا‪ ،‬وليــس‬ ‫مث ّــة هــارون يف حديقــة الرشــيد!!‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬ ‫ح ـاً أصي ـاً ملشــكلته‪ ،‬أو اكتشــاف يشء فريــد‬ ‫ذي قيمــة بالنســبة لــه‪ ،‬أو للمجتمــع الــذي‬ ‫يعيــش فيــه؛ فالشــخص املبــدع لديــه القــدرة‬ ‫عــى رؤيــة الكثــر مــن املشــكالت يف املوقــف‬ ‫يحــس باملشــكالت إحساســاً‬ ‫الواحــد‪ .‬فهــو‬ ‫ّ‬ ‫مرهفــاً‪ .‬وهــو بالتــايل أكــر حساســية لبيئتــ ِه‬ ‫مــن املعتــاد‪ ،‬فهــو يــرى مــاال يــراه غــره‪،‬‬ ‫ويرقــب األشــياء التــي ال يُالحظهــا غــره‪»..‬‬ ‫(زينــب حبــش‪ ،‬التّفكــر اإلبداعــي‪.).‬‬ ‫وري أن ندعــو يف خامتــة‬ ‫ولعلّــه مــن ّ‬ ‫الــر ّ‬ ‫موضوعــة طالقــة التّفكــر إىل التّف ّكــر وال ّنظــر‬ ‫عميقــاً يف إجابــة ســؤالنا‪ :‬كيــف ننجــح يف‬ ‫جعــل ســعينا إىل تطويــر التّفكــر وتحريــره‬ ‫التبيــة والتّعليــم وتوجهاتهــا‪،‬‬ ‫يف تجــارب ّ‬ ‫الســطح والشّ ــكل‬ ‫غــر مقت ـ ٍ‬ ‫ر عــى مالمســة ّ‬ ‫ـي والثّقــا ّيف‪ ،‬أو لتبع ّيــة‬ ‫لصالــح املظهــر الطّبقـ ّ‬ ‫يل؟‬ ‫التّجديــد الشّ ــك ّ‬

‫فرنسا ما بعد ‪ 13‬نوفمرب‬ ‫املسلم القذر؟‬

‫أنا ّ‬ ‫والرقة‪ ...‬شريط الذكريات‬ ‫يف صيــف ‪ 1999‬شـ ِ‬ ‫ـاءت األقــدار أن أش ـ ّد‬ ‫الرحــال إىل مستشــفى الرقــة الوطنــي ألعمــل‬ ‫ْ‬ ‫أملــك أي‬ ‫كطبيــب متــدرب هنــاك‪ ،‬مل أكــن‬ ‫تص ـ ّور مســبق عــن الرقــة عــدا كونهــا إحــدى‬ ‫محافظــات ســوريا األســد‪ ،‬ســوريا االســتبداد‬ ‫والكآبــة‪ ،‬وكذلــك صــورة منطيــة ســمعتها مــن‬ ‫جِــواري بكونهــا (محافظــة متخلّفــة)‪ ،‬وأ ّن‬ ‫ســكانها مــن الشــوايا والبــدو! صــورة منطيــة‬ ‫مل أكــن مؤمنـاً بهــا أساسـاً‪ ،‬فالشــعب الســوري‬ ‫ميلــك بطبيعــة الحــال هكــذا تصــورات تجــاه‬ ‫بعضــه البعــض‪ ،‬وهــي تصــورات تنمــو يف‬ ‫عهــود االســتبداد حيــث تنغلــق املجتمعــات‬ ‫عــى بعضهــا بفعــل الجهــل والخــوف‬ ‫والعصبيــة‪ .‬حــال وصــويل إىل مديريــة الصحــة‬ ‫اصطدمــت بالبريوقراطيــة اإلداريــة وفســاد‬ ‫ُ‬ ‫مديريــة الصحــة آنــذاك‪ ،‬أتذكــر جيــدا ً الحــاج‬ ‫ـت يومــن‬ ‫إبراهيــم‪ ..‬وهــو رجــل أربعينــي بقيـ ُ‬ ‫وأنــا أبحــث عنــه فقــط لتوقيــع ورقــة‪ ..‬كان‬ ‫مواظب ـاً عــى صــاة الظهــر‪ ،‬بيــد ِه «مســبحة»‪،‬‬ ‫ويكــر مــن التســبيح‪ .‬وأتذكّــر جيــدا ً موظفــاً‬ ‫فاســدا ً كنيتـ ُه الصع ّيــد أســنانه البيضــاء الكبــرة‬ ‫الالمعــة تذكــرين بأســنان املنشــار‪ ،‬يــأكل‬ ‫الرشــاوى عــى الطالــع والنــازل! وهــذا متوقّـ ٌع‬ ‫جــدا ً يف ســوريا األســد‪ .‬ولــدى بــدء عمــي‬ ‫لفــت انتباهــي‬ ‫يف قســم الطــوارئ آنــذاك‬ ‫َ‬ ‫جــال اللهجــة الفراتيــة واســتخدامها لكلــات‬ ‫وتعابــر أثــرة عــى القلــب‪ ،‬مــرة جاءتنــي‬ ‫امــرأة تريــد أن تأخــذ حقنــة عضل ّيــة (أتــت‬ ‫ورفضــت طلبهــا‪،‬‬ ‫بهــا مــن خــارج املشــفى)‬ ‫ُ‬ ‫فقــد كان هــذا ممنوعـاً وفقـاً لقوانــن املشــفى‪،‬‬ ‫ــلت طلبهــا بكلمــة‪ :‬قُ ُربَان ْ‬ ‫َــك يــا‬ ‫توس ْ‬ ‫ولك ّنهــا ّ‬ ‫دكتــور! (تلفــظ القــاف جيــاً مرصيــة) فــا‬ ‫ـت مــن املمرضــة إعطائهــا‬ ‫كان م ّنــي إال أن طلبـ ُ‬ ‫الحقنــة بــا تــردد‪ ،‬بعــد فــرة ألهمتنــي هــذه‬ ‫الكلمــة كتابــة قصيــدة عنوانهــا (القربــان)‪،‬‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫«برابرة الشمال»‬ ‫يقظ��ة ال��دب الروس��ي يف ك��روم الش��رق األوس��ط «‪»1‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫‪9‬‬

‫قالهــا يل مامزحـا ً بنــرة ولكنــة فرنســية‬ ‫حــادة تــدل عــى انحــداره مــن املنطقــة‬ ‫الجنوبيــة؛ الصديــق الــذي يــدرس معــي‬ ‫بالجامعــة والــذي أذهــب برفقتــه إىل‬ ‫املقهــى واملطعــم والبيــت‪ ،‬قلــت لــه‬ ‫ويحيــك ثكلتــك أمــك قلتهــا بلغتــي‬ ‫العربيــة منتفضــا ً غبــار رجولتــي وغــريت‬ ‫املســلمة العربيــة‪ ،‬قــال يل أن فرنســا مــا‬ ‫قبــل ‪ 13‬نوفمــر غــر فرنســا مــا بعــده‪،‬‬ ‫عندمــا جلســت عــدت إىل هــدويئ وقلــت‬ ‫لــه وضــح يل ذلــك قــال مــن قتــل ‪130‬‬ ‫شــخصا ً يف هجــات باريــس أليــس مبســلم‬ ‫قــذر قلــت لــه ومــا شــأين أنــا بــه إنــه قــذر‬ ‫لنفســه وإنــه مجــرم وإرهــايب واإلســام‬ ‫منــه بــراء‪ ،‬وكــررت عليــه إن اإلرهــاب ال‬ ‫دولــة لــه وال ديــن لــه وال طائفــة وال ملــة‪.‬‬ ‫قــال‪ :‬اســتمع جيــدا ً ملــا أقولــه وأخــرج مــن‬ ‫جيبــه جهــازه اللوحــي ليســتعني بــه عــى‬ ‫أدلــة أقوالــه! يف فرنســا مــن زمــن ليــس‬ ‫بعيــد كنــا نســمي العطلــة الدينيــة بعطلــة‬ ‫الفصــح وعطلــة نويــل‪ ،‬اآلن ســميناها‬ ‫عطلــة الربيــع وعطلــة الشــتاء‪ .‬إذا ً لســنا‬ ‫متســامحني‪ .‬نتكلــم عــن املطاعــم املدرســية‬ ‫الفرنســية التــي غــرت وجباتهــا لتناســب‬ ‫الجميــع (إلغــاء لحــم الخنزيــر) لكــن ال‬ ‫زلنــا غــر متســامحني‪ ،‬ميكــن التحــدث‬ ‫أيضــا ً عــن كل متاجــر اللحــوم الحــال‬ ‫حيــث أكــر مــن ‪ 70%‬مــن محــات ذبــح‬ ‫اللحــوم أصبحــت لحــوم حــال‪ ،‬لكــن‬ ‫هــذا صحيــح لســنا متســامحني؛ يف فرنســا‬ ‫يوجــد ‪ 2248‬مســجد؟ لســنا متســامحني‪،‬‬ ‫ألعطيــك فكــرة أقــدم لــك هــذه املعلومــة‬ ‫يف الجزائــر ال يوجــد ســوى ‪ 50‬كنســية منهــا‬ ‫‪ 7‬ســتهدم قريب ـا ً‪ ،‬ولكــن ال زال يقــال إننــا‬ ‫غــر متســامحني‪ .‬يف عــام ‪ 2008‬كان هنــاك‬ ‫قســيس (وهــذا مثــال بســيط بــن أمثلــة‬ ‫كثــرة أخــرى) تــم الحكــم عليــه بســنة‬ ‫ســجن يف الجزائــر ألنــه مــارس طقوســا ً‬

‫دينيــة مســيحية خــارج الكنســية‪ ،‬ال أريــد‬ ‫أن أكــون غــر لطيــف‪ .‬لكــن عندمــا نتكلــم‬ ‫عــن التســامح وعندمــا نــرى مــا يحصــل يف‬ ‫بلدنــا كل أســبوع خــال الصلــوات (شــغل‬ ‫يل فيديــو ذلــك) ثــم يأتــون ويتكلمــون‬ ‫عــن التســامح فهــذا يضحكنــي‪ .‬املســلمون‬ ‫يصلــون يف شــوارع فرنســا يقولــون يل إننــا‬ ‫ال نحــرم دينهــم؟‪ .‬نحــن الذيــن نحــرم؟؟‬ ‫هــل شــاهدتم أشــخاصا ً يرمــون الحجــار‬ ‫عــى املســلمني الخارجــن مــن املســاجد؟ ال‬ ‫أظــن ذلــك‪ .‬لكــن الســنة املاضيــة تعــرض‬ ‫متدينــون للهجــوم يف كنيســة كاثوليكيــة‬ ‫خــال القــداس لكــن ســيقال لنــا كالعــادة‬ ‫ال تضخــم األمــر‪ .‬لنتكلــم باألرقــام يف‬ ‫ســجوننا الفرنســية ‪ 60%‬إىل ‪ 70%‬مــن‬ ‫املســجونني مســلمون‪ ،‬هــذا الرقــم مل يـ ِ‬ ‫ـأت‬ ‫مــن عنــدي بــل مــن اإلمــام الكبــر يف‬ ‫فرنســا‪ .‬االســام األكــر انتشــارا ً يف الســجون‪.‬‬ ‫(شــغل يل فيديــو ذلــك) رقــم جديــد‬ ‫‪ 80%‬مــن املغاربــة يف فرنســا ال يعلمــون‬ ‫ويعيشــون مــن مســاعدات الدولــة (شــغل‬ ‫يل فيديــو ذلــك)‪ .‬وأكمــل الحديــث قــال‬

‫يل‪ :‬املســلمون هنــا معفــون مــن الرضائــب‪،‬‬ ‫فــكل الجمعيــات اإلســامية هنــا معفيــة‬ ‫مــن الرضائــب وتعمــل يف العلــن‪ ،‬وتتجــول‬ ‫يف األســواق‪ ،‬تجمــع لبنــاء املســاجد واملراكز‬ ‫الثقافيــة اإلســامية‪ ،‬وال يــؤدون الرضائــب‪.‬‬ ‫املســلمون هنــا تجــار متوســطي الحــال‪،‬‬ ‫ويتهربــون مــن الدفــع الرضيبــي بطــرق‬ ‫التفافيــة وغــر رســمية بالواســطة والرشــوة‬ ‫الخفيفــة يف الخفــاء‪ ،‬بعــض املســلمني‬ ‫هنــا هــم يف بالدهــم (املغــرب العــريب)‬

‫وهــم يعتمــدون عــى رواتــب الشــوماج‬ ‫(تعويــض عــن أيــام العمــل يف حالــة عــدم‬ ‫العمــل)‪ ،‬ويأتــون هنــا مــرة أو مرتــن يف‬ ‫الســنة لتثبيــت ذلــك‪ ،‬ويوكلــون أقاربهــم‬ ‫لقبــض ذلــك وإرســال األمــوال لهــم وهــم‬ ‫يف بلدانهــم‪ ،‬وعندمــا أرى يف بــاص ‪50‬‬ ‫شــخصا ً يصيحــون اللــه أكــر (شــغل يل‬ ‫فيديــو ذلــك) فهــل تســمون هــذا احــرام؟!‬ ‫أدعــو هــذا اســتفزازا ً‪ ،‬ويف وقــت مــا علينــا‬ ‫وضــع األمــور يف نصابهــا وتتوقفــوا عــن‬

‫القــول لنــا أننــا مصابــون باإلســاموفوبيا‬ ‫ألننــا أعطينــا رأينــا يف االســام‪ :‬يجــب‬ ‫التوقــف‪ ...‬هــذا عــذر تافــه لتخفــوا خلفــه‬ ‫حقيقتكــم‪ .‬أنــا لســت ضــد املســلمني‪،‬‬ ‫لــدي مشــكلة مــع هــذا الديــن وهــو‬ ‫اإلســام‪ ،‬والذيــن يفرضــون علينــا قولهــم‬ ‫لنــا أن القــرآن كتــاب ســام ومحبــة؟ كتــاب‬ ‫ســام ومحبــة وفيــه ‪ 255‬آيــة تحــرض عــى‬ ‫الحقــد والكراهيــة وتدعــو إىل الجهــاد‪ ،‬وإىل‬ ‫كــره اليهــود وال تعــرف ســوى باللــه كإلــه‬ ‫وحيــد‪ .‬لنلخص األمــر ‪ 2248‬مســجدا ً و‪200‬‬ ‫طــور البنــاء‪ ،‬وكنيســة يف فرنســا تــم هدمهــا‬ ‫ألنــه يلزمهــا ‪ 3‬ماليــن يــورو إلصالحهــا‪ .‬ويف‬ ‫هــذا الســجال الطويــل الــذي دام أكــر‬ ‫مــن ســاعتني‪ ،‬وأنــا ارشح لــه عــن اإلســام‪.‬‬ ‫عــن األخــاق يف اإلســام‪ ،‬وعــن التســامح‬ ‫واملحبــة والســام ومــا اســتوقفني ذكــره‬ ‫يف هــذا الســجال هــو أنــه يحفــظ كل‬ ‫آيــات الجهــاد التــي تحــض املســلمني عــى‬ ‫القتــال ومــن أولهــا إىل آخرهــا وال أريــد أن‬ ‫أكتبهــا حتــى اقتنــع بأنهــا متثــل واقــع هــذا‬ ‫العــر الــذي نعيشــه قلــت لــه مامزح ـا ً‪:‬‬ ‫هــل كل الفرنســيني يعرفــون هــذا عــن‬ ‫اإلســام؟ قــال يل‪ :‬نعــم‪ ،‬ضحكــت يف قهقهــة‬ ‫صاخبــة أريــد الخــروج مــن هــذا الســجال‬ ‫العقيــم‪ .‬وقفــت متامســكا ً بقدمــي عــى‬ ‫األرض‪ ،‬قلــت لــه‪ :‬هــل مثلــت جيــدا ً مــن‬ ‫الــرب‪ .‬قــال يل‪ :‬نعــم‪ .‬قلــت لــه‪ :‬ســوف‬ ‫أخــذك إىل البيــت‪ ،‬هيــا نصعــد الســيارة‪.‬‬ ‫قــال يل‪ :‬دعنــي وشــأين ســوف أذهــب‬ ‫وحــدي أعــرف الطريــق جيــدا ً‪ .‬قلــت لــه‪:‬‬ ‫لــن أتــركك يف هــذا الحــال؛ هممــت بــه‬ ‫وحملتــه إىل الســيارة‪ ،‬قلــت لــه‪ :‬حتــى‬ ‫تعــرف أننــي مســلم‪ ،‬لــن أتــرك صديقــي‬ ‫يف أحلــك األحــوال‪ ،‬وهــو دليــل دينــي أن‬ ‫اإلســام ديــن املحبــة والســام‪.‬‬

‫عمر المحمد العرودي‬ ‫كاتب وناشط سيايس مقيم يف باريس‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫عصام حقي‬ ‫أعتقــد أنــه ال ميكــن للتطــورات األخــرة التي‬ ‫شــهدتها باريــس منــذ شــهر تقريب ـاً أن تحــدث‬ ‫ عــى جســامتها ‪ -‬أكــر مــن تغيــر تكتيــي يف‬‫موقــف الفرنســيني الســيايس‪ ،‬وموقــف الحــزب‬ ‫االشـرايك الحاكــم عــى وجــه التحديــد بالنســبة‬ ‫للقضيــة الســورية‪.‬‬ ‫وال ميكــن بالتــايل لهــذه التطــورات أن تحــدث‬ ‫انقالبــا يف اســراتيجيات دولــة كــرى بحجــم‬ ‫فرنســا‪ ،‬وتدفــع إىل التشــكيك يف لحظــة مــا‬ ‫بالعقيــدة الفكريــة اإليديولوجيــة لهــا‪ ،‬ســواء‬ ‫عــى املســتوى الشــخيص للرئيــس أوالنــد‬ ‫مثـاً‪ ،‬أم عــى مســتوى الحــزب االشـرايك الــذي‬ ‫ينتمــي إليــه‪.‬‬ ‫لقــد تجــى هــذا االنقــاب يف تخــي الحكومــة‬ ‫الفرنســية عــن مواقفهــا الســابقة مبعاضــدة‬ ‫أحــرار ســورية والشــعب الســوري‪ ،‬ورفــض‬ ‫املامرســات الوحشــية التــي مــا زال يتعــرض‬ ‫لهــا منــذ أكــر مــن أربــع ســنوات‪ ،‬واالنتقــال‬ ‫إىل الخنــدق اآلخــر املتمثــل باالنجــرار وراء‬ ‫العــدوان الــرويس اإليــراين‪ ،‬أو االصطفــاف إىل‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫مثــة مــا ميكــن اعتبــاره إرثـاً مرتاكــا‪ ،‬شــفاهياً‬ ‫ومقــروءا ً يتــم التــداول بــه عــى نطــاق واســع‪،‬‬ ‫يتصــل بإقـرار الحــق‪ ،‬يف تغييــب اآلخــر وإزاحته‪،‬‬ ‫ألي ســبب مــن األســباب‪ ،‬ويف مقدمتهــا‬ ‫االختــاف‪ ،‬ويف أشــدها االختــاف يف الــرأي‪،‬‬ ‫واملجاهــرة بالقــول‪ .‬هــذا هــو حــال الســوريني‬ ‫اليــوم‪ ،‬حيــث يتــوج نظــام البعــث األمنــي‬ ‫األســدي نصــف قــرن مــن االســتبداد املتصــف‬ ‫بإزاحــة املثقــف وتغييبــه‪ ،‬مبشــهد يســتحرضه‬ ‫مثــاالً يف أداء ذلــك‪ .‬أعنــي التشــكيالت املتشــددة‬ ‫املســلحة يف الســاحة الســورية‪ ،‬بــدءا ً بتشــكيالت‬ ‫النظــام األمنيــة‪ ،‬مــرورا ً بــكل فصيــل اســتقوى‬ ‫عــى اآلخــر بســبب الــرأي واملوقــف‪ ،‬وصــوالً‬ ‫إىل صنيعــة االســتبداد املتحالــف مــع أصوليــات‬ ‫أمنيــة غربيــة‪ :‬الدولــة اإلســامية – داعــش‬ ‫وأخواتهــا‪.‬‬ ‫وإذا كانــت الطغمــة الحاكمــة يف دمشــق‪ ،‬مل‬ ‫تتوقــف عــن املالحقــات األمنيــة‪ ،‬واالعتقــال‪،‬‬ ‫واالختطــاف والتغييــب‪ ،‬والقتــل يف املعتقــات‬ ‫والســجون‪ ،‬طــوال ســنوات ســيطرتها الداميــة‪،‬‬ ‫ومل تخفــف يف أي وقــت أو مرحلــة مــن‬ ‫ضغوطاتهــا بحــق الجامعــات واملجموعــات‬ ‫واألفــراد‪ ،‬الذيــن يصــح إطالقنــا عليهــم‪ ،‬قــوى‬ ‫املجتمــع املــدين الح ّيــة يف ســورية‪ ،‬منــذ عــام‬ ‫‪ .1964‬عــى العكــس مــن ذلــك‪ :‬للنظــام إرثــه‬ ‫املنهجــي الســلويك الــذي يعتــد بــه‪ ،‬مــن حيــث‬ ‫شــدته ونجاعتــه‪ .‬ويف ذاكــرة الســوريني‪ ،‬تاريخهم‬ ‫وحارضهــم‪ ،‬نقــات نوعيــة للنظــام بارتفــاع‬ ‫وتــرة القمــع واالضطهــاد واإلخفــاء القــري‬ ‫للمواطنــن الســوريني‪ ،‬وغريهــم مــن العــرب‪،‬‬ ‫لبنــان وفلســطني يف رأس القامئــة‪ ،‬تغييبـاً طويــل‬ ‫األمــد لعـرات اآلالف املغيبــن‪ ،‬بــا أدلــة عــى‬ ‫أماكــن وجودهــم أو اســتمرار حياتهــم‪.‬‬ ‫باملقابــل‪ ،‬تنــدرج مروحــة كبــرة مــن التنظيــات‬ ‫والتشــكيالت‪ ،‬يف توصيــف التــورط بجرائــم‬ ‫حــرب‪ ،‬يف مقدمهــا تغييــب قــري متعمــد‪،‬‬ ‫منظــم ومقصــود‪ ،‬وبوســائل عديــدة‪ ،‬ملئــات‬ ‫مــن نشــطاء العمــل املــدين‪ :‬حقوقيــن‪ ،‬كتابــاً‬ ‫وصحفيــن‪ ،‬أدبــاء‪ ،‬وعاملــن يف مجــاالت تربويــة‬ ‫وإغاثيــة‪ ..‬وأطبــاء‪ .‬هــذه تشــكل أفعالهــا خطورة‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫جانبــه يف قتــل األبريــاء مــن شــعبنا بذريعــة‬ ‫محاربــة اإلرهــاب‪ ،‬وســوى تلــك مــن الذرائــع‬ ‫التــي كانــت فرنســا أول الرافضــن لهــا قبــل‬ ‫التفج ـرات املؤســفة التــي تعرضــت لهــا يف ‪13‬‬ ‫نوفمــر ‪.2015‬‬ ‫فهــل كانــت الهــوة الســابقة بــن روســيا وبــن‬ ‫أصدقــاء الشــعب الســوري‪ ،‬بزعامــة فرنســا‪،‬‬ ‫مجــرد هــوة شــكلية دعائيــة فحســب؟ أم‬ ‫كانــت بهــدف الحصــول عــى مــكان تحــت‬ ‫شــمس العــامل الجديــدة‪ ،‬والتــي يتوقعــون‬ ‫ســطوعها عليهــم (ونســتذكر هنــا معارضــة‬ ‫فرنســا للغــزو األمريــي للعــراق‪ ،‬ومــا جرتــه‬ ‫عليهــا مــن تهميــش وحرمــان مــن كثــر مــن‬ ‫االمتيــازات التــي ظفــرت بهــا الــدول األجنبيــة‬ ‫الحليفــة للواليــات املتحــدة األمريكيــة يف ذلــك‬ ‫الغــزو)‪.‬‬ ‫أم هــل كانــت أحــداث باريــس الداميــة هــي‬ ‫التــي دفعتهــا فعــاً إىل االنصهــار يف بوتقــة‬ ‫الحلــف الــدويل الجديــد كربيطانيــا وأملانيــا‬ ‫مثــاً‪ ،‬واالنحيــاز إىل سياســة العصــا الغليظــة‬ ‫التــي تســتعملها روســيا يف ســورية‪ ،‬والتغــايض‬ ‫عــن الخالفــات الســابقة معهــا حــول مســتقبل‬

‫الخارجيــة مــن الرئيــس الفرنــي ترافــق طــردا ً‬ ‫مــع التخــاذل بشــأن املجــازر الســورية الدمويــة‬ ‫واليوميــة التــي ســيندى لهــا جبــن العــامل يــوم‬ ‫يتحــول إىل عــامل حــر‪.‬‬ ‫وبهــذا يكــون للنظــام الســوري وحلفائــه مــا‬ ‫أرادوا ومــا خططــوا لــه‪ ،‬بتحويــل ال ـراع مــن‬ ‫قضيــة إنســان وحريتــه إىل قضيــة االختيــار بــن‬ ‫اإلرهــاب والنظــام‪ ،‬ووضعهــا معــاً بكفتــي‬ ‫مي ـزان أهــون الخطريــن مــن وجهــة نظرهــم‪.‬‬

‫اســتثنائية متناميــة‪ .‬بــدءا ً مــن أواخــر ‪2012‬‬ ‫بــدأت متــارس التشــكيالت العســكرية ذات‬ ‫الطابــع اإلســامي‪ ،‬سياســة فــرض األمــر الواقــع‬ ‫عــى املجتمعــات املدنيــة‪ ،‬التــي تقــع تحــت‬ ‫ســيطرتها نتيجــة انســحاب النظــام‪ ،‬أو دحــره‬ ‫منهــا‪ ،‬أو أنهــا منطقــة رخــوة بــن الطرفــن‪.‬‬ ‫وأخــذت مبعاقبــة مــن يتجــرأ عــى توجيــه النقــد‬ ‫لهــا‪ ،‬أو االختــاف معهــا يف الرؤيــة‪ .‬وبالقطــع‬ ‫كان املؤمنــون بالعمــل املــدين مبختلــف أنســاقه‬ ‫ وهــو الوجــه الحقيقــي للثــورة الســورية –‬‫هدفــاً مبــارشا ً لعمليــات اإلقصــاء‪ ،‬و املضايقــة‬ ‫والتحقيــق مبــا يجــره عــى مغــادرة املنطقــة‪،‬‬ ‫وصــوالً إىل االعتقــال ومــا يعــرف بالتشــويل‪.‬‬ ‫الصمــت عــى مرحلــة التشــويل كان مبثابــة‬ ‫اإلقــرار بحــق تلــك الجامعــات أن تفعــل مــا‬ ‫تــراه‪ ،‬بالوســائل التــي متتلــك دون رادع‪ .‬عــى‬ ‫العكــس جعلــت تلــك الجامعــات «املتســلطة‬ ‫– املســلحة» مــن عمليــات التشــويل‪ ،‬تكميــم‬

‫إن فرنســا خاصــة والعــامل عامــة عــى مفــرق‬ ‫طــرق خطــر قــد يــؤدي إىل االتجــاه الخطــأ‪،‬‬ ‫فمحاربــة اإلرهــاب كســبب للفــوىض العامليــة‬ ‫فيــه الكثــر مــن الغفلــة والتعامــي عــن‬ ‫الحقيقــة‪..‬‬ ‫ال تحاربــوا النتائــج قبــل مكافحــة أســباب‬ ‫حدوثهــا والداعمــن لهــا واملهيئــن للظــروف‬ ‫املوضوعيــة لنموهــا وتطورهــا وإال فــإن النــدم‬ ‫لــن ينفــع أحــدا ً يــوم النــدم‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫مــا يجــري يف بعــض البــاد أقــرب مــا‬ ‫يكــون إىل حــرب إبــادة‪ ،‬أو تطهــر‬ ‫بــكل املقاييــس لــكل مــن تجـ ّرأ وعبــث‬ ‫مبقدســات الطغــاة‪ ،‬وقــال‪ :‬ال‪ ،‬للحــذاء‬ ‫العســكري الجاثــم عــى الصــدور‬ ‫يتنســم‬ ‫واألعنــاق‪ ،‬لــكل مــن أراد أن ّ‬ ‫بعضــاً مــن نُســيامت حريــة مبــلء‬ ‫إرادتــه‪ ،‬وليــس برفــع الحــذاء قليـاً كــا‬ ‫يســمح صاحبــه ويشــاء‪.‬‬ ‫حــرب تســتخدم فيهــا كل الوســائل‬ ‫القــذرة‪ ،‬والالأخالقيــة‪ ،‬والالإنســانية‪ ،‬وما‬ ‫خطــر عــى بــال بــر‪ ،‬ومــا مل يخطــر‪..‬‬ ‫مــن أجــل مــاذا؟ مــن أجــل تثبيــت‬ ‫دعائــم ديكتاتوريــات تعتــاش عــى‬ ‫دمــاء األبريــاء كالعلــق‪ ،‬ديدنهــا بــث‬ ‫الرعــب يف نفــوس رعاياهــا بواســطة‬ ‫أجهــزة قمــع يتــ ّرأ الشــيطان منهــا‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ُ‬ ‫ذمــم بيعــت‪ ،‬وعقــول أ ّجــرت كانــت‬ ‫تعتــر قبــاً مثــاالً يحتــذى بــه‪ ،‬لكــن‬

‫طارق عبد الغفور‬

‫مبتكــر لألفــواه‪ ،‬وليــس هنــاك مــن مينــع‬ ‫التصفيــة الجســدية‪.‬‬ ‫مــن يطلــق عليهــم الكفــار العلامنيــون‪ .‬هــم‬ ‫أقــرب الضحايــا للســكني والقيــد‪ .‬وتحــت هــذا‬ ‫التصنيــف ميكــن إدراج كل املؤمنــن بســلمية‬ ‫الثــورة ومدنيــة املجتمــع‪ ،‬ومســتقبل ســوريا‬ ‫املتعــددة الدميقراطيــة‪ .‬الصمــت عــى تلــك‬ ‫املامرســات‪ /‬االنتهــاكات املوصوفــة للحقــوق‬ ‫والحريــات‪ ،‬هــي مــا ســاهمت بتســييد هــذه‬ ‫الجامعــات‪ ،‬ونــر ثقافــة الرعــب والرتهيــب‪،‬‬ ‫بقســوة ال مثيــل لهــا‪.‬‬ ‫مثــة مــا هــو مشــرك بــن كل هــذه القــوى مــع‬

‫نظــام األســد‪ ،‬يف أنهــم جميعــاً‪ ،‬ومنــذ قيــام‬ ‫االنتفاضــة‪ /‬الثــورة‪ ،‬كان النشــطاء املدنيون هدفاً‬ ‫لالعتقــال والتصفيــة‪ ..‬الخطــف والتغييــب‪.‬‬ ‫متتلــئ ســجون األســد بكــوادر املجتمــع املهنيــة‬ ‫املثقفــة‪ ،‬املدركــة والواعيــة ملــا يجــب أن تقــوم‬ ‫بــه يف الحيــاة العامــة‪ ،‬ولهــم دور ب ّنــاء وتأثــر‬ ‫مبــارش يف مجتمعاتهــم املحليــة‪.‬‬ ‫اغتيــال عدنــان وهبــة‪ ،‬وتغييــب واعتقــال‬ ‫أبــو عــي املــر‪ ،‬وعبدالكريــم الخــر ورفاقــه‪،‬‬ ‫املحامــي خليــل معتــوق‪ ،‬والعديــد مــن األدبــاء‬ ‫والكتــاب واملحامــن واألطبــاء‪ ،‬خاصــة الشــباب‪.‬‬ ‫وباملقابــل اختطفــت واعتقلــت وغيبــت‬ ‫الجامعــات املتشــددة املتســلحة‪ ،‬املئــات مــن‬ ‫النشــطاء الذيــن مل يســتطع النظــام الوصــول‬ ‫إليهــم‪ ،‬مثــال اختطــاف املحاميــة رزان زيتونــة‬ ‫والنشــطاء العاملــن يف مركــز توثيــق االنتهــاكات‬ ‫ســمرية الخليــل‪ ،‬ناظــم حــادي‪ ،‬ووائــل حــادة‪،‬‬ ‫مــن قبــل جيــش اإلســام الــذي يتزعمــه زهـران‬ ‫علــوش‪ .‬تــم االختطــاف يف دومــا‪ ،‬يف يــوم اإلعــان‬ ‫العاملــي لحقــوق اإلنســان‪ .‬وهــذا يعنــي توجيــه‬ ‫رســالة حــادة ومبــارشة‪ ،‬لــكل نشــطاء الحريــة‪،‬‬ ‫يعيدهــا عــى مســامعنا باألمــس الجــوالين حــن‬ ‫ال يعــر لقضيــة الحريــة أي اهتــام‪.‬‬ ‫الداللــة ذاتهــا‪ ،‬يف صــورة أخــرى‪ ،‬عمليــة‬ ‫اختطــاف املحامــي عبداللــه الخليــل‪ ،‬بــكل مــا‬ ‫كان لــه مــن تأثــر ونشــاط متميــز منــذ انــدالع‬ ‫الثــورة‪ ،‬وجهــوده املنظمــة املؤسســاتية‪ .‬لقــد‬ ‫اختطــف أول رئيــس ملجلــس محافظــة الرقــة‬ ‫بعــد التحريــر مبــارشة‪ .‬ثــم توالــت القامئــة‬ ‫يف الرقــة عــى وجــه خــاص‪ ،‬فضمــت قامئــة‬ ‫املغيبــن املختطفــن رمــوزا ً يف العمــل املــدين‪،‬‬ ‫ومــن دعــاة الحريــة والدميقراطيــة‪ :‬الدكتــور‬ ‫إســاعيل الحامــض‪ ،‬إبراهيــم الغــازي‪ ،‬فــراس‬ ‫الحــاج صالــح‪ ،‬مهنــد الفيــاض‪ ،‬األب باولــو‪..‬‬ ‫وكثــرون آخــرون‪.‬‬ ‫أحــرار الشــام‪ ،‬وجبهــة النــرة‪ ،‬وداعــش‬

‫نقطة أول السطر‬

‫إرث من الدماء‬

‫االختفاء القسري يف سوريا‪..‬‬ ‫‪..‬أطلقوا نشطاء احلرية‬ ‫عبد الرحمن مطر‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫أصدقاء ولكن‪!....‬‬ ‫الرئيــس الســوري‪ ،‬بــل حتــى قضيــة الوجــود‬ ‫الــرويس أصــاً عــى األرض الســورية؟ أم أن‬ ‫هنــاك شــيئا مــن الحقيقــة يف املزاعــم القائلــة‪:‬‬ ‫إن أحــداث باريــس تشــكل التــوأم ألحــداث‬ ‫الربجــن املعروفــة يف نيويــورك‪ ،‬فأحــداث‬ ‫نيويــورك دفعــت لغــزو العــراق‪ ،‬وأحــداث‬ ‫التــوأم الفرنــي يف باريــس أدت لغــزو ســورية‪،‬‬ ‫عــى الطريقــة العراقيــة تقريب ـاً ولكــن بــذراع‬ ‫أخــرى‪.‬‬ ‫ومــن جهــة ثانيــة فثمــة مــن يقــول‪ :‬إن‬ ‫الرئيــس والحكومــة الفرنســية واجهــوا ضغوطـاً‬ ‫داخليــة هائلــة مــن املعارضــة‪ ،‬والكتــل النيابيــة‬ ‫املختلفــة‪ ،‬ويف مقدمهــا الرئيــس الفرنــي‬ ‫الســابق ســاركوزي وكتلتــه النيابيــة بشــكل‬ ‫خــاص إلجبــاره عــى فــرض قانــون الطــوارئ‪،‬‬ ‫واســتعامل القبضــة األمنيــة القويــة لحاميــة‬ ‫الشــعب والوطــن‪ ،‬كــا واجهــوا ضغوطــاً‬ ‫خارجيــة بأهميــة محاربــة اإلرهــاب قبــل أي‬ ‫خيــار آخــر‪ ،‬وأقــر طريــق يف رأيهــم لتنفيــذ‬ ‫تلــك الحــرب هــو تأييــد الوجــود الــرويس‪،‬‬ ‫وقــوة األمــر الواقــع التــي يشــكلها يف ســورية‪.‬‬ ‫هــذا االنصيــاع لتلــك الضغــوط الداخليــة أو‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫تاليــاً‪ ،‬هــم املســؤولون املبــارشون عــن أعــال‬ ‫االختفــاء القــري يف املناطــق التــي أخضعوهــا‬ ‫بقــوة الســاح لســيطرتهم‪ .‬األمــر ذاتــه ينطبــق‬ ‫عــى إغــاق الجمعيــات‪ ،‬والصحــف‪ ،‬ومراكــز‬ ‫التنميــة‪ ،‬إضافــة إىل اختطــاف واعتقــال وقتــل يف‬ ‫ريــف إدلــب حيــث كانــت هنــاك أوىل تجــارب‬ ‫املجالــس املحليــة‪ ،‬التــي حوربــت بشــدة‪،‬‬ ‫ويف أريــاف حلــب وحــاة أيضــاً‪ .‬فقــد أقــي‬ ‫النشــطاء السياســيون والحقوقيــون واإلعالميــون‬ ‫عــن املشــهد الوطنــي هنــاك‪ ،‬واضطــر معظمهــم‬ ‫للنــزوح بســبب ذلــك‪.‬‬ ‫وحتــى اليــوم‪ ،‬ال يـزال هــؤالء النشــطاء مغيبــون‪،‬‬ ‫يف ظــل مــا يشــبه إطبــاق الصمــت وإســدال‬ ‫الســتارة الســوداء وحجــب قضيتهــم عــن‬ ‫التــداول العــام‪ .‬مــا يحــدث هــو أن مجتمــع‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬يبــدو وكأنــه تخــى عــن‬ ‫هــؤالء‪ ،‬ســوى نــداءات مليئــة باألمــل واألىس مــن‬ ‫ذويهــم‪ ،‬وأصدقائهــم‪ ،‬يواصلــون البحــث عنهــم‬ ‫وانتظارهــم‪ ،‬والتذكــر بهــم مــن حــن آلخــر‪ .‬ومل‬ ‫يحــدث أن تطــور الوعــي الجمعــي الســوري‪،‬‬ ‫ليجعــل مــن قضيــة املعتقلــن خلــف القضبــان‬ ‫أو يف ســجون الظالميــة‪ ،‬قضيــة وطنيــة بامتيــاز‪.‬‬ ‫األمنيــات ال تقــدم شــيئاً ألولئــك الذيــن‬ ‫ينتظــرون منــا فع ـاً مؤسســياً وقانوني ـاً‪ ،‬لدعــم‬ ‫قضيــة حريتهــم‪ ،‬بتحســيس الســوريني أوالً‬ ‫بفداحتهــا‪ ،‬وأهميــة أن يكــون اإلف ـراج عنهــم يف‬ ‫مقدمــة أي تفــاوض‪ .‬أن يرفعــوا صوتهــم الغائــب‬ ‫يف املحافــل الدوليــة علّهــا تفعــل شــيئاً مــن أجــل‬ ‫وقــف تعذيبهــم وقتلهــم‪ ،‬الــذي يحــدث يوميـاً‪..‬‬ ‫بصمــت‪.‬‬ ‫أي عمليــة اختفــاء قــري – مبــا يف ذلــك عمليات‬ ‫الخطــف واالعتقــال التــي تقــوم بهــا ســلطات‬ ‫األمــر الواقــع ‪ /‬يب ي دي يف تــل أبيــض والجزيــرة‬ ‫الســورية ‪ -‬هــي انتهــاك للحقــوق والحريــات‪،‬‬ ‫وهــي جرميــة ضــد اإلنســانية‪ ،‬مدانــة‪..‬‬ ‫ويســتوجب ســوق فاعليهــا اىل املحاكمــة‪.‬‬

‫انتهــى مؤمتــر املعارضــة املوســع‬ ‫كــا ُســ ّمي‪ -‬الــذي انعقــد يف‬‫الريــاض يف التاســع والعــارش مــن‬ ‫الشــهر الجــاري‪ ،‬وات ّســمت أغلــب‬ ‫التعليقــات حولــه باإليجابيــة إذا‬ ‫اســتثنينا الهجــوم الــذي ش ـ ّنته عليــه‬ ‫وســائل اإلعــام اإليرانيــة‪ ،‬والتــي‬ ‫تــدور يف فلكهــا‪ ،‬ولــن نذكــر وســائل‬ ‫إعــام النظــام‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تــأت أهميــة هــذا املؤمتــر‬ ‫مل‬ ‫مــن أنــه جمــع الفصائــل العســكرية‬ ‫املقاتلــة عــى األرض أو أغلبهــا إىل‬ ‫كتــل املعارضــة السياســية يف الخــارج‬ ‫والداخــل أو أغلبهــا‪ ،‬وإمنــا جــاءت‬ ‫أهميتــه يف مــا أرى مــن أمريــن اثنني‪:‬‬ ‫أولهــا‪ :‬أن الفصائــل التــي‬ ‫تلحــق بأســائها صفــة اإلســامية‬ ‫قــد وافقــت بتوقيعهــا البيــانَ النهــايئ‬ ‫للمؤمتــر عــى الصفــة املدنيــة للدولــة‬ ‫الســورية الجديــدة‪ ،‬التــي ســتنبعث‬ ‫مــن عــن املحنــة‪ ،‬التــي رمــى فيهــا‬ ‫النظــا ُم ســورية بـرا ً وحجـرا ً‪ ،‬والتــي‬ ‫نــرو ُم بناءهــا بعــد هــدم الدولــة‬ ‫التــي خلقهــا النظــام وأجهزتــه األمنية‬ ‫املتغ ّولــة‪ ،‬هيــكالً متصحــرا ً‪ .‬ولســت‬ ‫أجــد يف هــذه املوافقــة إال تصحيح ـاً‬ ‫للبوصلــة التــي ســارت عليهــا بعــض‬ ‫هــذه الفصائــل يف مرحلــة مــا قبــل‬ ‫هــذا املؤمتــر وبيانِــه‪ ،‬ورجوعــاً‬ ‫ليــس فيــه تناقــض وال تصــادم مــع‬ ‫مقاصــده الحقيقيــة إىل األيــام األوىل‬ ‫لإلســام وإىل وثيقــة املدينــة التــي‬ ‫صاغهــا النبــي الكريــم ووضــع فيهــا‬ ‫األســاس املــدين لدولتــه‪.‬‬ ‫وثانيهــا‪ :‬أن هــذا املؤمتــر‪ ،‬وإن‬ ‫مل يكــن قــد وضــع خامتــة نهائيــة‬ ‫ملرحلــة تــرذم املعارضــة التــي كانت‬ ‫نتائجهــا الســلبية كارثيــ ًة عليهــا‪،‬‬ ‫وعــى الثــورة نفســها إذ مــا زال‬ ‫معســكر صالــح مســلم وم ّنــاع يُع ِمــل‬ ‫أنيابــه نهشــاً يف وحــدة املعارضــة‪،‬‬ ‫إال أنــه اســتطاع أن يضــع بدايــة‬ ‫حقيقيــة ملرحلــة جديــدة هــي أش ـ ّد‬

‫األحــداث كشــفت حقيقيــة معدنهــا‬ ‫وأصالتــه‪ ،‬وفعــاً‪ ،‬ليــس كل مــا يلمــع‬ ‫ذهبــاً‪.‬‬ ‫ال لــوم عــى مــن كان جاه ـاً‪ ،‬فجهلــه‬ ‫قــد يشــفع لــه‪ ،‬لكــن مــاذا يُقــال ملــن‬ ‫كان عامل ـاً وعارف ـاً؟ أمل ينبههــم علمهــم‬ ‫بــأن الظلــم زائــل مهــا طــال أمــده‪،‬‬ ‫وســيجرف معــه حثالتــه‪ ،‬وأن البقــاء‬ ‫للشــعوب مهــا عظمــت التضحيــات؟‬ ‫أال يــدرك مــن يتســلح مببــادئ الديــن‬ ‫بــأن دعــوة املظلــوم ليــس بينهــا وبــن‬ ‫اللــه حجــاب؟ أال يعرفــون بــأن شــهادة‬ ‫الــزور‪ ،‬والحــث عــى طاعــة الطغــاة‬ ‫والخضــوع لهــم‪ ،‬مآلهــا غضــب مــن‬ ‫اللــه وســقر؟ أمل يــرددوا وال مــرة‪:‬‬ ‫«فَ َور ِبـ َـك لَنســأل ّنهم أجمعـ َن عـ ّـا كانــوا‬ ‫يعملــون»‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫بــأي مشــيئة تحلّــل زمــر الطغــاة‬ ‫اســتعباد البــاد والعبــاد؟ وبــأي‬ ‫عــرف تســتبيح دمــاء ودمــوع وعــرق‬

‫رعاياهــا؟ وبــأي قانــون تئــد أحــام‬ ‫وطموحــات صغارهــا وكبارهــا؟‬ ‫أم هــل مــن يســتيقظ أوالً قبــل رفــاق‬ ‫دربــه وســاحه يســتطيع أن يرتبّــع عــى‬ ‫ســدة الحكــم بعــد أن يكــون قــد أرســل‬ ‫زوار الفجــر قبــاً إليهــم ليجمعهــم‪،‬‬ ‫وليبــدأ بأخــذ الــوالءات بــن التهديــد‬ ‫واإلغــراء‪ ،‬ومــن يرفــض‪ ،‬إمــا التغييــب‬ ‫أو التصفيــة‪ ،‬ولتقطــع اإلذاعــة برامجهــا‪،‬‬ ‫ويطلــق البيــان رقــم واحــد معلنـاً بــدء‬ ‫حقبــة جديــدة‪ ،‬وبشــعارات براقــة‬ ‫تلهــب املشــاعر‪ ،‬ولتنــداح الدهــاء‬ ‫والحــاس يدفعهــا مــن كل حــدب‬ ‫وصــوب‪ ،‬وهــي تهلــل وترحــب بالقــادم عبـــد العظيـــم إسـماعيـل‬ ‫املخلّــص‪ ،‬ولتغــ ّط بعدهــا يف ســبات‬ ‫أحــام عميقــة عــى وقــع الشــعارات‪ ،‬املخلّــص عــن وجهــه الحقيقــي مبــؤازرة‬ ‫وال تــدري بأنهــا تســعى جاهــدة أبنــاء الدهــاء أنفســهم الذيــن انحــازوا‬ ‫بأقدامهــا كاألغنــام إىل املذبــح‪ ،‬ولكنهــا إىل جانــب ويل نعمتهــم‪.‬‬ ‫لــن تشــعر إالً بعــد أن تصبــح الســكني‬ ‫عــى رقبتهــا فيــا لــو أرادت أن تخــرج‬ ‫‪4‬‬ ‫عــن الطــوق‪ ،‬وليكشــف عندهــا‬ ‫نعيم الكلب يف شقاء أهله‪.‬‬

‫مؤمتر الرياض واملرحلة األخطر‬

‫خطــورةً‪ ،‬ذلــك أن اتفــاق املجتمعــن‬ ‫عــى أن يُغــادر األســ ُد الســلطة يف‬ ‫بدايــة املرحلــة االنتقاليــة‪ ،‬ســيضع‬ ‫ٍ‬ ‫ضغــوط شــديد ٍة‪،‬‬ ‫املعارضــة تحــت‬ ‫للتخــي عــن هــذا املطلــب أو‬ ‫لتأجيلــه إىل مرحل ـ ٍة الحقــة س ـيُعمل‬ ‫عــى أن ال ت ُحــدد ويكــون مــن نتيجــة‬ ‫ذلــك إذا حــدث أن تدخــل املعارضــة‬ ‫يف ســجال مفاوضــات ال نهايــة لهــا‬ ‫مــع النظــام‪ ،‬وأن تســتمر الكارثــة يف‬ ‫ســحق الســوريني‪.‬‬ ‫لقــد بــدأت مالمــح هــذه الضغوط‬ ‫تتوضّ ــح شــيئاً فشــيئاً‪ ،‬وال أريــد أن‬ ‫أذكــر هنــا ترصيــح رئيــس النظــام‬ ‫الرافــض إلجــراء مفاوضــات مــع‬ ‫«االرهابيــن»‪ ،‬فهــو ال يتكلــم مــن‬ ‫«عنديّاتــه» وال يعــدو كونــه «صــوت‬ ‫ســيّده»‪ ،‬وإمنــا أريــد أن أشــر إىل‬ ‫ترصيــح أول لوزيــر الخارجيــة‬ ‫األمريــي وصــف فيــه مــا نتــج عــن‬ ‫املؤمتــر بأنــه ب ّنــاء‪ ،‬ثم إىل ترصيــح ثانٍ‬ ‫قــال فيــه‪ :‬إن هنــاك بعــض العقــد يف‬ ‫مــا نتــج عــن املؤمتــر‪ ،‬ولكننــا قــادرون‬ ‫عــى حلّهــا‪ ،‬ثــم إىل ترصيــح وزيــر‬ ‫الخارجيــة الــرويس الــذي يُعيــد فيــه‬ ‫التأكيــد عــى رفــض الــرط املســبق‬ ‫برحيــل األســد ألنــه عــى حـ ّد زعمــه‬ ‫«يُعيــق مكافحــة اإلرهــاب»‪ ،‬ثــم إىل‬ ‫ترصيــح آخــر مــن وزيــر الخارجيــة‬

‫األمريــي يقــول فيــه‪ :‬إن بــاده تريــد‬ ‫أن تكــون روســيا مرتاحــة إىل نتائــج‬ ‫مؤمتــر الريــاض‪.‬‬ ‫هــذه «الطبطبــة»‪ ،‬وهــذا اللعــب‬ ‫بــن موســكو وواشــنطن عــى طريقــة‬ ‫«خــذين جيتــك» يزيــد إميــاين الراســخ‬ ‫أص ـاً بــدور اإلدارة األمريكيــة القــذر‬ ‫املنــاوئ للثــورة الســورية واملســاهم‬ ‫يف ازديــاد املعانــاة الكارثيــة للشــعب‬ ‫الســوري مهــا تدثــرت بجلــد‬ ‫ال َح َمــل‪ ،‬وهــو أمــ ٌر ال يبعــث عــى‬ ‫املنبــئ عــن‬ ‫االرتيــاح مطلقــاً‪ ،‬وهــو‬ ‫ُ‬ ‫هــذه الضغــوط التــي سـتُامرس عــى‬ ‫املعارضــة يف املرحلــة القادمــة‪.‬‬ ‫هــل نســتطيع أن نضــع أمــام‬ ‫عم إذا كانــت واعي ًة‬ ‫املعارضــة ســؤاالً ّ‬ ‫ـا إذا كانــت‬ ‫ملــا ســوف تواجهــه؟ وعـ ّ‬ ‫قــد وضعــت خططـاً دقيقـةً‪ ،‬تتض ّمــن‬ ‫حلــوالً لــكل مــا ســوف تتعــرض لــه؟‬ ‫وعــا إذا كان لديهــا مخــارج لــكل‬ ‫ّ‬ ‫االحتــاالت التــي ســوف تجابههــا؟‬ ‫إذا كانــت املخــارج ســتكون عــى‬ ‫طريقــة ســامل املســلط الناطــق‬ ‫باســم االئتــاف‪ ،‬وهــي أن املبعــوث‬ ‫األمريــي الخــاص إىل ســورية مل يقــل‬ ‫لنــا «إن هنــاك ُعقَــدا ً يف البيــان»‪،‬‬ ‫ـر بالخــر‪ ،‬وأرجــو‬ ‫فــإن األمــور ال ت ُبـ ّ‬ ‫منــه املعــذرة عــى هــذه الرصاحــة‪.‬‬ ‫اللعبــة األمريكيــة الروســية‬

‫‪11‬‬

‫املشــركة باتــت مكشــوفةً‪ ،‬ال البيــت‬ ‫األبيــض‪ ،‬وال الكرملــن‪ ،‬يريــدان إنهــاء‬ ‫الكارثــة الســورية‪ ،‬والدالئــل عــى‬ ‫ذلــك كثــرة‪ ،‬نختــار منهــا واحــدا ً‬ ‫مشــركاً بينهــا‪ :‬نتنياهــو ينســق مــع‬ ‫بوتــن يف الجهــد العســكري الــرويس‬ ‫يف ســورية‪ ،‬ويطلــب مــن اوبامــا أن‬ ‫يعمــل عــى أن يكــون لألســد مــكان‬ ‫يف التســوية القادمــة‪ ،‬وأظ ّنــه دليــاً‬ ‫كافي ـاً‪ .‬والنظــام غــر معنــي بإنهائهــا‬ ‫وكذلــك إيــران‪ ،‬وأوربــا تعتقــد أنهــا‬ ‫ت ُســدي جميــاً‪ ،‬وتفعــل معروفــاً‬ ‫باملســاعدة عــى إف ـراغ ســورية مــن‬ ‫كفــاءات شــعبها‪.‬‬ ‫نبقــى نحــن‪ ،‬ومــن يُســاندنا‪ ،‬مــن‬ ‫أشــقائنا العــرب‪ ،‬هــل نســتطيع يف‬ ‫املرحلــة الخطــرة القادمــة أن نضــع‬ ‫مقولــة وزيــر الخارجيــة الســعودي‬ ‫عــادل الجبــر موضــع التنفيــذ؟ وأن‬ ‫نُجــر األســد عــى اختيــار طريقــة‬ ‫الرحيــل؟‬ ‫أعتقــد أن بإمكاننا ذلك‪ ،‬إذا اســتطعنا‬ ‫أن نتابــع املســر عــى طريــق إنهــاء‬ ‫التــرذم‪ ،‬وإذا اســتطعنا أن نطــرح‬ ‫الخــوف الســاكن يف قلوبنــا مــن‬ ‫«الكبــار» الذيــن يرســمون لنــا حــدود‬ ‫مــا نفعلــه ونتجاوزهــا‪ ،‬وإذا وثقنــا‬ ‫يف أنفســنا‪ ،‬ويف أننــا نُحســن التدبــر‬ ‫والتخطيــط سياســياً وعســكرياً‪.‬‬

‫ق��راءة أولي��ة يف نتائ��ج‬ ‫مؤمت��ر الرياض‬ ‫معبد الحسون‬ ‫االنطبــاع األول الــذي خلّفــه مؤمتــر الريــاض لــدى رشيحــة‬ ‫كبــرة مــن املتابعــن كان م ـرارة وخيبــة أمــل جديــد تضــاف‬ ‫إىل خيبــات الســوريني التــي تــكاد أن تصبــح روتين ـاً يومي ـاً‪ ،‬ال‬ ‫فــكاك منــه‪ ..‬ورمبــا أســتطيع‪ ،‬يف هــذه الزاويــة الضيقــة‪ ،‬أن‬ ‫أســجل أهــم ســلبيات مــا رشــح عنــه مــن تصــورات أوليــة‪:‬‬ ‫ـ يف الشــكل‪ ،‬وقبــل املضمــون‪ ،‬بــدا واضحـاً أن الجهــة الداعيــة‬ ‫للمؤمتــر هــي التــي حــرت وقــررت هدفــه النهــايئ‪ ،‬وجــدول‬ ‫أعاملــه‪ ،‬بــل حتــى الورقــة الختاميــة التي تــم إقرارهــا يف نهايته‪،‬‬ ‫والتــي تــرب مــن بعــض املالحظــن أنهــا نســخة أمريكيــة متــت‬ ‫ترجمتهــا إىل العربيــة أثنــاء انعقــاد املؤمتــر‪ ،‬وعــى عجالــة‪..‬‬ ‫وهــذا مــا يفــر كــرة األخطــاء النحويــة واإلمالئيــة التــي مل‬ ‫تجــد لجنــة صياغــة أو قت ـاً مــن قبــل مدققــن للعمــل عــى‬ ‫إخراجهــا بصــورة أفضــل مــا ظهــرت عليــه‪..‬‬ ‫ـ واضــح أيضــاً أن املطلــوب مل يكــن إعــان وفــاة رســمية‬ ‫لالئتــاف بصفتــه املؤسســة املتبقيــة مــن الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫والتــي يتــم التعاطــي معهــا بصفتهــا شــيئاً مــن مــايض‬ ‫الســوريني مل تعــد الدبلوماســية التــي تتحــرك عــى األرض‬ ‫تلحظــه أو تحتاجــه ولــو تنويه ـاً يف حــدود اإلشــارات اللفظيــة‬ ‫العابــرة‪ ،‬وهــذا أمــر طبيعــي ومفهــوم إذا مــا اســتوعبنا مــا‬ ‫يحــدث يف مطبــخ السياســة الدوليــة تجــاه ســوريا‪ ..‬بــل كان‬ ‫إعــان الوفــاة رســميا لالئتــاف وتصفيــة تركتــه‪ ،‬كــيء ميــت‬ ‫منــذ زمــن طويــل‪ ،‬لكنــه مــع ذلــك ملــا يــزل يحمــل اســم‬ ‫(ائتــاف قــوى الثــورة واملعارضــة)‪ ،‬وإن تكــن اللوحــة املعرفــة‬ ‫بــه قــد اهــرأت ورثــت وأصبحــت شــيئاً مــن املــايض‪ ،‬لكــن‬ ‫إقالتــه مبــا يشــبه االنقــاب األبيــض‪ ،‬وبصمــت وإقـرار ضمنــي‬ ‫مــن قبــل جميــع األطــراف‪ ..‬األمــر الــذي فتــح بابــاً جديــدا ً‬ ‫أمــام مرحلــة جديــدة اســتبانت معاملهــا واتضحــت مــن خــال‬ ‫اختيــارات األســاء التــي قــرر املؤمتــر بأنهــا الجهــة الوحيــدة‬ ‫والحرصيــة التــي تعتــر مرجعيــة للمفاوضــات مــع النظــام يف‬ ‫املرحلــة القادمــة‪ ،‬أي مبعنــى آخــر تــم تحميــل امللــف الســيايس‬ ‫للقضيــة الســورية بكامــل ثقلهــا وبســنواتها الخمــس الحافلــة‬ ‫بالضحايــا واملــآيس لهــذه اللجنــة التــي قيــل إنهــا مؤلفــة مــن‬ ‫اثنــن وثالثــن اسـاً نصفهــم مــن اإلخــوان املســلمني‪ ،‬وربعهــم‬ ‫رمــوز مــا زالــت محســوبة عــى النظــام‪ ،‬ويُـراد تحميلهــا عنــوة‬ ‫عــى كتــف الســوريني وثورتهــم باإلكــراه‪ ،‬والربــع الباقــي‬ ‫مجهولــون ال يعرفهــم أحــد‪..‬‬ ‫أخطــر مــا شــكله مؤمتــر الريــاض‪ ،‬يف انعطافتــه املفصليــة‬ ‫ومفاجآتــه‪ ،‬أنــه ســحب ملــف املعارضــة‪ ،‬وقيــادة العمــل‬ ‫النضــايل والتحــرري مــن نظــام األســد‪ ،‬مــن تركيــا ونقلــه‬ ‫بالكامــل إىل الســعودية‪ ،‬وهــذا املوضــوع لوحــده شــكل مفرقـاً‬ ‫جديــدا ً يف القضيــة الســورية يحتــاج إىل فحــص مضامينــه‪،‬‬ ‫وتــدارس وفهــم جديــد ملخرجاتــه املتوقعــة خــال الســنوات‬ ‫القادمــة‪..‬‬

‫إع‬

‫�لا ن‬

‫جمل��س قبيل��ة النعي��م يف ب�لاد الش��ام‪،‬‬ ‫جمل��س ذو طبيع��ة اجتماعي��ة وسياس��ية‪،‬‬ ‫هدف��ه تنمي��ة امل��وارد البش��رية يف البادي��ة‬ ‫وأوس��اط القبائل سياس��ياً وثقافياً‪ ،‬وينبثق‬ ‫ع��ن اجملل��س مجعي��ة النعي��م اخلريي��ة‪،‬‬ ‫تق��دم املس��اعدات للس��وريني‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫كرز‪..‬‬ ‫كــرز‪ ...‬كــرز ريحــاوي يــا اللــه‪ ...‬كــرز نســغ ُه‬ ‫دم البقــا ِء‪ ،‬مــن أنثــى ُحبــى بأشــجا ِر الكــر ِز‬ ‫هــل ســمعتموها رصخــت‪ :‬آآآآآآخ!؟ كلنــا‬ ‫نــر ُخ بصمـ ٍ‬ ‫ـت قبــل أن نلتقــي برائحـ ِة الفجـ ِر‬ ‫الــوردي واألنثــى وحدهــا صنعــت الحيــاة‬ ‫والثــورةُ‪ ...‬أنثــى أنــت وأنــا وهــؤالء‪ ،‬وأولَ ِئ َ‬ ‫ــك‬ ‫ِ‬ ‫واللهــاث‬ ‫ألجلهــا باقــو َن يف دوامــ ِة الرثثــر ِة‬ ‫ـب‬ ‫ورا َء دم ـعِ الكــر ِز امل ُد ّمــى ُمتناث ـرا ً أمــام لهيـ ِ‬ ‫املخابـ ِز امل ُر ّمــدة‪ ،‬بــا خُبـ ٍز بــا رغيــف الكرامــة‬ ‫األخــر كــرز‪ ....‬يــا اللــه كــرز ألــف‪ ...‬الم‪..‬‬ ‫ميــم‪ ...‬والكــرز والزيتــونِ والحريــ ِة الحمــراء‬ ‫ـدس اخرضارهــا تحــت لِحــا ِء الشُ ــهدا ِء‬ ‫شــجر ًة تـ ّ‬ ‫ومدائنــي بــا أروم ـ ِة الســنني مــن أنجبنــا مــن‬ ‫العــذب الفُــر ِ‬ ‫ات يف القــرآنِ ‪ ،‬ونحــ ُن كل‬ ‫ِ‬ ‫رحــمِ‬ ‫حــ ٍن منــوتُ ِعطاشــاً كالحســن عــى ضفــافِ‬ ‫الجحــو ِد والهجــر مــن رائح ـ ِة البيــدا ِء تلوكهــا‬ ‫ـئ لهــا مــن بعيــد؛ٍ‬ ‫الرقّــة بصفـ ّـن األزليــة تومـ ُ‬ ‫ـب‬ ‫شــميميس يبــي ابــن وردان وبــردى يغتصـ ُ‬ ‫غــرب القهــ ِر لــرقِ‬ ‫دمشــق ُمكرهــاً مــن‬ ‫ِ‬ ‫الزنازيــنِ ‪ ،‬منــ ُذ خمســن عامــاً‬ ‫وتحبــل كل‬ ‫ُ‬ ‫ـروب تكتمــل مواس ـ َم‬ ‫فج ـ ٍر بالعــار‪ ،‬وعنــد الغـ ِ‬ ‫ُنجــب وطــ َن الخــراب * كــرز‪...‬‬ ‫الفجيعــة وت‬ ‫ُ‬ ‫كــرز‪ ...‬وأرغفــ ٌة شــتّى مــن هزائــمِ الشــيطان‪،‬‬

‫وأسـ ُ‬ ‫ـال الضحايــا تبــي هزي ـ َع الف ـراقِ األخــر‬ ‫ـرج‬ ‫كــرزٌ‪ ...‬كــرزٌ‪ ...‬كــرزْ‪ ،‬والبقايــا قادم ـ ٌة تتدحـ ُ‬ ‫الــدروب ملــاذا مل يســألنا أحــ ٌد يف هــذا‬ ‫يف كل‬ ‫ِ‬ ‫الكــونِ مــن أنجبكــم‪ ،‬ســوى اآللهــة األوائــل‪،‬‬ ‫ـب مجنــون‪ ،‬كأننــا نحـ ُن وحدنــا‪،‬‬ ‫كأننــا مــن كوكـ ٍ‬ ‫احرتفنــا قيامــة الفجــر يف رساديــب الجنــون‪،‬‬ ‫كأننــا وحدنــا امته ّنــا الحــزن ترتيلــة خــاص‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بلســعات الجحيــم‪ ،‬كأننــا‬ ‫ّــب‬ ‫كأننــا ٌ‬ ‫نــاي ُمثق ٌ‬ ‫مل ن ُكــن رشكاء‪ ،‬كأننــا مل نــذ ِو كشــمعٍ مهـ ٍ‬ ‫ـووس‬ ‫ـب‪ ،‬والفنــون كأ ّن الحجــر‪،‬‬ ‫بــوالد ِة الجــا ِل والحـ ِ‬ ‫جحفــل‬ ‫َ‬ ‫والشــجر‪ ،‬واألنهــار ال تــريث لنــا‪ ،‬كأن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنافــس‬ ‫اللصــوص فرحــن ســيتوارثوننا‪ ،‬دون‬ ‫األضــدا ِد‪ِ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مــروق‪ ،‬حزيــن‬ ‫والضــ ُّد فينــا كلــ ُه‬ ‫وهــذ ِه الحيــاة ت ِف ـ ُّر ِم ّنــا كأننــا الليــل األكحـ ُـل‪،‬‬ ‫ال نجــو ٌم‪ ،‬وال قمـ ُر وشــمع ُة النــو ِر مــن أرواحنــا‬ ‫ولهيــب مكــ ٌن‪ ،‬كأننــا‬ ‫لهــا يف العاملــ َن لُهــاثٌ ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫قناديــل الليــلِ تــرخُ‪ ،‬والليــل حولهــم‬ ‫َ‬ ‫لســنا‬ ‫ـي‪،‬‬ ‫ظــام رضي ـ ُر‪ ،‬كأننــا املــاء‪ ،‬من ـ ُه كل يش ٍء حـ ٍ‬ ‫ال ديــن‪ ،‬وال لــونَ‪ ،‬وال إثنتــا عــرة عشــر ٍة‪،‬‬ ‫يتــواردون عــى املــور ِد الهجــن‪ ،‬تعالــوا يف‬ ‫األســواقِ الخاويــة مــن امل ُتزاحمــن نبيـ ُع الكــرز‪،‬‬ ‫لعـ َّـل الريــح تشــري‪ ،‬لعـ َّـل الســا َء‪ ،‬لعــل اللــه‬ ‫يُشــ ِف ُق علينــا مــن كســاد الســنني ويشــري‬

‫بضاعتنــا‪ ،‬ونُــ َر ُّد إليــ ِه يهنــأُ بنــا‪ ،‬ونحــ ُن معــ ُه‬ ‫هانئــن‪ ..‬خُذنــا يــا اللــه مــع حبيبــات الكــرز‬ ‫تحــت أفيــا ِء أشــاء الراحلــن‪،‬‬ ‫امل ُتدحرجــ ِة‬ ‫َ‬ ‫خُذنــا فقــد قالهــا الجميــع وهتفــوا بهــا‬ ‫علنــاً‪ :‬هانئــن بالعبوديــ ِة‪ ،‬ميقتــون انعتاقهــم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫األعــاف مبــرور الســنني* نرفــ ُع‬ ‫اعتــادوا رغــ َد‬ ‫ِ‬ ‫ســتائر الليــلِ عــن نهــد الفج ـ ِر نرف ـ ُع العيــب‪،‬‬ ‫والخــوف‪ ،‬ونرضــ ُع ضيــاء الحريــ ِة ونحيــا‬ ‫كلنــا‪ :‬أطفــاالً‪ ،‬وشــيوخاً‪ ،‬وعجائ ـ َز يف الغابريــن‬ ‫الــورود‪ ،‬وضحكــة الزنابــق‪ ..‬والســنابل قُــم يــا‬ ‫ســاك َن التــا ِل فهــذا الفجــ ُر قــد الح‪ ..‬افــرح‪،‬‬ ‫ـي وارشب وأطفــئ ُحرق ـ َة الكبـ ِـد ‪ * ...‬من ـ ُذ‬ ‫وغنـ ّ‬ ‫خمســن حــوالً نتــأملُ نحــ ُن والــوردة ال ُحبــى‬ ‫بالرحيــقِ والعصافــر تنقــ ُر حنطــ َة الحــر ِة‬ ‫مــن حضــن ال ـراب‪ ،‬وحفنــات األنــن تهــرول‪،‬‬

‫محمد صالح عويد‬ ‫آالف العصافــرِ لطبــ ِخ وجبــ ٍة مــن ألســنتها‬ ‫الغضّ ــة‪ ،‬فتبــي أشــجارنا مــن آالف األعــوامِ‬ ‫ِ‬ ‫النفــط كل ليلــة‪،‬‬ ‫يف بــادي‪ ،‬ت ُضاجعنــا آبــار‬ ‫وال تحبــل حقولنــا بغــرِ‬ ‫اليبــاب‪ ،‬نحــن مــن‬ ‫ِ‬ ‫هــذ ِه البــاد حياتنــا مؤ ّجلــة‪ ،‬نهوضنــا مــوءو ٌد‬ ‫الســلطانِ واللقمــة‪ ..‬والفجــرِ‪ ،‬وليــا ٍل‬ ‫بأمــ ِر ُ‬ ‫ر والضُ حــى تزلزلهــم أصابـ ُع األطفــا ِل مــاذا‬ ‫عـ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫كل ســاعة! هــل‬ ‫نقــول غــدا ً للــه‪ ..‬مذابحنــا َّ‬ ‫نلهــثُ ورا َء إحصائهــا‪ ،‬أم وراء عــدد الضحايــا‪،‬‬ ‫أم وراء خياناتنــا‪ ،‬وبعضنــا ال زال يبحــثُ عــن‬ ‫نواقــض الوضــو ِء‪ ،‬ونحــ ُن غارقــ َن يف مســتنقع‬ ‫الدمــا ِء‪ ،‬تعالــوا إلينــا جميعكــم‪ ،‬فلــم يبـ َـق لنــا‬ ‫مــن ضف ـ ٍة للحيــا ِد‪ ،‬مل يبــق لنــا ســوى خنــدق‬ ‫البقــا ِء‪ ،‬أو ردم ـ ِه علينــا‪ ..‬فــا أحــى قبورنــا يف‬ ‫ِ‬ ‫الخــاص!‬ ‫ل ّجــة العبــو ِر نحــو فجــر‬

‫وداعًا يا نهر اخلابور ـ ‪ 8‬ـ‬ ‫نظــر إ ّيل‪ ،‬والقلــم يف يديــه‪ ،‬مل يحــرك ســاكناً‪،‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ـ عليــك أن تجلــب لنــا نــص القــرار مــن‬ ‫محكمــة أمــن الدولــة يف دمشــق‪ ،‬ووقتهــا‪،‬‬ ‫نرفقــه بطلــب خطــي منــك‪ ،‬تطلــب فيــه‬ ‫ترسيحــك مــن وظيفتــك‪.‬‬ ‫ـ وبعدها‪ ،‬متى يصدر القرار؟‬ ‫ـ سرنســل هــذا الطلــب املرفــق بق ـرار الحكــم‬ ‫إىل اإلدارة العامــة لإلســكان العســكري‪ .‬مــن‬ ‫هنــاك ســرفع‪ ،‬ســيذهب هــذا الكتــاب إىل‬ ‫وزارة الدفــاع‪ ،‬فشــعبة املخاب ـرات العامــة‪ ،‬ثــم‬ ‫يعــود‪ ،‬رمبــا يأخــذ عامــاً كامــاً إىل أن تــأيت‬ ‫املوافقــة‪.‬‬ ‫نظــرت إليــه‪ ،‬إىل نفــي‪ ،‬إىل ســورية املتخلفــة‪،‬‬ ‫إىل النظــام الرببــري الــذي يعيــش قبــل زمــن‬ ‫الكتابــة والق ـراءة‪ ،‬قلــت يف نفــي‪:‬‬ ‫ي أن أفعــل‬ ‫ـ هنــاك عــام كامــل ينتظــرين‪ ،‬ع ـ ّ‬ ‫شــيئاً‪ ،‬أن أدخــل الحيــاة‪ ،‬أن أقــرر كل يشء‪.‬‬ ‫قلــت يف نفــي‪ ،‬غــر ظفــرك مــا حــك جلــدك‪.‬‬ ‫انتظــرت ســفر أختــي صونيــا وابنهــا كيفــن‪،‬‬ ‫وانتهــاء فــرة اســتقبال النــاس واملعازيــم‪،‬‬ ‫وقــررت الســفر إىل دمشــق‪ .‬كان يف اســتقبايل‬ ‫صديقــي الحــارث النبهــان‪ ،‬الــذي قــى معــي‬ ‫ســنوات طويلــة يف الســجن‪ ،‬ذهبنــا إىل محلــه‪،‬‬ ‫ثــم زرنــا الصديــق ســامة كيلــة‪ ،‬وزوجتــه‬ ‫الصديقــة ناهــد بدويــة يف بيتهــا يف حــي‬ ‫مســاكن بــرزة‪ ،‬وكان األخ جــاد عبــد الكريــم‬ ‫الجباعــي الــذي التقيتــه أول مــرة وآخرهــا‪،‬‬ ‫موجــودا ً عندهــا‪ .‬تناولنــا الغــذاء معهــم ثــم‬ ‫تحدثنــا عــن الســجن‪ ،‬ومحكمــة أمــن الدولــة‬ ‫واألحــكام القرقوشــية الصــادر عنهــا‪.‬‬ ‫اتصلــت غــادة غيبــور بســامة‪ ،‬ثــم بناهــد‪،‬‬ ‫ثــم يب‪ ،‬رحبــت يب‪ ،‬بخروجــي مــن الســجن‪،‬‬ ‫قالــت‪ ،‬تعالــوا ننتظركــم يف النــادي العــايل أنــا‬ ‫وكاتريــن التلــي‪.‬‬ ‫ذهبنــا أنــا والحــارث بســيارته الهونــداي إىل‬ ‫هنــاك‪ ،‬كانتــا يف انتظارنــا بلهفــة وشــوق عنــد‬ ‫بــاب النــادي‪ ،‬كلتاهــا‪ ،‬كان قلبــه يف الســجن‪،‬‬ ‫فكاتريــن كانــت تريــد أن تعــرف ظــروف‬ ‫والدهــا جريــس التليل يف ســجن تدمــر‪ ،‬صحته‪،‬‬ ‫ظــروف عيشــه‪ .‬وغــادة‪ ،‬كانــت بانتظــار أخبــار‬ ‫مــازن شمســن‪ ،‬خطيبهــا الــذي أصبــح زوجهــا‬

‫فيــا بعــد‪ .‬كانتــا كوردتــن جميلتــن‪ ،‬مملؤتــن‬ ‫بالحيويــة والنشــاط‪.‬‬ ‫دخلنــا إىل النــادي‪ ،‬حاولتــا تقديــم الطعــام لنــا‪،‬‬ ‫بيــد أننــا قلنــا لهــن‪ ،‬كــا تعلــان‪ ،‬تغدينــا يف‬ ‫بيــت ســامة كيلــة وناهــد بدويــة‪ .‬قدمتــا لنــا‬ ‫مرشوبــاً بــاردا ً‪ ،‬بــرة الــرق اللذيــذة‪ ،‬عــى‬ ‫إثرهــا انتعشــت أفئدتنــا‪ ،‬اســرخينا ثــم تحدثنا‪.‬‬ ‫أنظــر إىل الطــاوالت‪ ،‬النــاس املســرخني‪،‬‬ ‫اســتمرار الحيــاة بإيقاعهــا الطبيعــي‪ .‬أعــرف‬ ‫أن املوجوديــن ال يعلمــون أن أحدنــا خــرج‬ ‫مــن ســجن تدمــر قبــل أيــام قليلــة‪ ،‬وال‬ ‫يعرفــون مقــدار التعذيــب واألمل والحرمــان‬ ‫الــذي عشــته‪ .‬فعــى الســطح كل يشء هــادئ‪،‬‬ ‫طبيعــي‪ ،‬والنــاس يتابعــون حياتهــم‪ .‬فالقضيــة‬

‫العامــة تصبــح عامــة عندمــا يتبناهــا املــرء‬ ‫وعندمــا يتخــى عنهــا أو ال يهتــم بهــا فتتحــول‬ ‫إىل ال هــم‪.‬‬ ‫كنــت أنظــر إىل وجــه كاتريــن‪ ،‬أرى‪ ،‬النضــارة‬ ‫والشــباب يرقصــان عــى خديهــا كعصــارة‬ ‫عمــر جميــل‪ ،‬فالتفــت إىل نفــي فأقــرأ األمــل‬ ‫املنـزاح‪ ،‬العمــر الجميــل‪ ،‬زهــوة الشــباب الــذي‬ ‫رسقتــه األيــام الســوداء املعتمــة‪ ،‬فقدتــه خــال‬ ‫الســنوات الطويلــة التــي قضيتهــا يف الســجن‪.‬‬ ‫كنــت أقــول يف نفــي‪:‬‬ ‫ـ الجــال هــو الشــباب‪ ،‬هــو النضــارة والفــرح‪.‬‬ ‫ثــم أنظــر يف املــرآة‪ ،‬فأقــول‪ ،‬مــا هــذا الذبــول‬ ‫الــذي رســمه الســجن والزمــن‪ .‬كان وجهــي‬ ‫مثــل الفجــر املحمــر عنــد اســتيقاظه مــن‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫عيسى الشيخ حسن‬

‫الحقـ ُ‬ ‫ـت أقدا ِمنــا يف اســودا ِد األفــق ترانــا‪،‬‬ ‫ـول تحـ َ‬ ‫ِ‬ ‫الخــاص ُســكارى مــا تركنــا يف الدنــانِ‬ ‫بخمــ ِر‬ ‫عبقــاً‪ ،‬ومل نُبــقِ ألنفســنا عطــر مــرو ِر خُطانــا‬ ‫* نحــ ُن بجــوا ِر الــردى أحيــاء ال يغفــل منــا‬ ‫عــى وجــلِ ‪ ،‬نح ـ ُن بجــوار القيام ـ ِة‪ ،‬ت ُش ـ ُر لنــا‬ ‫ـوب دروبنــا‪ ،‬هــي تخطــو إلينــا‬ ‫نومـ ُ‬ ‫ـئ لهــا صـ َ‬ ‫واثقــةً‪ ،‬وتزدحــ ُم بضجيــ ِج خُطانــا‪ ،‬ال ميتلكنــا‬ ‫ح ّي ـ ُز املــكانِ ‪ ،‬نســكن ُه بــل يســتويل علينــا بُــكا ُء‬ ‫قشــيب‬ ‫الحقــو ِل‪ ،‬وشــجن الحجــر يرتــدي‬ ‫َ‬ ‫العشــب امل ُر ّم ِ‬ ‫ــد نشــيج الغيــمِ ‪ ،‬وجفــاف‬ ‫ِ‬ ‫اب فيهــا‬ ‫الغُــدرانِ * دعــوين مــن بــا ِد األعــر ِ‬ ‫�ثُلّــ ٌة مــن األبطــا ِل وكثــ ٌر مــن أهــي األوغــاد‬ ‫ـوب‬ ‫وقطعــا ٌن مرعب ـ ٌة مــن الـ ِ‬ ‫ـكالب‪ ،‬هجــريت صـ َ‬ ‫ـدي عنــا َن‬ ‫النجــايش أمتطــي صهــو َة األمــوا ِج وبيـ َ‬ ‫الري ـ ِح والحتـ ُ‬ ‫ـرب خائف ـ ًة مــن عنــادي‪،‬‬ ‫ـوف تهـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اب واألمـ ُم امل ُتحــدة‬ ‫نلــو ُذ تائهــن يف ظــال الـر ِ‬ ‫بســببي ت ُعلِــ ُن مفوضيتهــا األرقــى ‪ :‬لحاميــ ِة‬ ‫ِ‬ ‫واألوبــاش‪ * ...‬نحــ ُن مــن تلــك البــا ِد‬ ‫القتلــ ِة‬ ‫ـذاب والقهـ ِر رحــى‬ ‫ســالف َة العهـ ِر تاريخيـ َة العـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحيــا ِة تجرشــنا بــا كلــلٍ‬ ‫بقصائــد الشــعرا ِء‪،‬‬ ‫يهــش املشــاي َخ الذُبــاب‬ ‫ُطــب العصــا َء‪ُّ ،‬‬ ‫والخ ُ‬ ‫عــن مؤخــر ِ‬ ‫ات الســاطنيِ‪ ،‬وميســحون بدمــو ِع‬ ‫الثُــكاىل أحذيتهــم العســكري ِة‪ ،‬يصطــادون‬

‫النــوم أو الحلــم الجميــل‪ ،‬فغــدا كالغســق‬ ‫املغــر الــذي يــرع يف الهــروب‪ .‬لقــد رسق‬ ‫الديــوث حافــظ األســد أعــار الســوريني‬ ‫ومســتقبلهم ومــا بقــي هــو تحصيــل حاصــل‬ ‫لواقــع مهــزوم مثــل وجهــي وشــعري األبيــض‬ ‫ووزين الــذي ال يتجــاوز األربعــن كيلــو غرام ـاً‪.‬‬ ‫اعتــذر الحــارث م ّنــا‪ ،‬طلــب األذن بالذهــاب إىل‬ ‫عملــه يف مقــره الكائــن يف مســاكن دمــر عــى‬ ‫أن يعــود لي ـاً عندمــا ينتهــي‪ .‬مشــيت برفقــة‬ ‫غــادة وكاتريــن إىل مركــز باصــات قدســية‪ ،‬يف‬ ‫الربامكــة عــى مــا أعتقــد‪ ،‬وانطلقنــا مــن هنــاك‬ ‫إىل بيتهــا‪ .‬كل يشء كان غريبــاً بالنســبة يل‪،‬‬ ‫وجــوه النــاس والســيارات والحافــات‪ ،‬املــي‬ ‫ملســافات طويلــة أو قصــرة‪ ،‬الفضــاء الواســع‪،‬‬ ‫نــاس كــر‪ ،‬أصيــخ الســمع لألصــوات العاليــة‬ ‫التــي تصــدر مــن البعــض مبناســبة أو دون‬ ‫مناســبة‪ .‬أمتــع نظــري باألشــجار‪ ،‬باللهجــة‬ ‫الشــامية والنــاس القاطنــن حولهــا‪ .‬عالقاتهــم‪.‬‬ ‫تعلــق كاتريــن بوالدهــا كان مذهـاً‪ ،‬كان ولعـاً‬ ‫إىل درجــة كبــرة جــدا ً‪ ،‬تريــد أن تعــرف أدق‬ ‫التفاصيــل عنــه‪ ،‬كيــف ينــام أو يــأكل؟ ســألت‬ ‫كثـرا ً عــن الــرب‪ ،‬عــن صحتــه؟ اعتربتــه رمـزا ً‬ ‫كب ـرا ً لهــا‪ ،‬طاقــة أمــل‪ ،‬تســتمد مــن نهجــه يف‬ ‫الحيــاة نهــج حياتهــا‪.‬‬ ‫يف الســاعة الثامنــة جــاء الحــارث بســيارته‪،‬‬ ‫أكملنــا الســهرة‪ ،‬تحدثنــا عــن الســجن‪ ،‬أســاليب‬ ‫التعذيــب‪ ،‬الحرمــان مــن الزيــارة‪ ،‬مــن التنفــس‬ ‫ورفــع الــرأس‪ .‬كنــت ســعيدا ً بهــذه الرفقــة‬ ‫القريبــة منــي‪ ،‬فالحــارث عــاش معــي إحــدى‬ ‫عــرة ســنة يف الســجن‪ ،‬وغــادة كانــت ســجينة‬ ‫يف ســجن دومــا عــدة ســنوات‪ ،‬وحبيبــة صديــق‬ ‫يل‪ ،‬مــازن شمســن‪ ،‬وكاتريــن ابنــة معتقــل‬ ‫مــا زاال‪ ،‬مــازن وجريــس التلــي يقبعــان يف‬ ‫ســجن تدمــر‪ .‬كانــت الغصــة تفــرش ظاللهــا‬ ‫علينــا وتــرك الحــرة يف قلوبنــا جميع ـاً‪ ،‬مــع‬ ‫كل لقمــة طعــام أو رشاب نشــعر باملســؤولية‬ ‫األخالقيــة واالجتامعيــة والسياســية نحوهــم‪.‬‬ ‫فهــم منــا ونحــن منهــم‪ ،‬مــن هــذا الوطــن‬ ‫الجميــل الــذي ضمنــا يف قلبــه الحنــون‪ .‬كانــوا‬ ‫حارضيــن‪ ،‬املعتقلــن بيننــا‪ ،‬ســاعة نومهــم‪،‬‬ ‫لحظــات الحــزن واألمــل املفقــود وضيــاع الحلم‬ ‫والفــرح باملســتقبل‪ .‬الحــب الــذي كان بيننــا‬

‫حرمل الثقافة‬

‫ث ّم ماذا بعد؟‬ ‫األســاطري عــى حالهــا؛ تنــام يف ثنايــا الكتــب‬ ‫العتيقــة‪ ،‬وتحتــي معنــا األناشــيد يف املدرســة‪،‬‬ ‫رح الهــواء يف كهوفــه‪« .‬أمـ ِ‬ ‫ـس‬ ‫الجبــل كــا هــو؛ يـ ّ‬ ‫الــذي مــ ّر عــن قربــه‪ //‬يعجــز أهــل األرض عــن‬ ‫ر ّده»‪ ،‬مــا يل ولألمــس‪ ،‬فقــد تركــت البــاد قبــل‬ ‫ولكــن يل أهــاً هنــاك‪ ،‬مــا‬ ‫خمســة عــر عامــاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫زالــوا ينتظــروين يف الصيــف‪ .‬وكنــت أحــب املع ـ ّري‬ ‫قليـاً‪ ،‬أجلــس إىل نون ّيتــه‪ ،‬وأملــس بيــض األمــاين‪ ،‬ثــم‬ ‫أغفــو‪ ،‬فتطــاردين الحــروف‪ ،‬وأركــض‪ .‬لســت عــدا ًء‪،‬‬ ‫ولك ّنــي أجــزم اننــي ركضــت يومــاً مــا كع ّدائــن‬ ‫ربــا‬ ‫محرتفــن‪ ،‬كان بــاص النقــل يهــ ّم بالتحــ ّرك‪ّ ،‬‬ ‫اســتوقفوه لدقيقــة‪ ،‬كانــت السادســة والربــع متامـاً‪،‬‬ ‫وكان يجــب أن أقطــع أكــر مــن مائتــي مــر‪ ،‬أللحــق‬ ‫بــاص املدرســة قبــل أن يفوتنــي‪ .‬نجحــت‪ ..‬نعــم‬ ‫نجحــت‪ .‬كنــت يومهــا يف الســابعة عــرة‪ ،‬شــاباً‬ ‫نحي ـاً ‪ ،‬وكانــت البــاد مثــي تركــض خلــف بــاص‬ ‫السادســة والربــع‪ ،‬وتثــر وراءهــا غبــار األمــل‪ ،‬وكان‬ ‫مثــة‪.‬‬ ‫األســاطري مل تنــم بعــد‪ ،‬الولــد يحمــل دونكيشــوت‬ ‫خلفــه يف عربــات « الــري ســيكل» الناريّــة‪،‬‬ ‫تلــك « الطريزينــات» الصارخــة عــى اإلســفلت‬

‫غريب الدار‬

‫طريد الكتابة امل ّرة‬ ‫الســوري‪ ،‬حاملــة نبــاء الثامنينــات الســوريني‪ ،‬مــع‬ ‫فؤوســهم ونســائهم إىل مــزارع البطاطــا والخيــار‪،‬‬ ‫كان دونكيشــوت مثلنــا يحمــل فأســه‪ ،‬ويشــق‬ ‫ـدب‬ ‫بطــن الحكايــات‪ ،‬وكنــت ألهــو مــع أســاطري تـ ّ‬ ‫يف أمســيات حزيـران‪ ،‬تبــي معــي فأبــي‪ ،‬وتضحــك‬ ‫أحيان ـاً‪ ،‬والحــروف ذاتهــا‪ ،‬تركــض خلفــي يف الليــل‪،‬‬ ‫وأنــا أركــض‪ ،‬أركــض‪ ،‬لكــن ركــي يختلــف حت ـاً‬ ‫عــن تلــك الركضــة التــي جريتهــا خلــف البــاص‬ ‫يوم ـاً‪ .‬مل أتــرك طاحون ـ ًة إال وأفرغــت قمحــي فــوق‬ ‫رحاهــا‪ ،‬لعـ ّـل الــدون كيشــوت مـ ّر مــن هنــا‪ ،‬لعلّــه‬ ‫اآلن خلــف كيــس طحــن عــى ظهــر دابّــة‪ ،‬أو لعلّــه‬ ‫يشــري طعامـاً مــن دكّان‪ .‬لعلّــه الجــئ‪ ،‬أو ســجني‪،‬‬ ‫أو حتــى نــازح يجمــع بينهــا‪ ،‬لعلّــه يســتمع إىل‬ ‫أخبــار الحاديــة عــرة‪ ،‬أو يشــارك يف نــدوة‪ ،‬أو‬ ‫يجــري وراء عاصفــة مــن غبــار‪.‬‬ ‫ـن مثــي ال يــذاع لــه‬ ‫كنــت أمت ّنــى لــو أقــول‪ »:‬ولكـ ّ‬ ‫رس» أو « ِجـ ِـدي مثــل مــن أحببــت تجــدي مثــي»‬ ‫ّ‬ ‫غــر أين أســر خــر عاجــل‪ ،‬أتحــ ّرى مفــردات‬ ‫معجمــي فــا أجــد غــر‪ »:‬تفجــر – تكرير‪-‬تطويــر‪-‬‬ ‫تهجري‪-‬تسفري‪-‬تقرير‪-‬تدمري‪-‬تحرير‪-‬تطهري‪-‬تبشــرـ‬ ‫هاون‪-‬سكود‪-‬توماهوك‪-‬ميغ‪-‬كياموي‪-‬ســارين‪-‬‬ ‫طفل‪-‬مذبحة‪-‬اغتصاب‪-‬اعتقال‪-‬اختطاف‪-‬نــزوح‪-‬‬ ‫لجوء‪-‬مفاوضات‪-‬حلول‪-‬التن ّحي–االنتخاب‪-‬التأجيل‪-‬‬

‫التعليل‪-‬الشبيح‪-‬مندس‪-‬طائفي‪-‬وطني‪ ».......‬ال أجد‬ ‫ّ‬ ‫مفــردات ن ـزار عــن العصافــر والياســمني واأليــادي‬ ‫البيضــاء الناعمــة‪ ،‬ال أجــد مفــردات الدرويــش حــن‬ ‫ـدس املأســاة تحــت مائــدة حلــم عريــض‪ .‬هــا أنــا‬ ‫يـ ّ‬ ‫كل يــوم‪ ،‬مبفــردات حــا ّدة‪ ،‬ورصا ٍخ‬ ‫تطــاردين الكتابــة ّ‬ ‫ال يهــدا ً‪ ،‬وأنــا أركــض أركــض باحثــاً عــن فســحة‬ ‫لألخــر‪ ،‬األخــر الــذي صنعــه أهــي هنــاك‪،‬‬ ‫وهــم يقطعــون يوميـاً ذلــك الطريــق املتعــرج عــر‬ ‫األوديــة ‪ ،‬بـ»طريزيناتهــم» املج َهــدة إىل حقــول‬ ‫صــارت مســاحة خــراء‪ ،‬جعلــت الطعــام متاحــاً‬ ‫لفقــراء البــاد‪.‬‬ ‫األســاطري تصحــو أحيان ـاً‪ ،‬تصحــو أليــام معــدودة‪،‬‬ ‫ثــم تتمــ ّدد وتنــام‪ ،‬و تبتســم بينــا أطفــال يف‬ ‫مدرســة ينشــدون‪ ،‬وحدهــا أســطورة الســوريني‬ ‫التنــام‪ ،‬وجبتهــا اليوميــة مكلفــة‪ ،‬وقريتــي خــرت‬ ‫شــباباً كانــوا ســيحملون فؤوســهم و يصنعــون‬ ‫طعــام الفقــراء‪.‬‬ ‫هــل اســتمرت طــروادة ســنتني ونصــف؟ هــل‬ ‫اســتطاع أخيــل أن يهــرب مــن ذاك الســهم اللعــن؟‬ ‫وبينيلــويب التــي تنســج ثيــاب االنتظــار‪ ،‬كيــف‬ ‫ظلّــت ســنني عــددا دون أن ميســها أحــد‪ ،‬مــن أيــن‬ ‫ر؟ مــن أيــن؟‪ .‬هــذه الحــروف‬ ‫جــاء ّ‬ ‫كل هــذا ال ـ ّ‬ ‫الحــادة التنــام‪.‬‬

‫املعطف الرمادي‬ ‫ناهض الرمضاني‬

‫آرام كرابيت‬ ‫كبـرا ً‪ ،‬الحــب النقــي اململــوء بالحــس اإلنســاين‬ ‫واملســؤولية‪ .‬كنــا نفكــر باملــايض‪ ،‬بالغائبــن عنا‪.‬‬ ‫نشــعر أن وجودهــم يجــب أن يكــون بيننــا‪،‬‬ ‫فهــم رســلنا إىل الحريــة ومكانهــم الحقيقــي يف‬ ‫بيوتهــم وبــن ناســهم‪ .‬كنــت أقــول‪:‬‬ ‫ـ اآلن‪ ،‬جميعهــم نيــام عــى خرصهم‪ ،‬الطامشــة‬ ‫عــى عيونهــم والعســكري فوقهــم يراقــب‬ ‫أنفاســهم ويــدون تجربتهــم لريميهــا يف ســلة‬ ‫الزمــن الهــرم‪ .‬أنظــر إىل الجلســة اللطيفــة‪،‬‬ ‫إىل الوجــوه الجميلــة‪ ،‬إىل ثقتنــا ببعضنــا‪،‬‬ ‫بســلوكياتنا وأفكارنــا والحــدود التي رســمها كل‬ ‫واحــد منــا عــن اآلخــر بقلبــه وعقلــه ومســاحة‬ ‫الفــرح والتقديــر الــذي تركــه عــى صفحتــه‬ ‫وصفحــة املقابــل لــه‪ ،‬كنــت أقــول‪:‬‬ ‫الثقافــة هــي الرحــم الــذي يغلــف أي شــعب‬ ‫يف هــذا العــامل‪ ،‬يصونــه‪ ،‬يحميــه‪ ،‬يعزلــه‪،‬‬ ‫يقوقعــه‪ ،‬يأخــذه نحــو الصعــود‪ ،‬أو يرميــه‬ ‫يف الــدرك األســفل‪ .‬بالرغــم مــن أن اإلنســان‬ ‫أســر الثقافــة‪ .‬لقــد جــاء إىل هــذه الحيــاة‪،‬‬ ‫ووجــد نفســه يتغــذى بهــا‪ ،‬لغــة‪ ،‬ديــن‪،‬‬ ‫عــادات وتقاليــد‪ ،‬تاريــخ‪ ،‬جملــة الفنــون‪،‬‬ ‫املوســيقا‪ ،‬الغنــاء‪ ،‬أســلوب الفــرح أو الحــزن‪...‬‬ ‫هــذه الثقافــة إذا ال ترفعــك‪ ،‬تضعــك يف مصــاف‬ ‫الفــرح‪ ،‬ارفعهــا أنــت‪ ،‬رصم حراشــفها‪ ،‬قصقــص‬ ‫أظافرهــا‪ ،‬قلمهــا لتكــون عــى مقــاس دفعك إىل‬ ‫األمــام‪ ،‬ووضعــك يف النهــر العاملــي الجميــل‪.‬‬ ‫وإن بقيــت تقيــدك‪ ،‬متســك بــك‪ ،‬وتحــط منــك‪،‬‬ ‫مــن قدرتــك‪ ،‬وتدفعــك نحــو العجــز‪ .‬ارمهــا‬ ‫وراءك‪ .‬وابحــث عــن بدائــل‪.‬‬

‫النقطــة «ب» ال تبعــد عــن النقطــة «أ» إال أقــل‬ ‫مــن خمســائة مــر‪ .‬ومــع هــذا فــإن الخــروج مــن‬ ‫البيــت والوصــول إىل الــدكان يف النقطــة ب أصبــح‬ ‫مجازفــة حقيقيــة هــذه األيــام‪ .‬وقــد اتخــذت جميــع‬ ‫االحتياطــات املطلوبــة‪ .‬أنــا أســر عــى الرصيــف‪..‬‬ ‫ســأكون آمنـاً من خطــر الســيارات الغامضــة املرسعة‬ ‫دامئــاً‪ .‬ومــن دوريــات الرشطــة الطائشــة ودبابــات‬ ‫األمريــكان النزقــة‪ .‬ومــع أين أســر عــى الرصيــف إال‬ ‫أننــي أالزم الحــذر الشــديد‪ .‬أراقــب موضــع خطــوايت‪،‬‬ ‫وأتجنــب أيــة حفــرة قــد تكــون مخبــأ لعبــوة‪،‬‬ ‫وأبتعــد عــن أيــة علبــة كارتونيــة فارغــة أو صفيحــة‬ ‫معدنيــة مهملــة‪ .‬وأدور بعيــدا ً عــن براميــل القاممــة‪.‬‬ ‫مــن يعــرف مــاذا يوجــد داخــل هــذه األشــياء! أســر‬ ‫عــى الرصيــف لكنــي أراقــب الشــارع بطــرف عينــي‬ ‫ي‬ ‫وأذنــاي تصيخــان الســمع لــكل صــوت غريــب‪ .‬عـ ّ‬ ‫أن أكــون حــذرا ً‪ ،‬وأن أســتكمل جميــع االحتياطــات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أكتــف بطلــب نقــي مــن محــل عمــي‪ .‬لقــد‬ ‫مل‬ ‫حصلــت عــى إجــازة طويلــة دون مرتــب مــن‬ ‫دائــريت الجديــدة‪ .‬أصبــح العمــل خطــرا ً للغايــة‬ ‫هــذه األيــام‪ .‬تــرف باســتقامة وســتغضب منــك‬ ‫العــرات‪ .‬تــرف بطريقــة أخــرى وقــد تغضــب‬ ‫املئــات! اإلجــازة الطويلــة أنهكتنــي‪ ..‬لكنهــا رضورية‪.‬‬ ‫ي أن أكــون حــذرا ً‪ .‬حــذرا ً للغايــة‪ .‬بيتــي الجديــد‬ ‫عـ ّ‬ ‫أصغــر مــن بيتــي الســابق‪ .‬رطــب قلي ـاً لكنــه أكــر‬ ‫أمن ـاً إذ ال أحــد يعرفنــي يف هــذا الحــي‪ .‬ســيصعب‬ ‫عليهــم تحديــد انتــايئ‪ .‬لحســن حظــي أن اســمي‬ ‫محايــد وال يفصــح عــن يشء‪ .‬وأنــا حــذر يف ســلويك‪.‬‬ ‫حــذر للغايــة‪ .‬أتــرف مــع الجميــع بدماثــة‪ ،‬ولكنــي‬ ‫ال أتجــاوز يف عالقتــي معهــم حــد التحيــة العابــرة‬ ‫واملجامــات العاديــة‪ .‬قــد يكونــون جريانــاً طيبــن‪.‬‬ ‫وقــد ال يكونــون! رمبــا كانــوا جميع ـاً حذريــن منــي‬ ‫اآلن‪ .‬وهــذا يدفعنــي ملزيــد مــن الحــذر‪ .‬الذهــاب‬ ‫إىل جامــع الحــي خطــر جــدا ً‪ .‬وعــدم الذهــاب إليــه‬ ‫أخطــر‪ .‬والحــذر يدفعنــي لعــدم الدخــول إىل الجامع؛‬ ‫مــع تواجــدي أحيانــاً قــرب البوابــة للســام عــى‬ ‫املصلــن بعــد نهايــة الصــاة‪ .‬الحــذر يقتــي ذلــك‪.‬‬ ‫ويقتــي أن أظهــر دامئــاً بهيئــة محايــدة‪ .‬شــعري‬ ‫متوســط الطــول مهنــدم باعتــدال‪ ،‬ولكنــي قــد‬ ‫أنكشــه قليـاً إذا اقتضــت الظــروف‪ .‬ذقنــي حليقــة‪.‬‬ ‫ذقنــي حليقــة لكننــي مــا زلــت متمســكاً بشــاريب‪.‬‬ ‫ليــس اعتـزازا ً برجولتــي فحســب‪ .‬بــل ألنــه مينحنــي‬ ‫مظه ـرا ً محايــدا ً‪ .‬شــاريب محايــد أيض ـاً‪ ..‬فهــو ليــس‬ ‫شــارباً كث ـاً يســتفز اآلخريــن كشــوارب الـــ‪ ...‬وليــس‬

‫شــارباً حليق ـاً كشــارب الـــ‪ ...‬كــا أنــه ليــس شــارباً‬ ‫خفيفـاً جــدا ً كالـــ‪ ...‬ومالبــي‪ .‬مالبيس اخرتتهــا بعناية‬ ‫شــديدة‪ .‬بدلــة رماديــة مقلمــة تشــبه بــدالت آالف‬ ‫املوظفــن‪ .‬حــذايئ األســود نظيــف إىل حــد مــا لكننــي‬ ‫امتنعــت عــن تلميعــه إذ ال يشء يجــذب األنظــار‬ ‫أكــر مــن بريــق حــذاء أســود‪ .‬ملــاذا ينبغــي أن‬ ‫يكــون الحــذاء نظيفـاً دامئـاً؟ ســألطخه قليـاً توخيـاً‬ ‫للحــذر‪ .‬تركــت حقيبتــي الجلديــة الثمينــة‪ ،‬وتعودت‬ ‫أن أحمــل أوراقــي يف محفظــة بالســتيكية رخيصــة‪.‬‬ ‫الحقائــب الجلديــة قــد تثــر التســاؤالت والفضــول‬ ‫وحــب االســتطالع‪ .‬مــا الداعــي أصـاً لحمــل حقيبــة‬ ‫مثينــة إذا مــا كنــت تنــوي الوصــول إىل النقطــة ب‪.‬‬ ‫ـس أمرهــا‪ .‬اســتبدلتها بســاعة‬ ‫حتــى ســاعة يــدي مل أنـ َ‬ ‫رقميــة رخيصــة‪ .‬هــل يكفــي هــذا كلــه؟ ال طبع ـاً‪.‬‬ ‫فلــن تكتمــل تحوطــايت إال بهــذا املعطــف الرمــادي‪.‬‬ ‫صحيــح أن لونــه قــد بهــت قلي ـاً إال أن هــذا هــو‬ ‫عــن املطلــوب‪ .‬معطــف رمــادي رخيــص يتجــاوز‬ ‫الركبتــن‪ .‬أتذكــر دامئ ـاً أن أحنــي قامتــي قلي ـاً‪ ،‬وأنــا‬ ‫أمــي بهــدوء واضعــاً يــداي يف جيــوب املعطــف‬ ‫الرمــادي‪ .‬لــن أثــر تســاؤل أحــد وأنــا عــى هــذه‬ ‫الهيئــة‪ .‬خطــوات‪ ..‬خطــوات فقــط وأصــل إىل النقطة‬ ‫ب‪ .‬ســأنهي مشــواري برسعــة ألعــود إىل النقطــة أ‪..‬‬ ‫أعنــي بيتــي‪ ..‬ولكــن عــي أوالً أن أجتــاز الشــارع‪.‬‬ ‫من هؤالء!! ما هذا الصوت!‬ ‫انبطــح‪ ..‬انبطــح فلــم يعــد لــك مــاذ إال األرض‪..‬‬ ‫انبطــح فلــن تحميــك اآلن إال الســاء‪ .‬أنــت وحــدك‬ ‫فانبطــح ودس جســدك يف الــراب‪ .‬الرصاصــات‬

‫‪13‬‬

‫تتالحــق‪ .‬ليغــص جســدك كلــه يف األرض‪ .‬انبطــح وال‬ ‫تتلفــت وال تتســاءل‪ .‬ال تلتفــت‪ .‬فقــد تراهــم‪ ..‬وقــد‬ ‫يرونــك وأنــت تراهــم فتصبــح بالــرورة هدفـاً لهــم‬ ‫ال تلتفــت‪ ..‬ال‪....‬‬ ‫هــا قــد انقطــع صــوت الرصــاص‪ .‬انتظــر قلي ـاً وال‬ ‫داعــي للحركــة اآلن‪ .‬أنــت قريــب‪ ..‬قريــب جــدا ً‬ ‫مــن النقطــة ب‪ .‬انهــض اآلن وانــ ِه مــا جئــت مــن‬ ‫أجلــه‪ .‬هــا قــد بــدأ طريــق العــودة إىل النقطــة أ‪.‬‬ ‫ستســلك نفــس الطريــق رجوعــاً‪ .‬ال تــر منتصبــاً‪.‬‬ ‫وال تــرع يف خطــاك‪ .‬اعــر الشــارع وال تنظــر أبــدا ً‬ ‫إىل هنــاك‪ .‬ال تنظــر‪ ..‬واصــل الســر فحســب وال تنىس‬ ‫أن تنحنــي‪ .‬واصــل الســر وال تفكــر‪ .‬مــا جــدوى‬ ‫التفكــر؟ هــل بإمكانــك أن تغــر شــيئاً مــا‪ !.‬أمامــك‬ ‫طريــق لتقطعــه‪ ..‬عليــك أن تصــل إىل النقطــة أ‪ .‬كــن‬ ‫حــذرا ً‪ ..‬كــن حــذرا ً وواصــل املســر‪ .‬ال ترفــع رأســك‪.‬‬ ‫ال تنتصــب‪ .‬ال تتســاءل‪ .‬ال تلتفــت‪ .‬ال‪...‬‬ ‫مل يلتفــت‪ .‬ولــو كان قــد التفــت لشــاهد بركــة دمــاء‬ ‫تحيــط برجــل ذو شــارب محايــد يرتــدي بدلــة‬ ‫رماديــة مخططــة وســاعة رقميــة مزيفــة وحــذاءه‬ ‫األســود موحــل‪ ،‬وقــد تناثــرت أوراقــه مــن محفظــة‬ ‫رخيصــة‪.‬‬ ‫وعــى الرصيــف املقابــل ســار املعطــف الرمــادي‬ ‫الفــارغ‪ ..‬ســار وحــده منكمشــاً واضعــاً يديــه يف‬ ‫جيوبــه‪ ..‬ورغــم كل الثقــوب املوجــودة يف ظهــره‪،‬‬ ‫اســتمر املعطــف يســر بحــذر شــديد لعلــه يصــل‬ ‫ســاملاً إىل نقطــة مــا‪.....‬‬

‫ثقاف��ة البع��ث وداع��ش‬ ‫والـ ‪PYD‬‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫مــا يكابــده الغــرب اليــوم ســيصلنا بعــد نصــف قــرن أو‬ ‫أكــر‪ ،‬وقــد يســتوطن لدينــا عقــودا ً‪ ،‬بينــا الغــرب يتخلــص منــه‬ ‫بالعلــم‪ ،‬وباملعرفــة‪ ،‬وبوضــوح الفكــرة‪ ،‬وفاعليتهــا عــى األرض‪.‬‬ ‫فقبــل ثلثــي قــرن كانــت النازيــة القوميــة‪ ،‬والفاشــية الدينيــة‬ ‫تســتوطن أوروبــا‪ ،‬وتد ّمــر مدنهــا وقراهــا وشــعوبها‪ ،‬وكان مــن‬ ‫أبطــال هــذه املذاهــب املد ِّمــرة هتلــر وموســوليني وفرانكــو!‬ ‫اليــوم وبعــد عقــود طويلــة مــن هزميــة األفــكار العنرصيــة‬ ‫القوميــة والدينيــة‪ ،‬مــا نــزال نعــاين مــن النازيــة البعثيــة‪،‬‬ ‫والفاشــية الداعشــية‪ ،‬والخلطــة العجيبــة مــن العنرصيــة‬ ‫والحقــد التــي ميثلهــا ‪ PYD‬الكــردي‪.‬‬ ‫فالبعــث كان واضحـاً يف عنرصيتــه القوميــة‪ ،‬واحتــكاره للمجتمع‬ ‫والدولــة‪ ،‬وداعــش أيضــاً كانــت واضحــة باحتقارهــا للنــاس‪،‬‬ ‫وللعــامل‪ ،‬إذ أن وجهتهــا هــي املــايض‪ ،‬ومحاولــة اســتعادته‬ ‫وتكريســه يف الحــارض بقســوة وبعنــف غــر معقولــن!‬ ‫أمــا بعــض األحــزاب الكرديــة مثــل ‪ PYD‬فمزجــت الــراث‬ ‫النــازي‪ ،‬والفــايش‪ ،‬بخلطــة ال تقــل ســوءا ً عــن املذهبــن‬ ‫الســابقني‪ ،‬مــع دعــم غــريب شــبه مطلــق‪ ،‬واســتفراد بالنــاس‪،‬‬ ‫ونهــب بيوتهــم بتهــمٍ فجــة‪ :‬هــذا بعثــي‪ ،‬وهــذا داعــي‪،‬‬ ‫رشدوا أهلهــم!!! هــذا ظلــم واضــح‪ ،‬وغــر‬ ‫فانهبــوا بيوتهــم و ّ‬ ‫الئــق بحركــة كرديــة‪ ،‬كانــت تبحــث عــن الحريــة والكرامــة‪،‬‬ ‫وتنــادي بالدميقراطيــة‪ ،‬وصــارت مســكونة بالعنــف والظلــم‬ ‫واســتعداء األجنبــي‪ ،‬واســتغالل ظــروف الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫لتتفنــن مبعاقبــة النــاس‪ ،‬وفــرض اللغــة الكرديــة عــى العــرب‪،‬‬ ‫وعــى اآلشــوريني والرسيــان‪ ،‬ملجــرد ر ّد الظلــم بظلــمٍ مثلــه أو‬ ‫أش ـ ّد منــه‪ ،‬إىل درجــة أننــا نقــرأ ألحــد متطــريف الكــرد القــول‬ ‫بــأن العــرب مــوىت فلنســلبهم كل يشء حتــى تلبيســات أســنانهم‬ ‫فالعــامل يصنفهــم كإرهابيــن‪ ..‬ولنكســب الفرصــة!‬ ‫مــن املؤســف أن تصــدر بعــض التنظيــات الكرديــة قانونــاً‬ ‫يشــبه القانــون الصهيــوين الــذي يبيــح نهــب بيــوت الغائبــن‬ ‫عــن قراهــم‪ ،‬واملهجريــن مــن بيوتهــم ج ـ ّراء موجــات العنــف‬ ‫والقصــف مــن النظــام ومــن داعــش‪ ،‬وقــد نــددت منظــات‬ ‫حقــوق اإلنســان العامليــة بهــذه املامرســات التــي تضمنــت‬ ‫وفصلتهــا يف تقاريرهــا الدولية!‬ ‫التهجــر واالنتقــام مــن املدنيــن‪ّ ،‬‬ ‫األك ـراد أهلنــا وأخوتنــا‪ ،‬وقدرهــم كــا هــو قدرنــا‪ ،‬أن نعيــش‬ ‫ســويّة‪ ،‬فــاألرض والوطــن الــذي يجمعنــا بــاقٍ أمــا الخطــط‬ ‫العنرصيــة‪ ،‬والتحريــض القومــي‪ ،‬والعنــف الالإنســاين فزائــل‬ ‫حتــاً‪ ..‬فمهــاً علينــا‪ ،‬ومهــاً عــى أنفســكم!!‬ ‫ومــع احرتامنــا لحقكــم بتعلــم اللغــة الكرديــة‪ ،‬ورفضنــا ألفــكار‬ ‫البعــث العنرصيــة‪ ،‬فنحــن لــن نقبــل بغــر لغتنــا العربيــة لغــة‬ ‫رســمية يف مدننــا العربيــة‪ ،‬ويف قرانــا مــن تــل أبيــض إىل أصغــر‬ ‫قريــة عربيــة‪ ،‬فهــذه اللغــة ليســت للعــرب وحدهــم‪ ،‬ألنهــا‬ ‫متثــل تاريخــاً للمنطقــة‪ ،‬ولغــ ًة لديــن يضــم أكــر مــن مليــار‬ ‫مســلم!‬ ‫بعــض أخوتنــا الكــرد اليــوم يعيــدون ثقافــة البعــث النازيــة‬ ‫ٍ‬ ‫بلــونٍ‬ ‫جديــد‪ ،‬وبأعــام تــرر الظلــم‪ ،‬بحجــة أنهــا كانــت‬ ‫مظلومــة‪ ،‬فهــل قدرنــا يف هــذه املنطقــة هــو إعــادة التاريــخ‪،‬‬ ‫وعــدم االســتفادة مــن ثقافــة التغيــر يف الفكــر ويف املخيلــة‪ ،‬هل‬ ‫هــو قدرنــا أن نعيــد مــا جربتــه الشــعوب األخــرى‪ ،‬وأثبتــت أنــه‬ ‫فاشــل‪ ،‬وفاســد‪ ،‬وال يليــق بنــا كــا ال يليــق بالكــرد‪ ،‬وال بــكل‬ ‫البــر؟!!‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫أســلوبية اإلنجــاز فــي الفــن التشــكيلي الحديــث‬ ‫بني منطية البناء واحلداثة‬

‫إن الحديــث عــن والدة العمــل الفنــي‪،‬‬ ‫ومخــاض تكوينــه يســتدعي تنــاول األســلوب‬ ‫أو القالــب الــذي يحتويــه‪ ،‬ومــدى قدرتــه عــى‬ ‫ترجمــة الــروح الفنيــة التــي تقــف وراء ذلــك‪،‬‬ ‫وهــذا يقودنــا إىل األجــواء والفضــاءات التــي‬ ‫يتمثلهــا الفنــان التشــكييل كرؤيــة لعطائــه‪.‬‬ ‫وال يخفــى أن الفــن مثلــه كمثــل الحيــاة‪.‬‬ ‫ينــال دميومتــه مــن اتســاع رؤاه‪ ،‬وقدرتــه عــى‬ ‫اعتــاد أســلوبية ديناميكيــة تجعلــه مواكبــاً‬ ‫ملــا يحيــط بــه مــن أحــداث وتطــورات حياتيــة‪،‬‬ ‫ميتلــك معهــا القــدرة عــى ســرها والتعبــر‬ ‫عنهــا بــروح اإلنســان امللــم بتفاصيــل عــره‪،‬‬

‫واملعــر عنــه بأمانــة وموضوعيــة ومســؤولية‬ ‫عاليــة‪ ،‬ســيام وأن الفنــان هــو شــاهد عــره‪،‬‬ ‫واملوثــق بأمانــة ملــا يعرتيــه ويشــهده‪.‬‬ ‫إن بوابــة عبــور الفنــان إىل الضفــاف األخــرى‬ ‫املقابلــة (الجمهــور) يضــع أمامــه اختبــارا ً صعباً‬ ‫يتمثــل يف انتقائيــة الرؤيــا الفنيــة وعنارصهــا‬ ‫الشــاملة كإطــار شــامل ملــا يريــد ايصالــه‬ ‫للنــاس‪ ،‬وهــذا يســتوجب الدقــة والحصافــة‬ ‫والــذكاء يك تكــون خياراتــه ســليمة وغــر‬ ‫تقليديــة وممجوجــة‪ ،‬وبالتــايل مواكبــة لعــره‬ ‫ومالمــح بيئتــه اإلنســانية الواســعة والشــاملة‪،‬‬ ‫وهــذا يتــأىت مــن قــدرة الفنــان عــى اســتخالص‬ ‫األســلوبية التــي متيــزه وســط خضــم هائــل من‬ ‫التيــارات الفنيــة املتالطمــة والتــي قــد تــذوب‬ ‫أو تتامهــى مــع غريهــا دون أن تســجل لذاتهــا‬ ‫خصائصهــا املطلوبــة‪ ،‬فتظــل ضعيفــة واهيــة‪،‬‬ ‫وال تضيــف مــا مييزهــا‪ ،‬وهنــا يســتدعينا مــا‬ ‫قالــه ذات يــوم الناقــد والــروايئ الفرنــي‬ ‫اناتــول فرانــس حينــا عــر عــن األســلوبية‬ ‫اإلبداعيــة بقولــه‪« :‬الفنــان املبــدع هــو مــن‬ ‫جعــل مــن ذاتــه ردا ًء لــه»‪ .‬ومــن اآلخريــن‬ ‫واحتــه الكبــرة‪ ،‬ولعلنــا نســتخلص هنــا أن‬ ‫انتقــاء الفنــان ﻷدواتــه‪ ،‬واستكشــافه لقدراتــه‬ ‫وعواملــه الداخليــة‪ ،‬هــو مبثابــة البوابــة التــي‬ ‫ينطلــق منهــا إلثبــات ذاتــه وتقدميهــا واثقــة‬ ‫إىل اآلخــر‪ ،‬وهــذا املعنــى يأخذنــا إىل الداللــة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أمريكي يبحث عن زوجة يف شوارع الرقة!‬ ‫فهد الحسن‬ ‫أحمد إدريس‬

‫مهاجر شايل سيفه!‬

‫الحســية البرصيــة املبــارشة‪ ،‬فهنــاك مــن يعتمد‬ ‫القوالــب النمطيــة الجاهــزة والباليــة كأســلوبية‬ ‫لعطائــه‪ ،‬ويحملهــا املضامــن الفضفاضة الهشــة‬ ‫دون أن يــدرك أنهــا قــد أصبحــت مــن املــايض‪،‬‬ ‫وأن الحيــاة وأفــكار النــاس قــد تجاوزتهــا‪ ،‬كــا‬ ‫يحلــو للبعــض أن يظــل مســتمرا ً يف التعاطــي‬ ‫مــع الطبيعــة وعنارصهــا كأنهــا أقانيــم محنطــة‬ ‫وثابتــة‪ .‬وملــا كان الفــن رؤيــة برصيــة تالمــس‬ ‫العــن والحــواس مبــارشة‪ ،‬فــإن املتلقــي‬ ‫يســتطيع أن يســتخلص مرامــي الفنــان وقدراته‬ ‫ببســاطة‪ ،‬وأن يبنــي مــن خاللهــا مكانــة هــذا‬ ‫الفنــان أو ذاك‪ ،‬ويف املقابــل فــإن الحديــث‬

‫عــن الحداثــة ومواكبــة الفنــان لعــره يجــب‬ ‫أال يأخذنــا إىل العبــارات الطنانــة واملفــردات‬ ‫الفضفاضــة‪ ،‬فكثــر مــن التجــارب املعــارصة‬ ‫ليســت معنيــة بالحداثــة يف إطارهــا الخــاق‪،‬‬ ‫بــل هــي أشــبه مــا تكــون انقيــادا ً أعمــى ال‬ ‫لــون لــه‪ ،‬وال طعــم وال رائحــة‪ ،‬بــل انغــاس يف‬ ‫شــكليات واهمــة ومضللــة‪ ،‬تأخــذ مــن الــيء‬ ‫قشــوره وتتكــئ عــى عنــارص تحمــل روح‬ ‫العــر مبنظــور ســلبي وارتجــايل‪ .‬بعيــدا ً عــن‬ ‫روح الفــن الحقيقيــة‪ ،‬التــي تغــوص يف عمــق‬ ‫األشــياء وتســتخلص منهــا بحكمــة ودرايــة مــا‬ ‫يوامئهــا ويعــر عــن تطلعاتهــا‪ ،‬وهنا يســتحرضنا‬

‫معنــى املســؤولية يف اإلبــداع‪ ،‬ومــا يحملــه‬ ‫مــن معــانٍ هادفــة تكتنــز بــكل مــا هــو أخــاذ‬ ‫ومتألــق‪ ،‬وهــذا يقودنــا إىل أن الحداثــة ليســت‬ ‫قالبــاً أعــد للمواربــة ومحاولــة التملــص مــن‬ ‫اســتحقاقات العمليــة اإلبداعيــة‪ ،‬بــل جســد‬ ‫إبداعــي يســتند عــى تطويــر الــرؤى واألدوات‬ ‫الفنيــة وتأطريهــا بلغــة العــر الحديــث‬ ‫وســاته‪ ،‬ليكــون املنتــج اإلبداعــي خــر ســفري‬ ‫إىل عــن وذهــن وفكــر املتلقــي ويعيــش طويـاً‬ ‫يف وجدانــه‪.‬‬

‫‪ 18‬كان��ون األول الي��وم العامل��ي ّللغ��ة العربي��ة‪ ...‬واليونس��كو حتتف��ل بس��يبويه‬ ‫سي َب َويه‪ :‬إمام العربية وشيخ النحاة‬

‫موقع األمم املتحدة‬

‫هــو أبــو بــر عمــرو بــن عثــان بــن‬ ‫قنــر البــري‪ ،‬املعــروف ﺑســي َب َويه (املولــود‬ ‫يف عــام ‪140‬هـــ‪ 760/‬م واملتــويف يف عــام‬ ‫‪180‬هـــ‪797/‬م) إمــام العربيــة وشــيخ النحاة»‬ ‫الــذي إليــه ينتهــون‪.‬‬ ‫يعــد ســيبويه واحــدا ً مــن بنــاة الثقافــة‬ ‫العربيــة وصانعــي الحضــارة اإلســامية‪،‬‬ ‫وممــن شــاركوا يف بنــاء علــم النحــو العــريب‬ ‫وجعلــوه رصحــاً عاليــاً‪ .‬لــه كتــاب يف النحــو‬ ‫يســمى «الكتــاب» تنــاول فيــه كل قواعــد‬ ‫اللغــة العربيــة‪ ،‬وهــو أول كتــاب منهجــي‬ ‫ينســق ويــدون قواعــد اللغــة العربيــة‪.‬‬ ‫كان لكتــاب ســيبويه أثــر كبــر يف علــم النحــو‪،‬‬ ‫واعتــره العلــاء أهــم كتــاب ألِّــف يف هــذا‬ ‫العلــم‪ ،‬وأطلقــوا عليــه «قــرآن النحــو»‪ .‬كــا‬ ‫أن لســيبويه وصفــاً ملخــارج حــروف اللغــة‬ ‫العربيــة هــو األدق حتــى اآلن‪.‬‬ ‫ولــد «عمــرو بــن عثــان بــن قنــر» ىف‬ ‫منتصــف القــرن الثــاىن الهجــرى مبنطقــة‬ ‫تعــرف «بالبيضــاء» مــن قــرى «شــراز»‬ ‫ببــاد فــارس (إي ـران حالي ـاً)‪ ،‬واشــتهر باســم‬

‫«ســيبويه»‪ ،‬وهــى كلمــة فارســية تعنــي‬ ‫رائحــة التفــاح‪ ،‬وســمي بذلــك ألنــه كان‬ ‫طيــب الرائحــة‪ ،‬جميــل الصــورة والشــكل‪.‬‬ ‫قــدم إىل البــرة غالمــاً‪ ،‬ونشــأ فيهــا وأخــذ‬ ‫عــن علامئهــا‪ ،‬مــن أمثــال‪« :‬األخفــش األكــر»‪،‬‬ ‫و»يونــس بــن حبيــب»‪ ،‬و»أىب زيــد األنصاري»‬ ‫فنبــغ وذاع صيتــه‪ .‬كــا تتلمــذ «ســيبويه»‬ ‫عــى يــد «الخليــل بــن أحمــد» وكان أعظــم‬ ‫شــيوخه تأثــرا ً فيــه‪.‬‬ ‫ســافر إىل «بغــداد» والتقــى بالكســايئ إمــام‬ ‫نحــاة «الكوفــة»‪ ،‬وناظــره مناظــرة شــهرية يف‬ ‫مســائل النحــو‪ ،‬ثــم رحــل إىل مســقط رأســه‪،‬‬ ‫حيــث تــويف هنــاك ســنة ‪ 180‬هـــ املوافــق‬ ‫لعــام ‪797‬م‪.‬‬

‫تعريف موجز باللغة العربية‬

‫العربيــة أكــر لغــات املجموعــة الســامية‬ ‫ن‪ ،‬وإحــدى أكــر اللغــات انتشــارا ً يف‬ ‫متحدث ـ َ‬ ‫العــامل‪ ،‬يتحدثهــا أكــر مــن ‪ 422‬مليون نســمة‬ ‫ويتــوزع متحدثوهــا يف املنطقــة املعروفــة‬ ‫باســم الوطــن العــريب‪ ،‬باإلضافــة إىل العديــد‬ ‫مــن املناطــق األخــرى املجــاورة كاألحــواز‬ ‫وتركيــا وتشــاد ومــايل الســنغال وإرترييــا‪.‬‬ ‫اللغــة العربيــة ذات أهميــة قصــوى لــدى‬ ‫املســلمني‪ ،‬فهــي لغــة مقدســة (لغــة القــرآن)‪،‬‬ ‫وال تتــم الصــاة (وعبــادات أخــرى) يف اإلســام‬ ‫إال بإتقــان بعــض مــن كلامتهــا‪ .‬العربيــة هــي‬ ‫أيضـاً لغــة شــعائرية رئيســية لــدى عــدد مــن‬ ‫الكنائــس املســيحية يف الوطــن العــريب‪ ،‬كــا‬ ‫كتبــت بهــا الكثــر مــن أهــم األعــال الدينيــة‬ ‫والفكريــة اليهوديــة يف العصــور الوســطى‪.‬‬ ‫وأث ّــر انتشــار اإلســام‪ ،‬وتأسيســه دوالً‪ ،‬يف‬ ‫ارتفــاع مكانــة اللغــة العربيــة‪ ،‬وأصبحــت‬ ‫لغــة السياســة والعلــم واألدب لقــرون طويلــة‬ ‫يف األرايض التــي حكمهــا املســلمون‪ ،‬وأثــرت‬ ‫العربيــة‪ ،‬تأثــرا ً مبــارشا ً أو غــر مبــارش عــى‬

‫حرمل الثقافة‬

‫‪15‬‬

‫كثــر مــن اللغــات األخــرى يف العامل اإلســامي‪،‬‬ ‫كالرتكيــة والفارســية والكرديــة واألورديــة‬ ‫واملاليزيــة واإلندونيســية واأللبانيــة وبعــض‬ ‫اللغــات اإلفريقيــة األخــرى مثــل الهاوســا‬ ‫والســواحيلية‪ ،‬وبعــض اللغــات األوروبيــة‬ ‫وخاصــ ًة املتوســطية منهــا كاإلســبانية‬ ‫والربتغاليــة واملالطيــة والصقليــة‪.‬‬ ‫كــا أنهــا تــدرس بشــكل رســمي أو غــر‬ ‫رســمي يف الــدول اإلســامية والــدول اإلفريقية‬ ‫املحاذيــة للوطــن العــريب‪ .‬العربيــة لغــة‬ ‫رســمية يف كل دول الوطــن العــريب إضافــة‬ ‫إىل كونهــا لغــة رســمية يف تشــاد وإريترييــا‬ ‫وإرسائيــل‪ .‬وهــي إحــدى اللغــات الرســمية‬ ‫الســت يف منظمــة األمــم املتحــدة‪.‬‬ ‫األمم املتحدة و»يوم اللغات»‬ ‫يكتــي تعــدد اللغــات‪ ،‬بوصفه عنرصا ً أساســياً‬ ‫يف االتصــال املتناســق بــن الشــعوب أهميــة‬ ‫خاصــة جــدا ً بالنســبة‏ملنظمــة األمــم املتحدة‪.‬‬ ‫وهــو إذ يشــجع عــى التســامح‪ ،‬فإنــه يكفــل‬ ‫أيض ـاً مشــاركة فعالــة ومتزايــدة للجميــع يف‬ ‫‏ســر عمــل املنظمــة‪ ،‬وكذلــك فعاليــة أكــر‬ ‫ونتائــج أفضــل ومشــاركة أكــر‪ .‬وينبغــي‬ ‫الحفــاظ عــى تعــدد اللغــات ‏وتشــجيعه‬ ‫بإجــراءات مختلفــة داخــل منظومــة األمــم‬ ‫املتحــدة‪ ،‬بــروح اإلرشاك واالتصــال‪.‬‏‬ ‫قــد كان التــوازن بني اللغات الرســمية الســت‪،‬‬ ‫أي االنكليزيــة والعربيــة والصينيــة واإلســبانية‬ ‫والفرنســية‏والروســية‪ ،‬شــغالً شــاغالً لــكل‬ ‫األمنــاء العامــن‪.‬‏وات ُّخــذت عــدة إجــراءات‪،‬‬ ‫منــذ عــام ‪ 1946‬إىل يومنــا هــذا‪ ،‬لتعزيــز‬ ‫اســتعامل اللغــات الرســمية حتــى تكــون‬ ‫األمــم‏املتحــدة وأهدافهــا وأعاملهــا مفهومــة‬ ‫لــدى الجمهــور عــى أوســع نطــاق ممكــن‪.‬‏‬ ‫ويف إطــار دعــم وتعزيــز تعــدد اللغــات‬ ‫وتعــدد الثقافــات يف األمــم املتحــدة‪ ،‬اعتمدت‬ ‫إدارة األمــم املتحــدة لشــؤون اإلعــام قــرارا ً‬

‫ مــا هــذه املدينــة الســيئة؟ ومــا هــؤالء‬‫القــوم البلهــاء األغبيــاء؟‬ ‫قالها بغضب وتذمر‪.‬‬ ‫كانــت هيئتــه رثــة‪ ،‬ولحيتــه كثــة‪ ،‬وثيابــه‬ ‫متســخة‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬ما بك أخي «أبو يوسف»؟!‬ ‫ أريد زوجة‪ ،‬أريد امرأة أضاجعها!‬‫قالهــا برصاحــة األمريــي ومبارشتــه‪ ،‬إضافــة‬ ‫إىل قلّــة معرفتــه مبفــردات اللغــة العربيــة‪.‬‬ ‫كانــت طريقــة طرحــه ف ّجــة ووقحــة‪ ،‬ولكنــك‬ ‫مضطــر ألن تبتســم لــه‪ ،‬لتــداري اســتياءك‬ ‫منــه‪ ،‬طاملــا يحمــل بيــده بندقيــة‪ ،‬ويلــف‬ ‫خــره بح ـزام ناســف‪ ،‬ويعلــق عــى صــدره‬ ‫ثــاث قنابــل!‬ ‫ وملاذا ال تتزوج؟!‬‫ ال أحــد يريــد أن يزوجنــي يف هــذا البلــد‬‫امللعــون‪ ،‬كلــا تقدمــت بخطبــة إحداهــن‪،‬‬ ‫تقــول يل أنــت مجاهــد‪ ،‬وفرصــة موتــك أكــر‬ ‫مــن فرصــة حياتــك!!! ومــن منــا ال ميــوت‪..‬‬ ‫يــا ســبحان اللــه‪ ..‬كلنــا ســنموت عاجــاً‬ ‫أم آجــاً‪ ...‬أنتــم أنــاس عندكــم مشــكلة‬ ‫بالعقيــدة واإلميــان بالقضــاء والقــدر‪ ...‬وهــل‬ ‫غــر املجاهــد ال ميــوت؟!!‬

‫النمس األمريكي!‬

‫عشــية االحتفــال باليــوم الــدويل للغــة األم‬ ‫الــذي يُحتفــل بــه يف ‪ 21‬شــباط‪/‬فرباير مــن‬ ‫كل عــام بنــاء عــى مبــادرة مــن اليونســكو‪،‬‬ ‫لالحتفــال بــكل لغــة مــن اللغــات الرســمية‬ ‫الســت لألمــم املتحــدة‪ .‬وتقــرر االحتفــال‬ ‫باللغــة العربيــة يف ‪ 18‬كانــون األول‪/‬ديســمرب‬ ‫كونــه اليــوم الــذي صــدر فيــه قـرار الجمعيــة‬ ‫العامــة ‪(3190‬د‪ )-28‬املــؤرخ ‪ 18‬كانــون‬ ‫األول‪/‬ديســمرب ‪ 1973‬وقــررت الجمعيــة‬ ‫العامــة مبوجبــه إدخــال اللغــة العربيــة ضمــن‬ ‫اللغــات الرســمية ولغــات العمــل يف األمــم‬ ‫املتحــدة‪.‬‬ ‫ويتمثــل الغــرض مــن هــذا اليــوم هــو زيــادة‬ ‫الوعــي بــن موظفــي األمــم املتحــدة بتاريــخ‬ ‫كل مــن اللغــات الرســمية الســت وثقافتهــا‬

‫وتطورهــا‪ .‬ولــكل لغــة مــن اللغــات الحريــة‬ ‫عــى اختيــار األســلوب الــذي تجــده مناســباً‬ ‫يف إعــداد برنامــج أنشــطة لليــوم الخــاص بهــا‪،‬‬ ‫مبــا يف ذلــك دعــوة شــعراء وكتــاب وأدبــاء‬ ‫معروفــن‪ ،‬باإلضافــة إىل تطويــر مــواد إعالميــة‬ ‫متعلقــة بالحــدث‪.‬‬ ‫وتشــمل األنشــطة الثقافيــة‪ :‬فــرق العــزف‬ ‫املوســيقية‪ ،‬والق ـراءات األدبيــة‪ ،‬واملســابقات‬ ‫التنافســية وإقامــة املعــارض واملحــارضات‬ ‫والعــروض الفنيــة واملرسحيــة والشــعبية‪ .‬كــا‬ ‫تشــمل أيض ـاً تجهيــز وجبــات طعــام تعبــرا ً‬ ‫عــن التنــوع الثقــايف للــدول الناطقــة باللغــة‪،‬‬ ‫وإقامــة عــروض ســينامئية وحلقــات دورس‬ ‫موجــزة للراغبــن يف استكشــاف املزيــد عــن‬ ‫اللغــة‪.‬‬

‫بعــد عــدة أيــام‪ ،‬أقبــل ( أبــو يوســف)‪ ..‬عرفته‬ ‫مــن بعيــد مــن مشــيته املرتنحــة‪ ،‬املتاميلــة‪،‬‬ ‫إلصابتــه يف قدمــه اليــرى يف معركــة مــع‬ ‫الجيــش الحــر مبدينــة رساقــب‪ ..‬كانــت لحيته‬ ‫حمـراء وعينــاه شــديديت الزرقــة‪ ،‬كان إىل حــد‬ ‫بعيــد يشــبه (النمــس) بطــل بــاب الحــارة‪،‬‬ ‫لذلــك لقبنــاه بالنمــس فيــا بعــد‪ ،‬ومشــيته‬ ‫كانــت غريبــة بــا صــوت‪ ،‬فــا تشــعر بــه إال‬ ‫وهــو بقربــك‪..‬‬ ‫هذه املرة كان سعيدا ً عىل غري العادة!‬ ‫لقــد اتصــل بــه مكتــب الــزواج ليبلغــه أن‬ ‫إحــدى األخــوات وافقــت عــى الــزواج منــه!!‬ ‫ففــي مكتــب الــزواج توجــد امــرأة مســؤولة‬ ‫عــن النســاء الراغبــات يف الــزواج‪ ،‬ويوجــد‬ ‫رجــل مســؤول عــن تلقــي الطلبــات مــن‬ ‫الرجــال الراغبــن يف الــزواج‪ ،‬إذ يتقــدم‬ ‫راغــب الــزواج بطلبــه متضمنــاً املواصفــات‬ ‫التــي يرغبهــا يف عروســه‪ ،‬مــن ناحيــة لغتهــا‬ ‫وجنســيتها‪ ،‬وشــكلها‪ ،‬وهــل يريدهــا ثيب ـاً أم‬ ‫بكــرا ً‪ ،‬ومــع أو دون أوالد!‬ ‫ت ُعــرض الطلبــات عــى النســاء وكــن بحــدود‬ ‫‪ 300‬بــن بنــت وامــرأة‪ ،‬جميعهــن مهاجـرات‬ ‫وأغلبهــن أرامــل قــى رجالهــن يف املعــارك!‬ ‫ويف حــال تــم قبــول طلــب الخاطــب املتقــدم‬

‫مــن قبــل إحداهــن‪ ،‬ت ُعلــم املســؤولة‪،‬‬ ‫وبدورهــا تتواصــل املســؤولة‪ ،‬مــع أمــر‬ ‫مكتــب الــزواج‪ ،‬ليتــم إبــاغ الخاطــب‬ ‫بالرؤيــة الرشعيــة‪ ،‬وليتقابــل الخاطبــان‬ ‫بحضــور املــرأة املســؤولة‪.‬‬ ‫يف اليــوم التــايل توجــه (أبــو يوســف) يف‬ ‫الصبــاح الباكــر‪ ،‬وحتــى قبــل أن تفتــح أبــواب‬ ‫املــكان‪ ،‬لرؤيــة عروســه!‬ ‫الرؤيــة الرشعيــة اســتمرت ثــاث دقائــق‪،‬‬ ‫ليبلّــغ املســؤولة بإعجابــه بالعــروس‪ ،‬وأنــه‬ ‫موافــق عــى الــزواج‪ ،‬ر ّدت عليــه املســؤولة‬ ‫بــأن يراجــع مكتــب الــزواج‪ ،‬وإبــاغ أمــر‬ ‫املكتــب بذلــك!‬ ‫كاد (أبــو يوســف) أن يطــر مــن الفــرح‪...‬‬ ‫وأخــرا ً ســأتزوج‪ ...‬وأخــرا ً ســتكون هنــاك‬ ‫امــرأة تشــاركني فــرايش!!!‬ ‫العــروس‪ ،‬كــا قــال‪ ،‬بريطانيــة الجنســية‪،‬‬

‫ومــن أصــول أفغانيــة‪ ،‬أمــا ســبب القبــول‬ ‫مــن الطرفــن فكانــت اللغــة هــي الدافــع‬ ‫لكليهــا!‬ ‫العــروس عندهــا ولــد يف الرابعــة مــن عمــره‪،‬‬ ‫حيــث أنهــا تركــت زوجهــا يف بريطانيــا‬ ‫وهربــت إىل ســورية‪ ،‬لتعيــش يف بــاد‬ ‫الجهــاد‪ ،‬بعــد أن رفــض زوجهــا مرافقتهــا‪،‬‬ ‫واعتــر الرشعــي بالتنظيــم‪ ،‬أ ّن ذلــك الســبب‬ ‫ٍ‬ ‫كاف ل ُيعتــر زوجهــا مرتــد‪ ،‬وبالتــايل زواجهــا‬ ‫الســابق باطــل!! ويحــق لهــا الــزواج مــن‬

‫أحــد األخــوة املجاهديــن!!‬ ‫قــام مكتــب الــزواج بتســليمه شــقة الزوجيّة‪،‬‬ ‫وهــي مــن البيــوت التــي صادرهــا التنظيــم‬ ‫األسئلة الفقهية املعلقة‬ ‫مــن أهــايل الرقــة بعــد أن صنــف أهلهــا‬ ‫ككفــار أو مرتديــن‪ ،‬وأعطــوه مبلغــاً مــن بعــد عــدة أيــام تــ ّم زفافــه عــى عروســه‪،‬‬ ‫املــال إلمتــام األثــاث ومراســم الــزواج!‬ ‫واختفــى الرجــل يف عســل الزوجيــة‪ ..‬وبعــد‬ ‫أســبوع مــن االنقطــاع أطـ ّـل الرجــل علينــا‪!!..‬‬ ‫أبو يوسف قبل اهلجرة!‬ ‫كان أبو يوسف عابساً مكفهرا ً!!‬ ‫ ما َبك؟!‬‫(أبــو يوســف) أمريــي مــن لــوس أنجلــوس‪ - ،‬هــذه الزوجــة مجنونــة وفظّــة‪ ،‬وأنــا غــر‬ ‫اعتنــق اإلســام‪ ،‬وعمــل داعيــة يف جوامــع ســعيد!‬ ‫مدينتــه‪ ،‬وهــو ال يتجــاوز الخامســة ‪ -‬ملاذا؟‬ ‫والعرشيــن مــن العمــر‪ ،‬وعندمــا بلغــه أن ‪ -‬إنهــا ال متنحنــي جســدها كــا أرغــب‬ ‫الهجــرة واجبــة رشعــاً عــى كل املســلمني‪ ،‬وأشــتهي‪ ،‬إنهــا متــارس الجنــس معــي بقــرف!!‬ ‫شــ ّد الرحــال عــى عجــل‪ ،‬وكانــت ســورية وهــي تشــيح بوجههــا عنــي إىل جانــب‬ ‫وجهتــه!‬ ‫الرسيــر‪ ..‬إنهــا ال متنحنــي حتــى قبلــة منهــا‪،‬‬ ‫كانــت تربطــه بأمــه عالقــة متينــة‪ ،‬فهــو دائم وكأين أمــارس مــع دميــة!! باإلضافــة إىل ســوء‬ ‫يعمــل مــع عائلتــه مبتجــر للهدايــا والزهــور‪.‬‬

‫الشــوق والحنــن لهــا‪ ،‬وكانــت دامئـاً تتواصــل‬ ‫معــه لتســمع صوتــه‪ ،‬وترســل لــه األمــوال‪،‬‬ ‫واملالبــس‪ ،‬عــر مدينــة عينتــاب الرتكيــة!‬ ‫ويف الحقيقــة كان دائــم التحــدث عنهــا وعــن‬ ‫طيبتهــا‪ ،‬وحنانهــا‪ ،‬ولكنــه‪ ،‬عــى مــا يبــدو كان‬ ‫أس ـرا ً عنــد التنظيــم‪ ،‬وكان يخــاف أن يقــول‬ ‫رأيــه برصاحــة‪ ،‬لكنــه كان دائــم التغنــي‬ ‫بالطبيعــة الجميلــة التــي يف بــاده‪ ،‬وعــن‬ ‫العم ـران والحداثــة‪ ،‬ويتذمــر مــن الصح ـراء‬ ‫القاحلــة‪ ،‬التــي هــو فيهــا‪ ،‬خاصــة وأنــه كان‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫معاملتهــا وغلظــة كالمهــا‪ ..‬ال أعــرف مــاذا‬ ‫أفعــل؟؟‬ ‫ هل أطلقها؟؟‬‫ وإذا طلقتهــا كيــف ســأحصل عــى زوجــة‬‫أخــرى؟؟ فأنــا نلتهــا بعــد جهــد وبحــث‬ ‫وانتظــار طويــل!!‬ ‫غادرنا أبو يوسف وهو يكلم نفسه!!‬ ‫وخــال فــرة قــد تتجــاوز األســبوعني‬ ‫انقطعــت أخبــاره!!‬ ‫ويف صبــاح أحــد األيــام صادفتــه يف أحــد‬

‫التحول إىل املزيد من العنف!‬ ‫فيــا بعــد تحــول أبــو يوســف إىل شــخصية‬ ‫رشســة وعدوانيــة‪ ،‬تــارة يفكّــر بالهــرب‪،‬‬ ‫والعــودة إىل ديــاره‪ ،‬وتــارة أخرى يــزداد حقدا ً‬ ‫وكره ـاً للدنيــا ومــا فيهــا‪ ،‬فبــدأ يبحــث عــن‬ ‫املعــارك والعنــف والقتــال والدمــاء‪ ،‬وأصبــح‬ ‫بقناعــة راســخة مفادهــا‪ ،‬أن الســوريني ال‬ ‫يحبــون املهاجريــن وال يحبــون اإلســام‪،‬‬ ‫ألنهــم مل يزوجــوه مــن بناتهــم‪ ،‬ليســكن‬ ‫إىل واحــدة منهــن‪ ،‬وال تهــرب منــه وترتكــه‬ ‫وحيــدا ً‪ ،‬ويطبــق فيهــا كل رشع اللــه!‬ ‫ولكــن األهــم مــن ذلــك كلــه‪ ،‬فهــو شــخص‬ ‫غــر طبيعــي‪ ،‬إمــا أنــه يعــاين مــن اضط ـراب‬ ‫نفــي‪ ،‬أو مدمــن للحبــوب أو املخــدرات‪،‬‬ ‫حيــث يُلحــظ ذلــك مــن ترصفاتــه‪ ،‬وتقلّــب‬ ‫مزاجــه املفاجــئ والرسيــع‪ ،‬مــن الضحــك‬ ‫إىل البــكاء وبالعكــس‪ ،‬باإلضافــة إىل حركاتــه‬ ‫الالإراديــة بتحريــك أنفــه وفمــه بحــركات‬ ‫غريبــة‪ ،‬وهــرش رأســه واضطــراب حــركات‬ ‫عيونــه‪..‬‬ ‫بعــد عــدة أيــام تــرك (أبــو يوســف) الرقــة‪،‬‬ ‫وغادرنــا إىل املوصــل‪ ،‬بعــد أن كلفــه التنظيــم‬ ‫مبهمــة هنــاك‪ ،‬وانقطعــت أخبــاره ع ّنــا‬ ‫نهائيــاً!!‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ SAYI:30 YIL: 2015 )2) -‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬ ‫‪MOB: 00905316201958‬‬

‫األســواق تعلــوه عالئــم الخيبــة والذهــول!!‬ ‫ألقيــت عليــه التحيــة‪ ،‬وســألته عــن أخبــاره‬ ‫ي بغضــب‪:‬‬ ‫وأخبــار زواجــه امليمــون! فــرد عـ ّ‬ ‫هربت‪!!...‬‬ ‫ لقد‬‫ْ‬ ‫ ماذا؟؟!!‬‫ نعم لقد هربت زوجتي!!‬‫ كيف‪ ..‬معقول!!؟؟‬‫ منــذ ثالثــة أيــام‪ ،‬عــدت إىل املنــزل‪ ،‬ومل‬‫ألــق جوابــاً مــن‬ ‫أجدهــا‪ ،‬ســألت عنهــا ومل َ‬ ‫أحــد‪ ..‬ويف فجــر هــذا اليــوم بلّغتنــي برســالة‬ ‫عــر الواتــس آب أنهــا أصبحــت يف بريطانيــا‬ ‫بصحبــة طفلهــا!!‬ ‫ هــل يجــوز أن ترتكنــي وتهــرب؟ وهــي‬‫عــى ذمتــي؟‬ ‫ هل يجوز‪ ..‬وأنا مل أطلقها؟؟‬‫ هــل يجــوز أن تخــرج دون إذن زوجهــا‬‫ودون محــرم؟؟‬ ‫مل يكــن عنــدي جــواب ألســئلته الصعبــة‬ ‫واملعقــدة معــاً‪ ،‬حســب آليــة تفكــره‪..‬‬ ‫كانــت الحــرة‪ ،‬واالســتنكار باديــة عليــه‬ ‫وهــو يحدثنــي ليعيــد يل قصــة شــوقه‬ ‫ألرستــه وحنينــه ألمــه‪ ،‬لقــد كان مخــذوالً‬ ‫ومصدومــاً‪!!..‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬كانون األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫جملس السفهاء‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬

‫أطفالن��ا يتنفس��ون امل��وت‬ ‫«حرم��ل» الدي��وان الش��عري األول لع � ّراب الف��رات زي��اد البليب��ل‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫صــدر عــن دار الرابطــة للنــر‬ ‫والتوزيــع‪ ،‬الشــارقة ـ اإلمــارات‪ ،‬الديــوان‬ ‫الشــعري األول «حرمــل» للشــاعر‬ ‫الرقــاوي زيــاد حســن مصطفــى البليبــل‪،‬‬ ‫وهــو يجمــع بــن الحنــن للوطــن‪،‬‬ ‫وقصائــد الغــزل‪ ،‬ويحتــوي عــى ‪ 33‬نص ـاً‬ ‫فراتيـاً‪ ،‬يثــر مــن خاللهــا تســاؤالت ملحــة‬ ‫حــول األحــداث املؤملــة التــي تعصــف‬ ‫بوطنــه الجريــح ســوريا‪.‬‬ ‫حمــل الديــوان «حرمــل» االســم مــن‬ ‫النبــات الصحــراوي «الحرمــل الــري»‪،‬‬ ‫وهــو نبــات ينتــر بكــرة يف الباديــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وباديــة الرقــة عــى وجــه‬ ‫الخصــوص‪ ،‬ولــه دالالت يف مقاومــة‬ ‫التصحــر والثبــات يف األرض‪ ،‬إضافــات‬ ‫ملداليــل يف الذاكــرة الشــعبية كتعويــذات‬ ‫ومتائــم‪ ،‬واســتخدامات طبيــة أخــرى‪،‬‬ ‫وأيضـاً يســتمد الشــاعر عنــوان مجموعته‬ ‫يف تقاطــع مبــارش مــع مجلــة «الحرمــل»‬ ‫التــي تصــدر يف الغربــة يف ظــروف‬ ‫التهجــر والنــزوح القــري الــذي يعيشــه‬ ‫الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫وعــن الديــوان يقــول الشــاعر محمــد‬

‫البيــايس‪« :‬أمــا شــاعرنا فقــد اتخــذ لنفســه‬ ‫مذهب ـاً منفــردا ً وأبــدع فيــه‪ ،‬وهــو شــعر‬ ‫اللهجــة املحكيــة الفراتيــة‪ ،‬وهــو يف هــذا‬ ‫املذهــب يخــرج عــن القافيــة األم‪ ،‬ثــم‬ ‫يرجــع إليهــا بحرفيــة عاليــة وسالســة‬ ‫واضحــة دون أن يؤثــر ذلــك عــى الجــرس‬ ‫املوســيقي العــام‪ ،‬فإذا ســمعته أحسســت‬ ‫أنــك يف املــكان الــذي تريــد ويريــد»‪.‬‬ ‫ويضيــف‪« :‬البليبــل شــاعر ف ـرايت ســاحر‪،‬‬ ‫شــعره بنكهــة الفــرات العظيــم‪ ،‬وأكــر‬ ‫مــا يثــر إعجابــك يف شــعره هــو تتابــع‬ ‫الصــور وتناســقها وخصوبتهــا‪ ،‬وأيضــاً‬ ‫املوســيقى العذبــة التــي تصاحــب‬ ‫الرتاكيــب والجمــل‪ ،‬وفــوق ذلــك وحــدة‬ ‫القصيــدة عضويــاً وموضوعيــاً‪ ..‬شــاعر‬ ‫يكتــب عــن الوطــن الجريــح بحــب وأمل‪،‬‬ ‫ويكتــب للمــرأة بعذوبــة نــادرة‪ ..‬هــذا‬ ‫هــو زيــاد البليبــل الــذي هــو بحــق‬ ‫عــ ّراب الفــرات»‪.‬‬ ‫مــن قصيدتــه «حرمــل» اخرتنــا هــذه‬ ‫املقاطــع‪:‬‬ ‫أريد أسأل‬ ‫تعالـوا نبخر هالوطن حرمل‬

‫تعالـوا نرجـع لفعال الجهـل‬ ‫زيت بفنجـان وجبهـة طفـل‬ ‫حروف نرسم ورضب مندل‬ ‫أريد أسأل‬ ‫ميكن صاب الوطـن مـس‬ ‫ميكـن كلنا فقدنـا الحـس‬ ‫ميكن الثنني وراح الدرس‬ ‫شتفيد ميكن من غري حل‬ ‫أريد أسأل‬ ‫ميكن لحريتنا نلقى الجواب‬ ‫وميكن لجرح الوطن عطاب‬ ‫نشفـى ونلقى الوطـن أجمل‬ ‫حيف شقد منــّا هم تحمـل‬ ‫أريد أسأل‬ ‫منهو السبب‪ ..‬منهو الغلب‬ ‫منهو العطا‪ ..‬منهو السلب‬ ‫منهو الهجر‪ ..‬حرگ ودمر‬ ‫خالنا بدروب القهر مانندل‬ ‫أريد أسأل‬ ‫شنو باچر‪ ..‬شنهي النهاية‬ ‫رقـتنـا ترد‪ ..‬لو تبقـى واليـة‬ ‫لو نسكت‪ ..‬نطوي الحچايه‬ ‫لو فرج متطر لو تبقى محل‬

‫اسأل‬ ‫أريد اسأل لـ مظفر النـواب‬ ‫شو ّدى الريل حمد وش جاب‬ ‫وصل ريلهم وبالوطن غياب‬ ‫لو ريلنا بأثرهم تاه وال وصل‬ ‫أريد اسأل‬ ‫الوطـن حصص لو قسمـة عدل‬ ‫نصيب الخاين والرشيف باملثل‬ ‫ال ورب الكون ماله حصة النذل‬ ‫وبالتايل الوطن ناموس لليخجل‬ ‫أريد اسأل‬ ‫تعالـوا نبخر هالوطن حرمل‪..‬‬

‫خطوة ثقافية كويتية تضاف إىل رصيد الثقافة العربية‬

‫الكوي��ت تنق��ذ القص��ة القص�يرة م��ن التهمي��ش وتطل��ق جائ��زة عربي��ة ملبدعيه��ا‬ ‫وكاالت‬ ‫أطلــق يف الكويــت بــوم الخميــس ‪ 2015/12/10‬جائــزة‬ ‫عربيــة تعنــى بالقصــة القصــرة العربيــة‪ ،‬مقدارهــا ‪ 20‬ألــف‬ ‫دوالر أمــريك‪ .‬وتهــدف الجائــزة إىل تســليط الضــوء عربيــاً‬ ‫وعامليــاً عــى املنجــز اإلبداعــي القصــي العــريب‪ ،‬وتكريــم‬ ‫كاتــب القصــة القصــرة العربيــة‪ ،‬واالحتفــاء بــه عربيـاً وعاملياً‪،‬‬ ‫ودعــم اإلبــداع األديب العــريب الحديــث وإيصالــه إىل القــارئ‬ ‫العــريب والعاملــي‪ .‬وإضافــة إىل املبلــغ املــايل ينــال الفائــز‬ ‫درع ـاً وشــهادة تقديريــة‪ .‬كــا ترصــد الجامعــة األمريكيــة يف‬ ‫الكويــت مبلغ ـاً مالي ـاً لرتجمــة املجموعــة القصصيــة الفائــزة‬ ‫إىل اللغــة اإلنكليزيــة‪ ،‬عــى أن يتــوىل الكاتــب الفائــز أو‬ ‫النــارش‪ ،‬مهمــة التواصــل مــع املرتجــم‪ ،‬والرتتيــب لعقــد نــر‬ ‫املجموعــة مــع النــارش األجنبــي‪ .‬والجائــزة لهــا مجلــس‬ ‫أمنــاء‪ ،‬تتمثــل مهمتهــم يف بنــود الالئحــة الخاصــة بالجائــزة‪،‬‬ ‫ومنهــا اق ـراح كل مــا مــن شــأنه تجويــد وتطويــر واالرتقــاء‬ ‫بالجائــزة‪ ،‬وتأكيــد حضورهــا وانتشــارها العــريب والعاملــي‪،‬‬ ‫فض ـاً عــن اختيــار أعضــاء لجنــة التحكيــم‪ ،‬إضافــة ملجلــس‬ ‫استشــاري يضــم عــرة أعضــاء مــن املبدعــن والنقــاد‬

‫والنارشيــن واإلعالميــن والفنانــن العــرب األجانــب‪ ،‬ويجتمــع‬ ‫أعضــاء املجلــس االستشــاري يف الكويــت مــرة واحــدة كل‬ ‫عــام‪ ،‬تزامن ـاً مــع توزيــع الجائــزة‪.‬‬ ‫ويقــوم مجلــس األمنــاء ســنوياً باختيــار أعضــاء لجنــة‬ ‫التحكيــم مــن خمســة محكمــن‪ ،‬عــرب أو أجانــب يُجيــدون‬ ‫اللغــة العربيــة‪ .‬وتختــار لجنــة التحكيــم باعتــاد غالبيــة‬ ‫أعضائهــا القامئــة الطويلــة (عــرة مجاميــع قصصيــة)‪ ،‬وت ُعلــن‬ ‫عــر موقــع الجائــزة يف الجامعــة األمريكيــة يف الكويــت‪ ،‬ويف‬ ‫الصحافــة املحليــة والخليجيــة والعربيــة والعامليــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫بتاريــخ ‪ 15‬ترشيــن األول (أكتوبــر) مــن كل عــام‪ .‬وتختــار‬ ‫لجنــة التحكيــم باعتــاد غالبيــة أعضائهــا القامئــة القصــرة‬ ‫(خمــس مجاميــع قصصيــة)‪ ،‬ويتــم إعالنهــا‪ ،‬عــر موقــع‬ ‫الجائــزة يف الجامعــة األمريكيــة يف الكويــت‪ ،‬وذلــك بتاريــخ‬ ‫‪ 15‬ترشيــن الثــاين (نوفمــر) مــن كل عــام‪ .‬تختــار لجنــة‬ ‫التحكيــم باعتــاد غالبيــة أعضائهــا الفائــز األول بالجائــزة‪،‬‬ ‫ويتــم إعالنــه‪ ،‬عــر موقــع الجائــزة يف الجامعــة األمريكيــة يف‬ ‫الكويــت‪ ،‬بتاريــخ ‪ 1‬كانــون األول (ديســمرب) مــن كل عــام‪.‬‬ ‫يتــم تكريــم الفائــز بحضــور أعضــاء لجنــة التحكيــم يف حفلــة‬ ‫الجائــزة بتاريــخ ‪ 15‬مــن الشــهر نفســه‪ .‬ويُفتــح بــاب الرتشــح‬

‫للجائــزة بتاريــخ األول مــن كانــون الثــاين (ينايــر) مــن عــام‬ ‫‪ ،2016‬ويتــم إعــان أســاء أعضــاء لجنــة التحكيــم لــكل دورة‬ ‫عــى موقــع الجائــزة مبجــرد إغــاق بــاب الرتشــيح للجائــزة‪.‬‬ ‫يحــق ألي كاتــب الرتشــح مبــارشة للجائــزة مبجموعــة قصصيــة‬ ‫واحــدة منشــورة‪ .‬يحــق لــدور النــر الرتشــيح للجائــزة بعــدد‬ ‫ال يزيــد عــى مجموعتــن قصصيتــن‪.‬‬ ‫ت ُقبــل املجاميــع القصصيــة املنشــورة يف ســنة اإلعــان أو‬ ‫الســنة الســابقة عليــه‪.‬‬ ‫وانبثقــت فكــرة «جائــزة امللتقــى الثقــايف للقصــة القصــرة‬ ‫العربيــة (امل ُلتقــى)» مــن إدراك امللتقــى الثقــايف ألهميــة‬ ‫وجــال فــن القصــة القصــرة العــريب‪ ،‬وأنــه يف العقديــن‬ ‫األخرييــن بــات يعــاين مــن ابتعــاد الكاتــب والنــارش والقــارئ‬ ‫العــريب عنــه‪ .‬بســبب تس ـيّد جنــس الروايــة ملشــهد الق ـراءة‬ ‫والجوائــز العربيــة‪ .‬وســعياً مــن امللتقــى الثقــايف لرتجمــة‬ ‫اهتاممــه بفــن القصــة القصــرة بشــكل عمــي ولِــدت فكــرة‬ ‫إنشــاء جائــزة كويتيــة عربيــة عامليــة‪ ،‬تلتفــت إىل النتــاج‬ ‫القصــي العــريب املبــدع‪ ،‬وتك ّرمــه يف شــخص الكاتــب‬ ‫والنــارش‪ ،‬مثلــا تحملــه إىل ضفــة لغــة أخــرى عــر الرتجمــة‬ ‫إىل لغــات عامليــة‪.‬‬

‫طالــب أحــد أعضــاء مجلــس الشــعب لــدى النظــام‬ ‫الجيــش الســوري بحــرق مدينــة الرقــة مبــن فيهــا‪ ،‬وإبــادة‬ ‫أهلهــا بالكامــل‪ ،‬يف أول رد رســمي عــى عمليــة تفجــر‬ ‫انتحاريــة نفذهــا أحــد االنتحاريــن يف أحــد أحيــاء حمــص‬ ‫املواليــة للنظــام‪ ،‬العمليــة التــي تبناهــا تنظيــم داعــش‬ ‫خــال الشــهر الجــاري‪ ،‬ونجــم عنهــا قتــى وجرحــى مــن‬ ‫املدنيــن‪.‬‬ ‫الــرد الجديــد أعــاد إىل األذهــان الطلــب الخيــايل ألحــد‬ ‫أعضــاء مجلــس الشــعب عندمــا قــال مخاطبــاً رئيســه‬ ‫املأفــون‪« :‬قليــل عليــك حكــم ســوريا‪ ،‬بــل يجــب عليــك‬ ‫أن تحكــم العــامل»‪ ،‬والطلــب هــذا يؤكــد مبــا ال يــدع مجــاالً‬ ‫للشــك أن أعضــاء مجلــس هــزازي الــرؤوس يليــق بهــم‬ ‫الحمــق والبلــه‪ ،‬وهــي تلتقــي يف ســياقها العبثــي مــع‬ ‫الطلــب بإبــادة أهــل الرقــة‪ ،‬الذيــن يعانــون األمريــن‪،‬‬ ‫فهــم يتلقــون املــوت مــن الجــو عــر آلــة النظــام القاتلــة‪،‬‬ ‫والطــران الــرويس‪ ،‬وطــران التحالــف‪ ،‬واملــوت البطــيء‬ ‫مــن قــوى داعــش التكفرييــة‪ ،‬إن كان عــر آلتهــا التكفريية‪،‬‬ ‫أو طريقتهــا باتخــاذ املدنيــن دروع ـاً برشيــة‪.‬‬ ‫املؤســف باألمــر‪ ،‬أو الالفــت إن شــئت‪ ،‬أن عضــو مجلــس‬ ‫الشــعب الــذي طالــب بإبــادة أهــل الرقــة‪ ،‬يدعــي بأنــه‬ ‫شــيخ عشــرة يســكن معظــم أفرادهــا يف الرقــة‪ ،‬وأنــه‬ ‫حفيــد ألحــد أركان املقاومــة الوطنيــة‪ ،‬الذيــن قارعــوا‬ ‫الدولــة العثامنيــة‪ ،‬ثــم الفرنســية‪ ،‬وكان حاكــاً يف يــوم‬ ‫مــن األيــام للرقــة‪ ،‬وأقصــد بالتحديــد «رمضــان باشــا‬ ‫شــاش»‪ ،‬الــذي ُعــرف عنــه املواقــف البطوليــة والشــجاعة‬ ‫يف مقارعــة االســتعامر بأشــكاله كافــة‪.‬‬ ‫يتجــى هنــا واضحــاً يف حضــور الشــخصني‪ ،‬األول‬ ‫ّ‬ ‫الفــرق‬ ‫اختــار أن يكــون لــه اســاً عريضــاً يف تاريــخ ســوريا‬ ‫الحديــث‪ ،‬والحفيــد اآلبــق‪ ،‬والســفيه‪ ،‬الــذي ســعى وال‬ ‫زال المتــاك أكــر مــن كباريــه يف لبنــان ودمشــق‪ ،‬واختــار‬ ‫البســطار لــي يكــون تاجـاً عــى رأســه مــرة‪ ،‬ويف فمــه مــرة‬ ‫أخــرى‪ ،‬وإال كيــف تريــد للجيــش الــذي ال يســتطيع أن‬ ‫يحمــي مختــار حــي املهاجريــن أن يدمــر الرقــة؟‬ ‫مــن املؤكــد أن مجلســاً ارتــى عــى نفســه أن يكــون‬ ‫رهينــاً للظلــم واالســتبداد‪ ،‬ال يســتطيع أن يحتــوي بــن‬ ‫ظهرانيــه عــى غــر اإلمعــات‪ ،‬الذيــن ارتضــوا أن يكونــوا‬ ‫مبوقــع هـزازي الــرؤوس عــى الــدوام‪ ،‬غــر املبالــن برغبات‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬الــذي خــرج مطالبـاً بحريتــه وكرامتــه‪،‬‬ ‫ومل يســتطيعوا أن يكونــوا ممثلــن رشعيــن ألدىن رغباتــه‪.‬‬ ‫بالفعــل ال تســتوي األمــور ّإل عــى هــذه الشــاكلة غــر‬ ‫األخالقيــة‪ ،‬فهكــذا مجلــس ال ينتــج ســوى هــؤالء‪ .‬نعــم‪..‬‬ ‫ليــس مــن املســتغرب أن يــرز لــك بــن الفينــة واألخــرى‬ ‫مــن يطالــب بهــذه الطلبــات التــي تدخلهــم يف خانــة‬ ‫القتلــة املأجوريــن‪.‬‬ ‫آخــر التخرصــات مــا خــرج بــه أحــد أعضــاء املجلــس‬ ‫امليمــون بقولــه‪ ،‬كان عــى أهــل الرقــة أن يُخرجــوا داعــش‬ ‫مــن بلدهــم‪ ،‬فهــي مســؤوليتهم األوىل‪ ،‬وبلدهــم أوىل‬ ‫بهــم‪ ،‬أليــس املوقــف يشــر إىل ح ـ ّدة التناقــض‪ ،‬أحدهــم‬ ‫يريــد إبــادة أهــل الرقــة‪ ،‬واآلخــر يطالــب أهلهــا بطــرد‬ ‫داعــش‪ ..‬فع ـاً هزلــت‪ !..‬واللــه يعــن أهــل الرقــة‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد ثالثون ‪ 15 /‬ك األول ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.