الملحق الثقافي مرئيات "ثالثة فناني كوالج ونحات"
أفكار "بيان السايبورغ" لضونا اي ( )2محمد أسليم َه َار َاو ْ
بطاقة بيضاء
"تنهيدة صغيرة" زهرة زيراوي
متابعات "كراسات شتوية"
مريم الشرايبي ،محمد قريش ،ريم اللعبي ،صاحبي شتيوي
نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق
بول أوستر
الشعر الشمهروشي احلديث
«بومة رانالغ»
"شعراء العالم" لويس أراغون: ْ انصرمت" "ستكون هذه الحياةُ قد ُ
عصب الكتابة
«أحرس يدي من ذئب الكتابة» ُ
رسالة برلين آخر إصدارات الفيلسوف األلماني آكسيل هونيث" رشيد بوطيب
الحب إال للحبيب األول ما ّ
"كل النساء اللواتي أحببتهن تحولن إلى فراشات في قلبي" محمد مقصيدي مع الناشر بناني" :الفرق بين وزير الثقافة وسابقه أنه يضحك أكثر"
دريئة العدد هشام فهمي
Hicham_fahmi@hotmail.com
نهاية ثمانينات وبداية تسعينات القرن املاضي ،كنت أسمع عن فنان بوهيمي اسمه عباس صالدي يقطن بحي «ديور املساكني» الشعبي مبراكش ،واملعروف بـ«حي العفاريت» ،فنان غريب األطوار، عندما غضب يوما ،حسب ما يروى عنه ،ألصق إحدى لوحاته بالسقف وج ّبسها بالكامل ،كانت والدته تبيع لوحاته بساحة جامع الفنا وكان تلميذه ،الذي ع ّلمه الرسم وأعاد صياغة عوامله ،حلاّ قا. ال أحد كان ليصدّق أن ذلك الشخص املمكن العثور عليه مقرفصا «السبسي» مع مراكشي بسيط ،هو عباس في زاوية باحلي ،يضرب ّ صالدي ،فنان يعيش في حي أكثر غرائبية ،إن دخله السرياليون سقطوا جميعا ،واحدا تلو اآلخر ،بجرعة فائقة من الواقعية ،حتى صنع وقتها مالحمه العظيمة ،بفضل عباقرته من مصارعي الثيران ّ وقطاع الطرق الذين يخبطون رؤوس املتأهبني في كل زاوية، بعضهم بالقناني ،كأنهم آلهة اإلغريق يتنازعون من أجل أن يحظوا باألسطورة لليلة واحدة .رغم ذلك ،وكي نكون منصفني ،صنع حيث «ديور املساكني» نخبة ثقافية وسياسية كان لها دور كبير في احلراك االجتماعي والشعبي باملدينة. سأكتشف ،بعدها ،عمال مشتركا لهذا الفنان مع الشاعر عبد الله زريقة ،يقترن فيه الشعر بالفن التشكيلي ،وهو «تفاحة املثلث» الصادر سنة ،1985عمل بدأت فيه جتربة زريقة الشعرية تستشرف األفق السريالي ،وأضفت عليه لوحات ص�لادي اخلرافية ،بكائناتها حتس بأنها ناطقة ،سحرا خاصا. الفرعونية وطيورها العمالقة التي ّ ملاذا اختار الشاعر عبد الله زريقة الفنان عباس صالدي بالضبط؟ هل كانت مجرد صدفة؟ هل يريد الشعر هنا أن يضفي على نفسه هالة من الغرائبية؟ أم أن أعمال صالدي بحاجة إلى لغة موازية كي تطمئننا إلى أنها ليست متعذرة على القبض ولو باللغة الشعرية؟ أعود اليوم إلى «تفاحة املثلث» لعبد الله زريقة وعباس صالدي، وهذا اللقاء بني التشكيل والشعر املغربي ،ألثير نقطة شغلتني مبكرا في مسار الشعر املغربي ،وهي هوسه ليصبح شعرا بصريا، شعر يريد أن يرى نفسه ،أن يراها متحققة أمامه على الورق ،وهو ما فعلته القصيدة الكاليغرافية ،قصيدة كانت ترى شكلها في احلروف امللتوية على البياض كـ«لبالب» ،معلنة عن نفسها للعالم. ّ تتخل أبدا عن إنشاديتها. املشكلة أن هذه النصوص احلروفية لم لذلك كانت قراءة الشعراء احلداثيني لقصائدهم ،رغم لكنة «املسيد» الراسخة فيها ،توازي بني الصوتي والبصري ،فتصبح كلمة «كبيييييييييير» ،كبيرة فعال ،في امتدادها املقروء واملرئي. ّ املفخمة أعتقد أن عبد الله زريقة لم يتو ّرط في املوجة احلروفية بالصوت واملتش ّبكة في شبكية العني ،بل حاول النفاذ بجلده وتركيب صور شعرية متروكة ملصيرها تسرد نفسها .في املقابل سنقرأ أعماال شعرية أخرى أوغلت في النص احلروفي ،للشاعر أحمد بلبداوي من بينها «حدثنا مسلوخ الفقر وردي» سنة ،1985و«هبوب الشمعدان» سنة ،1990وه��ي جت��ارب حتى ل��و ل��م تكتب بخط ال�� ّزن��ات��ي أو بالهيروغليفية ،فإن من سيقرؤها عليه أن يكون مطلعا على تراث الشيخ الدمياطي وشعره ،وأن يضع حتت وسادته كتاب «شمس املعارف الكبرى ولطائف العوارف» للشيخ أحمد البوني ،الذي عند قراءته ينكشف سر األفالك واألكوان ،وترتعد فرائص اإلنس واجلان. ال أريد أن أظلم هذه التجربة املهووسة بالتحديث وخلق نص يختلف عن النص الفقهي العمودي من جهة ،وعن نص املركز املشرقي ،ألن سياقها الثقافي واالجتماعي رمبا دفعها إلى ذلك، لكنها جتربة شعرية أسست فعليا للشعر الشمهروشي احلديث، شعر له امتداداته إلى اآلن في نصوص األجيال اجلديدة وطريقة تعاملها مع اللغة ،كأنها قدر مطلسم لن يفك شفراته غير فقيه شاعر. لذلك سنكتشف أن الكثير من شعراء الشمهروشية األوائل ،كانوا ميارسون النقد والسحر وكتابة احلروز في اجلامعات املغربية، ونقلوا أسرارهم إلى جيل شاب من السحرة احملدثني ،الذين ّ لطخوا الكتب واملالحق الثقافية وستاتوهات «الفايسبوك» بأشعارهم الشمهروشية. أتأمل هذا التراث الشعري الشمهروشي بالكثير من احملبة طبعا، ألنه بالنهاية صورة عن الثقافة املغربية احلديثة في صراعها املرير لإلعالن عن ذاتها ،وهو ما مينحنا االنطباع بأن حداثتنا حتتاج فعال إلى حتديث. وهنا أريد أن أتقاسم معكم مقطعا طريفا من ديوان شمهروشي ألحمد بلبداوي ،صدر عن «بيت الشعر» باملغرب سنة ،2009بعنوان «حتى يورق ظل أظافره» ،لكن علينا قبل ذلك ،أن نبسمل ونحوقل، حتى ال يورق ظل أظافر شمهروش وأنتم تو ّرقون اجلريدة: «قال كان على رأس إمارة قارقوبياس آغا من آل جحشليم، يدعى قاوون بن حالوشيم بن شافاط امللقب مبض ّرط احلديد بن خاقون بن شموئيل ،املعروف بابن ناقضة الوضوء ابن مغيظ مروض الذباب ،ألنه كان أمهر من ع ّلم الذباب الوقوف على بن ّ رجل واحدة .»..
لويس أراغون:
«ستكو ُن هذه احلياة ُ قد انصرمت» ْ
صاحبي شتيوي
نحات وثالثة فناني «كوالج» يشتغلون في ورشات مباشرة أمام جمهور الرباط
مرمي الشرايبي
محمد قريش
رمي اللعبي
«تنهيدة صغيرة»
بطاقة بيضاء الذات سفر النوازع والتطلعات واألفكار والقدرات ،الذي ينتهي بنا إلى ما أنت مدعو لتكونه ،هي في األخير سمتك أو هويتك .الكتابة والفرشاة هويتي .بهذا املعنى، تخلع الكتابة واللوحة عندي التقميش الواحد ،تلجأ إلى اخليال، إلى القماش املمتد أو املنصوب على هيأة اإلنسان ،الذي تراه الطير أو الوحوش أو البهائم ،فتحسبه إنسانا ،أسافر إلى الطيف ،أحدق في ما تلقيه الشمس من ظالل في دواخلي .تستهويني لعبة الشطرجن: األحمق ،امللك ،اجلندي. أكره الصباغة والكتابة الناصحة العاقلة الرشيدة من دغل لدغل ،تترصدني سهام كثيرة ،لكني أمضي أردد مع توماس ترانسترومر ،وهو يسافر من البيانو إلى الشعر: «كل امرئ باب نصف مفتوح يفضي إلى غرفة للجميع» أهامسه :معك أعلن رفضي لتعيني الغرف أسافر معك إلى غرفة للجميع على الكتابة أن تختلط باجلسد، الذي هو -الذات العالم -أن تعجن به حلما ودما. عليها أن تكون نزيف أعضاء
أيوب المزين
دريئة العدد
lالعدد l 70 :الخميس 7فبراير 5 2013
سرية .إنه نزيف مستمر ،ال يوقفه إال املوت ،الكتابة هي السفر بعيدا، ضد اليقني ،هي الترحل داخل الذات والعالم ،هي التوجع واالستسالم والبعث أصغي إلى درس مارغريت دوراس: «مأخذي على الكتب بصفة عامة ،هو كونها ليست حرة ،إنها مصنوعة ومنظمة ،كتب ظريفة بال امتداد ،بال ليل أو صمت ،بال كاتب حقيقي ،كتب «نظيفة» ذات أصول كالسيكية خالية من أية مغامرة». يوضح خبير السلوك «جيمس ماي كتلوط» ،صاحب موقع «أدوات العقل» على اإلنترنت ،والذي يعتبر مصدرا عزيزا للمعلومات« :ميكن تدريب األعصاب بشكل قوي وفعال، باستخدام األساليب الذهنية ،مثل التخيل و احملاكاة» .أليس التخيل هو استحضار صور من املاضي بواسطة التذكر؟ ويقوم التخيل بإعادة تركيب الواقع ،تركيبه وفق ما أرى ،عوالم جديدة حتاك من عوالم حتققت سابقا. أنت أمام قطع البازل ،بإمكانك اآلن أن تبني منها عاملك اخلاص .البيت العتيق الذي هدمته ،من حجارته اآلن تبني البيت الذي حتلم به. املهم أن ذلك ينعكس عندي على ما
زهرة زيراوي (كاتبة وفنانة مغربية تقيم بين بلجيكا والمغرب)
أدونه ،من خالل طرحي حلالة احللم والذاكرة.. احلياة في ذاكرة املاضي ،ومحاولة استرجاعه بتقنيات مختلفة ومعاصرة ،ألخلق هذا التوازن، ألم ّد جسرا يربط املاضي هناك، باملستقبل املتخيل هنا. أن نؤسس العالم الداخلي ،ونفتح كوة في جدار وعي املتلقي ،يعاين منها العديد من التأويالت املختلفة، ونعطي القارئ حرية إعادة إنتاج العالقات الداخلية بني مفردات الواقع ،خللق مساحة أكبر من االنفتاح الداللي للنص. إن عمقنا الوجودي يتجلى في ما يدعونا الفكر إليه ،قد يكون كتابة أو فنا من الفنون تهرب إليه الذات، صباغة أو موسيقى أو كتابة أو ذلك ،كل ما يرمم شقوقا تعكسها روح سعدي يوسف الشعرية: تان «بينهما قا ّر ِ وس ْب ٌع ِط ٌ باق.. وبينهما ُّ فص ُل املر َء عن أصلِهِ كل ما َي ِ ُّ كل ما ِ يص ُل املر َء باملستحيل». هذا وحده يظل اجلواب عن املمض املوجع والضالة التي تنشدها الذات .هذه سيروراتنا ،ما العمر؟ هل هو زمن كمي أم كيفي؟
أين أنا؟ في املغرب ،في بلجيكا ،في «سيكند اليف» ،حياة ثانية« .وفيها ،ملن خاف القِ لىُ ،متع َّز ُل» ،عندما تصبح الكتابة وطنا.. كم يروقني الهروب إلى الكتابة أو الصباغة هي العد العمري، أراوح بني حدي معادل جلسد ينكسر ،وقوة تولد في الصعب مني أستعيض بها عن أزمنة افتقدتها هناك .أردد مع جيم كاري« :كنت في حبس غامض ،حيث ال ينمو أي شيء إال الغضب». أراوح بني ماض غامض وآت منذور للكتابة لنأخذ «زمن تنهيدة» للكاتبة «آن فيليب» ،إذ يتناول عملها الدميومة الزمنية وسؤال: «ما الذي تشكله حياة اإلنسان في سلم الكون؟» ،لم أكن أريد أن أفكر إلى أي زمن سنبقى كذلك .كانت الثواني تبدو لي ساعات ،والنهارات بضع حلظات ،ماذا تساوي حياتنا برمتها ،قياسا بعمر الكون؟ «تكاد تساوي ما تستغرقه تنهيدة» ،تلك هي محصلة احليوات املتالحقة للبشر ،منذ أسالفنا ساكني الكهوف، الذين صاغوا التاريخ البشري، نحن مجرد حلقة صغيرة في سلسلة الكون.