Alharmal web (22) 15 08 2015 العدد الثاني والعشرون من مجلة الحرمل

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬ ‫الســنة األولــى ‪ /‬العــدد الثانــي والعشــرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 22‬‬

‫‪#‬بدنا_المعتقلين‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫قص��ف عني��ف بالرباميل املتفجرة احململة مبادة النابامل عل��ى داريا‪ ،‬و هدنة يف الزبداني‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬ ‫املنطقة اآلمنة والسيادة‬ ‫الوطنية‪!..‬‬ ‫ماجد رشيد العويد‬

‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬

‫قصــف طــران النظــام األســدي مدينــة داريــا يف‬ ‫ريــف دمشــق‪ ،‬بالرباميــل املتفجــرة املحملــة مبــادة‬ ‫النابــامل‪ ،‬املحرمــة دوليـاً‪ ،‬مــا أســفر عــن ســقوط عـرات‬ ‫الشــهداء والجرحــى‪.‬‬ ‫وقالــت مصــادر طبيــة أن املدينــة قصفت بشــكل مكثف‬ ‫بالرباميــل املتفجــرة‪ ،‬مــا تســبب مبقتــل عـرات األهــايل‪،‬‬ ‫وأن الط ـران املروحــي مــا زال مســتمرا بإلقــاء الرباميــل‬ ‫عــى املدينــة منــذ منتصــف ليــل األربعــاء ‪.2015/8/12‬‬

‫ويــأيت ذلــك بالتزامــن مــع اســتمرار االشــتباكات العنيفــة‬ ‫بــن قــوات األســد مــن جهــة‪ ،‬وبــن الفصائــل اإلســامية‬ ‫واملقاتلــة مــن جهــة أخــرى يف محيــط املدينــة‪ ،‬وأنبــاء‬ ‫عــن خســائر برشيــة بــن صفــوف الطرفــن‪.‬‬ ‫ويــأيت القصــف يف الوقــت الــذي توصلــت فيــه حركــة‬ ‫أح ـرار الشــام اإلســامية املمثلــة لثــوار الزبــداين وبعــد‬ ‫مفاوضــات شــاقة مــع وفــد إيـراين ميثــل النظــام األســدي‬ ‫يف إبـرام اتفــاق وقــف إطــاق النــار يف الزبــداين وكفريــا‬ ‫والفوعــة ملــدة ‪ 48‬ســاعة‪ ،‬تبــدأ عنــد الســاعة السادســة‬

‫مــن صبــاح يــوم األربعاءوتــم متديدهــا ملــدة يــوم كامل‪.‬‬ ‫وأكــد نشــطاء أن الهدنــة قــد دخلــت حيــز التنفيــذ‪،‬‬ ‫وســبقها بوقــت قصــر هجــوم بالقذائــف الصاروخيــة‬ ‫عــى بلــديت كفريــا والفوعــة يف ريــف ادلــب‪ .‬وأىت‬ ‫االتفــاق نتيجــة التقــدم الواضــح الــذي حققــه جيــش‬ ‫الفتــح يف محيــط البلدتــن الشــيعيتني‪ ،‬وكذلــك عــدم‬ ‫تقــدم قــوات النظــام مبــؤازرة ميليشــيا حــزب اللــه‬ ‫اإلرهــايب وتكبــده خســائر كبــرة يف أرواح عنــارصه يف‬ ‫مواجهــة ثــوار الزبــداين‪.‬‬

‫«جامع العثمانية» ازدهار يف عهد العثمانيني واندثار يف عهد األسد‬

‫حني زرت خميم الزعرتي‪ ..‬حماسن سبع العرب ترصد معاناة الالجئني‬

‫تــكاد تنتهــي الســنة الخامســة مــن عمــر الثورة الســورية‪،‬‬ ‫والحديــث عــن املنطقــة اآلمنــة يــراوح مكانــه مثلــه مثــل‬ ‫الحديــث عــن بقيــة امللفــات الســورية العالقــة كاإلطاحــة‬ ‫ببشــار ومحاربــة اإلرهــاب‪ ،‬ولعــل األمـ ّر عــودة نغمــة ســاعة‬ ‫الصفــر إىل التــداول مــن جديــد‪.‬‬ ‫يتحــدث رأس النظــام الســوري عــن الســيادة الوطنيــة‪ ،‬وهــو‬ ‫الخــارج مــن دبــر رأس النظــام اإليــراين وفقــاً لكاريكاتــر‬ ‫الفنــان الســوري ناظــم الصغــر‪ .‬ومــن يبحــث يف التاريــخ‬ ‫الســوري منــذ فــرة مــا بعــد االســتقالل لــن يجــد رئيســاً‬ ‫لهــذا البلــد بــاع البلــد غــر األســدين‪ .‬فــاألب بــاع الجــوالن‪،‬‬ ‫واالبــن دفــع بالبلــد كلــه إىل حضــن إيــران‪ .‬وبالنظــر إىل‬ ‫ســورية يف ســنواتها املاضيــة يجــد املتابــع أن أول مــن أســاء‬ ‫إىل الســيادة هــو نظــام بشــار بتســهيله دخــول كثــر مــن‬ ‫املقاتلــن األجانــب‪ ،‬وإخراجــه مــن الســجون مئــات املتطرفــن‬ ‫وإطالقهــم يف األرض الســورية‪ ،‬ومســاهامته الجليــة مــع‬ ‫النظــام اإليــراين يف صناعــة داعــش‪ ،‬وليــس أخــرا ً تســليم‬ ‫ســورية إىل إيــران‪.‬‬ ‫وإذا كان األب قــد د ّمــر حــاة فــإن االبــن دمــر ســوريا كلهــا‪،‬‬ ‫وهــذا كلــه امتثــاالً لنزعــة الحكم املافيــوي العائــي‪ .‬وألن دوام‬ ‫الحــال مــن املحــال كانــت الثــورة الســورية التــي أطاحــت‬ ‫باالســتبداد وعناوينــه‪ ،‬وجعلــت قيــم الحريــة قابلــة للتحقــق‬ ‫يف بلــد عــاىن مـرارة القمــع عــى مــدى خمســن ســنة‪ .‬ولكــن‬ ‫أيــن نحــن اآلن مــن املنطقــة اآلمنــة؟‬ ‫تركيّ ـاً‪ ،‬فــإن لهــذا البلــد مصلحــة واضحــة ورغبــة أكيــدة يف‬ ‫منــع قيــام كيــان كــردي عــى األرض الســورية يقابلهــا يف‬ ‫حدودهــا مــن الجهــة الجنوبيــة‪ ،‬وســورياً‪ ،‬مــن الطبيعــي‬ ‫أن تكــون لــدى الســوريني‪ ،‬يف مناطــق نزوحهــم ولجوئهــم‪،‬‬ ‫الرغبــة التامــة بقيامهــا أقلــه تكــون أرضــاً آمنــة لهــم مــن‬ ‫النظــام وداعــش‪ ،‬ويحـ ّد وجو ُدهــا مــن حالــة املــوت والنــزوح‬ ‫واللجــوء إىل دول الجــوار‪ .‬غــر أن هــذا يقابلــه سياســة‬ ‫أمريكيــة تتمتــع بالنفــس الطويــل وبالصــر االســراتيجي‬ ‫بحســب تعبــر املحلــل الســيايس فــواز جرجــس‪ .‬وهــذا‬ ‫التناقــض بــرز واضح ـاً يف الترصيحــات املتناقضــة لــكل مــن‬ ‫الجانبــن الــريك واألمريــي‪.‬‬ ‫ويبــدو جلي ـاً أن أمريــكا غــر مســتعجلة عــى إنهــاء امللــف‬ ‫الســوري‪ ،‬وهــي بعــد مل تقفــل ملفاتهــا العالقــة مــع إي ـران‬ ‫مــن النــووي إىل حقــوق اإلنســان وغريهــا‪ ،‬وإرضــاء لحليفتهــا‬ ‫تركيــا أطلقــت يدهــا يف حربهــا ضــد الجنــاح العســكري‬ ‫لحــزب الـــ يب يك يك مقابــل اســتخدام األرض الرتكيــة وقاعــدة‬ ‫أنجرليــك ملحاربــة داعــش‪.‬‬ ‫وأمــا التحــرك الــرويس الحــايل واللقــاءات مــع الســعودية‬ ‫واملعارضــة الســورية فــا تعنــي أبــدا ً أن األرض اآلن باتــت‬ ‫ممهــدة ال للمنطقــة اآلمنــة وال لإلطاحــة بــرأس النظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬وإمنــا هــي يف أبعــد حدودهــا توســي ُع املمكــن‪،‬‬ ‫يف هــذه اللحظــة‪ ،‬يف إتاحــة خيــار كل مــن املنطقــة اآلمنــة‬ ‫والنيــل مــن رأس النظــام‪.‬‬ ‫يبقــى القــول‪ ،‬وتبقــى الرغبــة والتمنــي‪ ،‬ســاري املفعــول يف أن‬ ‫املعــول عليــه هــو املعارضــة املســلحة يف الداخــل فهــؤالء هــم‬ ‫مــن كــر رأس األســد وأطــاح بإجـرام عائلـ ٍة رمبــا هــي أقــذر‬ ‫عائلــة مـ ّرت يف تاريــخ اإلنســان‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫«جام��ع العثماني��ة» ازده��ار يف عه��د العثماني�ين واندث��ار يف عه��د األس��د‪...‬‬

‫كانــت كل زاويــة فيهــا تحــي قصــة مئــات‬ ‫مــن األعــوام مضــت‪ ،‬وكل زخرفــة تعكــس فــن‬ ‫وعراقــة عصــور وأجيــال قــد تعاقبــت عليهــا‬ ‫وتركــت أثرهــا فيهــا‪ ،‬عندمــا تتجــول يف أرجائهــا‬ ‫وأزقتهــا تشــتم عبــق حضــارة مل يســبق لهــا‬ ‫مثيــل‪ ،‬حضــارة أجــداد وملــوك قــد ذاع صيتهــم‬ ‫وبنــوا فيهــا معــامل ال تــزال إىل اآلن شــاهدة‬ ‫عليهــم وعــى أيــام حروبهــم وازدهارهــم‪.‬‬ ‫حلــب بشــكل عــام وحلــب القدميــة بشــكل‬ ‫خــاص هــي تلــك املدينــة التــي صنفــت يف فــرة‬ ‫مــن الفــرات «عاصمــة الثقافــة اإلســامية»‬ ‫وذلــك ملعــامل وحضــارة ميزتهــا عــن غريهــا‪،‬‬ ‫أمــا اآلن يف ظــل حــرب مل يســتثنى منهــا يشء‬ ‫ومل يحــرم فيهــا أي أمــر أو مــكان‪ ،‬دم الجميــع‬ ‫مســتباح مــن قبــل الجميــع والحجــر بــات ركاماً‬ ‫عــى األرض تصنــف حلــب عــى أنهــا أخطــر‬

‫عروة المهاوش‬ ‫عــى مـ ّر العصــور والتاريــخ مل يكــن الفرات‬ ‫إال رم ـزا ً للحيــاة‪ ،‬فحيثــا م ـ ّر كانــت الزراعــة‬ ‫واملواســم‪ ،‬مل يبخــل يومـاً بــل كان يفيــض كرمـاً‬ ‫ليغمــر األرايض املحيطــة بــه بالطمــي ســادا ً‬ ‫طبيعيـاً ملواســم قادمــة‪.‬‬ ‫أن يعطــش أبنــاؤه فتلــك مصيبــة ثانيــة تضــاف‬ ‫ملصائــب الســوريني أيضـاً‪ ،‬يف مخيــات اللجــوء‬ ‫بالــدول املجــاورة لســوريا يعيــش املواطــن‬ ‫الســوري‪ ،‬مأســاة لتأمــن امليــاه القليلــة النظافة‬ ‫والتعقيــم لتزيــد معاناتــه بؤس ـاً آخــر‪.‬‬ ‫يقــع مخيــم ســليامن شــاه الــريك شــال‬ ‫مدينــة «أقجــه قلعــة» الحدوديــة مبســافة ‪3‬‬ ‫كيلــو م ـرات‪ ،‬يحــوي املخيــم ثالثــة قطاعــات‬ ‫كبــرة مقســمة إىل تســعة أحيــاء‪ ،‬وكل حــي‬ ‫مقســم إىل ثالثــة أقســام‪ ،‬أكــر مــن ‪40‬‬ ‫منهــا ّ‬ ‫ألفــاً مــن املواطنــن الســوريني يعيشــون يف‬ ‫هــذا املخيــم يف ظــل ظــروف صعبــة ال تتوقــف‬ ‫عنــد حــدود قــدرة التحمــل الكبــرة لدرجــات‬ ‫الحـرارة العاليــة والــرودة القاتلــة‪ ،‬بــل يتعــدى‬ ‫األمــر كل أنــواع اإلهانــات اإلنســانية التــي‬ ‫يتلقاهــا اإلنســان مــن بنــي جلدتــه‪.‬‬ ‫يحــوي املخيــم عــى مســتوصف صحــي يقــدم‬ ‫خدماتــه مجانـاً للمقيمــن فيــه‪ ،‬يفتقــر وجــود‬ ‫األطبــاء ذوي االختصــاص مــا يجعــل أغلــب‬ ‫التشــخيصات والعالجــات هــي مجــرد تســكني‬ ‫أمل ال غــر بينــا يتــم ويف حــاالت خاصــة‪،‬‬ ‫تحويــل الحــاالت التــي تســتوجب العــاج إىل‬ ‫مشــايف أقجــه قلعــة أو مدينــة أورفــا القريبــة‪.‬‬ ‫فتحتان يف القلب ورعب األم‬ ‫بعــد أكــر مــن خمســة عــر عامـاً مــن الــزواج‬ ‫رزقهــا اللــه مولــودا ً ذك ـرا ً ليضيــف إىل حياتهــا‬ ‫بعــض الفــرح املفقــود‪ ،‬وليكــون أخ ـاً ألربعــة‬ ‫إنــاث ســبقوه‪ ،‬تقــول الســيدة «م‪.‬د»‪ :‬عــى‬ ‫الرغــم مــا نجــده هنــا مــن االهتــام الصحــي‬ ‫يف إدارة املركــز والعنايــة الصحيــة إال أننــي‬ ‫عانيــت كثـرا ً يف أمــور والديت وعــاج طفيل بعد‬ ‫الــوالدة‪ ،‬أخــاف عــى مولــودي مــن درجــات‬

‫مدينــة يف العــامل متناســن كل الــذي يحصــل‬ ‫فيهــا مــن دمــار وخـراب جـراء القصــف الــذي‬ ‫حــول تلــك الحضــارة إىل رساب ومل يبــق منهــا‬ ‫ســوى بضــع أحجــار التـزال واقفــة علّهــا تكــون‬ ‫شــاهدة عــى الــذي يحصــل فيهــا وبغريهــا‪،‬‬ ‫ودون متييــز بــن بيــت ومدرســة ومســجد فقــد‬ ‫نــال القصــف مــن الجميــع دون مراعــاة حرمــة‬ ‫كل منهــم‪.‬‬ ‫املدرســة الرضائيــة «جامــع العثامنيــة» كان‬ ‫لــه نصيــب وافــر مــن قصــف النظــام حيــث‬ ‫يعــد الجامــع أول أكادمييــة إســامية بحلــب‬ ‫بناهــا عثــان باشــا يكــن‪ ،‬وخصــص لهــا أوقافـاً‬ ‫ضخمــة مــن أمــاك أرسة آل يكــن متتــد مــن‬ ‫بــاب النــر إىل بــاب الفــرج وبســتان كل آب‬ ‫إىل شــارع القوتــي وســاحة ســعد اللــه الجابــري‬ ‫وتتضمــن الحديقــة العامــة ومحطتــي الشــام‬ ‫وبغــداد‪ ،‬وغريهــا‪ ،‬وقــدرت تكلفتــه حينئــذ‬ ‫بنحــو مليــون لــرة عثامنيــة ذهب ـاً‪.‬‬ ‫املدرســة الرضائيــة العثامنيــة مــن أكــر‬ ‫مــدارس حلــب جــاالً وإتقان ـاً‪ ،‬ومكتبتهــا مــن‬ ‫أوســع وأضخــم مكتبــات الــرق وشــهد أهــل‬ ‫العلــم واملعرفــة أن هــذه املدرســة ال نظــر لهــا‬ ‫يف البــاد الســورية والعربيــة واإلســامية‪.‬‬ ‫إن عائلــة «يكــن» مــن أقــدم العائــات يف‬ ‫حلــب‪ ،‬ومــكان إقامتهــا تاريخيــاً «كان يف‬ ‫محلــة‪ ،‬داخــل بــاب النــر» وذلــك منــذ أكــر‬ ‫مــن أربعمئــة عــام‪ ،‬ويف عام‪1142‬هـــ‪1729/‬م‪،‬‬ ‫قــام أحــد أفـراد األرسة‪ :‬عثــان باشــا بــن عبــد‬ ‫الرحمــن باشــا بــن عثــان آغــا يكــن الــدوريك‪،‬‬

‫ببنــاء مدرســة وجامــع العثامنيــة‪ ،‬وأســاها‬ ‫املدرســة الرضائيــة نســبة إىل أختــه املتوفــاة‬ ‫«راضيــة خانــم يكــن»‪ ،‬يف محلــة داخــل بــاب‬ ‫النــر‪ ،‬مالصقــة ملســاكن العائلــة اليكنيــة‪.‬‬ ‫تعــ ُّد هــذه املدرســة رصحــاً حضاريــاً‪ ،‬مــن‬ ‫حيــث البنــاء القــوي الواســع الجميل املتناســق‪،‬‬ ‫إذ هــي مــن أكــر مــدارس حلــب إتقانــاً‬ ‫وأجملهــا روا ًء‪ ،‬وتحتــوي املدرســة عــى أربعــن‬ ‫غرفــة‪ ،‬يســكنها طــاب العلــم‪ ،‬الذيــن يدرســون‬ ‫يف هــذه املدرســة‪ ،‬ويفــدون إىل مكتبتهــا التــي‬ ‫تعــ َّد مــن أوســع وأضخــم مكتبــات الــرق‪،‬‬ ‫وكان يقصدهــا أهــل العلــم مــن جميــع أنحــاء‬ ‫العــامل‪ ،‬ملــا تحتويــه مــن مخطوطــات نــادرة‬ ‫وكتــب قيمــة‪ ،‬وفيهــا مدرســة لتحفيــظ القــرآن‬ ‫الكريــم «مدرســة الحفــاظ» ويجــاور املدرســة‬ ‫مطبــخ واســع‪ ،‬يقــدم الطعــام والـراب لطــاب‬ ‫العلــم وللمجاوريــن ولفقــراء املدينــة يســمى‬ ‫«العــارة»‪ ،‬هــذا وقــد أوقــف الواقــف عثــان‬ ‫باشــا لهــذه املدرســة عــدة وقفيــات مــن‬ ‫أمالكــه‪.‬‬ ‫كــا تعــد املدرســة مــن أعظــم مــدارس‬ ‫الشــهباء شــأناً وأوســعها بنــاء‪ ،‬وقبليتهــا قبــة‬ ‫واحــدة شــاهقة مبنيــة عــى جــدران عريضــة‬ ‫جــدا ً أمامهــا صفتــان كبريتــان عليهــا أربعــة‬ ‫عواميــد ضخمــة وعــى طرفيهــا إيوانــان كبـران‬ ‫بجانــب األميــن منهــا منــارة مــدورة الشــكل‬ ‫عظيمــة االرتفــاع عــى نســق‪ ،‬وســطه حــوض‬ ‫كبــر يجــري املــاء فيــه يف غالــب األوقــات‪،‬‬ ‫ووراء الحــوض مصطبــة عــى طــول الحــوض‪،‬‬

‫يحيــط بهــذا الصحــن الواســع ثالثــة أروقــة‬ ‫فيهــا ‪ 24‬عمــودا ً مــن الحجــر األصفــر»‪.‬‬ ‫كل ذلــك مل مينــع النظــام ومل تشــفع لــه حرمتــه‬ ‫وعمــره التاريخــي الطويــل مــن قصفــه وتدمــر‬ ‫معاملــه األثريــة ليتــم اســتهداف الجامــع‬ ‫ومدرســته منــذ بدايــة أحــداث الثــورة بـــ ‪12‬‬ ‫قذيفــة هــاون وثالثــة صواريــخ مــن الطــران‬ ‫الحــريب وبرميلــن متفجريــن أدت لتخريــب كل‬ ‫معاملــه العمرانيــة‪ ،‬ويف تاريــخ ‪2013/10/20‬‬ ‫قامــت دبابــة تابعــة للنظــام باســتهداف مئذنــة‬ ‫(جامــع العثامنيــة) التــي تدمــر قســم منهــا‬ ‫بفعــل القصــف‪.‬‬ ‫النظــام إىل اآلن مل يــرك لــإرث الحضــاري‬ ‫العريــق يف حلــب القدميــة مــن جوامع وأســواق‬ ‫ومــدارس وغريهــا مــن املعــامل أي نبــض من روح‬

‫الحيــاة وال ـراث‪ ،‬بــل قــام باســتخدام مختلــف‬ ‫أنــواع األســلحة يف اســتهدافها ومحــو كل تلــك‬ ‫الحضــارة‪ ،‬وطبعــاً إىل الوقــت الحــايل ال تــزال‬ ‫معظــم مناطــق حلــب وخاصــة حلــب القدميــة‬ ‫تشــهد اشــتباكات عنيفــة وقصــف عشــوايئ‬ ‫بغــض النظــر عــن مراعــاة حرمــة مســجد لــه‬ ‫عمــره التاريخــي وهــو بيــت مــن بيــوت اللــه‬ ‫التــي يرفــع فيهــا اســمه‪ ،‬لكــن الجميــع يوقــن‬ ‫بأنــه ســيأيت يــوم وترفــع فيــه ومبــآذن الجوامــع‬ ‫األخــرى التــي قصفــت أصــوات التكبــر فرح ـاً‬ ‫بالنــر ولــو أن للحجــارة القــدرة أن تنطــق‬ ‫لنطقــت‪...‬‬

‫تقرير وتصوير ‪ -‬عمر عرب‬

‫عندم��ا يعط��ش الفراتي��ون يف منبع��ه‪!..‬‬ ‫الحــرارة العاليــة يف الخيمــة‪ ،‬مضيفــة أنهــا‬ ‫تعــاين كث ـرا ً وزوجهــا يك تحصــل عــى موافقــة‬ ‫مــن املركــز الصحــي لعــاج طفلهــا يف املشــايف‬ ‫خــارج حــدود املخيــم‪ .‬تــذرف بعــض الدمــوع‬ ‫وهــي تحتضــن وليدهــا‪ ،‬الــذي يحتــاج الهتــام‬ ‫كبــر‪ ،‬ورعايــة ال تجدهــا ضمــن حــدود املخيــم‪.‬‬ ‫وجــوه طفوليــة بريئــة تحــت ظــل الخيمــة‬ ‫غـ ّـرت الشــمس الحارقــة لــون برشتهــم نحــو‬ ‫اللــون األســمر‪ ،‬تشــي الطفلــة «ب‪.‬ج» مــن‬ ‫املجهــود الكبــر الــذي تبذلــه يومي ـاً للحصــول‬ ‫عــى بعــض امليــاه مــن املنهــل الــذي يبعــد‬ ‫مســافة ‪ 150‬مــرا ً عــن الخيمــة‪ ،‬وجســمها‬ ‫الغــض الغريــر ال يحتمــل كل تلــك األوزان‬ ‫واملعانــاة فقــد أوكلــت تلــك املهمــة إليهــا بعــد‬ ‫والدة أمهــا‪ ،‬بينــا الفتيــات األكــر ســناً‪ ،‬يبقــن‬ ‫يف الخيمــة خوف ـاً مــن بعــض التحرشــات عــى‬ ‫الطريــق مــن قبــل الســوريني أنفســهم كــا‬ ‫ذكــرت الســيدة الوالــدة‪.‬‬ ‫معاناة من نوع آخر‬ ‫يخــى الســوري هنــاك مــن التوجــه نحــو‬ ‫الحاممــات املشــركة والبعيــدة أصــاً عــن‬ ‫الخيــام‪ ،‬حيــث أفادنــا «م ‪.‬ع» أحــد املقيمــن‬ ‫يف املخيــم منــذ أكــر مــن ســنة ونصــف‬ ‫الســنة‪ :‬أنهــا بالــكاد تكفــي لــكل قطــاع حيــث‬ ‫خصــص عــرة حاممــات مشــركة لــكل قطــاع‬ ‫مــن القطاعــات الثالثــة تفتقــر ألدىن مقومــات‬ ‫النظافــة «ويعــود هــذا األمــر اىل الســوريني‬ ‫أنفســهم» ممــن يســتخدمون هــذه الحاممــات‬ ‫بالرغــم مــن املتابعــة مــن إدارة املخيــم إال أن‬ ‫وضعهــا بحالــة مزريــة‪ ،‬أعطــال كثــرة يف صنابري‬ ‫امليــاه بشــكل يومــي نتيجــة االزدحــام‪ ،‬والعــدد‬ ‫الكبــر مــن العائــات التــي تحتــاج للنظافــة‪،‬‬ ‫بالتــوازي مــع اســتمرار انقطــاع الكهربــاء‬ ‫بشــكل كبــر ومســتمر يف تلــك الحاممــات مــع‬ ‫توفــر امليــاه الســاخنة املنتجــة مــن الطاقــة‬ ‫الشمســية‪ ،‬إال أنهــا تشــكل هاجس ـاً يومي ـاً لنــا‬ ‫نتيجــة االزدحــام الشــديد وانعــدام النظافــة‬ ‫فيهــا‪ ،‬الــذي أدى إىل ظهــور حــاالت كثــرة‬

‫مــن اإلصابــات بأمـراض الرمــل والحــى‪ ،‬كــون‬ ‫امليــاه كلســية وال تخضــع للعــاج بوســائل‬ ‫التنقيــة الحديثــة‪.‬‬ ‫خدم��ات تعلي��م ومراك��ز لتحفي��ظ‬ ‫الق��رآن‬ ‫يحتــوي املخيــم عــى مدرســة تتســع لـــ‪850‬‬ ‫طالب ـاً وبــكادر تعليمــي يصــل إىل ‪ 270‬معل ـاً‬ ‫وإداري ـاً كــا رصح لنــا الســيد «ج‪.‬م»‪ :‬توجــد‬ ‫نســبة كبــرة مــن املعلمــن داخــل املخيــم‬ ‫عــدا عــن حملــة الشــهادات يف االختصاصــات‬ ‫األخــرى وهنــاك أكــر مــن ‪ 150‬معلــاً يف‬ ‫صفــوف االحتيــاط‪ ،‬وقــد أشــاد باملســتوى‬ ‫التعليمــي‪ ،‬ومســتوى التفــوق لــدى الطــاب‬ ‫الســوريني داخــل املخيــم بالرغــم مــن كل‬ ‫املعانــاة التــي يعيشــونها إال أنهــم مصممــون‬ ‫عــى التعلــم ونيــل الشــهادات‪.‬‬

‫وأضــاف‪ :‬يوجــد يف كل حــي مركــز لتحفيــظ‬ ‫القــرآن الكريــم يف املســجد الواقــع ضمــن‬ ‫األحيــاء الكثــرة‪ ،‬معتمــدا ً عــى بعــض‬ ‫املتطوعــن الســوريني لتحفيــظ القــرآن‪ ،‬وتعليم‬ ‫أصــول الديــن اإلســامي ألطفالنــا‪.‬‬ ‫ال يقتــر األمــر عــى املســاجد ومراكــز تحفيظ‬ ‫القــرآن الكريــم فهنــاك مركــز آخــر لتســجيل‬ ‫واقعــات الــزواج والطــاق‪ ،‬والــوالدات بالتعاون‬ ‫مــع الحكومــة الرتكيــة التــي تبــدي اهتاممــاً‬ ‫خاصــاً بــكل مــا يخــص «املهاجريــن» كــا‬ ‫يصفهــم املســؤولون األتــراك‪.‬‬ ‫ابتسامة أمل‬ ‫يتامــى وأبنــاء وبنــات شــهداء‪ ،‬ومعاقــون‬ ‫يجــدون املزيــد مــن االهتــام وتلبيــة‬ ‫حاجياتهــم الحياتيــة‪ ،‬مل أجــد أجمــل مــن‬ ‫ابتســامة الطفــل «خ‪.‬س» وهــو فــرح بكــريس‬

‫اإلعاقــة الــذي حصــل عليــه مؤخ ـرا ً مــن إدارة‬ ‫املخيــم‪ ،‬حيــث أصبحــت املســافات الضيقــة‬ ‫بــن الخيــم‪ ،‬ملعبــاً فســيحاً لــه رغــم الحــر‬ ‫الشــديد‪.‬‬ ‫ليسوا أنبياء ولسنا مالئكة‬ ‫يشــتيك الكثــر مــن الســوريني مــن املعاملــة‬ ‫غــر اللبقــة مــن بعــض املوظفــن يف إدارة‬ ‫املخيــم‪ ،‬يتعرضــون للكثــر مــن اإلهانــات‬ ‫الشــفهية‪ ،‬وعــى الرغــم مــن تجــاوب إدارة‬ ‫املخيــم للشــكاوى املقدمــة ممــن يتعرضــون‬ ‫لتلــك اإلهانــات إال أن األمــر مــا يـزال مســتمرا ً‪،‬‬ ‫فالســوريون أيضــاً يخالفــون الكثــر مــن‬ ‫التعليــات الصــادرة عــن إدارة املخيــم‪ ،‬والتــي‬ ‫وضعــت أساس ـاً كعامــل منظــم لســر الحيــاة‬ ‫عــى طبيعتهــا ضمــن حــدود املخيــم‪.‬‬ ‫مخالفــات الســوريني وصلــت حــد االتجــار‬ ‫باملخــدرات واملســكرات وتســهيل مــا ميكــن‬ ‫وصفــه بالدعــارة الرسيــة‪ ،‬لكــن إدارة املخيــم‬ ‫صارمــة جــدا ً‪ ،‬وقــد تــم طــرد كل مــن كان لــه‬ ‫ضلــوع بهــذا املوضــوع‪.‬‬ ‫مخــاوف وهواجــس كثــرة يعيشــها الســوريون‬ ‫يف كل مخيــات اللجــوء املنتــرة يف دول‬ ‫الجــوار الحدوديــة‪ ،‬ال يختلــف األمــر بــن‬ ‫هــذا وذاك فــكل املخيــات ذل‪ ،‬وإن كانــت‬ ‫املخيــات الرتكيــة تقــدم الكثــر والكثــر جــدا ً‪،‬‬ ‫إال أنهــا تبقــى خي ـاً للــذل اإلنســاين عــى م ـ ّر‬ ‫العصــور‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪ 249‬ش��هيداً يف ش��هر حزي��ران و‪ 717‬برمي� ً‬ ‫لا‬ ‫متفجراً ألقتها طائرات األسد على درعا وريفها‬

‫‪3‬‬

‫داعش تس��عى ألن تكون الرقة ثقبًا أس��ود‬ ‫الرقة تذبح بصمت‬

‫سارة احلوراني ‪ -‬درعا‬ ‫تواصــل قــوات األســد صــب جــام حقدهــا‬ ‫عــى مدينــة درعــا وريفهــا‪ ،‬حيــث اســتهدفتها‬ ‫بـــ‪ 717‬برميـاً متفجـرا ً و ‪ 99‬غــارة جويــة خــال‬ ‫شــهر متــوز املنــرم مــن العــام الجــاري‪.‬‬ ‫واحتلــت األحيــاء املحــررة يف مدينــة درعــا‬ ‫«درعــا البلــد‪ ،‬وطريــق الســد‪ ،‬ومخيــم درعــا»‬ ‫املركــز األول حيــث اســتهدفت بـــ ‪ 192‬برمي ـاً‬ ‫متفج ـرا ً و‪ 29‬غــارة جويــة‪ ،‬فيــا جــاءت بلــدة‬ ‫نعيمــة املتاخمــة ملدينــة درعــا رشقــاً بـــ ‪99‬‬ ‫برمي ـاً متفج ـرا ً و‪ 20‬غــارة جويــة تلتهــا بلــدة‬ ‫اليــادودة غــرب مدينــة درعــا بـــ ‪ 59‬برميــاً‬ ‫متفج ـرا ً و‪ 22‬غــارة جويــة وفق ـاً ملؤسســة نبــأ‬ ‫اإلعالميــة العاملــة يف مدينــة درعــا‪.‬‬ ‫فيــا اســتهدفت أيضــاً كل مــن بلــدة صيــدا‬ ‫بـــ‪ 54‬برمي ـاً متفج ـرا ً وجارتهــا املســيفرة بـــ‪36‬‬ ‫برمي ـاً متفج ـرا ً وأم ولــد بـــ‪ 32‬برمي ـاً متفج ـرا ً‬ ‫والكــرك الرشقــي بـــ ‪ 25‬برميـاً متفجـرا ً يف ريف‬ ‫درعــا الرشقــي ليصــل عــدد املــدن والبلــدات‬ ‫التــي تــم اســتهدافها إىل مــا يقــارب ‪ 30‬مدينــة‬ ‫وبلــدة موزعــة عــى امتــداد محافظــة درعــا‬ ‫مــن أقصاهــا إىل أقصاهــا‪.‬‬ ‫وتعــد الرباميــل املتفجــرة مــن األســلحة التــي‬ ‫يعتمــد عليهــا النظــام الســوري بشــكل كبــر‬ ‫ضــد معارضيــه بحســب جهــاد املحاميــد ممثل‬ ‫الدفــاع املــدين الســوري يف محافظــة درعــا‬ ‫الــذي قــال‪« :‬إن الهــدف الرئيــس الســتخدام‬ ‫الرباميــل املتفجــرة مــن قبــل قــوات األســد‪ ،‬هــو‬ ‫تدمــر مســاحات واســعة مــن األبنيــة وتحويلهــا‬ ‫إىل أكــوام مــن الــركام فــوق رؤوس قاطنيهــا‪،‬‬ ‫وقتــل عــدد كبــر مــن املدنيــن ملجــرد وجودهم‬ ‫يف مناطــق خارجــة عــن ســيطرة قواتــه»‪ ،‬مبينـاً‬ ‫«بأنــه خــال عملنــا يف الدفــاع املــدين الســوري‬ ‫فــإن النســبة األكــر مــن القتــى والجرحــى‬ ‫التــي تــم اســتهدفها بالرباميــل املتفجــرة هــم‬ ‫مــن املدنيــن العــزل ونــادرا ً مــا يتــم اســتهداف‬ ‫املقاتلــن بشــكل مبــارش»‪.‬‬ ‫مــن جانبــه وثــق مكتــب توثيــق الشــهداء يف‬ ‫محافظــة درعــا ســقوط ‪ 249‬شــهيدا ً يف مــدن‬ ‫وقــرى وبلــدات درعــا خــال شــهر متــوز املنرصم‬ ‫حيــث شــهد هــذا الشــهر ارتفاعـاً حــادا ً يف عــدد‬

‫الشــهداء املدنيــن مقارنــة باألشــهر املاضيــة‬ ‫نظــرا ً لشــن قــوات النظــام حمــات مكثفــة‬ ‫مــن القصــف بالصواريــخ الفراغيــة والرباميــل‬ ‫املتفجــرة عــى مــدن وبلــدات درعــا وفقــاً‬ ‫لـــ «عمــر الحريــري» مديــر مكتــب توثيــق‬ ‫الشــهداء يف درعــا‪.‬‬ ‫وبـ ّـن الحريــري بــأن «عــدد الشــهداء املدنيــن‬ ‫بلــغ ‪ 200‬شــهيد‪ ،‬ﺑﻴﻨﻬﻢ ‪ 38‬شــهيدة امــرأة ﻭ‪64‬‬ ‫طفــاً ﻭ‪ 2‬ﺃﺟﻨﺔ ﻭ‪ 80‬رجــاً ﻭ‪ 18‬شــهيدا ً ﺗﺤﺖ‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ يف ســجون قــوات النظــام الســوري‪،‬‬ ‫الفتـاً إىل أن الشــهداء املدنيــن قضــوا يف مجــازر‬ ‫جامعيــة ج ـراء اســتهداف منازلهــم بالصواريــخ‬ ‫الفراغيــة مــن املقاتــات الحربيــة أو بالرباميــل‬ ‫والحاويــات املتفجــرة‪ ،‬حيــث تــم توثيــق‬ ‫خمــس مجــازر ارتكبتهــا قــوات األســد يف مــدن‬ ‫وبلــدات صيــدا ونصيــب والحــارة والغاريــة‬ ‫الغربيــة واليــادودة»‪.‬‬ ‫وأضــاف الحريــري بــأن «ســاح الجــو الســوري‬ ‫كان األكــر قتــاً بحــق األهــايل حيــث ســقط‬ ‫جــراء اســتهدافه للمناطــق الخارجــة عــن‬ ‫ســيطرة قــوات األســد ‪ 133‬شــهيدا ً فيــا‬ ‫ارتقــى ‪ 49‬شــهيدا ً جــراء القصــف املدفعــي‬ ‫والصاروخــي عــى مــدن وبلــدان درعــا وريفهــا‪،‬‬ ‫الفت ـاً إىل أنــه تــم توثيــق استشــهاد ‪ 24‬شــخصاً‬ ‫يف مشــايف دول الجــوار خــال تلقيهــم العــاج‬ ‫يف األردن مــن بينهــم ســيدة وســبعة أطفــال‬ ‫بعــد إصابتهــم يف قراهــم عــى أيــدي قــوات‬ ‫األســد‪ ،‬يف حــن ﺗﻢ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﺍرتقــاء ‪ 5‬شــهدا ﺀ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻤﻟﻨﺸﻘﻦﻴ ﻋﻦ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺃﺭﺑﻌﺔ شــهداءﺀ‬ ‫ﺑﺮﺗﺒﺔ ﻣﺠﻨﺪ ﻣﻨﺸﻖ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﺮﺗﺒﺔ ﻋﻘﻴﺪ ﻣﻨﺸﻖ»‪.‬‬ ‫وتواصــل مدينــة درعــا تصدرهــا بارتقــاء ســتني‬ ‫شــهيدا ً مــن أبنائهــا مــن بينهــم ‪ 12‬ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎ‬ ‫ﺀ ﻭ‪ 20‬ﻃﻔﻞ ﻭ‪ 9‬شــهداء ﻣﻦ ﺍﻤﻟﻘﺎﺗﻠﻦﻴ‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﻠﺪﺓ‬ ‫ﺻﻴﺪﺍ يف ريــف درعــا الرشقــي ﺑﺎﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ‪13‬‬ ‫ﺷﻬﻴﺪا ً‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﻠﺪﺍﺕ ﺍﻟﻐﺮﺍﻳﺎ ﺑﺎﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ‪ 12‬ﺷﻬﻴﺪ‬ ‫ﺑﻴﻨﻬﻢ ‪ 4‬ﻧﺴﺎ ﺀ ﻭ‪ 5‬ﺃﻃﻔﺎﻝ‪.‬‬ ‫يشــار إىل أن شــهر حزيـران املــايض ســجل رقـاً‬ ‫قياســياً بأعــداد الرباميــل املتفجــرة التــي تلقيهــا‬ ‫مقاتــات النظــام الســوري منــذ انطــاق الثــورة‬ ‫الســورية عــام ‪ 2011‬حيــث بلــغ عــدد الرباميــل‬ ‫التــي اســتهدفت بهــا محافظــة درعــا (‪) 729‬‬ ‫برميـاً متفجـرا ً‪.‬‬

‫أصــدر تنظيــم داعــش بالرقــة قـرارا ً يقــي‬ ‫مبنــع نــوارش النــت بشــكل تــام بالرقــة‪ ،‬وامتــد‬ ‫القــرار إىل الريــف لتصبــح كامــل املحافظــة‬ ‫معزولــة عــن العــامل الخارجــي مــن بعــد غيــاب‬ ‫االتصــال الخليــوي والقطــري والــدويل فيهــا‪.‬‬ ‫وقــد منــع التنظيــم مبوجــب هــذا القــرار‬ ‫أصحــاب مقاهــي النــت بالرقــة مــن توزيــع‬ ‫نــوارش للنــت خــارج املحــل بحيــث باتــت‬ ‫الطريقــة الوحيــدة للدخــول إىل الشــبكة هــي‬ ‫مــن داخــل املحــل حــرا ً‪ ،‬حيــث يتوجــب‬ ‫عــى الشــخص الراغــب يف الدخــول إىل الشــبكة‬ ‫الذهــاب للمحــل وتســجيل االســم والهويــة‬ ‫الشــخصية والعنــوان وســاعة دخولــه إىل‬ ‫الشــبكة والخــروج‪ ،‬وكذلــك إضافــة التنظيــم‬ ‫موضــوع خانــة أخــرى وهــي ســبب الدخــول‬ ‫للشــبكة‪ ،‬وإذا كان يرغــب يف االتصــال بشــخص‬ ‫عليــه تســجيل رقمــه واســمه وســبب االتصــال‬ ‫بــه‪.‬‬ ‫يف البدايــة كان األمــر معمــاً عــى كل مــن‬ ‫املدنيــن والعنــارص لكــن قــام التنظيــم‬ ‫باســتثناء كل مــن عنــارصه وعائالتهــم مــن هــذا‬ ‫املوضــوع‪.‬‬ ‫هــذا املوضــوع أدى إىل عــزوف غالبيــة أهــايل‬ ‫املدينــة مــن الذهــاب إىل مقهــى النــت ألن‬ ‫املعلومــات التــي يتــم تســجيلها تذهــب‬ ‫للمكتــب األمنــي للتنظيــم‪ ،‬األمــر الــذي أدى‬ ‫إىل حالــة مــن الرعــب أصابــت املدنيــن‪،‬‬ ‫والقــرار أيضــاً شــمل مــن ميتلكــون أجهــزة‬ ‫نــت خاصــة باملنــازل‪ ،‬حيــث يتوجــب عليهــم‬ ‫الذهــاب واإلبــاغ بامتــاك جهــاز نــت‪ ،‬وعــدم‬ ‫تشــغيله إال بعــد إبــاغ التنظيــم‪ ،‬والتأكــد مــن‬ ‫حالــة والئــه‪ ،‬ومصــادرة الجهــاز ممــن يشــكون‬ ‫بوالئهــم للتنظيــم‪.‬‬ ‫ويقــول لنــا أحــد أصحــاب محــال النــت بالرقــة‪،‬‬ ‫فضــل عــدم الكشــف عــن اســمه‪« :‬املحــل‬ ‫الــذي أملكــه ليــس مبقهــى نظامــي وإمنــا أملــك‬ ‫ثالثــة أجهــزة نــت‪ ،‬وأقــوم ببيــع االشــراكات‬ ‫للنــاس الذيــن يدخلــون للشــبكة مــن منازلهــم‪،‬‬ ‫فاملحــل الــذي أملكــه غــر مجهــز‪ ،‬وليــس‬ ‫عنــدي أجهــزة كمبيوتــر‪ ،‬ألن املدنيــن باألصــل‬ ‫ال يرغبــون يف الدخــول مــن أجهــزة كمبيوتــر‬ ‫عامــة‪ ،‬وإمنــا عــر هواتفهــم الخاصــة‪ ،‬أمــا‬ ‫بالنســبة ألجهــزة الالبتــوب‪ ،‬فــإن األهــايل‪ ،‬ومنــذ‬ ‫وقــت طويــل ال يحملونهــا أو يأخذونهــا معهــم‬ ‫إىل مقاهــي النــت ألنهــا تهمــة لوحدهــا‪.‬‬ ‫كان االشــراك ســابقاً هــو عــن طريــق بيــع‬ ‫اســم مســتخدم وكلمــة مــرور‪ ،‬وحجــم باقــة‬ ‫معــن يشــريها الزبــون‪ ،‬ويقــوم هــو أو مــن‬ ‫يرغــب بالدخــول اىل النــت عــر تلــك الكلمــة‬ ‫عــن طريــق الشــبكة التــي أقــوم بنرشهــا يف‬ ‫الحــي‪ ،‬وكان الســعر متفــاوت بــن محــل وآخــر‬

‫مــا بــن ‪ 3-2‬لــرة ســورية للميغــا الواحــدة‪،‬‬ ‫وكان هنالــك حالــة مــن التنافــس بــن أصحــاب‬ ‫املقاهــي بالســعر وجــودة وقــوة الشــبكة‬ ‫ورسعــة النــت التــي نقدمهــا للزبــون‪.‬‬ ‫األوراق التــي طلــب م ّنــا التنظيــم تعبئتهــا‪،‬‬ ‫تفاصيلهــا كثــرة‪ ،‬وتثــر الشــك والخــوف لــدى‬ ‫املدنيــن والنــاس البســطاء‪ ،‬فمجــرد طلــب‬ ‫الهويــة واالســم والعنــوان وملــاذا ومــن والرقــم‬ ‫وتفاصيــل أخــرى تشــعر املــدين أنــه بتحقيــق‬ ‫فيــرك املحــال ويخــرج ‪ ،‬انخفــض حجــم العمــل‬ ‫لدينــا إىل اكــر مــن ‪.80%‬‬ ‫بتــول موظفــة ســابقة وربــة منــزل تقــول‪:‬‬ ‫أســتخدم الشــبكة للتواصــل مــع عائلتــي التــي‬ ‫رمــت بهــا ظــروف البلــد يف أصقــاع األرض‪،‬‬ ‫حتــى املوجوديــن بالرقــة وبســبب األعطــال‬ ‫التــي تصيــب الهواتــف األرضيــة‪ ،‬وعــدم متكــن‬ ‫الكثرييــن مــن امتــاك هاتــف فــإن شــبكة‬ ‫النــت هــي الوســيلة الوحيــدة لالتصــال‪،‬‬ ‫ناهيــك عــن تواصلنــا مــع محاســب الدائــرة‬ ‫التــي أعمــل فيهــا‪ ،‬وبقيــة زمــاء العمــل مــن‬ ‫أجــل التنســيق الســتالم مرتباتنــا الشــهرية التــي‬ ‫نعيــش بهــا‪.‬‬ ‫خصــص بعــض أصحــاب املحال ســاعات للنســاء‬ ‫للذهــاب للمقهــى‪ ،‬لكــن أنــت ال تضمــن أن‬ ‫يكــون الشــخص اآلخــر بنفــس الوقــت موجــودا ً‬ ‫عــى الشــبكة‪ ،‬وبــات أمــر التواصــل شــبه‬ ‫مســتحيل ناهيــك عــى أنــك ال تســتطيع فتــح‬ ‫أي موضــوع باملحــل ألن الــكل يراقــب ويســرق‬ ‫الســمع وأحيانـاً تشــعر بأنهــم ينتظــرون كلمــة‬ ‫منــك لــي يلقــوا القبــض عليــك‪.‬‬ ‫فايــز شــاب عمــره ‪ 21‬عامــاً يقــول‪ :‬النــت‬ ‫هــو كل الرفاهيــة التــي نعيشــها بالرقــة‪ ،‬مل‬ ‫يتبـ َـق لنــا أي يشء ســوى النــت‪ ،‬ه ـ ّم الشــباب‬ ‫بالرقــة أن يكــون جوالــك مشــحوناً‪ ،‬وأن تكــون‬ ‫شــبكة النــت عنــدك جيــدة‪ ،‬مل نرتــد املقاهــي‬ ‫ســابقاً ألنــك ممنــوع عــن كل يشء وتجلــس‬ ‫باملقهــى كأنــك بأحــد مقــار التنظيــم عــى‬ ‫ميينــك وشــالك عنــارص للتنظيــم يجلســون‬ ‫ســاعات طــوال‪ ،‬ويتكلمــون بلهجــات ولغــات‬ ‫غريبــة وأنــت ال تنبــس ببنــت شــفة‪ ،‬وبعــد‬

‫قـرار التنظيــم بــات املنــزل هــو املــكان الوحيــد‬ ‫الــذي نجلــس فيــه والنــوم لســاعات طــوال‪.‬‬ ‫باســل أو كــا عرفنــا عــى اســمه (أبــو طلحــة‬ ‫القحطــاين) فتــى عمــره ‪ 12‬عام ـاً أراد الدخــول‬ ‫للمقهــى لكــن صاحــب املقهــى مل يســمح لــه‬ ‫بالدخــول لعــدم امتالكــه لهويــة شــخصية‬ ‫وكونــه مــن حــي آخــر‪ ،‬ســألناه ملــاذا تريــد‬ ‫الدخــول للنــت يقــول لنــا‪ :‬أريــد أن أتواصــل‬ ‫مــع والــدي الــذي ســافر منــذ أشــهر إىل أوروبــا‬ ‫وال نعلــم هــل وصــل أخــرا ً أم ال؟؟‬ ‫تذكرنــا أفعــال التنظيــم هــذه بالتعتيــم الــذي‬ ‫حــاول النظــام ســابقاً فرضــه عــى الرقــة‪،‬‬ ‫فلقــد كان النظــام يحجــب خدمــة النــت عــن‬ ‫الرقــة كلــا ازدادت حركــة االحتجــاج‪ ،‬ولــي‬ ‫ال يصــل الصــوت إىل العــامل الخارجــي وينقــل‬ ‫صــورة وطبيعــة مــا يجــري بالرقــة‪ ،‬فلقــد عمــد‬ ‫النظــام إىل قطــع شــبكة النــت بشــكل متقطــع‬ ‫منــذ بدايــة عــام ‪ 2011‬ومــع أول املظاه ـرات‬ ‫باملدينــة‪ ،‬وكان النظــام يحــاول رصــد مراقبــة‬ ‫الداخلــن للشــبكة مــن مقاهــي النــت‪ ،‬وكذلــك‬ ‫فــرض النظــام عــن طريــق الفــروع األمنيــة‬ ‫عــى أصحــاب املقاهــي أخــذ أســاء الراغبــن‬ ‫بالدخــول إىل الشــبكة‪ ،‬وتزويــد جهــاز املحــل‬ ‫الرئيــي بجهــاز تســجيل وتعقــب لجميــع‬ ‫األجهــزة املوجــودة باملحــل‪ ،‬وإال فــإن رخصــة‬ ‫املحــل ستســحب وال يســمح لــك اص ـاً بفتــح‬ ‫مقهــى للنــت‪.‬‬ ‫لكــن املســتغرب هــو مــا يشــاع ويتــداول بــن‬ ‫األهــايل بالرقــة بــأن التنظيــم ســيقوم بخطــوة‬ ‫الحقــة مبنــع أجهــزة «الســاتاليت» وأجهــزة‬ ‫التلفــاز بشــكل نهــايئ‪ ،‬ويقولــون بــأن التنظيــم‬ ‫يريــد إرجاعنــا إىل العصــور مــا قبــل الحجريــة‪،‬‬ ‫ولــو اســتطاع منــع الهــواء فلــن يتــواىن عــن‬ ‫ذلــك‪.‬‬ ‫وهــذا هــو حــال التنظيــم اليــوم يحــاول أن‬ ‫يعتــم عــى الرقــة مــا أمكــن‪ ،‬وأن يحجــب‬ ‫النــاس عــن العــامل الخارجــي‪ ،‬ويحجــب العــامل‬ ‫عنهــم‪ ،‬إلطالــة فــرة تواجــده بالرقــة مــع‬ ‫إدراكــه وإدراك املدنيــن إنــه إىل زوال مهــا طــال‬ ‫الزمــن‪.‬‬

‫أكث��ر م��ن ‪ 240‬أل��ف قتي��ل من��ذ ب��دء الن��زاع يف س��ورية‬ ‫أفــادت حصيلــة جديــدة لـــ «املرصــد الســوري‬ ‫لحقــوق اإلنســان» أن النــزاع املســتمر يف‬ ‫ســورية منــذ أربعــة أعــوام‪ ،‬أســفر عــن أكــر‬ ‫مــن ‪ 240‬ألــف قتيــل بينهــم ‪ 12‬ألــف طفــل‪،‬‬ ‫مشــرا ً إىل أن الزيــادة تجــاوزت عــرة آالف‬ ‫قتيــل يف نحــو شــهرين‪.‬‬ ‫وقــال مديــر املرصــد رامــي عبــد الرحمــن (يــوم‬ ‫الخميــس ‪ 6‬ـ ‪ 8‬ـ ‪« ،)2015‬أحصينــا ‪ 240‬ألفــا‬ ‫و‪ 381‬قتيـاً منــذ بــدء الثــورة ضــد نظــام بشــار‬ ‫األســد يف آذار (مــارس) ‪ .»2011‬وارتفــع عــدد‬ ‫القتــى يف صفــوف املدنيــن‪ ،‬بحســب التعــداد‪،‬‬ ‫إىل «‪ 71‬ألفــاً و‪ 781‬بينهــم ‪ 11‬ألفــاً و‪964‬‬

‫طفــا»‪.‬‬ ‫وتشــمل الحصيلــة أيض ـاً ‪ 42‬ألف ـاً و‪ 384‬قتي ـاً‬ ‫يف صفــوف املقاتلــن الســوريني مــن معارضــن‬ ‫ومنشــقني ومتطرفــن وأك ـراد‪ ،‬أمــا يف صفــوف‬ ‫املقاتلــن األجانــب الذيــن يقاتلــون يف ســورية‪،‬‬ ‫فبلغــت الحصيلــة ‪ 34‬ألف ـاً و‪ 375‬قتي ـاً‪.‬‬ ‫لكــن الحصيلــة األكــر هــي يف صفــوف القــوات‬ ‫التابعــة للنظــام ‪ 88‬ألفــاً و‪ 616‬قتيــاً‪ ،‬أي‬ ‫ثلــث األشــخاص الذيــن قضــوا خــال الحــرب‪،‬‬ ‫وأحــى املرصــد مــن بــن هــؤالء مقتــل ‪ 50‬ألفاً‬ ‫و‪ 570‬مــن الجنــود‪ ،‬و‪ 33‬ألفـاً و‪ 839‬مــن قــوات‬ ‫«الدفــاع الوطنــي»‪ ،‬و‪ 903‬مــن عنــارص «حــزب‬

‫اللــه» اللبنــاين‪ ،‬و‪ 3304‬مــن ميليشــيات وفــدت‬ ‫مــن دول أخــرى‪ ،‬وأحــى املرصــد كذلــك مقتــل‬ ‫‪ 3225‬شــخصاً مجهــويل الهويــة‪.‬‬ ‫وأكــد املرصــد أن الحصيلــة الفعليــة تتجــاوز‬ ‫بكثــر عــدد القتــى الذيــن تــم احصاؤهــم‪.‬‬ ‫وال تشــمل الحصيلــة أكــر مــن ‪ 30‬ألــف‬ ‫مفقــود‪ ،‬بينهــم نحــو ‪ 20‬ألفـاً مــا زالــوا يقبعــون‬ ‫يف ســجون النظــام‪ ،‬وتســعة آالف مــن القــوات‬ ‫املواليــة للنظــام يحتجزهــم مقاتلــو املعارضــة‬ ‫وأكــر مــن أربعــة آالف خطفهــم تنظيــم األكـراد واألجانــب غــر األكـراد الذيــن يقاتلــون وتســبب النــزاع الســوري بتهجــر أكــر مــن‬ ‫«الدولــة االســامية» (داعــش) املتطــرف‪.‬‬ ‫«داعــش» إىل جانــب وحــدات «حاميــة أربعــة ماليــن ســوري إىل خــارج البــاد‪ ،‬ونــزوح‬ ‫أكــر مــن ســبعة ماليــن داخلهــا‪.‬‬ ‫وال تشــمل الحصيلــة كذلــك‪ ،‬مئــات مــن الشــعب الكــردي»‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حني زرت خميم الزعرتي‬

‫محاسن سبع العرب‬ ‫«ذات وجع‪ ..‬بعض ما رأيت»‬

‫املــكان‪ :‬مخيــم لجــوء‪ ..‬احتضــن مــن نفاهــم‬ ‫الوطــن‪..‬‬ ‫الزمــان‪ :‬يومــاً مــا‪ ..‬خــال خمــس ســنوات‬ ‫عجــاف أثكلــت كاهــل الوطــن‪..‬‬ ‫كــا يفعلــون حــن يــأيت العيــد‪ ..‬احتفــى‬ ‫األطفــال يب‪ ..‬تهافتــوا عــي‪ ..‬فرمبــا كنــت‬ ‫الوحيــدة يف املــكان التــي ال تحمــل ثيابهــا لــون‬ ‫الــراب‪..‬‬ ‫(ما معنى بيت؟)‬ ‫كان أول ســؤال طرحتــه عــى نفــي حــن‬ ‫رأيــت الخيــام‪..‬‬ ‫تذكــرت حينهــا عبــارة (فريمــون بيكــر)‪« :‬البيــت‬ ‫هــو حيــث يســتطيع القلــب أن يضحــك دون‬ ‫حيــاء وحيــث تجــف الدمــوع عــى مهــل»‪.‬‬ ‫فالخيمــة ليســت بيتــاً‪ ..‬ليســت بيتــاً أبــدا ً‪.‬‬ ‫الخيمــة خيمــة‪ ..‬ال جــدران لنســند إليهــا‬ ‫ظهورنــا ذات خــذالن‪..‬‬ ‫وال سقف مينع عنا دموع السامء‪..‬‬ ‫الخيمة تحمي ال تؤوي‬ ‫هنا يكمن الفرق‪..‬‬ ‫ال خيــام يف الوطــن‪ ..‬يف الوطــن هنــاك بيــوت‬ ‫بجــدران كاملــة وســقف واســع بحجــم‬ ‫أحالمنــا‪..‬‬ ‫كان أول مــن قابلــت يف املخيــم عائلــة قادمــة‬ ‫لتوهــا مــن حمــص‪ ..‬أفرادهــا تظهــر عليهــم‬ ‫آثــار نعمــة كانــوا يرفلــون بهــا‪ ..‬جلســت األم‬ ‫القرفصــاء‪ ..‬يك ال تتســخ ثيابهــا رمبــا مل ِ‬ ‫تــأت‬ ‫بغريهــا معهــا‪ ..‬كان األب يف الخــارج‪ ..‬يتفقــد‬ ‫املــكان‪ ..‬الجــران‪ ..‬جــران اللجــوء‪..‬‬ ‫األم تحــذر أطفالهــا مــن العبــث بالرمــل‬ ‫األبيــض الــذي يغطــي األرض‪..‬‬ ‫طفلــة يف الثالثــة مــن عمرهــا تنــام بإرهــاق‬ ‫عــى إســفنجة خشــنة‪ ..‬جســدها مــيء‬ ‫(بالبثــور) الحم ـراء‪ ..‬تحــك جلدهــا بــن فينــة‬ ‫وأخــرى‪ ..‬عرفــت فيــا بعــد أن حـرات غريبــة‬ ‫هاجمتهــم‪ ،‬وهــم يف طريقهــم إىل هنــا‪ ..‬ذاك‬ ‫الطريــق الــذي قطعــوه مشــياً عــى األقــدام‪..‬‬ ‫مل أتجــرأ عــى الحديــث مــع األم يف بدايــة‬ ‫األمــر‪..‬‬ ‫جلســت إىل ابنهــا ذي الســبع ســنوات‪ ..‬كان‬ ‫اســمه محمــد‪ ..‬جميــل بعينــن لوزيتــن‪ ..‬بعــد‬ ‫عــدة دقائــق فقــط‪ ..‬كان يحدثنــي بحــاس‬ ‫عــن مجــزرة كــرم الزيتــون‪ ..‬عــا رآه حــن عــاد‬ ‫صباحـاً مــع عائلتــه إىل املــكان‪ ..‬عــن دم رطــب‬ ‫عــى الرصيــف‪ ..‬عــن رؤيتــه البنــة جريانهــم‬ ‫(صديقتــه) يف الكـراج املجــاور لبيتهــم مفقــوءة‬ ‫العينــن مبفــك الرباغــي‪..‬‬ ‫سألته‪:‬‬ ‫ـ شفتها؟‬ ‫ـ إيــه شــفتها‪ ..‬كانــت بــا عيــون‪ ..‬وجنبهــا‬ ‫مفــك براغــي عليــه دم‪..‬‬ ‫«كيــف لطفــل كهــذا أن يكمــل حياتــه؟»‬ ‫ســألت نفــي‪..‬‬ ‫كيــف ســينىس مــا رآه‪ ..‬كيــف ســيحب ويتــزوج‬ ‫وينجــب األطفــال‪ ..‬هــل ســرى طفلتــه بعينــن‬ ‫مفقوءتــن‪ ..‬حــن ســيحتضنها ليـاً لتنــام؟‬ ‫قطعــت حديثنــا األم‪ ..‬كانــت تنفــي عــن نفســها‬ ‫وعائلتهــا تهمــة التــرد واللجــوء‪ ..‬كانــت تدافع‬ ‫عــن إنســانيتها التــي هــدرت‪ ..‬تدافــع عــن‬ ‫كرامتهــا وعــزة نفســها‪ ..‬وهــي االبنــة املدللــة‬ ‫لعائلــة معروفــة يف حمــص‪ ..‬أبــت نفســها أن‬ ‫تجلــس يف خيمــة حيكــت مــن تربعــات األثريــاء‬ ‫وهــي ـ يف وطنهــا ـ ليســت أقــل ث ـرا ًء منهــم‪..‬‬ ‫حدثتنــي عــن منزلهــا الواســع املــيء باألثــاث‬ ‫الفخــم‪ ..‬عــن مطبخهــا األمــريك الحديــث‪..‬‬ ‫حدثتنــي ـ وهــي تنظــر إىل الوجبــة التــي‬ ‫ـــح لالجئــن ـ عــن ســفرتها العامــرة‪..‬‬ ‫تُـ ْمـ َن ُ‬ ‫كانــت ال تــزال تجلــس القرفصــاء‪ ..‬حــن‬

‫خرجــت مــن خيمتهــم‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫إىل أيــن أتجــه وكل مــا حــويل متشــابه‪ ..‬الخيــام‬ ‫تشــبه الجراثيــم التــي تصطــف متالصقــة‪..‬‬ ‫ال أدري مل تخيلتهــا هكــذا‪ ..‬خيمــة فخيمــة‬ ‫فخيمــة‪ ..‬صــف طوييييــل مــن الخيــام‬ ‫املتشــابهة شــكالً ومضمونــاً‪..‬‬ ‫قلبـاً وقالبـاً‪ ..‬داخــل كل خيمــة هنــاك مأســاة‪..‬‬ ‫ـب ُم ْن َهـ ْـك‪ ..‬ذاكــرة مليئــة‬ ‫ـب مشــوار‪ ..‬قلـ ٌ‬ ‫ت َـ َعــ ُ‬ ‫بالوجــع‪..‬‬ ‫الخيــام كانــت يف املــايض بيضــاء‪ ..‬بختــم أزرق‪..‬‬ ‫شــعار األمــم املتحــدة‪ ..‬شــعارات ملنظــات‬ ‫إغاثيــة‪UNHCR ..‬‬ ‫ـي‬ ‫لكنهــا اآلن تحمــل لــون ال ـراب‪ ..‬لــو ٌن بُـنــ ٌ‬ ‫باهــت‪ ..‬لــو ُن اإلنســان نفســه‪ ..‬رمبــا هــي‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫لونــك‬ ‫تواســيه قائلــة لــه‪« :‬هــا أنــا أحمــل‬ ‫ـت منــه‪ ..‬أنــا معـ ْـك‪..‬‬ ‫األول‪ ..‬لــون مــا خ ُــلِـق ْـــ َ‬ ‫ْ‬ ‫أســاندك‪»..‬‬ ‫األرض‪ ..‬الخيــام‪ ..‬الهــواء‪ ..‬وحتــى الســاء‪..‬‬ ‫جميعهــم كانــوا يحملــون اللــون البنــي املغــر‬ ‫ذاتــه‪ ..‬وكأننــا يف عــامل آخــر غــر هــذا العــامل‬ ‫ويف زمــان أىت قبــل هــذا الزمــان‪ ..‬زمــن غابــر‪..‬‬ ‫مل تـُـخـْـلــ ْـق فيــه األلــوان بعــد‪..‬‬ ‫عــى بــاب خيمــة مجــاورة كان طفــل يســكب‬ ‫ـت‬ ‫مــا ًء عــى ال ـراب ثــم يبنــي منــه بيت ـاً‪ ..‬بيـ ٌ‬ ‫بــا أبــواب وال نوافــذ وال أرجوحــة‪ ..‬فقــط‬ ‫بيــت‪ ..‬وليــس خيمــة‪..‬‬ ‫يفصــل كل صــف مــن الخيــام عــن الصــف‬ ‫الــذي يليــه‪ ..‬طريــق تــرايب ُم َم ّهــ ْد‪ ..‬تختلــط‬ ‫ـى صغــرة‪ ..‬ميتــد بــا نهايــة‪ ..‬حتــى‬ ‫برتابــه حـ ً‬ ‫مــد النظــر‪ ..‬رمبــا يف نهايتــه وطــن‪ ..‬ممــم ال‬ ‫أدري‪ ..‬رمبــا‪..‬‬ ‫أمــا األرض التــي نصبــت عليهــا الخيــم فهــي‬ ‫تـراب ناعــم‪ ..‬يشــبه الدقيــق‪ ..‬يثــر غبــارا ً حــن‬ ‫املــي عليــه‪..‬‬ ‫الحظــت مــن بعيــد عــدة خيــام ال تــزال‬ ‫ُ‬ ‫بيضــاء‪ ..‬بيضــاء بختــم أزرق‪ ..‬كصبيــة شــامية‬ ‫بعينــن زرقاويــن‪ ..‬تلــك الخيــام مــا زالــت‬ ‫جديــدة‪ ..‬عمرهــا أيــام‪ ..‬مل ميــر عليهــا التــرد‬ ‫بعــد‪ ..‬كالصبيــة الشــامية قبــل أن تخــرج مــن‬ ‫الوطــن‪ ..‬متامــاً‪..‬‬ ‫بــن خيمــة وأخــرى‪ ..‬ربطــت إحداهــن حب ـاً‬ ‫متهرئ ـاً‪ ..‬اصطفــت عليــه مالبــس تقطــر مــاء‪..‬‬ ‫مالبــس ملونــة قطــع صغــرة وكبــرة‪ ..‬معلقــة‬ ‫كقلــوب مل تعــد صالحــة لالســتعامل‪ ..‬فعلقهــا‬ ‫أصحابهــا يك تجــف‪..‬‬ ‫تابعت طريقي‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫عــى بــاب إحــدى الخيــام والتــي حــاول‬ ‫أصحابهــا جهدهــم أن يحولوهــا إىل منــزل‬ ‫صغــر‪ ..‬فمهــدوا األرض أمــام بابهــا‪ ..‬وصفــوا‬ ‫أحجــارا ً ليحــددوا مســاحة ملكهــم‪ ..‬وأخرجــوا‬ ‫الفــرش مــن الخيمــة‪ ..‬وفتحــوا (مضافــة)‬ ‫الســتقبال ضيــوف املنفــى‪..‬‬ ‫كان أطفــال يلهــون هنــاك بثيــاب رثــة بينــا‬ ‫طفلــة تكنــس املــكان‪ ..‬أحدهــم ال يرتــدي إال‬ ‫قطعــة واحــدة مــن الثيــاب‪ ..‬إال أنهــم كانــوا‬ ‫يضحكــون‪ ..‬يضحكــون بصــوت عــا ٍل ملفــت‬ ‫للنظــر‪..‬‬ ‫مــا رس ســعادة األطفــال الدائــم‪ ..‬فهــم‬ ‫يضحكــون دوم ـاً‪ ..‬يضحكــون ألي يشء‪ ..‬ولــكل‬

‫يشء‪ ..‬كانــت أجســاد األطفــال قــد اكتســبت‬ ‫ُســمرة ذهبيــة مــن الشــمس‪ ..‬وباإلضافــة إىل‬ ‫الــراب والغبــار‪ ..‬غــدت أجســادهم لوحــة‬ ‫بألــوان ترابيــة متفاوتــة الدرجــات‪ ..‬تصلــح أن‬ ‫ـلـــق عــى جــدار البــؤس‪..‬‬ ‫ت ُــ َع َ‬ ‫ملحــوا الكامــرة يف يــدي‪ ..‬طلبــوا أن ألتقــط لهــم‬ ‫صــورة‪ ..‬تجمعــوا حــويل‪ ..‬بابتســامات عريضــة‬ ‫أحدهــم أحــر طفـاً مــن الداخــل‪ ..‬ليشــاركنا‬ ‫الصــورة‪ ..‬كانــوا مبتســمني‪ ..‬فقلدتهــم‪ ..‬كانــت‬ ‫ابتســاماتهم جميلــة‪ ..‬وابتســامتي باهتــة‪..‬‬ ‫ترابيــة اللــون‪..‬‬ ‫غاد ْرتهــم ألكمــل جولتــي‪ ..‬لحــق يب الطفــل‬ ‫الــذي ال يرتــدي شــيئاً‪ ..‬نــادى عــي‪:‬‬ ‫ـ خالــة إذا إجيتــي مــرة تانيــة جيبيــي معــك‬ ‫(شــحاط)‪ ..‬شــحاطي ضــاع منــي وأنــا عــم‬ ‫أركــض عالطريــق ملــا قصفتنــا الطيــارة وإجيــت‬ ‫لهــون حفيــان‪..‬‬ ‫انتبهــت أنــه بــا مالبــس‪ ..‬وبــا حــذاء‪ ..‬وبــا‬ ‫بيــت‪ ..‬وبــا أي يشء‪..‬‬ ‫مل يبتسم إذا؟؟؟‬ ‫ظـ ّـل صــدى الصــوت يالحقنــي‪ ..‬هربــت منــه‪..‬‬ ‫اختبــأت يف خيمــة مقابلــة‪ ..‬كانــت الخيمــة‬ ‫مضيئــة مــن الداخــل‪ ..‬ال أدري مــن أيــن تــرب‬ ‫كل هــذا الضــوء إليهــا‪ ..‬اصطدمــت بســفرة‬ ‫طعــام افرتشــها طفــل بعينــن واســعتني لونهــا‬ ‫أزرق‪ ..‬لونهــا يشــبه لــون البحــر يف الثامنــة‬ ‫صباحـاً‪ ..‬قبــل أن تفعــل الشــمس فعلتهــا فيــه‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫صــاف‪ ..‬كان قــد اســتلم لتــوه وجبــة‬ ‫أزرق‬ ‫افطــاره‪ ..‬كانــت الوجبــة عبــارة عــن علبــة‬ ‫فلــن تحتــوي عــى قطعــة خبــز وبعــض الزعــر‬ ‫املخلــوط بالزيــت‪ ..‬هــذا فقــط‪ ..‬ال خيــارات‬ ‫أخــرى‪ ..‬تـُـ ْعـــطى كل عائلــة كهــذه العلبــة عىل‬ ‫حســب عــدد أفرادهــا‪ ..‬أخــوه األكــر ُمســتلقٍ‬ ‫خلفــه بعرقــه وتعبــه‪ ..‬وطفــل يجلــس بجــواره‬ ‫ـى هنــا‪ ..‬فنحــن يف‬ ‫يلهــو‪ ..‬بأصابعــه‪ ..‬إذ ال دمـ ً‬ ‫خيمــة ولســنا يف البيــت‪..‬‬ ‫رمبــا نســتهلك وقتـاً طويـاً لنقتنــع ـ أو باألحرى‬ ‫ـ لنحــاول أن نقنــع أنفســنا بوضعنــا الجديــد‪..‬‬ ‫بحياتنــا الجديــدة‪ ..‬بأرضنــا وســائنا وجرياننــا‬ ‫الجــدد‪..‬‬ ‫أتــدري مــا معنــى أن تبــدأ حيــاة جديــدة وأنت‬ ‫يف الثالثــن‪ ..‬أن تبــدأ مــن الصفــر‪ ..‬أو لِـــ َنقل‬ ‫بدقــة‪ ..‬أن تبــدأ مــن قبــل الصفــر بقليــل‪..‬‬ ‫مــا منلكــه هــو أرواحنــا‪ ..‬أرواحنــا املعبــأة بتلــك‬ ‫األجســاد‪ ..‬فقــط‪ ..‬هــذا مــا اســتطعنا أن نــأيت‬ ‫بــه معنــا‪ ..‬ال يشء آخــر‪..‬‬ ‫ــان‪..‬‬ ‫أذكــر أن الجئــة قابلتهــا يف مدينــة َع ّ‬ ‫حكــت يل كيــف أنهــا أتــت بثــاث حقائــب‬ ‫ممتلئــة مبالبــس وحاجيــات لهــا ولعائلتهــا‪..‬‬ ‫لكنهــا تخلصــت منهــا تباعــاً عــى الطريــق‪..‬‬ ‫لثقــل حملهــا وعبئهــا‪..‬‬ ‫ي كيــف أن أحدهــم يف‬ ‫وأخــرى‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫قصــت عــ ّ‬ ‫املخيــم طلــب منهــا مثنــاً لخروجهــا منــه‪ ..‬أن‬ ‫متنحــه مبلغ ـاً مــن املــال ال تحملــه‪ ..‬فمنحتــه‬ ‫كل مــا متلــك مــن ثيــاب أطفالهــا‪ ..‬ثــم أنهــا‬ ‫كانــت تلــك هــي املــرة األخــرة التــي تــراه‬ ‫فيهــا‪ ..‬ذهــب هــو والحقائــب معــاً‪..‬‬ ‫لنعــد إىل املخيــم‪ ..‬وإىل ذاك الصبــي ذي العينني‬ ‫الزرقاويــن‪ ..‬كان يغمــس قطعــة الخبــز البائتــة‬

‫يف الزعــر‪ ..‬فتخــرج دون أن يعلــق بهــا يشء‪..‬‬ ‫رمبــا يتحــول لونهــا إىل االخــر ليــس إال‪..‬‬ ‫يقضمهــا‪ ..‬ميضغهــا (يلوكهــا بــن أســنانه)‪ ..‬ال‬ ‫كأس شــاي يســاعده عــى ابتالعهــا‪ ..‬وال مــاء‬ ‫كاف لتلــك الرفاهيــة‪..‬‬ ‫«إن كــرة الخبــز ليســت شــيئاً مهــا‪ ،‬ولكنهــا‬ ‫مــع ذلــك كل يشء بالنســبة ملتــرد يتضــور‬ ‫جوع ـاً»‬ ‫ُ‬ ‫يعــرف مــن رشد ذاك الطفــل‪ ..‬أنــه‬ ‫أتــرى‬ ‫يحمــل شــفتني كرزيتــن؟‬ ‫أتـراه يعــرف مــا معنــى (الحيــاة يف خيمــة)‪ ..‬أن‬ ‫ال تكــون لديــك جــداران تحميــك‪..‬‬ ‫ال أدري مل تذكرتُ لحظتها قول الشاعر‪:‬‬ ‫معذب أبدا ً ‪ ...‬إن َحــ ّـل مل يَـنـْـ َعــ ْم‬ ‫إن الغريــب‬ ‫ٌ‬ ‫وإن ظعنــا‬ ‫عانقــت مــاكاً‬ ‫عــى بــاب خيمــة أخــرى‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫اســمه (ريــم)‪ ..‬ورأيــت ترجمــة عمليــة لعبــارة‬ ‫(شــعرها أشــعثٌ أغــ ْر)‪ ..‬تلــك العبــارة التــي‬ ‫قرأتهــا ال أدري يف أي روايــة‪ ..‬وقضيــت حــن‬ ‫ذاك وقتــاً يف تخيلهــا‪..‬‬ ‫ـي ريــم أصابــع النــر وأنــا ألتقــط‬ ‫رفعـ ْ‬ ‫ـت أختـ ّ‬ ‫لهــا الصــورة‪..‬‬ ‫ومضيت‪..‬‬ ‫عانقتها مرة أخرى بعد الصورة‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫أطــل فضــويل‬ ‫مــررتُ بخيمــة شُ ـــ ّر ُع بابهــا‪ّ ..‬‬ ‫برأســه إىل الداخــل‪..‬‬ ‫بحــى لونــه‬ ‫كانــت أرض الخيمــة مفروشــة‬ ‫ً‬ ‫أبيــض‪ ..‬قطعتــان مــن االســفنج وضعتــا بعبــث‬ ‫عــى الحــى‪ ..‬غطــاء أعتقــد أنــه كان أســود‬ ‫اللــون‪ ..‬يشــبه ذاك الــذي يــوزع عــى الجنــود‬ ‫ـمـنـــح‬ ‫يف الخدمــة العســكرية‪ ..‬أو الــذي يُ‬ ‫ُ‬ ‫للمســاجني ليمنــح بعــض الــدفء ألرواحهــم‬ ‫خلــف تلــك القضبــان الصدئــة‪..‬‬ ‫طفــل يف الثالثــة تقريبــاً يجلــس عــى‬ ‫ٌ‬ ‫كان‬ ‫إحــدى قطــع االســفنج‪ ..‬ينتظــر أمــه التــي‬ ‫خرجــت لجلــب حصتهــا مــن الطعــام‪ ..‬ال‬ ‫أحــد هنــا‪ ..‬ســواهام‪ ..‬علمــت فيــا بعــد أنهــا‬ ‫أتيــا إىل املخيــم وحدهــا بعــد أن استشــهد‬ ‫والــد الطفــل‪ ..‬مل يبتســم يل‪ ..‬رمبــا كان خائف ـاً‪..‬‬ ‫فليــس مــن الســهل أن يعتــاد طفــل يف الثالثــة‬ ‫الغربــاء‪..‬‬ ‫إىل ســياج معــدين‪ ..‬تظهــر مــن خلفــه أســاء‬ ‫شــاركت يف انقــاذ‬ ‫املنظــات اإلغاثيــة التــي‬ ‫ْ‬ ‫الشــعب الســوري مــن املــوت‪ ..‬كان يســتند‬ ‫فتــى‪ ..‬ذهــب بنظراتــه إىل البعيــد‪ ..‬ال أدري إالم‬ ‫كان ينظــر‪ ..‬فقــط كان يشــيح بنظــره عــن كل‬ ‫مــا حولــه‪..‬‬ ‫جــاء يف املعجــم الوجيز‪َ ..‬حـ َربَــ ُه َحـ َربَــاً‪ :‬ســلبه‬ ‫جميــع مــا ميلــك‪..‬‬ ‫هــل يشــمل هــذا البيــت والشــارع والرصيــف‬ ‫وألبــوم الصــور ووووو‬ ‫هل يشمل هذا كل يشء‪..‬‬ ‫املــايض وذكريــات الطفولــة واملراهقــة وأيــام‬ ‫الدراســة والحــب األول وليلــة العيــد والســهر‬ ‫مــع األصدقــاء؟!‬ ‫هــل تقــي الحــرب عــى كل هــذا دفعــة‬ ‫واحــدة؟‪..‬‬ ‫شــخصياً‪ ..‬مل أجــرب الوطــن‪ ..‬ومل أجــرب أن‬ ‫يكــون يل بيــت‪ ..‬كــوين منفيــة وعائلتــي مــن ‪34‬‬ ‫عــام‪ .‬مل نجــرب كل هــذه األمــور‪ ..‬لكنــي أعتقــد‬ ‫أنهــا جميلــة‪..‬‬ ‫عــى الطريــق الرئيســية للمخيــم‪ ..‬كان النــاس‬ ‫يســرون جيئــة وذهابــاً‪ ..‬بعضهــم يحمــل‬ ‫معونــات وزعــت عليــه للتــو‪ ..‬وآخــرون‬ ‫يكــرون الضجــر‪..‬‬ ‫يف ظــل خيمــة أخــرى‪ ..‬أربعــة أطفــال يلهــون‬ ‫بالرمــل والحــى‪ ..‬إذ هــي لعبتهــم الوحيــدة‬ ‫هنــا‪ ..‬ال دمــى وال دراجــات‪ ..‬وال حتــى أقــام‬ ‫تلويــن‪..‬‬ ‫أن تولــد يف خيمــة فــذاك حــدث اســتثنايئ‪ ..‬ال‬ ‫يتكــرر كث ـرا ً‪..‬‬ ‫أن تولــد يف خيمــة‪ ..‬فــذاك أمــر مدهــش ال‬

‫يخطــر عــى بــال‪..‬‬ ‫(غيــث)‪ ..‬عمــره أربعــة أيــام فقــط‪ ..‬حملتــه‬ ‫بــن ذراعــي‪ ..‬كان غضـاً طريـاً كقطعــة عجــن‪..‬‬ ‫ُولِــد يف املخيــم‪ ..‬قطــع حبلــه الــري تحــت‬ ‫ســقف قــايش‪ ...‬يحمــل ختــم ‪UNHCR‬‬ ‫كانــت األم يف السادســة عــرة فقــط‪ ..‬تلهــو يف‬ ‫الخــارج مــع صديقاتهــا‪ ..‬قابلــت األب وامــرأة‬ ‫كانــت تعتنــي بالطفــل‪..‬‬ ‫يــدي كدميــة‪ ..‬يبــدو عليــه‬ ‫كان الطفــل بــن‬ ‫ّ‬ ‫ضعــف التغذيــة‪ ..‬علمــت أنــه يعتمــد عــى‬ ‫مــا يجــود بــه صــدر أمــه فقــط‪ ..‬وال غــذاء‬ ‫كاف لــأم‪ ..‬فهــا االثنــان يعتمــدان اآلن عــى‬ ‫العنايــة اإللهيــة‪ ..‬فقــط‪..‬‬ ‫ضحكــت حينهــا يف رسي (طفــل مينــح الغــذاء‬ ‫لطفــل)‪ ..‬ياللحيــاة‪..‬‬ ‫أفكــر بــه اآلن‪ ..‬أعتقــد أنــه أصبــح يف الثالثــة‬ ‫مــن عمــره‪ ..‬هــل يــا تــرى مــا زال يف املخيــم‪..‬‬ ‫هــو يحســب أن الخيمــة بيتــه‪ ..‬واملخيــم هــو‬ ‫حارتــه‪ ..‬والصحـراء هــي وطنــه‪ ..‬وتلــك الخيــام‬ ‫املتناثــرة عــى الرمــال هــي بيــوت جريانــه‪..‬‬ ‫وحــن يكــر قلي ـاً‪ ..‬ســتكون مدرســته خيمــة‪..‬‬ ‫وملعبــه خيمــة‪..‬‬ ‫رمبــا هــو أرحــم حــاالً مــن اآلخريــن‪ ..‬فهــو مل‬ ‫يــذق معنــى البيــت‪ ..‬ليشــعر بــأمل فقدانــه‪..‬‬ ‫كتــب باتريــك ذوســكند يف روايتــه العطــر‬ ‫(الطفــل امل ُـ ْعـتـَـ ـ َنى بنظافتــه‪ ..‬ال رائحــة لــه)‪..‬‬ ‫ضممتــه إىل صــدري‪ ..‬كان هادئــاً‪ ..‬ذا رائحــة‬ ‫جميلــة‪..‬‬ ‫كان (غيــث) ذا جلــد رقيــق شــفاف‪ ..‬مل يعلــق‬ ‫بــه غبــار الحيــاة بعــد‪ ..‬يحمــل رائحــة جنــن‪..‬‬ ‫بــكل طهارتهــا وقدســيتها‪..‬‬ ‫ـ شو ْ‬ ‫رأيك تاخديه؟‬ ‫سمعت صوت السيدة‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ـلـت‪:‬‬ ‫قـُ ْ‬ ‫ـ عفوا ً‪ ..‬ما فهمت عليك‪..‬‬ ‫ـ شــو رأيــك تاخديــه للصغــر‪ ..‬تربيــه أنــت‪..‬‬ ‫مــو أحســن مــا ميــوت هــون مــن الجــوع‬ ‫‪........‬‬ ‫ـ عــى األقــل بعيــش حيــاة منيحــة بــديب‪..‬‬ ‫أفضــل مــن هالعيشــة‪ ..‬لســاته صغــر مــا‬ ‫بيتحمــل يبقــى هــون‪..‬‬ ‫دققت يف عينيها جيدا ً‪ ..‬ألتأكد أنها ال متزح‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ســألتها إن كانــت تقصــد مــا تقــول‪ ..‬فأكــدت يل‬ ‫بأنهــا جــادة‪ ..‬وأنهــا َسـتـُـ َو ِقــ ُع يل تعهــدا ً أنهــم‬ ‫لــن يطالبــوا بالطفــل أبــدا ً‪ ..‬وأن الخيــار يل يف أن‬ ‫أعيــده حــن يكــر‪..‬‬ ‫ال أســتطيع تحديــد الشــعور الــذي راودين‬ ‫حينهــا‪ ..‬أهــو فــرح بطفــل أهدتنــي إيــاه‬ ‫الســاء‪ ..‬بــا تعــب منــي وال وصــب‪ ..‬أم شــعور‬ ‫اســتهجان ملــا قالتــه تلــك الســيدة‪ ..‬ال أدري‬ ‫أألومهــا أم أشــفق عليهــا‪ ..‬ال أدري أأحتقرهــا‬ ‫أم أقدســها‪..‬؟!‬ ‫لكــن مــا أنــا متأكــدة منــه متامــاً أين كرهــت‬ ‫الحــرب ضعفــن‪ ..‬وحقــدت ألــف ضعــف عــى‬ ‫مــن أوصلنــا إىل هنــا‪ ..‬إىل الدرجــة التــي قــد‬ ‫نرســل بهــا أطفالنــا إىل أحضــان أمهــات بديــات‬ ‫لننقذهــم مــن املــوت‪..‬‬ ‫بعــد (غيــث)‪ ..‬فقــدت القــدرة عــى االســتمرار‬ ‫يف جولتــي‪ ..‬قــررت الخــروج مــن هــذا املــكان‪..‬‬ ‫كانــت الشــمس يف الخــارج قــد بــدأت باملــي‬ ‫ناحيــة الغــرب‪ ..‬حزينــة منكــرة‬ ‫وكنــت أنــا ماضيــة نحــو بــاب املخيــم‪ ..‬أشــد‬ ‫حزنــاً وأكــر انكســارا ً‪..‬‬ ‫توقفت‪..‬‬ ‫ألتقط صورة يل‪ ..‬ومن خلفي الخيام‪..‬‬ ‫من يدري‪..‬‬ ‫رمبا تصبح ذات يوم ذكرى‪..‬‬ ‫ذكرى ليس إال‪..‬‬ ‫«الزعرتي»‪ ..‬اسم سيبقى طويالً يف األذهان‪..‬‬ ‫كأكــر املخيــات التــي جمعــت شــعباً شــتته‬ ‫الحــرب‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪5‬‬

‫الس��وريون ه��م أكث��ر الضحاي��ا‪ :‬ش��واطئ اليون��ان مرس��ى الس��لطات الرتكي��ة تضبط ألف�ين و‪631‬‬ ‫مهاجراغريشرعييفحبرإجيهخالل‪4‬أيام‬ ‫جلث��ث املهاجري��ن العائمة!‬ ‫تراه��م لس��اعات ط��وال وه��م يقف��ون يف طواب�ير طويل��ة‪ ،‬كل منه��م حيم��ل بقاي��ا أوراق فيه��ا عالم��ة هلويت��ه‪ ،‬وق��د‬ ‫خلص��ت تل��ك الورق��ة آالم الرحل��ة وعذابها‪ ،‬فتعلوها بقع س��وداء وبقايا بللت مباء البح��ر‪ ..‬إنهم الالجئون القادمون‬ ‫من الشرق األوسط‪ ،‬وأغلبهم سوريون‪ ،‬وقد وصلوا لتوهم إىل سواحل جزيرة ليسبوس اليونانية‪ ،‬وتبدو وجوههم‬ ‫وامج��ة م��ن فرط التعب ووجوهه��م مطبقة من فرط اجلوع‪.‬‬

‫عش��رات الالجئ�ين يصل��ون كل ي��وم بينه��م أطف��ال ونس��اء حوام��ل‬

‫وكاالت‪ -‬ليسبوس (اليونان)‬ ‫ تقــع جزيــرة ليســبوس بشــال اليونــان‬‫عــى مســافة ســاعتني بالبحــر مــن الســواحل‬ ‫الغربيــة لرتكيــا‪ ،‬وقــد أصبحــت البوابــة‬ ‫الرئيســية لدخــول االتحــاد األورويب التــي‬ ‫يقصدهــا الالجئــون الذيــن يفــرون مــن الـراع‬ ‫يف ســوريا ومــن الــرق األوســط بوجــه عــام‪.‬‬ ‫ومــن حســن الحــظ أو مــن ســوئه فإن شــواطئ‬ ‫ليســبوس هــي األقــرب واألنســب للوصــول‬ ‫إىل «بــر األمــان»‪ ،‬حســب قــول العديــد مــن‬ ‫الالجئــن‪.‬‬ ‫إنهــم ضمــن عــرات اآلالف الذيــن دخلــوا‬ ‫اليونــان بطــرق غــر رشعيــة منــذ بدايــة العــام‪،‬‬ ‫فيــا وصــف االتحــاد األورويب الحالــة بأنهــا‬ ‫واحــدة مــن أســوأ األزمــات اإلنســانية منــذ‬ ‫الحــرب العامليــة الثانيــة‪ .‬إذ تشــهد جزيــرة‬ ‫ليســبوس اليونانيــة وصــول عــدد متزايــد مــن‬ ‫الالجئــن الذيــن هربــوا مــن أهــوال الحــروب‬ ‫األهليــة عــر قــوارب املــوت بعــد دفــع اآلالف‬ ‫لتجــار اســتغلوا ظــروف املســتضعفني برفــع‬ ‫أســعار التهريــب البــري‪.‬‬ ‫ومبــا أن أوروبــا تشــكل تطلعــاً أساســياً لــدى‬ ‫الســوريني‪ ،‬فــإن اليونــان تعتــر بوابــة رئيســية‬ ‫للوصــول إىل دول أكــر ازدهــارا ً تؤمــن لهــم مــا‬ ‫يحلمــون بــه مــن عيــش كريــم وآمــن‪ .‬لكــن‬ ‫الوصــول إىل الدولــة اليونانيــة وإن كان يتــم‬ ‫بشــكل كبــر عــر املمــر الــريك‪ ،‬فهــو أيضــاً‬ ‫يحصــل بحــرا ً عــر شــبكات تهريــب محليــة‬ ‫تأخــذ آالف الــدوالرات مقابــل إيصالهــم إىل‬ ‫اليونــان وإيطاليــا‪ ..‬هــذا بالطبــع إن وصلــوا‪.‬‬ ‫ويقــول أحــد الشــباب الالجئــن عمــره ‪ 26‬عامـاً‬ ‫ســافر بصحبــة أختــه الصغــرة «ال يهــم إىل أيــن‬ ‫أذهــب اآلن‪ ،‬أنــا ســعيد لخروجــي مــن ســوريا‬ ‫وحســب‪ ،‬نعــم نســتحق جميعــا الحيــاة»‪.‬‬ ‫بعــد ‪ 10‬ســاعات مــن اإلبحــار يف البحــر األبيــض‬ ‫املتوســط يصــل الفــارون إىل جزيــرة ليســبوس‬ ‫ومعظمهــم مــن األطفــال والنســاء الحوامــل‪،‬‬ ‫ويف انتظارهــم أعضــاء مــن منظمــة األمــم‬ ‫املتحــدة وجمعيــات خرييــة ومتطوعــون منهــم‬ ‫أطبــاء وأصحــاب مطاعــم ومرتجمــون وســكان‬ ‫محليــون وســياح وغريهــم مــن الذيــن تعــودوا‬ ‫عــى اســتقبال املراكــب املحملــة بالالجئــن يف‬ ‫األشــهر والســنوات األخــرة‪ .‬وعنــد وصولهــم‬ ‫يتلقــى الالجئــون العنايــة الرضوريــة مــن أكل‬ ‫وعــاج وفــراش‪ ،‬وبعدهــا يتــم تســجيلهم‬ ‫لنقلهــم إىل املخيــات‪.‬‬ ‫عـرات اآلالف مــن الالجئــن يقضــون ســاعات‬

‫طويلــة مــن اإلبحــار عــى حافــة املــوت بــن‬ ‫تركيــا واليونــان‪ ،‬وطبقــاً لتقديــرات املفوضيــة‬ ‫الســامية لألمــم املتحــدة لشــؤون الالجئــن‬ ‫اســتقبلت اليونــان أكــر مــن ‪ 107‬آالف الجــئ‬ ‫ومهاجــر هــذا العــام أي أكــر مــن ضعــف‬ ‫العــدد ممــن اســتقبلتهم عــام ‪ ،2014‬وبلــغ‬ ‫عددهــم ‪ .43500‬ووفقــاً ملــا جــاء يف روايــات‬ ‫عــدة أشــخاص مبراكــز االســتقبال يف الجزيــرة‬ ‫ينتظــرون األوراق الالزمــة لالنتقــال إىل دول‬ ‫أوروبيــة أخــرى‪ ،‬فــإن القــوارب هــي وســيلة‬ ‫النقــل الرئيســية عــر مضيــق بحــري طولــه ‪20‬‬ ‫كيلومــرا بــن تركيــا وليســبوس‪.‬‬ ‫ويشــهد عــى ذلــك طريــق تـرايب بــن منطقتــي‬ ‫ميثيمنــا وســكاال ســيكامينياس يف شــال‬ ‫ليســبوس‪ ،‬حيــث تتناثــر بقايــا القــوارب‬ ‫املطاطيــة وس ـرات النجــاة التــي ألقيــت عــى‬ ‫الشــاطئ‪ .‬إذ تتمــزق القــوارب لــدى وصــول‬ ‫الالجئــن إىل اليابســة‪ ،‬وعنــد وصولهــم تــأيت‬ ‫إىل املنطقــة ليحملــوا مــا ميكــن أن يســتفيدوا‬ ‫منــه مثــل املحــركات والقواعــد املصنوعــة مــن‬ ‫الخشــب والفايربجــاس التــي توضــع يف قــاع‬ ‫القــارب‪.‬‬ ‫ويقــول مراقبــون إن تدفــق الالجئــن يصــل‬ ‫إىل ‪ 250‬يوميــاً يف املتوســط‪ ،‬وينجــح البعــض‬ ‫يف الوصــول إىل املتطوعــن الذيــن يعــدون‬ ‫الرتتيبــات إلطعامهــم ونقلهــم بحافــات‬ ‫إىل ميتيلينــي املدينــة الرئيســية بالجزيــرة‪،‬‬ ‫حيــث يتــم اصطحابهــم إىل مراكــز االســتقبال‬ ‫لتحديــد هوياتهــم‪ ،‬أمــا آخــرون فيهيمــون عــى‬ ‫وجوههــم فيســلكون الطريــق الــرايب ليصلــوا‬ ‫إىل أقــرب منطقــة مأهولــة عــى بعــد نحــو ‪10‬‬ ‫كلــم‪.‬‬ ‫ومــن الشــهادات امللفتــة التــي يرويهــا أفــراد‬ ‫الحــرس البحــري اليونــاين‪ ،‬يقــول أنطونيــس‬ ‫ديليجورجييــس الرقيــب يف الجيــش اليونــاين‬ ‫الــذي أنقــذ يف إحــدى امل ـرات‪ ،‬دفعــة واحــدة‪،‬‬ ‫‪ 20‬مهاج ـرا ً انقلــب مركبهــم‪ ،‬إنــه ال يســتطيع‬

‫تذكــر الذيــن أنقذهــم بقــدر مــا يتذكــر الرجــل‬ ‫األربعينــي الــذي مــات اختناقــاً عــى الرغــم‬ ‫مــن محــاوالت اإلســعاف التــي قدمهــا لــه‪،‬‬ ‫بعدمــا انتشــله مــن البحــر‪ .‬ديليجورجييــس‬ ‫الــذي أنقــذ أيضــا إريرتيــة حامـاً‪ ،‬والتــي عادت‬ ‫وســمت ابنهــا الحقـاً عــى اســم منقذهــا يؤكــد‬ ‫«ال بطولــة أو شــجاعة يف الواجــب الــذي قمــت‬ ‫بــه‪ .‬أمــا عــن اللحظــة التــي انتشــل فيهــا تلــك‬ ‫اإلريرتيــة فيقــول «لــن أنــى أبــدا وجههــا‪..‬‬ ‫أبــدا ً»‪.‬‬ ‫شــهادات مــن املنقذيــن تــروي قصصــا مرعبــة‬ ‫عــن حــاالت غــرق‬ ‫وقــد تعاطــف أيضــا العديــد مــن الســكان‬ ‫مــع قضيــة «الجئــي القــوارب»‪ ،‬مثــل إريــك‬ ‫كمبســون بريطــاين يعيــش مــع زوجتــه يف‬ ‫نفــس الجزيــرة منــذ ‪ 16‬ســنة‪ ،‬وقــد تخصــص‬ ‫يف اآلونــة األخــرة مبتابعــة الالجئــن الهاربــن‬ ‫إىل اليونــان عــر الحــدود الرتكيــة مــن خــال‬ ‫مراقبــة الــزوارق الصغــرة‪.‬‬ ‫أمــا الهــدف فهــو إطعــام مــن هــم بأمــس‬ ‫الحاجــة إىل األكل‪ ،‬إرواؤهــم وتجفيــف‬ ‫مالبســهم‪ ،‬واألولويــة للنســاء واألطفــال‬ ‫الســوريني‪ .‬ويقــول كمبســون «عندمــا تــرى‬ ‫طفـاً عمــره أســبوعني بهــذه الحالــة‪ ،‬وأشــخاصاً‬ ‫مقطوعــي األقــدام وآخريــن مل يأكلــوا منــذ‬ ‫فــرة‪ ،‬ال تســتطيع أن تقــف مكتــوف األيــدي‪.‬‬ ‫مل أبــك طــوال عرشيــن عام ـاً‪ ،‬أنــا رجــل قــايس‬ ‫القلــب‪ ،‬لكننــي بكيــت كثــرا ً يف األعــوام‬ ‫األربعــة األخــرة»‪.‬‬ ‫يف جنــوب الجزيــرة‪ ،‬أشــخاص آخــرون أخــذوا‬ ‫عــى عاتقهــم أن يســاعدوا الالجئــن عــر عمــل‬ ‫تطوعــي يف مركــز أطلقــوا عليــه اســم «قريتنــا‬ ‫ســوية»‪ .‬ويقــول أحــد مؤســي هــذا املركــز‬ ‫ويدعــى إيفــي التســوديس إنــه ال يســتطيع‬ ‫البقــاء عــى حيــاد أمــام أشــخاص وهــم ميوتــون‬ ‫مــع أطفالهــم‪ .‬ويتابع «هــذا مســتحيل‪ ،‬أن ترتك‬ ‫شــخصاً ميــوت يف الشــارع فهــذا أيضــا جرميــة»‪.‬‬ ‫ويقــول ويــل ترينــر‪ ،‬وهــو طالــب حقــوق‬ ‫شــارك يف عمليــات اإلنقــاذ‪ ،‬نــر مقــاالً يف‬ ‫صحيفــة «االندبندنــت» الربيطانيــة حــول‬ ‫الكارثــة اإلنســانية التــي أصبــح البحــر األبيــض‬ ‫املتوســط مرسحــاً لهــا‪ ،‬روى فيــه حكايــات‬ ‫مروعــة عــن مهاجريــن هاربــن مــن الحــروب‬ ‫والقمــع والعنــف يف بلدانهــم‪ ،‬يواجهــون خطــر‬ ‫املــوت مــن أجــل الوصــول إىل أوروبــا‪.‬‬ ‫وقــال ترينــر إن ســفينة إنقــاذ تابعــة ملنظمــة‬ ‫أطبــاء بــا حــدود تلقــت إنــذارا ً بغــرق قــارب‬ ‫عــى متنــه نحــو ‪ 700‬شــخص‪ ،‬فتوجهــت‬ ‫إىل املــكان لتجــد مناظــر مروعــة‪ ،‬ألشــخاص‬ ‫ميســكون بسـرات النجــاة لعلهــا تنقذهــم مــن‬ ‫الغــرق‪ ،‬وأغراضهــم تطفــو مــن حولهــم‪.‬‬

‫ترك برس‬

‫ضبطــت فــرق خفــر الســواحل الرتكيــة‬ ‫يف بحــر إيجــه (غــريب تركيــا)‪ ،‬ألفــن و‪631‬‬ ‫مهاج ـرا ً غــر رشعــي‪ ،‬خــال أربعــة أيــام‪.‬‬ ‫وذلــك وفقــاً لبيــان صــادر عــن واليــة إزمــر‪،‬‬ ‫جــاء فيــه‪ ،‬أن فــرق خفــر الســواحل نفــذت ‪50‬‬ ‫عمليــة أمنيــة بــن يومــي ‪ 7 - 4‬آب‪ /‬أغســطس‬ ‫الجــاري‪ ،‬ضمــن إطــار «حركــة األمــل يف إيجــه»‪،‬‬ ‫للحــد مــن ظاهــرة الهجــرة غــر الرشعيــة يف‬ ‫البحــر‪ ،‬قامــت خاللهــا بضبــط ألفــن و‪631‬‬ ‫مهاج ـرا ً غــر رشعــي‪.‬‬ ‫حيــث نفــذت فــرق خفــر الســواحل ‪15‬‬ ‫عمليــة أمنيــة يف مناطــق «ديكيــي»‪ ،‬و»ســفري‬ ‫حصــار»‪ ،‬وتشيشــمه»‪ ،‬و»منــدرس»‪ ،‬و»قــره‬ ‫بــورون» بإزمــر‪ ،‬ضبطــت خاللهــا ألــف و‪128‬‬ ‫مهاجــرا ً‪.‬‬ ‫كــا ضبطــت الســلطات يف جنــاق قلعــة بـــ‬

‫‪ 15‬عمليــة أمنيــة ألــف و‪ 20‬مهاجــرا ً‪ ،‬إضافــة‬ ‫إللقائهــا القبــض عــى ‪ 102‬مهاج ـرا ً يف منطقــة‬ ‫«كــوش أدايس» بواليــة آيــدن‪ .‬يف حــن ضبطــت‬ ‫يف منطقــة «أيفاليــك» التابعــة لواليــة باليــك‬ ‫إســر‪ 33 ،‬مهاجــرا ً‪ ،‬بينــا ألقــت القبــض يف‬ ‫مناطــق «بــودروم»‪ ،‬و»مرمريــس»‪ ،‬وداتشــا»‪،‬‬ ‫‪ 348‬مهاجــرا ً غــر رشعــي‪.‬‬ ‫كــا عــرت فــرق خفــر الســواحل خــال هــذه‬ ‫العمليــات عــى جثتــي مهاجريــن‪ ،‬يف بحــر‬ ‫إيجــه‪.‬‬ ‫وكشــف البيــان‪ ،‬أن فــرق خفــر الســواحل‪،‬‬ ‫خــال ‪ 806‬عمليــة اعتبــارا ً مــن شــهر كانــون‬ ‫الثــاين‪ /‬ينايــر‪ ،‬ألقــت القبــض عــى ‪ 28‬ألــف‬ ‫و‪ 558‬مهاجــرا ً غــر رشعــي‪ ،‬إضافــة العتقــال‬ ‫‪ 45‬مهرب ـاً‪ ،‬تــم إحالتهــم للســلطات القضائيــة‬ ‫يف البــاد ‪.‬‬

‫منب��ج ب�ين الي��أس واألم��ل‬

‫ابو البراء الشامي ‪ -‬ريف حلب‬ ‫هــذه االيــام تشــبه أيــام املدينــة الخــوايل‬ ‫قبــل ســقوط النظــام بعــدة أيــام‪ ،‬تضطــرب‬ ‫حركــة املدينــة بأهلهــا وأســواقها وحركتهــا‪،‬‬ ‫ال يشء يوحــي بأنهــا مدينــة ســوى حركــة‬ ‫ســكانها املثقلــن بالهواجــس‪ ،‬فقــد أصبحــت‬ ‫الوجــوه غــر الوجــوه‪ ،‬والعــادات ليســت كــا‬ ‫كانــت‪ ،‬تغــرت جميــع املعــامل باســتثناء معــامل‬ ‫الحجــارة‪ ،‬فقــط حركــة العربــات العســكرية‬ ‫املحملــة بجنــود التنظيــم املدججــن باألســلحة‪،‬‬ ‫وموجــة مــن النازحــن مــن الريــف الرشقــي‪،‬‬ ‫ممــن أرغمــوا عــى هجــر منازلهــم وأوطانهــم‬ ‫الصغــرة بفعــل الحــرب اللعينــة ومامرســات‬ ‫بعــض املليشــيات التــي ادعــت يومــاً أنهــا‬ ‫جــاءت لتحريــر هــؤالء املعتقلــن يف ســجن‬ ‫كبــر‪.‬‬ ‫ذنــب أبناؤهــا ممــن انتســبوا للثــورة وأوقدوهــا‬ ‫ويدفعــون اليــوم مثــن مواقفهــم‪ ،‬أنهــم مل‬ ‫يحســنوا تنظيــم أمورهــم إلدارة املدينــة‬ ‫عســكرياً وأمني ـاً‪ ،‬فيــا كانــت األمــور املدنيــة‬ ‫شــبه منظمــة‪ ،‬ورغــم ذلــك كان األهــايل غــر‬ ‫راضــن عــا آلــت اليــه األمــور‪ ،‬أيضــاً دفــع‬ ‫الســكان مثنــاً باهظــاً جــراء عــدم قبولهــم‬ ‫بالواقــع‪ ،‬رمبــا كانــوا يأملــون بتحســن األمــور‪،‬‬ ‫وكان األمــر أشــد إيالمـاً عندمــا خرجــت بعــض‬ ‫املظاهــرات تنــادي (الجيــش الحــر حرامــي)‬

‫بدنــا (الجيــش اإلســامي)‪ ،‬اســتغلت هــذه‬ ‫الظــروف مــن قبــل اإلســاميني‪ ،‬وهيمنــوا عــى‬ ‫مقــدرات املدينــة‪.‬‬ ‫تبــدو اليــوم املدينــة الخاويــة عــى عروشــها‪،‬‬ ‫مثــل تلــك األيــام التــي ســبقت ســقوط النظــام‬ ‫بأيــام‪ ،‬رغــم اختــاف الظــروف‪ ،‬واملتغــرات‬ ‫االقليميــة والدوليــة‪ ،‬فقــد ســبق ســقوط‬ ‫النظــام يف املدينــة‪ ،‬حالــة مــن الغليــان الشــعبي‬ ‫عــى سياســات النظــام يف قمــع املظاهــرات‬ ‫واالعتــداءات املتكــررة عــى املعتقلــن‪ ،‬رغــم‬ ‫عــدم وجــود مــا يوحــي مبظاهـرات يف املدينــة‪،‬‬ ‫بســبب قمــع التنظيــم لــكل أشــكال التعبــر‬ ‫عــن الــرأي‪ ،‬لكــن حقيقــة األمــر تستشــف‬ ‫مــن الهاربــن مــن جحيــم القمــع اىل خلــف‬ ‫الحــدود‪ ،‬ومــن خــال تنهــدات األصــوات‬ ‫املكلومــة‪ ،‬وتعابــر وجــوه أضناهــا الكبــت‬ ‫واالذالل يف كل نواحــي الحيــاة‪.‬‬ ‫تختلــف الوقائــع وتتشــابه الظــروف‪ ،‬لكــن‬ ‫هنــاك حقيقــة واحــدة‪ ،‬مــات الكثــر مــن‬ ‫أجلهــا‪ ،‬أن عــودة االصيــل ال بــد منهــا‪ ،‬رغــم كل‬ ‫بطــش وبــأس البديــل مــع كل قذيفــة تــدوي‬ ‫ورصاصــة تئــز‪ ،‬تــزرع أمـاً كاد أن ميــوت يومـاً‪،‬‬ ‫كحــال الســوريني جميعــاً‪ ،‬أملهــم يف فوهــات‬ ‫البنــادق واملدافــع بعــد أن أثبتــت جميــع‬ ‫الحلــول األخــرى فشــلها وعــدم جدواهــا‪،‬‬ ‫وتبقــى املدينــة بــن يــأس يتــاىش وأمــل يكــر‪...‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الرق��ة‪ ..‬الرعاي��ة الصحي��ة تنه��ار يف عاصم��ة اخلالف��ة عائل��ة األس��د تقت��ل الس��وريني‬ ‫باستهتار إجرامي مل تفلت منه الفئات‬ ‫املزعوم��ة‪ ،‬وظهور ح��االت إيدز‬ ‫وكالة هافينغتون بوست عريب‬ ‫احلاضنة إلرهاب األس��د وخمابراته!!‬ ‫جــذب تنظيــم «الدولــة اإلســامية»‬ ‫اآلالف مــن املقاتلــن األجانــب وأرسهــم‬ ‫إىل ســوريا ووعــد أنصــاره ببنــاء الخالفــة‬ ‫اإلســامية املزعومــة‪ ،‬غــر أن مدينــة الرقــة‬ ‫الســورية التــي اتخذهــا التنظيــم عاصمــة‬ ‫لدولتــه‪ ،‬تعــاين مــن تدهــور الخدمــات‬ ‫الصحيــة وظهــور بعــض حــاالت اإليــدز‪،‬‬ ‫خاصــة لــدى فتيــات قدمــن مــن دول غربيــة‪.‬‬ ‫وكــا كتــب الصحــايف طــارق فرحــات‪،‬‬ ‫املشــكلة ال تقتــر عــى ذلــك فقــط‪ ،‬إذ‬ ‫أن القيــود التــي يفرضهــا التنظيــم عــى‬ ‫«اختــاط» النســاء بالرجــال‪ ،‬يجعــل مــن‬ ‫املســتحيل تقريبــاً أن تتلقــى الكثــرات‬ ‫الرعايــة املناســبة‪ ،‬مــا يضطرهــن للذهــاب‬ ‫إىل املناطــق الخاضعــة لســيطرة النظــام‪.‬‬ ‫وفقــاً لصحيفــة «كريســتاين ســاينس‬ ‫مونيتــور» األمريكيــة‪ ،‬فــإن الخدمــات الصحيــة‬ ‫التــي كان يقدمهــا النظــام الســوري ســابقاً‬ ‫يف الرقــة كانــت أفضــل بكثــر مــن أوضاعــه‬ ‫الحاليــة‪.‬‬ ‫العالج والدواء غري متوفر‬ ‫اآلن تفــرض إدارة املستشــفى الوطنــي يف‬ ‫الرقــة رســوماً للخدمــات الطبيــة‪ ،‬وتبلــغ‬ ‫تكلفــة اختبــارات الــدم حاليــاً ‪ 10‬دوالر يف‬ ‫املستشــفى العــام‪ ،‬و‪ 20‬دوالر يف العيــادات‬ ‫الخاصــة‪.‬‬ ‫كــا بــات الحصــول عــى األدويــة مــن‬ ‫الصيدليــات أم ـرا ً صعب ـاً‪ ،‬ناهيــك عــن عجــز‬ ‫املستشــفيات التــي يســيطر عليهــا تنظيــم‬ ‫الدولــة عــن إجــراء العمليــات الجراحيــة‬ ‫الحساســة‪ ،‬أو التعامــل مــع مــرىض الرسطــان‪.‬‬ ‫تقــول «وهــدة» الســورية‪ ،‬إنهــا ســافرت‬ ‫إىل تركيــا إلجــراء جراحــة طبيــة يف القــدم‬

‫املرص��د الس��وري‪ :‬اعتص��ام يف الالذقي��ة الس��ورية للمطالب��ة‬ ‫مبعاقب��ة أح��د أقارب األس��د‬

‫لصعوبــة إجــراء العمليــة يف الرقــة‪ ،‬كــا‬ ‫ينتقــل النــاس إىل املناطــق الخاضعــة لســيطرة‬ ‫النظــام لجلــب األدويــة التــي ال تتوفــر يف‬ ‫الرقــة‪.‬‬ ‫الفصل بني اجلنسني‬ ‫ويف ظــل القيــود االجتامعيــة الصعبــة التــي‬ ‫يفرضهــا تنظيــم الدولــة يف الرقــة‪ ،‬بالفصــل‬ ‫الصــارم بــن الجنســن‪ ،‬ومنــع النســاء مــن‬ ‫الذهــاب إىل املستشــفيات والعيــادات مــن‬ ‫دون اصطحــاب الــزوج أو االبــن‪ ،‬كلهــا مثلــت‬ ‫عقبــات يف بعــض الحــاالت‪ ،‬خاصــة مــا يتعلــق‬ ‫منهــا بحــاالت الطــوارئ‪.‬‬ ‫أطباء بال خربة‬ ‫وفيــا يتعلــق بالطواقــم الطبيــة يف‬ ‫املستشــفيات‪ ،‬يعتمــد تنظيــم الدولــة‬ ‫عــى األطبــاء األجانــب وخريجــي كليــات‬ ‫الطــب الجــدد الســتكامل الطواقــم الطبيــة‬ ‫باملستشــفيات والعيــادات‪ .‬ومعظــم هــؤالء‬ ‫األطبــاء عــادة مــا يفتقــرون إىل خــرة التعامل‬ ‫مــع إصابــات الحــرب‪ ،‬ولذلــك يتــم نقــل‬ ‫مقاتــي التنظيــم املصابــن بجــروح خطــرة إىل‬ ‫املوصــل‪ ،‬التــي تحظــى مبرافــق طبيــة أفضــل‪.‬‬

‫بيان صادر عن قيادة لواء ثوار الرقة‬

‫يف يونيو‪/‬حزي ـران املــايض‪ ،‬ســافرت مجموعــة‬ ‫مــن طــاب الطــب الربيطانيــن الذيــن كانــوا‬ ‫يتابعــون دراســتهم يف الســودان مــن الخرطوم‬ ‫لالنضــام إىل تنظيــم الدولــة عــر تركيــا‪ ،‬وفقـاً‬ ‫لتقاريــر صحفيــة بريطانيــة وتركيــة‪.‬‬ ‫كارثة اإليدز‬ ‫مــن جانبهــا‪ ،‬ذكــرت حملــة «الرقــة تذبــح‬ ‫بصمــت» أنهــا وثقــت إصابتــن بعــدوى‬ ‫اإليــدز يف املدينــة‪ ،‬األوىل المــرأة تونســية‬ ‫أنجبــت يف أواخــر شــهر يوليو‪/‬متــوز‪ ،‬بينــا‬ ‫كانــت الحالــة الثانيــة إلحــدى املهاجــرات‬ ‫الفرنســيات مــن أصــل مغــريب‪.‬‬ ‫وقالــت الحملــة أن هنــاك عــدة عوامــل‬ ‫ســاهمت يف زيــادة خطــر اإلصابــة بفــروس‬ ‫اإليــدز بــن مقاتــي تنظيــم الدولــة‬ ‫وزوجاتهــم‪ ،‬منهــا عمليــات نقــل الــدم دون‬ ‫الفحــص الســليم‪ ،‬وانتشــار تعاطــي املخــدرات‬ ‫بــن بعــض املقاتلــن األجانــب واملحليــن‪.‬‬ ‫تنظيــم الدولــة وكــرد فعــل عــى مخاطــر‬ ‫انتشــار عــدوى اإليــدز رشع يف جلــب أجهــزة‬ ‫إلجــراء االختبــارات الطبيــة مــن معقلــه يف‬ ‫مدينــة املوصــل‪.‬‬

‫بــروت (رويــرز) ‪ -‬قــال‬ ‫املرصــد الســوري لحقــوق‬ ‫اإلنســان يــوم األحــد إن نحــو‬ ‫ألــف ســوري بــدؤوا اعتصامــاً‬ ‫يف مدينــة الالذقيــة الســاحلية‬ ‫معقــل الرئيــس الســوري بشــار‬ ‫األســد للدعــوة إلنــزال العقــاب‬ ‫بأحــد أفــراد عائلتــه الــذي‬ ‫يتهمونــه بقتــل عقيــد يف الجيش‬ ‫إثــر خــاف عــى أفضليــة املــرور‪.‬‬ ‫وقــال املرصــد يف بيــان «نفــذ أكــر مــن ألــف‬ ‫شــخص اعتصامـاً عنــد دوار الزراعــة يف مدينــة‬ ‫الالذقيــة احتجاج ـاً عــى قتــل ســليامن هــال‬ ‫األســد ‪-‬نجــل ابــن عــم بشــار األســد‪ -‬للعقيــد‬ ‫حســان الشــيخ الضابــط يف القــوى الجويــة عند‬ ‫دوار األزهــري مبدينــة الالذقيــة ليــل الســادس‬ ‫مــن أغســطس آب بإطــاق النــار عليــه وقتلــه‬ ‫أمــام أطفالــه بســبب تجــاوز العقيــد بســيارته‬ ‫ســيارة ســليامن األســد‪».‬‬ ‫ودعــا املعتصمــون إىل إعــدام ســليامن األســد‬ ‫ابــن هــال األســد الــذي قتــل يف معــارك مــع‬ ‫الفصائــل اإلســامية املعارضــة للحكومــة يف‬ ‫العــام املــايض‪ ،‬كــا أطلقــوا هتافــات مؤيــدة‬ ‫للرئيــس الســوري بشــار األســد‪.‬‬ ‫وتباينــت الروايــات عــن تفاصيــل مــا حــدث‪.‬‬ ‫لكــن املرصــد الســوري ومؤيديــن للرئيــس‬ ‫الســوري عــى وســائل التواصــل االجتامعــي‬ ‫قالــوا إن ســليامن األســد غضــب حــن تجــاوزه‬ ‫العقيــد الشــيخ بســيارته التــي كان يســتقلها‬ ‫بصحبــة أرستــه يف أحــد شــوارع الالذقيــة فقتلــه‬

‫بالرصــاص‪.‬‬ ‫وقــال عــدد مــن مؤيــدي األســد إن أحــد حراس‬ ‫ســليامن الشــخصيني هــو مــن قتــل الشــيخ‪.‬‬ ‫وظهــر املعتصمــون يف مقطــع فيديــو نــر عىل‬ ‫وســائل التواصــل االجتامعــي وهــم يهتفــون‬ ‫«الشــعب يريــد إعــدام ســليامن‪».‬‬ ‫ومل تــرد أي تقاريــر عــن وقــوع اشــتباكات‬ ‫بــن املعتصمــن ورجــال الرشطــة يف الالذقيــة‬ ‫يف حــن مل تــورد وســائل اإلعــام الســورية‬ ‫الرســمية أي تقريــر عــن االعتصــام أو الحــادث‬ ‫الــذي ســبقه‪.‬‬ ‫ويدعــم العلويــون الذيــن يشــكلون نحــو ‪10‬‬ ‫يف املئــة مــن الســوريني البالــغ عددهــم ‪23‬‬ ‫مليــون نســمة نظــام الرئيــس الســوري األســد‬ ‫يف الحــرب املســتمرة منــذ أكــر مــن أربــع‬ ‫ســنوات‪.‬‬ ‫غــر أن ناشــطني مــن املعارضــة الســورية‬ ‫يقولــون إن هنــاك حالــة مــن االســتياء املتزايــد‬ ‫يف الالذقيــة معقــل األســد بســبب مقتــل أعــداد‬ ‫كبــرة مــن املقاتلــن واملدنيــن العلويــن الذيــن‬ ‫يقــدرون بعــرات اآلالف يف الــراع فضــاً‬ ‫عــن فســاد املســؤولني‪.‬‬

‫املهارات الس��ورية تتح��دى الظروف الصعب��ة‪ ،‬وأحد كبار‬ ‫رجال األعمال األتراك يش��يد بالشعب السوري!‬ ‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬ ‫التفــوق الــدرايس للطــاب الســوريني‪،‬‬ ‫والتأقلــم االقتصــادي مــع ظــروف الهجــرة‬ ‫واللجــوء تعيــد للســوريني ثقتهــم بأنفســهم‬ ‫والتقــدم ألخــذ مكانــة الئقــة رغــم كل املحــن‬ ‫التــي تحيــط بهــم‪.‬‬ ‫عــر رجــل أعــال تــريك عــن اعتــزازه‬ ‫وقــد ّ‬ ‫بالشــعب الســوري معتــرا ً أنــه «الشــعب‬ ‫الــذي يجــب أن يُكتــب عنــه»‪ ،‬ألنــه «شــعب‬ ‫مجـ ّد مجتهــد‪ ،‬منتــج‪ ،‬حيــوي‪ ،‬مبــدع ذو همــة‬ ‫عاليــة وكرامــة ال تــرىض األخــذ وإمنــا العطــاء‬ ‫حتــى يف أســوأ الظــروف وأقســاها»‪.‬‬ ‫وقــال املهنــدس‪ ،‬يوســف كاتــب أوغلــو‪،‬‬ ‫يف منشــور عــى صفحتــه الشــخصية يف‬ ‫«فيســبوك»‪« :‬عــى الرغــم مــن وجــود بعــض‬ ‫الصــور الســلبية املســيئة لســمعة الســوريني‬ ‫وقيمهــم مــن تســول‪ ،‬وعــدم مراعــاة بعــض‬ ‫عــادات األتــراك وغريهــا عــى أنهــا تبقــى‬ ‫حــاالت فرديــة محــدودة وغــر مقبولــة مــن‬ ‫قبــل غالبيــة الســوريني أنفســهم»‪ .‬وتابــع‬ ‫أوغلــو‪« :‬أنــا هنــا كرجــل أعــال تــريك أتــرف‬ ‫بجميــع الســوريني وأرى بــأن غالبيتهــم عبــارة‬ ‫عــن طاقــات إنتاجيــة عاليــة وعاملــة‪ ،‬ذوي‬ ‫مهــارات وخـرات مميــزة أعطــت قيـاً إضافية‬ ‫للمجتمــع الــريك خصوصـاً يف مجــال الســياحة‬

‫وخدمــات املطاعــم والنســيج ومراكــز التعليــم‬ ‫والصناعــات الخفيفــة والتصديــر وغريهــا»‪.‬‬ ‫وأشــار رجــل األعــال الــريك إىل أن أكــر مــا‬ ‫شــد انتباهــه عنــد لقائــه مــع بعــض الســوريني‬ ‫الذيــن جــاؤوا بــرأس مــال متواضــع أنهــم‬ ‫اســتطاعوا خــال فــرة قصــرة أن يعوضــوا مــا‬ ‫خــروه يف بلدهــم‪ ،‬ويعملــوا بجــد ويتوســعوا‬ ‫ويصبحــوا أربــاب أعــال ومشـغّلني ألكــر مــن‬ ‫‪ 100‬ســوري يف نشــاطهم التجــاري‪ .‬وأضــاف‪:‬‬ ‫«وعــى الرغــم مــن كل الظــروف الصعبــة‬ ‫وعوائــق اللغــة وعــدم الخــرة بالبلــد وقوانينها‬ ‫ونظامهــا املــايل والرضيبــي فــإن أهــم أســباب‬ ‫نجــاح الســوريني يف تركيــا هــو تبنــي الســيد‬ ‫رئيــس الجمهوريــة‪ ،‬رجــب طيــب أردوغــان‪،‬‬ ‫سياســة خاصــة تجــاه الشــعب الســوري ودعــم‬ ‫الحكومــة الرتكيــة لهــا مــن خــال تقديــم‬ ‫كامــل التســهيالت الالزمــة إلقامتهــم وعملهــم‬ ‫وإصــدار االســتثناءات وقوانــن العمــل‬ ‫الخاصــة وتســهيالت فتــح الــركات واإلعفــاء‬ ‫مــن الرضائــب وغريهــا»‪.‬‬ ‫وتوقــع أوغلــو أن يكــون للســوريني املقيمــن‬ ‫يف تركيــا الحــظ األوفــر يف االســتفادة مــن‬ ‫إمكانــات تركيــا يف مجاالتهــا املختلفــة لبنــاء‬ ‫ســوريا الجديــدة بعــد عودتهــم إليهــا قريبــاً‬ ‫«إن شــاء اللــه»‪ ،‬مضيفــاً أن «تركيــا ســتبقى‬ ‫بلدهــم الثــاين الــذي احتضنهــم عندمــا تخــى‬

‫العــامل عنهــم»‪ .‬وســيبقى الشــعب الســوري‪-‬‬ ‫كــا قــال‪ -‬خــر مــن يــرد الجميــل‪ .‬وهــو‬ ‫«الشــعب الــذي يجــب أن يُكتــب عنــه»‪.‬‬ ‫وبحســب معطيــات اتحــاد الغــرف‬ ‫والبورصــات الرتكيــة يــوم االثنــن ‪2015/7/20‬‬ ‫فــإن الســوريني هــم أكــر مــن أســس رشكات‬ ‫ومؤسســات برأســال أجنبــي يف تركيــا‪ ،‬حيــث‬ ‫أن ثلــث الــركات خــال األشــهر الســتة األوىل‬ ‫مــن العــام الحــايل ‪ 2015‬تعــود لســوريني‪،‬‬ ‫حيــث أسســوا ‪ 750‬رشكــة مــن أصــل ‪،2395‬‬ ‫تالهــم األملــان بـــ ‪ 184‬رشكــة‪ ،‬كــا بلــغ عــدد‬ ‫الــركات التــي افتتحهــا األجانــب خــال‬ ‫الشــهر املــايض (حزيــران ‪ 445 ،)2015‬رشكــة‬ ‫‪ 141‬منهــا ســورية‪ ،‬و‪ 27‬رشكــة أملانيــة‪ ،‬و‪25‬‬ ‫رشكــة عراقيــة‪ .‬وازداد حجــم الــركات التــي‬ ‫تــم تأسيســها يف تركيــا خــال النصــف األول‬ ‫مــن العــام الجــاري بنســبة ‪ 18.12‬باملئــة‬ ‫مقارنــة مــع العــام املــايض‪ ،‬لرتتفــع مــن ‪29708‬‬ ‫رشكــة إىل ‪ 35090‬رشكــة‪ ،‬وكان لرجــال األعــال‬ ‫الســوريني النصيــب األكــر مــن تأســيس هــذه‬ ‫الــركات‪.‬‬ ‫ويُعــد «يوســف كاتــب أوغلــو» مــن‬ ‫الشــخصيات االقتصاديــة واإلعالميــة الهامــة‬ ‫يف تركيــا‪ ،‬والرجــل األبــرز الــذي أســهم يف‬ ‫نقــل التجربــة الرتكيــة االقتصاديــة إىل الــدول‬ ‫العربيــة‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫مشفى األطفال يف شانلي أورفا‬ ‫خدمات صحية جمانية للس��وريني‪ ،‬وتعامل إنس��اني من الدرجة األوىل يساوي بني األتراك والسوريني‪.‬‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫منــذ أن جــاء حــزب العدالــة والتنميــة إىل الحكــم‬ ‫يف تركيــا‪ ،‬تغــرت املنظومــة الصحيــة بالكامــل‪ ،‬وأصبــح‬ ‫املواطــن الــريك يحصــل عــى الخدمــات الصحيــة مــن‬ ‫تشــخيص وعــاج بشــكل مجــاين‪ ،‬عــر جميــع املشــايف‬ ‫واملراكــز الصحيــة الحكوميــة‪.‬‬ ‫واجهــت تركيــا تدفــق الالجئــن الســوريني منــذ‬ ‫انــدالع الثــورة الســورية بطريقــة حضاريــة‪ ،‬واعتــرت‬ ‫كل الســوريني عــى أراضيهــا ضيوفــاً‪ ،‬وهــو مــا أكــده‬ ‫املســؤولون يف ترصيحاتهــم املتالحقــة‪ ،‬التــي أشــاعت‬ ‫بــن النــاس أن الســوريني هــم املهاجــرون‪ ،‬ومضيفيهــم‬ ‫هــم األنصــار‪ ،‬يف صــورة تحمــل أكــر مــن معنــى ســام‬ ‫تجــاه املحنــة التــي يعيشــها الشــعب الســوري وهــو‬ ‫يواجــه آلــة القتــل األســدية‪.‬‬ ‫ســاوى القانــون الــريك يف الحقــوق والواجبــات بــن‬ ‫جميــع املواطنــن الذيــن يعيشــون ضمــن األرايض‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬مراعيـاً مبــادئ حقــوق اإلنســان‪ ،‬ومــن جملــة‬ ‫هــذه الحقــوق الحصــول عــى الخدمــات الصحيــة كافــة‬ ‫لجميــع املواطنــن‪ ،‬ومــن ضمنهــم الســوريون‪ ،‬فمشــفى‬ ‫‪ 500‬ومشــفى حــران الجامعــي ومشــفى التوليــد‬ ‫تخصصــت بتقديــم ســبل العــاج للكبــار مــن النســاء‬ ‫والرجــال بكافــة االختصاصــات‪ ،‬ومشــفى األطفــال يف‬ ‫أورفــا تكفــل باألطفــال مــن عمــر يــوم واحــد إىل ســن‬ ‫الثامنــة عــرة‪.‬‬ ‫وللحديــث عــن مشــفى األطفــال يف شــانيل أورفــا‬ ‫التقينــا برئيــس األطبــاء الدكتــور أحمــد كــوزال‬

‫جيجيــك‪ ،‬الــذي قــال يف معــرض حديثــه عــن نوعيــة‬ ‫الخدمــات والتداخــات الطبيــة يف املشــفى‪ :‬يتميــز‬ ‫مشــفى األطفــال يف شــانيل أورفــا بنوعيــة الخدمــات‬ ‫الصحيــة‪ ،‬ضمــن منظومــة صحيــة منظمــة ومتكاملــة‪،‬‬ ‫بدقــة عاليــة وكفــاءة عــى كافــة املســتويات‪ ،‬مــن‬ ‫ناحيــة النــوع والكيــف‪ ،‬وتوفــر طاقــم طبــي متكامــل‬ ‫مــن الفنيــن واملمرضــن واألطبــاء املختصــن‪ ،‬يف عــدد‬ ‫كبــر مــن االختصاصــات الطبيــة‪ ،‬ويحتــوي املشــفى‬ ‫عــى ‪ /355/‬رسيــر‪ ،‬ويــرف عــى الفحــص والتشــخيص‬ ‫والعــاج نحــو ‪ 40‬طبيبـاً مختصـاً باألطفــال‪ ،‬و‪ 10‬أطبــاء‬ ‫أخصائيــن نوعيــن يف طــب األطفــال‪ ،‬ويراجــع املشــفى‬ ‫أكــر مــن ‪ /6000/‬مريــض ســوري يف الشــهر الواحــد‪.‬‬ ‫وعــن اإلجــراءات املتبعــة لألطفــال الســوريني‪ ،‬الذيــن‬ ‫يراجعــون املشــفى للحصــول عــى العــاج الــازم‪،‬‬ ‫يقــول كــوزال جيجيــك‪ :‬يتميــز املشــفى بتفــرد عملــه‬ ‫املنظــم واملنتظــم‪ ،‬فــأول إج ـراء متبــع يتــم يف مكتــب‬

‫‪7‬‬

‫الحرملي‬ ‫آمال م ّ‬ ‫ُعلقة‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬

‫القيــد والقبــول‪ ،‬الــذي يقــوم باســتقبال املــرىض عــى‬ ‫أكمــل وجــه رغــم االزدحــام الشــديد‪ ،‬ويتــم تصويــر‬ ‫هويــة املريــض (الكيمليــك)‪ ،‬ثــم يوجــه إىل طبيــب‬ ‫خــاص بالســوريني للنظــر بحالتــه‪ ،‬ويتــم إعادتــه إىل‬ ‫نفــس القســم‪ ،‬ليتــم تســجيله وفــق تشــخيص الطبيــب‬ ‫األويل‪ ،‬وتوجيهــه إىل العيــادة املطلوبــة‪ ،‬حيــث يوجــد يف‬ ‫املشــفى ‪ /25/‬عيــادة يف مختلــف اختصاصــات األطفــال‪،‬‬ ‫وهنــاك يصحبــه مرتجــم ســوري متطــوع‪ ،‬يتــم فحصــه‬ ‫رسيريـاً‪ ،‬وحســب حالتــه تتــم اإلجـراءات الالزمــة وهي‪،‬‬ ‫إن كان املــرض بســيطاً‪ ،‬كالرتفــع الحــروري أو اإلســهال‬ ‫أو اإلقيــاء‪ ،‬يقــوم الطبيــب املختــص بكتابــة الوصفــة‬ ‫الطبيــة الالزمــة‪ ،‬والتــي تــرف مجانـاً مــن الصيدليــات‬ ‫الخارجيــة‪ ،‬وإن كان املــرض أكــر صعوبة‪ ،‬يقــوم الطبيب‬ ‫بتحوبلــه إىل أقســام أخــرى إلجـراء التحاليــل أو التصوير‬ ‫الشــعاعي أو الفحــص باإليكــو‪ ،‬وعندهــا يقــرر الطبيــب‬ ‫حســب املعطيــات الجديــدة‪ ،‬إمــا االكتفــاء بكتابــة‬ ‫وصفــة طبيــة‪ ،‬وتقديــم بعــض الخدمــات اإلســعافية‪،‬‬ ‫أو يقــرر الطبيــب إقامتــه باملشــفى‪ ،‬قســم الغــرف‬ ‫(الرسفيــس)‪ ،‬بعــد أن يتــم فتــح ملــف طبــي حــول‬ ‫حالتــه الصحيــة‪ ،‬وتتخــذ إجــراءات فوريــة لــه‪ ،‬تبــدأ‬ ‫بفتــح الوريــد‪ ،‬وإمــداده بالســروم واألدويــة الالزمــة‪.‬‬ ‫ويتابــع الدكتــور كــوزال جيجيــك حديثــه‪ ،‬قائ ـاً‪ :‬مــن‬ ‫املمكــن أن يتخــذ الطبيــب املختــص قــرارا ً بإحالــة‬ ‫املريــض إىل قســم العنايــة املركــزة‪ ،‬إن كانــت حالتــه‬ ‫حرجــة وخطــرة‪ ،‬حيــث يتوفــر يف املشــفى أربــع صاالت‬ ‫تحتــوي مــن ‪ 25 – 20‬حاضنــة‪ ،‬ويــرف عــى كل صالــة‬ ‫ثالثــة أطبــاء وعــدد مــن املمرضــن والفنيــن‪ ،‬وتوفــر‬ ‫الخدمــات عــى مــدار اليــوم‪ ،‬والتــي تتضمــن العــاج‪،‬‬ ‫وإجــراءات الفحــص باإليكــو‪ ،‬والتصويــر الشــعاعي‪،‬‬ ‫والرنــن املغناطيــي والتحاليــل الطبيــة بأنواعهــا‬ ‫املختلفــة‪ ،‬بالتعــاون مــع مشــفى ‪ 500‬أو مشــفى حـران‬ ‫الجامعــي‪ ،‬ويُعطــى أهــل املريــض تقري ـرا ً كام ـاً عــن‬ ‫حالــة مريضهــم يف حالــة الشــفاء‪ ،‬إضافــة إىل متابعــة‬ ‫يوميــة لإلجـراءات املتبعــة‪ ،‬واإلجابــة عــن االستفســارات‬

‫كافــة‪.‬‬ ‫ومــن القصــص الالفتــة التــي حدثــت يف املشــفى‪ ،‬أن‬ ‫رضيعــاً ســورياً راجــع مــع أهلــه املشــفى‪ ،‬ونتيجــة‬ ‫الفحــص األويل تبــن أنــه بحاجــة إىل عمليــة قلــب‪،‬‬ ‫وعــى الفــور تــم إرســاله بطائــرة إســعاف مــع طاقــم‬ ‫طبــي كامــل إىل مدينــة أنقــره‪ ،‬حيــث تــم اســتقباله‬ ‫هنــاك‪ ،‬وأجريــت لــه عمليــة ناجحــة بالقلــب‪ .‬وأيض ـاً‬ ‫عمليــة زرع كبــد لشــابة عمرهــا ‪ 14‬عام ـاً‪ ،‬متــت مبثــل‬ ‫ظــروف الحالــة األوىل‪.‬‬

‫ويختتــم الدكتــور كــوزال جيجيــك حديثــه قائــاً‪:‬‬ ‫مــن خدمــات املشــفى أيضــاً‪ ،‬تأمــن الســكن املجــاين‬ ‫الــذي يتضمــن الطعــام ألمهــات املــرىض ضمــن فنــدق‬ ‫األمهــات‪ ،‬وهــو يجعلهــن قريبــات مــن أطفالهــن‪،‬‬ ‫لــي يتــم تفقدهــم‪ ،‬وإرضاعهــم كل ثــاث ســاعات‪،‬‬ ‫كــا تقــدم املشــفى الحليــب لألطفــال مجان ـاً‪ ،‬إضافــة‬ ‫لتقديــم املالبــس ومســتلزمات األطفــال للعائــات‬ ‫الفقــرة واملحتاجــة‪ ،‬وصحيــح أننــا ننفــذ تعليــات‬ ‫الحكومــة حرفيــاً‪ ،‬لكننــا يف النهايــة نضــع الجانــب‬ ‫اإلنســاين يف املقدمــة‪.‬‬ ‫تنويــه‪ :‬نشــر إىل الــدور اإليجــايب واإلنســاين للســيد‬ ‫خليــل املصطفــى الــذي يعمــل متطوعــاً يف املشــفى‪،‬‬ ‫ويقــوم بــدور الوســيط املرتجــم بــن أهــايل املــرىض‬ ‫واملشــفى‪ ،‬إضافــة لقيامــه بــدور املرتجــم يف إضاءتنــا‬ ‫الرسيعــة حــول مشــفى األطفــال يف مدينــة شــانيل‬ ‫أورفــا‪.‬‬

‫كان مــن املمكــن أن يكــون ابنــي أحــد الغرقــى يف بحــر إيجــه‪،‬‬ ‫يف محاولتــه األوىل للعبــور إىل اليونــان‪ ،‬انقلــب بهــم «البلــم»‪،‬‬ ‫وأطــاح بأحالمهــم‪ ،‬ولــوال تدخــل العنايــة اإللهيــة‪ ،‬لكانــوا اليــوم‬ ‫طعام ـاً لألســاك‪ ،‬انتشــلهم خفــر الســواحل الــريك بعــد ســباحة‬ ‫متواصلــة ملــدة ســاعتني‪ ،‬دون أن يعرفــوا وجهتهــم‪ ،‬هكــذا تحــدث‬ ‫إلينــا أحــد األصدقــاء عــن رحلــة ابنــه املحفوفــة باملخاطــر‪.‬‬ ‫يف مكاملتــه الهاتفيــة األوىل‪ ،‬قــال‪ :‬ضعنــا يف خضــم البحــر املتالطــم‪،‬‬ ‫أنــا وحــدي عــى مــن قــارب تــريك‪ ،‬أتحــدث مــن هاتــف أحــد‬ ‫البحــارة‪ ،‬وال أعــرف مصــر رفــاق ســفري‪ ،‬فقــد تقاذفتنــا األمــواج‬ ‫بعيــدا ً‪ ،‬وغــدا ً ســأحاول مــرة ثانيــة‪ ،‬وإن مل أنجــح ســأحاول مــرة‬ ‫أخــرى‪ ،‬لــن أبقــى يف تركيــا‪ ،‬هنــا ال مســتقبل يل‪ ،‬مســتقبيل يف‬ ‫أوربــا‪ ،‬أريــد أن أتابــع دراســتي‪ .‬مل تنفــع توســات أبيــه‪ ،‬وال دمــوع‬ ‫أمــه بثنيــه عــن قـرار الســفر‪ ،‬وركــوب مخاطــر البحــر مــرة ثانيــة‬ ‫وثالثــة‪.‬‬ ‫يف محاولتــه الثانيــة‪ ،‬كان قبــل أن يبدأهــا قــد ســمع م ـرارا ً عــن‬ ‫جامعــة امللثمــن الذيــن يتعرضــون للســوريني يف عــرض البحــر‪،‬‬ ‫وكان أحدهــم قــد روى لــه‪ ،‬أن امللثمــن قامــوا بــرب كل مــن كان‬ ‫عــى مــن البلــم‪ ،‬وتــم ســلبهم كل مدخراتهــم‪ ،‬وكل مــا يحملــوه‬ ‫مــن نفيــس‪ ،‬حتــى أنهــم فتشــوا النســاء واألطفــال تفتيشـاً دقيقـاً‪،‬‬ ‫وقامــوا بتمزيــق «البلــم» بالســكاكني‪ ،‬ولــوال لطــف اللــه‪ ،‬وتدخــل‬ ‫إحــدى ســفن الصيــد‪ ،‬لكانــوا أيضـاً معرضــن للغــرق يف أيــة لحظة‪،‬‬ ‫لكنــه مــع ذلــك قــرر الذهــاب إىل اليونــان‪ ،‬وهــو مينــي النفــس‬ ‫بالوصــول‪ ،‬ومتابعــة تعليمــه يف إحــدى دول أوربــا‪ ،‬لــن يعــود‬ ‫عــن ق ـراره حتــى إن كلفــه ذلــك حياتــه‪ ،‬املحاولــة الثانيــة كانــت‬ ‫ناجحــة‪ ،‬لكــن األهــل عاشــوا عــى أعصابهــم ليومــن متتاليــن‪.‬‬ ‫قصــص الســوريني عــن الهجــرة ال تنتهــي‪ ،‬فرتكيــا أصبحــت‬ ‫مقت ـاً ألحالمهــم‪ ،‬حيــث القلــق واألمل والجــوع والضيــاع وانتظــار‬ ‫املجهــول‪ ،‬ال أمــل هنــا بحيــاة هانئــة‪ ،‬فاللقمــة مغمســة بالــذل‪،‬‬ ‫وارتفــاع أجــور الســكن ولهيــب أســعار املــواد الغذائيــة‪ ،‬أىت عــى‬ ‫كل يشء‪ ،‬ال يشء إال رحمــة اللــه أمــام انســداد األفــق لحــل مرتقــب‬ ‫ملشــكلة الســوريني الكــرى‪ ،‬املــوت والدمــار الــذي أبعدهــم عــن‬ ‫بيوتهــم وبلدانهــم‪ ،‬املــوت الــذي يرتبصهــم يف كل مــكان‪ ،‬دفعهــم‬ ‫إىل االنقيــاد إلغــراءات البحــث عــن مــا ٍذ آمــنٍ يف بــاد اللــه‬ ‫الواســعة‪ ،‬ويف ظــل وضــوح رؤيتهــم ألوضاعهــم املأســاوية التــي‬ ‫يعيشــونها‪ ،‬مل يبـ َـق أمامهــم ســوى الهجــرة إىل أوربــا‪ ،‬وال مســتقبل‬ ‫ألوالدهــم إال يف بــاد متنــح الحريــة والكرامــة لــكل قاصديهــا‪ ،‬مــا‬ ‫زال هنــاك متســع ألحــام بحيــاة مســتقرة تعيــد بصيصـاً مــن أمــل‬ ‫تائــه أو رمبــا ضائــع‪.‬‬ ‫إن ق ّيــض للســوري النجــاة مــن املــوت الهــادئ‪ ،‬وتجــاوز عقبــة‬ ‫املــوت قهـرا ً أو صـرا ً‪ ،‬فاملــوت يرتبــص بــه بقصــف صواريــخ النظام‬ ‫وبراميلــه وألغامــه البحريــة‪ ،‬وإن كُتبــت لــه النجــاة‪ ،‬وقــف لــه‬ ‫املــوت باملرصــاد عــر الكتائــب واأللويــة املتطرفــة‪ ،‬وإن كان حظــه‬ ‫جيــدا ً ونجــا برضبــة حــظ‪ ،‬فاملــوت يباغتــه وهــو يعــر الحــدود‪،‬‬ ‫وإن كُتبــت لــه الحيــاة‪ ،‬فالــذل بانتظــاره إن بقــي يف تركيــا‪ ،‬وإن‬ ‫حــاول أن يتنفــس الحريــة‪ ،‬فاملــوت يقــف لــه متحفــزا ً يعــد‬ ‫أنفاســه املتبقيــة‪ ،‬فإمــا املــوت غرقــاً أو غرقــاً‪ ،‬فــا خيــار أمــام‬ ‫الســوري ســوى املــوت أو ذل مرتقــب أينــا حــل‪.‬‬

‫اخ�تراق أم�ني جدي��د يف حرك��ة أح��رار الش��ام ي��ودي حبي��اة العدي��د م��ن قياداته��ا‬

‫بعــد مــا يقــارب العــام عــى أكــر‬ ‫انتكاســة شــهدتها حركــة أحــرار الشــام‬ ‫اإلســامية منــذ تأسيســها‪ ،‬والتــي غــرت‬ ‫مســار الحركــة عقــب اخــراق أمنــي يف‬

‫صفوفهــا انتهــت مبقتــل الع ـرات‬ ‫مــن قيــادات الصــف األول يف‬ ‫الحركــة وعــى رأســهم أبــو عبــد‬ ‫اللــه الحمــوي أمــر حركــة أح ـرار‬ ‫الشــام الســابق‪ ،‬تشــهد الحركــة‬ ‫اليــوم اخرتاق ـا ً أمني ـا ً جديــدا ً فيــا‬ ‫يبــدو أنهــا مل تتعلــم بعــد مــن‬ ‫تجربتهــا الســابقة‪ ،‬فقــد تعــرض‬ ‫أحــد مقــرات الحركــة يف جبــل‬ ‫الزاويــة بريــف إدلــب الشــايل‬ ‫ظهــر يــوم األربعــاء ‪ 2015/8/12‬لهجــوم‬ ‫انتحــاري أدى ملقتــل وإصابــة عــدد مــن‬ ‫قياداتهــا العســكرية بعــد قيــام انتحــاري‬

‫يعتقــد أنــه يتبــع لتنظيــم الدولــة‬ ‫بالدخــول إىل غرفــة االجتامعــات يف املقــر‬ ‫وتفجــر نفســه مبــن فيهــا‪.‬‬ ‫وبحســب األنبــاء التــي حصلــت عليهــا‬ ‫وكالــة خطــوة اإلخباريــة أن انتحاريــا ً‬ ‫يرتــدي حزامــا ً ناســفا ً اخــرق غرفــة‬ ‫عمليــات عســكرية أثنــاء وجــود اجتــاع‬ ‫لقيــادات عســكرية ميدانيــة مــن حركــة‬ ‫أحــرار الشــام يف مقــر لهــم يف وادي‬ ‫مرتحــون‪ ،‬الواقــع بــن بلــديت كنصفــرة‬ ‫وبليــون يف جبــل الزاويــة بريــف إدلــب‬ ‫الشــايل ليقــوم االنتحــاري وفــور دخولــه‬ ‫الغرفــة الخاصــة باالجتــاع بتفجري نفســه‪،‬‬

‫مــا أدى ملقتــل وإصابــة عــدد مــن قيــادات‬ ‫الحركــة وعنارصهــا‪.‬‬ ‫وأكــد مصــدر لوكالــة خطــوة اإلخباريــة‬ ‫أن القيــادي العســكري يف حركــة أحــرار‬ ‫الشــام «محمــد الحميــد ‪ -‬أبــو أحمــد»‬ ‫مــن بلــدة كفرومــا قــد فــارق الحيــاة‬ ‫بعــد التفجــر مبــارشة باإلضافــة ملقتــل‬ ‫القائــد العســكري للــواء العبــاس أبــو عبــد‬ ‫الرحمــن مــن بلــدة جوبــاس‪ ،‬فيــا تعــرض‬ ‫كل مــن نائــب قائــد الجنــاح العســكري يف‬ ‫الحركــة وليــد أبــو هاشــم وهــو مــن بلــدة‬ ‫بســقال‪ .‬والعقيــد جــال مــن لــواء الصديق‬ ‫والقيــادي «الشــيخ أحمــد الرشيــف»‬

‫قائــد لــواء املجاهديــن التابــع للحركــة‬ ‫إىل إصابــات بليغــة نقلــوا عــى إثرهــا إىل‬ ‫مشــايف تركيــا‪ ،‬باإلضافــة ملقتــل وإصابــة‬ ‫آخريــن مــن قيــادات وعنــارص الحركــة مل‬ ‫تحصــل الوكالــة عــى أســائهم بعــد‪.‬‬ ‫الجديــر بالذكــر أن حركــة أحــرار الشــام‬ ‫تشــهد حالي ـا ً بــروزا ً يف دورهــا العســكري‬ ‫يف ظــل التحضــرات القامئــة إلقامــة‬ ‫املنطقــة العازلــة شــال ســوريا برعايــة‬ ‫تركيــة‪ ،‬ومبباركــة مــن الحركــة بحســب‬ ‫البيــان الصــادر عنهــا قبــل أيــام‪.‬‬

‫إعداد التقرير «خطوة»‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املع��ارض اإليران��ي الدكت��ور خال��د آم��دي‪ :‬الس��لطة اإليراني��ة ذات طبيعة متوحش��ة يف االس��تبداد‬ ‫عل��ى الس��وريني أال يفتتح��وا س��فارة للس��لطة اإليراني��ة مس��تقب ً‬ ‫ال‪ ،‬افتتاحه��ا يف دمش��ق تنك��ر لدم��اء الش��هداء‬

‫الدكتــور خالــد آمــدي‪ ،‬عضــو املعارضــة‬ ‫الدميقراطيــة اإليرانيــة‪ ،‬وهــو طبيــب ج ـراح‪،‬‬ ‫يقيــم يف إنكلــرا‪ ،‬محكــوم عليــه باإلعــدام‬ ‫مــن قبــل ســلطة املــايل يف طهــران‪ ،‬عضــو‬ ‫اللجنــة املركزيــة لحركــة آررات الثوريــة‬ ‫اإليرانيــة‪ ،‬التــي تعــود مرجعيتهــا إىل الحــزب‬ ‫الدميقراطــي الكوردســتاين اإليــراين‪ ،‬مــن‬ ‫املتابعــن للثــورة الســورية‪ ،‬والربيــع العــريب‪،‬‬ ‫ينتــر للحريــة واإلنســانية دامئـاً‪ ،‬لذلــك قــرر‬ ‫أخـراً أن يتــزوج الجئــة كورديــة ســورية مــن‬ ‫أهــايل مدينــة تــل أبيــض‪ ،‬تقيــم يف شــانيل‬ ‫أورفــا‪ ،‬يف رســالة تؤكــد وحــدة مصــر طالبــي‬ ‫الحريــة‪.‬‬ ‫صحيفــة الحرمــل التقتــه يف أورفــا وأجــرت‬ ‫معــه الحــوار التــايل‪.‬‬ ‫س‪ -‬م��ا ه��ي نق��اط الق��وة ل��دى املعارضة‬ ‫اإليراني��ة وه��ل هن��اك نق��اط ضع��ف يف‬ ‫النظ��ام اإليران��ي؟‬ ‫ج‪ -‬مــن أهــم نقــاط القــوة لــدى املعارضــة‬ ‫اإليرانيــة أنهــا تجمــع كل أطيــاف املجتمــع‬ ‫اإلي ـراين بــكل مكوناتــه القوميــة واملذهبيــة‪،‬‬ ‫وتطالــب جميعهــا بالدميقراطيــة إليــران‪،‬‬ ‫ونهايــة نظــام الــويل الفقيــه‪ ،‬وهــي جميعهــا‬ ‫ســلمية التو ّجــه مــا خــا الحــزب الدميقراطــي‬ ‫الكوردســتاين اإليــراين الــذي لديــه فصيــل‬ ‫عســكري‪ ،‬ولدينــا عالقــات عميقــة‬ ‫باملجتمعــات األوروبيــة‪ ،‬وقــوى الدميقراطيــة‬

‫حمزة رستناوي‬ ‫*مــا يــزال اإلعجــاز العلمــي يحظــى‬ ‫بقبــول واســع يف املجتمعــات العربيــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬والكثــر مــن املســلمني ينظــرون‬ ‫اليــه ك ُمسـلّمة ال تقبــل الجــدال‪ ،‬عــى الرغــم‬ ‫مــن كونــه قضيّــة إشــكالية عــى الصعيــد‬ ‫املعــريف والعقائــدي‪ .‬وهــو إشــكالية مــن‬ ‫حيــث أنّ اإلعجــاز العلمــي (والعــددي ضمنـاً)‬ ‫ليــس مــا يقبلــه عامــة البــر عــر العصــور‬ ‫(مرجعيــة البداهــة الحيويــة الكونيــة‪/‬‬ ‫االجتامعيــة) وكذلـ َـك عامــة أهــل االختصــاص‬ ‫يف دراســة يف العقائــد والعلــوم‪ ،‬فهــو يدخــل‬ ‫يف بــاب محاولــة إلــزام مــا ال يُلــ ِز ْم‪ .‬وهــو‬ ‫كذلــك هــو محاولــة لالنتقــال مبرجعيــة العقــد‬ ‫الفئــوي العقائــدي (اإلســامي) املرشوطــة‬ ‫باإلميــان والقامئــة عــى االختيــار‪ ،‬إىل مرجعيــة‬ ‫ُملزمــة لــكل البــر عــى اختــاف عقائدهــم‬ ‫ومذاهبهــم‪.‬‬ ‫*رغــم أنــه يوجــد وانطالقــاً مــن مرجعيــة‬ ‫عقديــة فئويــة إســامية مــن يتحفّــظ عــى‬ ‫وجــود إعجــاز علمــي يف القــرآن الكريــم‬ ‫معلّلــن تحفظهــم بــأن القــرآن الكريــم‬ ‫كتــاب حقائــق ثابتــة مطلقــة‪ ،‬بينــا الحقائــق‬ ‫متغــرة‪ ،‬وكذلــك بعــدم‬ ‫العلميــة نســبية‬ ‫ّ‬ ‫اختصــاص القــرآن يف قضايــا العلوم‪..‬الــخ‪ .‬إال‬ ‫أن املنطــق الحيــوي باســتناده إىل مرجعيــة‬ ‫البداهــة الحيويــة الكونيــة‪ /‬االجتامعيــة يقـ ّدم‬

‫يف العــامل‪ ،‬ونتمتــع بتأييــد قطاعــات واســعة‬ ‫مــن املجتمــع اإليــراين‪.‬‬ ‫أمــا نقــاط الضعــف لــدى النظــام اإليــراين‬ ‫فهــو ككل نظــام اســتبدادي مغلــق ال يعيــش‬ ‫إال عــى القمــع وال ميــر يــوم دون حفــات‬ ‫إعــدام ملناضلــن معارضــن‪ ،‬إن هكــذا نظــام‬ ‫ســرورته الحتميــة هــي الكــر وســينهار يف‬ ‫يــوم مــا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫س‪ -‬ه��ل ترس��م لن��ا خريط��ة ت��وزع‬ ‫املعارض��ة اإليراني��ة وهل هي منس��جمة‬ ‫فيم��ا بينه��ا؟‬ ‫ج‪ -‬تتــوزّع املعارضــة اإليرانيــة عــى مجمــل‬ ‫تكوينــات الشــعب اإليــراين‪ ،‬فهــي فارســية‬ ‫وكرديــة وكذلــك لــدى العــرب وخاصــة‬ ‫األحــواز واآلذاريــن والرتكــان والبلــوش وهــي‬ ‫منســجمة ومتعاونــة فيــا بينهــا وتتبــادل‬ ‫اآلراء والخطــط واألدوار‪.‬‬ ‫س‪ -‬ربي��ع طه��ران كان أم ً‬ ‫�لا للش��عوب‬ ‫وخاص��ة يف الب�لاد العربي��ة‬ ‫واملعارض�ين‬ ‫ّ‬ ‫لكنه انطفأ اآلن‪ ،‬هل تتوقع اش��تعاله من‬ ‫جدي��د ليتواص��ل والربي��ع العرب��ي لبن��اء‬ ‫ش��رق جدي��د خ��ال من االس��تبداد؟‬ ‫ج‪ -‬الســلطة اإليرانيــة ذات طبيعــة متوحشــة‬ ‫يف االســتبداد‪ ،‬واملعارضــة اإليرانيــة تقــوم‬ ‫مبوجــات مــن االحتجاجــات لكنهــا غــر قــادرة‬ ‫عــى التغيــر‪ ،‬وكانــت آخــر االحتجاجــات‬ ‫عندمــا انتحــرت الفتــاة الكرديــة «فرينــاز‬ ‫خــرواين» بســبب االعتــداء عليهــا مــن رجــل‬ ‫الســلطة‪ ،‬إن أجهــزة القمــع ال توفــر حتــى‬ ‫عائــات الناشــطني الثوريــن تعتقلهــم وتج ّرب‬ ‫عليهــم املخــدرات والعقاقــر فيخــرج أحدهــم‬

‫وقــد تخـ ّرب إدراكــه ليصــل إىل الجنــون‪ .‬نحن‬ ‫ننتظــر الظــروف ونراقــب تجــارب الربيــع‬ ‫العــريب ويف انتصارهــا ونجاحهــا قــوة لنــا‪.‬‬ ‫س‪ -‬م��ا رأيك��م بالتدخ��ل اإليران��ي يف‬ ‫الب�لاد العربي��ة وإىل م��اذا يه��دف؟‬ ‫ج‪ -‬الــدور اإليــراين دور مخــ ّرب يف املنطقــة‪،‬‬ ‫فهــو يــزرع الفــن بــن أبنــاء الشــعب الواحــد‪،‬‬ ‫ويقــوض الــدول ليحولهــا إىل كانتونــات تابعــة‬ ‫لــه‪ ،‬مشــجعاً يف ذلــك القــوى والحــركات‬ ‫املتطرفــة واملل ّوثــة طائفيــاً‪ ،‬إنــه يســاعد‬ ‫الســلطات املحليــة املرتهنــة لــه عــى قتــل‬ ‫الشــعوب والتنكيــل بهــا‪ ،‬وهــو يدعــي أنــه‬ ‫يحمــي األقليــات لكــن انظــر إىل األقليــات‬ ‫يف إيــران كيــف تعــاين مــن القهــر‪ ،‬فكيــف‬ ‫ملــن يضطهــد األقليــات يف بــاده أن يحمــي‬ ‫األقليــات يف بلــد آخــر؟ لقــد خــ ّرب الــدول‬ ‫يف كل مــن لبنــان والعـراق وســورية واليمــن‪،‬‬ ‫وزرع الفــن والتقاتــل بــن املكونــات‪ ،‬ونحــن‬ ‫عــى درايــة بــدوره يف تشــكيل قــوى اإلرهــاب‬ ‫والتطـ ّرف السـ ّني والشــيعي عــى حــد ســواء‪.‬‬ ‫س‪ -‬م��اذا يع�ني للمعارض��ة اإليراني��ة‬ ‫س��قوط النظ��ام الس��وري‪ ،‬ه��ل يف ذل��ك‬ ‫إضع��اف لل��دور اإليران��ي وتقوي��ة‬ ‫للمعارض��ة اإليراني��ة؟‬

‫التدخــل اإليــراين املخــ ّرب يف حياتهــا نحــو‬ ‫منطقــة واســعة تنبــت فيهــا أزاهــر الحريــة‬ ‫والدميقراطيــة‪ ،‬وســيفقد الحــكام املســتبدون‬ ‫أهــم حليــف لهــم يف مواجهــة شــعوبهم‬ ‫لتصبــح العواصــم منــارات للعدالــة واملســاواة‬ ‫بــن الشــعوب‪.‬‬ ‫س‪ -‬توقي��ع املعاه��دة النووي��ة ب�ين إي��ران‬ ‫وأمري��كا ه��ل ه��و نات��ج عن ضع��ف أم قوة‬ ‫النظ��ام يف إيران؟‬ ‫ج‪ -‬لــو أن النظــام اإليــراين قــوي لحــد مــا‬ ‫ملــا أبــرم مثــل هــذا االتفــاق‪ ،‬والغــرب يريــد‬ ‫تجريــب النظــام ودفعــه لتقديــم التنــازالت‬ ‫تلــو التنــازالت بغيــة إضعافــه وكــر شــوكته‪،‬‬ ‫والتأثــر عليــه مــن خــال احتيــاج النظــام‬ ‫لرفــع الحجــز عــن األرصــدة املاليــة املج ّمــدة‬ ‫يف البنــوك الغربيــة‪.‬‬ ‫س‪ -‬ه��ل م��ن كلم��ة تقوهل��ا للش��عب‬ ‫الس��وري؟‬

‫ج‪ -‬ال شــك ســيفقد النظــام اإليــراين أهــم‬ ‫حليــف لــه باملنطقــة‪ ،‬وســوف يضعــف دوره‬ ‫يف جميــع مناطــق نفــوذه‪ ،‬ويقطــع اإلمــداد‬ ‫عــن ملحقاتــه مــن التنظيــات املحليــة‬ ‫التــي ســتعاين مــن االنحســار والرتاجــع‪،‬‬ ‫ويف ذلــك معافــاة للمعارضــة اإليرانيــة‪،‬‬ ‫ولجميــع الشــعوب التــي تعــاين مــن خطــر‬

‫–أو يزعــم ذلــك‪ -‬قرائن ت ُلزم اإلنســان امل ُســلم‪،‬‬ ‫لكونــه مشــمول ضمنــاً بهــذه املرجعيــة‪،‬‬ ‫وبذلــك يتجــاوز اإلنســان املســلم صالحيــات‬ ‫االختــاف حــول تفســر نصــوص قرآنيــة‪،‬‬ ‫وكذلــك يتجــاوز صالحيــات االختــاف حــول‬ ‫ثبوتيّــة نصــوص معيّنــة كاألحاديــث النبويــة‬ ‫أو أقــوال األمئــة وتفســرها‪ ،‬وكذلـ َـك يتجــاوز‬ ‫اإلنســان املســلم صالحيــات املامحــكات‬ ‫اللفظيــة والفقهيــة‪ ،‬فاملنطــق الحيــوي يــز ّود‬ ‫مســتخدميه مــن املســلمني قبــل غريهــم‬ ‫ببوصلــة تو ّجــه نحــو قـراءة حيويــة للنصــوص‬ ‫القرآنيــة واملق ّدســة األخــرى‪.‬‬ ‫*القــراءات العلامنويَّــة تــرى أن القــرآن‬ ‫الكريــم كتــاب غــر إلهــي مــن كتابــات (النبــي‬ ‫محمــد ص) باالســتناد ملصــادر مســيحية‬ ‫ويهوديــة ومحليــة ســابقة‪ ،‬وبالتــايل ال يحتمــل‬ ‫أي إعجــاز بقرائــن منافاتــه يف بعــض النصــوص‬ ‫لحقائــق علميــة‪ ،‬أمــا املنطــق الحيــوي فيحيــل‬ ‫اإلميــان بالقــرآن الكريــم والكتــب املق ّدســة‬ ‫عمومــاً إىل مرجعيــة برهانيــة افرتاض ّيــة‬ ‫مرشوطــة بصالحيــات هــذا اإلميــان (أي‬ ‫العمــل الصالــح)‪ ،‬وإىل مرجعيــة ملزمــة ملــن‬ ‫يؤمــن بهــا‪ ،‬مــن دون فــرض هــذا اإلميــان‬ ‫بصيغــة اإلكــراه‪ ،‬أو التربيــر أو ازدواجيــة‬ ‫املعايــر‪ .‬فاإلعجــاز العلمــي (وضمنـاً العددي)‬ ‫مــن منظــور املنطــق الحيــوي مــا هــو إال مــن‬ ‫مظاهــر اعتــال البداهــة وتعطيــل رسيانهــا‪،‬‬

‫*يعــرض اإلعجــاز العلمــي (وضمن ـاً العــددي)‬ ‫يف القــرآن الكريــم ملصالــح عقديــة فئويــة‬ ‫ميكــن تف ُّهــم صالحياتهــا يف تأكيــد البعــد‬ ‫العقائــدي للهويــة الفرديــة واملجتمعيــة‪ ،‬هــذا‬ ‫البعــد الــذي يكتســب أه ّميــة متزايــدة خاصة‬ ‫يف األزمــات وأطــوار الرتاجــع الحضــاري‪ ،‬وهــي‬ ‫ـت عمليّ ـاً‬ ‫صالحيــات ُعزلــة طقوس ـيِّة‪ ،‬أصبحـ ْ‬ ‫ضــد العرص(العــر املنطقــي) والعــر‬ ‫املنطقــي هــو‪ :‬حصيلــة تشــكل أبعــاد الكينونة‬ ‫االجتامعيّــة يف زمــن مــا‪ ،‬بســياقاتها الجغرافيــة‬ ‫والتاريخيــة واالقتصاديــة والسياســية والثقافية‬ ‫والتكنولوجيــة واإلدارية‪..‬الــخ‬ ‫*إنّ مصالــح اإلعجــاز العلمــي ال تختــص‬ ‫باملســلمني فقــط‪ ،‬بــل نجــد مــا مياثــل طرائــق‬ ‫تش ـكّلها يف العقائــد األخــرى الدينيــة األخــرى‬ ‫كاملســيحية واليهوديّــة وكذلــك يف العقائــد‬ ‫غــر الدينيــة كاملاركســية يف صيغــة شــعار‬ ‫(املاركســية علــم العلــوم)‪ ..‬بحيــث ميكننــا‬ ‫الحديــث عــن (اإلعجــاز العلمي يف املاركســية)‬ ‫عــى غـرار (اإلعجــاز العلمــي يف القــرآن)‪ ،‬غــر‬

‫س‪ -‬ش��كراً دكت��ور خال��د عل��ى‬ ‫اس��تضافتك للحرم��ل ونتمن��ى علي��ك‬ ‫نق��ل حتياتن��ا للمعارض��ة اإليراني��ة‪.‬‬ ‫ج‪ -‬وأنــا أحيــي الشــهداء الذيــن ضحــوا‬ ‫بدمائهــم الطاهــرة ألجــل قضيــة الحريــة مــن‬ ‫الطغيــان واالســتبداد يف ســورية‪.‬‬

‫أجرى المقابلة‪ :‬إسماعيل خليل الحسن‬

‫من علم العلوم‪ ..‬إىل اإلعجاز العلمي‬ ‫(قراءة يف ظاهرة اإلعجاز العلمي من منظور املنطق احليوي)‬ ‫والتعامــل مــع املصالــح العقائديــة كمصالــح‬ ‫علم ّيــة هــو قصــور يف فهــم البعــد العقائــدي‬ ‫للكينونــة االجتامعيــة‪ ،‬وهــو تحميــل املصالــح‬ ‫القرآنيــة مــا ال تحتمــل‪ ،‬وتوظيفهــا يف ســياقات‬ ‫مختلفــة‪ ،‬مبــا ال يق ـ ّره عمــوم النــاس يف كــون‬ ‫العلــم ليــس بديــن أو عقيــدة‪.‬‬

‫ج‪ -‬أمتنــى مــن جميــع املكونــات يف ســورية أن‬ ‫تتحــد متجــاوزة أجنــدات التفريــق والفــن إن‬ ‫مــن قبــل النظــام أو القــوى اإلقليميــة‪ ،‬وعــى‬ ‫الشــعب الســوري أن يحافــظ عــى وحدتــه‬ ‫بغــض النظــر عــن القوميــات أو املذاهــب‪،‬‬ ‫وعليهــم يف املســتقبل أال يفتحــوا ســفارة‬ ‫إليـران ألن يف ذلــك تنكــر لدمــاء الشــهداء يف‬ ‫الثورتــن الســورية واإليرانيــة‪ ،‬ومــن واجبنــا‬ ‫التعــاون بــن ثورتينــا الســورية واإليرانيــة‪.‬‬

‫أننــا أمــام موجتــن األوىل خفتــت مــع انهيــار‬ ‫االتحــاد الســوفيايت واملعســكر االشــرايك‪،‬‬ ‫والثانيــة مســتمرة مــع صعــود نجــم اإلســام‬ ‫الســيايس كأيديولوجيــا شــمولية يف العــامل‬ ‫العــريب واإلســامي‪ ،‬إذن نحــن أمــام ظاهــرة‬ ‫عابــرة للعقائــد واملجتمعــات‪ ،‬توظّــف‬ ‫املصالــح العقديــة الفئويــة يف ســياقات قليلــة‬ ‫الصالحيــة‪ ،‬ســياقات منافيــة للربهــان ُمعتلّــة‬ ‫البداهــة‪.‬‬ ‫*الجديــد الــذي قــد ت ُضيفــه نظريــة املنطــق‬ ‫الحيــوي يف موضــوع اإلعجــاز العلمــي‬ ‫والعــددي هــو تقييــم صالحيــة هــذه الظاهرة‬ ‫وتعبرياتهــا املختلفــة تقييــاً ك ّميــاً باالســتناد‬ ‫ملرجعيــة البداهــة الحيويــة الكونيــة‪/‬‬ ‫االجتامعيــة‪ ،‬وعــر اســتخدام تقنيــة مربــع‬ ‫املصالــح‪ ،‬مــن حيــث أنّ املنطــق الحيــوي‬ ‫تقييــم منطقــي متعــدد القيــم‪ ،‬موضوعــي‪،‬‬ ‫قابــل للربهنــة واملراجعــة‪ ،‬ففــي منــوذج قيــاس‬ ‫حــال املصالــح‪ ،‬لدينــا أربعــة خيــارات ممكنــة‬ ‫هــي‪:‬‬ ‫العزلة (انغالق مع توتر منخفض)‬‫ الرصاع (انغالق مع توتر عايل)‬‫التعاون (انفتاح مع توتر منخفض)‬‫ التوحيد (انفتاح مع توتر عايل)‬‫توحيد = ‪ 4‬رصاع =‪2‬‬ ‫تعاون = ‪ 3‬عزلة =‪1‬‬ ‫ومــن الواضــح أن مصالــح اإلعجــاز العلمــي‬ ‫(وضمن ـاً العــددي) ي ـراوح الحكــم عليهــا مــا‬

‫بــن العزلــة وال ـراع‪ ،‬وهــي الحــاالت األقــل‬ ‫حيويّــة باملقارنــة مــع التعــاون والــراع‪،‬‬ ‫حيــث أنّ كل مصالــح عقديــة فئويــة تعــزل‬ ‫املؤمنــن بهــا عــن غريهــم‪ ،‬وال يهتــم بهــا غــر‬ ‫املؤمنــن بــذات املرجعيــة‪ ،‬واملصالــح التــي‬ ‫يعرضهــا اإلعجــاز العلمــي يف القــرآن الكريــم‬ ‫رصاعيــة تســتهدف إقنــاع غــر املســلمني‬ ‫ـي‬ ‫باإلســام عــن طريــق اإلعجــاز العلمــي‪ ،‬وغنـ ُّ‬ ‫عــن القــول هنــا أنّ الحــاالت الفرديــة إلســام‬ ‫عالِــم هنــا أو شــهادة لعالِــم هنــاك ال يع ـ ّول‬ ‫عليهــا‪ ،‬ففــي املقابــل هنــاك حــاالت تــرك‬ ‫وهجــر لإلســام بنــاء عــى دعــاوى التعــارض‬ ‫مــع العلــم‪.‬‬ ‫******‬ ‫*املنطــق الحيــوي (هامــش تعريفــي)‪ :‬هــو‬ ‫نظريــة ت ُعنــى بــإدارة وهندســة وتســويق‬ ‫املعرفــة‪ ،‬باالســتناد ملفهــوم الشــكل الحيــوي‪،‬‬ ‫وعــر اســتخدام تقنيــة مربّــع املصالــح‪.‬‬ ‫وللمزيــد ميكــن مراجعــة كتــاب (املنطــق‬ ‫الحيــوي –عقــل العقــل) رائــق النقــري‪-‬‬ ‫باريــس ‪ 1987‬وكذلــك كتــاب (أضاحــي منطق‬ ‫الجوهــر) حمــزة رســتناوي –دمشــق ‪2009‬‬ ‫*مفهــوم الشــكل الحيــوي (هامــش تعريفــي)‪:‬‬ ‫كل كينونــة هــي شــكل‪ /‬طريقــة تشــكّل‬ ‫ألبعــاد وجودهــا املختلفــة‪ ،‬وهــي صــرورة‬ ‫حركيــة احتامليــة احتوائيــة نســبية تعــرض‬ ‫ملصالــح ميكــن مقايســتها‪ ،‬وال وجــود لجوهــر‬ ‫ثابــت ســواء أكان ما ّديــاً أو معنويّــاً‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫راشد الصطوف‬

‫ق��راءة يف الذهني��ة العربي��ة االس�لامية‬

‫مــن الــروري عنــد تنــاول مســألة عــى هــذا‬ ‫القــدر مــن الحساســية واألهميــة الرتكيــز عــى بعــض‬ ‫القواعــد الدالــة‪ ،‬التــي مــا انفكــت تعمــل بأشــكال‬ ‫وطرائــق مختلفــة ومــن بينهــا‪:‬‬ ‫* قاع��دة األن��ا امل�لاك‪ ،‬واآلخ��ر اإلبلي��س التــي‬ ‫ترتجــم عــى الصعيــد اإلســامي عــى مســتويني اإلميــان‬ ‫والكفــر‪ ،‬دار الســام ودار الحــرب‪ .‬عندمــا يتعلــق األمــر‬ ‫باإلســام واآلخــر بشــكل عــام‪ .‬حيــث يجســد اإلميــان‬ ‫ودار الســام األنــا‪ ،‬أي املســلم املؤمــن‪ .‬يف حــن يجســد‬ ‫الكفــر ودار الحــرب اآلخــر بــكل أطرافــه بــرف النظــر‬ ‫عــن اختالفــه وتباينــه وتدرجه‪..‬الــخ‪ .‬كــا ترتجــم‬ ‫القاعــدة املذكــورة داخــل الحقــل اإلســامي ‪ -‬أي‬ ‫داخــل األنــا الكبــرة ‪ -‬عــى الشــكل التــايل‪:‬‬ ‫ األنا ‪ -‬الفرقة الناجية‪.‬‬‫ اآلخــر ‪ -‬كل مــا عــدا ذلــك ومــن الســهل يف هــذه‬‫الحــال أن يكــون اآلخــر مرتــدا ً أو مــركاً بــل وحتــى‬ ‫كافــرا ً‪ ،‬وحتــى ال نذهــب بعيــدا ً يكفــي النظــر إىل‬ ‫املثــال الســاطع (داعــش)‪.‬‬ ‫وترتجــم القاعــدة املذكــورة عــى صعيــد الفكــر‬ ‫الســيايس القومــي الوطنــي ثنائيــة مشــابهة ملــا ســبق‪.‬‬ ‫ثنائيــة الوطنــي مــن جهــة األنا‪-‬والخائــن العميــل‬ ‫مــن جهــة اآلخــر‪ ،‬واألمــر نفســه عــى صعيــد الفكــر‬ ‫الطبقــي اليســاري‪ ،‬حيــث تتجســد الثنائيــة املذكــورة‬ ‫بصيغــة الثــوري مــن جهــة األنا‪-‬والخائــن االنتهــازي‬ ‫اليمينــي مــن جهــة اآلخــر‪.‬‬ ‫وبكلمــة حاســمة ميكــن القــول إن الفكــر املتخلــف‬ ‫وكل فكــر ينــدرج تحتــه‪ ،‬وفكرنــا منــه يف جلّــه ينتظــم‬ ‫عــى الثنائيــة املانويــة الشــهرية (إلــه الخــر وإلــه‬ ‫الــر) حيــث يكــون مــن الــروري شــيطنة اآلخــر‬ ‫إىل أقــى الحــدود كيــا يســتدعي الوجــه النقيــض‬ ‫الــذي هــو األنــا املــاك الخــر إىل الحــدود نفســها‪ .‬إن‬ ‫القاعــدة الذهبيــة املشــتقة مــن هــذه الثنائيــة ميكــن‬ ‫التعبــر عنهــا بالشــكل التــايل‪:‬‬ ‫كــن مســلامً أصوليــاً وافعــل مــا شــئت‪ ،‬كــن قوميــاً‬ ‫وطنيـاً وافعــل مــا شــئت‪ ،‬كــن ثوريــا طبقيـاً وافعــل مــا‬ ‫شــئت يف كل الحقــول وبخاصــة ضــد الخصــم‪ .‬وعنــد‬ ‫هــذا الحــد أال يصبــح القــول إن التاريــخ يف معظمــه‬ ‫قــد توقــف عــى هــذا الشــكل‪ ،‬وإن مــن الصعــب‬ ‫فهــم مامرســة األطــراف يف ســياق الثــورة الســورية‬ ‫دون النظــر بعــن مفتوحــة إىل هــذه الثنائيــة‪ ،‬بحيــث‬ ‫ال تبقــى هنالــك غرابــة غــر مفهومــة يف موقــف‬ ‫الســلطة وحلفائهــا مــن حــزب اللــه إىل إيــران إىل‬ ‫روســيا إىل املوالــن يف الداخــل‪ ،‬وهــم ال يــرون أي ضــر‬ ‫يف دمــار ســورية‪ ،‬وقتــل مئــات اآلالف‪ ،‬ناهيــك عــن‬ ‫االعتقــال والتعذيــب حتــى املــوت والحصــار والتجويــع‬ ‫والرتكيع‪...‬الــخ‪ .‬ال بــل قتــل آالف األطفــال وعــرات‬ ‫آالف النســاء والشــيوخ األبريــاء‪ .‬نقــول‪ :‬ال تبقــى غرابــة‬ ‫يف ذلــك‪ ،‬مــا دامــت األطــراف املذكــورة تنظــر إىل‬ ‫نفســها بوصفهــا األنــا الحــق الــذي يحــق لــه فعــل كل‬ ‫يشء يف اآلخــر الباطــل‪.‬‬ ‫إن الدنيــا تقــوم وال تقعــد ‪ -‬وهــذا عــن الحــق ‪ -‬إذا‬ ‫قتلــت إرسائيــل طفـاً فلســطينياً‪ ،‬مثــل (محمــد الــدرة)‬ ‫أو دمــرت بيتــاً‪ .‬واألمــر نفســه ينطبــق مــن وجهــة‬ ‫نظــر هــذه األط ـراف عــى أي مــوت أو دمــار يلحــق‬ ‫بالشــعب اليمنــي أو أطفالــه ونســائه وشــيوخه ‪ -‬وهــو‬ ‫عــن الحــق أيضـاً ‪ -‬ولكــن األطفــال الســوريني األبريــاء‪،‬‬ ‫وكذلــك النســاء والشــيوخ ليســوا بـرا ً كــا يبــدو‪ ،‬بــل‬ ‫يف األصــل ليــس هنــاك شــعب ســوري يجــب النظــر‬ ‫إىل مآســيه‪ .‬مثلــه يف ذلــك مثــل الشــعبني الفلســطيني‬ ‫أو اليمنــي‪ ،‬وإذا كان مثــة مــن شــعب فهــو شــعب‬ ‫الســلطة الســورية فقــط‪ ،‬ال بــل إن األمــر يتجــاوز هــذه‬ ‫الحــدود عندمــا ينــام هــذا الحلــف األســود قريــر العني‬ ‫مرتــاح الضمــر معتـرا ً أن الطــرف اآلخــر يقتــل ويدمــر‬ ‫نفســه‪ ،‬أو عــى األقــل هــو املســؤول عــن قتــل وتدمــر‬ ‫نفســه‪ ،‬ولكــن اللــه وحــده يعلــم ملــاذا ال تطبــق‬ ‫هــذه املعايــر عــى حــاس وحــزب اللــه والحوثيــن‬ ‫وصالــح ‪ -‬ونحــن ضــد مثــل هــذا التطبيــق بالتأكيــد ‪-‬‬ ‫وعــى العكــس فــإن املطلــوب هــو أن يشــمل املوقــف‬ ‫اإلنســاين األخالقــي املبــديئ كل إنســان‪ ،‬وكل مــدين‪ ،‬وكل‬

‫مــن ليــس يف خنــدق القتــال‪ ،‬بــل وحتــى هــؤالء‪ ،‬وأن‬ ‫تطبــق عــى الجميــع دون اســتثناء املعايــر والقيــم‬ ‫والقواعــد التــي وصلــت إليهــا البرشيــة‪ ،‬وعــى األقــل‬ ‫قواعــد وقوانــن الحــرب‪.‬‬ ‫هــل هنــاك حاجــة للمزيــد مــن األمثلــة لفضــح‬ ‫الثنائيــة املذكــورة‪ :‬نعــم‪.‬‬ ‫لنأخــذ عــى ســبيل املثــال لبنــان يف حــرب متــوز للعالقة‬ ‫الوثيقــة لحــزب اللــه بهــا‪ .‬وهــو الحــزب الــذي يجســد‬ ‫إىل الحــد األقــى مــا ذهبنــا إليــه أعــاه‪ .‬لقــد دمــرت‬ ‫إرسائيــل يف هــذه الحــرب التــي اســتمرت ‪ 33‬يومــاً‬ ‫قــدرا ً ال يســتهان بــه مــن البنيــة التحتيــة اللبنانيــة‪،‬‬ ‫وقتلــت مــا ينــوف عــى األلــف شــهيد‪ ،‬واعتــرت‬ ‫املســؤولة بشــكل مطلــق عــن هــذه الجرائــم‪ .‬وهــذا‬ ‫هــو الحــق والصــواب واألخــاق لــدى الغالبيــة‬ ‫العظمــى مــن شــعوبنا‪ ،‬األمــر الــذي جعــل مــن اختبــاء‬ ‫حــزب اللــه بــن املدنيــن ســلوكاً جهاديــاً وتكتيــكاً‬ ‫ذكي ـاً‪ ،‬يف حــن ال يطبــق املعيــار نفســه عــى الشــعب‬ ‫الســوري ومقاتليــه‪ ،‬بــل يصبــح قتــل األبريــاء والدمــار‬ ‫هنــا رضيبــة ال بــد مــن دفعهــا يف أحســن األحــوال‪.‬‬ ‫واملســؤولية يف ذلــك كلــه ليســت عــى القاتــل بــل‬ ‫عــى املقتــول واملدمــر‪ .‬ليــس ذلــك فحســب بــل إن‬ ‫خــروج ماليــن املتظاهريــن الســلميني قبــل العســكرة‬ ‫هــو فعــل خيانــة وإجــرام بحــق النظــام الوطنــي‬ ‫املامنع‪...‬الــخ املعزوفــة‪.‬‬ ‫هل لنا الحق بعد كل ما سبق يف القول‪:‬‬ ‫إن الثنائيــة الوقحــة وازدواج املعايــر أمــران يف غايــة‬ ‫األصالــة يف فكرنــا وسياســتنا ومامرســتنا‪ .‬ونحــن إذ‬ ‫نديــن اآلخــر داخلنــا أو يف الــرق والغــرب عــى حــد‬ ‫ســواء‪ ،‬إمنــا نصــدر إليــه فكرنــا املســموم دون أن يعنــي‬ ‫ذلــك عــى اإلطــاق أن قــدرا ً مــن هــذا االزدواج غــر‬ ‫موجــود هنــاك‪ ،‬وكل مــا يف األمــر أن الظاهــرة املذكــورة‬ ‫مفصلــة عــى قدنــا بالتــام والكــال‪ .‬إن الناظــم يف‬ ‫كل مــا ســبق هــي القاعــدة البدائيــة القبليــة املتخلفــة‬ ‫التــي تقــول‪( :‬إن الفعــل وليكــن الغــزو مثـاً إذا صــدر‬ ‫عــن الخصــم أو العــدو فإنــه غــر أخالقــي وباطــل‬ ‫ولكنــه يف منتهــى األخــاق‪ ،‬وعــى حــق مطلــق إذا‬ ‫صــدر عــن األنــا‪ ،‬ولذلــك دعــا العــرب القدمــاء وحتــى‬ ‫اليــوم للغـزاة بالعــودة أحيــاء ســاملني وغامنــن‪ .‬مبعنــى‪،‬‬ ‫تغــزو اآلخــر فتقتلــه وتنهبــه وتســلبه وتســبي أهلــه‪،‬‬ ‫وهــذا هــو الغنــم املرتافــق مــع البقــاء حي ـاً والعــودة‬ ‫ســاملاً‪.‬‬ ‫*‪ 2-‬نظرية املؤامرة‪:‬‬ ‫وهــي مــن أعــرق الظواهــر يف فكرنــا‪ .‬ولذلــك هــل‬ ‫مثــة غرابــة يف أن األطــراف املتناقضــة واملتصارعــة‬ ‫تكيــل لبعضهــا االتهــام نفســه‪ ،‬فالســلطة وحلفاؤهــا‬ ‫فرحــون وفخــورون بالــكالم الســخيف عــن املؤامــرة‬ ‫الكونيــة ضدهــا‪ ،‬وال بــد أن تكــون أمريــكا والصهيونيــة‬ ‫وإرسائيــل رأس الحربــة‪ ،‬األمــر نفســه يف خنــدق‬ ‫الثــورة‪ ،‬حيــث تكــون األط ـراف املذكــورة نفســها هــي‬ ‫رأس حربــة املؤامــرة عــى الثــورة والشــعب الســوري‪.‬‬ ‫وبعيــدا ً عــن حيــز الدخــول يف املطلقــات نقــول‪:‬‬ ‫مــن النــادر جــدا ً ‪ -‬إن مل نقــل شــبه املحــال ‪ -‬حصــول‬ ‫ذلــك يف التاريــخ والواقــع‪ .‬إن هــذا التبســيط املخــل‬ ‫بالفهــم واملتناقــض داخلي ـاً‪ ،‬يشــتق جزئي ـاً عــى األقــل‬ ‫مــن القاعــدة الســابقة (الثنائيــة املانويــة) كــا يشــتق‬ ‫يف جــزء منــه مــن املرحلــة التاريخيــة التــي ميــر بهــا‬ ‫املجتمــع والفكــر والفعــل اإلســامي والعــريب‪ .‬ويصبــح‬ ‫القــول إنــه يعــود يف جــزء ثالــث منــه إىل العجــز املقيم‬ ‫يف بلداننــا عــن الســيطرة عــى مصرينــا وقرارنــا‪ .‬وال‬ ‫بــد أن تكــون الشــعبوية والشــعار الدينــي والقومــي‬ ‫واإلخفاقــات املتالحقــة جــزءا ً ال يتجــزأ مــن أرضيــة‬ ‫النظريــة املذكــورة دون إغفــال األســباب األخــرى التــي‬ ‫تتجســد يف أن التاريــخ يف جــزء منــه ال يخلــو بالتأكيــد‬ ‫مــن شــكل مــن أشــكال املؤامــرة دون أن يكــون ذلــك‬ ‫هــو األصــل‪ ،‬ناهيــك عــن أن التاريــخ القريــب إلينا كان‬ ‫يف بعــض عنــارصه البــارزة مختـرا ً لبعــض املؤامـرات مــا‬ ‫ظهــر منهــا ومــا خفــي‪.‬‬ ‫لذلــك ال غرابــة ‪ -‬عــى الرغــم مــن بطالنــه ‪ -‬يف أن‬ ‫يكــون العــامل كلــه أو قســم منــه أو حتــى طــرف واحــد‬

‫فيــه‪ ،‬يــأكل ويــرب وينــام ويصحــو ويتكاثــر وينتــج‬ ‫ويتعلــم ويتقدم‪....‬الــخ ال ليحيــا حياتــه الخاصــة‬ ‫والعامــة‪ ،‬بــل ليتآمــر علينــا فقــط مــن وجهــة نظــر‬ ‫اإلســامي املتشــدد والقومــي املتعصــب و‪...‬الــخ‬ ‫كــا ميكــن فهــم الــدوران يف فــخ املؤامــرة والوطنيــة‬ ‫والخيانــة بوصفهــا مفــردات تشــتق منهــا أو تعــود إليها‬ ‫أو تتداخــل معهــا طيلــة عقــود طويلــة منــذ إخفــاق‬ ‫النهضــة العربيــة اإلســامية يف العــر الحديــث‪.‬‬ ‫ومــن املفيــد أخــذ مثــال واحــد عــى العقــل املذكــور‪،‬‬ ‫وهــو مــا جــرى للحــزب الشــيوعي الســوري يف زمــن‬ ‫الوحــدة عــام ‪ 1959‬عنــد احتــدام ال ـراع بينــه وبــن‬ ‫عبــد النــارص ونظامــه الديكتاتــوري‪ .‬فبــدالً مــن أن‬ ‫يقــول الحــزب إنــه يناضــل ضــد الديكتاتوريــة النارصية‬ ‫مــن أجــل الحريــة والنظــام الدميقراطــي‪ .‬ركــز خطابــه‬ ‫عــى الحقــل الوطنــي مدعيــاً أن عبــد النــارص هــو‬ ‫صنيعــة االمربياليــة األمريكيــة باالســتناد إىل كتــاب (‬ ‫كوبالنــد) لعبــة األمم‪...‬الــخ‪.‬‬ ‫واآلن ملــاذا كان هــذا االنزيــاح عــن الحقيقــة؟ لســبب‬ ‫بســيط يعــود إىل طبيعــة الذهــن الســائد والــذي هــو‬ ‫عــى اســتعداد لالســتنفار عــى قاعــدة الوطنيــة ‪-‬‬ ‫الخيانــة بقــدر يفــوق بأضعــاف اســتجابة لالســتنكار‬ ‫عــى قاعــدة الدميقراطيــة ‪ -‬الديكتاتوريــة‪ .‬وملغازلــة‬ ‫هكــذا ذهــن ال بــد مــن الدجــل الرخيــص‪ ،‬ولــو كنــا‬ ‫بوضــع معــاىف وكان الحــزب الشــيوعي نفســه معــاىف‪،‬‬ ‫لســمعنا الخطــاب الواقعــي الصحيــح الــذي يقــول‪:‬‬ ‫إن عبــد النــارص وطنــي ولكنــه ديكتاتــور وطاغيــة‪،‬‬ ‫وألن األمــر كذلــك ال خــر كبــر يرجــى مــن الصــرورة‬ ‫الوطنيــة‪ .‬يف هــذه الحــال‪ ،‬ناهيــك عــن األصــل والــذي‬ ‫هــو حقــوق اإلنســان واملواطــن‪ ،‬ومنــط الحكــم‬ ‫والعيــش الدميقراطيــن والتــي هــي أكــر مــن كافيــة‬ ‫لتفســر حــق املعارضــة‪ ،‬وحــق النضــال والــراع‬ ‫املقــدس ضــد كل طغيــان وطنيــاً كان أم غــر ذلــك‪.‬‬ ‫*‪ 3-‬مفهــوم الوطنيــة‪ :‬إن األســوأ يف هــذا املفهــوم‬ ‫وهــو متداخــل بالتأكيــد مــع الثنائيــة املانويــة ونظريــة‬ ‫املؤامــرة ‪ -‬هــو تجمــده عنــد محطــة واحــدة فقــط‬ ‫مــن محطــات التاريــخ‪ .‬التــي تــؤول إىل أن الوطنيــة‬ ‫وعكســها الخيانــة والعاملــة‪ ،‬تعــرف بداللــة خارجيــة‬ ‫ســلبية ضديــة‪ .‬مبعنــى أن الوطنيــة هــي ضــد كــذا‬ ‫ومواجهــة كــذا ودحــر كــذا واالنفــكاك عــن كــذا‪ .‬وهــذا‬ ‫مفهــوم بالتأكيــد وهــو حقيقــة واقعيــة تاريخيــة إذ أن‬ ‫الكثــر ‪ -‬وليــس الــكل ‪ -‬مــن الــدول األمــم نشــأت عــى‬ ‫قاعــدة املواجهــة مــع اآلخــر أيــا يكــن هــذا اآلخــر‪.‬‬ ‫إال أن املســألة ال تختــزل يف هــذا الجانــب الســلبي‪،‬‬ ‫ألن الوضــع العيــاين امللمــوس لشــعوبنا‪ ،‬يجعــل مــن‬ ‫الجانــب اآلخــر اإليجــايب شــأناً ذا أهميــة بــارزة‪ .‬بــل‬ ‫رمبــا كان الجانــب األهــم مبــا ال يقــاس‪ .‬والــذي هــو‬ ‫ليــس مواجهــة اآلخــر الطامــع أو املتآمــر أو الرافــض‪...‬‬ ‫الــخ فحســب بــل هــو الفعــل املتكامــل الــذي يقــوم‬ ‫عــى بنــاء نســيج وطنــي متناغــم وموحــد يعلــو‬ ‫عــى كل االنتــاءات مــا قبــل الوطنيــة‪ ،‬ويدخــل‬ ‫يف تفاعــل خــاق مــع االنتــاءات األخــرى مــا فــوق‬ ‫الوطنيــة‪ .‬بحيــث ينتهــي مــرة وإىل إشــعار آخــر مــن‬ ‫النوســان والتأرجــح والتجــاذب والتبايــن الخطــر مــا‬ ‫بــن االنتــاءات الثالثــة املذكــورة‪ ،‬مبعنــى القبــول‬ ‫بهويــة وطنيــة ‪ -‬ويف حالنــا ســورية ‪ -‬تصهــر كل مــا‬ ‫قبلهــا عــى قاعــدة املواطنــة املتســاوية‪ .‬ومتلــك القــدرة‬ ‫عــى عــدم الضيــاع يف الحلــم املســتقبيل عــى أهميتــه‪.‬‬ ‫األمــر الــذي يعنــي عــدم التضحيــة بالحــارض والهويــة‬ ‫القامئــة عليــه يف ســبيل املســتقبل مــع االســتعداد التــام‬ ‫والعمــل الدائــب وإزاحــة كل العراقيــل وصــوالً مــن‬ ‫الدولــة األمــة الوطنيــة إىل الدولــة األمــة القوميــة يف‬ ‫ســياق التطــور التاريخــي واملمكنــات التــي يحبــل بهــا‪.‬‬ ‫وبكلمــة واحــدة‪ ،‬بنــاء وطــن حقيقــي ومجتمــع موحــد‬ ‫ولكــن غــر نهــايئ وأبــدي بــل مفتــوح عــى التاريــخ‬ ‫القومــي واإلنســاين العــام‪ .‬وألن هكــذا مفهــوم إيجــايب‬ ‫للوطنيــة والــذي جوهــره الهويــة واملواطنــة والحريــة‬ ‫غائــب‪ ،‬فــإن الفهــم األســبق الفقــر بحــق خلــق وال زال‬ ‫الكثــر مــن املشــكالت والعقبــات واألوهــام واملواقــف‬ ‫الســلبية الضديــة التــي أرضت بنــا وال ت ـزال‪ .‬وبخاصــة‬ ‫يف املخــاض الثــوري العنيــف الــذي نعيشــه اليــوم‪..‬‬

‫‪9‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫احلل هو‪ :‬إعدام األسد!‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫أجــل‪ ..‬إعــدام األســد هــو الحــل‪ ،‬ليــس فقــط بالنســبة‬ ‫للمتظاهريــن واملعتصمــن يف الالذقيــة‪ ،‬بــل لــكل الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬وال أقصــد إعــدام ســليامن هــال األســد‪ ،‬بــل إعــدام‬ ‫بشــار حافــظ األســد‪ ،‬فســليامن هــال األســد هــو مجــرد مكلَّف‬ ‫مــن مافيــات العائلــة األســديّة‪ ،‬بتوجيــه رســالة علنيــة ومــن‬ ‫عــى قارعــة الطريــق‪ ،‬وهــي أن إعــدام العقيــد حســان الشــيخ‬ ‫أمــام أهلــه وأوالده‪ ،‬وأحــد إخوتــه‪ ،‬مصــر كل مــن يتطــاول عىل‬ ‫مافيــات األســد مهــا كان هــذا التطــاول تافهـاً‪ ،‬مثــل التجــاوز‬ ‫املــروري الــذي حصــل مــع املقتــول‪ ،‬ولــن ينفعــه تاريخــه‪ ،‬وال‬ ‫خدماتــه التشــبيحية‪ ،‬وغــر التشــبيحية‪ ،‬مهــا كانــت‪ ،‬ومهــا‬ ‫ـرت!‬ ‫كَـ ُ َ‬ ‫فالشــعب الســوري نُهِبــت خرياتــه بأيــادي املافيــات األســديّة‪،‬‬ ‫طــوال أكــر مــن أربعــن عامـاً‪ ،‬ومل تتنــازل عائلة األســد بتوقيف‬ ‫عاطــف نجيــب ملــدة ســاعة واحــدة‪ ،‬إكرامـاً ألطفــال درعــا‪ ،‬بــل‬ ‫كانــت الرســالة مــن مافيــات األســد شــديدة الوحشــية‪ ،‬وهــي‬ ‫االســتعداد لتدمــر ســورية أرض ـاً‪ ،‬وشــعباً‪ ،‬يف ســبيل عنجهيــة‬ ‫العائلــة األســديّة املجرمــة!!‬ ‫يلــف املــدن والقــرى الســورية‪ ،‬وصــور‬ ‫وهــا هــو الخــراب ُّ‬ ‫الشــهداء والقتــى متــأ الجــدران‪ ،‬ليــس فقــط يف األماكــن التــي‬ ‫تتواجــد فيهــا املعارضــة لنظــام املافيــات األســديّة‪ ،‬بــل حتــى‬ ‫يف القــرى واملــدن‪ ،‬التــي انســاقت بغرائــز وجهائهــا البدائيــة‬ ‫الحقــودة‪ ،‬خلــف مافيــات اإلجـرام األســدي‪ ،‬فــا توجــد قريــة‪،‬‬ ‫أو شــارع‪ ،‬يف الســاحل الســوري اليــوم‪ ،‬إال وفيــه حائــط مبــى‬ ‫تعــج‬ ‫لضحايــا العنجهيــة األســديّة‪ ،‬وصــارت القــرى واملــدن‬ ‫ُّ‬ ‫باألرامــل وباأليتــام الذيــن ال ذنــب لهــم‪ ،‬إال انســياق قتالهــم‬ ‫خلــف اإلجــرام األســدي‪ ،‬ومجاراتــه يف التدمــر والوحشــية‪،‬‬ ‫ضــد املــدن والقــرى الســورية املعارضــة لوجــود هــذه املافيــات‬ ‫األســديّة‪ ،‬والتــي ترتقــي اليــوم إىل مرتبــة املــرض الخبيــث‪ ،‬ولــن‬ ‫تشــفى ســورية مــا فيهــا مــن آالم‪ ،‬إال باســتئصال هــذا الــورم‬ ‫ٍ‬ ‫بتشــف‬ ‫الرسطــاين الــذي اســمه عائلــة األســد‪ ،‬املســتمتعة‬ ‫مبناظــر املــآالت املحزنــة التــي تلّــف الســوريني‪ ،‬الذيــن دفعــوا‬ ‫حتــى اآلن مليــون شــهيد وجريــح‪ ،‬واثنــي عــر مليون ـاً مــن‬ ‫النازحــن والالجئــن‪ ،‬ممــن صــارت بيوتهــم نهبــاً للدمــار‬ ‫وللعصابــات اإلجراميــة التشــبيحة والتكفرييــة!‬ ‫لقــد أطلقــت هــذه املافيــات األســديّة أجنحتهــا التكفرييــة‬ ‫التــي دربتهــا‪ ،‬طــوال عقــود يف املعتقالت‪ ،‬والســجون الوحشــية‪،‬‬ ‫والتــي خ َّرجــت هــؤالء املســوخ‪ ،‬وأشــباه البــر‪ ،‬الذيــن يجارون‬ ‫املافيــات األســديّة يف اإلجـرام‪ ،‬ويف االســتمتاع بالتعذيــب‪ ،‬ولكــن‬ ‫باســم التكفــر‪ ،‬وليــس باســم املامنعــة األســديّة اإليرانيــة!‬ ‫إن إعــدام بشــار األســد هــو الحــل القويــم‪ ،‬وبدايــة النهاية لكل‬ ‫مصائــب ســورية اليــوم‪ ،‬هــو الــذي ســيجعل مكافحــة اإلرهــاب‬ ‫ممكنــة‪ ،‬وســيجعل اتفــاق الســوريني عــى عقــد اجتامعــي‬ ‫جديــد أكيــدا ً!‬ ‫وليــس هــذا تهويــاً‪ ،‬وال نفخــاً يف إمكانــات هــذه العائلــة‬ ‫اإلجراميــة‪ ،‬بــل إن الرسطــان يبــدأ بحبّــة غريبــة‪ ،‬ولكنــه ينتهــي‬ ‫إىل أورام‪ ،‬وآالم م ِّربحــة ال يحتملهــا البــر‪ ،‬وال توقفهــا كل‬ ‫مهدئــات العــامل‪ ،‬مهــا بــرع مخرتعوهــا بإتقــان صناعتهــا!‬ ‫هــذا الرسطــان األســدي‪ ،‬يجــب اســتئصاله ملصلحــة الســوريني‬ ‫جميعـاً‪ ،‬وأولهــم الســوريون الذيــن ص َّدقــوا أكاذيــب املقاومــة‪،‬‬ ‫والتشــبيح‪ ،‬وتورطــوا بجرميــة العــر الهائلــة بحــق الشــعب‬ ‫الســوري!‬ ‫ســليامن هــال األســد الــذي يُطالــب املعتصمــون يف الالذقيــة‬ ‫بإعدامــه‪ ،‬مجــرد َعـ َرض مــن أعـراض رسطــان العائلــة األســديّة‬ ‫التــي يرتأســها بشــار األســد!‬ ‫أليــس مــن د ّمــر ســورية أوىل باإلعــدام؟ أليــس مــن باع ســورية‬ ‫إلي ـران ولروســيا أوىل باإلعــدام؟ أليــس مــن نهــب الســوريني‬ ‫وكـ ّرس املافيــات االقتصاديــة‪ ،‬واملاليــة الجشــعة‪ ،‬لتمويــل تدمــر‬ ‫ســورية أوىل باإلعــدام؟ أليــس إعــدام بشــار األســد هــو بدايــة‬ ‫الحــل الحقيقــي لســورية‪ ،‬وبــدء إعــار ســورية جديــدة‪ ،‬خالية‬ ‫مــن الحقــد والظلــم‪ ،‬ومــن الرسطانــات األخــرى؟!!‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫رداً على رس��ائل أحرار الش��ام اخلارجية‪ :‬ما هكذا تورد يا «لبيب» اإلبل! أن��ا والغريب عل��ى ابن ّ‬ ‫عمي‬ ‫طارق عبد الغفور‬

‫نــر الســيد لبيــب النحــاس مديــر الشــؤون‬ ‫الخارجيــة يف حركــة «أح ـرار الشــام» مقــاالً يف جريــدة‬ ‫التلغــراف الربيطانيــة بتاريــخ ‪ ،2015/7/21‬كان قــد‬ ‫نــره قبــل ذلــك بأســبوع تقريبـاً يف جريــدة الواشــنطن‬ ‫بوســت األمريكيــة‪.‬‬ ‫هــذا املقــال جديــر باالهتــام‪ ،‬فهــو يلقــي الضــوء عــى‬ ‫تفكــر «أحـرار الشــام»‪ ،‬ويجــب أالّ نشــعر بالحــرج مــن‬ ‫القــول إننــا نحــاول تقييــم هــذا التفكــر مــن خــال‬ ‫تعقــب جملــه والصياغــات التــي ُوضعــت فيــه‪.‬‬ ‫هــذا املقــال كُتــب باللغــة اإلنكليزيــة‪ ،‬ونُــر يف‬ ‫جريدتــن غربيتــن كبريتــن‪ ،‬فهــو – كــا يُفــرض –‬ ‫يخاطــب العقـ َـل الغــريب‪ ،‬ونُقـ ّدر أن الهــدف مــن هــذه‬ ‫املخاطبــة هــو رشح القضيــة الســورية‪ ،‬واســتاملة الــرأي‬ ‫العــام يف أمريــكا وأوربــا إىل تأييدهــا والوقــوف منهــا‬ ‫موقف ـاً إيجابي ـاً‪ ،‬وهــذا أم ـ ٌر محمــو ٌد بذاتــه ويُحســب‬ ‫لـ»أحــرار الشــام» وللســيد النحــاس‪.‬‬ ‫ومــن نافــل القــول إن مخاطبــة مجتمــع مــا‪ ،‬يجــب‬ ‫أن تنطلــق مــن مفاهيــم هــذا املجتمــع ومعايــره‪،‬‬ ‫ليســتطيع املــرء جــذب تأييــده للقضيــة التــي يبســطها‬ ‫أمامــه‪ ،‬فهــل فعــل الســيد النحــاس ذلــك؟ ويجــب أن‬ ‫أســتميح القــارئ العــذ َر إن كنــت ســأطيل االقتبــاس مــن‬ ‫املقــال ألن ذلــك رضوري لتعقبــه‪.‬‬ ‫بــدأ املقــال مبالحقــة تراجــع املوقــف األمريــي األوريب‬ ‫مــن نظــام األســد‪ ،‬وكيــف اســتغلت داعــش هــذا‬ ‫الرتاجــع مــن ضمــن َمــن اســتغلوه للدعايــة لنظريتهــم‬ ‫القائلــة‪ :‬إن الغــرب يتآمــر مــع األســد وداعميــه‬ ‫اإليرانيــن الشــيعة لهزميــة وإذالل العــرب الســنة يف‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وكيــف أنــه بـ ّـن عجــز الغــرب عــن الفعــل‪،‬‬ ‫وجنــون العظمــة األســدي‪ ،‬وأحــام إيـران اإلمرباطوريــة‪،‬‬ ‫ونــزوة االنتقــام الروســية‪ ،‬ووحشــية القــوة الداعشــية‪،‬‬ ‫ســقط الســوريون الذيــن كان حلــم ثورتهــم الوحيــد هو‬ ‫الحريــة‪ ،‬والكرامــة‪ ،‬والحيــاة األفضــل‪ ،‬وأننــا يف «أح ـرار‬ ‫الشــام» وفصائــل الثــورة املســلحة األخــرى اخرتنــا‬ ‫القتــال مــن أجــل هــؤالء الســوريني‪ ،‬عــى االستســام‬ ‫لألســد‪ ،‬وأن روح تلــك األيــام األوىل لالنتفاضــة مــا زالــت‬ ‫ح ّيــة‪ ،‬لكنــه كلــا طــال أمــد الحــرب تضــاءل األمــل يف‬ ‫انقــاذ ســورية‪ ،‬وتريــد «أح ـرار الشــام» أن تــرى نهايــة‬ ‫لحكــم األســد‪ ،‬وهزميــة تنظيــم داعــش‪ ،‬وقيــام حكومــة‬ ‫متثيليــة مســتقرة يف دمشــق‪ ،‬تضــع ســورية عــى طريــق‬ ‫الســلم واملصالحــة والتعــايف االقتصــادي‪.‬‬ ‫إىل هنــا واملقــال يســر يف املنحــى الــذي يتقبّلــه العقــل‬ ‫الغــريب‪ ،‬ثــم يبــدأ كاتــب املقــال بالســر يف طريــق‬ ‫«رشــوة» العقــل الــذي يخاطبــه فيقــول‪ :‬نريــد أن نــرى‬ ‫نظامــاً سياســياً يحــرم الهويــة والتطلعــات السياســية‬ ‫املرشوعــة لـ»األغلبيــة» الســورية ويحمــي «األقليــات»‪،‬‬

‫وميكنهــا مــن لعــب دور حقيقــي وب ّنــاء يف مســتقبل‬ ‫البــاد‪.‬‬ ‫كل قــارئ للتاريــخ – ودون الخــوض يف‬ ‫ويعــرف ّ‬ ‫التفاصيــل – أن القــوى الغربيــة يف العهــد االســتعامري‬ ‫األول هــي التــي خلقــت مفــردة األقليــة‪ ،‬ذريعــ ًة‬ ‫للتدخــل يف شــؤون االمرباطوريــة العثامنيــة متهيــدا ً‬ ‫إلضعافهــا ثــم إنهائهــا‪ ،‬فكيــف يقــع الســيد النحــاس‬ ‫و»أح ـرار الشــام»‪ ،‬ومــن يريــد أن يقــع معهــم يف فــخ‬ ‫كل‬ ‫األقليــة واألغلبيــة‪ ،‬وهــا املفردتــان اللتــان حاربهــا ُّ‬ ‫رجــال االســتقالل األول؟‬ ‫ال شـ ّـك أن الســيد النحــاس يف «أحـرار الشــام» يعــرف أن‬ ‫فــارس الخــوري كان لقبــه «الشــيخ»‪ ،‬وأنــه كان رئيس ـاً‬ ‫للــوزراء‪ ،‬ورئيسـاً للمجلــس النيــايب ألكــر مــن مــرة‪ ،‬وال‬ ‫شـ ّـك أنــه يعــرف مــا قالــه للمفــوض الســامي الفرنــي‬ ‫الــذي ا ّدعــى أنــه جــاء لحاميتــه مــن «األغلبيــة»‪.‬‬ ‫وال شـ ّـك أن الســيد النحــاس يف «أح ـرار الشــام» يعــرف‬ ‫ســلطان باشــا األطــرش قائــدا ً للثــورة الســورية الكــرى‬ ‫وأن الســوريني جميع ـاً انضــووا تحــت قيادتــه‪.‬‬ ‫وال شـ ّـك أن الســيد النحــاس يف «أح ـرار الشــام» يعــرف‬ ‫مــن هــو إبراهيــم هنانــو ويعــرف مقولتــه‪« :‬إن‬ ‫النصــارى يف بالدنــا هــم إخواننــا يف العروبــة والوطنيــة‬ ‫لهــم مــا لنــا وعليهــم مــا علينــا وأنــا – أي هنانــو– أربــأ‬ ‫بهــم أن يعتــروا أنفســهم أقليــة فهــم أكرثيــة مثلنــا»‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫شــك أن الســيد النحــاس يعــرف الكثــر عــن مثــل‬ ‫هــؤالء الرجــال‪ ،‬وعــن مثــل هــذه املواقــف‪ ،‬واألقــوال‬ ‫التــي تثبــت أن الشــعب الســوري مل يعــرف األقليــة‬ ‫واألغلبيــة قبــل الحكــم األســدي‪ ،‬ويعــرف متام ـاً أن أول‬ ‫شــعارات الثــورة كان‪ :‬واحــد واحــد واحــد الشــعب‬ ‫الســوري واحــد‪ ،‬فلــاذا يعــود «اللبيــب» إىل اســتخدام‬ ‫ورســخها األســدان؟‬ ‫مفــرد ٍة اخرتعهــا االســتعامريون ّ‬ ‫أمل يكــن مــن األجــدى أن يسرتشــد بتاريخنــا القريــب‬ ‫ملخاطبــة الغــرب مبــا يريــد أن يســمعه مــا ال يتنــاىف‬ ‫مــع الحقيقــة؟ ومــا الض ـ ُر يف أن يُظه َرنــا شــعباً واحــدا ً‬ ‫ليــس فيــه أقليــة وال أغلبيــة‪ ،‬وال نريــد أن يكــون‬ ‫فيــه ذلــك إال باملعنــى الســيايس ال باملعنــى اإلثنــي‪،‬‬ ‫وال باملعنــى الدينــي متام ـاً كــا هــو الحــال عنــد مــن‬ ‫يخاطبهــم يف أمريــكا وأوربــا؟‬ ‫وينتقــل الســيد النحــاس مــن «الرشــوة» إىل مــا أســتطيع‬ ‫تســميته «اللجــم» فهــو يخاطــب الذين يريد اســتاملتهم‬ ‫إليــه بالقــول‪« :‬أولئــك الذيــن يتوقعــون بديــاً ُســ ّنياً‬ ‫كام ـاً عــى املقاييــس األوربيــة ســوف يصابــون بخيبــة‬ ‫أمــل» ألنــه كــا يعلــم هــو‪ ،‬ويطلــب م ّنــا أن نعلــم‬ ‫جميعــاً «فاألنظمــة السياســية ومنــاذج الحكومــات ال‬ ‫ميكــن اســتريادها إىل الــرق األوســط‪ ،‬وأن يُكتــب لهــا‬ ‫نــى‬ ‫النجــاح واالزدهــار‪ ،‬فهنــاك تجــارب تاريخيــة وبُ ً‬ ‫اجتامعيــة وثقافــة سياســية مختلفــة كلي ـاً»‪.‬‬

‫ـب أن يتحــدث مديــر الشــؤون الخارجيــة يف «أحرار‬ ‫غريـ ٌ‬ ‫نــى‬ ‫الشــام» بهــذا املنطــق‪ ،‬وكأنــه ليــس يف الهنــد بُ ً‬ ‫اجتامعيــة مختلفــة‪ ،‬وال ثقافــات سياســية مختلفــة‪ ،‬وال‬ ‫تجــارب تاريخيــة مختلفــة أنتجتهــا ع ـرات القوميــات‬ ‫املختلفــة‪ ،‬وعـرات اللغــات املختلفــة‪ ،‬ومــع ذلــك فــا‬ ‫ُيــاري أح ـ ٌد يف أن يف الهنــد دميقراطيــة راســخة وعــى‬ ‫املقاييــس األوربيــة‪ ،‬ومــن دون الخــوض يف التنظــر‪،‬‬ ‫فالدميقراطيــة هــي أســلوب يف إدارة الدولــة ال عالقــة‬ ‫لــه بنوعيــة الشــعوب‪ ،‬وال بجغرافيتهــا‪ ،‬وهنــاك فــرق‬ ‫ال يجــب أن يخفــى عــى مديــر الشــؤون الخارجيــة‬ ‫بــن شــكل النظــام الســيايس‪ ،‬ومنــوذج الحكومــة وبــن‬ ‫األســاس الــذي يُبنــى عليــه هــذا النظــام وهــذا النموذج‪،‬‬ ‫وليســت الهنــد مثــاالً فريــدا ً فهنــاك اليابــان وكوريــا‬ ‫الجنوبيــة وجنــوب افريقيــا ٌ‬ ‫ودول يف أمريــكا الالتينيــة‪،‬‬ ‫ـت عنهــا‪ ،‬فلــاذا يريــد‬ ‫وتكــر األمثلــة والنــاذج إذا بحثـ َ‬ ‫الســيد النحــاس أن يكــون الــرق األوســط وحــده‬ ‫املختلــف‪ ،‬وال ميكــن االســترياد إليــه؟ وملــاذا يغيــب عــن‬ ‫بالــه أن العقــل الــذي يُخاطبــه بلغتــه وعــى صفحــات‬ ‫جرائــده ميكــن أن يج َبهــه بهــذه األمثلــة ويســأله‪ :‬ملــاذا‬ ‫أمكنــت عندهــم وال متكــن عنــدك املقارنــة؟‬ ‫جــواب الســيد النحــاس عــى ســؤال كهــذا جــاء يف‬ ‫مقالــه‪ ،‬ولكنــه انتقــل بــه مــن مرحلــة «اللجــم» إىل‬ ‫مرحلــة «صــدم» العقــل الــذي يخاطبــه فيقــول‪« :‬يجــب‬ ‫أن يكــون هنــاك دو ٌر أســايس للديــن يف أيــة تســوية‬ ‫سياســية تتولــد عــن النــزاع الــذي نعيشــه اليــوم»‪.‬‬ ‫كيــف أمكــن للســيد النحــاس أن يخاطــب العقــل الــذي‬ ‫نســف مقولتــه هــذه منــذ قــرون‪ ،‬ووضــع الديــن خــارج‬ ‫ـاس مــا وصــل اليــه‬ ‫نطــاق إدارة الدولــة‪ ،‬فــكان ذلــك أسـ َ‬ ‫مــن ُرقــي وتقــدم علمــي‪ ،‬ويطلــب منــه أن ينقلــب عىل‬ ‫هــذا األســاس‪ ،‬وأن ي ُه ـ َّز رأســه طرب ـاً وإعجاب ـاً مبنطقــه‬ ‫لعــل هــذه هــي املقاربــة الرباغامتيــة‬ ‫املخالــف؟ أم ّ‬ ‫التــي يريــد مــن غــره أن يتّبعهــا‪ ،‬يف حــن يرميهــا هــو‬ ‫وراء ظهــره؟ أم لعلّهــا القـرارات الصعبــة التــي يريــد أن‬ ‫يتّخذهــا غــره يف حــن يتجنــب هــو ات ّخاذهــا؟‬ ‫القضيــة التــي أراد الســيد النحــاس «تســويقها» عنــد‬ ‫الغــرب قضي ـ ُة عــد ٍل وحــق‪ ،‬لكنــه مــا أحســن الدفــاع‬ ‫الديــن أساســاً لقيــام الدولــة يف العــر‬ ‫عنهــا‪ ،‬فليــس‬ ‫ُ‬ ‫الحديــث‪ ،‬مبــا هــي دولــة مؤسســات‪ ،‬فإرسائيــل التــي‬ ‫تطالــب بـ»يهوديــة الدولــة» وإيــران التــي تصبغهــا‬ ‫ـآرب سياســي ٍة‪.‬‬ ‫بشــيعيتها‪ ،‬إمنــا تفعــان ذلــك لتحقيــق مـ َ‬ ‫فلَ ْيتَــه مل يتمثّــل بهــا ولَ ْيتــه توقــف عنــد قولــه‪« :‬إن‬ ‫حلــم ثــورة الســوريني الوحيــد هــو الحريــة والكرامــة‬ ‫والحيــاة األفضــل‪ ،‬وأن روح تلــك األيــام مــا زالــت حيّـةً»‬ ‫ أرأيــت إىل هــذه العبــارة مــا أجملهــا‪ -‬ولَيْتــه مل يقــع يف‬‫فــخ األقليــة واألغلبيــة‪ ،‬ولَيْتــه تــرك الديــن ليأخـ َذ دوره‬ ‫يف املجتمــع‪ ،‬ال يف إدارة الدولــة‪ ،‬ولكنــه مل يفعــل وأوردها‬ ‫كذلــك‪ ..‬ومــا هكــذا تُــور ُد يــا لبيــب اإلبــل‪.‬‬

‫عبد السالم السالمة‬ ‫يقــول البــدوي‪« :‬أنــا وأخــوي عــى ابــن ع ّمــي‪ ،‬وأنــا وابــن‬ ‫ع ّمــي عــى الغريــب»‪ .‬منطــق خــارج القانــون‪ ،‬عندمــا يكــون مثــة‬ ‫قانــون عــادل يحتكــم إليــه النــاس‪ .‬إالّ أنّــه عقــاين جــدا ً عندمــا‬ ‫ال يجــد املــرء مــن يحتمــي بهــم إالّ إخوتــه‪ ،‬ثــم أبنــاء ع ّمــه‪،‬‬ ‫ثــم قبيلتــه‪ ،‬ثــم عشــرته‪ ،‬ثــم حلفــاؤه مــن العشــائر األخــرى‪.‬‬ ‫الالّمعقــول ‪ ،‬فيــا نـراه ونســمع عنــه‪ ،‬أن يتقـ ّوى اإلنســان العاقــل‬ ‫عــى أهلــه وأقاربــه بالغريــب‪ ،‬الــذي ال يعــرف حتّــى اســمه وال‬ ‫بلــده‪ ،‬فض ـاً عــن أن يعــرف حقيقــة أمــره‪.‬‬ ‫اختلــف شــباب يف مقتبــل العمــر مــن أبنــاء عمومتنــا‪ .‬فاســتعان‬ ‫بعضهــم بجامعــة مســلّحة غريبــة عنهــم ال يعرفــون عنهــا إال‬ ‫اســمها وألقــاب بعــض أفرادهــا وألــوان عيونهــم‪ .‬حتــى وجوههــم‬ ‫ال يرونهــا!‪ ،‬فانتــروا عــى أقاربهــم‪ .‬اآلخــرون مل يســكتوا عــى‬ ‫ضيــم!‪ ،‬ومل يرضــوا أن تنكــر عيونهــم أمــام أقاربهــم‪ ،‬فاســتعانوا‬ ‫بجامعــة أخــرى‪ ،‬أشــد وحشــ ّية مــن املجموعــة التــي اســتعان‬ ‫بهــا أقاربهــم عليهــم‪ ،‬فانتــروا عــى أقاربهــم‪ ..‬وكانــت العاقبــة‬ ‫أن أصبــح الجميــع تحــت رحمــة داعــش! يف إحــدى البلــدات‬ ‫الصغــرة قــرب حلــب‪ ،‬ال يــكاد ميــ ّر أســبوع دون أن تتعــرض‬ ‫البلــدة لهجــوم بطائــرات النظــام التــي ترمــي فــوق أهلهــا‬ ‫الرباميــل‪ ،‬أو تقصفهــا بالصواريــخ‪ .‬ومــع هــذه فــا يــكاد ميــ ّر‬ ‫أســبوع دون أن تتعــرض البلــدة لهجــوم مــن داعــش؛ انتحــاري‬ ‫يقــود س ـيّارة مفخخــة‪ ،‬أو انغــايس يحمــل حزام ـاً ناســفاً‪ ..‬ومــع‬ ‫كل هــذا‪ ،‬ال يــكاد ميــر أســبوع حتــى ينشــب قتــال بــن أهــايل‬ ‫البلــدة بســبب خــاف عــى زعامــة أو منصــب إداري‪ ..‬كل أهــل‬ ‫البلــدة مرعوبــون مــن أن تدهمهــم داعــش يف أي لحظــة مــن‬ ‫اللحظــات‪ .‬ولكـ ّن رعبهــم مل يدفعهــم لــي يتعاونــوا عــى الدفــاع‬ ‫عــن بلدتهــم ودمائهــم وأعراضهــم‪ .‬رصاعاتهــم عــى املكاســب‬ ‫التافهــة واملناصــب الرخيصــة متنعهــم مــن ذلــك!‪ .‬النظــام املجــرم‬ ‫مــا كان لــه أن يســتمر مــع كل مــا ارتكبــه مــن فظائــع‪ّ ،‬إل‬ ‫ألنانيــة وجشــع وجهــل وغبــاء وتخلّــف مــن يقــودون املعارضــة‪..‬‬ ‫أو عــى األقــل‪ ،‬زعــاء الكتــل الفاعلــة يف املعارضــة‪ .‬وداعــش مل‬ ‫تنتــر مبنطقهــا وفكرهــا‪ ،‬وال بشــجاعة رجالهــا‪ ،‬وال بدهائهــم‪ ،‬وال‬ ‫بإنســانيتهم‪ ..‬داعــش انتــرت بغبــاء وحســد وحقــد وأنانيــة مــن‬ ‫يفــرض فيهــم أنهــم ثــاروا عــى الدكتاتــور املجــرم لنيــل حريتهــم‬ ‫وكرامتهــم‪ .‬املجتمعــات التــي تنمــو وتســتفحل فيهــا داعــش‬ ‫ومثيالتهــا هــي املجتمعــات املفكّكــة املم ّزقــة الجاهلــة األنانيــة‪.‬‬ ‫وهــي ذاتهــا املجتمعــات التــي يســتطيع نظــام إجرامــي طائفــي‬ ‫عائــي قــذر أن يســتعبدها‪ ،‬بســبب تفككهــا ومتزقهــا‪ .‬نقطــة‬ ‫البدايــة يف اإلصــاح هــي العــودة إىل قانــون املنطــق الســليم‬ ‫الــذي طبقــه البــدوي‪ ،‬مــن أجــل البقــاء‪ ،‬عندمــا كان بعيــدا ً عــن‬ ‫القانــون‪ ،‬يف صحرائــه القاتلــة «أنــا وابــن عمــي عــى الغريــب»‪،‬‬ ‫ريثــا يعــود قانــون الدولــة فيأخــذ دوره يف إعــادة قــوة املجتمــع‪.‬‬ ‫وعندمــا نبــدأ بتطبيــق القانــون األول‪ ،‬قانــون املنطــق الســليم‪،‬‬ ‫فــإن االنتقــال إىل القانــون الثــاين قانــون الدولــة واملجتمــع الســليم‬ ‫ســيكون أرسع وأقــل تكلفــة مــن مــآيس الجنــون الــذي أصابنــا‪.‬‬

‫م��ن ه��ي اجلماع��ات املس��لحة ال�تي تقات��ل يف س��وريا؟‬ ‫عمر المحمد العرودي (باريس)‬ ‫منــذ بدايــة الثــورة الســورية التــي تغــر‬ ‫مســارها مــن قبــل الــدول الكــرى واإلقليميــة‬ ‫باملنطقــة‪ ،‬وبعــد أربــع ســنوات ونيــف مــن‬ ‫يقاتــل مــن ومــن ضــد مــن‪.‬‬ ‫مــن عــرات التنظيــات املســلحة يف‬ ‫صفــوف املعارضــة املعتدلــة منهــا واملتطرفــة‪،‬‬ ‫وأيضــا ع ـرات املليشــيات املســلحة املدربــة‬ ‫الداعمــة لجيــش بشــار األســد وتقاتــل إىل‬ ‫جانبــه وقــد قــدر مراقبــون عــدد هــذه‬ ‫املليشــات مــا بــن ‪ 15‬جامعــة و‪ 30‬جامعــة‬ ‫وهنــاك تقديـرات متباينــة لعــدد أفـراد هــذه‪،‬‬ ‫يصــل عــدد بعضهــم إىل ســبعني ألفــاً‪.‬‬ ‫سوف أوجز هذه العنارص الداعمة لألسد‪.‬‬ ‫حــزب اللــه اللبنــاين‪ :‬وهــو األقــوى بــن‬‫التنظيــات الشــيعية األخــرى مــن حيــث‬ ‫النوعيــة والتدريــب والتســليح وليــس العــدد‪،‬‬ ‫يقــدر أفـراده بســوريا مــا بــن ‪ 7000‬آالف إىل‬

‫‪.10000‬‬ ‫قــاد الحــزب اســتعادة النظــام الســوري‬ ‫ملدينــة القصــر يف حمــص عــام ‪.2013‬‬ ‫الحــرس الثــوري اإليــراين‪ :‬مل تعــد طهــران‬‫تخفــي وجودهــا عــى األرايض الســورية‬ ‫بحجــة محاربــة االرهابيــن والتكفرييــن‬ ‫املتشــددين‪ ،‬وللمــرة األوىل نظمــت جنــازة‬ ‫لقتــى الحــرس الثــوري اإلي ـراين يف منتصــف‬ ‫عــام ‪ 2013‬وذلــك إثــر اشــتباكات قــرب مقــام‬ ‫الســيدة زينــب بدمشــق يف منطقــة الســت‬ ‫زينــب‪.‬‬ ‫لــواء أيب الفضــل العبــاس‪ :‬تأســس كقــوة‬‫عســكرية عــام ‪ 2012‬لحاميــة مرقــد الســيدة‬ ‫زينــب أيضــاً‪ ،‬ليخــوض معــارك يف مناطــق‬ ‫كمنطقــة ببيــا ويلــدا ويشــكل العراقيــون‬ ‫عــاد هــذه املليشــيا وينتمــي أكرثهــم للتيــار‬ ‫الصــدري بالعــراق‪.‬‬ ‫‪-‬عصائــب أهــل الحــق‪ :‬هــم إحــدى أهــم‬

‫أبــرز القــوى الشــيعية العراقيــة ولــدت مــن‬ ‫رحــم التيــار الصــدري ينضــوي تحــت لــواء أيب‬ ‫الفضــل العبــاس‪.‬‬ ‫لــواء ذو الفقــار‪ :‬ظهــر التنظيــم يف أول يونيــو‬‫عــام ‪ 2013‬كقــوة شــيعية مســتقلة يف ســوريا‬ ‫يضــم جيــش املهــدي وعصائــب أهــل الحــق‪.‬‬ ‫شــارك يف معــارك طريــق املطــار وخربــة‬ ‫غزالــة وعــدرا العامليــة‪.‬‬ ‫وإىل جانــب هــذه التنظيــات هنــاك‬ ‫كتائــب حــزب اللــه العراقــي وســيد الشــهداء‬ ‫وقــوات محمــد باقــر الصــدر وألويــة أســد‬ ‫اللــه واإلمــام الحســن ولــواء الســيدة رقيــة‬ ‫واملؤمتــن وغريهــا مــن الكتائــب والتنظميــات‬ ‫املســلحة األخــرى الســورية مثــل الشــبيحة‬ ‫الذيــن أكرثهــم مــن الطائفــة العلويــة حـرا ً‪،‬‬ ‫وجيــش الدفــاع الوطنــي وأســود القرداحــة‬ ‫وكتائــب املهــام الخاصــة وكتائــب أخــرى‬ ‫حســب مســميات املناطــق‪.‬‬

‫وعــى ذكــر التنظيــات األجنبيــة الداعمــة‬ ‫للطــرف األخــر بالــراع تنظيــم الدولــة‬ ‫االســامية بالعــراق والشــام وجبهــة النــرة‬ ‫وتنظيــم القاعــدة‪ .‬إال أن هنــاك الجيــش‬ ‫الســوري الحــر الــذي ميثــل أكــر ســواده‬

‫الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫إال أن السياســات الخارجيــة العامليــة ومنــذ‬ ‫اليــوم األوىل الــذي اســتبيحت بــه أرض‬ ‫ســوريا فقــد تــم الرتكيــز عــى مــن يقــف مــع‬ ‫املعارضــة ال مــن يقــف مــع األســد‪.‬‬


‫حرمل االقتصاد‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫شيفرة داعش اجملهولة‬

‫معبد الحسون‬ ‫ـذب االهتــا َم‪..‬‬ ‫ال أرى يف داعــش َّ‬ ‫أي يش ٍء يجـ ُ‬ ‫ليــس مثــة ميــزة خاصــة أو إضافيــة عــى‬ ‫أقرانهــا مــن املعارصيــن والســابقني يجعلُهــا‬ ‫شــيئاً مختلفـاً ســوى فــرط املبالغــة يف التوحــش‬ ‫والقســوة مــا فــوق اإلنســانية‪ ..‬فهــي‪ ،‬يف‬ ‫التصنيــف‪ ،‬أقـ ُّـل مــن كل مــا ميكــن أن يلفــت‬ ‫النظــر إليــه‪ ..‬ســوا ٌء وضعناهــا خلــف موشــو ٍر‬ ‫يــرى أميــ َز ِحــ َزمِ الضــو ِء املتجمعــة يف محــور‬ ‫رؤيــة العــن‪ ،‬ورأيناهــا كتنظيــم أو تجمــع أو‬ ‫تحــب هــي أن تســمي‬ ‫حركــة أو دولــة (كــا‬ ‫ُ‬ ‫نفســها)‪ ،‬أو مجموعــة صاحبــة قضيــة دينيــة‬ ‫َ‬ ‫ر لهــا‪ ،‬أو عصبــة مــن األرشار‬ ‫تنتــ‬ ‫أن‬ ‫د‬ ‫تريــ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مهووســة دينيــاً‪ ..‬هــذا هــو قَــ َوا ُم وجو ِدهــا‬ ‫ومربراتُــه‪ ..‬أمــا دون ذلــك فهــي ســوا ٌء كانــت‬ ‫شــيئاً منظــورا ً إليــه كحــزب أو جمهــرة مــن‬ ‫أصحــاب عقائــد لهــم أهــداف سياســية أو‬ ‫دينيــة‪ ،‬فــا أحســب أنهــا يش ٌء أصيـ ٌـل يف واقعنــا‬ ‫وواقــع مجتمعاتنــا ـ خاصــة يف ســوريا والعـراق‬ ‫ٍ‬ ‫أحــد أو يلفــت‬ ‫ـ ميكــ ُن أن يشــ َّد اهتــا َم‬ ‫انتباهتــه أو يســتثري فضولــه‪ ..‬ولعــل داعــش‬ ‫أدركــت هــذه امليــزة الوحيــدة (واألصيلــة يف‬ ‫ُ‬ ‫طالــب‬ ‫يــدرك‬ ‫بنيتهــا) أعمــق اإلدراك‪ ..‬وكــا‬ ‫ُ‬ ‫مدرســة أن أســط َع حضــو ٍر لــه يف الصــف‪،‬‬ ‫يتشــخص ويكمــن يف كونــه متفوقــاً يف مــادة‬ ‫يجعــل فتــا ًة تهتــم‬ ‫ُ‬ ‫الفيزيــاء مثــاً‪ ،‬أو مــا‬ ‫بتقديــم شــخصيتها لــكل املحيطــن مــن حولهــا‬ ‫يف أن عينيهــا الخرضاويــن يشــ َّدان اهتــام‬ ‫الناظريــن إليهــا‪ ..‬إنهــا دون طبيعــة تلــك‬ ‫العينــن الجاذبتــن لالهتــام‪ ،‬تعلــم أنهــا مجــرد‬

‫جمال الفالح‬

‫‪11‬‬

‫فتــاة ال تلفــت االنتبــاه بــن أقرانهــا‪ ،‬وال بؤريــة‬ ‫أو محوريــة خاصــة تســتدعي االهتــام بهــا‪..‬‬ ‫الــري‪ ،‬ذا العالقــات‬ ‫كذلــك ال يفــوت التاجــ َر‬ ‫َ‬ ‫املتشــعبة واملختلطــة مــع كثـرٍ مــن النــاس‪ ،‬أن‬ ‫النــاس يعرفونــه بغنــاه وبرثوتــه فحســب‪ ..‬إنــه‬ ‫يف كل لحظــة وثانيــة يتعامــل فيهــا مــع النــاس‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫باطنــي عميــقٍ أن النــاس‬ ‫بحــس‬ ‫إمنــا يــدرك‬ ‫ٍ‬ ‫ـب ثــروة‪،‬‬ ‫ينظــرون إليــه بوصفــه غني ـاً وصاحـ َ‬ ‫ليــس إال‪ ..‬فهــو بهــذا املعنــى مكتـ ٍ‬ ‫ـف بهويتــه‬ ‫التــي اعتادهــا واعتــاده النــاس بهــا‪..‬‬ ‫هــذا مــا يجعـ ُـل داعــش تتعــرف عــى هويتهــا‬ ‫(أو ميزتهــا) التــي ال تعــرف غريهــا وال متلــك‬ ‫غريهــا‪ ..‬أال وهــي البطــش دون رحمــة‪،‬‬ ‫واالســتئصال دون شــفقة‪ ،‬والذهــاب يف فنــون‬ ‫القتــل غــر الرحيــم والتوحــش املفــرط إىل‬ ‫ـوج مــا‬ ‫مدياتهــا القصــوى‪ ..‬فهــي ـ بالتــايل ـ أحـ ُ‬ ‫تكــون إىل تطويــر هــذه الخصيصــة وإفرادهــا‬ ‫واالعتنــاء بهــا‪ ..‬فالســمكة الصغــرة امللونــة‬ ‫ٍ‬ ‫حــوض جميــلٍ‬ ‫الزاهيــة الشــكل واأللــوان‪ ،‬يف‬ ‫كل النــاس‪ ،‬هــي تقريبــاً ال يشء فيــا‬ ‫يــراه ُّ‬ ‫لــو ُر ِميــت يف أعــاق املحيــط‪ ،‬وفيــا لــو قُـ ِّد َر‬ ‫لهــا أن تكــون يف لجـ ٍة معتمــة وســط مليــارات‬ ‫الســمك التــي تتزاحــم حولهــا‪ ،‬وال يــكاد أح ـ ٌد‬ ‫يلحــ ُظ وجو َدهــا هنالــك أصــاً‪..‬‬ ‫تعلــ ُم داعــش أكــر مــن غريِهــا أ ّن مســألة‬ ‫تشــييدها لدولــة اإلســام والخالفــة‪ ،‬هــي‬ ‫نكتــة طريفــة ال أكــر‪ ..‬وتعلــ ُم أيضــاً أن‬ ‫تبنيهــا لإلســام والدفــاع عنــه‪ ،‬وعــى الوجــه‬ ‫األخــص دفاعهــا عــن أهــل الســنة والجامعــة‪..‬‬

‫املنطقة اخلالية‬

‫تكثفــت يف اآلونــة األخــرة اللقــاءات‬ ‫بــن عــدد مــن مســؤويل الــدول املهتمة بالشــأن‬ ‫الســوري‪ ،‬وال ســيام أمريكا وروســيا والســعودية‬ ‫وتركيــا‪ ،‬وكان الحــدث األبــرز الناتــج عــن تلــك‬ ‫اللقــاءات هــو االتفــاق األمريــي الــريك القــايض‬ ‫بإنشــاء منطقــة آمنــة يف الشــال الســوري‬ ‫متتــد مــن جرابلــس إىل مــارع وتضــم مدينــة‬ ‫اعـزاز ومعــر بــاب الســامة الحــدودي ومدينــة‬ ‫منبــج‪ ،‬حيــث يبلــغ طــول املنطقــة حــوايل‬ ‫‪100‬كــم وعــرض حــوايل ‪45‬كــم‪ ،‬أي مبســاحة‬ ‫جغرافيــة تقــارب نصــف مســاحة لبنــان‪ ،‬ومــن‬ ‫املفــرض أن تكــون هــذه املنطقــة خاليــة مــن‬ ‫قــوات داعــش والنــرة و‪ Pkk‬وســتكون هــذه‬ ‫املنطقــة (بحســب عــدة مصــادر) محميــة‬ ‫بقــوات رشطــة محليــة‪ ،‬جــرى ويجــري إعدادها‪،‬‬ ‫وتســاندها قــوات مــن الجيــش الحــر والجبهــة‬ ‫الشــامية ورمبــا أحــرار الشــام كذلــك‪ ،‬كــا‬ ‫سيســند أمــر حاميــة الحــدود إىل وحــدات‬ ‫مســلحة مــن الســوريني الرتكــان وسيســاهم‬ ‫طــران التحالــف والطــران الــريك مبهــام‬ ‫التغطيــة الجويــة للقــوات الربيــة واملســاندة‬ ‫يف أي مواجهــة أو هجــوم تتعــرض لــه مــن‬ ‫قــوى معاديــة‪ ،‬ومــن الغريــب أن ق ـرار إنشــاء‬ ‫املنطقــة اآلمنــة جــاء بعــد مطالبــة وإلحــاح‬ ‫مــن قبــل األتــراك‪ ،‬ورفــض ومامطلــة مــن‬ ‫قبــل األمريكيــن فــا الــذي تغــر يف موازيــن‬ ‫القــوى؟! حتــى نــرى الواليــات املتحــدة هــي‬ ‫األكــر حامسـاً إلنشــاء هــذه املنطقــة حتــى لــو‬ ‫كانــت ترصيحــات مســؤوليها ال توحــي بذلــك؟‪،‬‬ ‫إذ يرفــض األمريكيــون تســميتها باآلمنــة‬ ‫ويــرون عــى وصفهــا باملنطقــة الخاليــة مــن‬ ‫داعــش وال‪.pkk‬‬ ‫ومــا يزيــد األمــر غرابــة أن النظــرة املبــارشة‬ ‫للظــروف التــي تــم فيهــا االتفــاق تــدل عــى‬ ‫أنــه جــاء يف مرحلــة معقــدة بالنســبة لألت ـراك‬ ‫حيــث تتعــرض تركيــا لضغــوط أمنيــة وسياســية‬

‫وعــن وجهــة نظــر رب العاملــن يف ترصيــف‬ ‫أمــور شــؤون الحيــاة كلهــا عــى هــذه األرض‪،‬‬ ‫وحاكميتهــا نيابــة عــن الخالــق الــذي خلــق‬ ‫هــذا الكــون والنــاس جميعـاً‪ ،‬وأن تفويــض اللــه‬ ‫لهــا وتوكيلهــا مبــا يريــد ويــرىض هــو أيضـاً نكتة‬ ‫أطــرف مــن النكتــة الســابقة‪ ،‬ولكـ ْن لعلهــا أكــر‬ ‫شــططاً مــن ســابقتها أيضــاً‪ ..‬أمــا أ ُّم ال ِن ِ‬ ‫ــكات‬ ‫الداعشــية جميعــاً‪ ،‬فهــي التشــبه بالســلف‬ ‫وإدعــاء ورثتهــا لهــم‪ ،‬واإليحــاء بأنهــا االمتــداد‬ ‫الطبيعــي والحيــوي لســلوكهم وأخالقهــم‪،‬‬ ‫بوصفهــا الخلــف الرشعــي الــذي جــاء مــن‬ ‫والدة تاريخيــة طبيعيــة عنهــم‪ ..‬لكنهــا تعـ ُ‬ ‫ـرف‬ ‫كذلــك بغريــزة فطريــة‪ ،‬ورمبــا بدافــع جينــي‬ ‫وشــيفرة وراثيــة مجهولــة لــدى اإلنســان‪ ،‬أن‬ ‫وجودهــا مرتبــط بذلــك األداء الــذي حــ َّرك‬ ‫العيــو َن واألســاع والعقــول واألرواح يف كل‬ ‫أنحــاء املعمــورة ت ُجاههــا‪ ..‬فصــارت حــدثَ‬ ‫القــرن وقنبلــة املواســم واإلثــارات‪ ،‬ومركــز‬ ‫اهتــام اإلعــام العاملــي‪ ،‬وقضيــة إشــكالية تثــر‬ ‫كل األســئلة الرسيــة واملعلنــة حــول طبيعتهــا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وتتجــاوز مســائل اإلرهــاب التقليديــة‪ ..‬وهــل‬ ‫هــي تنظيــم قــد بايــع إله ـاً مــا‪ ..‬ف ََّصلَ ـ ُه عــى‬ ‫مقاســه‪..‬؟ أم هــي مجموعــة شــيطانية بايعــت‬ ‫الشــيطا َن رسا ً أو عالني ـةً‪..‬ال فــرق‪ ..‬وقــررت أن‬ ‫ـح ُسـاً زُعافـاً مــن قعــر بــر تلــك الشــيفرة‬ ‫تَ تـ َ‬ ‫الوراثيــة الغامضــة التــي يَ ْذ ُخ ُرهــا اإلنســان يف‬ ‫جوهــره الغامــض والخبــيء‪ ،‬والتــي مل يســتطع‬ ‫البــر إال أن يبــروا آثا َرهــا عــى الكائــن‬ ‫البــري دون أن يكتشــفوا الدافعيــة العميقــة‬

‫التــي تنتظــم مســلك هــذا املخلــوق الــذي‬ ‫يســمى اإلنســان‪..‬؟‬ ‫تســتطيع داعــش اليــوم أن تجــادل اإلنســانية‬ ‫جميعـاً‪ ،‬وأن تقار َعهــا ال ُحجــة بالحجــة‪ ..‬فتقــول‬ ‫مثـاً‪ :‬ومــا الــذي أرابكــم م َّنــا‪ ،‬وأنكرمتــوه علينــا‬ ‫كبــر‪..‬؟ هــل فعــل هوالكــو وأتيــا وجنكيــز‬ ‫خــان وهتلــر وســتالني وحافــظ األســد وبشــار‬ ‫األســد والقــذايف أقــل مــا فعلنــا‪..‬؟ بــل هــل‬ ‫قــدم األمريــكان يف العــر الحديــث مــن‬ ‫ســلوكيات‪ ،‬ومنــذ أن ظهــروا عــى املــرح‬ ‫أثنــاء وبعــد الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬مــا يـ ُّ‬ ‫ـدل‬ ‫عــى أننــا أكــر فظاع ـ ًة منهــم‪..‬؟ إننــا ال منتلــك‬ ‫قنابــل ذريــة‪ ،‬وال نابــامل حــارق مثلهــم‪ ..‬فاســألوا‬ ‫الفيتناميــن إذا كنتــم قــد نســيتم‪ ..‬ومــا هانوي‪،‬‬ ‫عاصمــة فيتنــام الشــالية ســابقاً منكــم ببعيد‪..‬‬ ‫ولذلــك نُ َعـ ِّو ُض نحــن قصــو َر أدواتنــا الطبيعيــة‬ ‫جــدا ً يف اإلجــرام والتوحــش‪ ،‬عــر أســاليب‬ ‫القــرع املســتمرـ عــن طريــق املشــاهد املصــورة‬ ‫ـ عــى األبصــار واألســاع‪ ،‬وعــن طريــق إحداث‬ ‫صدمــة رعــب بوســائل وتقنيــات حديثة‪،‬مــا‬ ‫تلتقطــه األعــن مــن الصــور والفيديوهــات‬ ‫التــي نصدرهــا‪ ..‬ومثلــا يشــعر الطفــل‬ ‫الرضيــع‪ ،‬الحديــث الــوالدة‪ ،‬أن رصختــه كلــا‬ ‫ـس بنقـ ٍ‬ ‫ـص وضيــقٍ مــا‪ ،‬هــي‬ ‫جــاع أو تــأمل‪ ،‬أو أحـ َّ‬ ‫نافذتــه الوحيــدة املتاحــة عــى العــامل‪ ،‬وقناتــه‬ ‫الوحيــدة التــي تســمح بلفــت النظــر إليــه‬ ‫والتدخــل مــن أجلــه ومــن أجــل قضيتــه‪ ..‬إذ‬ ‫لــوال بــكاؤه ورصاخــه‪ ،‬رمبــا كان شــيئاً ال وجــود‬ ‫لــه وغــر محســوس مــن قبــل هــذا العــامل‪..‬‬

‫نريــد لهــذا العــامل أن يرانــا كــا نحــن‪ ،‬ودون‬ ‫تزويــقٍ أو قنــاع أو تعديــل مضمــون‪ ..‬اقــرأوا‬ ‫مثـاً مــاذا يقــول الــرب يهــوه لشــعبه يف ســفر‬ ‫التثنيــة لدواعــش العصــور املوغلــة يف التاريــخ‬ ‫البعيــد‪( :‬األصحــاح العرشيــن ـ ‪16‬ـ‪:20{:)17‬‬ ‫‪ 16‬وأمــا مــدن هــؤالء الشــعوب التــي يُعطيـ َـك‬ ‫ـرب إل ُهـ َـك نصيب ـاً‪ ..‬فــا ت َْس ـتَبْقِ منهــا ن َ​َس ـ َمة‬ ‫الـ ُّ‬ ‫مــا‪ 17 :20‬بــل تُ َح ِّر ُمهــا تحرميــاً‪ ..‬الحثيــن‬ ‫واألموريــن والكنعانيــن والفرزيــن والحويــن‬ ‫ـرب إلهــك}‪ ..‬إن إلهنــا‬ ‫واليبوســيني‪ ،‬كــا أمــرك الـ ُّ‬ ‫هــو اآلخــر قــد أمرنــا بإبــادة البــر أجمعــن ـ‬ ‫والــكالم موصـ ٌ‬ ‫ـول لداعــش ـ وقتــلِ النــاس كــا‬ ‫أمــر يهــوه شــعبه بــأن ال يســتبقوا أحــدا ً مــن‬ ‫هــذه الشــعوب‪..‬‬ ‫هــذه الشــيفرة الوراثيــة الخبيئــة‪ ،‬أو الجينــة‬ ‫املظلمــة املتخفيــة يف ظلــات اإلنســان‪،‬‬ ‫يســتطيع أن يداريهــا أو يُشــذبَها أو يحســ َن‬ ‫إخفا َءهــا باألقنعــة امللونــة الكثــرة والجميلــة‬ ‫التــي وهبتهــا لــه الحضــارة الحديثــة‪ ،‬لكنــه‬ ‫ال يســتطيع بالقطــع أن ي َّدعــي أنهــا جينــة‬ ‫وهميــة كاذبــة‪ ،‬أو غــر موجــودة يف نســيجه‬ ‫البنيــوي اإلنســاين‪ ..‬ولــن ينفــع كثــرا ً التغنــي‬ ‫غــر املطــرب باملــوال املتهافــت‪ ،‬والزاعــم بــأن‬ ‫ـرض ال وجــود‬ ‫داعــش مــا هــي إال فصيـ ٌـل منقـ ٌ‬ ‫لــه بــن الزواحــف ودواب األرض التــي ال‬ ‫حــر لهــا‪ ،‬وأنهــا ولِــدت فجــأة‪ ،‬ودون تعليــل‬ ‫أو تفســر علمــي‪ ،‬نتيجــة طفــرة وراثيــة غــر‬ ‫مفهومــة أنتجــت هــذه الفصيلــة الشــيطانية‬ ‫ــاء والعــدم املطلــق‪..‬‬ ‫مــن باطــن ال َع َ‬

‫الل�يرة الس��ورية ب�ين العل��م والدج��ل‪!..‬‬

‫كبــرة‪ ،‬والســيام بعــد اســتيالء األكــراد عــى د ‪ .‬عبد القادر العلي‬

‫مناطــق واســعة مبحــاذاة حدودهــم الجنوبيــة‪،‬‬ ‫األمــر الــذي ميس مبــارشة قضيــة األمــن القومي‬ ‫الــريك‪ ،‬وزاد األمــر تعقيــدا ً نتائــج االنتخابــات‬ ‫النيابيــة األخــرة التــي أعاقــت اتخــاذ ق ـرارات‬ ‫حاســمة يف األمــور املفصليــة‪ ،‬أمــا مــن الطــرف‬ ‫األمريــي فقــد جــاء االتفــاق يف ظــروف‬ ‫أقــرب للمثاليــة بالنســبة للواليــات املتحــدة‬ ‫اســتطاعت فيهــا إحــكام ســيطرتها عــى خيــوط‬ ‫اللعبــة يف الــرق األوســط حيــث توصلــت مــع‬ ‫إيــران إىل االتفــاق النــووي‪ ،‬وأوقعــت معظــم‬ ‫دول اإلقليــم يف إربــاكات وأزمــات تحتــاج فيهــا‬ ‫إىل الدعــم والرضــا األمريــي‪.‬‬ ‫وفيــا يخــص تركيــا بالــذات‪ ،‬فقــد كان لقــوات‬ ‫التحالــف الــذي تقــوده الواليــات املتحــدة دورا ً‬ ‫حاس ـاً يف متكــن األك ـراد مــن الســيطرة عــى‬ ‫الرشيــط الحــدودي املمتــد مــن القامشــي‬ ‫حتــى عــن العــرب‪ ،‬كــا أن عمليــة (رسوج)‬ ‫التــي اســتهدفت ناشــطني أكــرادا ً يف عمليــة‬ ‫يعتقــد أنهــا انتحاريــة‪ ،‬كانــت رســالة خطــرة‬ ‫تحــوم حولهــا شــبهات كثــرة حــول الجهــة‬ ‫املنفــذة للهجــوم والقــوى التــي تقــف خلــف‬ ‫تلــك الجهــة‪ ،‬فلــكل هــذه األســباب يحــق لنــا‬ ‫ولبعــض املراقبــن‪ ،‬أن يطــرح أســئلة عديــدة‬ ‫حــول املنطقــة اآلمنــة‪ ،‬وكيــف اســتطاعت تركيــا‬ ‫انتـزاع موافقــة الواليــات املتحــدة عــى إقامتهــا‬ ‫إن تأكــد االتفــاق‪ ،‬ومــا هــو الثمــن املقابــل‪،‬‬ ‫وهــل هــي ترضيــة لرتكيــا لتمريــر خطــة‬ ‫الواليــات املتحــدة الراميــة لتقســيم ســوريا؟‬ ‫بعدمــا عجــزت عــن إحــراز مــا كانــت تصبــو‬ ‫إليــه خــال خمــس ســنوات مــن عمــر الـراع‬ ‫والتدافــع األممــي حــول هــذا ال ـراع املريــر‪،‬‬ ‫والــذي دفــع فيــه الســوريون أجـ َّـل األمثــان مــن‬ ‫دمــاء أبنائهــم‪ ،‬وقــد يكــون القــادم أخطــر إن‬ ‫مل يســتفيقوا؛ فبلدهــم اليــوم يتعــرض لخطــر‬ ‫وجــودي والبــازار الــدويل لتفتيــت ســوريا تــكاد‬ ‫فصولــه أن تختتــم‪.‬‬

‫مل أعــد أذكــر أننــي قــد أمتمــت فطــوري‬ ‫أم ال يف الصبــاح األول بعــد وصــويل إىل البيــت‬ ‫قادم ـاً مــن الخــارج‪ ،‬وإذ باثنــن مــن الشــباب‬ ‫ي كــا‬ ‫عــى دراجــة ناريــة‪ ،‬يــودون الســام عـ ّ‬ ‫أخــرين ابــن أخــي‪ .‬مل أعرفهــم مــن قبــل‪ ،‬ولكن‬ ‫ابــن أخــي قــال إنهــم مــن إحــدى الجهــات‬ ‫األمنيــة كالعــادة‪ ،‬يــودون رشب فنجــان قهــوة‬ ‫مــع القــادم مــن خــارج الوطــن‪.‬‬ ‫اســتقبلتهم كالعــادة‪ ،‬وقدمنــا لهــم فنجــان‬ ‫القهــوة‪ ،‬وبــدا عــى أحدهــم مالمــح رجــل‬ ‫األمــن الحقيقيــة مــن عبــوس وتجهــم‪ ،‬أمــا‬ ‫الثــاين‪ ،‬يبــدو أنــه مــن أبنــاء املنطقــة مــن‬ ‫لهجتــه قــال مبتســاً‪« :‬شــو أخبــار البــاد‬ ‫الــي كنــت فيهــا؟» قلــت لــه‪« :‬إنهــا بخــر‪،‬‬ ‫وعايشــن حياتهــم الطبيعيــة»‪ .‬قــال‪« :‬يعنــي‬ ‫عاجبتــك العيشــة عندهــم؟» قلــت‪« :‬تعجبنــي‬ ‫ألننــي مل أجــد مــا وجدتــه عندهــم يف وطنــي»‪.‬‬ ‫قــال املتجهــم باللهجــة الســاحلية‪« :‬ونحنــا‬ ‫كــان بلدنــا بخــر وعايشــن»‪ ،‬وأضــاف عــى‬ ‫هــذه املقدمــة كليشــات رضوريــة‪ ،‬منهــا‪« :‬إن‬ ‫ســورية بلــد متطــور‪ ،‬وليــس عليهــا ديــون‬ ‫بفضــل السياســة الحكيمــة للســيد الرئيــس»‪،‬‬ ‫وأتبعهــا بدعــاء‪« :‬اللــه يخــرب بيــت أمريــكا»‪.‬‬ ‫عــا دار مــن حديــث بينــي‬ ‫هنــا أتوقــف ّ‬ ‫وبــن الضيــوف‪ ،‬ولكــن‪ ،‬مــ ّرت فــرة‪ ،‬درج‬ ‫هــذا املصطلــح عــى ألســنة العامــة‪ ،‬وحتــى‬ ‫لــدى الكثرييــن مــن مثقفــي الدولــة مبختلــف‬ ‫مشــاربهم‪ ،‬عــى أ ّن قلّــة الديــون تعنــي‬ ‫التقــدم واالزدهــار‪ ،‬وأن الوضــع االقتصــادي‬ ‫بخــر ومبــر مبســتقبل باهــر‪.‬‬ ‫وللتذكــر مســبقاً‪ ،‬أن الدولــة التــي تســك‬ ‫عملتهــا مــن الذهــب ليســت بالــرورة‬ ‫أن تكــون أغنــى مــن الدولــة التــي تســك‬ ‫عملتهــا مــن الرصــاص‪ ،‬كــا فعــل القرامطــة‬ ‫ســابقاً‪ .‬وليــس بالــرورة‪ ،‬أن تكــون الدولــة‬

‫غــر املديونــة أغنــى‪ ،‬واقتصادهــا أقــوى مــن‬ ‫الدولــة املديونــة‪ ،‬ألن الديــن بحــد ذاتــه‬ ‫كرقــم ومفهــوم مجــرد مــن بقيــة املفاهيــم‬ ‫االقتصاديــة واملتالزمــة معــه‪ ،‬ليــس لــه أي‬ ‫مدلــول اقتصــادي أو اجتامعــي‪.‬‬ ‫مل تعــد كلمــة ديــن تخيــف العــارف‬ ‫باالقتصــاد‪ ،‬إال إذا رافقتهــا مجموعــة أخــرى‬ ‫مــن املفاهيــم‪ ،‬تدلــل عــى حقيقــة الوضــع‬ ‫االقتصــادي للبلــد‪ .‬ومــن أهــم هــذه املفاهيــم‪،‬‬ ‫الدخــل الوطنــي العــام‪ ،‬دخــل الفــرد‪ ،‬امليزانية‪،‬‬ ‫نســبة البطالــة‪ ،‬امليــزان التجــاري الخارجــي‪،‬‬ ‫القيمــة الرشائيــة للعملــة‪ ،‬نســبة التضخــم‪،‬‬ ‫الديناميكيــة االقتصاديــة‪ ،‬وغريهــا مــن‬ ‫املعطيــات اإلحصائيــة الدقيقــة التــي تعــر‬ ‫عــن الوضــع االقتصــادي‪ ،‬وليــس عــن الســيايس‬ ‫الــذي يريــده حاكــم البلــد‪.‬‬ ‫مل تكــن املشــكلة يومــاً يف اللــرة الســورية‬ ‫كقطعــة معدنيــة أو ورقيــة‪ ،‬بــل املشــكلة يف‬ ‫مــن َح ْولَهــا‪ ،‬مــن أداة اقتصاديــة ومــؤرش عــى‬ ‫الوضــع االقتصــادي العــام‪ ،‬إىل أداة نهــب‬ ‫ولصوصيــة مــن جهــة‪ ،‬وتســر عــى حجــم‬ ‫النهــب الــذي جــرى عــى مــدى خمســة عقــود‬ ‫تقريبـاً مــن جهــة أخــرى‪ ،‬وتحولــت بذلــك مــن‬ ‫عملــة فضيــة‪ ،‬ذات قيمــة تضاهــي الــدوالر‬ ‫واقعي ـاً بقيمتهــا الرشائيــة يف ســتينيات القــرن‬ ‫املــايض‪ ،‬إىل ورقــة نقديــة تــكاد تكــون صف ـرا ً‬

‫بقيمتهــا الرشائيــة اآلن‪ .‬ولــو وضعنــا هــذا‬ ‫التحــول يف قيمــة اللــرة الســورية لوحــده أمام‬ ‫اقتصــادي محايــد‪ ،‬وقلنــا لــه‪ ،‬إن البلــد الــذي‬ ‫يســك هــذه العملــة غــر مديــون‪ ،‬ويفتخــر‬ ‫رئيســه ومثقفــوه‪ ،‬بأنهــم أنجــزوا تقدمــاً‬ ‫اقتصاديــاً يُحســب لهــم‪ ،‬لقــال‪ :‬هــذا ليــس‬ ‫اقتصــاد‪ ،‬هــذا هــراء ســيايس يلبــس عبــاءة‬ ‫اقتصاديــة‪ ،‬وغطــاء ألكــر رسقــة لهــذا البلــد‪.‬‬ ‫ليــس عبثــاً‪ ،‬إن ُســمي بعلــم االقتصــاد‪ ،‬ألنــه‬ ‫كقوانــن‪ ،‬ال يخضــع للسياســة‪ ،‬وبالتــايل ميكــن‬ ‫التالعــب بــه سياســياً بشــكل مؤقــت‪ ،‬ولكنــه‬ ‫يف النهايــة‪ ،‬ســيفضح السياســة مبعطيــات‬ ‫أخــرى ال ميكــن التســر عليهــا‪ ،‬ومــن هــذه‬ ‫املعطيــات‪ ،‬مســتوى املعيشــة أو مــا يســمى‬ ‫ظــل نظــام البعــث‬ ‫بخــط الفقــر‪ ،‬الــذي ّ‬ ‫ودولــة العائلــة الحاكمــة التهــرب مــن القيــام‬ ‫بــه‪ ،‬وحتــى عندمــا طلبــت بعــض الهيئــات‬ ‫األوروبيــة‪ ،‬أو منظــات األمــم املتحــدة القيــام‬ ‫ببعــض األبحــاث املحايــدة‪ ،‬كانــت ت ُعطــى‬ ‫لهــم أرقــام مزيفــة‪ .‬هــذا املعطــى يجمــع بــن‬ ‫املــؤرشات االقتصاديــة واالجتامعيــة‪ ،‬ويدلــل‬ ‫مبــارشة عــى مــدى أي نجــاح اقتصــادي دون‬ ‫زيــف أو كــذب‪ ،‬ألن هــذا املــؤرش‪ ،‬هــو حصيلة‬ ‫اســتخدام جميــع املــؤرشات الســابقة‪ ،‬ويفضــح‬ ‫التالعــب وحجــم اللصوصيــة التــي حدثــت‬ ‫عــى مــدى عقــود‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫نجاة عبد الصمد‬ ‫‪1‬ـ عن إيران‬ ‫ال تعرفنــي د‪ .‬آذر نفيــي‪( ،‬أســتاذة األدب‬ ‫اإلنكليــزي يف جامعــات طهــران والحقــاً يف‬ ‫جامعــات أمريــكا)‪ .‬وأنــا؛ منــذ عرفتهــا‪ ،‬أخــط‬ ‫كل يــومٍ عبــار ٍ‬ ‫ات طيبــة‪:‬‬ ‫لهــا يف رأيس ّ‬ ‫ِ‬ ‫وقرأتــك‬ ‫ّــت كتبــك يف أرضنــا‪،‬‬ ‫د‪ .‬آذر‪ :‬حط ْ‬ ‫ـرأك‪ .‬كتبـ ِ‬ ‫ـال َمــن قـ ِ‬ ‫ـب‪ ،‬وغـ ّـر ِت حــايل وحـ َ‬ ‫ـك‬ ‫بحـ ّ‬ ‫قافلــة محبّـ ٍة وجــال‪ .‬فيهــا املعلومــة‪ ،‬وكشــف‬ ‫املســتور‪ ،‬والقــدرة عــى اإلقنــاع وعــى زعزعــة‬ ‫بعــض اليقينيّــات القدميــة‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ســأخربك د‪ .‬آذر‪ :‬كانــت املدرســة علّمتنــا‬ ‫أن نكــره االمرباطوريــة الفارســية‪ .‬واليــوم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كنــت ســاكت ًة‬ ‫وبعــد قــراءيت‬ ‫كتابيــك‪« :‬أشــياء ُ‬ ‫عنهــا»‪ ،‬و‪« :‬أن تقــرأ لوليتــا يف طهــران»؛ رمبــا‬ ‫يلزمنــي االعتــذار عــن إســاءة أجــدادي العــرب‬ ‫لحضارتــك الزردشــتية‪ .‬معـ ِ‬ ‫ـك وجدت ُنــي أعود إىل‬ ‫املــايض‪ ،‬املــايض الــذي ال ميــوت‪ ،‬أقــرأ تاريخــي‬ ‫بعيــون (أعــدايئ)‪ ،‬وأســتوعب ملــاذا يرانــا‬ ‫الفــرس برابــرة‪ ،‬وملــاذا لــن تعنيهــم مثـاً عدالـ ُة‬ ‫الخليفــة عمــر بــن الخطــاب‪ ،‬ولــن تشــفع لــه‬ ‫عندهــم‪ ،‬مــا دام أمــر بنفســه بإتــاف تراثهــم‬ ‫املكتــوب ألنهــم لــن يحتاجــوا‪ ،‬بعــد إســامهم‪،‬‬ ‫كتــاب ســوى القــرآن‪.‬‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫يحــق لـ ِ‬ ‫ـك الفخــر برســتم وســوهراب وأفريدون‬ ‫الفــردويس يف كتابــه‬ ‫الذيــن أنقــذ شــاع ُركم‬ ‫ّ‬ ‫بعــض مالمحهــم مــن حرائــق‬ ‫(الشــاهنامه)‬ ‫َ‬ ‫ـاب مل‬ ‫العــرب‪ ،‬مثلــا يحـ ّـق يل الحنــن إىل كل كتـ ٍ‬ ‫يصــل إىل أبنــاء جيــي بعــد أن أغرقــه هوالكــو‬ ‫يف نهــر دجلــة‪..‬‬ ‫وأيضــاً‪ :‬علّمتنــا املدرســة أن نصفّــق للثــورة‬ ‫اإلســامية اإليرانيــة ألنهــا هتفــت‪ :‬املــوتُ‬ ‫ِ‬ ‫معــك يف التاريــخ‬ ‫جــت‬ ‫ألمريــكا!‪ .‬وأنــا تد ّر ُ‬ ‫املعــارص لبــاد الفــرس التــي صــار اســمها إيـران‬ ‫يف أواســط القــرن العرشيــن‪ ،‬إيــران الحريّــات‬ ‫والربملــان واالنفتــاح واالنطــاق واســتقاللية‬ ‫املــرأة والصالونــات الثقافيــة وتعدديــة‬ ‫الــرأي‪ ،‬إىل تنامــي دكتاتوريــة الشــاه‪ ،‬وثــورة‬ ‫العلامنيــن ضــده‪ ،‬ورسقــة الثــورة مــن قبــل‬ ‫الخمينــي وأتباعــه‪ ،‬والجحيــم الــذي آلــت إليــه‬ ‫بعــد اســتتباب حكــم الجمهوريــة اإلســامية‬ ‫اإليرانيــة‪ .‬حكوم ـ ٌة تهتــف املــوت ألمريــكا‪ ،‬وال‬ ‫ـت ســوى شــعبها‪ :‬تك ّمــم األفــواه‪ ،‬وتغلّــف‬ ‫تُ يـ ُ‬ ‫املــرأة بالجلبــاب‪ ،‬ويتع ّفــن األحرار يف الســجون‪،‬‬ ‫ـوي أن يكتــب عــى واجهــة‬ ‫ويُجـ َـر التاجــر األقلـ ّ‬ ‫متجــره‪ :‬أقليــة دينيــة‪ ،‬ويُغتــال أصحــاب الفكــر‬ ‫مــن عــى منابرهــم أو يف بيوتهــم أو وهــم‬ ‫عائــدون إىل أطفالهــم‪ ،‬ويفــ ّر الناجــون مــن‬ ‫االغتيــال إىل املنــايف)‬ ‫ِ‬ ‫(عزيــزيت د‪ .‬آذر‪ :‬ليــس عليــك أن تعتــذري عــن‬ ‫حكومتــك التــي ت ُنــكّل اآلن بشــعبي‪ ،‬فقــد‬ ‫ـت بكــم مــن قبــل‪ ،‬والطغــاة طغــا ٌة عــى‬ ‫نكّلـ ْ‬ ‫شــعبهم كــا عــى باقــي الشــعوب‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫دحنون‪ ،‬دحنون‬ ‫‪2‬ـ عن أفغانستان‬ ‫صــورة أفغانســتان يف ذاكــريت املدرســية‪ :‬بــاد‬ ‫قصيــة يف رشق آســيا فيهــا خــر ٌة وجبــال‬ ‫ومغــاور كثــرة‪ ،‬بلــ ٌد مســلم يحفــظ أبنــاؤه‬ ‫القــرآن غيبــاً ويلثغــون بحروفــه املنقوشــة‬ ‫كرســومٍ أجنبيــ ٍة به ّيــ ٍة ومق ّدســة‪ .‬وشــعب‬ ‫قبائــل بدائيــة‪ ،‬رجالهــا‬ ‫ُ‬ ‫أفغانســتان يف ذهنــي‬ ‫أميــون‪ ،‬حفــاةٌ‪ ،‬أجــاف‪ ،‬قســاة‪ ،‬ذكوريــون‪،‬‬ ‫يرتــدون العاممــة والدشداشــة القصــرة‪،‬‬ ‫ويطلقــون لحاهــم‪ ،‬وال يغتســلون‪ .‬ونســاؤهم‬ ‫أدىن مــن مرتبــة اآلدميــن‪.‬‬ ‫يف ســبتمرب ‪ ،2001‬ويف خطابــه املن ّمــق يتو ّعــد‬ ‫الرئيــس األمريــي بــوش االبــن بــرب معاقــل‬ ‫اإلرهــاب يف أفغانســتان‪ ،‬يف البلــد الــذي يصفــه‬ ‫ب‪ :‬الخــايل مــن العقــول‪ ،‬والــذي ال يعــرف‬ ‫أهلــه مــا هــو التلفزيــون‪ ،‬وال تعــرف نســاؤه‬ ‫املــدارس‪ ،‬وت ُجلــد املــرأة إذا ظهــر كاحلهــا‪...‬‬ ‫لكنــك حــن تقــرأ كتــب خالــد حســيني وعتيــق‬ ‫رحيمــي وحنيــف قــريش وســواهم مــن أدبــاء‬ ‫أفغانســتان‪ ،‬تتفتــح براعــم مل ّونــ ٌة يف رأســك‪:‬‬ ‫يق ّدمــون إليــك أفغانســتان أخــرى فيهــا حضــار ٌة‬ ‫وعلــ ُم وأدب‪ ،‬وبــر راقــون وطموحــون‬ ‫ومحبــون لبالدهــم‪ .‬وال يســعك إال أن تراهــم‬ ‫عشــباً عنيــدا ً يشـ ّـق طريقــه بــن شــقوق هــذا‬ ‫الصخــري‪.‬‬ ‫العــامل‬ ‫ّ‬ ‫ذلــك املشــهد يف روايــة «عــداء الطائــرة‬ ‫الورقيــة» للكاتــب األفغــاين خالــد حســيني‪:‬‬ ‫ميــرض بابــا جــان‪ ،‬األفغــاين املهاجــر إىل أمريــكا‬ ‫بعــد الغــزو الســوفييتي‪ ،‬والحقــاً الطالبــاين‪،‬‬ ‫لبــاده‪ ،‬يــروح إىل املشــفى بحــا ٍل شــديدة‬ ‫الســوء‪ .‬ومــا إن يعــرف أ ّن الطبيــب الــذي‬ ‫يفحصــه مــن أصــلٍ‬ ‫رويس حتــى يدفــع بيديــه‬ ‫ّ‬ ‫ـج‬ ‫ـب بعنــف‪ ،‬ويغــادر املشــفى‪ .‬يحتـ ّ‬ ‫هــذا الطبيـ َ‬ ‫ابنــه أمــر‪ :‬يــا بابــا‪ :‬لقــد ولــد هــذا الطبيــب يف‬ ‫ي أكــر مــا ســنصبح عليــه‬ ‫متشــغان‪ ،‬إنــه أمريـ ّ‬ ‫رويس»‪،‬‬ ‫أنــا وأنــت يوم ـاً! ويجيــب األب‪« :‬إنــه ّ‬ ‫مكــرا ً كأنهــا كلمــ ٌة بذيئــة‪،‬‬ ‫يلفــظ الكلمــة‬ ‫ّ‬ ‫«أهلــه روس‪ ،‬أجــداده روس‪ ،‬أقســم بــرأس‬ ‫أمــك أننــي ســأكرس ذراعــه إن حــاول ملــي‪.»..‬‬ ‫لــن تنــى ذاكــرة بابــا جــان جرحهــا املفتــوح‪ ،‬مل‬ ‫تلحــق أن تنــى وقاحــة الجنــود الســوفييت يف‬ ‫ـب تعــود أصولــه إىل بلـ ٍـد‬ ‫بلــده‪ .‬لــن يثــق بطبيـ ٍ‬ ‫عــد ّو‪ ،‬رغــم أ ّن هــذا الطبيــب قــد يكــون ماهـرا ً‬ ‫ومســاملاً وقــد يكــون مثلــه ضح ّيــ ًة لسياســة‬ ‫حكومتــه أو حكومــة أســافه‪.‬‬ ‫‪3‬ـ ع ّنا هنا‪...‬‬ ‫رمبــا ال ينظــر (اآلخــرون) أيّــاً كانــوا‪ ،‬إلينــا‬ ‫ـت أرى أفغانســتان‪.‬‬ ‫كســوريني أفضــل مــا كنـ ُ‬ ‫ـرب جــرب‪ ،‬فقـراء‪،‬‬ ‫رمبــا نحــن يف أنظارهــم‪« :‬عـ ٌ‬ ‫همــج‪ ،‬جهلَــةً‪َ ،‬غفَلــ ٌة يدبّــون عــى األرض‬ ‫ٌ‬ ‫ـب وعقــلٍ معطّــل‪ ،...‬وتضــاف إلينــا‬ ‫بهنــدامٍ مريـ ٍ‬ ‫اآلن التهمــة املعــارصة‪ :‬إرهابيــون‪»..‬‬ ‫والواقــع أننــا نســمع ونعــي مــا يقــال عنــا‪،‬‬ ‫ونقرؤنــا يف عيــون مــن يجهلوننــا‪ ،‬أو مــن‬

‫يســيئون إلينــا عامديــن‪ .‬وقــد نرفــض فنغضــب‪،‬‬ ‫وقــد نصــ ّدق فنغــور يف اليــأس‪ ،‬وقــد نأمــل‬ ‫منهــم أن يتك ّرمــوا ويفهمــوا حالنــا‪ ،‬أو أن‬ ‫يبــادروا‪ ،‬هكــذا لوجــه اللــه‪ ،‬إلعالننــا شــعباً‬ ‫كرميــاً إمنــا مســلوب اإلرادة‪...‬‬ ‫والواقــع أن السياســة مجرمــة صعــودا ً وامتــدادا ً‬ ‫وعمقــاً؛ صعــودا ً حــن تســتعبد الحكومــات‬ ‫القويــة شــعوباً ضعيفــة‪ .‬وامتــدادا ً حــن يُجـ َـر‬ ‫هــذا الشــعب امل ُهــان عــى كُــره شــعوب‬ ‫الحكومــات القويــة‪ ،‬وعمقــاً حــن تتــوارث‬ ‫الشــعوب كراهيــة بعضهــا جيــاً بعــد جيــل‪.‬‬ ‫والواقــع أ ّن الشــعوب دومــاً أجمــل مــن‬ ‫حكامهــا‪ ،‬وحــن يخــ ّرب الطغــاة العالقــة بــن‬ ‫الشــعوب‪ ،‬فعــى األدب أن يعيــد لإلنســان‬ ‫اعتبــاره‪ ،‬وأن يســتثمر خطــر الثقافــة الــذي ال‬ ‫يخشــاه أح ـ ٌد كــا الطغــاة‪ ،‬وأن تك ّفــر الكتابــة‬ ‫عــن ضــال السياســات‪.‬‬ ‫كتــاب ج ّيــ ٌد نقــرأه أو نكتبــه يُكســبنا شــعباً‬ ‫ٌ‬ ‫نالقيــه أو يالقينــا‪ ،‬يفتــح مغاليــق القلــب‪،‬‬ ‫ويق ـ ّرب الثقافــات‪ ،‬ويفتــح بينهــا باب ـاً للفهــم‪،‬‬ ‫لتبديــد العــداوة‪ ،‬لتقريــب املســافة‪ ،‬وقــد‬ ‫ـاب شــعباً مــن خانــة العــد ّو إىل خانــة‬ ‫ينقــل كتـ ٌ‬ ‫الصديــق‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫نكتــب اآلن عــن حالنــا الســوري‪ ،‬حيــث دمنــا‬ ‫يســيل كقنــا ٍة رخيصــة‪ ،‬وحيــث قلوبنــا يف القاع‪،‬‬ ‫وحيــث يشــحطنا اإلحبــاط إىل تكريــس صــورة‬ ‫الضحيــة الخانعــة‪ ،‬وحيــث تطفــو أحقادنــا فــا‬ ‫ـي واملتط ـ ّرف‬ ‫يعلــو مــن أصواتنــا ســوى الهمجـ ّ‬ ‫والشــايك والنــادب واملعــاق وتاجــر الحــرب‬ ‫ـي‪..‬‬ ‫والشــبيح والداعـ ّ‬ ‫لكــ ّن بيننــا غــر هــؤالء‪ ،‬م ّمــن يســتحقّون أن‬ ‫تُســ َمع أصواتهــم عاليــ ًة وســاطع ًة وجميلــ ًة‬ ‫وحقيق ّيــ ًة كــا هــم أهلنــا‪..‬‬ ‫وأنــت تكتــب؛ ال تنتظــر مــن اآلخريــن أن‬ ‫يربئــوا ســجالتك املدانــة‪ .‬ستحتســب أن بــن‬ ‫ـعب آخــر‬ ‫ـعب تكتــب عنــه وشـ ٍ‬ ‫يديــك أمانــة شـ ٍ‬ ‫ينتظــر صوتــك ليفهمــك‪..‬‬ ‫صــوتٌ ســاط ٌع واحــ ٌد بيننــا يســاوي ألــف‬ ‫ٌ‬ ‫ومنطقــي‬ ‫موضوعــي‬ ‫ومقــال واحــ ٌد‬ ‫صــوت‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ـروب لــن تتوقــف‬ ‫يســاوي جول ـ ًة رابحــة يف حـ ٍ‬ ‫ســتكتب كأنــك الوحيــد الــذي يســتطيع‪ ،‬وكأنهــا‬ ‫فرصتــك الوحيــدة واألخرية‪.‬‬ ‫ليــس بوســعك أن تخطــو فــوق مأســاتك‪ ،‬لكــن‬ ‫بوســعك أن تع ّممهــا عــى اإلنســان يف كل‬ ‫مــكان‪ ..‬ســتكتب حزنــك اإلنســاين مبــا يبعــث‬ ‫اآلخــر عــى فهمــه ال عــى الرثــاء لحالــك‪..‬‬ ‫ســتكون أنــت؛ حقيق ّيــاً كفــدا ّيئ‪ .‬ســتكتب يف‬ ‫موقــعٍ الكــروين‪ ،‬أو يف صحيفــة ورقيــة‪ ،‬أو يف‬ ‫ايض‪ ،‬عــد ٍّو‬ ‫مد ّونتــك‪ ،‬لنفســك‪ ،‬أو لقــارئٍ افــر ّ‬ ‫أو صديــق‪ ،‬طاغيــة أو ضحيــة‪ ..‬ســتكتب مــا‬ ‫شــئت ومــا أوحــت إليــك بــه القريحــة؛ ودومـاً‬ ‫ســتكتب لتنصــف ذاتــك‪ ،‬وتفقــأ عــن حاكمــك‪،‬‬ ‫وتجــر عــد ّوك عــى احرتامــك‪.‬‬ ‫ستكون «سوريّاً» أو ستصمت!‬

‫اجلرمي��ة والقان��ون والثقاف��ة االعالمي��ة‬ ‫وفاء شهاب الدين‬ ‫عــن مجموعــة النيــل العربيــة صــدرت طبعــة‬ ‫عربيــة لكتــاب «الجرميــة والقانــون والثقافــة‬ ‫اإلعالميــة» للكاتبــة شــيال ب ـراون‬ ‫• هــل ميكــن أن نفصــل بــن الجرميــة‪ ،‬والقانون‪،‬‬ ‫ووســائل اإلعالم؟‬ ‫• مــا هــو أثــر ثقافــة اإلعــام املعــارص يف فهمنــا‬ ‫للجرميــة والقانون؟‬ ‫• مــا هــو تأثــر ثقافــة املعلوماتيــة (اإلنرتنــت)‬ ‫عــى الجرميــة والقانــون؟‬ ‫يهتــم هــذا الكتــاب بدراســة وضــع الجرميــة‬ ‫والقانــون يف إطــار مجموعــة كبــرة ومتنوعــة‬ ‫مــن األمنــاط اإلعالميــة املعــارصة‪ .‬وهــو يبــدأ‬

‫بافــراض أن ثقافــة اإلعــام تضــم املجتمــع‬ ‫بأكملــه مبــا يف ذلــك الجرميــة والقانــون الجنــايئ‪.‬‬ ‫والكتــاب ال ينظــر لوســائل اإلعــام باعتبارهــا‬ ‫مجموعــة مــن املؤسســات‪ ،‬وإمنــا باعتبارهــا‬ ‫متثــل عــددا ً ال يحــى مــن أمنــاط االتصــال‬ ‫أو أســاليب التعبــر بــدءا ً مــن املسلســات‬ ‫االجتامعيــة ‪ soaps‬ووصوالً إىل عــامل املعلوماتية‬ ‫واإلنرتنــت‪ .‬وتوضــح شــيال بــراون كيــف يتــم‬ ‫إنتــاج الجرميــة والقانــون‪ ،‬أو تصورنــا للجرميــة‬ ‫والقانــون‪ ،‬وإعــادة إنتاجهــا مــن خــال ثقافــة‬ ‫اإلعــام‪ ،‬ومــا هــي املعوقــات والتحديــدات التي‬ ‫تواجــه هــذه العمليــة‪ .‬ويتميــز هــذا الكتــاب‬ ‫بأســلوبه الجــذاب النابــض بالحيــاة‪.‬‬

‫مجالي��ات الل��ون والش��كل يف‬ ‫اللوح��ة املعاصرة‬

‫إن الحديــث عــن اللوحــة املعــارصة‬ ‫يف التشــكيل الفنــي يجعلنــا نتوقــف عنــد‬ ‫عنرصيــن مهمــن يف بنــاء العمــل الفنــي‬ ‫وهــا اللــون والخــط‪ ،‬ومــا يتبعهــا مــن‬ ‫عنــارص أخــرى تظهــر يف جســد اللوحــة‬ ‫وتغنيهــا‪ ،‬كالكتلــة والتــوازن وديناميكيــة‬ ‫األداء‪ ،‬والهارمــوين والتجانــس الفني‪..‬الــخ‪.‬‬ ‫ولعــل التقــاء كل هــذه العنــارص وتوظيفهــا‬ ‫يف اللوحــة يعطيهــا ألقــاً خاصــاً‪ ،‬ويحقــق‬ ‫فيهــا عوامــل النجــاح‪ ،‬ومينحهــا القــدرة‬ ‫عــى إيصــال مــا ترمــي إليــه مخيلــة الفنــان‬ ‫التشــكييل وأفــكاره ورؤاه‪ ،‬وباعتبــار العمــل‬ ‫الفنــي رصح ـاً برصي ـاً بامتيــاز‪ ،‬فإنــه يتوجــه‬ ‫أوالً إىل عــن املتلقــي‪ ،‬وثاني ـاً إىل فكــره‪ ،‬ومــا‬ ‫مل تتقبــل تلــك العــن مــا يعــرض أمامهــا‪ ،‬فــإن‬ ‫فرصــة وصولــه إليهــا يصبــح واهيـاً وضعيفـاً‪،‬‬ ‫ﻷن كل األفــكار التــي تكــون محملــة يف‬ ‫اللوحــة تــذوي أهميتهــا وتأثريهــا‪ ،‬وتصبــح‬ ‫جســدا ً هالميــاً بــا روح‪ ،‬وخاليــاً مــن أيــة‬ ‫داللــة إبداعيــة‪.‬‬ ‫ولــرح هــذا املفهــوم أكــر نعــرج عــى‬ ‫الـراث الفنــي اإلنســاين‪ ،‬ونجــوب أكــر اآلثــار‬ ‫الفنيــة الخالــدة‪ ،‬فنجــد أنهــا اســتطاعت أن‬ ‫تحقــق املعادلــة الصعبــة التــي امتلكتهــا‬ ‫بالوعــي الشــديد لــدور الفــن يف إثــراء‬ ‫الحيــاة‪ ،‬ومــا يؤثــره يف تهذيــب النفــس‬ ‫البرشيــة والســمو بهــا‪ .‬ومل يكــن هنــاك‬ ‫تغليــب عنــر عــى آخــر‪ ،‬فجــاءت النتائــج‬ ‫باهــرة ومحكمــة‪ ،‬وهــذا مــا خلّــد تلــك‬ ‫األعــال وأعطاهــا مكانتهــا الالئقــة يف قمــة‬ ‫الــراث الفكــري والثقــايف‪.‬‬ ‫ومــع تطــور الرؤيــة البرصيــة والحداثــة التــي‬ ‫عمــت كل يشء‪ ،‬نحــا الفنــان التشــكييل‬ ‫املعــارص منحــى يحمــل يف طياتــه ميــاً إىل‬ ‫التعبــر عــن مكنوناتــه وأعامقــه عــر الرتكيــز‬ ‫عــى املســاحات اللونيــة الواســعة‪ ،‬وتوظيــف‬ ‫اللــون كعنــر أســايس‪ ،‬وانحســار الرســم‬ ‫للعنــارص املتنوعــة التــي كانــت تغنــي عملــه‬ ‫مــن قبــل‪ ،‬وباتــت الكتــل اللونيــة هي ســيدة‬ ‫املوقــف‪ ،‬وهــذا مــا منحــه حريــة أوســع يف‬ ‫التعبــر عــن الفكــرة التــي يتناولهــا‪ ،‬وبــات‬ ‫غيــاب العنــارص ســاحة رحيبــة ملغامــرة‬ ‫لونيــة تنصــب عــى الســطح األبيــض فترثيــه‪،‬‬ ‫وتغنــي عمقــه‪ .‬وقــد ذهــب الكثــر مــن‬ ‫الفنانــن التشــكيليني إىل توظيــف العنــارص‬ ‫األساســية يف العمــل الفنــي بأســلوب حــدايث‬ ‫يعتمــد الضبابيــة‪ ،‬والبعــد عــن تشــخيص‬

‫العنــارص املتناولــة‪ ،‬والبحــث عــن صيغــة‬ ‫جديــدة يصبــح فيهــا هــذا التداخــل أساســياً‬ ‫ومنســجامً‪.‬‬ ‫وقــد نجــح الكثــرون يف إيجــاد عالقــة جديدة‬ ‫ألســلوبية بنــاء اللوحــة‪ ،‬وبــات لهــم شــخصية‬ ‫متيزهــم وتــدل عليهــم‪ .‬يف حــن ذهــب‬ ‫البعــض إىل ركــوب موجــة الحداثــة دون أن‬ ‫يتمكنــوا مــن إدراك تلــك العالقــة الســحرية‬ ‫بــن الجامليــات والفكــر‪ ،‬فتاهــت أعاملهــم‪،‬‬ ‫وافتقــدت األســلوبية الخاصــة بشــخصيتهم‬ ‫الفنيــة‪ ،‬وكانــت أعاملهــم تخلــو مــن الجاذبية‬ ‫ومــن انشــداد املتلقــي إليهــا‪ .‬وهنــاك‬ ‫فئــة أخــرى مترتســت وراء األفــكار التــي‬ ‫بنيــت عــى الرصاعــات الفنيــة املســتوردة‬ ‫والهجينــة‪ ،‬فكانــت أعاملهــم غريبــة الوجــه‬ ‫واليــد واللســان‪ .‬بعيــدة عــن طقــوس الفــن‬ ‫الحقيقــي‪ ،‬وقريبــة مــن شــذرات تســتهويها‬ ‫الشــعارات الفضفاضــة والعبــارات التــي‬ ‫تتمــرس وراء خــواء وإفــاس فكــري‪ .‬رسعــان‬ ‫مــا تتكشــف خيوطــه‪ ،‬وينفــض النــاس مــن‬ ‫حولــه‪ ،‬ﻷن الذائقــة الفنيــة الســليمة تتميــز‬ ‫بحساســية خاصــة‪ ،‬وببوصلــة ماهــرة تقودهــا‬ ‫إىل كل مــا هــو خــاق وصــادق‪.‬‬ ‫ومــن هنــا ميكننــا أن نخلــص إىل أن العمــل‬ ‫الفنــي ميــي عــى الفنــان التشــكييل أن‬ ‫يكــون واعيـاً ملــا يقدمــه ومــا يتعامــل معــه‪،‬‬ ‫وأن يكــون منســجامً مــع ذاتــه‪ ،‬متمكنـاً مــن‬ ‫أدواتــه‪ ،‬وقــادرا ً عــى فهــم وهضــم آليــة‬ ‫الحداثــة وتطويــر املهــارات التــي ميتلكهــا‪.‬‬ ‫دون اإلخــال بجوهــر الرؤيــة الســليمة يف‬ ‫إنجــاز التقنيــة املــراد التعبــر مــن خاللهــا‪،‬‬ ‫وأن يعمــد إىل زيــادة مخزونــه البــري‬ ‫وتطويــره وتطويعــه إلنتــاج الطاقــة الفنيــة‬ ‫املواكبــة آلليــة العــر‪ ،‬والتــي تحقــق ذاتهــا‬ ‫كمنتــج بــري شــديد التميــز والــراء‪.‬‬

‫فهد الحسن‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫* يونس الطيطي‬

‫حيــث كان املخيــم يف رشقــي النهــر‪ ،‬كيان ـاً‬ ‫ناشــئاً بعــد نكســة عــام ‪ 67‬وغــرف الصفيــح‬ ‫املرتاصــة تنبــئ عــن نشــوء مجتمــع مــن البــؤس‬ ‫يف الغربــة‪ ،‬طــرد ناســه مــن أرضهــم يف مؤامــرة‬ ‫اشــرك فيهــا األخ مــع العــدو‪ ،‬مجتمــع هويتــه‬ ‫بطاقــة متويــن مــن األمــم املتحــدة‪ ،‬وجــواز‬ ‫ســفره مؤجــل ملوعــد غــر مســمى‪ ،‬ومتســقبله‬ ‫غامــض وأحالمــه خبــز وكرامــة‪ ،‬وأملــه عــودة‬ ‫إىل الوطــن الســليب‪.‬‬ ‫كانــت عديلــه ملهمــة نســاء املخيــم‪ ..‬صبيــة يف‬ ‫األربعينيــات مــن العمــر فاتهــا قطــار الــزواج‪،‬‬ ‫ألنهــا رهنــت حياتهــا مــن أجــل والدهــا الشــيخ‬ ‫الكبــر الــذي مل يتبــق لــه بعــد النكبــة غريهــا‬ ‫فكانــت لــه البنــت الوفيــة ذات األخــاق‬ ‫الدمثــة‪ ،‬مــا حبــب بهــا النــاس‪ ،‬وقربهــا منهــم‪،‬‬ ‫فأصبــح لهــا دالل عــى كل البيــوت يف املخيــم‪.‬‬ ‫ولــي ال ميـ ّـل الناس مــن وجودها‪ ،‬وتســتطيع أن‬ ‫تكســب لقمــة عيشــها بكرامــة‪ ،‬اختــارت مهنــة‬ ‫محببــة لــدى النســاء تعتــر تســلية وعمــل يف‬ ‫نفــس الوقــت فأقنعــت النســاء بقدرتهــا عــى‬ ‫قــراءة الفنجــان‪ ،‬وتفســر خطوطــه ورمــوزه‪،‬‬ ‫وتحليــل الشــخصيات‪ ،‬والتنبــؤ مبــا ســيحدث‬

‫‪13‬‬

‫فنجان عديله‪ ..‬واحللم‬ ‫لهــا مســتقبالً‪ ،‬وخاصــة أن املجتمــع الجديــد‬ ‫بحاجــة اىل األمــل ويتعبــه الغيــب وال يعلــم مــا‬ ‫ســتحمله األقــدار لــه‪.‬‬ ‫أمــي التــي كث ـرا ً مــا كانــت ترســلني يف طلــب‬ ‫عديلــه كلــا اجتمعــت مــع جارتهــا أو قريباتهــا‬ ‫لــي تقــرأ لهــن الطالــع أصبحــت عديلــه‬ ‫بالنســبة لهــا مصــدر أمــل وإلهــام‪ ،‬وكث ـرا ً مــا‬ ‫كانــت تؤجــل البــت يف بعــض األمــور حتــى‬ ‫تقــرأ لهــا عديلــه فنجــان قهوتهــا‪.‬‬ ‫وهكــذا كان حــال الكثــر مــن نســاء املخيــم‬ ‫كأمــي‪ ،‬فكانــت عديلــه بذلــك مســتودع أرسار‬ ‫بيــوت املخيــم‪ ،‬وحاملــة وعــود الخــر والبشــارة‬ ‫لهــم باملســتقبل‪.‬‬ ‫أســتحرض عديلــه اليــوم وال أعلــم كيــف‬ ‫خطــرت عــى فكــري وأنــا الــذي كثـرا ً مــا كنــت‬ ‫أضحــك عندمــا تتحــدث والــديت عـ ّـا قــرأت لها‬ ‫عديلــه يف فنجانهــا مــن أخبــار وتوقعــات وقــد‬ ‫تحققــت ووالــدي يســتغفر اللــه مــن هكــذا‬ ‫أعــال تفســد الديــن‪.‬‬ ‫أســتحرض روحهــا اليــوم وأنــا الــذي طاملــا‬ ‫رفضــت أن تقــرأ يل فنجــاين وقــد أعــددت‬ ‫فنجــان قهــوة مــن دون ســكر جعلتــه يغــي‬ ‫مبقــدار مــا يف داخــي مــن نــار ودلقتــه يف‬

‫الفنجــان مــرة واحــدة واحتســيته أمــام روحهــا‪،‬‬ ‫وكان دمــي يتــرب ذرات القهــوة مــع كل‬ ‫رشــفة ارتشــفها مــن الفنجــان لرتســم فيــه‬ ‫أشــكاالً وخطوطــاً ورمــوزا ً تعــود لتخــرج مــع‬ ‫كل زفــرة مــن روحــي لرتســم يف الفنجــان رسا ً‬ ‫عــا يف داخــي‪.‬‬ ‫يبــوح ّ‬ ‫ثــم لففــت الفنجــان عــدة لفــات خفيفــة‬ ‫وقلبتــه وانتظــرت دقائــق حتــى يجــف دقائــق‬ ‫ا ُختزلــت مــن عمــري بالركــض وراء املجهــول‬ ‫وأنــا أرهــن ذاكــريت لحلــم أمتنــى أن تجــد يف‬ ‫فنجــاين بارقــة أمــل أمســك بهــا وأبــدأ مــن‬ ‫جديــد بصياغتــه وأحــدد خطــوايت بعــزم وثبــات‬ ‫مــن أجــل تحقيقــه‪.‬‬ ‫رفعــت عديلــه بيدهــا الفنجــان وقلبتــه‬ ‫ومســحت بعــض جــدران الفنجــان بإبهامهــا‬ ‫وكأنهــا تريــد أن تخفــف مــن ثقــل الرســومات‬ ‫وتعقيــدات الرمــوز التــي تظهــر يف الفنجــان‪،‬‬ ‫وبعــد أن متتمــت بكلــات مل أفهمهــا نظــرت‬ ‫إيل ورفعــت حاجبهــا وحدقــت يف وجهــي‬ ‫وكأنهــا رأت طالســم يف الفنجــان مأخــوذة مــن‬ ‫خطــوط جبينــي‪ ..‬وقالــت أأنــت عــى قيــد‬ ‫الحيــاة؟ ثــم صمتــت‪ ،‬وأعــادت الســؤال مــرة‬ ‫أخــرى‪ ..‬نعــم عــى قيــد الحيــاة‪ ،‬وفكــرة املــوت‬

‫يف رأيس مؤبــدة رصاع روح وجســد‪ ..‬أنظــر يف‬ ‫هــذه البقعــة يف قعــر الفنجــان‪ ،‬مــا هــذا الظالم‬ ‫حولــك وكأنــك يف قــر؟‪ ..‬مل تعطينــي فرصــه‬ ‫ألُعــر عــن يشء واســتطردت‪ ..‬رمــوز وطالســم‬ ‫فنجانــك كثــرة فاســمعني جيــدا ً‪ ،‬لــون فنجانــك‬ ‫غامــق فحياتــك موشــحة باألحــزان‪ ،‬وخطــوط‬ ‫فنجانــك مشــتتة مل أُميــز املســتقيم منهــا مــن‬ ‫املنحنــي وتقاطعاتهــا تربكنــي‪ ..‬أخــى أن‬ ‫تُدفــن مــع حلمــك‪ ،‬صــرت كث ـرا ً منــذ جئــت‬ ‫إىل هــذه الحيــاة‪ ،‬وأنــت تشــعر بــأن كل حلــم‬ ‫تحلمــه أو عمــل تقــوم بــه ناقــص إذا مل يكــن‬ ‫مــن أجــل حلمــك األكــر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حلمــك بالوطــن الــذي يشــغلك دامئـا ويشــعرك‬ ‫بعقــدة النقــص عــن غــرك الــذي يعيشــه‬ ‫واقعــاً‪ ،‬فمنــ ُذ أن ولــدت يف مخيــم وتــرب‬ ‫هــذا الحلــم إىل دمــك مــع حليــب أُمــك أصبــح‬ ‫ميتلــكك فدمــك املشــبع بــه غــذى قلبــك‬ ‫وعقلــك حتــى أصبحــا يدمنانــه فأصبحــت ملــكاً‬ ‫لــه‪ ،‬وكلــا تقدمــت بالعمــر ازدادت حاجتــك‬ ‫لــه‪ ،‬وينتابــك شــعور أن العمــر يُــرق منــك‪،‬‬ ‫وأنــت تبتعــد عــن تحقيقــه مــا جعــل حياتــك‬ ‫طالســم ال تقــرأ بفنجــان قهــوة‪ ..‬أغمضــت‬ ‫عينــي وفتحتهــا فوجــدت عديلــه تالشــت‪.‬‬

‫ســحبت ســيجارة وأشــعلتها‪ ،‬وبــدأت أنفــث‬ ‫دخانهــا‪ ،‬وأبــوح بصمــت مبــا يف داخــي مــن‬ ‫نزيــف تعجــز الحــروف عــن صياغتــه والشــفاه‬ ‫عــن النطــق بــه‪ ،‬أفكــر بحرقــة‪.‬‬ ‫مــن املخيــم تبــدأ الحكايــة هــل ميكــن ل ُحلمــي‬ ‫أن يتــاىش؟‪ ..‬هــل ميكــن أن أُولــد الجئـاً وأحيــا‬ ‫الجئ ـاً وأمــوت الجئ ـاً لــرث أوالدي مــن بعــدي‬ ‫اللجــوء والحلــم‪.‬‬ ‫متعــب أنــا‪ ،‬وطــن مســلوب‪ ،‬وحلــم مل يكتمــل‪،‬‬ ‫وحكايــة أُمــة مشــتتة أفقدتنــا اآلمــال واألحــام‪.‬‬ ‫قــد أكــون اآلن وأنــا أفقــد األحــام واحــدا ً تلــو‬ ‫اآلخــر‪ ،‬أحتــاج تفــاؤالً كالــذي كانــت عديلــه‬ ‫متنحــه للنــاس مــن خــال فنجــان قهــوة‪.‬‬ ‫ولكــن لــن أتــرك حلمــي األكــر يف الوطــن حتــى‬ ‫لــو فارقــت الــروح الجســد ســأحمله معــي يف‬ ‫قــري يؤنســني يف وحــديت وأدفــئ بــه روحــي‬ ‫لعلهــا تســافر بــه يومـاً‪ ،‬حيــث أمتنــى أن أكــون‪.‬‬ ‫عديلــة ابنــة املخيــم وخازنــة أرسار ناســه‬ ‫الطيبــن لروحــك الرحمــة‪ ..‬فكــم أوقــدت‬ ‫شــعلة األمــل يف أُمهــات وأرس أعياهــا بــرد‬ ‫التــرد والغربــة‪.‬‬

‫* كاتب فلسطيني‬

‫القنف��ذ‪ :‬س�يرة حي��اة طويل��ة جداً لـ إس�لام أبو ش��كري ب��روق عل��ى ثق��وب س��وداء‬ ‫صراع الرؤية السردية والرؤية السياسية‬

‫أحمد الحسين‬

‫يحــرص إســام أبــو شــكري يف تلــك القصــة‬ ‫الطويلــة‪ ،‬التــي يرسدهــا عــر ســبعة آالف‬ ‫وخمــس مئــة كلمــة‪ ،‬عــى تأكيــد أن القتــل‬ ‫معــادل موضوعــي للحالــة النفســية التــي‬ ‫يعيشــها القاتــل‪ ،‬فالقتــل عنــد الكثــر مــن‬ ‫القتلــة طريقــة حيــاة‪ ،‬يريــدون أن يتخلصــوا‬ ‫ر‬ ‫مــن خاللهــا مــن عــدد مــن الصفــات‪ .‬ويـ ّ‬ ‫نــص «القنفــذ» عــى تأكيــد تلــك الداللــة يف‬ ‫تصميــم الغــاف والعنــوان‪ ،‬ويســعى لجعــل‬ ‫العتبــات النصيــة متواشــجة مــع مقــوالت‬ ‫الخطــاب الــردي التــي يريــد إيصالهــا إىل‬ ‫املتلقــي‪.‬‬ ‫الجذور النفسية إلجرام «الرئيس»‬ ‫شــكلت الجرائــم التــي ارتكبهــا بشــار األســد‬ ‫بحــق الســوريني يف الســنوات األخــرة دافعـاً‬ ‫رسديــاً لــدى إســام أبــو شــكري للبحــث‬ ‫يف تكوينــه الســيكولوجي‪ ،‬للمواءمــة بــن‬ ‫ماضيــه وحــارضه‪ ،‬فينطلــق إىل تلــك اللحظــة‬ ‫التاريخيــة الحاســمة يف حيــاة الشــخص‪/‬‬ ‫العائلــة ومــن مثــة البلــد «ســورية»‪ ،‬ليصــل‬ ‫إىل نتيجــة يقرهــا التاريــخ عــن «رئيــس‬ ‫املصادفــة» هــذا‪ ،‬الــذي مل يكــن قــد‬ ‫هيــئ لهــذا العمــل‪ ،‬أو ســمحت طبيعتــه‬ ‫الشــخصية‪ ،‬لكــن رحيــل أخيــه «باســل» هــو‬ ‫الــذي عجــل مبــا حــدث‪.‬‬ ‫ويقــدم نص «القنفذ» شــخصية بشــار األســد‬ ‫يف تلــك اللحظــة‪ ،‬وهــي تحــاول االنــزواء‪ ،‬ال‬ ‫تريــد أن تتدخــل يف تفاصيــل التحـ ّول‪ ،‬وليس‬ ‫لديهــا القــدرة‪ ،‬أو اإلرادة‪ ،‬أو الرغبــة‪ ،‬فتتــوىل‬ ‫األم تفاصيــل مرحلــة التحــول‪.‬‬ ‫لحظة انتقال السلطة‬ ‫يقــدم نــص القنفــذ بشــار األســد ســاردا ً‬ ‫لتلــك اللحظــة املفصليــة‪ ،‬ويبــدو كاألبلــه‪،‬‬ ‫ال دور لــه ســوى املراقبــة‪ ،‬فالوالــدة بنظــره‬ ‫كانــت األشـ ّد حزنـاً‪ .‬لك ّنهــا مل تكــن األضعف‪.‬‬ ‫ال يذكــر النــص مصــدر ســلطتها االفرتاضيــة‬ ‫تلــك‪ ،‬لكنــه يؤكــد أنهــا قائــدة تلــك اللحظــة‪،‬‬ ‫تتوجــه إىل مــن حولهــا بالقــول‪ :‬املهــم أال‬ ‫نبالــغ يف القلــق!‬ ‫الوصية‪ :‬رفعت األسد أخطر من إرسائيل!‬ ‫يتابــع إســام أبــو شــكري رسده عــى لســان‬ ‫بشــار األســد يف حــواره مــع والدتــه يف تلــك‬

‫اللحظــة املصرييــة‪ ،‬متوقف ـاً عنــد مالبســات‬ ‫قــدوم رفعــت األســد لحضــور تشــييع‬ ‫شــقيقه‪ ،‬واصفــاً شــعور أنيســة مخلــوف‬ ‫نحــو رفعــت األســد‪« ،‬كأنّهــا خُلقــت‬ ‫لتكرهــه» وبشــار كذلــك يكــره عمــه رفعــت‪،‬‬ ‫لك ّنــه يختلــف عنهــا كثــرا ً‪ ،‬ألن مشــاعر‬ ‫الكــره ليســت محســومة تجاهــه‪ ،‬إذ كان‬ ‫حــب رفعــت لذاتــه واســتامتته يف‬ ‫يجذبــه ّ‬ ‫الدفــاع عـ ّـا يظ ّنــه ح ّق ـاً لــه هــو كآخريــن؛‬ ‫م ّمــن أخرجهــم حافــظ األســد عــن مســارات‬ ‫حيواتهــم وصنــع لهــم مصائــر أخــرى مل تكــن‬ ‫متوقّعــة‪ .‬ولك ّنــه كان الوحيــد بينهــم م ّمــن‬ ‫ال يــزال يؤمــن بــأ ّن الفرصــة مل تضــع وكان‬ ‫لديــه يقـ ٌن بــأ ّن حياتــه ســتعود إىل مســارها‬ ‫األ ّول‪.‬‬ ‫ــب بشــار األســد بهــذا الصنــف مــن‬ ‫يُع َج ُ‬ ‫الرجــال‪ ،‬رغــم أنّــه خطــر جــ ّدا ً‪ ،‬ومــن‬ ‫ـروري الت ـزام الحــذر يف التعامــل معــه‪.‬‬ ‫الـ‬ ‫ّ‬ ‫ويدهشــه أن يكــون لــك مســا ٌر يف الحيــاة‪،‬‬ ‫وتنجــح يف االلتـزام بــه‪ ،‬غــر أن تحذيــر أبيــه‬ ‫حافــظ األســد ال ينــى فقــد قــال لــه‪« :‬ال‬ ‫تبــا ِل باإلرسائيليــن‪ ..‬رفعــت أخطــر عليــك‬ ‫بكثــر‪.»..‬‬ ‫جثث متأل القرص ورصاع األسفل واألعىل‬ ‫تتنــاول املدونــة الرسديــة «القنفــذ» عــددا ً‬ ‫مــن الظواهــر‪ ،‬التــي شــهدها القــر يــوم‬ ‫رحيــل حافــظ األســد‪ ،‬ترتكهــا دون تفســر‪،‬‬ ‫لعلهــا تشــكل عامـاً جديــدا ً يف حيــاة الــرد‪،‬‬ ‫فقــد حدثــت عمليــات مــوت مفاجئــة غــر‬ ‫معروفــة األســباب‪ ،‬وكان للجثــث آنئــذ‬ ‫روائــح خاصــة‪ ،‬غــر أن رائحــة حافــظ األســد‪،‬‬ ‫وفقـاً للســارد‪ ،‬تحديــدا ً كانــت مميّــز ًة جـ ّدا ً‪.‬‬ ‫فقــد انبعثــت منهــا روائــح عــى شــكل‬ ‫بخــا ٍر رقيــقٍ أزرق‪ ،‬مــا جعــل الشــخصية‬ ‫الســاردة تهــرب إىل املــكان املفتــوح‬ ‫«الرشفــة وقاســيون ودمشــق» لتخاطــب‬ ‫عــامل الـ»تحــت» يف وســط املدينة «دمشــق»‪،‬‬ ‫وهــي التــي تعيــش يف عــامل الـ»فــوق» وفقـاً‬ ‫للنــص‪.‬‬ ‫الرئيس وهواية قتل القنافذ‬ ‫ذكَّــر مــوتُ حافــظ األســد ابنــه بتلــك‬ ‫العالقــة الخاصــة مــع القنافــذ‪ ،‬حيــث‬ ‫«ألقيــت بــه يف‬ ‫قــام بتجربــة القتــل األوىل‬ ‫ُ‬ ‫ســطل مــاء‪ ..‬لك ّنــه طفــا‪ ..‬ال أدري مــن أيــن‬

‫ربطــت‬ ‫جاءتنــي تلــك الفكــرة الجه ّنميــة‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫بــه قطع ـ ًة ثقيل ـ ًة مــن املعــدن‪ ،‬ث ـ ّم أعدتــه‬ ‫إىل الســطل‪ .‬رأيتــه يخــرج رأســه بصعوبــة‪،‬‬ ‫مــا ّدا ً أنفــه الصغــر إىل الهــواء‪ ،‬لك ـ ّن قطعــة‬ ‫الحديــد ال متهلــه أكــر مــن ثانيتــن أو أكــر‬ ‫قليـاً‪ ،‬لتشـ ّده إىل القــاع مـ ّر ًة أخــرى»‪ .‬ووفقاً‬ ‫ملنطــوق الــرد كان بوســعه أن يتدخّــل‬ ‫إلنقــاذه لــوال كلمــة (أبلــه) تلــك الكلمــة‬ ‫التــي يكرههــا كــا ال يكــره كلمـ ًة أخــرى يف‬ ‫العــامل‪.‬‬ ‫قيِّــض الظــرف التاريخــي املريــر والتكويــن‬ ‫النفــي لشــخصية بشــار األســد أن يفتــك‬ ‫بالســوريني الحقــاً‪ :‬قتــاً وترشيــدا ً وتدمــرا ً‬ ‫وبراميــل‪ ،‬فقــد بــدأت تلك الشــخصية مرحلة‬ ‫مــن حياتهــا بصنــع معــادل موضوعــي تجـ َّـى‬ ‫يف قتــل القنفــذ‪ ،‬وهــو الــذي يشــبهه يف‬ ‫صفــات عــدة‪ ،‬ليتخلــص مــن لقــب األبلــه‬ ‫حيــث كان مدخ ـاُ لحيــاة جديــدة لــه‪ ،‬غــر‬ ‫أنهــا حيــاة مد ِّمــرة ملعظــم الســوريني‪.‬‬ ‫ملاذا اآلن؟‬ ‫إذا قلّــب املتلقــي أســباب إصــدار هــذا‬ ‫العمــل الــردي األقــرب إىل «النوفيــا» يف‬ ‫هــذه املرحلــة‪ ،‬رمبــا يــكاد يصــل إىل أن هــذا‬ ‫ـرص الكاتب‬ ‫ـب يف وقت ســابق‪ ،‬وحـ ُ‬ ‫النــص كُ ِتـ َ‬ ‫عــى إصــداره اآلن رمبــا يك ال تفــوت لحظتــه‬ ‫التاريخيــة‪ ،‬ذلــك أن الجرائــم التــي ارتكبهــا‬ ‫بشــار األســد أو أعطــى األوامــر بارتكابهــا‪،‬‬ ‫بلغــت درجــة يف تاريــخ اإلنســانية‪ ،‬تعلــو‬ ‫عــى لحظــة حيــاد رسدي ميكــن للســارد أن‬ ‫يصــف فيهــا حالة هذا الشــخص‪ ،‬كــا وردت‬ ‫يف «القنفــذ»‪ ،‬الــذي نجــح يف كشــف األبعــاد‬ ‫الرتبويــة واألرسويــة يف حياة بشــار األســد‪ ،‬يف‬ ‫محاولــة إلرشاك القــارئ يف تحليــل شــخصية‬ ‫قاتــل نــادر املــرور يف تاريــخ البرشيــة‪ ،‬عــر‬ ‫رصــد لحظــة تاريخيــة يف حيــاة ســورية‪ ،‬هي‬ ‫تلــك اللحظــة املســكوت عنهــا بعــد مــوت‬ ‫حافــظ األســد وقبــل اإلعــان عــن رحيلــه‬ ‫وتحضــر ابنــه ليكــون رئيســاً لســورية يف‬ ‫مرسحيــة تعديــل الدســتور واالســتجابة‬ ‫ملطالب الشــعب يف ترشــيحه رئيسـاً لســورية‬ ‫تحــت شــعار البنــاء املتجــدد‪ ،‬ليتحــول ذلــك‬ ‫«البنــاء املتجــدد» خــال ســنوات إىل تدمــر‬ ‫ممنهــج تحــت أعــن املجتمــع الــدويل‪.‬‬

‫الروائي والشاعر السوري الدكتور موسى رحوم عباس‬ ‫يدخل عامل القصة القصرية جداً‬

‫يصــدر قريبـاً عــن دار فضــاءات للنــر والتوزيــع‪،‬‬ ‫عــان‪ ،‬اإلصــدار الجديــد للــروايئ والشــاعر‬ ‫الســوري الدكتــور مــوىس رحــوم عبــاس «بــروق‬ ‫عــى ثقــوب ســوداء»‪ ،‬وهــو اإلصــدار األول لــه يف‬ ‫عــامل القصــة القصــرة جــدا ً‪ ،‬ذلــك الفــن املرهــق‬ ‫الــذي يعتمــد عــى التكثيــف واللحظــات الهاربــة‬ ‫كــا يقــول أهــل النقــد‪ ،‬يف ‪ 153‬صفحــة مــن‬ ‫القطــع املتوســط‪.‬‬ ‫احتــوى الكتــاب عــى مائــة نــص قصــي‪ ،‬تــدور‬ ‫جميعهــا حــول مــآالت ســوريا األرض واإلنســان‬ ‫والحــرب التــي التهمــت كل يشء‪ ،‬وتتبــع أثــر‬ ‫الســوريني يف املنــايف والنــزوح‪ ،‬ترصــد حيواتهــم‪،‬‬ ‫وتتبــع آثارهــم‪ ،‬بعيــدا ً عــن لغــة الشــعارات‬ ‫واملبــارشة‪ ،‬يف لغــة عميقــة‪ ،‬ويف الوقــت عينــه‬ ‫بســيطة وشــفافة‪ ،‬قــد تؤملنــا يف بعــض املواضــع‬ ‫لكنهــا إنســانية الغايــة‪ ،‬تقــف إىل جانــب اإلنســان‬ ‫الــذي طحنتــه الحــرب‪ ،‬وهــده التعــب إال أنــه مــا‬ ‫زال يقــاوم االنكســار‪ ،‬واملتتبــع للنصــوص يجــد‬ ‫كل أطيــاف املجتمــع الســوري‪ ،‬وكل طبقاتــه مــن‬ ‫الهامــش إىل املركــز‪ ،‬ويف املحصلــة نحــن أمــام‬ ‫أدب إنســاين‪ ،‬ينــر العــدل والحــق‪ ،‬ويعــري‬ ‫الظلــم‪ ،‬ويديــن القتلــة‪ ،‬مهــا تغــرت أقنعتهــم أو‬ ‫وســائلهم‪.‬‬

‫احتــوى الكتــاب عــى رســوم داخليــة هــي ق ـراءة‬ ‫الفنــان والنحــات الســوري حســن حــام لبعــض‬ ‫النصــوص‪ ،‬كــا قــدم لوحــة الغــاف‪ ،‬وراجعــه‬ ‫الربوفيســور مــوىس الحالــول أســتاذ األدب املقــارن‬ ‫واملرتجــم املعــروف‪.‬‬ ‫أهــدى املؤلــف كتابــه ألحفــاده قائــا‪« :‬إىل‬ ‫ســارة‪ ،‬مــوىس ‪ ،‬ليــا‪ ،‬هــذا مــا أبقينــاه لكــم مــن‬ ‫الوطــن!»‪.‬‬ ‫يذكــر أن الدكتــور مــوىس رحــوم عبــاس حاصــل‬ ‫عــى شــهادة الدكتــوراه يف الفلســفة يف علــم‬ ‫النفــس العيــادي (الرسيــري)‪ ،‬إجــازة يف اللغــة‬ ‫العربيــة وآدابهــا‪ ،‬جامعــة حلــب‪ ،‬وهــو كاتــب‬ ‫ســوري مهاجــر‪ ،‬يــرى أن الكتابــة تشــبه التنفــس‬ ‫يف منطقــة خانقــة‪ ،‬والروايــة بحــث اجتامعــي‬ ‫وســيايس‪ ،‬يأخــذك إىل مناطــق قصيــة يف وعيــك‬ ‫وال وعيــك‪ ،‬ويف الشــعر يحــاول البقــاء حيـاً‪ ،‬ويؤكــد‬ ‫أنــه مل يعــد للغربــة ســطوة عليــه‪ ،‬بعــد أن قهرهــا‬ ‫مبحبــة العــامل‪ ،‬أمــا عــن قصصــه القصــرة جــدا ً‪،‬‬ ‫فيقــول‪ :‬هــي بقعــة ضــوء عــى بعــض الدمــاء يف‬ ‫وطنــي ســوريا‪.‬‬ ‫صــدر لــه‪ :‬اآلفلــون‪ ،‬شــعر‪ ،‬دار بيســان‪ ،‬بــروت‬ ‫عــام ‪ .2010‬و»بيــان»‪ ،‬روايــة‪ ،‬دار بيســان‪ ،‬بــروت‬ ‫‪.2011‬‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫البادي��ة واخلاب��ور واجلب��ل يف رواي��ة «األرض املس��رة» للروائ��ي آرام كرابي��ت‬

‫(وضعــت يــدي يف يــده‪ ،‬أمســكته‬ ‫جيــدا ً‪ ،‬مخلبــا ً يف مخلــب‪ ،‬ويــدا ً يف يــد‪.‬‬ ‫ذئبني يف جلدين مختلفني‪.‬‬ ‫الذئــاب ال تــرك أوكارهــا إال يف حالــة‬ ‫املــوت أو الفنــاء‪ .‬إنهــم أكــر نبــاً مــن‬ ‫البــر‪ ،‬أكــر وفــاء للمــكان‪ ،‬ولنســلهم)‪.‬‬ ‫هــذا نــص مــن روايــة يف األرض املــرة‬ ‫للــروايئ آرام كرابيت‪ ،‬يســلط الضــوء فيها‬ ‫عــى عــدة أحــداث إنســانية واجتامعيــة‬ ‫وسياســية يف منطقــة مضطربــة‪ ،‬منطقــة‬ ‫العمليــات السياســية الدوليــة‪ ،‬تداخلهــا‬ ‫املبــارش وغــر املبــارش يف حيــاة النــاس‬ ‫واملــكان‪ ،‬وتلعــب مبصائرهــم‪ ،‬وال تــرك‬ ‫حج ـرا ً عــى حجــر‪.‬‬ ‫إنهــا روايــة متداخلــة‪ ،‬تــرد األحــداث‬ ‫العظيمــة عــى أكــر مــن مســتوى‪،‬‬ ‫وتنتقــل مــن حــدث إىل آخــر ضمــن‬ ‫بنيــة النــص ذاتــه دون محــاور‪ ،‬يف‬ ‫تداخــل الشــخصيات ببعضهــا‪ ،‬وكذلــك‬ ‫تداخــل األزمــان املتقاربــة‪ ،‬واملتباعــدة‬ ‫تجعــل مــن يقرأهــا يحتــاج إىل الكثــر‬ ‫مــن الرتكيــز يف الق ـراءة‪ ،‬ومعرفــة أبعــاد‬ ‫السياســة الدوليــة وثقلهــا عىل الشــعوب‪،‬‬ ‫ومــا تلحــق بهــم مــن ويــات ومحــن‪.‬‬ ‫يبــدأ النــص عــر شــخصية عبــد اللــه‪،‬‬ ‫الشــاب البــدوي الــريء‪ ،‬والبســيط‪،‬‬ ‫الــذي مل تلوثــه الحيــاة الحرضيــة‪ .‬نقــي‬ ‫الرسيــرة والقلــب‪ ،‬والضمــر‪ .‬إنــه يف‬

‫«سراب بري»‬ ‫أسعد فخري‬

‫مقتبــل العمــر‪ ،‬يقطــن يف قريــة اســمها‬ ‫«أم مدفــع» بالقــرب مــن جبــل عبــد‬ ‫العزيــز يف منطقــة الجزيــرة الســورية‪،‬‬ ‫راعــي أغنــام‪ ،‬ه ّمــه أن يبقــى تحــت‬ ‫ضيــاء الشــمس وزقزقــة العصافــر‪،‬‬ ‫والعــزف عــى الربابــة والنــاي‪ .‬عبــد اللــه‬ ‫ذلــك الشــاب املســحور بقريتــه أم مدفــع‬ ‫وبنهــري الفــرات والخابــور‪ ،‬شــاءت‬ ‫األقــدار أن يتحــول إىل جنــدي يف جيــش‬ ‫الســلطنة‪ ،‬يجــول يف أرض اللــه الواســعة‪،‬‬ ‫يف منطقــة البلقــان‪ ،‬املــكان الــذي يحــط‬ ‫الجنــد فيــه ويجتمعــون‪ ،‬يحــط قدميــه‬ ‫وال يبــايل‪.‬‬ ‫عــاش يف بلوفديــف‪ ،‬يف بلغاريــا أثنــاء‬ ‫الوجــود العثــاين هنــاك‪ ،‬يتعــرف عــى‬ ‫تلــك البــاد‪ ،‬تراثهــا‪ ،‬الغنــاء فيهــا‪ ،‬الرقــص‬ ‫وحلقــات الدبكــة الشــعبية‪ .‬يدخــل عوامل‬ ‫مل يألفهــا مــن قبــل‪ ،‬حكايــات الفالحــن‬ ‫واألرض‪ ،‬وجنــي املواســم وقســوة الحيــاة‬ ‫والزمــن عليهــم‪ ،‬وعــال الحــرف اليدوية‬ ‫الصعبــة‪ ،‬بيــد أنــه مل يكــن مســتعدا ً‬ ‫نفســيا ً لدخــول هــذا العــامل الواســع‬ ‫لكنــه يدخلــه‪.‬‬ ‫يتعــرف عــى لغــات مختلفــة‪ ،‬وأمنــاط‬ ‫حيــاة مختلفــة‪ ،‬ويحتــك بالنــاس واألرض‬ ‫دون إرادة منــه‪.‬‬ ‫يف املطعــم‪ ،‬بينــا يتنــاول الغــذاء‪،‬‬ ‫ويســمع الصــوت العــذب للمغنــي‬ ‫الشــعبي لتلــك البلــدة‪ ،‬جوكــوف‪ ،‬يــرى‬ ‫ويتعــرف عــى اآلثــار الرومانيــة‪ ،‬عــى‬ ‫وجــود حضــارات كبــرة تركــت بصامتهــا‬ ‫بعــد أن انهــارت وغابــت‪.‬‬ ‫باملصادفــة يقــرب منــه إنســان عجــوز‪،‬‬ ‫خربتــه الحيــاة‪ ،‬عجنتــه‪ ،‬يدخــل معــه يف‬ ‫حــوار عميــق عــن الفــن‪ ،‬واملــال والتجارة‬ ‫والسياســة‪ .‬لــه أســاء متعــددة‪ ،‬وتجارب‬ ‫ناضجــة‪ .‬عــارش الكثــر مــن النســاء‪ ،‬ورفع‬

‫أنخــاب توحــد رجــال املــال والســلطة يف‬ ‫أوروبــا والســلطنة‪ ،‬عقــد الصفقــات عــى‬ ‫املــال والنــاس واألوطــان واملصائــر‪ .‬يقــول‬ ‫لــه معتــرا ً‪:‬‬ ‫كل مغامــرة يقــوم بهــا اإلنســان هــي‬ ‫حريــة‪ ،‬كل محرقــة تقــف أمامــه تســتفز‬ ‫دمــه هــي حريــة‪ ،‬وكل فكــرة غريبــة‬ ‫تطــرق بابــه هــي حريــة‪ .‬وكل مواجهــة‬ ‫جديــدة مــع املجهــول هــي حريــة‪ .‬وكل‬ ‫بــاب مغلــق يطرقــه أو يفكــر يف فتحــه‬ ‫هــو حريــة‪ .‬إن تطــأ أرضــا ً مل يطأهــا‬ ‫غــرك هــي حريــة‪.‬‬ ‫تقتحــم الروايــة بابــا ً صعبــا ً يف املجــال‬ ‫األديب‪ ،‬حيــث ترصــد العالقــة بــن املركــز‬ ‫واألطــراف يف النظــام الــدويل‪ ،‬وكيــف‬ ‫يجــري تنســيق هــذا التداخــل عــر‬ ‫االســتثامرات‪ ،‬واملعاهــدات والربامــج‬ ‫اإلمنائيــة وبنــاء وحــدات إنتاجيــة يف‬ ‫البلــدان املتخلفــة‪ ،‬وكيــف تــرك آثارهــا‬ ‫الســلبية عــى املــدى الطويــل عــى‬ ‫مصائــر النــاس املهشــن والبســطاء يف‬ ‫كل بلــد؟‪ .‬ويبقــى املســتفيد الوحيــد‬ ‫مــن اللعبــة‪ ،‬مــن هــم يف مراكــز الق ـرار‬ ‫الســيايس واملــايل‪.‬‬ ‫مــن خــال شــخصية عبــد اللــه تدخــل‬ ‫الروايــة إىل عــوامل أخــرى‪ ،‬رغبتــه الدفينــة‬ ‫يف العــودة إىل الباديــة‪ ،‬إىل النقاء والفرح‪،‬‬ ‫الســعادة النابعــة مــن القلــب‪ .‬بيــد أننــا‬ ‫نكتشــف مــن بعــد ذلــك عــدم قــدرة‬ ‫البطــل عبــد اللــه عــى الصمــود هنــاك‬ ‫فيقــرر العــودة إىل الديــار‪ ،‬إىل الباديــة‬ ‫الســورية‪ ،‬بعــد أن عــاش ردحــا ً طويــاً‬ ‫مــن الزمــن يف اســتانبول مــع زوجتــه‬ ‫املمرضــة نــازيل‪ ،‬مـ ّـل مــن الغربــة‪ ،‬مــن‬ ‫املــدن الكبــرة والصغــرة‪ ،‬مــن روائــح‬ ‫روث الحيوانــات وعطــور رجــال األعــال‬ ‫املزيفــة‪ ،‬ذات الرتاكيــب املصنعــة‪.‬‬

‫يف بدايــة الروايــة يعلــن النــص‪ ،‬أن عبــد‬ ‫اللــه قــرر الخــروج مــن قريتــه أم مدفــع‬ ‫يف الصبــاح الباكــر‪ ،‬وحيــدا ً‪ ،‬ســرا ً عــى‬ ‫األقــدام‪ ،‬متوجهــا ً نحــو نهــر الخابــور‪،‬‬ ‫حيــث العشــرة تــرح هنــاك باألغنــام‪،‬‬ ‫يصطــدم بالطبيعــة‪ ،‬بالباديــة وقســوتها‪،‬‬ ‫باملطــر غــر املتوقــع‪ ،‬بالذئــاب اململــوءة‬ ‫يف تلــك الوهــاد‪ ،‬والغــزالن عــى طــول‬ ‫الرقعــة الجغرافيــة الطويلــة‪ ،‬وأثنــاء‬ ‫هطــول املطــر ينصــب خيمتــه عــى‬ ‫ربــوة صخريــة‪ ،‬رآهــا باملصادفــة‪ ،‬معــه‬ ‫كلبــه وردان‪ ،‬أنيســه يف رحلــة األمل‪.‬‬ ‫هنــاك‪ ،‬يجلــس يف العـراء برفقــة الطبيعة‬ ‫العاريــة‪ ،‬يشــعل النــار ويتدفــأ‪ ،‬ويبعــد‬ ‫عنــه بقيــة الحيوانــات‪ .‬يتذكــر اســتانبول‪،‬‬ ‫حبيبتــه نــازيل‪ ،‬الرصاصــة التــي اخرتقــت‬ ‫فخــذه أثنــاء تأديتــه الخدمة العســكرية‪،‬‬ ‫جــال املــرأة‪ ،‬اللذائــذ التــي تنبــع منهــا‪.‬‬ ‫هنــاك يعــزف عــى الربابــة يف العــراء‬ ‫وداخــل الخيمــة يعــزف‪.‬‬ ‫هنــاك‪ ،‬يف اســتانبول يتعــرف عــى ســيلفا‬ ‫أيضـا ً‪ ،‬يف املشــفى‪ ،‬وينســج معهــا عالقــة‬ ‫صداقــة عــر صديقتهــا‪ ،‬التــي ســتتحول‬ ‫الحقـا ً إىل زوجتــه نــازيل‪ ،‬اللتــان تعمــان‬ ‫يف املشــفى ذاتــه‪.‬‬ ‫يف بيتهــا تــرد ســيلفا لــه الحكايــات‪،‬‬ ‫املوهبــة التــي اكتســبتها مــن أرستهــا‪،‬‬ ‫عزفهــا عــى اآلالت الرشقيــة‪ ،‬الكمنجــة‪،‬‬ ‫الجمبــش‪ ،‬العــود والــدودوك‪ .‬وتحــت‬ ‫ضــوء الشــموع‪ ،‬يف جلســاتهم الطويلــة‪،‬‬ ‫كانــت تعــزف عــى الــدودوك‪ .‬وتتحــدث‬ ‫كيــف‪ :‬شــكلت لهــا مرسح ـا ً‪ ،‬مــع بقيــة‬ ‫زمالئهــا عندمــا كانــت صغــرة‪ .‬جلبــت‬ ‫عظــام مــوىت‪ ،‬دمــى خشــبية‪ ،‬وطرزتهــم‬ ‫بالحبــال والســتائر‪ ،‬ونصبــت أعمــدة‪.‬‬ ‫كان شــغف والدهــا أن يبحــث عن تاريخ‬ ‫املوســيقى يف األناضــول‪ ،‬زمــن نشــوء‬

‫الفــرق املوســيقية‪ ،‬ومســرتها التاريخيــة‬ ‫وعالقتهــم باآللهــة واملعابــد واملــرأة‪،‬‬ ‫واملالحــم واملــرح والرقــص والرســم‬ ‫والنحــت‪ .‬والبحــث عــن زمــن األوزان‬ ‫املوســيقية وزمــن ظهورهــا‪ ،‬وزمــن دمــج‬ ‫املوســيقى املحليــة العامليــة‪ ،‬الرشقيــة‬ ‫بالغربيــة‪ ،‬الرتكيــة واألرمنيــة والكرديــة‬ ‫والرسيانيــة والفارســية بالرومانيــة‬ ‫واليونانيــة‪ ،‬وعالقــة الشــعر باملــرح‬ ‫وامللحمــة واملوســيقى ببعضهــم‪.‬‬ ‫الروايــة تجــوب عــوامل مختلفــة‪ ،‬عــوامل‬ ‫النــاس‪ ،‬أحزانهــم‪ ،‬أوجاعهــم‪ ،‬وعالقــة‬ ‫الظــروف بتشــكلهم وبتكوينهــم النفــي‬ ‫والثقــايف‪.‬‬ ‫«األرض املــرة» روايــة‪ ،‬تبحــث يف‬ ‫ضامئــر النــاس عــن مــا تبقــى مــن‬ ‫إنســانية ال بــد أنهــا فقــدت بريقهــا‬ ‫بعــد أن غــرق أصحابهــا يف لعبــة املــال‬ ‫والسياســة والقتــل والتدمــر‪.‬‬ ‫صــدرت الروايــة عــن دار أرواد العــام‬ ‫‪2014‬‬

‫عصام أنطي‪( ..‬ألمانيا)‬

‫َم ُ‬ ‫رويات اخلوف واألمل‬

‫تبــدو روايــة «رساب بــري» لعبــد الرحمــن‬ ‫مطــر يف مطالــع أناشــيدها الرسديــة‪ ،‬حكايــة‬ ‫تغــرق يف األمل‪ ،‬والخــوف‪ ،‬وترصــد عــن كثــب‬ ‫مداليــل البعــد اإلنســاين لحدوثــة الحريــة‬ ‫وأمثــان التحصــل عليهــا عــر محاوالتهــا الدؤوبة‬ ‫ملواجهــة النســيان مــن خــال االشــتغال عــى‬ ‫تذكــر أهــوال الســجن‪ ،‬وتفاصيــل يومياتــه‬ ‫بعنايــة حاذقــة تلفــت إىل العديــد مــن املســائل‬ ‫واإلشــكاليات التــي تعنــى مباهيــة العالقــة‬ ‫املركبــة بــن الســرية‪ ،‬وفــن الروايــة كجنــس‬ ‫أديب لــه مكانتــه يف املقروئيــة الراهنــة‪.‬‬ ‫يف مدخــل الفصــل األول مــن الروايــة تحتــل‬ ‫صــورة الثــورة الســورية مكانهــا داخــل الهــول‬ ‫واملــوت عــى أشــدهام‪ ،‬صــورة بالغــة األمل‬ ‫وهــي ترســم مشــهد الطائـرات الحربيــة لحظــة‬ ‫إلقــاء حممهــا يف الغوطــة الرشقيــة عــى البــر‬ ‫والحجــر‪ ،‬مشــهد يحــث الخطــى نحــو إدراك‬ ‫الهاويــة‪ ،‬ويرســم صــورة العــدوان ومفاصــل‬ ‫املــوت فيــه‪ ،‬إنهــا اللحظــة الرسديــة التــي‬ ‫اتســعت فيهــا الرؤية وتجــاوزت حــدود الزنزانة‬ ‫االنفراديــة‪ ،‬وحكايــات تفاصيــل يوميات ســجون‬

‫طرابلــس الليبيــة ودمشــق‪ ،‬بحــق اســتطاع‬ ‫الــروايئ عبــد الرحمــن مطــر التعبــر عــن املــوت‬ ‫بوصــف آالمــه ومراثيــه دون أن يغفــل عــن‬ ‫اســتكامل حدوثــة الســجن واالعتقــال ولقــاء‬ ‫مــن كانــوا معــه يف زنازيــن النظــام ومعتقالتــه‪.‬‬ ‫يف املفصــل الثــاين مــن الفصــل األول يدخلنــا‬ ‫الــروايئ إىل لعبــة مواجهــة النســيان بتذكــر‬ ‫يوميــات اعتقالــه يف ليبيــا مــن أحــد الشــوارع‬ ‫بطريقــة ال تخلــو مــن االشــتغال البوليــي‬ ‫يف تفاصيلهــا وأحداثهــا‪ ،‬ثــم يُقتــاد إىل مــكان‬ ‫غامــض يكتشــف عامــر عبــد اللــه بطــل الروايــة‬ ‫أنــه مركــز لالســتخبارات يتــم التحقيــق معــه‪،‬‬ ‫وفــق جملــة مــن االتهامــات التــي بنيــت‬ ‫بحذاقــة ودربــة بــدءا ً مــن ســفرياته املتكــررة‬ ‫خــارج البلــد مــرورا ً مبــا يكتبــه يف مقاالتــه‬ ‫وبحوثــة عــن حقــوق اإلنســان والحريــات‬ ‫السياســية والعامــة‪.‬‬ ‫يُحــال عامــر إىل املحكمــة االســتثنائية‪ ،‬ويحكــم‬ ‫عليــه بالســجن املؤبــد بعــد أن يالقــي الكثــر‬ ‫مــن العذابــات واإلهانــة واألمل والخــوف داخــل‬ ‫زنازيــن جهــاز االســتخبارات‪.‬‬ ‫يف الســجن تبــدأ تفاصيــل مواجهــة النســيان‬

‫حيــث نــدرك أن عامــر عبــد اللــه حيكــت‬ ‫حولــه العديــد مــن القصــص التــي مل يكــن‬ ‫يعلــم بهــا‪ ،‬وأن الرجــل كان مجــرد صحــايف‬ ‫وباحــث يف الشــأن الســيايس دون خلفيــة‬ ‫حزبيــة أو ايدولوجيــة‪ ،‬لكــن التهــم الجاهــزة‬ ‫واملركبــة وفــق معادلــة الحاجــة األمنيــة عــادة‬ ‫مــا تكــون لبوســاً موضوعيــاً يتحقــق فيهــا‬ ‫االتهــام ليغــدو اعرتافــاً رصيحــاً ووافيــاً للــزج‬ ‫باملعتقــل يف غياهــب الســجون ولرمبــا اإلعــدام‬ ‫إن تطلــب األمــر‪.‬‬ ‫إن التفاصيــل املمتــدة داخــل متــون الــرد‬ ‫الــروايئ يف «رساب بــري» اشــتغلت عــى‬ ‫التنويعــات والتحــوالت التــي ســاهمت يف‬ ‫تغيــر منظــور الرؤيــة واتســاع مشــهديتها مــا‬ ‫غيــب عنهــا رتابــة االيقــاع وتكــرار املشــاهد‪،‬‬ ‫وذلــك كان أحــد أهــم األســباب التــي ســاهمت‬ ‫يف منــو حالــة مــن التذكــر الحــاذق يف مواجهــة‬ ‫نســيان تدويــن األمل والخــوف اللذيــن كانــا‬ ‫أحــد أهــم املفارقــات ضمــن لعبــة التداعــي‬ ‫الــردي الــذي حــرص الــروايئ عــى أن يكــون‬ ‫بارعــاً يف تفصيالتهــا ووقائهــا‪.‬‬ ‫لكــن إشــكالية «روينة الســرة» يف رواية «رساب‬

‫بــري» مل تســتطع تجــاوز مفهومــة كتابة الســرة‬ ‫روائيـاً إىل درجــة أن الــروايئ انكفــأ عــى تدويــن‬ ‫الوقائــع «تســجيلياً» داخــل الســجن شــاغالً‬ ‫الحيــز الكبــر مــن الــرود بتفاصيــل مل تتجــاوز‬ ‫يف حضورهــا حــدود التعريــف باملــكان وأدق‬ ‫تفاصيلــه ويومياتــه يف الوقــت الــذي مل يلتفــت‬ ‫فيــه الــروايئ إىل إمكانيــة حقيقيــة كان النــص‬ ‫الــروايئ ميتلــك تأثيثاتهــا األوليــة مــن خــال‬ ‫ترابــط أدوات القمــع داخــل الدكتاتوريــات‬ ‫العربيــة‪ ،‬فهــو لــو أحــدث نــوع مــن التداخــل‬ ‫بــن املفاصــل الرسديــة بــن مــا كان يجــري يف‬ ‫ســوريا مــن حـراك ومــا كان عــى أشــده يف ليبيا‬

‫لــكان األمــر اختلــف متام ـاً عــم تحصلنــا عليــه‬ ‫مــن خــال املعــاين الكــرى لــرود رساب بــري‪،‬‬ ‫إذ ســتكون املحصلــة مقاربــة صارخــة للتقاليــد‬ ‫العميــاء داخــل االنظمــة العســكرية وتفاصيــل‬ ‫القتــل فيهــا‪.‬‬ ‫لكــن وعــى الرغــم مــن ذلــك تبقــى روايــة‬ ‫رساب بــري مــن األعــال التــي تســتحق‬ ‫االنضــام إىل عائلــة روايــة الســجن يف املشــهد‬ ‫الــروايئ العــريب الــذي فــاض مبــراث كبــر‬ ‫وهائــل مــن األعــال التــي تســجل ذاكــرة األمل‬ ‫والخــوف والقلــق وتغييــب الحريــات‪.‬‬


‫حرمل املنوعات‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫مع��رض ضوئ��ي‪ ..‬للمص��ور زه�ير هوش��و‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫يف صالــة املعــارض يف بلديــة شــانيل أورفــا‬ ‫الرتكيــة وبتاريــخ ‪2015/8/6‬م أقــام الفنــان زهــر‬ ‫هوشــو معرضـاً للتصويــر الضــويئ بالتعــاون مــع‬ ‫الكتلــة الدميقراطيــة الســورية ومــع املهنــدس‬ ‫عزيــز حمــدان‪.‬‬ ‫معــرض الفنــان زهــر هوشــو مملــوء بالحيــاة‪،‬‬ ‫وباالختيــارات الفنيــة املدهشــة‪ ،‬فــكل املناظــر‬ ‫الجميلــة التــي التقطتهــا لنفســك يف أورفــا‬ ‫تجدهــا موجــودة يف لوحــة مــن لوحاتــه‪،‬‬ ‫املأخــوذة برباعــة وبحرفــة فائقــة املهــارة‪ ،‬وهــو‬ ‫يشــبه شــخصيته التــي تجدهــا يف كل مــكان‪،‬‬ ‫فهــو يف األســواق الشــعبية‪ ،‬والحــواري الضيقــة‪،‬‬ ‫واألســواق‪ ،‬ويف الحدائــق ينتظــر التقــاط اللحظــة‬ ‫املناســبة لفتحــة العدســة باتجــاه الجــال‬ ‫املرتاكــم أمامهــا‪.‬‬ ‫ولــع زهــر بالضــوء وبالــراث‪ ،‬وباألشــجار‪،‬‬ ‫وبوجــوه النــاس العابريــن‪ ،‬ومبعانــاة النازحــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬والفقـراء‪ ،‬يتبــدى أمامــك يف معرضــه‬ ‫الفنــي الــذي قــى ســنة كاملــة يف تجميــع‬ ‫لحظاتــه الجامليــة املشــتهاة‪ ،‬فعنــد انبثــاق ضوء‬ ‫الشــمس تجــد أغصــان شــجرة وحامم ـاً أورفلي ـاً‬ ‫وبنــا ًء قدميــاً يتشــاركون لقطــة مــن لقطاتــه‪.‬‬ ‫الفنــان زهــر هوشــو مل يحــر افتتــاح معرضــه‪،‬‬ ‫ألنــه ومثــل كثــر مــن الســوريني يرحــل مــن‬ ‫مهجــر إىل آخــر‪ ،‬فقــد وصــل الفنــان إىل اليونــان‪،‬‬ ‫يف طريقــه إىل أوروبــا التــي تجتــذب خــرة‬ ‫املهــارات الســورية الفــارة مــن جحيــم الحــرب‬ ‫املدمــرة يف بلدنــا الحبيــب ســورية‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫عروس��ان تركي��ان يتربع��ان بتكالي��ف زواجهم��ا‬ ‫لالجئني الس��وريني‬

‫الحرمل ـ وكاالت‬ ‫يف خطــوة حضاريــة‪ ،‬ورؤيــة إنســانية مؤثرة‪،‬‬ ‫أقــدم زوجــان تركيــان عــى التــرع بتكليــف‬ ‫حفــل زفافهــا لالجئــن الســوريني‪ ،‬وتناقلــت‬ ‫وســائل إعــام عربيــة وعامليــة‪ ،‬وشــبكات‬ ‫التواصــل االجتامعــي صــورة للعروســن بلبــاس‬ ‫الزفــاف‪ ،‬وهــا يوزعــان الحلــوى عــى الالجئــن‬ ‫الســوريني‪.‬‬ ‫وبحســب عــدد مــن مصــادر األخبــار الرتكيــة‬ ‫فــإن العروســن قــررا إنفــاق تكاليــف زواجهــا‬ ‫إلطعــام الالجئــن الســوريني يف مخيــات‬ ‫اللجــوء برتكيــا‪ ،‬وبحســب هــذه املصــادر فقــد‬ ‫تــم توزيــع الطعــام والحلــوى عــى نحــو ‪4000‬‬ ‫الجــئ ســوري‪.‬‬ ‫وقــد تخــى العريــس الشــاب الــريك فتــح اللــه‬ ‫أوزومجولــو باالتفــاق مــع عروســه الرتكية إرساء‬ ‫بــوالت عــى مقــرح أبيــه بالتــرع بتكاليــف‬

‫زواجــه لالجئــن الســوريني‪ ،‬مــن خــال توفــر‬ ‫طعــام لنحــو أربعــة آالف الجــئ ســوري يف‬ ‫حفــل زواجهــا مبدينــة كيليــس الحدوديــة‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬التــي لجــأ إليهــا آالف الســوريني‪ ،‬هربـاً‬ ‫مــن الحــرب املدمــرة التــي طالــت مدنهــم‬ ‫وقراهــم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ونــرت الجمعيــة الخرييــة الرتكيــة «كيمســه‬ ‫يــوك مــو»‪ ،‬التــي أرشفــت عــى توزيــع الطعــام‪،‬‬ ‫صــورا ً عــى حســابها يف «تويــر» للعريــس‬ ‫وعروســه وهــا يوزعــان الطعــام عــى‬ ‫الالجئــن‪ ،‬يف خــر انتــر رسيعــاً يف وســائل‬ ‫اإلعــام اإللكرتونيــة‪ .‬وقــد القــت هــذه الخطــوة‬ ‫تفاع ـاً كب ـرا ً يف وســائل التواصــل االجتامعــي‪،‬‬ ‫ووصــف موقــع «واشــنطن بوســت» فعــل‬ ‫العريــس وعروســه بأنــه «هديــة ال تصــدق»‬ ‫لالجئــن‪.‬‬

‫انتع��اش الف��رح الس��وري يف الري��ف األملان��ي‬

‫ألمانيا ‪ -‬هايدمولي ‪ -‬أحمد الخليل‬ ‫مل يكتـ ِ‬ ‫ـف الشــعب األملــاين بتأمــن ملجــأ‬ ‫آمــن ومســتوى معقــول مــن العيــش الكريــم‬ ‫للســوريني الهاربــن مــن املــوت والعنــف‬ ‫وأهــوال الحــرب‪ ،‬التــي بدأهــا النظــام عــى‬ ‫البلــد منــذ مــا يقــارب الخمــس ســنوات‬ ‫مبشــاركة التنظيــات اإلســامية املتطرفــة‪ ،‬بل‬ ‫يحــاول تعليمهــم فــن الفــرح وفــن الحيــاة‪..‬‬ ‫هايدمــويل قريــة صغــرة عــى حدود التشــيك‬ ‫يف واليــة بافاريــا األملانيــة تتمتــع بجــال‬ ‫خــاب كــا أغلــب املناطــق والواليــات‬ ‫األملانيــة‪ ،‬يتواجــد فيهــا تســع عائــات ســورية‬ ‫مــن مختلــف مناطــق ســورية‪ ،‬أقــدم عائلــة‬ ‫قدمــت مــن لبنــان منــذ ســنة وأربعــة أشــهر‬ ‫مــن خــال برنامــج حاميــة الالجئــن‪ ،‬حيــث‬ ‫قامــت الحكومــة األملانيــة باســتقدام خمســة‬

‫آالف ســوري مــن لبنــان ومــر واألردن‬ ‫وباقــي العائــات تتــدرج إقامتهــم هنــا بــن‬ ‫شــهر ونصــف وعــدة أشــهر وســنة‪ .‬بعضهــم‬ ‫وصــل أملانيــا عــر التهريــب وآخــرون قدمــوا‬ ‫بشــكل نظامــي‪..‬‬ ‫خــال شــهر واحــد أقيــم يف قاعــة املكتبــة‬ ‫املحاذيــة ملدرســة الضيعــة لقاءيــن األول‬ ‫يف ‪ 7/30‬والثــاين يف ‪ 9‬مــن الشــهر الجــاري‬ ‫واملحــرك ملثــل هــذه اللقــاءات الســيد‬ ‫فرانــز كايــس املتطــوع ملســاعدة الالجئــن‬ ‫الســوريني بالتعــاون مــع آخريــن عملهــم‬ ‫اليومــي تذليــل العقبــات أمــام الســوريني‪ ،‬إن‬ ‫كان يف متابعــة األمــور اإلداريــة‪ ،‬أو يف شــؤون‬ ‫الحيــاة األخــرى وإعطائهــم دروس يف اللغــة‬ ‫األملانيــة يف محاولــة منهــم لجعــل الالجئــن‬ ‫يتجــاوزون حاجــز اللغــة‪ ،‬فأغلــب املتطوعــن‬

‫كالســيد كايــس والســيدة غروغــا يتقنــون‬ ‫عــدة لغــات‪ ،‬وبشــكل خــاص اإلنكليزيــة‪،‬‬ ‫وهــي لغــة وســيطة للتفاهــم مــع بعــض‬ ‫الســوريني‪..‬‬ ‫يف اللقــاء األول رشح فرانــز كايــس بدايــة‬ ‫معانــاة الســوريني يف اللجــوء واملصاعــب‬ ‫واملخاطــر التــي يتعرضــون لهــا خــال الهروب‬ ‫مــن الحــرب الطاحنــة الجاريــة اآلن مــن‬ ‫خــال خارطــة ســورية‪ ،‬بينــا عــرض الســيد‬ ‫الفونــس صــورا ً فوتوغرافيــة لســورية واألردن‬ ‫خــال رحالتــه إىل هنــاك‪ ،‬اســتعرض فيهــا‬ ‫املواقــع األثريــة واألســواق والســاحات‪ ،‬وأبــرز‬ ‫املأكــوالت‪ ،‬مركــزا ً عــى دمشــق وحلــب‬ ‫وكنائســها وجوامعهــا‪ ،‬وخــال اللقــاء ألقيــت‬ ‫مقطوعــة شــعرية بعنــوان (أســئلة) باللغتــن‬ ‫العربيــة واإلنكليزيــة‪..‬‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫يف اللقــاء الثــاين تشــارك األملــان والســوريني‬ ‫بصنــع الحلويــات املتنوعــة‪ ،‬وابتــدأ اللقــاء‬ ‫برتحيــب مســؤول بلديــة هايدمــويل‬ ‫بالســوريني وســعادته وســعادة أهــل البلــدة‬ ‫بالتعــرف عليهــم وعــى عاداتهــم وثقافاتهــم‪،‬‬ ‫وكيفيــة مســاعدتهم للتخلــص مــن هواجــس‬ ‫العنــف والحــرب‪..‬‬ ‫وكان للفــرح الفقــرة األبــرز يف اللقــاء حيــث‬ ‫صدحــت املوســيقى الشــعبية‪ ،‬وتعانقــت‬ ‫األيــدي يف الدبكــة عــى الطريقــة الســورية‪،‬‬ ‫كبــارا ً وشــباباً وصغــارا ً‪ ...،‬هنــا يف ســياق‬ ‫الفــرح تنطلــق الــروح الســورية بعيــدا ً عــن‬ ‫املناطقيــة والطائفيــة التــي كرســها النظــام‬ ‫خــال الخمســة عقــود األخــرة‪...‬‬ ‫ومل يخـ ُـل اللقــاء مــن ألعــاب وأغــانٍ غناهــا‬ ‫األطفــال الســوريني املتقنــن للفــرح وعشــق‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬خلف اجلربوع‪ ،‬أسعد فخري‪ ،‬إبراهيم العلوش‪ ،‬عروة املهاوش‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاي��ن‪ :‬عبدالرمحن اهلويدي للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪YIL: 2015 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪00905393102133‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫‪SAYI:22‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫الحيــاة‪ ،‬كــا تضمــن اللقــاء كــا يف ســابقه‬ ‫فقــرة للشــعر مــع ترجمــة أملانيــة‪ ،‬حيــث‬ ‫ألقيــت قصيــدة شــعرية أعادهــا باألملانيــة‬ ‫الســيد كايــس ليتواصــل معهــا الجمهــور‬ ‫األملــاين قــدر اإلمــكان‪..‬‬ ‫اللقــاءات هــذه تســهم يف تعــرف العائــات‬ ‫الســورية واألملانيــة عــى بعضهــا البعــض‪ ،‬كام‬ ‫تســهم إســهاماً كبــرا ً يف االندمــاج االجتامعــي‬ ‫والثقــايف بــن الشــعبني‪ ،‬والتغلــب عــى حاجز‬ ‫اللغــة بشــكل كبــر‪..‬‬ ‫شــارك الســيد كايــس يف تنظيــم اللقــاءات‬ ‫كاتــب هــذه الســطور ومحمــود اللحــام‬ ‫وحذيفــة زكريــا‪ ،‬وقامــت برتجمــة كلمــة‬ ‫مســؤول البلديــة ســوزان حســيان‪ ،‬ابنــة‬ ‫ريــف إدلــب املقيمــة مــع أهلهــا منــذ الشــهر‬ ‫الخامــس مــن العــام املــايض‪..‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫وزير العمل الرتكي‪:‬‬

‫ال تصاريح عمل لالجئني السوريني‬

‫حق��وق الالجئ�ين غ�ير‬ ‫مرتبطة باملتغريات السياسية‬ ‫بسام البليبل‬

‫تنظيم الدولة يعدم الناش��ط أسامة معن احلمود‬ ‫أقــدم تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش» عــى إعــدام‬ ‫الناشــط املــدين أســامة معــن الحمــود ‪ 31‬ســنة‪ ،‬بعــد‬ ‫اعتقالــه بتاريــخ ‪ 2015/6/16‬عــى خلفيــة نشــاطه املــدين‪،‬‬ ‫والشــهيد أســامة مــدرس للرياضــة البدنيــة‪ ،‬ومتطــوع يف‬ ‫منظمــة الهــال األحمــر العــريب الســوري‪ ،‬فــرع الرقــة‪،‬‬ ‫وهــو مــن أوائــل أهــل الرقــة الذيــن خرجــوا ضــد نظــام‬ ‫األســد‪ ،‬مطالبــن بالكرامــة والحريــة‪ ،‬وهتــف للرقــة مــن‬ ‫ســاحة الجامــع العمــري مبدينــة درعــا‪ ،‬ويعتــر والــده‬ ‫مــن أوائــل مــن صدحــت حناجرهــم مطالبــة بالحريــة‪،‬‬ ‫حيــث وقــف مقاطعـاً خطيــب الجمعــة‪ ،‬وطالبــه بقـراءة‬

‫الفاتحــة عــى أرواح شــهداء درعــا بــدالً مــن متجيــد األســد‬ ‫والدعــاء لــه‪.‬‬ ‫اعتقــل النظــام‪ ،‬الشــهيد أســامة أكــر مــن مــرة‪ ،‬وأصيــب‬ ‫بطلــق نــاري يف فــرع أمــن الدولــة أثنــاء التحقيــق معــه‪،‬‬ ‫عــى خلفيــة مشــاركته باملظاهــرات الســلمية التــي‬ ‫تطالــب بإســقاط األســد وأعوانــه املجرمــن‪ ،‬وتابع نشــاطه‬ ‫التطوعــي إثــر تحريــر محافظــة الرقــة مــن العصابــة‬ ‫األســدية‪ ،‬وذلــك مــن خــال عملــه يف منظمــة الهــال‬ ‫األحمــر ويف تجمــع شــباب الرقــة الحــر‪ ،‬وتقديــم خدماتــه‬ ‫اإلســعافية للجرحــى واملصابــن بقصــف الطـران األســدي‪.‬‬

‫الطالبة رفيف العلوش‪..‬‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاصاألوىل يف الشهادة الثانوية يف مدينة شانلي أورفا الرتكية!‬

‫نالــت الطالبــة رفيــف العلــوش املرتبــة األوىل يف‬ ‫الشــهادة الثانويــة عــى مســتوى الطــاب الســوريني‬ ‫يف مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‪ ،‬وهــي مــن األوائــل‬ ‫عــى مســتوى الطــاب الســوريني يف كل تركيــا‪،‬‬ ‫حيــث نالــت معــدل ‪ 94.5%‬بالفــرع العلمــي‪،‬‬ ‫و‪ 89.6%‬بالفــرع األديب‪ ،‬و‪ 93.4%‬بالفــرع املشــرك‬ ‫حيــث يدمــج النظــام التعليمــي الــريك الثانويــة‬ ‫العامــة بــكل فروعهــا بأســئلة موحــدة وتتــم كافــة‬ ‫االختبــارات يف يــوم واحــد خــال ثــاث ســاعات‬ ‫ونصــف وبطريقــة رقميــة مؤمتتــة‪.‬‬ ‫ويذكــر بــأن الطالبــة رفيــف العلــوش كانــت‬ ‫قــد نالــت املرتبــة األوىل عــى مســتوى ســورية‬

‫يف امتحانــات الشــهادة اإلعداديــة عــام ‪2012‬م‪،‬‬ ‫وكانــت قــد رفضــت حضــور التكريــم الــذي ُدعيــت‬ ‫إليــه مــن قبــل القــر الجمهــوري احتجاج ـا ً عــى‬ ‫ترصفــات النظــام الوحشــية ضــد املواطنني الســوريني‬ ‫املطالبــن بالحريــة‪ ،‬رغــم كل املغريــات التــي وعــد‬ ‫بهــا موظفــو القــر مــن نقــل بالطائــرة وهدايــا‬ ‫مثينــة وق ّيمــة‪.‬‬ ‫وتتمنــى الطالبــة رفيــف العلــوش دراســة الهندســة‬ ‫يف إحــدى الجامعــات العامليــة للمســاهمة يف إعــادة‬ ‫إعــار ســورية عــى أســس فنيــة وعلميــة متطــورة‬ ‫وجديــدة‪ ،‬تليــق بتضحيــات الشــهداء والجرحــى‬ ‫واملهجريــن الســوريني‪.‬‬

‫رصح وزيــر العمــل الــريك والضــان االجتامعــي فــاروق‬ ‫جليــك لوكالــة رويــرز يــوم الجمعــة املــايض أن تركيــا لــن‬ ‫متنــح تصاريــح عمــل لالجئــن الســوريني املقيمــن عــى‬ ‫أراضيهــا‪ ،‬ألن مثــل هــذا الربنامــج ســيكون ظاملــاً لألتــراك‬ ‫الذيــن يبحثــون عــن وظائــف‪ ،‬مرتاجعـاً بذلــك عــن ترصيــح‬ ‫لــه كان قــد نقلــه عنــه موقــع «تــرك بــرس» يف بدايــة هــذا‬ ‫العــام بهــذا الخصــوص‪ ،‬محــددا ً نســبة عــرة باملئــة للعاملــة‬ ‫الســورية‪ ،‬ومضيفــاً أنــه لــن يســمح بتشــغيل الســوريني‬ ‫برواتــب تقــل عــن الحــد األدىن‪.‬‬ ‫كل ذلــك اعتــادا ً عــى االقرتاحــات التــي كانــت قــد رفعتهــا‬ ‫وزارة العمــل إىل الربملــان الــريك للمصادقــة عليهــا‪ ،‬والتــي‬ ‫تتمحــور حــول توظيــف الســوريني‪.‬‬ ‫ال شــك أن تركيــا متــر بظــروف صعبــة بســبب إيوائهــا أكــر‬ ‫عــدد مــن الســوريني الالجئــن‪ ،‬وأنهــا قــد تضطــر إىل إعــادة‬ ‫االنتخابــات لعــدم التوافــق عــى تشــكيل حكومــة‪ ،‬وأنهــا‬ ‫تتعــرض العتــداءات وأعــال حربيــة عــى حددوهــا ويف‬ ‫الداخــل‪ ،‬وأن لديهــا نســبة مــن البطالــة عليهــا أن تأخذهــا‬ ‫بعــن االعتبــار‪ ،‬غــر أن الدولــة املضيفــة معنيــة بتطبيــق‬ ‫االلتزامــات املفروضــة عــى عاتقهــا مبوجــب االتفاقيــات‬ ‫الدوليــة‪ ،‬األمــر الــذي يقتــي التعامــل مــع قضيــة الالجئــن‬ ‫بأبعادهــا اإلنســانية‪ ،‬بعيــدا ً عــن املتغ ـرات السياســية‪.‬‬ ‫ال بــد مــن االعــراف بكثــر مــن الوفــاء أ ّن تركيــا التــي‬ ‫واجهــت تدفقــاً جامعيــاً وهائــاً مــن الالجئــن الســوريني‬ ‫منــذ بدايــة الثــورة‪ ،‬قــد بذلــت جهــودا ً ليســت بالقليلــة مــن‬ ‫أجــل اســتيعابهم‪ ،‬وحاميتهــم‪ ،‬وتوفــر احتياجاتهــم‪.‬‬ ‫غــر أنــه عــى تركيــا أن تبــذل جهــدا ً أكــر يف إيجــاد الحلــول‬ ‫املناســبة لضــان حــق الالجــئ الســوري يف الحصــول‬ ‫عــى فرصــة عمــل‪ ،‬وإيجــاد اآلليــات املناســبة والرسيعــة‬ ‫ملعادلــة شــهادات الجامعيــن الســوريني‪ ،‬وإتاحــة الفرصــة‬ ‫للعمــل يف املؤسســات واملرافــق الرتكيــة‪ ،‬كــا عــى تركيــا‬ ‫العمــل عــى إيجــاد آليــات لتوفــر الحاميــة الدامئــة وليــس‬ ‫املؤقتــة لالجــئ الســوري‪ ،‬وإمكانيــة توطينــه وإدماجــه يف‬ ‫املجتمــع الــريك‪ ،‬وإرشاكــه يف الضــان الصحــي‪ ،‬والنظــر إىل‬ ‫مــن هــم خــارج املخيــات واملنترشيــن يف املــدن الرتكيــة‬ ‫عــى أنهــم نازحــون وليســوا ســائحني‪ ،‬وأنهــم بحاجــة إىل‬ ‫الحاميــة والرعايــة فيــا يخــص ظــروف حياتهــم ومعاشــهم‬ ‫اليومــي عــى مســتوى الحصــول عــى ســكن معقــول األجــر‪،‬‬ ‫واملســاعدة يف فواتــر الكهربــاء واملــاء‪ ،‬وتوفــر املســاعدات‬ ‫اإلنســانية‪ ،‬واإلرشاف عــى توزيعهــا بشــكل عــادل‪ ،‬ووضــع‬ ‫لوائــح ناظمــة وواضحــة الســتيعاب كافــة الطــاب الســوريني‬ ‫يف التعليــم األويل والجامعــي‪.‬‬ ‫إننــا نقــول ألصدقائنــا األتــراك‪ :‬إننــا مل نخــر واقعنــا هــذا‬ ‫وإمنــا دفعتنــا ظروفنــا القاســية إىل هــذا الوضــع الجديــد‪،‬‬ ‫وأنــه علينــا أن نتعــاون مــن خــال لجــان مختصــة ومشــركة‬ ‫يف البحــث عــن إيجــاد الحلــول املناســبة‪ ،‬واملتوافقــة مــع‬ ‫القانــون الوضعــي الــريك والقانــون الــدويل اإلنســاين‪ ،‬ومــا‬ ‫يتضمنــه القانــون الــدويل العــام مــن ضامنــات لحقــوق‬ ‫الالجئــن‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05393102133( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثاني والعشرون ‪ 15 /‬آب ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.