الملحق الثقافي
12
العدد l 47الخميس 10يناير 2013
متابعات
الذكرى الثالثون لرحيل الشاعر لويس أراغون
«عندما ستمنحني حبيبتي مولودا ستكون كلمة «ستالين» ّ سألقنها له» األولى التي
رسالة من شاعر ميت
مرئيات أمينة بنبوشتى
أفكار ما بعد اإلنسان سنة ..2050عندما اإلنسان إنسانا أعلى ()1 يصير ُ
محمد أسليم
دريئة العدد رحيل شاعر عاش في مغارة وأكل وأمه اضطرت وعمرها من مزبلة ّ 72سنة إلى العيش في مقبرة وممارسة الدعارة
عصب الكتابة أكتب من حيث أنني ميت حفيظ بودى لكل أجل كتاب
نص أندريه بروتون "نادجا" ّ األخطبوطي حسن ملهبي
مملكة هذا العالم تأمالت في اليومي األمريكي ( )2خالد سليكي الحب إال للحبيب األول ما ّ جمال المعتصم بالله
مرئيـات هشام فهمي
Hicham_fahmi@hotmail.com
العزيز حفيظ بودى صباح اخلير اليوم قرأت على الفايسبوك أنك فارقت احلياة .أحترم اختيارك هذا ،فأنت نتصور، تعرف أنني لست من املتشبثني بأي وهم ،واحلياة أتفه مما كنا ّ لذلك أحييك على قرارك النهائي باملغادرة الطوعية .ماذا كان سيضيفه لك يوم زائد؟ ستف ّكر فقط بغرز حقنة إضافية من األنسولني في ذراعك .احلياة ّ ّ تستحق أن نكون شعراءها املفقودين .فال أحد هنا يعترف تستحق .ال ال بأحد .الناس هنا هائمة بال اجتاه وال وجه ،وأنت خالطتهم ،وفهمت الدرس كما يجب .القتلة التافهون كنت تعرفهم واحدا واحدا .هم أبطال هذا العصر« ،عصر شاحب زائف جندي» كما وصفته في قصيدتك .لست إلي؟ أنت و ّرطتني صراحة ،وكلما أدري ماذا سأفعل بأشعارك التي أرسلتها ّ قرأت قصيدة أو رسالة لك ،أحسست بأنني مجرد نذل ال يقوى على فعل شيء .ماذا كنت تتنظر مني ،غير التشهير بك؟ أعترف لك أنني عندما قرأت رسالتك التي حتكي فيها أنك عشت في مغارة وأكلت من مزبلة ،تيقنت أنك مغربي حقيقي .فهذه املغارة الكبيرة التي تؤوينا جميعا أحسسنا فيها باجلوع وطعم االضطهاد .أنا هاجرت وتركتك ملصيرك .ال أحتاج ألن أب ّرر علي موتا آخر يليق بشخص كان يحلم بالشمال .أعود لك أنني اقترحت ّ اليوم ألحضن اجلميع حتت األنقاض .أحضن أحبائي املوتى الذين تركتهم يتحدثون مع ثيابهم وقصائدهم. ترحل اليوم .وأتساءل بقوة هل تصف ّر عظمة اللسان وتصبح رميما عند رحيل كل شاعر؟ افتقدنا شاعرا آخر ،سقط من شجرة اللغة وكنسته الريح بعيدا خارج دورة يحس األدب الطبيعية .ماذا يعني أن يكون الشاعر الراحل مغربيا؟ هل ّ املغاربة بفقدان شعرائهم وأدبائهم؟ وحده املوت يجعلنا نتذكر بعضنا .شعراء حقيقيون كثر مي ّرون بالقرب منا وال ننتبه إليهم .إنهم ليسوا بحاجة إلينا.كبرياؤهم وهشاشة أرواحهم جتعلهم ّ يفضلون االكتفاء بذواتهم ،يشرطون أسماءهم على وجه اللغة بسكني اجلمال احلادّة ،وأحيانا ّ يقطعون من حلمهم قصائد حية ومينحونها لألبدية. ال نحتاج إلى اإلعالن عن موتانا من الكتاب والشعراء .هم يفعلون ذلك كمياومني في مصنع املوت للمنتوجات الروحية ،ويتن ّفسون في لوحدهم ُ حي وآخر ميت؟ كتاباتهم .ما الفرق بني شاعر مغربي ّ موتى كثر ّ يلطخون مكتباتنا وهم أحياء وميشون في األسواق ،وآخرون نردم عليهم التراب ،ونعتقد أنهم رحلوا دون رجعة ،لكننا نكتشف معهم أننا نحن األموات وهم األحياء ،يزفرون اجلمال في مخطوطاتهم وكتبهم التي تركوها وصية لال أحد. حفيظ بودى أعتذر إليك ،لكنه اعتذار امليت لصديق له في الضفة األخرى. أنا متأكد أنك ستوافقني الرأي بإتالف كل قصائدك التي بحوزتي .سأختار ّ يستحق هنا .ستتركها لهؤالء األحياء ّ يقطعون لها نهاية تليق بها .ال شيء أوصالها ويتف ّرجون على أملك املفجع .في شذرتك الشعرية التي بعنوان «اللغة» قلت« :إنها ال تسع حيرتي/وموتي املستمر» ،لذلك فاللغة بالنسبة إليك مج ّرد شفرة حالقة تستعمل مرة واحدة .كنتَ في قرارة نفسك تضحك ّ تستحق، على هؤالء الذين يتس ّلقون كقردة شجرة اللغة ،مينحونها أكثر مما ويضعون قرابينهم قرب املعبد ويتلون األذكار .كل قصائدك كانت متخ ّففة من أي إرث ثقيل ،كانت واضحة وبسيطة كأمك املقاومة التي رأيتها بعينيك حية في مقبرة .أعذرني إن ذ ّكرتك بجرح عميق ،لكنني أزداد حنقا على هذا البلد الذي ال يستحقك .أنت قلتها« :هل تساوي الكتابة قضيتي؟» ماذا كنت تقصد؟ محمود درويش كان يحمل قضية .هو كان يرى وطنه ُيغتصب وأنت أمك .يا لهول املقارنة! كنت ترى ّ كنتَ حتلم مبثقف جديد ينتج نصا تأسيسيا ،لذلك كتبتَ « :عندما جلستُ في مغارة ألكتب هذا الديوان كان شعوري أنني مقبل على إجناز صوت أركيولوجي ونص جنوبي ،لطبيعة اهتماماتي واحترامي لقضيتي ،وحدي أحس كالثلج ،إنها جتربة الهامش أخي بتكاليفها الباهظة» .ألول مرة ّ أحس يلوح مبغربيته كعلم في ملعب كرة من الدرجة الثالثة. مبغربي ال ّ ّ بجوبا أمازيغي ،ويهودي ،وإفريقي ،ومتوسطي .حفيظ بودى أنت كل هؤالء، وضدّنا جميعا ،ض ّد كل شرقنة أو غربنة .حفيظ بودى أنتَ نحن جميعا، عندما منوت ونشبع من املوت. حفيظ ترعبني الكلمات األخيرة .ال تنتظر مني شيئا ،فال أحد ينتظر أحدا هنا .أعتذر .املوت ال يعتذر .إن وصلتك رسالتي وطقطقة عظامي حتت األرض ،أبلغ سالمي لكل األصفياء من األحياء هناك.
بطاقة بيضاء
الفنانة أمينة بنبوشتى بورتريهات فوتوغرافية بال وجه الفنانة أمينة بنبوشتى بورتريهات فوتوغرافية بال وجه
رحيل الشاعر المغربي حفيظ بودى :أشعاره ورسائله الصادمة تنشر ألول مرة
عاش في مغارة وأكل من مزبلة وأمّه اضطرت وعمرها 72 سنة إلى العيش في مقبرة وممارسة الدعارة
للقراءة شؤون ..وشجون!
بعد كتابه املدهش الشهير «تاريخ القراءة» ،أصدر األرجنتيني ألبرطو مانغويل ،عدد ًا من األعمال التي تقتفي أثر ذلك الكتاب، وحتاكي منهجيته الفريدة التي متزج النقد بالتاريخ وباملتعة، تذوق ذاتية صرفة. وتس ّلح املقاربة التعليمية البارعة بنزعة ّ لقد أصدر ،على سبيل األمثلة« :املكتبة لي ً ال»« ،ستيفنسون حتت أشجار النخيل»« ،صحبة بورخيس»« ،وداع ًا همنغواي»« ،قاموس «بوابات الفردوس :أنطولوجيا الرواية القصيرة األماكن املتخ َّيلة»ّ ، اإليروتيكية» و«مكتبة روبنسون كروزو»... وفي ربيع ،2001أتيحت لي بهجة االستماع إليه مباشرة ،في املكتبة األمريكية هنا في باريس ،يحاضر عن كتابه األحدث آنذاك: احلب والكراهية» .وهذا عمل يسعى إلى «قراءة الصورة :تاريخ ّ إنصاف الذائقة البصرية للمشاهد العادي ،الذي يهوى الفنون التشكيلية وأعمال النحت والفوتوغراف والعمارة ،ولكنه مضطر إلى اخلضوع لهذا أو ذاك من أمناط االستبداد التي تفرضها رطانة النقد ونظريات فلسفة الفنون. الكتاب يتضمن قراءات في عدد من األعمال ،تبدأ من الفنان اإلرتيري فيلوكسينوس ،الذي رسم جدارية لإلسكندر األكبر خالل العصور الكالسيكية ،وتنتهي عند الفنانة الكندية املعاصرة ماريانا غارتنر، مرور ًا بأمثال كارباشيو وبيكاسو وجون ميتشل وأليخادينو .وهذه قراءات تن ّقب عميق ًا في باطن الصورة ،أو املنحوتة أو النصب التذكاري ،لكي تستخلص خطوط ترميز جامعة ،حول الصورة بوصفها حكاية ،أو غياب ًا ،أو أحجية ،أو شاهد ًا ،أو استيعاب ًا ،أو انعكاس ًا ،أو عنف ًا ،أو تهدمي ًا ،أو فلسفة ،أو ذاكرة ،أو مسرح ًا... الكتاب الثاني الذي يحلو لي أن أتوقف عنده هنا ،ألنه ال يقل إدهاش ًا وطرافة وجدة في آن مع ًا ،هو «مفكرة قراءة :تأمالت قارئ يدون شغوف حول سنة من الكتب» .وكما قد يوحي بذلك العنوانّ ، مانغويل وقائع قراءات سنة كاملة ،يوم ًا بيوم تقريب ًا ،وأحيان ًا وقت الصباح والظهيرة والعشية والليل ،ولكن ليس على النحو الطبيعي الذي قد يخطر على بالنا جميع ًا ،أو ّ لعل بعضنا قام ويقوم به يدون مذكرات حول ما قرأ أو يقرأ ،بل حول منط ـ بالفعل .إنه ال ّ ولع ّلي أقول :حول نسق ـ محدّد فريد واستثنائي من القراءة. إليكم احلكاية: ذات يوم من عام ،2002كان مانغويل يعيد قراءة واحد من الكتب الكالسيكية املفضلة عنده ،حني اكتشف أن هذا الكتاب يحمل الكثير من املغزى الراهن ليس في الوقائع اليومية التي يعيشها صاحبنا فحسب ،بل في األحداث التي يشهدها البلد الذي يتحدر منه مؤلف ذلك الكتاب ،والعالم على نطاق واسع أيض ًا .وهكذا قرر مانغويل أن يقوم بالتالي :سوف يختار 21من أمهات الكتب التي يحبها،
صبحي حديدي
وسيوزع كل كتاب على شهر ،ثم يبدأ ـ أثناء إعادة قراءة الكتاب ـ في تأمل ورصد وتدوين أي صالت وروابط ودالالت بني مضمون الكتاب (احلكاية والشخصيات واألزمنة والرموز والرسالة العامة،)... ومضمون الوقائع الفعلية في العالم الفعلي ذلك الشهر. احلصيلة مذهلة بالفعل ،ليس في جانب تلك املهارة العالية التي حتلى بها مانغويل ،في الربط بني املتخ َّيل والواقعي فحسب ،بل أيض ًا وأساس ًا في العبقرية العالية التي حتلى بها أصحاب تلك الكتب ،وأتاحت لهم اجتراح أعمال خالدة جتد فيها اإلنسانية ضالتها أي ًا كانت احلقبة ،وأنى انصرمت الدهور وتبدّلت األمور. وللوهلة األولى ،قد ال تبدو بعض األعمال التي اختارها مانغويل «خالدة» في رأي الكثيرين ،ورمبا في يقني السواد األعظم من القراء .وقد يبدو بعضها مغمور ًا أو عادي ًا أو حتى مجهو ًال .غير أن بعض اللعبة يكمن هاهنا حتديد ًا :تلك ذائقة قارئ اسمه ألبرطو مانغويل ،وهذه حصيلة قراءته هو وليس سواه؛ ولكن هذه أيض ًا حصيلة اخللود التي متتعت وتتمتع بها تلك األعمال ،كما التمسها صاحبنا. الالئحة تتضمن التالي :أدولفو بيوي كاساريس« :اختراع موريل» ،هـ .ج .ولز« :جزيرة الدكتور مورو» ،روديارد كبلنغ« :كيم»، شاتوبريان« :مذكرات من وراء القبر» ،آرثر كونان دويل« :عالمة األربعة» ،غوته« :صالت انتقائية» ،كنيث غراهام« :الريح في الصفصاف» ،سيرفانتس« :دون كيخوتة» ،دينو بوزاتي« :سهب التتار» ،ساي شوناغون« :كتاب املخدّة» ،مارغريت أتوود« :الطفو»، ويواكيم ماشادو دو أسيس« :مذكرات براس كوباس بعد وفاته». وقد يقول قائل« :ولكن أين ألف ليلة وليلة ...أ ّم السرد واحلكاية؟»، أو قد يهتف آخر« :أين «اإللياذة» وأين «األوديسة»؟» وقد يتابع ثالث« :بل أين جيمس جويس و«عوليس»؟» ..ولن نعدم ،بالطبعَ ،من سوف يستنكر« :أين الشعر؟ أين املسرح؟ أين القصة القصيرة؟». هذه أسئلة مشروعة متام ًا عند طارحيها ،ولكنها بالقدر ذاته، نافلة عند مانغويل ،أو باألحرى عند مانغويل في هذه الذائقة القرائية حتديد ًا .ذلك ال يعني أبد ًا أن كتابه ال يتحدث عن الشعر، إ ْذ كيف يعقل ألعمال خالدة في النثر ،أال حتيل إلى الشعر؟ هنالك، طي فصول الكتاب وعلى نحو منتثر مبعثر عن سابق قصد، ّ كالم عن والت ويتمان ،كيتس ،براوننغ ،وأالس ستيفنز ،رامبو، آنا أخماتوفا ،هاينة ،ريلكة ،رامبو ،بروتون ،بدر شاكر السياب ومحمود درويش. في عبارة أخرى ،للقراء في ما يقرؤون شؤون ..وشجون! كاتب وباحث سوري مقيم بباريس
الملحق الثقافي متابعات
العدد l 47الخميس 10يناير 2013
13
الذكرى الثالثون لرحيل الشاعر الفرنسي لويس أراغون ال تخلو من مفاجآت
«عندما ستمنحني حبيبتي مولودا ستكون كلمة «ستالني» األولى التي سألقّنها له»
األخبار
تستعيد فرنسا ال��ي��وم ،ال��ذك��رى الثالثني لرحيل تخصص له ملفات شاعرها الكبير لويس أراغون ،إذ ّ وصفحات ثقافية كاملة ،وتعقد الندوات واللقاءات األدبية ،كما أن دور النشر تتنافس ،بدورها ،في أن تكون س ّباقة إلى النبش عن اجلديد الذي لم ُيكشف عنه بعد في أعماله وسيرته. تطرح العودة إلى منجز لويس أراغون الكثير من األسئلة امللتبسة ،إذ يصعب تصنيفه أو وضعه في خانة نقدية محدّدة ،فهو العابر بني األزمنة واملخترق للنظريات والتيارات األدبية .لويس أراغون الشاعر ��س��ري��ال��ي ورف��ي��ق احل���زب الشيوعي وال���روائ���ي ،ال ّ الفرنسي ،املقاوم للنازية والعاشق .إنه كل هؤالء وأكثر ،حتى إن البعض يعتبره شاعر فرنسا الكبير، بعد أن أصبح من الكالسيكيات اعتبار فيكتور هوغو وج��ه فرنسا الشعري .فهل هو ح ّقا شاعر فرنسا األول اآلن؟ تبدو ه��ذه التصنيفات مجحفة ف��ي ح ّ ��ق الشعر والشعراء ،وال أهمية نقدية لها ،باملقارنة مع ما أجنزه كل شاعر وساهم به إلثراء الشعرية الفرنسية والعاملية. ولد لويس أراغ��ون سنة 1897بإحدى ضواحي ب���اري���س ،وع����اش ط��ف��ول��ة م���ؤمل���ة ،إذ رف���ض أب���وه أم��ه إل��ى الناس االع��ت��راف به كابن ،وكانت تق ّدمه ّ على أنه أخوها .هذا الوضع االجتماعي والنفسي، ج��ع��ل م���ن أراغ������ون م��ق��اوم��ا ش��رس��ا ل��ك��ل م��ظ��اه��ر الطبقية والبرجوازية ،فالتحق باحلزب الشيوعي الفرنسي سنة ،1927وبقي وفيا اللتزامه السياسي والنضالي ،واعتبر شاعر احلزب وصوته الثقافي حتى نهاية حياته ،رغ��م أن رفيقه الشاعر أن��دري ب��روت��ون ،ال��ذي التحق ب��دوره باحلزب الشيوعي، سرعان ما تراجع عن ذل��ك في نهاية الثالثينات،
أن نراها من زوايا نظر مختلفة .فعاشق «عيني إلزا» وضع نفسه دائما في قلب الصراع والسجال ،وكانت شخصيته امللتبسة مثار انتقادات كثيرة ،واليوم أيضا في ذك��راه الثالثني ُيفتح النقاش من جديد حول غموض شخصية أراغون ،عندما اتهم دانييل بونيو ،املشرف على أعمال أراغون الروائية الكاملة، الشاعر جان ريستا ،من ّفذ وصية أراغون ،على أنه ك��ان وراء ح��ذف الفصل السابع من كتاب دانييل بونيو «أراغون ،بلبلة األجناس» .هذا الفصل املثير يتحدث فيه دانييل بونيو عن حكايته مع أراغون، عندما حت�� ّرش ب��ه جنسيا سنة 1973داخ��ل أحد الفنادق ولم يتجاوز عمره 29سنة ،بعد أن أصدر كتابه األول عن أراغون ،وأبهجه ذلك كثيرا الى درجة أنه ،كما يقول دانييل بونيو« ،كشف له شخصيته بالغة التعقيد» .اعتبر أن رقابة جان ريستا «سلوك يعود الى عصر آخر ،إنها االحتاد السوفياتي» ،وأن كتابه «أراغون ،بلبلة األجناس» ،ال يقصد فقط البلبلة بني األجناس األدبية عند أراغ��ون ،بل البلبلة بني الذكورة واألنوثة ،ويضيف أن أراغ��ون يبقى «أهم كاتب واألكثر إثارة في القرن العشرين» ،لكن جان ريستا ال يرى في ما فعله رقابة ،ور ّد على أن دانييل بونيو بإمكانه إصدار ما نشره في دار نشر أخرى، وأن دوره يقتضي أن ُتقرأ أعمال أراغون على نطاق واس��ع ،وب��رأي��ه فـ»قبل احلكم على أراغ���ون ،لنبدأ بقراءته أوال ،وباخلصوص رواياته الثالث املهمة». رمبا كان جان ريستا يحاول تفادي التشويش على عمل أراغون الروائية ،بقضية هامشية ته ّم حياته احلميمية واخلاصة ،لكن نقادا فرنسيني يرون غير ذل��ك ،ويعتبرون أن الفصل احمل��ذوف يكشف عن جانب مهم من حياة شاعر وروائي كبير ،ترك أثره في املشهد الفرنسي والعاملي ،غير أن آخرين يرون أنه ال ميكن اختزال منجز أراغون األدبي الرصني في سلوكه الشخصي واألخالقي.
وهو الذي ساهم مع أراغون في تأسيس الدادائية والسوريالية .هذا املسار السياسي كان مثار أسئلة كثيرة ح��ول عالقة السياسي بالثقافي .في إطار االحتفاء بالذكرى الثالثني لرحيل لويس أراغ��ون، أصدر بيير جوكان ،أحد زعماء احلزب الشيوعي، كتابا بعنوان «أراغون ،املصير الفرنسي» ،عن دار «ال مارتينيير» ،يرصد فيه أربعني سنة من حياة أراغون ،يقول عنه« :إنه في نفس اآلن ،أهم فاعل في تاريخ فرنسا املعاصر والشاعر العميق ،ينضاف إلى ذلك الروائي والصحافي والباحث وناقد الفن، وحتى املؤرخ (لالحتاد السوفياتي) .كل هذا يندرج ضمن تراثنا املشترك ،فهو أ م��ام فيكتور هوغو، الشاعر الفرنسي األكثر ورودا في األغنية ،ووظفه امللحنني» .في حوار مع بيير جوكان، عدد كبير من ّ نشرته أسبوعية «لونوفيل أوبسرفاتور» ،يتح ّدث هذا األخير بتفصيل عن رفيق دربه أراغون ،لنكتشف ّ يفضل ستالني على الروائي مارسيل أن الشاعر كان بروست .لكن األسبوعية ستطرح عليه السؤال األكثر إح��راج��ا ف��ي ح��ي��اة أراغ����ون ،ع��ن��دم��ا ك��ت��ب قصيدة «اجلبهة احل��م��راء» متجيدا لشرطة ستالني ،وقال ب��ا حل��رف« :عندما ستمنحني محبوبتي م��و ل��ودا، ستكون ستالني أول كلمة أل ّقنها ل���ه» ،ي��رد بيير جوكان بأن أراغون «كان يريد أن يكون ماياكوفسكي الفرنسي .لقد دافع عن احملاكمات الستالينية ،في حني كان اجلنرال برمياكوف ،صهر إل��زا تريولي، أح��د املتهمني .لقد آم��ن أراغ����ون بكل ذل���ك .باسم معاداة الفاشية .قال يوما« :هل لي أن أقطع اليد التي كتبت هذه األشياء؟ أراغون شخصية مأساوية في تراجيديا الشيوعيني». بعد ثالثني سنة على رحيل «مجنون إلزا» ،سنتذكر أشعاره التي تغ ّنى بها كبار املغنيني الفرنسيني، أمثال براسنس وليو فيري ،سنتذكر رواياته وأفكاره املقاومة .لذلك يبقى أراغون شخصية متع ّددة ،ميكن
مرئيـات
أفكار
ما بعد اإلنسان سنة ..2050عندما يصير اإلنسا ُن إنسانا أعلى ()1 ترجمة :محمد أسليم سلسلة من البحوث العلمية يقدّمها ويترجمها الكاتب والباحث املغربي محمد أسليم ،على حلقات ،تنقل ألول مرة إلى العربية على جريدة «األخ���ب���ار» ،ح���ول ن��ظ��ري��ات م��ا ب��ع��د اإلن��س��ان. فاإلجنازات التكنولوجية تغزو حياتنا إلى حد ستخلق معه نوعا بشريا جديدا .هذا هو أمل أنصار حركة اإلنسانية العابرة ،وهي عائلة من الباحثني ورثة اخليال العلمي وق َّناصو اخللود. وقد التقت مجلة « »L'illustreبأحد سفراء احلركة. كزافييه فيليب2012 - 02 – 15 ، «م��زي��دُون» ،األط��راف االصطناعية، كلنا بش ٌر َ وأج��ه��زة ض��ب��ط ن��ب��ض��ات ال��ق��ل��ب ،وال��ع��دس��ات الالصقة تصلحنا ،وتخفف آالم��ن��ا ،وتصحح وتضع قليال من النعومة على قسوة عيوبنا، ُ وجودنا األرضي املفتقد إلى الكمال .ولكن هل ��س��نَ أنفسنا إل��ى درج��ة تغيير ميكننا أن ن��ح ِ ّ طبيعتنا ،بحيث نصير أك��ث��ر ذك���اء وقابلني نجُ��م��د ،وم��ا بعد لإلصالح ،واإلن��ع��اش بعد أن َّ إنسانيني؟ ثم ،هل هذا ضروري؟ ��ب ع��ائ��ل��ة من ف��ي م��ف��ت��رق ط���رق ال��ع��ل��م ،جت��ي ُ يتسمونَ باإلنسانيني العلماء بنعم بدون عُ قدَة. َّ العابرين ،Transhumanistesوهم يتحدرون في أغلبهم من تربة الثقافة األمريكية املضادة ل��س��ن��وات ال��س��ت��ي��ن��ات ،وي��ت��غ��ذون ف���ي معظم األحيان من رواي��ات اخليال العلمي ،معلمون في بعض األحيان ،و ُرؤ َي��اوي��ون شيئا ما ،كما أنهم علماء متمرسون ،بيولوجيون وفيزيائيون أو فالسفة .لهم جامعاتهم اخلاصة في وادي السليكون (جامعة راي كورزويل اخلصوصية)، أو في أكسفورد (معهد نيك بوسطروم إلنسانية املستقبل). وق���د ال��ت��ق��ت م��ج��ل��ة « »L'illustreبجوليو ُ حيث ُيقيم، بريسكو ( 45عاما) في بودابست، هو من أنصار اإلنسانية العابرة حتى النخاع، أصلع قليال ،م��ن أج���واء ودي��ة ولطيفة ،ورب عائلة ،فيزيائي ومهندس معلوماتي ،وعضو سابق في « ، »CERNوعمل في وكالة الفضاء األوربية ،وهو اليوم مستشار في مجال الواقع االفتراضي .يقولَّ : «إن تعديل اإلنسان جذريا باستخدام التكنولوجيات اجلديدة ،هو ممكن ومرغوب في آن واح��د» .وق��د قمنا معه برسم بورتريه اإلنسانية .2.0 قبل ذل��ك ،ال ب��د م��ن جرعة م��ن البراغماتية. م���ا ُي��ض��ف��ي ع��ل��ى ح��ل��م اخل���ل���ود ع��ن��د م���ا بعد اإلنسانيني ،صبغة الواقعية هو القدرة الهائلة التي يكتشفها ويطورها اليوم ما ُيسمى بتقارب «اإلن بي إي سي ،»NBICأي تكنولوجيا النانو وال��ت��ك��ن��ول��وج��ي��ا ال��ب��ي��ول��وج��ي��ة وتكنولوجيا املعلومات والعلوم املعرفية .والنمو الهائل ال��ذي تعرفه البحوث في مجال التكنولوجيا املعلوماتية دال في هذا الصدد :فقوة احلواسيب تتضاعف في كل ثمانية عشر شهرا. وقد أعطانا اخليال العلمي ألف حملة عما ميكن لإلنسان أن يكونه في عام 2050وما بعده ،من فيلم شفر ُة ع�� َدّاء إلى شريط تقرير األقلية ،من رح��ل��ة إل��ى م��رك��ز ال��ذاك��رة ،إل��ى فيلم ال��ص��ورة الرمزية .كيف يرى ما بعد اإلنسانيون تطورنا؟ أي مظهر سنأخذه وأي قدرات ستكون لنا؟ هل سنكون سايبورغات بدماغ بشري؟ أم سنكون على العكس أجسادا بيولوجية تدعمها وتشرف عليها أجهزة حواسيب؟ هل نحنُ فعال بصدد القطع مع الداروينية ،وعلى استعداد لتغيير تراثنا اجليني لتغيير نوعنا البشري؟ شاب وقوي جسد ّ لسنا غ��ي��ر ق��اب��ل�ين للكسر ،ولكننا قابلون
ل��ل�إص��ل�اح .وب��ف��ض��ل ال���ت���ق���دم احل���اص���ل في مجاالت طب العظام وصناعة اإلن��س��ان اآللي والسيبرنطيقا ،ميكن القول إن اإلنسان البيوني الذي ميزج بني البيولوجيا واإللكترونيك ،هو م��وج��ود بالفعل .ففي مختبرات «أوت���و ب��وك» بالنمسا الرائدة على مستوى العالم في صناعة األطراف االصطناعيةَّ ، مت جتهيز شاب بأطراف اصطناعية روبوتيةُ ،يتح َّك ُم فيها بالفكر ،بعد أن فقد ذراعيه على إثر صعقة كهربائية. اختيار المرء لجسده يتيح ه���ذا ال��ن��وع م��ن ال��ت��دخ��ل ذي املنحى َ جعل امل��رء قويا مثل الروبوتات، اإلصالحي، كما ه��و احل��ال -وإن بطريقة أكثر تواضعا مع الهياكل اخلارجية التي طورتها جامعة«بركلي» لصالح اجليش األمريكي ،والتي تتيح للجندي اخلارق أن يحمل أثقاال هامة في جبال أفغانستان بدون تعب .في الرياضة ،تثي ُر حالة الع َدّاء اجلنوب أفريقي أوسكار بيستوريوس، الذي َّ مت جتهيزه بطرفي كربون اصطناعيني، مسألة احلدود بني اإلنسان املُ َر َّقى تكنولوجيا، ومنافسه العادي الذي لم يخضع ألية زيادة .إذا كان األول يجري أسرع من الثاني ،فهل تكونُ َّ ستتحطم األرقام القياسية عاهته امتيازا له؟ هل العاملية للعدو مستقبال ،بفعل عمليات بتر الساقني الطوعية وتعويضهما بسبائك خفيفة؟ صم َمت الباحثة الهولندية في مجال آخر، َّ جليلة السعيدي ،التي تعتبر نفسها من فناني «البيو آرت» (أي الفن البيولوجي) ،جلدا بشريا من حرير العنكبوت ،هو من القوة بحيث ال تخترقه رصاصة مس َّدس ُتطلق بسرعة 923 مترا في الثانية .ويبقى َّ أن جميع هذه الثورات التكنولوجية الصغيرة ،التي يأمل اإلنسانيون العابرون في تنفيذها على اجلميع ،ليست سوى ال��ش��رارة اخلفية لطرحهم املتمثل في الفكرة املذهلة ،وهي أن ُيص َن َع اإلنسانُ بدل أن يو َلد. الرجوع إلى الشباب أو العيش ألف عام تعرف األدوي��ة املضادة للشيخوخة بدورها، ازده����ارا كبيرا ومفاجئا .ف��ي ه��ذا امل��ج��ال ،ال مجال للمقارنة بني إجن���ازات سجل التغذية، وأم���راض ال��غ��دد ال��ص��م��اء ،وال��ط��ب التجميلي واإلمكانيات التي توظفها البحوث في بيولوجيا الشيخوخة .ففي عام ،2010حقق معهد مكافحة السرطان في مدرسة الطب بجامعة هارفارد، إجناز تشبيب فئران ،إذ أوقف الباحثون إنتاج جزيئة ال��ت��ي��ل��وم��ي��راز ،ال��ت��ي ُت��ف��رزه��ا ال��ف��ئ��رانُ بشكل طبيعي ،والتي تبطئ عملية الشيخوخة. وبإعادة تنشيطها ،الحظ الباحثون َّ أن الدوائر العصبية ال��ت��ال��ف��ة ل���دى ف��ئ��ران ال��ت��ج��ارب قد استعادت وظائفهاَّ ، وأن الفئرانَ قد استعادت خصوبتها وأعضاء الطحال والكبد واألمعاء لديها قد جت�� َدّدت .وكانت تلك هي املرة األولى ال��ت��ي ُي�لاح��ظ فيها َّ أن س��ي��رورة الشيخوخة هي ذات طبيعة قابلة للعكس .لقد َّ وضع مت ُ الفكرة في سيناريو فيلم قصة بنجامني باتون الغريبة ،حيث يستعيد البطل (براد بيت) شبابه مبرور الوقت .هي فكرة ال تزال مجرد استيهام بالنسبة إلى اإلنسان ،ولكن أوبري دي غراي، وه��و إنساني ع��اب��ر بريطاني متخصص في بيولوجيا الشيخوخة عصامي ،هو من نوع من العلماء أشباه املجانني ،له هيأة هيبي ،و ُيجري أب��ح��اث��ا على امل���دى ال��ط��وي��ل ف��ي علم ال��وراث��ة اجلزيئية وبيولوجيا اخلاليا ،جلعلها حقيقة واق��ع��ي��ة .وق��د ح��دد مشروعه« »SENSسبعة أسباب للشيخوخة ،باعتبارها مرضا ،ويهدف إلى متديد متوسط عمر اإلنسان جذريا ،عبر حتييد املجموعات اجلينية التي تتسبب في إتالفنا .وي��رى أوب��ري دي غ��رايَّ ، أن اإلنسان ُ سيعيش ألف عام ،هو موجود بيننا اليوم الذي بالفعل.
األخبار
الفنانة أمينة بنبوشتى بورتريهات فوتوغرافية بال وجه
ص��ور فوتوغرافية لبورتريهات ام���رأة ف��ي أمكنة متع ّددة، بعضها ملتقطة في صالونات مغربية أنيقة وبقفاطني مغربية، لكن املدهش أننا ال نرى وجهها أبدا ،عوض ذلك نراها تخفيه بأباجورة أو حتفة فنية .إنها سلسلة من األعمال الفوتوغرافية عرضتها الفنانة املغربية أمينة بنبوشتى بـ»ماتيس أرت غاليري» بالدار البيضاء .ويبدو أن الفنانة حتاول التعامل مع فضاءات حتيل إلى هوية مغربية ما ،وتستعمل األشياء األكثر حميمية وقربا من الذاكرة. أمينة بنبوشتى من مواليد 1963بالدار البيضاء ،من أب مغربي وأ ّم فرنسية ،حاصلة على دبلوم في األنثروبولوجيا والدراسات الشرق أوسطية بجامعة ماك غيل مبونريال الكندية سنة ،1986كما أنها كانت حتضر كمستمعة حرة إلى دروس املدرسة الوطنية للفنون اجلميلة بباريس ،ما بني سنتي 1988و ،1990وكانت تدير مجلة « »Les Alignésاملختصة في الثقافة واملوضة. عرضت أمينة بنبوشتى أول أعمالها الفنية سنة ،1986وه��ي جت�� ّرب إل��ى جانب الفن التشكيلي وسائط أخرى ،كمن قبيل الفيديو والفوتوغرافيا وفن التجهيز .يعتبرها بعض النقاد أقرب فنيا إلى الفنان املغربي فؤاد بالمني. فلوحاتها التشكيلية تبدو وكأنها غير مكتملة ،أو أنها فكرة أولية ملشروع لوحة ،لكنها بدأت ،في السنوات األخيرة ،ترسم لنفسها مسارات جديدة أكثر عمقا ،وتنفتح على الفضاء وتقنيات جديدة .ففي تقدمي ملعرضها بعنوان «املساحة والقلب» ،يقول عنها الكاتب والناقد الفني برنار كولي ،املولود بالدار البيضاء واملقيم بفرنسا ،والذي أشرف على العديد من املعارض الفنية املغربية« :إنها أبعد عن كل إغراء أو لون مغرق في اجلمالية ،وتزعج عن طيب خاطر مسبقا كل ذوق ..تدفعنا أمينة بنبوشتى إلى عالم ذهني ،حيث نرى آثار الهوية والذاكرة، وأيضا إمياءة جسد قدمي يتح ّرر».
نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق
تأمـالت أمريكيـة ال أخطر من هذا األدب الذي يخضع جل��دل ال��دورة االقتصادية ..إن��ه فاسد وم��ل��وث ال أث���ر ف��ي��ه للعمق الفلسفي املطلوب من األدب أن يقعره!.. >>>>>
خالد سليكي
ال��ع��ق�لان��ي��ة ال��غ��رب��ي��ة م��ل��وث��ة بكل اخل���ص���ائ���ص ال���ب���دائ���ي���ة ل�ل�إن���س���ان: عدوان ،مصلحة ،خرافة ،مركزية ..أما العقالنية العربية فـ«سحرية» في أحسن أحوالها!!.. >>>>> اليومي األمريكي رتيب في عمومه، ت��ك��راري بسبب ح��ال��ة ال��ف��ردن��ة ...كل السلوكات تخضع للقانون ..المجال للحرية إال في حدود عواملك الداخلية.. أما اليومي العربي فمدمر وآل��ة لهدر ال��وق��ت ،وال��ع��م��ر ،واس��ت��ن��زاف الطاقة مجانا ...في حني يبقى السلوك خاضعا ل��ل��م��زاج والم���ك���ان ل��ل��ف��ردن��ة..اجل��م��اع��ة وحدها صاحبة الكلمة!.. >>>>> ه��ن��اك دورات تكوينية ف��ي الكتابة السردية والشعرية والنقدية ..إن كانت حتمل ف��ي ظ��اه��ره��ا ازده����ارا للثقافة األدبية األمريكية وحبها ،فإنها جتلي درج���ة ال��ف��س��اد ال���ذي ط��ال ك��ل مناحي احلياة وجعلها مجرد دورة اقتصادية.. كل شيء فيها خاضع للبيع والشراء.. ص��ارت ثقافة «البست سيلر» سلعة رائجة..
ال��ف��رد ه��و ال���ذي يهمش اجل��م��اع��ة.. وليس أم��ام اجلماعة س��وى أن تلتزم باحترام القانون وحرية الفرد!.. >>>>> تتحدث إل��ى أم��ري��ك��ي أو أمريكية.. هو/هي غير معني بأخطائك اللغوية إذا ارت��ك��ب��ت��ه��ا ،ل��ي��س م��ث��ل الفرنسي املريض بلغته التي يخشى عليها من االنقراض ..يؤمن األمريكي بأنه مجرد سليل ملهاجر جاء إلى العالم اجلديد بلغة غير اإلجنيلزية ...إنه يتكلم لغة هو بحاجة دائمة إلى تطويرها ..يريدك أن تساهم في تطويرها بانزياحاتك كي يتخلص من االستعمار اللغوي!..
>>>>> ال أح��ب ن��ي��وي��ورك ،ألنها جعلت من احلرية مجرد مزار يلتقط فيه السياح ص���ورا ل��ل��ذك��رى .لكني أح���ب حريتي ف��ي ش���وارع مانهاتن وس��ط الصخب واملارين ...حيث تقف لدقائق كي تشرب ك��أس قهوتك ،فتمر أم��ام��ك ك��ل أن��واع املالمح البشرية .العالم كله تختزله قطعة أرض وقطعة زمنية ...إنها متحف لتاريخ اللحظة!.. امل����رأة ،ج��س��دا ،ضحية الرأسمالية املتوحشة والعقل الذكوري القضيبي ال����ذي ي��ت��ج��س��د ب��ك��ل م��ظ��اه��ر الضبط والهيمنة ..واحلركات النسائية تواجه، تقاوم ،وتفضح من أجل حترير اجلسد األن��ث��وي م��ن «ال��ت��س��ل��ي��ع» ،ال���ذي طاله من قبل االقتصادي السياسي للعقل الرجولي.. لذلك ،ليس هناك يوم عاملي للمرأة..
2
السنة كلها نضال من أجل التحرر من الوعي القضيبي البطرياركي! >>>>> الثقة منعدمة في أمريكا ،كما في باقي املجتمعات .وكل معاملة ،أو سلوك ،أو تصرف ،ينبغي أن يكون حتت طائلة القانون.. لكن القاعدة العامة واملبدئية مؤسسة على الثقة! مي���ك���ن���ك أن حت�����ل ك�����ل م���ش���اك���ل���ك ع���ب���ر ال����ه����ات����ف ،واحل�����ص�����ول ع��ل��ى ق�����روض أو ت��س��ه��ي�لات ب��ن��ك��ي��ة عبر الهاتف.. لم يطلب مني ،أب��دا ،عقد ازدي��اد أو شهادة سكنى!.. ك��م تصبح احل��ري��ة وال��ث��ق��ة سالحا خطرا على الفرد إن لم يتعامل معه بكل أنواع القيود.. ت��ص��ب��ح احل���ري���ة ه���ي ال��س��ال��ب��ة لكل احلريات! >>>>> كثير م��ن األص���دق���اء ال��ع��رب ،س��واء ال��ذي��ن يقيمون أو ال��ذي��ن ج���اؤوا في رحلة سياحية ،مثقفون وغير مثقفني.. يصابون بنوع من اإلحباط ..فأمريكا التي في تصورهم غير الواقع.. ثمة مثل مغربي بليغ يقول« :السوق أنت وما تسوقت» ..لكنني أعتقد ..بناء على معطيات ودراسات ،أن «الصعقة»، والصدمة ،والدهشة ،وخيبة االنتظار مطلوبة! لن أشرح ولن أخوض في التفاصيل، إمنا يروق لي أن أشير إلى مثال السيد قطب؟! والتحول ال��ذي ط��رأ عليه بعد عودته من أمريكا ،وبعد اإلقامة فيها ملدة.. كاتب وباحث مغربي مقيم بأمريكا
الملحق الثقافي
14
العدد l 47الخميس 10يناير 2013
رحيل الشاعر المغربي حفيظ بودى :أشعاره ورسائله الصادمة تنشر ألول مرة
دريئة العدد
عاش في مغارة وأكل من مزبلة وأمّه اضطرت وعمرها 72 سنة إلى العيش في مقبرة وممارسة الدعارة
إعداد :هشام فهمي أقرأ هذه األيام على حائط «الفايسبوك»، أن الشاعر املغربي حفيظ بودى قد رحل. اخلبر تناقله بعض الشعراء ،لكنه بقي خبرا غصة في احللق. مع ّلقا وغير مؤكد ،يشبه ّ بعدها كتبت للصديق الذي أعلن عن اخلبر، ّ فأكد لي أن حفيظ بودى ترك فعال احلياة، وانصرف إلى شؤونه اخلاصة. اليوم تخصص «األخبار» ملفا عن الشاعر املغربي الراحل ،سنقرأ له مختارات شعرية من ديوانه األول «هكذا تك ّلم جوبا» ،وسنقرأ أيضا بعض أشعاره من مخطوطة «أشعار احلكومة البيضاء» ،التي لم يسبق نشرها، مع الكشف عن أفكاره ورؤيته الشعرية ،من خالل بعض مراسالته التي تنشر ألول مرة.
به املجموعة .على أية ح��ال ،ما يأسر في املجموعة ،هو بساطة تصميمها املنسجمة مع بساطة لغوية ال تدّعي أي شيء ،حتى الشاعر ال يعلن عن نفسه بأنا متضخمة ،بل هو شاعر حسب دورة الطبيعة واملزاج ،كما نقرأ في بداية املجموعة« :عند كل خريف أحتول إلى شاعر/يكتب لنفسه فقط» .إنها ّ ٌ جمل صلبة ومقتضبة تعمل بعمق على احلفر في الذات وخبطها بجدار العالم ،فهو يقول في هذا املقطع« :عصر شاحب زائف جندي/غالبا ما تتصل إرادتي بعبث قاتل». سنالحظ منذ البداية أن عنوان املجموعة الذي يحيل على الكتاب النيتشوي« ،هكذا تك ّلم زرادشت» ،يضعنا مباشرة في العالم الفلسفي للشاعر حفيظ بودى.
وليس من الشرق والغرب ،هذه مجرد عالقة وتاريخ دولي ومكسب يخصنا ،أي شعب ينطلق ويبدأ من زمنه األول في جغرافيته، في حني تستمر شمال إفريقيا الوحيدة عامليا ،التي تفكر مبعطيات تاريخها العام وفضائه اخلصب ،الضامن لعلمانية وطنية غير متناقضة مع أي نص من نصوصها امل��ك ّ��ون��ة للعقل امل��غ��رب��ي ،ب��اع��ت��ب��اره عقال فلسفيا تنظيميا ومرجعيا .عندما جلست في مغارة ألكتب هذا الديوان ،كان شعوري أنني مقبل على إجناز صوت أركيولوجي ون����ص ج���ن���وب���ي ،ل��ط��ب��ي��ع��ة اه��ت��م��ام��ات��ي واح��ت��رام��ي لقضيتي ،وح��دي كالثلج ،إن جتربة الهامش أخي بتكاليفها الرهيبة.. عندما تكون القضية بوضوحها الفلسفي.
ال أعاني سلطة األدب ال حزب ال نقابة ال تصويت
الرسالة الثانية :أنا لست عربيا ..المغربي إفريقي أمازيغي متوسطي
رسالة إلى «الغارة الشعرية» توصلت «الغارة الشعرية» سنة ،1999 ّ برسالة من شاعر مغربي ال يعرفه أحد، اسمه حفيظ بودى .ثمة لعنة تالحق الكثير من الشعراء املغاربة احلقيقيني ،فقد يقضي الشاعر دهرا دون أن يسمع عنه أحد« ،يكتب لنفسه فقط» ،كناسك في دير مهجور ،وحتى عندما يصدر كتابه األول ،تظنّ أنه أطلق بيانا شعريا ضد نفسه وضد العالم. أده��ش��ن��ي ن��ص حفيظ ب���ودى ال��ش��ع��ري. لم يكن يعنيني أن أتعرف على الشخص. وأع��ل��ن��ت ص��داق��ت��ي م��ع ن��ص��وص شعرية ملفتة ،ومختلفة متاما عما ُيكتب من شعر مغربي .قرأت ديوانه الشعري األول «هكذا تك ّلم جوبا» ،وبعدها وجدت نفسي مدفوعا نحو الكتابة إليه والكتابة عنه .أحسست كتفي .فكتبت بثقل أش��ع��اره يسقط على ّ عنه بعض السطور وأرسلتها إلى جريدة «ال��ق��دس ال��ع��رب��ي»ُ ،ن��ش��رت ف��ي ع��دد نهاية األسبوع ليومي 25 - 24أبريل من سنة ،1999بعنوان «زمني خارج املساحة».
هكذا تكلّ م حفيظ بودى حفيظ ب���ودى ،شاعر م��ن مواليد 1960 مبدينة األسف الكبير ،آسفي .اشتغل معلما وكان مصابا بداء السكري ،حسب ما ورد في رسائله وقصيدة له بعنوان «ي��وم مع األنسولني» ،والتي أهداها لطبيبه .صدرت مجموعته الشعرية األول���ى سنة ،1997 ب��رق��م إي����داع ق��ان��ون��ي ،1998/ 724عن مطبعة الكتاب بآسفي ،على غالفها جند العنوان التالي «الديوان اجلنوبي ،هكذا تك ّلم جوبا» ،مذ ّيل بتاريخ كتابة النصوص ما بني سنوات 1990و .1997عدد صفحات امل��ج��م��وع��ة خ��م��س وس���ت���ون ص��ف��ح��ة ،في الصفحة األول��ى عنوان يفتتح املجموعة «أكتب من حيث أنني ميت» ،ويتوزع الباقي على خمسة عناوين رئيسية أو خمسة كتب، من «الكتاب األول» إلى «الكتاب اخلامس»، تليها عناوين فرعية ،لكن ثمة ارتباك في وضع العناوين ،غير أن جماليتها تشفع لها ،مثلما نعثر في صفحة 41على صفحة بيضاء بعنوان «الديناصور» ،فال نعرف إن تخلى عن التقسيم اخلماسي للكتب ،أم أنه يستأنف بعنوان جديد مثل األول الذي بدأ
طرد الفيلسوف أفالطون الشعر والشعراء م��ن جمهوريته .ك��ان ي��رى أن��ه��م مز ّيفون للحقيقة ،ويحاكون عاملا موجودا فقط في خيالهم .رغم التقاطب بني عاملي الفلسفة وال��ش��ع��ر ،إذ ينهل األول م��ن ال��ل��وغ��وس والثاني من امليتوس ،فإنهما يلتقيان في تأمل ال��ع��ال��م ،وه��و م��ا حت��دث عنه رامبو بالفصل بني شعر الرؤية والرؤيا .فحفيظ ب����ودى ي���ب���دو ،ف���ي ال��ك��ث��ي��ر م���ن ق��ص��ائ��ده، شاعرا رائيا يستشرف العالم ويحضنه في املستقبل ،يقول في قصيدة «املغارة»: «هنا ال شيء يحيط بي/غير أفكاري/الذات وعاء مطلق لتواجد /الوجود /للنطق باسم العالم /باسم اخلوف األخير» .مثلما هي قصائد حفيظ ب��ودى تعكس قلق الشاعر الفلسفي في عالقته بالذات واآلخر والعالم، فمقاالته ورسائله ،أيضا ،تكشف بوضوح ��وح��د ،يحمل أف��ك��ارا أن ه��ذا ال��ش��اع��ر امل��ت ّ مختلفة وأحيانا غريبة وض ّد التيار .يقول في رسالته« :لم أكن أبدا شاعرا ينتهي في األدب ،ال على مستوى التكوين وال االهتمام، واملرجعيات ،وهذا مهم جدا توضيحه» ،ثم يضيف قائال« :إنني مواطن مبدع يراقب ويختلط ثم يح ّلل ذلك بالكائن البعدي الذي يطبعني ،داخل فضاء فلسفي وشخصي». الشاعر حفيظ ب��ودى يعلن عن نفسه في القصيدة كما ف��ي ال��رس��ائ��ل ،ب��أن��ه شاعر مختلف يقطع مع السائد ،ونفهم كيف أن بحثه عن حرية الفكر والذات جعاله خارج كل السلطات الثقافية واالجتماعية .يقول علي، في رسالته« :ال أعاني من سلطة األدب ّ ال حزب ،ال نقابة ،ال تصويت ،ال جمعيات، مواطن ي��رى ما يستطيع وانتهى األم��ر». ه��ذا درس شعري كبير ،يبدأ باستقاللية الذات ،لينتهي إلى حت ّرر النص ،فال مت ّيز وال انفراد إبداعيني ،دون حتصني الذات وبحثها الدائم عن حريتها واستقالليتها.
شاعر يسكن مغارة ويأكل من تضطر و عمرها 72سنة وأمه مزبلة ّ ّ إلى ممارسة الدعارة في مقبرة يحكي حفيظ ب��ودى في إح��دى رسائله،
أن��ه ك��ان يشتغل مع ّلما ،إذ إن��ه عُ �ّي�نّ بكل م��ن ت���اف���راوت وم��ي��ر ال�� ّل��ف��ت ،ب�ين س��ن��وات 1982و ،1986وانتقل إل��ى مدينة آسفي واستق ّر بها بني سنوات 1987و،1999 بعدها سيتع ّر ض لتوقيفات ع��ن العمل بدون أجرة ،ال يذكر أسبابها بني سنوات 1991و .1997امل��ؤل��م أن��ه سيتش ّرد ،مما بأمه العجوز سيجعله ال يستطيع التك ّفل ّ التي انفصل عنها أبوه ،الذي كان جنديا، سنة ،1975ليضطر إلى السكن في مغارة، واألكل من األزبال مباشرة (انظر الرسالة أمه ،مضط ّرة ،إلى العيش املرفقة) ،وستلجأ ّ وممارسة ال�� ّدع��ارة في مقبرة وه��ي ام��رأة عجوز .املفجع أن هذه املرأة كانت مقاومة، لكن ال أحد اعترف لها بذلك ،رغم أنها كانت تنتمي إل��ى ح��زب االستقالل ،ثم اشتغلت خ��ادم��ة ف��ي ب��ي��وت ال��ي��ه��ود والفرنسيني والبرتغاليني واإلس��ب��ان ،بعدها أصبحت عاملة مبصانع ال��س��ردي��ن .يقول الشاعر حفيظ بودى في رسالة له« :أبي انفصل عن والدتي منذ سنة .1875عشت معها ،ثم تك ّفلت بها ،وعند سنة 1990سوف نتش ّرد، وقد توفيت أثناء التوقيفات بعد إصابتها بالسكري ،وقد تشردت هي كذلك وأصبحت وحتولت إل��ى عاهرة رغما تسكن املقبرة ّ عنها وعمرها 72سنة .أن��ت تعرف أخي عالم املقبرة ..مقابل عيش!! وعاشت حقوق سويت وضعيتي بكل اإلنسان !! بعد ّ 1998 برودة ..بعد أن جرحت في كرامتي كمواطن وإنسان». ك��ل ه���ذه ال��ف��ظ��اع��ة ال��ص��ادم��ة وال��ت��ي ال ���ص���دّق ،ع��اش��ه��ا ح��ف��ي��ظ ب����ودى ل��وح��ده، ُت َ مواجها مصيره املغربي األس��ود ،وكأنها لعنة ال تقاوم نلمسها في نصوصه الشعرية املكتوبة بصدق كبير .ونحن نقرأ حلفيظ
ب��ودى ،نلمس تلك امل��رارة وهي تنغرز في اللحم ،كأنها مشي بقدمني حافيتني على زج��اج مكسور .إن��ه إحساس باالضطهاد سيتحول إل��ى سخط سياسي ،سنكتشفه ّ واض��ح��ا ف��ي مخطوطته «أش��ع��ار حكومة بيضاء» ،التي ننشر منها بعض القصائد ألول م���رة ،ع��ن��وان امل��ج��م��وع��ة يحيل إل��ى صعود حكومة التناوب نهاية التسعينات، لذلك سيفتح بودى النار في قصائده ،على بعض الوزراء والسياسيني بسخرية الذعة. الشاعر املغربي حفيظ بودى اسم متف ّرد في الشعر املغربي ،لغته ال تشبه إال نفسها، وهو أحد رموز الهامش الثقافي املغربي بدون منازع.
الرسالة األولى :لم يسبق لي أن قرأت ديوانا مغربيا واحدا أخي الكرمي هشام فهمي ف��رح��ت أخ��ي ب��رس��ال��ت��ك ،وه��و تقدير لن أنساه أب��دا ،وكما اكتشفت شاعرا ،أشعر كذلك بأنني وجدت ناقدا بعديا قادرا على إنتاج مت ّيزه النقدي ،ناقدا ق��ادرا نفسيا وفلسفيا ع��ل��ى اخل����روج ب��وع��ي الكتابة األدبية باملغرب ،من متخيل نقدي تاريخي إل��ى متخيل نقدي بعدي بثقافة التاريخ العام للمغرب ،ليس فقط مبضمون الدورة اآلس��ي��وي��ة العامة التي ميارسها املغرب منذ 15قرنا ،كمرحلة لعقل مغربي شرقي وطني مفتوح ،يعلن اآلن نهاية دورته في التاريخ الوطني ،متاما كاملراحل السابقة التركيبية ،وأن املستقبل واحلداثة واملناعة الفلسفية رهينة مبضمون وحدة التاريخ العام للمغرب ،منذ أركيولو جيته األولى
املمكنة ،وباستمرار وجودنا في التاريخ واجلغرافيا وطبيعة النصوص املستعملة. لم أكن أبدا شاعرا ينتهي في األدب ،ال على مستوى التكوين وال على مستوى االهتمام، وامل��رج��ع��ي��ات ،وه��ذا مهم ج��دا توضيحه، وأستطيع أن أقول لك ،أخي هشام ،إنه لم يسبق لي أن قرأت ديوانا مغربيا واحدا، كما أنني ال أنتمي إلى الثقافة التعليمية ومواضيعها التي أش��رف��ت طيلة م��ا بعد االس��ت��ق�لال ،على معظم ت��وج��ه��ات العقل الثقافي املغربي .إنني مواطن مبدع يراقب ويختلط ثم يح ّلل ذلك بالكائن البعدي الذي يطبعني ،داخل فضاء فلسفي شخصي. م��ن أي��ن أس��ت��م�� ّد غنائيتي؟ م��ن جهازي النفسي باعتباره تاريخا شخصيا وتاريخا عاما ،إن الكتابة بشخص املواطن ،الواضح طبقيا وفلسفيا وجماليا تعلو بداخلي على مصطلح مثقف ش��ع��ري مم��ك��ن .ال أعاني علي ،ال ح��زب ،ال نقابة، من سلطة األدب ّ ال تصويت ،ال جمعيات ..مواطن ي��رى ما يستطيع وانتهى األمر ،إن شعوري مييل إلى االستقالل ،ما دمت قد حققت لنفسي حريتي الفكرية ،بفضل «املواطن» النظري الذي قاد أسئلتي ومزاجي وعالقتي بالثقافة املغربية املعاصرة التعليمية اإلنشائية والشرقية والفرنسية واالشتراكية وال ّليبرالية ،مثل جميع املواطنني الفاعلني ،ألنهم متع ّلمون ومبواقف وعقليات وأقدار. أخي يستحيل أن ينتج امل��غ��ارب��ة نصوصهم التأسيسية للوعي والفكر والعالقة ،إذا لم ينتقلوا نفسيا وحضاريا إلى التفكير اخلاص والعام ،من خالل فضاء تاريخهم العام ،كما اكتشفته بداخلي ألغترب داخلي. أص��ول��ن��ا اإلب��داع��ي��ة م��ن األرك��ي��ول��وج��ي��ا
ع��ن��دم��ا ت ّ ��ط��ل��ع ع��ل��ى الصفحتني م��ن 24 إل��ى 34ستق ّرر ف��ي ش��أن ه��ذه الصداقة، ���س .التاريخ ال��ع��ام يعرفنا على هكذا أح ّ الكائن اليهودي الذي يوجد داخل مكونات الشخصية املغربية ،ووحده النص الشرقي حوله فلسفيا ،إلى «آخر» خارجي .إنني فينا ّ أتعقل الشرق مبعطيات الشخصية الوطنية، وليس من خالل الوعي الشرقي جتاه نفسه، وهذا هو املهيمن بفضل سياسيني ومثقفني قادوا هذا القرن الفكري املغربي ،في غياب وعي ذاتي مستقل نظريا وفلسفيا. أنا لست عربيا ،املغربي إريقي أمازيغي متوسطي ،ومستعمل تاريخي لنصوص القوى االمبراطورية الزراعية البحرية ،ثم تلميذ فقير أم��ام ظاهرة العلم واالقتصاد واحلداثة والتنظيم ،وال يعرف ماذا يريد. إن قيامي بإحالل األركيولوجيا الوطنية م��ح��ل األس����ط����ورة وال��ل�اه����وت ال��ش��رق��ي، ضمن بنية لغتي العربية ،سوف جتعلني خ���ارج سلطة اإلب��داع��ي��ة الشرقية ،م��ادام مضمون تاريخنا العام هو نفسه سلطة اإلب��داع��ي��ة امل��غ��رب��ي��ة ،م��ن ح��ق النصوص الشرقية أن تصطدم ببعضها البعض في مكانها الطبيعي ،ال في األماكن الطبيعية لآلخرين .إن االستقالل الفلسفي عن فلسفة التاريخ الشرقي متكنني من اتخاذ موقع موضوعي ،فاليهودي ليس عدوي الفلسفي ألنه واضح فلسفيا ،كذلك الشأن بالنسبة إلى الفلسطيني ،أو أي جماعة بشرية. صديقي الكرمي طريقي ليست سهلة ،لكن إرادتي واضحة، إننا في حاجة إل��ى مدرسة فكرية بعدية ميارس بها الواقع املعرفي فائض خبرته احل��ض��اري��ة ،ب��ال��ت��اري��خ واألن����ا وال��ت��ط��ور، بأجياله اجلديدة والقادمة مع احترامي وتقديري الكبير ،إن تعارفا مباشرا مفيد لنا. يشير ال��ش��اع��ر ه��ن��ا إل���ى ق��ص��ي��دة ضمن مجموعته الشعرية «هكذا تك ّلم بودى» لم تكن معنونة ،لكنه يضيف إليها العنوان التالي ب��خ ّ ��ط ي���ده« :ال��ي��ه��ودي��ة اجلميلة»، ويعتقد أن ذلك سيؤثر على صداقتنا ( هشام فهمي)
أكتب من حيث أنني ميت
عصب الكتابة
حفيظ بودى
الخريف رقم I أحتول إلى شاعر عند كل خريف ّ يكتب لنفسه فقط تتنوع املذكرات اليومية إذن ت���ض���ط���رب أم�����ام رائ����ح����ة امل����وت واجلوع واإلهانة عصر شاحب زائف جندي غالبا ما تتصل إرادتي بعبث قاتل فالطيور تقل والغابات تتسمم وفرحتي تتسخ اخل��ري��ف ي��رب��ط ب��ص��ري ب��األرض والطريق يجعل م��ن ال��زم��ن ال��ع��ام سؤالي الفلسفي عن العظام والنحاس والورق وأنا وخلية منل كدست استعدادها بانتظار تصور جديد للسفر بعت كل عاملي اخلاص أنا بدون ذاكرة أو نص ال��زم��ن ت��وق��ف عند أسئلة دائمة احلضور ي��ف��ك��ر ب����امل����اء وال���ل���ع���ب واحل����ب واملساحة هذه الطرقات واألجساد الداخلية تشتتت خرج الطفل من الطفل إن ح��اج��ت��ي الس��ت��ع��م��ال اخلشب ستزداد جنونا بعد أن طردتني مدونة األح��وال الشخصية من حديث املقاهي من جدية البقال وخبزه الصباحي ومن احترام الناس لي كشخص في مالبسه إنه حصار الصمت الذي اختصر األحالم ورم��ى بها داخ��ل معطف شتوي تهابه الرؤوس الدافئة
يفكر بثالث قارات زائد ملح ل���ق���د أص���ب���ح خ���وف���ي اآلس���ي���وي مشكلتي هذه املرة كذلك أنا الذي اشتهي العنب وصحنا لكل راس ف���ي م��ت��ح��ف ب��ط��ن��ج��ة واج��ه��ت��ن��ي ثالثية زمن منفي جوبا كرسي دليل في كيف أكتب بهؤالء ّ وأفتح لذاكرتي زمني؟
غير أفكاري الذات وعاء مطلق لتواجد الوجود للنطق باسم العالم باسم اخلوف األخير هذا التراب الذي يحتويني تلك الفتحة التي أمامي مجال سؤالي بعد نهايتي ل���م أع���د أت���وه���م ال��س��ي��ر ب��اجت��اه املستقبل أنا املستقبل سأقول كلمتي هذا القرن س����أع����رف ظ���ل���ي حت����ت م���ط���ر م��ن صنعي وأبدأ سفري إلى ذلك الكوكب حيث تكفي الرغبة لزرع سنبلة ولسان بقرة
لقطة ساعدني صديق أجلس مبقهى الباهية ش��رط��ي ي��ح��رس ال��ب��ن��ك امل��رك��زي ببدلته فقط ن��ادى على الطفل بائع السجائر وأخذ واحدة ألنه شرطي أض���اف ال��س��ي��ج��ارة إل���ى سجائر أخرى في الصندوق اخلشبي ال��ذي يحميه من الشمس واملطر وعيون املارة ا م���رأة ضخمة تتسول بأناشيد وطنية وطفلها ذو األرب���ع س��ن��وات ف��ي كيس من البالستيك مشدود ب��ح��ب��ل ي�ل�اع���ب ورود احل��دي��ق��ة بصوته أحمق أسود ينظف الشارع شرطي سري يتحدث مع الشرطي الشرطي يشير إلى جيبه يفترقان يأخذ سيجارة أشعل واحدة حزين بشكل مقدس جائع إفريقي خارج تاريخ اخلردة
أفريقي
واليانصيب هاهي أجساد مثلي تناقش يومها اإلسبرطي أحسوا اليوم بجرحي متدفقا على ّ حصيرنا املشترك هذا يؤلف جملة للفرح احملايد ���ي ق��ط��ع��ة خبز ه����ذا ي���ع���رض ع���ل ّ وسيجارة أما ذاك الغريب فكوم نفسه مثل ورق��ة خريف ف��ي انتظار أن يقول شيئا..ثم نام
أي��ه��ا ال��ف��ق��ر ال��ع��ظ��ي��م ف��ي ال��زم��ن الرهيب أيها اجلرح النهائي يا سيد الصقيع وغياب املرايا إنني أث��ن��اء عبور امل�لاي�ين مثلي آلخر رصيف إنني في ظالم الليل وغبار األسئلة يتطاير أملي بحائط شبه أصفر فتدرك العني أنها اللوحة املطلوبة لرصيف وتالل من ورق بغمولة ال فرق بني صندوق أو قبر يعتبر
جسدي لذته القصوى ك��ل��م��ا وط���ئ���ت ق����دم����اه أش��ي��ائ��ي اخلاصة ال���ت���ي ت��رك��ت��ه��ا خ������ارج ق��ب��ع��ت��ي الشتوية الزرقاء هل تساوي الكتابة قضيتي؟ هل لي شجرة؟
المغارة هنا ال شيء يحيط بي
أنا احلياة املوت ال يخيفني أهاجر خارج التاريخ واجلغرافيا والضمير ووطني دفن جماعي أصبح للذباب علم ونشيد وطوابع بريد وألنني مررت من هنا بسؤال ونصف قلب أصبح نصيبي من الكرنفال جرمية أشعار احلكومة البيضاء ح��ك��وم��ة ع��ل��م ن��ف��س س��ن��ة أول���ى داخلي متخزنوا تسلموا ال حتاكموا كثيرا كونوا ،نحن ،كذلك م ّر صيف وخريف انطلق قطار بطاقمه فقط دخل محطة بالتيلكس
استقبله جلباب مت ّزق عن آخره بداخله مقاوم على الرصيف أيتها احلكومة البيضاء حر في سجنه من يتلثم بوطنه!! السيد نوبير املائدة ّ لم يعد في حاجة إلى قراءة املوطأ فاملقاول الهوت اللحظة لذتها ساحرة وكالمه نص حي ساخن كهذه الظهيرة نقابتك طبقة تشققت كراسي قدمية في إسمنت شبه عار يحرسها مناضل بدون أجرة املطران عبد السالم ياسني يخرجون من جلبابك ألنك ال ّ تفكر بهم ويغلب عليك األديب هل أنت رجل دولة معاصر؟ هل تتعقل العالم بالفيزياء بالعقل الشرقي الذي فيك؟ املطران في ديره يتخيل بلذة طفولة توقفت ال شمس ال قصبة أيها الشاعر املمكن غ ّير محل إقامتك؟ لكي تكون رجل دولة فكر بتاريخك العام وامنحك عطلة رومانية كذلك تخيل نفسك في سفينة من خشب غابتك القادمة وقناعك الليلي ال تكن صغيرا أمام عقلك وضميرك وشرفك أيها الرجل اجلديد املاء جاهز
الملحق الثقافي العدد l 47الخميس 10يناير 2013
لكل أجل كتاب
حسن ملهبي
15
نقلها إلى العربية الشاعر المغربي مبارك وساط
نص أندريه بروتون األخطبوطي «نادجا» ّ
ت��ع��س��ف��ي» .وي���واص���ل ب���روت���ون ف���ي آخ��ر الكتاب إدان��ة االحتجاز..« :ف��ع��دم وجود ح����دود واض���ح���ة ،ك��م��ا ه���و م��ع��ل��وم ،بني الالجنون واجلنون ،يجعلني غير مهيئ إلضفاء قيمتني مختلفتني على ما يدفع إليه كل منهما من إدراك��ات وأفكار» .ص.361 ويقر مبا يدين لهذه املرأة بكونه استطاع معها أن يتوجه إلى نفسه« ،إلى ذلك القادم من أبعد البعيد في اجتاه ذاتي ،رافعا من عقيرتي ( )...أهي أنت ،نادجا؟ أصحيح أن العالم اآلخر ،كل العالم اآلخر ،هو في هذه الدنيا؟» ص.361 نص «نادجا» نص أخطبوطي ،تالمس أذرع��ه الكثيرة عدة عوالم في نفس اآلن، وم��ن خ�لال��ه تتأكد ل��ل��ق��ارئ ق��وة وم��ه��ارة بروتون اللغوية واخليالية .فرغم الصرح ال��ن��ظ��ري الكبير ال���ذي ت��ن��ادي م��ن خالله السريالية بالكتابة اآللية ،فإننا نتعرف في هذا النص ،كما في كتابات أخرى ،إلى بروتون «املؤلف» والقارئ الكبير. هذه القوة واملهارة اللغوية ،وهذا أمر البد من التنويه به ،قابلها في الترجمة العربية متاسك قوي لبنية النص ،من خالل ترجمة متينة أجنزها الشاعر واملترجم املغربي مبارك وس��اط ،تتميز برصانتها وبإبداعيتها ،وهذا ليس أمرا غريبا على الذين يتابعون جتربة مبارك وس��اط ،من خ�لال ما راكمه في حقل الترجمة ،ومن خ�لال اخ��ت��ي��ارات��ه للعديد م��ن النصوص الفرنسية العصية على التعريب ،إذ وسم املترجم الكتاب بالكثير من اخلصائص العربية لغوية كانت أو شعرية ،دون إهمال ما أغنى به النص األصلي من هوامش أتت كإضاءات ملا يزخر به الكتاب من إشارات وإحاالت ضمنية. (*) أندري بروتون :نادجا – ترجمة مبارك وساط -منشورات اجلمل 2102
«نادجا» ،هل هو نص روائي؟ ق��د ال يبدو للوهلة األول��ى أن «ن��ادج��ا» ألندريه بروتون ،الذي نقله إلى العربية، الشاعر املتميز مبارك وس��اط (*) ،نصا استثنائيا من منظور ق��راءة راهنة لفن الرواية ،إذ عرف هذا األخير في النصف الثاني من القرن العشرين ،حتوالت كبيرة ف��ت��ح��ت أم����ام ال��ك��ت��اب��ة أراض جتريبية ش��اس��ع��ة ...لكن االستثنائي ف��ي «ن��ص» ب��روت��ون ي��ب��دأ أوال م��ن احل��ق��ب��ة وامل��ن��اخ ال��ل��ذي��ن ص��در فيهما .ف��ف��ي س��ن��ة ،8291 تاريخ صدور الطبعة األولى من «نادجا»، ك���ان ال��س��ري��ال��ي��ون ف��ي أوج���ه���م ،وك��ان��وا في الواجهة الثقافية ألورب��ا التي كانت عاصمتها ب���ار ي���س ،ب��ط��رو ح��ا ت��ه��م التي اتسمت بالكثير من التجاوز والتحطيم، إضافة إلى أنها كانت خالقة. فكتاب «نادجا» للشاعر الفرنسي أندريه بروتون ( ،)6691 - 6981منظر احلركة ال��س��ري��ال��ي��ة األك��ب��ر ،ه��و ج��زء م��ن موقف أكثر شموال يتمثل في إدان��ة السرياليني للرواية كنوع أدب��ي (بيان .)4291وفي هذا السياق ،ميكن اعتبار نص «نادجا» إذن ن��وع��ا م��ن ال��رواي��ة امل��ض��ادة ،رواي��ة ت��دي��ن ال��رواي��ة .وه��و ،إل��ى ج��ان��ب أعمال نثرية أخرى لبروتون ،رهان أمام الكتابة السردية وحول ممكناتها .فبروتون أراد احلسم مع البناء الكالسيكي للشخصيات، ب��خ��وض��ه ل��ت��ج��رب��ة م���ا أس���م���اه «أس��ل��وب املالحظة الطبية» ،حيث الكثير من التقشف األسلوبي مع االبتعاد ،ما أمكن ،عن أية زخرفة لغوية .وسيالحظ قارئ «الرواية» أن الكثير م��ن مقاطعها تتسم بأسلوب ت��ق��ري��ري ،وت��ن��زاح أح��ي��ان��ا إل��ى التجريد الذهني والتحليل النظري ،إذ يبرز فكر بروتون ومعه مواقفه النقدية من العديد من القضايا ،فيما جاءت املقاطع األخيرة من النص بدفق لغوي شعري ونبرة غنائية عالية .هذا إضافة إلى أن الكاتب اعتمد تقنية التصوير الفوتوغرافي ،إذ يضم الكتاب ح��وال��ي خمسني ص��ورة توثيقية لباريس خ�لال عشرينات القرن املاضي، بحاناتها ومقاهيها ومعاملها ،وللعديد من الشخصيات واألحداث (أرادها املؤلف أن تكون ملتقطة بحسب زواي��ا الرؤية التي كان قد شاهدها شخصيا أثناء لقاءاته مع نادجا)« ،تلك املخلوقة امللهَ مة وامللهمة على الدوام ،والتي لم تكن حتب سوى أن تكون في الشارع ،باعتباره حقل التجربة الوحيد املالئم بالنسبة إليها( »...ص .)821
النـزول إلى األعماق السفلى للذهن ك���ت���اب «ن�����ادج�����ا» ل���ي���س أي���ض���ا ك��ت��اب��ا أوتوبيوغرافيا باملعنى املتعارف عليه، فنادجا ،ه��ذه امل��رأة الغامضة (أو ال��روح الهائمة كما تسمي نفسها) ،التي يقدمها بروتون هي ملهمة الكتاب« ،ستكتب رواية عني .أؤك��د لك ذل��ك» .بهذه العبارة تورط الكاتب ،وهكذا تكون هي ذريعته ليكتب «الرواية» ،وتكون الرواية ذريعة للكتابة ع��ن ن���ادج���ا ...ف��ب��ع��د م��ق��ط��ع أول مسهب من الكتاب ،ينتقل فيه بروتون بني عدة عوالم شعرية وواقعية ونفسية ،شبيهة بهبوط إل��ى جحيم رام��ب��و« ،لكن النـزول
إلى القيعان السفلى للذهن ،إلى حيث ال مجال ألن يهبط الليل ويعود لينجلي»... ص .54يلتقي ال��ك��ات��ب ب��ن��ادج��ا ،ام���رأة غريبة األطوار صادفها في شوارع باريس، اسمها احلقيقي ليونا ديلكور ،وتوطدت العالقة بينهما لشهور ،قبل أن تنتهي هي في مصحة عقلية .ه��ذه امل��رأة رأى فيها ب��روت��ون انعكاسات كثيرة ألف��ك��اره ،فهي سريالية دون أن تدعي ذلك ،وتقول ما في الكتب دون أن تكون قد قرأتها .امرأة قادت بروتون إلى عالقة شبيهة بغموضها« :من كنا نحن ،أم��ام الواقع؟ هذا الواقع الذي أع��رف اآلن أن��ه متمدد ق��رب قدمي نادجا ككلب م���راء» ص .321ونحن ال ن��رى في ال��ن��ص –باستثناءات قليلة -أي��ة حياة
أخرى للكاتب سوى حياته في عالم نادجا، وهو يتسكع معها في الشوارع واحلانات واملقاهي واألفكار .ومع انتهاء عالقته بها، تبدأ مالمح نهاية النص عند عاملها« :ما كان لعالقتنا أن تؤول إال إلى ما آلت إليه، بالنظر إلى العالم الذي كان عالم نادجا، ح��ي��ث ك��ل ش���يء ك���ان يعلو وس���رع���ان ما يهوي »...ص.151 باشر ب��روت��ون كتابة ه��ذا النص بعد انتهاء العالقة بينه وب�ين ن��ادج��ا ،وبعد انتهائها ف��ي مصحة عقلية ،وعند هذه ال��ن��ق��ط��ة ي��ظ��ه��ر ج��ل��ي��ا م���وق���ف ب���روت���ون (وال��س��ري��ال��ي�ين) م��ن امل��ص��ح��ات العقلية، وازدراؤه����م للطب العقلي ،إذ أدان���وا كل أش��ك��ال ال��ع��زل واالح��ت��ج��از« :ك��ل احتجاز
يف المكتبات
كتـاب وشعـراء يـروون قصـة حبـهم األولـى
للباحثة املغربية فاطمة صديقي
بصماتها». وجاء في ورقة تقدميية لهذا الكتاب ،أن عالقة املرأة باملعرفة في منطقة البحر األبيض املتوسط، يعود تاريخها إلى العصر الفرعوني ،حيث كانت املعرفة الشفوية دائما جزءا ال يتجزأ من حياة النساء اليومية والتقاليد والطقوس والفنون التي تعتبر تراثا عامليا للبشرية .ومع ظهور حقوق اإلن��س��ان والتكنولوجيا ،أض��اف��ت نساء البحر األب��ي��ض املتوسط املعرفة القانونية والدينية واالقتصادية واإلعالمية ،مشيرة إلى أنه «وفي جميع ه��ذه األن���واع م��ن امل��ع��رف��ة ،تنتج النساء معارف ليس فقط كنساء ينتمني إلى بيئات معينة، ولكن أيضا كنساء ميررن رسائل إنسانية كونية».
«سوسيولوجيا األعيان» لعبد الرحيم العطري
يفتتح الباحث عبد الرحيم العطري كتابه اجلديد، الذي اختار له عنوان «سوسيولوجيا األعيان :آليات إنتاج الوجاهة السياسية» ،باألسئلة التالية« :ملاذا يرتفع الطلب السياسي على األعيان عشية كل موعد انتخابي؟ وما الذي يجعلهم فاعلني مؤثرين داخل مجاالت نفوذهم؟ وم��ا األدوار التي يضطلع بها األعيان؟ وما مصادر عينيتهم؟ وكيف يشتغلون؟ وك��ي��ف ي��ع��م��ل��ون ع��ل��ى ب��ن��اء وجت���ذي���ر ال��وج��اه��ة االجتماعية ،وإع���ادة تدويرها من جديد؟» .وهي األسئلة ،التي حاول اإلجابة عنها في هذا البحث السوسيولوجي ،والكشف ع��ن نظامها الرمزي
واملادي ،وحتليل آليات إنتاجها وإعادة إنتاجها، والبحث في الوسائل التي متكنها من «التكيف والتفاوض مع الواقع». ي��ت��وزع ه���ذا ال��ك��ت��اب ،ال��واق��ع ف��ي 166صفحة م��ن احل��ج��م امل��ت��وس��ط ،ع��ل��ى س��ب��ع��ة ف��ص��ول تهم سوسيولوجيا النخبة ،أنثروبولوجيا الوجاهة، النخبة احمللية ،قراءة الوجاهة السياسية ،العينية والنبالة ،القائدية والعينية والعينية والزبونية، فضال عن العني و»السياسي».
«استخدام اخلرائب» مشروع موسوعي عن حروب العالم جلان إيف جوانيه «استخدام اخلرائب» عن املنشورات العمودية ،2012مؤلف جديد للكاتب والناقد الفني جان إيف جوانيه ،رئيس حترير مجلة «،»Art press وأحد مؤسسي املجلة «التعامدية» ،التي كان أحد املساهمني فيها ،الشاعر املغربي املقيم في باريس عبد اإلله الصاحلي.
.1طلعة املؤلف (الهيئأة أو طريقة اللباس) .2الدّعابة (نقطة واحدة لكل ضحكة عالية) .3احلياة الشخصية للمؤلف (على سبيل املثال ،نقطة حسنة إن كان قد انتحر وهو شاب) .4العاطفة (نقطة لكل دمعة مراقة) .5االفتتان ،و ال ّلطف ،والغرابة (عندما تقول «آه كم هو جميل» ،من دون القدرة على شرح ملاذا) .6حضور أف��وري��زم��ات قاتلة ،والفقرات التي أرغب في تدوينها ،وحفظها عن ظهر قلب (نقطة واح���دة لقولة لها تأثير على النساء)
.7اإليجاز (نقطة واحدة إضافية إذا كان الكتاب أقل من 051صفحة) .8السنوبيزم (اخليالء) والوقاحة (نقطة حسنة إذا ك��ان امل��ؤل��ف أس��ط��ورة غامضة، ونقطتان إذا كان يتحدث عن شخص أجهله، وثالث نقاط إذا كان العمل يجري في أماكن من املستحيل ولوجها) .9الش ّر ،و اإلزع���اج ،والغضب ،والطفح ُ شعرت باحلاجة اجللدي (نقطة واحدة إذا إلى رمي الكتاب من النافذة) .01اإلغراء ،والنثر املثير للشهوة (نقطة واح��دة في حالة االنتصاب ،واثنتان عند االنتعاظ دون استعمال اليدين).
الحب إال للحبيب األول ما ّ
«النساء واملعرفة في املتوسط» صدر حديثا للكاتبة والباحثة املغربية فاطمة صديقي ،كتاب باللغة اإلجنليزية عن دار النشر البريطانية «روتليدج» ،بعنوان «النساء واملعرفة في منطقة البحر األبيض املتوسط». يتناول هذا الكتاب ،الذي يقع في 272صفحة م��ن احلجم الكبير ،العالقة املعقدة ب�ين امل��رأة واملعرفة في منطقة البحر األبيض املتوسط ،كما يثير مسألة املعرفة النسوية غير املعترف بها في سجالت التاريخ الرسمي للمنطقة. ويكشف الكتاب ،ال��ذي يتضمن أربعة أج��زاء، أن املرأة في منطقة البحر األبيض املتوسط« ،لم تسهم فقط في إنتاج املعارف الكالسيكية ،بل أبدعت في شتى املجاالت وأنتجت معارف حتمل
حب كتاب حسب فريديرك بيغبيدي عشرة معايير للسقوط في ّ
ف��ك��رة ال��ك��ت��اب ب���دأه���ا إي���ف ج��وان��ي��ي��ه منذ س��ن��ة ،2008ع��ب��ر سلسلة م��ن احمل��اض��رات س��م��اه��ا «م���وس���وع���ة احل�������روب» ،يستكشف ّ بأسلوب أدب��ي ساخر كل احل��روب العسكرية ال���ع���امل���ي���ة ،ب�����دءا م���ن اإلل����ي����اذة ح��ت��ى ح��رب هيروشيما.
احلبيبة اخلامسة جمال المعتصم بالله ما احملبة إ َّال للحبيبة اخلامسة .ما احمل ّبة إ َّال للقصة اخلامسة. َّ قصتها التي امت َدّتْ لأِ كثر من ربع قرن .كلهن عبرن هذه القصة لفترات تطول أو تقصر ومضني ،وبقيت هي ،هي والقصة ،بعد كتب. ذلك انصرفت هي وها هي القصةباقية حية ُت ُ «فتاة املوبيليت 103واجللباب البنفسجي» لم تكن ال جميلة وال ذميمة ،كانت مليحة وم��احل��ة ،مبالمح بلدية متيل إلى اجلنوب ،وبهيئة وكأنها خرجتْ من إحدى لوحات دوالكروا. احلومة ،ولكن في بدايات الثمانينات، كنا ننتمي إلى نفس ْ لم يكن من الالئق التالقي داخل أسوار احلومة ،ف ُك ّنا نلتقي، لإِ جن��از بعض األس��رار أو لإِ ح��داث بضع ذكريات للمستقبل وعو ْلنا على أن نذهب بها البعيد ،ذلك أننا ص َّدقنا قصتنا ّ بعيد ًا ،ف ُكنا إذن نلتقي في غرفتني ،واحدة منها ،معتمة وض ّيقة ُ أمي بأنه من األفضل استقبال مثل مغارة ،كانت غرفتي: أقنعت ّ ْ الفتيات أيض ًا بغرفتي وذلك ِ ّ الراف (سيارة شر أنْ جتمعنا اتقاء ِ ّ شرطة األخالق ). كان محمود درويش يحكي عن أحمد الزعتر ،وكان الشيخ إمام يفتح شهيتنا إلى البيصارةِ ، وضمن ًا إلى الثورة الشعبية، فيما كان مارسيل خليفة يع ِ ّلمنا كيف ُن ِ ّ نحب ريتا. غني وكيف ُّ نحب ماركس ولينني وغيفارا وك ّنا نريد أن نعيش كل شيء ك َّنا ّ على أساس هذا احلب. «فتاة املوبيليت 103واجللباب البنفسجي» ،كانت فتاة جديدة في جلباب قدمي مفروض من طرف األب كلباس للخروج /عسى أن أكون قد قلت َّ كل شيء عن األب عندما َذ َك ْر ُت ُه باالسم ! في غرفتي ،كانت «فتاة املوبيليت 103واجللباب البنفسجي»، أحيانا ،تغمض عينيها وتقول« :إنني أراه معنا ،أبي !» في املرة األولى ُكنا أحمرين من شدة الصهد واخلجلُ ، قلت لها« :أضع جنمة على جبهتِ ِك» فق ّب ُ لت جبهتها ،ثم «وأضع جنمة ِ شفتيك» وق ّبلتها لأِ ول مرة. أخرى على كنا نحن ،بنت وولد باب دكالة ،احلومة العريقة العتيقة، اجلدّة وقلي ً «الصحبة» بيننا قلي ً ُ نحاول أن نضفي على ال ُّ ال من ِ من الرومانسية املسؤولة ،حتى القبلة في ذلك الوقت ،كانت تخضع للنقاش «املسؤول» فما بالك باجلسد ! اجلسدُ ..كنا نعرفه كما نريد ومنارسه كما يريدون :مبتور ًا
ومحاصر ًا باملخافاتُ .كنا نتج ّنب اخلوض في املواضيع وقلِق ًا ُ العميقة مخافة السخط! بعد ذلك بسنوات ،ذ َّكرتني «فتاة املوبيليت 103واجللباب البنفسجي» بالقبلتني :قبلة ال��رأس قبل قبلة الشفتني ،قبلة الفكر قبل قبلة اجلسد. أكان ح ّبا ثقافيا؟ أكان ح ّبا دائريا؟ أم ُتراه كان حبا كِ تابيا؟ ُ كتبت عن «فتاة املوبيليت 103واجللباب البنفسجي» كثيرا. عنها وإليها. ُ ُ علمت كتبت .عندما كنا نلتقي ون��ف��ت��رق ،وكلما افترقنا ُ كتبت ،وعندما جاءت إلى املغرب ذات عطلة بهجرتها إلى كندا، التقينا من جديد ،جديدين. كانت العودة قوية ،سميناها «العودة القوية» ،وعلى أساسها بجدية الكبار في ما ك��ان حلم ًا :العيش عُ دنا إل��ى التفكير ِّ املشترك. من أجل أن نعيش مع ًا كان لِزاما علينا أن ندخل حتت العباءة الشرعية ،فتزوجنا ،وعشنا لِسنوات ممزقني بني مونتريال ومراكش في انتظار الفيزا. ُ كنت ف��ي «وضعية امل��واط��ن العربي امل��ت��أ ّزم ال��ذي يحاول َّ ح��ل التناقض دفعة واح����دة» ،حينما هاتفتني «ف��ت��اة 301 واجللباب البنفسجي» لِتخبرني بحصولي على الفيزا .بعد شهور اجتمعنا اجتماع السقف املشترك ،واألشياء املشتركة، واحلساب املشترك .وبدأنا. خالل األسابيع األولى ،كتبت عن السعادة وصدقتها ،كتبت عن احللم حتى ُ كدت أراه ،وطبع ًا كتبت عن احلب وعن مس ّرات اجلسد ،وأيضا عن مسافات البحر واللغات ،كما وأنني عدت إلى الغناء وإلى نزار قباني. بعد شهور ،بلغت ال��ع��ودة القوية أقصاها وسقطت على رؤوسنا مسافات أخرى وأقفال أخرى .حينما لم نكن مع ًا كنا نكبر ،كل بطريقتهّ ، كل في يأسه اخلاص. َ عليك الوجد ومس ّراتِ ه ،ذ ّكر َتني بالذي مضى! َو َّك ْل ُت شاعر مغربي يقيم في كندا