الملحق الثقافي
12
العدد l 59الخميس/الجمعة 25/24يناير 2013
بطاقة بيضاء
األدب المغربي واألفق المفتوح أبو يوسف طه
متابعات رواية «نظرية المعلومات» ألوريليان بالنجي
نادي األدب امليكيافيللي
أفكار ما بعد اإلنسان سنة ..2050عندما اإلنسان إنسانا أعلى ()3 يصير ُ نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق
مرئيات أوسكار نيماير :مهندس أدهش العالم نبيل منصر دريئة العدد
تأمالت أمريكية ( )4خالد سليكي القصة المغربية ..ما قصتها بالضبط؟
عصب الكتابة
أنا ما كاينش
الحب إال للحبيب األول ما ّ
أحمد لمسيح
لكل َأج ٍل كتاب مونيك النج و«كبائن االستحمام» إبراهيم الخطيب
أنا مدينة له بمعرفة معنى الحب العفيف بريد القراء
الزهرة رميج
رسالة من أصدقاء المرحوم حفيظ بودى
مرئيـات هشام فهمي
Hicham_fahmi@hotmail.com
الساسة سادة العالم .هم من يحدّدون مصيرنا ،حاضرون في كل مكان ويتحدثون باسمنا وباسم كل الشعوب .ما الفرق بني السياسي والشاعر؟ السياسي يضع التكتيكات واالستراتيجيات كأنه قائد كتيبة في كتاب «فنّ احلرب» للصيني سون تزو ،أما الشاعر فيحلم ،هو يحلم فقط ،وقد يحدث أن يحلم بقصيدة عنوانها «األرض اخلراب» أيقظ فيها الشاعر إليوت الع ّراف األعمى تريسياس وجعله شاهدا على العصر. عينا تريسياس األعمى وعينا الشاعر ،ترى كل شيء. كان للشاعر ،عبر األزمنة ،سلطة الكالم ،لكن عن أي كالم نتحدّث؟ الشاعر قد يستعمل البالغة ورمبا يقذف بها في سطل زبالة ألنه ال يحتاج إال لذاته في اللغة .السياسي أكثر مكرا ،سرق من الشاعر اللعب بالكلمات فأصبح يلعب عليها وعلينا ،لكنه عندما يتكلم فهو يحاجج ويرصف أمامنا أوهامه البالغية وبالغاته املقنِ َعة واملق َّنعة ،فنصدّقه ،الشاعر ال نحتاج إلى تصديقه ،لغته هي لغة حلم رأيناه ونحاول ،دون جدوى، تذ ُّكره فضاقت العبارة عن وصفه .العرب كانت ترى أن أعذب الشعر أكذبه ،لذلك فهي ال تصدّق ال الشاعر وال السياسي ،وال حتى نفسها. موجة عارمة اليوم تخبط رأس األدب بحائط السياسة .ما يحدث من غليان في الشارع العربي ،أربك الكثيرين ،أربك بالضبط أولئك الذين اختاروا منذ عقود أن يكونوا «كالب حراسة» لقلعة السلطة .يكتبون األدب الذي يجعلهم ميارسون سلطة الكالم على قبيلة احلزب ،لكنهم دوما خلف ظهر «األمير» هم ظهره ،ويهدونه كتبهم ودواوينهم الشعرية مقوسة .هذا ما فعله ميكيافيللي بالضبط ،بعد أن عزلته بظهور ّ السلطة ،فقدّم كتابه «األمير» هدية «للورنزو العظيم» أحد أبناء آل ميديشي ،ع ّله ينعم عليه بالعودة إلى تق ّلد منصب جديد .ميكيافيللي ّ املنظر السياسي ،الذي أحدث انقالبا في علم السياسة كان أيضا أديبا، وله مسرحية هزلية إن ُترجم عنوانها إلى العربية سيمنحنا عنوانا عجيبا هو «تفاح اجلن» .حفدة ميكيافيللي اجلدد ،هم ساسة العصر وأدباء عند احلاجة ،فعندما تخذلهم السلطة وتطردهم خارج بالطاتها اللماعة ويصارعون الوحش ّ يتحولون إلى األدب ،يخرجون فيه أنيابهم ّ في احلكاية التي ُتروى لألطفال« ،فغايتهم امليكيافيللية تب ّرر الوسيلة». م��ن ك��ان يتصور أن شباب 20فبراير سيقتحمون صالوناتهم ّ األدبية ،إلزعاج نصوصهم املساملة واملتصاحلة مع العالم .هؤالء ،ويا للغرابة ،ميكنهم أن يستبدلوا وجوها بأخرى في حفل األقنعة الزائف، وبإمكانك أن تسمعهم يتحدّثون عن فضائل األدب الذي تخ ّلص من دودة االيديولوجيا التي ظهرت في سبعينيات القرن املنصرم وكانوا ميلؤونها بالصراخ ،وعن وهم األدب الثوري ،ما دام األدب يثور على نفسه باستمرار ،وعن خرافة األدب امللتزم ألنه أصال ملتزم باإلنسان في عمقه ،سننتبه مع الوقت إلى أن هؤالء ملتزمون فعال باالنخراط في موجات العصر الضاربة ،هم رخويات في صالونات الفن املخملي، وثوريون شرسون مع الشباب أمام مكبرات الصوت وعبر كل الوسائط املتعدّدة ،هم بكلمة واح��دة مع الورقة الرابحة ومي ّثلون عصرهم بامتياز. يتمرم ُد ميكيافيللي املغربي ،يقفز على َح ْب َلي األدب والسياسة .عندما َ في السياسة يرمتي في َمطهر األدب ع ّله يغسل الرياء ووسخ املناورة. ينعم بسلطة استثنائية، وحده دون غيره من الكتاب واألدباء املغاربة َ استمدّها من سلطة السياسة والوزارة واحلزب ،جعلته عندما يصدر روايته األولى يستضيف لها نقاد الشرق ليزردوا على مائدته الكرمية ويشربوا ويدوخوا بضيافته ،ث ّم يد ّبجوا املقاالت والشهادات بح ّقه، كأن هذا البلد هم وحدهم يصنعون أدبه وثقافته ،وكل هؤالء الذين اختاروا أال يقايضوا بنصوصهم سيتذكرهم املوت وستعرض عظامهم في متحف النسيان املعاصر. ال يتو ّرع ميكيافيللي املغربي الذي سينعم بتقاعد مريح من أجر االستوازار والبرملان ،أن يعطي الدروس مص ّرحا« :بأن ابتعاد السياسة عن الثقافة خلق سياسة هجينة وسياسيني هجينني» ،كأنه كان إضافة نوعية في الثقافة السياسية املغربية العجيبة ،وكأن ما أجنزه وأشباهه لم يكن هو الهجانة ذاتها متشي بكعب عال وهي تتثاقف وتتعالم على املغاربة. اليوم ،ميكيافيللي املغربي يؤ ّلف مسرحية هزلية سيرا على هدي مع ّلم امليكيافيللية اإليطالي .مسرحية فرجوية يستمر عرضها منذ عقود على املغاربة ،تتحدّث عن السلطة وتصفها بالوحش بعد أن كانت هي «اجلميلة» في احلكاية اخلرافية القدمية عندما كان وزيرا .مسرحية تطرح السؤال على الوحش «شكون أنت؟ في حني لم يسأل ميكيافيللي املغربي نفسه «شكون أنا؟ هذا هو األدب امليكيافيللي املغربي .أدب املصالح البراغماتي .أدب االنقضاض على الفرص .األدب الذي يرفع شعار امليكيافيللية« :ال يجدي أن يكون املرء شريف ًا دائما» ،ألن هذا الشرف هو ادعاء لطهرانية غبية ،ال تواكب هذا العصر األعمى .باب نادي األدب امليكيافيللي مفتوح للجميع ،وطلبات االنخراط ُترسل مباشرة إلى املعنيني باألمر.
أوسكار نيماير ..مهندس أدهش العالم
القصة املغربية ..ما قصتها بالضبط؟ ربيعة عبد الكامل
سعيد بوكرامي
سعيد رضواني
محمد قاسمي
عبد الحميد بوحسين
فاطمة الرغيوي
محمد آيت حنا
بطاقة بيضاء
األدب املغربي واألفق املفتوح في الوقت الفارط الذي كان فيه ال ّتسييج الشائك على القول األدبي والثقافي ،يفتح طريقا سريعا نحو الزنزانة أو اإلقصاء في الزوايا املهملة املظلمة ،كان الك ّتاب املغاربة الذين يرفضون حلس عسل السلطة يقومون بلعبة مثيرة لتهريب نواياهم ،ملفوفة بالرموز والكنايات واالستعارات ،بينما ّ ظل الكثيرون يتزحلقون فوق سطوح األشياء ، لقد كان ّ الضغط اكثر سمكا وصفاقة سواء من طرف كليان ّية مجهورة أو الحقا ناعمة ومهموسة ،جت ّلى ذلك في تدابير متنوعة، بعضها رسمي ،وبعضها يؤول إلى اجلمرك احلزبي ذي العني الثاقبة الذي يوزع التفضيالت من خالل احتكار غير م ّبرر. اآلن ،وقد انكسرت قضبان القفص بفعل وعي جديد ونوعي ارتفاقا مع التكنولوجية التواصلية ،أصبح في مكنة األدب أن يرتاد آفاقا أكثر عمقا واتساعا ،وبات من الضروري التوكيد على أن احلدود باتت مفتوحة دون إزعاج على القيم األكثر تعبيرا عن املستقبل ،وهكذا أصبحنا نشاهد أسرابا من الطيور املبدعة حتلق في جغرافيا غير محدودة إ ّال مبا يع ّبر عن رؤيتها األكثر حميمية ،وليس من احملق قطعا ،في إطار فوران عارم في الرؤى واملشاعر ،الزعم بأن هذا التغ ّير نبت كالفطر ،إذ هو نتاج
تراكمات ،وثمار شجرة غرست من قبل ،ال ميكن بطبيعة احلال مراوغة منطق التاريخ، وإيقاف حتلحله وتوثباته بالتلبيس، واإلبداالت التي ال جدوى فيها ،وهذا ما
أصبحنا نشاهد أسرابا من الطيور المبدعة تحلق في جغرافيا غير محدودة إالّ يعبر عن رؤيتها األكثر بما ّ حميمية وليس من المحق قطعا في إطار فوران عارم في الرؤى والمشاعر يفطن إليه ويعيه اجليل اجلديد من الك ّتاب، الذين يدركون أن نسغ كتاباتهم هو استعادة مجتمعهم وذواتهم عن طريق التملٍ ك
املعرفي ،والتملك اجلمالي من خالل التمتع بفضائل حريتهم الشخصية ،وال جدال في أن مسلسل هذه اإلستعادة تتوالى حلقاته من تتحسس مكنون خالل السير الذاتية التي ّ الدواخل وعالئقه ،أو الكتابة األدبية ذات الطابع التاريخي التي تريد احلفر باجتاه الغميس واملنسي ،أو الشعر الذي يبني فراديسه موسوما برنني الصوت املغربي، أصبحت التحديات ،في ظل وضع كهذا، ّ متكنت فيه وسائط اإلتصال من انتهاك سر ّية كثير من املخابئ؛أمام الك ّتاب أكثر وعورة، مما يلزم بوضع كثير من األشياء على احملك في إطار «نقد مغاير» وتوجه للكتابة يلتقط ببصيرة نافذة (الدافعية املضمرة) للتحوالت اجلارية وجتلياتها في مكونات األشخاص ومواقفهم ومواقعهم ،إن املغرب بتلويناته ومشاغله وصراعاته ،حقائقه وأوهامه، حراك الناس فيه هو ما يجب أن يكون مدار كتابة أدبية ،ذات مدارين أفقي وعمودي، وذات إشراق ،تغتني باحلوار ،وتسير نحو األفق املفتوح لتحمل لألجيال القادمة، ّ مشكال في شبكة من الرموز تع ّبر عنه مغربا احمللي إلى بنقل إنساني، هو مبا موصوال ّ العاملي؛ أال توجد في أدبنا احلالي بعض هذه السمات املبتغاة ،ذلك ما يجب على النقد املكلل بغار احلصافة أن يستبينه.
أبو يوسف طه
محمد الشايب
محمد العتروس