الملحق الثقافي
12
العدد l 59الخميس/الجمعة 25/24يناير 2013
بطاقة بيضاء
األدب المغربي واألفق المفتوح أبو يوسف طه
متابعات رواية «نظرية المعلومات» ألوريليان بالنجي
نادي األدب امليكيافيللي
أفكار ما بعد اإلنسان سنة ..2050عندما اإلنسان إنسانا أعلى ()3 يصير ُ نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق
مرئيات أوسكار نيماير :مهندس أدهش العالم نبيل منصر دريئة العدد
تأمالت أمريكية ( )4خالد سليكي القصة المغربية ..ما قصتها بالضبط؟
عصب الكتابة
أنا ما كاينش
الحب إال للحبيب األول ما ّ
أحمد لمسيح
لكل َأج ٍل كتاب مونيك النج و«كبائن االستحمام» إبراهيم الخطيب
أنا مدينة له بمعرفة معنى الحب العفيف بريد القراء
الزهرة رميج
رسالة من أصدقاء المرحوم حفيظ بودى
مرئيـات هشام فهمي
Hicham_fahmi@hotmail.com
الساسة سادة العالم .هم من يحدّدون مصيرنا ،حاضرون في كل مكان ويتحدثون باسمنا وباسم كل الشعوب .ما الفرق بني السياسي والشاعر؟ السياسي يضع التكتيكات واالستراتيجيات كأنه قائد كتيبة في كتاب «فنّ احلرب» للصيني سون تزو ،أما الشاعر فيحلم ،هو يحلم فقط ،وقد يحدث أن يحلم بقصيدة عنوانها «األرض اخلراب» أيقظ فيها الشاعر إليوت الع ّراف األعمى تريسياس وجعله شاهدا على العصر. عينا تريسياس األعمى وعينا الشاعر ،ترى كل شيء. كان للشاعر ،عبر األزمنة ،سلطة الكالم ،لكن عن أي كالم نتحدّث؟ الشاعر قد يستعمل البالغة ورمبا يقذف بها في سطل زبالة ألنه ال يحتاج إال لذاته في اللغة .السياسي أكثر مكرا ،سرق من الشاعر اللعب بالكلمات فأصبح يلعب عليها وعلينا ،لكنه عندما يتكلم فهو يحاجج ويرصف أمامنا أوهامه البالغية وبالغاته املقنِ َعة واملق َّنعة ،فنصدّقه ،الشاعر ال نحتاج إلى تصديقه ،لغته هي لغة حلم رأيناه ونحاول ،دون جدوى، تذ ُّكره فضاقت العبارة عن وصفه .العرب كانت ترى أن أعذب الشعر أكذبه ،لذلك فهي ال تصدّق ال الشاعر وال السياسي ،وال حتى نفسها. موجة عارمة اليوم تخبط رأس األدب بحائط السياسة .ما يحدث من غليان في الشارع العربي ،أربك الكثيرين ،أربك بالضبط أولئك الذين اختاروا منذ عقود أن يكونوا «كالب حراسة» لقلعة السلطة .يكتبون األدب الذي يجعلهم ميارسون سلطة الكالم على قبيلة احلزب ،لكنهم دوما خلف ظهر «األمير» هم ظهره ،ويهدونه كتبهم ودواوينهم الشعرية مقوسة .هذا ما فعله ميكيافيللي بالضبط ،بعد أن عزلته بظهور ّ السلطة ،فقدّم كتابه «األمير» هدية «للورنزو العظيم» أحد أبناء آل ميديشي ،ع ّله ينعم عليه بالعودة إلى تق ّلد منصب جديد .ميكيافيللي ّ املنظر السياسي ،الذي أحدث انقالبا في علم السياسة كان أيضا أديبا، وله مسرحية هزلية إن ُترجم عنوانها إلى العربية سيمنحنا عنوانا عجيبا هو «تفاح اجلن» .حفدة ميكيافيللي اجلدد ،هم ساسة العصر وأدباء عند احلاجة ،فعندما تخذلهم السلطة وتطردهم خارج بالطاتها اللماعة ويصارعون الوحش ّ يتحولون إلى األدب ،يخرجون فيه أنيابهم ّ في احلكاية التي ُتروى لألطفال« ،فغايتهم امليكيافيللية تب ّرر الوسيلة». م��ن ك��ان يتصور أن شباب 20فبراير سيقتحمون صالوناتهم ّ األدبية ،إلزعاج نصوصهم املساملة واملتصاحلة مع العالم .هؤالء ،ويا للغرابة ،ميكنهم أن يستبدلوا وجوها بأخرى في حفل األقنعة الزائف، وبإمكانك أن تسمعهم يتحدّثون عن فضائل األدب الذي تخ ّلص من دودة االيديولوجيا التي ظهرت في سبعينيات القرن املنصرم وكانوا ميلؤونها بالصراخ ،وعن وهم األدب الثوري ،ما دام األدب يثور على نفسه باستمرار ،وعن خرافة األدب امللتزم ألنه أصال ملتزم باإلنسان في عمقه ،سننتبه مع الوقت إلى أن هؤالء ملتزمون فعال باالنخراط في موجات العصر الضاربة ،هم رخويات في صالونات الفن املخملي، وثوريون شرسون مع الشباب أمام مكبرات الصوت وعبر كل الوسائط املتعدّدة ،هم بكلمة واح��دة مع الورقة الرابحة ومي ّثلون عصرهم بامتياز. يتمرم ُد ميكيافيللي املغربي ،يقفز على َح ْب َلي األدب والسياسة .عندما َ في السياسة يرمتي في َمطهر األدب ع ّله يغسل الرياء ووسخ املناورة. ينعم بسلطة استثنائية، وحده دون غيره من الكتاب واألدباء املغاربة َ استمدّها من سلطة السياسة والوزارة واحلزب ،جعلته عندما يصدر روايته األولى يستضيف لها نقاد الشرق ليزردوا على مائدته الكرمية ويشربوا ويدوخوا بضيافته ،ث ّم يد ّبجوا املقاالت والشهادات بح ّقه، كأن هذا البلد هم وحدهم يصنعون أدبه وثقافته ،وكل هؤالء الذين اختاروا أال يقايضوا بنصوصهم سيتذكرهم املوت وستعرض عظامهم في متحف النسيان املعاصر. ال يتو ّرع ميكيافيللي املغربي الذي سينعم بتقاعد مريح من أجر االستوازار والبرملان ،أن يعطي الدروس مص ّرحا« :بأن ابتعاد السياسة عن الثقافة خلق سياسة هجينة وسياسيني هجينني» ،كأنه كان إضافة نوعية في الثقافة السياسية املغربية العجيبة ،وكأن ما أجنزه وأشباهه لم يكن هو الهجانة ذاتها متشي بكعب عال وهي تتثاقف وتتعالم على املغاربة. اليوم ،ميكيافيللي املغربي يؤ ّلف مسرحية هزلية سيرا على هدي مع ّلم امليكيافيللية اإليطالي .مسرحية فرجوية يستمر عرضها منذ عقود على املغاربة ،تتحدّث عن السلطة وتصفها بالوحش بعد أن كانت هي «اجلميلة» في احلكاية اخلرافية القدمية عندما كان وزيرا .مسرحية تطرح السؤال على الوحش «شكون أنت؟ في حني لم يسأل ميكيافيللي املغربي نفسه «شكون أنا؟ هذا هو األدب امليكيافيللي املغربي .أدب املصالح البراغماتي .أدب االنقضاض على الفرص .األدب الذي يرفع شعار امليكيافيللية« :ال يجدي أن يكون املرء شريف ًا دائما» ،ألن هذا الشرف هو ادعاء لطهرانية غبية ،ال تواكب هذا العصر األعمى .باب نادي األدب امليكيافيللي مفتوح للجميع ،وطلبات االنخراط ُترسل مباشرة إلى املعنيني باألمر.
أوسكار نيماير ..مهندس أدهش العالم
القصة املغربية ..ما قصتها بالضبط؟ ربيعة عبد الكامل
سعيد بوكرامي
سعيد رضواني
محمد قاسمي
عبد الحميد بوحسين
فاطمة الرغيوي
محمد آيت حنا
بطاقة بيضاء
األدب املغربي واألفق املفتوح في الوقت الفارط الذي كان فيه ال ّتسييج الشائك على القول األدبي والثقافي ،يفتح طريقا سريعا نحو الزنزانة أو اإلقصاء في الزوايا املهملة املظلمة ،كان الك ّتاب املغاربة الذين يرفضون حلس عسل السلطة يقومون بلعبة مثيرة لتهريب نواياهم ،ملفوفة بالرموز والكنايات واالستعارات ،بينما ّ ظل الكثيرون يتزحلقون فوق سطوح األشياء ، لقد كان ّ الضغط اكثر سمكا وصفاقة سواء من طرف كليان ّية مجهورة أو الحقا ناعمة ومهموسة ،جت ّلى ذلك في تدابير متنوعة، بعضها رسمي ،وبعضها يؤول إلى اجلمرك احلزبي ذي العني الثاقبة الذي يوزع التفضيالت من خالل احتكار غير م ّبرر. اآلن ،وقد انكسرت قضبان القفص بفعل وعي جديد ونوعي ارتفاقا مع التكنولوجية التواصلية ،أصبح في مكنة األدب أن يرتاد آفاقا أكثر عمقا واتساعا ،وبات من الضروري التوكيد على أن احلدود باتت مفتوحة دون إزعاج على القيم األكثر تعبيرا عن املستقبل ،وهكذا أصبحنا نشاهد أسرابا من الطيور املبدعة حتلق في جغرافيا غير محدودة إ ّال مبا يع ّبر عن رؤيتها األكثر حميمية ،وليس من احملق قطعا ،في إطار فوران عارم في الرؤى واملشاعر ،الزعم بأن هذا التغ ّير نبت كالفطر ،إذ هو نتاج
تراكمات ،وثمار شجرة غرست من قبل ،ال ميكن بطبيعة احلال مراوغة منطق التاريخ، وإيقاف حتلحله وتوثباته بالتلبيس، واإلبداالت التي ال جدوى فيها ،وهذا ما
أصبحنا نشاهد أسرابا من الطيور المبدعة تحلق في جغرافيا غير محدودة إالّ يعبر عن رؤيتها األكثر بما ّ حميمية وليس من المحق قطعا في إطار فوران عارم في الرؤى والمشاعر يفطن إليه ويعيه اجليل اجلديد من الك ّتاب، الذين يدركون أن نسغ كتاباتهم هو استعادة مجتمعهم وذواتهم عن طريق التملٍ ك
املعرفي ،والتملك اجلمالي من خالل التمتع بفضائل حريتهم الشخصية ،وال جدال في أن مسلسل هذه اإلستعادة تتوالى حلقاته من تتحسس مكنون خالل السير الذاتية التي ّ الدواخل وعالئقه ،أو الكتابة األدبية ذات الطابع التاريخي التي تريد احلفر باجتاه الغميس واملنسي ،أو الشعر الذي يبني فراديسه موسوما برنني الصوت املغربي، أصبحت التحديات ،في ظل وضع كهذا، ّ متكنت فيه وسائط اإلتصال من انتهاك سر ّية كثير من املخابئ؛أمام الك ّتاب أكثر وعورة، مما يلزم بوضع كثير من األشياء على احملك في إطار «نقد مغاير» وتوجه للكتابة يلتقط ببصيرة نافذة (الدافعية املضمرة) للتحوالت اجلارية وجتلياتها في مكونات األشخاص ومواقفهم ومواقعهم ،إن املغرب بتلويناته ومشاغله وصراعاته ،حقائقه وأوهامه، حراك الناس فيه هو ما يجب أن يكون مدار كتابة أدبية ،ذات مدارين أفقي وعمودي، وذات إشراق ،تغتني باحلوار ،وتسير نحو األفق املفتوح لتحمل لألجيال القادمة، ّ مشكال في شبكة من الرموز تع ّبر عنه مغربا احمللي إلى بنقل إنساني، هو مبا موصوال ّ العاملي؛ أال توجد في أدبنا احلالي بعض هذه السمات املبتغاة ،ذلك ما يجب على النقد املكلل بغار احلصافة أن يستبينه.
أبو يوسف طه
محمد الشايب
محمد العتروس
الملحق الثقافي
العدد l 59الخميس/الجمعة 25/24يناير 13 2013
نسخة غير ّ منقحة ومنقوصة من ميشيل ويلبيك
متابعات
أوريليان بيالجني يصدر روايته األولى «نظرية املعلومات» معتمدا موسوعة ويكيبيديا األخبار الضجة التي رافقت صدور رواية «نظرية املعلومات» في فرنسا ،تستحق املتابعة والتأمل ،خصوصا أن الروائي الشاب أوريليان بيالجني ( 23سنة) ،ارتبط اسمه منذ البداية باسم روائ��ي معروف وهو ميشيل ويلبيك ،إذ انساقت بعض عناوين الصفحات الثقافية إلى مقارنته بصاحب رواية «املنصة» و«إمكانية جزيرة». يبدو تأثير الروائي ميشيل ويلبيك واضحا ،فأوريليان بيالجني أصدر دراسة عن ويلبيك سنة 2010بعنوان «ويلبيك الكاتب الرومانسي» عن منشورات «ليو شير»، كما أن اهتماماته الفكرية ال تختلف عن عوالم ويلبيك، فهو كان طالب دكتوراه سابق في شعبة الفلسفة ،لكنه تخ ّلى عن إمتامها وكان موضوعها« :ميتافيزيقا العوالم املمكنة» باملدرسة العليا للدراسات االجتماعية.
هوس جيل «الغيك»
خمسمائة صفحة هو حجم رواية «نظرية املعلومات» الصادرة عن دار «غاليمار» ،أول عمل روائي ألوريليان حتوالت العصر بيالجني الذي حاول فيه أن يقذفنا في ّ التكنولوجية ،حتى إننا أحيانا ّ نشك في كوننا نقرأ نصا روائيا أم مج ّرد مرجع أو دليل حول املستحدثات التقنية، فشخصية باسكال إيختوجني الروائية ال تختلف عن شخصية كزافييه نيل الواقعية ،وهو ميلياردير فرنسي معروف ،مؤسس أكبر شركات االتصاالت واألنترنت، وأحد الشركاء في مؤسسة «لوموند» اإلعالمية. باسكال إيختوجني يشبهه مت��ام��ا ،فهو يعلن عن اهتمامه ،في سن مبكرة ،مبجال املعلوميات ويصبح ثريا في سنّ العشرين ،بعد أن كان واحدا من أبناء الضواحي الهامشية .باسكال إيختوجني ،كما يبينّ اسمه الذي يقلب حروف كلمة Etrangerأي الغريب لتصبح ،Ertanger مي ّثل جيال جديدا مهووسا باملعلوميات والشبكات، منطلقا من أجهزة «مينيتيل» ،التي اخترعتها فرنسا
ومت القذف بها في مقبرة املستحدثات التكنولوجية، إلى أجهزة احلاسوب املستوردة سنوات السبعينات من الواليات املتحدة األمريكية ،لينتهي به املطاف في النهاية كأحد أباطرة الثورة الرقمية ومبدعيها. «نظرية املعلومات» التي اعتمدها أوريليان بيالجني هي نظرية كلود شانون العلمية أو املسماة «بخطاطة ش��ان��ون» املساهمة في تطوير علوم اإلعالم واالتصال ،رغم ذلك ،يرفض أوريليان بيالجني صفة «الغيك» أي ذلك الشخص املنعزل واملهووس مبجال محدد، ّ ويفضل أن يل ّقب بـ«العلمي املستاء» .رغم يحولنا جميعا ،ه��ذا االنفجار ذل��ك ،أل��م ّ الكبير للمستحدثات التقنية الذي نعيش كل يوم سباقه نحو األس��واق ،إلى «غيك» يصيبنا أي ان��ق��ط��اع لصبيب األنترنت باجلنون؟
يحكي أوري��ل��ي��ان بيالجني ف��ي ح��وار معه ،بأنه كان يشتغل بائعا للكتب ،فقرر يوما اعتزال العمل والتف ّرغ لكتابة رواية، يقول« :في البداية ،لم أكن أفعل شيئا ،ولم أك��ن أكتب حتى .لذلك قمت بإعادة ق��راءة «الكوميديا البشرية» لبالزاك .وكلما أوغلت في القراءة أصبحت معجبا أكثر ،فنصحني صديق أن أكتب رواية بالزاكية». واق��ع��ي��ة أوري��ل��ي��ان بيالجني جتعله يستلهم اسم شخصية عامة كامليلياردير كزافييه نيل ،وحتويله إلى شخصية روائية ،أو استحضار شخصيات سياسية كنيكوال ساركوزي ،وهي التقنية نفسها التي اعتمدها ميشيل ويلبيك في متنه الروائي.
الحاسوبُ ،موزَ ٌار جديد
ُيس ِ ّل ُم جوليو بريسكو ،بلهجة اإلنسان العابر «معادل ِّ الطيب ،بأنه في يوم ما سيكون لنا ُ هذه التكنولوجيات (أي :خوذة تقرأ موجات الدماغ الكهربائية أو رقاقات مزروعة داخل اجلمجمة) في الدماغ« .ميكن للدماغ أن يرسل رسالة إلى احلاسوب .تخيلوا القيام بالعملية نفسها في االجتاه املعاكس ،أي من احلاسوب إلى الدماغ ،وها نحن لسنا بعيدين جدا عن التخاطر» .وعندما ستكون هذه العمليات قد تقدمت مبا فيه الكفاية في عام ،2030حسب جوليو بريسكو ،هل ستكون جتربة الواقع االفتراضي حقيقية بحيث لن يعود بإمكاننا متييزها عن الواقع احلقيقي؟ هل سيظهر من هنا ذكاء خارق لدرجة هل سيصير الشعور ب��ال��ـ «أن����ا» ،واإلب��داع��ي��ة ،وال����روح البشرية باختصار ،في متناول اآلالت وليس حصرا على البشر؟ هل ستستطيع احلواسيب في يوم من األيام أن تلحن معزوفات موسيقية للبيانو ،وتؤلف كتبا ،وتستمتع بقطعة من الفن املعاصر؟ هل سينصه ُر الذكاء العضوي ُ يتساءل الفيزيولوجي في نظيره االصطناعي؟ ال��ف��رن��س��ي ج��ان-دي��دي��ي��ه ف��ن��س��ان ودك��ت��ورة احل��ق��وق جونيفييف ف��ي��رون ف��ي كتابهما «مرحبا إلى اإلنسانية العابرة» .في مفترق الطرق بني عاملني :عالم أجهزة الكمبيوتر التي تصبح هي نفسها ما تصير أكثر ذكاء إلى أن َ بعد إنسانية ،والبشر الذين ُير ُّقونَ أنفسهم ِ اآلالت التي لكي يندمجوا في نهاية املطاف في َ حتميل العقل ،أي صمموها هم أنفسهم ،جن ُد َ تنزيل وعينا في حامل آخر غير جسدنا.
وعي داخل اآللة ٌ مقتنع ،مثل بضعة آخرين، جوليو بريسكو ٌ بأننا «قابلني لالختزال في املعلومات املش َّفرة ف��ي بنية دم��اغ��ن��ا وخ��ص��ائ��ص��ه الفيزيائية والكيميائية» .ويرى ما بعد اإلنسانيني َّ أن أخذ نسخة من شخص مما تتلخص في نقل ُ دماغه إلى حامل املعلومات التي يحتويها آخ��ر ،إلى حاسوب هائل مثال« .األم � ُر ُيشبه أن أقرر نقل ملف من هاتفي إلى هاتفك ،إال أن امللف هنا ،سيكونُ هو أنا .أو أنت»ُ ،يع ِ ّل ُق الباحث بكل بساطة وه��و يمُ ��س� ُ�ك بهاتفني ذكيني.
تثليج الدماغ والحياة ثانية يشتغل ب��اح��ث��ون بالفعل م��ن��ذ وق���ت على إع���ادة بناء ال��دم��اغ قطعة قطعة ،واخلاليا العصبية واحدة واحدة واملشبكات العصبية واح��دة واح���دة ،وصنع دم��اغ افتراضي في ح��اس��وب ع��م�لاق ،مثل ف��ري��ق البروفيسور هنري م��ارك��رام ،في ال��ـ ،LFPEفي العالمة
املدهش أن هذا الروائي الشاب ال يخفي اعتماده على موسوعة «ويكيبيديا» وال يخجل من االع��ت��راف بأنه بفضل هذه املوسوعة استطاع م��رات عديدة أن يعثر على حلول سريعة لورطاته السردية ،وهنا ال ميكننا أن ننسى مع ّلمه الكبير ميشيل ويلبيك ال��ذي اتهمته
مرئيـات
ما بعد اإلنسان سنة ..2050عندما يصير اإلنسا ُن إنسانا أعلى ()3 س��ل��س��ل��ة م���ن ال��ب��ح��وث ال��ع��ل��م��ي��ة ي��ق�دّم��ه��ا ويترجمها الكاتب والباحث املغربي محمد أس��ل��ي��م ع��ل��ى ح��ل��ق��ات ،تنقل ألول م���رة إل��ى العربية على جريدة «األخبار» ،حول نظريات ما بعد اإلنسان ،فاإلجنازات التكنولوجية ت��غ��زو حياتنا إل��ى ح��د ستخلق معه نوعا بشريا ج��دي��دا .ه��ذا ه��و أم��ل أن��ص��ار حركة «اإلنسانية العابرة» ،وهي عائلة من الباحثني ورثة اخليال العلمي وق َّناصو اخللود .وقد ال��ت��ق��ت مجلة « »L’Illustréب��أح��د س��ف��راء احلركة.
هل هو عصر ما بعد األدب؟
رواية بالزاكية بلغة موسوعة «ويكيبيديا »
أفكار
ترجمة :محمد أسليم
ويقصفك باملعلومات العلمية والتقنية ،كما هو الشأن مع رواية «نظرية املعلومات» ،إلى درجة أن بعض النقاد سخر من أوريليان بيالجني واعتبر أنها تشبه السلسلة العلمية الشهيرة «ماذا تعرف؟». جريدة «ليبراسيون» الفرنسية عنونت متابعة لها حول رواية بيالجني اجلديدة «هذه الرواية لم يكن لها أن ترى النور من دون «ويكيبيديا».
التجارية املسجلة بتوقيع مشروع الدماغ األزرق .ط��م��وح��ه��م ع�ل�اج���ي :حت��ق��ي� ُ�ق فهم أفضل لألمراض العصبية وعالجها بشكل أفضل .وم��ع ذل��ك ،فإمكانيات ه��ذه البحوث التي تظل بعيدة املنال بالنسبة لإلنسانيني العابرين ،نظرا لتعقيد الدماغ ،جعلت هؤالء يحلمون بها .بيد َّ أن معظمهم لن يستطيعوا االستفادة من هذه التطورات التكنولوجية. فاملراهنة هنا تت ُّم على التجميد ،أي على حفظ أعضاء اجلسم في درجات حرارة منخفضة ج��داَ .ي ُ كل املعنيونَ بهذا األم��ر أجسادهم - أو أدمغتهم فقط -لشركات لتجميد املوتى نشطة جدا في الواليات املتحدة ،مثل شركة ألكور .www.alcor.orgوبحفظ أنفسهم بعثوا من على هذا النحو ،فهم يأملون بأن ُي َ تيح التكنولوجيا ذلك .وقد جديد ِط ِ ّبيا يو َم س ُت ُ جم َد خمسة أشخاص كليا أو جزئيا ُجثتهم َّ في شركة ألكور في عام .2011ولكن للتجميد حدود معينة :فاألنسجة واألعضاء تفسد بني وق��ت ال��وف��اة وعملية احلفظ .في مختبرات م��ؤس��س��ة احل���ف���اظ ع��ل��ى ال���دم���اغ بجامعة ه���ارف���ارد ،يعيد ال��ب��روف��ي��س��ور ك�ين هيورث ��ور إج��راء األم���ل مل��ا بعد اإلن��س��ان��ي�ين ،إذ ط� َّ كيميائيا حلفظ الدماغ على مستوى متناهي الصغر أثبت فعاليته على الفئران .ويرى جوليو بريسكو َّ أن «هذا بالفعل هو مفتاح اخللود».
ُ العيش داخل حاسوب
َيتو َّقع جوليو بريسكو أنه في غضون عشر سنوات س ُيمكن تطوير معادل لهذا اإلجراء اإلكلينيكي خاص بالبشر ،لنكون آن��ذاك مع بدايات حتميل العقل الذي يتوقع أن يتم في عام .2050يقول« :سوف يستطيع اإلنسانُ في مرحلة أول��ى أن يتطور بضع ث��وان في واق���ع اف��ت��راض��ي داخ���ل ح��اس��وب ف��ائ��ق ،ثم ستصبح أسعار التكنولوجيا تدريجيا في املتناول .وهناك احتمال كبير أال يكون ملعظم الناس في عام 2100إطالقا اجلسد املادي ُ ستعيش نسخة َ منك في الذي نعرفه اليوم. العالم االفتراضي ،وس ُيمكنها حسب رغبتها أن تقتني لنفسها ج��س��دا بيولوجيا ،هو النموذج األخير جلسد بيوني أو أن تبقى افتراضية ».حتول اإلنسان إلى كائن ما بعد ُ والعيش مثل البرمجيات كائن بيولوجي، املعلوماتية ،ومحاكاة البيئة بتقنيات الواقع االفتراضي – مع ما سينطوي عليه ذلك من مزايا وعيوب ،وضرورة النسخ االحتياطي، والعودة في ال َّزمن ،ولكن أيضا سرقة البيانات أو قرصنة ال��ذه��ن :ه��ذه ال��رؤي��ة للعالم في مطلع القرن تذكرنا بتلك التي تخيلها كاتب اخليال العلمي األسترالي غريغ إيغان في روايته «شتات عام « .»1997إن كنا قادرين على تصنيع عوالم بكائنات ذكية في داخلنا، فال ميكننا استبعاد أننا أنفسنا كائنات ذكية ُ يالحظ جوليو أنشأها من الصفر أح ٌد ما»، بريسكو .وآن��ذاك سوف يأتي أوان األسئلة املخيفة التي يطرحها ما بعد اإلنسان بالفعل وب��إحل��اح على وال��ده كما يطرحها مخلوق ال��دك��ت��ور ف��ران��ك��ش��ت��اي��ن ع��ل��ى خ��ال��ق��ه .كيف نقبل بفكرة مغادرة جسدنا وتغيير طبيعته والتحول إلى كائنات غير مادية؟ وحتى لو سمحت لنا التقنية بذلك ،فهل من الضروري أن نقوم بذلك؟ يجيب جوليو بريسكو« :الكف عن البقاء طفال من أجل التحول إلى بالغ هو أيضا أمر مخيف .أنا لست نادما مع ذلك أني ُ أصبحت بالغا .وإيقاف عملية التطور العلمي والتكنولوجي اجلارية هو منع طفل من أن يك ُبر».
نبيل منصر
الصحافة الثقافية سنة 2010بانتحال مقاطع كاملة من موسوعة ويكيبيديا. لكن ذلك بالنسبة إلى ويلبيك هو تقنية سردية تعتمد معلومات واستشهادات تدعم السرد ،وأحيانا يوهمك الكاتب ب��أن رواي��ت��ه تأخذ منحى وأسلوبا توثيقيا،
انتقادات كثيرة نشرتها الصحافة الفرنسية الورقية واإللكترونية ،أهمها أن هذه الرواية التي قامت مبسح لثالثني سنة من االختراعات العلمية في خمسمائة صفحة ،نوع من املبالغة ،يقول موقع «ميديا ب��ارت»، وكلما تقدّمنا في القراءة «كل شيء يبدو «ما بعد» شيء آخر ،حتى أننا قد نتساءل ماذا ميكنه أن يخترع أكثر «ما بعديا»؟ رمبا ،ما بعد األدب؟» حتاول موجة األدب الويلبيكي أن تستشرف املستقبل، وأن متنحنا رؤي��ة «كلبية أو سينيك» عن مجتمع ما بعد صناعي تتقدم فيه احلضارة نحو عصر ما بعد للتحوالت اإلنسان ،فرواية بيالجنيه تبدو مثل سجل ّ التي تعيشها فرنسا ،منذ ظهور جهاز املينيتيل الفاشل إلى آخر التنظيرات املستقبلية حول مجتمع التواصل اجل��دي��د على األن��ت��رن��ت ،Web 2.0لنلمس خطابا سياسيا واضحا ينتقد احتكار التكنولوجيات احلديثة التي ستهيمن على حياتنا وحتدث انقالبا في سلوكاتنا ورؤيتنا للعالم ،بدءا من شركة االتصاالت في فرنسا مرورا بـ«غوغل» و«إيبل». حياة بطل الرواية باسكال إيختوجني يختصر تلك ال��ت��ح��والت العميقة ف��ي حياتنا إذ سيصبح ،حسب اجلملة األول��ى التي افتتحت ال��رواي��ة« ،املليارديرات هم بروليتارويو عصر ما بعد اإلنسان»« .فتدريجيا، سيتخلى البشر عن حياتهم الدنيوية لصالح رحلة بال حراك «كما تعلن رواية «نظرية املعلومات».
أوسكار نيماير ..مهندس أدهش العالم
روح املُهندس العاملي ،البرازيلي أوسكار نيماير، صعدتْ ُ َ إلى السماء ،بعد أن نثرتْ أيقوناتها اجلميلة في جميع بقاع تنتصب الكون .كل قطعة أرض تشربتْ ندى إلهام نيميار، ُ فكر ُتها املعمارية في بهاء إشراقي يس ُّر الناظر ،و ُيعطي للمكان احتماالته الشعرية التي تصون السر .حقيقة ،لقد اختبرتْ الوديع ُة املعمارية ،جدار َتها الفنية ،في خيال ِ جعلت ذهب إلى فانتازيا سحرية، نيماير اخل�لاق ،الذي َ ُّ َ تنشق عن مخلوقات معمارية نورية تبدوُ ،م َج ّللة في األرض بياضها ،وكأنها هبطتْ للتو من السماء .السح ُر ك ّله ُيسطره ُ خيال ميليار في تصاميم ُمدهشة ،متنح البناية كيانا ُيضفي على وضيفتها أبعادا مجازية ،تغذي خيال اإلنسان قبل أن تفي جتاهه بالتزاماتها اليومية. وُ ِل � َد أوسكار نيماير( )1907بريو لعائلة بورجوازية من أصول متعددة .في شرايينه البرازيلية تتدفق دماء جرمانية وبرتغالية وعربية وإفريقية ،لتجعل منه ُملتقى صمها السح ُر الفنتازي للبرازليني، أصداء ثقافية كونيةَ ،ب َ الذين ُيقبلون على احلياة بنهم ِحسوي إبداعي .األلوان املُغتبطة باحلياة ودفئها ،تنعكس على خيال تصاميمه املُتفتحة فوق األرض ،كزهور أسطورية تتضوع بشذى كوني .على امتداد سبعني سنة من العمل الفني الذؤوب، شارك نيماير في أكثر من 600عمل معماري في العالم، أغل ُبها ينتصب في شموخ وتواضعُ ،يرضي طموح الفنان إلى املجد ،لكنه يبقي أيضا على حظه من السر واألفة وال��غ��راب��ة .صفات ال تتناقض ،ألنها منبثقة من ُصلب ُ يعشق احلياة فوق األرض ،لكنه يطوي خيال معماري أنهارها وجبالها وغاباتها بأجنحة تبتعد لتقترب أكثر من اجلوهر. مباشرة بعد تخرج نيماير من مدرسة الفنون الوطنية، َ اشتغل في مكتب فرع العمارة ،بريو دي جانيرو(،)1934 «لوسيا كوستا» املعماري البرازيلي املعروف بتوجهاته صممني ملبنى الوظيفية الطليعية ،ليشارك ضمن فريق املُ ِ ّ وزارة امل��ع��ارف والصحة .وف��ي ( )1959أس��ن� َد رئيس البرازيل «خوسيلينو كوبيتجيك» ،إلى صديقه (نيميار)، ُمهمة اإلشراف على بناء العاصمة اجلديدة برازيليا ،التي أبدعَ تصاميمها زميله «لوسي كوستا» .تلك كانتْ مناسبة نيماير ليبتكر تصاميم أغلب املباني العامة ،ومنها
نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق
قصر الفارادو ،ومبنى الكونغرس الوطني ،وكاتدرائية متروبوليتان ،واملتحف الوطني للفن املعاصر...وفي كل م��رة ك��ان التصميم يجنح للخروج عن األط��ر املعمارية الكالسيكية ،ليستقر في فكرة شعرية خالقة بإيحاءات بخيال يتجاوزها مجازية متعددة ،حتتضن الوظيفة ٍ ِ بفيضه الكرمي. فعمر األرض بدهشة عاش نيماير أكثر من مائة سنةّ ، سمح ملوهبته معمارية ال ُتخطئها العني .هذا العُ مر الطويل َ بالتمدد أكثر ف��ي ال��زم��ان ،لتنتزع قبضتها م��ن مجهول األشكال .الفكر ُة املِعمارية تش َّربتْ أيضا نسغ الزمن للتمرد ُ متكث فوق األرض بقوتها الذاتية على قانونه بإداعات
تأمـالت أمريكيـة
الهامش ،في الهامش ،وهي تتابع وتراقب وتضبط.. ي��ج��رب��ون وه���م ي��ح��ق��ن��ون ب��امل��زي��د من اجلرعات ..ال ألم..ابتسامة وهدوء ..ويتم تفتيت الطرائد بصورة يستحيل جتميع أطرافها.. >>>>>
خالد سليكي
ترى اجلميع وال ترى أحدا .نصف عقلك ملوث بالذاكرة الرهيبة والنصف اآلخر لوثته األقنعة..بينهما الوهم .يضيع منك فهمك الواضح للواقع ..فكرتك عنه مجرد حقائق ال معنى لها ..ولن يسعفك في فهم ما يدور من حولك.. عن أي واقع ميكنك أن تتحدث؟ وكيف ينبغي لك أن تتحدث عنه؟ ثم ملاذا؟ >>>>>
منذ أن تسقط رأسك على هذه األرض أو تضع قدمك عليها..سيان ..تتعلم أنك وحدك ،وعليك أن تتدبر أمرك ،وعليك أن تتخلص من كل شيء .خذ املبادرة .اختر حياتك أو م��وت��ك .ق��ل .ال تقل .ل��ك حياة ينبغي أن تنهيها ف��ي صمت وه���دود.. ثمة جهة واحدة تتكفل برفع األصوات.. الصخب ليس ملكا لكل أحد..وإذا لم تكن قادرا فثمة من ينوب عنك.. >>>>>
ي��ت��م إغ������راق ال��ع��ال��م ب��ال��ت��ص��ري��ح��ات امل��ت��ض��ارب��ة .ف��ي الظاهر ي��ب��دو تناقضا وخلبطة للساسة والسياسيني األمريكيني. إنه عصف ذهني ماكر وذكي ومخادع، يشرك اجلميع ويتم إلهاء الكل ،غير أن األه���م ال ي��ق��ال ..وال ي��ع��رف .الكواليس وامل��خ��ت��ب��رات تشتغل ف��ي ص��م��ت ،على
ا ُملتجددة .لقد ع��اش نيماير أحداثا تاريخية كبرى على َ وعرف كيف َيحمي عُ مقا ه َّربه حتت امتداد القرن العشرين، َ سقط وطنه البرازيل في أيدي حكم جلده إلى أوروبا ،بعدما العسكر .ولم تكن شيوعية نيماير ،متناقضة مع خياله احلر، الذي يعكف على املادة املعمارية برفق ومحبة يجعالنها ُمحاورة لعمق أبدي. من منفاه األوروبي ،دشن نيماير ،في الواقع ،طورا آخر من مغامرته املعمارية ،بفرنسا وإسبانيا واجلزائر والعراق... بعد أن كان واحد من أح َد عش َر ُمهندس معماري ،شاركوا في تصميم مبنى األمم املتحدة ،على ضفاف النهر الشرقي. وعلى امتداد جتربته الطويلة ،أبدا نيميار حيوية معمارية ال تستكني لغير اإلبداع والدهشة .لقد اتخذ مثال تصميمه لكاتدرائية متروبوليتان هيئة أذرع منحنية ،مشدودة دائريا للسماء على نحو يوحي بالتهجد ،في نوع من جدل األرض والسماء ،وتوحي في منظرها العام بزهرة خرافية مشدودة للروحي .أما متحف برازيليا فيتخذ شكل صحن كبير ،ينفتح وجهه على السماء ،فيما تقف قاعدته على جذع دائري سميك في ليونة وانسيابية ،وتخترقه من جهة البطن طريقان طويلتان ،مشدودتان بقاعدتني إسمنتيتني، عبرهما تظهر جبال وم��ي��اه .بينما مقر احملكمة العليا فهو عبارة عن بناية زجاجية شفافة ،تربض داخل إطار مفتوح ،يقف على أذرع متباعدة منحنية ،وأمامها جتلس امرأة باستقامة على عرشها ،فيما يبدو رامزا للعدالة .أما القصر الرئاسي الفارادو فيتقدمه عمو ُد يشبه مسلة ،بعده جوف شبه بيضوي ،خلفه تنتشر يتمدد شكل معماري ُم َّ بناية ذات علو منخفض ،تتقدمها أقواس متجاورة ،وهو يوحي بالنبالة ويعطي إحساسا باالطمئنان. استلهم أوسكار نيماير فنه املعماري من طبيعة بلده وحيوية شعب البرازيل .لقد و َّقع دائما قصيدته املعمارية ذات االن��ح��ن��اءات السحريةُ ،مستلهما مشاهد اجلبال وتعرجات األنهار وانبساط البحر وفورة األمواج ،فضال عن جمال املرأة البرازيلية ودقة منحنياتها ،دون نسيان ما علق بروح الفنان من نسوغ تكوينية بعيدة ،ضاربة الغور في امليثولوجية الشخصية للمهندس .لقد أبدع أوسكار نيماير فأدهش العالم ،واستحق جائزة بريتزكر(،)1988 صنو «نوبل» في مجال الهندسة املعمارية .يحقق للبرازيل إذن أن تعلن حدادا رسميا ملدة سبعة أيام ،لوفاة هذا املبدع االستثنائي.
يفتخر العرب ،املهاجرون ،مبا الينبغي لهم أن يفتخروا به .العالقات االجتماعية والتكافل.. ال أع��رف من جيراني إال القليل منهم، ومن أعرفه أتبادل وإياه التحية .ال أحد يتدخل في شؤون اآلخر .ولست مضطرا ألن تساعده على معرفة حدود حريته!! كنت أقطن في عمارة ،في املغرب ،ملدة 52سنة .ثمة جيران لم نتبادل حتى سالم األعياد اإلسالمية! ماذا نسمي هذا؟ أجمل ما في بلداننا قد فقدناه أو في الطريق إلى افتقاده. اجلار إما أن يكون صديقك بال حدود أو عدوك بال حدود. صديقك تبادله حتى مالبسك الداخلية،
أو عدوك فيستعمل كل الوسائل إليذائك.. إن لم يستطع بالضجيج ليال ،أو قطرات فبدِ يك يؤذن عليك كل فجر.. املاء العادمِ ، >>>>>
للجهل م�لام��ح واح���دة يتقاطعها كل اجل��ه��ل��ة ،وف���ي ك��ل امل��ج��ت��م��ع��ات .ال ف��رق بني عربي وأمريكي ..لكن الهجرة تعمق امل���أس���اة وجت��ع��ل امل��ه��اج��ر ص���ورة حية ملسرحة من��ط م��ن ال��وع��ي امل��ض��اد .فيتم متجيده على شاكلته ،م��ن خ�لال خلق ظ��روف تواجده ،ل ُيغ َّرب أكثر ويدفع به إلى مناطق يصبح فيها خطرا على ذاته قبل اآلخرين.. ه��ك��ذا ت��ت��م ع��م��ل��ي��ة ص��ن��اع��ة «ال���ع���زل» و«االستئصال»!!! >>>>>
أش��د ال��وح��وش ش��راس��ة ،يتم قنصها بطلقات م��خ��درة ..تبدو ل��ك هائجة ،ثم تراقب عن بعد...تتهاوى وتسقط .ال هي ميتة وال هي حيةُ ..يفعل بها ما شيء وتلصق بها شريحة لرصدها عن بعد.. ثم تطلق في األدغال..أدغالها هي.
4
ع��ص��ر اجل���ي���ن���وم !...م����اذا ت��ب��ق��ى من احلرية!؟ >>>>>
ي��ب��دو ال��ن��ظ��ام أخطبوطيا ومطاطيا، ويبدو قابال لالختراق والسيطرة ..يوهم اآلخرين بذلك ..لذلك يروج لفكرة نهاية الهيمنة ،ونهاية الرأسمالية ..وقد نسي اجلميع أنه مت اإلعالن ،من هنا ،عن «نهاية التاريخ» و «صدام احلضارات».. الفهم اجلديد جت��اوز منطق األبيض واألسود... >>>>>
قرأت هذا النص« :إن النساء ينتفضن باالنتحار أو الغناء» ال��ش��اع��ر األف��غ��ان��ي ،سيد ب��ه��اء الدين مجروح. ذك��رن��ي ك��ت��اب «ك��ت��ب��ي ك��اب��ول» بكتاب جيرالدين بروك عن املجتمعات اإلسالمية الشرقية.. حني يكتب اآلخر عنا فإنه -بعيدا عن اخللفيات -يسلط األضواء على جوانب، غالبا ،ما نعتبرها ع��ادي��ة ،لكنها هامة وحبلى بالدالالت.. ف��امل��رأة قضية القضايا .ذك��رن��ي هذا الكتاب بكل املشاهد التي عاينتها في حياتي ...تذكرت بعض النساء اللواتي تزوج رجالهن بنساء أخريات ..والدموع.. ومدى القهر الذي عانينه.. لعل أخطر عنف ميارس على املرأة هو زواج الرجل بامرأة ثانية.... أح���ب ال��ق��ان��ون األم��ري��ك��ي ال����ذي ي��زج بالرجل ،إذا ما خولت له نفسه أن ميارس هذا اإلجرام ،في غياهب السجن... أمت��ن��ى ،ف��ي ال���ب���دء ،أن حت��ق��ق امل���رأة العربية/اإلسالمية ما حققته نظيرتها األمريكية ..ثم يكون احلديث عن البقية!.. األمريكي إذا كتب ،فإنه ال يكتب إال بحثا عن مركزيته واختالفه؟! كاتب وباحث مغربي مقيم بأمريكا
14
العدد l 59الخميس/الجمعة 25/24يناير 2013
الملحق الثقافي
القصة املغربية ..ما قصتها بالضبط؟
دريئة العدد
إعداد :عبد الوهام سمكان
القصة املغربية ،ما قصتها بالضبط؟ هل هناك فعال قصة مغربية؟ وملاذا كل هذا الضجيج الذي يرافق مسارها من داخلها ومن خارجها؟ وما س ّر فوضى التجنيس الذي يرافقها؟ وهل القصة القصيرة جدا هي فعال اختيار سردي أم أنها ليست أكثر من استسهال؟ وما س ّر ملتقيات القصة ومقاييس اختيار املشاركني فيها؟
محمد يحيى قاسمي :فوضى التجنيس في القصة القصيرة باملغرب
منذ سنة ،1947تاريخ صدور أول عمل قصصي – من وجهة نظرة بيبليوغرافية -إلى اآلن ،وصل عدد املجموعات الصادرة باملغرب إلى تنوعت جتنيساتها تنوعا لم تشهده باقي األقطار العربية. 616مجموعة ّ تعدّدت جتنيسات املجموعات القصصية املغربية وتنوعت ليس انطالقا من مجاورتها ألجناس أدبية أخرى ولكن داخل جتنيس واحد. وقد وصل عدد التجنيسات إلى 94جتنيسا للقصة املغربية ،ميكن اختزالها في احلقول التالية :إبداع -حكي – خواطر -سرد -قص – مذكرات – نص . قص التجنيسات التالية : تتفرع عن حقل فعل ّ أقاصيص (باإلفراد واجلمع) – أقاصيص أندلسية -أقاصيص قصيرة – قصص بصيرة -قصص جتريبية – قصص ثرثارة – -قصص قصيرة – قصص قصيرة جدا -نصوص قصصية – ورشة قصصية. وتتفرع عن حقل فعل حكى التجنيسات التالية :حكايات – محكي – محكيات – وتتفرع عن حقل فعل سرد التجنيسات التالية : متون سردية -منظومات سردية في العشق والوجود -نصوص سردية وتتفرع عن حقل فعل روى التجنيسات التالية :رواية قصصية وتتفرع عن حقل فعل ذكر التجنيسات التالية :تذكرات وتتفرع عن حقل فعل نص التجنيسات التالية :نصوص بتنورات قصيرة نصوص بدون هوية -نصوص ساخرة – نصوص بالتناص-ونضيف جتنيسات أخرى مثل :أعمدة -ترحاالت مفتوحة -منظومات هلوسات – سيناريو.تتفاوت التجنيسات املرصودة من ناحية الكم إذ يحتل جتنيس قصص املرتبة األولى ثم يليه جتنيس قصص قصيرة فتجنيس قصص قصيرة جدا ثالثا فجنس قصة رابعا. غياب التجنيس عن كثير من األعمال القصصية دون أن يفسر ذلك بأنه ثورة على نظرية األجناس األدبية . جنست كثير من األعمال نفسها بجنس القصة خاصة في العقود األولى من القرن املاضي ،وهو أمر ال عالقة له بالقصة القصيرة .واملالحظ أن أغلب الذين جلئوا إلى هذا التجنيس هم من اجليل القدمي .بل وصل حد التمسك بهذا التجنيس إلى األعمال النهرية أو املسلسلة . توزع النقد املوازي للقصة املغربية نفسه عبر جتنيسات متعددة. النساء أقل جرأة من الذكور في مسألة التجنيس. أغلب اإلشكاالت املطروحة مردها –في نظري-إلى أربعة أمور أساسية هي : * أوال :غياب الوعي النظري لدى كتابنا وخاصة املبتدئني منهم بقضية األنواع األدبية . * ثانيا :غياب جهاز نقدي متمكن يضبط الفوضى السائدة في قضية التجنيس دون أن يعني ذلك فرض قيود على املبدع . * ثالثا :مشاكل النشر باملغرب ومتاعبه . * رابعا :الهواية الطاغية على كتاب القصة ،واألدب بصفة عامة باملغرب، ألن الكاتب احملترف حريص على تتبع عمله في كل مراحله من الرقن إلى اختيار العتبات إلى التجنيس إلى ثمن الكتاب إلى التسويق إلى القراءة .
سعيد بوكرامي :القصة القصيرة جدا مجملها مجرد تمارين إنشائية القصة القصيرة الناجحة جنس أدبي متمنع ومحصن ال يستطيع دخول حدائقه إال كاتب بارع .والقصة املغربية الناجحة قليلة جدا ،وميكن عدّها على أطراف األصابع .وحتى كتاب القصة املغاربة الكبار لديهم قصصهم الناجحة وهي ضمن أرشيفهم األدبي عالمات فارقة قد تغنيهم عما تبقى من قصص أخرى .ونادرا ما جند قاصا مغربيا يبرع في مجمل قصصه ،فتجده من مشروع قصصي إلى آخر ،يشيد حدائق بابل بأناة ووعي وبراعة . القصة املغربية قليلة ،وكتابها كذلك ،ونحن نريد لها أن تغزو كل املنابر. طبعا يجب أن يقوم النقد األدبي بدوره كي يقودنا إلى األلوان بدل عمى األلوان .وأمتنى من النقاد أن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية ويخرجوا من دوائر اإلخوانيات ،ألن هناك أسماء في القصة املغربية تستحق االهتمام. أما القصة املغربية القصيرة جدا فأغلبها محاوالت للتمرس على كتابة القصة القصيرة .وهي في مجملها -إال ما قل -مجرد متارين إنشائية ،قد تكبر وتشب ،لتصبح كتابة قصصية احلقيقية . وبخصوص املهرجانات أو اللقاءات املخصصة للقصة القصيرة ،فمقارنة بدول أخرى فاملغرب ال توجد فيه إال مهرجانات األغنية والصناعة التقليدية، بينما املهرجانات األدبية فعزيزة املنال وحتى وإن وجدت فهي تهتم بأشياء أخرى غير األدب.
محمد الشايب :القصة تعاني الكثير من األمراض الخاصة
هذا اجلنس األدبي ،يتطور بوتيرة متسارعة ،فعدد اإلصدارات تتزايد باستمرار .كل هذا يجعل من القصة الصغيرة في املغرب ،اجلنس األدبي األكثر حضورا من خالل عدد األندية وامللتقيات واملهرجانات .وأعتقد أن القصاصني املغاربة استطاعوا أن يؤسسوا لقصة مغربية ،بلغتها وفضاءاتها وشخوصها وأحداثها ،ولها خصائصها التي متيزها عن القصة في الشرق أو في الغرب ،إن كتابا كبارا كمحمد زفزاف وادريس اخلوري ومحمد شكري وأحمد بوزفور ،استطاعوا أن يجعلوا القصة
ربيعة عبد الكامل
ميكن كنت والو وعطاوني سمية مي��ك��ن ن��ك��ون «ك���اب���وس» لشي واحد وأنا باقي ما كاينش ميكن كنت حرف على الورقة... ومتحيت ميكن كنت سطر مح َّرز ومل��ا عرفو س � ّري ،ما بقيتش كاين <<<<<
ميكن يد وبال بصمة ميكن شي خيال ومحاه الضو.. ..ميكن ميكن .. .. .. ميكن أنا كذبة ..أنا ما كاينش أن��ا كثير ب��ال��زاف ...ه��ي ما كاينش
عبد الحميد بوحسين
محمد آيت حنا فاطمة الرغيوي
محمد قاسمي
محمد العتروس
القصيرة تتكلم لغة مغربية ،وعلى هذا الدرب سار كتاب الحقون. ورغم ما حققته القصة القصيرة من تطورات ،فهي تعاني الكثير من األم��راض اخلاصة ،حيث تعددت التجارب وس��ادت فوضى عارمة على مستوى النشر ،خاصة االليكتروني ،وعلى مستوى التجنيس تعددت املسميات وضاع اإلبداع في بحر االستسهال واإلخوانيات واملجامالت، كثر الضجيج ،ولم يتحمل النقد مسؤوليته ،وظل غائبا ،وحضوره في الغالب يأتي مرتديا ألوان املجاملة والصداقة ،ولم تنج امللتقيات القصصية من هذه اآلفة . عرفت اآلونة األخيرة ،ظهور مبدعني استطاعوا رسم مسارهم الفني الرفيع ،ونال بعض النقاد الشباب االحترام نظرا ملنجزاتهم الرصينة، ومتيزت بعض امللتقيات القصصية عن سواها ألنها سلكت طريق نكران الذات وخدمة اإلبداع.
ربيعة عبد الكامل :أغلب القصص عبارة عن أخبار أو نكات أو كتابات شذرية ال ميكن للمتتبع أن ينكر أن القصة القصيرة في املغرب ،خالل السنوات األخيرة ،عرفت تراكما كميا ملحوظا صاحبته متابعات نقدية حاولت متثل هذا الواقع و حتليله.لكننا ال ميكن أيضا أن ننفي بعض هفوات هذا اإلنتاج نذكر بعضها: النقد القصصي مطبوع باملجامالت واحملاباة ويبتعد عن املوضوعية، بل إن أغلب النقاد هم قصاصون إما يكتبون عن أنفسهم أو عن أصدقائهم. غياب متثل واضح ملفهوم القصة القصيرة جدا عند الكثير من القاصني املغاربة ،حيث أن أغلب القصص القصيرة جدا ،هي إما عبارة عن أخبار أو نكت أو كتابات شذرية بعيدة عن مقومات القصة القصيرة. امللتقيات واللقاءات التي تعنى بالقصة تكرر نفس األسماء ،ويصبح القصاصون خالل السنة رحال ينتقلون بني املدن ،ينصبون خيام الفرجة لالحتفاء مببدع أو مبدعة ،غالبا ما يعتذر عن احلضور ،ويعتذر معه أصدقاؤه النقاد ،ويعتذر اجلمهور كذلك ،ليتحول امللتقى إلى مجرد جلسة بني األصدقاء يستمعون إلى قصص بعضهم. لكن ال ميكننا أن ننفي كذلك أنه وسط هذا الضجيج القصصي هناك جتارب قصصية متألقة ملبدعني جتعلنا نصوصهم نقر أنه ثمة نور خافت وقوي وصادق يطمئننا أن القصة املغربية الزالت بخير.
فاطمة الزهراء الرغيوي :لماذا نضع القصة في قفص االتهام؟ أفضل أن أجيبك بسؤال يبدو لي بديهيا ،ملاذا نناقش وجود وشكل القصة املغربية كأننا نضعها في قفص االتهام؟ يبدو لي أن اجل��واب ال يكمن في الكم املوجود (باختالف التسميات أو التجنيس) ،وال في دفاعنا اجلاهز عنها بصفتنا كتاب قصة إذ إننا متحيزون ملا نكتب بالضرورة .أظن أن اجلواب يكمن في الغياب املؤسف
سعيد رضواني
للنقد الفعال الذي ميكنه وحده أن يجنس النصوص ويصنفها .فمهمتي ككاتبة ليست التصنيف بقدر ما هي مهمة الكتابة في حد ذاتها .هنا نالحظ الدور اخلافت للجامعيني ،أساتذة وطلبة ،في متابعتهم للمشهد األدبي املغربي مبا يليق من دراسة ونقد باستثناء بعض املتابعات القليلة مثل سلسلة جتارب إبداعية اخلاصة بطلبة شعبة اللغات باملدرسة العليا لألساتذة مبرتيل والتجربة الرائدة ملجموعة البحث في القصة القصيرة. أما احلديث عن ملتقيات القصة ،فهو حديث ذو شجون .إذ إننا في غياب مؤسسات وجهات قادرة على تنظيم ملتقيات دورية يكون لها تأثير وازن في املشهد الثقافي الوطني (وخارج الوطن) ،نكتفي مبا سأسميه «ملتقيات هاوية» ،ال توثق أشغالها وال حتدث تغييرا إيجابيا في املشهد القصصي لكنها فرصة للتعرف على جتارب إبداعية متنوعة.
سعيد رضواني :القصة آللئها تضاهي روائع القصص العالمية القصة املغربية نضجت وتشكلت هويتها وكل طعن في هذا أعتبره مجرد لغو قد يجد من يهلل له لكن حتما لن يجد القوة للصمود طويال في وجه احلضور الناضج والقوي للقصة املغربية .وفقا لتصوري يستحيل تقدمي مالمح قصصية محددة تتقاطع فيها كل التجارب القصصية ،ذلك أن كل قاص (وأقصد هنا أساتذة هذا اجلنس األدبي) يعتبر مختبرا حقيقيا ينحو نحو تقطير نصوصه املتفردة التي ال تعدم الروح املغربية ،لكنها تنأى عن تقليد ومحاكاة جتارب غيرها .أصبحت قصة «القصة املغربية» مثل قصة طائر السيمورغ ،كيانها الشمولي في تعددها الالنهائي. القصة املغربية فسيفسائية الشكل واملضمون ،اجترحت لنفسها مكانة مرموقة رسخها جيل الرواد في حقل الكتابة السردية .إنه تناغم االختالف ال��ذي متح من تضاريس جغرافية متنوعة في مغرب متعدد الثقافات ومتنوع التقاليد واملرجعيات الفكرية والعقائدية ،حتى بتنا قادرين على حتديد خصائص القصة عند كل قاص ،سواء كان من جيل التأسيس والتأصيل ،أو من جيل التجريب أو من اجليل احلالي ،وقاصرين عن حتديد مالمح القصة املغربية التي باتت هويتها فضفاضة دفعت بالبعض إلى االعتقاد بأنها تعاني أزمة هوية .األمر الذي أعزوه إلى حيويتها وزئبقيتها نتيجة اختالف طرائق سردها .وأظن أنها اليوم بعيدة كل البعد عن النمطية ،لها آللئ تضاهي روائع القصص العاملية ،شكال ومضمونا. أما االحتفاء الذي يرافق القصة املغربية اليوم يجب أن تزداد وتيرته ،شرط احلرص كل احلرص على عدم نسيان اجلوهري وهو انتاج ابداعات قيمة وعدم االهتمام بالعرضي أي صناعة النجوم واألسماء.
عبد الحميد بوحسين :لن أبحث عن النصوص التي تلبس الجالبيب وتدخن الكيف
هل قصص بورخيس أرجنتينية؟ أطرح هذا السؤال في مواجهة سؤال هل هناك قصة مغربية؟ اإلجابة نسبية ،وقد ال تكون ضرورية ،ألن األهم هو قيمة ما يكتبه
ثمة قصة مغربية ،ما دام هناك قصاصون مغاربة .غير أنّ بالطبع ّ القصة مطبوعة األمر ال يتع ّلق بتصنيف متليه دوافع ثقافية ،جتعل ّ بهوية محدّدة ،هي هوية املغربة .وإنمّ ا نتحدث عن قصة مغربية اليوم من منطلق ،كم التجارب القصصية الناجحة التي فرضت نفسها على أما على مستوى الهوية الساحة السردية ،والتي ال تدين للمشرق بشيءّ . القصصية ،فما يبدو مثير ًا وجميال باألساس هو هذا االختالف الكبير والتنوع في التجارب. بقوة، الضجيج الذي يرافقها طبيعي ،أل ّنها صارت جنس ًا حاضر ًا ّ وأل ّنه لم يعد باإلمكان النظر إليها كجنس ثانوي قياسا إلى الشعر أو الرواية. فوضى التجنيس منطقية ،فهي اجلنس الوحيد الذي يشكو من كثرة ٌ فالقصة جنس الش ّكاكني، مثال. األجناس ولنا في القصة القصيرة جد ًا ّ ثمة قلق داخلي يعتريها ،ما يدفع بعض القصاصني إلى البحث عن ّ جتنيسات فرعية. علينا التمييز في القصة القصيرة جد ًا بني حساسيتني مختلفتني: حساسية جاءت للقصة القصيرة جد ًا بعد التم ّرس على أجناس أخرى، وهي بالتأكيد غ ّذت الكتابة في هذا اجلنس بإبداعات جميلة .وحساسية القصة القصيرة جد ًا رأس ًا ،وهذه التجارب حتبو بصعوبة أخرى كتبت ّ بحث ًا عن بصمتها اخلاصة ،مع أنّ بعضها استطاع أن يبدع أشياء جديدة ،لكن يبقى االستسهال والنماذج اجلاهزة هو أكبر خطر يتهدد هذا اجلنس. امللتقيات القصصية ظ��اه��رة تستحق ال��ت��أم��ل ،لك ّني أم��ي��ل إلى تشجيعها مع أخذ املسافة من بعض السلوكات االرجتالية التي قد تض ّر اإلبداع .وأمتنى أن توثق األسئلة التي تناقشها في أعمال مطبوعة .أما عن مقاييس اختيار املشاركني ،فهي أم��ور موكولة لتقدير املنظمني .لك ّني أمتنى من أصدقائي القائمني على املهرجانات أن ال ينسوا أنّ هذه امللتقيات كانت في جانب منها رد فعل على ثقافة اإلقصاء التي مارستها املؤسسات الرسمية على املبدعني ،وبالتالي عليهم أن ال ينزلقوا في هذا املهوى بدورهم.
محمد العتروس :القصاصون ال يثيرون حولهم الكثير من اللغط مقارنة مع الشعراء ال��ق��ص��اص��ون ال ي��ث��ي��رون ح��ول��ه��م الكثير م��ن ال��ل��غ��ط ،باملقارنة م��ع ال��ش��ع��راء ،ألن��ه��م إم��ا زاه����دون وإم���ا ال يجعلون ال��ك��ون ي��دور ح��ول��ه��م ب��ل ح���ول إب��داع��ه��م .ل��ك��ن امل��ه��م ف��ي ك��ل ه���ذا أن���ه ضجيج بأقل ال��ع��داوات واخلسائر .رمبا هذا راج��ع إلى كون القصاصني املغاربة كل يلعب في ملعبه ويؤمنون أكثر بدميقراطية اإلب��داع القصصي. من بني هذه القضايا اخلالفية ما تسميه هنا فوضى التجنيس حيث رشحت مجموعة من املسميات ،وهي كلها أوصاف لطفلة خالدة واحدة هي :القصة .أحبذ النفاذ مباشرة إلى اجلوهر ،إلى القصة. هل أكتب القصة أم ال أكتبها؟ إن إشكالية الهوية هي إشكالية زئبقية .انطالقا من هذا الوعي ميكن أن نتعامل معها ب��دون شوفينية .مبعنى أن ننظر إليها باعتبارها راف���دا ومحفزا .وه��ذا يجرنا إل��ى احل��دي��ث ع��ن إتقان االشتغال على ما هو محلي مبنطق كونية .فالهوية كما فسرها أحمد بوزفور ليست أمنا إنها بنتنا. طبعا هناك قصة مغربية حقيقية وإال فما جدوى كتابات الرواد واألجيال الالحقة التي حاولت التأسيس لفضاءات ولغة وشخصية وأسلوب مغربي في الكتابة والتصور والرؤية. أكيد أن هناك قصصا متأثرة باألدب الشرقي أو الغربي ولكن هناك قصصا أخرى حتمل خصوصيتها املغربية .القصة العاملية ذاتها ليست جنسا نقيا ،وخصوصيتها أنها تنبت هنا واآلن وتتفاعل مع احمليط ومع اآلخر ،هويتها في ذاتها .القاص املغربي احلقيقي ال ميكن إال أن يكتب قصة مغربية. أما بالنسبة ملا يعرف بالقصة القصيرة ج��دا ،فلي رأي رمبا يختلف عما هو رائج في املغرب .إنها ليست وليدة سنوات األلفني، بل ولدت قبل هذا التاريخ بكثير وعلى بعض النقاد أن يراجعوا الريبيرتوار القصصي ليتأكدوا .إنها ما يشير إليه النفري« :إذا اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة ».وأنا أرى ضيقا شديدا في العبارة دون رؤية تذكر .وهناك مناذج استطاعت أن تضيف بصمة ال تخطئها العني. أما امللتقيات القصصية فهي ظاهرة صحية العتبارات عدة ،منها س ّد فراغ مهول خلفه متلص احتاد كتاب املغرب ووزارة الثقافة من مسؤولياتهما.
أنا ماكاينـش
ميكن ُق ْلتْ ل َِي : إيال دق شي حد قل له أنا ما كاين ومشيت ِ ّ مني ..باش ما نبقى كاين <<<<<
كل واحد مفصل لي قناع َّ راسم لي صفة ِﮐ بغى هُ َو أنا ما كاينش ي ماحيان جماعة ْ جماعة با ْلعاني جماعة فيها مذوباني جماعة ساكناني ِّ تكوني جماعة بغات جماعة بغات تكون هي مرايتي جماعة مخ ْب َية في لساني <<<<<
أنا َواقِ َ يل ما كاينش أنا نيت ما كاينش بغيت نكون..بغيت.. شحال بغيت... ولكن...باقي.... بال ِب ُك ْم ..أنا..ما كاينش
األربعاء المقدس
فقت
محمد الشايب
محمد آيت حنا :االستسهال والنماذج الجاهزة هو أكبر خطر
عصب الكتابة
ميكن أنا حلمة حلم بها شي حد ..وطاحت ﻔ املا ميكن شي حاجة تخ ّيلها شي حد، ميكن ظل سحابة ميكن مويْهَ ة وتبخرت ميكن متبوع ـ هربان وتخبيت في كناش اإلحصاء.
سعيد بوكرامي
الكاتب ،لن أبحث في قصص الكتاب املغاربة عن النصوص التي تلبس اجلالبيب و تدخن الكيف .أنا أبحث عن النص الذي ميكن أن أضعه بجوار نصوص كبار كتاب هذا الفن من مختلف أنحاء العالم .نص يستطيع أن يصمد جماليا ويخترق عميقا الزمن. أفهم الضجيج الذي يواكب حركية القصة القصيرة في املغرب ،كرد فعل طبيعي للفورة القصصية التي ب��دأت منذ أواخ��ر التسعينات. ملتقيات و ندوات القصة أيضا ،رغم أنها انحرفت لتصبح مجرد نزهات و ثرثرة يقوم بها نفس األشخاص ،طبعا الشللية و اإلقصاء أمران ال يشك أحد بوجودهما .الكتابة هي العزلة ،الكتابة هي خوان رولفو جالسا في زاوي��ة مقهى ،يغزل حروفه ببطء ،ويتهيب كل من يقترب لتحطيم هذه العزلة .ال أعتقد أن الزمن سيكترث بعدد امللتقيات التي حضرها الكاتب ،أو بعدد الكتب والنصوص التي بعثرتها املطابع. هناك فقط نص أعزل سيدافع عن نفسه وحيدا .ومنذ اآلن جتري ،بشكل المرئي ،عملية االنتقاء الطبيعي التي ستخلف عددا هائال من النصوص اآليلة لالنقراض .سأكون سعيدا إن استطاعت نصوص كاتب أو كاتبني في العشرين سنة األخيرة أن تضمن لها مكانا في مكتبة األبدية!
لمسيـح أحمد َّ
ما كاين حيوط تل ْمـني ما كاين ضو ما كاين ظالم ما كاين صياح ما كاين صمت فقت مت َّلف احلساب مض َّيع ل ّيام ناسي لوقات. ما عرفت الليل من النهار سولت واحد عاد جا: َّ ـ ساعدني نعرف األربعاء وقسمها لي اطراف َّ راها يوم جليل منشي فيه من����ش����ي ل����ل����م����درس����ة ن���اخ���ذ إيناس()1 نديها تلعب في نزهة األطفال ردني: ـ إي����ن����اس راه������ا ط��ال��ب��ة في اجلامعة وأن����ت ه��ن��ا ت��ع��ي��ش «ال��ي��وم األبدي» يوم ما عندو خوه . ما كاين ايام ما كاين اعوام لهيه انت ما كاين
وهنا انت تتس َّنى ما غادي يكون .
كاين وما كاين
اسمك فيه السفر و ْنت عازل حمقك.. بل ْيـ َتك تصالح احلروف باش تقول فرحك تروع احلروف َّ
باش تقول قرحك وهي عندها حيلتها تعطيك راس اخليط وتخ َّبل لك الك َّبة.. ال تنساش راسك في اجلر متوت.. متشي وتنساك ساروت مدفون في قفل لباب بحر-يطير وينزل،
يهاجر ويحط والطلسم اللي دخلك وسجنك في الكالم منقوش في املوج واملوج فاني في حياة البحر. ما تبقاش(..تزول ـ تفنى) وطوف على الفنا يبلعك تلقاك ما مكتوبش ِ متحيت.. حتت الصلصال كانوا حروفك.. غوص في الطني وسقيه بدموعك تكون به..يكون منك.. قد ما لعبو به األطفال باق..باق.. تكون.. وحتى يقربو يعجنوك وتفرح غادي تكون.. يضرب اجلرس وكل واحد يتالح على طاولتو وتبقى تتس َّنى وقتاش يرجعو التالميذ ووقتاش تكون الشتا.. ل������ع� َّ �����ل ي���ك���م���ل���وا األط�����ف�����ال لعبهم باش تكون.. التالميذ جلسوهم
في اللي فات في الزمان املاضي و ْن َت دواك في املستقبل (اللي جاي)، ِ بغيت تتحرك.. مد ِ ّيت يدك من الطني لعكاز اخليال.. وقفزت حتبو.. توقف..تطيح ِ ومشيت..للقسم. وتش َّت ِت على السبورة ّ غط ِ يت كالم احلاكمني وباش يزولوك الزم ينقيو كالم اللولني، وحلمت يعجنو طينك ينحتوك..يسميوك ْن ُيوآدم ويرميوك في فران احلياة.. ()... والتالميذ لقاو السبورة ممحية خذاو منك عكاز اخليال او: وخربشوا ما بغاو ..وغ َّن ْ أنت كاين.. وما كاين....
كونيني نكونك
ِجيـبيني إيال ْل َق ْيـتِ يني
راني ت َّل ْفـ َتك.. في. َّ ح ّتى ما حد يلقاك.. أنا َوهْ م.. ِبك ن ْتح َّق ْق.. ِبك نكون، أنا حقيقة بالصح ِبك نو ِ ّلي وهْ م... إذا تمْ َ ا َت ْلناـ َن ْف َنى ناي به تكوني ْف َ وفي فناك أنا ما ْنكون، َم ْيليني نهواك عَ ْط ِشـيني َن ْسـقيك ا ْر ِويني مدادك ـ ْ نطرز إيزارك ْن َرش سريرك حروف َّ نعطر املكان برمادي. َن ْندَس في املخ َدّة حلمة ْت َف ْر َحك، جنمع َّ الض ْو فيك وتكوني حجابي.... ....من شعاه، ...... ُكونِ يني... ْن ُكو َنك. صيف 2012 - 1إيناس :حفيدتي
الملحق الثقافي لكل أجل كتاب
العدد l 59الخميس/الجمعة 25/24يناير 2013
15
مونيك النج و«كبائن االستحمام»
عندما تختلي امرأة بذاتها
إبراهيم اخلطيب
في ال��رواي��ة ،أنها لم تعد موضع حب من طرف زوجها تقرر االرمتاء في أحضان الكتابة .معنى ذل��ك أن األل���م ه��و م��ح��رك حياتها كإنسانة ،كما أنه أيضا هو محرك حياتها ككاتبة ،لذا اكتسى شروعها في الكتابة صفة محاولة لفهم اختالالت وضعها ،ولكونها تعرف مفاتيح عاملها ،وتعرف تقلبات ال��ك� ّت��اب (إذ ك��ان زوج��ه��ا ك��ات��ب��ا) ،فإنها تعمد إلى احلديث عن عالم نسبي ،يسوده سالم ظرفي متقلب وال يخلو من زلزلة وجودية .عالم ال حت��اول السيطرة عليه ،وإمن��ا تنوي االقتراب منه بتواضع رغم علمها بأن «التواضع نوع من االنتحار» :فهل بإمكانها التسلل إلى تلك الشبكة املعقدة من العالقات؟ إنها لم تعشق في حياتها غير املهمشني الذين يربأون بأنفسهم عن االنصياع ألسر العادي واملمكن ،ولذا كانت تعتبر االختالف، رغم ضرورته ،أملا مبرحا وحقيقيا وجرحا متعذر االلتئام .حتاور املرأة أشباحها الكثر على شاطئ روسكوف (منطقة بريطاني الفرنسية) حيث تقضي فترة نقاهة «مصطنعة» ،لكن شبح زوجها «الذي مي��ارس حبا غريبا مع رج��ل من أص��ل جزائري» يقض مضجعها فتحاول التوافق وجوديا مع هذا الوضع ال��ذي يحرمها من متعة التملك ويجعل منها عينا متلصصة على محاذير ما يحدث ،لكنها، للمفارقة ،مجبولة على التسامح في الوقت نفسه «فليس هناك ما هو أكثر سرية من كيان امرأة». بقي أن نشير إلى أن مونيك الجن عملت ،إبان خمسينيات وستينيات القرن املاضي ،مبصلحة الترجمة لدى الناشر الفرنسي غاليمار حيث تعرفت على كبار الكتاب الفرنسيني واألجانب الذين كانت دار النشر تنشر أعمالهم ،خصوصا جان جونيه الذي صار صديقا حميما لها ،وكان يعتبر شقتها في حي سانتييه الشعبي بباريس مبثابة صندوقه البريدي .وفي سنة 1955 التقت بخوان غويتيصولو الذي كان قد حل بالعاصمة الفرنسية هربا من اجلو السياسي اخلانق الذي عرفته إسبانيا إثر احلرب األهلية، فتمكنت من إقناع غاليمار بأهمية ترجمة أعماله املبكرة إلى اللغة الفرنسية ،خصوصا أن هذا األخير كان بصدد البحث عن منفذ للتعبير عن مساندته للكتاب اإلسبان املناهضني للديكتاتورية والكنيسة .توطدت عالقات خوان مبونيك منذ سنة ،1956فانتقل إلى اإلقامة بشقتها ،وإثر ذلك سافرا سويا إلى إسبانيا ،وهوالندا ،ومصر، واجلزائر ،فاملغرب ،لكنهما لن يقترنا بصفة رسمية إال بعد مرور ردح من الزمن .وعقب وفاتها ،نشر خوان غويتيصولو نصا مؤثرا عنها في صحيفة «الباييس» (اإلسبانية) هو عبارة عن سلسلة شذرات قصيرة ال تنحو منحى الرثاء املباشر ،وإمنا ترمي إلى استحضار صورة امرأة في مختلف جتلياتها.
في أواخر سنة ،1996دعاني معهد العالم العربي بباريس للمساهمة في ندوة تكرميية مكرسة للكاتب اإلسباني خوان غويتيصولو ،وعشية اليوم الثاني من الندوة احتفى هذا األخير مبترجميه املشاركني فيها ،وهم ألني شوملان، وكاظم جهاد ،وعبد اللطيف بنسالم ،وكاتب هذه السطور ،فهيأ لنا عشاء «قبا ْيلي ًا» في مطعم جزائري غير بعيد عن «شارع املدارس» بالعاصمة الفرنسية .كان خوان ينتظرنا عند باب املطعم صحبة زوجته مونيك الجن التي ستقضي نحبها أسبوعني بعد ذلك إثر أزمة قلبية مفاجئة عن سن تناهز 68عاما .أتذكر أنها كانت متوسطة القامة ،قوية البنية ،عليها آثار سمرة من مخلفات الصيف ،ومع أن ابتسامة رائقة لم تكن تفارق شفتيها ،فإن املرأة ،بسبب ندرة كالمها أثناء العشاء ،بدت لنا خجلى أو باألحرى شاردة رمبا ألن ال أحد منا حتدث عنها ككاتبة أو استحضر بعض مؤلفاتها بغية استدراجها للحديث. لم أكن حينئذ قرأت ملونيك الجن شيئا ،وعقب عودتي من باريس ،عثرت على رواية لها في طبعة جيب (فوليو) هي «كبائن االستحمام» ( )Les cabines de bainالصادرة سنة 1983 فاقتنيتها ووضعتها بني كتبي إلى حني .لكن، عندما علمت بنبأ وفاة الكاتبة بادرت إلى قراءة الرواية فأسرتني حميميتها وقوتها اإليحائية، علما أنها لم تخ ّلف أية أصداء نقدية في الصحافة ُ حدث املوت هو الفرنسية إبان صدورها :فهل ما جعلني أميل إلى استحضار «محاسن» نص مونيك الجن؟ هناك سؤاالن خطرا ببالي أثناء القراءة :أليس من حق كاتبة أن تقترن بكاتب؟ وما عالقة احلب بالكتابة؟ .ذل��ك ه��و عمق اإلش��ك��ال ال��ذي تطرحه مونيك الجن في هذه الرواية القصيرة التي يرمز عنوانها إلى معنى االختالء بالذات .إنني لست من ذلك النوع من القراء الفضوليني الذين يعمدون إلى البحث في كل رواية يقرأونها عن عالمات شخصية أو إحاالت سير ذاتية متوارية بني أسطرها .فهذه املمارسة ،في ظني ،تفقرنا كقراء ،وال يكون من نتائجها سوى التقليل من شأن الرواية ككتابة. لكن حالة مونيك الجن وعالقاتها املعروفة ببعض الكتاب املثليني ،لم تفتأ أن فرضت نفسها علي كخلفية لنصها اجلميل ،رغم حرصي على التملص من ذلك. منذ اجلملة األول���ى م��ن «ك��ب��ائ��ن االس��ت��ح��م��ام»، تظهر امرأة في اخلمسني من عمرها ،وهي حتاول مواجهة آالمها بغية بلوغ سعادتها القصوى: إدراك مكانها احلقيقي والتالؤم مع واقع معقد، وعندما تشعر ه��ذه امل���رأة ،التي ال ُيذكر اسمها
يف المكتبات كتاب لتشومسكي عن حركة «احتلوا»
الحب إال للحبيب األول ما ّ
عن منشورات إيرن تصدر الترجمة الفرنسية لكتاب تشومسكي «احتلوا» الذي ميكن اعتباره تكرميا حملتجي حركة «وول ستريت» .تشومسكي الذي أحدث ثورة حقيقية في اللسانيات والعلوم اإلنسانية ،يأمل اليوم في حتقيق ثورة من أجل العدالة واحلرية في ظل اشتراكية حتررية ،فرغم أنه بلغ 83سنة فهو مازال يصارع ،منذ حرب فييتنام ،ضد النظام النيورأسمالي ويرى أن ما حدث في نيويورك بفضل الشباب أمر يجب أن يستمر «لدمقرطة الدميقراطية األمريكية» حسب قوله.
«أوبيريو :آخر شرارة طليعية في األدب الروسي» كتاب مترجم جديد لعبد القادر اجلنابي عن دار «الغاوون» عن دار الغاوون ،يصدر كتاب م��ت��رج��م ج��دي��د ل��ع��ب��د ال��ق��ادر اجلنابي بعنوان «أوبيريو: آخر شرارة طليعية في األدب ال����روس����ي» ،وه���و م��خ��ت��ارات م��ت��رج��م��ة ل��ك��ت��اب��ات متزعمي هذه احلركة دانيال خار ْمس والكسندر فيدنسكي ،وض� ّم ال��ك��ت��اب م��ق��دم��ة ح���ول مسار مجموعة «أوبيريو» أو احتاد ال����ف����ن احل���ق���ي���ق���ي (-1927 ،)1940ومعاناتها من القمع الستاليني ف��ل��م ي��ر نتاجها النور اكثر من أربعني عاما. وتعتبر هذه املجموعة رائدة ف���ي م���ا س���م���ي ب���ع���د احل���رب ال���ع���امل���ي���ة ال���ث���ان���ي���ة ب»أدب العبث».
رواية «دولفي وماريلني» تستنسخ األموات سنة 2060
بعد استنساخ الكائنات احلية، سيرخص القانون سنة 2060 في باريس الستنساخ األم��وات بعد سبعني سنةعلى األق��ل من وفاتهم .لذلك سيطرح السؤال امل�����ه�����ول إذا مت اس���ت���ن���س���اخ أدول������ف ه��ت��ل��ر أو دول���ف���ي هل سيعود امل��اض��ي بكل بشاعته؟ وه��ل ميكننا ش��راء شخصيات م���س���ت���ن���س���خ���ة م�����ن األم���������وات واالحتفاظ بها في البيت مثل حيوانات أليفة ،وهل سنتخ ّيل دول���ف���ي امل��س��ت��ن��س��خ ع���ن زع��ي��م النازية يهرب يوما من البيت؟ ال���رواي���ة امل��ث��ي��رة ال��ت��ي كتبها فرانسوا سانتوجن ،وهو مجرد اسم مستعار ،صدرت هذه األيام عن دار غراسيه.
بريد القراء
سالم األخوة من آسفي،
رسالة من أصدقاء املرحوم حفيظ بودى
باسم أصدقاء «املرحوم حفيظ بودى» نشكركم على املبادرة العظيمة التي قمتم بها من خالل نشركم لنبذة عن حياة صديقنا العظيم في صفحة امللحق الثقافي على جريدة األخبار بتاريخ اخلميس 10/01/2013بحيث اعتمدمت إلى رسالتني شخصيتني بعثهما املرحوم باسمكم كما تطرقتم في مقالكم عن ديوانه «هكذا تكلم جوبا» مع قراءة خفيفة حوله ،لكننا كأصدقاء بودى نكرر شكرنا اجلزيل على هذه اخلطوة اإلعالمية الطيبة ،ونأسف في متس نفس الوقت على عدم حتفظكم عن التطرق إلى إشارات ّ
بشخصية أمه الكرمية (التي ال تعرفونها مطلقا) على الرغم من كونكم اعتمدمت الرسالتني اللتني من خاللهما صرح صديقنا بها، وحتى ال نطيل عليكم ،نود أن نربط اخلط التواصلي عبر أثير هذا املنبر اإلعالمي املفتوح أمام كلمات وآراء اجلميع ونواصل التحدث والتعريف بصديقنا حفيظ اإلنسان واملثقف والفيلسوف واملفكر الذي مترد على كل شيء وله ظروفه ومبرراته الذاتية واملوضوعية دون أن يكسب أي شيء لكنه عرف كيف يربح أصدقاء كانوا البديل في حياته الصعبة والقاسية فغالبا ما كانوا يسهلون طريقها أمامه في صراع ليعيش ولو حلظة طبيعية ولكي يخرج من ظلمة التمرد وصراع الفكر الوجودي».
كتـاب وشعـراء يـروون قصـة حبـهم األولـى
أنا مدينة له مبعرفة معنى احلب العفيف
الزهرة رميج
كان يجلس على الطاولة األولى املقابلة ملكتب األستاذ ،يثير االنتباه لكونه معروفا بعدم انفتاحه على الفتيات، بينما كنت أجلس على إحدى الطاوالت وسط القاعة .كان تصرفات كثيرة كانت تفضحه رغم تكتمه. عندما انتهت السنة الدراسية وحلت العطلة الصيفية، وسيما ،وخجوال في تعامله مع الفتيات ،أو رمبا مترفعا، لكن هذه الصفات لم تكن ما أثار اهتمامي ،وإمنا تفوقه أصبح يرابط بالقرب من بيتنا ،إذ اتخذ من بعض التالميذ املبهر في مادة اللغة العربية على وجه اخلصوص ،والذي القاطنني باحلي أصدقاء له ،يقضي معهم معظم وقته ،لكني جعل منه منافسي األول .هكذا بدأت أنتبه إلى وجوده ،لم أكن أغادر البيت إال نادرا ،ليس ذلك بسبب منع والدي وأس��ت��رق النظر إل��ى حيث يجلس ،الحظت أن��ه يتصرف ل��ي ،وإمن��ا بسبب طبيعة تكويني من جهة ،وإحساسي بأن احلب ،أخرجني من عالم الطفولة البريئة ،كما أني باملثل. ذات م��رة ،تغيب األس��ت��اذ ،ف��إذا به يقوم إل��ى السبورة أصبحت أشعر بالذنب جتاه والدي الذين خنت ثقتهما. ويكتب عليها بيتا شعريا (عبارة عن حكمة) بخط جميل .هذا اإلحساس بالذنب ،واخل��وف من االنعكاس السلبي وجدتني أنهض بدوري ،وأكتب أسفل بيته الشعري بيتا لهذا احلب على مساري الدراسي ،خصوصا على حلمي آخر استقيته من الذاكرة ،منذ تلك اللحظة ،ستستمر لعبة مبتابعة ال��دراس��ة العليا ،جعلني أنتفض ض��د نفسي، وأقاوم عواطفي ،لم أجد من وسيلة غير التحدي هذه ،بإبراز كل واحد منا الصالة والتضرع إلى لله كي أخرج من رصيده من حفظ الشعر ،وتفننه هذا املأزق. ف��ي اخل��ط ال��ع��رب��ي ،كلما سنحت كانت رغبتي الشديدة في كانت رغبتي الشديدة في التخلص ال��ف��رص��ة .وألن امل��ن��اف��س��ة ك��ان��ت التخلص من الحب نابعة من من احلب نابعة من إمياني بأن مرحلة ال��س��م��ة ال��ت��ي تطبع ال��ع�لاق��ة بني املراهقة يجب أن تكرس لتلقي العلم التلميذات والتالميذ في قسمنا، ف��ق��د ك���ان ك��ل م��ن��ا ي��ح��اول إب���راز إيماني بأن مرحلة المراهقة وح����ده ،وأن احل���ب ال ي��ص��ح ف��ي ه��ذه السن .لست أدري من أين استقيت هذه مهاراته ،ويعلن حتديه صراحة، غير أن املنافسة بيني وبينه لم يجب أن تكرس لتلقي العلم األفكار ،هل من قراءاتي أم من الواقع ،إذ تكن قط معلنة ،لكنها كانت قائمة وحده ،وأن الحب ال يصح في غالبا ما كنت أسمع عن مآسي احلب في هذه املرحلة املبكرة من العمر؟ ومستمرة .ذات مرة ،عندما انتهى بعد ثالثة أشهر من احلرب مع النفس، األستاذ من إمالء ملخص الدرس هذه السن .لست أدري من وجدتني أفتح صفحة جديدة ،في مكان علينا ،فوجئ بهذا التلميذ يقترح عليه أن يقرأ منوذجا آخر مللخص أين استقيت هذه األفكار، جديد ال أث��ر فيه للجنس اآلخ��ر داخل الفصول ال��دراس��ي��ة .ذل��ك أن املؤسسة ال���درس كتبه بأسلوبه اخل��اص، هل من قراءاتي أم من ال��ت��ي تابعت فيها دراس��ت��ي الثانوية اس��ت��ح��س��ن األس����ت����اذ امل��ل��خ��ص، مبدينة الدارالبيضاء كانت غير مختلطة. وأثنى عليه ،أما أنا ،فقد انبهرت ليس فقط ،بروعة أسلوبه ،وبقدرته الواقع ،إذ غالبا ما كنت أسمع وألن م��دي��ن��ت��ي ال��ص��غ��ي��رة ل���م تكن تتوفر على مؤسسة ثانوية ،فقد جاء على متثل األفكار وإعادة صياغتها عن مآسي الحب في هذه كل الراغبني في متابعة ال��دراس��ة إلى بسرعة فائقة ،وإمنا أيضا ،بنبرة المرحلة المبكرة من العمر؟ الدارالبيضاء ،وق��د علمت أن حبيبي صوته ،وجمال إلقائه .بعد ذلك، السابق ،ك��ان من بني ه��ؤالء ،غير أني س���أج���د ه����ذا اإلع����ج����اب ي��ت��ح��ول لم ألتق به قط ،ولم أعرف أي الشعبتني إل��ى إح��س��اس غريب علي ،م��ا إن اختار :األدبية أم العلمية؟ لكني كنت تلتقي نظراتنا حتى أشعر بالدم يتصاعد إلى وجهي ،وبدواخلي كلها مت��وج ...استفزني دائما ،أتخيله إما كاتبا ،أو صحافيا ،أو مذيعا. واآلن ،وقد التهم النسيان معظم أسماء التالميذ الذين هذا الشعور ،فحاولت إخفاء مشاعري ،والتحكم في نفسي حتى ال ينكشف أمري ،وكذلك التخلص من هذا الشعور ،درسوا معي في تلك املرحلة ،ما زال اسم ذلك «احلبيب» لكن تفكيري سيظل مسكونا به ،وستزداد معاناتي بعدما المعا في الذاكرة ،وأجدني كلما طفا على سطحها ،أتطلع وجدت إحدى زميالتي تعرف حقيقة مشاعري جتاهه ،كان إلى معرفة املصير الذي آل إليه ،فقد كان تلميذا موهوبا، األمر مكشوفا ،فقد كان يتبعني عن بعد ،في الذهاب وفي عاشقا للغة العربية ،ومتمكنا منها ،كما أن��ي مدينة له اإلي��اب ،ومهما غيرت اجتاهي ،أج��ده خلفي .وفي بعض مبعرفة معنى احلب العفيف ،وبتفجر طاقة اإلبداع بداخلي، األحيان ،عندما تتغيب زميلتي ،يجلس بجانبي ،األمر الذي ألن هذا احلب هو الذي ألهمني كتابة الشعر.