االعدد 8 من الملحق الثقافي

Page 1

‫الملحق الثقافي‬ ‫االفتتاحية‬

‫خرابيط الثقافة‬ ‫بطاقة بيضاء‬

‫أقنعة المقاهي األربع محمد‬ ‫السرغيني‬

‫دريئة العدد‬ ‫حوار شامل مع الشاعر المغربي‬ ‫محمد السرغيني‬ ‫ال أعيش شيخوخة بل طفولة‬ ‫حاورته سعيدة شريف‬ ‫سعيدة‬

‫خرابيط الثقافة‬

‫شهادات‬ ‫محمد السرغيني كما يراه‬ ‫الشعراء‪ :‬رشيد المومني‬ ‫وعبد السالم الموساوي‬ ‫وعبد اللطيف الوراري‬

‫‪ l‬العدد ‪ l 82 :‬الخميس ‪ 21‬فبراير ‪5 2013‬‬

‫برج بابل‬ ‫ال تمش على ركبتيك‪ ،‬لتعبر ً‬ ‫فالة‪ ،‬نادماً! الشاعرة‬ ‫االمريكية ماري أوليفر ترجمة محمد عيد إبراهيم‬ ‫لكل أجل كتاب‬

‫نابكوف يحاضر عن تشيكوف (‪)1‬‬

‫رسالة برلين‬

‫نفيد كرماني‪ :‬صوت اآلخر داخل‬ ‫الثقافة األلمانية رشيد بوطيب‬ ‫الحب إال للحبيب األول‬ ‫ما ّ‬ ‫الموكب الملكي فريدة العاطفي‬

‫دريئة العدد‬

‫هشام فهمي‬

‫‪Hicham_fahmi@hotmail.com‬‬

‫هل يستحق «زالتان ابراهيموفيتش» جائزة غونكور؟‬ ‫عندما قرأت هذا السؤال الذي ط َرحته‪ ،‬هذه األيام‪ ،‬مجلة ‪ Les inrocks‬الفرنسية‪،‬‬ ‫قالت مع رأسي هذا اسم جديد في املشهد الثقافي الفرنسي يبدو قادما من أوروبا‬ ‫الشرقية وسأبحث عن أعماله‪ ،‬بعد قراءتي للمقال أكتشف أنني جاهل ولم أسمع بقائد‬ ‫املنتخب السويدي لكرة القدم وهدّاف فريق «باري سان جيرمان»‪ ،‬وهو يضيف مجدا‬ ‫آخر بإصدار سيرته الذاتية «أنا زالتان ابراهيموفيتش» التي ستغزو املكتبات‪ ،‬ابتداء‬ ‫من هذا األسبوع‪ ،‬وسيقضم كتاب األدب أظافرهم وهم يرونها تباع باآلالف‪.‬‬ ‫ال أتخيل كاتبا واحدا اليوم‪ ،‬مهما بلغت نرجسيته وقيمة أعماله‪ ،‬أن يقف أمام «زالتان»‬ ‫وهو يعطي درسا في فن كتابة السيرة الذاتية بدءا من العنوان‪ ،‬حيث توضع «أنا» بجانب‬ ‫االسم‪ ،‬بل فوقه‪ ،‬معلنة أنها أهم منه‪ ،‬فالسيرة الذاتية التي ال تصرخ «أنا» قد نشك في أن‬ ‫تكون سيرة شخص آخر‪.‬‬ ‫إضافة إلى االسم و«أناه» ينتصب «زالتان» في صورة الغالف لتأكيد حضوره بجسده‬ ‫الرياضي وذراعه اليمنى املوشومة‪ ،‬لكن جملة صغيرة كتبت أسفل الغالف ستكسر‬ ‫راو اعتمد «كاتبا خفيا»‬ ‫املرآة‪ »:‬قصتي التي رويتها لدافيد لوغركرانتز»‪ ،‬مبعنى أنه مجرد ٍ‬ ‫كما يقولون‪ ،‬فنقلت املجلة الفرنسية اخلبر بشكل ساخر‪ ،‬واصفة الكتاب «بالرائعة األدبية‬ ‫غير املتوقعة»‪ ،‬وأنها «سيرة ذاتية رديئة أخرى لالعب كرة قدم ّملاع ‪،»Bling-bling‬‬ ‫ولم تكتف بذلك فقط‪ ،‬بل استشارت خبير اجلوائز األدبية‪ ،‬الروائي فريديريك بيغبيدي‬ ‫الذي حسم في مصير الكاتب اجلديد بالتصريح‪« :‬يجب جعل «زالتان» بسرعة عضوا‬ ‫للجنة حتكيم جائزة غونكور‪ .‬مع «برنار بيفو» و«أسولني» في الهجوم‪ ،‬و«إدموند شارل‬ ‫رو» و«ريجيس دوبريه» في الوسط‪ ،‬وفي دكة االحتياط «كلوديل» و«شاندرناغور»‪ ،‬وفي‬ ‫جناحي الدفاع «الطاهر بن جلون»‪ ،‬دون احلديث عن الهداف «بول كونسطون»‪ ،‬أعتقد‬ ‫أن على غاليمار االحتفاظ باللقب ملواسم قادمة»‪.‬‬ ‫عندما تتأمل موجة ك ّتاب السيرة الذاتية في الغرب‪ ،‬من العبي كرة القدم الذين تقتنع أنهم‬ ‫يلعبون برؤوسهم بني أرجلهم‪ ،‬إلى فناني «الراب» و«الهيب هوب» وهم يتبادلون طلقات‬ ‫نارية بابتسامات تختفي وراءه��ا أنياب المعة‪ ،‬ثم سياسيني يسردون قصة تبييض‬ ‫ماضيهم‪ ،‬تكتشف أن الكِ تاب ليس وسيلة للشهرة بل جلعلها أكثر ملعانا‪ ،‬إنه يقنعك بأن‬ ‫كاتبه ليس تافها إلى هذه الدرجة‪ ،‬وميكنه أن يؤلف جمال مفيدة حتى لو كتبها غيره‪،‬‬ ‫األهم اسمه على ظهر غالف‪ ،‬ثم التوقيعات التي تنظم في أبهاء الفنادق بعد ذلك‪.‬‬ ‫نحن محظوظون في املغرب والعالم العربي‪ ،‬ألن «زالتانيينا» لم يروا كتابا في حياتهم‪،‬‬ ‫وجواربهم لو التقطها أنف «جان باتيست غرونوي» بطل رواية «العطر» لبدأ يجمع أقدام‬ ‫هدّافي املستقبل ليحتفظ بها مبتحفه حتت األرض‪.‬‬ ‫ال حتتاج «الزالتانية» الثقافية باملغرب إلى العبني يؤلفون كتبا‪ ،‬فلدينا ما يكفي من‬ ‫اإلص��دارت الكروية التي يخيل لك أن أصحابها «شتفوا» فعال على األدب بأقدامهم‪،‬‬ ‫وطلبوا عن ذلك رقم إيداع قانوني‪.‬‬ ‫من حق «زالتان» أو غيره أن يكتب؟ وملاذا سنفكر أصال في حرمان إنسان من حقه في أن‬ ‫يفرغ أحشاءه أمام قراء مفترضني؟ املقرف هو عندما يتحول ذلك إلى مساومة اجتماعية‪،‬‬ ‫يستعملها هؤالء لبيع الذات وتلفيفها‪ ،‬واألخطر من ذلك‪ ،‬أن يجحظ «زالتان» بعينيه في‬ ‫وجهك ويصرخ‪ »:‬أنا األدب»‪ ،‬فهو ال يخجل من نفسه وال من احمليط األدبي‪ ،‬وال يفهم بأن‬ ‫الكتابة تكسير ليقينيات الذات ومساءلة دائمة لها واختبار لوجودها وفكرها‪ ،‬وعندما‬ ‫نقرأ حوار اليوم مع شاعر كبير نستضيفه لهذا العدد‪ ،‬وهو الشاعر محمد السرغيني‪،‬‬ ‫يدهشنا تواضع الرجل‪ ،‬وتواريه‪ ،‬وتع ّففه من فرض اسمه بالقوة‪ ،‬كما تفعل جحافل‬ ‫اخلرابيط‪ .‬ونتفاجأ لشاعر من هذا احلجم أن يصرح بخصوص جتربته الشعرية‪« :‬هي‬ ‫ليست واسعة االنتشار‪ ،‬ألنني لم أكترث لنشر أعمالي وال التعريف بها‪ ،‬ولو فعلت ذلك‬ ‫فرمبا الهتم الشباب بتجربتي»‪ ،‬في حني تتلطخ الصحف واملجالت باخلرابيط التي‬ ‫ّ‬ ‫التبجح واالدعاء‪.‬‬ ‫تنظر‪ ،‬صباح مساء‪ ،‬لتجربتها الفريدة في‬ ‫ّ‬ ‫«حقلنا» الثقافي ينبت فيه الفجل والباذجنان والقرع‪ ،‬واخلرابيط يحيطونه بالرعاية‪،‬‬ ‫يشبهون متاما «زالت���ان» وه��و يعلن عن أن��اه‪ ،‬طارئون على األدب‪ ،‬لكنهم حاضرون‬ ‫ومستعدون للقتل والتصفية ألجل ذلك‪ ،‬وسلوكهم الثقافي حتول إلى منوذج للتعامل‬ ‫والترويج للذات‪ ،‬حتى أن كثيرا من الكتاب احملترمني انس ّلوا من اجلوقة حفظا ملاء‬ ‫الوجه‪ ،‬أو توقفوا عن الكتابة كمدا‪ ،‬فأصبح احلديث عن مآل الثقافة املغربية وانحطاطها‬ ‫يغفل دور ميليشيات اخلرابيط في تعميق حفرة الدفن أكثر‪ ،‬وال أحد يجرؤ على اجلهر‬ ‫مبا يجري‪.‬‬ ‫الكاتب اخلربوط ليس لديه مشروع ثقافي‪ ،‬متهافت ومستعجل أن يرى كوارثه املكتوبة‬ ‫تلطخ الورق والشاشات‪ ،‬ال يكفيه إرسالها عبر البريد بل يستعمل الهاتف وكل وسائل‬ ‫التحرش الثقافي بالنقاد والصحفيني‪ ،‬ويطلب منهم بوقاحة أن يكتبوا عن إجنازاته‬ ‫العبقرية‪ ،‬وقد تعثر عليه منظما ملؤمتر قصيدة النثر رغم أنه يكتب شعرا أفقيا‪ ،‬تكفيه‬ ‫بطاقة العضوية في جمعية ثقافية وإصدار كتاب قام بتحنيطه بالبيت‪ ،‬لكنه قد يجلس‬ ‫معك ملناقشة مصير الثقافة باملغرب‪ ،‬فتكتشف أن أفكاره في غاية السطحية وأفقه محدود‬ ‫جدا‪ ،‬وذلك يؤكد لك أنه ال يقرأ أبدا‪.‬‬ ‫املضحك أن نتحدث اليوم عن دور املثقف في احلراك العربي‪ ،‬ونفتش في رأسه عن موقف‪،‬‬ ‫عن موقف للسيارات رمبا‪ ،‬ألن خرابيط الثقافة بال قيم أو مبادئ ويقيسون ما يقترفونه‬ ‫مبا يحققونه كمصلحة خاصة‪ ،‬قد تكون أتفه مما نتخيل‪ .‬أمثلة اخلربطة الثقافية ال تع ّد‬ ‫وال حتصى‪ ،‬وكلما أغمضنا عيوننا عنها‪ ،‬ساهمنا في إخفاء معالم اجلرمية‪.‬‬

‫محمد السرغيني‪:‬‬ ‫ال أعيش‬ ‫شيخوخة بل‬ ‫طفولة سعيدة‬

‫محمد السرغيني كما يراه الشعراء‪:‬‬

‫رشيد املومني‬ ‫وعبد السالم املوساوي‬ ‫وعبد اللطيف الوراري‬

‫أقنعة املقاهي األربع‬

‫بطاقة بيضاء‬

‫محمد السرغيني‬

‫أربع مقاهي في مقهى «‪.»Lib‬‬ ‫ال أحت ّفظ أبد ًا في الشهادة عليهـنّ ‪.‬‬ ‫تردّدت أسماؤهنّ في دفاتر‬ ‫التحمالت‬ ‫ّ‬ ‫وسج ّ‬ ‫الت التمليك وصكوك‬ ‫احملافظة الرسم ّية‪.‬‬ ‫ال أحت ّفظ ك ّلما واتتني فرصة‬ ‫سوابقهنّ ‪.‬‬ ‫الكشف عن‬ ‫ِ‬ ‫(لسوابقهنّ شجرة أنساب وارفة)‬ ‫فيهن تنعقد الصفقات وتق ّرر‬ ‫التصف ّيات اجلسد ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فيهنّ ُي ْعلِنُ‬ ‫مؤش ُر‪ ‬‬ ‫«‪ »la Roulette‬عن ربح رابح‬ ‫وخسارة خاسر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عشهنّ‬ ‫الزجاجي صقيل ش ّفاف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كراسيهن الوثيرة تأخذ وال تعطي‪.‬‬ ‫أربع آالت حاسبات‪/‬ص ّرافات‪.‬‬ ‫هسيس املاء وسمكات الزينة في‬ ‫القوارير‪.‬‬ ‫اس أمن أشدّاء يعيدون الصحو‬ ‫ح ّر ُ‬ ‫إلى رشده‬ ‫في ليل سكرته ال تكتفي بالكأس‬ ‫األولى‪.‬‬ ‫نادلون قهرمان ّيون رشيقون‬ ‫يسهرون على النظام‬ ‫وكظالل يرفلون في األبيض‬ ‫واألسود‪.‬‬ ‫أطلب من مقهى «‪ »Lib‬أن مت ّيز في‬ ‫روادها وزبائنها بني الذي يعزف‬ ‫ّ‬ ‫على األوتار اخلمسة جميعها‬ ‫إلثارة اللغط‪ ،‬وبني الذي ِب َو َت ٍر‬ ‫الشجي اخل ّ‬ ‫الق في‬ ‫واحد يبذر‬ ‫ّ‬ ‫األنغام‪.‬‬ ‫أطلب من مقهى «‪ »erolF‬أ ّال تتس ّبب‬ ‫عنصري بني «سارتر ّيني»‬ ‫في ميز‬ ‫ّ‬ ‫رواد‬ ‫معاصرين بالتب ّني وبني ّ‬ ‫وزبائنَ ومريدين باألصالة يتس ّللون‬ ‫خفي ًة دون أداء ثمن ما شربوه‪.‬‬ ‫أطلب من مقهى «‪les Deux‬‬ ‫‪ »Magots‬أ ّال تخ ّفض أسعار‬

‫مشروباتها بقصد استدراج أكبر‬ ‫الفكري‬ ‫عدد من محدودي الدخل‬ ‫ّ‬ ‫إلى غبطة احللم بعد فوات‬ ‫منتصف الليل‪.‬‬ ‫أطلب من مقهى «‪ »Balima‬أ ّال‬ ‫روادها وزبناءها من‬ ‫تختار ّ‬ ‫بني الذين ُس ّرحوا من اخلدمة‬ ‫العسكر ّية واحتفظوا بصدإ‬ ‫أوسمتهم على صدورهم فوق‬ ‫قمصانهم وحتت جالبيبهم‪.‬‬ ‫هي علوم التعاليم بصيغتها‬ ‫هي ّ‬ ‫ّ‬ ‫اليونان ّية في املقاهي األربع ال تزال‪.‬‬ ‫هو نفس اجلدل حول اجلوهر‬ ‫هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫والذات في املقاهي األربع ال يزال‪.‬‬ ‫ال ضرورة للحصول على ترخيص‬ ‫الرواد في مقصورة‬ ‫جللوس ّ‬ ‫الزبائن‪،‬‬ ‫إ ّال إذا ّ‬ ‫مت إجالء بطليموس‬ ‫عن الفلك قسر ًا إلسكانه في‬ ‫ّ‬ ‫قبو»املشائ ّية احملدثة»‪.‬‬ ‫«‪ »Lib‬مط ّلة على مفترق الطرق‪.‬‬ ‫«‪ »Flore‬مط ّلة على منعرج‬ ‫أخدودي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫«‪ »Les Deux Magot‬مج ّرد‬ ‫مغارة‪.‬‬ ‫كماشة‪.‬‬ ‫«‪ »Balima‬بني‬ ‫مخلبي ّ‬ ‫ْ‬ ‫فراغ عامر ّ‬ ‫يوطد العالقة بني‬ ‫املفت َرق واملنعرج واملغارة‬ ‫والكماشة‪ .‬فراغ ي ّتقي باملظ ّلة‬ ‫ّ‬ ‫ح ّر الشمس ومطر الشتاء وزئير‬ ‫اخلريف‪( .‬عطلة الفراغ ربيع ّية)‬ ‫ينزل املاء من السماء محمو ًال في‬ ‫هودج‪ .‬تنزل الشمس من املدار‬ ‫مسبوكة اخليوط‪ .‬ينزل القمر من‬ ‫ّ‬ ‫متأخر ًا عن ميعاده‪ّ .‬‬ ‫كل هذه‬ ‫املدار‬ ‫الفوضى وكراسي املقاهي األربع‬ ‫تنام بعني واحدة وبالعني الصاحية‬ ‫تتس ّقط األخبار‪.‬‬ ‫في «‪ »biL‬جواسيس محتمون‬

‫بقانون املهنة‪.‬‬ ‫في «‪ »Flore‬عقول تنصب الفخاخ‬ ‫للعواطف‪.‬‬ ‫في «‪»Les Deux Magots‬‬ ‫سراويل»اجلينز»‪.‬‬ ‫هو ّيات‬ ‫في «‪ّ »Balima‬‬ ‫«دونكيشوت ّية» خف ّية‪.‬‬ ‫أعتذر للمقاهي األربع على‬ ‫عدم كشف مصادر أخباري‪.‬‬ ‫عيني‬ ‫التقطت أخباري من دمع‬ ‫ْ‬ ‫قتيل في الريعان‪.‬‬ ‫من ج ّثة غائبة ورمس في ج ّبانة‬ ‫متخ ّيلة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتأخر عنها‬ ‫من حياة سبقها موتها‬ ‫ميالدها‬ ‫أما تفسير احلادثة فتهميش‬ ‫ّ‬ ‫ومداولة سر ّية‪.‬‬ ‫قشر ولباب مرتبطان بس ّياسة‬ ‫بيزنط ّية باحثة عن حقيقة جنس‬ ‫املالئكة‪.‬‬ ‫ليكن في علمكنّ أ ّيتها املقاهي‬ ‫املتوأمات األربع!‬ ‫أ ّننا عثرنا على قبر هذا الرجل في‬ ‫قلوبنا‪.‬‬ ‫هو في دموعنا احلا ّرة على‬ ‫وعثر ّ‬ ‫هو ّية كان دائم البحث عنها‪.‬‬ ‫أ ّيها األقربون‪/‬األبعدون ال حاجة‬ ‫«كسارة بندق شيكسبير ّية»‬ ‫بكم إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫لفك غموض ووضوح ما حتت‬ ‫اللب!‬ ‫القشر وما فوق ّ‬ ‫أتوجه مبا قلته وأقوله إلى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الشرطي املز ّيف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إلى املغامر املولع باصط ّياد‬ ‫الفراشات‬ ‫إلى بصمات يتك ّتم الق ّفازان على‬ ‫سفالتهـا‪.‬‬ ‫إلى مستودع األسرار قبل وبعد رفع‬ ‫احلِ جر عنها‪.‬‬ ‫إلى الدم يسيل في عروق قتيـل‬

‫املهدي بنبركة‬

‫مصاب بفقر الدم‪.‬‬ ‫الفج‬ ‫إلى ص ّناع األحداث يبيعون‬ ‫ّ‬ ‫بسعر اليانع‪.‬‬ ‫إلى املتن ّبئني يطلقون اإلشاعات‬ ‫وينسبونها إلى لسان احلال‪.‬‬ ‫والرواد‬ ‫هناك «الباطرون» والنادل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واحلل‬ ‫والزبائن واحلاالت العص ّية‬ ‫األمثل والكشف الدقيق والتحليل‬ ‫املخبري واالستنتاجات الذك ّية‬ ‫ّ‬ ‫واالفتراضات املتوازنة وزبدة‬ ‫الكالم‪ ،‬وهناك التيه قبل وبعد شلل‬ ‫الفكر‪ .‬رجل مهيب شهم أتى في‬ ‫الوقت احملدّد إلى مقهى «ليب» بنا ًء‬ ‫على موعد سابق ربطه بأطراف‬ ‫وردي‪.‬‬ ‫جماعي حللم‬ ‫يهمهم حتقيق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫لم يرجع هذا الرجل املهيب الشهم‬ ‫إلى سريره بعد انتهاء االجتماع‪.‬‬ ‫ابتلعته السبل املختلفة كما ابتلعت‬ ‫باقي األطراف‪( .‬من سمات االختفاء‬ ‫َّ‬ ‫القسري أنّ بصماته مبهمة الداللة)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وشاية رسم ّية بصيغة محايدة‬

‫تساوى فيها النفي القاطع‬ ‫باإلثبات احملض‪.‬‬ ‫ج ّثة ربمّ ا ذابت في حامض‬ ‫«النيتريك»‬ ‫وقبر ربمّ ا اختفى في ج ّبانة ما‪.‬‬ ‫املتض ّرورن واجمون أمام حربائ ّية‬ ‫األحداث‪.‬‬ ‫يتنصلون من الفعل بلغة‬ ‫الفاعلون‬ ‫ّ‬ ‫االحتمال‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املؤشر على‬ ‫وال من يضع منهم‬ ‫السـري‪.‬‬ ‫خانة الرقم‬ ‫ّ‬ ‫هرم متخ ّيل ش ّيد فوق اجل ّثة‬ ‫التائهة في يوم جمعة‬ ‫األسبوعي‪.‬‬ ‫الترحم‬ ‫وهو يوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في فصل ربيع وهو عيد املوت‪.‬‬ ‫في خلوة فردوس ّية حاملة وفيها‬ ‫الراحة األبد ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التذكر مسموح لها‬ ‫كل أنواع‬ ‫بتأجيل النسيان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جاف متق ّلص باهت‬ ‫إ ّال ذاكرة ُج ْر ٍح‬ ‫اللون‪.‬‬ ‫(مما يؤخذ على هذه املقاهي األربع‬ ‫ّ‬ ‫مع «‪ ،»biL‬إذ أ ّنها لم‬ ‫أ ّنها متضامنة ّ‬ ‫تشر ولو باألصابع حتت املعطف‬ ‫إلى موضع رأس الدفني ورجليه ولم‬ ‫تفصل زمن امل ّيت عن وقت املوت)‬ ‫َ‬ ‫كشف عن زيف «لعبة االستغماية»‬ ‫التي ب ّررتْ حروب التهدئة‪.‬‬ ‫أرشد شعوب العالم الثالث إلى‬ ‫اختيار إيديولوج ّية «احل ّياد‬ ‫اإليجابي»‪.‬‬ ‫مهّ د «طريق الوحدة» إلى عبور‬ ‫الثوار وقد كانت مم ّر ًا ملد ّرعات‬ ‫ّ‬ ‫الغزاة‪.‬‬ ‫هزم أطماع دولتني استعمار ّيتني‬ ‫موضوعي‪ :‬ذوبان اجلليد‬ ‫مبعادل‬ ‫ّ‬ ‫الوراثي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ن ّقح دم «اخلاليا السالل ّية» من‬ ‫كر ّيات طفيل ّيات بني األحمر واألزرق‬ ‫لو ُنها‪.‬‬

‫والثاني‬ ‫األول للتخطيط‬ ‫الوقت ّ‬ ‫ّ‬ ‫للتطبيق والثالث لإلجناز‪.‬‬ ‫األول صفحة والثاني كتابة‬ ‫الوقت ّ‬ ‫والثالث ممارسة‪.‬‬ ‫ال مجال في األوقات الثالثة إلى‬ ‫سفسطائي‪.‬‬ ‫مديح‬ ‫ّ‬ ‫شراسة عاقلة داخل دائرتي اجلدل‬ ‫واحلوار‬ ‫وخارج أسئلة وأجوبة ال تس ّربان‬ ‫د ّقات‬ ‫القلب إلى باقي أعضاء اجلسد‪.‬‬ ‫(جسده الغائب ال يزال إلى اآلن‬ ‫يرعب قاتليه)‬ ‫ترحمت عليه‬ ‫ك ّلما ّ‬ ‫ته ّللت مسا ّم قلبي‪.‬‬ ‫أوتاره‪.‬‬ ‫ن ّياطه‪.‬‬ ‫موته جرس إنذار‪.‬‬ ‫ل ّلذي يقايض باسمه‪.‬‬ ‫ل ّلذي يتاجـر بسيرته‬ ‫ّ‬ ‫لكل من سدّد إليه طعن ًة‬ ‫وهو ّ‬ ‫موكل بحراسته‪.‬‬ ‫من اخللف‬ ‫ّ‬ ‫أتخ ّيل أنّ الوقت الثالث أصلح‬ ‫األوقات لال ّتكاء على كراسي‬ ‫املقاهي األربع‪.‬‬ ‫أتخ ّيل أن الوقت الثالث ال يتج ّزأ‬ ‫وال يطول وال يقصر وال يرتعش وال‬ ‫يسكن‪.‬‬ ‫أتخ ّيل أنّ الوقت الثالث منه‬ ‫استوحت املراثي الشعر ّية دموعها‬ ‫«امليلودرام ّية»‪.‬‬ ‫ليس ألحد أن يقارن لغة تطير بلغة‬ ‫تقفز‪ .‬الليل املقيم على حوافي‬ ‫املستنقعات مي ّيز مثلي لغة البوم‬ ‫عن لغة الضفادع‪ .‬أنا وحدي من‬ ‫يهتدي إليك حيث أنت‪ .‬حاجباك‬ ‫الك ّثان املقرونان هما في املوت‬

‫َك َحال ِ​ِه َما في احلياة مص ّران على‬ ‫االحتفاظ بغضبك الناصع‪.‬‬ ‫أبحث عن الصوت الهادر وسواد‬ ‫الليل وضوء القناديل الواني‬ ‫وبصمات الريح على زجاج النوافذ‬ ‫والنرجسات القليالت املو ّزعات‬ ‫على أطراف احلديقة واملاء القدمي‬ ‫الطافي على حدود الساق ّية الكامنة‬ ‫الطري واألعياد التي‬ ‫وراء العشب‬ ‫ّ‬ ‫تقف احترام ًا ملوسم مضى وآلخر‬ ‫ومما يثلج صدري‬ ‫حتم ًا سيأتي‪ّ .‬‬ ‫أنّ قبرك في هذا ك ّله قد عثر على‬ ‫الصمت املناسب ملدى راحتك‬ ‫األبد ّية في مأوى دون‬ ‫ح ّيز‬ ‫وباب‬ ‫ونوافذ‬ ‫ومشاجب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فقط حرف واحد‬ ‫من كتاب مفـرد‬ ‫فيه خامتة نادرة‬ ‫من سطر واحد‬ ‫ومرآة بوجه دون ظهر أراك‬ ‫فيها ك ّلما ّمل ُ‬ ‫عت ما على صفحتها‬ ‫الزجاج ّية من الغبـار الكثيف‬ ‫املتراكم عليها طيلة سنوات‬ ‫التعتيم املديدة‪.‬‬ ‫وإذ أنتهي من التلميع أقول‬ ‫عن صورتك فيها بلسان‬ ‫‪ Eugène Guillevic:‬‬ ‫‪Elle n’en voudra pas‬‬ ‫‪davantage‬‬ ‫‪Que recommencer le‬‬ ‫‪.monde‬‬ ‫‪.Hors de l’histoire‬‬ ‫‪Elle aura le corps‬‬ ‫‪.Qui totalisera les corps‬‬ ‫(‪cf. Guillevic. Du domaine‬‬ ‫‪Euclidiennes. Nfs.‬‬ ‫‪)Gallimard. p, 50‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.