مقررات استفاده با استفاده از اين سايت ،شما قبول ميکنيد که از شرايط و دستورالعملھا )"مقررات استفاده"( و کاردانى اطالعات خصوصى پيروى نمائيد و خود را متعھد به اجراى اين مقررات بدانيد. مقررات استفاده و کاردانى اطالعات خصوصى ممکن است ھر زمان و بدون اطالع قبلى تغيير يابد. مشروط به رعايت مقررات زير شما ميتوانيد متن کتابھا و ھرگونه اطالعات موجود ديگر در اين سايت )"محتوا"( را به صورت کامل و يا بخشى از آن را آزادانه نسخه بردارى ،چاپ ،ايميل، توزيع ،دانلود و يا آپلود کنيد ،آن را به نمايش بگذاريد و يا مخابره کنيد: -١
اطالعيه مربوط به حقوق مالکيت انحصارى محتوا و نيز مأخذ آن بايد پيوست محتوا باشد؛
-٢
به استثناى تغيير قلم و يا ظاھر متن ،محتوا را تحت ھيچ شرايطى نبايد تغيير داد؛ محتوا بايد صرفا ً براى مقاصد غير تجارى مورد استفاده قرار گيرد.
-٣
ھرچند اجازه عمومى براى استفاده و تکثير محتواى اين سايت بصورت آزادانه داده شده است اما جامعه بينالمللى بھائى تمامى حقوق انحصارى و مالکيت محتوا را بر اساس قوانين ملى و بينالمللى مربوطه براى خود محفوظ نگاه ميدارد. براى کسب اجازه به منظور چاپ ،انتقال ،نمايش و يا ھرگونه استفاده ديگر از محتواى اين سايت براى مقاصد تجارى با Reference@Bahai.org
ﺑﺪﻳﻊ١٤٥ ﺷﻬﺮ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﺔ
١٩٩٧ ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ
ﻣﻦ ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨّﺸﺮ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﺍﺯﻳﻞ
EDITORA BAHA’I – DO BRASIL Rua Edgar Neto de Araujo Nr. 104 13800-000 Mogi Mirim, S.P. Brazil
٢
ﺘﺎب
ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ" ﺗﻤﺖ ّ "ﻗﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻮﻡ ﻓﻴﻪ ّ ﻭﻻﺡ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ
" ٕﺍﻧّﻪ ﻳﺪ ُﻋﻮﻛﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻨﻔﻌﻜﻢ ﻭﻳﺄﻣﺮﻛﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻘ ّﺮﺑﻜﻢ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻪﻠﻟ" ﻻﺩﻳﺎﻥ ﻣﺎﻟﻚ ﺍ ٔ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟ ّﺮﺍﺑﻌﺔ ّ
ﻣﻌ ّﺮﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴّﺔ ٣
٤
ّ ّ ﺴ ﻌ ﻋ ﻢ ر ﻨﺎ ا ﯽ اﻷ ﯽ "ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺃ ّﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻟﻦ ﻳـﺼﻠﻮﺍ ٕﺍﻟـﻰ ﺷـﺎﻃﺊ ﺑﺤـﺮ
ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ. ﺍﻟﺼﺮﻑ ﻋﻦ ّ ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ ٕﺍ ّ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓـﻲ ﺍﻟ ّ ﻻ ﺑﺎﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ّ ﻦ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻗـ ّـﺪﺭ ﻗﺪﺳــﻮﺍ ﺃﻧﻔــﺴﻜﻢ ﻳــﺎ ﺃﻫــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻟﻌـ ّ ّ ـﻞ ﺗــﺼﻠ ّ
ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ" ﻦ ﻓﻲ ﺳﺮﺍﺩﻕ ﺟﻌﻠﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﻓﻲ ﺳﻤﺂء ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ً ﺍﻪﻠﻟ ﻟﻜﻢ ﻭﺗﺪﺧﻠ ّ
ـﺴﺎﻟﻜﻴﻦ ﺳـ ــﺒﻴﻞ ﺟـ ــﻮﻫﺮ ﻫـ ــﺬﺍ ﺍﻟﺒـ ــﺎﺏ ﻫـ ــﻮ ﺃﻧّـ ــﻪ ﻳﺠـ ــﺐ ﻋﻠـ ــﻰ ﺍﻟـ ـ ّ
ﻭﻳﻘﺪﺳ ــﻮﻫﺎ ﻻﻳﻘ ــﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻄ ّﻬ ــﺮﻭﺍ ﺃﻧﻔ ــﺴﻬﻢ ﻻﻳﻤ ــﺎﻥ ّ ّ ﻭﺍﻟﻄ ــﺎﻟﺒﻴﻦ ﻛ ــﺆﻭﺱ ﺍ ٕ ﺍ ٕ ـﺴﻤﻊ ﻋــﻦ ﺍﺳــﺘﻤﺎﻉ ﻳﻨﺰﻫــﻮﻥ ﺍﻟـ ّ ﻋــﻦ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟــﺸﺆﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺿـﻴّﺔ -ﻳﻌﻨــﻲ ّ
ﺍﻟﻈﻨﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠّﻘﺔ ﻻﻗﻮﺍﻝ ،ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻦ ّ ﺍ ٔ ٥
ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳّـﺔ ،ﻭﺍﻟﻌـﻴﻦ ﺑﺴﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﺠـﻼﻝ ،ﻭﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ﻋـﻦ ﺍﻟﺘّﻌﻠّـﻖ ﺑﺎﻻٔﺳـﺒﺎﺏ ّ
ـﺴﺒﻴﻞ ﻣﺘـﻮ ّﻛﻠﻴﻦ ﻋﻦ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﻳﺴﻠﻜﻮﻥ ﻓـﻲ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟ ّ
ﻦ ﻗـﺎﺑﻠﻴﻦ ﻟﺘﺠﻠّﻴــﺎﺕ ٕﺍﺷــﺮﺍﻗﺎﺕ ﻋﻠــﻰ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻣﺘﻮﺳــﻠﻴﻦ ٕﺍﻟﻴــﻪ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳــﺼﺒﺤ ّ ّ
ﻼ ﻟﻈﻬــﻮﺭﺍﺕ ﻓﻴﻮﺿــﺎﺕ ﻏﻴــﺐ ﺷــﻤﻮﺱ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓــﺎﻥ ﺍ ﻻﻟﻬــﻲ ،ﻭﻣﺤـ ٕ ّ ﻻ ﻳﺘﻨ ــﺎﻫﻰ .ﻻٔ ّﻥ ﺍﻟﻌﺒ ــﺪ ﻟ ــﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺠﻌ ــﻞ ﺃﻗ ــﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﻣ ــﻦ ﻋ ــﺎﻟﻢ ﻭﺟﺎﻫــﻞ ،ﻭﺃﻋﻤــﺎﻟﻬﻢ ﻭﺃﻓﻌــﺎﻟﻬﻢ ﻣﻴﺰﺍ ًﻧــﺎ ﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺋــﻪ ﻓﺈﻧّــﻪ ﻟــﻦ
ﺭﺏ ﺍﻟﻌـ ّـﺰﺓ ،ﻭﻟــﻦ ﻳﻔــﻮﺯ ﺑﻌﻴــﻮﻥ ﻋﻠــﻢ ﺳــﻠﻄﺎﻥ ﻳــﺪﺧﻞ ﺃﺑـ ًـﺪﺍ ﺭﺿــﻮﺍﻥ ﻣﻌﺮﻓــﺔ ّ
ﻻﺣﺪﻳّــﺔ ﻭﺣﻜﻤﺘــﻪ ،ﻭﻟــﻦ ﻳــﺮﺩ ﻣﻨــﺰﻝ ﺍﻟﺒﻘــﺎء ،ﻭﻟــﻦ ﻳــﺬﻭﻕ ﻛــﺄﺱ ﺍﻟﻘــﺮﺏ ﺍ ٔ ﻭﺍﻟﺮﺿﺎ
ـﺴﺎﻟﻔﺔ ،ﻛـﻢ ﻣـﻦ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻣـﻦ ﺷـﺮﻳﻒ ﻭﻭﺿـﻴﻊ، ﺍﻧﻈﺮﻭﺍ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻻٔﻳّﺎﻡ ﺍﻟ ّ
ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﻇﻬﻮﺭﺍﺕ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛـﻞ ﺍﻟﻘﺪﺳـﻴّﺔ ،ﻋﻠـﻰ ﻛﺎﻧﻮﺍ ً
ﻳﺘﺮﺻ ـ ــﺪﻭﻥ ﻭﻳﻨﺘﻈ ـ ــﺮﻭﻥ، ﺷ ـ ــﺄﻥ ﻛ ـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻓ ـ ــﻲ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﺍﻻٔﻭﻗ ـ ــﺎﺕ ﻭﺍﻻٔﺯﻣﻨ ـ ــﺔ ّ
ﻟﻌﻞ ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ،ﻭﻳﻄﻠـﻊ ﺟﻤـﺎﻝ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﻭﻳﺘﻀ ّﺮﻋﻮﻥّ ، ﻳﻬﺐ ﻧﺴﻴﻢ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﺔ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ .ﻭﻋﻨ ــﺪﻣﺎ ﺍﻟﻤﻮﻋ ــﻮﺩ ﻣ ــﻦ ﺧﻠ ــﻒ ﺳ ــﺮﺍﺩﻕ ﺍﻟﻐﻴ ــﺐ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻋﺮﺻ ــﺔ ّ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻔﺘﺢ ﺃﺑـﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳـﺔ ،ﻭﻳﺮﺗﻔـﻊ ﻏﻤـﺎﻡ ﺍﻟﻤﻜﺮﻣـﺔ ،ﻭﺗﻈﻬـﺮ ﺷـﻤﺲ
ﺍﻟﻐﻴ ــﺐ ﻋ ــﻦ ﺃﻓ ــﻖ ﺍﻟﻘ ــﺪﺭﺓ ،ﻳﻘ ــﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴ ــﻊ ﻋﻠ ــﻰ ﺗﻜ ــﺬﻳﺒﻬﺎ ﻭ ٕﺍﻧﻜﺎﺭﻫ ــﺎ ﻭﻳﺤﺘﺮﺯﻭﻥ ﻋﻦ
٦
ﻟﻘﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟّﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﻟﻘﺎء ﺍﻪﻠﻟ ،ﻛﻤـﺎ ﻫـﻮ ﻣـﺬﻛﻮﺭ ﻭﻣـﺴﻄﻮﺭ ﺗﻔـﺼﻴﻠﻪ ﻓـﻲ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳّﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﺘﺐ ّ
ﻼِ ،ﻟـ َـﻢ ﺍﻋﺘــﺮﺽ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻣــﻦ ﺑﻌــﺪ ﻃﻠــﺒﻬﻢ ﻜــﺮﻭﺍ ﻗﻠــﻴ ً ﺗــﺪﺑّﺮﻭﺍ ﺍﻻٓﻥ ﻭﺗﻔ ّ
ـﻀﺎ ﺑﺪﺭﺟــﺔ ﻳﻌﺠــﺰ ﺍﻟﻠِّــﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﻭﺍﻧﺘﻈــﺎﺭﻫﻢ؟! ﻭﻛــﺎﻥ ﺍﻋﺘﺮﺍﺿــﻬﻢ ﺃﻳـ ً
ﻋــﻦ ﻭﺻــﻔﻪ ،ﻭﻳﻘــﺼﺮ ﺍﻟﺘّﻘﺮﻳــﺮ ﻭﺍﻟﺘّﺤﺮﻳــﺮ ﻋــﻦ ﺫﻛــﺮﻩ .ﻓﻠــﻢ ﻳﻈﻬــﺮ ﺃﺣــﺪ ﻣــﻦ
ﻻ ﻭﺍﺑﺘﻠــﻲ ﺑــﺎﻋﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﺍﻟﻤﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻤﻄــﺎﻟﻊ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ٕﺍ ّ
ـﺴ َﺮ ًﺓ َﻋ َﻠـﻰ ﺍ ْﻟﻌِ َﺒـﺎﺩِ َﻣـﺎ ﻭ ٕﺍﻧﻜﺎﺭﻫﻢ ﻭﺍﺣﺘﺠـﺎﺟﻬﻢ ﻛﻤـﺎ ﻗـﺎﻝ ﺗﻌـﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻳـﺎ َﺣ ْ
ِﻴﻬﻢ ِّﻣﻦ ﺭ ُﺳ ٍ ﻻ َﻛﺎ ُﻧﻮﺍ ِﺑﻪِ َﻳ ْﺴ َﺘ ْﻬ ِﺰ ُﺅﻭﻥ﴾) ،(١ﻭﻛﻤـﺎ ﻗـﺎﻝ ﻓـﻲ ﻣﻮﺿـﻊ َﻳﺎﺗ ِ ﻮﻝ ﺍ
ـﺎﺩ ُﻟﻮﺍ ِﺑﺎ ْﻟ َﺒ ِ ﺎﻃ ـ ـ ـ ِـﻞ ـﺖ ُﻛ ـ ـ ـ ﺁﺧ ـ ـ ــﺮ ﴿ َﻭ َﻫ ﻤ ـ ـ ـ ْ ـﻞ ﺍ ﻣ ـ ـ ـ ٍـﺔ ِﺑ َﺮ ُﺳ ـ ـ ــﻮﻟ ِِﻬ ْﻢ ِﻟ َﻴﺎُ ﺧ ـ ـ ـ ُـﺬﻭ ُﻩ َﻭ َﺟ ـ ـ ـ َ
ْﺤ ـﻖ﴾) (٢ﻭﻛـﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧـﺖ ﺍﻟﻜﻠﻤـﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟـﺔ ﻣـﻦ ﻏﻤـﺎﻡ ِﻟ ُﻴ ْﺪ ِﺣ ُ ﻀﻮﺍ ِﺑﻪِ ﺍﻟ َ ﻻﺣ ـ ــﺼﺎء ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ ،ﻭﺳ ـ ــﻤﺎء ﺍﻟﻌ ـ ـ ّـﺰﺓ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّ ـ ــﺔ ﺗﻔ ـ ــﻮﻕ ﺣ ـ ـ ّـﺪ ﺍ ٕ ﺍﻟﻘ ـ ــﺪﺭﺓ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﻭ ٕﺍﺣﺎﻃ ـ ـ ــﺔ ﺍﻟﻌﺒ ـ ـ ــﺎﺩ ،ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻓ ـ ـ ــﻲ ﺳ ـ ـ ــﻮﺭﺓ ﻫ ـ ـ ــﻮﺩ ﻟﻜﻔﺎﻳ ـ ـ ــﺔ ﻻٔﻭﻟ ـ ـ ــﻲ ﺍﻻٔﻓﺌ ـ ـ ــﺪﺓ ـﺴﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛــﺔ ﻭﺗــﺪﺑّﺮﻭﺍ ﻭﺃﺻــﺤﺎﺏ ﺍﻟﺒــﺼﺮ .ﻓﺘــﺄ ّﻣﻠﻮﺍ ﻗﻠــﻴ ً ﻼ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟـ ّ ﻼ ﻋﻠـﻰ ﺑـﺪﺍﺋﻊ ﺃﻣـﻮﺭ ﺍﻻٔﻧﺒﻴـﺎء ﻓﻴﻬﺎ ﺑـﺎﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍﻻٔﺻـﻠﻴّﺔ ،ﺣﺘّـﻰ ّ ﺗﻄﻠﻌـﻮﺍ ﻗﻠـﻴ ً
ﻦ ﺳﺒ ًﺒﺎ ﻻٔﻥ ﻭﺭ ّﺩ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻨّﻔﻲ ﻟﻬﻢ ﻭﺗﻜﺬﻳﺒﻬﻢ ٕﺍﻳّﺎﻫﻢ ، ﻟﻌﻞ ﺗﻜﻮﻧ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻳﺲ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﻏﺎﻓﺮ.
٧
ﻳﻄﻴﺮ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻣﻦ ﻣﻮﻃﻦ ﺍﻟﻐﻔﻠـﺔ ﺍﻟﻨّﻔـﺴﺎﻧﻴّﺔ ٕﺍﻟـﻰ ﺃﻭﻛـﺎﺭ ﺍﻟﻮﺣـﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓـﺔ
ﻦ ﻣﻦ ﺃﺛﻤﺎﺭ ﺷﺠﺮﺓ ﺍ ٕ ﻦ ﻣﻦ ﺯﻻﻝ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ،ﻭﺗﺮﺯﻗ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻭﺗﺸﺮﺑ
ﻋﻠــﻢ ﺫﻱ ﺍﻟﺠــﻼﻝ .ﻫــﺬﺍ ﻫــﻮ ﻧــﺼﻴﺐ ﺍﻻٔﻧﻔــﺲ ﺍﻟﻤﺠ ـ ّﺮﺩﺓ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﺎﺋــﺪﺓ
ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ّ
ﻻﻧﺒﻴ ــﺎء ،ﻭﺳ ــﺒﺐ ﺍﻋﺘﺮﺍﺿ ــﺎﺕ ﻟ ــﻮ ّ ﺍﻃﻠﻌ ــﺘﻢ ﻋﻠ ــﻰ ﻋﻠّ ــﺔ ٕﺍﺑـ ــﺘﻼء ﺍ ٔ
ـﺸﻤﻮﺱ ﺍﻟﻬﻮﻳّــﺔ ،ﻟــﻮﻗﻔﺘﻢ ﻋﻠــﻰ ﻛﺜﻴــﺮ ﻣــﻦ ﺃﻣــﻮﺭﻫﻢ. ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻋﻠــﻰ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ
ﻭﺗﻔﺤــﺼﺘﻢ ﻛﺜﻴـ ًﺮﺍ ﻓــﻲ ﺍﻋﺘﺮﺍﺿـﺎﺕ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻋﻠــﻰ ﻛــﺬﻟﻚ ﻛﻠّﻤــﺎ ﻻﺣﻈــﺘﻢ ّ
ﻣ ــﺸﺎﺭﻕ ﺷ ــﻤﻮﺱ ﺻ ــﻔﺎﺕ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـ ـﺔ ،ﺍﺯﺩﺩﺗ ــﻢ ٕﺍﺣﻜﺎ ًﻣ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺩﻳ ــﻨﻜﻢ،
ـﻀﺎ ﻣـﻦ ﻗــﺼﺺ ـﻮﺧﺎ ﻓـﻲ ﺃﻣــﺮ ﺍﻪﻠﻟ .ﻟـﺬﺍ ﻧـﺬﻛﺮ ﻓــﻲ ﻫـﺬﻩ ﺍ ٔ ﻻﻟـﻮﺍﺡ ﺑﻌـ ً ﻭﺭﺳ ً
ﻻﺟﻤــﺎﻝ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳﻜــﻮﻥ ﻣﻌﻠﻮ ًﻣــﺎ ﻭﻣﺜﺒﻮ ًﺗــﺎ ﺃﻧّــﻪ ﻗــﺪ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﻋﻠــﻰ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍ ٕ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﻓﻲ ﺟﻤﻴـﻊ ﺍﻻٔﻋـﺼﺎﺭ ﻭﺍﻟﻘـﺮﻭﻥ، ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﻣﻄﺎﻟﻊ ّ
ـﻞ ﺗــﺼﻴﺮ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﺫﻛــﺎﺭ ﻣــﺎ ﻳــﻀﻄﺮﺏ ﻟ ـﻪ ﺍﻟﻘﻠــﻢ ﻭﻳﺨﺠــﻞ ﻣــﻦ ﺫﻛــﺮﻩ .ﻟﻌـ
ﺳــﺒ ًﺒﺎ ﻟﻌــﺪﻡ ﺍﺿــﻄﺮﺍﺏ ﺑﻌــﺾ ﺍﻟﻨّ ـﺎﺱ ﻣــﻦ ٕﺍﻋــﺮﺍﺽ ﺍﻟﻌﻠﻤــﺎء ﻭﺍﻋﺘــﺮﺍﺽ ُﺟ ّﻬﺎﻝ ﺍﻟﻌﺼﺮ ،ﺑﻞ ﺭﺑّﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪﻫﻢ ﻫﺬﺍ ٕﺍﻳﻘﺎ ًﻧﺎ ﻭﺍﻃﻤﺌﻨﺎ ًﻧﺎ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟّﺬﻱ ﻧﺎﺡ ﺗﺴﻌﻤﺎﺋﺔ ﻓﻤﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ﻧﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ّ
٨
ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﺳﻨﺔ ،ﻭﺩﻋﺎ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ٕﺍﻟﻰ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟ ّﺮﻭﺡ ﺍﻻٔﻳﻤﻦ ،ﻭﻣﺎ ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ
ـﻮﻡ ﻛــﺎﻥ ﻳــﺮﺩ ﻣــﻨﻬﻢ ﻋﻠــﻰ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ﺍﻟﻤﺒــﺎﺭ ﻙ ﻟــﻪ ﺃﺣــﺪ ،ﻭﻓــﻲ ﻛـ ّ ـﻞ ﻳـ ٍ
ﻻﻳـﺬﺍء ﻣـﺎ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﺑـﻪ ﻳﻮﻗﻨـﻮﻥ ﺃﻧّـﻪ ﻗـﺪ ﻫﻠـﻚ .ﻭﻛﺜﻴـ ًﺮﺍ ﻣـﺎ ﻭﺭﺩ ﻣﻦ ﺍﻻٔﺫﻳّﺔ ﻭﺍ ٕ ـﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳــﺘﻬﺰﺍء ﻭﺍﻟﺘّﻌــﺮﻳﺾ .ﻛﻤــﺎ ﻗــﺎﻝ ﻋﻠــﻰ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﻣــﻦ ﺃﻧــﻮﺍﻉ ﺍﻟـ ّ
ﺨ ُﺮﻭ ْﺍ ـﺨ ُﺮﻭ ْﺍ ﻣِ ْﻨـ ُـﻪ َﻗـ َ ﺗﻌــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻭ ُﻛﻠَ ﻤــﺎ َﻣ ـ ﺮ َﻋ َﻠ ْﻴــﻪِ َﻣ ـﻼِّ ﻣــﻦ َﻗ ْﻮﻣِ ــﻪِ َﺳـ ِ ـﺴ َ ـﺎﻝ ﺍﻥ َﺗـ ْ
ﻮﻥ( ) (١ﻭﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ﺨ ُﺮ ﻣِ ﻨ ُ ﻭﻥ َﻓ َﺴ ْﻮ َ ﺨ ُﺮ َ ﻜ ْﻢ َﻛ َﻤﺎ َﺗ ْﺴ َ ﻣِ ﻨﺎ َﻓ ﺎﻧﺎ َﻧ ْﺴ َ ﻑ َﺗ ْﻌ َﻠ ُﻤ َ
ﻣـ ــﻦ ﺍﻟـ ـ ّـﺰﻣﻦ ﻭﻋـ ــﺪ ﺃﺻـ ــﺤﺎﺑﻪ ﻭﻋـ ـ ًـﺪﺍ ﻣﻌﻴّ ًﻨـ ــﺎ ﻋـ ـ ّـﺪﺓ ﻣ ـ ـ ّﺮﺍﺕ ﺑـ ــﺈﻧﺰﺍﻝ ﺍﻟﻨّ ـ ـﺼﺮ ـﻞ ﻣـ ـ ّﺮﺓٍ ﻣﻨﻬ ــﺎ ﻛ ــﺎﻥ ﻳﺤ ــﺼﻞ ﺍﻟﺒ ــﺪﺍء ،ﻓ ــﺄﻋﺮﺽ ﺑ ــﺴﺒﺐ ﻋﻠ ــﻴﻬﻢ ،ﻭﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ
ـﺾ ﻣـ ــﻦ ﺃﺻـ ــﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﻌـ ــﺪﻭﺩﻳﻦ ،ﻛﻤـ ــﺎ ﻫـ ــﻮ ﻣﺜﺒـ ــﻮﺕ ﻇﻬـ ــﻮﺭ ﺍﻟﺒـ ــﺪﺍء ﺑﻌـ ـ ٌ
ﺑﺪ ﺃﻧّﻜﻢ ﻗﺪ ﺍ ّﻃﻠﻌـﺘﻢ ﻋﻠﻴـﻪ ﺗﻔﺼﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ ﻣِ ّﻤﺎ ﻻ ّ
ـﺴﺎ ﺃﻭ ﺍﺛﻨـﺎﻥ ﺃﻭ ّ ﺳﺘﻄﻠﻌﻮﻥ .ﺣﺘّﻰ ﺃﻧّﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻊ ﺣﻀﺮﺗﻪ ٕﺍﻻ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﻧﻔ ً
ﻭﺳﺒﻌﻮﻥ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﻻٔﺧﺒﺎﺭٕ ،ﺍﻟـﻰ ﺃﻥ ﺻـﺮﺥ ﺃﺧﻴـ ًﺮﺍ ﻳﻦ ـﻦ ﺍ ْﻟ َ ﻣــﻦ ﺃﻋﻤــﺎﻕ ﻗﻠﺒــﻪ ﺑﺪﻋﺎﺋــﻪ ﴿ َﺭ ِّ ﺏ ﻻ َﺗـ َـﺬ ْﺭ َﻋ َﻠــﻰ ﺍﻻْ ﺭ ِ ﻜــﺎﻓِ ِﺮ َ ﺽ ﻣِ ـ َ
َﺩﻳﺎ ًﺭﺍ﴾) (٢
ﻼ .ﻣﺎﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﺐ ﺍﻋﺘﺮﺍﺽ ﻭﺍﻻٓﻥ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘّﺄ ّﻣﻞ ﻗﻠﻴ ً
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻫﻮﺩ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﻧﻮﺡ.
٩
ﺍﻟﺰﻣ ــﺎﻥ ،ﻭ ِﻟ ـ َـﻢ ﻟ ــﻢ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﻭﺍﺣﺘ ــﺮﺍﺯﻫﻢ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻫ ــﺬﻩ ّ ﺍﻟﺪﺭﺟ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﺫﻟ ــﻚ ّ ﻻﺛﺒــﺎﺕ ﻭﻳﻔــﻮﺯﻭﺍ ﺑــﻪ .ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳﺨﻠﻌــﻮﺍ ﻗﻤــﻴﺺ ﺍﻟﻨّﻔــﻲ ،ﻭﻳﺘﺤﻠّــﻮﺍ ﺑــﺮﺩﺍء ﺍ ٕ
ﻣﻤ ــﺎ ﻛ ــﺎﻥ ﺳ ــﺒ ًﺒﺎ ﻓ ــﻲ ٕﺍﺩﺑ ــﺎﺭ ﻟﻤ ــﺎﺫﺍ ﺣ ــﺼﻞ ﺍﻟﺒ ــﺪﺍء ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻮﻋ ــﻮﺩ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ّ ﺑﻌــﺾ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠــﻴﻦ .ﻟــﺬﺍ ﻳﺠــﺐ ﺍﻟﺘﺄ ّﻣــﻞ ﻛﺜﻴ ـ ًﺮﺍ ،ﺣﺘّــﻰ ﺗﻘــﻒ ﻋﻠــﻰ ﺃﺳــﺮﺍﺭ
ـﻮﻱ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻔ ــﺮﺩﻭﺱ ﺍﻻٔﻣ ــﻮﺭ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّ ــﺔ ،ﻭﺗﺴﺘﻨ ــﺸﻖ ﺭﺍﺋﺤ ــﺔ ّ ﺍﻟﻄﻴ ــﺐ ﺍﻟﻤﻌﻨ ـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّـ ــﺔ ﻟـ ــﻢ ﺗـ ــﺰﻝ ﻛﺎﻧـ ــﺖ ﺑـ ــﻴﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ـ ـ ﻲ ،ﻭﺗـ ــﻮﻗﻦ ﺑـ ــﺄ ّﻥ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻧـ ــﺎﺕ ﺍ ٕ ّ ﻟﻈﻠﻤـﺔ، ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ،ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﺣﺘّﻰ ﻳﺘﺒﻴّﻦ ﻭﻳﺘﻤﻴّﺰ ﺍﻟﻨّـﻮﺭ ﻣـﻦ ﺍ ّ ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺬﺏ، ـﻀﻼﻟﺔ، ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻣـﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃـﻞ ،ﻭﺍﻟﻬﺪﺍﻳـﺔ ﻣـﻦ ﺍﻟ ّ ّ ّ
ﻭﺍﻟﺸﻮ ﻙ ﻣـﻦ ﺍﻟـﻮﺭﺩ ،ﻛﻤـﺎ ﻗـﺎﻝ ﺗﻌـﺎﻟﻰ﴿ :ﺍﻟـﻢ ﺍﻟﺸﻘﺎﻭﺓ، ّ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻣﻦ ّ ّ
ﻮﻥ﴾) (١ ﺎﺱ ﺍ ْ ﻥ ُﻳ ْﺘ َﺮ ُﻛﻮﺍ ﺍ ْ ﻥ َﻳ ُﻘﻮ ُﻟﻮﺍ ﺁ َﻣﻨﺎ َﻭ ُﻫ ْﻢ ﻻ ُﻳ ْﻔ َﺘ ُﻨ َ ﺐ ﺍﻟﻨُ ﺍ َ ﺣ ِﺴ َ
ﻻﺑــﺪﺍﻉ ،ﻭﺩﻋــﺎ ﻭﻣــﻦ ﺑﻌــﺪ ﻧــﻮﺡ ،ﺃﺷــﺮﻕ ﺟﻤــﺎﻝ ﻫــﻮﺩ ﻣــﻦ ﻣــﺸﺮﻕ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻨّﺎﺱ ٕﺍﻟﻰ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣـﻦ ﺫﻱ ﺍﻟﺠـﻼﻝ ﻧﺤـ ًﻮﺍ ﻣـﻦ ﺳـﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ﺳـﻨﺔ
ﺃﻭ ﻳﺰﻳ ــﺪ ،ﻋﻠ ــﻰ ﺣ ــﺴﺐ ﺍﺧ ــﺘﻼﻑ ﺍﻻٔﻗ ــﻮﺍﻝ .ﻓﻜ ــﻢ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﺒﻼﻳ ــﺎ ﻧﺰﻟ ــﺖ
ﻋﻠ ــﻰ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ﻛﺎﻟﻐﻴ ــﺚ ﺍﻟﻬﺎﻃ ــﻞ ،ﺣﺘّ ــﻰ ﺻ ــﺎﺭﺕ ﻛﺜ ــﺮﺓ ﺍﻟ ـ ّـﺪﻋﻮﺓ ﺳ ــﺒ ًﺒﺎ
ﻻﻋﺮﺍﺽِ ، ﻟﺸﺪﺓ ﻭﺷ ّﺪﺓ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻋﻠّ ًﺔ ّ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍ ٕ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ.
١٠
ﻻ َﺧ َﺴﺎ ًﺭﺍ﴾) (١ ﻳﻦ ُﻛ ْﻔ ُﺮ ُﻫ ْﻢ ﺍ ﻻﻏﻤﺎﺽ ﴿ َﻭﻻ َﻳ ِﺰ ُ ﺍ ٕ ﻳﺪ ﺍﻟﻜﺎﻓِ ِﺮ َ ـﻮﻱ، ﻭﻣــﻦ ﺑﻌــﺪﻩ ﻃﻠــﻊ ﻫﻴﻜــﻞ ﺻــﺎﻟﺢ ﻣــﻦ ﺭﺿــﻮﺍﻥ ﺍﻟﻐﻴــﺐ ﺍﻟﻤﻌﻨـ ّ
ﻭﺩﻋ ــﺎ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺷ ــﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻘ ــﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴـ ـﺔ ،ﻭﻓ ــﻲ ﻣﺎﺋ ــﺔ ﺳ ــﻨﺔ ﺃﻭ ﺃﺯﻳ ــﺪ، ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ﻭﻧﻬ ــﺎﻫﻢ ﻋ ــﻦ ﺍﻟﻤﻨ ــﺎﻫﻲ ﺍﻟﺮﺑّﺎﻧﻴّ ــﺔ ،ﻓﻠ ــﻢ ﻳ ــﺄﺕ ﺃﻣ ــﺮﻫﻢ ﺑ ــﺎﻻٔﻭﺍﻣﺮ ﺍ ٕ ﺫﻟــﻚ ﺑﺜﻤــﺮ ،ﻭﻟــﻢ ﻳﻈﻬــﺮ ﻣﻨــﻪ ﺃﺛــﺮ ،ﻓﺎﺧﺘــﺎﺭ ﺍﻟﻐﻴﺒــﺔ ﻭﺍﻟﻌﺰﻟــﺔ ﻋــﻨﻬﻢ ﻣ ـ ّﺮﺍﺕ
ﻻ ٕﺍﻟـﻰ ﻣﺪﻳﻨـﺔ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﻣﻊ ٕﺍ ّﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻻٔﺯﻟﻲ ،ﻣـﺎ ﺩﻋـﺎ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ٕﺍ ّ ّ ـﺎﻝ َﻳـﺎ َﻗـ ْﻮ ِﻡ ﺍ ٔ ِﺤﺎ َﻗ َ ﺻـﺎﻟ ً ﻮﺩ ﺍ َ ﺧ ُ ـﺎﻫ ْﻢ َ ﻻﺣﺪﻳّﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻭ ﺍ َﻟﻰ َﺛ ُﻤ َ
ِﺢ َﻗـ ْـﺪ ﺍ ْﻋ ُﺒـ ُـﺪﻭ ْﺍ ﺍﻪﻠﻟَ َﻣــﺎ َﻟ ُ ﻜــﻢ ِّﻣـ ْ ﺻــﺎﻟ ُ ـﻦ ﺍ َﻟـ ٍـﻪ َﻏ ْﻴـ ُﺮ ُﻩ﴾ٕ .ﺍﻟــﻰ ﻗﻮﻟــﻪ ﴿ َﻗــﺎ ُﻟﻮ ْﺍ َﻳــﺎ َ ـﻞ َﻫـ َـﺬﺍ ﺍ َ ﺗ ْﻨ َﻬﺎ َﻧــﺎ ﺍﻥ ﻧْ ﻌ ُﺒـ َـﺪ َﻣــﺎ َﻳ ْﻌ ُﺒـ ُـﺪ ﺁ َﺑﺎ ُﺅ َﻧــﺎ َﻭ ﺍﻧَ ﻨــﺎ َﻟﻔِ ــﻲ ـﺖ ﻓِ ﻴ َﻨــﺎ َﻣ ْﺮ ُﺟـ ﻮﺍ َﻗ ْﺒـ َ ُﻛﻨـ َ
َﺷ ٍّ ﻳﺐ﴾) ،(٢ﻭﻣﺎ ﺃﺗﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣـﺎٕ ،ﺍﻟـﻰ ﺃﻥ ﻚ ِّﻣ ﻤﺎ َﺗ ْﺪ ُﻋﻮ َﻧﺎ ﺍ َﻟ ْﻴﻪِ ُﻣ ِﺮ ٍ ﺍﻟﺼﻴﺤﺔ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺮﺟﻌﻬﻢ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨّﺎﺭ ﺃﺧﺬﺗﻬﻢ ّ
ﻭﻣـ ــﻦ ﺑﻌـ ــﺪﻩ ﻛـ ــﺸﻒ ﺍﻟﺨﻠﻴـ ــﻞ ﺍﻟﻨِّﻘـ ــﺎﺏ ﻋـ ــﻦ ﺟﻤﺎﻟـ ــﻪ ،ﻭﺭﻓـ ــﻊ ﻋﻠـ ــﻢ
ﺍﻟﻬ ـ ــﺪﻯ ،ﻭﺩﻋ ـ ــﺎ ﺃﻫ ـ ــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﻧ ـ ــﻮﺭ ﺍﻟﺘﻘ ـ ــﻰ ،ﻭﻛﻠﻤ ـ ــﺎ ﺑ ـ ــﺎﻟﻎ ﻓ ـ ــﻲ
ﺍﻟﻨّﺼﻴﺤﺔ ﻟﻬﻢ ،ﻟﻢ ﻳﺜﻤﺮ ﺫﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺤﺴﺪ ،ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺘﺞ ﻏﻴﺮ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻓﺎﻃﺮ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﻫﻮﺩ.
١١
ﻻ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻫــﻢ ﺍﻧﻘﻄﻌــﻮﺍ ﺑﻜﻠّﻬــﻢ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻋﺮﺟــﻮﺍ ﺑﺠﻨــﺎﺣﻲ ﺍﻟﻐﻔﻠــﺔٕ ،ﺍ ّ ّ ﻻﺩﺭﺍ ﻙ ﻣﺮﻓﻮ ًﻋﺎ ﻻﻳﻘﺎﻥ ٕﺍﻟﻰ ﻣﻘﺎﻡ ﺟﻌﻠﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﻋﻦ ﺍ ٕ ﺍ ٕ ـﺼﺔ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﻣــﺸﻬﻮﺭﺓ ،ﻓﻜــﻢ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻋــﺪﺍء ﺃﺣــﺎﻃﻮﺍ ﺑـﻪ ٕﺍﻟــﻰ ﺃﻥ ﻭﻗـ ّ
ﻻﻋ ــﺮﺍﺽ .ﻭﻣ ــﻦ ﺑﻌ ــﺪ ﺣﻜﺎﻳ ــﺔ ﺍﻟﻨّـ ـﺎﺭ ﺃﺧﺮﺟ ــﻮﺍ ﺍﺷ ــﺘﻌﻠﺖ ﻧ ــﺎﺭ ﺍﻟﺤ ــﺴﺪ ﻭﺍ ٕ ﻻﻟﻬ ـ ــﻲ ﻣ ـ ــﻦ ﺑﻠ ـ ــﺪﻩ ،ﻛﻤ ـ ــﺎ ﻫ ـ ــﻮ ﻣ ـ ــﺬﻛﻮﺭ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟﻜﺘ ـ ــﺐ ـﺴﺮﺍﺝ ﺍ ٕ ﺫﻟ ـ ــﻚ ﺍﻟ ـ ـ ّ ّ ﻭﺍﻟ ّﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﻟﻤﺎ ﺍﻧﻘﻀﻰ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﺃﺗـﺖ ﺩﻭﺭﺓ ﻣﻮﺳـﻰ ،ﻓﻈﻬـﺮ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ﻣـﻦ ﺳـﻴﻨﺎء ّ
ﻻﻣ ــﺮ ﻭﺑﻴ ــﻀﺎء ﺍﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ .ﻭﺃﺗ ــﻰ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻨّ ــﻮﺭ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻋﺮﺻ ــﺔ ّ ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﺑﻌ ــﺼﺎ ﺍ ٔ ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ. ﻓ ــﺎﺭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒّ ــﺔ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ،ﻭﻣﻌ ــﻪ ﺛﻌﺒ ــﺎﻥ ﺍﻟﻘ ــﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟ ـ ّ ـﺸﻮﻛﺔ ﺍﻟ ـ ّ
ﻭﺩﻋ ــﺎ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﻣ ــﻦ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻤﻠ ــﻚ ﺍﻟ ــﻰ ﻣﻠﻜ ــﻮﺕ ﺍﻟﺒﻘ ــﺎء ،ﻭﺃﺛﻤ ــﺎﺭ ﺷ ــﺠﺮﺓ ﺍﻟﻮﻓـ ـ ـ ــﺎء .ﻭﻟﻘـ ـ ـ ــﺪ ﺳـ ـ ـ ــﻤﻌﺖ ﻣـ ـ ـ ــﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴـ ـ ـ ــﻪ ﻣـ ـ ـ ــﻦ ﻓﺮﻋ ـ ـ ــﻮﻥ ﻭﻣ ـ ـ ـ ـﻼٔﻩ ﻣـ ـ ـ ــﻦ
ﺍﻟﻄﻴّﺒ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﺃﺣﺠ ــﺎﺭ ـﺸﺠﺮﺓ ّ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿ ــﺎﺕ ،ﻭﻛ ــﻢ ﺍﻟﻘ ــﻲ ﻋﻠ ــﻰ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻟ ـ ّ
ﺍﻟﻈﻨﻮﻧــﺎﺕ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻧﻔــﺲ ﺍﻟﻤــﺸﺮﻛﺔ ،ﻭﺑﻠــﻎ ﺍﻻﻋﺘــﺪﺍء ﻋﻠﻴــﻪ ٕﺍﻟــﻰ ﺣـ ّـﺪ ﺃﻥ ّ ـﺴﺪﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّــﺔ ﻭ ٕﺍﻃﻔﺎﺋﻬــﺎ ﺑﻤــﺎء ـﻢ ﻓﺮﻋــﻮﻥ ﻭﻣ ـﻼٔﻩ ﺑﺈﺧﻤــﺎﺩ ﻧــﺎﺭ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ ﻫـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّ ـ ــﺔ ﻻ ﻻﻋ ـ ــﺮﺍﺽ ﻭﺍﻟﺘّﻜ ـ ــﺬﻳﺐ .ﻭﻏﻔﻠ ـ ــﻮﺍ ﻋ ـ ــﻦ ﺃ ّﻥ ﻧ ـ ــﺎﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤ ـ ــﺔ ﺍ ٕ ﺍ ٕ ـﺼﺮﻱ ،ﻭﺳـﺮﺍﺝ ﺍﻟﻘـﺪﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّـﺔ ﻻ ﺗﻄﻔﺌـﻪ ﺍﻻٔﺭﻳــﺎﺡ ﻳﺨﻤـﺪﻫﺎ ﺍﻟﻤـﺎء ﺍﻟﻌﻨ ّ
ﺑﻞ ٕﺍ ّﻥ ﺍﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔّ .
١٢
ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘ ــﺎﻡ ﻳ ــﺼﻴﺮ ﺳ ــﺒ ًﺒﺎ ﻟﻼﺷ ــﺘﻌﺎﻝ ،ﻭﺍﻟـ ـ ّﺮﻳﺢ ﻋﻠّـ ـ ًﺔ ﻟﻠﺤﻔ ــﻆ ﻟ ــﻮ ﺃﻧ ــﺘﻢ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﺗﻨﻈﺮﻭﻥ ،ﻭﻓﻲ ﺭﺿﺎ ﺍﻪﻠﻟ ﺗﺴﻠﻜﻮﻥ
ﺭﺏ ﻭﻣﺎ ﺃﺣﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟّﺬﻱ ﻓﺎﻩ ﺑـﻪ ﻣـﺆﻣﻦ ﺁﻝ ﻓﺮﻋـﻮﻥ ،ﻛﻤـﺎ ﺃﺧﺒـﺮ ّ
ـﻦ ِ ﻜـ ُﺘ ُﻢ ﻼ ﴿ َﻭ َﻗ َ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺣﺒﻴﺒﻪ ﺑﺤﻜﺎﻳﺘﻪ ﻗﺎﺋ ً ﺁﻝ ﻓِ ْﺮ َﻋـ ْﻮ َﻥ َﻳ ْ ﺎﻝ َﺭ ُﺟ ٌﻞ ﻣـ ْﺆﻣِ ٌ ﻦ ِّﻣ ْ ّ
ﻼ ﺍﻥ َﻳ ُﻘــﻮ َﻝ َﺭﺑِّــﻲ ﺍﻪﻠﻟُ َﻭ َﻗـ ْـﺪ َﺟــﺎء ُﻛﻢ ِﺑﺎ ْﻟ َﺒﻴِّ َﻨـ ِ ـﺎﺕ ﻣِ ــﻦ ـﻮﻥ َﺭ ُﺟ ـ ً ﻳﻤﺎ َﻧـ ُـﻪ ﺍ َ ﺗ ْﻘ ُﺘ ُﻠـ َ ﺍ َ َ ـﺎﺩ ًﻗﺎ ُﻳ ـ ِ ﺻـ ِ ـﻚ َﻛ ِ ـﺾ ﺎﺫ ًﺑ ــﺎ َﻓ َﻌ َﻠ ْﻴ ــﻪِ َﻛ ِﺬ ُﺑ ـ ُـﻪ َﻭ ﺍﻥ َﻳ ـ ُ ﻜ ـ ْـﻢ َﻭ ﺍﻥ َﻳ ـ ُ ﺭﺑِّ ُ ـﺼ ْﺒ ُ ﻜﻢ َﺑ ْﻌ ـ ُ ـﻚ َ
ﺍﺏ﴾).(١ ﻦ ُﻫ َﻮ ُﻣ ْﺴ ِﺮ ٌ ﺍﻟِ ﺬﻱ َﻳﻌِ ُﺪ ُﻛ ْﻢ ﺍ ﻥ ﺍﻪﻠﻟَ ﻻ َﻳ ْﻬ ِﺪﻱ َﻣ ْ ﻑ َﻛ ﺬ ٌ
ﻻﻣــﺮ ﺍﻟــﻰ ﺣـ ّـﺪ ﺃﻥ ﻗﺘﻠــﻮﺍ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤــﺆﻣﻦ ،ﻭﺍﺳﺘــﺸﻬﺪ ﻭﺃﺧﻴ ـ ًﺮﺍ ﻭﺻــﻞ ﺍ ٔ
ﺍﻟﻈـ ـﺎﻟﻤﻴﻦ( ﻓ ــﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ﺍﻻٓﻥ ﺑﻨﻬﺎﻳ ــﺔ ﺍﻟﻌ ــﺬﺍﺏ )ﺃﻻ ﻟﻌﻨـ ـ ُﺔ ﺍﻪﻠﻟ ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻟﻘ ــﻮﻡ ّ
ﻼ ﻓـ ـ ــﻲ ﻫـ ـ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻣـ ـ ــﻮﺭ ﻭﻣـ ـ ــﺎﺫﺍ ﻛـ ـ ــﺎﻥ ﺳـ ـ ــﺒﺐ ﺃﻣﺜـ ـ ــﺎﻝ ﻫـ ـ ــﺬﻩ ﻭﺗـ ـ ــﺄ ّﻣﻠﻮﺍ ﻗﻠـ ـ ــﻴ ً ﻻﻣﻜ ـ ــﺎﻥ ﻣ ـ ــﻦ ﺃﻓ ـ ــﻖ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓ ـ ــﺎﺕٕ ،ﺍ ْﺫ ﻛﻠّﻤ ـ ــﺎ ﻇﻬ ـ ــﺮ ﻇﻬ ـ ــﻮﺭ ﺣ ـ ـ ّـﻖ ﻓ ـ ــﻲ ﺍ ٕ
ﻼﻣﻜﺎﻥ ﻛـﺎﻥ ﻳﻈﻬـﺮ ﻭﻳﺒـﺪﻭ ﻓـﻲ ﺃﻃـﺮﺍﻑ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻢ ﺃﻣﺜـﺎﻝ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻨّـﻮﻉ ﻣـﻦ ﺍﻟ ّ
ﻭﺍﻟﻈﻠ ــﻢ ﻭﺍﻻﻧﻘ ــﻼﺏ ،ﻣ ــﻊ ﺃ ّﻥ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺍﻻٔﻧﺒﻴ ــﺎء ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﺍﻟﻔ ــﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﻔﺘﻨ ــﺔ ّ ﻳﺒﺸﺮﻭﻥ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﺑﺎﻟﻨّﺒﻲ ّ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻏﺎﻓﺮ.
١٣
ﺍﻟﻈﻬـﻮﺭ ﺍﻻٓﺗـﻲ ،ﻛﻤـﺎ ﻫـﻮ ﻣـﺴﻄﻮﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟﺘّﺎﻟﻲ ،ﻭﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﻟﻬـﻢ ﻋﻼﻣـﺎﺕ ّ ـﻞ ﺍﻟﻜﺘـ ـ ــﺐ .ﻭﻣـ ـ ــﻊ ﻃﻠـ ـ ــﺐ ﺍﻟﻨّـ ـ ــﺎﺱ ﻭﺍﻧﺘﻈـ ـ ــﺎﺭﻫﻢ ﻟﻈﻬـ ـ ــﻮﺭ ﺍﻟﻤﻈـ ـ ــﺎﻫﺮ ﻛـ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻘﺪﺳـﻴﺔ ،ﻭﺫﻛــﺮ ﺍﻟﻌﻼﻣــﺎﺕ ﻓــﻲ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ،ﻟﻤــﺎﺫﺍ ﺗﺤــﺪﺙ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭ ـﻞ ﻋﻬ ــﺪ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻌ ــﺎﻟﻢ ،ﻭﻳ ــﺮﺩ ﻋﻠ ــﻰ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺍﻻٔﻧﺒﻴ ــﺎء ﻭﺍﻻٔﺻ ــﻔﻴﺎء ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ
ﺍﻟﻈﻠـ ــﻢ ﻭﺍﻟﻌـ ــﺴﻒ ﻭ ﺍﻟﺘﻌـ ــﺪِّ ﻱ؟ ﻛﻤـ ــﺎ ﻗـ ــﺎﻝ ﺗﻌـ ــﺎﻟﻰ: ﻭﻋـ ــﺼﺮ ﺃﻣﺜـ ــﺎﻝ ﻫـ ــﺬﺍ ّ ﻜ َﺒ ْﺮ ُﺗ ْﻢ َﻓ َﻔ ِﺮﻳ ًﻘ ــﺎ ﺍﺳـ ـ َﺘ ْ ـﺴ ُ ﴿ﺍ َ ﻓ ُ ﻜﻠَ ﻤ ــﺎ َﺟ ــﺎء ُﻛ ْﻢ َﺭ ُﺳ ــﻮﻝٌ ِﺑ َﻤ ــﺎ َ ﻜ ُﻢ ْ ﻻ َﺗ ْﻬـ ـ َﻮﻯ ﺍﻧ ُﻔ ـ ُ
ـﻮﻥ﴾) (١ﺃﻱ ﺃﻧّــﻪ ﻛﻠّﻤــﺎ ﺟــﺎءﻛﻢ ﺭﺳــﻮﻝ ﻣــﻦ ﻗﺒــﻞ ﺍﻪﻠﻟ َﻛـ ـﺬ ْﺑ ُﺘ ْﻢ َﻭ َﻓ ِﺮﻳ ًﻘــﺎ َﺗ ْﻘ ُﺘ ُﻠـ َ
ﺃﻱ ﻋﻬــﺪ ﻭﺯﻣــﺎﻥ ﺍﺳــﺘﻜﺒﺮﺗﻢ ،ﻭﻣــﺎ ﺃﻳﻘﻨــﺘﻢ، ﺑﻤــﺎ ﻻ ﺗﻬــﻮﻯ ﺃﻧﻔــﺴﻜﻢ ﻓــﻲ ّ ﻛﺬﺑﺘﻢ ﻭﻓﺮﻳ ًﻘﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻘﺘﻠﻮﻥ ﻓﻔﺮﻳ ًﻘﺎ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ّ
ٍ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻣﺎﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻓﻌﺎﻝ ،ﻭﻟـﻢ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻳـﺴﻠﻜﻮﻥ ﺗﺄ ﻣﻠﻮﺍ
ـﻞ ﻣ ــﺎ ﻛ ــﺎﻥ ﺑﻬ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴّ ــﺔ ﻣ ــﻊ ﻃﻠﻌ ــﺎﺕ ﺟﻤ ــﺎﻝ ﺫﻱ ﺍﻟﺠ ــﻼﻝ؟ ٕﺍﺫ ﻛ ـ ّ
ﺳﺒﺐ ٕﺍﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭ ٕﺍﻏﻤﺎﺿﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻻٔﺯﻣﻨﺔ ،ﻗﺪ ﺃﺻـﺒﺢ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﻌﻴﻨـﻪ ﺳـﺒﺐ ﻏﻔﻠـﺔ ﻫـﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ .ﻓـﺈﺫﺍ ﻗﻠﻨـﺎ ﺃ ّﻥ ﺍﻟﺤﺠـﺞ ﺍ ٕ ً
ﻟــﻢ ﺗﻜــﻦ ﻛﺎﻣﻠــﺔ ﻭﻻ ﺗﺎ ّﻣ ـﺔ ،ﻭﻟــﺬﺍ ﻛﺎﻧــﺖ ﺳــﺒ ًﺒﺎ ﻻﻋﺘــﺮﺍﺽ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ،ﻓــﺈ ّﻥ ﺟﺪﺍ ﻫﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻔ ًﺮﺍ ﺻﺮﺍﺣﺎ .ﻻٔﻧّﻪ ﺑﻌﻴﺪ ً
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
١٤
ـﺴﺎ ﻣـﻦ ﻋﻦ ﻓـﻴﺾ ﺍﻟﻔﻴّـﺎﺽ ،ﻭﺑﻌﻴـﺪ ﻋـﻦ ﻭﺍﺳـﻊ ﺭﺣﻤﺘـﻪ ،ﺃﻥ ﻳﺠﺘﺒـﻲ ﻧﻔ ً ﺍﻟﺤﺠـﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴـﺔ ﺍﻟﻮﺍﻓﻴـﺔ، ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻟﻬﺪﺍﻳـﺔ ﺧﻠﻘـﻪ ،ﻭﻻ ﻳﺆﺗﻴﻬـﺎ ّ
ﻭﻣ ــﻊ ﺫﻟ ــﻚ ﻳﻌ ـ ّـﺬﺏ ﺍﻟﺨﻠ ــﻖ ﻟﻌ ــﺪﻡ ٕﺍﻗﺒ ــﺎﻟﻬﻢ ٕﺍﻟﻴﻬ ــﺎ .ﺑ ــﻞ ﻟ ــﻢ ﻳ ــﺰﻝ ﺟ ــﻮﺩ ـﻞ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨــﺎﺕ ﺑﻈﻬــﻮﺭ ﻣﻈــﺎﻫﺮ ﻧﻔــﺴﻪ، ﺳــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ً ﻣﺤﻴﻄــﺎ ﻋﻠــﻰ ﻛـ ّ
ﻻﻧــﺴﺎﻥ ﺣــﻴﻦ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّـﺪﻫﺮ ﺍﻧﻘﻄــﻊ ﻓﻴــﻪ ﻓﻴــﻀﻪ ،ﺃﻭ ﻣﻨــﻊ ﻭﻣــﺎ ﺃﺗــﻰ ﻋﻠــﻰ ﺍ ٕ ﻧـ ــﺰﻭﻝ ﺃﻣﻄـ ــﺎﺭ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤـ ــﺔ ﻣـ ــﻦ ﻏﻤـ ــﺎﻡ ﻋﻨﺎﻳﺘـ ــﻪٕ .ﺍﺫًﺍ ﻓﻠﻴـ ــﺴﺖ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻣـ ــﻮﺭ
ﻻﺩﺭﺍﻛ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤ ـ ــﺪﻭﺩﺓ ،ﺍﻟّ ـ ــﺬﻳﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛ ـ ــﺔ ٕﺍ ّ ﻻ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻻٔﻧﻔ ـ ــﺲ ﺫﺍﺕ ﺍ ٕ ﻭﻳﺘﺄﺳﻮﻥ ﻳﻬﻴﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻜﺒﺮ ﻭﺍﻟﻐﺮﻭﺭ ،ﻭﻳﺴﻴﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺑﻴﺪﺍء ﺍﻟﺒﻌﺪ، ّ
ﺑﻈﻨﻮﻧﺎﺗﻬﻢ ،ﻭﺑﻤﺎ ﺍﺳﺘﻤﻌﻮﻩ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﻬﻢ .ﻟﻬﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﻣﻮﺭ
ـﻞ ﺫﻱ ﻻﻏﻤﺎﺽ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻟﺪﻯ ﻛ ّ ﻻﻋﺮﺍﺽ ،ﻭﻻ ﺑﻐﻴﺔ ﺍ ّ ﻻﺍ ٕ ﻏﻴﺮ ﺍ ٕ ﺃﻱ ﻣﻈﻬـﺮ ﻣـﻦ ﻣﻈـﺎﻫﺮ ﺑﺼﺮ ،ﺃﻧّﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫـﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻓـﻲ ﺣـﻴﻦ ﻇﻬـﻮﺭ ّ
ـﺴﻤﻊ ﻭﺍﻟﺒـﺼﺮ ﻭﺍﻟﻔـﺆﺍﺩ ﻣـﻦ ﻛـﻞِّ ﻳﻘﺪﺳﻮﻥ ّ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔّ ، ﻭﻳﻄﻬـﺮﻭﻥ ﺍﻟ ّ
ﻻﻟﻬـﻲ، ﻣﺎ ﺳﻤﻌﻮﻩ ﻭﺃﺑﺼﺮﻭﻩ ﻭﺃﺩﺭﻛﻮﻩ ،ﻟﻤﺎ ﺣﺮﻣـﻮﺍ ﺍﻟﺒﺘـﺔ ﻣـﻦ ﺍﻟﺠﻤـﺎﻝ ﺍ ٕ ّ ﻭﻻ ﻣﻨﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺣﺮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻭﺍﻟﻮﺻﺎﻝ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﻊ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ـﻞ ﺯﻣــﺎﻥ ﺑﻤﻌــﺮﻓﺘﻬﻢ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺗﻠ ّﻘﻮﻫــﺎ ﻭﻟﻤــﺎ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﺰﻧــﻮﻥ ﺍﻟﺤﺠــﺔ ﻓــﻲ ﻛـ ّ ّ ّ
ﻋﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﻬﻢ ،ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺠﺪﻭﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺘّﻔﻘﺔ ﻣﻊ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ
١٥
ﺍﻟﻈﻬـﻮﺭ ﺃﻣﺜــﺎﻝ ﻫـﺬﻩ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭ ـﻀﻌﻴﻔﺔ ،ﻟـﺬﺍ ﻛــﺎﻥ ﻳﻈﻬـﺮ ﻣــﻨﻬﻢ ﻓـﻲ ﻋــﺎﻟﻢ ّ ﺍﻟ ّ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﺿﻴّﺔ
ٕﺍ ﻥ ﻋﻠﻤ ــﺎء ﺍﻟﻌ ــﺼﺮ ﻓ ــﻲ ﻛ ــﻞِّ ﺍﻻٔﺯﻣ ــﺎﻥ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﺳ ــﺒ ًﺒﺎ ﻟ ــﺼﺪِّ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ،
ﻭﻣﻨﻌﻬﻢ ﻋـﻦ ﺷـﺎﻃﺊ ﺑﺤـﺮ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـﺔ ،ﻻٔ ﻥ ِﺯﻣـﺎﻡ ﻫـﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻛـﺎﻥ ﻓـﻲ
ﻗﺒــﻀﺔ ﻗــﺪﺭﺗﻬﻢ .ﻓﻜــﺎﻥ ﺑﻌــﻀﻬﻢ ﻳﻤﻨــﻊ ﺍﻟﻨــﺎﺱ ﺣﺒــﺎ ﻟﻠ ّﺮﻳﺎﺳــﺔ ،ﻭﺍﻟــﺒﻌﺾ
ﺍﻻﺧــﺮ ﻳﻤــﻨﻌﻬﻢ ﻟﻌــﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ .ﻛﻤــﺎ ﺃﻧّــﻪ ﺑــﺈﺫﻥ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﻌــﺼﺮ
ـﺸﻬﺎﺩﺓ ،ﻭﻃــﺎﺭﻭﺍ ٕﺍﻟــﻰ ﻭﻓﺘــﺎﻭﻳﻬﻢ ﻗــﺪ ﺷــﺮﺏ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍ ٔ ﻻﻧﺒﻴــﺎء ﺳﻠــﺴﺒﻴﻞ ﺍﻟـ ّ
ﺃﻋﻠـ ـ ــﻰ ﺃﻓـ ـ ــﻖ ﺍﻟﻌـ ـ ـ ـﺰﺓ .ﻓﻜـ ـ ــﻢ ﻭﺭﺩ ﻋﻠـ ـ ــﻰ ﺳـ ـ ــﻼﻃﻴﻦ ﺍﻟﻮﺟـ ـ ــﻮﺩ ،ﻭﺟـ ـ ــﻮﺍﻫﺮ
ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ،ﻣ ــﻦ ﻇﻠ ــﻢ ﺭﺅﺳ ــﺎء ﺍﻟﻌﻬ ــﺪ ،ﻭﻋﻠﻤ ــﺎء ﺍﻟﻌ ــﺼﺮ ،ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻗﻨﻌ ــﻮﺍ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻻٔﻳّﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﻣﻨﻌﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟّﺬﻱ ﻻ ﻳﻔﻨــﻰ ،ﻛﻤــﺎ ﺣﺮﻣ ــﻮﺍ ﻋﻴــﻮﻧﻬﻢ ﻣ ــﻦ ﻣــﺸﺎﻫﺪﺓ ﺃﻧ ــﻮﺍﺭ ﺟﻤــﺎﻝ ﺍﻟﻤﺤﺒ ــﻮﺏ،
ﻭﻣﻨﻌــﻮﺍ ﺁﺫﺍﻧﻬــﻢ ﻋــﻦ ﺍﺳــﺘﻤﺎﻉ ﺑــﺪﺍﺋﻊ ﻧﻐﻤــﺎﺕ ﻭﺭﻗــﺎء ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ .ﻭﻟﻬ ـﺬﺍ ـﺴﻤﺎﻭﻳّﺔ ﻛﻤــﺎ ﺫﻛــﺮﺕ ﺃﺣــﻮﺍﻝ ﻋﻠﻤــﺎء ﻛـ ّ ـﻞ ﻋــﺼﺮ ﻓــﻲ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ﺍﻟـ ّ
ﻭﻥ ِﺑﺂ َﻳ ـ ـ ِ ـﺎﺕ ﺍﻪﻠﻟِ َﻭﺍﻧـ ـ ـ ُﺘ ْﻢ ـﺎﺏ ِﻟ ـ ـ َـﻢ َﺗ ْ ﻜ ُﻔـ ـ ـ ُﺮ َ ﻗ ـ ــﺎﻝ ﺗﻌ ـ ــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻳ ـ ــﺎ ﺍ ْ ﻫ ـ ـ َ ـﻞ ﺍﻟ ِْﻜ َﺘ ـ ـ ِ
ﻭﻥ﴾ َﺗ ْﺸ َﻬ ُﺪ َ
)(١
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.
ْﺤ ﻖ ﺎﺏ ﻟ َِﻢ َﺗ ْﻠ ِﺒ ُﺴ َ ﻭﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﴿ َﻳﺎ ﺍ ْ ﻫ َﻞ ﺍﻟ ِْﻜ َﺘ ِ ﻮﻥ ﺍﻟ َ
١٦
ِﺑﺎ ْﻟ َﺒ ِ ـﻮﻥ﴾) (١ﻭﻛﻤــﺎ ﻗــﺎﻝ ﺗﻌــﺎﻟﻰ ﻓــﻲ ﺎﻃـ ِـﻞ َﻭ َﺗ ْ ْﺤـ ـﻖ َﻭﺍﻧ ـ ُﺘ ْﻢ َﺗ ْﻌ َﻠ ُﻤـ َ ﻜ ُﺘ ُﻤـ َ ـﻮﻥ ﺍﻟ َ ﻴﻞ ﺍﻪﻠﻟِ﴾) (٢ ﺼ ﺪ َ ﻭﻥ َﻋﻦ َﺳ ِﺒ ِ ﻣﻘﺎﻡ ﺁﺧﺮ ﴿ ُﻗ ْﻞ َﻳﺎ ﺍ ْ ﻫ َﻞ ﺍﻟ ِْﻜ َﺘ ِ ﺎﺏ ﻟ َِﻢ َﺗ ُ ٍ
ﻭﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠ ـ ــﻮﻡ ﺃ ّﻥ ﺃﻫ ـ ــﻞ ﺍﻟﻜﺘ ـ ــﺎﺏ ﺍﻟّ ـ ــﺬﻳﻦ ﺻ ـ ـ ّـﺪﻭﺍ ﺍﻟﻨّ ـ ــﺎﺱ ﻋ ـ ــﻦ
ـﺼﺮﺍﻁ ﺍﻟﻤــﺴﺘﻘﻴﻢ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻋﻠﻤــﺎء ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﻌﻬــﺪ ،ﻛﻤــﺎ ﻫ ـﻮ ﻣــﺬﻛﻮﺭ ﺍﺳــﻢ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻭﺭﺳــﻤﻬﻢ ﻓــﻲ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ،ﻭﻛﻤ ـﺎ ﻫــﻮ ُﻣــﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣــﻦ ﺃﻛﺜــﺮ ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ
ﻭﺍﻻٔﺧﺒﺎﺭ ،ﻟﻮ ﺃﻧﺘﻢ ﺑﻄﺮﻑ ﺍﻪﻠﻟ ﺗﻨﻈﺮﻭﻥ
ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻓﻲ ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺮﺑّـﺎﻧﻲ، ٕﺍﺫًﺍ ﺗﺄ ّﻣﻠﻮﺍ ﻗﻠﻴ ً ﻼ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﺍ ٕ ّ ﻭﺗﻌ ﻘﻠــﻮﺍ ﻓــﻲ ﺃﻧﻔــﺲ ﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟﺘّﺎ ّﻣ ـﺎﺕ ﺍﻟــﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ ،ﺣﺘّــﻰ ﺗﻨﻜــﺸﻒ
ﻟﻜ ــﻢ ﻭﺗﻈﻬ ــﺮ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺃﺳ ــﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤ ــﺔ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣﺎﻧﻴّ ــﺔ ،ﻣ ــﻦ ﺧﻠ ــﻒ ﺳ ــﺮﺍﺩﻕ ﻻﻓ ـ ــﻀﺎﻝ ،ﻣﺠ ـ ـ ّﺮﺩﺓ ﻋ ـ ــﻦ ﺳ ـ ــﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﺠـ ــﻼﻝ ،ﻭﺗﻌﺮﻓ ـ ــﻮﺍ ﺃ ّﻥ ﺍﻟﻔـ ــﻀﻞ ﻭﺍ ٕ
ﻻ ﻣ ــﻦ ﻋ ــﺪﻡ ﺃﺳ ــﺎﺱ ﺍﻋﺘﺮﺍﺿ ــﺎﺕ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﻭﺍﺣﺘﺠﺎﺟ ــﺎﺗﻬﻢ ،ﻟ ــﻢ ﻳﻜ ــﻦ ٕﺍ ّ
ﻟﻤ ـ ــﺎ ﻟ ـ ــﻢ ﻳﻔﻬﻤ ـ ــﻮﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﺘّ ـ ــﻲ ﻻﺩﺭﺍ ﻙ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓ ـ ــﺎﻥ .ﻓﻤ ـ ــﺜ ً ﺍ ٕ ﻼ ٕﺍﻧّﻬ ـ ــﻢ ّ
ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﺍﻻٓﺗــﻲ، ﺻــﺪﺭﺕ ﻣــﻦ ﻃﻠﻌــﺎﺕ ﺟﻤــﺎﻝ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ،ﻋــﻦ ﻋﻼﻣــﺎﺕ ّ ﻭﻟﻢ ﻳﺼﻠﻮﺍ ٕﺍﻟﻰ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.
١٧
ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ،ﻟﺬﺍ ﺭﻓﻌﻮﺍ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ،ﻭﻧﺼﺒﻮﺍ ﺭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻻ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃ ّﻥ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﻤﺎﻣﺎﺕ ﺍﻻٔﺯﻟﻴّﺔ ﻻ ﻳﺪﺭﻛﻪ ٕﺍ ّ
ﻻ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛ ـ ــﻞ ﺍﻻٔﺯﻟﻴّ ـ ــﺔ ،ﻭﺃ ﻥ ﻧﻐﻤ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻮﺭﻗ ـ ــﺎء ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّ ـ ــﺔ ،ﻻ ﻳ ـ ــﺴﻤﻌﻬﺎ ﺍ ّ
ﺍﻟﻈﻠــﻢ ﻧــﺼﻴﺐ ﺃﺑـ ًـﺪﺍ ﻣــﻦ ﺷــﺮﺍﺏ ﻣــﺴﺎﻣﻊ ﺃﻫــﻞ ﺍﻟﺒﻘــﺎء .ﻓﻠــﻴﺲ ﻟﻘﺒﻄــﻲ ّ ّ ﺳﺒﻄﻲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ،ﻭﻻ ﻟﻔﺮﻋﻮﻥ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺧﺒﺮ ﻋـﻦ ﺑﻴـﻀﺎء ﻣﻮﺳـﻰ ،ﻛﻤـﺎ ﻗـﺎﻝ ّ ﻻ ﺍﻪﻠﻟُ َﻭﺍﻟ ﺮ ِ ﻮﻥ ﻓِ ــﻲ ﺍ ْﻟﻌِ ْﻠ ـ ِـﻢ﴾) (١ﻭﻣ ــﻊ ﺗﻌ ــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻭ َﻣ ــﺎ َﻳ ْﻌ َﻠ ـ ُـﻢ َﺗﺎِ ﻭﻳ َﻠ ـ ُـﻪ ﺍ ﺍﺳ ـ ُ ـﺨ َ ﺫﻟﻚ ﻃﻠﺒﻮﺍ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺗﺄﻭﻳﻠـﻪ ﻣـﻦ ﺃﻫـﻞ ﺍﻟﺤﺠـﺎﺏ ،ﻭﻟـﻢ ﻳﺄﺧـﺬﻭﺍ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﺒﻌﻪ ﻟﻤـﺎ ﺍﻧﻘـﻀﺖ ﺃﻳّـﺎﻡ ﻣﻮﺳـﻰ ،ﻭﺃﺣﺎﻃـﺖ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻢ ﺃﻧـﻮﺍﺭ ﻋﻴـﺴﻰ ﻓﻤﺜ ً ﻼ ّ
ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ﻣﻦ ﻓﺠﺮ ﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ،ﺍﻋﺘـﺮﺽ ﺟﻤﻴـﻊ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ ﺑـﺄ ّﻥ ﺫﻟـﻚ ﺍﻟﻤﻮﻋـﻮﺩ ّ ﻭﻳﻜﻤ ــﻞ ﺷ ــﺮﺍﺋﻊ ﺍﻟﺘّـ ـﻮﺭﺍﺓ .ﺑﻴﻨﻤ ــﺎ ﻫ ــﺬﺍ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﺘّ ــﻮﺭﺍﺓ ،ﻳﺠ ــﺐ ﺃﻥ ﻳ ــﺮ ّﻭﺝ ّ
ﺎﺻﺮﻱ ،ﺍﻟّﺬﻱ ﻳـﺪﻋﻮ ﻧﻔـﺴﻪ ﺑﻤـﺴﻴﺢ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻗـﺪ ﻧـﺴﺦ ﺣﻜﻤـﻲ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﻨّ ّ ّ ّ ﻼ ﻋـﻦ ﺃ ّﻥ ﺍﻟﻄﻼﻕ ّ ﻭﺍﻟﺴﺒﺖ ،ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻫﻤـﺎ ﺃﻋﻈـﻢ ﺃﺣﻜـﺎﻡ ﻣﻮﺳـﻰ ،ﻓـﻀ ً ّ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻼﺋﻢ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.
١٨
ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤـﺬﻛﻮﺭ ﺑﻌﺪ ،ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻣﻨﺘﻈﺮﻳﻦ ﺫﻟﻚ ّ
ﻻﺑ ــﺪﺍﻉ ﻣ ــﻦ ﺑﻌ ــﺪ ﻣﻮﺳ ــﻰ ،ﻣ ــﻦ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﺘّ ــﻮﺭﺍﺓ .ﻭ َﻟ َ ﻜ ــﻢ ﻇﻬ ــﺮ ﻓ ــﻲ ﻋ ــﺎﻟﻢ ﺍ ٕ ﻣﻈ ــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘ ــﺪﺱ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّ ــﺔ ،ﻭﻣﻄ ــﺎﻟﻊ ﺍﻟﻨّ ــﻮﺭ ﺍﻻٔﺯﻟﻴّ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﻴﻬ ــﻮﺩ ﻣ ــﺎ ﺯﺍﻟ ــﻮﺍ
ﻻﻓﻜﻴّ ـ ــﺔ ـﺸﻴﻄﺎﻧﻴّﺔّ ، ﻭﺍﻟﻈﻨﻮﻧ ـ ــﺎﺕ ﺍ ٕ ﻣﺤﺘﺠﺒ ـ ــﻴﻦ ﺑﺎﻟﺤﺠﺒ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻨّﻔ ـ ــﺴﻴّﺔ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻨّﻔ ـ ــﺴﺎﻧﻴّﺔ ،ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻟـ ــﻮﻥ ﻳﻨﺘﻈ ـ ــﺮﻭﻥ ﻇﻬ ـ ــﻮﺭ ﺫﻟ ـ ــﻚ ﺍﻟﻬﻴﻜـ ــﻞ ﺍﻟﻤﺠﻌ ـ ــﻮﻝ، ﺑﺎﻟﻌﻼﻣ ـ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤ ـ ـ ــﺬﻛﻮﺭﺓ ﺍﻟّﺘ ـ ـ ــﻲ ﻳﺘ ـ ـ ــﺼ ّﻮﺭﻭﻧﻬﺎ ﺑﺈﺩﺭﺍﻛ ـ ـ ــﺎﺗﻬﻢ ،ﻛ ـ ـ ــﺬﻟﻜﻢ
ـﺎﺭ ﻻﻳﻤ ـ ــﺎﻥ ،ﻭﻋ ـ ـ ّـﺬﺑﻬﻢ ﺑﻨ ـ ـ ٍ ﺃﺧ ـ ــﺬﻫﻢ ﺍﻪﻠﻟ ﺑ ـ ــﺬﻧﺒﻬﻢ ،ﻭﺃﺧ ـ ــﺬ ﻋ ـ ــﻨﻬﻢ ﺭﻭﺡ ﺍ ٕ
ﻻ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﻋﺮﻓـﺎﻥ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻫﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ .ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬﺍ ٕﺍ ّ
ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﻟﻠﻌﺒ ــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤ ــﺴﻄﻮﺭﺓ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﺘّ ــﻮﺭﺍﺓ ،ﻭﺍﻟﻤ ــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓ ــﻲ ﻋﻼﺋ ــﻢ ّ
ﻭﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻔـﻮﺍ ﻋﻠـﻰ ﺣﻘﻴﻘـﺔ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣـﺎﺕ ،ﻭﻟـﻢ ﺗﻈﻬـﺮ ﺗﻠـﻚ ﺍﻟﺘّﺎﻟﻲّ .
ـﺴﻮﻱ ،ﻭﻟ ــﻢ ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮ ،ﻓﻘ ــﺪ ﺣﺮﻣ ــﻮﺍ ﻋ ــﻦ ﺍﻟﺠﻤ ــﺎﻝ ﺍﻟﻌﻴ ـ ﺍﻻٔﻣ ــﻮﺭ ﺑﺤ ــﺴﺐ ّ ّ ﻳﻔــﻮﺯﻭﺍ ﺑﻠﻘــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈــﺮﻳﻦ .ﻭﻣــﺎﺯﺍﻝ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻻٔﻣــﻢ ،ﻭﻻ ﻼﺋﻘــﺔ ،ﻭﻗــﺪ ﺣﺮﻣــﻮﺍ ﻳﺰﺍﻟــﻮﻥ ﻣﺘﻤـ ِّﺴﻜﻴﻦ ﺑﻬــﺬﻩ ﺍﻻٔﻓﻜــﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﻌﻮﻟــﺔ ﻏﻴــﺮ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﻠّﻄﻴﻔﺔ ّ
ـﻀﺎ ﻣ ـ ــﻦ ﻋﺒ ـ ــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻻٔﻧﺒﻴ ـ ــﺎء ،ﻓ ـ ــﻲ ﻛ ـ ــﺸﻒ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﻭﻟﻘ ـ ــﺪ ﺫﻛﺮﻧ ـ ــﺎ ﺑﻌ ـ ـ ً
ﺍﻻٔﺳﺮﺍﺭ ،ﻓﻲ ﺃﻟﻮﺍﺡ ﻣﺴﻄﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﺭ ّﻗﻤﻨﺎﻫﺎ ﻻٔﺣﺪ ﻣﻦ
١٩
ﺍﻻٔﺣﺒّﺎء ﺑﺒﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﻨّﻐﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﺠﺎﺯﻳّﺔ ﻭﺍﻻٓﻥٕ ،ﺍﺟﺎﺑﺔ ﻟﻄﻠﺐ ﺟﻨـﺎﺑﻜﻢ ،ﻧﺠ ّـﺪﺩ ﺫﻛﺮﻫـﺎ ﻓـﻲ ﻫـﺬﻩ ﺍﻻٔﻭﺭﺍﻕ
ـﻞ ﻳﻬﺘــﺪﻱ ﺑﻬــﺎ ﻋﻄــﺎﺵ ﺻــﺤﺎﺭﻯ ﺍﻟﺒﻌــﺪ ﺑﻤﻠــﻴﺢ ﺍﻟﺘّﻐﻨّﻴــﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴّــﺔ ،ﻟﻌـ ّ
ـﻀﺎﻟﻮﻥ ﻓــﻲ ﻓﻴــﺎﻓﻲ ﺍﻟﻬﺠــﺮ ﻭﺍﻟﻔــﺮﺍﻕ ﺍﻟــﻰ ﺍﻟــﻰ ﺑﺤــﺮ ﺍﻟﻘــﺮﺏ ،ﻭﻳــﺼﻞ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻭﺗﻄﻠﻊ ﻣـﻦ ﺃﻓـﻖ ﺧﻴﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻭﺍﻟﻮﺻﺎﻝ .ﺣﺘّﻰ ﻳﻨﻘﺸﻊ ﻏﻤﺎﻡ ّ
ﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳــﺔ ﺍﻟﻤــﻀﻴﺌﺔ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻌــﺎﻟﻢ ،ﻭﻋﻠــﻰ ﺍﻪﻠﻟ ﺃﺗّﻜــﻞ ،ﻭﺑــﻪ ـﻞ ﻳﺠ ــﺮﻱ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻘﻠ ــﻢ ،ﻣ ــﺎ ﻳﺤﻴ ــﺎ ﺑ ــﻪ ﺃﻓﺌ ــﺪﺓ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﺃﺳ ــﺘﻌﻴﻦ ،ﻟﻌ ـ
ﻦ ﺃﻃـﻮﺍﺭ ﻭﺭﻗـﺎﺕ ﺍﻟﻔـﺮﺩﻭﺱ ﻦ ّ ﺍﻟﻜﻞ ﻋﻦ ﻣﺮﺍﻗـﺪ ﻏﻔﻠـﺘﻬﻢ ،ﻭﻳـﺴﻤﻌ ﻟﻴﻘﻮﻣ ّ
ﻻﺣﺪﻳّ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﺃﻳ ــﺪﻱ ﺍﻟﻘ ــﺪﺭﺓ ﺑ ــﺈﺫﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻣ ــﻦ ﺷ ــﺠﺮ ﻛ ــﺎﻥ ﻓ ــﻲ ﺍﻟ ﺮﻭﺿ ــﺔ ﺍ ٔ ﻣﻐﺮﻭﺳﺎ ً
ﻟﻤ ــﺎ ﺃﺣﺮﻗ ــﺖ ﻧ ــﺎﺭ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿ ــﺢ ﺍﻟﻤﻌﻠ ــﻮﻡ ﻟ ــﺪﻯ ﺃﻫ ــﻞ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ،ﺃﻧّ ــﻪ ّ
ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻌﻴﺴﻮﻳّﺔ ﺣﺠﺒـﺎﺕ ﺣـﺪﻭﺩ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ ،ﻭﻧﻔـﺬ ﺣﻜـﻢ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ﻧﻮ ًﻋـﺎ
ـﻮﻡ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻳّــﺎﻡ ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮ ،ﺫﻛــﺮ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ﺍﻟﻐﻴﺒـ ﻣــﺎ ﺣــﺴﺐ ّ ـﻲ ﻓــﻲ ﻳـ ٍ ّ ـﺒﻌﺾ ﻣـ ــﻦ ﺃﺻـ ــﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣـ ــﺎﻧﻴّﻴﻦ ﺃﻣـ ــﺮ ﺍﻟﻔـ ــﺮﺍﻕ ،ﻭﺃﺷـ ــﻌﻞ ﻓـ ــﻴﻬﻢ ﻧـ ــﺎﺭ ﻟـ ـ ٍ ـﺎﻡ ﺍﺧــﺮ: ﺍﻻﺷـﺘﻴﺎﻕ ﻗــﺎﺋ ً ﻼ ﻟﻬـﻢٕ " :ﺍﻧّـﻲ ﺫﺍﻫــﺐ ﺛـﻢ ﺃﻋــﻮﺩ ".ﻭﻗــﺎﻝ ﻓـﻲ ﻣﻘـ ٍ
ـﺘﻤﻢ ﻣــﺎ ﻗﻠﺘــﻪ". " ٕﺍﻧّــﻲ ﺫﺍﻫــﺐ ﻭﻳــﺄﺗﻲ ﻏﻴــﺮﻱ ﺣﺘّــﻰ ﻳﻘــﻮﻝ ﻣــﺎ ﻟــﻢ ﺃﻗﻠــﻪ ﻭﻳـ ِّ ﻭﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺗﺎﻥ ﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺷﻲء ٢٠
ﻭﺍﺣﺪ ،ﻟﻮ ﺃﻧﺘﻢ ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴﺪ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻪﻠﻟ ﺗﺸﻬﺪﻭﻥ ﻭﻟـ ــﻮ ﻧﻈﺮﻧـ ــﺎ ﺑﻌـ ــﻴﻦ ﺍﻟﺒـ ــﺼﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّـ ــﺔ ،ﻧـ ــﺸﺎﻫﺪ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـ ــﺔ ﺃ ّﻥ
ـﻀﺎ ﻗ ــﺪ ﺛﺒﺘ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﻋﻬ ــﺪ ﺧ ــﺎﺗﻢ ﺍﻻٔﻧﺒﻴ ــﺎء .ﻓﻤ ــﻦ ﻛﺘ ــﺎﺏ ﻋﻴ ــﺴﻰ ﻭﺃﻣ ــﺮﻩ ﺃﻳ ـ ً
ﻣﺤﻤـ ــﺪ ) ٕﺍﻧّـ ــﻲ ﺃﻧـ ــﺎ ﻋﻴـ ــﺴﻰ( ﻭﻗـ ــﺪ ﺻـ ـ ّـﺪﻕ ﺣﻴـ ــﺚ ﺍﻻﺳـ ــﻢ ﻗـ ــﺎﻝ ﺣـ ــﻀﺮﺓ ّ
ـﻀﺎ ﺑﻘﻮﻟ ــﻪ ) ٕﺍﻧّ ــﻪ ﻣ ــﻦ ﻋﻨ ــﺪ ﺍﻪﻠﻟ( ،ﻓﻔ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺃﺧﺒ ــﺎﺭﻩ ﻭﺁﺛ ــﺎﺭﻩ ﻭﻛﺘﺎﺑ ــﻪ ﺃﻳ ـ ً
ﻼ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻻ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓـﺮﻕ ﻭﻻ ﻳـﺮﻯ ﻓـﻲ ﻛﺘﺎﺑﻴﻬﻤـﺎ ﻏﻴﺮﻳّـﻪ ،ﻻٔ ّﻥ ﻛـ
ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺸﻌﺮ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻧﺎﻃ ًﻘﺎ ﺑﺬﻛﺮ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻛﺘﺎﺏ ّ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ً ﺑﺄﻭﺍﻣﺮ ﺍﻪﻠﻟ .ﻓﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟﻬﺔ ﻗﺎﻝ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻨﻔﺴﻪ ٕﺍﻧّﻲ ﺫﺍﻫﺐ ﻭﺭﺍﺟﻊ.
ـﺸﻤﺲ ،ﻓــﺈﺫﺍ ﻗﺎﻟــﺖ ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﻴــﻮﻡ ٕﺍﻧّﻨــﻲ ﺃﻧــﺎ ﺷــﻤﺲ َﻣ َﺜـ ُ ـﻞ ﺫﻟــﻚ ﻣﺜــﻞ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻻٔﻣـﺲ ﻓﻬـﻲ ﺻـﺎﺩﻗﺔ ،ﻭﻟــﻮ ﻗﺎﻟـﺖ ٕﺍﻧّﻨـﻲ ﻏﻴﺮﻫــﺎ ﻧﻈـ ًﺮﺍ ﻻﺧـﺘﻼﻑ ﺍﻻٔﻳّــﺎﻡ ﺃﻳﻀﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﻧﻈﺮﻧﺎ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻻٔﻳّﺎﻡ ،ﻭﻗﻠﻨـﺎ ٕﺍﻧّﻬـﺎ ﺟﻤﻴﻌﻬـﺎ ﻓﻬﻲ ﺻﺎﺩﻗﺔ ً
ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻭﺻﺎﺩ ًﻗﺎ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻗﻠﻨـﺎ ٕﺍﻧّﻬـﺎ ﺷﻲء ﻭﺍﺣﺪ ،ﻓﺈ ّﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻳﻜﻮﻥ ً ـﻀﺎ ﻳﻜ ــﻮﻥ ﻏﻴﺮﻫ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﺣﻴ ــﺚ ﺗﺤﺪﻳ ــﺪ ﺍﻻﺳ ــﻢ ﻭﺍﻟ ّﺮﺳ ــﻢ ،ﻓ ــﺈ ّﻥ ﺫﻟ ــﻚ ﺃﻳ ـ ً
ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻭﺻﺎﺩ ًﻗﺎٕ .ﺍﺫ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧّﻬﺎ ﺷﻲء ﻭﺍﺣﺪ ،ﻓﺈﻧّﻪ ﻣﻊ ﺫﻟـﻚ ً ـﻮﺍﺹ ﺃﺧـﺮﻯ ،ﻭﺭﺳـﻢ ﻣﻌـﻴّﻦ ﻳﻼﺣﻆ ﺃ ّﻥ ﻛ ً ـﺎﺹ ،ﻭﺧ ّ ﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻪ ﺍﺳـﻢ ﺧ ّ
ﻻ ُﻳ ــﺮﻯ ﻓ ــﻲ ﻏﻴﺮﻫ ــﺎ .ﻓ ــﺄﺩ ِﺭ ﻙ ﺑﻬ ــﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ ﻭﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋ ــﺪﺓ ﻣﻘﺎﻣ ــﺎﺕ
ﺍﻟﺘّﻔﺼﻴﻞ ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﻭﺍﻻﺗّﺤﺎﺩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ
٢١
ﻻﺷــﺎﺭﺍﺕ ،ﻓــﻲ ﻛﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳـﻴّﺔ ،ﺣﺘّــﻰ ﺗﻌــﺮﻑ ﻭﺗﻘــﻒ ﻋﻠــﻰ ﻣﺮﺍﻣــﻲ ﺍ ٕ
ﻭﺗﻄﻠـﻊ ﻣﺒﺪﻉ ﺍﻻٔﺳﻤﺎء ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﺎ . ّ ﺗﻤﺎ ًﻣ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﺟ ــﻮﺍﺏ ﺳ ــﺆﺍﻟﻚ ﻓ ــﻲ ﺳـ ـ ِّﺮ ﺍﺗّﺨ ــﺎﺫ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠﻤ ــﺎﻝ ﺍﻻٔﺯﻟ ــﻲ ّ ـﺼﻮﺻﺎ .ﻭﻣـﻦ ﺑﻌـﺪ ﺫﻟـﻚ ﻭﺭﺳﻤﺎ ﻣﺨ ﺧﺎﺻﺎ ﺍﺳﻤﺎ ً ً ً ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻛﻞِّ ﻣﻘﺎﻡ ً
ﻃﻠﺐ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻋﻴﺴﻰ ﻭﺗﻼﻣﻴـﺬﻩ ﻣـﻦ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ﺑﻴـﺎﻥ ﻋﻼﻣـﺎﺕ ﺍﻟ ﺮﺟﻌـﺔ
ﻭﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ،ﻭﻣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻔﻬﻤﻮﺍ ﻣﻦ ﻃﻠﻌﺘـﻪ ﻧـﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﺜـﺎﻝ ﻋـﻦ ـﻞ ﻣﻮﻗ ــﻊ ﻣﻨﻬ ــﺎ ﺫﻛ ــﺮ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ـﺴﺆﺍﻝ ﻓ ــﻲ ﻋ ـ ّـﺪﺓ ﻣﻮﺍﻗ ــﻊ .ﻭﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟ ـ ّ ﻻﺭﺑﻌﺔ ﻻﻧﺎﺟﻴﻞ ﺍ ٔ ﻋﻼﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺴﻄﻮﺭ ﻓﻲ ﺍ ٔ
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻘﺮﺓ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻳﻤﻨﺢ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟﻨّﻌﻢ ﺍﻟﻤﻜﻨﻮﻧﺔ
ﺍﻟﺴﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﺨﺰﻭﻧﺔ ،ﺣﺒﺎ ﻟﻮﺟـﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﺣﺘّـﻰ ﻻ ﺗﺤـﺮﻡ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛـﻞ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴـﺔ ﻓﻲ ّ
ﻣ ــﻦ ﺍﻻٔﺛﻤ ــﺎﺭ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴ ــﺔ ،ﻋ ــﺴﺎﻫﻢ ﻳﻔ ــﻮﺯﻭﻥ ﺑﺮﺷ ــﺢ ﻣ ــﻦ ﺃﻧﻬ ــﺎﺭ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﺫﻱ ـﺴﻼﻡ ﺍﻟﺠ ـ ــﻼﻝ، ﺍﻟﻤﻘﺪﺳ ـ ــﺔ ﻋ ـ ــﻦ ﺍﻟ ـ ـ ّـﺰﻭﺍﻝ ،ﻭﺍﻟّﺘ ـ ــﻲ ﺟ ـ ــﺮﺕ ﻓ ـ ــﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﻜ ْﻢ ِﻟ َﻮ ْﺟـﻪِ )ﺑﻐﺪﺍﺩ( ﻭﻻ ﻧﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺟﺰﺍء ﻭﻻ ﺃﺟ ًﺮﺍ ﴿ ﺍﻧَ ﻤﺎ ُﻧ ْﻄﻌِ ُﻤ ُ
ﻜﻮ ًﺭﺍ﴾ ﻜ ْﻢ َﺟـ َـﺰﺍًء َﻭﻻ ُﺷـ ُ ﺍﻪﻠﻟِ ﻻ ُﻧ ِﺮﻳـ ُـﺪ ﻣِ ــﻨ ُ ﺗﺤﻴﺎ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ﻭﺍﻻٔﻓﺌﺪﺓ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ
ﻻﻧﺴﺎﻥ )ﺍﻟﺪﻫﺮ(. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍ ٕ
٢٢
)(١
ﺍﻟﻄﻌــﺎﻡ ﺍﻟّــﺬﻱ ﺑـﻪ ﻭﻫــﺬﺍ ﻫــﻮ ّ
ﺍﻟﺤﻴــﺎﺓ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴــﺔ ،ﻭﻫــﻮ ﺍﻟﻤﺎﺋــﺪﺓ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻗﻴــﻞ ﻓــﻲ ﺣ ّﻘﻬــﺎ ﴿ َﺭﺑَ ﻨــﺎ ﺍﻧـ ِﺰﻝْ َﻋ َﻠ ْﻴ َﻨــﺎ ـﺴ َﻤﺎء﴾) (١ﻭﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺋـﺪﺓ ﻻ ﺍﻧﻘﻄـﺎﻉ ﻟﻬـﺎ ﺃﺑ ًـﺪﺍ ﻋـﻦ ﺃﻫﻠﻬـﺎ ﻦ ﺍﻟ َﻣﺂَ ِٔ ﺪ ًﺓ ِّﻣ َ
ـﻞ ﺣـﻴﻦ ﺗـﺆﺗﻲ ﺃﻛﻠﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺷـﺠﺮﺓ ﺍﻟﻔـﻀﻞ ،ﻭﺗﻨـﺰﻝ ﻭﻻ ﻧﻔﺎﺫ ﻟﻬﺎ ،ﻭﻓـﻲ ﻛ ّ
ﺏ ـﻒ َ ﻣــﻦ ﺳــﻤﺎء ﺍﻟ ّﺮﺣﻤــﺔ ﻭﺍﻟﻌــﺪﻝ ﻛﻤــﺎ ﻗــﺎﻝ ﺗﻌــﺎﻟﻰ ﴿ :ﺍ َ ﻟـ ْـﻢ َﺗ ـ َﺮ َﻛ ْﻴـ َ ﺿ ـ َﺮ َ
ـﺴ َﻤﺎء ﺍﻪﻠﻟُ َﻣ ـ َﺜ ً ﺻ ـ ُﻠ َﻬﺎ َﺛﺎ ِﺑـ ٌ ﺠﺮﺓٍ َﻃﻴِّ َﺒـ ٍـﺔ ﺍ ْ ـﺖ َﻭ َﻓ ْﺮ ُﻋ َﻬــﺎ ﻓِ ــﻲ ﺍﻟـ ـﺸ َ ﻼ َﻛﻠ َِﻤ ـ ًﺔ َﻃﻴِّ َﺒ ـ ًﺔ َﻛـ َ ﻴﻦ﴾) (٢ ُﺗ ْﺆﺗِﻲ ﺍُ ﻛ َﻠ َﻬﺎ ُﻛ ﻞ ِﺣ ٍ
ﻻﻧ ــﺴﺎﻥ ﻣ ــﻦ ﺣﺮﻣ ــﺎﻥ ﻧﻔ ــﺴﻪ ﻋ ــﻦ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻄﻴّ ــﺔ ﻓﻴ ــﺎ ﺣ ــﺴﺮﺓ ﻋﻠ ــﻰ ﺍ ٕ
ﺍﻟﺪﺍﺋﻤـﺔ .ﻓـﺎﻋﺮﻑ ﺍﻟﻠّﻄﻴﻔﺔ ،ﻭﻣﻨﻌﻬﺎ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨّﻌﻤﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴـﺔ ،ﻭﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ّ ﻻﺟـﺴﺎﺩ ﺍﻟﻬﺎﻣـﺪﺓ ﺑﺤﻴـﺎﺓٍ ـﻞ ﺗﺤﻴـﺎ ﺍ ٔ ٕﺍﺫﻥ ﻗﺪﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّﺔ ،ﻟﻌ
ﺟﺪﻳــﺪﺓ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻟﻄــﺎﻑ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌــﺔ ﻣــﻦ ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ،ﻭﺗﻔــﻮﺯ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ
ـﺮﻭﺡ ﻏﻴـ ــﺮ ﻣﺤـ ــﺪﻭﺩ .ﻓﺎﺟﻬـ ــﺪ ﻧﻔـ ــﺴﻚ ﻳـ ــﺎ ﺃﺧـ ــﻲ ،ﻭﺍﻏﺘـ ــﻨﻢ ﺍﻟﺨﺎﻣـ ــﺪﺓ ﺑـ ـ ٍ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤــﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴــﺔ ﻣــﺎ ﺩﺍﻣــﺖ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤﻴــﺎﺓ ﺍﻟﻔﺮﺻــﺔ ﻟﺘــﺸﺮﺏ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻛــﻮﺍﺏ ّ ـﺎﺏ ﻣـﻦ ﻣـﺼﺮ ﺍﻟﻤﺤﺒـﻮﺏ ،ﻻ ﻳـﺴﺘﻤ ّﺮ ﻋﻠـﻰ ﺑﻘﻴّﺔ ،ﻻٔ ّﻥ ﻧـﺴﻴﻢ ﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ﺍﻟﻬ ّ
ـﻞ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻻٔﺑــﺪ ﻓــﻲ ﺟﺮﻳــﺎﻥ، ﻭﺍﻡ ﻓــﻲ ﻫﺒــﻮﺏ .ﻭﺃﻧﻬــﺎﺭ ﺍﻟﺘِّﺒﻴــﺎﻥ ،ﻻ ﺗﻈـ ّ ﺍﻟـ ّـﺪ ِ
ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ .ﺳـﻮﻑ ﻳـﺄﺗﻲ ﻳـﻮﻡ ﻓﻴـﻪ ﻭﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟ ّﺮﺿﻮﺍﻥ ﻻ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻔﺘّﺤﺔ ﻋﻠﻰ ّ ﻳﻄﻴﺮ ﻋﻨﺪﻟﻴﺐ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ٕﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ.
٢٣
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ .ﻭﺣﻴﻨﺌـ ٍـﺬ ﻻ ﺗﻌــﻮﺩ ﺍﻟﻔــﺮﺩﻭﺱ ﻣــﻦ ﺭﻭﺿــﺔ ﺍﻟﻘــﺪﺱ ﺍﻟــﻰ ﺍﻻٔﻭﻛــﺎﺭ ﺍ ٕ ﺗــﺴﻤﻊ ﻧﻐﻤــﺔ ﺍﻟﺒﻠﺒــﻞ ﻭﻻ ﺗــﺮﻯ ﺟﻤــﺎﻝ ﺍﻟــﻮﺭﺩ .ﺃ ّﻣــﺎ ﻣــﺎ ﺩﺍﻣــﺖ ﺍﻟﺤﻤﺎﻣــﺔ
ﻻﻟﻬ ــﻲ ﻓ ــﻲ ﺟﻠــﻮﺓ ﻭﺯﻳﻨ ــﺔ ،ﻓﻴﺠ ــﺐ ﺍﻻٔﺯﻟﻴّــﺔ ﻓ ــﻲ ﻭﻟ ــﻪ ﻭﺗﻐﺮﻳ ــﺪ ،ﻭﺍﻟ ّﺮﺑﻴ ــﻊ ﺍ ٕ ّ ﺍﻏﺘﻨــﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﺻــﺔ ﺣﺘّــﻰ ﻻ ﺗﺤــﺮﻡ ﺃﺫﻥ ﻗﻠﺒــﻚ ﻣــﻦ ﺍﻻﺳــﺘﻤﺎﻉ ﻻٔﻟﺤﺎﻧﻬــﺎ. ﻫــﺬﻩ ﻧــﺼﻴﺤﺔ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒــﺪ ﻟﺠﻨﺎﺑــﻚ ﻭﻻٔﺣﺒــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ،ﻓﻤــﻦ ﺷــﺎء ﻓﻠﻴﻘﺒــﻞ،
ﻭﻋﻤﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻭﻳﺮﻯ ﻭﻣﻦ ﺷﺎء ﻓﻠﻴﻌﺮﺽٕ ،ﺍ ّﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻛﺎﻥ ﻏﻨﻴﺎ ﻋﻨﻪ ّ
ﻭﻫ ــﺬﻩ ﻧﻐﻤ ــﺎﺕ ﻋﻴ ــﺴﻰ ﺍﺑ ــﻦ ﻣ ــﺮﻳﻢ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺗﻐﻨّ ــﻰ ﺑﻬ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺭﺿ ــﻮﺍﻥ
ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﺍﻻٓﺗ ــﻲ ﺑﻌ ــﺪﻩ، ﻻﻧﺠﻴ ــﻞ ﺑﻠﺤ ــﻦ ﺟﻠﻴ ــﻞ ،ﻓ ــﻲ ﻭﺻ ــﻒ ﻋﻼﺋ ــﻢ ّ ﺍ ٕ ﻻ ّﻭﻝ ﺍﻟﻤﻨــﺴﻮﺏ ﺍﻟــﻰ ﻣﺘّــﻰ ،ﻋﻨــﺪﻣﺎ ﺳــﺄﻟﻮﻩ ﻋــﻦ ـﺴﻔﺮ ﺍ ٔ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﺍﻻٓﺗ ــﻲ ﺑﻌ ــﺪﻩ ،ﻓﺄﺟ ــﺎﺏ ﺑﻘﻮﻟ ــﻪ "ﻭﻟﻠﻮﻗ ــﺖ ﻣ ــﻦ ﺑﻌ ــﺪ ﻋﻼﻣ ــﺎﺕ ّ
ـﺸﻤﺲ ،ﻭﺍﻟﻘﻤـ ـ ــﺮ ﻻ ﻳﻌﻄـ ـ ــﻲ ﺿـ ـ ــﻮءﻩ، ﺿـ ـ ــﻴﻖ ﺗﻠـ ـ ــﻚ ﺍﻻٔﻳّـ ـ ــﺎﻡ ﺗﻈﻠـ ـ ــﻢ ﺍﻟـ ـ ـ ّ ﺗﺮﺗﺞ ،ﺣﻴﻨﺌ ٍـﺬ ﻳﻈﻬـﺮ ﻻﺭﺽ ﺍﻟﺴﻤﺎء ،ﻭﻗ ّﻮﺍﺕ ﺍ ٔ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ ﻣﻦ ّ ّ
ـﻞ ﻗﺒﺎﺋـﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻭﻳـﺮﻭﻥ ـﺴﻤﺎء ،ﻭﻳﻨـﻮﺡ ﻛ ّ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﺑﻦ ﺍ ٕ ﻻﻧﺴﺎﻥ ﻓـﻲ ﺍﻟ ّ
ـﺴﻤﺎء ﻣ ــﻊ ﻗ ـ ـ ّﻮ ٍ ﺍﺕ ﻭﻣﺠ ـ ٍـﺪ ﻛﺒﻴ ــﺮ، ﺍﺑ ــﻦ ﺍ ٕ ﻻﻧ ــﺴﺎﻥ ﺁﺗ ًﻴ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﺳ ــﺤﺎﺏ ﺍﻟ ـ ّ ـﺴﺎﻓﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈـﻴﻢ ".ﺍﻧﺘﻬـﻰ ﺃﻱ ﺃﻧّـﻪ ﺑﻌـﺪ ﻭﻳﺮﺳﻞ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﻣﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟ ّ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﻭﺍﻟﺒﻼء ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺃﻱ ﺗﻤﻨـﻊ ﻋـﻦ ّ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ،ﺗﻈﻠﻢ ّ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﻂ ّ
ﻻﻓﺎﺿﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﻻ ﻳﻌﻄﻲ ﺍ ٕ
٢٤
ـﺴﻤﺎء ﺗﺘ ـ ــﺴﺎﻗﻂ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻭﺗﺘﺰﻟ ـ ــﺰﻝ ﺃﺭﻛ ـ ــﺎﻥ ﻧ ـ ــﻮﺭﻩ ،ﻭﻛﻮﺍﻛ ـ ــﺐ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ـﺴﻤﺎء، ﺍﻻٔﺭﺽ .ﻓﻔــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗــﺖ ﺗﻈﻬــﺮ ﻋﻼﻣــﺔ ﺍﺑــﻦ ﺍ ٕ ﻻﻧــﺴﺎﻥ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ ﻳﻌﻨـ ــﻲ ﺃ ّﻥ ﺟﻤ ـ ــﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﻋ ـ ــﻮﺩ ﻭﺳ ـ ــﺎﺫﺝ ﺍﻟﻮﺟـ ــﻮﺩ ﻣ ـ ــﻦ ﺑﻌ ـ ــﺪ ﻇﻬ ـ ــﻮﺭ ﻫ ـ ــﺬﻩ
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ٕﺍﻧّـﻪ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩّ . ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ،ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻋﺮﺻﺔ ﺍﻟﻐﻴﺐ ٕﺍﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ّ
ـﺴﺎﻛﻨﺔ ﻋﻠـ ـ ـﻰ ﻓ ـ ــﻲ ﺫﻟ ـ ــﻚ ﺍﻟﺤ ـ ــﻴﻦ ﻳﻨ ـ ــﻮﺡ ﻭﻳﻨ ـ ــﺪﺏ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋ ـ ــﻞ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ـﺴﻤﺎء ،ﺭﺍﻛ ًﺒــﺎ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻭﻳــﺮﻭﻥ ﻣﺤﻴّــﺎ ﺟﻤــﺎﻝ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ﺁﺗ ًﻴــﺎ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ ـﺴﺤﺎﺏ ،ﺑﻘ ـ ّﻮﺓٍ ﻭﻋﻈﻤـ ٍـﺔ ﻭﻣﺠـ ٍـﺪ ﻛﺒﻴــﺮ ،ﻭﻳﺮﺳــﻞ ﻣﻼﺋﻜﺘــﻪ ﻣــﻊ ﺻــﻮﺕ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﺴﺎﻓﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ .ﺍﻧﺘﻬﻰ ّ
ﻻﺧ ــﺮﻯ ﻻﺳ ــﻔﺎﺭ ﺍﻟﺜّﻼﺛ ــﺔ ﺍ ٔ ـﻀﺎ ﻓ ــﻲ ﺍ ٔ ﻭﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺭﺍﺕ ﻣ ــﺬﻛﻮﺭﺓ ﺃﻳ ـ ً
ﻭﻟﻤ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨ ــﺴﻮﺑﺔ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻟﻮﻗ ــﺎ ﻭﻣ ــﺮﻗﺲ ﻭﻳﻮﺣﻨّ ــﺎّ .
ﻣ ــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓ ــﻲ ﺍﻻٔﻟ ــﻮﺍﺡ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴّ ــﺔ ﺑﺎﻟﺘّﻔ ــﺼﻴﻞ ،ﻓﺈﻧّﻨ ــﺎ ﻻ ﻧﺘﻌـ ـ ّﺮﺽ ﻟ ــﺬﻛﺮﻫﺎ
ﻻﺷ ـ ــﺎﺭﺓ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﻭﺍﺣ ـ ــﺪﺓ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺻ ـ ــﻔﺤﺎﺕ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻭﺭﺍﻕ ،ﻭﻧﻜﺘﻔ ـ ــﻲ ﺑﺎ ٕ
ﻣﻨﻬﺎ
ﻟﻤــﺎ ﻟــﻢ ﻳﻌﺮﻓــﻮﺍ ﻣﻌــﺎﻧﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧــﺎﺕ ،ﻭﻻ ٕﺍ ّﻥ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍ ٕ ﻻﻧﺠﻴــﻞّ ،
ـﺴﻜﻮﺍ ﺑﻈﺎﻫﺮﻫــﺎ، ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣﻨﻬــﺎ ،ﺍﻟﻤــﻮﺩﻉ ﻓــﻲ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ،ﻭﺗﻤـ ّ
ﺍﻟﻤﺤﻤـ ــﺪﻱ ،ﻭﺳـ ــﺤﺎﺑﺔ ﻟﻬـ ــﺬﺍ ﺻـ ــﺎﺭﻭﺍ ﻣﻤﻨـ ــﻮﻋﻴﻦ ﻣـ ــﻦ ﺷـ ــﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻔـ ــﻴﺾ ّ ﺣﻤﺪﻱ .ﻭﺟ ّﻬﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﻻ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍ ٔ ّ
٢٥
ـﻀﺎ ،ﻇﻠّـﻮﺍ ﻣﺤـﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣـﻦ ﺯﻳـﺎﺭﺓ ّ ـﺴﻜﻮﺍ ﺑﻌﻠﻤـﺎﺋﻬﻢ ﺃﻳ ً ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ،ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﺗﻤ ّ
ـﺸﻤﺲ ﺍﻻٔﺣﻤﺪﻳّ ــﺔ ،ﻟ ــﻢ ﺟﻤ ــﺎﻝ ﺳ ــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺠ ــﻼﻝ ،ﻻٔ ّﻥ ﻓ ــﻲ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟ ـ ّ ﺗﻈﻬﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ
ﻭﻫــﺎ ﻗــﺪ ﺍﻧﻘــﻀﺖ ﺍﻟﻘــﺮﻭﻥ ،ﻭﻣــﻀﺖ ﺍﻟـ ّـﺪﻫﻮﺭ ﻭﺍﻻٔﻋــﺼﺎﺭ ،ﻭﺭﺟــﻊ
ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟ ّﺮﻭﺡ ﺫﺍ ﻙ ٕﺍﻟﻰ ﻣﻘـ ّﺮ ﺑﻘـﺎء ﺳـﻠﻄﻨﺘﻪ ،ﻭﻧﻔﺨـﺖ ﺍﻟﻨّﻔﺨـﺔ ﺍﻻٔﺧـﺮﻯ ﻻﻟﻬـﻲ ﻣـﻦ ﺍﻟـﻨّﻔﺲ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣـﺎﻧﻲ ،ﻭﺣـﺸﺮﺕ ﺍﻻٔﻧﻔـﺲ ﺍﻟﻤﻴﺘـﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍ ﻓﻲ ّ ّ ٕ ّ ﻭﻣﺤﻞ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳـﺔ .ﻭﻫـﺆﻻء ﻭﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ٕﺍﻟﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻮﺭ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ّ ّ
ﺍﻻٔﻗ ــﻮﺍﻡ ﻣ ــﺎ ﺯﺍﻟ ــﻮﺍ ﻣﻨﺘﻈ ــﺮﻳﻦ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣ ــﺎﺕ ،ﻭﺑ ــﺮﻭﺯ
ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻬﻴﻜــﻞ ﺍﻟﻤﻌﻬــﻮﺩ ٕﺍﻟــﻰ ﺣﻴّ ـﺰ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳﻨــﺼﺮﻭﻩ ،ﻭﻳﻨﻔﻘــﻮﺍ
ﺍﻻٔﻣــﻮﺍﻝ ﻓــﻲ ﺳــﺒﻴﻠﻪ ،ﻭﻳﻔــﺪﻭﺍ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ﻓــﻲ ﺣﺒّـﻪ ،ﻛﻤــﺎ ﺍﺑﺘﻌــﺪﺕ ﺍﻟﻤﻠــﻞ ﺍﻟﻈﻨـ ــﻮﻥ ﻭﺍﻻٔﻓﻜـ ــﺎﺭ ﻋـ ــﻦ ﻛـ ــﻮﺛﺮ ﻣﻌـ ــﺎﻧﻲ ﺭﺣﻤـ ــﺔ ﺣـ ــﻀﺮﺓ ﺍﻻٔﺧـ ــﺮﻯ ﺑﻬـ ــﺬﻩ ّ
ﺍﻟﺒﺎﺭﺉ ﺍﻟّﺘﻲ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻭﺷﻐﻠﻮﺍ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺘﺨﻴّﻼﺗﻬﻢ ﻭﺃﻭﻫﺎﻣﻬﻢ
ـﺴﺎﻟﻔﺔ ،ﻓ ــﺈ ّﻥ ﻫﻨ ــﺎ ﻙ ﺑﻴﺎ ًﻧ ــﺎ ﺁﺧ ــﺮ ﻓ ــﻲ ﻭﻓــﻀ ً ﻼ ﻋ ــﻦ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺭﺓ ﺍﻟ ـ ّ
ﻦ ﻛﻼﻣ ـ ــﻲ ﻻ ﺍ ٕ ـﺴﻤﺎء ﻭﺍﻻٔﺭﺽ ﺗ ـ ــﺰﻭﻻﻥ ﻭﻟﻜـ ـ ـ ّ ﻻﻧﺠﻴ ـ ــﻞ ﻳﻘ ـ ــﻮﻝ ﻓﻴ ـ ــﻪ "ﺍﻟ ـ ـ ّ
ـﺴﻤﺎء ﻭﺍﻻٔﺭﺽ ﺗــﺰﻭﻻﻥ ﻭﺗﻨﻌــﺪﻣﺎﻥ، ﻳــﺰﻭﻝ" ﺃﻱ ﺃﻧّــﻪ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜــﻦ ﺃ ّﻥ ﺍﻟـ ّ ﺃﺑﺪﺍ ،ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﺎﻗ ًﻴﺎ ﻭﺛﺎﺑ ًﺘﺎ ﺃ ّﻣﺎ ﻛﻼﻣﻲ ﻓﻼ ﻳﺰﻭﻝ ً
٢٦
ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻋﻠﻰ ّ ﻻﻧﺠﻴــﻞٕ ،ﺍ ّﻥ ﺣﻜﻤـﻪ ﻻ ُﻳﻨــﺴﺦ ﺃﺑـ ًـﺪﺍ ،ﺣﺘّــﻰ ﻭﻟــﺬﻟﻚ ﻳﻘــﻮﻝ ﺃﻫــﻞ ﺍ ٕ
ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣـﺎﺕ ،ﻻ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻭﺯﻣﺎﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﻃﻠﻌﺔ ﺍﻟﻤﻮﻋﻮﺩ ّ ﺃﻧّﻪ ﻓﻲ ّ
ﻻﻧﺠﻴﻞ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ّ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ﻓﻲ ﺍ ٕ ﺑﺪ ﻭﺃﻧّﻪ ﻳﺆﻳّﺪ ﻭﻳﺜﺒّﺖ ّ
ﻻ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟ ـ ّـﺪﻳﻦ .ﻭﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘ ــﺮﺓ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟ ــﺐ ـﻞ ﺍﻟﻌ ــﺎﻟﻢ ٕﺍ ّ ﺩﻳ ــﻦ ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ
ﺍﻟﻤﺤ ّﻘﻘ ــﺔ ﺍﻟﻤ ــﺴﻠّﻢ ﺑﻬ ــﺎ ﻋﻨ ــﺪﻫﻢ ،ﻭﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻳﻌﺘﻘ ــﺪﻭﻥ ﻓﻴﻬ ــﺎ ﺃﻧّ ــﻪ ﻟ ــﻮ ﺑﻌ ــﺚ
ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻼﻣـﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﻋـﻮﺩﺓ ،ﻭﻟﻜﻨّـﻪ ﻳﺤﻜـﻢ ﺑﺨـﻼﻑ ﺷﺨﺺ ً ﻻﻧﺠﻴـ ــﻞ ،ﻓـ ــﺈﻧّﻬﻢ ﻻ ﻳـ ــﺬﻋﻨﻮﻥ ٕﺍﻟﻴـ ــﻪ ﺍﻟﺒﺘّـ ــﺔ ،ﻭﻻ ﺍﻟﺤﻜـ ــﻢ ّ ﺍﻟﻈـ ــﺎﻫﺮ ﻓـ ــﻲ ﺍ ٕ
ﺣﻜﻤﺎ ،ﺑﻞ ﻳﻜ ّﻔﺮﻭﻧﻪ ﻭﻳﺴﺘﻬﺰﺅﻥ ﺑﻪ ،ﻛﻤـﺎ ﺷـﻮﻫﺪ ﺫﻟـﻚ ﻓـﻲ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﻣﻨﻪ ً
ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ .ﺃ ّﻣﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻗﺪ ﺳﺄﻟﻮﺍ ﺑﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺸﻤﺲ ّ ﻇﻬﻮﺭ ّ ﺃﻱ ﻇﻬ ـ ــﻮﺭ ،ﻋ ـ ــﻦ ﻣﻌ ـ ــﺎﻧﻲ ﺗﻠ ـ ــﻚ ﺍﻟﺨ ـ ــﻀﻮﻉ ﻇﻬ ـ ــﻮﺭﺍﺕ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّ ـ ــﺔ ﻓ ـ ــﻲ ّ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ـﻞ ﺍﻟﻜﺘـﺐ ،ﻭﺍﻟّﺘـﻲ ﺑـﺴﺒﺐ ﻋـﺪﻡ ﺑﻠـﻮﻏﻬﻢ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻓـﻲ ﻛ ّ ّ
ﻣﻌﺎﻧﻴﻬــﺎ ﻗــﺪ ﺣﺠﺒــﻮﺍ ﻋــﻦ ﺍﻟﻐﺎﻳــﺔ ﺍﻟﻘــﺼﻮﻯ ﻭﺳــﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬــﻰ ،ﻓــﻼ ﺑـ ّـﺪ ﺃﻧّﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻬﺘﺪﻭﻥ ﺑﺄﻧﻮﺍﺭ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ،ﻭﻳﻘﻔـﻮﻥ ﻋﻠـﻰ ﺃﺳـﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠـﻢ
ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ
ﺭﺷﺤﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ، ﻭﺍﻻٓﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ً
٢٧
ﻛـ ــﻲ ﻳﻘـ ــﻒ ﺃﺻـ ــﺤﺎﺏ ﺍﻟﺒـ ــﺼﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻔﻄـ ــﺮﺓ ،ﺑﻮﺍﺳـ ــﻄﺔ ﺗﻔـ ــﺴﻴﺮﻫﺎ ،ﻋﻠـ ــﻰ
ﻻﻟﻬﻴّـ ــﺔ ،ﻭ ٕﺍﺷـ ــﺎﺭﺍﺕ ﺑﻴﺎﻧـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻈـ ــﺎﻫﺮ ﺟﻤﻴـ ــﻊ ﺗﻠﻮﻳﺤـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ــﺎﺕ ﺍ ٕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـ ـﻴّﺔ ،ﺣﺘّـ ــﻰ ﻻ ﺗﻤـ ــﻨﻌﻬﻢ ﻫﻴﻤﻨـ ــﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ــﺎﺕ ﻋـ ــﻦ ﺑﺤـ ــﺮ ﺍﻻٔﺳـ ــﻤﺎء ـﻞ ـﺼﻔﺎﺕ ،ﻭﻻ ﺗﺤﺠــﺒﻬﻢ ﻋــﻦ ﻣــﺼﺒﺎﺡ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ،ﺍﻟّــﺬﻱ ﻫــﻮ ﻣﺤـ ّ ﻭﺍﻟـ ّ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺗﺠﻠّﻲ ّ
ﻓﻘﻮﻟــﻪ ﻣــﻦ ﺑﻌــﺪ ﺿــﻴﻖ ﺗﻠــﻚ ﺍﻻٔﻳّــﺎﻡٕ ،ﺍﺷــﺎﺭﺓ ٕﺍﻟــﻰ ﺯﻣــﺎﻥ ُﺗﺒﺘﻠــﻰ ﻓﻴــﻪ
ـﻀﻴﻖ ،ﻭﺗــﺰﻭﻝ ﻓﻴــﻪ ﺁﺛــﺎﺭ ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻣــﻦ ﺑــﻴﻦ ـﺸ ّﺪﺓ ﻭﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﺑﺎﻟـ ّ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ،ﻭﺗﻨﻌــﺪﻡ ﺃﺛﻤــﺎﺭ ﺳــﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤــﺔ ،ﻭﻳــﺼﺒﺢ ﺯﻣــﺎﻡ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﺍﻟﺠﻬ ـ ــﺎﻝ ،ﻭﺗﻐﻠ ـ ــﻖ ﺃﺑ ـ ــﻮﺍﺏ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴ ـ ــﺪ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ ،ﺍﻟّﺘ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــﻲ ﺑﺄﻳ ـ ــﺪﻱ ّ
ﻦ ،ﻭﺗﻨﻘﻠﺐ ﻻﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻳﺘﺒﺪﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ّ ﺍﻟﻤﻘﺼﺪ ﺍﻻٔ ّ ﺻﻠﻲ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍ ٕ ﺑﺎﻟﻈ ّ ّ ـﻞ ﻃﺎﺋﻔــﺔ ﻓــﻲ ﻳــﺪ ـﺸﻘﺎﻭﺓ .ﻛﻤــﺎ ﻧــﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻴــﻮﻡ ،ﺃ ّﻥ ﺯﻣــﺎﻡ ﻛـ ّ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳــﺔ ﺑﺎﻟـ ّ
ﻻ ﺟﺎﻫ ـ ــﻞ ،ﻳﺤـ ـ ـ ّﺮﻛﻬﻢ ﻛﻴﻔﻤ ـ ــﺎ ﺃﺭﺍﺩ ،ﻭﻟ ـ ــﻢ ﻳﺒ ـ ــﻖ ﺑﻴ ـ ــﻨﻬﻢ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟﻤﻌﺒ ـ ــﻮﺩ ٕﺍ ّ ﻻ ﻟﻔﻈــﻪ ،ﻭﻏﻠﺒــﺖ ﻋﻠــﻴﻬﻢ ﺃﺭﻳــﺎﺡ ﺍﻟ ـﻨّﻔﺲ ﺍﺳــﻤﻪ ،ﻭﻻ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ٕﺍ ّ
ﻭﺍﻟﻬﻮﻯٕ ،ﺍﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺃﻃﻔﺌﺖ ﻣﻌﻬـﺎ ﺳـﺮﺝ ﺍﻟﻌﻘـﻞ ﻭﺍﻟﻔـﺆﺍﺩ ﻣـﻦ ﺍﻟﻘﻠـﻮﺏ.
ﻻﻟﻬــﻲ ﻗــﺪ ﻓﺘﺤــﺖ ﺑﻤﻔــﺎﺗﻴﺢ ﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّــﺔ، ﻣــﻊ ﺃ ّﻥ ﺃﺑــﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﺍ ٕ ّ ﻭﺟـ ـ ــﻮﺍﻫﺮ ﻭﺟـ ـ ــﻮﺩ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨـ ـ ــﺎﺕ ﻗـ ـ ــﺪ ﺗﻨ ـ ـ ـ ّﻮﺭﺕ ﺑﻨـ ـ ــﻮﺭ ﺍﻟﻌﻠـ ـ ــﻢ ،ﻭﺍﻫﺘـ ـ ــﺪﺕ ـﻞ ﺷ ــﻲء ﺑ ــﺎﺏ ﻣـ ــﻦ ﺑﺎﻟﻔﻴﻮﺿ ــﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـ ـﻴّﺔ ،ﻋﻠ ــﻰ ﺷـ ــﺄﻥ ﻓ ــﺘﺢ ﻓ ــﻲ ﻛـ ـ ّ ﺍﻟﻌﻠﻢ،
٢٨
ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭﺍﺕ ـﻞ ﻫــﺬﻩ ّ ـﺸﻤﺲ .ﻭﻣــﻊ ﻛـ ّ ﻭﺷــﻮﻫﺪ ﻓــﻲ ﻛـ ّ ـﻞ ﺫ ّﺭﺓ ﺁﺛــﺎﺭ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻴّ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺃﺣﺎﻃ ــﺖ ﺍﻟﻌ ــﺎﻟﻢ ،ﻓ ــﺈﻧّﻬﻢ ﻟـ ـﻼٓﻥ ﻳﺤ ــﺴﺒﻮﻥ ﺑ ــﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ـﺎﻟﻈﻦ ،ﺑﻌﻴـﺪﻳﻦ ﻋـﻦ ـﺴﻜﻴﻦ ﺑ ّ ً ﻣﺴﺪﻭﺩﺍ ،ﻭﺃﻣﻄـﺎﺭ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤـﺔ ﻣﻘﻄﻮﻋـﺔ ،ﻣﺘﻤ ّ
ـﻞ ﻣــﺎ ﻳﻌــﺮﻑ ﻋــﻨﻬﻢ ﺃ ّﻥ ﻋــﺮﻭﺓ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﺍﻟــﻮﺛﻘﻰ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻻ ﺍﻧﻔــﺼﺎﻡ ﻟﻬــﺎ .ﻭﻛـ ّ
ـﻀﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮﺓ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺑﺎﺑـﻪ ،ﻭﺃ ّﻥ ﻻ ﻓﻜـﺮﺓ ﻋﻨـﺪﻫﻢ ﺃﻳ ً ﻦ ﻭﺍﻟـ ّـﺰﻋﻢ ﺃﺑــﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻌــﺎﺵ، ﻋــﻦ ﻇﻬــﻮﺭﻩ ﻻٔﻧّﻬــﻢ ﻗــﺪ ﻭﺟــﺪﻭﺍ ﻓــﻲ ّ ﺍﻟﻈ ـ ّ
ﻻ ٕﺍﻧﻔ ــﺎﻕ ﺍﻟـ ـ ّﺮﻭﺡ .ﻟﻬ ــﺬﺍ ﺑﻴﻨﻤ ــﺎ ﻻ ﻳﺠ ــﺪﻭﻥ ﻓ ــﻲ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﻣﻈ ــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ٕﺍ ّ
ـﺴﻜﻮﻥ ﺑــﺬﺍ ﻙ .ﻭﻣــﻊ ﺃﻧّﻬــﻢ ﻳﻌﺘﻘ ـﺪﻭﻥ ﺃ ّﻥ ً ﺣﺘﻤــﺎ ﻳﻬﺮﺑــﻮﻥ ﻣــﻦ ﻫــﺬﺍ ﻭﻳﺘﻤـ ّ ﻛﻞ ﻧﺎﺣﻴـﺔ ﺣﻜـﻢ ،ﻭﻳﻈﻬـﺮ ﻣـﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ّ
ﻣﺤﻞ ﺃﻣﺮ .ﻓـﻼ ﻳـﺸﺎﻫﺪ ﺑﻴـﻨﻬﻢ ﻧﻔـﺴﺎﻥ ﻣﺘّﻔﻘـﺎﻥ ﻋﻠـﻰ ﺣﻜـﻢ ﻭﺍﺣـﺪ. ﻛﻞ ّ ّ
ﻻ ﺍﻟﺨﻄـ ـ ــﺄ. ﻟﻬـ ـ ــﺎ ﻏﻴـ ـ ــﺮ ﺍﻟﻬـ ـ ــﻮﻯ ،ﻭﻻ ﻳـ ـ ــﺴﻠﻜﻮﻥ ﺳـ ـ ــﺒﻴ ً ﻼ ٕﺍ ّ ٕﺍﺫ ﻻ ﻳﻌﺮﻓـ ـ ــﻮﻥ ٕﺍ ً ﻳﻌـ ـ ّـﺪﻭﻥ ﺍﻟ ّﺮﻳﺎﺳـ ــﺔ ﻧﻬﺎﻳـ ــﺔ ﺍﻟﻮﺻـ ــﻮﻝ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺍﻟﻤﻄﻠـ ــﻮﺏ ،ﻭﻳﺤـ ــﺴﺒﻮﻥ ﺍﻟﻜﺒـ ــﺮ
ﻭﺍﻟﻐ ــﺮﻭﺭ ﻏﺎﻳ ــﺔ ﺍﻟﺒﻠ ــﻮﻍ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟﻤﺤﺒ ــﻮﺏ .ﺟﻌﻠ ــﻮﺍ ﺍﻟﺘّﺰﻭﻳ ــﺮﺍﺕ ﺍﻟﻨّﻔ ــﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻣﻘﺪﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﺘّﻘــﺪﻳﺮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺑّﺎﻧﻴّــﺔ .ﺗﺮﻛــﻮﺍ ﺍﻟﺘّــﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺮﺿــﺎ ،ﻭﺍﺷــﺘﻐﻠﻮﺍ ّ
ﺑﺎﻟﺘّﺪﺑﻴﺮ ﻭﺍﻟ ّﺮﻳﺎ ،ﻳﺤﺎﻓﻈﻮﻥ ﻋﻠـﻰ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗـﺐ ﺑﺘﻤـﺎﻡ ﺍﻟﻘـ ّﻮﺓ ﻭﺍﻟﻘـﺪﺭﺓ،
ﻼ ٕﺍﻟــﻰ ﺷــﻮﻛﺘﻬﻢ ،ﻭﻻ ﻳﺘﻄـ ّﺮﻕ ﺍﻟﺨﻠــﻞ ٕﺍﻟــﻰ ﺣﺘّــﻰ ﻻ ﻳﺠــﺪ ﺍﻟـﻨّﻘﺺ ﺳــﺒﻴ ً ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻓﺈﻧّﻬـﺎ ﺗـﺸﺎﻫﺪ ﻋﺰﺗﻬﻢ ،ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﻨ ّﻮﺭﺕ ﻋﻴﻦ ﺑﻜﺤﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍ ٕ ّ
ﻋﺪﺓ ﻭﺣﻮﺵ ﻣﺮﺗﻤﻴﺔ ّ
٢٩
ﻋﻠﻰ ﺟﻴﻒ ﺃﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺃﻱ ﺿﻴﻖ ﻭﺷ ّـﺪﺓ ﺃﺷ ّـﺪ ﻣـﻦ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗـﺐ ﺍﻟﻤـﺬﻛﻮﺭﺓ ،ﻓﺈﻧّـﻪ ﻓﺎﻻٓﻥ ّ
ٕﺍﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺷـﺨﺺ ﺃﻥ ﻳﻄﻠـﺐ ﺣ ﻘــﺎ ،ﺃﻭ ﻳﻠـﺘﻤﺲ ﻣﻌﺮﻓـ ًﺔ ،ﻓــﻼ ﻳـﺪﺭﻱ ٕﺍﻟــﻰ ـﺴﺒﻞ ﻭﻣﻤـ ــﻦ ﻳﻄﻠـ ــﺐ ،ﻻٔ ﻥ ﺍﻻٓﺭﺍء ﻣﺨﺘﻠﻔـ ــﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳـ ــﺔ ،ﻭﺍﻟـ ـ ّ ﻣـ ــﻦ ﻳـ ــﺬﻫﺐ ، ـﻞ ﻇﻬـﻮﺭ .ﻭﻣـﺎ ﻟـﻢ ـﺸ ﺪﺓ ﻣـﻦ ﺷـﺮﺍﺋﻂ ﻛ ّ ـﻀﻴﻖ ﻭﺗﻠـﻚ ﺍﻟ ّ ﻣﺘﻌﺪِّ ﺩﺓ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟ ّ ﻳﻘ ــﻊ ﻫ ــﺬﺍ ﻭﻳﺤ ــﺼﻞ ،ﻓ ــﻼ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﺷ ــﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﺔ ،ﻻٔ ّﻥ ﺻ ــﺒﺢ ﻇﻬ ــﻮﺭ
ﻻﺷـﺎﺭﺓ ﻓـﻲ ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳـﺎﺕ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ .ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺗﻮﺟـﺪ ﺍ ٕ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻳﻄﻠﻊ ﺑﻌﺪ ﻟﻴﻞ ّ ﻭﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳــﺚ ٕﺍﻟــﻰ ﻛــﻞِّ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻤــﻀﺎﻣﻴﻦ ،ﺑــﺄ ﻥ ﺍﻟﻜﻔــﺮ ﻳﻐــﺸﻰ ﺍﻟﻌــﺎﻟﻢ،
ﻻﺷــﺎﺭﺓ ٕﺍﻟﻴــﻪ ،ﻭﺑــﺎﻟﻨﻈﺮ ﻭﺗﺤــﻴﻂ ﺑــﻪ ّ ﻣﻤــﺎ ﻗــﺪ ﺳــﺒﻘﺖ ﺍ ٕ ﺍﻟﻈﻠﻤ ـﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬــﺎ ّ ﻟــﺸﻬﺮﺓ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳــﺚ ،ﻭﺭﻏﺒــﺔ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒــﺪ ﻓــﻲ ﺍﻻﺧﺘــﺼﺎﺭ ﻓﺈﻧّــﻪ ﻟــﻢ ﻳﺘﻌ ّﺮﺽ ﻟﺬﻛﺮ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳﺚ
ﺃ ّﻣــﺎ ﻟــﻮ ﻛــﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟــﻀﻴﻖ ،ﻫــﻮ ﻣــﺎ ﻳﺪﺭﻛﻮﻧــﻪ ﻣــﻦ ﺃ ّﻥ
ﻼ ،ﺃﻭ ﺗﻘﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻻٔﻣﻮﺭﺍﺕ ﺍﻻٔﺧﺮﻯ ﺍﻟّﺘﻲ ﻳﺘﻮﻫﻤﻮﻧﻬـﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻀﻴﻖ ﻓﻌ ً ّ
ﻭﺣﺘﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﺄ ّﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺃﺑﺪﺍ، ﺑﺰﻋﻤﻬﻢ ،ﻓﺈ ّﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺤﺼﻞ ً ً
ـﻀﻴﻖ ﻫـﻮ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻗـﺎﻟﻮﺍ ﻭﻳﻘﻮﻟـﻮﻥ .ﻭﺍﻟﺤـﺎﻝ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘـﺼﻮﺩ ﻣـﻦ ﺍﻟ ّ
ﺿﻴﻖ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ
٣٠
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ،ﻭﻋﺠــﺰ ﻋــﻦ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟﺮﺑّﺎﻧﻴّــﺔ ﺣﻴــﺚ ٕﺍ ﻥ ﺍﻟﻤﻌــﺎﺭﻑ ﺍ ٕ
ـﺸﻤﺲ ،ﻭﺍﺧﺘﻔــﺎء ﻣﺮﺍﻳﺎﻫــﺎ ﻋــﻦ ﺍﻻٔﺑــﺼﺎﺭ ،ﻳﻘﻌــﻮﻥ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﺑﻌــﺪ ﻏــﺮﻭﺏ ﺍﻟـ ّ
ﻳﺘﻮﺟﻬـ ــﻮﻥ ﻛﻤـ ــﺎ ﻗـ ــﺪ ُﺫﻛـ ــﺮ. ﻓـ ــﻲ ﺿـ ــﻴﻖ ﻭﺷـ ـ ّـﺪﺓ ،ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓـ ــﻮﻥ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﻣـ ــﻦ ّ
ﻛ ــﺬﻟﻚ ﻧﻌﻠِّﻤ ــﻚ ﻣ ــﻦ ﺗﺄﻭﻳ ــﻞ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳ ــﺚ ،ﻭﻧﻠﻘ ــﻲ ﻋﻠﻴ ــﻚ ﻣ ــﻦ ﺃﺳ ــﺮﺍﺭ ﻟﺘﻄﻠــﻊ ﺑﻤــﺎ ﻫــﻮ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ،ﻭﺗﻜــﻮﻥ ﻣــﻦ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻫــﻢ ﺷــﺮﺑﻮﺍ ﺍﻟﺤﻜﻤــﺔّ ،
ﻛﺄﺱ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ
ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤـ ــﺮ ﻻ ﻳﻌﻄـ ــﻲ ﺿـ ــﻮءﻩ ،ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﻛـ ــﺐ ﻭﻗﻮﻟـ ــﻪ ،ﺗﻈﻠـ ــﻢ ﺍﻟـ ـ ّ
ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤ ــﺮ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﻳﻦ ﺗﺘــﺴﺎﻗﻂ ﻣ ــﻦ ﺍﻟــﺴﻤﺎء .ﻓﺎﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ﻣ ــﻦ ﺍﻟـ ّ ﻻﻧﺒﻴ ـ ـ ــﺎء ،ﻟ ـ ـ ــﻴﺲ ﻣﻨﺤ ـ ـ ــﺼ ًﺮﺍ ﻓ ـ ـ ــﻲ ﻫ ـ ـ ــﺬﻳﻦ ﺍﻟﻜ ـ ـ ــﻮﻛﺒﻴﻦ ﻓ ـ ـ ــﻲ ﻛﻠﻤ ـ ـ ــﺎﺕ ﺍ ٔ
ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤـﺮ ﻣﻌـﺎﻧﻲ ﻋﺪﻳـﺪﺓ. ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ،ﺑﻞ ٕﺍﻧّﻬﻢ ﻗﺪ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟ ّ
ﺧﺎﺻ ــﺎ ﺑﻤﻨﺎﺳ ــﺒﺔ ﺫﻟ ــﻚ ﺍﻟﻤﻘ ــﺎﻡ. ـﻞ ﻣﻘ ــﺎﻡ ﻣﻨﻬ ــﺎ ﻳﺮﻳ ــﺪﻭﻥ ﻣﻌﻨ ــﻰ ﻭﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ ً ـﺸﻤﺲ ﻳﻄﻠــﻖ ﻋﻠــﻰ ﺷــﻤﻮﺱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ،ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻓﻤــﺜ ً ﻼ :ﺃﺣــﺪ ﻣﻌــﺎﻧﻲ ﺍﻟـ ّ ﻳﻄﻠﻌ ــﻮﻥ ﻣ ــﻦ ﻣ ــﺸﺮﻕ ﺍﻟﻘ ــﺪﻡ ،ﻭﻳﻜﻮﻧ ــﻮﻥ ﻭﺍﺳ ــﻄﺔ ٕﺍﺑ ــﻼﻍ ﺍﻟﻔ ــﻴﺾ ٕﺍﻟ ــﻰ
ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ﺍﻟﻜﻠِّﻴّـﺔ، ـﺸﻤﻮﺱ ﻫـﻢ ﺍﻟﻤﻈـﺎﻫﺮ ﺍ ٕ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ .ﻭﻫـﺆﻻء ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮﺓ ﺑﺘﻘـﺪﻳﺮ ﻣـﻦ ـﺸﻤﺲ ّ ﻓﻲ ﻋـﻮﺍﻟﻢ ﺻـﻔﺎﺗﻪ ﻭﺃﺳـﻤﺎءﻩ .ﻓﻜﻤـﺎ ﺃ ﻥ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮﺓ ،ﻣ ــﻦ ﺍﻻٔﺛﻤ ــﺎﺭ ﻭﺍﻻٔﺷ ــﺠﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺒ ــﻮﺩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﻲ ﺗﺮﺑّ ــﻲ ﺍﻻٔﺷ ــﻴﺎء ّ ّ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﻬﻮﺩ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻭﺍﻻٔﻟﻮﺍﻥ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻭﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻚّ ،
٣١
ﺍﻟﻤﻠ ـ ــﻚ ،ﺑﺘ ـ ــﺄﺛﻴﺮ ﺣﺮﺍﺭﺗﻬ ـ ــﺎ ،ﻛ ـ ــﺬﻟﻚ ﺗﻈﻬ ـ ــﺮ ﺃﺷ ـ ــﺠﺎﺭ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴ ـ ــﺪ ﻭﺃﺛﻤ ـ ــﺎﺭ
ﻻﻳﻘــﺎﻥ ،ﻭﺭﻳـﺎﺣﻴﻦ ﺍﻟﺤﻜﻤــﺔ ﺍﻟﺘّﻔﺮﻳـﺪ ،ﻭﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺘّﺠﺮﻳــﺪ ﻭﺃﻭﺭﺍﺩ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﻭﺍ ٕ ـﺸﻤﻮﺱ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّــﺔ ﻭﻋﻨﺎﻳﺘﻬــﺎ .ﻭﻟﻬــﺬﺍ ﻳﺘﺠـ ـﺪﺩ ﻭﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ،ﻣــﻦ ﺃﺛــﺮ ﺗﺮﺑﻴــﺔ ﺍﻟـ ّ
ـﺸﻤﻮﺱ ،ﻭﺗﺠ ــﺮﻱ ﺃﻧﻬ ــﺎﺭ ﺍﻟﺤﻴ ــﻮﺍﻥ، ﺍﻟﻌ ــﺎﻟﻢ ﻓ ــﻲ ﺣ ــﻴﻦ ٕﺍﺷ ــﺮﺍﻕ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ّ
ـﺐ ﻧــﺴﻤﺎﺕ ﻭﺗﺘﻤ ـ ّﻮﺝ ﺑﺤــﻮﺭ ﺍ ٕ ﻻﺣــﺴﺎﻥ ﻭﻳﺮﺗﻔــﻊ ﺳــﺤﺎﺏ ﺍﻟﻔــﻀﻞ ،ﻭﺗﻬـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﻜﻞ ّ ﻛﻞ ﻣﻮﺟـﻮﺩ ،ﻭﺗﻨﺒﻌـﺚ ﺣـﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﺒّـﺔ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ﻭﻧﻴﺮﺍﻧﻬـﺎ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّـﺔ ،ﻭﺗﻮﻫـﺐ ـﺸﻤﻮﺱ ﺍ ٕ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻢ ﻣـﻦ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟ ّ
ﻻﻣ ـ ــﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴ ـ ــﺔ ،ﺑﻌﻨﺎﻳ ـ ــﺔ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺤﻴ ـ ــﺎﺓ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴ ـ ــﺔ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺃﺟ ـ ــﺴﺎﺩ ﺍ ٔ
ـﺸﻤﺲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳّـ ــﺔ ٕﺍﻥ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻤﺠـ ــﺮﺩﺓ .ﻭﻓـ ــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـ ــﺔ ﺃ ﻥ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟـ ـ ّ
ـﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّــﺔ ،ﺍﻟّﺘــﻲ ﻻ ﻳــﺸﺎﻫﺪ ﻟﻬــﺎ ﻫــﻲ ٕﺍ ّ ﻻ ﺁﻳــﺔ ﻣــﻦ ﺗﺠﻠّــﻲ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ ـﻞ ﻗــﺎﺋﻢ ﺑﻮﺟﻮﺩﻫــﺎ ،ﻭﻇــﺎﻫﺮ ﻣــﻦ ﻓﻴــﻀﻬﺎ، ـﺒﻴﻪ ﻭﻻ ﻧـ ـﺪ ،ﻭﺍﻟﻜـ ّ ﻧﻈﻴ ـ ٌﺮ ﻭﻻ ﺷـ ٌ
ﻭﺭﺍﺟــﻊ ٕﺍﻟﻴﻬــﺎ .ﻣﻨﻬــﺎ ﻇﻬــﺮﺕ ﺍﻻٔﺷــﻴﺎء ،ﻭ ٕﺍﻟــﻰ ﺧــﺰﺍﺋﻦ ﺃﻣﺮﻫــﺎ ﺭﺟﻌــﺖ،
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺑﺪﺋﺖ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ،ﻭ ٕﺍﻟﻰ ﻛﻨﺎﺋﺰ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻋﺎﺩﺕ
ﺗﺨﺼــﺼﺖ ﻭﺗﺤـ ّـﺪﺩﺕ ﺑــﺒﻌﺾ ﻣــﻦ ـﺸﻤﻮﺱ ﻗــﺪ ّ ﺃ ّﻣــﺎ ﻛــﻮﻥ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟـ ّ
ـﺼﻔﺎﺕ ﻓــﻲ ﻣﻘــﺎﻡ ﺍﻟـ ّـﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﻛﻤــﺎ ﺳــﻤﻌﺘﻢ ﻭﺗــﺴﻤﻌﻮﻥ ﺍﻻٔﺳــﻤﺎء ﻭﺍﻟـ ّ
ـﻀﻌﻴﻔﺔ، ﺍﻻٓﻥ ،ﻓﻠــﻢ ﻳﻜــﻦ ﻫــﺬﺍ ٕﺍ ّ ﻻ ﻻٔﺟــﻞ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺍﻟﻌﻘــﻮﻝ ﺍﻟﻨّﺎﻗــﺼﺔ ﺍﻟـ ّ
ﻻ ﻓﻬﻲ ﻟﻢ ﺗﺰﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻜﻮﻥ ﻭ ٕﺍ ّ
٣٢
ـﻞ ﻭﺻـ ــﻒ .ﻟـ ــﻴﺲ ﻟﺠـ ــﻮﺍﻫﺮ ـﻞ ﺍﺳـ ــﻢ، ﻭﻣﻨﺰﻫـ ــﺔ ﻋـ ــﻦ ﻛـ ـ ّ ﻣﻘﺪﺳـ ــﺔ ﻋـ ــﻦ ﻛـ ـ ّ ّ ّ
ـﺼﻔﺎﺕ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻻٔﺳ ـ ــﻤﺎء ﻓ ـ ــﻲ ﺳ ـ ــﺎﺣﺔ ﻗﺪﺳ ـ ــﻬﺎ ﻃﺮﻳ ـ ــﻖ ،ﻭﻻ ﻟﻠﻄ ـ ــﺎﺋﻒ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﻣﻠﻜـ ــﻮﺕ ﻋ ِّﺰﻫـ ــﺎ ﺳـ ــﺒﻴﻞ .ﻓـ ــﺴﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻣـ ــﻦ ﺃﻥ ُﻳﻌـ ــﺮﻑ ﺃﺻـ ــﻔﻴﺎﺅﻩ ﺑﻐﻴـ ــﺮ ﻋﻤــﺎ ﻳــﺬﻛﺮ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﺫﻭﺍﺗﻬــﻢ ،ﺃﻭ ﻳﻮﺻــﻒ ﺃﻭﻟﻴــﺎﺅﻩ ﺑﻐﻴــﺮ ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ،ﻓﺘﻌــﺎﻟﻰ ّ
ﻋﻤﺎ ﻫﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻓﻲ ﻭﺻﻔﻬﻢ ،ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ّ
ـﺸﻤﻮﺱ ﻋﻠــﻰ ﺗﻠــﻚ ﺍﻻٔﻧ ـﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠ ـ ّﺮﺩﺓ ،ﻓــﻲ ﻭﺃ ّﻣــﺎ ٕﺍﻃــﻼﻕ ﻟﻔﻈــﺔ ﺍﻟـ ّ
ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ ﻓﻬـﻮ ﻛﺜﻴـﺮ .ﻓﻤـﻦ ﺟﻤﻠـﺔ ﺫﻟـﻚ ﻣـﺎ ﻭﺭﺩ ﻓـﻲ ﺩﻋـﺎء )(١ ﺍﻟﻄﺎﻟﻌـ ـ ــﺔ .ﺃﻳـ ـ ــﻦ ﺍﻻٔﻗﻤـ ـ ــﺎﺭ ـﺸﻤﻮﺱ ّ ﺍﻟﻨّﺪﺑـ ـ ــﺔ ،ﺣﻴـ ـ ــﺚ ﻳﻘـ ـ ــﻮﻝ "ﺃﻳـ ـ ــﻦ ﺍﻟـ ـ ـ ّ
ﺍﻟﺰﺍﻫــﺮﺓ"ٕ .ﺍﺫًﺍ ﺻــﺎﺭ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠــﻮﻡ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﺍﻟﻤﻨﻴــﺮﺓ ،ﺃﻳــﻦ ﺍ ٔ ﻻﻧﺠــﻢ ّ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﺍﻟﻨّﺠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟ ّﺮﺗﺒﺔ ﺍﻻٔﻭﻟﻰ ﻫـﻢ ﺍﻻٔﻧﺒﻴـﺎء ﻭﺍﻻٔﻭﻟﻴـﺎء ﻣﻦ ّ ﻭﺃﺻــﺤﺎﺑﻬﻢ ،ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻣــﻦ ﺃﻧــﻮﺍﺭ ﻣﻌــﺎﺭﻓﻬﻢ ﻗــﺪ ﺃﺿــﺎءﺕ ﻭﺗﻨـ ّﻮﺭﺕ ﻋــﻮﺍﻟﻢ
ـﺸﻤﺲ ـﺸﻬﻮﺩ ،ﻭﻓــﻲ ﺍﻟ ّﺮﺗﺒــﺔ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻴــﺔ ﻳﻜــﻮﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻐﻴــﺐ ﻭﺍﻟـ ّ ـﺴﺎﺑﻖ ،ﺍﻟّـ ـ ــﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻧ ـ ـ ــﻮﻥ ﻭﺍﻟﻘﻤ ـ ـ ــﺮ ﻭﺍﻟﻨّﺠ ـ ـ ــﻮﻡ ﻫ ـ ـ ــﻢ ﻋﻠﻤ ـ ـ ــﺎء ّ ﺍﻟﻈﻬ ـ ـ ــﻮﺭ ﺍﻟ ـ ـ ـ ّ
ﻼﺣ ــﻖ ،ﻭﺑﻴ ــﺪﻫﻢ ﺯﻣ ــﺎﻡ ﺩﻳ ــﻦ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ. ﻣﻮﺟ ــﻮﺩﻳﻦ ﻓ ــﻲ ﺯﻣ ــﺎﻥ ّ ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟ ّ ﻓــﺈﺫﺍ ﻣــﺎ ﺍﺳــﺘﻨﺎﺭﻭﺍ ﺑــﻀﻴﺎء ﺷــﻤﺲ ﺃﺧــﺮﻯ ﺃﺛﻨــﺎء ﻇﻬﻮﺭﻫــﺎ ،ﻳﻜﻮﻧــﻮﻥ ﻣــﻦ
ﺍﻟﻤﻘﺒﻮﻟﻴﻦ
ﻼﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻛﺮﻡ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺭﺿﻲ ﻋﻨﻪ. ) (١ﻟ ٕ
٣٣
ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ،ﻭﻟـﻮ ﻻ ﻳﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﺣﻘِّﻬﻢ ﺣﻜﻢ ّ ﻭﺍﻟﻤﻀﻴﺌﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺘﻼٔﻟﺌﻴﻦ ،ﻭ ٕﺍ ّ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺎﺩﻳﻦ .ﻻٔ ّﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗـﺐ ﻣـﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺑﺤﺴﺐ ّ
ـﺸﻘﺎﻭﺓ ،ﻭﺍﻟﻨّ ــﻮﺭ ﺍﻟﻜﻔ ــﺮ ﻭﺍ ٕ ـﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟ ـ ّ ـﻀﻼﻟﺔ ،ﻭﺍﻟ ـ ّ ﻻﻳﻤ ــﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﻬﺪﺍﻳ ــﺔ ﻭﺍﻟ ـ ّ
ـﻞ ّ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ .ﻓﻜـ ّ ـﺸﻤﻮﺱ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّــﺔ ﺍ ٕ ﻭﺍﻟﻈﻠﻤــﺔ ،ﻣﻨﻮﻃــﺔ ﺑﺘــﺼﺪﻳﻖ ﺗﻠ ـﻚ ﺍﻟـ ّ ﻻﺣ ــﺴﺎﻥ ﺣﻜ ــﻢ ﻧﻔ ــﺲ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤ ــﺎء ﺟ ــﺮﻯ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﻳ ــﻮﻡ ﺍﻟﺘّﻐ ــﺎﺑﻦ ﻭﺍ ٕ
ﻻﻳﻤــﺎﻥ ﻣــﻦ ﻣﺒــﺪﺃ ﺍﻟﻌﺮﻓــﺎﻥ ،ﻳــﺼﺪﻕ ﻓــﻲ ﺣ ِّﻘﻬــﺎ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭﺍﻟ ّﺮﺿــﺎ ،ﻭﺍﻟﻨّــﻮﺭ ﺍ ٕ ﻻ ﻳﺠـ ــﺮﻱ ﻓـ ــﻲ ﺣ ّﻘﻬـ ــﺎ ﺣﻜـ ــﻢ ﺍﻟﺠﻬـ ــﻞ ﻭﺍﻟﻨّﻔـ ــﻲ ﻭﺍﻟﻜﻔـ ــﺮ ﻻﻳﻤـ ــﺎﻥ .ﻭ ٕﺍ ّ ﻭﺍ ٕ
ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ّ
ـﻞ ﺫﻱ ﺑـﺼﺮ ،ﺃﻧّـﻪ ﻛﻤـﺎ ﻳﻨﻤﺤـﻲ ﻧـﻮﺭ ﺍﻟـﻨّﺠﻢ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺩ ﻟﺪﻯ ﻛ ّ
ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮﺓ ،ﻛـﺬﻟﻚ ﺗﻨﻤﺤـﻲ ﻭﺗﻈﻠـﻢ ﺷـﻤﺲ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ـﺸﻤﺲ ّ ﻋﻨﺪ ٕﺍﺷﺮﺍﻕ ﺍﻟ ّ
ﺎﻫﺮﻱ ﻋﻨﺪ ﻃﻠﻮﻉ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﺔ ﻭ ٕﺍﺷـﺮﺍﻕ ﻧﻴِّـﺮ ﺍﻟﻈ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ ّ ّ
ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ
ـﺸﻤﺲ ﻋﻠـ ــﻰ ﺃﻭﻟﺌـ ــﻚ ﺍﻟﻌﻠﻤـ ــﺎء ،ﻫـ ــﻮ ﻟﻤﻨﺎﺳـ ــﺒﺔ ﻭ ٕﺍﻃـ ــﻼﻕ ﻟﻔـ ــﻆ ﺍﻟـ ـ ّ
ﻋﻠ ـ ّﻮﻫﻢ ﻭﺷــﻬﺮﺗﻬﻢ ﻭﻣﻜــﺎﻧﺘﻬﻢ ،ﻻٔﻧﻬــﻢ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﻌــﺼﺮ ﺍﻟﻤﻌﺘــﺮﻑ ﺑﻬــﻢ،
ﺍﻟﻤــﺸﻬﻮﺭﻭﻥ ﻓــﻲ ﺍﻟــﺒﻼﺩ ،ﻭﺍﻟﻤــﺴﻠﻢ ﺑﻬــﻢ ﺑــﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ .ﻓــﺈﺫﺍ ﻣــﺎ ﺣﻜــﻮﺍ ـﺸﻤﻮﺱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴــﺔ ،ﻭ ٕﺍﻻ ـﺸﻤﺲ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ،ﻓــﺈﻧّﻬﻢ ﻳﺤــﺴﺒﻮﻥ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ ﻋــﻦ ﺍﻟـ ّ ﺳﺠﻴﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻓﻴﻌﺘﺒﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺷﻤﻮﺱ ّ ٣٤
ـﺴ َﺒ ٍ ﺃﻃﻠﻌ ــﺖ ﻋﻠ ــﻰ ﺎﻥ﴾) .(١ﻭﻻ ﺑ ـ ـﺪ ﺃﻧّ ــﻚ ﻗ ــﺪ ّ ﺤـ ْ ﴿ﺍﻟ ـ ﺲ َﻭﺍ ْﻟ َﻘ َﻤـ ـ ُﺮ ِﺑ ُ ـﺸ ْﻤ ُ
ـﻀﺎ ﻓ ـ ـﻲ ﺍﻻٓﻳـ ــﺔ ﻓـ ــﻼ ﺍﺣﺘﻴـ ــﺎﺝ ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤـ ــﺮ ﺍﻟﻤـ ــﺬﻛﻮﺭﻳﻦ ﺃﻳـ ـ ً ﻣﻌﻨـ ــﻰ ﺍﻟـ ـ ّ
ـﺸﻤﺲ ﻭﺫﺍ ﻙ ﻟـ ــﺬﻛﺮﻩ .ﻭﻛـ ــﺬﻟﻚ ﻛـ ـ ّ ـﻞ ﻣـ ــﻦ ﻛـ ــﺎﻥ ﻣـ ــﻦ ﻋﻨـ ــﺼﺮ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟـ ـ ّ
ﺍﻟﻘﻤــﺮ ،ﺃﻋﻨــﻲ ﺃﻧّــﻪ ﻣﻘﺒــﻞ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃــﻞ ،ﻭﻣﻌــﺮﺽ ﻋــﻦ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ،ﻓــﻼ ﺑـ ّـﺪ
ﻭﺃﻧّــﻪ ﻗــﺪ ﻇﻬــﺮ ﻣــﻦ ﺍﻟﺤــﺴﺒﺎﻥ ،ﻭ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﺤــﺴﺒﺎﻥ ﺭﺍﺟــﻊ .ﻓﻌﻠﻴﻨــﺎ ٕﺍﺫًﺍ ﺃﻳﻬــﺎ ـﻀﻼﻟﺔ ـﺴﻚ ﺑــﺎﻟﻌﺮﻭﺓ ﺍﻟــﻮﺛﻘﻰ ،ﻛــﻲ ﻧﺨــﺮﺝ ﻣــﻦ ﻟﻴــﻞ ﺍﻟـ ّ ـﺴﺎﺋﻞ ﺃﻥ ﻧﺘﻤـ ﺍﻟـ ّ
ﻻﺛﺒﺎﺕ ،ﻭﻧﺤ ِّﺮﺭ ﻇﻞ ﺍﻟﻨّﻔﻲ ،ﻟﻨﺪﺧﻞ ﻓﻲ ّ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ،ﻭﻧﻔ ﺮ ﻣﻦ ّ ﻇﻞ ﺍ ٕ ّ ـﺴﻼﻡ. ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ ،ﻟﻨﺘﻨ ّﻮﺭ ﺑﻨـﻮﺭ ﺟﻤـﺎﻝ ﺣـﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﻨّـﺎﻥ ﻭﺍﻟ ّ
ﻦ ﻓـﻲ ﺭﺿـﻮﺍﻥ ﺣﻜﻤـﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻌﻄﻴﻜﻢ ﻣـﻦ ﺃﺛﻤـﺎﺭ ﺷـﺠﺮﺓ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﻟﺘﻜـﻮ ُﻧ ّ
ﺍﻟﻤﺤﺒﺮﻳﻦ ﺍﻪﻠﻟ َﻟ ِﻤﻦ َ
ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤــﺮ ﻭﻓــﻲ ﻣﻘــﺎﻡ ﺁﺧــﺮ ﻳﻜــﻮﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ٕﺍﻃﻼﻗــﺎﺕ ﺍﻟـ ّ
ـﻞ ﺷـ ــﺮﻳﻌﺔ ،ﻣﺜـ ــﻞ ﻭﺍﻟﻨّﺠـ ــﻮﻡ ،ﻫـ ــﻮ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻮﻡ ﻭﺍﻻٔﺣﻜـ ــﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﺗﻔﻌـ ــﺔ ﻓـ ــﻲ ﻛـ ـ ّ ـﺼﻼﺓ ،ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺻ ــﺎﺭﺕ ﻓ ــﻲ ﺷ ــﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗ ــﺎﻥ ،ﺑﻌ ــﺪ ـﺼﻮﻡ ﻭﺍﻟ ـ ّ ﺃﺣﻜ ــﺎﻡ ﺍﻟ ـ ّ
ـﻞ ﺍﻻٔﺣﻜــﺎﻡ ،ﻛﻤــﺎ ﻏﻴﺒــﺔ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ـﺪﻱ ﺃﺣﻜــﻢ ﻭﺃﻋﻈــﻢ ﻣــﻦ ﻛـ ّ ّ ﺍﻟﻤﺤﻤـ ّ ـﺪﻝ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳــﺚ ﻭﺍﻻٔﺧﺒــﺎﺭ ﻋﻠــﻰ ﺫﻟــﻚ .ﻭﺑــﺎﻟﻨّﻈﺮ ﻟــﺸﻬﺮﺗﻬﺎ ﻓــﻼ ﺩﺍﻋــﻲ ﺗـ ّ
ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ ّ ﻟﺬﻛﺮﻫﺎ ،ﺑﻞ ﺃ ﻥ ﺣﻜﻢ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﻦ.
٣٥
ﻣﺤﻜﻤـ ــﺎ ﻭﻧﺎﻓـ ــﺬً ﺍ ﻛﻤـ ــﺎ ﻫـ ــﻮ ﺍﻟﻤـ ــﺄﺛﻮﺭ ﻋـ ــﻦ ﺍﻻٔﻧـ ــﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤـ ــﺸﺮﻗﺔ ﻣـ ــﻦ ﻛـ ــﺎﻥ ً
ـﺼﻼﺓ ﻗ ــﺪ ﻧ ــﺰﻝ ﻋﻠ ــﻰ ﺟﻤﻴ ــﻊ ـﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّ ــﺔ ،ﻣ ــﻦ ﺃ ﻥ ﺣﻜ ــﻢ ﺍﻟ ـ ّ ّ ﺍﻟ ـ ّ
ـﻞ ﻭﻗـﺖ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ .ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﻧّﻪ ﻗﺪ ﺃﺧﺘﺺ ﻓﻲ ﻛ ّ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ﻓﻲ ّ ّ
ـﻞ ﻇﻬــﻮﺭ ﺍﻟﺰﻣــﺎﻥ ﺑﺮﺳــﻮﻡ ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺟﺪﻳــﺪﺓ .ﻭﺣﻴــﺚ ﺃﻧّــﻪ ﻓــﻲ ﻛـ ّ ﺑﺎﻗﺘــﻀﺎء ّ
ﻻﺣ ـ ــﻖ ،ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﺗﻨ ـ ــﺴﺦ ﺍﻟﻌـ ـ ـﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻻٓﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠ ـ ــﻮﻡ ،ﺍﻟّﺘ ـ ــﻲ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ
ـﺴﺎﺑﻖ ،ﻟﻬــﺬﺍ ﻣﺮﺗﻔﻌـ ًﺔ ﻭﻣﺤﻜﻤـ ًﺔ ﻭﻣــﺸﺮﻗ ًﺔ ﻭﻭﺍﺿــﺤ ًﺔ ﻭﺛﺎﺑﺘـ ًﺔ ﻓــﻲ ّ ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﺍﻟـ ّ ﻦ ﻗ ــﺪ ﺫﻛ ــﺮﺕ ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤ ــﺮ ﴿ ِﻟ َﻴ ْﺒ ُﻠـ ـ َﻮ ُﻛ ْﻢ ﺍﻳُ ً ﺗﻠﻮﻳﺤ ــﺎ ﺑﺎﺳ ــﻢ ﺍﻟ ـ ّ ـﺴ ُ ﻜ ـ ْـﻢ ﺍ ْ ﺣ ـ َ
ﻼ﴾) (١ َﻋ َﻤ ً
ﺍﻟﺼﻮﻡ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ّ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ٕﺍﻃﻼﻕ ّ
ـﺼﻼﺓ ﻧـﻮﺭ" ﻭﻟﻜـﻦ ﺑﻴﻨﻤـﺎ ﻛﻨـﺖ ـﺼﻮﻡ ﺿـﻴﺎء ﻭﺍﻟ ّ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻛﻤﺎ ﻳﻘـﻮﻝ "ﺍﻟ ّ ّ
ـﻞ ،ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻨ ـ ـ ــﺎ ﺷ ـ ـ ــﺨﺺ ﻣ ـ ـ ــﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤ ـ ـ ــﺎء ـﺴﺎ ﺫﺍﺕ ﻳ ـ ـ ــﻮﻡ ﻓ ـ ـ ــﻲ ﻣﺤ ـ ـ ـ ّ ﺟﺎﻟ ـ ـ ـ ً ﺍﻟﻤﻌ ــﺮﻭﻓﻴﻦ ،ﻭﺫﻛ ــﺮ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﺤ ــﺪﻳﺚ ﺑﻤﻨﺎﺳ ـ ٍ ـﺼﻮﻡ ﻟﻤ ــﺎ ﻛ ــﺎﻥ ﺍﻟ ـ ّ ـﺒﺔ ،ﻭﻗ ــﺎﻝ ّ
ـﻀﻴﺎء ﺍﻟّـ ــﺬﻱ ﻫ ـ ــﻮ ﻳﺤ ـ ــﺪﺙ ﺣ ـ ــﺮﺍﺭﺓ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟﻤ ـ ــﺰﺍﺝ ،ﻟﻬ ـ ــﺬﺍ ُﻋﺒِّـ ــﺮ ﻋﻨ ـ ــﻪ ﺑﺎﻟـ ـ ّ
ـﺼﻼﺓ ﻓــﻲ ﺍﻟﻠﻴــﻞ ﺗﺘﻄﻠــﺐ ﺍﻟﺒــﺮﻭﺩﺓ ،ﻟﻬــﺬﺍ ُﻋﺒِّــﺮ ﻭﻟﻤــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﺍﻟـ ّ ـﺸﻤﺲّ ، ﺍﻟـ ّ
ﻋﻨﻬــﺎ ﺑــﺎﻟﻨّﻮﺭ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻫــﻮ ﺍﻟﻘﻤــﺮ .ﻓﻼﺣﻈــﺖ ﺃ ﻥ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﻔﻘﻴــﺮ ﻟــﻢ ﻳﻮ ّﻓــﻖ
ٕﺍﻟﻰ ﻗﻄﺮﺓ ﻣﻦ ﺑﺤﺮ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻠﻚ.
٣٦
ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ،ﻭﻟﻢ ﻳﻔﺰ ﺑﺠﺬﻭﺓ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﺳﺪﺭﺓ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّﺔ .ﻭﺑﻌـﺪ ﺑﺮﻫـﺔ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﺍﻻٔﺩﺏٕ ،ﺍ ﻥ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ َﺗﻪ ﺟﻨﺎ ُﺑﻚ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤـﺪﻳﺚ ﻫـﻮ
ﺍﻟﻤﺘــﺪﺍﻭﻝ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﻟــﺴﻦ ،ﻭﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭ ﻓــﻲ ﺃﻓــﻮﺍﻩ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ .ﻭﻟﻜــﻦ ﺭﺑّﻤــﺎ
ـﻀﺎ ﻣﻌﻨ ــﻰ ﺁﺧ ــﺮ ،ﻓﻄﻠ ــﺐ ﻣﻨّ ــﺎ ﺑﻴ ــﺎﻥ ﺫﻟ ــﻚ. ﻳ ــﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﺤ ــﺪﻳﺚ ﺃﻳ ـ ً ﻓ ــﺬﻛﺮﻧﺎ ﻟ ــﻪ ﺑ ــﺄ ّﻥ ﺧ ــﺎﺗﻢ ﺍﻻٔﻧﺒﻴ ــﺎء ،ﻭﺳ ـ ـﻴِّﺪ ﺍﻻٔﺻ ــﻔﻴﺎء ،ﻗ ــﺪ ﺷ ـ ـﺒّﻪ ﺍﻟ ـ ّـﺪﻳﻦ
ـﺴﻤﺎء ،ﺑ ــﺴﺒﺐ ﻋﻠ ـ ـ ﻮﻩ ،ﻭﺭﻓﻌﺘ ــﻪ ،ﻭﻋﻈﻤﺘـ ــﻪ، ﺍﻟﻤﺮﺗﻔ ــﻊ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻔﺮﻗـ ــﺎﻥ ﺑﺎﻟ ـ ّ
ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮﺓ ﻳﻮﺟـﺪ ـﺴﻤﺎء ّ ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓـﻲ ﺍﻟ ّ ﻭ ٕﺍﺣﺎﻃﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻻٔﺩﻳﺎﻥّ . ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤــﺮ، ـﺴﻤﻴﺎﻥ ﺑﺎﻟـ ّ ﺭﻛﻨــﺎﻥ ﺃﻋﻈﻤــﺎﻥ ﺃﻗﻮﻣــﺎﻥ ،ﻫﻤــﺎ ﺍﻟﻨّﻴــﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤـ ّ ـﺼﻮﻡ. ﻛ ــﺬﻟﻚ ﻗ ـ ّـﺪﺭ ﻓ ــﻲ ﺳ ــﻤﺎء ﺍﻟ ـ ّـﺪﻳﻦ ﺃﻳ ـ ً ـﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟ ـ ّ ـﻀﺎ ﻧﻴِّ ــﺮﺍﻥ ﻫﻤ ــﺎ ﺍﻟ ـ ّ
ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻗﻤﺮﻫﺎ ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ ﺷﻤﺴﻬﺎ ﻻﺳﻼﻡ ﺳﻤﺎء ﺍ ٕ ّ ّ
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻـ ـ ــﺔ ﺃ ﻥ ﻫـ ـ ــﺬﺍ ﻫـ ـ ــﻮ ﺍﻟﻤﻘـ ـ ــﺼﻮﺩ ﻣـ ـ ــﻦ ﺗﻠﻮﻳﺤـ ـ ــﺎﺕ ﻛﻠﻤـ ـ ــﺎﺕ
ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔٕ .ﺍﺫًﺍ ﻗ ــﺪ ﺛﺒ ــﺖ ﻭﺗﺤ ّﻘ ــﻖ ﺑﺎﻻٓﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟ ــﺔ ﻭﺍﻻٔﺧﺒ ــﺎﺭ ﺍﻟﻤﻈ ــﺎﻫﺮ ﺍ ٕ ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤ ــﺮ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗ ــﺐ ،ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻟ ــﻮﺍﺭﺩﺓٕ ،ﺍﻃ ــﻼﻕ ﻟﻔ ــﻆ ﺍﻟ ـ ّ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤ ــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓ ــﻲ ﺍﻻٓﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟ ــﺔ ﻭﺍﻻٔﺧﺒ ــﺎﺭ ﺍﻟ ــﻮﺍﺭﺩﺓ.
ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤ ـ ــﺮ ،ﻭﺳ ـ ــﻘﻮﻁ ﻭﻫ ـ ــﺬﺍ ﻫ ـ ــﻮ ﺍﻟﻤﻘ ـ ــﺼﻮﺩ ﻣ ـ ــﻦ ﺫﻛ ـ ــﺮ ﻇﻠﻤ ـ ــﺔ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻨّﺠ ـ ـ ــﻮﻡ ،ﺃﻱ ﺿ ـ ـ ــﻼﻟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤ ـ ـ ــﺎء ،ﻭﻧ ـ ـ ــﺴﺦ ﺍﻻٔﺣﻜ ـ ـ ــﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﺗﻔﻌ ـ ـ ــﺔ ﻓ ـ ـ ــﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ،ﺍﻟّﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﻈﻬﺮ ﺫﻟﻚ ّ
٣٧
ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﻳﺨﺒــﺮ ﻋﻨﻬــﺎ ﺑﻬــﺬﻩ ﺍﻟﺘّﻠﻮﻳﺤــﺎﺕ .ﻭﻟــﻢ ﻳﻜــﻦ ﻟﻐﻴــﺮ ﺍﻻٔﺑــﺮﺍﺭ ﻧــﺼﻴﺐ ّ
ﻮﻥ ﻣِ ــﻦ ـﺸ َﺮ ُﺑ َ ﻣ ــﻦ ﻛﺄﺳ ــﻬﺎ ،ﻭﻻ ﻟﻐﻴ ــﺮ ﺍﻻٔﺧﻴ ــﺎﺭ ﻗ ــﺴﻤﺔ ﻓﻴﻬ ــﺎ ﴿ ﺍ ﻥ ﺍﻻْ ﺑ ـ َﺮﺍ َﺭ َﻳ ـ ْ ﺍﺟ َﻬﺎ َﻛﺎ ُﻓﻮ ًﺭﺍ﴾) (١ ﺱ َﻛ َ َﻛﺎٍ ﺎﻥ ﻣِ َﺰ ُ
ـﻞ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﺗ ـ ٍ ـﺎﻝ ،ﺗﻈﻠ ــﻢ ﺷ ــﻤﺲ ﺍﻟﻌﻠ ــﻮﻡ ﻭﻣ ــﻦ ﺍﻟﻤ ــﺴﻠّﻢ ﺃﻧّ ــﻪ ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ
ﺍﻟﻈﻬ ـ ــﻮﺭ ﻭﺍﻻٔﺣﻜ ـ ــﺎﻡ ﻭﺍﻻٔﻭﺍﻣ ـ ــﺮ ﻭﺍﻟﻨّـ ــﻮﺍﻫﻲ ،ﺍﻟّﺘ ـ ــﻲ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﻣﺮﺗﻔﻌ ـ ــﺔ ﻓ ـ ــﻲ ّ
ـﺴﺎﺑﻖ ،ﻭﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺃﻇﻠّ ــﺖ ﺃﻫ ــﻞ ﺫﻟ ــﻚ ﺍﻟﻌ ــﺼﺮ ،ﻭﺍﺳ ــﺘﻨﺎﺭﻭﺍ ﻣ ــﻦ ﺷ ــﻤﺲ ﺍﻟ ـ ّ
ﻣﻌﺎﺭﻓﻬ ــﺎ ،ﻭ ﺍﻫﺘ ــﺪﻭﺍ ﺑﻘﻤ ــﺮ ﺃﻭﺍﻣﺮﻫ ــﺎ .ﺃﻱ ﺃﻧّ ــﻪ ﻳﻨﺘﻬ ــﻲ ﺣﻜﻤﻬ ــﺎ ﻭﻳﻨﻌ ــﺪﻡ ﻻﻧﺠﻴﻞ ﻗﺪ ﻋﺮﻓـﺖ ﺍﻟﻤﻘـﺼﻮﺩ ﻣـﻦ ﺃﺛﺮﻫﺎ .ﻓﺘﺄ ّﻣﻠﻮﺍ ﺍﻻٓﻥ :ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍ ﻣﺔ ﺍ ٕ
ﻻﻟﻬــﻲ ﺑــﺪﻭﻥ ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤــﺮ ،ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻔــﺴﺮﺕ ﻋﻨﻬــﺎ ﻣــﻦ ﻣﻈﻬــﺮ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﺍ ﺍﻟـ ّ ٕ ّ ﺍﻋﺘــﺮﺍﺽ ﻭﻟﺠــﺎﺝ ،ﻟﻜﺎﻧــﺖ ﻗــﺪ ﻭﺿــﺤﺖ ﻟﻬــﺎ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬــﺎ ،ﻭﻟﻤــﺎ ﺍﺑ ُﺘﻠﻴــﺖ ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺄﺧﺬ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨّﻮﻉ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﻪ ﺍﻟﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬﻮﻯ .ﻧﻌﻢ ،ﺃﻧّﻬﺎ ّ
ﻣـ ــﻦ ﻣﺒﺪﺋـ ــﻪ ،ﻭﻻ ﻣـ ــﻦ ﻣﻌﺪﻧـ ــﻪ ،ﻟﻬـ ــﺬﺍ ﻗـ ــﺪ ﺍﻧﺘﻬـ ــﺖ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺍﻟﻬـ ــﻼ ﻙ ﻓـ ــﻲ ﻭﺍﻟﻀﻼﻟﺔ .ﻭ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮﻭﺍ ﺑـﺄ ّﻥ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﻤﻬﻠﻚ ،ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻜﻔﺮ ّ
ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻗﺪ ﻇﻬﺮﺕ ،ﻭﺷﻤﺲ ﺍﻟﻤﻮﻋـﻮﺩ ﻗـﺪ ﺃﺷـﺮﻗﺖ ﻣـﻦ ﺃﻓـﻖ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ .ﻭﺷﻤﺲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻗﺪ ﻛ ِّﻮﺭﺕ ﻭﺃﻇﻠﻤﺖ ،ﻭﻗﻤﺮ ﺍﻻٔﺣﻜﺎﻡ ّ
ﺍﻟﺪﻫﺮ( ﻻﻧﺴﺎﻥ ) ّ ) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍ ٕ
٣٨
ـﺴﺎﺑﻘﺔ ﻗـ ــﺪ ﺧـ ــﺴﻒ ﻭﻏـ ــﺮﺏ .ﻭﺍﻻٓﻥ ﺿـ ــﻊ ﺍﻟﻘـ ــﺪﻡ ﻋﻠـ ــﻰ ﻭﺍﻟﻤﻌـ ــﺎﺭﻑ ﺍﻟـ ـ ّ
ﺣﻖ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ،ﺑﻌﻴﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ،ﻭﺟﻨـﺎﺣﻲ ﻋـﻴﻦ ﺍﻟﻴﻘـﻴﻦ ﴿ ُﻗ ِـﻞ ﺻﺮﺍﻁ ّ ّ ـﻢ َﺫ ْﺭ ُﻫ ـ ـ ـ ْـﻢ ﻓِ ـ ـ ــﻲ َﺧ ْﻮ ِ ـﻮﻥ﴾) (١ﺣﺘّ ـ ـ ــﻰ ُﺗﺤ ـ ـ ــﺴﺐ ﻣ ـ ـ ــﻦ ﺿ ـ ـ ـ ِـﻬ ْﻢ َﻳ ْﻠ َﻌ ُﺒ ـ ـ ـ َ ﺍﻪﻠﻟُ ُﺛ ـ ـ ـ ﺍﺳـ َﺘ َﻘﺎ ُﻣﻮﺍ ﻳﻦ َﻗﺎ ُﻟﻮﺍ َﺭﺑَ ﻨﺎ ﺍﻪﻠﻟُ ُﺛ ﻢ ْ ﺍﻻٔﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻧﺰﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﴿ ،ﺍ ﻥ ﺍﻟِ ﺬ َ
ﻜ ـ ـ ـ ـ ُﺔ﴾) ،(٢ﻭﺗـ ـ ـ ــﺸﻬﺪ ﺑﺒـ ـ ـ ــﺼﺮ ﻙ ﺟﻤﻴـ ـ ـ ــﻊ ﻫـ ـ ـ ــﺬﻩ َﺗ َﺘ َﻨـ ـ ـ ـ ـﺰ ُﻝ َﻋ َﻠ ـ ـ ـ ـ ْﻴ ِﻬ ُﻢ ﺍﻟ َْﻤﻼَ ِٔ
ﺍﻻٔﺳﺮﺍﺭ
ﺃﻱ ﺃﺧــﻲ :ﺳــﺮ ﺑﻘــﺪﻡ ﺍﻟــﺮﻭﺡ ،ﺣﺘّــﻰ ﺗﻄــﻮﻯ ﻓــﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣــﺪ َﺑ ـ َﻮﺍﺩِ ﻱ
ﺍﻟﺒﻌــﺪ ﻭﺍﻟﻬﺠــﺮ ﺍﻟﻨّﺎﺋﻴــﺔ ،ﻭﺗــﺪﺧﻞ ﻓـﻲ ﺭﺿــﻮﺍﻥ ﺍﻟﻘــﺮﺏ ﻭﺍﻟﻮﺻــﺎﻝ ،ﻭﺗﻔــﻮﺯ
ﺃﺑﺪﺍ ﺑﻘﺪﻡ ﻻﻟﻬﻴّﺔٔ ، ﺲ ﺑﺎ ٔ ﻻ ّﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺣﻞ ﻻ ﺗﻄﻮﻯ ً ﻻﻧﻔﺲ ﺍ ٕ ﻓﻲ َﻧ َﻔ ٍ
ـﺴﻼﻡ ﻋﻠ ــﻰ ﻣ ــﻦ ﺃﺗّﺒ ــﻊ ﺍﻟﺠ ــﺴﺪ ،ﻭﻻ ﻳﻮﺻ ــﻞ ﺑﻬ ــﺎ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ .ﻭﺍﻟ ـ ّ
ﺑﺎﻟﺤﻖ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺻـﺮﺍﻁ ﺍﻻٔﻣـﺮ ،ﻓـﻲ ﺷـﺎﻃﺊ ﺍﻟﻌﺮﻓـﺎﻥ ،ﺑﺎﺳـﻢ ﺍﻟﺤﻖ ّ ّ
ﺍﻪﻠﻟ ﻣﻮﻗﻮ ًﻓﺎ
ـﺸﺎ ِﺭ ِﻕ ﻫـ ــﺬﺍ ﻫـ ــﻮ ﻣﻌﻨـ ــﻰ ﺍﻻٓﻳـ ــﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛـ ــﺔ ﴿ َﻓـ ــﻼ ﺍْ ﻗـ ـ ِـﺴ ُﻢ ِﺑ ـ ـ َﺮ ِّ ﺏ ﺍﻟ َْﻤـ ـ َ
ﺍﻟﺸﻤﻮﺱ َﻭﺍﻟ َْﻤ َﻐﺎ ِﺭ ِﺏ﴾) ،(٣ﻭﺫﻟﻚ ﻻٔ ّﻥ ّ ﻟﻜﻞ ﺷﻤﺲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻌﺎﻡ.
ﻓﺼﻠﺖ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ّ
) (٣ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺝ.
٣٩
ـﻞ ﻏـﺮﻭﺏ .ﻭﺣﻴـﺚ ﺃ ّﻥ ﻋﻠﻤـﺎء ﺍﻟﺘّﻔـﺴﻴﺮ ﻣـﺎ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻣﺤﻞ ﺷـﺮﻭﻕ ﻭﻣﺤ ّ ّ
ـﺸﻤﻮﺱ ﺍﻟﻤ ــﺬﻛﻮﺭﺓ ،ﻟﻬ ــﺬﺍ ﺗﺤﻴّ ــﺮﻭﺍ ﻓ ــﻲ ّ ﺍﻃﻠﻌ ــﻮﺍ ﻋﻠ ــﻰ ﺣﻘﻴﻘ ــﺔ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ّ
ﻟﻤـ ــﺎ ﻛﺎﻧ ـ ـﺖ ﺗﻔـ ــﺴﻴﺮ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳـ ــﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛـ ــﺔ .ﻓـ ــﺎﻟﺒﻌﺾ ﺫﻛـ ــﺮ ﻓﻴﻬـ ــﺎ "ﺃﻧّـ ــﻪ ّ
ـﻞ ﻳــﻮﻡ ﺗﻄﻠــﻊ ﻣــﻦ ﻧﻘﻄــﺔ ﻏﻴــﺮ ﺍﻟﻨّﻘﻄــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻃﻠﻌــﺖ ﻣﻨﻬــﺎ ـﺸﻤﺲ ﻓــﻲ ﻛـ ّ ﺍﻟـ ّ ﻓ ــﻲ ﻳ ــﻮﻡ ﺃﻣ ــﺲ ،ﻓﻘ ــﺪ ﺫﻛ ــﺮﺕ ﺑﻠﻔ ــﻆ ﺍﻟﺠﻤ ــﻊ" ،ﻭﺍﻟ ــﺒﻌﺾ ﺫﻛ ــﺮﻭﺍ ﺑ ــﺄ ّﻥ
ـﻞ ﻓـﺼﻞ ﻣﻨﻬـﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣـﻦ ﺫﻟـﻚ ﻫـﻮ ﺍﻟﻔـﺼﻮﻝ ﺍﻻٔﺭﺑﻌـﺔ ،ﺍﻟّﺘـﻲ ﻓـﻲ ﻛ ّ ـﻞ ﺁﺧــﺮ ،ﻟﻬــﺬﺍ ﻗــﺪ ﺫﻛــﺮﺕ ـﻞ ،ﻭﺗﻐــﺮﺏ ﻓــﻲ ﻣﺤـ ّ ـﺸﻤﺲ ﻣــﻦ ﻣﺤـ ّ ﺗﻄﻠــﻊ ﺍﻟـ ّ
ﺑﻠﻔــﻆ ﺍﻟﻤــﺸﺎﺭﻕ ﻭﺍﻟﻤﻐــﺎﺭﺏ ،ﻫــﺬﻩ ﻣﺮﺍﺗــﺐ ﻋﻠــﻢ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ .ﻭﻣــﻊ ﺫﻟ ــﻚ
ﻓﻜ ــﻢ ﻳﻨ ــﺴﺒﻮﻥ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﺠﻬ ــﻞ ﻭﺍﻟﻌﻴ ــﻮﺏ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻫ ــﻢ ﺟ ــﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ
ﻭﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ
ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎْ ﺩ ِﺭ ﻙ ﻭﺍ ْﻋ ِﺮﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧـﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺿـﺤﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤـﺔ
ﺍﻟﻤﺘﻘﻨ ـ ــﺔ ﻏﻴ ـ ــﺮ ﺍﻟﻤﺘ ـ ــﺸﺎﺑﻬﺔ ،ﻣﻌﻨ ـ ــﻰ ﺍﻧﻔﻄ ـ ــﺎﺭ ﺍﻟ ـ ــﺴﻤﺎء ،ﺍﻟّ ـ ــﺬﻱ ﻫ ـ ــﻮ ﻣ ـ ــﻦ
ﺎء ـﺴﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻣ ـ ـ ــﺔ .ﻭﻟﻬ ـ ـ ــﺬﺍ ﻗ ـ ـ ــﺎﻝ ﺗﻌ ـ ـ ــﺎﻟﻰ ﴿ :ﺍ َﺫﺍ ﺍﻟ ـ ـ ـ ﻋﻼﻣ ـ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟ ـ ـ ـ ّ ـﺴ َﻤ ُ )(١ ـﻞ ﺕ﴾ ٕ ،ﺍﺫ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻫﻨﺎ ﺳﻤﺎء ﺍﻻٔﺩﻳﺎﻥ ،ﺍﻟّﺘﻲ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻓـﻲ ﻛ ّ ﺍﻧ َﻔ َﻄ َﺮ ْ
ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻳ ــﺄﺗﻲ ﺑﻌ ــﺪﻩ ،ﺃﻱ ﺃﻧّﻬ ــﺎ ـﺸﻖ ﻭﺗﻨﻔﻄ ــﺮ ﻓ ــﻲ ّ ـﻢ ﺗﻨ ـ ّ ﻇﻬ ــﻮﺭ ،ﺛ ـ ﻗﺴﻤﺎ ﺑﺎﻪﻠﻟ ﻟﻮ ﺗﻼﺣﻆ ﺗﺼﻴﺮ ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻭﻣﻨﺴﻮﺧﺔ. ً
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻﻧﻔﻄﺎﺭ.
٤٠
ﺗﻔﻄـ ــﺮ ـﺴﻤﺎء ﺃﻋﻈـ ــﻢ ﻣـ ــﻦ ّ ﻣﻼﺣﻈ ـ ـ ًﺔ ﺻـ ــﺤﻴﺤﺔ ﻟﺘـ ــﺮﻯ ﺃ ّﻥ ّ ﺗﻔﻄـ ــﺮ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟـ ـ ّ
ﻼ ،ﻛﻴــﻒ ﺃ ّﻥ ﺍﻟـ ّـﺪﻳﻦ ﺍﻟّــﺬﻱ ﺍﺭﺗﻔــﻊ ﺳــﻨﻴ ًﻨﺎ، ـﺴﻤﺎء ّ ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ .ﺗﺄ ّﻣــﻞ ﻗﻠــﻴ ً ﺍﻟـ ّ
ﻭﻧ ــﺸﺄ ﻭﻧﻤ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﻇﻠِّ ــﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴ ــﻊ ،ﻭﺗﺮﺑّ ــﻮﺍ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣ ــﻪ ﺍﻟﻤ ــﺸﺮﻗﺔ ﻓ ــﻲ ﺗﻠ ــﻚ
ﻻ ﺫﻛــﺮﻩ ،ﺑﺪﺭﺟــﺔ ﻟــﻢ ﺍﻻٔﺯﻣﻨــﺔ ،ﻭﻟــﻢ ﻳــﺴﻤﻌﻮﺍ ﻣــﻦ ﺁﺑــﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﺟــﺪﺍﺩﻫﻢ ٕﺍ ّ
ﺗﺪﺭ ﻙ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺃﻣـ ًﺮﺍ ﻏﻴـﺮ ﻧﻔـﻮﺫ ﺃﻣـﺮﻩ ،ﻭﻟـﻢ ﺗـﺴﻤﻊ ﺍﻻٓﺫﺍﻥ ٕﺍﻻ ﺃﺣﻜﺎﻣـﻪ،
ـﺲ ﺗﻔـ ِّﺮﻕ ﻭﺗﻤـ ِّﺰﻕ ﻛـ ّﻞ ﻫــﺬﺍ ﺑﻘـ ﻮﺓ ﻭﻗــﺪﺭﺓ ٕﺍﻟﻬﻴّــﺔ، ـﻢ ﺗﻈﻬــﺮ ﺑﻌــﺪ ﺫﻟــﻚ ﻧﻔـ ٌ ﺛـ
ﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﻨﻔﻴـﻪ ﻛﻠّـﻪ ﻭﺗﻨـﺴﺨﻪ .ﻓ ِّ ﻜـﺮ ﺑﺮﺑِّـﻚ ﺃﻳﻬﻤـﺎ ﺃﻋﻈـﻢ؟ ﺃﻫـﺬﺍ ﺃﻡ ﺫﺍ ﻙ
ﻜـﺮ ﺍﻟّﺬﻱ ﺗﺼ ِّﻮﺭﻩ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻬﻤـﺞ ﺍﻟ ّﺮﻋـﺎﻉ ﻣـﻦ ـﻀﺎ ﺗﻔ ـﺴﻤﺎء؟ ﻭﺃﻳ ً ﺗﻔﻄـﺮ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻄﻠﻌــﺎﺕ ،ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﺃﻗــﺎﻣﻮﺍ ﺣــﺪﻭﺩ ﺍﻪﻠﻟ ﻓــﻲ ﻣــﺼﺎﻋﺐ ﻭﻣــﺸ ّﻘﺎﺕ ﺃﻭﻟﺌــﻚ ّ ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮ ،ﻭﻣــﻊ ﻻﺭﺽ ﻣــﻦ ﻏﻴــﺮ ﻧﺎﺻـﺮ ﻭﻻ ﻣﻌـﻴﻦ ﻓــﻲ ّ ﺃﻣـﺎﻡ ﺟﻤﻴــﻊ ﺃﻫــﻞ ﺍ ٔ
ـﻞ ﻣ ــﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠ ــﻰ ﺃﻭﻟﺌ ــﻚ ﺍﻟﻮﺟ ــﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛ ــﺔ ﺍﻟﻠّﻄﻴﻔ ــﺔ ﺍﻟ ّﺮﻗﻴﻘ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﻛ ـ ّ ﻭﺗﺤﻤﻠﻮﺍ ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﺃﺫﻯ ،ﻓﺈﻧّﻬﻢ ﺻﺒﺮﻭﺍ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ، ّ
ﻛـ ــﺬﻟﻚ ﺍﻋ ـ ـ َﺮﻑ ﻣﻌﻨـ ــﻰ ﺗﺒـ ــﺪﻳﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ،ﺍﻟّـ ــﺬﻱ ﻫـ ــﻮ ﻋﺒـ ــﺎﺭﺓ ﻋـ ــﻦ
ﺗﺒﺪﻳﻞ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻘﻠـﻮﺏ ،ﺑﻤـﺎ ﻧـﺰﻝ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﻣـﻦ ﺃﻣﻄـﺎﺭ ﺍﻟﻤﻜﺮﻣـﺔ ﺍﻟﻬﺎﻃﻠـﺔ
ـﺴﻤﺎءٕ ،ﺍﺫ ﺗﺒ ـ ـﺪﻟﺖ ﺃﺭﺍﺿ ــﻴﻬﺎ ﺑ ــﺄﺭﺽ ﻣ ــﻦ ﻏﻤ ــﺎﻡ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤـ ـﺔ ﻣ ــﻦ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻟ ـ ّ
ﺍﻟﻤﻌﺮﻓـ ــﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤـ ــﺔ .ﻓﻜـ ــﻢ ﻧﺒـ ــﺖ ﻓـ ــﻲ ﺭﻳـ ــﺎﺽ ﻗﻠـ ــﻮﺑﻬﻢ ﻣـ ــﻦ ﺭﻳـ ــﺎﺣﻴﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ،ﻭﻛﻢ ﺗﻔﺘﺢ ﻓﻲ ﺻﺪﻭﺭﻫﻢ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺷﻘﺎﺋﻖ
٤١
ﺣﻘــﺎﺋﻖ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤــﺔ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻟــﻢ ﺗﻜــﻦ ﺃﺭﺍﺿــﻲ ﻗﻠــﻮﺑﻬﻢ ﻗــﺪ ﺗﺒـ ـﺪﻟﺖ، ﻓﻜﻴــﻒ ﻳﻘــﺪﺭ ﺭﺟــﺎﻝ ﻣــﺎ ﺗﻌﻠﻤــﻮﺍ ﺣﺮ ًﻓــﺎ ،ﻭﻣــﺎ ﺭﺃﻭﺍ ﻣﻌﻠِّ ًﻤــﺎ ،ﻭﻣــﺎ ﺩﺧﻠــﻮﺍ ﺃﻳــﺔ
ٍ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻛﻬﺎ، ﻣﺪﺭﺳﺔ ،ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠّﻤﻮﺍ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭﻣﻌﺎﺭﻑ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ٌ
ﺮﻣﺪﻱ ،ﻭ ُﻋﺠﻨــﻮﺍ ﻣــﻦ ﻣــﺎء ـﺴ ﺑــﻞ ﻛــﺄﻧّﻬﻢ ﻗــﺪ ﺧﻠﻘــﻮﺍ ﻣــﻦ ﺗــﺮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﺍﻟـ ّ ّ
ﺍﻟﺤﻜﻤ ــﺔ ﺍﻟﻠّﺪﻧّﻴّ ــﺔ .ﻭﻟﻬ ــﺬﺍ ﻗﻴ ــﻞ "ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﻧ ــﻮﺭ ﻳﻘﺬﻓ ــﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﻓ ــﻲ ﻗﻠ ــﺐ ﻣ ــﻦ
ـﺪﻭﺣﺎ ،ﻻ ﻳـﺸﺎء" .ﻭﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻨّــﻮﻉ ﻣـﻦ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻫـﻮ ﺍﻟّـﺬﻱ ﻛــﺎﻥ ﻭﻻ ﻳـﺰﺍﻝ ﻣﻤـ ً
ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺍﻟﻤﺤــﺪﻭﺩﺓ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛــﺔ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻓﻜــﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺠﻮﺑــﺔ ﺍﻟﻜــﺪﺭﺓ ،ﺍﻟّﺘــﻲ ﺗﺎﺭﺓ ﻳﺴﺮﻗﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،ﻭﻳﻔﺘﺨﺮﻭﻥ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻴﺮ
ﻓﻴ ـ ــﺎ ﻟﻴ ـ ــﺖ ﺻ ـ ــﺪﻭﺭ ﺍﻟﻌﺒ ـ ــﺎﺩ ﺗﺘﻘ ـ ـ ـﺪﺱ ﻭﺗﺘﻄ ﻬ ـ ــﺮ ﻣ ـ ــﻦ ﻧﻘ ـ ــﻮﺵ ﻫ ـ ــﺬﻩ
ـﻞ ﺗﻔــﻮﺯ ﺑﺘﺠﻠّــﻲ ﺃﻧــﻮﺍﺭ ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﺘّﺤﺪﻳــﺪﺍﺕ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻈﻠﻤــﺔ ،ﻟﻌـ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌــﺎﻧﻲ ،ﻭﺟــﻮﺍﻫﺮ ﺃﺳــﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤــﺔ ﺍﻟﻠّﺪﻧّﻴّــﺔ .ﻓــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ،ﻟــﻮ
ﻟـ ــﻢ ﺗﺘﺒـ ـ ّـﺪﻝ ﺍﻻٔﺭﺍﺿـ ــﻲ ﺍﻟﺠـ ــﺮﺯﺓ ﻟﻬـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟـ ــﻮﺩﺍﺕ ،ﻛﻴـ ــﻒ ﻳﻤﻜـ ــﻦ ﺃﻥ
ﻼ ﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﺃﺳ ــﺮﺍﺭ ﺍﻻٔﺣﺪﻳــﺔ .ﻭﺑ ــﺮﻭﺯ ﺟ ــﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻬﻮﻳــﺔ .ﻭﻟﻬ ــﺬﺍ ﺗ ــﺼﺒﺢ ﻣﺤ ـ
ﺽ﴾) .(١ﻛــﺬﻟﻚ ﺑﻔــﻀﻞ ﺽ َﻏ ْﻴ ـ َﺮ ﺍﻻْ ﺭ ِ ﻗــﺎﻝ ﺗﻌــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻳ ـ ْﻮ َﻡ ُﺗ َﺒـ ـﺪ ُﻝ ﺍﻻْ ﺭ ُ
ﻧﺴﻤﺎﺕ ﺟﻮﺩ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ،
) (١ﺳﻮﺭﺓ ٕﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ.
٤٢
ﺍﻟﻈﻬ ـ ــﻮﺭ ﺍﻟﻈ ـ ــﺎﻫﺮﺓ ﻗ ـ ــﺪ ﺗﺒ ـ ـ ـﺪﻟﺖ ،ﻟ ـ ــﻮ ﺃﻧ ـ ــﺘﻢ ﻓ ـ ــﻲ ﺃﺳ ـ ــﺮﺍﺭ ّ ﺣﺘّ ـ ــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ّ ﻜﺮﻭﻥ ﺗﺘﻔ
ﺽ َﺟ ِﻤﻴ ًﻌـﺎ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺄﺩﺭ ﻙ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﺗﻘـﻮﻝ ﴿ َﻭﺍﻻْ ﺭ ُ
ﺤﺎ َﻧ ُﻪ َﻭ َﺗ َﻌﺎ َﻟﻰ َﻋ ﻤـﺎ ﺍﺕ َﻣ ْﻄ ِﻮﻳٌ ﻀ ُﺘ ُﻪ َﻳ ْﻮ َﻡ ﺍ ْﻟﻘِ َﻴﺎ َﻣﺔِ َﻭ ﺍﻟﺴﻤﺎ َﻭ ُ َﻗ ْﺒ َ ﺎﺕ ِﺑ َﻴ ِﻤﻴﻨِﻪِ ُﺳ ْﺒ َ
)(١ ﻼ ،ﻻٔﻧّــﻪ ﻟــﻮ ﻛـﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻻﻧــﺼﺎﻑ ﻗﻠــﻴ ً ـﺸ ِﺮ ُﻛ َ ﻮﻥ﴾ .ﻭﻫﻨــﺎ ﻳﺠــﺐ ﺍ ٕ ُﻳـ ْ
ﻼ ﻋــﻦ ـﺄﻱ ﺣــﺴﻦ ﻳﺘﺮﺗّــﺐ ﻋﻠــﻰ ﺫﻟــﻚ؟ ﻓــﻀ ً ﻣﻨﻬــﺎ ﻣــﺎ ﺃﺩﺭﻛــﻪ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ،ﻓـ ّ ﺃﻧّــﻪ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤــﺴﻠﻢ ﺑــﻪ ﺃﻧّــﻪ ﻻ ﻳﻨــﺴﺐ ٕﺍﻟــﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤـ ِّـﻖ ﺍﻟﻤﻨﻴــﻊ ﻳـ ٌـﺪ ﻣﺮﺋﻴّــﺔ ﻻﻗ ــﺮﺍﺭ ﺑﻤﺜ ــﻞ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ﺑﺎﻟﺒ ــﺼﺮ ّ ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮ ،ﺗﻌﻤ ــﻞ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻣ ــﻮﺭ ،ﻻٔ ّﻥ ﺍ ٕ
ﻜـ ــﺎ ﺻـ ــﺮ ًﻓﺎ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻗﻠﻨـ ــﺎ ﺃ ّﻥ ﻫـ ــﺬﺍ ﻳﺮﺟـ ــﻊ ٕﺍﻟـ ــﻰ ـﻀﺎ ،ﻭ ٕﺍﻓ ً ﻳﻜـ ــﻮﻥ ﻛﻔ ـ ـ ًﺮﺍ ﻣﺤـ ـ ً
ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻣﺄﻣﻮﺭﻳﻦ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻻٔﻣﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣـﺔ ،ﻓـﺈ ّﻥ
ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻔﺎﺋﺪﺓ ﺑﻞ ﺃ ّﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣـﻦ ً ﻫﺬﺍ ً
ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻫـ ــﻮ ﺳـ ــﻤﻮﺍﺕ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻫـ ــﻮ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓـ ــﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠـ ــﻢ ،ﻭﻣـ ــﻦ ﺍﻟـ ـ ّ ﺍﻻٔﺩﻳ ــﺎﻥ .ﻓ ــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻛﻴ ــﻒ ﺃ ّﻥ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻛﺎﻧ ــﺖ
ﺃﺭﺿـﺎ ﻣﺒﺴﻮﻃﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻗﺪ ﻗﺒﻀﻬﺎ ﺑﻘﺒﻀﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍﻻﻗﺘـﺪﺍﺭ ،ﻭﺑـﺴﻂ ً ﻣﻨﻴﻌﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ،
ﺍﻟﺰﻣﺮ. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ
٤٣
ـﺼﺪﻭﺭ ﻭﺃﻧﺒﺖ ﺭﻳﺎﺣﻴﻦ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﻭﺭﻭ ًﺩﺍ ﺑﺪﻳﻌـﺔ ،ﻭﺃﺷـﺠﺎ ًﺭﺍ ﻣﻨﻴﻌـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﻗﺪ ﻃﻮﻳﺖ ﺑﻴﻤﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻻٔﺩﻳـﺎﻥ
ﺍﻟﻤﺮﺗﻔﻌـ ـ ــﺔ ﻣـ ـ ــﻦ ﻗﺒـ ـ ــﻞ ،ﻭﺍﺭﺗﻔﻌـ ـ ــﺖ ﺳـ ـ ــﻤﺎء ﺍﻟﺒﻴـ ـ ــﺎﻥ ﺑـ ـ ــﺄﻣﺮ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﺗﺰﻳّﻨـ ـ ــﺖ
ـﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤـﺮ ﻭﺍﻟﻨّﺠــﻮﻡ ﻣـﻦ ﺃﻭﺍﻣـﺮﻩ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌــﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳـﺪﺓ .ﻫـﺬﻩ ﺃﺳــﺮﺍﺭ ﺑﺎﻟ ّ
ـﻞ ﺗـﺪﺭ ﻙ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ﻭﻇﺎﻫﺮﺓ ﺑﻐﻴـﺮ ﺣﺠـﺎﺏ ،ﻟﻌ
ـﺸﻚ ﻭﺍﻟ ّﺮﻳ ــﺐ، ﺍﻟﻈﻨ ــﻮﻥ ﻭﺍﻟ ــﻮﻫﻢ ،ﻭﺍﻟ ـ ّ ﺻ ــﺒﺢ ﺍﻟﻤﻌ ــﺎﻧﻲ ،ﻭﺗﻄﻔ ــﺊ ﺳ ــﺮﺝ ّ ﺑﻘ ّﻮﺓ ﺍﻟﺘّﻮ ّﻛﻞ ﻭﺍﻻﻧﻘﻄـﺎﻉ ،ﻭﺗﻮﻗـﺪ ﻓـﻲ ﻣـﺸﻜﺎﺓ ﻗﻠﺒـﻚ ﻭﻓـﺆﺍﺩ ﻙ ﻣـﺼﺒﺎﺡ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ
ﻭﺍﻋﻠ ــﻢ ﺑ ــﺄ ّﻥ ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ﻣ ــﻦ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﻣ ــﻮﺯﺓ،
ﻻ ﻻﺷـ ــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻮﻳـ ــﺼﺔ ّ ﺍﻟﻈـ ــﺎﻫﺮﺓ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻤـ ــﺼﺎﺩﺭ ﺍﻻٔﻣﺮﻳّـ ــﺔٕ ،ﺍ ْﻥ ﻫـ ــﻮ ٕﺍ ّ ﻭﺍ ٕ
ﺍﻣﺘﺤﺎﻥ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ ،ﻛﻤـﺎ ﻗـﺪ ُﺫﻛـﺮ ،ﺣﺘّـﻰ ﺗﻌـﺮﻑ ﺃﺭﺍﺿـﻲ ﺍﻟﻘﻠـﻮﺏ ﺍﻟﺠﻴّـﺪﺓ
ﺍﻟﻤﻨﻴــﺮﺓ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﺭﺍﺿــﻲ ﺍﻟﺠــﺮﺯﺓ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴــﺔ ،ﻫــﺬﻩ ُﺳـﻨﺔ ﺍﻪﻠﻟ ﺑــﻴﻦ ﻋﺒــﺎﺩﻩ ﻓــﻲ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﺸﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺴﻄﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ
٤٤
ـﻢ ﺗﺄ ّﻣـ ــﻞ ﺁﻳـ ــﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠـ ــﺔ ،ﻭﻛﻴـ ــﻒ ﺃﻧّـ ــﻪ ﺑﻌـ ــﺪ ﻫﺠـ ــﺮﺓ ﺷـ ــﻤﺲ ﺍﻟﻨﺒ ـ ـ ّﻮﺓ ﺛـ ـ
ﻮﺟــﻪ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّــﺔ ﻣــﻦ ﻣــﺸﺮﻕ ﺍﻟﺒﻄﺤــﺎء ٕﺍﻟــﻰ ﻳﺜــﺮﺏ ،ﺍﺳــﺘﻤ ّﺮ ﻓــﻲ ﺍﻟﺘّ ّ ّ ـﺼﻼﺓ ،ﺣﺘّ ـ ــﻰ ﺟ ـ ــﺮﻯ ﻟ ـ ــﺴﺎﻥ ﺍﻟﻴﻬ ـ ــﻮﺩ ﺑﻴ ـ ــﺖ ﺍﻟﻤﻘ ـ ــﺪﺱ ﻓ ـ ــﻲ ﻭﻗ ـ ــﺖ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﺑﻜﻠﻤــﺎﺕ ﻏﻴــﺮ ﻻﺋﻘــﺔ ﻻ ﻳﻨﺎﺳــﺐ ﺫﻛﺮﻫــﺎ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ،ﻭﻳــﺪﻋﻮ ٕﺍﻟــﻰ
ﻭﻟﻤــﺎ ﺗﻜـ ّـﺪﺭ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﻛﺜﻴـ ًﺮﺍ ﻣــﻦ ﺫﻟــﻚ ،ﺷــﺨﺺ ﺑﺒــﺼﺮﻩ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﺘّﻄﻮﻳــﻞّ . ﻜـ ًﺮﺍ ﻣﺘﺤﻴّـ ًﺮﺍ ،ﻓﻨــﺰﻝ ﺑﻌﺪﺋـ ٍـﺬ ﺟﺒﺮﻳــﻞ ،ﻭﺗﻠــﻰ ﻋﻠﻴــﻪ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ـﺴﻤﺎء ﻣﺘﻔ ّ ﺍﻟـ ّ ـﺎﻫﺎ﴾ ـﺐ َﻭ ْﺟ ِﻬ ـ َ ـﺴﻤﺎء َﻓ َﻠ ُﻨ َﻮﻟِّ َﻴﻨ ـ َ ـﻚ ﻓِ ــﻲ ﺍﻟ ـ ّ ﺿـ َ ـﻚ ﻗِ ْﺒ َﻠ ـ ًﺔ َﺗ ْﺮ َ ﴿ َﻗ ـ ْـﺪ َﻧـ ـ َﺮﻯ َﺗ َﻘﻠ ـ َ
)(١
ٍ ﺍﻟﻈﻬﺮ ﻣﻊ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻳﺼﻠّﻲ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻓﺮﻳﻀﺔ ّ ﻭﺑﻌﺪﺋﺬ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﻀﺮﺗﻪ ً
ﺟﻤ ــﻊ ﻣ ــﻦ ﺃﺻ ــﺤﺎﺑﻪ ،ﻭﺃ ّﺩﻯ ﺭﻛﻌﺘ ــﻴﻦ ﻣﻨﻬ ــﺎ ،ﻧ ــﺰﻝ ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺟﺒﺮﻳ ــﻞ ﻭﻗ ــﺎﻝ
ﺍﻡ﴾) ،(٢ﻓــﺎﻧﺤﺮﻑ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﺃﺛﻨــﺎء ﴿ َﻓ ـ َﻮ ِّﻝ َﻭ ْﺟ َﻬـ َ ـﻚ َﺷـ ْـﻄ َﺮ ﺍﻟ َْﻤـ ْ ـﺴ ِﺠ ِﺪ ﺍﻟ َ ْﺤ ـ َﺮ ِ
ـﺼﻼﺓ ﻋــﻦ ﺑﻴــﺖ ﺍﻟﻤﻘــﺪﺱ ،ﻭﻭﻟّــﻰ ﻭﺟﻬــﻪ ﺷــﻄﺮ ﺍﻟﻜﻌﺒــﺔ ﻭﻓــﻲ ﺍﻟﺤــﻴﻦ ﺍﻟـ ّ
ﺣﺼﻞ ﺗﺰﻟـﺰﻝ ﻭﺍﺿـﻄﺮﺍﺏ ﺑـﻴﻦ ﺃﺻـﺤﺎﺑﻪ ﺑﺪﺭﺟـﺔ ﺃ ّﻥ ﺟﻤ ًﻌـﺎ ﻣـﻨﻬﻢ ﺗﺮﻛـﻮﺍ ﻻ ﻻ ﺍﻣﺘﺤﺎ ًﻧ ــﺎ ﻟﻠﻌﺒ ــﺎﺩ ،ﻭ ٕﺍ ّ ـﺼﻼﺓ ﻭﺃﻋﺮﺿ ــﻮﺍ .ﻓﻬ ــﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﻨ ــﺔ ﻟ ــﻢ ﺗﻜ ــﻦ ٕﺍ ّ ﺍﻟ ـ ّ ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﻲ ﻛــﺎﻥ ﻗــﺎﺩ ًﺭﺍ ﻋﻠــﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻐﻴّــﺮ ﺍﻟﻘﺒﻠــﺔ ﺃﺑـ ًـﺪﺍ، ﻓــﺬﺍ ﻙ ﺍﻟـ ّ ّ ﻭﺃﻥ ﻳﺒﻘــﻰ ﺑﻴــﺖ ﺍﻟﻤﻘــﺪﺱ ﻗﺒﻠــﺔ ﻓــﻲ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﻌــﺼﺮ ،ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳــﺴﻠﺐ ﻣﻨــﻪ
ﺧﻠﻌﺔ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻫﺬﻩ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
٤٥
ﻫﺬﺍ ﻭﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ،ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﺑﻌﺜـﻮﺍ ﺑﺎﻟ ّﺮﺳـﺎﻟﺔ ﺑﻌـﺪ ﻣﻮﺳـﻰ،
ﻣﺜــﻞ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﻋﻴــﺴﻰ ﻭﺩﻭﻧﻬــﻢ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﺍﻟﻌﻈــﺎﻡ ،ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﺟــﺎءﻭﺍ ﺑــﻴﻦ
ﻛﻞ ﻫﺆﻻء ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻨّﺒﻴّﻴﻦ ،ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﺃﻥ ﺗﻐﻴّﺮ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ّ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟ ــﻪ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺭﺏ ﺍﻟﻌ ــﺎﻟﻤﻴﻦ ،ﻳ ــﺄﻣﺮﻭﻥ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ّ ﺍﻟﻤﺮﺳ ــﻠﻴﻦ ﻣ ــﻦ ﺟﺎﻧ ــﺐ ّ
ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﻬﺔٕ ،ﺍﺫ ﺃ ّﻥ ّ ﻛﻞ ﺍﻻٔﺭﺍﺿﻲ ﻓـﻲ ﻧﻈـﺮ ﺫﻟـﻚ ﺍﻟ ّ ّ ـﺼﻬﺎ ﺑــﺄﻣ ٍﺮ ﻓــﻲ ﺃﻳّــﺎﻡ ﻫــﻲ ﻓــﻲ ﺩﺭﺟــﺔ ﻭﺍﺣــﺪﺓٕ ،ﺍ ّ ﻻ ً ﺃﺭﺿــﺎ ﻳﻜــﻮﻥ ﻗــﺪ ﺃﺧﺘـ ّ
ﺏ َﻓﺎْ ﻳ َﻨ َﻤﺎ ُﺗ َﻮﻟـﻮ ْﺍ ﻇﻬﻮﺭ ﻣﻈﺎﻫﺮﻩ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿:ﻭﻪﻠﻟِ ﺍﻟ َْﻤ ْﺸ ِﺮ ُﻕ َﻭﺍﻟ َْﻤ ْﻐ ِﺮ ُ ﻻﻣـ ــﻮﺭ ﻓﻠﻤ ــﺎﺫﺍ ﺣـ ــﺼﻞ ﻫـ ــﺬﺍ َﻓ ـ ـ َﺜ ﻢ َﻭ ْﺟـ ـ ُـﻪ ﺍﻪﻠﻟِ﴾) .(١ﻭﻣـ ــﻊ ﺗﺤ ﻘ ــﻖ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍ ٔ
ﺍﻟﺘّﺒــﺪﻳﻞ ﺍﻟّــﺬﻱ ﺗــﺴﺒّﺐ ﻣﻨــﻪ ﺟــﺰﻉ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻭﻓــﺰﻋﻬﻢ ،ﻭﺻــﺎﺭ ﻋﻠــﺔ ﺗﺰﻟــﺰﻝ ﻻﻣﻮﺭ ﺍﻟّﺘـﻲ ﻫـﻲ ﺳـﺒﺐ ﻻﺻﺤﺎﺏ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺑﻬﻢ .ﺃﺟﻞ ٕﺍ ّﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍ ٔ ﺍ ٔ
ـﻞ ﻋﻠ ــﻰ ﻣﺤ ـ ِّ ـﻚ ﻻ ﻟﻜ ــﻲ ﻳ ــﺮ ّﺩ ﺍﻟﻜ ـ ّ ﻭﺣ ــﺸﺔ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺍﻟﻨّﻔ ــﻮﺱ ﻟ ــﻢ ﺗﻘ ــﻊ ٕﺍ ّ
ـﺼﺎﺩﻕ ﻭﺍﻟﻜـﺎﺫﺏ. ﺍﻣﺘﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻛﻲ ﻳﺤـﺼﻞ ﺍﻟﺘّﻤﻴﻴـﺰ ﻭﺍﻟﻔـﺼﻞ ﺑـﻴﻦ ﺍﻟ ّ ـﺖ ﻭﻟﻬ ــﺬﺍ ﻗ ــﺎﻝ ﺑﻌ ــﺪ ﺍﺧ ــﺘﻼﻑ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱَ ﴿ ،ﻭ َﻣ ــﺎ َﺟ َﻌ ْﻠ َﻨ ــﺎ ﺍ ْﻟﻘِ ْﺒ َﻠـ ـ َﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ُﻛﻨ ـ َ
ِـﺐ َﻋ َﻠـﻰ َﻋﻘِ َﺒ ْﻴـﻪِ ﴾) (٢ﺍﻟّﺘـﻲ ﻻ ِﻟ َﻨ ْﻌ َﻠ َﻢ َﻣﻦ َﻳﺘِ ﺒ ُﻊ ﺍﻟ ﺮ ُﺳ َ َﻋ َﻠ ْﻴ َﻬﺎ ﺍ ﻮﻝ ﻣِ ﻤـﻦ َﻳﻨ َﻘﻠ ُ
ﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ ٕﺍﻧّـﺎ ﻣـﺎ ﻏﻴّﺮﻧـﺎ ﻭﻣـﺎ ﻧـﺴﺨﻨﺎ ﺍﻟﻘﺒﻠـﺔ ﺍﻟّﺘـﻲ ﻛﺎﻧـﺖ ﺑﻴـﺖ ﺍﻟﻤﻘـﺪﺱ
ﻣﻤﻦ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ٕﺍ ّ ﻻ ﻟﻨﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻳﺘّﺒﻌﻚ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
٤٦
ـﺼﻼﺓ ﻭﻳﻔ ـ ـ ّﺮ ﻋﻘﺒﻴ ــﻪ .ﺃﻱ ﻣ ــﻦ ﻳﻌ ــﺮﺽ ﻋﻨ ــﻚ ﻭﻻ ﻳﻄﻴﻌ ــﻚ ،ﻭﻳﺒﻄ ــﻞ ﺍﻟ ـ ّ
ﺕ ﻣِ ﻦ َﻗ ْﺴ َﻮ َﺭﺓٍ ﴾) (١ ﴿ﺣ ُﻤ ٌﺮ ﻣ ْﺴ َﺘ ِﻨﻔ َﺮ ٌﺓ َﻓ ﺮ ْ ﻣﻨﻚُ ،
ﻼ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠ ــﺐ ﻭﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ ،ﻟ ــﺸﺎﻫﺪﺕ ﻭ ٕﺍﻧّ ــﻚ ﻟ ــﻮ ﺗﺄ ﻣﻠ ــﺖ ﻗﻠ ــﻴ ً
ـﻞ ﺍﻟﻌﻠ ــﻮﻡ ﺃﺑ ــﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻌ ــﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘّﺒﻴ ــﺎﻥ ﻣﻔﺘﻮﺣ ــﺔ ﺃﻣ ــﺎﻡ ﻭﺟﻬ ــﻚ ،ﻭﺗ ــﺮﻯ ﻛ ـ ّ
ﻻ ﻟﺘﺮﺑﻴ ــﺔ ﻭﺃﺳ ــﺮﺍﺭﻫﺎ ﺑ ــﻼ ﺳ ــﺘﺮ ﻭﻻ ﺣﺠ ــﺎﺏ .ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻣ ــﻮﺭ ﻟﻴــﺴﺖ ٕﺍ ّ
ﻻ ﻓـ ــﺈ ّﻥ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻨّﻔـ ــﻮﺱ ﻭﺧﻼﺻـ ــﻬﻢ ﻣـ ــﻦ ﻗﻔـ ــﺺ ﺍﻟ ـ ـﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬـ ــﻮﻯ .ﻭ ٕﺍ ّ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻛﺎﻥ ﻏﻨﻴﺎ ﺑﺬﺍﺗـﻪ ﻋـﻦ ﻣﻌﺮﻓـﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟـﻮﺩﺍﺕ، ّ ّ ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺘﻐﻨ ًﻴﺎ ﺑﻜﻴﻨﻮﻧﺘﻪ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ .ﻓﻨﺴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻔﺘﺨﺮ ﺑﺨﻠﻌﻪ ﺍﻟﻐﻨﻰ .ﻭﻗﻄﺮ ًﺓ ﻭﺍﺣـﺪﺓ ﻧﺴﻤﺎﺕ ﻏﻨﺎﺋﻪ ﺗﺠﻌﻞ ّ
ﻟﻤـﺎ ﻣﻦ ﺑﺤﺮ ﺟـﻮﺩﻩ ،ﺗﻬـﺐ ﻛ ّ ـﻞ ﺍﻟﻮﺟـﻮﺩ ﺷـﺮﻑ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴـﺔ .ﻭﻟﻜـﻦ ّ
ﺍﻟﻈــﻞ، ـﺸﻤﺲ ﻋــﻦ ّ ﻛــﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻫــﻮ ﺗﻤﻴﻴــﺰ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻣــﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃــﻞ ،ﻭﺍﻟـ ّ
ﺭﺏ ﺍﻟﻌـ ّـﺰﺓ ﻟﻬــﺬﺍ ﻛﺎﻧــﺖ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻧــﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟــﺔ ﻓــﻲ ﻛـ ّ ـﻞ ﺣــﻴﻦ ﻣــﻦ ﻗﺒــﻞ ِّ ﺟﺎﺭﻳ ًﺔ ﻛﺎﻟﻐﻴﺚ ﺍﻟﻬﺎﻃﻞ
ﻼ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ﻜﺮﻭﺍ ﻭﻟﻮ ﻗﻠﻴ ً ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﺪﺑﺮ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻭﺗﻔ ّ
ﺍﻟﻤﺪﺛّﺮ. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ
٤٧
ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﻴﻦ ﻭﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﻓﺈ ّﻥ ﺍﻻٔﻣﺮ ﻳﺴﻬﻞ ﻛﺜﻴ ًﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟ ّـﺪﻳﺎﺭ ،ﺑﺪﺭﺟ ٍـﺔ ّ ﺃﻧّﻬـ ــﻢ ﻻ ﻳﺤﺘﺠﺒـ ــﻮﻥ ﻣـ ــﻦ ﺍﻻٔﻓﻌـ ــﺎﻝ ﻭﺍﻻٔﻗـ ــﻮﺍﻝ ﺍﻟّﺘـ ــﻲ ﺗﺨـ ــﺎﻟﻒ ﺍﻟ ـ ـﻨّﻔﺲ ـﻞ ﺍﻟﺤﺠﺒــﺎﺕ ﺑﻨــﺎﺭ ﺳــﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﻓــﺎﻥ ،ﻭﻳــﺴﺘﺮﻳﺤﻮﻥ ﻭﺍﻟﻬــﻮﻯ ،ﻭﻳﺤﺮﻗــﻮﻥ ﻛـ ّ ﻼ :ﻣﻮﺳــﻰ ﺑــﻦ ﻋﻤــﺮﺍﻥ ﺍﻟّــﺬﻱ ـﺴﻜﻮﻥ ﻭﺍﻻﻃﻤﺌﻨــﺎﻥ .ﻓﻤــﺜ ً ﻋﻠــﻰ ﻋــﺮﺵ ﺍﻟـ ّ
ﻛــﺎﻥ ﺃﺣــﺪ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﺍﻟﻌﻈــﺎﻡ ،ﻭﺻــﺎﺣﺐ ﻛﺘــﺎﺏ ،ﺑﻴﻨﻤــﺎ ﻛــﺎﻥ ﻣــﺎ ﺭﺍ ﻓــﻲ
ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺫﺍﺕ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺃﻳّﺎﻣﻪ ﻗﺒـﻞ ﺑﻌﺜﺘـﻪ ﺭﺃﻯ ﺍﺛﻨـﻴﻦ ﻳﺘﺨﺎﺻـﻤﺎﻥ، ّ
ﻓﻄﻠﺐ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺳـﻰ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻭﻧـﻪ ﻋﻠـﻰ ﺧـﺼﻤﻪ ،ﻓﺄﻋﺎﻧـﻪ ﺣـﻀﺮﺗﻪ
ﺑﻤــﺎ ﺃ ّﺩﻯ ٕﺍﻟــﻰ ﻗﺘﻠــﻪ ﻛﻤــﺎ ﻫــﻮ ﻣــﺴﻄﻮ ٌﺭ ﻓــﻲ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ،ﻭﻻ ﻧــﺬﻛﺮ ﺗﻔــﺼﻴﻠﻪ
ﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒ ًﺒﺎ ﻟﻠﺘّﻌﻮﻳﻖ ،ﻭﺗﻌﻄﻴﻞ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ .ﻓﺎﺷﺘﻬﺮ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒـﺮ ﻓـﻲ ﻟﺌ ّ
ـﺺ ﻓـﻲ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﻭﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﺮﺗﻪ ُ ﺍﻟﺨﻮﻑ ،ﻛﻤـﺎ ُﻧ ـﻚ ﻟ َﻴ ْﻘ ُﺘ ُﻠ ـ ــﻮ َﻙ﴾ ﻓﺨ ـ ــﺮﺝ ﻣ ـ ــﻦ ﺃﻥ ﺃﺗ ـ ــﺎﻩ ﺍﻟﺨﺒ ـ ــﺮ﴿ ٕﺍ ّﻥ ﺍﻟﻤـ ـ ـﻼٔ ﻳ ـ ــﺄﺗﻤﺮﻭﻥ ِﺑ ـ ـ َ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻓﻲ َﻣ ْﺪ َﻳﻦ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺷﻌﻴﺐ ،ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎء ﻋﻮﺩﺗـﻪ ،ﻭﺭﺩ
ﺑــﺎﻟﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﻤﺒــﺎﺭ ﻙ ﺑﺮﻳّــﺔ ﺳــﻴﻨﺎء ،ﻭﺷــﺎﻫﺪ ﺗﺠﻠِّــﻲ ﺳــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ﻣــﻦ
ﺷﺠﺮﺓٍ ﻻ ﺷﺮﻗﻴٍ ﺔ ﻭﻻ ﻏﺮﺑﻴٍ ﺔ ،ﻭﺍﺳﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨّﺪﺍء ﺍﻟ ّﺮﻭﺣﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻨﻌﺶ ﻟﻠـﺮﻭﺡ ّ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟﻨّ ـ ــﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﻗ ـ ــﺪﺓ ﺍﻟﺮﺑّﺎﻧﻴّ ـ ــﺔ ،ﻭﺗﻠ ّﻘ ـ ــﻰ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮ ﺑ ـ ــﺄﻥ ﻳﻬ ـ ــﺪﻱ ﺍﻻٔﻧﻔ ـ ــﺲ
ﺍﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴّــﺔ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳﻨﻘــﺬ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻣــﻦ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟـﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬــﻮﻯ ،ﻭﻳــﺪﺧﻠﻬﻢ
ﻓــﻲ ﺭﻳــﺎﺽ ﺍﻟ ـ ّﺮﻭﺡ ﻭﺍﻟﻬــﺪﻯ ﺍﻟﻤﺤﻴﻴــﺔ ﻟﻠﻘﻠــﻮﺏ ،ﻭﻳﺨﻠّــﺺ ﺟﻤﻴــﻊ ﻣــﻦ ﻻﺑﺪﺍﻉ ﻓﻲ ﺍ ٕ
٤٨
ﺑﺴﻠ ـ ــﺴﺒﻴﻞ ﺍﻻﻧﻘﻄ ـ ــﺎﻉ ﻣ ـ ــﻦ ﺣﻴ ـ ــﺮﺓ ﺍﻟﺒﻌ ـ ــﺪ ،ﻭﻳﻮﺻ ـ ــﻠﻬﻢ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺩﺍﺭ ﺳ ـ ــﻼﻡ
ﻭﻟﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ ﻓﺮﻋﻮﻥ ،ﻭﺑﻠّﻐﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣـﺄﻣﻮ ًﺭﺍ ﺑـﻪ ،ﺃﻃﻠـﻖ ﺍﻟﻘﺮﺏ .
ـﺴﺎ ﻓﺮﻋ ــﻮﻥ ﻋِ ﻨ ــﺎﻥ ﻟ ــﺴﺎﻧﻪ ﺑﻐﻴ ــﺮ ﺃﺩﺏ ﻭﻗ ــﺎﻝ" :ﺃﻟ ــﻢ َﺗ ـ ُ ـﺖ ﻧﻔ ـ ً ـﻚ ﺃﻧ ــﺖ َﻗ َﺘ ْﻠ ـ َ
ﺭﺏ ﺍﻟﻌ ـ ّـﺰﺓ ﻋ ــﻦ ﻟ ـ ِ ﻟﻤ ــﺎ ﻭﻛﻨ ــﺖ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻜ ـ ـﺴﺎﻥ ﻓﺮﻋ ــﻮﻥ ّ َ ـﺎﻓﺮﻳﻦ" ﻛﻤ ــﺎ ﺃﺧﺒ ــﺮ ّ
ـﻦ ْﺖ َﻓ ْﻌ َﻠ َﺘ َ ـﺖ ﻣِ َ ـﺖ َﻭﺍﻧ َ ﻚ ﺍﻟﺘِـﻲ َﻓ َﻌ ْﻠ َ ﺍﻋﺘﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻘﻮﻟﻪَ ﴿ :ﻭ َﻓ َﻌﻠ َ
ﻜ ْﻢ َﻟ ﻤـﺎ ﺕ ﻣِ ـﻨ ُ ﺍ ْﻟ َ ـﻦ ﺍﻟ ﻴﻦ َﻓ َﻔـ َﺮ ْﺭ ُ ـﻀﺎﻟِّ َ ﻳﻦ﴾ .ﻗﺎﻝَ ﴿ :ﻓ َﻌ ْﻠ ُﺘ َﻬﺎ ﺍﺫًﺍ َﻭﺍ َ ﻧـﺎ ﻣِ َ ﻜﺎﻓِ ِﺮ َ ِﻴﻦ﴾).(١ ﺐ ﻟِﻲ َﺭﺑِّﻲ ُﺣ ْ ِﺧ ْﻔ ُﺘ ُ ﻦ ﺍﻟ ُْﻤ ْﺮ َﺳﻠ َ ﻜ ًﻤﺎ َﻭ َﺟ َﻌ َﻠﻨِﻲ ﻣِ َ ﻜ ْﻢ َﻓ َﻮ َﻫ َ
ﻻﻟﻬﻴّ ـ ــﺔ ﻭﺑ ـ ــﺪﺍﺋﻊ ﺍﻣﺘﺤﺎﻧﺎﺗ ـ ــﻪ ﻛﻴ ـ ــﻒ ﺃ ّﻥ ﻓﺘﻔ ّ ﻜ ـ ــﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟﻔ ـ ــﺘﻦ ﺍ ٕ
ـﺎﻟﻈﻠﻢ ﻛﻤــﺎ ﻫــﻮ ﻣــﺬﻛﻮﺭ ـﻀﺎ ﺑـ ّ ـﺼﺎ ُﻋــﺮﻑ ﺑﻘﺘــﻞ ﺍﻟـﻨّﻔﺲ ،ﻭﺍﻋﺘــﺮﻑ ﺃﻳـ ً ﺷﺨـ ً ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮ ﻧﺤ ـ ًﻮﺍ ﻣــﻦ ـﻀﺎ ﻓــﻲ ﺑﻴــﺖ ﻓﺮﻋــﻮﻥ ﺑﺤــﺴﺐ ّ ﻓــﻲ ﺍﻻٓﻳــﺔ ،ﻭﺗﺮﺑــﻰ ﺃﻳـ ً ـﻢ ﻳﺠﺘﺒﻴـﻪ ﺭﺑـﻪ ﺑﻐﺘـ ًﺔ ﻣـﻦ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﺃﻭ ّ ﺃﻗﻞ ،ﻭﻧـﺸﺄ ﻭﻧﻤـﺎ ﻓـﻲ ﻧﻌﻤﺎﺋـﻪ ،ﺛ
ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ،ﻭﻳﺄﻣﺮﻩ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ،ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ ﺃ ّﻥ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻤﻘﺘ ــﺪﺭ ،ﻛ ــﺎﻥ ﻗ ــﺎﺩ ًﺭﺍ ﻋﻠ ــﻰ ﺃﻥ ﻳﻤﻨ ــﻊ ﻣﻮﺳ ــﻰ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻘﺘ ــﻞ ،ﺣﺘّ ــﻰ ﻻ
ﻳﻜ ــﻮﻥ ﻣ ــﺸﻬﻮ ًﺭﺍ ﺑ ـ ـﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﺑﻬ ــﺬﺍ ﺍﻻﺳ ــﻢ ،ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻫ ــﻮ ﺳ ــﺒﺐ ﻭﺣ ــﺸﺔ
ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ،ﻭﻋﻠّﺔ ﺍﺣﺘﺮﺍﺯ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍء. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ
٤٩
ﺍﻟﻄﻠﻌ ــﺔ ﻭﻟﻨﻨﺘﻘ ــﻞ ﺍﻻٓﻥ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺣﺎﻟ ــﺔ ﻣ ــﺮﻳﻢ ﻟﻨ ــﺸﺎﻫﺪ ﻛﻴ ــﻒ ﺃ ﻥ ﻫ ــﺬﻩ ّ
ﺍﻟﻜﺒـﺮﻯ ﺗﻤﻨـﺖ ﺍﻟﻤـﻮﺕ ﻣـﻦ ﻋﻈﻤـﺔ ﺍﻻٔﻣـﺮ ﻭﺷ ّـﺪﺓ ﺍﻟﺘّﺤﻴّـﺮ ،ﻛﻤـﺎ ﻳــﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﻧﺎﺣﺖ ﺑﻬﺎ ﻣﺮﻳﻢ ﺑﻌﺪ ﻭﻻﺩﺓ ﻋﻴﺴﻰ ،ﻭﻧﻄﻘﺖ
ـﺴ ًﻴﺎ ﻣﻨ ـ ِـﺴﻴﺎ﴾).(١ ـﺖ َﻗ ْﺒ ـ َ ـﺖ َﻧ ـ ْ ﺑﻬ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ـﺔ ﴿ َﻳ ــﺎ َﻟ ْﻴ َﺘ ِﻨ ــﻲ ﻣِ ـ ـﻞ َﻫ ـ َـﺬﺍ َﻭ ُﻛﻨ ـ ُ ﻗﺴﻤﺎ ﺑﺎﻪﻠﻟٕ ،ﺍ ّﻥ ﺍﻻٔﻛﺒﺎﺩ ﻟﺘﺬﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻤﺎﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـﻼﻡ ،ﻭﺍﻟﻔـﺮﺍﺋﺺ ً
ﻻ ﺧ ــﺸﻴﺔ ﻣ ــﻦ ﺷ ــﻤﺎﺗﺔ ﻟﺘﺮﺗﻌ ــﺪ .ﻭﻣ ــﺎ ﻛ ــﺎﻥ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﺤ ــﺰﻥ ﻭﺍﻻﺿ ــﻄﺮﺍﺏ ٕﺍ ّ
ﺃﻱ ﺟـﻮﺍﺏ ﻛـﺎﻥ ـﻢ ﺗﻔ ّ ـﺸﻘﺎء .ﺛ ّ ﺍﻻٔﻋﺪﺍء ،ﻭﺍﻋﺘﺮﺍﺽ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻔـﺮ ﻭﺍﻟ ّ ﻜـﺮ ّ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻟﻪ ﻣﺮﻳﻢ ﻟﻠﻨّﺎﺱ ﺑﺸﺄﻥ ﻃﻔﻞ ﻟـﻴﺲ ﻟـﻪ ﺃﺏ ُﻣ َﻌـﻴﻦ! ﻭﻛﻴـﻒ
ﺨ ـ ـﺪﺭ ُﺓ ـﺖ ُﻣ َ ﻳﻤﻜ ــﻦ ﺃﻥ ُﻳﻘ ــﺎﻝ ﻟﻬ ــﻢ ٕﺍﻧّ ــﻪ ﻣ ــﻦ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘ ــﺪﺱ! ﻟﻬ ــﺬﺍ ﺣﻤﻠ ـ ْ
ﻟﻤــﺎ ﺍﻟﺒﻘــﺎء ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻄﻔــﻞ ،ﻭﺭﺟﻌــﺖ ﺑــﻪ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻤﻨــﺰﻝ .ﻓﻘــﺎﻝ ﻟﻬــﺎ ﺍﻟﻘــﻮﻡ
ـﺎﻥ ﺍ ُ ﺑــﻮ ِﻙ ﺍ ْﻣـ َﺮﺍ َ ﺳـ ْﻮٍء َﻭ َﻣــﺎ ـﺖ َﻫــﺎ ُﺭ َ ﻭﻥ َﻣــﺎ َﻛـ َ ﻭﻗﻌــﺖ ﻋﻴــﻮﻧﻬﻢ ﻋﻠﻴــﻪ ﴿ َﻳــﺎ ﺍ ْ ﺧـ َ ﺖ ﺍ ﻣ ِ ﻚ َﺑﻐِ ﻴﺎ﴾) (٢ َﻛﺎ َﻧ ْ
ﻓـ ــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﻨـ ــﺔ ﺍﻟﻜﺒـ ــﺮﻯ ،ﻭﺍﻻﻣﺘﺤـ ــﺎﻥ ﺍﻻٔﻋﻈـ ــﻢ،
ﻜ ــﺮ ﻛﻴ ــﻒ ﺃ ّﻥ ﻧﻔ ــﺲ ﺟ ــﻮﻫﺮ ﺍﻟـ ـ ّﺮﻭﺡ، ﻋﻤ ــﺎ ﻣ ــﻀﻰ ،ﻭﺗﻔ ّ ﻭﺍﺻ ــﺮﻑ ﻧﻈـ ـ ًﺮﺍ ّ
ﺍﻟﻤﻌ ــﺮﻭﻑ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟﻘ ــﻮﻡ ﺑ ــﺄ ّﻥ ﻻ ﺃﺏ ﻟ ــﻪ ،ﻗـ ــﺪ ﻣﻨﺤ ــﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟﻨّﺒ ـ ـ ّﻮﺓ ﻭﺟﻌﻠ ــﻪ
ﺛﻢ ﺗﺄ ّﻣـﻞ ﺑﻌـﺪﻫﺎ ﻓـﻲ ﺃﻣـﻮﺭ ﺣﺠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ّ ﻛﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽّ . ّ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟّﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻣﻈﺎﻫﺮ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻣﺮﻳﻢ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﻣﺮﻳﻢ.
٥٠
ﻻﻳﺠـﺎﺩ ،ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣـﺎ ﻣﺸﺘﻬﻰ ﺃﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺃﻫﻮﺍﺋﻬﻢ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﻣﻦ ﺳـﻠﻄﺎﻥ ﺍ ٕ
ﺗﻄﻠـﻊ ﻋﻠـﻰ ﻣﻘـﺼﻮﺩ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﻫﺮ ﻫـﺬﻩ ﺍﻻٔﺳـﺮﺍﺭ ،ﻓﺈﻧّـﻚ ّ ﺍﻟﻤﺤﺒـ ــﻮﺏ ،ﻭﺗﻼﺣـ ــﻆ ﺃ ﻥ ﺃﻗـ ــﻮﺍﻝ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻤﻠﻴـ ــﻚ ﺫﻱ ﺍﻻﻗﺘـ ــﺪﺍﺭ ﻫـ ــﻲ
ـﻀﺎ ﻓــﻲ ﻣﺜــﻞ ﺃﻓﻌﺎﻟــﻪ ﺗﻤﺎ ًﻣــﺎ ،ﺑﺪﺭﺟــﺔ ﺃ ّﻥ ﻣــﺎ ﺗــﺸﺎﻫﺪﻩ ﻓــﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟــﻪ ﺗــﺮﺍﻩ ﺃﻳـ ً ﻛﻠﻤﺎﺗــﻪ ،ﻭﻣــﺎ ﺗﻼﺣﻈــﻪ ﻓــﻲ ﻛﻠﻤﺎﺗــﻪ ﻳﺘﺠﻠّــﻰ ﻟــﻚ ﻓــﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟــﻪ .ﻭﻟــﺬﻟﻚ
ﻟﻠﻔﺠـ ــﺎﺭ ،ﻭﻓـ ــﻲ ﺍﻟﻈـ ــﺎﻫﺮ ﻧﻘﻤـ ــﺔ ﻛﺎﻧـ ــﺖ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻓﻌـ ــﺎﻝ ﻭﺍﻻٔﻗـ ــﻮﺍﻝ ،ﻓـ ــﻲ ّ ّ
ﺍﻟﺒــﺎﻃﻦ ﺭﺣﻤ ــﺔ ﻟﻼٔﺑــﺮﺍﺭ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣ ــﺎ ﻧﻈــﺮﺕ ﺑﻌ ــﻴﻦ ﺍﻟﺒــﺼﻴﺮﺓ ﺷ ــﺎﻫﺪﺕ ﺃ ّﻥ
ﻻﻣ ـ ــﻮﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ ﺳ ـ ــﻤﺎء ﺍﻟﻤ ـ ــﺸﻴّﺔ ﻣﺘّﻔﻘ ـ ــﺔ ﻣﺘّﺤ ـ ــﺪﺓ ﻣ ـ ــﻊ ﺍ ٔ ّ
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ ﻣــﻦ ﻣﻠﻜــﻮﺕ ﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ،ﻭﻻٔﺩﺭﻛــﺖ ﺃﻧّﻬﻤــﺎ ﻛــﺸﻲء ﻭﺍﺣــﺪ ،ﻛﻤــﺎ ّ ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮﻩ
ﻜﺮ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻈﻬﺮ ﺃﻣﺜـﺎﻝ ﻫـﺬﻩ ﺍﻻٔﻣـﻮﺭ ﻭﺍﻻٓﻥ ﺃﻳّﻬﺎ ﺍﻻٔﺥ ،ﺍﻧﻈﺮ ﻭﺗﻔ ّ
ﻳﻊ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﻓﻤـﺎﺫﺍ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻳﻔﻌﻠـﻮﻥ؟ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻬﺪ ،ﻭ َﺗ ِﺬ ُ
ﻗﺴﻤﺎ ﺑﻤﺮﺑﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻣﻨﺰﻝ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕٕ ،ﺍﻧّﻬﻢ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻳﺤﻜﻤـﻮﻥ ﺑـﺎﻟﻜﻔﺮ ً ّ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ،ﻭﻳﺄﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﺑﻼ ﺳﺆﺍﻝ .ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮﻥ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ
ﺑــﺄ ّﻥ ﻋﻴــﺴﻰ ﻗــﺪ ﻇﻬــﺮ ﻣــﻦ ﻧﻔﺨــﺔ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘــﺪﺱ؟ ﺃﻭ ﺃ ّﻥ ﻣﻮﺳــﻰ ﻗــﺪ ﺍﻣــﺮ
ﺑﺎﻻٔﻣﺮ ﺍﻟﻤﺒﺮﻡ؟ ٕﺍﻧّﻚ ﻟﻮ ﺗﺼﻴﺢ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣـ ّﺮﺓ ،ﻓﺈﻧّـﻪ ﻻ ﻳـﺪﺧﻞ
ﻼ ﻗــﺪ ﻓــﻲ ﺃﺫﻥ ﺃﺣــﺪ ﺃ ّﻥ ﻣــﻦ ﻻ ﺃﺏ ﻟــﻪ ﻗــﺪ ﺑﻌــﺚ ﺑﺎﻟ ّﺮﺳــﺎﻟﺔ ،ﺃﻭ ﺃ ّﻥ ﻗــﺎﺗ ً
ﺳﻤﻊ ﺍﻟﻨّﺪﺍء
٥١
ﻣﻦ ﺷﺠﺮﺓ ﻧﺎﺭ -ﺃﻧّﻲ ﺃﻧﺎ ﺍﻪﻠﻟ ـﺸﺎﻫﺪ ﻣـﻦ ﺟﻤﻴـﻊ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧـﺎﺕ ﺃ ّﻥ ﻻﻧـﺼﺎﻑَ ،ﻟ ُﻴ ُ ﻭﻟﻮ ُﻧﻈِ َﺮ ﺑﻌﻴﻦ ﺍ ٕ
ـﻀﺎ ﻇـﺎﻫﺮﺓ. ﻣﻈﻬﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻣﻮﺭ ﻛﻠّﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻇﺎﻫﺮ ﻛﻤـﺎ ﺃ ّﻥ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬـﺎ ﺃﻳ ً
ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻣﻮﺭ ،ﻓﺈﻧّﻬﻢ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻭﻣﻊ ﺃﻧّﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ّ ﻜـ ـ ْـﻢ ﺍﻓﺘ ـ ـ َﺮ ْﻭﺍ ﻋﻠﻴـ ــﻪ ﻣـ ــﻦ ـﺴﻜﻮﻥ ﺑﻈﻨﻮﻧـ ــﺎﺕ ﺍﻻٔﻧﻔـ ــﺲ ﺍﻟﻤـ ــﺮﺩﻭﺩﺓ .ﻭﻟ َ ﻣﺘﻤـ ـ ّ
ﻜـ ْـﻢ ﺍﺭﺗﻜﺒــﻮﺍ ﻓــﻲ ﺣ ّﻘــﻪ ﻣــﻦ ﺑﻼﻳــﺎ ﻟــﻢ ﻳﻈﻬــﺮ ﻟﻬــﺎ ﺷــﺒﻪ ﻓــﻲ ﺍﻓﺘــﺮﺍءﺍﺕ ،ﻭﻟ َ ﻻﺑﺪﺍﻉ ﺍ ٕ
ـﺸﺬﻯ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣـﺎﻧﻲ ﻣـﻦ ﺍﻪﻠﻟ ﺃﻛﺒﺮ ، ﻟﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘـﺎﻡَ ،ﻣـ ّﺮ ﺍﻟ ّ
ـﺼﺒﺎﺡ ﻣ ــﻦ ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺳ ــﺒﺄ ﺍﻟﺒﻘ ــﺎء، ـﺐ ﻧ ــﺴﻴﻢ ﺍﻟـ ّ ـﺼﺒﺢ ﺍﻟ ـ ّ ﺍﻟـ ّ ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ ،ﻭﻫـ
ﻓﺘﻮﺣ ـ ــﺎ ﻏﻴ ـ ــﺮ ـﺸﺮ ﺍﻟـ ـ ـﻨّﻔﺲ ﺑﺒ ـ ــﺸﺎﺭﺓ ﺟﺪﻳ ـ ــﺪﺓ ،ﻭﻓ ـ ــﺘﺢ ﻟﻠـ ـ ـ ّﺮﻭﺡ ً ﻭﺑﻤ ـ ــﺮﻭﺭﻩ ﺑ ـ ـ ّ ـﺴﺎﻃﺎ ﺟﺪﻳـ ًـﺪﺍ .ﻭﺃﺗــﻰ ﺑﻬــﺪﺍﻳﺎ ﺛﻤﻴﻨــﺔ ﻻ ﻋــﺪﺍﺩ ﻣﺤــﺪﻭﺩ ،ﻭﺑـﺴﻂ ﺃﻣﺎﻣﻬــﺎ ﺑـ ً
ـﻞ ﻋ ــﻦ ﺍﻟﻮﺻ ــﻒَ ،ﻓ ِﺨ ْﻠ َﻌ ــﺔ ﺍﻟ ـ ّـﺬﻛﺮ ﻟﻬ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﻗِ َﺒ ـ ِـﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒ ــﻮﺏ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﺟ ـ ّ ﻗﺎﺻ ــﺮﺓ ﻋ ــﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻨﺎﺳ ــﺐ ﻣ ــﻊ َﻗ ــﺪِّ ﻩ ﺍﻟﻠﻄﻴ ــﻒ ،ﻭﺭﺩﺍء ﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ ﻧ ــﺎﻗﺺ ﻻ
ﻳﻔــﻲ ﺑﻘﺎﻣﺘــﻪ ﺍﻟﻤﻨﻴــﺮﺓ ،ﻳﻜــﺸﻒ ﺭﻣــﺰ ﺍﻟﻤﻌــﺎﻧﻲ ﻣــﻦ ﻏﻴــﺮ ﻟﻔــﻆ ،ﻭﻳﻨﻄــﻖ ﺑﺄﺳــﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘّﺒﻴــﺎﻥ ﻣــﻦ ﺩﻭﻥ ﻟــﺴﺎﻥ .ﻳﻠ ّﻘــﻦ ﺑﻼﺑــﻞ ﺃﻏــﺼﺎﻥ ﺍﻟﻬﺠــﺮ ﻭﺍﻟﻔــﺮﺍﻕ
ﻦ ﺍﻟﻨّــﻮﺡ ﻭﺍﻻٔﻧــﻴﻦ ،ﻭﻳﻌﻠّﻤﻬــﻢ ﻗﻮﺍﻋــﺪ ﺍﻟﻌــﺸﻖ ﻭﺳــﻠﻮ ﻙ ﺍﻟﻌﺎﺷــﻘﻴﻦ ،ﻭ ُﻳﺒ ـﻴِّ ُ ﻟﻬﻢ ِﺳ ﺮ
٥٢
ﺍﻟﺨ ــﻀﻮﻉ ﻟﻠﻤﺤﺒ ــﻮﺏ ،ﻭﻳﻠ ِّﻘ ــﻦ ﺍﻟ ــﻮﺭﻭﺩ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﺭﺿ ــﻮﺍﻥ ﺍﻟﻘ ــﺮﺏ
ﻭﺍﻟﻮﺻـ ــﺎﻝ ﻛﻴـ ــﻒ ﻳﻜـ ــﻮﻥ ﺟـ ــﺬﺏ ﺍﻟﻘﻠـ ــﻮﺏ ﻭﺳـ ــﺤﺮ ﺍﻟـ ـ ّـﺪﻻﻝ .ﻭﻳﻔـ ــﻴﺾ
ﺑﺄﺳــﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻘــﺎﺋﻖ ﻋﻠــﻰ ﺷــﻘﺎﺋﻖ ﺑــﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﻌــﺸﻖ ،ﻭﻳــﺴﺘﻮﺩﻉ ﻓــﻲ ﺻــﺪﻭﺭ
ﺍﻟﻌ ــﺸﺎﻕ ﺩﻗ ــﺎﺋﻖ ﺍﻟﺮﻣ ــﻮﺯ ،ﻭﻟﻄ ــﺎﺋﻒ ﺍﻻٔﺳ ــﺮﺍﺭ .ﻭﻟﻘ ــﺪ ﺗ ــﺪ ﻓﻘﺖ ﺣﻴ ــﺎﺽ ـﺴﺎﻋﺔ ﻋﻠ ــﻰ ﺷ ــﺄﻥ ﻳﻐﺘ ــﺒﻂ ﻟ ــﻪ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘ ــﺪﺱ ﻏﺎﻳ ــﺔ ﻋﻨﺎﻳﺘ ــﻪ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ّ
ـﺸﻤﺲ. ﺍﻟﻐﺒﻄـ ــﺔٕ ،ﺍﺫ ﻭﻫـ ــﺐ ﻟﻠﻘﻄـ ــﺮﺓ ﺃﻣـ ــﻮﺍﺝ ﺍﻟﺒﺤـ ــﺮ ،ﻭﻟﻠـ ــﺬ ﺭﺓ ﻃـ ــﺮﺍﺯ ﺍﻟـ ـ ّ
ﺍﻟﺠﻌــﻞ ﻣﻜﻤــﻦ ﺍﻟﻤــﺴﻚ ،ﻭﺍﺳــﺘﻘ ّﺮ ﻭﺑﻠﻐــﺖ ﺍﻻٔﻟﻄــﺎﻑ ٕﺍﻟــﻰ ﻣﻘــﺎﻡ :ﻗــﺼﺪ ُ ﻻﺟــﺴﺎﺩ ﻻﻣــﻮﺍﺕ ﻣــﻦ ﻗﺒــﻮﺭ ﺍ ٔ ـﺸﻤﺲ ،ﻭﺑﻌﺜــﺖ ﺍ ٔ ﺍﻟﺨ ّﻔــﺎﺵ ﻓــﻲ ﻣﻘﺎﺑــﻞ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻈــﺎﻟﻤﻴﻦ ـﺎﻝ ﻋﻠــﻰ ﺳــﺮﻳﺮ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ،ﻭﺃﻗــﺎﻡ ّ ـﺲ ﺍﻟﺠ ّﻬـ َ ﺑﻨﻔﺨــﺔ ﺍﻟﺤﻴــﺎﺓ ،ﻭﺃﺟﻠـ َ
ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻳﻜﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ
ـﺴﺎﻋﺔ ٕﺍ ّﻥ ﻋــﺎﻟﻢ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ﺣﺎﻣــﻞ ﺑﺠﻤﻴــﻊ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳــﺎﺕ .ﻳﻨﺘﻈــﺮ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟّﺘــﻲ ﻓﻴﻬــﺎ ﺗﻈﻬــﺮ ﺁﺛــﺎﺭ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳــﺔ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّــﺔ ﻓــﻲ ﺍﻟﻌــﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﺘّﺮﺍﺑﻴّــﺔ ،ﻭﺑﻬــﺎ ﺍﻟﻈﻤ ـ ــﺄ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﻛ ـ ــﻮﺛﺮ ﺯﻻﻝ ﻳﺒﻠ ـ ــﻎ ﺍﻟﻌﻄ ـ ــﺎﺵ ﺍﻟّ ـ ــﺬﻳﻦ ﺳ ـ ــﻘﻄﻮﺍ ﻣ ـ ــﻦ ﺷ ـ ـ ّـﺪﺓ ّ ﺍﻟﻀﺎﻟﻮﻥ ﻓﻲ ﻓﻴﺎﻓﻲ ﺍﻟﺒﻌـﺪ ﻭﺍﻟﻌـﺪﻡ ﺑـﺴﺮﺍﺩﻕ ﺍﻟﻘـﺮﺏ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ،ﻭﻳﻔﻮﺯ ّ
ﻭﺍﻟﺤﻴـ ــﺎﺓ ﻓـ ــﻲ ﺟـ ــﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌـ ــﺸﻮﻕ .ﻭﻣـ ــﻦ ﻫـ ــﻢ ﺍﻟّـ ــﺬﻳﻦ ﺗﻨﺒـ ــﺖ ﻓـ ــﻲ ﺃﺭﺽ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺒﻮﺏ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ؟ ﻭﺗﻨﻔﺘﺢ ﻓـﻲ ﺭﻳـﺎﺽ ﻧﻔﻮﺳـﻬﻢ ﺷـﻘﺎﺋﻖ
ﺍﻟﺤﻘ ـ ــﺎﺋﻖ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّ ـ ــﺔ؟ ﻭﺣﻘﻴﻘـ ـ ـ ًﺔ ٕﺍ ّﻥ ﺳ ـ ــﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌ ـ ــﺸﻖ ﻣ ـ ــﺸﺘﻌﻠﺔ ﻓ ـ ــﻲ ﺳ ـ ــﻴﻨﺎء
ﺑﺄﺷﺪ ﺍﺷﺘﻌﺎﻝ،ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻟﺤﺐ ﺍ ّ ّ
٥٣
ـﺶ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺤـﻮﺕ ﻻ ﺗﺨﻤﺪﻫﺎ ﻭﻻ ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻴـﺎﻩ ﺍﻟﺒﻴـﺎﻥ ،ﻭ ٕﺍ ّﻥ َﻋ َﻄ َ ـﺎﺭﻱ ﻻ ﻳـﺴﺘﻘ ّﺮ ٕﺍﻻ ﻓـﻲ ﻭﻫـﺞ ﺳـﻨﺎء ﺗﺮﻭﻳﻪ ﺍﻟﺒﺤﻮﺭ ،ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻫﺬﺍ ّ ﺍﻟﺴﻤﻨﺪﺭ ﺍﻟﻨ
ﻃﻠﻌـ ــﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒـ ــﻮﺏ .ﻓﺄﻭﻗـ ــﺪ ٕﺍﺫًﺍ ﻳـ ــﺎ ﺃﺧـ ــﻲ ﺳـ ــﺮﺍﺝ ﺍﻟ ـ ـ ّﺮﻭﺡ ﻓـ ــﻲ ﻣـ ــﺸﻜﺎﺓ
ﻗﻠﺒ ــﻚ ،ﻭﺃﺷ ــﻌﻠﻪ ﺑ ــﺪﻫﻦ ﺍﻟﺤﻜﻤ ــﺔ ،ﻭﺍﺣﻔﻈ ــﻪ ﺑﺰﺟ ــﺎﺝ ﺍﻟﻌﻘ ــﻞ ،ﻛ ــﻲ ﻻ
ﻻﻧــﺎﺭﺓ .ﻛــﺬﻟﻚ ﻧ ّﻮﺭﻧــﺎ ﻳﻄﻔﺌــﻪ َﻧ َﻔــﺲ ﺍﻻٔﻧﻔــﺲ ﺍﻟﻤــﺸﺮﻛﺔِ ،ﻭﻳﻤﻨﻌــﻪ ﻋــﻦ ﺍ ٕ
ﻦ ﺑﻬـﺎ ﺃﻓﻖ ﺳـﻤﺎء ﺍﻟﺒﻴـﺎﻥ ﻣـﻦ ﺃﻧـﻮﺍﺭ ﺷـﻤﻮﺱ ﺍﻟﺤﻜﻤـﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓـﺎﻥ ،ﻟﻴﻄﻤـﺌ
ﻻﻳﻘ ــﺎﻥ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﻮﺍء ﻣﺤﺒّ ــﺔ ﻗﻠﺒ ــﻚ ﻭﺗﻜ ــﻮﻥ ﻣ ــﻦ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻃ ــﺎﺭﻭﺍ ﺑﺄﺟﻨﺤ ــﺔ ﺍ ٕ
ﺭﺑّﻬﻢ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﻦ
ﻻﻧـﺴﺎﻥ ﻓـﻲ ﺍﻟـﺴﻤﺎء ،ﻓﻤﻌﻨـﺎﻩ ﺃ ّﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪ :ﺣﻴﻨﺌـﺬ ﺗﻈﻬـﺮ ﻋﻼﻣـﺔ ﺍﺑـﻦ ﺍ ٕ
ﻻﻟﻬﻴّـ ــﺔ ،ﻭﺳـ ــﻘﻮﻁ ﻧﺠـ ــﻮﻡ ﺃﻧّـ ــﻪ ﻣـ ــﻦ ﺑﻌـ ــﺪ ﻛـ ــﺴﻮﻑ ﺷـ ــﻤﺲ ﺍﻟﻤﻌـ ــﺎﺭﻑ ﺍ ٕ
ﺍﻻٔﺣﻜـ ــﺎﻡ ﺍﻟﺜّﺎﺑﺘـ ــﺔ ،ﻭﺧـ ــﺴﻮﻑ ﻗﻤـ ــﺮ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻢ ﺍﻟﻤﺮﺑّـ ــﻲ ﻟﻠﻌﺒـ ــﺎﺩ ،ﻭﺍﻧﻌـ ــﺪﺍﻡ ـﺼﻼﺡ ،ﺗﻈﻬــﺮ ـﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟـ ّ ﺻ ـ ْﺒﺢ ﺍﻟـ ّ ﺃﻋــﻼﻡ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳــﺔ ﻭﺍﻟﻔــﻼﺡ ،ﻭ ٕﺍﻇــﻼﻡ ُ
ـﺴﻤﺎء ﻫﻨ ــﺎ ﻫ ــﻮ ﻋﻼﻣ ــﺔ ﺍﺑ ــﻦ ﺍ ٕ ـﺴﻤﺎء .ﻭﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ﻣ ــﻦ ﺍﻟ ـ ّ ﻻﻧ ــﺴﺎﻥ ﻓ ــﻲ ﺍﻟ ـ ّ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓٕ .ﺍﺫ ﻋﻨﺪ ﻗﺮﺏ ﻇﻬﻮﺭ َﻓﻠﻚ ﺳـﻤﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌـﺪﻝ ،ﻭﺟﺮﻳـﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎء ّ ّ
ـﺴﻤﺎء ﻧﺠــﻢ ﺑﺤــﺴﺐ ُﻓﻠــﻚ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺑﺤــﺮ ﺍﻟﻌﻈﻤــﺔ ،ﻳﻈﻬــﺮ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ
ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﺑﻈﻬــﻮﺭ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻨّﻴــﺮ ﺍﻻٔﻋﻈــﻢ، ّ ـﺸ ًﺮﺍ ﻟﺨﻠــﻖ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮ ﻳﻜــﻮﻥ ﻣﺒـ ّ ـﺸ ًﺮﺍ ﻻٔﻫـ ــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻛﻤـ ــﺎ ﻳﻈﻬـ ــﺮ ﻓـ ــﻲ ﺳـ ــﻤﺎء ﺍﻟﻤﻌـ ــﺎﻧﻲ ﻧﺠـ ــﻢ ﻳﻜـ ــﻮﻥ ﻣﺒـ ـ ّ ﻻﻛﺮﻡ. ﻻﻗﻮﻡ ﺍ ٔ ﺑﺬﺍ ﻙ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺍ ٔ
٥٤
ـﺴﻤﺎء ـﺴﻤﺎء ّ ﺍﻟﻈ ـ ــﺎﻫﺮﺓ ،ﻭﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﻭﻫﺎﺗ ـ ــﺎﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣﺘ ـ ــﺎﻥ ﺗﻈﻬ ـ ــﺮﺍﻥ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﻛﻞ ﻧﺒﻲ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ،ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮﺭ ّ ّ
ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺫﻟﻚ ﺧﻠﻴﻞ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﻦ ،ﺣﻴﺚ ُﻗﺒﻴﻞ ﻇﻬﻮﺭ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ﺭﺃﻯ
ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻜﻬﻨــﺔ ،ﻓــﺄﺧﺒﺮﻭﻩ ﻋــﻦ ﻃﻠــﻮﻉ ﻧﺠـ ٍـﻢ ﺍﻟﻨّﻤــﺮﻭ ُﺩ ﻣﻨﺎ ًﻣــﺎ ،ﻓﺎﺳــﺘﻄﻠﻊ ﻓﻴــﻪ َ ـﺎﺱ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ ـﺴﻤﺎء .ﻛﻤــﺎ ﺃﻧّــﻪ ﻇﻬــﺮ ﻓــﻲ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺷــﺨﺺ ﺃﺧــﺬ ﻳﺒ ـ ِّﺸ ُﺮ ﺍﻟﻨّـ َ ﺑﻈﻬﻮﺭ ﺣﻀﺮﺗﻪ
ﻭﻣــﻦ ﺑﻌــﺪﻩ ﻛﺎﻧــﺖ ﺣﻜﺎﻳــﺔ ﻛﻠــﻴﻢ ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺃﺧﺒــﺮ ﻋﻨﻬــﺎ ﻛﻬﻨـ ُﺔ ﺫﺍ ﻙ
ـﺴﻤﺎء ،ﻭﻫ ــﻮ ﺩﻟﻴ ــﻞ ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻟﺰﻣ ــﺎﻥ ﻓﺮﻋ ــﻮﻥ ﺑ ــﺄ ّﻥ ﻛﻮﻛ ًﺒ ــﺎ ﻗ ــﺪ ﻃﻠ ــﻊ ﻓ ــﻲ ﺍﻟ ـ ّ ّ ﺍﻧﻌﻘــﺎﺩ ﻧﻄﻔــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻳــﺪﻫﺎ ﻳﻜــﻮﻥ ﻫﻼﻛــﻚ ﺃﻧــﺖ ﻭﻗﻮﻣــﻚ .ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻗــﺪ
ـﺸﺮ ﺑﻨــﻲ ٕﺍﺳــﺮﺍﺋﻴﻞ ﻓــﻲ ﺍﻟﻠّﻴــﺎﻟﻲُ ،ﻳــﺴﻠِّﻴﻬﻢ ﻭﻳﻄﻤﺌــﻨﻬﻢ ـﺎﻟﻢ ﻛــﺎﻥ ﻳﺒـ ِّ ﻇﻬــﺮ ﻋـ ٌ ﺗﻮﺧﻴﻨـ ــﺎ ﺗﻔـ ــﺼﻴﻞ ﺗﻠـ ــﻚ ﺍﻻٔﻣـ ــﻮﺭ ﻛﻤـ ــﺎ ﻫـ ــﻮ ﻣـ ــﺴﻄﻮﺭ ﻓ ـ ـﻲ ﺍﻟﻜﺘـ ــﺐ .ﻭﻟـ ــﻮ ّ
ـﺐ ﺃﻥ ﻧــﺬﻛﺮ ـﺼ ً ﻻٔﺻــﺒﺤﺖ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟ ّﺮﺳــﺎﻟﺔ ﻛﺘﺎ ًﺑــﺎ ﻣﻔـ ّ ﻼ .ﻛﻤــﺎ ﺃﻧّﻨــﺎ ﻻ ﻧﺤـ ّ
ﺣﻜﺎﻳــﺎﺕ ﺍﻻٔﻳّــﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﻟﻴــﺔ ،ﻭﻳــﺸﻬﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﺑــﺄ ّﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﺍﻟّــﺬﻱ ﺫﻛﺮﻧــﺎﻩ
ـﻞ ﻳــﺼﻞ ﺟﻤــﻊ ﻣــﻦ ـﺐ ﻟﺠﻨــﺎﺑﻜﻢ ،ﻟﻌـ ّ ﺍﻻٓﻥ ﻟــﻢ ﻳﻜــﻦ ٕﺍ ّ ﻻ ﻣــﻦ ﻓــﺮﻁ ﺍﻟﺤـ ِّ ﻓﻘــﺮﺍء ﺍﻻٔﺭﺽ ٕﺍﻟــﻰ ﺷــﺎﻃﺊ ﺍﻟﻐِ ﻨــﻰ ،ﺃﻭ َﺗـ ِﺮﺩ ﻓﺌــﺔ ﻣــﻦ ﺍﻟﺠ ّﻬــﺎﻝ ٕﺍﻟــﻰ ﺑﺤــﺮ
ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ،ﺃﻭ ﻳ ــﺼﻞ ﻃ ــﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﺍﻟﻤﺘﻌﻄ ــﺸﻮﻥ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺳﻠ ــﺴﺒﻴﻞ ّ ﻻ ﻓﺈ ّﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ .ﻭ ٕﺍ ّ
٥٥
ﻋﻈﻴﻤـﺎ ،ﻭﻳﺤـﺴﺒﻪ ﻋـﺼﻴﺎ ًﻧﺎ ﺍﻟﻌﺒﺪ َﻳ ُﻌ ّﺪ ﺍﻻﺷـﺘﻐﺎﻝ ﺑﻬـﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘـﺎﻻﺕ ﺫﻧ ًﺒـﺎ ً ﻛﺒﻴ ًﺮﺍ
ﺍﻃﻠﻊ ﻧﻔـﺮ ﻣـﻦ ﺍﻟﻤﺠـﻮﺱ ﺃﻳﻀﺎ ،ﻋﻨﺪ ﻗﺮﺏ ﻇﻬﻮﺭ ﻋﻴﺴﻰ ّ ﻭﻛﺬﻟﻚ ً
ـﺴﻤﺎء .ﻭﺍﻗﺘﻔــﻮﺍ ﺃ َﺛــﺮ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟـﻨّﺠﻢ ٕﺍﻟــﻰ ﻋﻠــﻰ ﻇﻬــﻮﺭ ﻧﺠــﻢ ﻋﻴــﺴﻰ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ
ﺃﻥ ﺩﺧﻠــﻮﺍ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻛﺎﻧــﺖ ﻣﻘ ـ ﺮ ﺳــﻠﻄﻨﺔ ﻫﻴﺮﻳــﺪﻭﺱ ،ﻭﻫــﻮ ﺍﻟّــﺬﻱ
ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺳ ــﻠﻄﻨﺔ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟ ــﻚ ﻓ ــﻲ ﻗﺒ ــﻀﺔ ﺗ ــﺼ ّﺮﻓﻪ ﻓ ــﻲ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻻٔﻳ ــﺎﻡ.
ﻻﻧّﻨــﺎ ﻭﺟــﺎء ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻤﺠــﻮﺱ ﻗــﺎﺋﻠﻴﻦ :ﺃﻳــﻦ ﻫــﻮ ﺍﻟﻤﻮﻟــﻮﺩ ﻣﻠــﻚ ﺍﻟﻴﻬــﻮﺩ؟ ٔ ﻗـ ــﺪ ﺭﺃﻳﻨـ ــﺎ ﻧﺠﻤـ ــﻪ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟﻤـ ــﺸﺮﻕ ﻭﻭﺍﻓﻴﻨـ ــﺎ ﻟﻨـ ــﺴﺠﺪ ﻟـ ــﻪ .ﻭﺑﻌـ ــﺪ ﺍﻟﺒﺤـ ــﺚ
ﺍﻟﻄﻔــﻞ ﻗــﺪ ﻭﻟــﺪ ﻓــﻲ ﺑﻴــﺖ ﻟﺤــﻢ ﺑــﺄﺭﺽ ﻭﺍﻟﻔﺤــﺺ ﻋﻠﻤــﻮﺍ ﺑــﺄ ّﻥ ﺫﺍ ﻙ ّ
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ .ﻭﺃ ّﻣــﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣــﺔ ﻓــﻲ ـﺴﻤﺎء ّ ﻳﻬــﻮﺫﺍ .ﻓﻬــﺬﻩ ﻫــﻲ ﺍﻟﻌﻼﻣــﺔ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ
ـﺴﻤﺎء ﺍﻟﺒﺎﻃﻨ ــﺔ ،ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻫ ــﻲ ﺳ ــﻤﺎء ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌ ــﺎﻧﻲ ﻓﻜﺎﻧ ــﺖ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟ ـ ّ ﻳﺒﺸﺮ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺑﻈﻬﻮﺭ ﻋﻴﺴﻰ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻋ ـﺰ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺯﻛﺮﻳّﺎ ،ﺍﻟّﺬﻱ ﻛﺎﻥ ّ
ـﻦ ﺍﻪﻠﻟِ َﻭ َﺳـ ـﻴِّ ًﺪﺍ ـﺼﺪِّ ًﻗﺎ ِﺑ َ ﻣ ــﻦ ﻗﺎﺋ ــﻞ﴿ﺍ ﻥ ﺍﻪﻠﻟَ ُﻳ َﺒـ ـ ِّﺸ ُﺮ َﻙ ِﺑ َﻴ ْ ﻜﻠ َِﻤ ـ ٍـﺔ ِّﻣ ـ َ ﺤ َﻴ ــﻰ ُﻣ ـ َ
ـﺼﻮ ًﺭﺍ﴾) (١ﻓﺎﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤــﺔ ﻫﻨــﺎ ،ﻫــﻮ ﺣــﻀﺮﺓ ﻋﻴــﺴﻰ ﺍﻟّــﺬﻱ َﻭ َﺣـ ُ ـﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ـﺸ ًﺮﺍ ﺑﻈﻬ ــﻮﺭﻩ .ﻭﻣ ــﺴﻄﻮ ٌﺭ ﺃﻳ ـ ً ـﻀﺎ ﻓ ــﻲ ﺍﻻٔﻟ ــﻮﺍﺡ ﺍﻟ ـ ّ ﻛ ــﺎﻥ ﻳﺤﻴ ــﻰ ﻣﺒ ـ ّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ:
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.
٥٦
ﻼ" :ﺗﻮﺑــﻮﺍ ﻓﻘ ـﺪ ﺍﻗﺘــﺮﺏ ﻣﻠﻜــﻮﺕ ﻛــﺎﻥ ﻳﻮﺣﻨــﺎ ﻳﻜــﺮﺯ ﻓــﻲ ﺑ ّﺮﻳّــﺔ ﻳﻬــﻮﺫﺍ ﻗــﺎﺋ ً
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ" ،ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﻳﻮﺣﻨّﺎ ﻫﻮ ﻳﺤﻴﻰ ّ
ﺍﻟﻤﺤﻤــﺪﻱ ﻗــﺪ ﻇﻬــﺮ ﺁﺛــﺎﺭ ﻓــﻲ ﻛــﺬﻟﻚ ﻛــﺎﻥ ﻗﺒــﻞ ﻇﻬــﻮﺭ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ّ
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ .ﻭﺃ ّﻣــﺎ ﺍﻻٓﺛــﺎﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨــﺔ ﻓﻘــﺪ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﺃﺭﺑﻌــﺔ ﺭﺟــﺎﻝ ﻭﺍﺣـ ًـﺪﺍ ـﺴﻤﺎء ّ ﺍﻟـ ّ
ـﺸﺮﻭﻥ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺑﻈﻬــﻮﺭ ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﻬﻮﻳّــﺔ .ﻭﻗــﺪ ﺑﻌــﺪ ﺍﻻٓﺧــﺮ ﻳﺒـ ّ
ﺗــﺸ ّﺮﻑ ﺑــﺸﺮﻑ ﺧــﺪﻣﺘﻬﻢ " ُﺭﻭﺯ َﺑ ـ ْﻪ" ﺍﻟّــﺬﻱ ُﺳـ ِّـﻤﻲ ﺑــﺴﻠﻤﺎﻥ ،ﻭﻛــﺎﻥ ﻛﻠّﻤــﺎ
ـﺸﺨﺺ ﺍﻻٓﺧـﺮ ٕﺍﻟـﻰ ﺣﻀﺮﺕ ﺍﻟﻮﻓﺎ ُﺓ ً ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻨﻬﻢ ُﻳﺮﺳﻞ " ُﺭﻭﺯ َﺑـ ْﻪ" ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟ ّ ﺃﻥ ﺃﺗــﺖ ﻧﻮﺑــﺔ ﺍﻟ ّﺮﺍﺑــﻊ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻗــﺎﻝ ﻟــﻪ ﻓــﻲ ﺣــﻴﻦ ﻭﻓﺎﺗــﻪ :ﻳــﺎ ﺭﻭﺯﺑــﻪ ﺍﺫﻫــﺐ
ـﺸﻤﺲ ﻣـﻦ ﺑﻌـﺪ ﺗﻜﻔﻴﻨـﻲ ﻭﺩﻓﻨـﻲ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟﺤﺠـﺎﺯ ﺣﻴـﺚ ﺗـﺸﺮﻕ ﻫﻨـﺎ ﻙ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّﺔ ﻭﻳﺎ ﺑﺸﺮﺍ ﻙ ﺑﻠﻘﺎء ﺣﻀﺮﺗﻪ ّ
ﻭﻟﻤ ــﺎ ﺑﻠﻐ ـﺖ ﺍﻻٔﻳّــﺎﻡ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ﺍﻟﺒ ــﺪﻳﻊ ﺍﻟﻤﻨﻴ ــﻊ ،ﺃﺧﺒ ــﺮ ﺃﻛﺜ ــﺮ ّ
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ .ﻛﻤــﺎ ﺃﻧّــﻪ ﻗــﺪ ﻛــﺎﻥ ـﺴﻤﺎء ّ ﺍﻟﻤﻨﺠﻤــﻴﻦ ﻋــﻦ ﻇﻬــﻮﺭ ﻧﺠــﻢ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ ّ ﻗﺪﺱ ﺍﻪﻠﻟ ﺗﺮﺑﺘﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺍﻟﻨّﻮﺭﺍﻥ ﺍﻟﻨّﻴّﺮﺍﻥ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﻛﺎﻇﻢ ّ
ﺃﻱ ﺃﺣ ــﺪ ﻣ ــﻦ ٕﺍﺫﴽ ﻗ ــﺪ ﺛﺒ ــﺖ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌ ــﺎﻧﻲ ﺑ ــﺄ ّﻥ ﻗﺒ ــﻞ ﻇﻬ ــﻮﺭ ّ
ﺍﻟﺴﻤﺎء ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّﺔ ،ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺫﻟﻚ ﺍ ّ ﻟﻈﻬﻮﺭ ﻓﻲ ّ
٥٧
ﻣﺤﻞ ﺷـﻤﺲ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ،ﻭﻗﻤـﺮ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ،ﺍﻟّﺘﻲ ﻫﻲ ّ ّ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ،ﻭﻓﻲ ّ ﺍﻟﺤﻜﻤ ــﺔ ﻭﺃﻧﺠ ــﻢ ﺍﻟﻤﻌ ــﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ ،ﻭﺗﻠ ــﻚ ﻋﺒ ــﺎﺭﺓ ﻋ ــﻦ ﻇﻬ ــﻮﺭ ٕﺍﻧ ــﺴﺎﻥ
ـﻞ ﻇﻬ ـ ــﻮﺭ ﻟﺘﺮﺑﻴ ـ ــﺔ ﺍﻟﻌﺒ ـ ــﺎﺩ ﻭ ٕﺍﻋ ـ ــﺪﺍﺩﻫﻢ ﻟﻤﻼﻗ ـ ــﺎﺓ ﺷ ـ ــﻤﺲ ﻛﺎﻣ ـ ــﻞ ﻗﺒ ـ ــﻞ ﻛ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ،ﻭﻗﻤﺮ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّﺔ
ﻻﻧــﺴﺎﻥ ﺃ ﻣــﺎ ﻗﻮﻟــﻪ :ﻭﺣﻴﻨﺌـ ٍـﺬ ﻳﻨــﻮﺡ ﻛـ ّ ـﻞ ﻗﺒﺎﺋــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻭﻳــﺮﻭﻥ ﺍﺑــﻦ ﺍ ٕ
ٍ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﺑﻘ ﻮﺓٍ ﻭﻣﺠﺪ ﻛﺒﻴﺮ .ﻓﺎﻟﺘّﻠﻤﻴﺢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺁﺗ ًﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺤﺎﺏ ّ
ﻻﻟﻬ ــﻲ ﻳﻘ ــﺼﺪ ﺑ ــﻪ ﺃﻧّ ــﻪ ﻓ ــﻲ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻮﻗ ــﺖ ﻳﻨ ــﻮﺡ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﻣ ــﻦ ﻓﻘ ــﺪﺍﻥ ﺍ ٕ ّ ﻻﻟﻬ ــﻲ ،ﻭﻗﻤ ــﺮ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ،ﻭﺃﻧﺠ ــﻢ ﺍﻟﺤﻜﻤ ــﺔ ﺍﻟﻠّﺪﻧّﻴّ ــﺔ، ﺷ ــﻤﺲ ﺍﻟﺠﻤ ــﺎﻝ ﺍ ٕ ّ ﻻ ﻣـﻦ ﻭﻳﺸﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍ ٔ ﻻﺛﻨـﺎء ﻃﻠﻌـﺔ ﺍﻟﻤﻮﻋـﻮﺩ ،ﻭﺟﻤـﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﺒـﻮﺩ ﻧـﺎﺯ ً
ﻻﻟﻬ ــﻲ ـﺴﺤﺎﺏ .ﻳﻌﻨ ــﻲ ﺃ ّﻥ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠﻤ ــﺎﻝ ﺍ ﺍﻟ ـ ّ ـﺴﻤﺎء ،ﻭﺭﺍﻛ ًﺒ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻟ ـ ّ ٕ ّ ﻳﻈﻬــﺮ ﻣــﻦ ﺳــﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤــﺸﻴﺌﺔ ﺍﻟﺮﺑّﺎﻧﻴّــﺔ ﻓــﻲ ﻫﻴﻜــﻞ ﺑــﺸﺮﻱ ،ﻭﻟــﻢ ﻳﻘــﺼﺪ ـﻞ ﻇﻬــﻮﺭ ﺗﻠــﻚ ﻻ ﺟﻬــﺔ ﺍﻟﻌﻠـ ّﻮ ﻭﺍﻟـﺴﻤ ّﻮ ،ﺍﻟّﺘــﻲ ﻫــﻲ ﻣﺤـ ـﺴﻤﺎء ﻫﻨــﺎ ٕﺍ ّ ﻣـﻦ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﻤـ ــﺸﺎﺭﻕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـ ـﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻤﻄ ـ ــﺎﻟﻊ ﺍﻟﻘﺪﻣﻴّـ ــﺔ .ﻭﻟ ـ ــﻮ ﺃ ّﻥ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﻨﻮﻧ ـ ــﺎﺕ
ﻻ ﺃﻧّﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻗﺪ ﻇﻬﺮﺕ ﻣﻦ ﺑﻄﻮﻥ ﺍﻻٔ ّﻣﻬﺎﺕ ﺑﺤﺴﺐ ّ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ٕﺍ ّ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـ ــﺔ ﻧـ ــﺎﺯﻟﻮﻥ ﻣـ ــﻦ ﺳـ ــﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻻٔﻣـ ــﺮ ،ﻭ ٕﺍﻥ ﻳﻜﻮﻧـ ــﻮﺍ ﺳـ ــﺎﻛﻨﻴﻦ ﻋﻠـ ــﻰ
ﻻ ﺃﻧّﻬــﻢ ﻣﺘّﻜﺌــﻮﻥ ﻋﻠــﻰ ﺭﻓــﺮﻑ ﺍﻟﻤﻌــﺎﻧﻲ .ﻭﺣﻴﺜﻤــﺎ ﻳﻤــﺸﻮﻥ ﺍ ٔ ﻻﺭﺽٕ ،ﺍ ّ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﺈﻧّﻬﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻃﺎﺋﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻫﻮﺍء ﺍﻟﻘﺮﺏ .ﻳﻤﺸﻮﻥ ﻋﻠﻰ
٥٨
ﺃﺭﺽ ﺍﻟ ّﺮﻭﺡ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﺮﻛـﺔ ﺍﻟ ّﺮﺟـﻞ ،ﻭﻳﻄﻴـﺮﻭﻥ ٕﺍﻟـﻰ ﻣﻌـﺎﺭﺝ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـﺔ ﺑﻐﻴـﺮ
ﻻﺑﺪﺍﻉ ﻣـﻦ ﻣـﺸﺮﻗﻪ ٕﺍﻟـﻰ ﻣﻐﺮﺑـﻪ، ﺟﻨﺎﺡ .ﻭﻓﻲ ّ ﻛﻞ َﻧ َﻔﺲ ﻳﻄﻮﻭﻥ ﻋﺎﻟﻢ ﺍ ٕ
ـﺸﻬﺎﺩﺓ ،ﻣـﺴﺘﻘ ّﺮﻭﻥ ﻋﻠـﻰ ﻭﻓﻲ ﻛ ّ ـﻞ ﺁﻥ ﻳﻤـ ّﺮﻭﻥ ﻋﻠـﻰ ﻣﻠﻜـﻮﺕ ﺍﻟﻐﻴـﺐ ﻭﺍﻟ ّ
ـﻞ ﻳـﻮﻡ ﻫـﻮ ﻋﺮﺵ ﻻ ﻳﺸﻐﻠﻪ ﺷﺄﻥ ﻋـﻦ ﺷـﺄﻥ .ﻭﺟﺎﻟـﺴﻮﻥ ﻋﻠـﻰ ﻛﺮﺳـﻲ :ﻛ ّ
ﻓ ــﻲ ﺷ ــﺄﻥ .ﻣﺒﻌﻮﺛ ــﻮﻥ ﻣ ــﻦ ﻋﻠ ـ ـ ّﻮ ﻗ ــﺪﺭﺓ ﺳ ــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻘ ــﺪﻡ ،ﻭﺳ ــﻤ ّﻮ ﻣ ــﺸﻴﺌﺔ
ﺍﻟﺴﻤﺎء ﺍﻟﻤﻠﻴﻚ ﺍﻻٔﻋﻈﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ٕﺍﻧّﻬﻢ ﻳﻨﺰﻟﻮﻥ ﻣﻦ ّ
ـﺴﻤﺎء ﻓ ــﻲ ﺑﻴﺎﻧ ــﺎﺕ ﺷ ــﻤﻮﺱ ﺍﻟﻤﻌ ــﺎﻧﻲ ﻭﺍﻋﻠ ــﻢ ﺃﻧّ ــﻪ ﻳﻄﻠ ــﻖ ﻟﻔ ــﻆ ﺍﻟ ـ ّ
ﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻤﺎء ﺍﻻٔﻣﺮ ،ﻭﺳﻤﺎء ﺍﻟﻤـﺸﻴﺌﺔ ،ﻭﺳـﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﻛﺜﻴﺮﺓ :ﻓﻤﺜ ً
ﻻﻳﻘــﺎﻥ ،ﻭﺳــﻤﺎء ﺍﻟﺘّﺒﻴــﺎﻥ ،ﻭﺳــﻤﺎء ﻻﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﺳــﻤﺎء ﺍﻟﻌﺮﻓــﺎﻥ ،ﻭﺳــﻤﺎء ﺍ ٕ ﺍ ٕ
ـﻞ ﻣﻘ ــﺎﻡ ﺃﺭﺍﺩ ﻣ ــﻦ ﻟﻔ ــﻆ ّ ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ،ﻭﺳ ــﻤﺎء ﺍﻟﺒﻄ ــﻮﻥ ،ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬ ــﺎ .ﻓﻔ ــﻲ ﻛ ـ ّ ـﺼﻮﺻﺎ ﻻ ﻳﺪﺭﻛــﻪ ﺃﺣــﺪ ﻏﻴــﺮ ﺍﻟــﻮﺍﻗﻔﻴﻦ ﻋﻠــﻰ ﺃﺳــﺮﺍﺭ ـﺴﻤﺎء ﻣﻌﻨــﻰ ﻣﺨـ ً ﺍﻟـ ّ
ـﺴ َﻤﺎء ﺍﻻٔﺣﺪﻳّﺔ، ﻭﺍﻟﺸﺎﺭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﺆﻭﺱ ﺍﻻٔﺯﻟﻴّﺔ .ﻓﻤﺜ ً ﻼ ﻳﻘـﻮﻝ﴿ َﻭﻓِ ﻲ ﺍﻟ ّ ﻭﻥ﴾) (١ﻭﺍﻟﺤ ـ ــﺎﻝ ﺃ ّﻥ ﺍﻟـ ـ ـ ّﺮﺯﻕ ﻳﻨﺒ ـ ــﺖ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻻٔﺭﺽ. ِﺭ ْﺯ ُﻗ ُ ﻮﻋ ـ ـ ُـﺪ َ ﻜ ـ ـ ْـﻢ َﻭ َﻣ ـ ــﺎ ُﺗ َ
ـﺴﻤﺎء" ﻣـﻊ ﺃﻧّﻬــﺎ ﺗﻈﻬــﺮ ﻣــﻦ ﻟــﺴﺎﻥ ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟــﻪ" :ﺍﻻٔﺳــﻤﺎء ﺗﻨــﺰﻝ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ.
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬّ ﺍﺭﻳﺎﺕ.
٥٩
ﻭﻃﻬﺮﺗﻬــﺎ ﻣــﻦ ﻏﺒــﺎﺭ ﺍﻟﻐــﺮﺽ، ﻓــﺈﻥ ﺃﻧــﺖ ّ ﻧﻈﻔــﺖ ﻭﻟــﻮ ﻗﻠــﻴ ً ﻼ ﻣــﺮﺁﺓ ﻗﻠﺒــﻚ
ﻓﺈﻧّـ ــﻚ ﺗـ ــﺪﺭ ﻙ ﺟﻤﻴـ ــﻊ ﺍﻟﺘّﻠﻤﻴﺤـ ــﺎﺕ ﻓـ ــﻲ ﻛﻠﻤـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ــﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌـ ــﺔ
ـﻞ ﻇﻬ ــﻮﺭ .ﻭﻣ ــﺎ ﻟ ــﻢ ﺗﺤ ــﺮﻕ ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ،ﻭﺗﻘ ــﻒ ﻋﻠ ــﻰ ﺃﺳ ــﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ ﺍ ٕ
ﺍﻟﺤﺠﺒـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴّـ ــﺔ ﺍﻟﻤـ ــﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻬـ ــﺎ ﺑـ ــﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒـ ــﺎﺩ ﺑﻨـ ــﺎﺭ ﺍﻻﻧﻘﻄـ ــﺎﻉ، ﻓﺈﻧّﻚ ﻻ ﺗﻔﻮﺯ ﺑﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻲ ّ ّ
ﻭﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻋﻠﻤــﺎﻥ :ﻋﻠــﻢ ٕﺍﻟﻬــﻲ ،ﻭﻋﻠــﻢ ﺷــﻴﻄﺎﻧﻲ ،ﺃ ّﻭﻟﻬﻤــﺎ ﻳﻈﻬــﺮ ﻣــﻦ ّ ّ ﻻﻧﻔــﺲ ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﻲ ،ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﻤــﺎ ﻳﺒــﺪﻭ ﻣــﻦ ﺗﺨـﻴّﻼﺕ ﺍ ٔ ٕﺍﻟﻬﺎﻣــﺎﺕ ﺍﻟـ ّ ّ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﻧﻴّـ ــﺔ .ﻓﻤﻌﻠّـ ــﻢ ﺫﺍ ﻙ ﺣـ ــﻀﺮﺓ ﺍﻟﺒـ ــﺎﺭﻱ ،ﻭﻣﻌﻠّـ ــﻢ ﻫـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻮﺳـ ــﺎﻭﺱ ّ
ﻻ ّﻭﻝ :ﺍﺗّﻘﻮﺍ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻳﻌﻠّﻤﻜﻢ ﺍﻪﻠﻟ .ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜـﺎﻧﻲ :ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﺍﻟﻨّﻔﺴﺎﻧﻴّﺔ .ﺑﻴﺎﻥ ﺍ ٔ ـﺸﻮﻕ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓــﺎﻥ ـﺸﺠ ِﺮ ﺍﻟـ ﻫــﻮ ﺍﻟﺤﺠــﺎﺏ ﺍﻻٔﻛﺒــﺮ .ﺃﺛﻤــﺎﺭ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟـ ّ ـﺼﺒ ُﺮ ﻭﺍﻟـ ّ
ـﺸﺠﺮ ﺍﻟﻜﺒ ـ ُﺮ ﻭﺍﻟﻐــﺮﻭﺭ ﻭﺍﻟﻨّﺨــﻮﺓ .ﻭﻣــﻦ ﺑﻴﺎﻧــﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒّــﺔ ،ﻭﺃﺛﻤــﺎﺭ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟـ ّ ـﺸﻢ ﻣﻨــﻪ ﺃﺻــﺤﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺫﻛﺮﻭﻫــﺎ ﻓــﻲ ﻣﻌﻨــﻰ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ،ﺃﻧّــﻪ ﻻ ﻳﺴﺘـ ّ
ﻟﻈﻠﻤﺎﻧﻴّــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺃﺣﺎﻃــﺖ ﻇﻠﻤ ُﺘﻬــﺎ ﺃﻳّــﺔ ﺭﺍﺋﺤــﺔ ﻣــﻦ ﺭﻭﺍﺋــﺢ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺍ ّ
ﻻ ـﺸﺠﺮ ٕﺍﻻ ﺍﻟﺒﻐــﻲ ﻭﺍﻟﻔﺤــﺸﺎء ،ﻭﻻ ﻳــﺄﺗﻲ ٕﺍ ّ ﻛـ ّ ـﻞ ﺍﻟــﺒﻼﺩ .ﻻ ﻳﺜﻤــﺮ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟـ ّ ﺳﻢ ﻗﺎﺗﻞ ،ﻭﻇﻠّﻪ ﻧﺎﺭ ﻣﻬﻠﻜﺔ ،ﻓﻨﻌﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ: ّ ﺑﺎﻟﻐﻞ ﻭﺍﻟﺒﻐﻀﺎء ،ﺛﻤﺮﻩ ّ ﺗﻤﺴﻚ ﺑﺄﺫﻳﺎﻝ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻓﺄﺧﻠﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎ ّ
ﻭﺧﻞِّ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻨّﺎﺳﻜﻴﻦ ﻭ ٕﺍﻥ ﺟﻠّﻮﺍ
٦٠
ـﻞ ﻣـﺎ ﺳـﻤﻌﺘﻪ ،ﻭﺗﻘ ّـﺪﺱ ﺍﻟﻘﻠـﺐ ﻋـﻦ ـﺼﺪﺭ ﻋـﻦ ﻛ ّ ﻓﻴﺠﺐ ٕﺍﺫًﺍ ﺃﻥ ُﺗﻨ ِّﺰﻩ ﺍﻟ ّ
ﻻﻟﻬﺎﻣ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴ ـ ــﺔ، ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﺍﻟﺘّﻌﻠّﻘ ـ ــﺎﺕ ﻛ ـ ــﻲ ﺗﻜ ـ ــﻮﻥ ﻣﺤ ـ ـ ّ ـﻞ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺍ ٕ ـﺴﺎﻟﻚ ﻓــﻲ ﺍﻟ ـﻨّﻬﺞ ﻭﻣــﺴﺘﻮﺩﻉ ﺃﺳــﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺍﻟﺮﺑّﺎﻧّﻴّــﺔ .ﻭﻟﻬــﺬﺍ ﻳﻘــﻮﻝ "ﺍﻟـ ّ
ـﺎﻟﻜﻒ ﺍﻟﺒﻴـ ــﻀﺎء ﻭﺍﻟ ـ ـ ّﺮﻛﻦ ﺍﻟﺤﻤـ ــﺮﺍء ﻟـ ــﻦ ﻳـ ــﺼﻞ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﻣﻘـ ــﺎﻡ ﻭﻃﻨـ ــﻪ ٕﺍﻻ ﺑـ ـ ِّ
ـﺴﺎﻟﻚ .ﻓ ِّ ﻜــﺮ ﻓﻴــﻪ ﻣﻠﻴــﺎ ﺍﻟـ ِّ ﻋﻤــﺎ ﻓــﻲ ﺃﻳــﺪﻱ ﺍﻟﻨــﺎﺱ" ﻫــﺬﺍ ﺷــﺮﻁ ﺍﻟـ ّ ـﺼﻔﺮ ّ
ﻭﺗﻌ ّﻘﻠـ ـ ــﻪ ،ﺣﺘّـ ـ ــﻰ ﺗﻘـ ـ ــﻒ ﻋﻠـ ـ ــﻰ ﻣﻘـ ـ ــﺼﻮﺩ ﺍﻟﻜﺘـ ـ ــﺎﺏ ﻣـ ـ ــﻦ ﻏﻴـ ـ ــﺮ ﺳـ ـ ــﺘﺮ ﻭﻻ ﺣﺠﺎﺏ
ﻛﻞ ﻣـﺎ ﺫﻛـﺮ ﻫـﻮ ﻓـﻲ ﻭﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺭ ﻗﺪ ﺑﻌﺪﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻘﺼﺪ ،ﻭﻟﻮ ﺃ ّﻥ ّ
ـﻞ ﻣــﻦ ـﺴﻤﺎ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ﻛﻠّﻤــﺎ ﺃﺭﺩﺕ ﺍﻻﺧﺘــﺼﺎﺭ ﻭﺍﻻﻛﺘﻔــﺎء ﺑﺎ ٔ ﻻﻗـ ّ ﺍﻟﻤﻄﻠــﺐ ،ﻗـ ً
ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ،ﺃﺭﻯ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻳﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻴـﺪ ،ﻭﻣـﻊ ﺫﻟـﻚ ﻓﻜـﻢ ﻣـﻦ ﻻٓﻟـﺊ ﻋﺼﻤﺎء ﻻ ﻋﺪﺍﺩ ﻟﻬـﺎ ،ﻟـﻢ ﺗـﺰﻝ ﻣﻮﺩﻋـﺔ ﻓـﻲ ﺻـﺪﻑ ﺍﻟﻘﻠـﺐ ،ﻭﻛـﻢ ﻣـﻦ
ﺣﻮﺭﻳّ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌ ـ ــﺎﻧﻲ ﻟ ـ ــﻢ ﺗ ـ ــﺰﻝ ﻣ ـ ــﺴﺘﻮﺭ ًﺓ ﻓ ـ ــﻲ ﻏﺮﻓ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻤ ـ ــﺔ ،ﻟ ـ ــﻢ ـﺲ َﻗـ ـ ْﺒ َﻠ ُﻬ ْﻢ َﻭﻻ ﻦ ﺍﻧ ـ ٌ ﻦ ﺃﺣ ــﺪ ،ﻛﻤ ــﺎ ﻗ ــﺎﻝ ﺗﻌ ــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻟ ـ ْـﻢ َﻳ ْﻄ ِﻤـ ـ ْﺜ ُﻬ ﻳﻤﺴ ــﺴﻬ ّ
)(١ ـﻞ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧ ـ ــﺎﺕ ،ﻛ ـ ــﺄﻧّﻲ ﻟ ـ ــﻢ ﺃﺫﻛ ـ ــﺮ ﺣﺮ ًﻓ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﻦ َﺟ ـ ــﺎ ﻥ﴾ ﻭﻣ ـ ــﻊ ﻛ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ،ﻭﻟــﻢ ﺁﺕ ﺑﺮﻣــﺰ ﻋــﻦ ﺍﻟﻤﻄﻠــﻮﺏ .ﻓﻤﺘــﻰ ﻳﻮﺟــﺪ ﻣﺤــﺮﻡ ﺃﻣــﻴﻦ
ﻼﺣﺮﺍﻡ ﻓﻲ ﺣﺮﻡ ﻟﻠﺴ ّﺮ ّ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻟ ٕ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﻦ.
٦١
ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ،ﻭﺍﻟﻮﺻـﻮﻝ ٕﺍﻟـﻰ ﻛﻌﺒـﺔ ﺍﻟﻤﻘـﺼﻮﺩ ،ﻛـﻲ ﻳـﺮﻯ ﻭﻳـﺴﻤﻊ ﺃﺳـﺮﺍﺭ
ـﺴﻤﺎء ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﻣــﻦ ﺩﻭﻥ ﺳــﻤﻊ ﻭﻻ ﻟــﺴﺎﻥٕ .ﺍﺫًﺍ ﺃﺻــﺒﺢ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ ﻓـ ــﻲ ﺍﻻٓﻳـ ــﺔ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟـ ــﺔ ﻣﻌﻠﻮ ًﻣـ ــﺎ ﻭﻣﻔﻬﻮ ًﻣـ ــﺎ ﻣـ ــﻦ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤـ ــﺔ
ﻼﺋﺤﺔ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ ﺍﻟ ّ
ـﺎﻡ ،ﻓـﺎﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣـﻦ ﺍﻟﻐﻤـﺎﻡ ﺃ ّﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪٕ :ﺍﻧّﻪ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟ ّ ـﺴﺤﺎﺏ ﻭﺍﻟﻐﻤ ِ
ﻫﻨــﺎ -ﻫــﻮ ﺗﻠــﻚ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔــﺔ ﻻٔﻫــﻮﺍء ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻭﻣﻴــﻮﻟﻬﻢ ،ﻛﻤــﺎ ﻭﺭﺩ ﻜ َﺒ ْﺮ ُﺗ ْﻢ ﺍﺳ ـ َﺘ ْ ﻓــﻲ ﺍﻻٓﻳــﺔ﴿ﺍ َ ﻓ ُ ـﺴ ُ ﻜﻠَ ﻤﺎ َﺟــﺎء ُﻛ ْﻢ َﺭ ُﺳــﻮﻝٌ ِﺑ َﻤــﺎ َ ﻜ ُﻢ ْ ﻻ َﺗ ْﻬ ـ َﻮﻯ ﺍﻧ ُﻔـ ُ
ـﻮﻥ﴾) (١ﻭﺫﻟ ــﻚ ﻣ ــﻦ ﻗﺒﻴ ــﻞ ﺗﻐﻴﻴ ــﺮ ﺍﻻٔﺣﻜ ــﺎﻡ َﻓ َﻔ ِﺮﻳ ًﻘ ــﺎ َﻛ ـ ـﺬ ْﺑ ُﺘ ْﻢ َﻭ َﻓ ِﺮﻳ ًﻘ ــﺎ َﺗ ْﻘ ُﺘ ُﻠ ـ َ
ـﺸﺮﺍﺋﻊ ﻭﺍﺭﺗﻔــﺎﻉ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋــﺪ ﻭﺍﻟ ّﺮﺳــﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳّــﺔ ﻭﺗﻘـ ـﺪﻡ ﺍﻟﻤــﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺗﺒــﺪﻳﻞ ﺍﻟـ ّ ﻣــﻦ ﺍﻟﻌــﻮﺍﻡ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﺿــﻴﻦ ﻣــﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤــﺎء .ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳﻘــﺼﺪ ﺑــﻪ ﻇﻬــﻮﺭ
ﺫﻟ ــﻚ ﺍﻟﺠﻤ ــﺎﻝ ﺍﻻٔﺯﻟ ــﻲ ﺧﺎﺿـ ـ ًﻌﺎ ﻟﻠﺤ ــﺪﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺒ ــﺸﺮﻳّﺔ ،ﻣﺜ ــﻞ ﺍﻻٔﻛ ــﻞ ّ ﻭﺍﻟﺬﻟّــﺔ ،ﻭﺍﻟﻨّــﻮﻡ ﻭﺍﻟﻴﻘﻈــﺔ ،ﻭﺃﻣﺜــﺎﻝ ﻭﺍﻟــﺸﺮﺏ ،ﻭﺍﻟﻔﻘــﺮ ﻭﺍﻟﻐﻨــﻰ ،ﻭﺍﻟﻌـ ـﺰﺓ ّ
ـﻞ ﻫـ ـ ــﺬﻩ ـﺸﺒﻬﺔ ﻋﻨـ ـ ــﺪ ﺍﻟﻨّـ ـ ــﺎﺱ ﻭﻳﺤﺠـ ـ ــﺒﻬﻢ .ﻓﻜـ ـ ـ ّ ﻣﻤ ـ ـ ـﺎ ﻳﺜﻴـ ـ ــﺮ ﺍﻟـ ـ ـ ّ ﺫﻟـ ـ ــﻚّ ،
ﺍﻟﺤﺠﺒﺎﺕ ﻗﺪ ﻋﺒّﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐﻤﺎﻡ
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﻤﺎﻡ ﺍﻟّﺬﻱ ﺑﻪ ﺗﺘﺸ ّﻘﻖ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
٦٢
ـﺸ ﻘ ُﻖ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓ ــﺎﻥ ﻟﻜ ـ ّ ـﻞ ﻣ ــﻦ ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ .ﻛﻤ ــﺎ ﻗ ــﺎﻝ ﺗﻌ ــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻳـ ـ ْﻮ َﻡ َﺗ ـ َ
ـﺎﻡ﴾) (١ﻭﻛﻤ ـ ــﺎ ﺃ ّﻥ ﺍﻟﻐﻤ ـ ــﺎﻡ ﻳﻤﻨ ـ ــﻊ ﺃﺑ ـ ــﺼﺎﺭ ﺍﻟﻨّ ـ ــﺎﺱ ﻋ ـ ــﻦ ﺍﻟ ـ ـ ﺎء ِﺑﺎ ْﻟ َﻐ َﻤ ـ ـ ِ ـﺴ َﻤ ُ
ـﺸﺆﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤـﺬﻛﻮﺭﺓ ﺗﻤﻨـﻊ ﻟﺸﻤﺲ ّ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮﺓ ،ﻛـﺬﻟﻚ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟ ّ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍ ّ
ﺍﻟﻌﺒـ ــﺎﺩ ﻋـ ــﻦ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺷـ ــﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـ ــﺔ .ﻳـ ــﺸﻬﺪ ﺑـ ــﺬﻟﻚ ﻣـ ــﺎ ﺟـ ــﺎء ﻓـ ــﻲ
ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ﻋـﻦ ﻟـﺴﺎﻥ ﺍﻟﻜ ّﻔـﺎﺭَ ﴿ .ﻭ َﻗـﺎ ُﻟﻮﺍ َﻣ ِ ـﺎﻝ َﻫ َـﺬﺍ ﺍﻟ ﺮ ُﺳ ِ ﺍﻟﻄ َﻌـﺎ َﻡ ـﻞ ـﻮﻝ َﻳﺎُ ﻛ ُ َﻭ َﻳ ْﻤ ـ ِـﺸﻲ ﻓِ ــﻲ ﺍﻻْ ﺳ ـ َﻮ ِ ـﻮﻥ َﻣ َﻌ ـ ُـﻪ َﻧ ـ ِـﺬﻳ ًﺮﺍ﴾ ﺍﻕ َﻟ ـ ْﻮﻻ ﺍﻧ ـ ِﺰ َﻝ ﺍ َﻟ ْﻴ ــﻪِ َﻣ َﻠ ـ ٌ ـﻚ َﻓ َﻴ ُ ﻜـ َ
)(٢
ـﺎﻫﺮﻱ ،ﻛﻤــﺎ ﻟــﻮﺣﻆ ﺣﻴــﺚ ﻗــﺪ ﻟــﻮﺣﻆ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﻓﻘــﺮ ﻭﺍﺑــﺘﻼء ﻇـ ّ ﻻﻣـﺮﺍﺽ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳّﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴـﻞ ﺍﻟﺠـﻮﻉ ﻭﺍ ٔ ً
ـﺸﺆﻭﻥ ﻣ ــﻦ ﺗﻠ ــﻚ ﻭﺍﻟﺤ ــﻮﺍﺩﺙ ﺍ ٕ ﻭﻟﻤ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ّ ﻻﻣﻜﺎﻧﻴّ ــﺔّ .
ﻚ ﻭﺍﻟ ّﺮﻳ ــﺐ، ـﺸ ّ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛ ــﻞ ﺍﻟﻘﺪﺳـ ـﻴّﺔ ﻛ ــﺎﻥ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﻳﺘﻴﻬ ــﻮﻥ ﻓ ــﻲ ﻓﻴ ــﺎﻓﻲ ﺍﻟ ـ ّ
ـﺴﺎ ﺗـﺄﺗﻲ ﻭﻳﻬﻴﻤﻮﻥ ﻓـﻲ ﺑـﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟـﻮﻫﻢ ﻭﺍﻟﺤﻴـﺮﺓ ﻣـﺴﺘﻐﺮﺑﻴﻦ :ﻛﻴـﻒ ﺃ ّﻥ ﻧﻔ ً
ـﻞ ﻣــﻦ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ، ﻣــﻦ ﺟﺎﻧــﺐ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺗـ ّـﺪﻋﻲ ٕﺍﻇﻬــﺎﺭ ﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻛـ ّ
ﻭﺗﻨــﺴﺐ ٕﺍﻟــﻰ ﻧﻔــﺴﻬﺎ ﺃﻧّﻬــﺎ ﻋﻠــﺔ ﺧﻠــﻖ ﺍﻟﻤﻮﺟــﻮﺩﺍﺕ ﻛﻤــﺎ ﻗــﺎﻝ ) َﻟ ـ ْﻮﻻ َﻙ
ﺖ ﺍﻻْ ﻓﻼ َﻙ( ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺒﺘﻠﻴﺔ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻻٔﻣﻮﺭ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴّـﺔ َﻟ َﻤﺎ َﺧ َﻠ ْﻘ ُ ﻛﻞ ﻧﺒﻲ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴّﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﺑﺘﻼء ّ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ.
٦٣
ﻭﺍﻟﺬﻟ ــﺔ ،ﺣﻴ ــﺚ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﺳ ــﻠﻮﻥ ﺭﺅﻭﺱ ﺃﺻ ــﺤﺎﺑﻬﻢ ﺑ ــﺎﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻻٔﻣ ــﺮﺍﺽ ّ
ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﺍﺋﻦ ﻛﻬﺪﺍﻳﺎ .ﻭﻳﻤﻨﻌﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ ٕﺍﻇﻬﺎﺭ ﻣﺎ ﺍﻣﺮﻭﺍ ﺑﻪ. ّ ﻣــﻨﻬﻢ ﻛــﺎﻥ ﻣﺒﺘﻠــﻲ ﺗﺤــﺖ ﺃﻳــﺪﻱ ﺃﻋــﺪﺍء ﺍﻟـ ّـﺪﻳﻦ ،ﺑﺪﺭﺟــﺔ ﺃﻧّﻬــﻢ ﺻــﻨﻌﻮﺍ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﺼﻨﻌﻮﻩ ﺑﻬﻢ ّ
ـﻞ ﻭﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠـ ــﻮﻡ ﺃ ّﻥ ﺍﻟﺘّﻐﻴﻴـ ــﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘّﺒـ ــﺪﻳﻼﺕ ﺍﻟّﺘـ ــﻲ ﺗﻘـ ــﻊ ﻓـ ــﻲ ﻛـ ـ ّ
ﻇﻬــﻮﺭ ﻫــﻲ ﻋﺒــﺎﺭﺓ ﻋــﻦ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻐﻤــﺎﻡ ﺍﻟﻤﻈﻠــﻢ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻳﺤــﻮﻝ ﺑــﻴﻦ ﺑــﺼﺮ ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺃﺷ ــﺮﻗﺖ ﻣ ــﻦ ـﺸﻤﺲ ﺍ ٕ ﻋﺮﻓ ــﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﻭﻣﻌ ــﺮﻓﺘﻬﻢ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻟ ـ ّ
ﻣ ـ ـ ــﺸﺮﻕ ﺍﻟﻬﻮﻳّ ـ ـ ــﺔ ،ﻭﺫﻟ ـ ـ ــﻚ ﻻٔ ّﻥ ﺍﻟﻌﺒ ـ ـ ــﺎﺩ ﺑ ـ ـ ــﺎﻗﻮﻥ ﻋﻠ ـ ـ ــﻰ ﺗﻘﻠﻴ ـ ـ ــﺪ ﺁﺑ ـ ـ ــﺎﺋﻬﻢ
ﺍﻟﻄﺮﺍﺋــﻖ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠــﺔ ،ﻭﻣﺘﺮﺑّــﻮﻥ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٓﺩﺍﺏ ﻭ ّ ـﺴﻨﻴﻦ ّ ﻭﺃﺟــﺪﺍﺩﻫﻢ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟـ ّ
ـﻢ ﺩﻓﻌــﺔ ﻭﺍﺣــﺪﺓ ﻳــﺴﻤﻌﻮﻥ ـﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤــﺔ .ﺛـ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻛﺎﻧــﺖ ﻣﻘـ ﺮﺭﺓ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ ﻼ ﻟﻬــﻢ ﻓــﻲ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﺤــﺪﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺒــﺸﺮﻳّﺔ ،ﻳﻘــﻮﻡ ـﺼﺎ ﻣﻤــﺎﺛ ً ﺃﻭ ﻳــﺮﻭﻥ ﺷﺨـ ً
ـﺸﺮﻋﻴّﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺗﺮﺑــﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬــﺎ ﻗﺮﻭ ًﻧــﺎ ﻣــﻦ ﺑﻴــﻨﻬﻢ ﻭﻳﻨــﺴﺦ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﺤــﺪﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟـ ّ
ﻳﻌﺪﻭﻥ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻟﻬﺎ ،ﻛﺎﻓ ًﺮﺍ ﻭﻓﺎﺳـ ًﻘﺎ ﻭﻓـﺎﺟ ًﺮﺍ. ﻣﺘﻮﺍﺗﺮﺓ ،ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ّ ﺑﺪ ﺃ ّﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻣﻮﺭ ﺗﻜـﻮﻥ ﺣﺠﺎ ًﺑـﺎ ﻭﻏﻤﺎ ًﻣـﺎ ﻟﻠّـﺬﻳﻦ ﻟـﻢ ﺗـﺬﻕ ﻗﻠـﻮﺑﻬﻢ ﻓﻼ
ﺳﻠــﺴﺒﻴﻞ ﺍﻻﻧﻘﻄــﺎﻉ ،ﻭﻟــﻢ ﺗــﺸﺮﺏ ﻣــﻦ ﻛــﻮﺛﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ .ﻭﻳﺤﺘﺠﺒــﻮﻥ ﻋــﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﻤﺠ ّﺮﺩ ﺍﺳـﺘﻤﺎﻋﻬﻢ ﻟﻬـﺬﻩ ﺍﻻٔﻣـﻮﺭ .ﻭﺑـﺪﻭﻥ ﺳـﺆﺍﻝ ﻋﺮﻓﺎﻥ ﺗﻠﻚ ّ
ﻭﻻ ﺟﻮﺍﺏ ﻳﺤﻜﻤﻮﻥ ﺑﻜﻔﺮﻩ ،ﻭﻳﻔﺘﻮﻥ ﺑﻘﺘﻠﻪ .ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ
٦٤
ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻣﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻻٔﻭﻟﻰّ ، ﻭﺳﻤﻌﺖ ّ ﻭﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ّ
ﻣﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪﺗﻪٕ ،ﺍﺫًﺍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺒﺬﻝ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﺣﺘّﻰ ﺃﻧّﻨﺎ ﺑﻔـﻀﻞ ﺃﻳﻀﺎ ً ّ
ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﻧﻴّـ ــﺔ ،ﻭﻏﻤ ـ ــﺎﻡ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴ ـ ــﺪﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴـ ــﺔ ﻻ ُﻧﺤ ـ ـ َﺮﻡ ﺑﻬ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺤﺠﺒ ـ ــﺎﺕ ّ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺮﺑّﺎﻧﻴّﺔ ،ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠﻤـﺎﻝ ﺍﻟﻨّـﻮﺭﺍﻧﻲ ،ﻭﻧﻌﺮﻓـﻪ ّ ﺑﺤﺠ ــﺔ ﺣﺠ ــﺔ ،ﻓﻨﻜﺘﻔ ــﻲ ّ ﻫ ــﻮ ﺑﻨﻔ ــﺴﻪ ﻻ ﺑ ــﺸﻲء ﺁﺧ ــﺮ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣ ــﺎ ﺃﺭﺩﻧ ــﺎ ّ
ﻼﻣﺘﻨــﺎﻫﻲ ،ﺍﻟّــﺬﻱ ﻭﺍﺣــﺪﺓ ﻭﺑﺮﻫــﺎﻥ ﻭﺍﺣــﺪ ﺣﺘّــﻰ ﻧﻔــﻮﺯ ﺑﻤﻨﺒــﻊ ﺍﻟﻔــﻴﺾ ﺍﻟ ّ ـﻞ ﻳــﻮﻡ ﻓــﻲ ﺳــﺎﺣﺘﻪ ﺗﻨﻌــﺪﻡ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻔﻴﻮﺿــﺎﺕ ﺍﻻٔﺧــﺮﻯ .ﻻ ﺃﻧّﻨــﺎ ﻓــﻲ ﻛـ ّ
ـﺴﻚ ﺑــﺮﺃﻱ ﻋﻠــﻰ ﺣــﺴﺐ ﺃﻫــﻮﺍء ﻧﻌﺘــﺮﺽ ﺑــﺎﻋﺘﺮﺍﺽ ﻣــﻦ ﺧﻴﺎﻟﻨــﺎ ،ﺃﻭ ﻧﺘﻤـ ّ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ
ﻻﻧــﺬﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺃﺧﺒــﺮﻭﺍ ﻋﻨﻬــﺎ ﺭﻏﻤــﺎ ﻣــﻦ ﻛـ ّ ـﻞ ﻫــﺬﻩ ﺍ ٕ ﺳــﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟً ،
ـﻞ ﻗﺒﻞ ،ﺑﺘﻠﻮﻳﺤﺎﺕ ﻋﺠﻴﺒﺔ ،ﻭ ٕﺍﺷﺎﺭﺍﺕ ﻏﺮﻳﺒـﺔ ،ﻛـﻲ ﻳﻄﻠـﻊ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﻛ ّ ﻣﻦ ُ ﺍﻟﻨ ـ ــﺎﺱ ،ﻭﻻ ﻳﺤﺮﻣـ ـ ــﻮﻥ ﺃﻧﻔـ ـ ــﺴﻬﻢ ﻓـ ـ ــﻲ ﻫـ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻴـ ـ ــﻮﻡ ﻋـ ـ ــﻦ ﺑﺤـ ـ ــﺮ ﺑﺤـ ـ ــﻮﺭ
ﻣﻤــﺎ ﻫــﻮ ﻣــﺸﻬﻮﺭ، ﺍﻟﻔﻴﻮﺿــﺎﺕ ،ﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ﻓﻘــﺪ ﻭﻗــﻊ ﻓــﻲ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﻣــﺎ ﻭﻗــﻊ
ﻭﻥ ـﻞ َﻳ ُ ﴿ﻫـ ْ ﻨﻈـ ُﺮ َ ﻭﻧﺰﻟــﺖ ﺑﻤــﻀﺎﻣﻴﻨﻪ ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻧﻴّــﺔ ﻛﻤــﺎ ﻗــﺎﻝ ﺗﻌــﺎﻟﻰ َ :
ـﺎﻡ﴾) .(١ﻭﺑﻌ ــﺾ ﻋﻠﻤ ــﺎء ﺃﻫ ــﻞ ﺍ ﻻ ﺍﻥ َﻳـ ـﺎِ ﺗ َﻴ ُﻬ ُﻢ ﺍﻪﻠﻟُ ﻓِ ــﻲ ُﻇ َﻠ ـ ٍـﻞ ِّﻣ ـ َ ـﻦ ﺍ ْﻟ َﻐ َﻤ ـ ِ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٓﻳﺔ ﻣﻦ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
٦٥
ﻋﻼﻣ ــﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣ ــﺔ ﺍﻟﻤﻮﻫﻮﻣ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻳﺘ ــﺼﻮﺭﻭﻧﻬﺎ .ﻭﺍﻟﺤ ــﺎﻝ ٕﺍ ّﻥ ﻣ ــﻀﻤﻮﻧﻬﺎ
ـﻞ ﺍﻻٔﻣــﺎﻛﻦ ﺍﻟّﺘــﻲ ـﺴﻤﺎﻭﻳّﺔ ،ﻭﻣــﺬﻛﻮﺭ ﻓــﻲ ﻛـ ّ ﻣﻮﺟــﻮﺩ ﻓــﻲ ﺃﻛﺜــﺮ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟّﺬﻱ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺫِ ﻛﺮ ﻋﻼﻣﺎﺕ ّ
ﺎء ِﺑـ ُـﺪ َﺧ ٍ ـﺎﺱ ﺎﻥ ﻣ ِﺒـ ٍ ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟــﻪَ ﴿ :ﻳ ـ ْﻮ َﻡ َﺗ ـﺎﺗِﻲ ﺍﻟـ ـﺸﻰ ﺍﻟﻨـ َ ـﻴﻦ َﻳ ْﻐـ َ ـﺴ َﻤ ُ
)(١ ﺭﺏ ﺍﻟﻌ ـ ـﺰﺓ ﻗ ــﺪ ﺟﻌ ــﻞ ﺍﻻٔﻣ ــﻮﺭﺍﺕ ﺍﺏ ﺍ ِ ﻟ ـ ٌ َﻫ ـ َـﺬﺍ َﻋ ـ َـﺬ ٌ ـﻴﻢ﴾ ﻳﺮﻳ ــﺪ ﺑﻬ ــﺎ ﺃ ّﻥ
ﻜﺎ ﻭﻣﻴﺰﺍ ًﻧـﺎ ﺍﻟﻤﻀﺎ ّﺩﺓ ﻟﻼٔﻧﻔﺲ ﺍﻟﺨﺒﻴﺜﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻻٔﻫﻮﺍء ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻣﺤ
ـﺸﻘﻲ ،ﻭﺍﻟﻤﻌ ـ ــﺮﺽ ﻣ ـ ــﻦ ـﺴﻌﻴﺪ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﻻﻣﺘﺤ ـ ــﺎﻥ ﻋﺒ ـ ــﺎﺩﻩ ،ﻭﺗﻤﻴﻴ ـ ـ ًـﺰﺍ ﻟﻠ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻤﻘﺒــﻞ ،ﻛﻤــﺎ ﻗــﺪ ُﺫﻛــﺮ .ﻭﻗــﺪ ﻋﺒّــﺮ ﺑﺎﻟـ ـﺪﺧﺎﻥ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟ ّﺮﺳﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳّﺔ ،ﻭﻋﻦ ﻧـﺴﺨﻬﺎ ﻭﻫـﺪﻣﻬﺎ ﻭﺍﻧﻌـﺪﺍﻡ
ـﺄﻱ ﺩﺧ ــﺎﻥ ﺃﻋﻈ ــﻢ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟ ـ ّـﺪﺧﺎﻥ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﺃﻋﻼﻣﻬ ــﺎ ﺍﻟﻤﺤ ــﺪﻭﺩﺓ .ﻓ ـ ّ
ﺻــﺎ ﻏــﺸﻰ ﻛـ ّ ـﻞ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ،ﻭﺃﺻــﺒﺢ ﻋــﺬﺍ ًﺑﺎ ﻟﻬــﻢ ،ﻻ ﻳــﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﻣﻨــﻪ ﺧﻼ ً
ـﻞ ﺣــﻴﻦ ﻳﻌـ ّـﺬﺑﻮﻥ ﺑﻌــﺬﺍﺏ ﺟﺪﻳــﺪ ﻣــﻦ ﻧــﺎﺭ ﻣﻬﻤــﺎ ﺣــﺎﻭﻟﻮﺍ ﺑــﻞ ٕﺍﻧّﻬــﻢ ﻓــﻲ ﻛـ ّ
ﻻﻟﻬ ــﻲ، ﺃﻧﻔ ــﺴﻬﻢٕ .ﺍﺫ ﺃﻧّﻬ ــﻢ ﻛﻠّﻤـ ــﺎ ﻳ ــﺴﻤﻌﻮﻥ ﺑ ــﺄ ّﻥ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣـ ــﺮ ﺍﻟﺒ ــﺪﻳﻊ ﺍ ٕ ّ ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ ﻗــﺪ ﺃﺻــﺒﺢ ﻇــﺎﻫ ًﺮﺍ ﻓــﻲ ﺃﻃــﺮﺍﻑ ﺍﻻٔﺭﺽ. ﻭﺍﻟﺤﻜــﻢ ﺍﻟﻤﻨﻴــﻊ ﺍﻟـ ّ ّ
ﻭﻫﻮ
ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ
٦٦
ـﻞ ﻳ ــﻮﻡ ﻓ ــﻲ ﻋﻠـ ـ ٍّﻮ ﻭﺍﺯﺩﻳ ــﺎﺩ ﺗ ــﺸﺘﻌﻞ ﻓ ــﻲ ﻗﻠ ــﻮﺑﻬﻢ ﻧ ــﺎﺭ ﺟﺪﻳ ــﺪﺓ ،ﻭﻛﻠّﻤ ــﺎ ﻛـ ّ
ـﻞ ﻳﻼﺣﻈــﻮﻥ ﻣــﻦ ﻗ ـﺪﺭﺓ ﺃﺻــﺤﺎﺑﻪ ﻭﺍﻧﻘﻄــﺎﻋﻬﻢ ﻭﺛﺒــﻮﺗﻬﻢ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻳــﺰﺩﺍﺩ ﻛـ ّ ـﻮﺧﺎ ﻳﻈﻬ ــﺮ ﻋﻠ ــﻰ ﻧﻔ ــﻮﺱ ﻳ ــﻮﻡ ﺑﻔ ــﻀﻞ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳ ــﺔ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ﺍﺳ ــﺘﺤﻜﺎ ًﻣﺎ ﻭﺭﺳ ـ ً ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ـﺴﻄﻮﺓ ﺍ ٕ ﺍﻟﻤﻌﺮﺿﻴﻦ ﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﺟﺪﻳﺪ .ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻪﻠﻟ ،ﻗﺪ ﺑﻠﻐـﺖ ﺍﻟ ّ
ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻳ ــﺎﻡ ﺷ ــﺄ ًﻧﺎ ﻻ ﻳﺠ ــﺮﺅﻭﻥ ﻣﻌ ــﻪ ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻟﻜ ــﻼﻡ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣ ــﺎ ﻟﻘ ــﻮﺍ
ﺃﺣـ ًـﺪﺍ ﻣــﻦ ﺃﺻــﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻣــﻦ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻟــﻮ ﻛــﺎﻥ ﻟﻬــﻢ ﻣﺎﺋــﺔ ﺃﻟــﻒ ﺭﻭﺡ
ـﻞ ﺭﻭﺡ ﻭﺭﻳﺤــﺎﻥ ،ﻳﻈﻬــﺮﻭﻥ ﺃﻣﺎﻣــﻪ ﻻٔﻧﻔﻘﻮﻫــﺎ ﻓــﻲ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒــﻮﺏ ﺑﻜـ ّ
ﺐ ﻻﻳﻤـ ــﺎﻥ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﺨـ ــﻮﻑ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣـ ــﺎ ﺧﻠـ ــﻮﺍ ٔ ـﺴ ِّ ﺍ ٕ ﻻﻧﻔـ ــﺴﻬﻢ ﻳـ ــﺸﺘﻐﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟـ ـ
ـﻀﻮ ْﺍ ﻭﺍﻟﻠّﻌــﻦ ﻛﻤــﺎ ﻗــﺎﻝ ﺗﻌــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻭ ﺍ َﺫﺍ َﻟ ُﻘــﻮ ُﻛ ْﻢ َﻗــﺎ ُﻟﻮ ْﺍ ﺁ َﻣﻨــﺎ َﻭ ﺍ َﺫﺍ َﺧ َﻠ ـ ْﻮ ْﺍ َﻋـ ـﻴﻢ ِﺑـ َـﺬ ِ ﺍﺕ ـﻦ ﺍ ْﻟ َﻐ ـ ْﻴ ِﻆ ُﻗـ ْ ـﻞ ُﻣﻮ ُﺗــﻮ ْﺍ ِﺑ َﻐ ـ ْﻴﻈِ ُ َﻋ َﻠ ـ ْﻴ ُ ﻜ ُﻢ ﺍﻻَ ﻧﺎﻣِ ـ َ ﻜ ْﻢ ﺍ ﻥ ﺍﻪﻠﻟَ َﻋ ِﻠـ ٌ ـﻞ ﻣِ ـ َ
)(١ ـﺼ ُﺪﻭ ِﺭ﴾ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌــﺔ ﻭﻋﻤــﺎ ﻗﻠﻴــﻞ ﺳــﻮﻑ ﺗــﺮﻯ ﺃﻋــﻼﻡ ﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﺍ ٕ ﺍﻟـ ّ
ـﻞ ﺍﻟ ــﺒﻼﺩ ،ﻭﺗ ــﺸﺎﻫﺪ ﺁﺛ ــﺎﺭ ﻏﻠﺒﺘ ــﻪ ﻭﺳ ــﻠﻄﻨﺘﻪ ﻇ ــﺎﻫﺮﺓ ﻓ ــﻲ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ
ﺍﻟﺪﻳﺎﺭ ّ
ﻟﻤـﺎ ﻟـﻢ ﻳـﺪﺭ ﻙ ﺃﻛﺜـﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤـﺎء ﻫـﺬﻩ ﺍﻻٓﻳـﺎﺕ ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻜـﻼﻡ ﺃﻧّـﻪ ّ
ـﺴﺮﻭﻫﺎ ﺑﻘﻴﺎﻣــﺔ ﻣﻮﻫﻮﻣــﺔ ﻣــﻦ ﻭﻟــﻢ ﻳﻘﻔــﻮﺍ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ ﻓـ ّ
ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ .ﻭﺍﻪﻠﻟ ﺍﻻٔﺣﺪ ﺷﻬﻴﺪ ﺑﺄﻧّﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.
٦٧
ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺷﻲء ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ،ﻻٔﺩﺭﻛﻮﺍ ﻣـﻦ ﺗﻠـﻮﻳﺢ ﻫـﺎﺗﻴﻦ ﺍﻻٓﻳﺘـﻴﻦ ﺟﻤﻴـﻊ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟــﺐ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻫــﻲ ﻋــﻴﻦ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ .ﻭﻟﻮﺻــﻠﻮﺍ ﺑﻌﻨﺎﻳــﺔ ﺍﻟ ـ ّﺮﺣﻤﻦ ٕﺍﻟــﻰ
ﻦ ﻋﻠﻴـﻚ ﺣﻤﺎﻣـﺔ ﺍﻟﺒﻘـﺎء ﻋﻠـﻰ ﺃﻓﻨـﺎﻥ ﺻﺒﺢ ﺍ ٕ ﻻﻳﻘـﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻴـﺮ ،ﻛـﺬﻟﻚ ﺗﻐـ ّ
ﻦ ﻓـ ــﻲ ﻣﻨـ ــﺎﻫﺞ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤـ ــﺔ ﺑـ ــﺈﺫﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﺳـ ــﺪﺭﺓ ﺍﻟﺒﻬـ ــﺎء ﻟﻌـ ـ ـﻞ ﺗﻜـ ــﻮﻧ
ﻜﺎ ﺳﺎﻟ ً
ﻭﻗﻮﻟ ـ ــﻪ ﻳﺮﺳ ـ ــﻞ ﻣﻼﺋﻜﺘ ـ ــﻪ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺁﺧ ـ ــﺮ ﺍﻟﻘ ـ ــﻮﻝ ،ﻓﺎﻟﻤﻘ ـ ــﺼﻮﺩ ﺑﻬ ـ ــﺆﻻء
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜـ ــﺔ ﻫـ ــﻢ ﺃﻭﻟﺌـ ــﻚ ﺍﻟﻨّﻔـ ــﻮﺱ ﺍﻟّـ ــﺬﻳﻦ ﻫـ ــﻢ ﺑﻘ ـ ـ ّﻮﺓ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴّـ ــﺔ ﺣﺮﻗـ ــﻮﺍ
ـﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺒ ــﺸﺮﻳّﺔ ﺑﻨ ــﺎﺭ ﻣﺤﺒّ ــﺔ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﺍﺗّ ــﺼﻔﻮﺍ ﺑ ــﺼﻔﺎﺕ ﺃﻫ ــﻞ ﺍﻟﻌﻠﻴّ ــﻴﻦ ﺍﻟ ـ ّ
ﻭﺍﻟﻜ ــﺮﻭﺑﻴّﻴﻦ ﻛﻤ ــﺎ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﺍﻟ ــﺼﺎﺩﻕ) (١ﻓ ــﻲ ﻭﺻ ــﻒ ﺍﻟﻜ ــﺮﻭﺑﻴّﻴﻦ
" ٕﺍﻧّﻬـ ــﻢ ﻗـ ــﻮﻡ ﻣـ ــﻦ ﺷـ ــﻴﻌﺘﻨﺎ ﺧﻠـ ــﻒ ﺍﻟﻌـ ــﺮﺵ" ﻭﻟـ ــﻮ ﺃ ّﻥ ﺫﻛـ ــﺮ ﻋﺒـ ــﺎﺭﺓ ﺧﻠـ ــﻒ ﺍﻟﻈـ ــﺎﻫﺮ ﻭﺣـ ــﺴﺐ ﺍﻟﺒـ ــﺎﻃﻦ ﺍﻟﻌـ ــﺮﺵ ﻳﻘـ ــﺼﺪ ﺑﻬـ ــﺎ ﻣﻌـ ــﺎﻥ ﺷ ـ ـﺘﻰ ،ﺣـ ــﺴﺐ ّ ﻻ ﺃﻧّﻬﺎ ﻓﻲ ٕﺍﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣـﺎﺕ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒـﺔ ﺍﻻٔﻭﻟـﻰ ﺗـﺪﻝ ﻋﻠـﻰ ﺃﻳﻀﺎٕ ً،ﺍ ّ
ـﺸﻴﻌﺔ ﻛﻤ ــﺎ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﻓ ــﻲ ﻣﻘ ــﺎﻡ ﺁﺧ ــﺮ )ﺍﻟﻤ ــﺆﻣﻦ ﻛﺎﻟﻜﺒﺮﻳ ــﺖ ﻋ ــﺪﻡ ﻭﺟ ــﻮﺩ ﺍﻟ ـ ّ
ﻼ ﻟــﻪ )ﻫــﻞ ﺭﺃﻳــﺖ ﺍﻟﻜﺒﺮﻳــﺖ ﺍﻻٔﺣﻤــﺮ( ﻭﺑﻌــﺪﻫﺎ ﻳﺨﺎﻃــﺐ ﺍﻟﻤــﺴﺘﻤﻊ ﻗــﺎﺋ ً ﺍﻻٔﺣﻤ ــﺮ( ﻓﺎﻟﺘﻔ ــﺖ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﺘّﻠ ــﻮﻳﺢ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻫ ــﻮ ﺃﺑﻠ ــﻎ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﺘّ ــﺼﺮﻳﺢ
ﻭﺃﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ، ّ
ﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮﻳّﺔ. ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺍ ٕ ) (١ﻫﻮ ﺍ ٕ ﺃﺋﻤﺔ ّ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻣﻦ ّ ﻻﻣﺎﻡ ّ
٦٨
ﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺣﻀﺮﺗﻪ ،ﻭﺍﻻٓﻥ ﺃﻧﻈﺮ ﻛﻢ ﻣﻦ ﻫـﺆﻻء ﺍﻟﺨﻠـﻖ ﺍﻟﻤﺠـ ّﺮﺩﻳﻦ ﻋـﻦ
ﻻﻳﻤـﺎﻥ ﻛﻴـﻒ ﺃﻧّﻬـﻢ ﻳﻨـﺴﺒﻮﻥ ﻻﻧﺼﺎﻑ ،ﻭﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻨﺸﻘﻮﺍ ﺭﺍﺋﺤـﺔ ﺍ ٕ ﺍ ٕ ﻻﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻟﻠّﺬﻳﻦ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ ﻳﺘﺤ ّﻘﻖ ﺍ ٕ
ﻣﻨﺰﻫ ــﺔ ﻭﺑﺎﻻﺧﺘ ــﺼﺎﺭ ّ ﻟﻤ ــﺎ ﺃﻥ ﺻ ــﺎﺭﺕ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟ ــﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔ ّ
ﻭﻣﻘﺪﺳـ ــﺔ ﻋـ ــﻦ ﺍﻟﻌـ ــﻮﺍﺭﺽ ﺍﻟﺒـ ــﺸﺮﻳﺔ ،ﻭﻣﺘﺨﻠِّﻘـ ــﺔ ﺑـ ــﺄﺧﻼﻕ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣـ ــﺎﻧﻴّﻴﻦ، ّ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻴﻦ ،ﻟﻬﺬﺍ ﺃﻃﻠﻖ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﻫـﺬﻩ ﻭﻣﺘﺼﻔﺔ ﺑﺄﻭﺻﺎﻑ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺳـ ـ ــﺔ .ﻫـ ـ ــﺬﺍ ﻫـ ـ ــﻮ ﻣﻌﻨـ ـ ــﻰ ﺗﻠ ـ ـ ـﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟّﺘـ ـ ــﻲ ﻗـ ـ ــﺪ ﺍﻟﻨّﻔـ ـ ــﻮﺱ
ـﻞ ﻓﻘـ ــﺮﺓ ﻣﻨﻬـ ــﺎ ﺑﺎﻻٓﻳـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺿـ ــﺤﺔ ﻭﺍﻟـ ـ ّـﺪﻻﺋﻞ ﺍﻟﻤﺘﻘﻨـ ــﺔ، ﺍﺗـ ــﻀﺤﺖ ﻛـ ـ ّ ﻼﺋﺤﺔ. ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻴﻦ ﺍﻟ ّ
ﻭﻟﻤــﺎ ﻟــﻢ ﺗــﺼﻞ ﺃﻣــﻢ ﻋﻴــﺴﻰ ٕﺍﻟــﻰ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌــﺎﻧﻲ ،ﻭﻟــﻢ ﺗﻈﻬــﺮ ﻫــﺬﻩ
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮ ﻛﻤــﺎ ﺃﺩﺭﻛﻮﻫــﺎ ﻫــﻢ ﻭﻋﻠﻤــﺎﺋﻬﻢ ،ﻟﻬــﺬﺍ ﻟــﻢ ﺍﻟﻌﻼﻣــﺎﺕ ﺑﺤــﺴﺐ ّ
ُﻳﻘﺒﻠ ــﻮﺍ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟﻤﻈ ــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﺪﺳـ ـﻴّﺔ ﻣ ــﻦ ﺫﻟ ــﻚ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻻٓﻥ ،ﻭﺻ ــﺎﺭﻭﺍ
ﻣﺤــﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣــﻦ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻔﻴﻮﺿــﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴﺔ ،ﻭﻣﺤﺠــﻮﺑﻴﻦ ﻋــﻦ ﺑــﺪﺍﺋﻊ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ .ﻫ ــﺬﺍ ﺷ ــﺄﻥ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﻓ ــﻲ ﻳ ــﻮﻡ ﺍﻟﻤﻴﻌ ــﺎﺩ ﺍﻟﻜﻠﻤ ــﺎﺕ ﺍﻟ ـ ّ
ﺃﻱ ﺣﻴــﺚ ﻋﺠــﺰﻭﺍ ﻋــﻦ ﺃﻥ ﻳــﺪﺭﻛﻮﺍ ﺑﺄﻧّــﻪ ﻟــﻮ ﻛﺎﻧــﺖ ﺃﺷــﺮﺍﻁ ّ ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﻓــﻲ ّ ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮ ﻣﻄﺎﺑﻘ ــﺔ ﻟﻤ ــﺎ ﻭﺭﺩ ﻓ ــﻲ ﺍﻻٔﺧﺒ ــﺎﺭ ،ﻓﻤ ــﻦ ﻋ ــﺼﺮ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﻓ ــﻲ ﻋ ــﺎﻟﻢ ّ
ﻻﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟّﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍ ٕ
٦٩
ـﺸﻘﻲ ،ﻭﺍﻟﻤﺠ ــﺮﻡ ـﺴﻌﻴﺪ ﻭﺍﻟ ـ ﻭﺍ ٕ ﻻﻋ ــﺮﺍﺽ ،ﻭﻛﻴ ــﻒ ﻛ ــﺎﻥ ﻳﻔ ــﺼﻞ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟ ـ ّ ّ ّ ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮ ﻫ ــﺬﻩ ﻭﺍﻟﺘﻘـ ﻻﻧ ــﺼﺎﻑ .ﻣــﺜﻼ ً ﻟ ــﻮ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﺑﺤــﺴﺐ ّ ـﻲ ،ﺍﺣﻜ ــﻢ ﺑﺎ ٕ ّ ّ ﻻﻧﺠﻴـﻞ ،ﻭﺗﻨـﺰﻝ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜـﺔ ﻣـﻊ ﻋﻴـﺴﻰ ﺍﺑـﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻄﻮﺭﺓ ﻓـﻲ ﺍ ٕ
ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ ،ﻓﻤـﻦ ﺫﺍ ﺍﻟّـﺬﻱ ﻳﻘـﺪﺭ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎء ّ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻋﻠﻰ ّ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻦ ّ
ﻻﻳﻤـ ـ ــﺎﻥ؟ ﺑـ ـ ــﻞ ٕﺍ ّﻥ ﻻﻧﻜـ ـ ــﺎﺭ ﻭﻳـ ـ ــﺴﺘﻜﺒﺮ ﻋـ ـ ــﻦ ﺍ ٕ ﺍﻟﺘّﻜـ ـ ــﺬﻳﺐ ﺃﻭ ﻳـ ـ ــﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍ ٕ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺏ ﻳﺄﺧﺬ ﺃﻫﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻗﺎﻃﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔـﻮﺭ ﺑﺪﺭﺟـﺔ ﻻ ﻳﻘـﺪﺭﻭﻥ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘّﻜﻠّﻢ ﻭﺍﻟﺘّﻔ ﻮﻩ ﺑﺤﺮﻑ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺼﻞ ﺍﻟﺤﺎﻝ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟ ّﺮ ِّﺩ ﺃﻭ
ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ؟ ﻭﻧﻈﺮﺍ ً ﻟﻌﺪﻡ ٕﺍﺩﺭﺍﻛﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌـﺎﻧﻲ ﻓﻘـﺪ ﻋـﺎﺭﺽ ﺟﻤـﻊ ﻣـﻦ
ﻣﺤﻤــﺪﺍ ً ﻗـﺎﺋﻠﻴﻦ ﻟــﻪ ٕﺍﺫﺍ ﻛﻨــﺖ ﺃﻧـﺖ ﺍﻟﻨّﺒــﻲ ﺍﻟﻤﻮﻋــﻮﺩ، ﻋﻠﻤـﺎء ﺍﻟﻨّــﺼﺎﺭﻯ ّ ّ ﻓﻠﻤــﺎﺫﺍ ﻟــﻴﺲ ﻣﻌــﻚ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻤﻼﺋﻜــﺔ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﻭﻥ ﻓــﻲ ﻛﺘﺒﻨــﺎ ﻭﺍﻟّــﺬﻳﻦ
ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻮﺍ ﻣﻊ ﺟﻤـﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﻋـﻮﺩ ﻭﻳﻜﻮﻧـﻮﺍ ﻋﻮ ًﻧـﺎ ﻟـﻪ ﻓـﻲ ﺃﻣـﺮﻩ ﻭﻧـﺬﻳ ًﺮﺍ
ﺭﺏ ﺍﻟﻌـ ّـﺰﺓ ﻋــﻦ ﻟــﺴﺎﻧﻬﻢ ﺑﻘﻮﻟــﻪَ ﴿ :ﻟ ـ ْﻮﻻ ﺍﻧ ـ ِﺰ َﻝ ﺍ َﻟ ْﻴــﻪِ ﻟﻠﻌﺒــﺎﺩ؟ ﻛﻤــﺎ ﺃﺧﺒــﺮ ِّ
ـﻮﻥ َﻣ َﻌ ـ ُـﻪ َﻧ ـ ِـﺬﻳ ًﺮﺍ﴾)ٕ (١ﺍ ّﻥ ﺃﻣﺜ ــﺎﻝ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿ ــﺎﺕ ﻛﺎﻧ ــﺖ َﻣ َﻠ ـ ٌ ـﻚ َﻓ َﻴ ُ ﻜـ َ
ـﻞ ـﻞ ﺍﻻٔﺯﻣ ــﺎﻥ ﻭﺍﻻٔﻋــﺼﺎﺭ .ﻭﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ ﻣﻮﺟــﻮﺩﺓ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻓــﻲ ﻛ ـ ّ
ﺑﺤﺠ ــﺔ ﺃ ّﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣ ــﺔ ﺍﻟﻔﻼﻧﻴّ ــﺔ ﻟ ــﻢ ﺍﻻٔﻳّ ــﺎﻡ ﻣ ــﺸﺘﻐﻠﻴﻦ ﺑﺰﺧ ــﺎﺭﻑ ﺍﻟﻘ ــﻮﻝ، ّ ﺗﻈﻬﺮ ،ﻭﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﻔﻼﻧﻲ ﻟﻢ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ.
٧٠
ـﺴﻜﻬﻢ ﺑﻌﻠﻤ ـ ــﺎء ﻳﺘﺤ ّﻘ ـ ــﻖ ﻭﻣ ـ ــﺎ ﺍﻧﺘ ـ ــﺎﺑﺘﻬﻢ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮﺍﺽ ٕﺍ ّ ﻻ ﻣ ـ ــﻦ ﺗﻤ ـ ـ ﻋــﺼﺮﻫﻢ ﻓــﻲ ﺗــﺼﺪﻳﻖ ﻭﺗﻜــﺬﻳﺐ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺠــﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻤﺠ ـ ﺮﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﻬﻴﺎﻛــﻞ
ـﺸﺆﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﻨّﻔـ ــﺴﻴّﺔ ،ﻭﺍﺷـ ــﺘﻐﺎﻟﻬﻢ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّـ ــﺔ .ﻭﻧﻈ ـ ـ ًﺮﺍ ﻻﺳـ ــﺘﻐﺮﺍﻗﻬﻢ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟـ ـ ّ ـﺸﻤﻮﺱ ﺑـ ــﺎﻻٔﻣﻮﺭﺍﺕ ّ ﺍﻟﺪﻧﻴّـ ــﺔ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴـ ــﺔ ،ﻟﻬـ ــﺬﺍ ﻛـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳـ ــﺮﻭﻥ ﻓـ ــﻲ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟـ ـ ّ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴـ ـ ــﺔ ،ﺃﻧّﻬـ ـ ــﺎ ﻣﺨﺎﻟﻔـ ـ ــﺔ ﻟﻌﻠﻤﻬـ ـ ــﻢ ﻭ ٕﺍﺩﺭﺍﻛﻬـ ـ ــﻢ ،ﻭﻣﻌﺎﺭﺿـ ـ ــﺔ ﻟﺠﻬـ ـ ــﺪﻫﻢ
ﻻﻟﻬﻴّـ ــﺔ ،ﻭﻳﺒﻴِّﻨـ ــﻮﻥ ـﺴﺮﻭﻥ ﻣﻌـ ــﺎﻧﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ــﺎﺕ ﺍ ٕ ﻭﺍﺟﺘﻬـ ــﺎﺩﻫﻢ .ﻭﻛـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻔـ ـ ّ
ﺃﺣﺎﺩﻳـ ــﺚ ﺍﻟﺤﺮﻭﻓـ ــﺎﺕ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـ ــﺔ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭﻫـ ــﺎ ،ﺗﻔـ ــﺴﻴ ًﺮﺍ ﻟﻔﻈﻴـ ــﺎ ﺑﺤـ ــﺴﺐ
ﻣــﺪﺍﺭﻛﻬﻢ ﺍﻟﻘﺎﺻــﺮﺓ .ﻟﻬــﺬﺍ َﺣ َﺮﻣــﻮﺍ ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ﻭﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻣــﻦ ﺃﻣﻄــﺎﺭ
ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻟﻔﻀﻞ ،ﻭﺍﺑﺘﻌﺪﻭﺍ ﻋﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّﺔ ،ﻣﻊ ﺃﻧّﻬﻢ ﻣﻘ ّﺮﻭﻥ
ـﺼﻌﺐ(. ـﻌﺐ ﻣﺴﺘـ ٌ ﻭﻣــﺬﻋﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﺤــﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤــﺸﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋــﻞ )ﺣــﺪﻳ ُﺜﻨﺎ ﺻـ ٌ
ـﺼﻌﺐ ـﻌﺐ ﻣﺴﺘ ٌ ﻭﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟّﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ) ٕﺍ ّﻥ ﺃﻣ َﺮﻧﺎ ﺻ ٌ
ـﺘﺤﻦ ﺍﻪﻠﻟُ ﻗﻠ َﺒ ـ ُـﻪ ـﻞ ﺃﻭ ﻋﺒ ـ ٌـﺪ ﺍﻣ ـ ﺏ ﺃﻭ ﻧﺒ ـ ﻻ َﻣ َﻠ ـ ٌ ﺮﺳ ـ ٌ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻠ ــﻪ ٕﺍ ّ َ ـﻲ ُﻣ َ ـﻚ ُﻣ َﻘـ ـ ﺮ ٌ
ﻼ ِ ﻳﻤﺎﻥ( .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺃﻧّﻪ ﻟﻢ ﻳﺼﺪﻕ ﻓـﻲ ﺣ ِّﻘﻬـﻢ ﺃﺣـﺪ ﻫـﺬﻩ ﻟ ٕ
ﺍﻻٔﺣ ـ ــﻮﺍﻝ ﺍﻟﺜّﻼﺛ ـ ــﺔ .ﻓﺎﻟﺤ ـ ــﺎﻻﻥ ﺍﻻٔ ّﻭﻻﻥ ﺃﻣﺮﻫﻤ ـ ــﺎ ﻭﺍﺿ ـ ــﺢ ،ﻭﺃ ّﻣ ـ ــﺎ ﻓ ـ ــﻲ
ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ﻭﻋﻨــﺪ ﺍﻟﺤﺎﻟـﺔ ﺍﻟﺜّﺎﻟﺜـﺔ ﻓـﺈﻧّﻬﻢ ﻟـﻢ ﻳـ ْﺴ َﻠﻤﻮﺍ ﺃﺑ ًـﺪﺍ ﻣـﻦ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻧـﺎﺕ ﺍ ٕ
ِّ ﺍﻟﻐﺶ ﻻ ﺍﻟﻤﺤﻚ ﺍ ﻇﻬﻮﺭ ﻻﻟﻬﻲ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺷﻲء ٕﺍ ّ ٕ ّ ّ
ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻣﻊ ٕﺍﻗﺮﺍﺭﻫﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﺈ ّﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﺍﻟّﺬﻳﻦ
٧١
ـﺸﺮﻋﻴّﺔ ﻛﻴ ــﻒ ﻦ ﻭﺷ ـ ّ ـﻚ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻤ ــﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟ ـ ّ ﻻ ﻳﺰﺍﻟ ــﻮﻥ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻓ ــﻲ ﻇ ـ ـ ّ ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ،ﻭﺟــﻮﺍﻫﺮ ﺃﺳــﺮﺍﺭ ﻳ ّـﺪﻋﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻓــﻲ ﻏـﻮﺍﻣﺾ ﻣــﺴﺎﺋﻞ ﺍﻻٔﺻــﻮﻝ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔ ،ﻭﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ﺑــﺄ ّﻥ ﺍﻟﺤــﺪﻳﺚ ﺍﻟﻔﻼﻧــﻲ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻫــﻮ ﻣــﻦ ﻋﻼﺋ ــﻢ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟﻘ ــﺎﺋﻢ )ﺍﻟﻤﻬ ــﺪﻱ( ﻟ ــﻢ ﻳﻈﻬ ــﺮ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻣ ــﻊ ﺃﻧّﻬ ــﻢ ﻟ ــﻢ
ﻳـ ـ ــﺪﺭﻛﻮﺍ ﺃﺑـ ـ ـ ًـﺪﺍ ﺭﺍﺋﺤـ ـ ــﺔ ﻣﻌـ ـ ــﺎﻧﻲ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳـ ـ ــﺚ ﻭﻏﻔﻠـ ـ ــﻮﺍ ﻋـ ـ ــﻦ ﺃ ّﻥ ﺟﻤﻴـ ـ ــﻊ ﺍﻟﻌﻼﻣ ــﺎﺕ ﻗ ــﺪ ﻇﻬ ــﺮﺕ ﻭﺻ ــﺮﺍﻁ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ﻗ ــﺪ ﺍﻣﺘ ـ ّـﺪ ،ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨ ــﻮﻥ ﻛ ــﺎﻟﺒﺮﻕ ﻋﻠﻴــﻪ ﻳﻤ ـ ّﺮﻭﻥ .ﻭﻫــﻢ ﻟﻈﻬــﻮﺭ ﺍﻟﻌﻼﻣــﺔ ﻳﻨﺘﻈــﺮﻭﻥ ﻗــﻞ ﻳــﺎ ﻣ ـﻼٔ ﺍﻟﺠ ّﻬــﺎﻝ ﻓﺎﻧﺘﻈﺮﻭﺍ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻟﻤﻦ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮﻳﻦ
ﻻﻧﺒﻴــﺎء ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻳــﺄﺗﻮﻥ ﻣــﻦ ﺑﻌــﺪ ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣــﺎ ﺳــﺌﻠﻮﺍ ﻋــﻦ ﺷــﺮﺍﺋﻂ ﻇﻬــﻮﺭ ﺍ ٔ
ﺣ ــﺴﺐ ﻣ ــﺎ ﻫ ــﻮ ﺍﻟﻤ ــﺴﻄﻮﺭ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻜﺘ ــﺐ ﻣ ــﻦ ﻗﺒ ــﻞ ﻭﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻣ ــﻦ ﺟﻤﻠﺘﻬ ــﺎ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّـﺔ ﻭ ٕﺍﺷـﺮﺍﻗﻬﺎ ﻛﻤـﺎ ﻗـﺪ ﺃﺷـﺮﻧﺎ ٕﺍﻟﻴـﻪ ﻣـﻦ ـﺸﻤﺲ ّ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮ ﻟــﻢ ﺗﻈﻬــﺮ ﻣﻨﻬــﺎ ﻋﻼﻣــﺔ ﻭﺍﺣــﺪﺓ .ﻓﻤــﻊ ﻫــﺬﺍ ﻗﺒــﻞ ﻭﺍﻟّﺘــﻲ ﺑﺤــﺴﺐ ّ
ـﺄﻱ ﺩﻟﻴــﻞ ﻭﺑﺮﻫــﺎﻥ ﺗــﺮ ّﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨّــﺼﺎﺭﻯ ﻭﺃﻣﺜــﺎﻟﻬﻢ ﻭﺗﺤﻜﻤــﻮﻥ ٕﺍﺫﺍ ﺳــﺌﻠﻮﺍ ﺑـ ّ ـﺴﻜﻮﻥ ﺑﻘــﻮﻟﻬﻢ ٕﺍ ّﻥ ﻋﻠــﻴﻬﻢ ﺑــﺎﻟﻜﻔﺮ ،ﻓﺤــﻴﻦ ﻋﺠــﺰﻫﻢ ﻋــﻦ ﺍﻟﺠــﻮﺍﺏ ﻳﺘﻤـ ّ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ﻗــﺪ ﺣ ّﺮﻓــﺖ ﻭ ٕﺍﻧّﻬــﺎ ﻟﻴــﺴﺖ ﻣــﻦ ﻋﻨــﺪ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭ ٕﺍﻧّﻬــﺎ ﻟــﻢ ﺗﻜــﻦ
ﻣــﻦ ﻋﻨــﺪﻩ ﺃﺑـ ًـﺪﺍ .ﻭﺍﻟﺤــﺎﻝ ﺃ ّﻥ ﻧﻔــﺲ ﻋﺒــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﺗــﺸﻬﺪ ﺑﺄﻧّﻬــﺎ ﻣــﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻪﻠﻟ .ﻭﻣﻀﻤﻮﻥ
٧٢
ـﻀﺎ ﻣﻮﺟــﻮﺩ ﻓــﻲ ﺍﻟﻘــﺮﺁﻥ ﻟــﻮ ﺃﻧــﺘﻢ ﺗﻌﺮﻓــﻮﻥ :ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻧﻔــﺲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﺃﻳـ ً
ﺃﻗــﻮﻝ ﻟﻜــﻢ ﺃﻧّﻬــﻢ ﻟــﻢ ﻳــﺪﺭﻛﻮﺍ ﻓــﻲ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻤـ ّـﺪﺓ ﻣــﺎ ﻫــﻮ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ
ﺍﻟﺘّﺤﺮﻳﻒ
ﺃﺟــﻞ ﻗــﺪ ﻭﺭﺩ ﻓــﻲ ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟــﺔ ،ﻭﻛﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳــﺎ ﺍﻻٔﺣﻤﺪﻳّــﺔ
ﻦ ﺫﻟــﻚ ﻓــﻲ ﻣﻮﺍﺿــﻊ ﺫﻛــﺮ ﺗﺤﺮﻳــﻒ ﺍﻟﻌــﺎﻟﻴﻦ ﻭﺗﺒــﺪﻳﻞ ﺍﻟﻤـﺴﺘﻜﺒﺮﻳﻦ ﻭﻟﻜـ ّ
ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ :ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺘﻬـﺎ ﺣﻜﺎﻳـﺔ ﺍﺑـﻦ ﺻـﻮﺭﻳّﺎ ﺣﻴﻨﻤـﺎ ﺳـﺄﻝ ﺃﻫـﻞ ﺧﻴﺒـﺮ
ﻣﺤﻤـ ــﺪ ﻋﻠﻴـ ــﻪ ﺍﻟـ ــﺴﻼﻡ ﻋـ ــﻦ ﺣﻜـ ــﻢ ﻗـ ــﺼﺎﺹ ﺯﻧـ ــﺎ ﻣـ ــﻦ ﻧﻘﻄـ ــﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗـ ــﺎﻥ ّ
ﺍﻟﻤﺤــﺼﻦ ﻭﺍﻟﻤﺤــﺼﻨﺔ ﻓﺄﺟــﺎﺑﻬﻢ ﺣــﻀﺮﺗﻪ "ﺑــﺄ ّﻥ ﺣﻜــﻢ ﺍﻪﻠﻟ ﻫــﻮ ﺍﻟــﺮﺟﻢ"
ﻭﻫــﻢ ﺃﻧﻜــﺮﻭﺍ ﻗــﺎﺋﻠﻴﻦ ﺑــﺄ ّﻥ ﻣﺜــﻞ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜــﻢ ﻏﻴــﺮ ﻣﻮﺟــﻮﺩ ﻓــﻲ ﺍﻟﺘّــﻮﺭﺍﺓ ﺃﻱ ﻋ ــﺎﻟﻢ ﻣ ــﻦ ﻋﻠﻤ ــﺎﺋﻜﻢ ﺗ ــﺴﻠِّﻤﻮﻥ ﺑ ــﻪ ﻭﺗ ــﺼﺪﻗﻮﻥ ﻓ ــﺴﺄﻟﻬﻢ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ " ّ
ﻛﻼﻣ ـ ــﻪ؟" ﻓﺎﺧﺘ ـ ــﺎﺭﻭﺍ ﺍﺑ ـ ــﻦ ﺻ ـ ــﻮﺭﻳّﺎ ﻓﺄﺣ ـ ــﻀﺮﻩ ﺭﺳ ـ ــﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟ τﻭﻗ ـ ــﺎﻝ ﻟ ـ ــﻪ
ـﻞ ﻦ ،ﻭﻇﻠـ َ "ﺃﻗــﺴﻤﻚ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻓ َﻠــﻖ ﻟﻜــﻢ ﺍﻟ َﺒ ْ ﺍﻟﻤـ ﺤـ َﺮ ،ﻭﺍ ْ ﻧـ َـﺰ َﻝ ﻋﻠــﻴﻜﻢ َ
ـﻀ َﻠﻜﻢ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ﺑـﺄﻥ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﻐﻤﺎ َﻡ ، ﻭﻧﺠﺎﻛﻢ ﻣﻦ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﻭﻣﻠﺌـﻪ ،ﻭﻓ ﻭﺍﻟﺰﺍﻧﻴــﺔ ﺍﻟﻤ ْ ﺍﻟﺰﺍﻧــﻲ ُ ﺤـ َ ﺗــﺬﻛﺮ ﻟﻨــﺎ ﻣــﺎ ﺣﻜــﻢ ﺑــﻪ ﻣﻮﺳـﻰ ﻓــﻲ ﻗــﺼﺎﺹ ّ ـﺼﻦ ّ
ﻻﻳﻤـ ــﺎﻥ ـﺼ َﻨﺔ( ﺃﻱ ﺃ ّﻥ ﺣـ ــﻀﺮﺗﻪ ﺍﺳـ ــﺘﺤﻠﻒ ﺍﺑـ ــﻦ ﺻـ ــﻮﺭﻳّﺎ ﺑﻬـ ــﺬﻩ ﺍ ٕ ﺍﻟﻤ ْ ُ ﺤـ ـ َ ﺍﻟﺰﺍﻧــﻲ ﺍﻟﻤﺤــﺼﻦ ﺍﻟﻤﺆ ّﻛــﺪﺓ ّ ﻋﻤــﺎ ُﻧـ ِّﺰﻝ ﻓــﻲ ﺍﻟﺘّــﻮﺭﺍﺓ ﻣــﻦ ﺣﻜــﻢ ﻗــﺼﺎﺹ ّ ﻣﺤﻤﺪ ٕﺍﻧّﻪ ﺍﻟ ّﺮﺟﻢ ،ﻓﻘﺎﻝ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻓﺄﺟﺎﺏ :ﺃﻥ ﻳﺎ ّ
٧٣
ﻭﺗﻌﻄﻞ ﺣﻜﻤﻪ .ﻓﺄﺟﺎﺏ ﺑﺄﻧّـﻪ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﺴﺦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ
ـﺼﺮ ﺑﻴـﺖ ﺍﻟﻤﻘـﺪﺱ ﻭﺃﻋﻤـﻞ ﺍﻟﻘﺘـﻞ ﻓـﻲ ﺟﻤﻴـﻊ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ ﻟﻤﺎ َﺣ َﺮ َﻕ ﺑﺨﺘﻨ ّ " ّ
ﻻ ﻋـﺪﺩ ﻳـﺴﻴﺮ .ﻓﻌﻠﻤـﺎء ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻌـﺼﺮ ﻳﺒﻖ ﺃﺣ ٌـﺪ ﻣـﻨﻬﻢ ﻓـﻲ ﺍﻻٔﺭﺽ ٕﺍ ّ ﻟﻢ َ
ﺑ ــﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﻘﻠ ــﺔ ﺍﻟﻴﻬ ــﻮﺩ ﻭﻛﺜ ــﺮﺓ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻘ ــﺔ ﺍﺟﺘﻤﻌ ــﻮﺍ ﻭﺗ ــﺸﺎﻭﺭﻭﺍ ﻓﻴﻤ ــﺎ ﺑﻴ ــﻨﻬﻢ
ـﺼﺮ ﺑﺄﻧّﻬﻢ ﻟﻮ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﻭﻓﻖ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺘّﻮﺭﺍﺓ ﻟ ُﻘﺘِﻞ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻧﺠﻮﺍ ﻣـﻦ ﻳـﺪ ﺑﺨﺘﻨ ّ ﺑﺤﻜ ــﻢ ﺍﻟﺘّـ ــﻮﺭﺍﺓ ،ﻭﻟﻬ ــﺬﻩ ﺍﻟﻤـ ــﺼﻠﺤﺔ ﺭﻓﻌـ ــﻮﺍ ﺣﻜـ ــﻢ ﺍﻟﻘﺘ ــﻞ ﻣـ ــﻦ ﺑﻴـ ــﻨﻬﻢ
ﺑﺎﻟﻤﺮﺓ" ﻭﻓﻲ ﻫـﺬﻩ ﺍﻻٔﺛﻨـﺎء ﻧـﺰﻝ ﺟﺒﺮﻳـﻞ ﻋﻠـﻰ ﻗﻠﺒـﻪ ﺍﻟﻤﻨﻴـﺮ ﻭﻋـﺮﺽ ﻋﻠﻴـﻪ
ﻜ ِﻠ ـ َـﻢ َﻋ ــﻦ ﻣ َﻮ ِ ﺍﺿ ــﻌِ ﻪِ ﴾) (١ﻫ ــﺬﺍ ﻣﻮﺿ ــﻊ ﻣ ــﻦ ـﻮﻥ ﺍ ْﻟ َ ﺤ ِّﺮ ُﻓ ـ َ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳ ــﺔ ﴿ ُﻳ َ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺿــﻊ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺃﺷــﻴﺮ ٕﺍﻟﻴﻬــﺎ ،ﻭﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ﻟــﻴﺲ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ
ﺍﻟﺘّﺤﺮﻳـ ــﻒ ﻣـ ــﺎ ﻓﻬﻤـ ــﻪ ﻫـ ــﺆﻻء ﺍﻟﻬﻤـ ــﺞ ﺍﻟ ّﺮﻋـ ــﺎﻉ ﻛﻤـ ــﺎ ﻳﻘـ ــﻮﻝ ﺑﻌـ ــﻀﻬﻢ ٕﺍ ّﻥ ﻋﻠﻤﺎء ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨّﺼﺎﺭﻯ ﻣﺤﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻻٓﻳـﺎﺕ ﺍﻟّﺘـﻲ ﻛﺎﻧـﺖ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻄﻠﻌــﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّــﺔ ،ﻭﺃﺛﺒﺘــﻮﺍ ﻓﻴــﻪ ﻣــﺎ ﻳﺨﺎﻟﻔﻬــﺎ ،ﻭﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻘــﻮﻝ ﻻ ﻭﺻــﻒ ّ ّ
ﺃﺣﺪﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺘﻘ ًـﺪﺍ ﺑﻜﺘـﺎﺏ ﺃﺑﺪﺍ :ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃ ﻥ ً ﺃﺻﻞ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻣﻌﻨﻰ ً
ﻼ ﻋــﻦ ﺫﻟـﻚ ﻓــﺈ ّﻥ ﺍﻟﺘّــﻮﺭﺍﺓ ـﻢ ﻳﻤﺤــﻮﻩ؟ ﻭﻓـﻀ ً ﻭﻳﻌﺘﺒـﺮﻩ ﺑﺄﻧّــﻪ ﻣـﻦ ﻋﻨــﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﺛ ﻜــﺔ ﻭﺍﻟﻤﺪﻳﻨــﺔ ـﻞ ﺍﻟــﺒﻼﺩ ﻭﻟــﻢ ﺗﻜــﻦ ﻣﺤــﺼﻮﺭﺓ ﺑﻤ ّ ﻛﺎﻧــﺖ ﻣﻮﺟــﻮﺩﺓ ﻓــﻲ ﻛـ ّ
ﻳﺒﺪﻟﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ .ﺑﻞ ﺣﺘّﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﺃ ّﻥ ﻳﻐﻴّﺮﻭﺍ ﺃﻭ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨّﺴﺎء.
٧٤
ٕﺍ ّﻥ ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﺘّﺤﺮﻳ ــﻒ ﻫ ــﻮ ﻣ ــﺎ ﻳ ــﺸﺘﻐﻞ ﺑ ــﻪ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﻋﻠﻤ ــﺎء ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ ﺃﻻ ﻭﻫــﻮ ﺗﻔــﺴﻴﺮ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﻭﺗﺄﻭﻳﻠــﻪ ﺑﺤــﺴﺐ ﻣﻴــﻮﻟﻬﻢ ﻭﺃﻫــﻮﺍﺋﻬﻢ:
ﻭﻟﻤ ــﺎ ﻛ ــﺎﻥ ﺍﻟﻴﻬ ــﻮﺩ ﻓ ــﻲ ﻋ ــﺼﺮ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﺍﻟ ّﺮﺳ ــﻮﻝ ﻳﻔ ـ ِّﺴﺮﻭﻥ ﺁﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﺘّ ــﻮﺭﺍﺓ ّ
ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠـﻰ ﻇﻬـﻮﺭ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ﺑﺤـﺴﺐ ﺃﻫـﻮﺍﺋﻬﻢ ﻭﻣـﺎ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﺿـﻮﻥ ﺑﺒﻴـﺎﻥ ّ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟـﺬﺍ ﺻـﺪﺭ ﻓـﻲ ﺣ ِّﻘﻬـﻢ ﺣﻜـﻢ ﺍﻟﺘّﺤﺮﻳـﻒ .ﻛﻤـﺎ ﻫـﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ّ ّ
ﻣ ــﺸﻬﻮﺩ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﻋ ــﻦ ﺃ ﻣ ــﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗ ــﺎﻥ ﻛﻴ ــﻒ ﺃﻧّﻬ ــﺎ ﺣ ﺮﻓ ــﺖ ﺁﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘ ــﺎﺏ
ﺍﻟﻈﻬـﻮﺭ ،ﻭﻳﻔـ ِّﺴﺮﻭﻧﻬﺎ ﺑﺤـﺴﺐ ﻣﻴـﻮﻟﻬﻢ ﻭﺃﻫـﻮﺍﺋﻬﻢ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠـﻰ ﻋﻼﻣـﺎﺕ ّ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ
ﻼ َﻡ ﻭﻓــﻲ ﻣﻮﺿــﻊ ﺁﺧــﺮ ﻳﻘــﻮﻝَ ﴿ :ﻭ َﻗـ ْـﺪ َﻛـ َ ﻮﻥ َﻛـ َ ـﺴ َﻤ ُﻌ َ ـﺎﻥ َﻓ ِﺮﻳـ ٌـﻖ ِّﻣـ ْﻨ ُﻬ ْﻢ َﻳـ ْ
ﻮﻥ﴾) (١ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺩﺍﻟّـﺔ ﺤ ِّﺮ ُﻓﻮ َﻧ ُﻪ ﻣِ ﻦ َﺑ ْﻌ ِﺪ َﻣﺎ َﻋ َﻘ ُﻠﻮ ُﻩ َﻭ ُﻫ ْﻢ َﻳ ْﻌ َﻠ ُﻤ َ ﺍﻪﻠﻟِ ُﺛ ﻢ ُﻳ َ
ﻻﻟﻬــﻲ ﻻ ﻋﻠــﻰ ﻣﺤــﻮ ﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ـﻀﺎ ﻋﻠــﻰ ﺗﺤﺮﻳــﻒ ﻣﻌــﺎﻧﻲ ﺍﻟﻜــﻼﻡ ﺍ ﺃﻳـ ً ٕ ّ ـﻀﺎ ﺍﻟﻌﻘـ ـ ــﻮﻝ ّ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳّـ ـ ــﺔ ﻛﻤـ ـ ــﺎ ﻫـ ـ ــﻮ ﻣـ ـ ــﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣـ ـ ــﻦ ﺍﻻٓﻳـ ـ ــﺔ ،ﻭﺗﺪﺭﻛـ ـ ــﻪ ﺃﻳـ ـ ـ ً ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ
ﺎﺏ ﻳﻦ َﻳ ْ ﻜ ُﺘ ُﺒ َ ﻭﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻳﻘﻮﻝَ ﴿ :ﻓ َﻮ ْﻳ ٌﻞ ﻟِّﻠِ ﺬ َ ﻮﻥ ﺍﻟ ِْﻜ َﺘ َ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
٧٥
ﻼ﴾)ٕ (١ﺍﻟـﻰ ِﺑﺎْ ﻳ ِﺪ ِ ـﺸ َﺘ ُﺮﻭ ْﺍ ِﺑـﻪِ َﺛ َﻤ ًﻨـﺎ َﻗﻠِـﻴ ً ﻳﻬ ْﻢ ُﺛ ﻢ َﻳ ُﻘﻮ ُﻟ َ ـﻦ ﻋِ ﻨ ِـﺪ ﺍﻪﻠﻟِ ِﻟ َﻴ ْ ﻮﻥ َﻫ َـﺬﺍ ﻣِ ْ ﺁﺧــﺮ ﺍﻻٓﻳــﺔ .ﻭﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﻗــﺪ ﻧﺰﻟــﺖ ﻓــﻲ ﺷــﺄﻥ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﻴﻬــﻮﺩ ﻭﺃﻛــﺎﺑﺮﻫﻢ
ﺃﻟﻮﺍﺣ ــﺎ ﻋﺪﻳ ــﺪﺓ ﻓ ــﻲ ﺭ ِّﺩ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﺍﻟ ّﺮﺳ ــﻮﻝ ﻻٔﺟ ــﻞ ﺣﻴ ــﺚ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻜﺘﺒ ــﻮﻥ ً ـﻞ ﺍﺳﺘﺮﺿﺎء ﺧﺎﻃﺮ ﺍﻻٔﻏﻨﻴﺎء ،ﻭﺍﺳﺘﺠﻼﺏ ﺯﺧـﺎﺭﻑ ﺍﻟ ّـﺪﻧﻴﺎ ،ﻭ ٕﺍﻇﻬـﺎﺭ ﺍﻟﻐ ّ
ﻭﺍﻟﻜﻔ ـ ــﺮ .ﻭﻛ ـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳ ـ ــﺴﺘﺪﻟﻮﻥ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺫﻟ ـ ــﻚ ﺑ ـ ــﺪﻻﺋﻞ ﻋﺪﻳ ـ ــﺪﺓ ﻻ ﻳﺠ ـ ــﻮﺯ
ﺫﻛﺮﻫــﺎ ،ﻭﻳﻨــﺴﺒﻮﻥ ٕﺍﻟــﻰ ﺃﺩﻟــﺘﻬﻢ ﻫــﺬﻩ ﺃﻧّﻬــﺎ ﻣــﺴﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣــﻦ ﺃﺳــﻔﺎﺭ ﺍﻟﺘــﻮﺭﺍﺓ
ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ :ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟ ّﺮﺩﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻻٔﻣﺮ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ
ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻋﻠﻤـﺎء ﺍﻟﻌـﺼﺮ ﺍﻟﺠـﺎﻫﻠﻮﻥ ،ﻭﺯﻋﻤـﻮﺍ ﺑـﺄ ّﻥ ﻣﻔﺘﺮﻳـﺎﺗﻬﻢ ﻫـﺬﻩ ﻣﻄﺎﺑﻘـ ٌﺔ
ﻻٓﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻭﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻻٔﻟﺒﺎﺏ
ﻭﻗﺼﺎﺭﻯ ﺍﻟﻘﻮﻝ ٕﺍ ّﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﺫﻛﺎﺭ ﻫﻮ ﺃﻧّﻪ ٕﺍﺫﺍ ﻛـﺎﻧﻮﺍ
ﻻﻧﺠﻴــﻞ ﻗــﺪ ﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ﺑ ـﺄ ّﻥ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﺋــﻢ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤــﺸﺎﺭ ٕﺍﻟﻴﻬــﺎ ﻓــﻲ ﺍ ٕ
ـﺴﻜﻮﻥ ﺑﺂﻳ ــﺎﺕ ﻭﺃﺧﺒ ــﺎﺭ ،ﻓ ــﺎﻋﺮﻑ ﺑﺄﻧّ ــﻪ ﻛ ــﺬﺏ ﺣ ِّﺮﻓ ــﺖ ،ﻭﻳﺮ ّﺩﻭﻧﻬ ــﺎ ﻭﻳﺘﻤ ـ ّ
ﻣﺤــﺾ ،ﻭﺍﻓﺘــﺮﺍء ﺻــﺮﻑ :ﻧﻌــﻢ ٕﺍ ّﻥ ﺫﻛــﺮ ﺍﻟﺘّﺤﺮﻳــﻒ ﺑﻬــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨــﻰ ﺍﻟّــﺬﻱ ـﻀﺎ ﻣﻨﻬــﺎ ﺣﺘّــﻰ ﺃﺷــﻴﺮ ٕﺍﻟﻴــﻪ ﻣﻮﺟــﻮﺩ ﻓــﻲ ﻣﻮﺍﺿــﻊ ﻣﻌﻴّﻨــﺔ .ﻭﻟﻘــﺪ ﺫﻛﺮﻧــﺎ ﺑﻌـ ً
ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﻠﻮ ًﻣﺎ ﻭﻣﺜﺒﻮ ًﺗﺎ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
٧٦
ـﻀﺎ ﻣﻮﺟــﻮﺩﺓ ﻟــﺪﻯ ﻻﺣﺎﻃــﺔ ﺑــﺎﻟﻌﻠﻮﻡ ّ ﻟﻜـ ّ ـﻞ ﺫﻱ ﺑــﺼﺮ ﺑــﺄ ّﻥ ﺍ ٕ ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ ﺃﻳـ ً ﻻﻟﻬﻴّــﻴﻦ ﻛــﻴﻼ ﻳﻘــﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿــﻮﻥ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟــﻮﻫﻢ ﺑﻌــﺾ ﻣــﻦ ﺍﻻٔ ّﻣﻴّــﻴﻦ ﺍ ٕ
ﻭﻳﺘـ ـ ــﺸﺒّﺜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺭﺿـ ـ ــﺔ ﻣـ ـ ـ ـﺪﻋﻴﻦ ﺑـ ـ ــﺄ ّﻥ ﺍﻻٓﻳـ ـ ــﺔ ﺍﻟﻔﻼﻧﻴّـ ـ ــﺔ ﺩﻟﻴـ ـ ــﻞ ﻋﻠـ ـ ــﻰ ﺍﻟﺘّﺤﺮﻳ ـ ـ ــﻒ .ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻫ ـ ـ ــﺆﻻء ﺍﻻٔﺻ ـ ـ ــﺤﺎﺏ ﻗ ـ ـ ــﺪ ﺫﻛ ـ ـ ــﺮﻭﺍ ﻫ ـ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗ ـ ـ ــﺐ
ﺍﻃﻼﻋﻬــﻢ :ﻭﻋ ـﻼﻭﺓ ﻋﻠــﻰ ﻣــﺎ ﺫﻛــﺮ ﻓــﺈ ّﻥ ﻭﺍﻟﻤﻄﺎﻟــﺐ ﻓﻘــﻂ ﺑــﺴﺒﺐ ﻋــﺪﻡ ّ
ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻻٓﻳـﺎﺕ ﺍﻟﻤـﺸﻌﺮﺓ ﺑـﺎﻟﺘّﺤﺮﻳﻒ ﻗـﺪ ﻧ ِّﺰﻟـﺖ ﻓـﻲ ﺣ ّـﻖ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ "ﻟـﻮ ﺃﻧـﺘﻢ
ﻓﻲ ﺟﺰﺍﺋﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ﺗﺤﺒﺮﻭﻥ".
ﻭﻟــﻮ ﺃﻧّــﻪ ﻗــﺪ ﺳــﻤﻊ ﻣــﻦ ﺑﻌــﺾ ﺣﻤﻘــﻰ ﺃﻫــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺃﻧّﻬــﻢ ﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ
ـﺴﻤﺎﻭﻱ ﻟ ــﻴﺲ ﻓ ــﻲ ﻳ ــﺪ ﺍﻟﻨّ ــﺼﺎﺭﻯ ﺑ ــﻞ ﻗ ــﺪ ﺭﻓ ــﻊ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺑ ــﺄ ّﻥ ﺍ ٕ ﻻﻧﺠﻴ ــﻞ ﺍﻟ ـ ّ
ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻻﻋﺘﺴﺎﻑ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻏﺎﻓﻠﻴﻦ ﻋﻦ ﺃﻧّﻬﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻳﺜﺒﺘﻮﻥ ﻧﺴﺒﺔ ّ ّ ـﻞ ﻭﻋـﻼ .ﻻٔﻧّـﻪ ٕﺍﺫﺍ ﻛـﺎﻥ ﺑﻌـﺪ ﻏﻴـﺎﺏ ﺷـﻤﺲ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﺒـﺎﺭﻱ ﺟ
ﺟﻤــﺎﻝ ﻋﻴــﺴﻰ ﻋــﻦ ﻭﺳــﻂ ﺍﻟﻘــﻮﻡ ﻭﺍﺭﺗﻘﺎﺋﻬــﺎ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻔﻠــﻚ ﺍﻟ ّﺮﺍﺑــﻊ ﻭﺭﻓــﻊ
ﺣﺠ ــﺔ ﻛﺘــﺎﺏ ﺍﻪﻠﻟ ﺟـ ـﻞ ﺫﻛــﺮﻩ ﺃﻳ ـ ً ـﻀﺎ ﻣــﻦ ﺑــﻴﻦ ﺧﻠﻘــﻪ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻫــﻮ ﺃﻋﻈــﻢ ّ ـﺴﻚ ﺑــﻪ ﺃﻭﻟﺌــﻚ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻣــﻦ ﺯﻣــﻦ ﻋﻴــﺴﻰ ٕﺍﻟــﻰ ـﺄﻱ ﺷــﻲء ﻳﺘﻤـ ّ ﺑﻴــﻨﻬﻢ ﻓﺒـ ّ
ـﺄﻱ ﺃﻣ ــﺮ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﺑ ــﻪ ﻣ ــﺄﻣﻮﺭﻳﻦ؟ ـﺸﻤﺲ ّ ﺯﻣ ــﻦ ٕﺍﺷ ــﺮﺍﻕ ﺍﻟ ـ ّ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّ ــﺔ؟ ﻭﺑ ـ ّ ﻭﻣﺤﻞ ﻧـﺰﻭﻝ ﻋـﺬﺍﺏ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺼﻴﺮﻭﻥ ﻣﻮﺭﺩ ﺍﻧﺘﻘﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺘﻘﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ّ ﻋﻤ ــﺎ ﺫﻛ ــﺮ ﻳﺘﺮﺗ ــﺐ ﻋﻠ ــﻰ ـﻮﻱ :ﻭﺑ ــﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨّﻈ ــﺮ ّ ﻭﺳ ــﻴﺎﻁ ﺍﻟ ـ ّ ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨ ـ ّ ﺫﻟﻚ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ
٧٧
ﻻﻳﺠــﺎﺩ " َﻓ َﻨ ُﻌــﻮ ُﺫ ِﺑــﺎﻪﻠﻟِ ﻓــﻴﺾ ﺍﻟﻔﻴــﺎﺽ ﻭﺍﻧــﺴﺪﺍﺩ ﺑــﺎﺏ ﺭﺣﻤــﺔ ﺳــﻠﻄﺎﻥ ﺍ ٕ
ﻮﻥ". ﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎ ُﺩ ﻓﻰ َﺣﻘِّﻪَ ،ﻓ َﺘﻌﺎﻟﻰ َﻋ ّﻤﺎ ُﻫﻢ َﻳﻌﺮ ُﻓ َ َﻋ ّﻤﺎ َﻳ ُﻈ
ﻓﻴﺎ ﻋﺰﻳﺰﻱ ٕﺍﻧّﻪ ﻓﻲ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟـﺼﺒﺢ ﺍﻻٔﺯﻟـﻲ ﺍﻟّـﺬﻱ ﻓﻴـﻪ ﺃﺣـﺎﻁ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻢ
ـﺴﻤ َﻮ ِ ﺽ﴾) (١ﻭﺍﺭﺗﻔ ـ ــﻊ ﺳ ـ ــﺮﺍﺩﻕ ﺍﻟﻌ ـ ــﺼﻤﺔ ﺍﺕ َﻭﺍﻻْ ﺭ ِ ﺃﻧ ـ ــﻮﺍﺭ﴿ﺍﻪﻠﻟُ ُﻧ ـ ــﻮ ُﺭ ﺍﻟ ـ ـ
ِﻢ ُﻧ ــﻮ َﺭ ُﻩ﴾) (٢ﻭﻓﻴ ــﻪ ﺍﻧﺒ ــﺴﻄﺖ ﻭﺍﻟﺤﻔ ــﻆ ﺑﻘﻮﻟ ــﻪَ ﴿ :ﻭ َﻳـ ـﺎَ ﺑﻰ ﺍﻪﻠﻟُ ﺍ ﻻ ﺍﻥ ُﻳـ ـﺘ
ـﻮﺕ ُﻛــﻞِّ َﺷــﻲٍء﴾) (٣ﻳﻨﺒﻐــﻲ ﻟﻨــﺎ ﻭﻗﺎﻣــﺖ ﻳــﺪ ﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﺑﻘﻮﻟــﻪِ ﴿ :ﺑ َﻴـ ِـﺪﻩِ َﻣ َﻠ ُ ﻜـ ُ ْ ـﺼﻞ ﺑﻌﻨﺎﻳــﺔ ﻣــﻦ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻛــﺮﻡ ﻣﻨــﻪ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨــﺔ ـﺸﺪ ﺃﺯﺭ ﺍﻟﻬﻤــﺔ ﻟﻌـ ﺃﻥ ﻧـ ـﻞ ﻧـ ُ
ـﻮﻥ﴾ ﺍﻟﻘﺪﺳـ ـﻴّﺔ ﴿ ﺍﻧ ــﺎ ﻪﻠﻟِ﴾ ﻭﻧ ــﺴﺘﻘ ّﺮ ﻓ ــﻲ ﻣﻮﺍﻗ ــﻊ ﻋ ـ ّـﺰ ﴿ َﻭ ﺍﻧ ــﺎ ﺍ َﻟ ْﻴ ــﻪِ َﺭ ِ ﺍﺟ ُﻌ ـ َ
ـﺸﺆﻭﻥ ﻭﻳﺠ ـ ــﺐ ﻋﻠﻴ ـ ــﻚ ٕﺍﻥ ﺷ ـ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﺃﻥ ﺗﻨـ ـ ـ ِّﺰﻩ ﻋﻴﻨ ـ ــﻲ ﻓ ـ ــﺆﺍﺩ ﻙ ﻋ ـ ــﻦ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳّ ــﺔ ﺣﺘّ ــﻰ ﺗ ــﺪﺭ ﻙ ﻣ ــﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳ ــﺔ ﻟ ــﻪ ﻣ ــﻦ ﻣﺮﺍﺗ ــﺐ ﺍﻟﻌﺮﻓ ــﺎﻥ ،ﻭﺗ ــﺮﻯ ّ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﺃﻇﻬــﺮ ﻣــﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﺘــﺎﺝ ﻓــﻲ ٕﺍﺛﺒــﺎﺕ ﻭﺟــﻮﺩﻩ ٕﺍﻟــﻰ ﺩﻟﻴــﻞ ﺃﻭ ﻳﺘﻄﻠّــﺐ
ﺑﺤﺠﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻤﺴﻚ ّ ﺍﻟﺘّ
ـﺐ ،ﻟ ــﻮ ﺃﻧّ ــﻚ ﺗﻜ ــﻮﻥ ﻃ ــﺎﺋ ًﺮﺍ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﻮﺍء ﺍﻟـ ـ ّﺮﻭﺡ ﺃﻳّﻬ ــﺎ ﺍﻟ ـ ّ ـﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺤ ـ ّ
ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﺪﺭﺟﺔ ﻻ ﺗﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣﺎﻧﻲ ﻟﺘﺮﻯ ﺍﻟﺤﻖ ﻇﺎﻫ ًﺮﺍ ﻓﻮﻕ ّ ّ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨّﻮﺭ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘّﻮﺑﺔ.
) (٣ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ.
٧٨
ﺍﻟﻮﺟـﻮﺩ ﺷـﻴﺎ ﻏﻴـﺮﻩ "ﻛـﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟُ ﻭﻟـﻢ ﻳﻜـﻦ ﻣﻌـﻪ ﻣِ ـﻦ ﺷـﻲء" ﻭﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺃﻭ ﻳﺤﺘﺎﺝ ٕﺍﻟﻰ ﺑﺮﻫﺎﻥ .ﻭﻟﻮ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﺪﺱ ﻋﻦ ﺃﻥ ّ
ـﻞ ﺍﻻٔﺷــﻴﺎء ﻣﻌﺮﻭﻓــﺔ ﺑﻌﺮﻓﺎﻧــﻪ ﺳــﺎﺋ ًﺮﺍ ﻓــﻲ ﻓــﻀﺎء ﻗــﺪﺱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻟﺘﺠــﺪ ﻛـ ّ
ﻭﻫ ــﻮ ﻣ ــﺎ ﺯﺍﻝ ﻭﻻ ﻳ ــﺰﺍﻝ ﻣﻌﺮﻭ ًﻓ ــﺎ ﺑﻨﻔ ــﺴﻪ .ﻭﻟ ــﻮ ﺗﻜ ــﻮﻥ ﺳ ــﺎﻛ ًﻨﺎ ﻓ ــﻲ ﺃﺭﺽ
ـﻚ ﻜﻔِ ِﻬ ْﻢ ﺍﻧﺎ ﺍ َ ﻧﺰ ْﻟ َﻨـﺎ َﻋ َﻠ ْﻴ َ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻓﺎﻛﻒ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﴿ﺍ َ ﻭ َﻟ ْﻢ َﻳ ْ ّ ﺍﻟﺤﺠــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻗ ّﺮﺭﻫــﺎ ﺑﻨﻔــﺴﻪ ﻭﻟــﻢ ﻳﻜــﻦ ﺃﻋﻈــﻢ ـﺎﺏ﴾) (١ﻫــﺬﻩ ﻫــﻲ ّ ﺍﻟ ِْﻜ َﺘـ َ ﺣﺠﺔ ﻭﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ "ﺩﻟﻴﻠﻪ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﻭﻭﺟﻮﺩﻩ ٕﺍﺛﺒﺎﺗﻪ". ﻣﻨﻬﺎ ّ
ٕﺍﻧّﻨــﻲ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗــﺖ ﺍَ ﺫ ِّﻛــﺮ ﺃﻫــﻞ ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﻭﺃﻃﻠــﺐ ﻣــﻦ ﻋﺮﻓــﺎﺋﻬﻢ
ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ﺍﻟّﺘـﻲ ﻭﺣﻜﻤﺎﺋﻬﻢ ﻭﻋﻠﻤﺎﺋﻬﻢ ﻭﺷﻬﺪﺍﺋﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﻻ ﻳﻨﺴﻮﺍ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﺍ ٕ
ﺩﺍﺋﻤ ــﺎ ﻧ ــﺎﻇﺮﻳﻦ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺃﺻ ــﻞ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ﻛ ــﻴﻼ ﺃﻧﺰﻟﻬ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻜﺘ ــﺎﺏ ﻭﻳﻜ ــﻮﻥ ً ـﺴﻜﻮﺍ ﺑــﺒﻌﺾ ﻋﺒــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﺣــﻴﻦ ﻇﻬــﻮﺭ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﺠــﻮﻫﺮ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻳﺘﻤـ ّ
ﻫــﻮ ﺟــﻮﻫﺮ ﺍﻟﺠــﻮﺍﻫﺮ ﻭﺣﻘﻴﻘــﺔ ﺍﻟﺤﻘــﺎﺋﻖ ﻭﻧــﻮﺭ ﺍﻻٔﻧــﻮﺍﺭ .ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳــﺮﺩ ﻋﻠﻴــﻪ
ـﺴﻠﻄﺎﻥ -ﺳــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّــﺔ- ﻣــﻨﻬﻢ ﻣــﺎ ﻭﺭﺩ ﻓــﻲ ﻛــﻮﺭ ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ ﻻٔ ّﻥ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟـ ّ ـﻞ ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ،ﻭﺧﻠﻘــﻪ ﺑﺤــﺮﻑ ﻭﺍﺣــﺪ ﻗــﺎﺩﺭ ﻋﻠــﻰ ﺃﻥ ﻳﻘــﺒﺾ ﺍﻟ ـ ّﺮﻭﺡ ﻣــﻦ ﻛـ ّ
ﻣﻦ ﺑﺪﺍﺋﻊ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ .ﺃﻭ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ.
٧٩
ﻳﻬــﺐ ﻋﻠــﻴﻬﻢ ﺍﻟﺤﻴــﺎﺓ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌــﺔ ﺍﻟﻘﺪﻣﻴــﺔ ﺑﺤــﺮﻑ ﻭﺍﺣــﺪ ﻣﻨــﻪ ﻭﻳﺤــﺸﺮﻫﻢ
ﻭﻳﺒﻌﺜﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻮﺭ ﺍﻟﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬﻮﻯ :ﻭﺃﻧﺖ ﻓﺎﻟﺘﻔﺖ ﻭﺍﺭﺗﻘـﺐ ﻭﺃﻳﻘـﻦ ﻓـﻲ ﻻﻳﻤﺎﻥ ﺑﻪ ﻭ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺃﻳﺎﻣـﻪ ﺫﺍﺗﻚ ﺑﺄ ﻥ ﺍﻟﻜﻞ ﺳﻮﻑ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺃﻣﺮﻫﻢ ٕﺍﻟﻰ ﺍ ٕ
ﻦ ـﻮﻫ ُ ﻜ ْﻢ ﻗِ َﺒ َ ـﻞ ﺍﻟ َْﻤ ْ ـﺸ ِﺮ ِﻕ َﻭﺍﻟ َْﻤ ْﻐـ ِﺮ ِﺏ َﻭ َﻟ ِﻜـ ﺲ ﺍ ْﻟ ِﺒ ﺮ ﺍﻥ ُﺗ َﻮﻟـﻮ ْﺍ ُﻭ ُﺟ َ ﻭﻟﻘﺎﺋﻪ ﴿ﻟْ ﻴ َ
ـﻦ ِﺑ ــﺎﻪﻠﻟِ َﻭﺍ ْﻟ َﻴـ ـ ْﻮ ِﻡ ﺍﻻٓ ِﺧـ ـ ِﺮ﴾)" (١ﺍﺳ ــﻤﻌﻮﺍ ﻳ ــﺎ ﺃﻫ ــﻞ ﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ ﻣ ــﺎ ﺍ ْﻟ ِﺒـ ـ ﺮ َﻣ ـ ْ ـﻦ ﺁ َﻣ ـ َ ﻦ ﻓﻲ ﻇﻞِّ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻪﻠﻟ ﻣﻤﺪﻭ ًﺩﺍ" ﻭﺻﻴﻨﺎﻛﻢ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻟﻌﻞ ﺗﺴﻜﻨ ّ
"ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺃ ﻥ ﺷـﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﺔ ﻭﻣﻈﻬـﺮ ﻧﻔـﺲ ﺍﻪﻠﻟ
ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ ﻭ ٕﺍﻥ ﻟ ــﻦ ﻳﻄﻴﻌ ــﻪ ﻦ ﺳ ــﻠﻄﺎ ًﻧﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﻣ ــﻦ ﻓ ــﻲ ﺍﻟ ـ ّ ﻟﻴﻜ ــﻮﻧ ﻻﺭﺽ ،ﻭﻏﻨﻴـﺎ ﻋـﻦ ﻛـﻞِّ ﻣـﻦ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﻠـﻚ ﻭ ٕﺍﻥ ﻟـﻢ ﻳﻜـﻦ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍ ٔ
ﻋﻨــﺪﻩ ﺩﻳﻨــﺎﺭ – ﻛــﺬﻟﻚ ﻧﻈﻬــﺮ ﻟــﻚ ﻣــﻦ ﺃﺳــﺮﺍﺭ ﺍﻻٔﻣــﺮ ،ﻭﻧﻠﻘــﻲ ﻋﻠﻴــﻚ ﻣــﻦ
ﺟــﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺤﻜﻤــﺔ ﻟﺘﻄﻴــﺮ ّﻥ ﺑﺠﻨــﺎﺣﻲ ﺍﻻﻧﻘﻄــﺎﻉ ﻓــﻲ ﺍﻟﻬــﻮﺍء ﺍﻟّــﺬﻱ ﻛــﺎﻥ ّ ﻋﻦ ﺍﻻٔﺑﺼﺎﺭ ﻣﺴﺘﻮ ًﺭﺍ" ﺗﻮﺿـﺢ ﻭﺗﺜﺒـﺖ ﻟـﺪﻯ ﺃﺻـﺤﺎﺏ ٕﺍ ّﻥ ﻟﻄﺎﺋﻒ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺒـﺎﺏ ﻭﺟـﻮﺍﻫﺮﻩ ِّ
ﺍﻟﺰﻛﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ،ﺃ ﻥ ﺷﻤﻮﺱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨّﻔﻮﺱ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
٨٠
ـﺼﺮ ﻭﺯﻣ ــﺎﻥ ﻣ ــﻦ ﺧﻴ ــﺎﻡ ﻏﻴ ــﺐ ﻭﻣﺮﺍﻳ ــﺎ ﺍﻻٔﺣﺪﻳ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﻓ ــﻲ ﻛ ــﻞِّ ﻋ ـ ٍ
ـﺸﻬﺎﺩﺓ ﻟﺘﺮﺑﻴــﺔ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨــﺎﺕ ،ﻭ ٕﺍﺑــﻼﻍ ﺍﻟﻔــﻴﺾ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻬﻮﻳّــﺔ ٕﺍﻟــﻰ ﻋــﺎﻟﻢ ﺍﻟـ ّ
ـﺸﻤﻮﺱ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﺑ ــﺴﻠﻄﻨﺔ ﻗ ــﺎﻫﺮﺓ ،ﻭﺳ ــﻄﻮﺓ ﻛـ ّ ـﻞ ﺍﻟﻤﻮﺟ ــﻮﺩﺍﺕ – ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ّ ﻏﺎﻟﺒــﺔ ،ﻻٔ ّﻥ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺠــﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻤﺨﺰﻭﻧــﺔ ﻭﺍﻟﻜﻨــﻮﺯ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّــﺔ ﺍﻟﻤﻜﻨﻮﻧــﺔ ﻫــﻢ
ﻳﺮﻳﺪ" ﻳﺸﺎء ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻪﻠﻟُ ﻣﺎ ﻣﺤﻞ ﻇﻬﻮﺭ " ﻭﻳﺤﻜﻢ ﻣﺎ ُ ُ ُ ُ
ﻭﻣ ــﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿ ــﺢ ﻟ ــﺪﻯ ﺃﻭﻟ ــﻲ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﻭﺍﻻٔﻓﺌ ــﺪﺓ ﺍﻟﻤﻨﻴ ــﺮﺓ ،ﺃ ﻥ ﻏﻴ ــﺐ
ـﺼﻌﻮﺩ ﻣﻘﺪ ًﺳــﺎ ﻋــﻦ ﺍﻟﺒــﺮﻭﺯ ّ ﺍﻟﻬﻮﻳــﺔ ﻭﺫﺍﺕ ﺍ ٔ ﻻﺣﺪﻳــﺔ ﻛــﺎﻥ ﻭﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ،ﻭﺍﻟـ ّ ـﻞ ﻭﺍﺻ ـ ــﻒ ﻭﺍﻟﻨّـ ـ ـﺰﻭﻝ ﻭﺍﻟ ـ ـ ّـﺪﺧﻮﻝ ﻭﺍﻟﺨ ـ ــﺮﻭﺝ ،ﻭﻣﺘﻌﺎﻟ ًﻴ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﻦ ﻭﺻ ـ ــﻒ ﻛ ـ ـ ّ
ﻭ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﻛــﻞِّ ﻣــﺪﺭ ﻙ ،ﻟــﻢ ﻳــﺰﻝ ﻛــﺎﻥ ﻏﻨﻴـﺎ ﻓــﻲ ﺫﺍﺗــﻪ ،ﻭﻻ ﻳــﺰﺍﻝ ﻳﻜــﻮﻥ ـﺼﺎ ُﺭ َﻭ ُﻫـ ـ َﻮ ﻣ ــﺴﺘﻮ ًﺭﺍ ﻋ ــﻦ ﺍﻻٔﺑ ــﺼﺎﺭ ﻭﺍﻻٔﻧﻈ ــﺎﺭ ﺑﻜﻴﻨﻮﻧﺘ ــﻪ ﴿ ﻻ ُﺗ ْﺪ ِﺭ ُﻛ ـ ُـﻪ ﺍﻻْ ﺑ ـ َ ْﺨ ِﺒﻴ ـ ُﺮ﴾) (١ﻻٔﻧــﻪ ﻻ ﻳﻤﻜــﻦ ﺃﻥ ﻳﻜــﻮﻥ ُﻳـ ْـﺪ ِﺭ ُ ـﻒ ﺍﻟ َ ـﺼﺎ َﺭ َﻭ ُﻫ ـ َﻮ ﺍﻟﻠﻄِ ﻴـ ُ ﻙ ﺍﻻْ ﺑـ َ
ـﺄﻱ ﻭﺟ ــﻪ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻮﺟ ــﻮﻩ ﻧ ــﺴﺒﺔ ﻭﺭﺑ ــﻂ ﻭﻓ ــﺼﻞ ﺑﻴﻨ ــﻪ ﻭﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨ ــﺎﺕ ﺑ ـ ِّ
ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﻭﺻــﻞ ﺃﻭ ﻗــﺮﺏ ﻭﺑﻌــﺪ ﻭﺟﻬــﺔ ﻭ ٕﺍﺷــﺎﺭﺓ .ﻻٔ ﻥ ﺟﻤﻴــﻊ ﻣــﻦ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ
ﻭﺍﻻٔﺭﺽ ﻗــﺪ ُﻭ ِﺟــﺪﻭﺍ ﺑﻜﻠﻤــﺔ ﺃﻣــﺮﻩ ،ﻭ ُﺑﻌِ ﺜــﻮﺍ ﻣــﻦ ﺍﻟﻌــﺪﻡ ﺍﻟﺒﺤــﺖ ﻭﺍﻟﻔﻨــﺎء
ـﺸﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﺤﻴ ـ ــﺎﺓ ﺑﺈﺭﺍﺩﺗ ـ ــﻪ ﺍﻟّﺘ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــﻲ ﻧﻔ ـ ــﺲ ـﺼﺮﻑ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﻋﺮﺻـ ـ ـﺔ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻌﺎﻡ .
٨١
ﺳ ــﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ! ٕﺍﻧ ــﻪ ﻣ ــﺎ ﻛ ــﺎﻥ ﻭﻟ ــﻦ ﻳﻜ ــﻮﻥ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨ ــﺎﺕ ﻭﺑ ــﻴﻦ ﻛﻠﻤﺘ ــﻪ
ـﻀﺎ ﻧــﺴﺒﺔ ﻭﻻ ﺭﺑ ــﻂ :ﻭﺍﻟﺒﺮﻫــﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﺿ ــﺢ ﻋﻠــﻰ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠــﺐ ﻗﻮﻟ ــﻪ: ﺃﻳـ ً
)(١ ﻼﺋﺢ ﻋﻠﻴﻪ "ﻛﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻟـﻢ ﻳﻜـﻦ ﺤ ِّﺬ ُﺭ ُﻛ ُﻢ ﺍﻪﻠﻟُ َﻧ ْﻔ َﺴ ُﻪ﴾ ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟ ّ ّ ﴿ َﻭ ُﻳ َ
ﻣﻌــﻪ ﻣــﻦ ﺷــﻲء"ٕ .ﺍﺫ ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﻭﺍﻻٔﻭﺻــﻴﺎء ﻭﺍﻟﻌﻠﻤــﺎء ﻭﺍﻟﻌﺮﻓــﺎء
ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺎء ﻗﺪ ﺃﻗـ ّﺮﻭﺍ ﺑﻌـﺪﻡ ﺑﻠـﻮﻍ ﻣﻌﺮﻓـﺔ ﺫﻟـﻚ ﺍﻟﺠـﻮﻫﺮ ﺍﻟّـﺬﻱ ﻫـﻮ ﺟـﻮﻫﺮ
ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ .ﻭﺃﺫﻋﻨﻮﺍ ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻋـﻦ ﺍﻟﻌﺮﻓـﺎﻥ ﻭﺍﻟﻮﺻـﻮﻝ ٕﺍﻟـﻰ ﺗﻠـﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﺔ
ﺍﻟّﺘﻲ ﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ
ﻭﻟﻤــﺎ ﺃﻥ ﻛﺎﻧــﺖ ﺃﺑــﻮﺍﺏ ﻋﺮﻓــﺎﻥ ﺫﺍﺕ ﺍﻻٔﺯﻝ ﻣــﺴﺪﻭﺩ ًﺓ ﻋﻠــﻰ ﻭﺟــﻪ
ﺭﺣ َﻤ ُﺘـﻪ ـﺒﻘﺖ ْ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨــﺎﺕ ﻟﻬـﺬﺍ ﺑﺎﻗﺘــﻀﺎء ﺭﺣﻤﺘــﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳــﻌﺔ ﻓــﻲ ﻗﻮﻟــﻪ "ﺳـ ْ
ـﻞ ﺷــﻲٍء" ﻗــﺪ ﺃﻇﻬــﺮ ﺑــﻴﻦ ﺍﻟﺨﻠــﻖ ﺟــﻮﺍﻫﺮ ﺖ ﺭﺣﻤﺘــﻲ ﻛـ ﻛـ ـﻞ ﺷــﻲٍء ﻭﻭﺳـ َﻌ ْ
ﻗ ـ ــﺪﺱ ﻧﻮﺭﺍﻧﻴّ ـ ــﺔ ،ﻣ ـ ــﻦ ﻋ ـ ــﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟـ ـ ـ ّﺮﻭﺡ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣ ـ ــﺎﻧﻲ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻫﻴﺎﻛ ـ ــﻞ ﺍﻟﻌـ ـ ـ ِّﺰ ّ ﻻﻧــﺴﺎﻧﻲ ،ﻛــﻲ ﺗﺤﻜــﻲ ﻋــﻦ ﺫﺍﺕ ﺍﻻٔﺯﻟﻴــﺔ ﻭﺳــﺎﺫﺝ ﺍﻟﻘﺪﻣﻴّــﺔ – ﻭﻫــﺬﻩ ﺍ ٕ ّ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳـﺎ ﺍﻟﻘﺪﺳـﻴّﺔ ﻭﻣﻄــﺎﻟﻊ ﺍﻟﻬﻮﻳّـﺔ ﺗﺤﻜـﻲ ﺑﺘﻤﺎﻣﻬــﺎ ﻋـﻦ ﺷـﻤﺲ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ
ﻼ ﻋﻠﻤﻬــﻢ ﻣــﻦ ﻋﻠﻤــﻪ ،ﻭﻗــﺪﺭﺗﻬﻢ ﻣــﻦ ﻗﺪﺭﺗــﻪ، ﻭﺟــﻮﻫﺮ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ .ﻓﻤــﺜ ً ﻭﺳﻠﻄﻨﺘﻬﻢ ﻣﻦ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.
٨٢
ﺳﻠﻄﻨﺘﻪ ،ﻭﺟﻤﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻟﻪ ،ﻭﻇﻬـﻮﺭﻫﻢ ﻣـﻦ ﻇﻬـﻮﺭﻩ ،ﻭﻫـﻢ ﻣﺨـﺎﺯﻥ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ ،ﻭﻣﻈ ـ ــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻔ ـ ــﻴﺾ ﺍﻟﻌﻠ ـ ــﻮﻡ ﺍﻟﺮﺑّﺎﻧﻴّ ـ ــﺔ ،ﻭﻣﻮﺍﻗ ـ ــﻊ ﺍﻟﺤﻜﻤ ـ ــﺔ ﺍﻟ ـ ـ ّ ـﺴﺮﻣﺪﻳّﺔ ﻛﻤ ــﺎ ﻗ ــﺎﻝ "ﻻ ﻓ ــﺮﻕ ﺑﻴﻨ ــﻚ ﺍﻟ ّ ـﺸﻤﺲ ﺍﻟ ـ ّ ﻼﻣﺘﻨ ــﺎﻫﻲ ،ﻭﻣﻄ ــﺎﻟﻊ ﺍﻟ ـ ّ
ﻻ ﺑــﺄﻧّﻬﻢ ﻋﺒــﺎﺩ ﻙ ﻭﺧﻠﻘــﻚ" ﻭﻫــﺬﺍ ﻣﻘــﺎﻡ "ﺃﻧــﺎ ﻫــﻮ ﻭﻫــﻮ ﺃﻧــﺎ" ﻭﺑﻴــﻨﻬﻢ ٕﺍ ّ
ﺍﻟﺪﺍﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺣــﺴﺐ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤــﺪﻳﺚ .ﻭﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳــﺚ ﻭﺍﻻٔﺧﺒــﺎﺭ ّ ﻫ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠ ـ ــﺐ ﻋﺪﻳ ـ ــﺪﺓ ﻟ ـ ــﻢ ﻳﺘﻌـ ـ ـ ﺮﺽ ﻫ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒ ـ ــﺪ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺫﻛﺮﻫ ـ ــﺎ ﺣﺒ ـ ــﺎ
ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ ﻣﻮﺍﻗـ ــﻊ ﻟﺒـ ــﺮﻭﺯ ﻟﻼﺧﺘـ ــﺼﺎﺭ .ﺑـ ــﻞ ٕﺍ ّﻥ ﻛـ ـ ـﻞ ﻣـ ــﺎ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟـ ـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ،ﻛﻤــﺎ ﻫــﻮ ﻇــﺎﻫﺮ ﻓــﻲ ﻛــﻞِّ ﺫ ﺭﺓ ﺁﺛــﺎﺭ ﺗﺠﻠِّــﻲ ـﺼﻔﺎﺕ ﻭﺍ ٔ ﺍﻟـ ِّ ﻻﺳــﻤﺎء ﺍ ٕ
ـﺸﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّــﺔ ،ﺑــﻞ ٕﺍﻧــﻪ ﻣــﻦ ﻏﻴــﺮ ﻇﻬــﻮﺭ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺘّﺠﻠِّــﻲ ﻓــﻲ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ
ﻱ ﺷ ــﻲء ﺷ ــﺮﻑ ﺍﻟﻔﺨ ــﺮ ﺑﺨﻠﻌ ــﺔ ﺍﻟﺤﻴ ــﺎﺓ ﺃﻭ ﻋ ــﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻠ ــﻚ ﻻ ﻳﻜ ــﻮﻥ ٔ ﻻ ّ
ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻮﺟـﻮﺩ .ﻓﻜـﻢ ﻓـﻲ ﺍﻟ ّـﺬﺭﺓ ﻣـﺴﺘﻮﺭ ﻣـﻦ ﺷـﻤﻮﺱ ﺍﻟﻤﻌـﺎﺭﻑ ،ﻭﻛـﻢ
ﻻﻧ ــﺴﺎﻥ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻓــﻲ ﺍﻟﻘﻄــﺮﺓ ﻣﺨ ــﺰﻭﻥ ﻣــﻦ ﺑﺤــﻮﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤــﺔ ،ﻭﻻ ﺳ ـﻴّﻤﺎ ﺍ ٕ
ـﺘﺺ ﻣ ــﻦ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺟ ــﻮﺩﺍﺕ ﺑﻬ ــﺬﻩ ﺍﻟﺨﻠ ــﻊ ،ﻭﺍﻣﺘ ــﺎﺯ ﺑﻬ ــﺬﺍ ﺍﻟ ــﺸﺮﻑ. ﺍﺧ ـ ّ
ﻻﻧـﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻻٔ ﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻻٔﺳـﻤﺎء ﻭﺍﻟ ِّ ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ﺗﻈﻬـﺮ ﻣـﻦ ﺍﻟﻤﻈـﺎﻫﺮ ﺍ ٕ ـﺼﻔﺎﺕ ﺍ ٕ ـﺼﻔﺎﺕ ﺭﺍﺟﻌ ــﺔ ٕﺍﻟﻴ ــﻪ ـﻞ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﺳ ــﻤﺎء ﻭﺍﻟ ـ ِّ ﺑﻨﺤ ـ ٍـﻮ ﺃﻛﻤ ــﻞ ﻭﺃﺷ ــﺮﻑ .ﻭﻛ ـ ّ
ﻻﻧــﺴﺎﻥ ﺳ ـ ّﺮﻱ ﻭﺃﻧــﺎ ﺳ ـ ّﺮﻩ" ﻭﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘــﻮﺍﺗﺮﺓ ﺍﻟﻤــﺸﻌﺮﺓ ﺣﻴــﺚ ﻗــﺎﻝ" :ﺍ ٕ
ﻭﺍﻟ ّﺪﺍﻟ ــﺔ ﻋﻠ ــﻰ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠ ــﺐ ﺍﻟ ّﺮﻗﻴ ــﻖ ﺍﻟﻠّﻄﻴ ــﻒ ﻣ ــﺴﻄﻮﺭﺓ ﻓ ــﻲ ﺟﻤﻴ ــﻊ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳّﺔ ،ﻭﻣﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻲ
٨٣
ﻳﻬ ْﻢ ﺁ َﻳﺎ ِﺗ َﻨﺎ ﻓِ ﻲ ﺍﻻٓ َﻓ ِ ﺎﻕ َﻭﻓِ ـﻲ ﴿ﺳ ُﻨ ِﺮ ِ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍ ٕ ّ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰَ :
)(١ ﻜ ْﻢ ﺍ َ ﻓـﻼ ُﺗ ْﺒ ِ ﻭﻥ﴾) (٢ﻭﻓـﻲ ﺍﻧ ُﻔ ِﺴ ِﻬﻢ﴾ ﻭﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺁﺧﺮ ﴿ َﻭﻓِ ﻲ ﺍﻧ ُﻔ ِﺴ ُ ـﺼ ُﺮ َ
ﺎﻫ ْﻢ ـﻀﺎَ ﴿ :ﻭﻻ َﺗ ُ ﻣﻘ ــﺎﻡ ﺁﺧ ــﺮ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﺃﻳ ـ ً ـﺴ ُ ـﺬﻳﻦ َﻧ ـ ُ ـﺴﻮﺍ ﺍﻟﻠ ـ َـﻪ َﻓﺎﻧ ـ َ ﻜﻮ ُﻧ ــﻮﺍ َﻛﺎﻟّ ـ َ
ـﺴ ُﻬ ْﻢ﴾) (٣ﻭﻛﻤــﺎ ﻳﻘــﻮﻝ ﺳــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺒﻘــﺎء ﺭﻭﺡ ﻣــﻦ ﻓــﻲ ﺳــﺮﺍﺩﻕ ﺍﻟﻌﻤــﺎء ﺍﻧ ُﻔـ َ ـﺴﻤﺎ ﺑـﺎﻪﻠﻟ ﻳـﺎ ﺣﺒﻴﺒـﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴـﻞ ﻦ ـﺴ ُﻪ ﻓﻘـﺪ َﻋ َ َ ـﺮﻑ ﺭﺑـﻪ" ﻗ ً ﻓﺪﺍﻩ " َﻣ ْ ﻋﺮﻑ َﻧﻔ َ
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﻜ ـﺮ ﻗﻠــﻴ ً ﻟــﻮ ﺗﻔ ّ ﻼ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺭﺍﺕ ﻟﺘﺠــﺪﻥ ﺃﺑــﻮﺍﺏ ﺍﻟﺤﻜﻤــﺔ ﺍ ٕ ﻭﻣﺼﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻫﻲ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻭﺟﻬﻚ
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻ ـ ــﺔ ﺃﻧـ ـ ـﻪ ﺻ ـ ــﺎﺭ ﻣﻌﻠﻮ ًﻣ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧ ـ ــﺎﺕ ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ
ـﻞ ﻗ ــﺪﺭ ﻻﺷ ــﻴﺎء ﺣﺎﻛﻴ ــﺔ ﻋ ــﻦ ﺍ ٔ ﺍ ٔ ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ،ﻭﻋﻠ ــﻰ ﻛ ـ ّ ـﺼﻔﺎﺕ ﺍ ٕ ﻻﺳ ــﻤﺎء ﻭﺍﻟ ـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّـ ـ ــﺔ ﻋﻠـ ـ ــﻰ ﺷـ ـ ــﺄﻥ ﺃﺣﺎﻃـ ـ ــﺖ ﺍﺳـ ـ ــﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﻣـ ـ ـ ّ ـﺪﻝ ﻭﻣـ ـ ــﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻓـ ـ ــﺔ ﺍ ٕ
ـﺸﻬﻮﺩ – ﻭﻟﻬــﺬﺍ ﻳﻘــﻮﻝ: ـﺼﻔﺎﺗﻴّﺔ ﻭﺍﻻٔﺳــﻤﺎﺋﻴّﺔ ﻛـ ّ ـﻞ ﺍﻟﻐﻴــﺐ ﻭﺍﻟـ ّ ﻇﻬﻮﺭﺍﺗــﻪ ﺍﻟـ ّ
"ﺃﻳﻜــﻮﻥ ﻟﻐﻴــﺮ ﻙ ﻣــﻦ ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﻣــﺎ ﻟــﻴﺲ ﻟــﻚ ﺣﺘّــﻰ ﻳﻜــﻮﻥ ﻫــﻮ ﺍﻟﻤﻈﻬــﺮ ـﻀﺎ ﺳــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺒﻘــﺎء" :ﻣــﺎ ﻟــﻚ ﻋﻤﻴــﺖ ﻋــﻴﻦ ﻻ ﺗــﺮﺍ ﻙ" ﻭﻛﻤــﺎ ﻳﻘــﻮﻝ ﺃﻳـ ً ﺭﺃﻳﺖ ﺷﻴﺎ ٕﺍﻻ ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻪﻠﻟ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﻗﺒﻠﻪ ﺃﻭ ﺑﻌﺪﻩ" .ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ
ﻓﺼﻠﺖ. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬّ ﺍﺭﻳﺎﺕ. ) (٣ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺸﺮ.
٨٤
ﻛﻤﻴ ــﻞ "ﻧ ــﻮﺭ ﺃﺷ ــﺮﻕ ﻣ ــﻦ ﺻ ــﺒﺢ ﺍﻻٔﺯﻝ ﻓﻴﻠ ــﻮﺡ ﻋﻠ ــﻰ ﻫﻴﺎﻛ ــﻞ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴ ــﺪ ﻻﻧـﺴﺎﻥ ﺍﻟّـﺬﻱ ﻫـﻮ ﺃﺷـﺮﻑ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗـﺎﺕ ﻭﺃﻛﻤﻠﻬـﺎ ﻻٔﺷ ّـﺪ ﺩﻻﻟـﺔ ﺁﺛﺎﺭﻩ" ﻭﺍ ٕ
ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ،ﻭﺃﻛﻤـﻞ ٕﺍﻧـﺴﺎﻥ ﻭﺃﻓـﻀﻠﻪ ﻭﺃﻟﻄﻔـﻪ
ﻫــﻢ ﻣﻈــﺎﻫﺮ ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ .ﺑــﻞ ٕﺍ ﻥ ﻣــﺎ ﺳــﻮﺍﻫﻢ ﻣﻮﺟــﻮﺩﻭﻥ ﺑــﺈﺭﺍﺩﺗﻬﻢ
ﺍﻟﻜﻞ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﺖ ﺍﻻٔﻓﻼ ﻙ .ﺑﻞ ﻭﻣﺘﺤ ّﺮﻛﻮﻥ ﺑﺈﻓﺎﺿﺘﻬﻢ .ﻟﻮﻻ ﻙ ﻟﻤﺎ ّ ُ
ـﺎء ﺑﺤــﺖ .ﺑــﻞ ٕﺍ ﻥ ﺫﻛــﺮﻫﻢ ﻣﻨـ ّـﺰﻩ ﻋــﻦ ﺳــﺎﺣﺔ ﻗﺪﺳــﻬﻢ ﻋــﺪ ٌﻡ ﺻــﺮﻑ ﻭﻓﻨـ ٌ
ﺫﻛ ــﺮ ﻏﻴ ــﺮﻫﻢ ،ﻭﻭﺻ ــﻔﻬﻢ ﻣﻘ ـ ّـﺪﺱ ﻋ ــﻦ ﻭﺻ ــﻒ ﻣ ــﺎ ﺳ ــﻮﺍﻫﻢ .ﻭﻫ ــﺆﻻء
ﻻﺯﻟﻴّـﺔ ﺍﻟّﺘـﻲ ﺗﺤﻜـﻲ ﻋـﻦ ﻏﻴـﺐ ﻻ ّﻭﻟﻴّﺔ ﺍ ٔ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛﻞ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﺍ ٔ
ـﻞ ﺃﺳــﻤﺎﺋﻪ ﻭﺻــﻔﺎﺗﻪ ﻣــﻦ ﻋﻠــﻢ ﻭﻗــﺪﺭﺓ ﻭﺳــﻠﻄﻨﺔ ﻭﻋﻈﻤــﺔ ﺍﻟﻐﻴــﻮﺏ ﻭﻋــﻦ ﻛـ ّ
ـﺼﻔﺎﺕ ﻇ ــﺎﻫﺮﺓ ﻭﺭﺣﻤ ــﺔ ﻭﺣﻜﻤ ــﺔ ﻭﻋ ـ ّـﺰﺓ ﻭﺟ ــﻮﺩ ﻭﻛ ــﺮﻡ .ﻓﻜ ـ ّ ـﻞ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻟ ـ ّ
ـﺼﻔﺎﺕ ﻟﻴـﺴﺖ ﺳﺎﻃﻌﺔ ﻣﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠـﻮﺍﻫﺮ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـﺔٕ .ﺍ ﻥ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟ ّ ـﺼﺔ ﺑ ــﺒﻌﺾ ﺩﻭﻥ ﺑﻌ ــﺾ ﻭﻟ ــﻢ ﺗﻜ ــﻦ ﻛ ــﺬﻟﻚ ﻓﻴﻤ ــﺎ ﻣ ــﻀﻰ ﺑ ــﻞ ٕﺍ ﻥ ﻣﺨﺘ ـ ّ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺳـ ــﻴﻦ ﻣﻮﺻـ ــﻮﻓﻮﻥ ﺑﻬـ ــﺬﻩ ﺟﻤﻴـ ــﻊ ﺍﻻٔﻧﺒﻴـ ــﺎء ﺍﻟﻤﻘ ـ ـ ّﺮﺑﻴﻦ ﻭﺍﻻٔﺻـ ــﻔﻴﺎء ّ ـﺼﻔﺎﺕ ﻭﻣﻮﺳــﻮﻣﻮﻥ ﺑﺘﻠــﻚ ﺍﻻٔﺳــﻤﺎء .ﻧﻬﺎﻳــﺔ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺃ ﻥ ﺑﻌــﻀﻬﻢ ﻳﻈﻬــﺮ ﺍﻟـ ّ
ﻓ ــﻲ ﺑﻌ ــﺾ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗ ــﺐ ﺃﺷ ـ ّـﺪ ﻇﻬ ــﻮ ًﺭﺍ ،ﻭﺃﻋﻈ ــﻢ ﻧ ــﻮ ًﺭﺍ ﻛﻤ ــﺎ ﻗ ــﺎﻝ ﺗﻌ ــﺎﻟﻰ: ـﺾ﴾)ٕ .(١ﺍﺫًﺍ ﺻ ـ ــﺎﺭ ﻣ ـ ــﻦ ﴿ ِﺗ ْﻠ ـ ـ َ ـﻚ ﺍﻟ ﺮ ُﺳ ـ ـ ُ ـﻀ ُﻬ ْﻢ َﻋ َﻠ ـ ــﻰ َﺑ ْﻌ ـ ـ ٍ ـﻞ َﻓ ـ ـ ـﻀ ْﻠ َﻨﺎ َﺑ ْﻌ ـ ـ َ
ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤ ّﻘﻖ ﺃ ﻥ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
٨٥
ـﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴ ـ ــﺔ ﻭﺑ ـ ــﺮﻭﺯ ﺍﻻٔﺳ ـ ــﻤﺎء ﻏﻴ ـ ــﺮ ﻣﺤ ـ ـ ّ ـﻞ ﻇﻬ ـ ــﻮﺭ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ ﺑﻌـﺾ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻫﻢ ﺃﻧﺒﻴﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺅﻩ .ﺳﻮﺍء ﺃﺗﻈﻬﺮ ﺑﺤﺴﺐ ّ ـﺼﻔﺎﺕ ﻓــﻲ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛــﻞ ﺍﻟﻨّﻮﺭﺍﻧﻴّــﺔ ﺃﻭ ﻻ ﺗﻈﻬــﺮ :ﻭﻟــﻴﺲ ﻣﻌﻨــﻰ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟـ ّ ﺫﻟ ــﻚ ﺃﻧ ــﻪ ٕﺍﺫﺍ ﻟ ــﻢ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﻣ ــﻦ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻤﺠـ ـ ّﺮﺩﺓ ﺻ ــﻔﺔ ﺑﺤ ــﺴﺐ
ـﺼﻔﺔ ﻋ ـ ــﻦ ﺃﻭﻟﺌ ـ ــﻚ ﺍﻟﻤﻈ ـ ــﺎﻫﺮ ّ ﺍﻟﻈـ ـ ـﺎﻫﺮ ﻳﻜ ـ ــﻮﻥ ﻧ ـ ــﺼﻴﺒﻬﺎ ﻧﻔ ـ ــﻲ ﺗﻠ ـ ــﻚ ﺍﻟ ـ ـ ّ ـﻞ ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ﻭﻣﻌ ــﺎﺩﻥ ﺃﺳ ــﻤﺎء ﺍﻟ ّﺮﺑﻮﺑﻴّ ــﺔ .ﻟﻬ ــﺬﺍ ﻳﺠ ــﺮﻱ ﻋﻠ ــﻰ ﻛ ـ ّ ـﺼﻔﺎﺕ ﺍ ٕ ﻟﻠ ـ ّ ﻭﺍﻟﻄﻠﻌــﺎﺕ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌــﺔ ﺣﻜــﻢ ﺟﻤﻴــﻊ ﺻــﻔﺎﺕ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﻴــﺮﺓ ّ
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﻈﻤ ــﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬ ــﺎ ﺣﺘّ ــﻰ ﻭ ٕﺍﻥ ﻟ ــﻢ ﻳﻈﻬ ــﺮﻭﺍ ﺑﺤ ــﺴﺐ ﺍﻪﻠﻟ ﻣ ــﻦ ﺍﻟ ـ ّ ـﻞ ّ ﺍﻟﻈ ـﺎﻫﺮ ﺑــﺴﻠﻄﻨﺔ ﻇــﺎﻫﺮﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫــﺎ .ﻭﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘــﺮﺓ ﺛﺎﺑﺘــﺔ ﻭﻣﺤ ّﻘﻘــﺔ ﻟﻜـ ّ ﺫﻱ ﺑﺼﺮ ﻓﻼ ﺗﺤﺘﺎﺝ ٕﺍﻟﻰ ﺩﻟﻴﻞ ﺁﺧﺮ
ﻟﻤ ـ ـ ـﺎ ﻟـ ـ ــﻢ ﻳﺄﺧـ ـ ــﺬﻭﺍ ﺗﻔﺎﺳـ ـ ــﻴﺮ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ـ ــﺎﺕ ﺃﺟـ ـ ــﻞ ٕﺍ ﻥ ﻫـ ـ ــﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒـ ـ ــﺎﺩ ّ
ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻓﻬـﻢ ﻟﻬـﺬﺍ ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍ ٕ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ّ
ﺍﻟﻈﻤــﺄ ،ﻭﺃﺩﺭﻛﻬــﻢ ﺍﻟﻈﻨــﻮﻥ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠــﺔ ،ﻭﻗــﺪ ﺃﻧﻬﻜﻬــﻢ ّ ﺳــﺎﺋﺮﻭﻥ ﻓــﻲ ﻭﺍﺩﻱ ّ ﻻﻋﻴﺎء ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻌـﺬﺏ ﺍﻟﻔـﺮﺍﺕ ،ﻭﻃـﺎﺋﻔﻮﻥ ﺣـﻮﻝ ﺍﻟﻤﻠـﺢ ﺍ ٕ ﻴﻞ ﺍﻟ ﺮ ْﺷ ِـﺪ ﺍﻻٔﺟﺎﺝ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻭﺭﻗﺎء ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻓﻲ ﻭﺻﻔﻬﻢَ ﴿ ،ﻭ ﺍﻥ َﻳـ َﺮ ْﻭ ْﺍ َﺳـ ِﺒ َ
ـﻚ ِﺑ ـﺎﻧُ ﻬ ْﻢ ﻻ َﻳﺘِ ﺨـ ُـﺬﻭﻩ ﺳ ـﺒﻴﻼ ﻭﺍﻥ ﻳ ـﺮﻭﺍ ﺳ ـﺒﻴﻞ ﺍ ْﻟﻐـ ﻼ َﺫ ِﻟـ َ ـﻲ َﻳﺘِ ﺨـ ُـﺬﻭ ُﻩ َﺳ ـ ِﺒﻴ ً ُ َ ِ ً َ ِّ َ َ ِ َ ْ ْ َ َ َﻛ ﺬ ُﺑﻮ ْﺍ ِﺑﺂ َﻳﺎ ِﺗ َﻨﺎ
٨٦
)(١ ـﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﻔــﻼﺡ ﻻ ِﻴﻦ﴾ ﺃﻱ ﺃﻧـﻪ ٕﺍ ﻥ ﻳــﺮﻭﺍ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍﻟـ ّ َﻭ َﻛــﺎ ُﻧﻮ ْﺍ َﻋ ْﻨ َﻬــﺎ َﻏــﺎﻓِ ﻠ َ
ﻭﺍﻟﻄﻐﻴـﺎﻥ ﻼ ﻭﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﺃ ّﻣـﺎ ٕﺍﻥ ﻳـﺮﻭﺍ ﻃﺮﻳـﻖ ﺍﻟﺒﺎﻃـﻞ ّ ﻳﺘّﺨﺬﻭﻩ ﺳﺒﻴ ً
ﻳﻌﺪﻭﻧ ــﻪ ﺑ ــﺰﻋﻤﻬﻢ ﻃﺮﻳ ــﻖ ﺍﻟﻮﺻ ــﻮﻝ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖ .ﻭﻟ ــﻢ ـﻀﻼﻟﺔ ﻓﻬ ــﺬﺍ ّ ﻭﺍﻟ ـ ّ
ﻻﻋــﺮﺍﺽ ﻋــﻦ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻳﻌﻨــﻲ ﻳﻈﻬــﺮ ﻣــﻨﻬﻢ ﻫــﺬﺍ ﺍ ٕ ﻻﻗﺒــﺎﻝ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃــﻞ ﻭﺍ ٕ
ﻻ ﺟـﺰﺍًء ﺑﻤـﺎ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻳﻜ ّـﺬﺑﻮﻥ ﺑﺂﻳﺎﺗﻨـﺎ، ـﻀﻼﻟﺔ ﻭﺍﻟﻐـﻲ ٕﺍ ّ ﺃﻧّﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺒﺘﻠـﻮﺍ ﺑﺎﻟ ّ ّ ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﻭﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻋ ــﻦ ﻧﺰﻭﻟﻬ ــﺎ ﻭﻇﻬﻮﺭﻫ ــﺎ ﻏ ــﺎﻓﻠﻴﻦ .ﻛﻤ ــﺎ ﺷ ــﻮﻫﺪ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ّ
ﻧﺰﻟــﺖ ﺍﻟﺒــﺪﻳﻊ ﺍﻟﻤﻨﻴــﻊ ﻣــﻦ ﻣﺌــﺎﺕ ﺍﻻٓﻻﻑ ﻣــﻦ ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ّ ـﻞ ﺍﻟﺨﻠـﻖ ﻣﻦ ﺳﻤﺎء ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟ ّﺮﺣﻤﺔ – ﻭﻣـﻊ ﺫﻟـﻚ ﻗـﺪ ﺃﻋـﺮﺽ ﻋﻨﻬـﺎ ﻛ ّ
ـﺴﺒﺐ ﻭﺗﻤﺴﻜﻮﺍ ﺑﺄﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻣـﺎ ﺃﺩﺭﻛـﻮﺍ ﺣﺮ ًﻓـﺎ ﻣﻨﻬـﺎ – ﻓﻠﻬـﺬﺍ ﺍﻟ ّ ّ ﺍﺷ ــﺘﺒﻬﻮﺍ ﻓ ــﻲ ﺃﻣﺜ ــﺎﻝ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻤ ــﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻮﺍﺿ ــﺤﺔ ﻭﺣﺮﻣ ــﻮﺍ ﺃﻧﻔ ــﺴﻬﻢ ﻋ ــﻦ
ﺍﻟﺼﻤﺪﻳّﺔ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّﺔ ﻭﺭﻳﺎﺽ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ّ ـﺴﺆﺍﻝ ﻋـ ــﻦ ﺳـ ــﻠﻄﻨﺔ ـﺎﺹ ﺑﺎﻟـ ـ ّ ﻭﻟﻨﺮﺟـ ــﻊ ﺃﺧﻴ ـ ـ ًﺮﺍ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺍﻟﻤﺒﺤـ ــﺚ ﺍﻟﺨـ ـ ّ
ﺍﻟﻘ ــﺎﺋﻢ ﻣ ــﻦ ﺣﻴ ــﺚ ﻛﻮﻧﻬ ــﺎ ﻗ ــﺪ ﻭﺭﺩﺕ ﻓ ــﻲ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳ ــﺚ ﺍﻟﻤ ــﺄﺛﻮﺭﺓ ﻋ ــﻦ
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﺑـﻞ ﻗـﺪ ﺍﻻٔﻧﺠﻢ ﺍﻟﻤﻀﻴﺌﺔ .ﻭﻣﻊ ﺫﻟـﻚ ﻟـﻢ ﻳﻈﻬـﺮ ﺃﺛـﺮ ﻣـﻦ ﺗﻠـﻚ ﺍﻟ ّ ﺗﺤ ّﻘﻖ ﺧﻼﻓﻪٕ .ﺍﺫ ﺃ ﻥ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎءﻩ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻭﻻ ﺯﺍﻟﻮﺍ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻋﺮﺍﻑ.
٨٧
ﻣﺤﺼﻮﺭﻳﻦ ﻭﻣﺒﺘﻠﻴﻦ ﺗﺤﺖ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ،ﻭﻇﺎﻫﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻠـﻚ ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓــﻲ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ﻓــﻲ ﺑﻤﻨﺘﻬــﻰ ﺍﻟـ ّـﺬ ّﻝ ﻭﺍﻟﻌﺠــﺰ .ﻧﻌــﻢ ٕﺍ ﻥ ﺍﻟـ ّ
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﺣـ ّـﻖ ﺍﻟﻘــﺎﺋﻢ ﻟﻬــﻲ ﺣـ ّـﻖ ﻭﻻ ﺭﻳــﺐ ﻓﻴﻬــﺎ ،ﻭﻟﻜﻨّﻬــﺎ ﻟﻴــﺴﺖ ﺑﺘﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ ﻼ ﻋــﻦ ﺃ ّﻥ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ـﻞ ﻧﻔــﺲ ،ﻓــﻀ ً ﻭﺍﻟﺤﻜﻮﻣــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺗــﺪﺭﻛﻬﺎ ﻛـ ّ
ـﺎﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟّـﺬﻱ ﻳـﺄﺗﻲ ﺑﻌـﺪﻫﻢ ،ﻗـﺪ ﺫﻛــﺮ ـﺸﺮﻭﺍ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ﺑـ ّ ـﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﺑ ّ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻈﻬـﻮﺭ ﺍﻟﺘّـﺎﻟﻲ ﻛﻤـﺎ ﻫـﻮ ﻣـﺴﻄﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﺳـﻠﻄﻨﺔ ّ ّ ﻛﻞ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ّ
ـﺼﺺ ﺑﺎﻟﻘــﺎﺋﻢ ﻭﺣــﺪﻩ ﺑــﻞ ٕﺍ ّﻥ ﺣﻜــﻢ ﻓــﻲ ﻛﺘــﺐ ﺍﻟﻘﺒــﻞ ،ﻭ ٕﺍﻧّﻬــﺎ ﻟــﻢ ﺗﺘﺨـ ّ
ـﻞ ـﺼﻔﺎﺕ ﻭﺍ ٔ ﻻﺳــﻤﺎء ﻣﺘﺤ ّﻘــﻖ ﻭﺛﺎﺑــﺖ ﻓــﻲ ﺣـ ّـﻖ ﻛـ ّ ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﻭﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟـ ّ ـﺼﻔﺎﺕ ـﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻭﺍﻟ ّ ﻼﺣﻘــﻴﻦ ،ﻻٔﻧّﻬــﻢ ﻣﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟـ ّ ﺃﻭﻟﺌــﻚ ﺍﻟﻤﻈــﺎﻫﺮ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ
ﻻﺷﺎﺭﺓ ٕﺍﻟﻴﻪ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّﺔ ،ﻭﻣﻄﺎﻟﻊ ﺍ ٔ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻘﺖ ﺍ ٕ ﻻﺳﺮﺍﺭ ﺍ ٕ
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﻫ ـ ــﻮ ٕﺍﺣﺎﻃ ـ ــﺔ ﻭﻓ ـ ــﻀ ً ﻼ ﻋ ـ ــﻦ ﺫﻟ ـ ــﻚ ﻓ ـ ــﺈ ّﻥ ﺍﻟﻤﻘ ـ ــﺼﻮﺩ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ – ﺳﻮﺍء ﺃﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ّ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ّ
ﺎﻫﺮﻱ ﺃﻭ ﻻ ﻳﻈﻬـ ـ ــﺮ ﺑـ ـ ــﻪ – ﻭﻫـ ـ ــﺬﺍ ﺃﻣـ ـ ــﺮ ﻣﻨـ ـ ــﻮﻁ ﺑـ ـ ــﺈﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻈ ـ ـ ـ ﺑﺎﻻﺳـ ـ ــﺘﻴﻼء ّ ّ
ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻭﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ،ﻭﻟﻴﻜﻦ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺟﻨﺎﺑﻚ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ّ ـﺼﺤﻒ ﻭﺍﻟﻐﻨﻰ ،ﻭﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤـﻮﺕ ،ﻭﺍﻟﺤـﺸﺮ ﻭﺍﻟﻨّـﺸﺮ ،ﺍﻟﻤـﺬﻛﻮﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟ ّ
ﺍﻻٔﻭﻟ ــﻰ ﻟ ــﻴﺲ ﻫ ــﻮ ﻣ ــﺎ ﻳﺪﺭﻛ ــﻪ ﺍﻻٓﻥ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻘ ــﻮﻡ ﻭﻳﻔﻬﻤﻮﻧ ــﻪ .ﺑ ــﻞ ٕﺍ ﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﻫﻲ ّ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣﻦ ّ
٨٨
ـﻞ ﻭﺍﺣ ــﺪ ﻣ ــﻦ ﺷ ــﻤﻮﺱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﻧﻔ ــﺲ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﻓ ــﻲ ﺃﻳّـ ـﺎﻡ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﻛ ـ ّ
ـﻞ ﻣـﻦ ﻻﺣﺎﻃـﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴّـﺔ ﺍﻟّﺘـﻲ ﺑﻬـﺎ ﻳﺤﻴﻄـﻮﻥ ﺑﻜ ّ ﺍﻟﻤﻈﻬﺮ ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻫﻲ ﺍ ٕ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ ﺑﺤــﺴﺐ ـﻢ ﺗﻈﻬــﺮ ﺑﻌﺪﺋـﺬ ﻓــﻲ ﻋــﺎﻟﻢ ّ ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ .ﺛـ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ
ﻼ ﺳـﻠﻄﻨﺔ ﺣـﻀﺮﺓ ﺍﻟ ّﺮﺳـﻮﻝ ﻫـﻲ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ .ﻓﻤـﺜ ً ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﻟﻜﻮﻥ ّ
ﺍﻻٓﻥ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ،ﻭﻟﻜـﻦ ﻓـﻲ ﺃ ّﻭﻝ ﺃﻣـﺮ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ﻛﺎﻧـﺖ
ﻛﻤﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻭﻋﺮﻓﺖ .ﺑﺤﻴـﺚ ﻭﺭﺩ ﻋﻠـﻰ ﺫﻟـﻚ ﺍﻟﺠـﻮﻫﺮ ﺟـﻮﻫﺮ ﺍﻟﻔﻄـﺮﺓ
ـﻀﻼﻝ ،ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻫــﻢ ﻋﻠﻤــﺎء ﻭﺳــﺎﺫﺝ ﺍﻟﻬﻮﻳّــﺔ ﻣــﺎ ﻭﺭﺩ ﻣــﻦ ﺃﻫــﻞ ﺍﻟﻜﻔــﺮ ﻭﺍﻟـ ّ ﻻﺷــﻮﺍ ﻙ ﻻﻗــﺬﺍﺭ ﻭﺍ ٔ ﺫﻟ ـﻚ ﺍﻟﻌــﺼﺮ ﻭﺃﺗﺒــﺎﻋﻬﻢ .ﻓﻜــﻢ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻠﻘــﻮﻥ ﻣــﻦ ﺍ ٔ ـﻞ ﻋﺒــﻮﺭ ﺣــﻀﺮﺗﻪ :ﻭﻣــﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠــﻮﻡ ﺃ ﻥ ﺃﻭﻟﺌــﻚ ﺍﻻٔﺷــﺨﺎﺹ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻓــﻲ ﻣﺤـ ّ ـﺸﻴﻄﺎﻧﻴّﺔ ،ﺃ ﻥ ﺃﺫﻳ ــﺘﻬﻢ ﻟ ــﺬﻟﻚ ﺍﻟﻬﻴﻜ ــﻞ ﻳﻌﺘﻘ ــﺪﻭﻥ ﺑﻈﻨ ــﻮﻧﻬﻢ ﺍﻟﺨﺒﻴﺜ ــﺔ ﺍﻟ ـ ّ
ﺍﻻٔﺯﻟــﻲ ،ﺗﻜــﻮﻥ ﺳــﺒ ًﺒﺎ ﻟﻔــﻮﺯﻫﻢ ﻭﻓﻼﺣﻬــﻢ ﻻٔ ّﻥ ﺟﻤﻴــﻊ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﻌــﺼﺮ، ّ ﻣﺜﻞ ﻋﺒﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﺑﻦ ﺍَ ﺑﻲ ،ﻭﺃﺑﻮ ﻋﺎﻣﺮ ﺍﻟ ّﺮﺍﻫﺐ ،ﻭﻛﻌﺐ ﺑـﻦ ﺃﺷـﺮﻑ ،ﻭﻧـﻀﺮ ّ ﺑـ ــﻦ ﺍﻟﺤـ ــﺎﺭﺙ ﺟﻤـ ــﻴﻌﻬﻢ ﻗـ ــﺎﻣﻮﺍ ﻋﻠـ ــﻰ ﺗﻜـ ــﺬﻳﺐ ﺣـ ــﻀﺮﺗﻪ ﻭﻧـ ــﺴﺒﻮﺍ ٕﺍﻟﻴـ ــﻪ ﺍﻟﺠﻨــﻮﻥ ﻭﺍﻻﻓﺘــﺮﺍء ،ﻭﺭﻣــﻮﻩ ﺑﻤﻔﺘﺮﻳــﺎﺕ ﻧﻌــﻮﺫ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ﻣــﻦ ﺃﻥ ﻳﺠــﺮﻱ ﺑــﻪ ﺍﻟﻤ ــﺪﺍﺩ ،ﺃﻭ ﻳﺘﺤـ ـ ّﺮ ﻙ ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﻘﻠ ــﻢ ﺃﻭ ﺗﺤﻤﻠ ــﻪ ﺍﻻٔﻟ ــﻮﺍﺡ .ﻧﻌ ــﻢ ٕﺍ ﻥ ﻫ ــﺬﻩ
ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﻳــﺎﺕ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻧــﺴﺒﻮﻫﺎ ٕﺍﻟــﻰ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﻛﺎﻧــﺖ ﺳــﺒ ًﺒﺎ ﻓــﻲ ٕﺍﻳــﺬﺍء ﺍﻟﻨّــﺎﺱ
ﻟـ ــﻪ .ﻭﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠـ ــﻮﻡ ﻭﺍﻟﻮﺍﺿـ ــﺢ ﺃﻧّ ـ ـﻪ ٕﺍﺫﺍ ﻛـ ــﺎﻥ ﻋﻠﻤـ ــﺎء ﺍﻟﻌـ ــﺼﺮ ُﻳﻜ ّﻔـ ــﺮﻭﻥ
ﺷﺨﺼﺎ ً
٨٩
ﻻﻳﻤـﺎﻥ ﻭﻳﺤﻜﻤﻮﻥ ﺑﺮ ّﺩﺗـﻪ ﻭﻳﻄﺮﺩﻭﻧـﻪ ﻣـﻦ ﺑﻴـﻨﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻧـﻪ ﻣـﻦ ﺃﻫـﻞ ﺍ ٕ
ﻓﻜﻢ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟـﻨّﻔﺲ ﻣـﻦ ﺍﻟﺒﻼﻳـﺎ ﻛﻤـﺎ ﻗـﺪ ﻭﺭﺩ ﻋﻠـﻰ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒـﺪ
ﻣﺸﻬﻮﺩﺍ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻥ ً ّ
ﻟﻬــﺬﺍ ﻗــﺎﻝ ﺣــﻀﺮﺓ ﺍﻟ ّﺮﺳــﻮﻝ" :ﻣــﺎ ِ ﺃﻭﺫﻱ ﻧﺒــﻲ ﺑﻤﺜــﻞ ﻣــﺎ ﺃﻭﺫﻳــﺖ" ﻻﻳ ــﺬﺍء ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻓﻬ ــﺬﻩ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺃﻟ ــﺼﻘﻮﻫﺎ ﺑﺤ ــﻀﺮﺗﻪ ،ﻭﺫﻟ ــﻚ ﺍ ٕ
ـﻞ ﺫﻟــﻚ ﻣــﺬﻛﻮﺭ ﻓــﻲ ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ .ﻓــﺎﺭﺟﻌﻮﺍ ٕﺍﻟﻴــﻪ ﻟﻌﻠّﻜــﻢ ـﻞ ﺑــﻪ ﻣــﻨﻬﻢ ،ﻛـ ّ ﺣـ ّ ـﻞ ﺍﻟﺠﻬــﺎﺕ ﻻﻣــﺮ ّ ـﺘﺪﺕ ﻋﻠﻴــﻪ ﺍ ٔ ﺑﻤﻮﺍﻗــﻊ ﺍ ٔ ﻻﻣــﻮﺭ ﻣــﻦ ﻛـ ّ ﺗﻄﻠﻌــﻮﻥ ﻭﺍﺷـ ّ
ﺑﺪﺭﺟ ــﺔ ﺃﻧّـ ـﻪ ﻣ ــﺎ ﻛ ــﺎﻥ ﻳﻌﺎﺷ ــﺮﻩ ﺃﺣ ــﺪ ،ﻭﻻ ﻳﻌﺎﺷ ــﺮﻭﻥ ﺃﺻ ــﺤﺎﺑﻪ ﻣ ـ ّـﺪﺓ ﻣ ــﻦ
ـﻞ ﻣــﻦ ﻛــﺎﻥ ﻳﺘــﺸ ّﺮﻑ ﺑﺤــﻀﺮﺗﻪ ﻭﻳﺘّ ـﺼﻞ ﺑــﻪ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﺆﺫﻭﻧــﻪ ﺍﻟﺰﻣــﺎﻥ .ﻭ ﻛـ ّ ّ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻻٔﺫﻯ
ٕﺍﻧّﺎ ﻧﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻮ ﻧﻈﺮﺕ ٕﺍﻟﻴﻬﺎ
ﺤﺖ ﻭﻧﺪﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﻠﻮﻣﻴّﺔ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ﻣـﺎ ﺩﻣـﺖ ﺣﻴـﺎ – ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓ َﻟ ُﻨ َ
ـﻀﻴﻖ ﻭﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳ ــﺔ ﻗـ ــﺪ ﻧﺰﻟـ ــﺖ ﻓـ ــﻲ ﻭﻗـ ــﺖ ﻛـ ــﺎﻥ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ﻓـ ــﻲ ﺷـ ـ ّـﺪﺓ ﺍﻟـ ـ ّ
ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺒﻼﻳﺎ ﻭ ٕﺍﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻋﻨﻪ .ﻓﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﻜﺪﺭ ﻣﻦ ّ
ـﻚ ـﺎﻥ َﻛ ُﺒ ـ َﺮ َﻋ َﻠ ْﻴـ َ ﺳــﺪﺭﺓ ﻣﻨﺘﻬــﻰ ﺍﻟﻘــﺮﺏ ،ﻭﺗــﻼ ﻋﻠﻴــﻪ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﴿ َﻭ ﺍﻥ َﻛـ َ ﺽ ﺍ ْ ﻭ ُﺳﻠً ﻤﺎ ﺖ ﺍﻥ َﺗ ْﺒ َﺘﻐِ ﻲ َﻧ َﻔ ًﻘﺎ ﻓِ ﻲ ﺍﻻْ ﺭ ِ ﺍﺿ ُﻬ ْﻢ َﻓ ﺎ ِﻥ ْ ﺍ ْﻋ َﺮ ُ ﺍﺳ َﺘ َﻄ ْﻌ َ َ ٩٠
ـﺴ َﻤﺎء﴾) (١ﺃﻱ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﻟ ــﻪ ٕﺍﻧّـ ـﻪ ٕﺍﻥ ﻛ ــﺎﻥ ﻗ ــﺪ ﻛﺒ ــﺮ ﻋﻠﻴ ــﻚ ٕﺍﻋ ــﺮﺍﺽ ﻓِ ــﻲ ﺍﻟ ـ
ـﺘﺪ ﻋﻠﻴـﻚ ٕﺍﺩﺑـﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨـﺎﻓﻘﻴﻦ ﻭ ٕﺍﻳـﺬﺍﺅﻫﻢ ،ﻓـﺈﻥ ﺍﺳـﺘﻄﻌﺖ ﺍﻟﻤﻌﺮﺿﻴﻦ ﻭﺍﺷ ّ
ـﺴﻤﺎء .ﻭﻳﻔﻬــﻢ ﻭﻗ ـ ـﺪﺭﺕ ﻓﺎﻃﻠــﺐ ﻧﻔ ًﻘــﺎ ﺗﺤــﺖ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺃﻭ ﺳ ـﻠّ ًﻤﺎ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ َ
ﻣــﻦ ﺍﻟﺘّﻠــﻮﻳﺢ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﺃﻧّـﻪ ﻻ ﻣﻔـ ّﺮ ﻟــﻚ ﻣــﻦ ﺫﻟــﻚ ﻭﻻ ﻗــﺪﺭﺓ ﻟــﻚ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻴﻪٕ ،ﺍ ّ ﻻ ٕﺍﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﺗﺤﺖ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺃﻭ ﺗﺮﻗﻰ ٕﺍﻟﻰ ّ
ـﺴﻼﻃﻴﻦ ﻳﺨــﻀﻌﻮﻥ ﻻﺳــﻢ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﻭﺍﻻٓﻥ ﺍﻧﻈــﺮ ﻭﺗﺄ ّﻣـﻞ ﻛــﻢ ﻣـﻦ ﺍﻟـ ّ
ﻭﻳﻌﻈﻤﻮﻧ ــﻪ ،ﻭﻛ ــﻢ ﻣ ــﻦ ﺍﻟ ــﺒﻼﺩ ﻭﺃﻫﻠﻬ ــﺎ ﻳ ــﺴﺘﻈﻠّﻮﻥ ﻓ ــﻲ ﻇﻠّ ــﻪ ﻭﻳﻔﺘﺨ ــﺮﻭﻥ ّ ﺑﺎﻻﻧﺘـ ــﺴﺎﺏ ٕﺍﻟﻴـ ــﻪ ،ﻛﻤـ ــﺎ ﺃﻧّﻬـ ــﻢ ﻳـ ــﺬﻛﺮﻭﻥ ﻋﻠـ ــﻰ ﺍﻟﻤﻨـ ــﺎﺑﺮ ﻭﺍﻟﻤـ ــﺂﺫﻥ ﻫـ ــﺬﺍ
ـﺴﻼﻃﻴﻦ ﺍﻻﺳ ـ ــﻢ ﺍﻟﻤﺒ ـ ــﺎﺭ ﻙ ﺑﻜﻤ ـ ــﺎﻝ ﺍﻟﺘّﻌﻈ ـ ــﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘّﻜ ـ ــﺮﻳﻢ – ﻭﻛ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﻇﻞ ﺣﻀﺮﺗﻪ ،ﻭﻟﻢ ﻳﺨﻠﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻗﻤﻴﺺ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻠﻮﺍ ﻓﻲ ّ
ـﺸﻤﺲ ﺍﻟﻜﻔﺮ ،ﻫﻢ ً ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻘ ّﺮﻭﻥ ﻭﻣﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﺑﺎﻟﻌﻈﻤـﺔ ﻭﺍﻟﺠـﻼﻝ ﻟﻬـﺬﻩ ﺍﻟ ّ ﺍﻟﻈـ ــﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟّﺘـ ــﻲ ﺗـ ــﺸﺎﻫﺪﻫﺎ. ـﺴﻠﻄﻨﺔ ّ – ﺷـ ــﻤﺲ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳـ ــﺔ – ﻓﻬـ ــﺬﻩ ﻫـ ــﻲ ﺍﻟـ ـ ّ
ﻭﻫــﻲ ﻻ ﺑـ ّـﺪ ﻣــﻦ ﻇﻬﻮﺭﻫــﺎ ﻭﺛﺒﻮﺗﻬــﺎ ﻟﺠﻤﻴــﻊ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎءٕ ،ﺍ ّﻣـﺎ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤﻴــﺎﺓ ﺃﻭ
ﺑﻌــﺪ ﻋــﺮﻭﺟﻬﻢ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻤــﻮﻃﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﻲ ﻛﻤــﺎ ﻫــﻮ ﻣــﺸﻬﻮﺩ ﺍﻟﻴــﻮﻡ .ﻭﻟﻜــﻦ ّ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﺗﻠﻚ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻌﺎﻡ.
٩١
ﻭﺩﺍﺋﻤ ــﺎ ﻣﻌﻬ ــﻢ ،ﻭﻣ ــﺎ ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩﺓ ﻟ ــﻢ ﺗ ــﺰﻝ ﻭﻻ ﺗ ــﺰﺍﻝ ﻃﺎﺋﻔ ــﺔ ﺣ ــﻮﻟﻬﻢ، ً
ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴّـﺔ ﺍﻟّﺘـﻲ ﺃﺣﺎﻃـﺖ ﺍﻧﻔ ّ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ .ﻭﻫﻲ ّ ﻜﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﺁ ًﻧﺎ ﻣﻦ ّ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ. ّ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻲ ّ
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻇﻬــﺮﺕ ﻋــﻦ ﺷــﻤﺲ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ﻭﻣــﻦ ﺟﻤﻠــﺔ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟـ ّ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ .ﺃﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻛﻴـﻒ ﺃﻧّـﻪ ﺑﺂﻳـﺔ ﻭﺍﺣـﺪﺓ ﻗـﺪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ّ ّ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ّ ـﺸﻘﻲ ،ﻭﺍﻟﻤ ــﺆﻣﻦ ﻭﺍﻟﻜ ــﺎﻓﺮ، ﻓ ــﺼﻞ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟﻨّ ــﻮﺭ ّ ـﺴﻌﻴﺪ ﻭﺍﻟ ـ ّ ﻭﺍﻟﻈﻠﻤ ــﺔ ،ﻭﺍﻟ ـ ّ
ﺍﻟﺨﺎﺻـ ـ ـﺔ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻣ ـ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ـ ــﻲ ﻻﺷ ـ ــﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟ ـ ـ ّـﺪﻻﻻﺕ ﻭﻇﻬ ـ ــﺮﺕ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﺍ ٕ ّ
ـﻞ ﺫﻟــﻚ ﺳــﻤﻌﺖ ﻋﻨﻬــﺎ ،ﻣــﻦ ﺣــﺸﺮ ﻭﻧــﺸﺮ ،ﻭﺣــﺴﺎﺏ ﻭﻛﺘــﺎﺏ ﻭﻏﻴــﺮﻩ .ﻛـ ّ
ـﺸﻬﻮﺩ ﺑﺘﻨﺰﻳ ــﻞ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻻٓﻳ ــﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣ ــﺪﺓ – ﻗ ــﺪ ﻇﻬ ــﺮ ﻭﺗﺤ ّﻘ ــﻖ ﻓ ــﻲ ﻋ ــﺎﻟﻢ ﺍﻟ ـ ّ
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻻٓﻳـﺔ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟـﺔ ﺭﺣﻤـﺔ ﻟﻼٔﺑـﺮﺍﺭ ،ﺃﻱ ﻟﻠﻨّﻔـﻮﺱ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻟﻠﻔﺠـﺎﺭ ﺃﻱ ﻟﻠّـﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺣـﻴﻦ ﺍﻻﺳـﺘﻤﺎﻉ :ﺭﺑّﻨـﺎ ﺳـﻤﻌﻨﺎ ﻭﺃﻃﻌﻨـﺎ .ﻭﻧﻘﻤـﺔ ّ
ﻗ ــﺎﻟﻮﺍ ﺑﻌ ــﺪ ﺍﻻﺳ ــﺘﻤﺎﻉ :ﺳ ــﻤﻌﻨﺎ ﻭﻋ ــﺼﻴﻨﺎ .ﻭﻛﺎﻧ ــﺖ ﺳ ــﻴﻒ ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟﻔﺎﺻ ــﻞ
ﺑــﻴﻦ ﺍﻟﻤــﺆﻣﻦ ﻭﺍﻟﻜــﺎﻓﺮ ،ﻭﺑــﻴﻦ ﺍﻻٔﺏ ﻭﺍﻻﺑــﻦ .ﻛﻤــﺎ ﺷــﺎﻫﺪﺕ ﻛﻴــﻒ ﺃ ﻥ
ﻻﻳﻤـﺎﻥ ﻭﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﺃﻧﻜـﺮﻭﺍ ،ﻗـﺪ ﻗـﺎﻣﻮﺍ ﺿ ّـﺪ ﺑﻌـﻀﻬﻢ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﺃﻗـ ّﺮﻭﺍ ﺑﺎ ٕ ﻻﺑــﺎﺩﺓ ﺍﻻٔﻧﻔــﺲ ﻭ ٕﺍﺗــﻼﻑ ﺍﻻٔﻣــﻮﺍﻝ .ﻓﻜــﻢ ﻣــﻦ ﺃﺏ ﻗــﺪ ﺃﻋــﺮﺽ ـﻀﺎ ٕ ﺑﻌـ ً
ﻋﺸﺎﻕ ﺍﺑﺘﻌﺪﻭﺍ ﻋﻦ ﻣﻌـﺸﻮﻗﻴﻬﻢ ،ﻭﺍﺣﺘـﺮﺯﻭﺍ ﻣـﻨﻬﻢ. ﻋﻦ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ،ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ّ
ﻭﻛﻢ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ
٩٢
ـﻞ ﻧـﺴﺒﺔ ﻭﺻـﻠﺔ. ﺍﻟﺴﻴﻒ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﺣﺎ ﺩﺍ ﻭﻗﺎﻃ ًﻌﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻛ ّ ّ
ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻧّﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻗﺪ ﻭﺻﻞ ﻭﺃﻟّﻒ ﺑﻴـﻨﻬﻢٕ ،ﺍﺫ ﻗـﺪ ﻛﻤﺎ ﺗﻼﺣﻆ ً
ﺷﻮﻫﺪ ﺃ ﻥ ﺟﻤ ًﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬﻮﻯ ﻗﺪ ﺑﺬﺭ ﻓﻴﻤﺎ
ﻻﻳﻤــﺎﻥ ﺑﻴــﻨﻬﻢ ﻓــﻲ ﺳــﻨﻴﻦ ﻋﺪﻳــﺪﺓ ﺑــﺬﻭﺭ ﺍﻟﻌــﺪﺍﻭﺓ ﻭﺍﻟﺒﻐــﻀﺎء ،ﻭﺑــﺴﺒﺐ ﺍ ٕ
ﺑﻬــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺍﻟﺒــﺪﻳﻊ ﺍﻟﻤﻨﻴــﻊ ﺻــﺎﺭﻭﺍ ﻣﺘّﺤــﺪﻳﻦ ﻭﻣﺘّﻔﻘــﻴﻦ ﺑﺪﺭﺟــﺔ ﻛــﺄﻧّﻬﻢ ﺃﺗ ــﻮﺍ ﻣ ــﻦ ﺻ ــﻠﺐ ﻭﺍﺣ ــﺪ .ﻛ ــﺬﻟﻚ ﻳﺆﻟّ ــﻒ ﺍﻪﻠﻟ ﺑ ــﻴﻦ ﻗﻠ ــﻮﺏ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻫ ــﻢ
ﺍﻧﻘﻄﻌــﻮﺍ ٕﺍﻟﻴــﻪ ﻭﺁﻣﻨــﻮﺍ ﺑﺂﻳﺎﺗــﻪ ﻭﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻣــﻦ ﻛــﻮﺛﺮ ﺍﻟﻔــﻀﻞ ﺑﺄﻳــﺎﺩﻱ ﺍﻟﻌـ ّـﺰ ﻣــﻦ
ـﺸﺎﺭﺑﻴﻦ .ﻭﻋ ـ ــﻼﻭﺓ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺫﻟ ـ ــﻚ ،ﻛ ـ ــﻢ ﻣ ـ ــﻦ ﺃﻧ ـ ــﺎﺱ ﻣﺨﺘﻠﻔ ـ ــﻴﻦ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ،ﻭﻣﺘﺒﺎﻳﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ،ﻭﻣﺘﻔﺎﻭﺗﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺰﺍﺝ ،ﻗﺪ ﻟﺒـﺴﻮﺍ
ﻻﻟﻬــﻲ ﻗﻤــﻴﺺ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴــﺪ ﺍﻟﺠﺪﻳــﺪ ﻣــﻦ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻨّــﺴﻴﻢ – ﻧــﺴﻴﻢ ﺍﻟ ّﺮﺿــﻮﺍﻥ ﺍ ٕ ّ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ .ﻭﺷﺮﺑﻮﺍ ﻣﻦ ﻛﺄﺱ ﺍﻟﺘّﻔﺮﻳﺪ ﻭﺭﺑﻴﻊ ﺍﻟﻘﺪﺱ ّ ﻫــﺬﺍ ﻫــﻮ ﻣﻌﻨــﻰ ﺍﻟﺤــﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤــﺸﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋــﻞ ﺑــﺄ ّﻥ "ﺍﻟـ ّـﺬﺋﺐ ﻭﺍﻟﻐــﻨﻢ
ـﻞ ﻭﺍﺣ ــﺪ" .ﻭﺍﻻٓﻥ ﺍﻧﻈ ــﺮ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻋ ــﺪﻡ ﻋﺮﻓ ــﺎﻥ ﻳ ــﺄﻛﻼﻥ ﻭﻳ ــﺸﺮﺑﺎﻥ ﻣ ــﻦ ﻣﺤ ـ ّ ـﺴﺎﺑﻘﺔ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﺠﻬــﻼء ،ﻛﻴــﻒ ﺃﻧّﻬــﻢ ﻻ ﺯﺍﻟــﻮﺍ ﻳﻨﺘﻈــﺮﻭﻥ ﻣﺜــﻞ ﺍﻻٔﻣــﻢ ﺍﻟـ ّ
ﻣﺘﻰ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺧﻮﺍﻥ ﻭﺍﺣﺪ – ﻫﺬﻩ ﺩﺭﺟﺔ ﻋﺮﻓﺎﻥ ﻻﻧــﺼﺎﻑ ﺃﺑ ًـﺪﺍ ﻭﻣـﺎ ﻣــﺸﻮﺍ ﺃﻭﻟﺌـﻚ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ،ﻛـﺄﻧّﻬﻢ ﻣــﺎ ﺷـﺮﺑﻮﺍ ﻣـﻦ ﻛـﺄﺱ ﺍ ٕ
ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺧﻄﻮﺓ .ﻭﺑﺼﺮﻑ
٩٣
ـﺴﻦ ﻳﺤﺪﺛــﻪ ﻭﻗــﻮﻉ ﻫــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﻓــﻲ ﺍﻟﻌــﺎﻟﻢ. ـﺄﻱ ﺣـ ٍ ﺍﻟﻨّﻈــﺮ ﻋــﻦ ﺫﻟــﻚ ،ﻓـ ّ ﻻ ﻦ ـﻮﺏ ﻻ َﻳ ْﻔ َﻘ ُﻬ َ ـﻮﻥ ِﺑ َﻬـﺎ َﻭ َﻟ ُﻬ ْـﻢ ﺍ ْ ﻋـ ُﻴ ٌ ﻓ ِﻨ ْﻌ َﻢ ﻣـﺎ ُﻧـ ِّﺰﻝ ﻓـﻲ ﺷـﺄﻧﻬﻢ ﴿ َﻟ ُﻬ ْـﻢ ُﻗ ُﻠ ٌ
ُﻳ ْﺒ ِ ﻭﻥ ِﺑ َﻬﺎ﴾) (١ ﺼ ُﺮ َ
ـﻀﺎ ﻛﻴ ــﻒ ﺃﻧ ــﻪ ﺑﺘﻨﺰﻳ ــﻞ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻻٓﻳ ــﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣ ــﺪﺓ ﻣ ــﻦ ﺳ ــﻤﺎء ﻭﺍﻧﻈ ــﺮ ﺃﻳ ـ ً
ـﻞ ﻣــﻦ ﺃﻗﺒــﻞ ـﺼﻞ ﻓــﻲ ﺣــﺴﺎﺏ ﺍﻟﺨﻼﺋــﻖ ،ﺑﺤﻴــﺚ ﺃ ﻥ ﻛـ ّ ﺍﻟﻤــﺸﻴﺌﺔ ﻗــﺪ ﻓـ ّ
ﻭﺃﻗ ـ ـ ّﺮ ﺯﺍﺩﺕ ﺣـ ــﺴﻨﺎﺗﻪ ﻋﻠـ ــﻰ ﺳ ـ ـﻴّﺌﺎﺗﻪ ﻭﻋﻔـ ــﻲ ﻋﻨـ ــﻪ ﻭﻏﻔـ ــﺮﺕ ﻟـ ــﻪ ﺟﻤﻴـ ــﻊ
ﺍﻟﺨﻄﺎﻳــﺎ .ﻛــﺬﻟﻚ ﻳــﺼﺪﻕ ﻓــﻲ ﺷــﺄﻧﻪ ﺑﺄﻧــﻪ ﺳــﺮﻳﻊ ﺍﻟﺤــﺴﺎﺏ .ﻭﻛــﺬﻟﻚ
ـﺴﻴّﺌﺎﺕ ﺑﺎﻟﺤ ــﺴﻨﺎﺕ ،ﻟ ــﻮ ﺃﻧ ــﺘﻢ ﻓ ــﻲ ﺁﻓ ــﺎﻕ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﻭﺃﻧﻔ ــﺲ ﻳﺒ ـ ّـﺪﻝ ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟ ـ ّ
ـﺐ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺗﺘﻔ ّﺮﺳﻮﻥ – ﻭﻛـﺬﻟﻚ ﻛ ّ ـﻞ ﻣـﻦ ﺃﺧـﺬ ﻧـﺼﻴﺒﻪ ﻣـﻦ ﻛـﺄﺱ ﺍﻟﺤ ّ
ﻻﻳﻤﺎﻧﻴّـ ــﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴـ ــﺔ ﺍﻻٔﺑﺪﻳّـ ــﺔ ﻣـ ــﻦ ﺑﺤـ ــﺮ ﺍﻟﻔﻴﻮﺿـ ــﺎﺕ ﻓﻘـ ــﺪ ﻓـ ــﺎﺯ ﺑﺎﻟﺤﻴـ ــﺎﺓ ﺍ ٕ
ـﻞ ﻣــﻦ ﻟــﻢ ﻳﻔــﺰ ﺑﻬــﺬﻩ ﺍﻟﻜــﺄﺱ ـﺴﺮﻣﺪﻳّﺔ ،ﻭﻏﻤــﺎﻡ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤــﺔ ﺍﻻٔﺑﺪﻳّــﺔ .ﻭﻛـ ّ ﺍﻟـ ّ
ﺍﺑﺘﻠـ ـ ـ ــﻲ ﺑـ ـ ـ ــﺎﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟـ ـ ـ ـ ّـﺪﺍﺋﻤﻲ .ﻭﺍﻟﻤﻘـ ـ ـ ــﺼﻮﺩ ﻣـ ـ ـ ــﻦ ﺍﻟﻤـ ـ ـ ــﻮﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴـ ـ ـ ــﺎﺓ ّ ﻻﻳﻤﺎﻧﻴّ ــﺔ. ﻻ ﻳﻤ ـ ـﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺤﻴ ــﺎﺓ ﺍ ٕ ﺍﻟﻤ ــﺬﻛﻮﺭﻳﻦ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻜﺘ ــﺐ ﻫ ــﻮ ﺍﻟﻤ ــﻮﺕ ﺍ ٕ ّ ـﻞ ﻭﺑــﺴﺒﺐ ﻋــﺪﻡ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨــﻰ ﺍﻋﺘﺮﺿــﺖ ﻋﺎ ّﻣ ـﺔ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻓــﻲ ﻛـ ّ ﻇﻬـ ــﻮﺭ ،ﻭﻟـ ــﻢ ﻳﻬﺘـ ــﺪﻭﺍ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺷـ ــﻤﺲ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳـ ــﺔ ،ﻭﻟـ ــﻢ ﻳﻘﺘـ ــﺪﻭﺍ ﺑﺎﻟﺠﻤـ ــﺎﻝ
ﺍﻻٔﺯﻟﻲ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻋﺮﺍﻑ.
٩٤
ـﺪﻱ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤـﺸﻜﺎﺓ ﺍﻻٔﺣﻤﺪﻳّـﺔ ،ﺃﻃﻠـﻖ ـﺴﺮﺍﺝ ّ ﻭﻟﻤﺎ ﺃﺿﺎء ﺍﻟ ّ ّ ﺍﻟﻤﺤﻤ ّ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺣﻜـﻢ ﺍﻟﺒﻌـﺚ ﻭﺍﻟﺤـﺸﺮ ﻭﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤـﻮﺕ .ﻭﺑـﺬﺍ ﺍﺭﺗﻔﻌـﺖ
ﺃﻋ ــﻼﻡ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔ ــﺔ ،ﻭﺍﻧﻔﺘﺤ ــﺖ ﺃﺑ ــﻮﺍﺏ ﺍﻻﺳ ــﺘﻬﺰﺍء ،ﻛﻤ ــﺎ ﺃﺧﺒ ــﺮ ﺍﻟـ ـ ّﺮﻭﺡ
ـﻮﻥ ﻣِ ـﻦ ـﺖ ﺍﻧُ ﻜـﻢ ﻣ ْﺒ ُﻌﻮ ُﺛ َ ﺍﻻٔﻣﻴﻦ ﻋﻦ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﺑﻘﻮﻟـﻪَ ﴿ :ﻭ َﻟـِٔﻦ ُﻗ ْﻠ َ
َﺑ ْﻌـ ِـﺪ ﺍﻟ َْﻤ ـ ْﻮ ِ ـﻴﻦ﴾) (١ﻭﻓــﻲ ـﺬﻳﻦ َﻛ َﻔ ـ ُﺮﻭ ْﺍ ﺍ ْﻥ َﻫـ َـﺬﺍ ﺍ ـﺤ ٌﺮ ﻣ ِﺒـ ٌ ﻻ ِﺳـ ْ ﺕ َﻟ َﻴ ُﻘــﻮ َﻟ ﻦ ﺍﻟّـ َ
ﺐ َﻗـ ْﻮ ُﻟ ُﻬ ْﻢ ﺍَ ِٔـﺬﺍ ُﻛﻨـﺎ ُﺗ َﺮﺍ ًﺑـﺎ ﺍِٔﻨـﺎ َﻟﻔِ ـﻲ َﺧ ْﻠ ٍـﻖ ﺐ َﻓ َﻌ َ ﻣﻘﺎﻡ ﺁﺧﺮ ﴿ َﻭ ﺍﻥ َﺗ ْﻌ َ ﺠ ٌ ﺠ ْ
)(٢ ْﺨﻠ ِْﻖ َﺟ ِﺪﻳـ ٍـﺪ﴾ .ﻭﻟﻬــﺬﺍ ﻗــﺎﻝ ﻓــﻲ ﻣﻘــﺎﻡ ﺁﺧــﺮ ﻗﻬـ ًﺮﺍ ﻟﻬــﻢ﴿ :ﺍ َ ﻓ َﻌ ِﻴﻴ َﻨــﺎ ِﺑــﺎﻟ َ
ـﻦ َﺧ ْﻠ ـ ٍـﻖ َﺟ ِﺪﻳ ـ ٍـﺪ﴾) (٣ﻭﻣ ــﻀﻤﻮﻧﻪ ﻫ ــﻞ ﻛﻨّ ــﺎ ﺍﻻ ﻭ ِﻝ َﺑ ـ ْ ـﻞ ُﻫ ـ ْـﻢ ﻓِ ــﻲ َﻟـ ـ ْﺒ ٍ ﺲ ِّﻣ ـ ْ ـﻚ ﻋـ ــﺎﺟﺰﻳﻦ ﻋـ ــﻦ ﺍﻟﺨﻠـ ــﻖ ﺍﻻٔ ّﻭﻝ ،ﺑـ ــﻞ ٕﺍ ﻥ ﻫـ ــﺆﻻء ﺍﻟﻤـ ــﺸﺮﻛﻴﻦ ﻓـ ــﻲ ﺷـ ـ ّ
ﻭﺷﺒﻬﺔ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺟﺪﻳﺪ
ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺪﺭﻛﻮﺍ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ٕﺍ ّﻥ ﻋﻠﻤﺎء ﺍﻟﺘّﻔﺴﻴﺮ ﻭﺃﻫﻞ ّ َ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ّ
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ،ﻭﺍﺣﺘﺠﺒــﻮﺍ ﻋــﻦ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﺍﻻٔﺻــﻠﻲ ،ﻟﻬــﺬﺍ ﺍﺳــﺘﺪﻟّﻮﺍ ﺑﻘﺎﻋــﺪﺓ ﺍ ٕ ّ ﺍﻟﻨّﺤــﻮ ﻋﻠــﻰ ﺃ ﻥ ﻛﻠﻤــﺔ ) ٕﺍﺫﺍ( ﺍﻟّﺘــﻲ ﺗــﺪﺧﻞ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿــﻲ ﺗﻔﻴــﺪ ﻣﻌﻨــﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺗﺤﻴّﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻫﻮﺩ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﻋﺪ. ) (٣ﺳﻮﺭﺓ ﻕ.
٩٥
ـﺦ ﻓِ ــﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤ ــﺎﺕ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻟ ــﻢ ﺗﻨ ــﺰﻝ ﻓﻴﻬ ــﺎ ﻛﻠﻤ ــﺔ ) ٕﺍﺫﺍ( ﻣﺜ ــﻞ ﻗﻮﻟ ــﻪَ ﴿ :ﻭ ُﻧ ِﻔ ـ َ ﻴﺪ﴾ ﺍﻟﺼﻮ ِﺭ َﺫﻟ َ ـﺲ ﻣ َﻌ َﻬـﺎ َﺳـﺎٌ ِٔ ﻖ َﻭ َﺷ ِـﻬ ٌ ـﺎءﺕ ُﻛ ـﻞ َﻧ ْﻔ ٍ ِﻚ َﻳـ ْﻮ ُﻡ ﺍ ْﻟ َﻮ ِﻋﻴ ِـﺪ َﻭ َﺟ ْ
)(١
ﻼ ،ﻭ ٕﺍﻧّ ـﻪ ﻟﻴــﻮﻡ ﺍﻟﻮﻋﻴــﺪ، ﺍﻟّــﺬﻱ ﻣﻌﻨــﺎﻩ ّ ـﺼﻮﺭ ﻓﻌ ـ ً ﺍﻟﻈ ـﺎﻫﺮ ﺑﺄﻧــﻪ ﻧﻔــﺦ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ
ـﻞ ﻧﻔــﺲ ﻻٔﺟــﻞ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻛــﺎﻥ ﺑﺤــﺴﺐ ﻧﻈــﺮﻫﻢ ﺑﻌﻴـ ًـﺪﺍ ﺟـ ًـﺪﺍ .ﻭﺟــﺎءﺕ ﻛـ ّ ﺍﻟﺤــﺴﺎﺏ ﻭﻣﻌﻬــﺎ ﺳــﺎﺋﻖ ﻭﺷــﻬﻴﺪ .ﻭﻓــﻲ ﻣﺜــﻞ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗــﻊ ٕﺍ ّﻣ ـﺎ ﻗـ ـﺪﺭﻭﺍ
ﻟﻤـ ـ ـﺎ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣ ـ ــﺔ ﻣﺤ ّﻘﻘ ـ ــﺔ ﻛﻠﻤ ـ ــﺔ ) ٕﺍﺫﺍ( ﺃﻭ ﺍﺳ ـ ــﺘﺪﻟّﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬ ـ ــﺎ ،ﺑﺄﻧ ـ ــﻪ ّ
ﺍﻟﻮﻗ ــﻮﻉ ،ﻟﻬ ــﺬﺍ ﺃﺗ ــﻰ ﺑ ــﻪ ﺑﻠﻔ ــﻆ ﺍﻟﻔﻌ ــﻞ ﺍﻟﻤﺎﺿ ــﻲ ﻛﺄﻧ ــﻪ ﺷ ــﻲء ﻣ ــﻀﻰ: ﻓـ ــﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﻗﻠّ ـ ـﺔ ٕﺍﺩﺭﺍﻛﻬـ ــﻢ ﻭﻋـ ــﺪﻡ ﺗﻤﻴﻴـ ــﺰﻫﻢٕ .ﺍﺫ ٕﺍﻧﻬـ ــﻢ ﻟـ ــﻢ ﻳـ ــﺪﺭﻛﻮﺍ
ـﺼﺮﺍﺣﺔ ،ﻭﻳﺤﺮﻣ ـ ــﻮﻥ ﺍﻟﻨّﻔﺨ ـ ــﺔ ّ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّ ـ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ـ ــﻲ ﻋﺒّ ـ ــﺮ ﻋﻨﻬ ـ ــﺎ ﺑﻬ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ،ﻭﻳﻨﺘﻈــﺮﻭﻥ ﺻــﻮﺭ ٕﺍﺳــﺮﺍﻓﻴﻞ، ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ﻋــﻦ ﻓــﻴﺾ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻨّﻘــﺮﺓ ﺍ ٕ
ﺍﻟّﺬﻱ ﻫﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ .ﻣﻊ ﺃ ﻥ ﻭﺟﻮﺩ ٕﺍﺳـﺮﺍﻓﻴﻞ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟـﻪ ﻗـﺪ ﺗﺤ ّﻘـﻖ ﺑﺒﻴ ـ ــﺎﻥ ﺣ ـ ــﻀﺮﺗﻪ :ﻗ ـ ــﻞ ﺃﺗ ـ ــﺴﺘﺒﺪﻟﻮﻥ ﺍﻟّ ـ ــﺬﻱ ﻫ ـ ــﻮ ﺧﻴ ـ ــﺮ ﻟﻜ ـ ــﻢ ﻓﺒ ـ ــﺌﺲ ﻣ ـ ــﺎ
ﺍﺳــﺘﺒﺪﻟﺘﻢ ﺑﻐﻴــﺮ ﺣـ ّـﻖ ﻭﻛﻨــﺘﻢ ﻗــﻮﻡ ﺳــﻮء ﺃﺧــﺴﺮﻳﻦ ﺑــﻞ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ
ـﻞ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨ ــﺎﺕ. ـﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺤﻤ ــﺪﻱ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻧﻔ ــﺦ ﻋﻠ ــﻰ ﻛ ـ ّ ّ ـﺼﻮﺭ ﻫ ــﻮ ﺍﻟ ـ ّ ﺍﻟ ـ ّ ﻻﻟﻬــﻲ .ﻭ ٕﺍﻧــﻪ ﻗــﺪ ﻭﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ ﻗﻴــﺎﻡ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺍ ٕ ّ ﺧﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻕ.
٩٦
ﻻﻳﻤـﺎﻥ ﺍﻟﺠﺪﻳـﺪﺓ ،ﻭﺃﺣﻴـﺎﻫﻢ ﺑﺤﻴـﺎﺓ ﺃﻣﻮﺍ ًﺗﺎ ﻓـﻲ ﻗﺒـﻮﺭ ﺃﺟـﺴﺎﺩﻫﻢ ﺧﻠـﻊ ﺍ ٕ
ﻟﻤـﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺟﻤـﺎﻝ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـﺔ ٕﺍﻇﻬـﺎﺭ ﺭﻣ ٍـﺰ ﻣـﻦ ﺃﺳـﺮﺍﺭ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺑﺪﻳﻌﺔ – ﻟﻬﺬﺍ ّ ﺍﻟﺒﻌ ــﺚ ﻭﺍﻟﺤ ــﺸﺮ ﻭﺍﻟﺠﻨّـ ـﺔ ﻭﺍﻟﻨّ ــﺎﺭ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻣ ــﺔ ،ﺃﻭﺣ ــﻰ ٕﺍﻟﻴ ــﻪ ﺟﺒﺮﻳ ــﻞ ﺑﻬ ــﺬﻩ
ـﺴﻰ ﺍﻥ ﻮﻥ ﺍ َﻟ ْﻴـ َ ـﻮﻥ َﻣ َﺘــﻰ ُﻫ ـ َﻮ ُﻗـ ْ ﻭﺳـ ُـﻬ ْﻢ َﻭ َﻳ ُﻘﻮ ُﻟـ َ ـﻀ َ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﴿ َﻓ َﺴ ُﻴ ْﻨﻐِ ـ ُ ـﻚ ُﺭ ُﺅ َ ـﻞ َﻋـ َ )(١ ـﻀﺎﻟﻴﻦ ﺍﻟﺘّـ ــﺎﺋﻬﻴﻦ ﻓـ ــﻲ ﻭﺍﺩﻱ َﻳ ُ ﻜـ ـ َ ـﻮﻥ َﻗ ِﺮﻳ ًﺒـ ــﺎ﴾ .ﻭﻣﻌﻨـ ــﺎﻩ ٕﺍ ﻥ ﺃﻭﻟﺌـ ــﻚ ﺍﻟـ ـ ّ
ـﻀﻼﻟﺔ ،ﺳــﻮﻑ ﻳﻬـ ّـﺰﻭﻥ ﺭﺅﻭﺳــﻬﻢ ﻋﻠــﻰ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍﻻﺳــﺘﻬﺰﺍء ،ﻭﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ: ﺍﻟـ ّ ﺃﻱ ﺯﻣﺎﻥ ﺳﺘﻈﻬﺮ ﻫـﺬﻩ ﺍﻻٔﻣـﻮﺭ؟ ﻓﻘـﻞ ﻟﻬـﻢ ﻓـﻲ ﺍﻟﺠـﻮﺍﺏ ﻋـﺴﻰ ﺃﻥ ﻓﻲ ّ
ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻗﺮﻳ ًﺒﺎٕ :ﺍ ﻥ ﺍﻟﺘّﻠﻮﻳﺢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻟﻴﻜﻔـﻲ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ
ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﺎﻟﻨّﻈﺮ ّ
ﺳ ــﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻣ ــﺎ ﺃﺑﻌ ــﺪ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻘ ــﻮﻡ ﻋ ــﻦ ﺳ ــﺒﻴﻞ ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖٕ ،ﺍﺫ ٕﺍ ﻥ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﻘﻴﺎﻡ ﺣﻀﺮﺗﻪ ،ﻭﻋﻼﻣﺎﺗﻪ ﻭﺃﻧـﻮﺍﺭﻩ ﻛﺎﻧـﺖ ﻣﺤﻴﻄـﺔ ـﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻣـ ــﻊ ﺫﻟـ ــﻚ ﻛـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳـ ــﺴﺨﺮﻭﻥ .ﻭﻛـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻋـ ــﺎﻛﻔﻴﻦ ﻋﻠـ ــﻰ ﺑﻜـ ـ ّ
ﺍﻟﺘّﻤﺎﺛﻴـ ــﻞ ﺍﻟّﺘـ ــﻲ ﺃﻗﺎﻣﻬـ ــﺎ ﻋﻠﻤـ ــﺎء ﺍﻟﻌـ ــﺼﺮ ﺑﺄﻓﻜـ ــﺎﺭﻫﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠـ ــﺔ ﺍﻟﻌﺎﻃﻠـ ــﺔ. ﻭﻛ ـ ـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻏ ـ ـ ــﺎﻓﻠﻴﻦ ﻋ ـ ـ ــﻦ ﺷ ـ ـ ــﻤﺲ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳ ـ ـ ــﺔ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّ ـ ـ ــﺔ ،ﻭﺃﻣﻄ ـ ـ ــﺎﺭ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤ ـ ـ ــﺔ
ﺍﻟﺠﻌﻞ ﻟﻤﺤﺮﻭﻡ ﻋﻦ ّ ﺍﻟﺴﺒﺤﺎﻧﻴّﺔ .ﺑﻠﻰ ٕﺍ ﻥ ُ
ﻻﺳﺮﺍء. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍ ٕ
٩٧
ﺭﻭﺍﺋـ ـ ــﺢ ﺍﻟﻘـ ـ ــﺪﺱ ﺍﻻٔﺯﻟﻴّـ ـ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﺨ ّﻔ ـ ـ ـﺎﺵ ﻟﻴﻬـ ـ ــﺮﺏ ﻣـ ـ ــﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬـ ـ ــﺔ ﺃﻧـ ـ ــﻮﺍﺭ
ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﻀﻴﺌﺔ ّ
ـﻞ ﺍﻻٔﻋــﺼﺎﺭ ﻓــﻲ ٕﺍ ّﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠــﺐ ﻭﺗﻠــﻚ ﺍﻻٔﺣــﻮﺍﻝ ﻛﺎﻧــﺖ ﻓــﻲ ﻛـ ّ
ـﺴﻼﻡ "ﻻ ﺑ ّـﺪ ﻟﻜـﻢ ﺃﻳﺎﻡ ﻇﻬﻮﺭ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﻖ .ﻛﻤﺎ ﻗـﺎﻝ ﻋﻴـﺴﻰ ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟ ّ ّ
ﺑﺄﻥ ﺗﻮﻟﺪﻭﺍ ﻣـ ّﺮﺓ ﺃﺧـﺮﻯ" .ﻭﻛﻤـﺎ ﻗـﺎﻝ ﻓـﻲ ﻣﻘـﺎﻡ ﺁﺧـﺮ" :ﻣـﻦ ﻟـﻢ ﻳﻮﻟـﺪ ﻣـﻦ
ﺍﻟﻤــﺎء ﻭﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ﻻ ﻳﻘــﺪﺭ ﺃﻥ ﻳــﺪﺧﻞ ﻣﻠﻜــﻮﺕ ﺍﻪﻠﻟ .ﺍﻟﻤﻮﻟــﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟﺠــﺴﺪ
ﺟــﺴﺪ ﻫــﻮ ،ﻭﺍﻟﻤﻮﻟــﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟ ـ ّﺮﻭﺡ ﻫــﻮ ﺭﻭﺡ" ﺃﻱ ﺃ ﻥ ﺍﻟ ـﻨّﻔﺲ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻟــﻢ ـﺴﻮﻱ ،ﻓﺈﻧّﻬــﺎ ﻏﻴــﺮ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘــﺪﺱ ﺍﻟﻌﻴـ ﺗﺤــﻲ ﻣــﻦ ﻣــﺎء ﺍﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ ﺍ ٕ ّ َ ﻻ ﻥ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻇﻬــﺮ ﻣــﻦ ﻻﺋﻘــﺔ ﻟﻠـ ّـﺪﺧﻮﻝ ﻭﺍﻟــﻮﺭﻭﺩ ﻓــﻲ ﺍﻟﻤﻠﻜــﻮﺕ ﺍﻟ ّﺮﺑّــﺎﻧﻲٔ . ّ ﺍﻟﺠــﺴﺪ ﻭﺗﻮﻟّـﺪ ﻣﻨــﻪ ﻓﻬــﻮ ﺟــﺴﺪ ،ﻭﺍﻟﻤﻮﻟــﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻫــﻲ ﻧﻔــﺲ ﻋﻴــﺴﻰ ﻓﻬــﻮ ﺭﻭﺡ .ﻭﺧﻼﺻــﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨــﻰ ﻫــﻮ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻭﻟــﺪﻭﺍ ﻣــﻦ
ﺃﻱ ﻇﻬــﻮﺭ ﻳــﺼﺪﻕ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻤﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔَ ، ﻭﺣ ُﻴــﻮﺍ ﻣــﻦ ﻧﻔﺤــﺘﻬﻢ ﻓــﻲ ّ ﻻﻟﻬﻴّـﺔ .ﻭﻣـﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﻭﺍﻟﺒﻌـﺚ ﻭﺍﻟـﻮﺭﻭﺩ ﻓـﻲ ﺟﻨّـﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒّـﺔ ﺍ ٕ
ﻋــﺪﺍﻫﻢ ﻣــﻦ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻳــﺼﺪﻕ ﻋﻠــﻴﻬﻢ ﺣﻜــﻢ ﺁﺧــﺮ ،ﻫــﻮ ﺍﻟﻤــﻮﺕ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠــﺔ،
ﻻﻟﻬــﻲ .ﻭﻟﻘــﺪ ﺃﻃﻠــﻖ ﻓــﻲ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ﻭﺍﻟــﻮﺭﻭﺩ ﻓــﻲ ﻧــﺎﺭ ﺍﻟﻜﻔــﺮ ﻭﺍﻟﻐــﻀﺐ ﺍ ٕ ّ ـﺼﺤﺎﺋﻒ ﺣﻜــﻢ ﺍﻟﻤــﻮﺕ ﻭﺍﻟﻨّــﺎﺭ ،ﻭﻋــﺪﻡ ﺍﻟﺒــﺼﺮ ﻭﺍﻟﻘﻠــﺐ ﻭﺍ ٔ ﻻﻟــﻮﺍﺡ ﻭﺍﻟـ ّ
ﻭﺍﻟﺴﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺸﺮﺑﻮﺍ ﻣﻦ ّ
٩٨
ﻛـﺆﻭﺱ ﺍﻟﻤﻌـﺎﺭﻑ ﺍﻟﻠّﻄﻴﻔـﺔ ﻭﻟـﻢ ﺗﻔـﺰ ﻗﻠـﻮﺑﻬﻢ ﺑﻔـﻴﺾ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘـﺪﺱ ٕﺍﺑّـﺎﻥ
ـﻮﻥ ـﻮﺏ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﻓﻲ ّ ﻻ َﻳ ْﻔ َﻘ ُﻬ َ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﻛﻤﺎ ﺃﺷﻴﺮ ٕﺍﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﴿ َﻟ ُﻬ ْﻢ ُﻗ ُﻠ ٌ ِﺑ َﻬﺎ﴾).(١
ﻻﻧﺠﻴــﻞ ﻣــﺴﻄﻮﺭ ﺑﺄﻧــﻪ ﻓــﻲ ﺫﺍﺕ ﻳــﻮﻡ ﺗــﻮ ّﻓﻲ ﻭﻓــﻲ ﻣﻘــﺎﻡ ﺁﺧــﺮ ﻓــﻲ ﺍ ٕ
ﻭﺍﻟﺪ ﺃﺣﺪ ﺃﺻـﺤﺎﺏ ﻋﻴـﺴﻰ .ﻓﻌـﺮﺽ ﺍﻻٔﻣـﺮ ﻋﻠـﻰ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ﻭﻃﻠـﺐ ﻣﻨـﻪ
ـﻢ ﻳﺮﺟــﻊ .ﻓﺄﺟﺎﺑــﻪ ﺟــﻮﻫﺮ ﺍﻻﻧﻘﻄــﺎﻉ ٕﺍﺟــﺎﺯﺓ ﻟﻴــﺬﻫﺐ ﻟﻴﻜ ّﻔﻨــﻪ ﻭﻳﺪﻓﻨــﻪ ﺛـ
"ﺩﻉ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﻳﺪﻓﻨﻮﻥ ﻣﻮﺗﺎﻫﻢ"
ﻻﻣ ــﺎﻡ ﻋﻠ ــﻲ ﻛ ــﺮﻡ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺟﻬ ــﻪ ﻭﻛ ــﺬﻟﻚ ﻗ ــﺪ ﺣ ــﻀﺮ ﻟ ــﺪﻯ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﺍ ٕ ّ ﻧﻔــﺮﺍﻥ ﻣــﻦ ﺃﻫــﻞ ﺍﻟﻜﻮﻓــﺔ ،ﺃﺣــﺪﻫﻤﺎ ﻟــﻪ ﺑﻴــﺖ ﻳﺮﻳــﺪ ﺑﻴﻌــﻪ ،ﻭﺍﻻٓﺧــﺮ ﻛــﺎﻥ
ﻣ ــﺸﺘﺮ ًﻳﺎ ﻟـ ــﻪ ،ﻭﻛ ــﺎﻥ ﻗـ ــﺪ ﻗ ـ ـ ّﺮ ﻗﺮﺍﺭﻫﻤ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﺃﻥ ﺗﻘ ــﻊ ﺍﻟﻤﺒﺎﻳﻌ ــﺔ ﺑ ـ ـﺎ ّﻃﻼﻉ ﻻﻟﻬـﻲ ﺣﻀﺮﺗﻪ ،ﻭﺗﺤ ّﺮﺭ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﻳﻌـﺔ ﺃﻣﺎﻣـﻪ .ﻓﺨﺎﻃـﺐ ﻣﻈﻬـﺮ ﺍﻻٔﻣـﺮ ﺍ ٕ ّ ﺍﻟﻜﺎﺗ ــﺐ ﻭﻗ ــﺎﻝ ﻟ ــﻪ ﺃﻥ ﺍﻛﺘ ــﺐ "ﻗ ــﺪ ﺍﺷ ـ ـﺘﺮﻯ ﻣﻴ ــﺖ ﻋ ــﻦ ﻣﻴ ــﺖ ﺑﻴ ًﺘـ ــﺎ
ـﺪﻭﺩﺍ ﺑﺤــﺪﻭﺩ ﺃﺭﺑﻌــﺔ ،ﺣـ ّـﺪ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻘﺒــﺮ ﻭﺣـ ّـﺪ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻠّﺤــﺪ ﻭﺣـ ّـﺪ ٕﺍﻟــﻰ ﻣﺤـ ً
ـﺼﺮﺍﻁ ﻭﺣـﺪ ٕﺍ ّﻣـﺎ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟﺠﻨّـﺔ ﻭ ٕﺍ ّﻣـﺎ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟﻨّـﺎﺭ" .ﻓـﺎﻻٓﻥ ﻟـﻮ ﻛـﺎﻥ ﻫــﺬﺍﻥ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻨّﻔﺮﺍﻥ ﻗﺪ ُﺣﻴﻴﺖ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻋﺮﺍﻑ.
٩٩
ﺭﻭﺣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺨﺔ ﺻﻮﺭ ﻋﻠﻲ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧـﺎ ﻗـﺪ ﺑﻌﺜـﺎ ﻣـﻦ ﻗﺒـﺮ ﺍﻟﻐﻔﻠـﺔ ﺑﻤﺤﺒّـﺔ ّ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻟﻤﺎ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺒﺘّﺔ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺃﻱ ﻋﻬـﺪ ﻭﻋـﺼﺮ ﻣـﻦ ﺫﻛـﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ﻭﺍﻻٔﻭﻟﻴﺎء ﻓﻲ ّ
ﻻ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﻭﺍﻟﺒﻌـﺚ ﻭﺍﻟﺤـﺸﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﻲ .ﻓـﺈﺫﺍ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﺒﻌﺚ ﻭﺍﻟﺤﺸﺮ ٕﺍ ّ ّ ﻼ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟّﺬﻱ ﻗﺎﻟﻪ ﻋﻠﻲ ﻻﻧﻜﺸﻔﺖ ﻟـﻪ ﻻﻧﺴﺎﻥ ﻗﻠﻴ ً ﻣﺎ ﺗﺄ ّﻣﻞ ﺍ ٕ ّ
ـﺼﺮﺍﻁ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻻٔﻣﻮﺭ ،ﻭﻋﺮﻑ ﻣﺎ ﻫـﻮ ﺍﻟﻤﻘـﺼﻮﺩ ﻣـﻦ ﺍﻟﻠّﺤـﺪ ﻭﺍﻟﻘﺒـﺮ ،ﻭﺍﻟ ّ ﻭﺍﻟﺠﻨّﺔ ﻭﺍﻟﻨّﺎﺭ .ﻭﻟﻜﻦ ﻣـﺎ ﺍﻟﺤﻴﻠـﺔ ﻭﺟﻤﻴـﻊ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ﻣﺤﺠﻮﺑـﻮﻥ ﻓـﻲ ﻟﺤـﺪ
ﻼ ﺍﻟﻨّﻔﺲ ،ﻭﻣﺪﻓﻮﻧﻮﻥ ﻓﻲ ﻗﺒﺮ ﺍﻟﻬﻮﻯ .ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﺃﻧﻚ ﻟﻮ ﺭﺯﻗـﺖ ﻗﻠـﻴ ً ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﻟﻌﺮﻓــﺖ ﺑــﺄ ﻥ ﺍﻟﺤﻴــﺎﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّــﺔ ﻫــﻲ ﺣﻴــﺎﺓ ﻣــﻦ ﺯﻻﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻘﻠـ ــﺐ ﻻ ﺣﻴـ ــﺎ ُﺓ ﺍﻟﺠـ ــﺴﺪ ،ﻻٔ ﻥ ﻓـ ــﻲ ﺣﻴـ ــﺎﺓ ﺍﻟﺠـ ــﺴﺪ ﻳـ ــﺸﺘﺮ ﻙ ﺟﻤﻴـ ــﻊ ـﺼﺔ ﺑﺄﺻـ ــﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨّـ ــﺎﺱ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧـ ــﺎﺕ .ﺃ ّﻣـ ــﺎ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴـ ــﺎﺓ ﻓﻬـ ــﻲ ﻣﺨﺘـ ـ ّ ﻻﻳﻤــﺎﻥ ،ﻭﺭﺯﻗــﻮﺍ ﻣــﻦ ﺛﻤــﺮﺓ ﺍﻻٔﻓﺌــﺪﺓ ﺍﻟﻤﻨﻴــﺮﺓ ،ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﺷــﺮﺑﻮﺍ ﻣــﻦ ﺑﺤــﺮ ﺍ ٕ
ﻻﻳﻘﺎﻥ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻻ ﻳﻌﻘﺒﻬﺎ ﻣﻮﺕ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻘﺎء ﻻ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻓﻨـﺎء، ﺍ ٕ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ "ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺣـﻲ ﻓـﻲ ﺍﻟ ّـﺪﺍﺭﻳﻦ" .ﺃ ّﻣـﺎ ٕﺍﺫﺍ ﻛـﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘـﺼﻮﺩ ﺑﺘﻠـﻚ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻤـﺸﻬﻮﺩﺓ ،ﻓـﺈ ّﻥ ﻫـﺬﻩ ﻳﻌﻘﺒﻬـﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳّﺔ ّ
ﺍﻟﻤﻮﺕ
١٠٠
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻻٔﺧﺮﻯ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﻟﻤﺜﺒﻮﺗـﺔ ﻓﻴﻬـﺎ
ـﺪﻝ ﻋﻠــﻰ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠــﺐ ﺍﻟﻌــﺎﻟﻲ ﻭﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤــﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻟﻴــﺔ .ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﺗـ ّ
ـﺸﻬﺪﺍء ،ﻭﻓــﻲ ﺣـ ّـﻖ ﻧﺰﻟــﺖ ﻓـﻲ ﺣـ ّـﻖ ﺣﻤـﺰﺓ ﺳـﻴّﺪ ﺍﻟ ّ ﺍﻻٓﻳـﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛــﺔ ﺍﻟّﺘـﻲ ّ ﻭﺣﺠ ــﺔ ﻻﺋﺤ ــﺔ ﺣﻴ ــﺚ ﺃﺑ ــﻲ ﺟﻬ ــﻞ ٕﺍﻧّﻬ ــﺎ ﻟﺒﺮﻫ ــﺎﻥ ﻭﺍﺿ ــﺢ ﻋﻠ ــﻰ ﺫﻟ ــﻚ، ّ
ـﺎﻥ َﻣ ْﻴ ًﺘ ــﺎ َﻓﺎْ ﺣ َﻴ ْﻴ َﻨ ــﺎ ُﻩ َﻭ َﺟ َﻌ ْﻠ َﻨ ــﺎ َﻟ ـ ُـﻪ ُﻧ ــﻮ ًﺭﺍ َﻳ ْﻤ ـ ِـﺸﻲ ِﺑ ــﻪِ ﻓِ ــﻲ ﺗﻘ ــﻮﻝ ﴿ﺍ َ ﻭ َﻣ ــﻦ َﻛ ـ َ
ﺍﻟﻈ ُﻠ َﻤ ِ ﺨﺎ ِﺭ ٍﺝ ِّﻣ ْﻨ َﻬﺎ﴾) ،(١ﻭﻫـﺬﻩ ﺍﻻٓﻳـﺔ ﺍﻟﻨّﺎﺱ َﻛ َﻤﻦ ﻣ َﺜ ُﻠ ُﻪ ﻓِ ﻲ ﺲ ِﺑ َ ﺎﺕ َﻟ ْﻴ َ ﻻﻳﻤ ــﺎﻥ ﻧﺰﻟ ــﺖ ﻣ ــﻦ ﺳ ــﻤﺎء ﺍﻟﻤ ــﺸﻴﺌﺔ ﻋﻨ ــﺪﻣﺎ ﺍﺭﺗ ــﺪﻯ ﺣﻤ ــﺰﺓ ﺭﺩﺍء ﺍ ٕ ﻗ ــﺪ ّ
ﻻﻋــﺮﺍﺽ. ﺍﻟﻤﻘـ ّـﺪﺱ ﻭﻛــﺎﻥ ﺃﺑــﻮ ﺟﻬــﻞ ﺛﺎﺑ ًﺘ ـﺎ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻜﻔــﺮ ﻭﺭﺍﺳـ ً ـﺨﺎ ﻓــﻲ ﺍ ٕ
ﻓﺼﺪﺭ ﻣﻦ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻻٔﻟﻮﻫﻴّﺔ ﺍﻟﻜﺒـﺮﻯ ﻭﻣﻜﻤـﻦ ﺍﻟ ّﺮﺑﻮﺑﻴّـﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤـﻰ ﺣﻜـﻢ
ﺍﻟﺤﻴــﺎﺓ ﺑﻌــﺪ ﺍﻟﻤــﻮﺕ ﻓــﻲ ﺣـ ّـﻖ ﺣﻤــﺰﺓ ،ﻭﻋﻠــﻰ ﻧﻘــﻴﺾ ﺫﻟــﻚ ﻓــﻲ ﺣـ ّـﻖ
ﻣﻤــﺎ ﺃﺷــﻌﻞ ﻧــﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﻜﻔــﺮ ﻓــﻲ ﻗﻠــﻮﺏ ﺍﻟﻤــﺸﺮﻛﻴﻦ ،ﻭﺣ ـ ّﺮ ﻙ ﺃﺑــﻲ ﺟﻬــﻞّ ،
ﺃﻱ ﻓﻴﻬﻢ ﻫﻮﻯ ﺍ ٕ ﻻﻋﺮﺍﺽ .ﻭﻋﻠﻰ ﻫـﺬﺍ ﺻـﺮﺧﻮﺍ ﻭﺻـﺎﺣﻮﺍ ﻗـﺎﺋﻠﻴﻦ :ﻓـﻲ ّ ﺃﻱ ﻭﻗـﺖ ﺟﺎءﺗـﻪ ﻫـﺬﻩ ﺯﻣﺎﻥ ﻣﺎﺕ ﺣﻤﺰﺓ ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ؟ ﻭﻓﻲ ّ
ـﻀﺎ ـﺸﺮﻳﻔﺔ ،ﻭﻟــﻢ ﻳــﺴﺄﻟﻮﺍ ﺃﻳـ ً ﻭﻟﻤـﺎ ﻟــﻢ ﻳــﺪﺭﻛﻮﺍ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧــﺎﺕ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﺤﻴــﺎﺓ؟ ّ ﺭﺷﺤﺎ ﻣﻦ ﻛﻮﺛﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ،ﻟﻬﺬﺍ ﺷﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺣﺘّﻰ ﻳﺒﺬﻟﻮﺍ ﻟﻬﻢ ﺃﻫﻞ ّ ً
ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ُ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻌﺎﻡ.
١٠١
ٕﺍﻧّـ ـﻚ ﻟﺘ ــﺮﻯ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﺃﻧ ــﻪ ﻣ ــﻊ ﻭﺟ ــﻮﺩ ﺷ ــﻤﺲ ﺍﻟﻤﻌ ــﺎﻧﻲ ﻓ ــﺈ ّﻥ ﺟﻤﻴ ــﻊ
ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﻧﻴّ ـ ـ ــﺔ ـﺴﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺠﻌ ـ ـ ــﻞ ّ ﺍﻟﻨّ ـ ـ ــﺎﺱ ﻣ ـ ـ ــﻦ ﺍﻻٔﻋ ـ ـ ــﺎﻟﻲ ﻭﺍﻻٔﺩﺍﻧ ـ ـ ــﻲ ﻣﺘﻤ ـ ـ ـ ّ ُ ـﺸﻴﻄﺎﻧﻴّﺔ ،ﻭﻋﻠـﻰ ﺍﻟ ّـﺪﻭﺍﻡ ﻳﺴﺘﻔـﺴﺮﻭﻥ ﻣـﻨﻬﻢ ﻋـﻦ ﻣـﺸﻜﻼﺕ ﻭﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟ ّ
ﻣــﺴﺎﺋﻠﻬﻢ .ﻭﻫ ــﺆﻻء ﻧﻈ ـ ًﺮﺍ ﻟﻌ ــﺪﻡ ﻋﺮﻓ ــﺎﻧﻬﻢ ﻳﺠﻴﺒــﻮﻥ ﺑﺠ ــﻮﺍﺏ ﻻ ﻳﺘﺮﺗّ ـﺐ ﻣﻨ ــﻪ ﺿ ــﺮﺭ ﻋﻠ ــﻰ ﺃﺳ ــﺒﺎﺏ ﻣﻌﺎﺷ ــﻬﻢ ،ﻭﻻ ﻋﻠ ــﻰ ﻣﻜ ــﺎﻧﺘﻬﻢ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ.
ﺍﻟﺠﻌــﻞ ﻧﻔــﺴﻪ ﻣــﺎ ﻓــﺎﺯ ﺑﻨــﺼﻴﺐ ﻣــﻦ ﻧــﺴﻴﻢ ﻭﻣــﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿــﺢ ﺍﻟﻤﻌﻠــﻮﻡ ﺃ ﻥ ُ
ﻣﺴﻚ ﺍﻟﺒﻘﺎء ،ﻭﻣﺎ ﺩﺧﻞ ﻓﻲ ﺭﺿـﻮﺍﻥ ﺍﻟ ّﺮﻳـﺎﺣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّـﺔ ،ﻓﻜﻴـﻒ ﻣـﻊ
ﻳﻌﻄﺮ ﻣﺸﺎ ّﻡ ﺍﻻٓﺧﺮﻳﻦ؟ ﻭﻟﻢ ﻳـﺰﻝ ﻛـﺎﻥ ﻫـﺬﺍ ﺷـﺄﻥ ﻫـﺆﻻء ﻫﺬﺍ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ّ
ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﻭﻻ ﻳ ــﺰﺍﻝ ﻳﻜ ــﻮﻥ ﻛ ــﺬﻟﻚ .ﻭﻟ ــﻦ ﻳﻔ ــﻮﺯ ﺑﺂﺛ ــﺎﺭ ﺍﻪﻠﻟ ٕﺍﻻ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻫ ــﻢ ـﺖ ﺍﻪﻠﻟ ﺣﻜـﻢ ﺃﻗﺒﻠﻮﺍ ٕﺍﻟﻴـﻪ ﻭﺃﻋﺮﺿـﻮﺍ ﻋـﻦ ﻣﻈـﺎﻫﺮ ﺍﻟ ّ ـﺸﻴﻄﺎﻥ .ﻭﻛـﺬﻟﻚ ﺃﺛﺒ َ
ﺍﻟﻴــﻮﻡ ﻣــﻦ ﻗﻠــﻢ ﺍﻟﻌـ ّـﺰﺓ ﻋﻠــﻰ ﻟــﻮﺡ ﻛــﺎﻥ ﺧﻠــﻒ ﺳــﺮﺍﺩﻕ ﺍﻟﻌـ ّـﺰ ﻣﻜﻨﻮ ًﻧــﺎ .ﻭﻟــﻮ ـﺖ ـﺖ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧ ــﺎﺕ ﻭﺗﻔ ﺍﻟﺘﻔ ـ ﻜـ ـ ْﺮ َ ﺕ ﻓ ــﻲ ﻇﺎﻫﺮﻫ ــﺎ ﻭﺑﺎﻃﻨﻬ ــﺎ ﻟ َﻌﺮﻓ ـ َ
ﺟﻤﻴ ـ َـﻊ ﺍﻟﻤ ــﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻌ ــﻀﻠﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻫ ــﻲ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﺳ ـ ّـﺪ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﻭﺑ ــﻴﻦ ﻣﻌ ــﺮﻓﺘﻬﻢ ﻳ ــﻮﻡ ﺍﻟﺘّﻨ ــﺎﺩ .ﻭﻣ ــﺎ ﺍﺣﺘﺠ ــﺖ ﺑﻌ ــﺪ ﺫﻟ ــﻚ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺳ ــﺆﺍﻝ ﻭﻻ ٕﺍﻟ ــﻰ
ﻻﻟﻬـ ــﻲ ﺟـ ــﻮﺍﺏ .ﻭﻧﺮﺟـ ــﻮ ٕﺍﻥ ﺷـ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﺃ ّ ﻻ ﺗﺮﺟـ ـ َـﻊ ﻣـ ــﻦ ﺷـ ــﺎﻃﺊ ﺍﻟﺒﺤـ ــﺮ ﺍ ٕ ّ ﻻ ﺗــﺆﻭﺏ ﻣــﻦ ﺣــﺮﻡ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﺍﻻٔﺯﻟــﻲ ﺑــﺪﻭﻥ ﻗــﺴﻤﺔ ﻇﻤﺂ ًﻧــﺎ ﻣﺤﺮﻭ ًﻣــﺎ ،ﻭﺃ ّ ّ ﻫﻤﺘﻜﻢ ﻭﻣﺴﻌﺎﻛﻢ ﻭﻻ ﻧﺼﻴﺐ .ﻭﻫﺬﺍ ٌ ﻣﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ّ
١٠٢
ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺿـﺤﺔ ﻫـﻮ
ـﺴﻠﻄﻨﺘﻴﻦ ٕ ﺃﻱ ﺍﻟ ـ ّ ﻻﺛﺒ ــﺎﺕ ﺳ ــﻠﻄﻨﺔ ﺳ ــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟ ـ ّ ـﺴﻼﻃﻴﻦ .ﻓﺄﻧ ــﺼﻔﻮﺍ ﺍﻻٓﻥ
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺑﺤــﺮﻑ ﻭﺍﺣــﺪ ﻭﺑﻴــﺎﻥ ﻭﺍﺣــﺪ ،ﺻــﺎﺭ ﺃﻛﺒـ ُﺮ ﻭﺃﻋﻈــﻢ ،ﺃﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ
ـﺴﻼﻃﻴﻦ ﻟﻬﺎ ّ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘّﺼﺮﻑ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ،ﺃﻡ ﺳـﻠﻄﻨﺔ ﺃﻭﻟﺌـﻚ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻈ ـﺎﻫﺮ ﻳﺨــﻀﻊ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻟﻬــﻢ ﺃﻳّﺎ ًﻣــﺎ ﻣﻌــﺪﻭﺩﺍﺕ ﺑﻔــﻀﻞ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﺑﺤــﺴﺐ ّ ٕﺍﻋﺎﻧﺔ ﺍﻟ ّﺮﻋﺎﻳﺎ ﻭﻣﻌﺎﻭﻧﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍء ﻟﻬﻢ؟ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻌ ِﺮﺿـﻮﻥ
ﺨﺮﺕ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻢ ﺑﺤـﺮﻑ ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﻗـﺪ ﺳـ ّ ﻭﻣﺪﺑﺮﻭﻥ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﻠﻮﺏ .ﻭﻫـﺬﻩ ﺍﻟ ّ ﻭﺭﺏ ﻭﺍﺣ ــﺪ ﻭﻣﻨﺤﺘ ــﻪ ﺍﻟﺤﻴ ــﺎﺓ ﻭﺃﻓﺎﺿـ ــﺖ ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺍﻟﻮﺟ ــﻮﺩ – ﻣـ ــﺎ ﻟﻠﺘّ ـ ـﺮﺍﺏ ّ
ـﻞ ﺍﻟﻨّـﺴﺐ ﺍ ٔ ﻻﺭﺑﺎﺏ! ﺑﻞ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺬﻛﺮ ﻫﻨـﺎ ﻙ ﻧـﺴﺒﺔ ﻣـﻊ ﺃ ﻥ ﻛ ّ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻟﺪﻯ ﺳﺎﺣﺔ ﻗﺪﺱ ﺳﻠﻄﻨﺘﻪ؟ ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﻣﻌﻨﺖ ﺍﻟﻨّﻈﺮ ﻟـﺸﺎﻫﺪﺕ
ـﻞ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗ ــﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻮﺟ ــﻮﺩﺍﺕ ﺃ ﻥ ﺧ ــﺪﺍﻡ ﻋﺘﺒﺘ ــﻪ ﻟﻬ ــﻢ ﺳ ــﻠﻄﻨﺔ ﻋﻠ ــﻰ ﻛ ـ ّ
ﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﻭﻳﻈﻬﺮ
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴّــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻭﺑﺎﻻﺧﺘــﺼﺎﺭ ﻫــﺬﺍ ﻫــﻮ ﻣﻌﻨـ ـﻰ ﻣــﻦ ﻣﻌــﺎﻧﻲ ﺍﻟـ ّ ً ﻻ ﻓﻠﻨﻘﻄـﺔ ﺍﻟﻮﺟـﻮﺩ ﺃﺷﺮﻧﺎ ٕﺍﻟﻴﻬـﺎ ﺑﺤـﺴﺐ ﺍﺳـﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ﻭﻗـﺎﺑﻠﻴّﺘﻬﻢ ،ﻭ ٕﺍ ّ
ﻭﻃﻠﻌ ــﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤ ــﻮﺩ ﺳ ــﻠﻄﻨﺎﺕ ﺃﺧ ــﺮﻯ ،ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻈﻠ ــﻮﻡ ﻏﻴ ــﺮ ﻗ ــﺎﺩﺭ ﻋﻠ ــﻰ ﻻﺩﺭﺍﻛﻬـﺎ – ﻓـﺴﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ٕﺍﻇﻬﺎﺭ ﻣﺮﺍﺗﺒﻬﺎ ﻭﻣﻘﺎﻣﺎﺗﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ ﻏﻴـﺮ ﻻﺋـﻖ ٕ ﻋﻤﺎ ﻳﺼﻒ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺘﻪ ّ
١٠٣
ﻋﻤﺎ ﻫﻢ ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ّ ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﻫ ــﻮ ﻋﻤـ ـﺎ ٕﺍﺫﺍ ﻛ ــﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ﻣ ــﻦ ﺍﻟ ـ ّ ٕﺍﻧّـ ـﻲ ﺃﺳ ــﺄﻝ ﺟﻨﺎﺑ ــﻚ ّ
ﺎﻫﺮﻱ ،ﺍﻟّــﺬﻱ ﻳﻘﻬــﺮ ﺍﻟﻈـ ﺎﻫﺮﻱ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘــﺪﺍﺭ ﺍﻟـ ّـﺪ ﺍﻟﻈـ ﻧﻴﻮﻱ ّ ﺍﻟﺤﻜــﻢ ّ ّ ّ ّ ﻛﻞ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻭﻳﺨﻀﻌﻬﻢ ،ﻭﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻃﺎﺋﻌﻴﻦ ﻟـﻪ ﻓـﻲ ﺍﻟ ّﻈـﺎﻫﺮ ،ﻭﻣﻨﻘـﺎﺩﻳﻦ ّ
ٕﺍﻟﻴ ــﻪ ﺣﺘّ ــﻰ ﺑ ــﺬﻟﻚ ﻳﻜ ــﻮﻥ ﺍﻻٔﺣﺒ ــﺎء ﻣ ــﺴﺘﺮﻳﺤﻴﻦ ﻭﻣﻌ ـ ّـﺰﺯﻳﻦ ،ﻭﺍﻻٔﻋ ــﺪﺍء ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﻻ ﻳــﺼﺪﻕ ﻓــﻲ ﻣﺨــﺬﻭﻟﻴﻦ ﻭﻣﻨﻜــﻮﺑﻴﻦ – ﻓــﺈ ّﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻨّــﻮﻉ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﺗﻜـ ــﻮﻥ ﺑﺎﺳ ـ ــﻤﻪ، ﺭﺏ ﺍﻟﻌ ـ ـ ّـﺰﺓ ،ﺍﻟّـ ــﺬﻱ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟﻤـ ــﺴﻠّﻢ ﺃ ﻥ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﺣ ـ ـ ّـﻖ ّ
ﻭﺍﻟﺠﻤﻴ ــﻊ ﻳﻌﺘ ــﺮﻑ ﺑﻌﻈﻤﺘ ــﻪ ﻭﺷ ــﻮﻛﺘﻪٕ .ﺍﺫ ﺃﻧ ــﻚ ﺗ ــﺸﺎﻫﺪ ﺍﻻٓﻥ ﺃ ﻥ ﺃﻛﺜ ــﺮ
ﻻﺭﺽ ﺗﺤ ـ ــﺖ ﺗ ـ ــﺼﺮﻑ ﺃﻋﺪﺍﺋ ـ ــﻪ .ﻭﺍﻟﺠﻤﻴ ـ ــﻊ ﻳ ـ ــﺴﻴﺮﻭﻥ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺧ ـ ــﻼﻑ ﺍ ٔ
ﺭﺿــﺎﺋﻪ .ﻭﻛﻠّﻬــﻢ ﻛــﺎﻓﺮ ﻭﻣﻌــﺮﺽ ﻭﻣــﺪﺑﺮ ﻋﻤــﺎ ﺍﻣــﺮ ﺑــﻪ .ﻭﻣﻘﺒــﻞ ﻭﻓﺎﻋــﻞ ﻟﻤــﺎ ﺩﺍﺋﻤ ــﺎ ﻣﻘﻬ ــﻮﺭﻭﻥ ﻭ ُﻣﺒﺘﻠ ــﻮﻥ ﺗﺤ ــﺖ ﻳ ــﺪ ﺍﻻٔﻋ ــﺪﺍء. ﻧﻬ ــﻲ ﻋﻨ ــﻪ .ﻭﺃﺣﺒ ــﺎﺅﻩ ً
ﺍﻟﺸﻤﺲ ّ ﻭﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻭﺍﺿﺢ ﻭﺃﻇﻬﺮ ﻣﻦ ّ
ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮﺓ ﻣـﺎ ﻛﺎﻧـﺖ ـﺴﻠﻄﻨﺔ ّ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ّ ﺍﻟﻄﺎﻟـﺐٕ ،ﺍ ﻥ ﺍﻟ ّ ٕﺍﺫًﺍ ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻳّﻬﺎ ّ
ﺃﺑـ ًـﺪﺍ ﻭﻟــﻦ ﺗﻜــﻮﻥ ﻳﻮ ًﻣــﺎ ﻣــﺎ ﻣﻌﺘﺒــﺮﺓ ﻟــﺪﻯ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺋــﻪ .ﻭﻋــﻼﻭﺓ ﻋﻠــﻰ
ﺫﻟــﻚ ﻓﺈﻧّـﻪ ٕﺍﺫﺍ ﻛــﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ ﻭﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﻫــﻮ ﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳّﺔ ﻓﺈ ّﻥ ﺍﻻٔﻣﺮ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ّ
١٠٤
ﻻﺷ ـ ــﻜﺎﻝ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺟﻨﺎﺑ ـ ــﻚ ،ﺣﻴ ـ ــﺚ ﻳﻘ ـ ــﻮﻝ ﺗﻌ ـ ــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻭ ﺍ ﻥ ـﺼﻌﻮﺑﺔ ﻭﺍ ٕ ﺍﻟ ـ ـ ّ
)(١ ﻭﻥ ﺍﻥ ُﻳ ْﻄﻔِ ـ ُﺆﻭ ْﺍ ﻮﻥ﴾ .ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺁﺧﺮ ﴿ ُﻳ ِﺮ ُ ﻳﺪ َ ﻨﺪ َﻧﺎ َﻟ ُﻬ ُﻢ ﺍ ْﻟ َﻐﺎ ِﻟ ُﺒ َ ُﺟ َ
ﻭﻥ﴾ ُﻧــﻮ َﺭ ﺍﻪﻠﻟِ ِﺑ ـﺎْ ﻓ َﻮﺍﻫِ ِﻬ ْﻢ َﻭ َﻳ ـﺎَ ﺑﻰ ﺍﻪﻠﻟُ ﺍ ﻜــﺎﻓِ ُﺮ َ ِﻢ ُﻧــﻮ َﺭ ُﻩ َﻭ َﻟ ـ ْﻮ َﻛ ـ ِﺮ َﻩ ﺍ ْﻟ َ ﻻ ﺍﻥ ُﻳ ـﺘ
)(٢
ـﻮﻕ ُﻛـ ـﻞِّ ﺷ ــﻲء( .ﻛﻤ ــﺎ ﺃ ﻥ ﺃﻛﺜ ــﺮ ﻭﻗﻮﻟ ــﻪ ﻓ ــﻲ ﻣﻘ ــﺎﻡ ﺁﺧ ــﺮ )ﻫ ــﻮ ﺍﻟﻐﺎ ِﻟـ ـﺐ ﻓ ـ َ ِ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ﺻﺮﻳﺤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ
ـﺞ ﻭﺃ ّﻣــﺎ ٕﺍﺫﺍ ﻛـﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﻫــﺬﺍ ﻫــﻮ ﻣــﺎ ﻳﻘــﻮﻝ ﺑــﻪ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻬﻤـ ُ
ـﺎﻉ ﻓ ــﻼ ﻣﻔـ ـ ّﺮ ﻟﻬ ــﻢ ﻣ ــﻦ ٕﺍﻧﻜ ــﺎﺭ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤ ــﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳـ ـﻴّﺔ، ﺍﻟ ّﺮﻋ ـ ُ ﻻﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻻٔﺯﻟﻴّﺔ ،ﻻٔﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎ ﻙ ُﻣﺠﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﺟﻨـﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﻋﻠـﻰ ﻭﺍ ٕ ﻻﺭﺽ ﺃﻋﻠﻰ ﻭﻻ ﺃﻗﺮﺏ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻪﻠﻟ ﻣﻦ ﺍﻟﺤـﺴﻴﻦ ﺑـﻦ ﻋﻠـﻲٕ .ﺍﺫ ﻟـﻢ ﻭﺟﻪ ﺍ ٔ
ﺷﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟـﻪ ﺍﻻٔﺭﺽ .ﻟـﻮﻻﻩ ﻟـﻢ ﻳﻜـﻦ ﻣﺜﻠ ُـﻪ ﻳﻜﻦ ﻟﺤﻀﺮﺗﻪ ٌ ﻣﺜﻞ ﻭﻻ ٌ ﻓــﻲ ﺍﻟﻤﻠــﻚ .ﻭﻣــﻊ ﻫــﺬﺍ ﻓﻘــﺪ ﺳــﻤﻌﺖ ﻣــﺎ ﻭﻗــﻊ ﻟــﻪ – ﺃﻻ ﻟﻌﻨــﺔ ﺍﻪﻠﻟ ﻋﻠــﻰ
ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﺍﻟﻘﻮﻡ ّ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ ﻓﺈﻧّﻬـﺎ ﻻ ﺗـﺼﺪﻕ ﺑﺤـﺎﻝ ﺗﻔﺴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺣـﺴﺐ ّ ﻭﺍﻻٓﻥ ﻟﻮ ّ
ﻣﻦ ﺍﻻٔﺣﻮﺍﻝ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻴﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺟﻨﻮﺩﻩ ،ﻻٔ ﻥ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻗﺪ
ﺍﻟﺼﺎ ّﻓﺎﺕ. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘّﻮﺑﺔ.
١٠٥
ـﺸﻬﺎﺩﺓ ﺑﻨﻬﺎﻳ ــﺔ ﺍﻟﻤﻐﻠﻮﺑﻴّ ــﺔ ﻭﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴّ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﻛ ــﺮﺑﻼء ﻓ ــﻲ ﺫﺍﻕ ﻛ ــﺄﺱ ﺍﻟ ـ ّ ﻒ ،ﻣ ـ ــﻊ ﺃ ﻥ ﺑ ـ ــﺴﺎﻟﺘﻪ ﻭﺟﻨﺪﻳّﺘ ـ ــﻪ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﻻﺋﺤ ـ ــﺔ ﻭﻭﺍﺿ ـ ــﺤﺔ ﺃﺭﺽ ّ ﺍﻟﻄـ ـ ـ ّ
ﻭﻥ ﺍﻥ ُﻳ ْﻄﻔِ ـ ُﺆﻭﺍ ُﻧـﻮ َﺭ ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﻓـﻲ ﺍﻻٓﻳـﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛـﺔ ﴿ ُﻳ ِﺮﻳ ُـﺪ َ ّ
ﺍﻪﻠﻟِ ِﺑـﺎْ ﻓ َﻮ ِ ﻭﻥ﴾) .(١ﻟــﻮ ﺍﻫ ِﻬ ْﻢ َﻭ َﻳـﺎَ ﺑﻰ ﺍﻪﻠﻟُ ﺍ ﻜــﺎﻓِ ُﺮ َ ِﻢ ُﻧــﻮ َﺭ ُﻩ َﻭ َﻟـ ْﻮ َﻛـ ِﺮ َﻩ ﺍ ْﻟ َ ﻻ ﺍﻥ ُﻳـﺘ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳّــﺔ ،ﻓﺈﻧّﻬــﺎ ﻻ ﺗﺘّﻔــﻖ ﺃﺑـ ًـﺪﺍ، ـﺴﻠﻄﻨﺔ ّ ـﺴﺮ ﺗﻔ ـﺴﻴ ًﺮﺍ ﺣﺮﻓﻴ ـﺎ ﺑﺎﻟـ ّ ﻛﺎﻧــﺖ ُﺗﻔـ ّ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﻳﺨﻤﺪﻭﻥ ﻻٔﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ﺑﺤﺴﺐ ّ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻳﻄﻔﺌﻮﻥ ﺍﻻٔﻧﻮﺍﺭ ﺍ ٕ ً
ـﻢ ﺍﻧﻈــﺮ ـﺴﺮﺝ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟـ ّ ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ ﻓﻤــﻦ ﺃﻳــﻦ ﻣــﻊ ﻫــﺬﺍ ﻛﺎﻧــﺖ ﺗﻈﻬــﺮ ﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ؟ ﺛـ
ِﻢ ـﺸﺮﻳﻔﺔ ﻗﻮﻟــﻪَ ﴿ :ﻭ َﻳ ـﺎَ ﺑﻰ ﺍﻪﻠﻟُ ﺍ ﻻ ﺍﻥ ُﻳ ـﺘ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻤﻨــﻊ ﺍﻟــﻮﺍﺭﺩ ﻓــﻲ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﺍﻟـ ّ )(٢ ُﻧـﻮ َﺭ ُﻩ﴾ ـﺄﻱ ﻣﻌﻨـﻰ ﻟﻨــﻮﺭﻩ ُﻫﻨـﺎ؟ ٕﺍﺫ ﻗـﺪ ﻟــﻮﺣﻆ ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴـﻊ ﺍﻻٔﻧـﻮﺍﺭ ﻟــﻢ ﻓ ّ
ـﻞ ﺃﻣ ـ ٍـﻦ ﻟﻴ ــﺴﺘﺮﻳﺤﻮﺍ ﻓﻴ ــﻪ ﻣ ــﻦ ﻇﻠ ــﻢ ﺍﻟﻤ ــﺸﺮﻛﻴﻦ ﻭﻟ ــﻢ ﻳ ــﺬﻭﻗﻮﺍ ﻳﺠ ــﺪﻭﺍ ﻣﺤ ـ ّ
ﺃﻱ ٕﺍﻧـﺴﺎﻥ ﻃﻌﻢ ﺍﻟ ّﺮﺍﺣﺔ .ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻈﻠﻮﻣﻴّﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻧﻮﺍﺭ ﻋﻠـﻰ ﺷـﺄﻥ ﺃ ﻥ ّ ـﻞ ﻣــﺎ ﻛــﺎﻥ ﻳﺮﻳ ــﺪﻩ. ﻛــﺎﻥ ﻳــﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻔﻌــﻞ ﺑﺠــﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ﻫــﺆﻻء ﻛـ ّ ـﻞ ﺫﻟ ــﻚ ﻭﺃﺩﺭﻛ ــﻮﻩ ﻭﺃﺣ ــﺼﻮﻩ .ﻭﻛﻴ ــﻒ ﻣ ــﻊ ﻫ ــﺬﺍ ﻛﻤـ ـﺎ َﻋـ ـ َﺮﻑ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﻛ ـ ّ ـﺴﺮﻭﺍ ﻣﻌﻨـ ـ ــﻰ ﻭﺑﻴـ ـ ــﺎﻥ ﻫـ ـ ــﺬﻩ ﻳـ ـ ــﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫـ ـ ــﺆﻻء ﺍﻟﻨّـ ـ ــﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻤـ ـ ــﻮﺍ ﻭﻳﻔـ ـ ـ ّ
ﺍﻟﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ؟ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍ ٕ ﺍﻟﻌﺰ ّ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ﻭﺁﻳﺎﺕ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘّﻮﺑﺔ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘّﻮﺑﺔ.
١٠٦
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻ ــﺔ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ﻟ ــﻴﺲ ﻛﻤ ــﺎ ﺗ ــﺼ ّﻮﺭﻩ ﺑ ــﻞ ٕﺍ ﻥ ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ
ﻼ ﺍﻧﻈــﺮﻭﺍ ﻻﺣﺎﻃــﺔ ﻫــﻮ ﻣﻘــﺎﻡ ﺁﺧــﺮ ﻭﺃﻣــﺮ ﺁﺧــﺮ .ﻣــﺜ ً ﻣــﻦ ﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ ﻭﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﻭﺍ ٕ
ٕﺍﻟ ــﻰ ﻏﻠﺒ ــﺔ ﻗﻄ ــﺮﺍﺕ ﺩﻡ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﺍﻟﺤ ــﺴﻴﻦ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﺳ ــﻔﻚ ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻟﺘّ ــﺮﺍﺏ ﻭﻛﻴــﻒ ﻛــﺎﻥ ﻟﻬــﺬﺍ ﺍﻟﺘّــﺮﺍﺏ ﻣــﻦ ﺗــﺄﺛﻴﺮ ﻓــﻲ ﺃﺟــﺴﺎﺩ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ،ﻭﻏﻠﺒــﺔ ﻭﻧﻔــﻮﺫ ﻋﻠــﻰ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬــﻢ ﺑــﺴﺒﺐ ﺷــﺮﺍﻓﺔ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟـ ّـﺪﻡ ﻭﻏﻠﺒــﺔ ﻧﻔــﻮﺫﻩ ،ﺑﺤﻴــﺚ ﻭﺻــﻞ
ـﻞ ﻣـﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻻﺳﺘـﺸﻔﺎء ﻣـﻦ ﺃﺳـﻘﺎﻣﻪ ،ﻛـﺎﻥ ﻳـﺸﻔﻰ ﺍﻻٔﻣﺮ ٕﺍﻟـﻰ ﺣـﺪ ﺃ ﻥ ﻛ ّ
ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺣﻔﻆ ﻣﺎﻟـﻪ ﻭﻭﺿـﻊ ﻓـﻲ ﺑﻴﺘـﻪ ﻣﻘـﺪﺍ ًﺭﺍ ٕﺍﻥ ﺭﺯﻕ ﺑﺬ ّﺭﺓ ﻣﻨﻪ .ﻭ ّ ﻣ ـ ــﻦ ﻫ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟﺘّ ـ ــﺮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻘ ـ ـ ّـﺪﺱ ﺑﻴﻘ ـ ــﻴﻦ ﻛﺎﻣ ـ ــﻞ ،ﻭﻣﻌﺮﻓ ـ ــﺔ ﺛﺎﺑﺘ ـ ــﺔ ﺭﺍﺳ ـ ــﺨﺔ
ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ .ﻭﻟـﻮ ﺃﻧﻨـﻲ ﺣﻔﻈﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻣﻮﺍﻟﻪ .ﻭﻫـﺬﻩ ﻣﺮﺍﺗـﺐ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺗـﻪ ﻓـﻲ ّ ﺭﺏ ﺃﺫﻛ ـ ــﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺗ ـ ــﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴّ ـ ــﺔ ﻓ ـ ــﻼ ﺑ ـ ـ ّـﺪ ﺃﻥ ﻳﻘ ـ ــﺎﻝ ٕﺍﻧّـ ـ ـﻪ ﺍﻋﺘﺒ ـ ــﺮ ﺍﻟﺘّ ـ ــﺮﺍﺏ ّ
ﺍﻻٔﺭﺑﺎﺏ ،ﻭﺧﺮﺝ ﺑﺎﻟﻜﻠّﻴّﺔ ﻋﻦ ﺩﻳﻦ ﺍﻪﻠﻟ
ﺍﻟﺬﻟّـﺔ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎﻧﻈﺮ ٕﺍﻟـﻰ ﺷـﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤـﺴﻴﻦ ﻭﻛﻴـﻒ ﻛﺎﻧـﺖ ﺑﻨﻬﺎﻳـﺔ ّ
ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ ﺃﻭ ﻳﻐـﺴﻠﻪ ﻭﻳﻜ ّﻔﻨـﻪ. ﻜﺮ ﻛﻴﻒ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﻪ ﺃﺣﺪ ﻟﻴﻨﺼﺮﻩ ﻓﻲ ّ ﻭﺗﻔ ّ
ـﺸﺪﻭﻥ ﺍﻟ ّﺮﺣــﺎﻝ ﻣــﻦ ﺃﻃــﺮﺍﻑ ﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ﺗــﺮﻯ ﺍﻟﻴــﻮﻡ ﻛــﻢ ﻣــﻦ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻳـ ّ
ﺍﻟــﺒﻼﺩ ﻭﺃﻛﻨﺎﻓﻬــﺎ ﻟﻴﺤــﻀﺮﻭﺍ ﻓــﻲ ﺗﻠــﻚ ﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻭﻳــﻀﻌﻮﺍ ﺭﺅﻭﺳــﻬﻢ ﻋﻠــﻰ
ـﺸﻮﻛﺔ ﻭﺍﻟﻌﻈﻤــﺔ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻌﺘﺒــﺔ .ﻫــﺬﻩ ﻫــﻲ ﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ ﻭﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ،ﻭﺍﻟـ ّ
ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّﺔ
١٠٧
ٕﺍﻳّـﺎ ﻙ ﺃﻥ ﺗﺘــﺼ ّﻮﺭ ﺃ ﻥ ﺗﻠــﻚ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭ ﺣــﺪﺛﺖ ﺑﻌــﺪ ﺷــﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤــﺴﻴﻦ
ﻭﺃ ﻥ ﻟــﻴﺲ ﻟﻬــﺎ ﻓﺎﺋــﺪﺓ ﺃﻭ ﺛﻤــﺮﺓ ﺑﺎﻟﻨّــﺴﺒﺔ ﻟﺤــﻀﺮﺗﻪ .ﺫﻟــﻚ ﻻٔ ﻥ ﺣــﻀﺮﺗﻪ
ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻭﺳﺎﻛﻦ ﻓﻲ ﺭﻓﺮﻑ ﺍﻣﺘﻨـﺎﻉ ﺍﻟﻘـﺮﺏ ،ﻭﻣﻘـﻴﻢ ﺣﻲ ً ﺃﺑﺪﺍ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍ ٕ ّ ﻓﻲ ﺳﺪﺭﺓ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﻮﺻـﻞ .ﻓﺠـﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻮﺟـﻮﺩ ﻫـﺆﻻء ﻗـﺎﺋﻤﻮﻥ ﻓـﻲ ﻣﻘـﺎﻡ
ـﻞ ﻣــﺎ ﻋﻨــﺪﻫﻢ ،ﺑﻤﻌﻨــﻰ ﺃﻧﻬــﻢ ﺃﻧﻔﻘــﻮﺍ ﻭﻳﻨﻔﻘــﻮﻥ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬــﻢ ﻻﻧﻔــﺎﻕ ﺑﻜـ ّ ﺍ ٕ ﻭﺃﻣــﻮﺍﻟﻬﻢ ﻭﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ﻛﻠّﻬــﺎ ﻓــﻲ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒــﻮﺏ .ﻭﻟــﻴﺲ ﻟــﺪﻳﻬﻢ ﻣﺮﺗﺒــﺔ
ـﺐ ﻣ ـ ــﻦ ﻫ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘ ـ ــﺎﻡٕ ،ﺍﺫ ﻟ ـ ــﻴﺲ ﻟﻠﻌﺎﺷ ـ ــﻘﻴﻦ ﻣﻄﻠ ـ ــﺐ ٕﺍﻻ ﺭﺿ ـ ــﺎء ﺃﺣ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻤﻌﺸﻮﻕ ،ﻭﻻ ﻣﻘﺼﺪ ٕﺍﻻ ﻟﻘﺎء ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ
ـﺤﺎ ﻣــﻦ ﺃﺳ ـﺮﺍﺭ ﺷــﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤــﺴﻴﻦ ﻭ ٕﺍﻧّ ـﻲ ﻟــﻮ ﺃﺭﻳــﺪ ﺃﻥ ﺃﺫﻛــﺮ ﻟــﻚ ﺭﺷـ ً
ﻭﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ،ﻓﺈ ّﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻟﻮﺍﺡ ﻻ ﺗﻜﻔﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﺼﻞ ٕﺍﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬـﺎ ،ﻭ ٕﺍﻧّـﻲ ـﺐ ﻧ ــﺴﻴﻢ ﺍﻟﺮﺣﻤ ــﺔ ،ﻭﺗﻠ ــﺒﺲ ﺷ ــﺠﺮﺓ ﺍﻟﻮﺟ ــﻮﺩ ﺁﻣ ــﻞ ٕﺍﻥ ﺷ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﺃﻥ ﻳﻬـ ـ ّ
ﻻﻟﻬـﻲ ،ﺣﺘّـﻰ ﻧﻬﺘـﺪﻱ ٕﺍﻟـﻰ ﺃﺳـﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤـﺔ ﺧﻠﻌﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣـﻦ ﺍﻟ ّﺮﺑﻴـﻊ ﺍ ٕ
ـﻞ ﺷ ــﻲء .ﻭ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻟ ــﻢ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّ ــﺔ ،ﻭﻧ ــﺴﺘﻐﻨﻲ ﺑﻌﻨﺎﻳﺘ ــﻪ ﻋ ــﻦ ﻋﺮﻓ ــﺎﻥ ﻛ ـ ّ ـﻴﻼ ﻟﻴــﺴﻮﺍ ﻣﻌــﺮﻭﻓﻴﻦ ﺑــﻴﻦ ـﺪﺩﺍ ﻗﻠـ ً ـﺎﺋﺰﺍ ﺑﻬــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ٕﺍ ّ ﻻ ﻋـ ً ﻧــﺸﺎﻫﺪ ﺃﺣـ ًـﺪﺍ ﻓـ ً
ﺍﻟﻨّﺎﺱ .ﻓﻠﻨﻨﺘﻈﺮ ﻣﺎ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﻪ ﻗﻀﺎء ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ﺳـﺮﺍﺩﻕ
ﻻﻣـ ــﻀﺎء ﻛـ ــﺬﻟﻚ ﻟﻜـ ــﻢ ﻣـ ــﻦ ﺑـ ــﺪﺍﺋﻊ ﺃﻣـ ــﺮ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻧﻠﻘـ ــﻲ ﻋﻠـ ــﻴﻜﻢ ﻣـ ــﻦ ﺍ ٕ ﻧﻐﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﻟﻌﻠّﻜﻢ
١٠٨
ﺑﻤﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺗﺼﻠﻮﻥ ،ﻭﻣﻦ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺗﺮﺯﻗﻮﻥ ٕﺍﺫًﺍ ﻓــﺎﻋﻠﻢ ﻋﻠــﻢ ﺍﻟﻴﻘــﻴﻦ ﺑــﺄ ﻥ ﺷــﻤﻮﺱ ﺍﻟﻌﻈﻤــﺔ ﻫــﺆﻻءٕ ،ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻧــﻮﺍ
ﺟﺎﻟــﺴﻴﻦ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﺘّــﺮﺍﺏ ،ﻓــﺈﻧّﻬﻢ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻣــﺴﺘﻘ ّﺮﻭﻥ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻌــﺮﺵ
ﺍﻻٔﻋﻈﻢ ﻭ ٕﺍﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻓﻠﺲ ﻭﺍﺣـﺪ ﻓـﺈﻧّﻬﻢ ﻳﻜﻮﻧـﻮﻥ ﻃـﺎﺋﺮﻳﻦ ﻓـﻲ
ﺃﻋﻠــﻰ ﻣــﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﻐﻨــﻰ .ﻭ ٕﺍﻥ ﻳﻜﻮﻧــﻮﺍ ﻣﺒﺘﻠــﻴﻦ ﺗﺤــﺖ ﻳــﺪ ﺍﻻٔﻋــﺪﺍء ﻓــﺈﻧّﻬﻢ
ﻳﻜﻮﻧــﻮﻥ ﺳــﺎﻛﻨﻴﻦ ﻋﻠــﻰ ﻳﻤــﻴﻦ ﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ .ﻭ ٕﺍﻥ ﻳﻜﻮﻧــﻮﺍ ﻓــﻲ ﻛﻤــﺎﻝ
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ ،ﻓــﺈﻧّﻬﻢ ﻳﻜﻮﻧــﻮﻥ ﺟﺎﻟــﺴﻴﻦ ﻭﻣﺘّﻜﺌــﻴﻦ ﻋﻠــﻰ ﻋــﺮﺵ ﺍﻟﻌـ ّـﺰﺓ ﺍﻟﺬﻟّـﺔ ّ ّ
ﺎﻫﺮﻱ ،ﻓـﺈﻧّﻬﻢ ﻳﻜﻮﻧــﻮﻥ ﺍﻟﻈـ ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ .ﻭ ٕﺍﻥ ﻳﻜﻮﻧـﻮﺍ ﻓـﻲ ﻧﻬﺎﻳـﺔ ﺍﻟﻌﺠـﺰ ّ ﺍﻟ ّ ّ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺭ ﻗﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ّ ّ
ﺑﻨــﺎًء ﻋﻠــﻰ ﻫــﺬﺍ ﺟﻠــﺲ ﻋﻴــﺴﻰ ﺍﺑــﻦ ﻣــﺮﻳﻢ ﻳﻮ ًﻣــﺎ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻳّ ـﺎﻡ ﻋﻠــﻰ
ﻛﺮﺳــﻲ ،ﻭﻧﻄــﻖ ﺑﺒﻴﺎﻧــﺎﺕ ﻣــﻦ ﻧﻐﻤــﺎﺕ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘــﺪﺱ ،ﻣــﻀﻤﻮﻧﻬﺎ :ﺃﻳّﻬــﺎ ّ ﺍﻟﻨّــﺎﺱٕ ،ﺍ ّﻥ ﻏــﺬﺍﺋﻲ ﻫــﻮ ﻣــﻦ ﻧﺒــﺎﺕ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺍ ُ ﺳـ ـﺪ ﺑــﻪ ﺍﻟﺠــﻮﻉ ،ﻭﻓﺮﺍﺷــﻲ
ﺳﻄﺢ ﺍﻟﻐﺒﺮﺍء ﻭﺳﺮﺍﺟﻲ ﻓـﻲ ﺍﻟﻠّﻴـﺎﻟﻲ ﺿـﻴﺎء ﺍﻟﻘﻤـﺮ ،ﻭﺭﻛـﻮﺑﺘﻲ ﺃﻗـﺪﺍﻣﻲ، ـﺴﻤﺎ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ٕﺍ ﻥ ﻣﺎﺋــﺔ ﺃﻟــﻒ ﻧــﻮﻉ ﻓﻤــﻦ ﺃﻏﻨــﻰ ﻣﻨــﻲ ﻋﻠــﻰ ﻭﺟــﻪ ﺍﻟﺒــﺴﻴﻄﺔ؟ ﻗـ ً
ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﺜّ ـ ـﺮﻭﺓ ﻭﺍﻟﻐﻨـ ــﻰ ﻃـ ــﺎﺋﻒ ﺣـ ــﻮﻝ ﻫـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘـ ــﺮ ،ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻣﺎﺋـ ــﺔ ﺃﻟـ ــﻒ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﺬﻟّﺔ. ﺍﻟﻌﺰﺓ ﻃﺎﻟﺐ ﻟﻬﺬﻩ ّ ﻣﻠﻜﻮﺕ ّ
١٠٩
ﻭﻟــﻮ ﺗﻔــﻮﺯ ﺑﺮﺷــﺢ ﻣــﻦ ﺑﺤــﺮ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌــﺎﻧﻲ ﻟﺘﻨﻘﻄــﻊ ﻋــﻦ ﻋــﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻠــﻚ ﺍﻟﻮﻫﺎﺝ ﺍﻟﺴﺮﺍﺝ ّ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ،ﻭﺗﻔﺪﻯ ﺑﺮﻭﺣﻚ ﻛﺎﻟﻔﺮﺍﺵ ﺣﻮﻝ ّ
ـﺼﺎ ﻣ ــﻦ ـﺼﺎﺩﻕ ﻣ ــﻦ ﺃ ﻥ ﺷﺨ ـ ً ﻭﻣﺜ ــﻞ ﻫ ــﺬﺍ ﻗ ــﺪ ﺭﻭﻯ ﻋ ــﻦ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﺍﻟ ـ ّ
ﺍﻻٔﺻ ــﺤﺎﺏ ﺍﺷ ــﺘﻜﻰ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻔﻘ ــﺮ ﻟ ــﺪﻯ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ﺫﺍﺕ ﻳ ــﻮﻡ ،ﻓﻘ ــﺎﻝ ﻟ ــﻪ
ـﺪﻱ – ٕﺍﻧّـ ـﻚ ﻏﻨ ــﻲ ﻭﺷ ــﺮﺑﺖ ﻣ ــﻦ ﺷ ــﺮﺍﺏ ﺍﻟﻐِ َﻨ ــﻰ. ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠﻤ ــﺎﻝ ﺍﻻٔﺑ ـ ّ ّ ﻓﺘﺤﻴّـﺮ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻔﻘﻴــﺮ ﻣــﻦ ﺑﻴــﺎﻥ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻮﺟــﻪ ﺍﻟﻤﻨﻴــﺮ .ﻭﻗــﺎﻝ ﻛﻴــﻒ ﺃﻛــﻮﻥ
ﻏﻨﻴـﺎ ﻭﺃﻧــﺎ ﻣﺤﺘــﺎﺝ ٕﺍﻟــﻰ ﺩﺭﻫــﻢ؟ ﻓﻘــﺎﻝ ﻟــﻪ ﺣــﻀﺮﺗﻪ – ﺃﻭ ﻟﻴــﺴﺖ ﻣﺤﺒّﺘﻨــﺎ ﻓ ــﻲ ﻗﻠﺒ ــﻚ؟ ﻓﺄﺟ ــﺎﺏ ﺑﻠ ــﻰ ﻳ ــﺎ ﺍﺑ ــﻦ ﺭﺳ ــﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟ .ﻓﻘ ــﺎﻝ ﻟ ــﻪ ﻫ ــﻞ ﺗﺒﻴﻌﻬ ــﺎ
ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﺧﻠـﻖ ﻓﻴﻬـﺎ -ﻓﻘـﺎﻝ ﺑﺄﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ؟ ﻓﺄﺟﺎﺏ ،ﺃﻧﻲ ﻻ ﺃﺳﺘﺒﺪﻟﻬﺎ ّ
ﺣﻀﺮﺗﻪ :ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻘﻴ ًﺮﺍ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﺍﻟّﺬﻱ ﻻ ﻳﺮﺿﻰ ﻼ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺪﻳ ً
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﻭﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ،ﻭﻣــﺎ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘــﺮ ﻭﺍﻟﻐِ َﻨــﻰ ﻭﻫــﺬﻩ ّ ﺍﻟﺬﻟّـﺔ ﻭﺍﻟﻌـ ّـﺰﺓ ،ﻭﺍﻟـ ّ
ﻣﻤ ــﺎ ﻫ ــﻮ ﻣﻌﺘﺒ ــﺮ ﻋﻨ ــﺪ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻬﻤ ــﺞ ﺍﻟ ّﺮﻋ ــﺎﻉٕ ،ﺍﻧّـ ـﻪ ﻟ ــﻴﺲ ﺷ ــﻴﺎ ﺩﻭﻧﻬ ــﺎ ّ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝَ ﴿ :ﻳﺎ ﺍﻳَ ﻬﺎ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺍﻧ ُﺘ ُﻢ ﺍ ْﻟ ُﻔ َﻘـ َﺮﺍء ﻣﺬﻛﻮ ًﺭﺍ ﻟﺪﻯ ﺗﻠﻚ ّ
ﻴﺪ﴾)ٕ (١ﺍﺫًﺍ ﺍ َﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪِ َﻭﺍﻟﻠُ ﻪ ُﻫ َﻮ ﺍ ْﻟ َﻐﻨ ْﺤ ِﻤ ُ ِﻲ ﺍﻟ َ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻓﺎﻃﺮ.
١١٠
ﻋﻤﺎ ﺳـﻮﻯ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻣـﻦ ﺍﻟﻔﻘـﺮ ﻫـﻮ ﺍﻟﻔﻘـﺮ ﻓﺎﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻐِ َﻨﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﻐِ َﻨﻰ ّ
ٕﺍﻟﻰ ﺍﻪﻠﻟ
ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﺍﻧﻈــﺮ ﻭﺗﺄﻣــﻞ ،ﻛﻴــﻒ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻴﻬــﻮﺩ ﻗــﺪ ﺃﺣــﺎﻃﻮﺍ ﺑﻌﻴــﺴﻰ ﺍﺑــﻦ
ﻻﻗﺮﺍﺭ ﺑﻤﺎ ﺃ ّﺩﻋﻰ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻤـﺴﻴﺢ ﻣﺮﻳﻢ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ،ﻭﻃﻠﺒﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﺍ ٕ
ﻭﺍﻟﻨّﺒ ـ ــﻲ ،ﻟﻴﺤﻜﻤ ـ ــﻮﺍ ﻋﻠﻴ ـ ــﻪ ﺑ ـ ــﺎﻟﻜﻔﺮ ﻭﻳﻨﻔ ـ ـ ّـﺬﻭﺍ ﻓﻴ ـ ــﻪ ﺣ ـ ــﺪ ﺍﻟﻘﺘـ ــﻞ ،ﺣﺘّـ ــﻰ ّ ﺃﺣﻀﺮﻭﺍ ﺷﻤﺲ ﺳـﻤﺎء ﺍﻟﻤﻌـﺎﻧﻲ ﻓـﻲ ﻣﺠﻠـﺲ ﺑـﻴﻼﻃﺲ ﺑﺤـﻀﻮﺭ ﻗﻴﺎﻓـﺎ
ﺍﻟّـ ـ ــﺬﻱ ﻛـ ـ ــﺎﻥ ﺃﻋﻈـ ـ ــﻢ ﻋﻠﻤـ ـ ــﺎء ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻌـ ـ ــﺼﺮ .ﻭﺃﺣـ ـ ــﻀﺮﻭﺍ ﻓـ ـ ــﻲ ﺫﻟـ ـ ــﻚ ـﻀﺎ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤــﺎء ،ﻭﺍﺟﺘﻤــﻊ ﻛــﺬﻟﻚ ﺟﻤــﻊ ﻛﺒﻴــﺮ ﺑﻘــﺼﺪ ﺍﻟﻤﺠﻠــﺲ ﺃﻳـ ً
ﺍﻟﺘّﻔ ـ ـ ّﺮﺝ ﻋﻠﻴ ـ ــﻪ ﻭﺍﻻﺳ ـ ــﺘﻬﺰﺍء ﺑ ـ ــﻪ ﻭ ٕﺍﻳ ـ ــﺬﺍء ﺣ ـ ــﻀﺮﺗﻪ .ﻭﺣ ـ ــﺪﺙ ﺃﻧـ ــﻪ ﻛﻠّﻤ ـ ــﺎ ﺍﺳﺘﻔﺴﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻟﻌﻠّﻬﻢ ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ ﻣﻨﻪ ٕﺍﻗﺮﺍ ًﺭﺍ ،ﻛﺎﻥ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻳﺨﺘـﺎﺭ
ﺃﺑﺪﺍ ٕﺍﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﺎﻡ ﻣﻠﻌﻮﻥ ﻭﺟـﺎء ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ،ﻭﻣﺎ ﺗﻌ ّﺮﺽ ﻟﻠﺠﻮﺍﺏ ﻋﻠﻴﻬﻢ ً ّ
ﻼ :ﺃﻭ ﻟ ــﻢ ﺗﻘ ــﻞ ٕﺍﻧّــﻲ ﻣ ــﺴﻴﺢ ﺍﻪﻠﻟ؟ ﻭ ٕﺍﻧّــﻲ ﻓ ــﻲ ﻣﻘﺎﺑ ــﻞ ﻭﺟﻬ ــﻪ ﻭﺣﻠّﻔ ــﻪ ﻗ ــﺎﺋ ً
ﺍﻟﺴﺒﺖ؟ ﻓﺮﻓـﻊ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ؟ ﻭ ٕﺍﻧّﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎﺏ ﻭ ٕﺍﻧّﻲ ﻣﺨ ّﺮﺏ ﻳﻮﻡ ّ
ﻻﻧ ــﺴﺎﻥ ﻗ ــﺪ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ﺭﺃﺳ ــﻪ ﺍﻟﻤﺒ ــﺎﺭ ﻙ ﻭﺃﺟ ــﺎﺏ :ﺃﻣ ــﺎ ﺗ ــﺮﻯ ﺑ ــﺄ ﻥ ﺍﺑ ــﻦ ﺍ ٕ
ـﺴﺎ ﺟﻠﺲ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﻘـ ّﻮﺓ ،ﻳﻌﻨـﻲ ﺃﻣـﺎ ﺗـﺮﻯ ﺍﺑـﻦ ﺍ ٕ ﻻﻧـﺴﺎﻥ ﺟﺎﻟ ً
ﺍﻟﻈ ـﺎﻫﺮ ﻟــﻢ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ .ﻭﺍﻟﺤــﺎﻝ ﺃﻧــﻪ ﺑﺤــﺴﺐ ّ ﻋــﻦ ﻳﻤــﻴﻦ ﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﻘ ـ ّﻮﺓ ﺍ ٕ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻟﺪﻯ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻳﻜﻦ ً
١١١
ﻻ ﺍﻟﻘـﺪﺭﺓ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴّـﺔ ﺍﻟّﺘـﻲ ﻗـﺪ ﺃﺣﺎﻃـﺖ ﺷﻲء ً ﺃﺑﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻘـﺪﺭﺓ ٕﺍ ّ ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ .ﻭﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻣ ــﺎﺫﺍ ﺃﺫﻛ ــﺮ ﺑﻌ ــﺪ ﻫ ــﺬﺍ ﺑﻜ ـ ّ ـﻞ ﻣ ــﻦ ﻓ ــﻲ ﺍﻟ ـ ّ
ـﺼﺪﻭﺍ ﻣﻤــﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠــﻰ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ،ﻭﻣــﺎﺫﺍ ﺻــﻨﻌﻮﺍ ﻣﻌــﻪ ٕﺍﻟــﻰ ﺃﻥ ﺗـ ّ ﺍﻟﻘــﻮﻝّ ، ﻻﻳﺬﺍء ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻭﻗﺘﻠﻪ ﺣﺘّﻰ ﻓ ّﺮ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ؟ ﺃﺧﻴ ًﺮﺍ ٕ
ﻭﻛ ـﺬﻟﻚ ﻣــﺬﻛﻮﺭ ﻓــﻲ ﺍﻧﺠﻴــﻞ ﻟﻮﻗــﺎ ﺑــﺄ ﻥ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﻣ ـ ّﺮ ﻓــﻲ ﻳــﻮﻡ ﺁﺧــﺮ
ﻋﻠ ــﻰ ﺃﺣ ــﺪ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻴﻬ ــﻮﺩ ﻛـ ــﺎﻥ ﻣﺒﺘﻠ ــﻰ ﺑﻤـ ــﺮﺽ ﺍﻟﻔ ــﺎﻟﺞ ،ﻭﺭﺍﻗ ـ ًـﺪﺍ ﻋﻠـ ــﻰ
ـﻮﺩﻱ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ﻋﺮﻓ ــﻪ ﺑ ــﺎﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﻭﺍﺳ ــﺘﻐﺎﺙ ﺑ ــﻪ. ـﺴﺮﻳﺮ .ﻓﻠﻤ ــﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻴﻬ ـ ﺍﻟ ـ ّ ّ
ﻼ – ﻗــﻢ ﻋــﻦ ﺳــﺮﻳﺮ ﻙ ﻓﺈﻧّــﻚ ﻣﻐﻔــﻮﺭﺓ ﺧﻄﺎﻳــﺎ ﻙ – ﻓﺄﺟــﺎﺏ ﻋﻴــﺴﻰ ﻗــﺎﺋ ً ﻓ ــﺎﻋﺘﺮﺽ ﺑﻌ ــﺾ ﺍﻟﻴﻬ ــﻮﺩ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﺣﺎﺿ ــﺮﻳﻦ ﻓ ــﻲ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻤﻜ ــﺎﻥ
ﻻ ﺍﻪﻠﻟ؟ ﻓﺎﻟﺘﻔـﺖ ﺍﻟﻤـﺴﻴﺢ ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻻٔﺣـﺪ ﺃﻥ ﻳﻐﻔـﺮ ﺍﻟﺨﻄﺎﻳـﺎ ٕﺍ ّ
ٕﺍﻟﻴﻬﻢ ﻭﻗﺎﻝ :ﺃﻳّﻤﺎ ﺃﺳﻬﻞ ﺃﻥ ﺃﻗـﻮﻝ ﻟـﻪ ﻗـﻢ ﻓﺎﺣﻤـﻞ ﺳـﺮﻳﺮ ﻙ ﺃﻡ ﺃﻗـﻮﻝ ﻟـﻪ
ﻻﻧــﺴﺎﻥ ﺳــﻠﻄﺎ ًﻧﺎ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻣﻐﻔــﻮﺭﺓ ﺧﻄﺎﻳــﺎ ﻙ ﻟﺘﻌﻠﻤــﻮﺍ ﺑــﺄ ﻥ ﻻﺑــﻦ ﺍ ٕ
ﻟﻤﻐﻔـ ـ ــﺮﺓ ﺍﻟﺨﻄﺎﻳـ ـ ــﺎ– .ﺃﻱ ﺃ ﻥ ﺣـ ـ ــﻀﺮﺗﻪ ﻟﻤـ ـ ــﺎ ﺃﻥ ﻗـ ـ ــﺎﻝ ﻟـ ـ ــﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌـ ـ ــﺎﺟﺰ
ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﻗـﻢ ﺣ ﻘـﺎ ﻗـﺪ ﻏﻔـﺮﺕ ﺧﻄﺎﻳـﺎ ﻙ ،ﺍﻋﺘـﺮﺽ ﺟﻤـﻊ ﻣـﻦ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ
ﻗـ ــﺎﺋﻠﻴﻦ ﻫـ ــﻞ ﻳﻘـ ــﺪﺭ ﺃﺣـ ــﺪ ﺃﻥ ﻳﻐﻔـ ــﺮ ﻟﻠﻌﺒـ ــﺎﺩ ﻏﻴـ ــﺮ ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟﻐﺎﻟـ ــﺐ ﺍﻟﻘـ ــﺎﺩﺭ؟
ﻓﺎﻟﺘﻔ ـ ــﺖ ﺣ ـ ــﻀﺮﺗﻪ ٕﺍﻟ ـ ــﻴﻬﻢ ﻭﻗ ـ ــﺎﻝ :ﺃﻳﻤ ـ ــﺎ ﺃﺳ ـ ــﻬﻞ ﻋﻨ ـ ــﺪﻛﻢ ﺃﺃﻗ ـ ــﻮﻝ ﻟﻬ ـ ــﺬﺍ
ﺍﻟﻤﻔﻠﻮﺝ
١١٢
ـﺶ ﺃﻡ ﺃﻗ ــﻮﻝ ﻟ ــﻪ ﻣﻐﻔ ــﻮﺭﺓ ﺧﻄﺎﻳ ــﺎ ﻙ ﻟﺘﻌﻠﻤ ــﻮﺍ ﺃ ﻥ ﻻﺑ ــﻦ ﺍﻟﻌ ــﺎﺟﺰ ﻗ ــﻢ ﻭﺍﻣ ـ ِ
ﻻﻧــﺴﺎﻥ ﺳــﻠﻄﺎ ًﻧﺎ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻟﻐﻔــﺮﺍﻥ ﺫﻧــﻮﺏ ﺍﻟﻤــﺬﻧﺒﻴﻦ .ﻫــﺬﻩ ﻫــﻲ ﺍ ٕ
ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻗﺘﺪﺍﺭ ﺃﻭﻟﻴﺎء ﺍﻪﻠﻟ ّ
ـﻞ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘّﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟّﺘﻲ ﺗﻜ ّﺮﺭ ﺫﻛﺮﻫـﺎ ﻓـﻲ ﻛ ّ ٕﺍ ّﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ّ
ـﻞ ﻣﻘــﺎﻡ ﻭﻣﻜــﺎﻥ ،ﻫــﻮ ّ ﻟﺘﻄﻠــﻊ ﻋﻠــﻰ ﺗﻠﻮﻳﺤــﺎﺕ ﻛﻠﻤــﺎﺕ ﺃﺻــﻔﻴﺎء ﺍﻪﻠﻟ .ﻟﻌـ
ـﺰﻝ ،ﻭﺍﻟﻘﻠ ــﺐ ﻻ ﻳ ــﻀﻄﺮﺏ ﻣ ــﻦ ﺑﻌ ــﺾ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﻧ ــﺴﻴﺮ ﺍﻟﻘ ــﺪﻡ ﻻ ﻳ ـ ّ ـﺴﻴﻢ ﺍﻟ ّﺮﺿــﺎ ﻋﻠــﻰ ﺻــﺮﺍﻁ ﺣـ ّـﻖ ﻳﻘــﻴﻦ ﺑﻘــﺪﻡ ﺍﻟﻴﻘــﻴﻦ ،ﻟﻌـ ـﻞ ﻳﻬــﺐ ﻋﻠﻴﻨــﺎ ﻧـ ُ
ﻻﻟﻬــﻲ .ﻭﻳﻮﺻــﻠﻨﺎ ﻧﺤــﻦ ﺍﻟﻔــﺎﻧﻴﻦ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻤﻠﻜــﻮﺕ ﻣــﻦ ﺭﻳــﺎﺽ ﺍﻟ َﻘ ُﺒــﻮﻝ ﺍ ٕ ّ ﻣﻤـﺎ ﻭﺭﺩ ﺫﻛـﺮﻩ ﻓـﻲ ﺍ ٔ ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬـﺎّ ، ﺑﺪﻱ ﻭﻟﺘﻜﻮﻥ ﻋﺎﺭ ًﻓﺎ ﺑﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟ ّ ﻻ ّ ﺍﻻٔﺧﺒﺎﺭ ﻭﺍﻻٓﻳﺎﺕ
ﻭﺯﻳــﺎﺩﺓ ﻋﻠــﻰ ﺫﻟــﻚ ،ﻓﻠــﻴﻜﻦ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠــﻮﻡ ﺍﻟﻤﺤ ّﻘــﻖ ﻟﺠﻨﺎﺑــﻚ ﺃ ﻥ
ـﺴﻚ ﺑــﻪ ﺍﻟﻴﻬــﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨّــﺼﺎﺭﻯ ﻭﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺘﺮﺿــﻮﻥ ﺑــﻪ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ﻣــﺎ ﺗﻤـ ّ
ـﺪﻱ ﻫ ــﻮ ﺑﻌﻴﻨ ــﻪ ﻣ ــﺎ ﻗ ــﺪ ﺗ ــﺸﺒّﺚ ﺑ ــﻪ ﺃﺻ ــﺤﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﻗ ــﺎﻥ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﺣﻤ ـ ّ
ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ،ﻭﻳﻌﺘﺮﺿﻮﻥ ﺑﻪ ﻋﻠـﻰ ﻧﻘﻄـﺔ ﺍﻟﺒﻴـﺎﻥ ﺭﻭﺡ ﻣـﻦ ﻓـﻲ ﻣﻠﻜـﻮﺕ ﺍﻻٔﻣـﺮ ّ
ﻓﺪﺍﻩ .ﻓﺎﻧﻈﺮ ٕﺍﻟﻰ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻐـﺎﻓﻠﻴﻦ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟـﻮﻥ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ﻣـﺎ ﻗﺎﻟـﻪ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ
ﻗﺒﻞ ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ. ﻧﺰﻝ ﻣﻦ ُ َ ﻓﻨﻌﻢ ﻣﺎ ّ
١١٣
)(١ ﻓــﻲ ﺷــﺄﻧﻬﻢ ﴿ َﺫ ْﺭ ُﻫـ ْـﻢ ﻓِ ــﻲ َﺧ ْﻮ ِ ـﻀﺎ ﴿ َﻟ َﻌ ْﻤ ـ ُﺮ َﻙ ﺿـ ِـﻬ ْﻢ َﻳ ْﻠ َﻌ ُﺒـ َ ـﻮﻥ﴾ .ﻭﺃﻳـ ً
ﻮﻥ﴾).(٢ ﺍﻧُ ﻬ ْﻢ َﻟ ِﻔﻲ َﺳ ْ ﻜ َﺮﺗ ِِﻬ ْﻢ َﻳ ْﻌ َﻤ ُﻬ َ
ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّــﺔ ـﺸﻤﺲ ّ ﻭﻟﻤ ـﺎ ﺃﺷــﺮﻕ ﻏﻴــﺐ ﺍﻻٔﺯﻝ ﻭﺳــﺎﺫﺝ ﺍﻟﻬﻮﻳّــﺔ ،ﺍﻟـ ّ ّ
ﻣــﻦ ﺃﻓــﻖ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌــﺎﻧﻲ ﻛــﺎﻥ ﻣــﻦ ﺟﻤﻠــﺔ ﺍﻋﺘﺮﺍﺿــﺎﺕ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﻴﻬــﻮﺩ
ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺒﻌﺚ ﻧﺒﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺳﻰ :ﻧﻌـﻢٕ ،ﺍﻧّـﻪ ﻣـﺬﻛﻮﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ﺑﺄﻧـﻪ ﻻ ّ ـﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺑـ ّـﺪ ﺃﻥ ﺗﻈﻬــﺮ ﻃﻠﻌــﺔ ﻟﺘــﺮ ّﻭﺝ ﻣﻠّﺘــﻪ ﻭﻣﺬﻫﺒــﻪ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳﺤــﻴﻂ ﺑﻜـ ّ
ﻻﺣﺪﻳّــﺔ ﺷــﺮﻋﺔ ﺷــﺮﻳﻌﺘﻪ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓــﻲ ﺍﻟﺘّــﻮﺭﺍﺓ .ﻟــﺬﻟﻚ ﻳﻨﻄــﻖ ﺳــﻠﻄﺎﻥ ﺍ ٔ ـﻀﻼﻟﺔ ﺑﻘﻮﻟ ـ ــﻪ: ـﺴﺎﻛﻨﻴﻦ ﻓ ـ ــﻲ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﺒﻌ ـ ــﺪ ﻭﺍﻟ ـ ـ ّ ﻋ ـ ــﻦ ﻟ ـ ــﺴﺎﻥ ﺃﻭﻟﺌ ـ ــﻚ ﺍﻟ ـ ـ ّ
﴿ َﻭ َﻗﺎ َﻟ ـ ِ ـﻞ ـﺖ ﺍ ْ ﻳ ـ ِـﺪ ِ ﻳﻬ ْﻢ َﻭ ُﻟﻌِ ُﻨ ــﻮ ْﺍ ِﺑ َﻤ ــﺎ َﻗ ــﺎ ُﻟﻮ ْﺍ َﺑ ـ ْ ـﺖ ﺍ ْﻟ َﻴ ُﻬ ــﻮ ُﺩ َﻳ ـ ُـﺪ ﺍﻪﻠﻟِ َﻣ ْﻐ ُﻠﻮ َﻟ ـ ٌﺔ ُﻏﻠ ـ ْ
ﻮﻃ َﺘ ِ ﺎﻥ﴾) (٣ﺃﻱ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻴﻬ ــﻮﺩ ﻗﺎﻟ ــﺖ ﺃ ﻥ ﻳ ــﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﻣﻐﻠﻮﻟ ــﺔ ﻏﻠّـ ـﺖ ـﺴ َ َﻳ ـ َـﺪﺍ ُﻩ َﻣ ْﺒ ـ ُ
ﺃﻳــﺪﻳﻬﻢ ﻭﻟﻌﻨــﻮﺍ ﺑﻤــﺎ ﺍﻓﺘــﺮﻭﺍ ﺑــﻞ ٕﺍ ﻥ ﺃﻳــﺎﺩﻱ ﻗﺪﺭﺗــﻪ ﻣﺒــﺴﻮﻃﺘﺎﻥ ﻭﻣﻬﻴﻤﻨﺘــﺎﻥ
ﻳﻬ ْﻢ﴾) (٤ ﺃﺑﺪﺍ ﴿ َﻳ ُﺪ ﺍﻟﻠﻪِ َﻓ ْﻮ َﻕ ﺍ ْ ﻳ ِﺪ ِ ﺩﺍﺋﻤﺎ ً ً
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻌﺎﻡ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺮ.
) (٣ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ. ) (٤ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺘﺢ.
١١٤
ﻭﻟــﻮ ﺃ ﻥ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﺘّﻔــﺴﻴﺮ ﻗــﺪ ﺍﺧﺘﻠﻔــﻮﺍ ﻓــﻲ ﺷــﺮﺡ ﺃﺳــﺒﺎﺏ ﻧــﺰﻭﻝ ﻫــﺬﻩ
ـﻨﺺ ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻻٓﻳـﺔ ﺍﻻٓﻳﺔٕ ،ﺍ ّ ﻻ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻨﻈـﺮ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟﻤﻘـﺼﻮﺩ ﺍﻟّـﺬﻱ ﺗ ّ ﺍﻟﻄﻠﻌــﺔ ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﻲ ﻗــﺪ ﺧﻠــﻖ ّ ﻻ ٕﺍﻟــﻰ ﻣــﺎ ﺗﺨﻴّﻠــﻪ ﺍﻟﻴﻬــﻮﺩ ﻣــﻦ ﺃ ﻥ ﺍﻟـ ّ ّ ﺍﻟﻤﻮﺳ ـ ــﻮﻳّﺔ ،ﻭﺧﻠ ـ ــﻊ ﻋﻠﻴ ـ ــﻪ ﺛ ـ ــﻮﺏ ﺍﻟ ّﺮﺳ ـ ــﺎﻟﺔ ،ﻭﺑﻌ ـ ــﺪﻫﺎ ﺃﺻ ـ ــﺒﺤﺖ ﻳ ـ ــﺪﺍﻩ
ﻣﻐﻠــﻮﻟﺘﻴﻦ ﻭﻏﻴــﺮ ﻗــﺎﺩﺭ ﻋﻠ ـﻰ ٕﺍﺭﺳــﺎﻝ ﺭﺳــﻮﻝ ﺑﻌــﺪ ﻣﻮﺳــﻰ .ﻭﺍﻟﺘﻔــﺖ ٕﺍﻟــﻰ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻘ ــﻮﻝ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻻ ﻣﻌﻨ ــﻰ ﻟ ــﻪ ،ﻭﻛ ــﻢ ﻫ ــﻮ ﺑﻌﻴ ــﺪ ﻋ ــﻦ ﺷ ــﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓ ـ ــﺔ .ﻭﺍﻧﻈ ـ ــﺮ ﺍﻟﻴ ـ ــﻮﻡ ﻛﻴ ـ ــﻒ ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﻫ ـ ــﺆﻻء ﺍﻟﻨّ ـ ــﺎﺱ ﻳ ـ ــﺸﺘﻐﻠﻮﻥ
ﻻﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﺰﺧﺮﻓﺔ ،ﻭﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺑﺄﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍ ٔ
ﻭﻫﻢ ﻳﺮ ّﺩﺩﻭﻥ ﺗﻼﻭﺗﻬﺎ ،ﻭﻳﻌﺘﺮﺿﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻣـﻦ ﺣﻴـﺚ ﻻ ﻳـﺸﻌﺮﻭﻥ.
ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺘﻔﺘﻮﺍ ﻭﻣﺎ ﺃﺩﺭﻛﻮﺍ ﺑﺄ ﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻧﻪ ﺳ ﺮﺍ ﻭﺟﻬ ًﺮﺍ ﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻪ
ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭﺍﺕ ﻗــﺪ ﺍﻟﻴﻬــﻮﺩ .ﻛﻤــﺎ ﺳــﻤﻌﺖ ﻛﻴــﻒ ﺃﻧﻬــﻢ ﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ٕﺍ ﻥ ﺟﻤﻴــﻊ ّ ـﺴﺪﺕ .ﻓــﻼ ﺗﻄﻠــﻊ ﺑﻌــﺪ ﺫﻟــﻚ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﻗــﺪ ﺍﻧـ ّ ﺍﻧﺘﻬــﺖ ،ﻭﺃﺑــﻮﺍﺏ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤــﺔ ﺍ ٕ
ﺷ ــﻤﺲ ﻣ ــﻦ ﻣ ــﺸﺎﺭﻕ ﺍﻟﻘ ــﺪﺱ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّ ــﺔ ،ﻭﻻ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﺃﻣ ــﻮﺍﺝ ﻣ ــﻦ ﺑﺤ ــﺮ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ ،ﻭﻻ ﻳ ـ ــﺄﺗﻲ ﻫﻴﻜ ـ ــﻞ ﻣ ـ ــﺸﻬﻮﺩ ﻣ ـ ــﻦ ﺧﻴ ـ ــﺎﻡ ﺍﻟﻐﻴ ـ ــﺐ ﺍﻟﻘـ ـ ـﺪﻡ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﺍﻟﺮﺑّﺎﻧﻲ .ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺒﻠﻎ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻬﻤـﺞ ﺍﻟ ّﺮﻋـﺎﻉ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﺍﻋﺘﻘـﺪﻭﺍ ّ ﺑﺠ ــﻮﺍﺯ ﺍﻧﻘﻄ ــﺎﻉ ﺍﻟﻔ ــﻴﺾ ﺍﻟﻜﻠّ ــﻲ ﻭﺍﻟ ّﺮﺣﻤ ــﺔ ﺍﻟﻤﻨﺒ ــﺴﻄﺔ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻻ ّ ﻱ ﻋﻘـ ــﻞ ﺃﻭ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺃ ﻥ ﻳـ ــﺴﻠّﻢ ﺑﺎﻧﻘﻄﺎﻋـ ــﻪ .ﻭﻗـ ــﺪ ﻗـ ــﺎﻣﻮﺍ ﻋﻠـ ــﻰ ﻳﺠـ ــﻮﺯ ﻻٔ ّ
ﻛﻞ ﺍﻟﻨّﻮﺍﺣﻲ ّ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻣﻦ ّ
١١٥
ﺍﻟﻈﻨــﻮﻥ، ﻭﺍﻻٔﻃــﺮﺍﻑ .ﻭﺑــﺬﻟﻮﺍ ـﺴﺪﺭﺓ ﺑﺄﺟــﺎﺝ ﻣــﺎء ّ ﺍﻟﻬﻤـﺔ ٕ ﻻﺧﻤــﺎﺩ ﻧــﺎﺭ ﺍﻟـ ّ ّ
ﻭﻏﻔﻠ ــﻮﺍ ﻋ ــﻦ ﺃ ﻥ ﺯﺟ ــﺎﺝ ﺍﻟﻘ ــﺪﺭﺓ ﻳﺤﻔ ــﻆ ﺳ ــﺮﺍﺝ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﺣ ــﺼﻦ
ﺣﻔﻈـ ــﻪ .ﻓﻴﻜﻔـ ــﻲ ﻫـ ــﺆﻻء ﺍﻟﻘـ ــﻮﻡ ﺫﻟّ ـ ـﺔ ﺃﻥ ﺑﻘـ ــﻮﺍ ﻣﺤـ ــﺮﻭﻣﻴﻦ ﻋـ ــﻦ ﺃﺻـ ــﻞ
ﺍﻟﻤﻘ ـ ــﺼﻮﺩ .ﻣﺤﺠ ـ ــﻮﺑﻴﻦ ﻋ ـ ــﻦ ﻟﻄﻴﻔ ـ ــﺔ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮ ﻭﺟ ـ ــﻮﻫﺮﻩ .ﻻٔ ﻥ ﻣﻨﺘﻬ ـ ــﻰ
ﻻﻟﻬ ــﻲ ﺍﻟّــﺬﻱ ُﻗ ـ ّـﺪﺭ ﻟﻠﻌﺒ ــﺎﺩ ،ﻫ ــﻮ ﻟﻘ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻋﺮﻓﺎﻧ ــﻪ ﺍﻟّــﺬﻱ ﺑ ــﻪ ﺍﻟﻔ ــﻴﺾ ﺍ ٕ ّ ﺍﻟﻜﻞ ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻧﻬﺎﻳـﺔ ﻓـﻴﺾ ﻓﻴّـﺎﺽ ﺍﻟﻘـﺪﻡ ﻋﻠـﻰ ﻋﺒـﺎﺩﻩ ،ﻭﻛﻤـﺎﻝ ﻭﻋﺪ ّ
ﻣﻤ ــﺎ ﻟ ــﻢ ﻳ ــﺮﺯﻕ ﺑ ــﻪ ﺃﺣ ــﺪ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻔ ــﻀﻞ ﺍﻟﻤﻄﻠ ــﻖ ﻋﻠ ــﻰ ﺧﻠﻘ ــﻪّ ،
ـﺸﺮﺍﻓﺔ ﺍﻟﻜﺒـ ــﺮﻯ .ﻭﻣـ ــﻊ ﺫﻟـ ــﻚ ﺃﻧﻜﺮﻭﻫـ ــﺎ ﺍﻟﻌﺒـ ــﺎﺩ ،ﻭﻻ ﺗـ ــﺸ ّﺮﻑ ﺑﻬﺎﺗـ ــﻪ ﺍﻟـ ـ ّ
ـﺎﺕ ﺍﻟﻠ ــﻪِ ـﺬﻳﻦ َﻛ َﻔـ ـ ُﺮﻭﺍ ِﺑﺂ َﻳ ـ ِ ﻭﻓ ـ ّ ـﺴﺮﻭﻫﺎ ﺣ ــﺴﺐ ﺃﻫ ــﻮﺍﺋﻬﻢ ﻛﻤ ــﺎ ﻳﻘ ــﻮﻝَ ﴿ :ﻭﺍﻟّ ـ َ
ـﻴﻢ﴾).(١ َﻭ ِﻟ َﻘﺎ ِٔــﻪِ ﺍ ْ ﻭ َﻟ ِٔ ـ َ ـﺴﻮﺍ ﻣِ ــﻦ ﺭ ْﺣ َﻤ ِﺘ ــﻲ َﻭﺍ ْ ﻭ َﻟ ِٔ ـ َ ﺍﺏ ﺍ ِ ﻟ ـ ٌ ـﻚ َﻳ ِٔ ـ ُ ـﻚ َﻟ ُﻬ ـ ْـﻢ َﻋ ـ َـﺬ ٌ
ﻼ ُﻗ ـ ــﻮ َﺭﺑِّ ِﻬ ـ ـ ْـﻢ َﻭﺍﻧُ ﻬ ـ ـ ْـﻢ ﺍ َﻟ ْﻴ ـ ــﻪِ ـﻮﻥ ﺍﻧُ ﻬ ـ ــﻢ ﻣ َ ـﺬﻳﻦ َﻳ ُﻈﻨ ـ ـ َ ﻭﻛ ـ ــﺬﻟﻚ ﻳﻘ ـ ــﻮﻝ﴿ :ﺍﻟّ ـ ـ َ
ـﻮﻥ ـﻮﻥ﴾) .(٢ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳﻘــﻮﻝ ﻓــﻲ ﻣﻮﺿـﻊ ﺁﺧــﺮَ ﴿ :ﻗـ َ َﺭ ِ ـﺬﻳﻦ َﻳ ُﻈﻨـ َ ﺍﺟ ُﻌ َ ـﺎﻝ ﺍﻟّـ َ
ﺖ ﻓِ ً ﺔ َﻛﺜِﻴ َﺮ ًﺓ﴾) .(٣ﻭﻓﻲ ﻣﻮﺿـﻊ ﺍﻧُ ﻬﻢ ﻣ َ ﻼ ُﻗﻮﺍ ﺍﻪﻠﻟِ َﻛﻢ ِّﻣﻦ ﻓِ ٍ ﺔ َﻗﻠِﻴ َﻠ ٍﺔ َﻏ َﻠ َﺒ ْ ﺻــﺎﻟِﺤﺎ﴾) (٤ﻭﻓــﻲ ـﺎﻥ َﻳ ْﺮ ُﺟــﻮ ِﻟ َﻘــﺎء َﺭﺑِّــﻪِ َﻓ ْﻠ َﻴ ْﻌ َﻤـ ْ ﺁﺧــﺮَ ﴿ :ﻓ َﻤــﻦ َﻛـ َ ـﻞ َﻋ َﻤــﻼ َ
ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
) (٣ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
) (٤ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ.
١١٦
ﺼ ُﻞ ﺍﻻٓ َﻳ ِ ـﻮﻥ﴾) (١ﻓﺠﻤﻴـﻊ ﴿ ُﻳ َﺪﺑِّ ُﺮ ﺍﻻْ ﻣ َﺮ ُﻳ َﻔ ِّ ﻜﻢ ِﺑ ِﻠ َﻘﺎء َﺭﺑِّ ُ ﺎﺕ َﻟ َﻌﻠُ ﻜ ْـﻢ ُﺗﻮﻗِ ُﻨ َ
ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳـ ــﺎﺕ ﺩﺍﻟّ ـ ـﺔ ﻋﻠـ ــﻰ ﺍﻟﻠّﻘـ ــﺎء ،ﺑﺤﻴـ ــﺚ ﻣـ ــﺎ ﻟـ ــﻮﺣﻆ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟﻜﺘـ ــﺐ
ـﺴﻤﺎﻭﻳّﺔ ﺣﻜ ــﻢ ﺃﺣﻜ ــﻢ ﻣﻨﻬ ــﺎ ﻣ ــﻊ ﺫﻟ ــﻚ ﺃﻧﻜﺮﻭﻫ ــﺎ ﻭﺟﻌﻠ ــﻮﺍ ﺃﻧﻔ ــﺴﻬﻢ ﺍﻟ ـ ّ ﻋﺰ ﺍﻻٔﺑﻬﻰ ﻣﺤﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟ ّﺮﺗﺒﺔ ّ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻻٔ ّ
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻠّﻘﺎء ﻫﻮ ﺗﺠﻠّـﻲ ﺍﻪﻠﻟ ﻓـﻲ ﻳـﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ .ﻭﺍﻟﺤــﺎﻝ ﺃﻧﻬــﻢ ﻟــﻮ ﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ٕﺍ ﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻫــﻮ ﺍﻟﺘّﺠﻠّ ـﻲ ﺍﻟﻌــﺎ ّﻡ، ﻻﺷـﻴﺎء ﻛﻤـﺎ ﻗـﺪ ﺛﺒـﺖ ﻣـﻦ ﻗﺒـﻞ ﺃ ﻥ ـﻞ ﺍ ٔ ﻓﺈ ّﻥ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺘّﺠﻠّـﻲ ﻣﻮﺟـﻮﺩ ﻓـﻲ ﻛ ّ
ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﻲ. ـﻞ ﺍ ٔ ﻛـ ّ ﻻﺷ ــﻴﺎء ﻫ ــﻲ َﻣﺤ ـ ـﻞ ﻭﻣﻈﻬـ ـ ٌﺮ ﻟﺘﺠﻠّـ ـﻲ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟ ـ ّ ّ ﺍﻟﻤﺠﻠّ ـ ـ ـﻲ ﻣﻮﺟ ـ ـ ــﻮﺩﺓ ﻭﻻﺋﺤ ـ ـ ــﺔ ﻓ ـ ـ ــﻲ ﻣﺮﺍﻳ ـ ـ ــﺎ ﻭﺃ ﻥ ﺁﺛ ـ ـ ــﺎﺭ ٕﺍﺷ ـ ـ ــﺮﺍﻕ ﺷ ـ ـ ــﻤﺲ ّ
ﻻﻟﻬـﻲ ﻟﻴـﺸﺎﻫﺪ ﻻﻧـﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺒـﺼﺮ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻮﻱ ﺍ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ .ﺑﻞ ﻟﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﺍ ٕ ّ ٕ ّ ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﻲء ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﻐﻴﺮ ﻇﻬﻮﺭ ﺗﺠﻠّﻲ ﺍﻟ ّ ـﻞ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨـ ـ ــﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗـ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـ ـ ــﻲ .ﺣﻴـ ـ ــﺚ ﺗﻼﺣﻈـ ـ ــﻮﻥ ﺃ ﻥ ﻛـ ـ ـ ّ ّ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ ﻭﺑﺮﻭﺯﻩ ،ﻭﺗﺸﺎﻫﺪﻭﻥ ﺃ ﻥ ﺃﺑـﻮﺍﺏ ﺣﺎﻛﻴﺔ ﻋﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻨّﻮﺭ ّ
ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﻣـﺪﺍﺋﻦ ﺍﻟ ّﺮﺿﻮﺍﻥ ﺍ ﻛﻞ ﺍﻻٔﺷﻴﺎء ﻟﻮﺭﻭﺩ ّ ﻻﻟﻬﻲ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻓﻲ ّ ٕ ّ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ
) (١ﺁﺧﺮ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﻋﺪ.
١١٧
ﻭﺍﻟﺤﻜﻤـ ــﺔ ،ﻭﺩﺧـ ــﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﺻـ ــﻠﻴﻦ ﻓـ ــﻲ ﺣـ ــﺪﺍﺋﻖ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻢ ﻭﺍﻟﻘـ ــﺪﺭﺓ ،ﻛـ ــﻲ ـﻞ ﺣﺪﻳﻘـ ــﺔ ﻋـ ــﺮﺍﺋﺲ ﺍﻟﻤﻌـ ــﺎﻧﻲ ﺟﺎﻟـ ــﺴﺔ ﻓـ ــﻲ ﻏﺮﻓـ ــﺎﺕ ﻳـ ــﺸﺎﻫﺪﻭﺍ ﻓـ ــﻲ ﻛـ ـ ّ
ﺩﺍﻝ ﺍﻟﺰﻳﻨـ ــﺔ ﻭﺍﻟﻠّﻄﺎﻓـ ــﺔٕ .ﺍﺫ ﺃ ﻥ ﺃﻛﺜـ ــﺮ ﺁﻳـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻗـ ــﺎﻥ ّ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ــﺎﺕ ﺑﻨﻬﺎﻳـ ــﺔ ّ
ﻻ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣﺎﻧﻲ ﻭﻣﺸﻌِ ﺮ ﺑﻪ .ﻓﻘﻮﻟـﻪَ ﴿ :ﻭ ﺍﻥ ِّﻣـﻦ َﺷـﻲٍء ﺍ ْ )(١ ـﻞ َﺷـ ــﻲٍء ـﺎﻫﺪ ﻧـ ـ ﺤ ْﻤـ ـ َـﺪﻩِ ﴾ ،ﺷـ ـ ٌ ـﺎﻃﻖ ﺑـ ــﺬﻟﻚ .ﻭﻗﻮﻟـ ــﻪَ ﴿ :ﻭ ُﻛـ ـ ٌ ـﺴﺒِّ ُﺢ ِﺑ َ ُﻳـ ـ َ ْ
ـﺼ ْﻴ َﻨﺎ ُﻩ ﻛِ َﺘﺎﺑ ـ ــﺎ﴾) (٢ﻫ ـ ــﻮ ﺑﺮﻫ ـ ــﺎﻥ ﺻ ـ ــﺎﺩﻕ ﻋﻠﻴ ـ ــﻪ .ﻓ ـ ــﺎﻻٓﻥ ﻟ ـ ــﻮ ﻳﻜ ـ ــﻮﻥ ﺍ ْ ﺣ ـ ـ َ ﺍﻟﻤﻘـ ــﺼﻮﺩ ﻣـ ــﻦ ﻟﻘـ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺘّﺠﻠّﻴـ ــﺎﺕ ﻟﻜـ ــﺎﻥ ﺟﻤﻴـ ــﻊ ﺍﻟﻨّـ ــﺎﺱ ٕﺍﺫًﺍ ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﻋــﺪﻳﻢ ﺍﻟﻤﺜــﺎﻝ ﻭﻻ ﻣــﺸ ّﺮﻓﻴﻦ ﺑﻠﻘــﺎء ﻃﻠﻌــﺔ ﻣــﻦ ﻻ ﻳــﺰﺍﻝ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟـ ّ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎ ﻙ ﺩﺍﻉ ٕﺍﺫًﺍ ﻟﻠﺘّﺨﺼﻴﺺ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ـﺎﺹ ﻛﻤــﺎ ﻋﺒّــﺮ ﺟﻤــﻊ ﻭﻟــﻮ ﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ٕﺍ ﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻫــﻮ ﺍﻟﺘّﺠﻠّ ـﻲ ﺍﻟﺨـ ّ
ـﺼﻮﻓﻴّﺔ ﻋــﻦ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ﺑــﺎﻟﻔﻴﺾ ﺍﻻٔﻗــﺪﺱ ،ﻓــﺈ ّﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺘّﺠﻠّـﻲ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ ـﻀﺎ ٕﺍﻥ ﻳﻜــﻦ ﻓــﻲ ﻧﻔــﺲ ﺍﻟـ ّـﺬﺍﺕ ﻓﺈﻧّــﻪ ﻓــﻲ ﺣــﻀﺮﺓ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﺯﻝ. ﺃﻳـ ً
ﻭﻋﻠ ــﻰ ﻓ ــﺮﺽ ﺍﻟﺘّ ــﺼﺪﻳﻖ ﺑﻬ ــﺬﻩ ﺍﻟ ّﺮﺗﺒ ــﺔ ،ﻓ ــﺈ ّﻥ ﺻ ــﺪﻕ ﺍﻟﻠّﻘ ــﺎء ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ
ﺍﻟﻤﻘ ــﺎﻡ ﻻ ﻳـ ــﺼﺪﻕ ﻋﻠـ ــﻰ ﺃﺣـ ــﺪ ﻻٔ ﻥ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟ ّﺮﺗﺒـ ــﺔ ﻣﺤ ّﻘﻘـ ــﺔ ﻓـ ــﻲ ﻏﻴـ ــﺐ
ﻭﺍﻟﻄﻠــﺐ ﻣــﺮﺩﻭﺩ – ﻻٔ ﻥ ـﺴﺒﻴﻞ ﻣــﺴﺪﻭﺩ ّ ﺍﻟـ ّـﺬﺍﺕ ﻭﻟــﻢ ﻳﻔــﺰ ﺑﻬــﺎ ﺃﺣــﺪ ﺍﻟـ ّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻻ ﺗﻄﻴﺮ ٕﺍﻟﻴﻪ ﺃﻓﺌﺪﺓ ﺍﻟﻤﻘ ّﺮﺑﻴﻦ
ﻻﺳﺮﺍء. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍ ٕ ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨّﺒﺄ.
١١٨
ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺼﻞ ٕﺍﻟﻴﻪ ﻋﻘﻮﻝ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻭﺍﻟﺤﺠﺒﺎﺕ؟ ﺍﻟﻤﻌﺒّـ ـ ــﺮ ﻋﻨـ ـ ــﻪ ﺑـ ـ ــﺎﻟﻔﻴﺾ ﻭﻟـ ـ ــﻮ ﻳﻘﻮﻟـ ـ ــﻮﻥ ٕﺍﻧّـ ـ ــﻪ ﻫـ ـ ــﻮ ﺍﻟﺘّﺠﻠّ ـ ـ ـﻲ ﺍﻟﺜّ ـ ـ ـﺎﻧﻲ ُ
ـﺴﻠّﻢ ﺑ ــﻪ ﻓ ــﻲ ﻋ ــﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﻠ ــﻖ ﺃﻋﻨ ــﻲ ﻓ ــﻲ ﻋ ــﺎﻟﻢ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟﻤﻘ ـ ّـﺪﺱ ﻓﻬ ــﺬﺍ ُﻣ ـ َ
ﻣﺨﺘﺺ ﺑﺄﻧﺒﻴﺎﺋﻪ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺋـﻪٕ ،ﺍﺫ ﻟـﻢ ﺍﻻٔ ّﻭﻟﻴّﺔ ﻭﺑﺮﻭﺯ ﺍﻟﺒﺪﻋﻴّﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ّ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮ ًﺩﺍ ﻓـﻲ ﻋـﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﻮﺟـﻮﺩ ﻣـﻦ ﻫـﻮ ﺃﻋﻈـﻢ ﻣـﻨﻬﻢ ﻭﺃﻛﺒـﺮ ﻛﻤـﺎ ﻳﻘـ ّﺮ
ﺍﻟﺠﻤﻴ ــﻊ ﺑﻬ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠ ــﺐ ﻭﻳ ــﺬﻋﻨﻮﻥ ﻟ ــﻪ .ﻭﻫ ــﺆﻻء ﻫ ــﻢ ﻣﻮﺍﻗ ــﻊ ﺟﻤﻴ ــﻊ
ﻻﻟﻬﻴّ ـ ــﺔ .ﻭﻫ ـ ــﻢ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳ ـ ــﺎ ﺍﻟّﺘ ـ ــﻲ ﻻﺯﻟﻴّ ـ ــﺔ ﻭﻣﻈ ـ ــﺎﻫﺮ ﺍ ٔ ـﺼﻔﺎﺕ ﺍ ٔ ﻻﺳ ـ ــﻤﺎء ﺍ ٕ ﺍﻟ ـ ـ ّ ـﻞ ﻣ ــﺎ ﻫ ــﻮ ﺭﺍﺟ ــﻊ ٕﺍﻟ ــﻴﻬﻢ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﺔ ،ﻓﻬ ــﻮ ﺗﺤﻜ ــﻲ ﻋﻨ ــﻪ ﺗﻤﺎ ًﻣ ــﺎ .ﻭﻛ ـ ّ
ﺍﻟﻈـ ـﺎﻫﺮ ﺍﻟﻤ ــﺴﺘﻮﺭ .ﻭﻻ ﻳﻤﻜ ــﻦ ﺃﻥ ﺗﺤ ــﺼﻞ ﻣﻌﺮﻓ ــﺔ ﺭﺍﺟ ــﻊ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺣ ــﻀﺮﺓ ّ
ﻻ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻻٔ ّﻭﻝ ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ٕﺍﻟﻴﻪ ٕﺍ ّ
ﺷـ ـ ــﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـ ـ ــﺔ ﻭﺍﻟﻮﺻـ ـ ــﻮﻝ ٕﺍﻟﻴﻬـ ـ ــﺎ .ﻭ ٕﺍﺫًﺍ ﻣـ ـ ــﻦ ﻟﻘـ ـ ــﺎء ﻫـ ـ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻧـ ـ ــﻮﺍﺭ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺳ ـ ــﺔ ﻳﺤ ـ ــﺼﻞ ﻟﻘ ـ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ .ﻭﻣ ـ ــﻦ ﻋﻠﻤﻬ ـ ــﻢ ﻳﻈﻬ ـ ــﺮ ﻋﻠ ـ ــﻢ ﺍﻪﻠﻟ .ﻭﻣ ـ ــﻦ ّ ﻭﺟﻬﻬﻢ ﻳﻠﻮﺡ ﻭﺟـﻪ ﺍﻪﻠﻟ .ﻭﻣـﻦ ﺃ ّﻭﻟﻴّـﺔ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﺠـﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻤﺠـ ّﺮﺩﺓ ﻭﺁﺧﺮﻳّﺘﻬـﺎ ﴿ﻫـ َﻮ ﻭﻇﺎﻫﺮﻳّﺘﻬــﺎ ﻭﺑﺎﻃﻨﻴّﺘﻬــﺎ ﻳﺜﺒــﺖ ﻋﻠــﻰ ﻣــﻦ ﻫــﻮ ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﺑﺄﻧــﻪ ُ
ـﺎﻫ ُﺮ َﻭﺍ ْﻟ َﺒـ ِ ﻟﻈـ ِ ﻦ﴾) .(١ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﺗﺜﺒــﺖ ﺳــﺎﺋﺮ ﺍﻻٔﺳــﻤﺎء ﺍﻻ ﻭ ُﻝ َﻭﺍﻻٓ ِﺧ ـ ُﺮ َﻭﺍ ـﺎﻃ ُ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ.
١١٩
ﺃﻱ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﻣﻮ ّﻓﻘـ ـ ًﺔ ﻭﻓ ــﺎﺋﺰ ًﺓ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻟﻴ ــﺔ .ﻟﻬ ــﺬﺍ ﻓﻜ ـ ّ ـﻞ ﻧﻔ ــﺲ ﺻ ــﺎﺭﺕ ﻓ ــﻲ ّ ﻼﺋﺤـﺔ ،ﻓﻬـﻲ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻻٔﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻀﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﻤﺘﻨﻌﺔ، ﻭﺍﻟﺸﻤﻮﺱ ﺍﻟﻤﺸﺮﻗﺔ ﺍﻟ ّ ّ
ﻓﺎﺋﺰﺓ ﺑﻠﻘﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻭﺍﺭﺩ ٌﺓ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻٔﺑﺪﻳّﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠّﻘـﺎء
ﻻ ﻓـ ـ ــﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣـ ـ ــﺔ ،ﺍﻟّﺘـ ـ ــﻲ ﻫـ ـ ــﻲ ﻧﻔـ ـ ــﺲ ﺍﻪﻠﻟ ﺑﻤﻈﻬـ ـ ــﺮﻩ ـﺴﺮ ﻻٔﺣـ ـ ــﺪ ٕﺍ ّ ﻻ ﻳﺘﻴـ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻜﻠّﻲ ّ
ـﻞ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ﻭﻫــﺬﺍ ﻫــﻮ ﻣﻌﻨــﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤــﺴﻄﻮﺭﺓ ﻓــﻲ ﻛـ ّ
ﻭﺍﻟّﺘــﻲ ﺑﻬــﺎ ُﻭﻋــﺪ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻭ ُﺑـ ِّﺸﺮﻭﺍ ﺑــﺬﻟﻚ ﺍﻟﻴــﻮﻡ .ﻓــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻫــﻞ
ُﻳ َﺘ ــﺼ ّﻮﺭ ﻳ ــﻮﻡ ﺃﻋ ـ ّـﺰ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﻭﺃﻛﺒ ــﺮ ﻣﻨ ــﻪ ﻭﺃﻋﻈ ــﻢ ،ﺣﺘّ ــﻰ ﻳ ــﺴﻤﺢ
ﻻﻧﺴﺎﻥ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﺄﻥ ﻳﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﻳﺪﻩ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ،ﻭﻳﺤـﺮﻡ ﻧﻔـﺴﻪ ﻣـﻦ ﺍ ٕ
ﻓﻴﻮﺿﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ ﻣـﻦ ﻗﺒـﻞ ﺍﻟـ ّﺮﺣﻤﻦ ﻛﺄﻣﻄـﺎﺭ ﺍﻟ ّﺮﺑﻴـﻊ؟ ﻭﺑﻌـﺪ
ﺃﻥ ﻗﺎﻡ ﺍﻟ ّـﺪﻟﻴﻞ ﺑﺘﻤﺎﻣـﻪ ﻋﻠـﻰ ﺃﻧـﻪ ﻻ ﻳﻮﺟـﺪ ﻳـﻮﻡ ﺃﻋﻈـﻢ ﻣـﻦ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻴـﻮﻡ،
ﻻﻧ ــﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺤ ــﺮﻡ ﻧﻔ ــﺴﻪ ﻣ ــﻦ ﻭﻻ ﺃﻋ ـ ّـﺰ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ،ﻛﻴ ــﻒ ﻳﺠ ــﻮﺯ ٕ ﻼ ـﻮﻫﻤﻴﻦ ّ ﻭﺍﻟﻈـﺎﻧّﻴﻦ .ﻭﻓــﻀ ً ﻓــﻀﻞ ﻛﻬــﺬﺍ ﺍﻟﻔــﻀﻞ ﺍﻻٔﻛﺒــﺮ ﺑﻜﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘـ ّ
ﻱ ﻋﺎﻗــﻞ ﻋــﻦ ﻛـ ّ ـﻞ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟـ ّـﺪﻻﺋﻞ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤــﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﻨــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻻ ﻣﻔ ـ ّﺮ ﻻٔ ّ
ﻱ ﻋ ــﺎﺭﻑ ﻋﻨﻬ ــﺎ ،ﺃﻣ ــﺎ ﺳ ــﻤﻌﻮﺍ ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳ ــﺔ ﺍﻟﻤ ــﺸﻬﻮﺭﺓ ﻣﻨﻬ ــﺎ ،ﻭﻻ ﻣﻬ ــﺮﺏ ﻻٔ ّ
ـﺴﺮ ﺃﺋﻤ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺗﻘ ــﻮﻝٕ " :ﺍﺫﺍ ﻗ ــﺎﻡ ﺍﻟﻘ ــﺎﺋﻢ ﻗﺎﻣ ــﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣ ــﺔ" .ﻭﻛ ــﺬﻟﻚ ﻓ ـ ّ
ﻭﻥ ﴿ﻫ ْﻞ َﻳ ُ ﻨﻈ ُﺮ َ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﻻٔﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟّﺘﻲ ﻻ ﺗﻄﻔﻰ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔَ :
١٢٠
ـﺎﻡ﴾) (١ﺑﺄﻧﻬــﺎ ﺗــﺸﻴﺮ ٕﺍﻟــﻰ ﺣــﻀﺮﺓ ﺍ ﻻ ﺍﻥ َﻳ ـﺎِ ﺗ َﻴ ُﻬ ُﻢ ﺍﻪﻠﻟُ ﻓِ ــﻲ ُﻇ َﻠـ ٍـﻞ ِّﻣـ َ ـﻦ ﺍ ْﻟ َﻐ َﻤـ ِ ﺍﻟﻘــﺎﺋﻢ ﻭﻇﻬــﻮﺭﻩ ﻣــﻊ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻘــﻮﻡ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻧﻬــﺎ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛــﺔ ﻓــﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠّﻢ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ
ـﺴﻤﻊ ﻓﻴ ــﺎ ﺃﻳّﻬ ــﺎ ﺍﻻٔﺥ ﺃﺩﺭ ﻙ ٕﺍﺫًﺍ ﻣﻌﻨ ــﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣ ــﺔ ﻭﺍﻋﺮﻓ ــﻪ ،ﻭﻃ ِّﻬ ــﺮ ﺍﻟ ـ ّ
ﻼ ﻓ ــﻲ ﻋ ــﻮﺍﻟﻢ ﻋ ــﻦ ﻛﻠﻤ ــﺎﺕ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻤ ــﺮﺩﻭﺩﻳﻦ .ﻓﺈﻧّـ ـﻚ ﻟ ــﻮ ﺗ ــﺴﻴﺮ ﻗﻠ ــﻴ ً
ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﻟﺘﺸﻬﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ُﻳﺘﺼ ّﻮﺭ ﻳـﻮ ٌﻡ ﺃﻋﻈـﻢ ﻣـﻦ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ،ﻭﻻ ﻗﻴﺎﻣـﺔ ﻼ ﻭﺍﺣ ـ ًـﺪﺍ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﻳﻌ ــﺎﺩﻝ ﺃﻛﺒ ــﺮ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣ ــﺔ .ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻋﻤ ـ ـ ً
ﺑﺄﻋﻤ ــﺎﻝ ﻣﺎﺋ ــﺔ ﺃﻟ ــﻒ ﺳ ــﻨﺔ .ﺑ ــﻞ ﺃﺳ ــﺘﻐﻔﺮ ﺍﻪﻠﻟ ﻋ ــﻦ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﺘّﺤﺪﻳ ــﺪ ،ﻻٔ ﻥ
ﻋﻤــﻞ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻴــﻮﻡ ﻣﻘـ ّـﺪﺱ ﻋــﻦ ﺍﻟﺠــﺰﺍء ﺍﻟﻤﺤــﺪﻭﺩ .ﻭﺣﻴــﺚ ﺃ ﻥ ﻫــﺆﻻء
ﺍﻟﺮﻋﺎﻉ ﻣﺎ ﺃﺩﺭﻛﻮﺍ ﻭﻣﺎ َﻋ َﺮﻓـﻮﺍ ﻣﻌﻨـﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣـﺔ ﻭﻻ ﻟﻘـﺎء ﺍﻪﻠﻟ ،ﻟﻬـﺬﺍ ﺍﻟﻬﻤﺞ َ َ
ﻏ ــﺪﻭﺍ ﻣﺤﺠ ــﻮﺑﻴﻦ ﻋ ــﻦ ﻓﻴ ــﻀﻪ ﺑ ــﺎﻟﻤ ّﺮﺓ ،ﻣ ــﻊ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ
ﻭﺗﺤﻤ ـﻞ ﻣــﺸ ّﻘﺎﺗﻪ ﻫــﻮ ﺍﻟﻮﺻــﻮﻝ ٕﺍﻟــﻰ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘــﻪ .ﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ّ ﻜﻮﻥ ﻋﻨﻬـﺎ ﻟﺤﻈـﺔ. ﻓﺠﻤﻴﻌﻬﻢ ﻣﺸﻐﻮﻟﻮﻥ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍ ّ ﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻨﻔ ّ
ـﺤﺎ ﻭﻏﻀﻮﺍ ّ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻋﻦ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠـﻮﻡ ،ﻛـﺄﻧﻬﻢ ﻣـﺎ ﺗﺠ ّﺮﻋـﻮﺍ ﺭﺷ ً ّ ﻻﻟﻬﻲ ،ﻭﻣﺎ ﻓﺎﺯﻭﺍ ﺑﻘﻄﺮﺓ ﻣﻦ ﺳﺤﺎﺏ ﻳﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍ ﻣﻦ ّ ٕ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
١٢١
ﺍﻟﻔﻴﺾ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﺎﻧﻲ ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ،ﻫﻞ ٕﺍﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺪﺭ ﻙ ﺃﺣﺪ ﻓﻴﺾ ﺍﻟﻠّﻘﺎء ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻇﻬـﻮﺭ
ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖ ،ﻭﻻ ﻳﻌ ــﺮﻑ ﻣﻈ ــﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖ ،ﻫ ــﻞ ﻳ ــﺼﺪﻕ ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺻ ــﻔﺔ ﺍﻟﻌ ــﺎﻟِﻢ
ﺣﺘّــﻰ ﻭﻟــﻮ ﻛــﺎﻥ ﻟــﻪ ﺃﻟــﻒ ﺳــﻨﺔ ﻓــﻲ ﺍﻟﺘّﺤــﺼﻴﻞ ،ﻭﺃﺣــﺎﻁ ﺑﺠﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﻼ – ﻻٔﻧـﻪ ﻣﻌﻠـﻮﻡ ﺑﺎﻟﺒﺪﺍﻫـﺔ ﺃﻧـﻪ ﻻ ﻳـﺼﺪﻕ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ّ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮﺓ؟ ﻛـ ّ
ـﺲ ﻋﻠــﻰ ﺣــﺮﻑ ﻭﺍﺣــﺪ ﻣــﻦ ﺣ ّﻘــﻪ ﺻــﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠــﻢ .ﻭﻟﻜــﻦ ٕﺍﺫﺍ ﻟــﻢ ّ ﺗﻄﻠــﻊ ﻧﻔـ ٌ ـﺸﺮﺍﻓﺔ ﺍﻟﻜﺒ ــﺮﻯ ،ﻓ ــﻼ ﺑ ــﺪ ﺃﻧﻬ ــﺎ ﻣﺤ ــﺴﻮﺑﺔ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ،ﻭﻓ ــﺎﺯﺕ ﺑﻬ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ّ
ﺍﻟﻌﻠﻤـ ــﺎء ﺍﻟﺮﺑّـ ــﺎﻧﻴّﻴﻦ ،ﻻٔﻧﻬـ ــﺎ ﻗـ ــﺪ ﻓـ ــﺎﺯﺕ ﺑﺎﻟﻐﺎﻳـ ــﺔ ﺍﻟﻘـ ــﺼﻮﻯ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻢ، ﻭﺑﻠﻐﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﻨﺘﻬﺎﻩ
ـﻀﻞ ﻭﻳﻘـﻮﻝ: ـﻀﺎ ﻫـﻲ ﻣـﻦ ﻋﻼﺋـﻢ ّ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟ ّﺮﺗﺒـﺔ ﺃﻳ ً ﺍﻟﻈﻬـﻮﺭ ﻛﻤـﺎ ﻳﺘﻔ ّ
ﻦ "ﻳﺠﻌﻞ ﺃﻋﻼﻛﻢ ﺃﺳﻔﻠﻜﻢ" .ﻭﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥَ ﴿ :ﻭ ُﻧ ِﺮ ُ ﻳﺪ ﺍﻥ ﻧُ ﻤـ
ﺠ َﻌ َﻠ ُﻬـ ـ ـ ُـﻢ ـﻀﻌِ ُﻔﻮﺍ ﻓِ ـ ـ ــﻲ ﺍﻻْ ﺭ ِ ﺠ َﻌ َﻠ ُﻬـ ـ ـ ْـﻢ ﺍ ِٔﻤ ـ ـ ـ ًﺔ َﻭ َﻧ ْ ﺍﺳ ُﺘـ ـ ـ ْ ـﺬﻳﻦ ْ ﺽ َﻭ َﻧ ْ َﻋ َﻠـ ـ ــﻰ ﺍﻟّـ ـ ـ َ
)(١ ﻻﻋﺮﺍﺿــﻬﻢ ِﻴﻦ﴾ .ﻭﻗــﺪ ﺷــﻮﻫﺪ ﺍﻟﻴــﻮﻡ ،ﻛــﻢ ﻣــﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤــﺎء ﻧﻈ ـ ًﺮﺍ ٕ ﺍ ْﻟ ـ َﻮﺍ ِﺭﺛ َ
ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻘ ّﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺃﺳﻔﻞ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺠﻬﻞ ،ﻭﺍﻧﻤﺤﺖ ﺃﺳﻤﺎﺅﻫﻢ ﻣﻦ ﺩﻓﺘـﺮ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻭﻛﻢ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﺼﺺ.
١٢٢
ﻻﻗﺒﺎﻟﻬﻢ ﻗﺪ ﺍﺭﺗﻘـﻮﺍ ٕﺍﻟـﻰ ﺃﻋﻠـﻰ ﺃﻓـﻖ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ،ﻭﺃﺛﺒﺘـﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﻝ ﻧﻈ ًﺮﺍ ٕ ّ
ﺤــﻮ ﺍﻪﻠﻟُ َﻣــﺎ ﺃﺳــﻤﺎﺅﻫﻢ ﻓــﻲ ﺃﻟــﻮﺍﺡ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﺑﻘﻠــﻢ ﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ﻛــﺬﻟﻚ ﴿ َﻳ ْﻤ ُ
ﺎﺏ﴾) (١ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ) :ﻃﻠـﺐ ﺍﻟ ّـﺪﻟﻴﻞ ﻋﻨـﺪ ﺖ َﻭ ِﻋ َ ﻨﺪ ُﻩ ﺍ ﻡ ﺍﻟ ِْﻜ َﺘ ِ َﻳ َﺸﺎء َﻭ ُﻳ ْﺜ ِﺒ ُ
ﺣ ـ ــﺼﻮﻝ ﺍﻟﻤ ـ ــﺪﻟﻮﻝ ﻗﺒ ـ ــﻴﺢ .ﻭﺍﻻﺷ ـ ــﺘﻐﺎﻝ ﺑ ـ ــﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﻌ ـ ــﺪ ﺍﻟﻮﺻ ـ ــﻮﻝ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ
ـﺎﺭﻱ ،ﻳـﺮﻛﺾ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻣﺬﻣﻮﻡ( ﻗﻞ ﻳﺎ ﺃﻫـﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻫـﺬﺍ ﻓﺘـﻰ ﻧ ّ ﻭﻳﺒﺸﺮﻛﻢ ﺑﺴﺮﺍﺝ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻳﺬ ّﻛﺮﻛﻢ ﺑﺎﻻٔﻣﺮ ﺍﻟّﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﻦ ﺃﻓﻖ ﺑ ّﺮﻳّﺔ ﺍﻟ ّﺮﻭﺡ، ّ
ﻣﺸﻬﻮﺩﺍ ﺑﺎﻟﺴﺘﺮ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻓﻲ ﺷﻄﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺗﺤﺖ ﺣﺠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨّﻮﺭ ً ّ
ﻼ ﻓــﻲ ﺳــﻤﺎﻭﺍﺕ ﻣﻌــﺎﻧﻲ ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ، ﻓﻴــﺎ ﺣﺒﻴﺒــﻲ ٕﺍﻧّــﻚ ﻟــﻮ ﺗﻄﻴــﺮ ﻗﻠــﻴ ً
ﻭﺗﺘﻔـ ـ ّﺮﺝ ﻋﻠ ــﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ﺍﻟﻤﺒ ــﺴﻮﻃﺔ ﻓﻴ ــﻪ ،ﻟﻴﻨﻔ ــﺘﺢ ﻋﻠ ــﻰ ﻭﺟﻬ ــﻚ ﻛﺜﻴــﺮ ﻣــﻦ ﺃﺑــﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ،ﻭﺗــﻮﻗﻦ ﺑــﺄ ّﻥ ﺟﻤﻴــﻊ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺗﻤﻨــﻊ
ـﺎﺩ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻴــﻮﻡ ﻋــﻦ ﺍﻟــﻮﺭﻭﺩ ٕﺍﻟــﻰ ﺷــﺎﻃﺊ ﺍﻟﺒﺤــﺮ ﺍﻻٔﺯﻟــﻲ ،ﻫــﻲ ﺍﻟﻌﺒـ َ ّ ـﻞ ﺫﻟــﻚ ـﻀﺎ ﺃﻫـ َ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺑﻌﻴﻨﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻇﻬــﻮﺭ ﻧﻘﻄــﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ :ﻗــﺪ ﻣﻨﻌــﺖ ﺃﻳـ ً ﺗﻄﻠــﻊ ﻻﺫﻋــﺎﻥ ﻟﻬــﺎ .ﻭﻛــﺬﻟﻚ ّ ـﺸﻤﺲ ،ﻭﺍ ٕ ﺍﻟﻌــﺼﺮ ﻋــﻦ ﺍ ٕ ﻻﻗــﺮﺍﺭ ﺑﺘﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺃﺳ ـ ــﺮﺍﺭ ﺍﻟ ّﺮﺟﻌ ـ ــﺔ ﻭﺍﻟﺒﻌ ـ ــﺚ ،ﻭﺗ ـ ــﺴﺘﻘ ّﺮ ﻓ ـ ــﻲ ﺃﻋﻠ ـ ــﻰ ﻏ ـ ــﺮﻑ ﺍﻟﻴﻘ ـ ــﻴﻦ ﻭﺍﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﻋﺪ.
١٢٣
ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺫﻟﻚ ﺃ ﻥ ﺟﻤ ًﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﺣـﺪﻳﻦ ﻟـﺬﻟﻚ ﺍﻟﺠﻤـﺎﻝ
ﻋــﺪﻳﻢ ﺍﻟﻤﺜــﺎﻝ ،ﻭﺍﻟﻤﺤــﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣــﻦ ﺍﻟﻜﻌﺒــﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴــﺔ ،ﻗــﺪ ﻋﺮﺿــﻮﺍ ﻋﻠــﻰ ﻣﺤﻤــﺪ ﺫﺍﺕ ﻳــﻮﻡ ﻋﻠــﻰ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍﻻﺳــﺘﻬﺰﺍء ﻗــﺎﺋﻠﻴﻦ ﴿ :ﺍ ﻥ ﺍﻪﻠﻟَ َﻋ ِﻬـ َـﺪ ﺍ َﻟ ْﻴ َﻨــﺎ ّ
ـﻮﻝ ﺣﺘّ ــﻰ َﻳﺎِ ﺗ َﻴ َﻨ ــﺎ ِﺑ ُﻘ ْﺮ َﺑ ـ ٍ ﻦ ِﻟ َﺮ ُﺳ ـ ٍ ـﺎﻥ َﺗﺎُ ﻛ ُﻠ ـ ُـﻪ ﺍﻟﻨ ــﺎ ُﺭ﴾) (١ﻳﻌﻨ ــﻲ ﺃ ﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﺍ ﻻ ُﻧـ ـ ْﺆﻣِ َ
ﻋﻬــﺪ ٕﺍﻟﻴﻨــﺎ ﺃﻻ ﻧــﺆﻣﻦ ﻟﺮﺳــﻮﻝ ﻣــﺎ ﻟــﻢ ﻳﻈﻬــﺮ ﻣﻌﺠــﺰﺓ ﻫﺎﺑﻴــﻞ ﻭﻗﺎﺑﻴــﻞ ،ﺃﻱ
ـﺴﻤﺎء ﻓﺘﺤﺮﻗــﻪ ،ﻛﻤــﺎ ﺳــﻤﻌﺘﻢ ﻋــﻦ ﻳﻘــﺪﻡ ﻗﺮﺑﺎ ًﻧــﺎ ﺗﻨــﺰﻝ ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟﻨّــﺎﺭ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ
ﻭﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ .ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﻢ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﴿ َﻗ ْـﺪ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻫﺎﺑﻴﻞّ ،
ـﻞ ِّﻣ ــﻦ َﻗ ْﺒ ِﻠ ــﻲ ِﺑﺎ ْﻟ َﺒﻴِّ َﻨ ـ ِ ـﻮﻫ ْﻢ ﺍﻥ َﺟ ــﺎء ُﻛ ْﻢ ُﺭ ُﺳ ـ ٌ ـﺎﺕ َﻭ ِﺑﺎﻟّ ــﺬﻱ ُﻗ ْﻠـ ـ ُﺘ ْﻢ َﻓ ِﻠ ـ َـﻢ َﻗ َﺘ ْﻠ ُﺘ ُﻤ ـ ُ ﺻـ ِ ﻴﻦ﴾) .(٢ﻭﻣــﻀﻤﻮﻧﻬﺎ ﺃ ﻥ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﻗــﺎﻝ ﻟﻬــﻢ ﻟﻘــﺪ ﺟــﺎءﻛﻢ ـﺎﺩﻗِ َ ُﻛﻨ ـ ُﺘ ْﻢ َ
ﺍﻟﻈ ـﺎﻫﺮﺍﺕ ﻭﺑﺎﻟّــﺬﻱ ﺗﻄﻠﺒﻮﻧــﻪ، ﻣــﻦ ﻗﺒﻠــﻲ ﺭﺳــﻞ ﻣــﻦ ﻋﻨــﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﺑﺎﻟﺒﻴّﻨــﺎﺕ ّ ﻓ ِﻠـ َـﻢ ﻗﺘﻠــﺘﻢ ﺭﺳــﻞ ﺍﻪﻠﻟ ﻫــﺆﻻء ٕﺍﻥ ﻛﻨــﺘﻢ ﺻــﺎﺩﻗﻴﻦ .ﻓﺄﻧــﺼﻔﻮﺍ ﺍﻻٓﻥ :ﻣﺘــﻰ
ﻣﺤﻤ ــﺪ ﻭﻋﻬ ــﺪﻩ ﺑﺤ ــﺴﺐ ﻛ ــﺎﻥ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﻓ ــﻲ ﻋ ــﺼﺮ ّ
ﺍﻟﻈ ـﺎﻫﺮ ﻣﻮﺟــﻮﺩﻳﻦ ﻓــﻲ ﻋﻬــﺪ ﺁﺩﻡ ﺃﻭ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﺍﻻٓﺧــﺮﻳﻦ ،ﻣــﻊ ﺃﻧــﻪ ﻛــﺎﻥ ّ ﺍﻟﺰﻣ ــﺎﻥ؟ ﻓﻤ ــﻊ ﻫﻨ ــﺎ ﻙ ﻓﺎﺻ ــﻠﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻟ ـ ّ ـﺴﻨﻴﻦ ﺑ ــﻴﻦ ﻋﻬ ــﺪ ﺁﺩﻡ ﻭﺫﺍ ﻙ ّ
ﻣﺤﻤـﺪ ٕﺍﻟـﻰ ﺃﻫـﻞ ﺯﻣﺎﻧـﻪ ﻗﺘـﻞ ﻫﺎﺑﻴـﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺪﻕ ّ ﺫﻟﻚ ﻟ َِﻢ ﻧﺴﺐ ﺟﻮﻫﺮ ّ
ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ﺍﻻٓﺧﺮﻳﻦ؟ ٕﺍﻧّﻪ ﻻ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.
١٢٤
ﻣﻔ ـ ّﺮ ﻣ ــﻦ ﺃﻥ ﺗﻨ ــﺴﺐ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ﻭﺍﻟﻌﻴ ــﺎﺫ ﺑ ــﺎﻪﻠﻟ ﺍﻟﻜ ــﺬﺏ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻜ ــﻼﻡ
ﺍﻟﻠّﻐﻮ ،ﺃﻭ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﺄ ﻥ ﻫﺆﻻء ﺍﻻٔﺷﻘﻴﺎء ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻫﻢ ﻧﻔﺲ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻻٔﺷـﻘﻴﺎء
ـﻞ ﻋ ــﺼﺮ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺃﻥ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺎﺭﺿ ــﻮﻥ ﺍﻻٔﻧﺒﻴ ــﺎء ﻭﺍﻟﻤﺮﺳ ــﻠﻴﻦ ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ ﻗﺘﻠﻮﻫﻢ ﺃﺧﻴ ًﺮﺍ ﻭﺍﺳﺘﺸﻬﺪﻭﺍ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ
ﻜـ ـﺮ ﻭﺗﻤ ّﻌـ ـﻦ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ ،ﻛ ــﻲ ﻳﻤـ ـ ّﺮ ﻋﻠﻴ ــﻚ ﻃﻴ ــﺐ ﻧ ــﺴﻴﻢ ﺗﻔ ّ
ـﺎﺏ ﻣ ـ ــﻦ ﻣ ـ ــﺼﺮ ﺍﻟـ ـ ـ ّﺮﺣﻤﻦ ،ﻭﺗﺒﻠ ـ ــﻎ ﺍﻟـ ـ ـ ّﺮﻭﺡ ﺑﻤﻠ ـ ــﻴﺢ ﺑﻴ ـ ــﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﻓ ـ ــﺎﻥ ﺍﻟﻬ ـ ـ ّ
ﻟﻤــﺎ ﻟــﻢ ﺍﻟﻤﺤﺒــﻮﺏ ٕﺍﻟــﻰ ﺣﺪﻳﻘــﺔ ﺍﻟﻌﺮﻓــﺎﻥٕ .ﺍﺫ ٕﺍ ﻥ ﺍﻟﻐــﺎﻓﻠﻴﻦ ﻣــﻦ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ّ ﻳــﺪﺭﻛﻮﺍ ﻣﻌــﺎﻧﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧــﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐــﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠــﺔ ،ﻭﻟــﻢ ﻳﺠــﺪﻭﺍ ﺍﻟﺠــﻮﺍﺏ
ـﺴﺆﺍﻝ ﺣــﺴﺐ ﺯﻋﻤﻬــﻢ ،ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨــﺴﺒﻮﻥ ٕﺍﻟــﻰ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﺠــﻮﺍﻫﺮ ﻣﻄﺎﺑ ًﻘــﺎ ﻟﻠـ ّ
ﺟﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ – ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﻥ.
ﻭﻛ ـ ــﺬﻟﻚ ﻳﻘ ـ ــﻮﻝ ﺣ ـ ــﻀﺮﺓ ﺍﻟﺮﺳ ـ ــﻮﻝ ﻓ ـ ــﻲ ﺁﻳ ـ ــﺔ ﺃﺧ ـ ــﺮﻯ ،ﻓ ـ ــﻲ ﻣﻘ ـ ــﺎﻡ
ـﺬﻳﻦ ﺍﻟﺘّﻌ ــﺮﻳﺾ ﺑﺄﻫ ــﻞ ﺯﻣﺎﻧ ــﻪ ﴿ َﻭ َﻛ ــﺎ ُﻧﻮ ْﺍ ﻣِ ــﻦ َﻗ ْﺒ ـ ُ ِﺤ َ ـﻞ َﻳ ـ ْ ـﺴ َﺘ ْﻔﺘ ُ ﻮﻥ َﻋ َﻠ ــﻰ ﺍﻟّ ـ َ ﻳﻦ﴾ ـﺎءﻫﻢ ﻣـﺎ َﻋ َﺮ ُﻓـﻮ ْﺍ َﻛ َﻔـ ُﺮﻭ ْﺍ ِﺑـﻪِ َﻓ َﻠ ْﻌ َﻨـ ُﺔ ﺍﻟﻠـﻪ َﻋ َﻠـﻰ ﺍ ْﻟ َ َﻛ َﻔ ُﺮﻭ ْﺍ َﻓ َﻠ ﻤﺎ َﺟ ُ ﻜـﺎﻓِ ِﺮ َ
)(١
ﺃﻱ ﺃ ﻥ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻘ ــﻮﻡ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘ ــﺎﺗﻠﻮﻥ ﺍﻟﻜ ّﻔـ ـﺎﺭ ﻭﻳﺤ ــﺎﺭﺑﻮﻧﻬﻢ ﻓ ــﻲ ﺳ ــﺒﻴﻞ
ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﺃﻣﺮ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
١٢٥
ﺍﻪﻠﻟ ،ﻓﻠﻤــﺎ ﺟــﺎءﻫﻢ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻋﺮﻓــﻮﻩ ﻛﻔــﺮﻭﺍ ﺑــﻪ ﻓﻠﻌﻨــﺔ ﺍﻪﻠﻟ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻜــﺎﻓﺮﻳﻦ. ـﻀﻤﻦ ﻫ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨ ـ ــﻰ :ﻭﻫ ـ ــﻮ ﺃ ﻥ ﻓ ـ ــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻛﻴ ـ ــﻒ ﺃ ﻥ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳ ـ ــﺔ ﺗﺘ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ،ﻫـﻢ ﻋـﻴﻦ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻛـﺎﻧﻮﺍ
ـﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ،ﻳﺤ ـ ــﺎﺭﺑﻮﻥ ﻭﻳﺠ ـ ــﺎﺩﻟﻮﻥ ﻟﺘ ـ ــﺮﻭﻳﺞ ﺗﻠ ـ ــﻚ ﻓ ـ ــﻲ ﻋﻬ ـ ــﺪ ﺍﻻٔﻧﺒﻴ ـ ــﺎء ﺍﻟ ـ ـ ّ
ـﺸﺮﻳﻌﺔ ،ﻭﺗﺒﻠﻴــﻎ ﺃﻣــﺮ ﺍﻪﻠﻟ .ﻭﺍﻟﺤــﺎﻝ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻓــﻲ ﻋﻬــﺪ ﺍﻟـ ّ
ﻼ ﻋـﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﻭﻣﻮﺳﻰ ،ﻫﻢ ﻏﻴﺮ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻓـﻲ ﻋﻬـﺪ ﻣﺤﻤـﺪ .ﻭﻓـﻀ ً ّ
ﺍﻟﺸﺨ ـ ــﺼﻴﻦ ﺍﻟﻠّـ ـ ـﺬﻳﻦ ﻋﺮﻓﻮﻫﻤ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ ﻗﺒ ـ ــﻞ ،ﻛﺎﻧ ـ ــﺎ ﻣﻮﺳ ـ ــﻰ ﺫﻟ ـ ــﻚ ﻓ ـ ــﺈ ّﻥ ّ
ﻻﻧﺠﻴــﻞ .ﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ِﻟـ َـﻢ ﻳﻘــﻮﻝ ﺻــﺎﺣﺐ ﺍﻟﺘّــﻮﺭﺍﺓ ،ﻭﻋﻴــﺴﻰ ﺻــﺎﺣﺐ ﺍ ٕ
ﻟﻤ ــﺎ ﺃﻥ ﺟ ــﺎءﻫﻢ ﻣ ــﺎ ﻋﺮﻓ ــﻮﻩ ﺃﻱ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻫ ــﻮ ﻋﻴ ــﺴﻰ ﺃﻭ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﻣﺤﻤـ ـﺪ ّ ّ
ﺍﻟﻈ ـﺎﻫﺮ ﻣﻮﺳــﻰ ﻛﻔــﺮﻭﺍ ﺑــﻪ؟ ﻭﺍﻟﺤــﻞ ﺃ ﻥ ﻣﺤﻤـ ًـﺪﺍ ﻛــﺎﻥ ﻣﻮﺳــﻮ ًﻣﺎ ﺑﺤــﺴﺐ ّ ّ ﻣﺤﻤــﺪ ،ﻭﻇﻬــﺮ ﻣــﻦ ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺃﺧــﺮﻯ ،ﻭﺟــﺎء ﺑﻠﻐــﺔ ﺃﺧــﺮﻯ، ﺑﺎﺳــﻢ ﺁﺧــﺮ ﻫــﻮ ّ
ﻭﺷـ ــﺮﻉ ﺁﺧـ ــﺮ ،ﻓﻤـ ــﻊ ﺫﻟـ ــﻚ ﻛﻴـ ــﻒ ﻳﻤﻜـ ــﻦ ٕﺍﺛﺒـ ــﺎﺕ ﺣﻜـ ــﻢ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳـ ــﺔ
ﻭ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ؟
ٕﺍﺫﻥ ﻓﺈﺩﺭﺍ ﻙ ﺍﻻٓﻥ ﺣﻜﻢ ﺍﻟ ّﺮﺟـﻮﻉ ﺍﻟّـﺬﻱ ﻧ ّـﺰﻝ ﻓـﻲ ﻧﻔـﺲ ﺍﻟﻔﺮﻗـﺎﻥ
ﺍﻟﺼﺮﺍﺣﺔ ،ﻭﺍﻟّﺬﻱ ﻣﺎ ﻓﻬﻤﻪ ﺃﺣﺪ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟﻴـﻮﻡ .ﻭﺍﻻٓﻥ ﺑﺘﻠﻚ ّ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﻣﻦ ّ
ﻣﺤﻤـ ًـﺪﺍ ﻛــﺎﻥ ﺭﺟﻌــﺔ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﺍﻻٔ ّﻭﻟــﻴﻦ ﻛﻤــﺎ ﻓﻤــﺎﺫﺍ ﺗﻘــﻮﻝ؟ ﻟــﻮ ﺗﻘــﻮﻝ ٕﺍ ﻥ ّ
ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻻٓﻳﺔ ،ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
١٢٦
ـﻀﺎ ﻫــﻢ ﺭﺟﻌــﺔ ﺃﺻــﺤﺎﺏ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﺍﻻٔ ّﻭﻟــﻴﻦ ،ﺣﻴــﺚ ٕﺍ ﻥ ﺭﺟﻌــﺔ ﻋﺒــﺎﺩ ﺃﻳـ ً
ـﻀﺎ ﻣ ــﻦ ﺍﻻٓﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ .ﻭﻟ ــﻮ ﻳﻨﻜ ــﺮﻭﻥ ﺍﻟﻘﺒــﻞ ﻭﺍﺿــﺤﺔ ﻭﻻﺋﺤ ــﺔ ﺃﻳـ ً
ﺍﻟﺤﺠ ــﺔ ﺫﻟ ــﻚ ﻳﻜﻮﻧ ــﻮﻥ ﻗ ــﺎﺋﻠﻴﻦ ﺑﺨ ــﻼﻑ ﺣﻜ ــﻢ ﺍﻟﻜﺘ ــﺎﺏ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻫ ــﻮ ّ
ﺍﻟﻜﺒﺮﻯٕ .ﺍﺫًﺍ ﻓﺄﺩﺭ ﻙ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨـﻮﺍﻝ ﺣﻜـﻢ ﺍﻟ ّﺮﺟـﻊ ﻭﺍﻟﺒﻌـﺚ
ﻭﺍﻟﺤــﺸﺮ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻛــﺎﻥ ﻓــﻲ ﺃﻳّـﺎﻡ ﻇﻬــﻮﺭ ﻣﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻬﻮﻳّــﺔ ،ﺣﺘّــﻰ ﺗــﺮﻯ ﺑﻌﻴﻨــﻲ ّ ـﺼﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻴـ ــﺮﺓ، ﺭﺃﺳـ ــﻚ ﺭﺟـ ــﻮﻉ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ّ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳـ ــﺔ ﻓـ ــﻲ ﺍﻻٔﺟـ ــﺴﺎﺩ ﺍﻟـ ـ ّ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﻧﻴّـﺔ ﺑﻤـﺎء ﺍﻟ ّﺮﺣﻤـﺔ ﺍﻟﻤﺘـﺪ ّﻓﻖ ﻄﻬـ ّﺮ ﺍﻟـﻨّﻔﺲ ّ ﻭﺗﺰﻳﻞ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﺠﻬﻞ ،ﻭ ُﺗ ِ
ـﻞ ﺗﻤﻴّ ـ ـﺰ ﺳـ ــﺒﻴﻞ ﺻـ ــﺒﺢ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳـ ــﺔ ﻣـ ــﻦ ﻟﻴـ ــﻞ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻢ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤـ ــﺎﻧﻲ ،ﻟﻌـ ـ
ـﻀﻼﻟﺔ ﺑ ــﺴﺮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻨّ ــﻮﺭﺍﻧﻲ ،ﻭﺗﻔ ـ ـ ّﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤ ــﺎ ﺑﻘ ـ ـ ّﻮﺓ ﺍﻟ ـ ـ ّﺮﺣﻤﻦ ﻭﻫﺪﺍﻳ ــﺔ ﺍﻟ ـ ّ ّ ﺍﻟﺴﺒﺤﺎﻥ ّ
ﻭﻟـ ــﻴﻜﻦ ﻓـ ــﻲ ﻋﻠـ ــﻢ ﺟﻨﺎﺑـ ــﻚ ﻋـ ــﻼﻭﺓ ﻋﻠـ ــﻰ ﻣـ ــﺎ ﺫﻛـ ــﺮ ﺃ ﻥ ﺍﻟﺤ ـ ـﺎﻣﻠﻴﻦ
ﻻٔﻣﺎﻧــﺔ ﺣــﻀﺮﺓ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻳﻈﻬــﺮﻭﻥ ﻓــﻲ ﺍﻟﻌــﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴّــﺔ ﺑﺤﻜــﻢ
ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻃﻴﺎﺭ – ﺃﻃﻴـﺎﺭ ﺍﻟﻌـﺮﺵ ﺍﻟﺒـﺎﻗﻲ – ﺟﺪﻳﺪ ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺪﻳﻊّ ، ﻻﻟﻬﻴّـ ــﺔ ،ﻭﻳﻘﻮﻣـ ــﻮﻥ ﺟﻤﻴ ًﻌـ ــﺎ ﻋﻠـ ــﻰ ﺍﻻٔﻣـ ــﺮ ﻳﻨﺰﻟـ ــﻮﻥ ﻣـ ــﻦ ﺳـ ــﻤﺎء ﺍﻟﻤـ ــﺸﻴﺌﺔ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻤﺒــﺮﻡ ﺍﻟ ّﺮﺑّــﺎﻧﻲ ،ﻟﻬــﺬﺍ ﻫــﻢ ﻓــﻲ ﺣﻜــﻢ ﻧﻔــﺲ ﻭﺍﺣــﺪﺓ ،ﻭﺫﺍﺕ ﻭﺍﺣــﺪﺓ. ّ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻭ ُﻳﺮﺯﻗﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺛﻤـﺎﺭ ٕﺍﺫ ٕﺍ ﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺸﺮﺑﻮﻥ ﻣﻦ ﻛﺄﺱ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍ ٕ
ﺷ ــﺠﺮﺓ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴ ــﺪ .ﻭﻟﻤﻈ ــﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖ ﻫ ــﺆﻻء ﻣﻘﺎﻣ ــﺎﻥ ﻣﻘـ ـ ّﺮﺭﺍﻥ ،ﺃ ّﻭﻟﻬﻤ ــﺎ ﻣﻘﺎﻡ ﺻﺮﻑ
١٢٧
ـﻞ ﺑﺎﺳ ــﻢ ﺍﻟﺘّﺠﺮﻳ ــﺪ ﻭﺟ ــﻮﻫﺮ ﺍﻟﺘّﻔﺮﻳ ــﺪ ،ﻭﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘ ــﺎﻡ ﻟ ــﻮ ﺗ ــﺪﻋﻮ ﺍﻟﻜ ـ ّ ﻻ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺗﺼﻔﻬﻢ ﺑﻮﺻﻒ ﻭﺍﺣـﺪ ﻓـﻼ ﺑـﺄﺱ ﻓـﻲ ﺫﻟـﻚ ،ﻛﻤـﺎ ﻳﻘـﻮﻝَ ﴿ :
ﻦ ﺍ َ ﺣ ـ ٍـﺪ ِّﻣ ــﻦ ﺭ ُﺳـ ـﻠِﻪِ ﴾) (١ﻻٔﻧﻬ ــﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌ ــﺎ ﻳ ــﺪﻋﻮﻥ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ٕﺍﻟ ــﻰ ُﻧ َﻔـ ـ ِّﺮ ُﻕ َﺑـ ـ ْﻴ َ ـﺸﺮﻭﻧﻬﻢ ﺑﻜ ــﻮﺛﺮ ﺍﻟﻔ ــﻴﺾ ﻭﺍﻟﻔ ــﻀﻞ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﻨ ــﺎﻫﻰ، ﺗﻮﺣﻴ ــﺪ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻳﺒ ـ ّ
ﻭﻛﻠّﻬﻢ ﻓﺎﺋﺰﻭﻥ ﺑﺨﻠﻌﺔ ﺍﻟﻨّﺒﻮﺓ ،ﻭﻣﻔﺘﺨﺮﻭﻥ ﺑﺮﺩﺍء ﺍﻟﻤﻜﺮﻣﺔ .ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﻘـﻮﻝ ﻣﺤﻤــﺪ ﻧﻘﻄــﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ" :ﺃ ّﻣــﺎ ﺍﻟﻨّﺒﻴــﻮﻥ ﻓﺄﻧــﺎ" ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳﻘــﻮﻝٕ " :ﺍﻧّ ـﻲ ﺁﺩﻡ ّ
ﺍﻟﻄﻠﻌ ــﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳّــﺔ ﺑﻬ ــﺬﺍ ﻻ ّﻭﻝ ﻭﻧــﻮﺡ ﻭﻣﻮﺳ ـﻰ ﻭﻋﻴــﺴﻰ" .ﻭﻛﻤ ــﺎ ﻧﻄﻘــﺖ ّ ﺍ ٔ ﻻﺯﻟﻴّـ ـ ــﺔ ،ﻭﻣﺨـ ـ ــﺎﺯﻥ ﺍﻟﻤـ ـ ــﻀﻤﻮﻥ ،ﻭﻇﻬـ ـ ــﺮﺕ ﻣـ ـ ــﻦ ﻣﺠـ ـ ــﺎﺭﻱ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧـ ـ ــﺎﺕ ﺍ ٔ
ـﺎﻝ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤـ ــﺸﻌﺮﺓ ﺑﺘﻮﺣﻴـ ــﺪ ﻣﻮﺍﻗـ ــﻊ ﺍﻟﻼٓﻟـ ــﻲء ﺍﻟﻌﻠﻤﻴّـ ــﺔ ،ﺃﻣﺜـ ـ ُ
ﺍﻟﻄﻠﻌ ــﺎﺕ ﻫ ــﻢ ﻣﻮﺍﻗ ــﻊ ﻣﻤ ــﺎ ﻫ ــﻮ ﻣ ــﺪ ّﻭﻥ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻜﺘ ــﺐ .ﻭﻫ ــﺬﻩ ّ ﺍﻟﺘّﺠﺮﻳ ــﺪ ّ
ﺍﻟﺤﻜ ــﻢ ﻭﻣﻄ ــﺎﻟﻊ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ .ﻭﻫ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ﻣﻘ ـ ّـﺪﺱ ﻋ ــﻦ ﺣﺠﺒ ــﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜ ــﺮﺓ
)(٢ ﻭﻟﻤـ ـﺎ ﺍﺣ ـ َـﺪ ٌﺓ ﴾ ﻭﻋ ــﻮﺍﺭﺽ ﺍﻟﺘّﻌ ـ ّـﺪﺩ ﻭﻟﻬ ــﺬﺍ ﻳﻘ ــﻮﻝَ ﴿ :ﻭ َﻣ ــﺎ ﺍ ْ ﻣ ُﺮ َﻧ ــﺎ ﺍ ﻻ َﻭ ِ ّ
ـﻀﺎ ﻭﺍﺣـ ـ ًـﺪﺍ. ﻛـ ــﺎﻥ ﺍﻻٔﻣـ ــﺮ ﻭﺍﺣـ ـ ًـﺪﺍ ﻓـ ــﻼ ﺑـ ـ ّـﺪ ﺃﻥ ﻳﻜـ ــﻮﻥ ﻣﻈـ ــﺎﻫﺮ ﺍﻻٔﻣـ ــﺮ ﺃﻳـ ـ ً
ﻻﺳــﻼﻣﻲ – ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻧﻄــﻖ ﺃﺋﻤــﺔ ﺍﻟـ ّـﺪﻳﻦ ،ﻭﺳــﺮﺝ ﺍﻟﻴﻘــﻴﻦ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّـﺪﻳﻦ ﺍ ٕ ّ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ،ﻭﺃﻭﺳﻄﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ،ﻭﺁﺧﺮﻧﺎ ﻗﺎﻟﻮﺍ :ﺃ ّﻭﻟﻨﺎ ّ ّ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻤﺮ.
١٢٨
ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ٕﺍ ﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤ ّﻘـﻖ ﻟﺠﻨﺎﺑـﻚ ،ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴـﻊ
ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﻫــﻢ ﻫﻴﺎﻛــﻞ ﺃﻣــﺮ ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻇﻬــﺮﻭﺍ ﻓــﻲ ﺃﻗﻤــﺼﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔــﺔ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣ ــﺎ ﻧﻈ ــﺮﺕ ٕﺍﻟ ــﻴﻬﻢ ﺑﻨﻈ ــﺮ ﻟﻄﻴ ــﻒ ﻟﺘ ــﺮﺍﻫﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌ ــﺎ ﺳ ــﺎﻛﻨﻴﻦ ﻓ ــﻲ ﺭﺿ ــﻮﺍﻥ
ﻭﺍﺣ ــﺪ ،ﻭﻃ ــﺎﺋﺮﻳﻦ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﻮﺍء ﻭﺍﺣ ــﺪ ،ﻭﺟﺎﻟ ــﺴﻴﻦ ﻋﻠ ــﻰ ﺑ ــﺴﺎﻁ ﻭﺍﺣ ــﺪ،
ﻭﻧﺎﻃﻘﻴﻦ ﺑﻜـﻼﻡ ﻭﺍﺣـﺪ ،ﻭﺁﻣـﺮﻳﻦ ﺑـﺄﻣﺮ ﻭﺍﺣـﺪ .ﻭﻫـﺬﺍ ﻫـﻮ ﺍﺗّﺤـﺎﺩ ﺟـﻮﺍﻫﺮ ـﺸﻤﻮﺱ ﻏﻴــﺮ ﺍﻟﻤﺤــﺪﻭﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌــﺪﻭﺩﺓ .ﻓــﺈﺫًﺍ ﻟــﻮ ﻳﻘــﻮﻝ ﺃﺣــﺪ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ﻭﺍﻟـ ّ ـﻞ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﻓﻬــﻮ ﺻــﺎﺩﻕ. ﻣــﻦ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻤﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔٕ ،ﺍﻧّــﻲ ﺭﺟﻌــﺔ ﻛـ ّ
ـﺴﺎﺑﻖ. ـﻞ ﻇﻬــﻮﺭ ﻻﺣــﻖ ﺻــﺪﻕ ﺭﺟــﻮﻉ ّ ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳﺜﺒــﺖ ﻓــﻲ ﻛـ ّ ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﺍﻟـ ّ
ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻛ ــﺎﻥ ﻗـ ــﺪ ﺛﺒـ ــﺖ ﺭﺟ ــﻮﻉ ﺍﻻٔﻧﺒﻴـ ــﺎء ﻭﻓ ًﻘـ ــﺎ ﻟﻼٓﻳ ــﺎﺕ ﻭﻃﺒ ًﻘـ ــﺎ ﻟﻼٔﺧﺒ ــﺎﺭ،
ﺃﻳﻀﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟ ّﺮﺟـﻮﻉ ﺃﻇﻬـﺮ ﻣـﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺜﺒﺖ ﻭﻳﺘﺤ ّﻘﻖ ﺭﺟﻮﻉ ﺍ ٔ ﻻﻭﻟﻴﺎء ً ﻼ ٕﺍ ﻥ ﻣـ ــﻦ ﺟﻤﻠـ ــﺔ ﺃﻥ ﻳﺤﺘـ ــﺎﺝ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺃﻱ ﺩﻟﻴـ ــﻞ ﺃﻭ ﺑﺮﻫـ ــﺎﻥ .ﻓـ ــﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ﻣـ ــﺜ ً
ﺍﻟﺴﻼﻡ ،ﻭ ٕﺍﻧّﻪ ﻟﻤﺎ ﺃﻥ ﺑﻌﺚ ﺑﺎﻟﻨّﺒﻮﺓ ﻭﻗﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻻٔﻣﺮ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ً ﻧﻮﺣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ّ
ـﻞ ﻣ ــﻦ ﺁﻣ ــﻦ ﺑ ــﻪ ﻭﺃﺫﻋ ــﻦ ﻻٔﻣ ــﺮﻩ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﺔ ﺑﻘﻴ ــﺎﻡ ٕﺍﻟﻬ ــﻲ ،ﺃﺻ ــﺒﺢ ﻛ ـ ّ ّ ﻣــﺸ ّﺮ ًﻓﺎ ﺑﺤﻴــﺎﺓ ﺟﺪﻳــﺪﺓ .ﻭﻳــﺼﺪﻕ ﻓــﻲ ﺣ ّﻘــﻪ ﺃﻧّــﻪ ﻗــﺪ ﻣــﻨﺢ ﺣﻴــﺎﺓ ﺟﺪﻳــﺪﺓ
ﻻﺫﻋــﺎﻥ ﻟﻤﻈﻬــﺮ ﻧﻔــﺴﻪ، ﻻﻳﻤــﺎﻥ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ﻭﺍ ٕ ﻭﺭﻭﺣــﺎ ﺟﺪﻳــﺪﺓٕ ،ﺍﺫ ٕﺍﻧــﻪ ﻗﺒــﻞ ﺍ ٕ ً
ﻛــﺎﻥ ﻋﻨــﺪﻩ ﻛﻤــﺎﻝ ﺍﻟﺘّﻌﻠّ ـﻖ ﺑــﺎﻻٔﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻻٔﺳــﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠّﻘــﺔ ﺑﺎﻟـ ّـﺪﻧﻴﺎ ﻣــﻦ ـﺸﺮﺍﺏ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬــﺎ ﺑﺪﺭﺟــﺔ ﺃﻧــﻪ ﻛــﺎﻥ ﻗﺒﻴــﻞ ﺍﻻٔﺯﻭﺍﺝ ﻭﺍﻻٔﻭﻻﺩ ّ ﻭﺍﻟﻄﻌــﺎﻡ ﻭﺍﻟـ ّ
ﻳﻘﻀﻲ ﺍﻟﻠّﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨّﻬﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ
١٢٩
ﺍﻟﻬﻤ ـﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳّــﺔ ،ﻭﺍﺳــﺘﺠﻤﺎﻉ ﺍﻟﻠّﻬــﻮ ﻭﺍﻟﺘّــﺮﻑ ،ﻭﻳﺒــﺬﻝ ﺍﻟﺰﺧــﺎﺭﻑ ّ ّ ﻋﻠــﻰ ّ ﻓــﻲ ﺍﻗﺘﻨــﺎء ﺍﻻٔﺷــﻴﺎء ﺍﻟﻔﺎﻧﻴــﺔ .ﻭﻋــﻼﻭﺓ ﻋﻠــﻰ ﻣــﺎ ﺫﻛــﺮ ﻓﺈﻧّــﻪ ﻗﺒــﻞ ﺍﻟــﻮﺭﻭﺩ
ـﺨﺎ ﻓـﻲ ﺣـﺪﻭﺩ ﺍﻻٓﺑـﺎء ﻭﺍﻻٔﺟـﺪﺍﺩ ،ﻭﺛﺎﺑ ًﺘـﺎ ﻻﻳﻤﺎﻥ ،ﻛـﺎﻥ ﺭﺍﺳ ً ﻟﺠﺔ ﺍ ٕ ﻋﻠﻰ ّ ﻓﻲ ﺍﺗّﺒﺎﻉ ﺁﺩﺍﺑﻬﻢ ﻭﺷﺮﺍﺋﻌﻬﻢ ،ﻋﻠﻰ ﺷﺄﻥ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﺘـﻞ،
ﺭﺑّﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺿﻰ ﺑﻪ ،ﻭﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺣﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻻٔﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘّﻘﻠﻴﺪﻳّﺔ ﺍﻟّﺘـﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﺑﻴﻦ ﻗﻮﻣﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﺻﺎﺡ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻛﻠّﻬـﻢ ﺑﻨـﺪﺍء ﴿ ﺍﻧـﺎ
ﻭﻥ﴾).(١ َﻭ َﺟ ْﺪ َﻧﺎ ﺁ َﺑﺎء َﻧﺎ َﻋ َﻠﻰ ﺍ ﻣ ٍﺔ َﻭ ﺍﻧﺎ َﻋ َﻠﻰ ﺁ َﺛﺎ ِﺭ ِﻫﻢ ﻣ ْﻘ َﺘ ُﺪ َ
ﻋﻠﻰ ﺃ ﻥ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻣﻊ ﺗﻘﻴّﺪﻫﻢ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤـﺪﻭﺩﺓ،
ﻭﺍﻟﺤ ــﺪﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤ ــﺬﻛﻮﺭﺓ ،ﻓ ــﺈﻧّﻬﻢ ﺑﻤﺠ ـ ّﺮﺩ ﻣ ــﺎ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﺠ ّﺮﻋــﻮﻥ ﺻ ــﻬﺒﺎء
ـﺴﺒﺤﺎﻥ ،ﻛـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻻﻳﻤـ ــﺎﻥ ﻣـ ــﻦ ﻛـ ــﺄﺱ ﺍ ٕ ﺍ ٕ ﻻﻳﻘـ ــﺎﻥ ﻣـ ــﻦ ﺃﻳـ ــﺎﺩﻱ ﻣﻈـ ــﺎﻫﺮ ﺍﻟـ ـ ّ ﻳﻨﻘﻠﺒــﻮﻥ ﺑــﺎﻟﻤ ّﺮﺓ ﺑﺤﻴــﺚ ﺃﻧﻬــﻢ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻘﻄﻌــﻮﻥ ﻋــﻦ ﺍﻻٔﺯﻭﺍﺝ ،ﻭﺍﻻٔﻭﻻﺩ
ـﻞ ﻣــﺎ ﺳــﻮﻯ ﺍﻪﻠﻟ. ﻻﻳﻤــﺎﻥ .ﺑــﻞ ﻋــﻦ ﻛـ ّ ﻭﺍﻻٔﻣــﻮﺍﻝ ،ﻭﺍﻟﻤﺘــﺎﻉ ،ﻭﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ﻭﺍ ٕ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ ﻻﻟﻬـ ـ ـﺸﻮﻕ ﺍ ٕ ـﻲ ،ﻭﺟـ ــﺬﺑﺎﺕ ﺍﻟـ ـ ّـﺬﻭﻕ ﺍﻟـ ـ ّ ﻭﺗﺄﺧـ ــﺬﻫﻢ ﻏﻠﺒـ ــﺎﺕ ﺍﻟـ ـ ّ ّ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺯ ًﻧﺎ .ﻓﻬﻞ ﻻ ﻳﻨﻄﺒـﻖ ﻋﻠـﻰ ﻋﻠﻰ ﺷﺄﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻴﻤﻮﻥ ّ ﻫﺆﻻء
ﺍﻟﺰﺧﺮﻑ. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ
١٣٠
ﺣﻜﻢ ﺧﻠﻖ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﺭﺟﻮﻉ ﺟﺪﻳﺪ؟ ﺃﻟﻢ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﺃ ﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨّﻔـﻮﺱ
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ،ﻛﺎﻧــﺖ ﺗﺤــﺎﻓﻆ ﻋﻠــﻰ ﻗﺒــﻞ ﺍﻟﻔــﻮﺯ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳــﺔ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌــﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳــﺪﺓ ﺍ ٕ
ﺭﻭﺣﻬﺎ ﻭﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣـﻦ ﻣـﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻬـﻼ ﻙ ﺑﻤﺎﺋـﺔ ﺃﻟـﻒ ﺣﻴﻠـﺔ ﻭﺗـﺪﺑﻴﺮ؟ ﺑﺤﻴـﺚ ﻻﺻــﺎﺑﺔ ﺑــﺸﻮﻛﺔ ،ﻭﻳﻔ ـ ّﺮﻭﻥ ﻓــﻲ ﺍﻟﻤﺜــﻞ ﺧﻮ ًﻓــﺎ ﺃﻧﻬــﻢ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﺤﺘــﺮﺯﻭﻥ ﻣــﻦ ﺍ ٕ
ﻣ ـ ــﻦ ﺛﻌﻠ ـ ــﺐ؟ ﻭﻟﻜ ـ ــﻦ ﺑﻌ ـ ــﺪ ﺃﻥ ﻧ ـ ــﺎﻟﻮﺍ ﺷ ـ ــﺮﻑ ﺍﻟﻔ ـ ــﻮﺯ ﺍﻻٔﻛﺒ ـ ــﺮ ،ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳ ـ ــﺔ
ـﻞ ﺍﻟﻌﻈﻤ ـ ــﻰ ،ﻛ ـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻔﻘ ـ ــﻮﻥ ﻓ ـ ــﻲ ﺳ ـ ــﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒ ـ ــﻮﺏ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬ ـ ــﻢ ﺑﻜ ـ ـ ّ
ﺍﺭﺗﻴﺎﺡ ،ﺣﺘّﻰ ﻭﻟﻮ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻮﺍﺣﺪ ﻣـﻨﻬﻢ ﻣﺎﺋـﺔ ﺃﻟـﻒ ﺭﻭﺡ ،ﻟـﻮ ﺍﺳـﺘﻄﺎﻋﻮﺍ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻛﺎﻧـﺖ ﺗﺘﻤﻨّـﻰ ﺍﻟﺨـﻼﺹ ﻼ .ﺑﻞ ٕﺍ ﻥ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ٕﺍﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﻴ ً ّ ﻣــﻦ ﻗﻔــﺺ ﺍﻟﺠــﺴﺪ ،ﻭﻛــﺎﻥ ﺍﻟﻔــﺮﺩ ﺍﻟﻮﺍﺣــﺪ ﻣــﻦ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﺠﻨــﻮﺩ ﻳﻮﺍﺟــﻪ
ﻗﻮ ًﻣﺎ ﻭﻳﻘـﺎﺗﻠﻬﻢ ،ﻣـﻊ ﺫﻟـﻚ ﻟـﻮ ﺗﻜـﻮﻥ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻨّﻔـﻮﺱ ﻫـﻲ ﻋـﻴﻦ ﺍﻟﻨّﻔـﻮﺱ
ﺍﻻٔﻭﻟﻰ ،ﻛﻴﻒ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻣﻮﺭﺍﺕ ،ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻌـﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻴﺔ ﻟﻼٔﻫﻮﺍء ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻴّﺔ؟
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻــﺔ ٕﺍ ﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠــﺐ ﻭﺍﺿــﺢٕ .ﺍﺫ ﺑــﺪﻭﻥ ﺣــﺼﻮﻝ ﺍﻟﺘّﻐﻴﻴــﺮ
ﻻﻟﻬ ـ ــﻲ ،ﻳﻜ ـ ــﻮﻥ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟﻤﺤ ـ ــﺎﻝ ﻇﻬ ـ ــﻮﺭ ﻣﺜ ـ ــﻞ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﺛ ـ ــﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘّﺒ ـ ــﺪﻳﻞ ﺍ ٕ ّ ـﺄﻱ ﻭﺍﻻٔﻓﻌــﺎﻝ ﻣــﻨﻬﻢ ،ﻭﺑﺮﻭﺯﻫــﺎ ﻓــﻲ ﻋــﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜــﻮﻥ ّ ﻣﻤــﺎ ﻟــﻴﺲ ﻟــﻪ ﺷــﺒﻴﻪ ﺑـ ّ ﻭﺟـ ــﻪ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻮﺟـ ــﻮﻩ ﺑﺂﺛـ ــﺎﺭﻫﻢ ﻭﺃﻓﻌـ ــﺎﻟﻬﻢ ﺍﻻٔﻭﻟـ ــﻰ ،ﺣﻴـ ــﺚ ﻛـ ــﺎﻥ ﻳﺘﺒـ ـ ّـﺪﻝ ﺍﺿﻄﺮﺍﺑﻬﻢ ﺑﺎﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ،ﻭﻳﺘﻐﻴّﺮ ﻇﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﻴﻘﻴﻦ،
١٣١
ﻻﻟﻬـﻲ، ﻻﻛﺴﻴﺮ ﺍ ﻭﻳﻨﻘﻠﺐ ﺧﻮﻓﻬﻢ ٕﺍﻟﻰ ﺟﺮﺃﻩ ﻭﺷﺠﺎﻋﺔ .ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺷﺄﻥ ﺍ ٕ ٕ ّ ﺍﻟّﺬﻱ ُﻳﻘﻠِّﺐ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻼ ﺍﻧﻈــﺮﻭﺍ ٕﺍﻟــﻰ ﻣــﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨّﺤــﺎﺱٕ ،ﺍﻧّﻬــﺎ ﻟــﻮ ﺗﺤﻔــﻆ ﻓــﻲ ﻣﻨﺠﻤﻬــﺎ ﻣــﺜ ً
ﺗﺘﺠﻤـﺪ ﻓﺈﻧّﻬــﺎ ﺗــﺼﻞ ٕﺍﻟــﻰ ﺭﺗﺒــﺔ ﺍﻟـ ّـﺬﻫﺐ، ﻣـﺪﺓ ﺳــﺒﻌﻴﻦ ﺳــﻨﺔ ﻣــﻦ ﻏﻴــﺮ ﺃﻥ ّ
ﻭﻟ ــﻮ ﺃ ﻥ ﺍﻟ ــﺒﻌﺾ ﻳﻌﺘﻘ ــﺪ ﺃ ﻥ ﻧﻔ ــﺲ ﺍﻟﻨّﺤ ــﺎﺱ ﻫ ــﻮ ﺫﻫ ــﺐ ﺍﺳ ــﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴـ ـﻪ
ﺍﻟﺬﺍﺗﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺠﻤﻮﺩﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻠﻎ ٕﺍﻟﻰ ﺭﺗﺒﺘﻪ ّ
ﻻﻛـﺴﻴﺮ ﺍﻟﻜﺎﻣـﻞ ﺗﺤﻮﻳـﻞ ﺃﻱ ﺣﺎﻝ ﻳـﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍ ٕ ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ٕﺍﻧّﻪ ﻋﻠﻰ ّ
ﻣــﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨّﺤــﺎﺱ ٕﺍﻟــﻰ ﺫﻫــﺐ ﻓــﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣــﺪ ،ﻭﻳﻘــﺪﺭ ﻋﻠــﻰ ﻃــﻲ ﻣﻨــﺎﺯﻝ ّ ـﺴﺒﻌﻴﻦ ﺳ ــﻨﺔ ﻓ ــﻲ ﻟﺤﻈ ــﺔ ﻭﺍﺣــﺪﺓ .ﻓﻬ ــﻞ ﻳﻤﻜ ــﻦ ﺃﻥ ﻳﻘــﺎﻝ ﺑﻌﺪﺋ ـﺬ ﺃ ﻥ ﺍﻟ ـ ّ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻣـﻊ ﺃ ﻥ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﺎﺳﺎ؟ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ ﺭﺗﺒﺔ ّ ﺫﺍ ﻙ ّ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ُ ً ﺍﻟﺬﻫﺒﻴّــﺔ ـﻮﺩﺍ ﻳﻤﻜﻨــﻪ ﺃﻥ ﻳ ّﻌ ـﻴﻦ ـﺼﻔﺎﺕ ّ ﻫﻨــﺎ ﻙ ﻣِ ﺤ ﻜ ـﺎ ﻣﻮﺟـ ً ﻭﻳﻮﺿ ـﺢ ﺍﻟـ ّ ّ
ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺤﺎﺳﻴّﺔ؟ ﻣﻦ ّ
ﻻﻟﻬــﻲ ﻻﻛــﺴﻴﺮ ﺍ ﻭﻫﻜــﺬﺍ ﺣــﺎﻝ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻨّﻔــﻮﺱ ،ﻓــﺈﻧّﻬﻢ ﺑﻔــﻀﻞ ﺍ ٕ ٕ ّ ﻳﻄﻮﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺘّﺮﺍﺑـﻲ ﻓـﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣـﺪ ﻭﻳـﺪﺧﻠﻮﻥ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌـﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﻘﺪﺳـﻴّﺔ.
ﻭﺑﺨﻄﻮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﻨﺘﻘﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ
١٣٢
ﻻﻟﻬـ ـ ــﻲ ﺍﻟﻤﻨـ ـ ـ ّـﺰﻩ ﻋـ ـ ــﻦ ﺍﻟﻤﻜـ ـ ــﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤـ ـ ــﺪﻭﺩ ،ﻭﻳـ ـ ــﺼﻠﻮﻥ ٕﺍﻟـ ـ ــﻰ ﺍﻟﻌـ ـ ــﺎﻟﻢ ﺍ ٕ ّ ﻻﻛــﺴﻴﺮ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻓــﻲ ﻭﺍﻟﺤــﺪﻭﺩ .ﻓﻴﺠــﺐ ﺑــﺬﻝ ﺍﻟﺠﻬــﺪ ﺣﺘّــﻰ ﺗﻔــﻮﺯ ﺑﻬــﺬﺍ ﺍ ٕ
ﺻﻞ ﻣﻐﺮﺏ ﺍﻟﺠﻬﻞ ٕﺍﻟﻰ ﻣـﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ،ﻭﻳﺒ ّـﺪﻝ ﻇﻠﻤـﺔ ﻟﺤﻈﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ُﻳ َﻮ ّ
ـﺼﺒﺢ ﺍﻟﻨّـ ــﻮﺭﺍﻧﻲ ،ﻭﻳﻬـ ــﺪﻱ ﺍﻟﻬـ ــﺎﺋﻤﻴﻦ ﻓـ ــﻲ ﺑﻴـ ــﺪﺍء ﺍﻟﻈﻠﻤـ ـ ﺍﻟﻠّﻴـ ــﻞ ّ ـﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟـ ـ ّ ّ ّ ﻦ ٕﺍﻟﻰ ﻣﻌﻴﻦ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ،ﻭﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛﻞ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﺠﻨّـﺔ ّ ﺍﻟﻈ ّ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴ ــﺔ .ﻓ ــﺎﻻٓﻥ ﻟ ــﻮ ﻳ ــﺼﺪﻕ ﻓ ــﻲ ﺣ ـ ّـﻖ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟ ـ ّـﺬﻫﺐ ﺣﻜ ــﻢ ﺍﻟﻨّﺤ ــﺎﺱ
ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺣ ّـﻖ ﻫـﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻭﻳﺘﺤ ّﻘـﻖ ﻓـﻴﻬﻢ ﺣﻜـﻢ ﺃﻧﻬـﻢ ﻫـﻢ ﻟﻴﺼﺪﻕ ً ﻻﻳﻤﺎﻥ ﻫﻢ ﻧﻔﺲ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎ ٕ
ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻛﻴﻒ ﺃ ﻥ ﺃﺳـﺮﺍﺭ ﺍﻟﺨﻠـﻖ ﺍﻟﺠﺪﻳـﺪ ﻭﺍﻟ ّﺮﺟـﻮﻉ ﻭﺍﻟﺒﻌـﺚ
ﻫ ــﻲ ﻇ ــﺎﻫﺮﺓ ﺑﻐﻴ ــﺮ ﺣﺠ ــﺎﺏ ،ﻭﻻﺋﺤ ــﺔ ﺑ ــﻼ ﻧﻘ ــﺎﺏ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧ ــﺎﺕ
ـﺸﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴـ ــﺔ ﺍﻟﻮﺍﻓﻴـ ــﺔ .ﻭ ٕﺍﻥ ﺷـ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﺑﻔـ ــﻀﻞ ﺍﻟﺘّﺄﻳﻴـ ــﺪﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّـ ــﺔ ﺍﻟـ ـ ّ ﺗﺨﻠـ ــﻊ ﻋـ ــﻦ ﺟـ ــﺴﻤﻚ ﻭﻧﻔـ ــﺴﻚ ﺍﻟﺜّﻴـ ــﺎﺏ ﺍﻟ ّﺮﺛﻴﺜـ ــﺔ ،ﻭﺗﻔﺘﺨـ ــﺮ ﺑﺎﺭﺗـ ــﺪﺍﺋﻚ
ﺍﻟﺨﻠﻊ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ
ﺃﻱ ﻟﻬﺬﺍ ﻻﻳﻤﺎﻥ ّ ّ ﻓﻜﻞ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮﺍ ﺑﺎ ٕ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻠـﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻓـﻲ ّ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﻻﺣ ــﻖ ،ﻭﺷ ــﺮﺑﻮﺍ ﺯﻻﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﺟﻤ ــﺎﻝ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّ ــﺔ ،ﻭﺍﺭﺗﻘ ــﻮﺍ ﻻﻳﻘﺎﻥ ﻻﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍ ٕ ٕﺍﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺭﺝ ﺍ ٕ
١٣٣
ﻭﺍﻻﻧﻘﻄــﺎﻉ ،ﻓﻬــﺆﻻء ﻳﻜــﻮﻥ ﻟﻬــﻢ ﺣﻜــﻢ ﺭﺟــﻮﻉ ﺍﻻٔﻧﻔــﺲ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻓــﺎﺯﻭﺍ
ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻭﻳﻨﻄﺒـﻖ ﻋﻠـﻰ ﻫـﺆﻻء ﺍﻻٔﺻـﺤﺎﺏ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ّ ـﺴﺎﺑﻖ ﺍﺳ ـ ًـﻤﺎ ﻼﺣ ــﻖ ﺣﻜ ــﻢ ﺭﺟﻌ ــﺔ ﺃﺻ ــﺤﺎﺏ ّ ﻓ ــﻲ ّ ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟ ّ ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟ ـ ّ
ﻻ ﻭﺃﻣـ ًﺮﺍ ،ﻻٔ ﻥ ﻣــﺎ ﻇﻬــﺮ ﻣــﻦ ﺃﻭﻟﺌــﻚ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻓــﻲ ﺍﻟﻌﻬــﺪ ﻭﺭﺳـ ًـﻤﺎ ﻭﻓﻌـ ً ﻼ ﻭﻗــﻮ ً
ﻼﺣـﻖ. ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻫﻮ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻭﻻﺡ ﻣﻦ ﻫـﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﻬـﺪ ﺍﻟ ّ ّ
ﻼ ﺍﻟﻮﺭﺩ ،ﻟﻮ ﺃﻧﻪ ﻳﻄﻠﻊ ﻣـﻦ ﺷـﺠﺮﺓ ﻓـﻲ ﺷـﺮﻕ ﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻭﻳﻄﻠـﻊ ﺧﺬﻭﺍ ﻣﺜ ً
ـﻀﺎ ﻣــﻦ ﺷــﺠﺮﺓ ﺃﺧــﺮﻯ ﻓــﻲ ﻣﻐﺮﺑﻬــﺎ ﻓﺈﻧّــﻪ ﻳﻜــﻮﻥ ﻭﺭ ًﺩﺍ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤــﺎ َﻟﻴﻦ، ﺃﻳـ ً
ﻣﻮﺟ ًﻬﺎ ٕﺍﻟـﻰ ﺣـﺪﻭﺩﺍﺕ ﻏـﺼﻦ ﻻ ﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ٔ ّ
ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣـﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻭﻫﻴﺌﺘﻪ ،ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺟ ًﻬﺎ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟ ّﺮﺍﺋﺤﺔ ﻭﺍﻟﻌﻄـﺮ ّ ّ ّ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ
ﺍﻟﻈ ـ ــﺎﻫﺮﺓ ﺣﺘّ ـ ــﻰ ﺗ ـ ــﺮﻯ ٕﺍﺫًﺍ ﻃ ِّﻬـ ـ ـﺮ ﺍﻟﻨّﻈ ـ ــﺮ ﻭﻧ ِّﺰﻫ ـ ــﻪ ﻋ ـ ــﻦ ﺍﻟﺤ ـ ــﺪﻭﺩﺍﺕ ّ
ﺍﻟﺠﻤﻴ ــﻊ ﺑﺎﺳ ــﻢ ﻭﺍﺣ ــﺪ ﻭﺭﺳ ــﻢ ﻭﺍﺣ ــﺪ ﻭﺫﺍﺕ ﻭﺍﺣ ــﺪﺓ ﻭﺣﻘﻴﻘ ــﺔ ﻭﺍﺣ ــﺪﺓ.
ـﻀﺎ ﺃﺳــﺮﺍﺭ ﺭﺟــﻮﻉ ﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤﺮﻭﻓــﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟــﺔ .ﺗﺄ ّﻣـﻞ ﻭﺗــﺪﺭ ﻙ ﺃﻳـ ً ﻼ ﻓــﻲ ﺍﻻٔﺻــﺤﺎﺏ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻓــﻲ ﻋﻬــﺪ ﻧﻘﻄــﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ ،ﻭﻛﻴــﻒ ﻗﻠــﻴ ً
ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّــﺔ ﺻــﺎﺭﻭﺍ ﻣﻨـ ّـﺰﻫﻴﻦ ﺃﻧﻬــﻢ ﺑﺎﻟﻨّﻔﺤــﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔ ﻣــﻦ ﺍﻟﺤــﻀﺮﺓ ّ
ـﺸﺆﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﺒ ــﺸﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﻤ ــﺸﺘﻬﻴﺎﺕ ّ ﻭﻣﻘﺪﺳ ــﻴﻦ ﻭﻣﻨﻘﻄﻌ ــﻴﻦ ﻋ ــﻦ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺍﻟ ـ ّ
ﻛﻞ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻴّﺔ ،ﻭﻓﺎﺋﺰﻳﻦ ﻗﺒﻞ ّ
١٣٤
ﺃﻫ ـ ــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺟﻤﻴ ًﻌ ـ ــﺎ ﺑ ـ ــﺸﺮﻑ ﺍﻟﻠّﻘ ـ ــﺎء ،ﺍﻟّ ـ ــﺬﻱ ﻫ ـ ــﻮ ﻋ ـ ــﻴﻦ ﻟﻘ ـ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ،
ـﻞ ﻣــﺎ ﺳــﻮﺍﻩ .ﻭﻛﻴــﻒ ﺃﻧﻬــﻢ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻔﻘــﻮﻥ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬــﻢ ﻭﻣﻨﻘﻄﻌــﻴﻦ ﻋــﻦ ﻛـ ّ
ـﺪﻱ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﻤﻈﻬـﺮ – ﻣﻈﻬــﺮ ﺫﻱ ﺍﻟﺠــﻼﻝ ﻛﻤـﺎ ﻋﺮﻓــﺖ ﻭﺳــﻤﻌﺖ. ﺑـﻴﻦ ﻳـ ّ
ﻭﺍﻻٓﻥ ﻓﺎﺷــﻬﺪ ﻧﻔــﺲ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺜّﺒــﻮﺕ ﻭﺍﻟ ّﺮﺳــﻮﺥ ﻭﺍﻻﻧﻘﻄــﺎﻉ ،ﻓﺈﻧّــﻪ ﺑﻌﻴﻨــﻪ ﻗﺪ ﺭﺟـﻊ ﻓـﻲ ﺃﺻـﺤﺎﺏ ﻧﻘﻄـﺔ ﺍﻟﺒﻴـﺎﻥ ،ﻛﻤـﺎ ﺷـﺎﻫﺪﺕ ﻛﻴـﻒ ﺃ ﻥ ﻫـﺆﻻء
ﺍﻻٔﺻــﺤﺎﺏ ﻗــﺪ ﺭﻓﻌــﻮﺍ ﻋﻠــﻢ ﺍﻻﻧﻘﻄــﺎﻉ ﻋﻠــﻰ ﺭﻓــﺮﻑ ﺍﻻﻣﺘﻨــﺎﻉ ﺑﺒــﺪﺍﺋﻊ ﺭﺏ ﺍﻻٔﺭﺑﺎﺏ. ﻭﺟﻮﺩ ّ
ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ٕﺍ ﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻧﻮﺍﺭ ﻗﺪ ﻇﻬـﺮﺕ ﻣـﻦ ﻣـﺼﺒﺎﺡ ﻭﺍﺣـﺪ،
ﻻﺛﻤــﺎﺭ ﻗــﺪ ﺃﺗــﺖ ﻣــﻦ ﺷــﺠﺮﺓ ﻭﺍﺣــﺪﺓ ،ﻓــﻼ ﻓــﺮﻕ ﻣﻠﺤــﻮﻅ ﺑﻴــﻨﻬﻢ ﻭﻫــﺬﻩ ﺍ ٔ ـﻞ ﺫﻟــﻚ ﻣــﻦ ﻓــﻀﻞ ﺍﻪﻠﻟ ﻳﺆﺗﻴــﻪ ﻣــﻦ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻭﻻ ﺗﻐﻴﻴــﺮ ﻣــﺸﻬﻮﺩ ﻛـ ّ
ﻳ ــﺸﺎء ﻣ ــﻦ ﺧﻠﻘ ــﻪ ﻭﻟﻨﺤﺘ ــﺮﺯ ٕﺍﻥ ﺷ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻋ ــﻦ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻨّﻔ ــﻲ ،ﻭﻧﺘﻘ ــﺪﻡ
ـﺼﺮ ﻣﻘ ـ ـ ّـﺪﺱ ﻋ ـ ــﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻ ـ ــﺮ ﻻﺛﺒ ـ ــﺎﺕ ،ﺣﺘّ ـ ــﻰ ﻧ ـ ــﺸﺎﻫﺪ ﺑﺒ ـ ـ ٍ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺑﺤ ـ ــﺮ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ،ﻣــﻦ ﻋــﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﺠﻤــﻊ ﻭﺍﻟﻔــﺮﻕ ،ﻭﺍﻟﺘّﻮﺣﻴــﺪ ﻭﺍﻻٔﺿــﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌــﻮﺍﻟﻢ ﺍ ٕ
ﻭﺍﻟﺘّﻔﺮﻳ ـ ــﻖ ،ﻭﺍﻟﺘّﺤﺪﻳ ـ ــﺪ ﻭﺍﻟﺘّﺠﺮﻳ ـ ــﺪ ،ﻭﻧﻄﻴ ـ ــﺮ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺃﻋﻠ ـ ــﻰ ﺃﻓ ـ ــﻖ ﺍﻟﻘ ـ ــﺮﺏ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻘﺪﺱ ﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍ ٕ
ٕﺍﺫًﺍ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻌﻠﻮ ًﻣﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻮ ﺗﻈﻬﺮ
١٣٥
ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻻٓﺧﺮ ﺍﻟّﺬﻱ ﻻ ﺁﺧﺮ ﻟﻪ ،ﻭﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠـﻰ ﻃﻠﻌﺔ ﻣﻦ ّ ﺍﻟﻄﻠﻌﺎﺕ ﺍ ٕ ﺃﻣــﺮ ﻗــﺎﻡ ﺑــﻪ ﻃﻠﻌــﺔ ﻓــﻲ ﺍﻻٔ ّﻭﻝ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻻ ﺃﻭﻝ ﻟــﻪ ،ﻓﺈﻧّــﻪ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺤــﻴﻦ
ﻳـ ــﺼﺪﻕ ﻋﻠـ ــﻰ ﻃﻠﻌـ ــﺔ ﺍﻻٓﺧـ ــﺮ ﺣﻜـ ــﻢ ﻃﻠﻌـ ــﺔ ﺍﻻٔ ّﻭﻝ .ﻻٔ ﻥ ﻃﻠﻌـ ــﺔ ﺍﻻٓﺧـ ــﺮ
ﺍﻟّــﺬﻱ ﻻ ﺁﺧــﺮ ﻟــﻪ ﻗــﺪ ﻗﺎﻣــﺖ ﺑــﻨﻔﺲ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻗــﺎﻡ ﺑــﻪ ﻃﻠﻌــﺔ ﺍﻻٔ ّﻭﻝ ﺍﻟّﺬﻱ ﻻ ﺃ ّﻭﻝ ﻟﻪ .ﻭﻟﻬـﺬﺍ ﻓـﺈﻥ ﻧﻘﻄـﺔ ﺍﻟﺒﻴـﺎﻥ ﺭﻭﺡ ﻣـﺎ ﺳـﻮﺍﻩ ﻓـﺪﺍﻩ ﻗـﺪ ﺷـﺒّﻪ
ـﺸﻤﺲ ،ﻭﻟـﻮ ﺃﻧّﻬـﺎ ﺗﻄﻠـﻊ ﻣـﻦ ﺍﻻٔ ّﻭﻝ ﺍﻟّـﺬﻱ ﻻ ﺃ ّﻭﻝ ﺷﻤﻮﺱ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـﺔ ﺑﺎﻟ ّ ـﺸﻤﺲ. ﻟ ــﻪ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻻٓﺧ ــﺮ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻻ ﺁﺧ ــﺮ ﻟ ــﻪ ،ﻓﺈﻧّﻤ ــﺎ ﻫ ــﻲ ﻫ ــﻲ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻟ ـ ّ ﻻﻭﻟﻴّ ــﺔ ﻓﻬ ــﻮ ـﺸﻤﺲ ﺍ ٔ ـﺸﻤﺲ ﻫ ــﻲ ﻫ ــﻲ ﺍﻟ ـ ّ ﻭﺍﻻٓﻥ ﻟ ــﻮ ﻳﻘ ــﺎﻝ ﺑ ــﺄ ﻥ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ّ
ـﺸﻤﺲ ﻓﻬ ــﻮ ﺻ ــﺤﻴﺢ ﺻ ــﺤﻴﺢ .ﻭﻟ ــﻮ ﻳﻘ ــﺎﻝ ﻋﻨﻬ ــﺎ ﺑﺄﻧﻬ ــﺎ ﺭﺟ ــﻮﻉ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻟ ـ ّ
ـﻀﺎ .ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳــﺼﺪﻕ ﻣــﻦ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﺫﻛــﺮ ﺻــﻴﻐﺔ ﺍﻟﺨﺘﻤﻴّــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺃﻳـ ً
ﻃﻠﻌــﺔ ﺍﻟﺒــﺪء ﻭﺫﻛــﺮ ﺻــﻴﻐﺔ ﺍﻟﺒﺪﺋﻴّــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻃﻠﻌــﺔ ﺍﻟﺨــﺘﻢ ،ﻻٔ ﻥ ﻣــﺎ ﻳﻘــﻮﻡ ﺑــﻪ
ﻃﻠﻌﺔ ﺍﻟﺨﺘﻢ ﻫﻮ ﻫﻮ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺒﺪء
ـﺸﺎﺭﺑﻴﻦ ﻣــﻦ ﺻــﻬﺒﺎء ﻭﺑــﺎﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣــﻦ ﻭﺿــﻮﺡ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠــﺐ ﻟــﺪﻯ ﺍﻟـ ّ
ﻻﻳﻘﺎﻥ ،ﻓﺈﻧّﻪ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ،ﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨّﻔﻮﺱ ﺑـﺴﺒﺐ ﻋـﺪﻡ ﺍﻟﺒﻠـﻮﻍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍ ٕ
ٕﺍﻟ ــﻰ ﻣﻌﻨ ــﺎﻩ ،ﻗ ــﺪ ﺍﺣﺘﺠﺒ ــﻮﺍ ﺑ ــﺬﻛﺮ ﺧ ــﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨّﺒﻴـ ـﻴّﻦ ،ﻭﺻ ــﺎﺭﻭﺍ ﻣﺤﺠ ــﻮﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّــﺔ ﻗــﺪ ﻭﻣﻤﻨــﻮﻋﻴﻦ ﻋــﻦ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻔﻴﻮﺿــﺎﺕ .ﻣــﻊ ﺃ ﻥ ﺍﻟﺤــﻀﺮﺓ ّ ﻗﺎﻟﺖ" :ﺃ ّﻣﺎ ﺍﻟﻨّﺒﻴﻮﻥ ﻓﺄﻧﺎ" .ﻭﻛﺬﻟﻚ
١٣٦
ﻻﺷـﺎﺭﺓ ٕﺍﻟـﻰ ﻗﺎﻟﺖٕ " :ﺍﻧّﻨـﻲ ﺁﺩﻡ ﻭﻧـﻮﺡ ﻭﻣﻮﺳـﻰ ﻭﻋﻴـﺴﻰ" ﻛﻤـﺎ ﺳـﺒﻘﺖ ﺍ ٕ
ﻜـﺮﻭﺍ ﻛﻴــﻒ ﺃﻧــﻪ ﺑﻌــﺪ ﺃﻥ ﺟــﺎﺯ ﻟــﺬﻟﻚ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ﺫﻟــﻚ .ﻭﻣــﻊ ﻫــﺬﺍ ﻟــﻢ ﻳﺘﻔ ّ
ﺍﻻٔﺯﻟـ ــﻲ ﺃﻥ ﻳﻘـ ــﻮﻝ ﻋـ ــﻦ ﻧﻔـ ــﺴﻪٕ ،ﺍﻧّـ ــﻲ ﺁﺩﻡ ﺍﻻٔ ّﻭﻝ ،ﻛﻴـ ــﻒ ﻻ ﻳﺠـ ــﻮﺯ ﻟـ ــﻪ ّ ﻛــﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻘــﻮﻝ ٕﺍﻧّــﻲ ﺁﺩﻡ ﺍﻻٓﺧــﺮ .ﻭﻛﻤــﺎ ﺃﻃﻠــﻖ ﻋﻠــﻰ ﻧﻔــﺴﻪ ﺃﻧــﻪ ﺑــﺪء ﺍﻻٔﻧﺒﻴـ ــﺎء ﺃﻱ ﺁﺩﻡ ،ﻛـ ــﺬﻟﻚ ﺑﻤﺜـ ــﻞ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴّـ ــﺔ ﻳﻄﻠـ ــﻖ ﻋﻠـ ــﻰ ﺫﻟـ ــﻚ ـﻀﺎ .ﻭﻫــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﻭﺍﺿــﺢ ﺟـ ـﺪﺍ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ﺍﻻﻟﻬـ ـﻲ ﺃﻧــﻪ ﺧــﺘﻢ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﺃﻳـ ً ٕ ّ
ـﺼﺢ ﻋﻠﻴـﻪ ﻻٔﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺻﺢ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺃﻧـﻪ ﺑـﺪء ﺍﻟﻨّﺒﻴّـﻴﻦ ،ﻛـﺬﻟﻚ ﻳ ّ ّ ﺑﻨﻔﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴّﺔ ﺃﻧﻪ ﺧﺘﻢ ﺍﻟﻨّﺒﻴّﻴﻦ
ﺍﻟﻈﻬ ـ ــﻮﺭ ﺑﻬـ ـ ــﺬﺍ ﻻﺭﺽ ﻓ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــﺬﺍ ّ ﻭﻟﻘ ـ ــﺪ ﺍﻣ ـ ـ ـ ُﺘﺤﻦ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﺃﻫـ ـ ــﻞ ﺍ ٔ
ـﺴﻜﻮﺍ ﺑــﻨﻔﺲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻘــﻮﻝ ﺍﻟﻤﻄﻠــﺐ ﺣﻴــﺚ ﺃ ﻥ ﺍﻻٔﻛﺜــﺮﻳﻦ ﻣــﻨﻬﻢ ﻗــﺪ ﺗﻤـ ّ
ﻭﺃﻋﺮﺿﻮﺍ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ .ﻭ ٕﺍﻧّﻨﻲ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺩﺭ ﻙ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻣـﻦ ـﻞ ﺫﻛــﺮﻩٕ .ﺍﻥ ﻳﻜــﻦ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻻٔ ّﻭﻟﻴّــﺔ ﺍﻻٔ ّﻭﻟﻴّــﺔ ﻭﺍﻻٓﺧﺮﻳّــﺔ ﻟﻠﺤـ ّـﻖ ﺟـ
ﻭﺍﻻٓﺧﺮﻳّـ ــﺔ ﻫـ ــﻲ ﺍﻻٔ ّﻭﻟﻴّـ ــﺔ ﻭﺍﻻٓﺧﺮﻳّـ ــﺔ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟﻌـ ــﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻠﻜـ ــﻲ ،ﻓـ ــﺈ ّﻥ ﻋـ ــﺎﻟﻢ ّ ﺍﻟﻤﻠ ــﻚ ﻟ ــﻢ ﻳ ــﺼﻞ ﺑﻌ ـ ُـﺪ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬ ــﻰ ،ﻓﻜﻴ ــﻒ ﺗ ــﺼﺪﻕ ٕﺍﺫًﺍ ﺍﻻٓﺧﺮﻳّ ــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّـﺬﺍﺕ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ؟ ﺑــﻞ ٕﺍﻧّــﻪ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ﺗﻜــﻮﻥ ﺍﻻٔ ّﻭﻟﻴّــﺔ ﻧﻔﺲ ﺍﻻٓﺧﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻻٓﺧﺮﻳّﺔ ﻋﻴﻦ ﺍﻻٔ ّﻭﻟﻴّﺔ
١٣٧
ﻭﺧﻼﺻــﺔ ﺍﻟﻘــﻮﻝ ٕﺍﻧــﻪ ﻛﻤــﺎ ﺗــﺼﺪﻕ ﺍﻻٓﺧﺮﻳّــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻤﺮﺑّ ـﻲ
ـﻀﺎ ـﺸﻬﻮﺩ ﻓــﻲ ﺍﻻٔ ّﻭﻝ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻻ ﺃ ّﻭﻝ ﻟــﻪ ،ﻛــﺬﻟﻚ ﺗــﺼﺪﻕ ﺃﻳـ ً ﻟﻠﻐﻴــﺐ ﻭﺍﻟـ ّ
ﻋﻠ ــﻰ ﻣﻈ ــﺎﻫﺮﻩ ﺑ ــﻨﻔﺲ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴّ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﺤ ــﻴﻦ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻳ ــﺼﺪﻕ ﻓﻴ ــﻪ
ـﻀﺎ ﺍﺳ ــﻢ ﺍﻻٓﺧﺮﻳّ ــﺔ .ﻭﻓ ــﻲ ﻋﻠ ــﻴﻬﻢ ﺍﺳ ــﻢ ﺍﻻٔ ّﻭﻟﻴّ ــﺔ ﻳ ــﺼﺪﻕ ﻓﻴ ــﻪ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﺃﻳ ـ ً
ﺍﻟﺤــﻴﻦ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻳﻜﻮﻧــﻮﻥ ﻓﻴــﻪ ﺟﺎﻟــﺴﻴﻦ ﻋﻠــﻰ ﺳــﺮﻳﺮ ﺍﻟﺒﺪﺋﻴّــﺔ ﻳﻜﻮﻧــﻮﻥ ﻓــﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺤـﻴﻦ ﻣـﺴﺘﻘ ّﺮﻳﻦ ﻋﻠـﻰ ﻋـﺮﺵ ﺍﻟﺨﺘﻤﻴّـﺔ .ﻭﻟـﻮ ﻳﻜـﻮﻥ ﻻٔﺣـﺪ ﺑـﺼﺮ
ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳّـﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴّـﺔ ﺣﺪﻳﺪ ،ﻓﺈﻧّﻪ ﻳـﺸﺎﻫﺪ ﺑـﺄ ﻥ ﻣﻈﻬـﺮ ﺍﻻٔ ّﻭﻟﻴّـﺔ ﻭﺍﻻٓﺧﺮﻳّـﺔ ّ ﻻﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻤﺠـ ّﺮﺩﺓ ﺍﻟﺬﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺒﺪﺋﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺨﺘﻤﻴّﺔ ،ﻫﻢ ﻫﺆﻻء ّ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻭﺍ ٔ ّ
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ .ﻭﻟــﻮ ﺗﻜــﻮﻥ ﻃــﺎﺋ ًﺮﺍ ﻓــﻲ ﻫــﻮﺍء ﻗــﺪﺱ – ﻛــﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻟــﻢ ﻭﺍﻻٔﻧﻔــﺲ ﺍ ٕ ﻻﺳ ــﻤﺎء ﻟ ــﺪﻯ ﺗﻠ ــﻚ ﻳﻜ ــﻦ ﻣﻌ ــﻪ ﻣ ــﻦ ﺷ ــﻲء – ﻟﺘ ــﺮﻯ ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﻫ ــﺬﻩ ﺍ ٔ
ـﺴﺎﺣﺔ ﻣﻌﺪﻭﻣ ـ ــﺔ ﻋ ـ ــﺪ ًﻣﺎ ﺻ ـ ــﺮ ًﻓﺎ ﻭﻣﻔﻘ ـ ــﻮﺩﺓ ﻓﻘ ـ ـ ًـﺪﺍ ﺑﺤ ًﺘ ـ ــﺎ .ﻭﻣ ـ ــﺎ ﻛﻨ ـ ــﺖ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﻻﺷـﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤـﺎﺕ .ﻓﻤـﺎ ﺗﺤﺘﺠﺐ ﺃﺑ ًـﺪﺍ ﺑﻌـﺪﻫﺎ ﺑﻬـﺬﻩ ﺍﻟﺤﺠﺒـﺎﺕ ﻭﺍ ٕ
ـﺴﺒﻴﻞ ﺃﻋﻠﻰ ﻭﺃﻟﻄﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟّﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﻻ ﻳﻬﺘﺪﻱ ﺟﺒﺮﺍﺋﻴـﻞ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻄﻴ ـ ــﺮ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـ ــﻲ ﺃﻥ ﻳﻄﻴ ـ ــﺮ ﻓﻴ ـ ــﻪ ﺑﻐﻴ ـ ــﺮ ٕﺍﻋﺎﻧ ـ ــﺔ ﺑﻐﻴ ـ ــﺮ ﺩﻟﻴ ـ ــﻞ ﻭﻻ ﻳ ـ ــﺴﺘﻄﻴﻊ ّ ّ ﻏﻴﺒﻴّﺔ
ﻭﺍﻻٓﻥ ﻓ ـ ــﺎﻓﻬﻢ ﻗ ـ ــﻮﻝ ﻋﻠ ـ ــﻲ ﺃﻣﻴ ـ ــﺮ ﺍﻟﻤ ـ ــﺆﻣﻨﻴﻦ ﺣﻴ ـ ــﺚ ﻗ ـ ــﺎﻝ :ﻛ ـ ــﺸﻒ ّ ﺍﻟﺴﺒﺤﺎﺕ ﺳﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﺠﻼﻝ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ٕﺍﺷﺎﺭﺓ .ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ّ
١٣٨
ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻫــﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌــﺎ ﺍﻟﻤﺠﻠّﻠــﺔ ﻫــﻢ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﻌــﺼﺮ ﻭﻓﻘﻬــﺎء ﺯﻣــﺎﻥ ّ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳّـﺔ، ﻧﻈ ًﺮﺍ ﻟﻌـﺪﻡ ٕﺍﺩﺭﺍﻛﻬـﻢ ،ﻭﺍﺷـﺘﻐﺎﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟ ّـﺪﻧﻴﺎ ،ﻭﺣـﺒّﻬﻢ ﻟﻠ ّﺮﻳﺎﺳـﺔ ّ
ﻟ ــﻢ ﻳ ــﺬﻋﻨﻮﺍ ﻻٔﻣ ــﺮ ﺍﻪﻠﻟ .ﺑ ــﻞ ﺃﻧﻬ ــﻢ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﻤ ــﺪﻭﻥ ﺁﺫﺍﻧﻬ ــﻢ ﻻﺳ ــﺘﻤﺎﻉ
ﻭﻟﻤـﺎ ﻛـﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﺍﻟﻨّﻐﻤﺔ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﺑﻞ ﻳﺠﻌﻠﻮﻥ ﺃﺻﺎﺑﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺁﺫﺍﻧﻬـﻢّ .
ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻭﻟﻴﺎء ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻟﺬﺍ ﻫﻢ ﻣﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﻟـﺮﻓﺾ ﺗﻠـﻚ ﻗﺪ ﺍﺗّﺨﺬﻭﻫﻢ ً
ﺸﺐ ﺍﻟﻤﺴﻨّﺪﺓ ﻭﻗﺒﻮﻟﻬﻢ .ﻻٔﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻬـﻢ ﺑـﺼﺮ ﻭﻻ ﺳـﻤﻊ ﻭﻻ ﻗﻠـﺐ ُ ﺍﻟﺨ ُ ﻟﻴﻤﻴّ ـﺰﻭﺍ ﺑــﻪ ﻭﻳﻔ ّﺮﻗــﻮﺍ ﻣــﻦ ﺗﻠﻘــﺎء ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ﺑــﻴﻦ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃــﻞ .ﻣــﻊ ﺃ ﻥ
ﻻﺻـﻔﻴﺎء ﻗـﺪ ﺃﻣـﺮﻭﺍ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻣـﻦ ﻗِ َﺒـﻞ ﺍﻪﻠﻟ ﺑـﺄﻥ ﻻﻭﻟﻴﺎء ﻭﺍ ٔ ﻻﻧﺒﻴﺎء ﻭﺍ ٔ ﺟﻤﻴﻊ ﺍ ٔ
ﻛﻞ ﺑﺈﺫﻧﻪ ﻭﻳﺮﻯ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻣﻊ ﺫﻟـﻚ ﻣـﺎ ﺍﻋﺘﻨـﻮﺍ ﺑﻨـﺼﺢ ﺍﻻٔﻧﺒﻴـﺎء ﺑـﻞ ﻳﺴﻤﻊ
ﺻﺎﺭﻭﺍ ﺗﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻌﻠﻤﺎﺋﻬﻢ ﻭﻻ ﺯﺍﻟﻮﺍ ﻟﻬﻢ ﺗﺎﺑﻌﻴﻦ
ﻭﻟﻮ ﺃ ﻥ ﻣﺴﻜﻴ ًﻨﺎ ﺃﻭ ﻓﻘﻴ ًﺮﺍ ﻋﺎﺭ ًﻳﺎ ﻋﻦ ﻟﺒـﺎﺱ ﺃﻫـﻞ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﻳﻘـﻮﻝَ ﴿ :ﻳـﺎ
ِﻴﻦ﴾) (١ﻟﻴﻘـ ــﻮﻟﻦ ﻓـ ــﻲ ﺟﻮﺍﺑـ ــﻪٕ :ﺍ ّﻥ ﻫـ ــﺆﻻء ﺍﻟﻌﻠﻤـ ــﺎء َﻗ ـ ـ ْﻮ ِﻡ ﺍﺗِ ﺒ ُﻌـ ــﻮﺍ ﺍﻟ ُْﻤ ْﺮ َﺳ ـ ـﻠ َ
ﺍﻟﻈ ـ ــﺎﻫﺮﺓ ،ﻭﺍﻻٔﻟﺒ ـ ــﺴﺔ ﺍﻻٔﻧﻴﻘ ـ ــﺔ ﻭﺍﻟﻔ ـ ــﻀﻼء ﻣ ـ ــﻊ ﻣ ـ ــﺎ ﻟﻬ ـ ــﻢ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟ ّﺮﻳﺎﺳ ـ ــﺔ ّ
ﺍﻟﻠّﻄﻴﻔﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮﺍ ﻭﻟﻢ ﻳـﺪﺭﻛﻮﺍ ﺍﻟﺤ ّـﻖ ﻣـﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃـﻞ ،ﻭﺃﻧـﺖ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟـﻚ ﻭﻳﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻗﺪ ﺃﺩﺭﻛﺘﻪ؟ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻳﺲ.
١٣٩
ـﺪﺩﺍ ـﺴﻠﻒ ﻫــﻢ ﺃﻛﺜ ـﺮ ﻋ ـ ً ﻣــﻦ ﻣﺜــﻞ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻘــﻮﻝ ،ﺑــﺎﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣ ــﻦ ﺃ ﻥ ﺃﻣــﻢ ﺍﻟـ ّ
ﻼ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻗـ ّﻮﺓ ﻭﺃﻛﺒـﺮ ﺷـﺄ ًﻧﺎ .ﻭﻟـﻮ ﺗﻜـﻮﻥ ﺍﻟﻜﺜـﺮﺓ ﻭﻟﺒـﺎﺱ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﺩﻟـﻴ ً ـﺴﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﺒﺘّ ـﺔ ﺃﻭﻟــﻰ ﻭﺷـ ً ـﺼﺪﻕ ،ﻟﻜﺎﻧــﺖ ﺍﻻٔﻣــﻢ ﺍﻟـ ّ ـﺎﻫﺪﺍ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭﺍﻟـ ّ
ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺃﺳﺒﻖ
ﻼ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﻓﺈﻧّﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻭﻓﻀ ً
ـﺼﺪﻭﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺣﻴﺎﻥ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ،ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻤﺎء ﻋﺼﺮﻫﻢ ﻳ ّ ﺍﻟﺨﻠــﻖ ﻋــﻦ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ،ﻳــﺸﻬﺪ ﺑــﺬﻟﻚ ﻣــﺎ ُﺩ ِّﻭ َﻥ ﻓــﻲ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻜﺘــﺐ
ـﺴﻤﺎﻭﻳّﺔ .ﻓﺈﻧّـ ــﻪ ﻣـ ــﺎ ﺑﻌـ ــﺚ ﺃﺣـ ــﺪ ﻣـ ــﻦ ﺍﻻٔﻧﺒﻴـ ــﺎء ٕﺍﻻ ﻭﻛـ ــﺎﻥ ـﺼﺤﻒ ﺍﻟـ ـ ّ ﻭﺍﻟـ ـ ّ ﺐ ﻣـﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤـﺎء ،ﻗـﺎﺗﻠﻬﻢ ﺍﻪﻠﻟ ﺑﻤـﺎ َﻣﻌﺮﺽ ﺍﻟـﺒﻐﺾ ﻭﺍ ٕ ﻻﻧﻜـﺎﺭ ﻭﺍﻟـ ّﺮ ّﺩ ﻭﺍﻟ ّ ـﺴ ّ
ﺃﻱ ﺳـﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﺠـﻼﻝ ﻗﺒﻞ ،ﻭﻣﻦ ُ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﻣﻦ ُ ﺑﻌﺪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻔﻌﻠـﻮﻥ .ﻭﺍﻻٓﻥ ّ
ـﻀﻼﻝ ﻫـ ــﺬﻩ؟ ﻭﺍﻪﻠﻟِ ﺍ ﻥ ﻛـ ــﺸﻔﻬﺎ ﺃﻋﻈـ ــﻢ ﺍﻻٔﻣـ ــﻮﺭ ﺃﻋﻈ ـ ـﻢ ﻣـ ــﻦ ﻫﻴﺎﻛـ ــﻞ ﺍﻟـ ـ ّ ﻭﺧﺮﻗﻬ ــﺎ ﺃﻛﺒ ــﺮ ﺃﻋﻤ ــﺎﻝ ﻭﻓﻘﻨ ــﺎ ﺍﻪﻠﻟ ﻭ ٕﺍﻳّ ــﺎﻛﻢ ﻳ ــﺎ ﻣﻌ ــﺸﺮ ﺍﻟـ ـ ّﺮﻭﺡ ،ﻟﻌﻠّﻜ ــﻢ
ﺑ ــﺬﻟﻚ ﻓ ــﻲ ﺯﻣ ــﻦ ﺍﻟﻤ ــﺴﺘﻐﺎﺙ ﺗﻮ ّﻓﻘ ــﻮﻥ ،ﻭﻣ ــﻦ ﻟﻘ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻓ ــﻲ ﺃﻳّﺎﻣ ــﻪ ﻻ ﺗﺤﺘﺠﺒﻮﻥ
ـﻀﺎ ﺫﻛــﺮ ﺧــﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨّﺒﻴّــﻴﻦ ـﺴﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﻠّﻠــﺔ ﺃﻳـ ً ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻓــﺈ ّﻥ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ
ﻳﻌﺪ ﻛﺸﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﻻﻃﻼﻗﺎﺕ ،ﺍﻟّﺘﻲ ّ ﻭﺃﻣﺜﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍ ٕ
١٤٠
ـﻞ ﺟﻤــﻴﻌﻬﻢ ﻣﺤﺘﺠﺒــﻴﻦ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭ ﻟــﺪﻯ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻬﻤــﺞ ﺍﻟ ّﺮﻋــﺎﻉ ،ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻇـ ّ
ـﺴﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﻠّﻠـ ــﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤـ ــﺔ ،ﺃﻣـ ــﺎ ﺑﻬـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺤﺠﺒـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤـ ــﺪﻭﺩﺓ ﻭﺍﻟـ ـ ّ
ـﻞ ﺳ ــﻤﻌﻮﺍ ﻧﻐﻤ ــﺔ ﻃﻴ ــﺮ ﺍﻟﻬﻮﻳّـ ـﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋ ــﻞٕ :ﺍﻧّ ــﻲ ﺗﺰ ّﻭﺟ ــﺖ ﺑ ــﺄﻟﻒ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ،ﻛ ـ ّ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﺧـﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨّﺒﻴّـﻴﻦ .ﻓـﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻨﺖ ّ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬ ّ
ﻻﻟﻬــﻲ ،ﻭﻛــﻢ ﻣــﻦ ﺍﻻٓﻥ ﻛــﻢ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﺳــﺮﺍﺭ ﻣــﺴﺘﻮﺭﺓ ﻓــﻲ ﺳــﺮﺍﺩﻕ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﺍ ٕ ّ ﺟﻮﺍﻫﺮ ﻋﻠﻤﻪ ﻣﻜﻨﻮﻧﺔ ﻓﻲ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ ،ﺣﺘّﻰ ﺗـﻮﻗﻦ ﺑـﺄ ﻥ ﺻـﻨﻌﻪ ﻟـﻢ
ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻭﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻧﻬﺎﻳﺔ .ﻭﺑﺄ ﻥ ﻓﻀﺎء ﻗـﻀﺎﺋﺔ ﺃﻋﻈـﻢ ﻣـﻦ ﺃﻥ
ﻻﻓﺌــﺪﺓ .ﻭﺃ ﻥ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍﺗــﻪ ﺍﻟﻘﺪﺭﻳّ ـﺔ ﺃﻛﺒ ـﺮ ﻳﺤـ ّـﺪﺩ ﺑﺎﻟﺒﻴــﺎﻥ ،ﺃﻭ ﺗﻄﻮﻳــﻪ ﻃﻴــﻮﺭ ﺍ ٔ
ﻣــﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬــﻲ ﺑــﺈﺩﺭﺍ ﻙ ﻧﻔــﺲ ﺧﻠﻘــﻪ ﻣﻮﺟــﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻻٔ ّﻭﻝ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻻ ﺃ ّﻭﻝ
ﻟــﻪ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻻٓﺧــﺮ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻻ ﺁﺧــﺮ ﻟــﻪ .ﻭﻣﻈــﺎﻫﺮ ﺟﻤﺎﻟــﻪ ﻟــﻢ ﻳﻌــﺮﻑ ﻟﻬــﺎ ﻣــﻦ
ﻜـ ـﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺑﺪﺍﻳ ــﺔ ،ﻭﺳﺘ ــﺴﺘﻤ ّﺮ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻧﻬﺎﻳ ــﺔ ﻣ ــﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳ ــﺔ ﻟ ــﻪ .ﻓﻔ ّ
ﺍﻟﻄﻠﻌﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺗﺄ ّﻣﻞ ﻛﻴﻒ ﻳﺼﺪﻕ ﺣﻜﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺎﺗﻪ ّ
ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻓــﺄﺩﺭ ﻙ ﻧﻐﻤــﺔ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ﺍﻻٔﺯﻟــﻲ ﺣــﺴﻴﻦ ﺑــﻦ ﻋﻠــﻲ ﺣﻴــﺚ ّ ّ ﻳﻘ ـ ــﻮﻝ ﻟ ـ ــﺴﻠﻤﺎﻥ ﻣ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻀﻤﻮﻧﻪٕ :ﺍﻧّ ـ ــﻲ ﻛﻨ ـ ــﺖ ﻣ ـ ــﻊ ﺃﻟ ـ ــﻒ ﺁﺩﻡ ،ﻭﺍﻟﻤ ـ ـ ّـﺪﺓ
ـﻞ ﺁﺩﻡ ﻭﺁﺩﻡ ﺧﻤــﺴﻮﻥ ﺃﻟــﻒ ﺳــﻨﺔ .ﻭﻗــﺪ ﻋﺮﺿــﺖ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻔﺎﺻــﻠﺔ ﺑــﻴﻦ ﻛـ ّ ﺛﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﻔﺎﺻﻴﻞ ّ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻻﻳﺔ ﺃﺑﻲ .
١٤١
ﺣﺘّﻰ ﻳﻘﻮﻝٕ :ﺍﻧّﻲ ﺧﻀﺖ ﺃﻟﻒ ﻣﻮﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻪﻠﻟ ﺑﺤﻴـﺚ ﺃ ﻥ ﺃﺻـﻐﺮ
ﻣﻮﻗﻌــﺔ ﻭﺃﻗﻠّﻬــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﻣﺜ ـﻞ ﻏــﺰﻭﺓ ﺧﻴﺒــﺮ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺣــﺎﺭﺏ ﻓﻴﻬــﺎ ﺃﺑــﻲ ﻭﺟﺎﻫــﺪ
ﺿ ـ ّـﺪ ﺍﻟﻜﻔ ــﺎﺭ َﻓ ِﻜ ـ ـﺪ ﻧﻔ ــﺴﻚ ﺍﻻٓﻥ ﻭﺃﺟﻬ ــﺪﻫﺎ ﺣﺘّ ــﻰ ﺗﻔﻬ ــﻢ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺎﺗﻴﻦ ﻭﺍﻟﺼﻨﻊ ﺍﻟّﺬﻱ ﻻ ﺃ ّﻭﻟﻴّـﺔ ﻟـﻪ ﻭﻻ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺘﻢ ﻭﺍﻟ ّﺮﺟﻊ ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳﺘﻴﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ّ ّ ﺁﺧﺮﻳّﺔ
ﻼﻫــﻮﺕ ﻣﻘﺪﺳــﺔ ﻋــﻦ ﺃﻥ ﺗﺤـ ّـﺪ ﻓﺎﻟﺨﻼﺻــﺔ ﻳــﺎ ﺣﺒﻴﺒــﻲ ﺃ ﻥ ﻧﻐﻤــﺔ ﺍﻟ ّ
ﺑﺤ ــﺪﻭﺩ ﺳ ــﻤﻊ ﺃﻫ ــﻞ ﺍﻟﻨّﺎﺳ ــﻮﺕ ﻭ ٕﺍﺩﺭﺍﻛـ ـﺎﺗﻬﻢ ﻭﺃﻧ ــﻰ ﻟﻨﻤﻠ ــﺔ ﺍﻟﻮﺟ ــﻮﺩ ﺃﻥ
ـﻀﻌﻴﻔﺔ ﺗﻄ ــﺮﻕ ﺑﻘ ــﺪﻣﻬﺎ ﻓ ــﻲ ﺳ ــﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﻌﺒ ــﻮﺩ .ﻣ ــﻊ ﺫﻟ ــﻚ ﻓ ــﺎﻟﻨّﻔﻮﺱ ﺍﻟ ـ ّ
ﻻﺩﺭﺍ ﻙ ﺗﻨﻜــﺮ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌــﻀﻠﺔ ﻭﺗﻨﻔــﻲ ﺃﻣﺜــﺎﻝ ﺑــﺴﺒﺐ ﻋــﺪﻡ ﺍ ٕ
ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳــﺚ ﺑﻠــﻰ ﻻ ﻳﻌــﺮﻑ ﺫﻟــﻚ ٕﺍﻻ ﺃﻭﻟــﻮ ﺍﻻٔﻟﺒــﺎﺏ .ﻗــﻞ ﻫــﻮ
ﻻﺑـﺪﺍﻉ ،ﻭﻻ ﺑـﺪء ﻟـﻪ ﻓـﻲ ﺍﻻﺧﺘـﺮﺍﻉ. ﺍﻟﺨـﺘﻢ ﺍﻟّـﺬﻱ ﻟـﻴﺲ ﻟـﻪ ﺧـﺘﻢ ﻓـﻲ ﺍ ٕ
ٕﺍ ًﺫﺍ ﻳﺎ ﻣﻼٔ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻓﻲ ﻇﻬﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺪء ﺗﺠﻠّﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺘﻢ ﺗﺸﻬﺪﻭﻥ
ـﺴﻜﻮﻥ ﻓــﻲ ﺑﻌــﺾ ـﺸﺪﻳﺪ ﻣــﻦ ﺃ ﻥ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻘــﻮﻡ ﻳﺘﻤـ ّ ﻳــﺎ ﻟﻠﻌﺠــﺐ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﻤﺮﺍﺗــﺐ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺗﻄــﺎﺑﻖ ﻣﻴــﻮﻟﻬﻢ ﻭﺃﻫــﻮﺍءﻫﻢ ﺑﺄﻳّـﺔ ﻣﻨﺰﻟــﺔ ﻓــﻲ ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ ،ﺃﻭ
ﻻﻳﻘﺎﻥ .ﻭﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟّﺘﻲ ﺗﻐﺎﻳﺮ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺃﻭﻟﻲ ﺍ ٕ ﻮﻥ ﺃﻫﻮﺍءﻫﻢ ﻳﻌﺮﺿﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤ ّﺮﺓ ﴿ﺍ َ ﻓ ُﺘ ْﺆﻣِ ُﻨ َ
١٤٢
ﺾ﴾) (١ﻣﺎ ﻟﻜـﻢ ﻛﻴـﻒ ﺗﺤﻜﻤـﻮﻥ ﻣـﺎ ﻻ ﺎﺏ َﻭ َﺗ ْ ﻜ ُﻔ ُﺮ َ ﻭﻥ ِﺑ َﺒ ْﻌ ٍ ﺾ ﺍﻟ ِْﻜ َﺘ ِ ِﺑ َﺒ ْﻌ ِ ﺭﺏ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓـﻲ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ﺍﻟﻤﺒـﻴﻦ ﺑﻌـﺪ ﺗﺸﻌﺮﻭﻥ .ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻟﻪ ّ
ـﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟِ َﻭ َﺧـ ـ ــﺎ َﺗ َﻢ ﺃﻥ ﺫﻛـ ـ ــﺮ ﺍﻟﺨﺘﻤﻴّ ـ ـ ـﺔ ﻓـ ـ ــﻲ ﻗﻮﻟـ ـ ــﻪ ﺗﻌـ ـ ــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻭ َﻟ ِﻜـ ـ ــﻦ ﺭ ُﺳـ ـ ـ َ
ـﻴﻦ﴾) (٢ﻭﻋ ــﺪ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﺑﻠﻘﺎﺋ ــﻪ ،ﻛﻤ ــﺎ ﺗـ ـﺸﻬﺪ ﺑ ــﺬﻟﻚ ﺁﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﻨِ ﺒﻴِّ ـ َ
ـﻀﺎ ﻣﻨﻬــﺎ. ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ّ ﻣﻤــﺎ ﻗــﺪ ﺫﻛﺮﻧــﺎ ﺑﻌـ ً ﺍﻟﺪﺍﻟّـﺔ ﻋﻠــﻰ ﻟﻘــﺎء ﻣﻠﻴــﻚ ﺍﻟﺒﻘــﺎءّ ،
ﻭﺍﻪﻠﻟ ﺍﻻٔﺣــﺪ ﺷــﺎﻫﺪ ﻋﻠــﻰ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻘــﻮﻝ ﺑﺄﻧّــﻪ ﻟــﻢ ﻳــﺬﻛﺮ ﻓــﻲ ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ ﺃﻣــﺮ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠّﻘﺎء ،ﻭﻻ ﺃﺻﺮﺡ ﻣﻨﻪ .ﻓﻬﻨﻴﺎ ﻟﻤﻦ ﻓﺎﺯ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺃﻋﺮﺽ
ﻋﻨﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﺘﻢ ﺗﺸﻬﺪﻭﻥ
ﻻﻣ ــﺮ ﺍﻟﺜّ ــﺎﻧﻲ ﻻﻭﻝ ﻋ ــﻦ ﺍ ٔ ﻭﻣ ــﻊ ﺫﻟ ــﻚ ﺻ ــﺎﺭﻭﺍ ﻣﻌﺮﺿ ــﻴﻦ ﺑ ــﺎﻟﺤﻜﻢ ﺍ ٔ
ﺑﺎﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃ ﻥ ﺣﻜـﻢ ﺍﻟﻠّﻘـﺎء ﻓـﻲ ﻳـﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣـﺔ ﻣﻨـﺼﻮﺹ ﻓـﻲ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ.
ﻭﻟﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻭﺗﺤ ّﻘـﻖ ﺑﺎﻟ ّـﺪﻻﺋﻞ ﺍﻟﻮﺍﺿـﺤﺔ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘـﺼﻮﺩ ﻣـﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣـﺔ ﻫـﻮ
ﻗﻴﺎﻡ ﻣﻈﻬﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮﻩ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻠّﻘﺎء ﻟﻘﺎء ﺟﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ
ﻫﻴﻜـ ــﻞ ﻇﻬـ ــﻮﺭﻩٕ .ﺍﺫ ﺃﻧّـ ــﻪ ﻻ ﺗﺪﺭﻛـ ــﻪ ﺍﻻٔﺑـ ــﺼﺎﺭ ﻭﻫـ ــﻮ ﻳـ ــﺪﺭ ﻙ ﺍﻻٔﺑـ ــﺼﺎﺭ.
ﻭﺑــﺎﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣــﻦ ﺟﻤﻴــﻊ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟــﺐ ﺍﻟﺜّﺎﺑﺘــﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻧــﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺿــﺤﺔ ﻗــﺪ ﺗﻤﺴﻜﻮﺍ ﺑﺬﻛﺮ ﺍﻟﺨﺘﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﺣﺰﺍﺏ.
١٤٣
ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ .ﻭﻇﻠّـﻮﺍ ﻣﺤﺘﺠﺒـﻴﻦ ﺑـﺎﻟﻤ ّﺮﺓ ﻋـﻦ ﻣﻮﺟـﺪ ﺍﻟﺨـﺘﻢ ﻭﺍﻟﺒـﺪء ﻓـﻲ ﻳـﻮﻡ
ـﺴ ُﺒﻮﺍ َﻣــﺎ َﺗـ َﺮ َﻙ َﻋ َﻠــﻰ َﻇ ْﻬ ِﺮ َﻫــﺎ ﻣِ ــﻦ ﻟﻘﺎﺋــﻪَ ﴿ .ﻭ َﻟـ ْﻮ ُﻳ َﺆ ِ ـﺎﺱ ِﺑ َﻤــﺎ َﻛـ َ ﺍﺧـ ُـﺬ ﺍﻪﻠﻟُ ﺍﻟﻨـ َ
ـﺴ ﻤﻰ﴾) (١ﻭﺑـﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨّﻈـﺮ ﻋـﻦ ﻫـﺬﻩ َﺩﺍﺑٍ ﺔ َﻭ َﻟ ِﻜﻦ ُﻳ َﺆ ِّ ﺧ ُﺮ ُﻫ ْﻢ ﺍ َﻟـﻰ ﺍ َ ﺟ ٍـﻞ ﻣ َ
ﺍﻟﻤﺮﺍﺗــﺐ ،ﻟــﻮ ﻛــﺎﻥ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻘــﻮﻡ ﻗــﺪ ﺫﺍﻗــﻮﺍ ﻗﻄــﺮﺓ ﻣــﻦ ﺍﻟﻌــﻴﻦ ﺍﻟﻠّﻄﻴﻔــﺔ ﻋــﻴﻦ ﻳﻔﻌــﻞ ﻣــﺎ ﻳــﺸﺎء ﻭﻳﺤﻜــﻢ ﻣــﺎ ﻳﺮﻳــﺪ ﻟﻤــﺎ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺘﺮﺿــﻮﻥ ﺃﺑـ ًـﺪﺍ ﻋﻠــﻰ
ﻣﺤﻞ ﺍﻻٔﻣﺮ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﺿـﻴﺔ -ﺍﻻٔﻣـﺮ ﻭﺍﻟﻘـﻮﻝ ّ
ـﻞ ﺷ ــﻲء ﻓ ــﻲ ﻗﺒ ــﻀﺔ ﻗﺪﺭﺗ ــﻪ ﺃﺳ ــﻴﺮ .ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻭﺍﻟﻔﻌ ــﻞ ﻓ ــﻲ ﻗﺒ ــﻀﺔ ﻗﺪﺭﺗ ــﻪ .ﻛ ـ ّ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻬﻞ ﻳﺴﻴﺮ .ﻓﺎﻋﻞ ﻟﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻭﻋﺎﻣﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﺸﺎء .ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻟ َِﻢ
ﻼ ﺑﻤ ــﺎ ﺍﺭﺗﻜﺒ ــﻮﺍ ﻭ ِﺑ ـ َـﻢ ﻓﻘ ــﺪ ﻛﻔ ــﺮ ﻭﻟ ــﻮ ﺃ ّﻥ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﻳ ــﺸﻌﺮﻭﻥ ﻗﻠ ــﻴ ً
ﻦ ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ﺑﺄﻳــﺪﻳﻬﻢ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻨّــﺎﺭ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻫــﻲ ﻟ ـ َﻴﻬﻠ ُ ﻦ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤــﻴﻦ ﻭﻟ َﻴﻘــﺬ ُﻓ ﻜ ـﺴُ ﻞ َﻋ ﻤ ـ ـ ــﺎ ﻣﻘـ ـ ـ ـ ّﺮﻫﻢ ﻭﻣ ـ ـ ــﺮﺟﻌﻬﻢ .ﺃﻣ ـ ـ ــﺎ ﺳ ـ ـ ــﻤﻌﻮﺍ ﻗﻮﻟ ـ ـ ــﻪ ﺗﻌ ـ ـ ــﺎﻟﻰ﴿ :ﻻ ُﻳ ـ ـ ـ ْ ـﻞ﴾) (٢ﻭﻣــﻊ ﻭﺟــﻮﺩ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧــﺎﺕ ﻛﻴــﻒ ﻳﻘــﺪﺭ ﺍﻟﻤــﺮء ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﺳــﺮ َﻳ ْﻔ َﻌـ ُ
ﻭﻳﺴﺄﻟﻪ ﻭﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﺰﺧﺎﺭﻑ ﺍﻟﻘﻮﻝ
ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺟﻬﻞ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻭﻋـﺪﻡ ﻋﺮﻓـﺎﻧﻬﻢ ٕﺍﻟـﻰ ﺣ ّـﺪ ﻭﻣﻘـﺎﻡ
ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻣﻘﺒﻠﻴﻦ ٕﺍﻟﻰ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﻭ ٕﺍﺭﺍﺩﺗﻬﻢ ،ﻭﻣﻌﺮﺿﻴﻦ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻓﺎﻃﺮ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء.
١٤٤
ـﻞ ﻭﻋـ ّـﺰ .ﻓﺄﻧــﺼﻔﻮﺍ ﺍﻻٓﻥ ﻟــﻮ ﻳﻜــﻮﻥ ﻫــﺆﻻء ﻋــﻦ ﻋﻠــﻢ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭ ٕﺍﺭﺍﺩﺗ ـﻪ ﺟـ
ﻻﺷـ ـ ــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـ ـ ـﻴّﺔ، ﺍﻟﻌﺒـ ـ ــﺎﺩ ﻣـ ـ ــﻮﻗﻨﻴﻦ ﺑﻬـ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ـ ــﺎﺕ ّ ﺍﻟﺪ ّﺭﻳّ ـ ـ ـﺔ ،ﻭﺍ ٕ
ﻭﻳﻌﺘﻘـ ــﺪﻭﻥ ﺃ ﻥ ﺍﻟﺤـ ـ ّـﻖ ﻳﻔﻌـ ــﻞ ﻣـ ــﺎ ﻳـ ــﺸﺎء ﻛﻴـ ــﻒ ﺑﻌﺪﺋـ ــﺬ ﻳﺘـ ــﺸﺒّﺜﻮﻥ ﺑﻬـ ــﺬﻩ
ﻭﻳﺘﻤﺴﻜﻮﻥ ﺑﻬـﺎ ﺑـﻞ ٕﺍﻧّﻬـﻢ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘـ ّﺮﻭﻥ ﺑـﺄﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﺍﻟﺰﺧﺎﺭﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ّ ّ ـﺴﻤﺎ ﺑـ ــﺎﻪﻠﻟ ﻟـ ــﻮ ﻟـ ــﻢ ﺗـ ــﺴﺒﻖ ﺍﻟﺘّﻘـ ــﺪﻳﺮﺍﺕ ﻛـ ـ ّ ـﻞ ﻣـ ــﺎ ﻳﻘﻮﻟـ ــﻪ ﻭﻳـ ــﺬﻋﻨﻮﻥ ﻟـ ــﻪ .ﻗـ ـ ً ﺭﺽ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﺍﻟﻤﻘ ـ ّـﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﺤﻜ ــﻢ ﺍﻟﻘﺪﺭﻳّـ ـﺔ ﻻٔﻫﻠﻜ ــﺖ ﺍﻻٔ ُ
ﻳﺆﺧﺮ ﺫﻟﻚ ٕﺍﻟﻰ ﻣﻴﻘﺎﺕ ﻳﻮﻡ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻭﻟﻜﻦ ّ
ـﺴﻨﻴﻦ ﺍﻟﺨﻼﺻــﺔ ﻗــﺪ ﺍﻧﻘــﻀﻰ ﺃﻟــﻒ ﺳــﻨﺔ ﻭﻣﺎﻳﺘــﺎﻥ ﻭﺛﻤــﺎﻧﻮﻥ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ
ﻣﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ،ﻭﺟﻤﻴﻊ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻬﻤﺞ ﺍﻟ ّﺮﻋﺎﻉ ﻳﺘﻠﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ
ـﻞ ﺻــﺒﺎﺡ ،ﻭﻣــﺎ ﻓــﺎﺯﻭﺍ ﻟ ـﻼٓﻥ ﺑﺤــﺮﻑ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣﻨــﻪ ،ﻭﻫــﻢ ﻓــﻲ ﻛـ ّ
ﺍﻟﺪﻻﻟـ ـ ــﺔ ﻋﻠ ـ ـ ــﻰ ـﺼﺮﻳﺤﺔ ﻓـ ـ ــﻲ ّ ﻳﻘـ ـ ــﺮﺃﻭﻥ ﻭﻳﻜ ـ ـ ـ ّﺮﺭﻭﻥ ﺑﻌـ ـ ــﺾ ﺍﻻٓﻳـ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟـ ـ ـ ّ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ .ﻭﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ﻟــﻢ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟــﺐ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔ ،ﻭﻋﻠــﻰ ﻣﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻌـ ّـﺰ ﺍﻟـ ّ
ـﻞ ﺗﻠ ــﻚ ﻳ ــﺪﺭﻛﻮﺍ ﺷ ــﻴﺎ ﻣﻨﻬ ــﺎ ﺑ ــﻞ ٕﺍﻧّﻬ ــﻢ ﻋﺠ ــﺰﻭﺍ ﻋ ــﻦ ﺃﻥ ﻳ ــﺪﺭﻛﻮﺍ ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ
ـﻞ ـﺼﺤﻒ ﻓــﻲ ﻛـ ّ ﺍﻟﻤـ ّـﺪﺓ ،ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﺗــﻼﻭﺓ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ﻭﻗــﺮﺍءﺓ ﺍﻟـ ّ ﻻﺩﺭﺍ ﻙ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬ ـ ــﺎ ﻭﺍﻟﺒﻠ ـ ــﻮﻍ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﻣﻌ ـ ــﺎﺭﺝ ﺃﺳ ـ ــﺮﺍﺭﻫﺎ .ﻭ ٕﺍﻻ ﻋ ـ ــﺼﺮ ،ﻫ ـ ــﻮ ٕ ﻓﺎﻟﺘّﻼﻭﺓ ﺑﻼ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﺘّﺔ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻛﻠّﻴّﺔ
١٤٥
ﻭﻟﻘــﺪ ﺣــﺪﺙ ﺃﻥ ﺣــﻀﺮ ﺷــﺨﺺ ﺫﺍﺕ ﻳــﻮﻡ ﻋﻨــﺪ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘﻴــﺮ ٕﺍﻟــﻰ
ﺑﺤــﺮ ﺍﻟﻤﻌــﺎﻧﻲ ،ﻭﺟــﺎء ﻓــﻲ ﺳــﻴﺎﻕ ﺍﻟﺤــﺪﻳﺚ ﻣﻌــﻪ ﺫﻛــﺮ ﻋﻼﺋــﻢ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ ﻭﺃﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﻣﻨّﺎ ﻛﻴﻒ ﺗـﻢ ﻭﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻨّﺸﺮ ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺏ .ﻓﺄﺻ ّﺮ ّ
ﻳﻄﻠــﻊ ﻋﻠﻴــﻪ ﺃﺣــﺪ. ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﺍﻟﺒــﺪﻳﻊ ﻣــﻊ ﺃﻧّــﻪ ﻟــﻢ ّ ﺣــﺴﺎﺏ ﺍﻟﺨﻼﺋــﻖ ﻓــﻲ ّ ـﺸﺆﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻤﻴّ ـﺔ ﻓﺄﻟﻘﻴﻨــﺎ ﻋﻠﻴــﻪ ﺣﻴﻨﺌــﺬ ﺑﻌـ ً ـﺼﻮﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴّـﺔ ﻭﺍﻟـ ّ ـﻀﺎ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ
ـﻞ ـﻢ ﻗﻠﻨــﺎ ﻟــﻪ ﺑﻌــﺪ ﺫﻟــﻚ ،ﺃﻓــﻲ ﻛـ ّ ـﺴﺎﻣﻊ ﻭﻓﻬﻤــﻪ .ﺛـ ﻋﻠــﻰ ﻗــﺪﺭ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺍﻟـ ّ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻟﻤ ـ ّـﺪﺓ َﻟ ـ ْـﻢ ﺗﺘ ــﻞ ﺍﻟﻘ ــﺮﺁﻥ؟ ﻭﺃ َﻟ ــﻢ ﺗ ــﺮ ﺍﻻٓﻳ ــﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺗﻘ ــﻮﻝ:
ـﺲ َﻭﻻ َﺟـﺎ ﻥ﴾)(١؟ ﻭﺃﻟـﻢ ﺗﻠﺘﻔـﺖ ٕﺍﻟـﻰ ﴿ َﻓ َﻴ ْﻮ َﻣٍ ِٔ ﺬ ﻻ ُﻳ ْﺴﺎُ ﻝ َﻋـﻦ َﺫﻧ ِﺒـﻪِ ﺍﻧ ٌ
ـﺴﺆﺍﻝ ﻟ ـ ــﻴﺲ ﻛﻤ ـ ــﺎ ﺃﺩﺭﻛﺘﻤ ـ ــﻮﻩ؟ ﺑ ـ ــﻞ ٕﺍ ﻥ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘ ـ ــﺼﻮﺩ ﻣ ـ ــﻦ ﻣﻌﻨ ـ ــﻰ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ـﺪﻝ ﻋﻠﻴ ــﻪ ﻫ ــﺬﻩ ـﺴﺆﺍﻝ ﻟ ــﻴﺲ ﺑﺎﻟﻠّ ــﺴﺎﻥ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﺒﻴ ــﺎﻥ ﻛﻤ ــﺎ ﺗ ــﺸﻌﺮ ﺑ ــﻪ ﻭﺗ ـ ّ ﺍﻟ ـ ّ
ﻴﻤﺎ ُﻫ ْﻢ َﻓ ُﻴ ْﺆ َﺧـ ـ ُـﺬ ﺍﻻٓﻳـ ــﺔ .ﻻٔﻧّـ ــﻪ ﻳﻘـ ــﻮﻝ ﺑﻌـ ــﺪﻫﺎُ ﴿ :ﻳ ْﻌ ـ ـ َﺮ ُ ﺠ ِﺮ ُﻣـ ـ َ ﻑ ﺍﻟ ُْﻤ ْ ـﻮﻥ ِﺑـ ـ ِـﺴ َ ِﺑﺎﻟﻨَ ﻮ ِ ﺍﻡ﴾) (٢ ﺍﺻﻲ َﻭﺍﻻْ ﻗ َﺪ ِ
ٕﺍﺫﻥ ﺑﻬ ــﺬﺍ ﻳﻜــﻮﻥ ﺣ ــﺴﺎﺏ ﺍﻟﺨﻼﺋ ــﻖ ﻣ ــﻦ ﺳ ــﻴﻤﺎﻫﻢ ،ﻭﻇﻬــﻮﺭ ﻛﻔ ــﺮ
ﺍﻟﺠﻤﻴ ــﻊ ﻭ ٕﺍﻳﻤ ــﺎﻧﻬﻢ ﻭﻋ ــﺼﻴﺎﻧﻬﻢ ﻣ ــﻦ ﻭﺟ ــﻮﻫﻬﻢ ،ﻣﺜ ــﻞ ﻣ ــﺎ ﻫ ــﻮ ﻣ ــﺸﻬﻮﺩ
ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﺑﺴﻴﻤﺎﻫﻢ ،ﻭﺗﻤﻴﻴﺰﻫﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﻫﻞ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﻦ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﻦ.
١٤٦
ﺑﻬــﺎ ﻋــﻦ ﺃﺻــﺤﺎﺏ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳــﺔ .ﻓﻠــﻮ ﺃ ﻥ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻳﻤﻌﻨــﻮﻥ ﺍﻟﻨّﻈــﺮ ﻓــﻲ ـﺼﺎ ﻟﻮﺟــﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻃﻠ ًﺒــﺎ ﻟﺮﺿــﺎﺋﻪ ِﻟ ُﻴـ ْـﺪ ِﺭﻛﻮﻥ ﻣﻨﻬــﺎ ﺍﻟﺒﺘّ ـﺔ ﺁﻳــﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﺧﺎﻟـ ً
ـﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﺒﻮﻧﻪ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺃﻧّﻬﻢ ﻳﺪﺭﻛﻮﻥ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺗـﻪ ﻇـﺎﻫ ًﺮﺍ ﻣﻜـﺸﻮ ًﻓﺎ ﻛ ّ ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﻣــﻦ ﺍﻟﻜﻠّــﻲ ﻭﺍﻟﺠﺰﺋــﻲ ،ﺣﺘّــﻰ ﺧــﺮﻭﺝ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌــﺔ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ّ ّ ّ ـﺼﻔﺎﺕ ﻣــﻦ ﺍﻻٔﻭﻃــﺎﻥ ،ﻭ ٕﺍﻋــﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﻠّـﺔ ﻭ ٕﺍﻏﻤــﺎﺽ ﻣﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻻٔﺳــﻤﺎء ﻭﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﺪﻭﻟ ـ ــﺔ ،ﻭﺳ ـ ــﻜﻮﻥ ﻣﻈﻬ ـ ــﺮ ﺍﻟﻜﻠّﻴّـ ـ ـﺔ ﻭﺍﺳ ـ ــﺘﻘﺮﺍﺭﻩ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣ ـ ــﺔ ّ ﻻ ﺃﻭﻟﻮ ﺍﻻٔﻟﺒﺎﺏ .ﺃﺧـﺘِﻢ ﺍﻟﻘـﻮﻝ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ .ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺫﻟﻚ ٕﺍ ّ
ـﻞ ﻟﻴﻜــﻮﻥ ﺧﺘﺎﻣــﻪ ﺍﻟﻤــﺴﻚ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻳﻬــﺪﻱ ﺑﻤــﺎ ﻧـ ّـﺰﻝ ﻋﻠــﻰ ﻣﺤﻤــﺪ ﻣــﻦ ﻗﺒـ ُ ّ
ﺍﻟﺤﻖ﴿ :ﻭﺍﻪﻠﻟُ َﻳ ْﺪ ُﻋﻮﺍ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ٕﺍﻟﻰ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﻗﺪﺱ ﻣﻨﻴﺮ .ﻗﺎﻝ ﻭﻗﻮﻟﻪ ّ
ﺻ ـ َﺮ ٍ ﺎء ٕﺍﻟــﻰ ِ ﻘﻴﻢ﴾)َ ﴿ .(١ﻟ ُﻬـ ْـﻢ َﺩﺍ ُﺭ ﻼﻡ ﻭ َﻳﻬــﺪﻱ َﻣـ ْ ﺍﻁ ﻣـ ْ ﺩﺍ ِﺭ ﺍﻟـ ـﻦ َﻳـ َ ـﺴ َﺘ ٍ ـﺴ ِ ـﺸ ُ
ـﻮﻥ﴾) .(٢ﻟﻴــﺴﺒﻖ ﻫــﺬﺍ ﻼ ِﻡ ﻋِ ﻨـ َـﺪ َﺭﺑِّ ِﻬـ ْـﻢ َﻭ ُﻫ ـ َﻮ َﻭ ِﻟ ـﻴُ ﻬ ْﻢ ِﺑ َﻤــﺎ َﻛــﺎ ُﻧﻮ ْﺍ َﻳ ْﻌ َﻤ ُﻠـ َ ـﺴ َ ﺍﻟـ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻪﻠﻟ ّ
ـﻞ ﺍﻣ ــﺮﺉ ﻣ ــﻦ ـﻞ ﻳﺄﺧ ــﺬ ﻛ ـ ّ ـﻞ ﻣﻄﻠ ــﺐ ﻟﻌ ـ ﻟﻘ ــﺪ ﻛ ّﺮﺭﻧ ــﺎ ﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ
ﺣﻈﻪ ﻭﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﻮﺿﻴﻊ ّ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻌﺎﻡ.
١٤٧
ﻗ ـ ــﺪﺭﻩ ﻭﺍﺳ ـ ــﺘﻌﺪﺍﺩﻩ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣ ـ ــﺎ ﻋﺠ ـ ــﺰ ٕﺍﻧ ـ ــﺴﺎﻥ ﻋ ـ ــﻦ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺑﻴ ـ ـ ٍ ـﺎﻥ ،ﻓﺈﻧّ ـ ــﻪ
ﻛﻞ ﺃﻧﺎﺱ ﻣﺸﺮﺑﻬﻢ ﻳﺪﺭ ﻙ ﻣﻘﺼﻮﺩﻩ ﻣﻦ ﺑﻴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻟﻴﻌﻠﻢ ّ
ـﺴﻤﺎ ﺑ ـ ـ ــﺎﻪﻠﻟ ٕﺍ ﻥ ﻟﻬـ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺤﻤﺎﻣ ـ ـ ــﺔ ﺍﻟﺘّﺮﺍﺑﻴّ ـ ـ ـﺔ ﻧﻐﻤـ ـ ــﺎﺕ ﻏﻴ ـ ـ ــﺮ ﻫﺎﺗ ـ ـ ــﻪ ﻗـ ـ ـ ً
ﻋﻤـﺎ ﺍﻟﻨّﻐﻤﺎﺕ ،ﻭﻟﻬﺎ ﺭﻣﻮﺯ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕّ ، ﻛﻞ ﻧﻜﺘﺔ ﻣﻨﻬـﺎ ّ ﻣﻘﺪﺳـﺔ ّ
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﺍﻟﻮﻗــﺖ ﺍﻟّــﺬﻱ ﺳــﺒﻖ ﺑﻴﺎﻧــﻪ ﻭﺟــﺮﻯ ﺑــﻪ ﺍﻟﻘﻠــﻢ .ﻓﻠﺘﺤـ ّـﺪﺩ ﺍﻟﻤــﺸﻴﺌﺔ ﺍ ٕ ﻓﻴﻪ ﺗﺒﺮﺯ ﻋﺮﺍﺋﺲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣﺎﻧﻲ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﺠﺎﺏ ،ﻭﺗﺨﻄﻮ ّ ﻻ ﺑﻌـﺪ ٕﺍﺫﻧـﻪ ،ﻭﻣـﺎ ﻣـﻦ ﺑﻘﺪﻡ ّ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻓـﻲ ﺳـﺎﺣﺔ ﺍﻟﻘـﺪﻡ ﻭﻣـﺎ ﻣـﻦ ﺃﻣـﺮ ٕﺍ ّ
ـﻞ ﻻ ﺑﺤﻮﻟــﻪ ﻭﻗ ّﻮﺗــﻪ ،ﻭﻣــﺎ ﻣــﻦ ٕﺍﻟــﻪ ٕﺍﻻ ﻫــﻮ ﻟــﻪ ﺍﻟﺨﻠــﻖ ﻭﺍﻻٔﻣــﺮ ،ﻭﻛـ ّ ﻗــﺪﺭﺓ ٕﺍ ّ
ﺑﺄﻣﺮﻩ ﻳﻨﻄﻘﻮﻥ ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟ ّﺮﻭﺡ ﻳﺘﻜﻠّﻤﻮﻥ
ـﺸﻤﻮﺱ ﺍﻟﻤــﺸﺮﻗﺔ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤــﺸﺎﺭﻕ ﻟﻘــﺪ ﺳــﺒﻖ ﺃﻥ ﺑﻴّﻨّـﺎ ﻣــﻦ ﻗﺒــﻞ ﺃ ﻥ ﻟﻠـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﻣﻘــﺎﻣﻴﻦ ،ﺃﺣــﺪﻫﻤﺎ ﻣﻘــﺎﻡ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴــﺪ ﻭﺭﺗﺒــﺔ ﺍﻟﺘّﻔﺮﻳــﺪ ﻛﻤــﺎ ﺳــﺒﻘﺖ ﺍ ٕ ﻦ ﺍ َ ﺣ ٍﺪ ِّﻣ ْﻨ ُﻬ ْﻢ﴾) .(١ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﻤـﺎ ﻣﻘـﺎﻡ ﻻﺷﺎﺭﺓ ٕﺍﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﴿ َ ﺍ ٕ ﻻ ُﻧ َﻔ ِّﺮ ُﻕ َﺑ ْﻴ َ
ﺍﻟﺘّﻔــﻀﻴﻞ ﻭﻣﻘــﺎﻡ ﻋــﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﻠــﻖ ﻭﺭﺗﺒــﺔ ﺍﻟﺤــﺪﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺒــﺸﺮﻳّﺔ ،ﻓﻔــﻲ ﻫــﺬﺍ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻫﻴﻜﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
١٤٨
ﻣﻌ ـﻴّﻦ ،ﻭﺃﻣــﺮ ﻣﻘ ـ ّﺮﺭ ،ﻭﻇﻬــﻮﺭ ﻣﻘـ ّـﺪﺭ ،ﻭﺣــﺪﻭﺩ ﻣﺨــﺼﻮﺻﺔ .ﺑﻤﺜــﻞ ﻣــﺎ ٕﺍ ﻥ ـﻞ ﻭﺍﺣ ــﺪ ﻣ ــﻨﻬﻢ ﻣﻮﺳ ــﻮﻡ ﺑﺎﺳ ــﻢ ،ﻭﻣﻮﺻ ــﻮﻑ ﺑﻮﺻ ــﻒ ،ﻭﻣ ــﺄﻣﻮﺭ ﺑ ــﺄﻣﺮ ﻛـ ّ ـﻀ ُﻬ ْﻢ َﻋ َﻠـﻰ ﺑﺪﻳﻊ ،ﻭﺷﺮﻉ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝِ ﴿ :ﺗﻠ َ ْﻚ ﺍﻟ ﺮ ُﺳ ُﻞ َﻓ ـﻀ ْﻠ َﻨﺎ َﺑ ْﻌ َ
ـﻀ ُﻬ ْﻢ َﺩ َﺭ َﺟـ ٍ ـﻦ َﺑ ْﻌـ ٍ ـﺴﻰ ﺍ ْﺑـ َ ـﺎﺕ َﻭﺁ َﺗ ْﻴ َﻨــﺎ ﻋِ ﻴـ َ ـﺾ ِّﻣ ـ ْﻨ ُﻬﻢ ﻣــﻦ َﻛﻠـ َـﻢ ﺍﻪﻠﻟُ َﻭ َﺭ َﻓـ َـﻊ َﺑ ْﻌـ َ
َﻣ ْﺮ َﻳ َﻢ ﺍ ْﻟ َﺒﻴِّ َﻨ ِ ﺱ﴾) (١ﻭﺑـﺎﻟﻨّﻈﺮ ﻻﺧـﺘﻼﻑ ﻫـﺬﻩ ﻭﺡ ﺍ ْﻟ ُﻘ ُـﺪ ِ ﺎﺕ َﻭﺍﻳْ ﺪ َﻧﺎ ُﻩ ِﺑ ُﺮ ِ
ـﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔـ ـ ـ ٌﺔ ﻣ ـ ــﻦ ﺗﻠ ـ ــﻚ ـﺎﺕ ﻭﻛﻠﻤ ـ ـ ٌ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗ ـ ــﺐ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻣ ـ ــﺎﺕ ﺗﻈﻬ ـ ــﺮ ﺑﻴﺎﻧ ـ ـ ٌ ﻻ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﺔ ﺗﻌﺘﺒ ــﺮ ﺟﻤﻴﻌﻬ ــﺎ ﻟ ــﺪﻯ ـﺴﺒﺤﺎﻧﻴّﺔ .ﻭ ٕﺍ ّ ﺍﻟﻴﻨ ــﺎﺑﻴﻊ ﻟﻠﻌﻠ ــﻮﻡ ﺍﻟ ـ ّ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻭﻟﻤـﺎ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﺑﻤﻌﻀﻼﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍ ٕ
ﻳﻄﻠـ ْـﻊ ﺃﻛﺜــﺮ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣــﺎﺕ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ ،ﻟﻬــﺬﺍ ﻳــﻀﻄﺮﺑﻮﻥ، َﻟـ ْـﻢ ّ
ـﺼﺎﺩﺭﺓ ﻣ ـ ــﻦ ﺗﻠ ـ ــﻚ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛ ـ ــﻞ ﻭﻳﺘﺰﻟﺰﻟ ـ ــﻮﻥ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔ ـ ــﺔ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﺍﻟﻤﺘّﺤﺪﺓ
ﻭﺃﺑﺪﺍ ،ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﻓـﻲ ﻻ ً ٕﺍﺫﻥ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻌﻠﻮ ًﻣﺎ ﺃﺯ ً
ﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ﻫــﻲ ﻣــﻦ ﺍﺧﺘﻼﻓــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣــﺎﺕ .ﻭﻟﻬــﺬﺍ ﺍْ ﻃ ِﻠﻘــﺖ ﻭﻻ ﺗــﺰﺍﻝ ﺗﻄﻠــﻖ ﻋﻠــﻰ ﺟــﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ﻫــﺆﻻء ﻓــﻲ ﻣﻘــﺎﻡ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴــﺪ ﻭﻋﻠــﻮ ﺍﻟﺘّﺠﺮﻳــﺪ،
ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟ ّﺮﺑﻮﺑﻴّﺔ ،ﻭﺍﻻٔﻟﻮﻫﻴّﺔ،
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
١٤٩
ـﺼﺮﻓﺔ ،ﻭﺍﻟﻬﻮﻳّـ ــﺔ ﺍﻟﺒﺤﺘ ــﺔ ،ﻻٔ ّﻥ ﺟﻤـ ــﻴﻌﻬﻢ ﺳ ــﺎﻛﻨﻮﻥ ﻋﻠـ ــﻰ ﻭﺍﻻٔﺣﺪﻳّ ــﺔ ﺍﻟ ـ ّ
ﻋــﺮﺵ ﻇﻬــﻮﺭ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻭﺍﻗﻔــﻮﻥ ﻋﻠــﻰ ﻛﺮﺳــﻲ ﺑﻄــﻮﻥ ﺍﻪﻠﻟ ،ﺃﻋﻨــﻲ ﺃ ﻥ ﻇﻬــﻮﺭ ّ ـﺸﺮﻕ ﻣ ــﻦ ﻭﺟ ــﻮﻫﻬﻢ .ﻟﻬ ــﺬﺍ ﻗ ــﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﻇ ــﺎﻫ ٌﺮ ﺑﻈﻬ ــﻮﺭﻫﻢ ،ﻭﺟﻤ ـ َ ـﺎﻝ ﺍﻪﻠﻟ ﻣ ـ ٌ
ﻇﻬﺮﺕ ﻧﻐﻤﺎﺕ ﺍﻟ ّﺮﺑﻮﺑﻴّﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛﻞ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّﺔ
ﻭﻟﻜ ــﻦ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻤﻘ ــﺎﻡ ﺍﻟﺜّ ــﺎﻧﻲ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻫ ــﻮ ﻣﻘ ــﺎﻡ ﺍﻟﺘّﻤﻴﻴ ــﺰ ﻭﺍﻟﺘّﻔ ــﻀﻴﻞ
ﻻﺷ ـ ــﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟ ـ ـ ّـﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴّ ـ ــﺔ ،ﺗﻈﻬ ـ ــﺮ ﻣ ـ ــﻨﻬﻢ ﻭﺍﻟﺘّﺤﺪﻳ ـ ــﺪ ﻭﻣﻘ ـ ــﺎﻡ ﺍ ٕ
ـﺎﺕ ﻛﻤــﺎ ﻳﻘــﻮﻝٕ :ﺍﻧّــﻲ ـﺼﺮﻓﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﻘــﺮ ﺍﻟﺒﺤــﺖ ،ﻭﺍﻟﻔﻨــﺎء ﺍﻟﺒـ ّ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳّــﺔ ﺍﻟـ ّ ﻻ ﺑﺸﺮ ﻣﺜﻠﻜﻢ ﻋﺒﺪ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺎ ٕﺍ ّ
ﻓﺄﺩﺭ ﻙ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺜﺒﻮﺗﺔ ﺍﻟﻤﺤ ّﻘﻘﺔ ﻣـﺴﺎﺋﻠﻚ ﺍﻟّﺘـﻲ ﻗـﺪ
ـﺨﺎ ﻓـ ــﻲ ﺩﻳـ ــﻦ ﺍﻪﻠﻟ ﻏﻴـ ــﺮ ﻣﺘﺰﻟـ ــﺰﻝ ﻣـ ــﻦ ﺳـ ــﺄﻟﺖ ﻋﻨﻬـ ــﺎ ،ﺣﺘّـ ــﻰ ﺗﻜـ ــﻮﻥ ﺭﺍﺳـ ـ ً ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﺑﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ﻭﺍﻻٔﺻﻔﻴﺎء
ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣــﺎ ﺳــﻤﻊ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌــﺔ :ﺃﻧّــﻲ ﺃﻧــﺎ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻓﻬــﻮ ﺣـ ّـﻖ ﻭﻻ
ﺭﻳــﺐ ﻓﻴــﻪٕ .ﺍﺫ ﻗــﺪ ﺛﺒــﺖ ﻣــﺮﺍ ًﺭﺍ ﺃ ﻥ ﺑﻈﻬــﻮﺭﻫﻢ ﻭﺑــﺼﻔﺎﺗﻬﻢ ﻭﺑﺄﺳــﻤﺎﺋﻬﻢ،
ﻳﻈﻬ ـ ــﺮ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻇﻬ ـ ــﻮﺭ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺍﺳ ـ ــﻢ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺻـ ــﻔﺔ ﺍﻪﻠﻟ .ﻭﻟﻬـ ــﺬﺍ ﻳﻘ ـ ــﻮﻝ:
ﻦ ﺍﻪﻠﻟَ ﺖ َﻭ َﻟ ِﻜ ﺖ ﺍ ْﺫ َﺭ َﻣ ْﻴ َ ﴿ َﻭ َﻣﺎ َﺭ َﻣ ْﻴ َ
١٥٠
)(١ ﻮﻥ ـﺬﻳﻦ ُﻳ َﺒﺎ ِﻳ ُﻌﻮ َﻧـ ـ ـ َ ـﻚ ﺍﻧَ ﻤـ ـ ــﺎ ُﻳ َﺒـ ـ ــﺎ ِﻳ ُﻌ َ َﺭ َﻣـ ـ ــﻰ﴾ ﻭﻛـ ـ ــﺬﻟﻚ ﻳﻘـ ـ ــﻮﻝ ﴿ :ﺍ ﻥ ﺍﻟّـ ـ ـ َ
)(٢ ـﻀﺎ ﺻـﺤﻴﺢ ﺍﻪﻠﻟَ﴾ ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﻐﻨّﻮﺍ ﺑﻨﻐﻤﺔٕ :ﺍﻧّـﻲ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻓﺈﻧّـﻪ ﺃﻳ ً
ﻜ ْﻢ ـﺎﻥ ﻭﻻ ﺷ ـ ّ ﻣﺤﻤ ـ ٌـﺪ ﺍ َ ﺑ ــﺎ ﺍ َ ﺣ ـ ٍـﺪ ِّﻣ ــﻦ ِّﺭ َﺟ ــﺎ ِﻟ ُ ـﻚ ﻓﻴ ــﻪ ﻛﻤ ــﺎ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﴿ :ﻣ ــﺎ َﻛ ـ َ ّ
ـﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟِ﴾) .(٣ﻭﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘ ــﺎﻡ ﻫ ــﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌ ــﺎ ﻣﺮﺳ ــﻠﻮﻥ ﻣ ــﻦ َﻭ َﻟ ِﻜ ــﻦ ﺭ ُﺳ ـ َ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﺍﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ ﺍﻻٔﺯﻟﻴّﺔ ﻟﺪﻥ ﺫﺍ ﻙ ّ ّ
ـﻞ ﻭﺍﺣــﺪ ﻣــﻨﻬﻢ ﺑﻨــﺪﺍء :ﺃﻧــﺎ ﺧــﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨّﺒﻴّ ـﻴﻦ ،ﻓﻬــﻮ ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣــﺎ ﻧــﺎﺩﻯ ﻛـ ّ
ﻻ ّﻥ ـﺸﺒﻬﺔٔ . ﺃﻳ ـ ً ـﻀﺎ ﺣ ـ ّـﻖ ﻭﻻ ﺳ ــﺒﻴﻞ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟ ّﺮﻳ ــﺐ ﻓﻴ ــﻪ ﻭﻻ ﻃﺮﻳ ــﻖ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟ ـ ّ ﺍﻟﺠﻤﻴـ ـ ــﻊ ﺣﻜﻤﻬـ ـ ــﻢ ﺣﻜـ ـ ــﻢ ﺫﺍﺕ ﻭﺍﺣـ ـ ــﺪﺓ ،ﻭﻧﻔـ ـ ــﺲ ﻭﺍﺣـ ـ ــﺪﺓ ،ﻭﺭﻭﺡ
ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﺟﺴﺪ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﺃﻣﺮ ﻭﺍﺣـﺪ .ﻭﻛﻠّﻬـﻢ ﻣﻈﻬـﺮ ﺍﻟﺒﺪﺋﻴّـﺔ ﻭﺍﻟﺨﺘﻤﻴّـﺔ،
ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳّ ـ ــﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴّ ـ ــﺔ ﻟ ـ ــﺮﻭﺡ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ـ ــﻲ ﻭﺍﻻٔﻭﻟﻴّ ـ ــﺔ ﻭﺍﻻٓﺧﺮﻳّ ـ ــﺔ ّ ّ ﺍﻟﺴﻮﺍﺫﺝ ﺍﻻٔﺯﻟﻲ ﻭﺳﺎﺫﺝ ّ ّ ـﻀﺎ ﺛﺎﺑ ــﺖ ﻭﻇ ــﺎﻫﺮ، ﻭﻟ ــﻮ ﻳﻘﻮﻟ ــﻮﻥ :ﻧﺤ ــﻦ ﻋﺒ ــﺎﺩ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻓ ــﺈ ّﻥ ﻫ ــﺬﺍ ﺃﻳ ـ ً
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮ ﺑﻤﻨﺘﻬــﻰ ﺭﺗﺒــﺔ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳّــﺔ .ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳّــﺔ ﺣﻴــﺚ ﻗــﺪ ﻇﻬــﺮﻭﺍ ﻓــﻲ ّ
ﺑﻨﺤﻮ ﻻﻣﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ٍ ﺍﻟّﺘﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺍ ٕ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻔﺎﻝ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺘﺢ.
) (٣ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﺣﺰﺍﺏ.
١٥١
ﻣﻨﻬﺎ .ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻇﻬﺮﺕ ﺃﺫﻛـﺎﺭ ﺍﻟ ّﺮﺑﻮﺑﻴّـﺔ ﻭﺍﻻٔﻟﻮﻫﻴّـﺔ ﻣـﻦ ﺟـﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻮﺟـﻮﺩ ﻤﺪﻱ ،ﻭﺍﺭﺗﻘـﺎﺋﻬﻢ ـﺼ ﻫﺆﻻء ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺍﺳـﺘﻐﺮﺍﻗﻬﻢ ﻓـﻲ ﺑﺤـﺎﺭ ﺍﻟﻘـﺪﺱ ﺍﻟ ّ ّ
ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـ ـ ــﻲ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣـ ـ ــﺎ ﻧﻈـ ـ ــﺮ ﺑﻌـ ـ ــﻴﻦ ٕﺍﻟـ ـ ــﻰ ﻣﻌـ ـ ــﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﻌـ ـ ــﺎﻧﻲ ﻟﻠـ ـ ـ ّ ّ ﺍﻟﺘّــﺪﻗﻴﻖ ،ﻳــﺮﻯ ﺃﻧّﻬــﻢ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟ ّﺮﺗﺒــﺔ ﻗــﺪ ﺍﻋﺘﺒــﺮﻭﺍ ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ﻓــﻲ ﻣﻨﺘﻬــﻰ
ـﺼﺮﻑ ﺣﺘّــﻰ ﻛــﺄﻧّﻬﻢ ﺍﻟﻌــﺪﻡ ﻭﺍﻟﻔﻨــﺎء ﺃﻣــﺎﻡ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠــﻖ ،ﻭﺍﻟﺒﻘــﺎء ﺍﻟـ ّ
ـﺴﺎﺣﺔ ِﺷـﺮ ًﻛﺎ. ّ ﻋﺪﻭﺍ ﺃﻧﻔـﺴﻬﻢ ﻋـﺪ ًﻣﺎ ﺻـﺮ ًﻓﺎ ،ﻭﺟﻌﻠـﻮﺍ ﺫﻛـﺮﻫﻢ ﻓـﻲ ﺗﻠـﻚ ﺍﻟ ّ
ﻻٔ ّﻥ ﻣﻄﻠــﻖ ﺍﻟـ ّـﺬﻛﺮ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ﺩﻟﻴــﻞ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ﻭﺍﻟﺒﻘــﺎء .ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻫﺬﺍ َﻟﺨﻄﺄ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﻴﻦ ،ﻓﻜﻴﻒ ِﺑﺬﻛﺮ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﺃﻭ ﺍﺷﺘﻐﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠـﺐ
ﻭﺍﻟﻠّﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻔﺆﺍﺩ ﻭﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ﺑﻐﻴـﺮ ﺫﻛـﺮ ﺍﻟﻤﺤﺒـﻮﺏ ،ﺃﻭ ﻣﻼﺣﻈـﺔ ﺍﻟﻌـﻴﻦ ﻏﻴـﺮ
ﻻﺫﻥ ﻟﻐﻴ ـ ــﺮ ﻧﻐﻤﺘ ـ ــﻪ ،ﺃﻭ ﻣ ـ ــﺸﻲ ﺍﻟ ّﺮﺟ ـ ــﻞ ﻓ ـ ــﻲ ﻏﻴ ـ ــﺮ ﺟﻤﺎﻟ ـ ــﻪ ،ﺃﻭ ٕﺍﺻ ـ ــﻐﺎء ﺍ ٔ
ﺳﺒﻴﻠﻪ
ﺍﻟﺰﻣ ــﺎﻥ ﻭﺃﺣﺎﻃ ــﺖ ﺭﻭﺡ ﺍﻪﻠﻟ ﻣ ــﻦ ﻭﻟﻘــﺪ ﻫﺒّ ـﺖ ﻧ ــﺴﻤﺔ ﺍﻪﻠﻟ ﻓ ــﻲ ﻫــﺬﺍ ّ
ﻻﻣﻜـ ــﺎﻥ ،ﻓـ ــﺎﻣﺘﻨﻊ ﺍﻟﻘﻠـ ــﻢ ﻋـ ــﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛـ ــﺔ ،ﻭﺗﻮ ّﻗ ـ ـﻒ ﺍﻟﻠّـ ــﺴﺎﻥ ﻋـ ــﻦ ﻓـ ــﻲ ﺍ ٕ
ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻ ــﺔ ﺃﻧّـ ــﻪ ﺑـ ــﺎﻟﻨّﻈﺮ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﻫـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘـ ــﺎﻡ ﻗـ ــﺪ ﻇﻬـ ــﺮ ﻣـ ــﻨﻬﻢ ﺫﻛـ ــﺮ
ﺍﻟ ّﺮﺑﻮﺑﻴّﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ .ﻭﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟ ّﺮﺳﺎﻟﺔ ﺃﻇﻬﺮﻭﺍ ﺍﻟ ّﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ
١٥٢
ـﻞ ﻫـﺬﻩ ﺍﻻٔﺫﻛـﺎﺭ ﻛﻞ ﻣﻘﺎﻡ ﺟﺎءﻭﺍ ﺑﺬﻛﺮ ﺣﺴﺐ ﺍﻗﺘﻀﺎﺋﻪ ،ﻭﻧـﺴﺒﻮﺍ ﻛ ّ ﻓﻲ ّ
ٕﺍﻟــﻰ ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ،ﻓﻬــﻲ ﺃﺫﻛــﺎﺭ ﻣــﻦ ﻋــﺎﻟﻢ ﺍﻻٔﻣــﺮ ٕﺍﻟــﻰ ﻋــﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﻠــﻖ ،ﻭﻣــﻦ ﻋــﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟ ّﺮﺑﻮﺑﻴّــﺔ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻌــﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴّــﺔ ،ﻟﻬــﺬﺍ ﻓﻤﻬﻤــﺎ ﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ،ﻭﻣﻬﻤــﺎ ﻳـ ـ ــﺬﻛﺮﻭﻥ ،ﻣـ ـ ــﻦ ﺍﻻٔﻟﻮﻫﻴّـ ـ ــﺔ ﻭﺍﻟ ّﺮﺑﻮﺑﻴّـ ـ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﻨّﺒ ـ ـ ـ ّﻮﺓ ﻭﺍﻟ ّﺮﺳـ ـ ــﺎﻟﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻮﻻﻳـ ـ ــﺔ
ﻜـﺮ ﻓـﻲ ﺣﻖ ﻭﻻ ﺷﺒﻬﺔ ﻓﻴﻪٕ .ﺍﺫﻥ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘّﻔ ّ ﻭﺍ ٕ ﻻﻣﺎﻣﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳّﺔ ،ﻛﻠّﻪ ّ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟّﺘﻲ ﺍﺳﺘﺪﻟﻠﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﺣﺘّﻰ ﻻ ﻳـﻀﻄﺮﺏ ﺃﺣـﺪ ﺑﻌـﺪﻫﺎ ،ﻭﻻ
ﻳﺘﺰﻟـ ــﺰﻝ ﻣـ ــﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓـ ــﺎﺕ ﻓـ ــﻲ ﺃﻗـ ــﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﻈـ ــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّـ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻄـ ــﺎﻟﻊ
ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ
ﻜـ ـﺮ ﻓ ــﻲ ﻛﻠﻤ ــﺎﺕ ﺷ ــﻤﻮﺱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ﺃﻧّ ــﻪ ﻳﺠ ــﺐ ﺍﻟﺘّﻔ ّ
ـﺴﺆﺍﻝ ﻋﻨﻬ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﺣﺘّ ــﻰ ٕﺍﺫﺍ ﻟ ــﻢ ﺗ ــﺪﺭ ﻙ ﻭﺗﻌ ــﺮﻑ ﻳﺤ ــﺐ ﺍﻻﺳ ــﺘﻔﻬﺎﻡ ﻭﺍﻟ ـ ّ
ﻭﻳﻮﺿ ـ ـﺤﻮﻫﺎ ،ﻭﻳﺮﻓﻌـ ــﻮﺍ ﺍﻟـ ــﻮﺍﻗﻔﻴﻦ ﻋﻠـ ــﻰ ﻣﺨـ ــﺎﺯﻥ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻢ ﺣﺘّـ ــﻰ ﻳﺒﻴّﻨﻮﻫـ ــﺎ ّ ـﺴﺮﻭﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـ ـ ـﻴّﺔ ﺑﻌﻘـ ـ ــﻮﻟﻬﻢ ﺍ ٕ ﻻﺷـ ـ ــﻜﺎﻝ ﻋﻨﻬـ ـ ــﺎ .ﻻٔﻧّﻬـ ـ ــﻢ ﻳﻔـ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻘﺎﺻـ ــﺮﺓ ،ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻟـ ــﻢ ﻳﺠـ ــﺪﻭﻫﺎ ﻣﻄﺎﺑﻘـ ــﺔ ﻻٔﻫـ ــﻮﺍﺋﻬﻢ ﻭﻣـ ــﺎ ﻓـ ــﻲ ﺃﻧﻔـ ــﺴﻬﻢ، ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـ ّﺮ ّﺩ ﻭﺍﻻﻋﺘـﺮﺍﺽ .ﻭﻫﻜـﺬﺍ ﺣـﺎﻝ ﻋﻠﻤـﺎء ﺍﻟﻌـﺼﺮ ﻭﻓﻘﻬﺎﺋـﻪ
ﻓ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻴ ـ ــﻮﻡ .ﻣ ـ ــﻦ ﺃﻭﻟﺌ ـ ــﻚ ﺍﻟّ ـ ــﺬﻳﻦ ﻳﺠﻠ ـ ــﺴﻮﻥ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻣ ـ ــﺴﻨﺪ ﺍﻟﻌﻠ ـ ــﻢ
ﻻ ،ﻓــﺈﻧّﻬﻢ ﻟــﻮ ـﺴﻤﻮﻥ ّ ﺍﻟﻈﻠــﻢ ﻋــﺪ ً ﻭﺍﻟﻔــﻀﻞ ،ﻭ َﻳﻌ َﺘﺒــﺮﻭﻥ ﺍﻟﺠﻬــﻞ ً ﻋﻠﻤــﺎ ،ﻭﻳـ ّ
ﻳ ـ ــﺴﺄﻟﻮﻥ ﺷ ـ ــﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ـ ــﺔ ﻋ ـ ــﻦ ﻣﺠﻌ ـ ــﻮﻻﺕ ﺃﻓﻜ ـ ــﺎﺭﻫﻢ ،ﻭﻟ ـ ــﻮ ٕﺍﻧّﻬ ـ ــﻢ ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻮﺍ ًﺑﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻄﺎﺑﻖ ﻟﻤﺎ
١٥٣
ﻓﻬﻤ ــﻮﻩ ،ﺃﻭ ﻟﻤ ــﺎ ﺃﺩﺭﻛ ــﻮﻩ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻜﺘ ــﺎﺏ ﺑﺄﻧﻔ ــﺴﻬﻢ ،ﻓ ــﺈﻧّﻬﻢ ﺍﻟﺒﺘّ ـﺔ ﻳﻨﻔ ــﻮﻥ
ﻛﻞ ﺍﻻٔﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻦ ﻣﻌﺪﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻣﻨﺒﻌﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ّ
ﻣﺤﻤ ـ ًـﺪﺍ ﺳـ ـﻴّﺪ ﻟﻤـ ـﺎ ﺳ ــﺌﻠﻮﺍ ﻣ ــﺜ ً ّ ـﺴﺆﺍﻝ ﻋ ــﻦ ﺍﻻٔ ِﻫﻠـ ـﺔ ّ ﻼ ﻣ ــﺬﻛﻮﺭ ﻓ ــﻲ ﺍﻟ ـ ّ
ﻻﻟﻬ ـ ــﻲ ﺑﻘﻮﻟ ـ ــﻪ﴿ :ﻫِ ـ ــﻲ ﺍﻟﻮﺟ ـ ــﻮﺩ ﻭﺃﺟ ـ ــﺎﺑﻬﻢ ﺣ ـ ــﻀﺮﺗﻪ ﺣ ـ ــﺴﺐ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮ ﺍ ٕ ّ َ ﺱ﴾) (١ﻓــﺈﻧّﻬﻢ ﺑﻌــﺪ ﺍﻻﺳــﺘﻤﺎﻉ ﻧﻔــﻮﺍ ﻋــﻦ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﺻــﻔﺔ ـﺖ ﻟِﻠﻨــﺎ ِ َﻣ َﻮﺍﻗِ ﻴـ ُ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻚ َﻋ ِـﻦ ـﺴُ ﻠﻮ َﻧ َ ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟـﻚ ﺣـﺪﺙ ﻓـﻲ ﺁﻳـﺔ ﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ﺍﻟّﺘـﻲ ﺗﻘـﻮﻝ ﴿ َﻭ َﻳ ْ
)(٢ ﻟﻤـﺎ ﺫﻛـﺮ ﻟﻬـﻢ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺠـﻮﺍﺏ ﻭﺡ ﻣِ ْ ـﻦ ﺍ ْ ﻣـ ِﺮ َﺭﺑِّـﻲ﴾ ،ﻓﺈﻧّـﻪ ّ ﻭﺡ ُﻗ ِﻞ ﺍﻟ ﺮ ُ ﺍﻟ ﺮ ِ
ﻣﺤﺘﺠ ـﻴﻦ ﻗــﺎﺋﻠﻴﻦ :ﻭﺍ ﻭﻳــﻼﻩ ﻣــﻦ ﺟﺎﻫــﻞ ﻻ ﻳﻌــﺮﻑ ﻣــﺎ ﺻــﺎﺣﻮﺍ ﺟﻤﻴ ًﻌــﺎ ّ ﻋﺎﻟﻤ ــﺎ ﺑ ــﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻠّ ــﺪﻧﻲ .ﻭﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﺣﻴ ــﺚ ﺃ ﻥ ﻫ ــﻲ ﺍﻟـ ـ ّﺮﻭﺡ ،ﻭﻳﻌ ـ ّـﺪ ﻧﻔ ــﺴﻪ ً ّ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﻌــﺼﺮ ﻳﻔﺘﺨــﺮﻭﻥ ﺑﺎﺳــﻢ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ﻭﻗــﺪ ﺭﺃﻭﺍ ﺁﺑــﺎءﻫﻢ ﻣــﺬﻋﻨﻴﻦ ﻟــﻪ ـﻀﺎ ،ﻓﻠـ ــﺬﻟﻚ ﻫـ ــﻢ ﻗـ ــﺎﺑﻠﻮﻥ ﻟﺤﻜﻤـ ــﻪ ﺑﺎﻟﺘّﻘﻠﻴـ ــﺪ .ﻭﺃﻧـ ــﺼﻔﻮﺍ ﻟـ ــﻮ ﺃﻧّﻬـ ــﻢ ﺃﻳـ ـ ً
ﻻﺟﺎﺑ ــﺔ ﻋ ــﻦ ﺃﻣﺜ ــﺎﻝ ﻫ ــﺬﻩ ﻳ ــﺴﻤﻌﻮﻥ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﻣﺜ ــﻞ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﺠ ــﻮﺍﺏ ﻓ ــﻲ ﺍ ٕ
ﺑﺪ َﻳ ُﺮ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ .ﻓﺈﻧّﻬﻢ ﻻ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
ﻻﺳﺮﺍء. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍ ٕ
١٥٤
ـﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻛﻤ ــﺎ ﻓﻌﻠ ــﻮﺍ .ﻣ ــﻊ ﺃ ﻥ ﻭﻳﻌﺘﺮﺿ ــﻮﻥ ﻭ ُﻳﻌﻴ ــﺪﻭﻥ ﻧﻔ ــﺲ ﻛﻠﻤ ــﺎﺕ ﺍﻟ ـ ّ
ـﻞ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠ ــﻮﻡ ﺍﻟﻤﺠﻌﻮﻟ ــﺔ، ﻣﻘﺪﺳ ــﻮﻥ ﻋ ــﻦ ﻛ ـ ّ ﺟ ــﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻮﺟ ــﻮﺩ ﻫ ــﺆﻻء ّ ﻭﻣﻨﺰﻫـ ــﻮﻥ ﻋـ ــﻦ ﺟﻤﻴـ ــﻊ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤـ ــﺪﻭﺩﺓ ،ﻭﻣﺘﻌـ ــﺎﻟﻮﻥ ﻋـ ــﻦ ّ
ـﻞ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻮﻡ ﺗﻠﻘـ ــﺎء ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻢ ﻛـ ــﺬﺏ ـﻞ ﻣـ ــﺪﺭ ﻙ .ﻛـ ـ ّ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﻛـ ـ ّ
ـﻞ ﻣـﺎ ﻳﻈﻬـﺮ ﻻﺩﺭﺍﻛﺎﺕ ٕﺍﻓﻚ ﻣﺤﺾ .ﺑـﻞ ٕﺍ ﻥ ﻛ ّ ﺻﺮﻑ ،ﻭﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍ ٕ ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ ﻓﻬ ــﻮ ﻋ ــﻴﻦ ﻣ ــﻦ ﻣﻌ ــﺎﺩﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤ ــﺔ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ﻭﻣﺨ ــﺎﺯﻥ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﺍﻟ ـ ّ
ـﻞ ﻋﻠﻴـ ـ ــﻪ، ﺍﻟﻌﻠـ ـ ــﻢ .ﻭﺣـ ـ ــﺪﻳﺚ )ﺍﻟﻌﻠـ ـ ــﻢ ﻧﻘﻄـ ـ ــﺔ ﻛﺜّﺮﻫـ ـ ــﺎ ﺍﻟﺠـ ـ ــﺎﻫﻠﻮﻥ( ﺩﻟﻴـ ـ ـ ٌ ﻭﺣ ــﺪﻳﺚ )ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﻧ ــﻮﺭ ﻳﻘﺬﻓ ــﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﻓ ــﻲ ﻗﻠ ــﺐ ﻣ ــﻦ ﻳ ــﺸﺎء( ﻣﺜﺒّـ ـﺖ ﻟﻬ ــﺬﺍ
ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ
ﻭﺳ ـ ـ ّـﻤﻮﺍ ﻭﺧﻼﺻ ـ ــﺔ ﺍﻟﻘ ـ ــﻮﻝ ﺃﻧّ ـ ــﻪ ّ ﻟﻤ ـ ــﺎ ﻟ ـ ــﻢ ﻳ ـ ــﺪﺭﻛﻮﺍ ﻣﻌﻨ ـ ــﻰ ﺍﻟﻌﻠ ـ ــﻢَ ،
ﻋﻠﻤـﺎ ﻟـﺬﺍ ﻗـﺪ ﻭﺭﺩ ﻣـﻨﻬﻢ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ ﺍﻟﻮﻫﻤﻴّﺔ ﺍﻟﻨّﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺠﻬﻞ ً
ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﻭﺳﻤﻌﺖ
ﻼٕ ،ﺍ ﻥ ﺃﺣـ ـ ًـﺪﺍ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻌﺒـ ــﺎﺩ) (١ﺍﻟﻤـ ــﺸﻬﻮﺭ ﺑـ ــﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔـ ــﻀﻞ، ﻓﻤـ ــﺜ ً
ـﺐ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤــﺎء ﻭﺍﻟّــﺬﻱ ﻳﻌـ ّـﺪ ﻧﻔــﺴﻪ ﻣــﻦ ﺻــﻨﺎﺩﻳﺪ ﺍﻟﻘــﻮﻡ ،ﻗــﺪ ﺭ ّﺩ ﻭﺳـ ّ
ﻛﻞ َﻣ ْﻮﻗﻊ ﺍﻟ ّﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﻬﻮﺩ ﻓﻲ ّ
) (١ﺣﺎﺟﻲ ﻣﻴﺮﺯﺍ ﻛﺮﻳﻢ ﺧﺎﻥ.
١٥٥
ـﺼﺮﻳﺤﺎ .ﻭﻟﻤ ــﺎ ﻛ ــﺎﻥ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒ ــﺪ ﻗ ــﺪ ﺳ ــﻤﻊ ﻛﺜﻴـ ـ ًﺮﺍ ﻋ ــﻦ ﺤ ــﺎ ﻭﺗ ـ ً ﻣﻨ ــﻪ ﺗﻠﻮﻳ ً
ﻼ ﻓــﻲ ﺭﺳــﺎﺋﻠﻪ ،ﺭﻏــﻢ ﺃ ﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒــﺪ ﻣــﺎ ﺫﻛــﺮﻩ ،ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﺗــﺼ ّﻔﺢ ﻗﻠــﻴ ً
ﻼﻗﺒــﺎﻝ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻨّﻈــﺮ ﻓــﻲ ﻛﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟﻐﻴــﺮ ﻭﻟــﻦ ﻳﻜــﻮﻥٕ .ﺍﻻ ﻛــﺎﻥ ﻟــﻪ ﻣﻴــﻞ ﻟ ٕ
ﺃﻧّﻪ ﻟﻤﺎ ﺳﺄﻝ ﺟﻤﻊ ﻋﻦ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﺍﺳﺘﻔﺴﺮﻭﺍ ﻋﻨﻪ ،ﻟﻬﺬﺍ ﺻﺎﺭ ﻟﺰﺍ ًﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ٌ ﺍﻻﻃﻼﻉ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﻠﻴﻦ ﺑﻌﺪ ّ ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻗﻠﻴ ً ﻼ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ ،ﻭﻧﺠﻴﺐ ّ
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻــﺔ ﺃ ﻥ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗــﻪ ﺑﺎﻟﻠّﻐــﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴّــﺔ ﻟــﻢ ﻳﺘّﻔــﻖ ﻭﻗﻮﻋﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻳــﺪﻧﺎ
ﺣﺘّــﻰ ﺃﺧﺒﺮﻧــﺎ ﺷــﺨﺺ ﺫﺍﺕ ﻳــﻮﻡ ﺑﺄﻧّــﻪ ﻳﻮﺟــﺪ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠــﺪ ﻛﺘــﺎﺏ ﻟــﻪ ـﺸ َﺘ ﻢ ﻣــﻦ ﻫــﺬﺍ ﺍﻻﺳــﻢ ﺭﺍﺋﺤــﺔ ﺍﻟﻜﺒــﺮ ـﺴﻤﻰ ﺑﺈﺭﺷــﺎﺩ ﺍﻟﻌــﻮﺍ ّﻡ .ﻭﻟــﻮ ﺃﻧّــﻪ ُﻳـ ْ ﻳـ ّ
ﻭﺍﻟﻐﺮﻭﺭ ،ﺣﻴﺚ ﻓﺮﺽ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺎﻟ ًﻤﺎ ﻭﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺟﻬﻼء .ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﺪ
ُﻋ ِﺮﻓﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺗﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﺳﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻭﺛﺒﺖ ﺑﺄﻧّﻪ ﺳﺎﻟﻚ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟ ـ ـﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬ ـ ــﻮﻯ ،ﻭﺳ ـ ــﺎﻛﻦ ﻓ ـ ــﻲ ﺗﻴ ـ ــﻪ ﺍﻟﺠﻬ ـ ــﻞ ﻭﺍﻟﻌﻤـ ــﻰ ،ﻛﺄﻧّـ ــﻪ ﻧ ـ ــﺴﻲ ﺍﻟﺤ ــﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤ ــﺸﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋ ــﻞ) :ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﺗﻤ ــﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﻠ ــﻮﻡ ،ﻭﺍﻟﻘ ــﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﻌ ـ ّـﺰﺓ ﺗﻤــﺎﻡ ﺍﻟﺨﻠــﻖ( .ﻓﻤــﻊ ﻫــﺬﺍ ﻃﻠﺒﻨــﺎ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ،ﻭﻣﻜــﺚ ﻋﻨــﺪ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒــﺪ
ﺃﻳّﺎ ًﻣﺎ ﻣﻌﺪﻭﺩﺍﺕ ،ﻭﻛﺄﻧّﻨﺎ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻓﻴﻪ ﻣ ّﺮﺗﻴﻦ ،ﻭﺗﺼﺎﺩﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻤ ّﺮﺓ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﻭﻗﻊ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﻌـﺮﺍﺝ ﺳـﻴّﺪ )ﻟـﻮﻻ ﻙ(ٕ ،ﺍﺷـﺎﺭﺓ
ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ )ﻟﻮﻻ ﻙ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻘﺖ ﺍﻻٔﻓﻼ ﻙ( .ﻓﻼﺣﻈﻨﺎ ﺃﻧّﻪ ﺩ ّﻭﻥ
١٥٦
ـﺮﻃﺎ ﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ﺍﻟﻤﻌ ــﺮﺍﺝ. ﻧﺤـ ـ ًﻮﺍ ﻣ ــﻦ ﻋ ــﺸﺮﻳﻦ ﻋﻠ ًْﻤ ــﺎ ﺃﻭ ﻳﺰﻳ ــﺪ ،ﻭﺟﻌﻠﻬ ــﺎ ﺷ ـ ً
ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻋﺮﻓﻨــﺎ ﻣﻨــﻪ ﺑﺄﻧّــﻪ ﻟــﻮ ﻛﺎﻧــﺖ ﻧﻔــﺲ ﻻ ﺗ ـﺪﺭ ﻙ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺣـ ّـﻖ
ٕﺍﺩﺭﺍﻛﻬــﺎ ،ﻓﺈﻧّﻬ ــﺎ ﻻ ﺗﻔــﻮﺯ ﺑﻤﻌﺮﻓــﺔ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ﺍﻟﻌــﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌ ــﺎﻟﻲ .ﻭﻣ ــﻦ
ﺟﻤﻠ ــﺔ ﺍﻟﻌﻠ ــﻮﻡ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺫﻛﺮﻫ ــﺎ ،ﻋﻠ ــﻢ ﺍﻟﻔﻠ ــﺴﻔﺔ ،ﻭﻋﻠ ــﻢ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴ ــﺎ ،ﻭﻋﻠ ــﻢ
ـﺮﻃﺎ ـﺴﻴﻤﻴﺎ .ﻭﺟﻌ ـ ـ ــﻞ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﻫ ـ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠ ـ ـ ــﻮﻡ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴ ـ ـ ــﺔ ﺍﻟﻤ ـ ـ ــﺮﺩﻭﺩﺓ ﺷ ـ ـ ـ ً ﺍﻟ ـ ـ ـ ّ ﻻﺩﺭﺍ ﻙ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ٕ
ﻻﺩﺭﺍ ﻙ ،ﻛــﻢ ﻣــﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿــﺎﺕ ﻭﺍﻟ ـﺘّﻬﻢ ﺳــﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻣــﻊ ﻫــﺬﺍ ﺍ ٕ
ﻻﻟﻬــﻲ ﻏﻴــﺮ ﺍﻟﻤﺘﻨــﺎﻫﻲ؟ ﻓــﻨﻌﻢ ﻣــﺎ ﻗــﺪ ﻭﺭﺩﺕ ﻣﻨــﻪ ﻋﻠــﻰ ﻫﻴﺎﻛــﻞ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﺍ ٕ ّ ـﺴﺒﻊ ـﺘﻬﻢ ﺍﻟّـ ـ ـ ــﺬﻳﻦ ﺟﻌﻠﻬـ ـ ـ ــﻢ ﺍﻪﻠﻟ ﺃﻣﻨـ ـ ـ ــﺎَء ﻋﻠـ ـ ـ ــﻰ ﺧـ ـ ـ ــﺰﺍﺋﻦ ﺍﻟـ ـ ـ ـ ّ ﻗـ ـ ـ ــﺎﻝ" :ﺃﺗـ ـ ـ ـ ُ
ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﺎﻕ")(١؟ ﻭﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ٕﺍﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺰﺧﺮﻓﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻻٔﻗﻮﺍﻝ ّ ٌ ﺃﻫــﻞ ﺍﻟﺒــﺼﻴﺮﺓٕ .ﺍ ﻥ ﺃﻣﺜــﺎﻝ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﻟــﻢ ﺗــﺰﻝ ﻭﻻ ﺗــﺰﺍﻝ ﻣــﺮﺩﻭﺩﺓ ﻋﻨــﺪ
ﺍﻟﺤ ـ ـ ـ ّـﻖ .ﻭﻛﻴ ـ ـ ــﻒ ﻳﻜ ـ ـ ــﻮﻥ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺍﻟﻌﻠ ـ ـ ــﻮﻡ ﺍﻟﻤ ـ ـ ــﺮﺩﻭﺩﺓ ﻋﻨ ـ ـ ــﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤ ـ ـ ــﺎء ـﺮﻃﺎ ﻣ ـ ــﻦ ﺷ ـ ــﺮﻭﻁ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﻣﻌ ـ ــﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﻌ ـ ــﺮﺍﺝ ،ﻣ ـ ــﻊ ﺃ ﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّـ ـ ـﻴﻦ ﺷ ـ ـ ً
ﺻ ـ ــﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﻌ ـ ــﺮﺍﺝ ﻣ ـ ــﺎ ﺣﻤ ـ ــﻞ ﺣﺮ ًﻓ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠ ـ ــﻮﻡ ﺍﻟﻤﺤ ـ ــﺪﻭﺩﺓ ﺍﻟﻤﺤﺠﻮﺑﺔ! ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮ ،ﻗﻠﺐ ﺳﻴّﺪ ﻟﻮﻻ ﻙ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺸﻌﺮ. ) (١ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺑﻴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ّ
١٥٧
ـﻞ ﻣﻘﺪ ًﺳ ـ ــﺎ ﻻﺷ ـ ــﺎﺭﺍﺕ ﻓ ـ ــﻨﻌﻢ ﻣ ـ ــﺎ ﻗ ـ ــﺎﻝ :ﻛ ـ ـ ّ ّ ﻭﻣﻨﺰ ًﻫ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﻦ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍ ٕ ّ
ﻻﺩﺭﺍﻛﺎﺕ ﻣﺤﻤﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻤـﺮ ﺍﻟﻌﺮﺟـﺎء .ﺑﻴﻨﻤـﺎ ﺍﻟﺤ ّـﻖ ﺭﺍﻛـﺐ ﻋﻠـﻰ ﺍ ٕ
ﻛﺎﻟﺴﻬﻢ) .(١ﻓﻮﺍﻪﻠﻟ ﻟـﻮ ﻳﺮﻳـﺪ ٕﺍﻧـﺴﺎﻥ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺳـ ّﺮ ﺍﻟﻤﻌـﺮﺍﺝ ﺍﻟ ّﺮﻳﺢ ﻭﻣﻨﻄﻠﻖ ّ ـﻀﺎ ﻫـ ــﺬﻩ ﺃﻭ ﺗﻨـ ــﺎﻭﻝ ﻗﻄـ ــﺮﺓ ﻣـ ــﻦ ﻋﺮﻓـ ــﺎﻥ ﻫـ ــﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤـ ــﺮ ،ﻭﻳﻜـ ــﻮﻥ ﻟﺪﻳـ ــﻪ ﺃﻳـ ـ ً
ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ،ﺑﻤﻌﻨــﻰ ﺃ ﻥ ﻣــﺮﺁﺓ ﻗﻠﺒــﻪ ﺗﻜــﻮﻥ ﻣﻐﺒ ـ ّﺮﺓ ﻣــﻦ ﻧﻘــﻮﺵ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ، ﺣﺘﻤــﺎ ﺃﻥ ُﻳ ِّ ﻨﻈﻔﻬــﺎ ﻭ ُﻳﻄ ِّﻬﺮﻫــﺎ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳﺘﺠﻠّـﻰ ﺳـ ّﺮ ﻫــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﻳﺠــﺐ ﻋﻠﻴــﻪ ً ﻓﻲ ﻣﺮﺁﺓ ﻗﻠﺒﻪ
ـﺎﺱ ﻋــﻦ ﺗﺤــﺼﻴﻞ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺍﻟﻤﻨﻐﻤــﺴﻮﻥ ﻓــﻲ ﻭﺍﻟﻴــﻮﻡ ﻳﻨﻬــﻰ ﺍﻟﻨّـ َ
ـﺴﺎﻛﻨﻮﻥ ﻓـ ــﻲ ُﻓﻠـ ــﻚ ﺍﻟﺤﻜﻤـ ــﺔ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّـ ــﺔ. ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ ،ﻭﺍﻟـ ـ ّ ﺑﺤـ ــﺮ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻮﻡ ﺍﻟـ ـ ّ
ﻭﻣﻘﺪﺳـﺔ ﻻﺷـﺎﺭﺍﺕ، ّ ﻣﻨﺰﻫـﺔ ﻋـﻦ ﻫـﺬﻩ ﺍ ٕ ﻓﺼﺪﻭﺭﻫﻢ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ ﺑﺤﻤـﺪ ﺍﻪﻠﻟ ّ
ﻋـ ــﻦ ﺗﻠـ ــﻚ ﺍﻟﺤﺠﺒـ ــﺎﺕ .ﻭﻟﻘـ ــﺪ ﺣﺮﻗﻨـ ــﺎ ﺍﻟﺤﺠـ ــﺎﺏ ﺍﻻٔﻛﺒـ ــﺮ ﺑﻨـ ــﺎﺭ ﻣﺤﺒّ ـ ـﺔ
ﺍﻟﻤﺤﺠ ـ ــﻮﺏ ،ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺤﺠ ـ ــﺎﺏ ﺍﻟّ ـ ــﺬﻱ ﻗﻴ ـ ــﻞ ﻓﻴ ـ ــﻪ – ﺍﻟﻌﻠ ـ ــﻢ ﺣﺠ ـ ــﺎﺏ
ﺍﻻٔﻛﺒــﺮ – ﻭﺃﻗﻤﻨــﺎ ﻣﻜﺎﻧــﻪ ﺳــﺮﺍﺩ ًﻗﺎ ﺁﺧــﺮ .ﻭﺑﻬــﺬﺍ ﻧﻔﺘﺨــﺮ ﻭﻪﻠﻟ ﺍﻟﺤﻤــﺪ ﺑﺄﻧّﻨــﺎ ﺃﺣﺮﻗﻨ ــﺎ ﺳ ــﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﺠ ــﻼﻝ ﺑﻨ ــﺎﺭ ﺟﻤ ــﺎﻝ ﺍﻟﻤﺤﺒ ــﻮﺏ ،ﻭﻟ ــﻢ ﻧﺘ ــﺮ ﻙ ﻓ ــﻲ
ـﺴﻜﻴﻦ ﺑﻌﻠــﻢ ﻏﻴــﺮ ﺍﻟﻘﻠــﺐ ﻭﺍﻟﻔــﺆﺍﺩ ﻣﺤ ـ ﻼ ﻟﻐﻴــﺮ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ،ﻭﻣــﺎ ﻛﻨّ ـﺎ ﻣﺘﻤـ ّ ﻋﻠﻤﻪ ،ﻭﻻ ﻣﺘﺸﺒّﺜﻴﻦ
ﺍﻟﺸﻌﺮ. ) (١ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺑﻴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ّ
١٥٨
ﺑﻤﻌﻠﻮﻡ ﻏﻴﺮ ﺗﺠﻠّﻲ ﺃﻧﻮﺍﺭﻩ ﻻ ﺗﻌﺠﺒﺖ ﻛﺜﻴ ًﺮﺍ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺃ َﺭ ﻓـﻲ ﺃﻗﻮﺍﻟـﻪ ﻫـﺬﻩ ٕﺍ ّ ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ٕﺍﻧّﻲ ّ
ﺃﻧّــﻪ ﻳﺮﻳــﺪ ﺃﻥ ﻳﻌــﺮﻑ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﺑــﺄ ّﻥ ﻟﺪﻳــﻪ ﺟﻤﻴــﻊ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﻭﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ
ﺍﻃﻠـﻊ ﺃﻗﺴﻢ ﺑﺎﻪﻠﻟ ﺑﺄﻧّﻪ ﻣﺎ ﻣ ّﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﺴﻴﻢ ﻣﻦ ﺭﻳﺎﺽ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍ ﻻﻟﻬـﻲ ،ﻭﻣـﺎ ّ ٕ ّ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّـﺔ ،ﺑـﻞ ﻟـﻮ ﻳﻘـﺎﻝ ﻟـﻪ ﻣﻌﻨـﻰ ﺍﻟﻌﻠـﻢ
ﻙ ﺟﺒ ـ ــﻞ ﻭﺟ ـ ــﻮﺩﻩ .ﻭﻣـ ـ ــﻊ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻗـ ـ ــﻮﺍﻝ ﻟﻴ ـ ــﻀﻄﺮﺏ ﺣﺘﻤـ ـ ــﺎ ،ﻭﻟﻴﻨـ ـ ــﺪ ّ ً
ﺍﻟﺰﺍﺋـﺪﺓ ﻋـﻦ ّ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻬﺎ ،ﻛﻢ ﺍ ّﺩﻋﻰ ﻣﻦ ﺍﻻ ّﺩﻋـﺎءﺁﺕ ّ ﺍﻟﺤﺪ ّ
ﺃﺗﻌﺠـ ــﺐ ﻣـ ــﻦ ﺃﻧـ ــﺎﺱ ﻣﻠﺘ ّﻔ ـ ـﻴﻦ ﺣﻮﻟـ ــﻪ ،ﻭﺗـ ــﺎﺑﻌﻴﻦ ﺳـ ــﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻛـ ــﻢ ّ
ـﺸﺨﺺ ،ﺣﻴــﺚ ﻗﻨﻌــﻮﺍ ﺑــﺎﻟﺘّﺮﺍﺏ ﻭﺃﻗﺒﻠــﻮﺍ ٕﺍﻟﻴــﻪ ،ﻭﺃﻋﺮﺿــﻮﺍ ﻟﻤﺜ ـﻞ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟـ ّ ﺭﺏ ﺍﻻٔﺭﺑــﺎﺏ ،ﻭﺍﻛﺘﻔــﻮﺍ ﺑﻨﻌﻴــﻖ ﺍﻟﻐــﺮﺍﺏ ﻋــﻦ ﻧﻐﻤــﺔ ﺍﻟﺒﻠﺒــﻞ ،ﻭﻗﻨﻌــﻮﺍ ﻋــﻦ ّ
ﺑﻤﻨﻈ ــﺮ ﻏ ــﺮﺍﺏ ﺍﻟﺒ ــﻴﻦ ﻋ ــﻦ ﺟﻤ ــﺎﻝ ﺍﻟ ــﻮﺭﺩ .ﻭﻋ ــﻼﻭﺓ ﻋﻠ ــﻰ ﺫﻟ ــﻚ ،ﻛ ــﻢ ﻻﺣﻈﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺷﻴﺎء ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﻌﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ.
ﺍﻟﻈﻠ ــﻢ ﺃﻥ ﻳﻨ ــﺸﻐﻞ ﺍﻟﻘﻠ ــﻢ ﺑﺘﺤﺮﻳ ــﺮ ﺫﻛ ــﺮ ﺗﻠ ــﻚ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﺔ ٕﺍﻧّ ــﻪ َﻟ ِﻤ ــﻦ ّ
ـﻚ ُﻳﻌــﺮﻑ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟــﺐ ﺃﻭ ُﻳــﺼﺮﻑ ﺍﻟﻮﻗــﺖ ﻓﻴﻬــﺎ ،ﻭﻟﻜــﻦ ٕﺍﺫﺍ ُﻭﺟــﺪ ﺍﻟﻤﺤـ ّ
ﺍﻟﻈ ّﻞ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ، ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ّ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ،ﻭﺍﻟﻨّﻮﺭ ﻣﻦ ّ ّ ّ
١٥٩
ـﺸﺨﺺ ﺻــﻨﻌﺔ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴــﺎ. ﻭﻣــﻦ ﺟﻤﻠــﺔ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻳـ ّـﺪﻋﻴﻬﺎ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟـ ّ
ﻭ ٕﺍﻧّﻨ ــﻲ ﻻٔﺗ ــﻮﻕ ﺃﻥ ﻳﻄﻠ ــﺐ ﻣﻨ ــﻪ ﺳ ــﻠﻄﺎﻥ ﺃﻭ ﺷ ــﺨﺺ ﻣﻘﺘ ــﺪ ٌﺭ ﻇﻬ ــﻮ َﺭ ﻫ ــﺬﺍ
ـﺸﻬﻮﺩ ،ﻭﻣـﻦ ﺣﻴّـﺰ ﺍﻟﻘـﻮﻝ ٕﺍﻟـﻰ ﺣﻴّـﺰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻠّﻔﻆ ٕﺍﻟﻰ ﻋـﺎﻟﻢ ﺍﻟ ّ ﺍﻟﻔﻌــﻞ .ﻭﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻌــﺎﺭﻱ ﻋــﻦ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﺍﻟﻔــﺎﻧﻲ ،ﻣــﻊ ﻛﻮﻧــﻪ ﻣــﺎ ﺍ ّﺩﻋــﻰ ﺃﻣﺜــﺎﻝ
ﻼ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ،ﺃﻭ ُﻓ ْﻘـ َـﺪﺍ َﻧﻬﺎ ﻋﻠّ ـﺔ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ،ﻭﻻ ﺍﻋﺘﺒــﺮ ﻭﺟﻮﺩﻫــﺎ ﺩﻟــﻴ ً
ﻟﻠﺠﻬــﻞ ،ﻓــﺈﻧّﻲ ﺃﺗﺤـ ّـﺪﻯ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟ ّﺮﺟــﻞ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘــﺮﺓ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳﺘّــﻀﺢ
ـﺼﺪﻕ ﻣــﻦ ﺍﻟﻜــﺬﺏ .ﻭﻟﻜــﻦ ﻣــﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋــﺪﺓ ﻭﺃﻧــﺎ ﻟــﻢ ﺃ َﺭ ﻣــﻦ ﺃﻧــﺎﺱ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟـ ّ
ـﺴ ّﻢ ﺍﻟﻘﺎﺗ ــﻞ. ﺍﻟﺰﻣ ــﺎﻥ ٕﺍ ّ ـﺴﻨﺎﻥ ،ﻭﻟ ــﻢ ﺃﺫﻕ ﺷ ــﻴﺎ ﻣ ــﻨﻬﻢ ﻏﻴ ــﺮ ﺍﻟ ـ ّ ﻻ ﺟ ــﺮﺡ ﺍﻟ ـ ّ ّ ﻭ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻻ ﻳــﺰﺍﻝ ﺃﺛــﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳــﺪ ﺑﺎﻗ ًﻴــﺎ ﻓــﻲ ﻋﻨﻘــﻲ ،ﻭﻋﻼﺋــﻢ ﺍﻟﺘّﻌــﺬﻳﺐ
ﻛﻞ ﺑﺪﻧﻲ ﻇﺎﻫﺮ ًﺓ ﻓﻲ ّ
ﻭﺃ ّﻣﺎ ﻋﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﻋﻠﻤﻪ ﻭﺟﻬﻠﻪ ،ﻭﻋﺮﻓﺎﻧﻪ ﻭ ٕﺍﻳﻘﺎﻧﻪ ،ﻓﻘـﺪ ﻭﺭﺩ ﺫﻛﺮﻫـﺎ
ﻓــﻲ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻣــﺎ ﻓـ ّﺮﻁ ﻓﻴــﻪ ﻣــﻦ ﺷــﻲء ،ﺫﻟــﻚ ﻗﻮﻟــﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ ﴿ :ﺍ ﻥ
)(١ ـﻢ ﻳﺘﻔــﻀﻞ ﺑــﺬﻛﺮ ﺁﻳــﺔ ﺃﺧــﺮﻯ ﺣﺘّــﻰ ـﻴﻢ﴾ ﺛـ َﺷـ َ ـﺠ َﺮ َﺓ ـﻮﻡ َﻃ َﻌــﺎ ُﻡ ﺍﻻِ ﺛـ ِ ﺍﻟﺰ ﻗـ ِ
ﻳﻢ﴾) (٢ﻓــﺎﻧﻈﺮ ﻛﻴــﻒ ﻳﻨﺘﻬــﻲ ﺑﻬــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﴿ ُﺫ ْﻕ ﺍﻧـ َ ـﺖ ﺍ ْﻟ َﻌ ِﺰﻳـ ُـﺰ ﺍ ْﻟ َ ﻜ ـ ِﺮ ُ ـﻚ ﺍﻧـ َ
ﺃ ّﻥ ﻭﺻﻔﻪ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﻣﺤﻜﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ
ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ. ) (٢) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ
١٦٠
ـﻀﺎ ﺃﻧّ ــﻪ ـﺸﺨﺺ ﺃﻳ ـ ً ـﺼﺮﺍﺣﺔ .ﻭﻣ ــﻦ ﻋﺠ ــﺐ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟ ـ ّ ﺑﻐﺎﻳ ــﺔ ﺍﻟﻮﺿ ــﻮﺡ ﻭﺍﻟ ـ ّ
ﻳﺪﻋﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺧﻔﺾ ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ ،ﺑﺄﻧّﻪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻻٔﺛـﻴﻢ
ﺃﺛﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻭﻋﺰﻳﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻻٔﻧﻌﺎﻡ ،ﻭﻛﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﻢ
ﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛـﺔ ،ﺣﺘّـﻰ ﻳﺜﺒـﺖ ﺑﻮﺟـﻪ ﺻـﺤﻴﺢ ﻋﻠـﻰ ﻟـﻮﺡ ﺗﻔ ّ
ﻴﻦ﴾) .(١ﻭﻣـﻊ ﺲ ﺍ ﻻ َﺭ ْﻃ ٍﺐ َﻭ َ ﻗﻠﺒﻚ ﻣﻌﻨﻰَ ﴿ :ﻭ َ ـﺎﺏ ﻣ ِﺒـ ٍ ﻻ ﻓِ ـﻲ ﻛِ َﺘ ٍ ﻻ َﻳـﺎ ِﺑ ٍ
ﺟﻤﻊ ،ﻭﺃﻋﺮﺿﻮﺍ ﻋـﻦ ﻣﻮﺳـﻰ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﻭﺍﻟﻌـﺪﻝ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺑﻪ ٌ
ـﺴﺎﻣﺮﻱ ﺍﻟﺠﻬــﻞ .ﻭﺃﺩﺑــﺮﻭﺍ ﻋــﻦ ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﻤﻌــﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤــﺸﺮﻗﺔ ـﺴﻜﻮﺍ ﺑـ ﻭﺗﻤـ ّ ّ ﻻﻟﻬﻴّـ ــﺔ ،ﻭﺍﻋﺘﺒﺮﻭﻫـ ــﺎ ﻋﻠـ ــﻰ ﺯﻋﻤﻬـ ــﻢ ﻛﺄﻧّﻬـ ــﺎ ﻟـ ــﻢ ـﺴﻤﺎء ﺍﻻٔﺯﻟﻴّـ ــﺔ ﺍ ٕ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟـ ـ ّ
ﺗﻜﻦ
ﻭﻗﺼﺎﺭﻯ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﺃﺧﻲٕ ،ﺍ ﻥ ﻻٓﻟﺊ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﺍﻟ ّﺮﺑّـﺎﻧﻲ ﻻ ﺗﺘﻨﺎﻭﻟﻬـﺎ ﻳـﺪ ّ ﻻ ﻻ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﻌــﺪﻥ ﺍﻻﻟﻬـ ـﻮﻱ ﻻ ﺗﺴﺘﻨــﺸﻖ ٕﺍ ّ ٕﺍ ّ ـﻲ .ﻭﺭﺍﺋﺤــﺔ ﺍﻟ ّﺮﻳﺤــﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨـ ّ ٕ ّ ﻻ ﻣ ــﻦ ﺣﺪﻳﻘ ــﺔ ﺍﻻٔﺯﻫ ــﺎﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّــﺔ .ﻭﺃﻭﺭﺍﺩ ﻋﻠ ــﻮﻡ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ﻻ ﺗﻨﺒ ــﺖ ٕﺍ ّ ﺨـ ُﺮ ُﺝ َﻧ َﺒﺎ ُﺗـ ُـﻪ ِﺑـ ﺎﺫ ِْﻥ َﺭﺑِّــﻪِ ـﺼﺎﻓﻴﺔَ ﴿ .ﻭﺍ ْﻟ َﺒ َﻠـ ُـﺪ ـﺐ َﻳ ْ ﻓــﻲ ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺍﻟﻘﻠــﻮﺏ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻄﻴِّـ ُ
ﺨ ُﺮ ُﺝ ﻻ َﻳ ْ ﺚ َ َﻭﺍﻟّﺬﻱ َﺧ ُﺒ َ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻌﺎﻡ.
١٦١
ﻻ َﻧ ِﻜ ًﺪﺍ﴾) (١ ﺍ ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻬـﻮﻡ ﺃ ﻥ ﺗﻐﻨّﻴـﺎﺕ ﻭﺭﻗـﺎء ﺍﻟﻬﻮﻳّـﺔ ﻻ ﻳـﺪﺭﻛﻬﺎ ﺃﺣـﺪ ّ
ـﻞ ﻧﻔ ـ ــﺲ ﺃﻥ ﺗﻌ ـ ــﺮﺽ ﻻ ﻣ ـ ــﻦ ﺃﻫﻠﻬ ـ ــﺎ ،ﻟﻬ ـ ــﺬﺍ ﻳﺠ ـ ــﺐ ﻭﻳﻠ ـ ــﺰﻡ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻛ ـ ـ ّ ٕﺍ ّ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻭﻣﻌﻀﻼﺕ ٕﺍﺷـﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻄـﺎﻟﻊ ﺍﻟﻘﺪﺳـﻴّﺔ ﻣﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍ ٕ ـﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻻٔﻓﺌﺪﺓ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ ،ﻭﺣﻤﻠﺔ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـﺔ ،ﺣﺘّـﻰ ﺗﺤ ّ
ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ .ﻻ ﺑﺘﺄﻳﻴ ــﺪﺍﺕ ﺍﻟﻤ ــﺴﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﺘّﺄﻳﻴ ــﺪﺍﺕ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﻴﻮﺿ ــﺎﺕ ﺍ ٕ ﺎﺳﺎُ ﻟﻮ ْﺍ ﺍ ْ ﻫ َﻞ ِّ ﻮﻥ﴾) (٢ ﻻ َﺗ ْﻌ َﻠ ُﻤ َ ﺍﻟﺬ ْﻛ ِﺮ ﺍﻥ ُﻛﻨ ُﺘ ْﻢ َ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻻﻛﺘﺴﺎﺑﻴّﺔ ﴿ َﻓ ْ
ـﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫــﺪ ﺍﻟّــﺬﻱ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺨﻄــﻮ ﻭﻟﻜــﻦ ﻳــﺎ ﺃﺧــﻲٕ ،ﺍ ﻥ ﺍﻟـ ّ
ﻭﺍﻟﺴﻠﻮ ﻙ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺳـﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻘـﺪﻡ ،ﻳﺠـﺐ ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺑﻘﺪﻡ ّ ّ
ـﻞ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﺗﺠﻠّـ ـﻲ ﻓ ــﻲ ﺑﺪﺍﻳ ــﺔ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ،ﺃﻥ ﻳﺠﻌ ــﻞ ﺍﻟﻘﻠ ــﺐ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻫ ــﻮ ﻣﺤ ـ ّ
ﻛﻞ ﻏﺒﺮﺓ ﻣﻈﻠﻤـﺔ ﻣـﻦ ﻏﺒـﺎﺭ ﻻﻟﻬﻴّﺔ، ﻭﻣﻨﺰ ًﻫﺎ ﻋﻦ ّ ﺍﻻٔﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّﺔ ﺍ ٕ ّ ﻣﻄﻬ ًﺮﺍ ّ
ـﺼﺪﺭ ـﺸﻴﻄﺎﻧﻴّﺔ .ﻭﻳﺠﻌــﻞ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺍﻻﻛﺘــﺴﺎﺑﻴّﺔ ،ﻭ ٕﺍﺷــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟّﺬﻱ ﻫﻮ ﺳﺮﻳﺮ ﻭﺭﻭﺩ ﻭﺟﻠﻮﺱ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﺍﻻٔﺯﻟﻲ ﻟﻄﻴ ًﻔـﺎ ﻭﻧﻈﻴ ًﻔـﺎ. ّ ﻳﻘﺪﺱ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻛﺬﻟﻚ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻋﺮﺍﻑ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨّﺤﻞ.
١٦٢
ﻣﻘﺪ ًﺳ ــﺎ ﻋ ــﻦ ـﻞ ﻣ ــﺎ ﻳﺘﻌﻠّ ــﻖ ﺑﺎﻟﻤ ــﺎء ّ ﻭﺍﻟﻄ ــﻴﻦ .ﻳﻌﻨ ــﻲ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻠ ــﻪ ّ ﻋ ــﻦ ﻛ ـ ّ
ﺍﻟﻈﻠّﻴّﺔ ،ﺑﺪﺭﺟﺔ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠـﺐ ﺍﻟﺸﺒﺤﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭ ّ ّ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨّﻘﻮﺵ ّ ـﺐ ﻋ ــﻦ ﺟﻬ ــﺔ ﺃﻭ ﻳﻤﻨﻌ ــﻪ ـﺐ ﻭﺍﻟ ــﺒﻐﺾ ،ﻛ ــﻴﻼ ﻳﻤﻴ ــﻞ ﺑ ــﻪ ﺍﻟﺤ ـ ّ ﺁﺛ ــﺎﺭ ﻟﻠﺤ ـ ّ
ﺍﻟ ــﺒﻐﺾ ﻋ ــﻦ ﺟﻬ ــﺔ ﺑ ــﻼ ﺩﻟﻴ ــﻞ .ﻭﺫﻟ ــﻚ ﻛﻤ ــﺎ ﻣﻨ ــﻊ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﺃﻛﺜ ــﺮ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ
ﻟﻬﺬﻳﻦ ﺍﻟﻮﺟﻬﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ،ﻭﻋﻦ ﺣﻀﺮﺓ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﻌـﺎﻧﻲ،
ـﻀﻼﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨّــﺴﻴﺎﻥ .ﻭﻳﺠــﺐ ﻭﺃﺻـﺒﺤﻮﺍ ﻳﺮﺗﻌــﻮﻥ ﺑـﻼ ﺭﺍﻉ ﻓــﻲ ﺻـﺤﺎﺭﻯ ﺍﻟـ ّ ـﻞ ﺣـﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻮ ّﻛـﻞ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺤ ّـﻖ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻌـﺮﺽ ﻋـﻦ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﻛ ّ ﻋﻠﻰ ّ
ﻻﺭﺑ ــﺎﺏ .ﻭﻻ ـﺮﺏ ﺍ ٔ ﺍﻟﺨﻠ ــﻖ ﻭﻳﻨﻘﻄ ــﻊ ﻋ ــﻦ ﻋ ــﺎﻟﻢ ﺍﻟﺘّ ــﺮﺍﺏ ،ﻭﻳﺘﻤ ـ ّ ـﺴﻚ ﺑ ـ ّ ﻳﺮﺟﺢ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ،ﻭﻳﻤﺤﻮ ﻋﻦ ﻟﻮﺡ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻻﻓﺘﺨـﺎﺭ ﻭﺍﻻﺳـﺘﻜﺒﺎﺭ، ّ
ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻟﻪ ﺷـﻌﺎ ًﺭﺍ .ﻭﻳﺤﺘـﺮﺯ ﻭﻳﺄﺧﺬ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻻﺻﻄﺒﺎﺭ ،ﻭﻳﺘّﺨﺬ ّ ّ ﻋــﻦ ﺍﻟ ـﺘّﻜﻠّﻢ ﺑﻤــﺎ ﻻ ﻓﺎﺋــﺪﺓ ﻓﻴــﻪ ،ﻻٔ ّﻥ ﺍﻟﻠّــﺴﺎﻥ ﻧــﺎﺭ ﺧﺎﻣــﺪﺓ ﻭﻛﺜــﺮﺓ ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ
ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮﺓ ﺗﺤ ــﺮﻕ ﺍﻻٔﺟ ــﺴﺎﺩ ،ﻭﻧ ــﺎﺭ ﺍﻟﻠّ ــﺴﺎﻥ ﺗﻜ ــﻮﻱ ـﻢ ﻗﺎﺗ ــﻞ .ﻓﺎﻟﻨّ ــﺎﺭ ّ ﺳـ ّ ﺍﻻٔﻓﺌــﺪﺓ ﻭﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ .ﺃﺛــﺮ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻨّــﺎﺭ ﻳﻔﻨــﻰ ﺑﻌــﺪ ﺳــﺎﻋﺔ ،ﻭﺃﺛــﺮ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻨّــﺎﺭ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﻗﺮ ًﻧﺎ ﻣﻦ ّ
ﻳﻌﺪ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﺿﻼﻟﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺨﻄﻮ ﺑﻘﺪﻣﻪ ﺃﺑ ًـﺪﺍ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺃﻥ ّ ﻭﻋﻠﻰ ّ
ـﺴﺎﺣﺔ ،ﻻٔ ّﻥ ﺍﻟﻐﻴﺒــﺔ ﺗﻄﻔــﺊ ﺳــﺮﺍﺝ ﺍﻟﻘﻠــﺐ ﺍﻟﻤﻨﻴــﺮ ،ﻭﺗﻤﻴــﺖ ﻓــﻲ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺆﺍﺩ .ﻳﻘﻨﻊ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ،ﻭﻳﺰﻫﺪ ﻋﻦ
١٦٣
ﻃﻠ ـ ــﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴ ـ ــﺮ .ﻳﻌـ ـ ـ ّـﺪ ﻣـ ـ ــﺼﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﻤﻨﻘﻄﻌ ـ ــﻴﻦ ﻏﻨﻴﻤـ ـ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺰﻟ ـ ــﺔ ﻋـ ـ ــﻦ ـﺴﻜﻴﻦ ﺑﺎﻟـ ـ ـ ّـﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﻤﺘﻜﺒّ ـ ـ ـﺮﻳﻦ ﻧﻌﻤـ ـ ــﺔ .ﻳـ ـ ــﺸﺘﻐﻞ ﻓـ ـ ــﻲ ﺍﻻٔﺳـ ـ ــﺤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻤـ ـ ـ ّ
ﺍﻟﻬﻤـﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘـﺪﺍﺭ .ﻳﺤـﺮﻕ ﺑﺎﻻٔﺫﻛﺎﺭ ،ﻭﻳﺴﻌﻰ ﻓﻲ ﻃﻠـﺐ ﻣﺤﺒﻮﺑـﻪ ﺑﺘﻤـﺎﻡ ّ
ﻋﻤ ـ ـﺎ ﺳـ ــﻮﻯ ﺍﻪﻠﻟ. ـﺐ ﻭﺍﻟ ـ ّـﺬﻛﺮ .ﻳﻔ ـ ـ ّﺮ ﻛ ــﺎﻟﺒﺮﻕ ّ ﺣﺠ ــﺎﺏ ﺍﻟﻐﻔﻠ ــﺔ ﺑﻨ ــﺎﺭ ﺍﻟﺤ ـ ّ ﻻﺣــﺴﺎﻥ ﻳﺠــﻮﺩ ﺑﻨــﺼﻴﺐ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﺒﺎﺋــﺴﻴﻦ ،ﻭﻻ ﻳﺘﻮ ّﻗــﻒ ﻋــﻦ ﺍﻟﻌﻄــﺎء ﻭﺍ ٕ
ﻻﻧــﺴﺎﻥ ،ﻭﺃﻫــﻞ ﻟﻠﻤﺤــﺮﻭﻣﻴﻦ .ﻳﻨﻈــﺮ ﺑﻌــﻴﻦ ﺍﻟ ّﺮﻋﺎﻳــﺔ ﻟﻠﺤﻴــﻮﺍﻥ ،ﻓﻜﻴــﻒ ﺑﺎ ٕ ﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ؟ ﻻ ﻳﺒﺨ ــﻞ ﺑ ــﺎﻟ ّﺮﻭﺡ ﻋ ــﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒ ــﻮﺏ .ﻭﻻ ﻳﺤﺘ ــﺮﺯ ﻋ ــﻦ ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖ ﺧ ــﺸﻴﺔ ﺷ ــﻤﺎﺗﺔ ﺍﻟﺨﻠ ــﻖ .ﻭﻣ ــﺎ ﻻ ﻳﺮﺿ ــﺎﻩ ﻟﻨﻔ ــﺴﻪ ﻻ ﻳﺮﺗ ــﻀﻴﻪ ﻟﻐﻴ ــﺮﻩ ،ﻭﻻ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﺑﻤ ــﺎ ﻻ ﻳﻔ ــﻲ ﺑ ــﻪ ،ﻭﻳﻌﻔ ــﻮ ﻋ ــﻦ ﺍﻟﺨ ــﺎﻃﺌﻴﻦ ﻋﻨ ــﺪ ﻛﻤ ــﺎﻝ ﺍﻟﻘ ــﺪﺭﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﻳﻄﻠﺐ ﻟﻬـﻢ ﺍﻟﻤﻐﻔـﺮﺓ ﻭﻳـﺼﻔﺢ ﻋـﻦ ﺍﻟﻌﺎﺻـﻴﻦ ﻭﻻ ﻳﻨﻈـﺮ ٕﺍﻟـﻴﻬﻢ
ﺑﻌ ــﻴﻦ ﺍﻟﺤﻘ ــﺎﺭﺓ ،ﻻٔ ّﻥ ﺣ ــﺴﻦ ﺍﻟﺨﺎﺗﻤ ــﺔ ﻣﺠﻬ ــﻮﻝٕ .ﺍﺫ ﻛ ــﻢ ﻣ ــﻦ ﻋ ــﺎﺹ
ﻻﻳﻤـﺎﻥ ﻭﻳـﺬﻭﻕ ﺧﻤـﺮﺓ ﺍﻟﺒﻘـﺎء ﻭﻳـﺴﺮﻉ ـﻴﻦ ﺍﻟﻤـﻮﺕ ٕﺍﻟـﻰ ﺟـﻮﻫﺮ ﺍ ٕ ﻳﺘﻮ ّﻓﻖ ﺣ َ
ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟﻤـ ـﻼٔ ﺍﻻٔﻋﻠ ــﻰ .ﻭﻛ ــﻢ ﻣ ــﻦ ﻣﻄﻴ ــﻊ ﻭﻣ ــﺆﻣﻦ ﻳﻨﻘﻠ ــﺐ ﺣ ــﻴﻦ ﺍﺭﺗﻘ ــﺎء ﺍﻟ ّﺮﻭﺡ ،ﻭﻳﺴﺘﻘ ّﺮ ﻓﻲ ﺃﺳﻔﻞ ﺩﺭﻛﺎﺕ ﺍﻟﻨّﻴﺮﺍﻥ
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻـ ــﺔ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻘـ ــﺼﻮﺩ ﻣـ ــﻦ ﺟﻤﻴـ ــﻊ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻘﻨـ ــﺔ
ﻭﺍﻟﻄﺎﻟ ــﺐ ﺃﻥ ـﺴﺎﻟﻚ ّ ﻭﺍ ٕ ﻻﺷ ــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤ ــﺔ ﻫ ــﻮ ﺃﻧّ ــﻪ ﻳﺠ ــﺐ ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻟ ـ ّ ﻳﻌﻠﻢ ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄ ّﻥ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻪﻠﻟ ٍ ﻓﺎﻥ ،ﻭﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻌﺒﻮﺩ ﻣﻌﺪﻭﻡ
١٦٤
ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻂ ﻫـﻲ ﻣـﻦ ﺻـﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻴﻦ ،ﻭﺳـﺠﺎﻳﺎ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣـﺎﻧﻴّﻴﻦ، ﻭﻫﺬﻩ ّ
ـﺴﺎﻟﻜﻴﻦ ﻓ ــﻲ ﻣﻨ ــﺎﻫﺞ ﻋﻠ ــﻢ ﺫﻛ ــﺮﺕ ﻓ ــﻲ ﺷ ــﺮﺍﺋﻂ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ،ﻭﺳ ــﻴﺮ ﺍﻟ ـ ّ
ـﺴﺎﻟﻚ ﺍﻟﻤﻨﻘﻄــﻊ، ﺍﻟﻴﻘــﻴﻦ .ﻭﺑﻌــﺪ ﺃﻥ ﺗﺘﺤ ّﻘ ـﻖ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣــﺎﺕ ﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ
ـﺼﺎﺩﻕ ﻳــﺼﺪﻕ ﻓــﻲ ﺣ ّﻘــﻪ ﻟﻔــﻆ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫــﺪ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣــﺎ ﺻــﺎﺭ ّ ﻭﺍﻟﻄﺎﻟــﺐ ﺍﻟـ ّ
ﺎﻫـ ُـﺪﻭﺍ ﻓِ ﻴ َﻨــﺎ﴾) (١ﻓــﻼ ﺑـ ّـﺪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺒــﺸﺮ ﺑﺒــﺸﺎﺭﺓ ـﺬﻳﻦ َﺟ َ ﻣﺆﻳّـ ًﺪﺍ ﺑﻌﻤــﻞَ ﴿ :ﻭﺍﻟّـ َ ﴿ َﻟ َﻨ ْﻬ ِﺪ َﻳﻨُ ﻬ ْﻢ ُﺳ ُﺒ َﻠ َﻨﺎ﴾
)(٢
ﺍﻟﻄﻠــﺐ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻫ ــﺪﺓ ،ﻭﺍﻟ ـ ّـﺬﻭﻕ ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣــﺎ ﺍﻭﻗ ــﺪ ﻓــﻲ ﺍﻟﻘﻠ ــﺐ ﺳ ــﺮﺍﺝ ّ
ـﺐ ﻧــﺴﻴﻢ ﺍﻟﻤﺤﺒّ ـﺔ ﻭﺍﻟـ ّ ـﺐ ،ﻭﻫـ ـﺸﻮﻕ ،ﻭﺍﻟﻌــﺸﻖ ﻭﺍﻟ َﻮ َﻟــﻪ ،ﻭﺍﻟﺠــﺬﺏ ﻭﺍﻟﺤـ ّ
ﻚ ﻭﺍﻟ ّﺮﻳ ــﺐ ،ﻭﺗﺤ ــﻴﻂ ـﺸ ّ ﻣ ــﻦ ﺷ ــﻄﺮ ﺍ ٔ ﻻﺣﺪﻳّ ــﺔ ،ﺗ ــﺰﻭﻝ ﻇﻠﻤ ــﺔ ﺿ ــﻼﻟﺔ ﺍﻟ ـ ّ
ـﻞ ﺃﺭﻛــﺎﻥ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ .ﻓﻔــﻲ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﺤــﻴﻦ ﻳﻄﻠــﻊ ﺃﻧــﻮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﻭﺍﻟﻴﻘــﻴﻦ ﺑﻜـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ﺑﺎﻟﺒ ــﺸﺎﺭﺓ ـﺼﺎﺩﻕ ،ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨ ــﺔ ﺍ ٕ ـﺼﺒﺢ ﺍﻟ ـ ّ ﺍﻟﺒ ــﺸﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﻨ ــﻮﻱ ﻛﺎﻟ ـ ّ
ﺍﻟ ّﺮﻭﺣﺎﻧﻴّــﺔ ،ﻭﻳــﺴﺘﻴﻘﻆ ﺍﻟﻘﻠــﺐ ﻭﺍﻟ ـﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟ ـ ّﺮﻭﺡ ﻣــﻦ ﻧــﻮﻡ ﺍﻟﻐﻔﻠــﺔ ﺑــﺼﻮ ِﺭ
ﺍﻟﻤﻌﺮﻓــﺔ ،ﻭ ُﻳﻤــﻨﺢ ﺣﻴــﺎﺓ ﺟﺪﻳــﺪﺓ ﺑﺪﻳﻌــﺔ ﺑﺘﺄﻳﻴــﺪﺍﺕ ﻭﻋﻨﺎﻳــﺎﺕ ﻣــﻦ ﺭﻭﺡ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ ،ﺑﺤﻴـ ــﺚ ﻳـ ــﺮﻯ ﻧﻔـ ــﺴﻪ ﺻـ ــﺎﺣﺐ ﺑـ ــﺼﺮ ﺟﺪﻳـ ــﺪ، ﺍﻟﻘـ ــﺪﺱ ﺍﻟـ ـ ّ ّ ﻭﺳ ــﻤﻊ ﺑ ــﺪﻳﻊ ،ﻭﻗﻠ ــﺐ ﻭﻓ ــﺆﺍﺩ ﺟﺪﻳ ــﺪ .ﻭﻳ ــﺮﻯ ﺍﻻٓﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺿ ــﺤﺔ ﻓ ــﻲ
ﺍﻻٓﻓﺎﻕ ،ﻭﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ.
١٦٥
ـﻞ ﺫ ّﺭﺓ ﺑﺎ ًﺑــﺎ ﺍﻟﻤــﺴﺘﻮﺭﺓ ﻓــﻲ ﺍﻻٔﻧﻔــﺲ .ﻭﻳــﺸﺎﻫﺪ ﺑﻌــﻴﻦ ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌــﺔ ﻓــﻲ ﻛـ ّ
ﻭﺣﻖ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭﻧﻮﺭ ﺍﻟﻴﻘـﻴﻦ. ﻣﻔﺘﻮ ًﺣﺎ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ٕﺍﻟﻰ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ّ ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﻭﻳﻼﺣــﻆ ﻓــﻲ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻻٔﺷــﻴﺎء ﺃﺳــﺮﺍﺭ ﺗﺠﻠّـﻲ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴّــﺔ ،ﻭﺁﺛــﺎﺭ ّ
ﺍﻟﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ ّ
ﻭﺍﻟﻄﺎﻟـ ــﺐ ـﺴﺎﻟﻚ ﻓـ ــﻲ ﺳـ ــﺒﻴﻞ ﺍﻟﻬـ ــﺪﻯّ ، ﻗـ ـ ً ـﺴﻤﺎ ﺑـ ــﺎﻪﻠﻟ ﻟـ ــﻮ ﻭﺻـ ــﻞ ﺍﻟـ ـ ّ
ﻟﻤﻌــﺎﺭﺝ ﺍﻟﺘّﻘــﻰٕ ،ﺍﻟــﻰ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ﺍﻻٔﺭﻓــﻊ ﺍﻻٔﻋﻠــﻰ ،ﻻﺳﺘﻨــﺸﻖ ﺭﺍﺋﺤــﺔ
ﻻﺩﺭ ﻙ ﺻ ــﺒﺢ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳ ــﺔ ﺍﻟﻨّ ــﻮﺭﺍﻧﻲ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖ ﻣ ــﻦ ﻣ ــﺴﺎﻓﺎﺕ ﺑﻌﻴ ــﺪﺓ ،ﻭ ٔ ّ ـﻞ ﺷـﻲء ﻛﻞ ﺫ ّﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ .ﻭﻫـﺪﺍﻩ ﻛ ّ ﻭﻟﺪﻟﻪ ّ ﻣﺸﺮﻕ ّ ﻛﻞ ﺷﻲءَ ،
ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺍﻟﻤﻄﻠـ ــﻮﺏ ،ﻭﻻﺳـ ــﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﻤﻴّ ـ ـﺰ ﺍﻟﺤـ ـ ّـﻖ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃـ ــﻞ ،ﻭﻳﻔ ـ ـ ّﺮﻕ ـﺴﻴﻢ ﺍﻟﺤ ّـﻖ ﺍﻟﻈ ّﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻔ ّﺮﻕ ﺑﻴﻦ ّ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ .ﻓﻤـﺜ ً ّ ـﺐ ﻧ ُ ﻼ ﻟـﻮ ﻫ
ﺣﺘﻤـ ــﺎ ﻻﺑـ ــﺪﺍﻉ ﻭﻫـ ــﻮ ﻓـ ــﻲ ﻣﻐـ ــﺮﺏ ﺍﻻﺧﺘـ ــﺮﺍﻉ ،ﻻﺳﺘﻨـ ــﺸﻖ ﻋـ ــﻦ ﻣـ ــﺸﺮﻕ ﺍ ٕ ً
ﺷــﺬﻯ ﻋﺒﻴــﺮﻩ .ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳﻤﻴّ ـﺰ ﺟﻤﻴــﻊ ﺁﺛــﺎﺭ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻣــﻦ ﻛﻠﻤــﺎﺕ ﺑﺪﻳﻌــﺔ، ﻭﺃﻋﻤــﺎﻝ ﻣﻨﻴﻌــﺔ ،ﻭﺃﻓﻌــﺎﻝ ﺑــﺎﻫﺮﺓ ،ﻋــﻦ ﺃﻓﻌــﺎﻝ ﻭﺃﻋﻤــﺎﻝ ﻭﺁﺛــﺎﺭ ﻣــﺎ ﺳــﻮﺍﻩ، ﻻﻧـﺴﺎﻥ ﺍﻟ ّﺮﺑﻴ َـﻊ ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻴّـﺰ ﺃﻫ ُ ـﻞ ﺍﻟﻠّﺆﻟ ِـﺆ ﺍﻟﻠّﺆﻟـﺆ َﺓ ﻣـﻦ ﺍﻟﺤﺠـﺮ ،ﻭﻛﻤـﺎ ﻳﻤﻴـﺰ ﺍ ٕ
ﻣــﻦ ﺍﻟﺨﺮﻳــﻒ ،ﻭﺍﻟﺤــﺮﺍﺭﺓ ﻣــﻦ ﺍﻟﺒــﺮﻭﺩﺓ .ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻣــﺎ ﺗﻄ ّﻬـﺮ ﻣــﺸﺎﻡ ﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ﻣــﻦ
ﺣﺘﻤــﺎ ﺭﺍﺋﺤــﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒــﻮﺏ ﻣــﻦ ـﺴﺎﻟﻚ ﺯﻛــﺎﻡ ﺍﻟﻜــﻮﻥ ﻭﺍ ٕ ً ﻻﻣﻜــﺎﻥ ،ﻟﻮﺟــﺪ ﺍﻟـ ّ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺑﻌﻴﺪﺓ ،ﻭﻟ َﻮ َﺭ َﺩ ﻣﻦ ﺃﺛﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟ ّﺮﺍﺋﺤﺔ ٕﺍﻟﻰ
١٦٦
ﻻﻳﻘ ـ ــﺎﻥ ﻟﺤ ـ ــﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﻨّـ ــﺎﻥ َﻭﻟﻴ ـ ــﺸﺎﻫﺪ ﺑ ـ ــﺪﺍﺋﻊ ﺣﻜﻤ ـ ــﺔ ﺍﻟﺤ ـ ــﻀﺮﺓ ﻣ ـ ــﺼﺮ ﺍ ٕ
ـﺴﺒﺤﺎﻧﻴّﺔ ﻓ ـ ــﻲ ﺗﻠ ـ ــﻚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨ ـ ــﺔ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣﺎﻧﻴّ ـ ــﺔ .ﻭﻟ ـ ــﺴﻤﻊ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﺍﻟﻌﻠ ـ ــﻮﻡ ﺍﻟ ـ ـ ّ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .ﻭﻟﻴـﺴﻤﻊ ﻣـﻦ ﺗـﺮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻜﻨﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺃﻃﻮﺍﺭ ﻭﺭﻗﺔ ّ
ـﺮﺏ ﺗﻠ ــﻚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨ ــﺔ ﺑ ــﺴﻤﻌﻪ ّ ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒ ــﺎﻃﻦ ،ﺍﻟﺘّ ــﺴﺒﻴﺢ ﻭﺍﻟﺘّﻘ ــﺪﻳﺲ ﻟ ـ ّ
ﻻﻳـﺎﺏ .ﻓﻤـﺎﺫﺍ ﺃﺫﻛـﺮ ﺍﻻٔﺭﺑﺎﺏ .ﻭﻟﻴﺸﺎﻫﺪ ﺑﻌﻴﻦ ﺭﺃﺳﻪ ﺃﺳـﺮﺍﺭ ﺍﻟ ّﺮﺟـﻮﻉ ﻭﺍ ٕ ﻭﺍﻟﻈﻬــﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘّﺠﻠّﻴــﺎﺕ ،ﺍﻟﻤﻘـ ّـﺪﺭﺓ ﻓــﻲ ﺗﻠــﻚ ﻣــﻦ ﺍﻻٓﺛــﺎﺭ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣــﺎﺕّ ،
ـﺼﻔﺎﺕ؟ ﻓﻴﻬــﺎ ﻳــﺰﻭﻝ ﺍﻟﻌﻄــﺶ ﺑﻐﻴــﺮ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨــﺔ ﺑــﺄﻣﺮ ﺳــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻻٔﺳــﻤﺎء ﻭﺍﻟـ ّ ـﻞ ﻧﺒـ ــﺖ ﻣـ ــﺴﺘﻮﺭ ﻣـ ــﺎء .ﻭﺗـ ــﺰﺩﺍﺩ ﺣـ ــﺮﺍﺭﺓ ﻣﺤﺒّ ـ ـﺔ ﺍﻪﻠﻟ ﺑـ ــﺪﻭﻥ ﻧـ ــﺎﺭ .ﻭﻓـ ــﻲ ﻛـ ـ ّ
ـﻒ ﺑﻠﺒـﻞ ﻧـﺎﻃﻖ ﺣﻜﻤﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣﻌﻨﻮﻳّﺔ .ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻏﺼﺎﻥ ّ ﻛﻞ ﺩﻭﺣﺔِ ﻭﺭﺩ ﺃﻟ ُ ﺑﺎﻟﺠ ــﺬﺏ ﻭﺍﻟﻮﻟ ــﻪ .ﻭﻣ ــﻦ ﺃﻭﺭﺍﺩﻫ ــﺎ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌ ــﺔ ﻳﻈﻬ ــﺮ ﺳـ ـ ّﺮ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺳ ــﻮﻳّﺔ.
ﻭﻣﻦ ﻧﻐﻤﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ﺗﺒﺪﻭ ﻧﻐﻤـﺔ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘـﺪﺱ ﺍﻟﻌﻴـﺴﻮﻳّﺔ َﺗ ِﻬـﺐ ﺍﻟﻐﻨـﺎء
ﻛﻞ ﻭﺭﻗﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻌﻴﻢ، ﺑﻐﻴﺮ ﺫﻫﺐ ،ﻭﺗﻤﻨﺢ ﺍﻟﺒﻘﺎء ﺑﻼ ﻓﻨﺎء .ﻣﻜﻨﻮﻥ ﻓﻲ ّ
ﻛﻞ ﻏﺮﻓﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺌﺔ ﺃﻟﻒ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﻣﺨﺰﻭﻥ ﻓﻲ ّ
ﻋﻤ ـﺎ ﺳــﻮﺍﻩ ﻳﺄﻧــﺴﻮﻥ ﺑﺘﻠــﻚ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻫــﺪﻭﻥ ﻓــﻲ ﺍﻪﻠﻟ ﺑﻌــﺪ ﺍﻻﻧﻘﻄــﺎﻉ ّ
ﻜ ـﻮﻥ ﺁ ًﻧــﺎ ﻋﻨﻬــﺎ ﻳــﺴﻤﻌﻮﻥ ﺍﻟـ ّـﺪﻻﺋﻞ ﺍﻟﻘﻄﻌﻴّــﺔ ﻣــﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨــﺔ ﺑﺤﻴــﺚ ﻻ ﻳﻨﻔ ّ
ﺳﻨﺎﺑﻞ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻤﺤﻔﻞ ،ﻭﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻴﻦ
١٦٧
ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﺭﻭﺩ ﻭﻧﻐﻤـﺎﺕ ﺍﻟﺒﻠﺒـﻞ .ﻭﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨـﺔ ﺗﺘﺠ ّـﺪﺩ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻭ ﻳﺰﻳﺪ ﻛﻞ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ،ﺃﻭ ﻣﺎ ّ ﻭﺗﺘﺰﻳّﻦ ﻓﻲ ﺭﺃﺱ ّ
ﻓﻴﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ،ﻳﺠﺐ ﺑﺬﻝ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﺣﺘّﻰ ﻧـﺼﻞ ٕﺍﻟـﻰ ﺗﻠـﻚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨـﺔ،
ﻻﻟﻬﻴّـ ــﺔ ﻭﺍﻻٔﻟﻄـ ــﺎﻑ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّـ ــﺔ، ﻭﻧﻜـ ــﺸﻒ ﺳـ ــﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﺠـ ــﻼﻝ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳـ ــﺔ ﺍ ٕ
ﺣﺘّﻰ ﻧﻔﺪﻱ ﺃﺭﻭﺍﺣﻨﺎ ﺍﻟﺨﺎﻣﺪﺓ ﺑﺘﻤﺎﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻓـﻲ ﺳـﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒـﻮﺏ ﺑﻜﻞ ﻋﺠﺰ ﻭﺍﻧﻜﺴﺎﺭ ﻟﻨﻔﻮﺯ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻔـﻮﺯ ﻭﺃ ّﻣـﺎ ﺗﻠـﻚ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ .ﻭﻧﻌﺘﺮﻑ ّ
ﻼ ﻓـﻲ ﻋﻬـﺪ ﻣﻮﺳـﻰ ـﻞ ﻋﻬـﺪ .ﻓﻤـﺜ ً ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ﻓـﻲ ﻛ ّ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻜﺘـﺐ ﺍ ٕ ﻻﻧﺠﻴــﻞ ،ﻭﻓــﻲ ﻋﻬــﺪ ﻣﺤﻤــﺪ ﻛﺎﻧــﺖ ﺍﻟﺘّــﻮﺭﺍﺓ ،ﻭﻓــﻲ ﺯﻣــﻦ ﻋﻴــﺴﻰ ﻛــﺎﻥ ﺍ ٕ ّ
ﺭﺳ ــﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟ ﻛ ــﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﻗ ــﺎﻥ .ﻭﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻌ ــﺼﺮ ﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ .ﻭﻓ ــﻲ ﻋﻬ ــﺪ ﻣ ــﻦ ـﻞ ﺍﻟﻜﺘ ـ ــﺐ ﻭﺍﻟﻤﻬ ـ ــﻴﻤﻦ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻳﺒﻌﺜ ـ ــﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﻛﺘﺎﺑ ـ ــﻪ ﺍﻟّ ـ ــﺬﻱ ﻫ ـ ــﻮ ﻣﺮﺟ ـ ــﻊ ﻛ ـ ـ ّ
ﺟﻤﻴﻌﻬ ــﺎ .ﻭﻓ ــﻲ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻤـ ــﺪﺍﺋﻦ ﺃﺭﺯﺍﻕ ﻣﻘ ــﺪﺭﺓ ،ﻭﻧﻌ ــﻢ ﺑﺎﻗﻴـ ــﺔ ﻣﻘ ـ ـ ّﺮﺭﺓ،
ﺗﻬ ـ ــﺐ ﺍﻟﻐ ـ ــﺬﺍء ﺍﻟ ّﺮﻭﺣ ـ ــﺎﻧﻲ ،ﻭﺗﻄﻌ ـ ــﻢ ﺍﻟﻨّﻌﻤ ـ ــﺔ ﺍﻟﻘﺪﻣﻴّ ـ ــﺔ ،ﻭﺗﻤ ـ ــﻨﺢ ﻧﻌﻤ ـ ــﺔ ّ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴﺪ ﻻٔﻫـﻞ ﺍﻟﺘّﺠﺮﻳـﺪ ،ﻭﺗﺠـﻮﺩ ﻋﻠـﻰ ﻣـﻦ ﻻ ﻧـﺼﻴﺐ ﻟﻬـﻢ ﺑﻨـﺼﻴﺐ، ﻭﺗﺒ ـ ــﺬﻝ ﻛ ـ ــﺄﺱ ﺍﻟﻌﻠ ـ ــﻢ ﻟﻠﻬ ـ ــﺎﺋﻤﻴﻦ ﻓ ـ ــﻲ ﺻ ـ ــﺤﺮﺍء ﺍﻟﺠﻬ ـ ــﻞ .ﻭﻓ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻤـ ـ ــﺪﺍﺋﻦ ﻣﺨـ ـ ــﺰﻭﻥ ﻭﻣﻜﻨـ ـ ــﻮﻥ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳـ ـ ــﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳـ ـ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﻠـ ـ ــﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓـ ـ ــﺔ،
ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ ﻻﻳﻘﺎﻥ ّ ﻻﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍ ٕ ﻭﺍ ٕ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻓﻲ ّ
١٦٨
ـﻞ ﻓﻤﺜ ً ﻼ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ﺣﺼ ًﻨﺎ ﺣﺼﻴ ًﻨﺎ ﻻٔ ّﻣﺔ ﺍﻟ ّﺮﺳﻮﻝ ،ﺑﺤﻴـﺚ ﺃ ﻥ ﻛ ّ
ـﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ،ﻭﺭﻣــﺢ ﻣــﻦ ﺁﻭﻯ ٕﺍﻟﻴــﻪ ﻓــﻲ ﺯﻣﺎﻧــﻪ ﺑﻘــﻲ ً ﻣﺤﻔﻮﻇــﺎ ﻣــﻦ ﺭﻣــﻲ ﺍﻟـ ّ
ـﺸﺮﻛﻴّﺔ .ﻭﺭﺯﻕ ﺍﻟﻤﺨـ ـ ــﺎﻟﻔﻴﻦّ ، ﻭﺍﻟﻈﻨﻮﻧـ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﺜّـ ـ ــﺔ ،ﻭﺍ ٕ ﻻﺷـ ـ ــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟـ ـ ـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ، ﻛ ــﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻮﺍﻛ ــﻪ ّ ـﺸﺠﺮﺓ ﺍ ٕ ﺍﻟﻄﻴّﺒ ــﺔ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّ ــﺔ ،ﻭﺑﺄﺛﻤ ــﺎﺭ ﻋﻠ ــﻢ ﺍﻟ ـ ّ
ﻭﺷـ ــﺮﺏ ﻣـ ــﻦ ﺃﻧﻬـ ــﺎﺭ ﻣـ ــﺎء ﺍﻟﻤﻌﺮﻓـ ــﺔ ﻏﻴ ـ ـ ِﺮ ﺍﻻٓ ِﺳـ ــﻦ ،ﻭﺗـ ــﺬ ّﻭﻕ ﺧﻤـ ــﺮ ﺃﺳـ ــﺮﺍﺭ
ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴــﺪ ﻭﺍﻟﺘّﻔﺮﻳــﺪ .ﺣﻴــﺚ ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴــﻊ ﻣــﺎ ﺗﺤﺘــﺎﺝ ٕﺍﻟﻴــﻪ ﺗﻠــﻚ ﺍﻻٔ ّﻣ ـﺔ ﻣــﻦ
ﻦ ﻓ ــﻲ ﺫﺍ ﻙ ﺃﺣﻜــﺎﻡ ﺍﻟ ـ ّـﺪﻳﻦ ،ﻭﺷ ــﺮﻳﻌﺔ ﺳ ـﻴّﺪ ﺍﻟﻤﺮﺳ ــﻠﻴﻦ ،ﻣﻮﺟـ ٌ ـﻮﺩ ﻭﻣ َﻌ ـﻴٌ
ﻻﻫﻠـ ــﻪ ﻣـ ــﻦ ﺑﻌـ ــﺪ ﻧﻘﻄـ ــﺔ ﺍﻟ ّﺮﺿـ ــﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺒـ ــﻴﻦ .ﻭ ٕﺍﻧّـ ــﻪ ﻟﻬـ ــﻮ ﺍﻟﺤﺠـ ــﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴـ ــﺔ ٔ ّ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥٕ .ﺍﺫ ﺃ ﻥ ﺣﻜﻤﻪ ﻣﺴﻠّﻢ ،ﻭﺃﻣﺮﻩ ﻣﺤ ّﻘﻖ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ،ﻭﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ـﺴﺘّﻴﻦ .ﻭﺑ ــﻪ ﻣ ــﺄﻣﻮﺭﻳﻦ ﺑﺎﺗّﺒﺎﻋ ــﻪ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺣ ــﻴﻦ ّ ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟﺒ ــﺪﻳﻊ ﻓ ــﻲ ﺳ ــﻨﺔ ﺍﻟ ـ ّ
ﺍﻟﻄـ ـ ـ ــﺎﻟﺒﻮﻥ ٕﺍﻟـ ـ ـ ــﻰ ﺭﺿـ ـ ـ ــﻮﺍﻥ ﺍﻟﻮﺻ ـ ـ ـ ـﺎﻝ ،ﻭﻳﻔـ ـ ـ ــﻮﺯ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫـ ـ ـ ــﺪﻭﻥ ﻳـ ـ ـ ــﺼﻞ ّ ﻭﺣﺠ ـﺔ ﻋﻈﻤــﻰ. ﻭﺍﻟﻤﻬــﺎﺟﺮﻭﻥ ﺑــﺴﺮﺍﺩﻕ ﺍﻟﻘــﺮﺏ .ﻭ ٕﺍﻧّــﻪ ﻟــﺪﻟﻴﻞ ﻣﺤﻜــﻢ ّ
ﻭﻣﺎ ﻋﺪﺍﻩ ﻣﻦ ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳﺚ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺫﻟـﻚ ﺍﻟﻔﺨـﺮ،
ﻻٔ ّﻥ ﺍﻟﺤـ ـ ــﺪﻳﺚ ﻭﺃﺻـ ـ ــﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤـ ـ ــﺪﻳﺚ ،ﻭﺟـ ـ ــﻮﺩﻫﻢ ﻭﻗـ ـ ــﻮﻟﻬﻢ ﻣﺜﺒـ ـ ــﻮﺕ
ﺑﺤﻜ ـ ــﻢ ﺍﻟﻜﺘ ـ ــﺎﺏ ﻭﻣﺤ ّﻘ ـ ـ ـﻖ ﺑ ـ ــﻪ .ﻭﻋ ـ ــﻼﻭﺓ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻣ ـ ــﺎ ﺫﻛ ـ ــﺮ ﻓ ـ ــﺈ ّﻥ ﻓ ـ ــﻲ
ﺟﻤﺔ ﻛﻤـﺎ ﻗـﺎﻝ ﻧﻘﻄـﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗـﺎﻥ ﻓـﻲ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭ ً ﺷﺒﻬﺎ ّ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺃﻳّﺎﻣﻪٕ ) :ﺍﻧّﻲ ﺗﺎﺭ ﻙ ﻓﻴﻜﻢ ﺍﻟﺜّﻘﻠﻴﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻋﺘﺮﺗﻲ(.
١٦٩
ﻭﻣــﻊ ﺃ ﻥ ﻫﻨــﺎ ﻙ ﺃﺣﺎﺩﻳــﺚ ﻛﺜﻴــﺮﺓ ﻗــﺪ ﻧﺰﻟــﺖ ﻣــﻦ ﻣﻨﺒــﻊ ﺍﻟ ّﺮﺳــﺎﻟﺔ ،ﻭﻣﻌــﺪﻥ
ـﺴﺒﺐ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳـ ــﺔ ،ﻓﺈﻧّـ ــﻪ ﻟـ ــﻢ ﻳـ ــﺬﻛﺮ ﺷـ ــﻴﺎ ﻏﻴـ ــﺮ ﺍﻟﻜﺘـ ــﺎﺏ .ﻭﻗـ ــﺪ ﺟﻌﻠـ ــﻪ ﺍﻟـ ـ ّ ﻟﻠﻄــﺎﻟﺒﻴﻦ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳﻜــﻮﻥ ﻫﺎﺩ ًﻳــﺎ ﻟﻠﻌﺒــﺎﺩ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻻٔﻋﻈــﻢ ،ﻭﺍﻟـ ّـﺪﻟﻴﻞ ﺍﻻٔﻗــﻮﻡ ّ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻤﻴﻌﺎﺩ
ﻓـﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﺑﻌــﻴﻦ ﻣﻨـﺼﻔﺔ ،ﻭﻗﻠــﺐ ﻃــﺎﻫﺮ ،ﻭﻧﻔـﺲ ﺯﻛﻴّــﺔ .ﻭﻻﺣــﻆ
ﺍﻟﻄـ ـ ــﺮﻓﻴﻦ ،ﻣـ ـ ــﻦ ﺍﻟﻌﺎ ّﻣ ـ ـ ـﺔ ﻣـ ـ ــﺎ ﻗ ـ ـ ـ ّﺮﺭﻩ ﺍﻪﻠﻟ ﻓـ ـ ــﻲ ﻛﺘﺎﺑـ ـ ــﺔ ﺍﻟﻤـ ـ ــﺴﻠّﻢ ﺑـ ـ ــﻪ ﺑـ ـ ــﻴﻦ ّ
ﺣﺠ ـ ـ ـﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓـ ـ ــﺔ ﺍﻟﻌﺒـ ـ ــﺎﺩ .ﻓﻴﻨﺒﻐـ ـ ــﻲ ﻟﻬـ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒـ ـ ــﺪ ﻭﺍﻟﺨﺎﺻ ـ ـ ـﺔ ،ﻭﺟﻌﻠـ ـ ــﻪ ّ ّ ـﺴﻚ ﺑﻨــﻮﺭﻩ ،ﻭﻧﻤﻴّــﺰ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭﻟﺠﻨﺎﺑــﻚ ﻭﻟﻜـ ّ ـﻞ ﻣــﻦ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺃﻥ ﻧﺘﻤـ ّ
ﺍﻟﺤﺠ ـﺔ ﺍﻧﺤــﺼﺮﺕ ﻻ ّﻥ ـﻀﻼﻟﺔ ﻭﺍﻟﻬﺪﺍﻳــﺔٔ . ّ ﻣــﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃــﻞ ﻭﻧﻔ ـ ّﺮﻕ ﺑــﻴﻦ ﺍﻟـ ّ
ﻭﻟﻤـﺎ ﺍﻧﻘﻄﻌــﺖ ﺍﻟﻌﺘــﺮﺓ ﻣــﻦ ﺑــﺄﻣﺮﻳﻦ ﺃﺣــﺪﻫﻤﺎ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﻤــﺎ ﻋﺘﺮﺗــﻪّ .
ٍ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻧﺤﺼﺮﺕ ّ
ـﺐ ﻓِ ﻴ ــﻪِ ﻭﻓ ــﻲ ﺃ ّﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘ ــﺎﺏ ﻳﻘ ــﻮﻝ﴿ :ﺍﻟ ــﻢ َﺫ ِﻟ ـ َ ـﺎﺏ َ ـﻚ ﺍﻟ ِْﻜ َﺘ ـ ُ ﻻ َﺭ ْﻳ ـ َ
ﺍﻟﻤﻘﻄﻌ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻔﺮﻗ ــﺎﻥ ﻣ ــﺴﺘﻮﺭﺓ ـﻴﻦ﴾) (١ﻓﻔ ــﻲ ﺍﻟﺤ ــﺮﻭﻑ ّ ُﻫ ـ ًـﺪﻯ ﻟِّﻠ ُْﻤﺘِ ﻘ ـ َ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺻﺪﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﻣﺨﺰﻭﻧﺔ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
١٧٠
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮ ﻻٓﻟــﺊ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ،ﻭﻟــﻴﺲ ﻫــﺬﺍ ﻣﺠــﺎﻝ ﺫﻛﺮﻫــﺎ .ﻭﻟﻜــﻦ ﺑﺤــﺴﺐ ّ ﻣﺤﻤــﺪٕ ،ﺍ ّﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﻣﻤــﺎ ﺧﺎﻃﺒــﻪ ﺑــﻪ ﻫــﻮ ﺃﻥ ﻳــﺎ ّ ﻣﻘــﺼﻮﺩ ﺣــﻀﺮﺗﻪ ّ
ـﻚ ﻓﻴ ـ ــﻪ ،ﻭﻫ ـ ــﻮ ﻫ ـ ــﺪﻯ ﺍﻟﻤﻨ ـ ـ ّـﺰﻝ ﻣ ـ ــﻦ ﺳ ـ ــﻤﺎء ﺍﻻٔﺣﺪﻳّ ـ ــﺔ ﻻ ﺭﻳ ـ ــﺐ ﻭﻻ ﺷ ـ ـ ّ
ـﻞ ﻣـﻦ ﻟﻠﻤﺘّﻘﻴﻦ ،ﻓﻼﺣﻈﻮﺍ ﺑـﺄ ّﻥ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻗـﺎﻥ ﻗـﺪ ﻗـ ّﺮﺭﻩ ﻭﻗ ّـﺪﺭﻩ ﻟﻬﺪﺍﻳـﺔ ﻛ ّ ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻭﺷـ ـ ــﻬﺪ ﺫﺍﺕ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـ ـ ــﺔ ،ﻭﻏﻴـ ـ ــﺐ ﺍﻟﻬﻮﻳّـ ـ ــﺔ ﻓـ ـ ــﻲ ﺍﻟـ ـ ـ ّ
ـﻚ ﻭﻻ ﺷ ــﺒﻬﺔ ﻓﻴ ــﻪ ،ﻭﺃﻧّ ــﻪ ﻫ ــﺎﺩ ﻟﻠﻌﺒ ــﺎﺩ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻳ ــﻮﻡ ﺑﻨﻔ ــﺴﻪ ﻋﻠ ــﻰ ﺃﻧّ ــﻪ ﻻ ﺷ ـ ّ
ـﺸﻚ ﻫــﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ،ﻭﻳــﺸﺘﺒﻬﻮﺍ ﻓــﻲ ﻻﻧــﺼﺎﻑ ﺃﻥ ﻳـ ّ ﺍﻟﻤﻴﻌــﺎﺩ ،ﻓﻬــﻞ ﻣــﻦ ﺍ ٕ
ﻻﻋﻈـﻢ ﺍﻟّـﺬﻱ ﺷـﻬﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﺑﺄﺣ ّﻘﻴّﺘــﻪ ﻭﺣﻜـﻢ ﺑﻬـﺎ؟ ﺃﻭ ﻳﻌﺮﺿـﻮﺍ ﻋــﻦ ﺍﻟﺜّﻘـﻞ ﺍ ٔ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﺟﻌﻠ ــﻪ ﺳ ــﺒ ًﺒﺎ ﻟﻠﻬﺪﺍﻳ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﻮﺻ ــﻮﻝ ٕﺍﻟ ــﻰ ﻣﻌ ــﺎﺭﺝ ﺍﻟﻌﺮﻓ ــﺎﻥ؟
ﻜﻜﻮﻥ ﺑﺰﺧﺮﻑ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻗﺎﺋﻠﻴﻦٕ :ﺍ ﻥ ﻓﻼ ًﻧـﺎ ﻭﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﺃﻣ ًﺮﺍ ﺁﺧﺮ ﻭﻳﺘﺸ ّ ﻗــﺎﻝ ﻛــﺬﺍ ﻭﻛــﺬﺍ ،ﻭﺃ ّﻥ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺍﻟﻔﻼﻧــﻲ ﻣــﺎ ﻇﻬــﺮ .ﻭﺍﻟﺤــﺎﻝ ﻟــﻮ ﺃ ﻥ ﻫﻨــﺎ ﻙ
ﺃﻣ ـ ًﺮﺍ ﺃﻭ ﺷــﻴﺎ ﻏﻴــﺮ ﻛﺘــﺎﺏ ﺍﻪﻠﻟ ﻳﻜــﻮﻥ ﻋﻠّ ـﺔ ﻭﺳــﺒ ًﺒﺎ ﻟﻬﺪﺍﻳــﺔ ﺍﻟﺨﻠــﻖ ،ﻟــﺬﻛﺮ
ﺣﺘﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ً
ﻻ ﻧﺘﺠ ـ ــﺎﻭﺯ ﻋ ـ ــﻦ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮ ﺍﻟﻤﺒ ـ ــﺮﻡ ﻭﺍﻟﺨﻼﺻ ـ ــﺔ ﺃﻧّ ـ ــﻪ ﻳﺠ ـ ــﺐ ﻋﻠﻴﻨ ـ ــﺎ ﺃ ّ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭ ﻓ ــﻲ ﺍﻻٓﻳ ــﺔ، ﻻﻟﻬ ـ ﺍ ٕ ـﻲ ،ﻭﻻ ﻋ ــﻦ ﺍﻟﺘّﻘ ــﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﻘ ـ ّـﺪﺭ ﺍﻟ ـ ّ ّ ّ ـﺼﺪﻕ ﺑﻬــﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ،ﻓــﻼ ـﺼﺪﻕ ﺑﺎﻟﻜﺘــﺐ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌــﺔ ،ﻻٔﻧّﻨــﺎ ٕﺍﺫﺍ ﻟــﻢ ﻧـ ّ ﻭﻧ ـ ّ ﻳﺘﺤ ّﻘﻖ ﺍﻟﺘّﺼﺪﻳﻖ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ
١٧١
ـﺼﺪﻕ ﺑﺎﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ ﻓﺈﻧّــﻪ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻟــﻢ ﺃﻱ ٕﺍﻧــﺴﺎﻥ ﻟــﻢ ﻳـ ّ ﻭﺍﺿــﺢ ﻣــﻦ ﺃ ﻥ ّ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ ﻗﺒ ـ ــﻞ .ﻭﻫ ـ ــﺬﻩ ﻫ ـ ــﻲ ﺍﻟﻤﻌ ـ ــﺎﻧﻲ ـﻀﺎ ﺑﺎﻟﻜﺘ ـ ــﺐ ﻳــ ّ ـﺼﺪﻕ ﺃﻳ ـ ـ ً ّ ﺍﻟﻤـ ــﺴﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣـ ــﻦ ﻇـ ــﺎﻫﺮ ﺍﻻٓﻳـ ــﺔ .ﻭﻟـ ــﻮ ﻧـ ــﺬﻛﺮ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬـ ــﺎ ﺍﻟﻤـ ــﺴﺘﻮﺭﺓ ﻭﻧﺒ ـ ـﻴّﻦ ﺍﻟﺰﻣـﺎﻥ ﻻ ﻳﻜﻔـﻲ ﻟـﺬﻟﻚ ﻭﺍﻟﻜـﻮﻥ ﻻ ﺃﺳﺮﺍﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﻜﻨﻮﻧـﺔ ،ﻓـﻼ ﺷ ّ ـﻚ ﺃ ﻥ ّ
ﺷﻬﻴﺪﺍ ﻳﺤﺘﻤﻠﻪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ً
ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳﻘــﻮﻝ ﻓــﻲ ﻣﻘــﺎﻡ ﺁﺧــﺮَ ﴿ :ﻭ ﺍ ْﻥ ُﻛ ْﻨ ـ ُﺘ ْﻢ ﻓِ ــﻲ َﺭ ْﻳـ ٍـﺐ ِّﻣ ﻤــﺎ َﻧ ﺰ ْﻟ َﻨــﺎ
ـﻦ ُﺩ ِ ﻭﻥ ﺍﻪﻠﻟِ ﺍ ْﻥ ـﺴﻮ َﺭﺓٍ ِّﻣــﻦ ِّﻣ ْﺜ ِﻠــﻪِ َﻭﺍ ْﺩ ُﻋــﻮ ْﺍ ُﺷـ َـﻬ َﺪﺍَء ُﻛﻢ ِّﻣـ ْ َﻋ َﻠــﻰ َﻋ ْﺒـ ِـﺪ َﻧﺎ َﻓـﺎُ ﺗﻮ ْﺍ ِﺑـ ُ
ﻴﻦ﴾) (١ ﺻﺎﺩِ ﻗِ َ ُﻛ ْﻨ ُﺘ ْﻢ َ
ﻧﺰﻟﻨــﺎ ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ ،ﺃﻧّــﻪ ﻟــﻮ ﻛﻨــﺘﻢ ﻓــﻲ ﺷـ ّ ﻣﻤ ـﺎ ﺗﺮﺟﻤﺘــﻪ ّ ـﻚ ﻭﺷــﺒﻬﺔ ّ ّ ﻣﻤ ـﺎ ّ
ـﺴﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟ ــﺔ، ﻋﻠ ــﻰ ﻋﺒ ــﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤ ــﺪ ،ﻓ ــﺄﺗﻮﺍ ﺑ ــﺴﻮﺭﺓ ﻣ ــﻦ ﻣﺜ ــﻞ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟ ـ ّ ّ
ﻭﺍﺩﻋــﻮﺍ ﺷــﻬﺪﺍءﻛﻢ ﺃﻱ ﻋﻠﻤــﺎءﻛﻢ ﺣﺘّــﻰ ﻳﻌﻴﻨــﻮﻛﻢ ﻋﻠــﻰ ٕﺍﻧــﺰﺍﻝ ﺳــﻮﺭﺓ ٕﺍﻥ
ﻛﻨـ ــﺘﻢ ﺻـ ــﺎﺩﻗﻴﻦ .ﻓـ ــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻛـ ــﻢ ﻫـ ــﻮ ﻋﻈـ ــﻴﻢ ﺷـ ــﺄﻥ ﺍﻻٓﻳـ ــﺎﺕ ﻭﻛﺒﻴـ ــﺮ
ﺍﻟﺤﺠﺔ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻭﺍﻟﺒﺮﻫـﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﻣـﻞ ﻭﺍﻟﻘـﺪﺭﺓ ﻗﺪﺭﻫﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺪ ﺧﺘﻢ ﺑﻬﺎ ّ
ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ﺍﻟﻨّﺎﻓﺬﺓ .ﻭﻣﺎ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
١٧٢
ﺃﻱ ﺷـ ــﻲء ﻣﻌﻬـ ــﺎ ،ﻻٔ ّﻥ ﺃﺷـ ــﺮ ﻙ ﺳـ ــﻠﻄﺎﻥ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـ ــﺔ ﻓـ ــﻲ ٕﺍﻇﻬـ ــﺎﺭ ّ ﺣﺠﺘـ ــﻪ ّ
ـﺸﻤﺲ ،ﻭﻣ ــﺎ ﺳ ــﻮﺍﻫﺎ ﺍﻻٓﻳ ــﺎﺕ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻟﺤﺠ ــﺞ ﻭﺍﻟ ـ ّـﺪﻻﺋﻞ ﻫ ــﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟ ــﺔ ﺍﻟ ـ ّ ﺍﻟﺤﺠـﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴـﺔ ،ﻭﺍﻟﺒﺮﻫـﺎﻥ ﺍﻟﺜّﺎﺑـﺖ ،ﻭﺍﻟﻨّـﻮﺭ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻨّﺠﻮﻡ .ﻭ ٕﺍﻧّﻬﺎ ﻟﻬﻲ ّ
ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﻲ .ﻻ ﻳﺒﻠــﻎ ﻓــﻀﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤــﻀﻲء ﺑــﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﻣــﻦ ﻟــﺪﻥ ﺍﻟـ ّ ّ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻭﻣﺨﺰﻥ ﺍﻻٔﺳﺮﺍﺭ ﺃﻱ ﺃﻣﺮ ﻭﻫﻲ ﻛﻨﺰ ﺍﻟﻼٓﻟﺊ ﺍ ٕ ﻓﻀﻞ ،ﻭﻻ ﻳﺴﺒﻘﻬﺎ ّ
ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ،ﻭ ٕﺍﻧّﻬــﺎ ﻟﻬــﻲ ﺍﻟﺨــﻴﻂ ﺍﻟﻤﺤﻜــﻢ ،ﻭﺍﻟﺤﺒــﻞ ﺍﻟﻤﺘــﻴﻦ ،ﻭﺍﻟﻌــﺮﻭﺓ
ﺍﻟ ـ ــﻮﺛﻘﻰ ،ﻭﺍﻟﻨّ ـ ــﻮﺭ ﺍﻟّ ـ ــﺬﻱ ﻻ ﻳﻄﻔ ـ ــﻰ .ﺗﺠ ـ ــﺮﻱ ﻣﻨﻬ ـ ــﺎ ﺷ ـ ــﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌ ـ ــﺎﺭﻑ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴﺔ ،ﻭﻫــﻲ ﻧــﺎﺭ ﻟﻬــﺎ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ،ﻭﺗﻔــﻮﺭ ﻣﻨﻬــﺎ ﻧــﺎﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤــﺔ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐــﺔ ﺍﻟـ ّ
ـﺐ، ﺃﺛــﺮﺍﻥ ﻇــﺎﻫﺮﺍﻥ ﻓــﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣــﺪ :ﻓــﻲ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠــﻴﻦ ﺗﺤــﺪﺙ ﺣــﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺤـ ّ
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺒﻐﻀﻴﻦ ﺑﺮﻭﺩﺓ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ
ﻻ ﻧﺘﺠ ــﺎﻭﺯ ﻋ ــﻦ ﺃﻣ ــﺮ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻧﺮﺿ ــﻰ ﺑﻤ ــﺎ ﺃﻳّﻬ ــﺎ ﺍﻟ ّﺮﻓﻴ ــﻖ ،ﻳﻨﺒﻐ ــﻲ ﻟﻨ ــﺎ ﺃ ّ
ﺣﺠــﺔ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟــﺔ ﺣﺠﺘــﻪ ﻭﻧﺨــﻀﻊ ﻟــﻪ .ﻭﺍﻟﺨﻼﺻــﺔ ﺃ ﻥ ّ ﺟﻌﻠــﻪ ّ ﻭﺑﺮﻫﺎﻧﻬﺎ ،ﻻٔﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻴـﻞ ٕﺍﻗﺎﻣـﺔ ﺍﻟ ّـﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬـﺎ
ـﺴﺒﻴﻞ ،ﻭﻫــﻮ ﺍﻟﻘــﺎﻫﺮ ﻓــﻮﻕ ﻋﺒــﺎﺩﻩ ﻭﻫــﻮ ﻭﺍﻪﻠﻟ ﻳﻘــﻮﻝ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭﻫــﻮ ﻳﻬــﺪﻱ ﺍﻟـ ّ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ
ﻚ ﻮﻫﺎ َﻋ َﻠ ْﻴ َ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰِ ﴿ :ﺗﻠ َ ْﻚ ﺁ َﻳ ُ ﺎﺕ ﺍﻪﻠﻟِ َﻧ ْﺘ ُﻠ َ
١٧٣
ﻱ َﺣ ـ ِـﺪ ٍ ـﻮﻥ﴾) .(١ﺃﻱ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﻫ ــﺬﻩ ﻳﺚ َﺑ ْﻌ ـ َـﺪ ﺍﻪﻠﻟِ َﻭﺁ َﻳﺎ ِﺗ ــﻪِ ُﻳ ْﺆﻣِ ُﻨ ـ َ ِﺑ ــﺎﻟ َ ْﺤ ِّﻖ َﻓ ِﺒـ ـﺎِّ
ـﺄﻱ ﺣـﺪﻳﺚ ﺑﻌـﺪ ﻇﻬـﻮﺭ ﺁﻳﺎﺕ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﺎء ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻧﺘﻠﻮﻫﺎ ﻋﻠﻴﻚ ،ﻓﺒ ّ
ﺍﻟﺤ ّـﻖ ﻭﻧـﺰﻭﻝ ﺁﻳﺎﺗــﻪ ﻳﺆﻣﻨـﻮﻥ؟ ﻭﻟــﻮ ﺗﻠﺘﻔـﺖ ٕﺍﻟــﻰ ﺗﻠـﻮﻳﺢ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳـﺔ ﻟﺘﻔﻘــﻪ ـﻀﺎ ﻓـﻲ ﺃﻧّﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎ ﻙ ﺃﺑ ًـﺪﺍ ﻣﻈﻬـﺮ ﺃﻛﺒـﺮ ﻣـﻦ ﺍﻻٔﻧﺒﻴـﺎء ﻭﻟـﻢ ﺗﻈﻬـﺮ ﺃﻳ ً
ﺣﺠﺔ ﺃﻛﺒـﺮ ﻭﻻ ﺃﻋﻈـﻢ ﻣـﻦ ﺍﻻٓﻳـﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟـﺔ ،ﺑـﻞ ٕﺍﻧّـﻪ ﻟـﻢ ﻳﻜـﻦ ﺍﻻٔﺭﺽ ّ ﻻ ﻣﺎ ﺷﺎء ﺭﺑّﻚ ﺣﺠﺔ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺠﺔ ٕﺍ ّ ﻓﻲ ﺍ ٕ ّ ﻻﻣﻜﺎﻥ ّ
ـﺴ َﻤ ُﻊ ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳﻘــﻮﻝ ﻓــﻲ ﻣﻘــﺎﻡ ﺁﺧــﺮَ ﴿ :ﻭ ْﻳـ ٌ ـﻞ ﻟِّ ُ ـﻴﻢ َﻳـ ْ ﻜــﻞِّ ﺍ ﻓــﺎ ٍﻙ ﺍ ِ ﺛـ ٍ
ـﻢ ُﻳـ ـ ِ ﺁ َﻳـ ـ ِ ـﺴ َﻤ ْﻌ َﻬﺎ َﻓ َﺒ ـ ـ ِّﺸ ْﺮ ُﻩ ـﺴ َﺘ ْ ﻜ ِﺒ ًﺮﺍ َﻛ ـ ـﺎﻥ ﻟـ ـ ْـﻢ َﻳـ ـ ْ ـﺼ ﺮ ُﻣـ ـ ْ ـﺎﺕ ﺍﻪﻠﻟِ ُﺗ ْﺘ َﻠـ ــﻰ َﻋ َﻠ ْﻴـ ــﻪِ ﺛـ ـ
)(٢ ـﻞ ﺃ ّﻓ ـ ـﺎ ﻙ ﺃﺛـ ــﻴﻢ ،ﻳـ ــﺴﻤﻊ ﺍﻻٓﻳـ ــﺎﺕ ـﻴﻢ﴾ ﻳﻌﻨـ ــﻲ ﻭﻳـ ــﻞ ﻟﻜـ ـ ّ ِﺑ َﻌـ ـ َـﺬ ٍ ﺍﺏ ﺍ ِ ﻟـ ـ ٍ
ـﻢ ﻳــﺴﺘﻜﺒﺮ ﻛــﺄﻥ ﻟــﻢ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟــﺔ ﻣــﻦ ﺳــﻤﺎء ﺍﻟﻤــﺸﻴﺌﺔ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﺗﺘﻠــﻰ ﻋﻠﻴــﻪ ،ﺛـ ﻻﺷــﺎﺭﺓ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﻟﺘﻜﻔــﻲ ـﺸﺮﻩ ﺑﻌــﺬﺍﺏ ﺃﻟــﻴﻢ .ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﺍ ٕ ﻳــﺴﻤﻌﻬﺎ ،ﻓﺒـ ّ
ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ ﻟ ــﻮ ﻛ ــﺎﻥ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﻓ ــﻲ ﺁﻳ ــﺎﺕ ﺭﺑﻬ ــﻢ ﻛـ ّ ـﻞ ﻣ ــﻦ ﻓ ــﻲ ﺍﻟ ـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ﻻ ﻳﺘﻔ ّﺮﺳﻮﻥ .ﻭ ٕﺍﻧّﻚ َﻟ َﺘﺴﻤﻊ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻛﻴﻒ ﺃﻧّﻪ ٕﺍﺫﺍ ﺗﻠﻴﺖ ﺍﻻٓﻳـﺎﺕ ﺍ ٕ
ﻻﻟﻬﻴّ ــﺔ ﻳﻌﺘﻨ ــﻲ ﺑﻬ ــﺎ ﺃﺣ ــﺪ ،ﻛ ــﺄ ّﻥ ﺃﺣﻘ ــﺮ ﺍﻻٔﻣ ــﻮﺭ ﻋﻨ ــﺪﻫﻢ ﻫ ــﻲ ﺍﻻٓﻳ ــﺎﺕ ﺍ ٕ
ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ ﺃﻧّﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎ ﻙ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺎﺛﻴﺔ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺎﺛﻴﺔ.
١٧٤
ﺃﻣﺮ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻻٓﻳـﺎﺕ .ﻗـﻞ ﻟﻬـﻢ ﺃﻳّﻬـﺎ ﺍﻟﻐـﺎﻓﻠﻮﻥ ٕﺍﻧّﻜـﻢ ﺗﻘﻮﻟـﻮﻥ ﻣـﺎ ﻗﺎﻟـﻪ
ﺁﺑــﺎﺅﻛﻢ ﻣــﻦ ﻗﺒــﻞ ،ﻓﻠــﻮ ﺃﻧّﻬــﻢ ﺟﻨــﻮﺍ ﺛﻤ ـ ًﺮﺍ ﻣــﻦ ﺷــﺠﺮﺓ ٕﺍﻋﺮﺍﺿــﻬﻢ ﻓــﺴﻮﻑ ـﻀﺎ .ﻭﻋـ ــﻦ ﻗﺮﻳـ ــﺐ ﺳـ ــﻮﻑ ﺗـ ــﺴﺘﻘ ّﺮﻭﻥ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟﻨّـ ــﺎﺭ ﻣـ ــﻊ ﺗﺠﻨﻮﻧـ ــﻪ ﺃﻧـ ــﺘﻢ ﺃﻳـ ـ ً
ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﺁﺑﺎﺋﻜﻢ ﻓﺎﻟﻨّﺎﺭ ﻣﺜﻮﺍﻫﻢ ﻓﺒﺌﺲ ﻣﺜﻮﻯ ّ
ﺨ َﺬ َﻫﺎ ﻦ ﺁ َﻳﺎ ِﺗ َﻨﺎ َﺷ ْﻴﺎ ﺍﺗَ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺁﺧﺮَ ﴿ :ﻭ ﺍ َﺫﺍ َﻋﻠ َِﻢ ﻣِ ْ
ـﻴﻦ﴾) (١ﻳﻌﻨــﻲ ٕﺍﺫﺍ ﻋﻠــﻢ ﻣــﻦ ﺁﻳﺎﺗﻨــﺎ ﺷــﻴﺎ ُﻫـ ُـﺰ ًﻭﺍ ﺍ ْ ﻭ َﻟِٔ ـ َ ﺍﺏ ﻣ ِﻬـ ٌ ـﻚ َﻟ ُﻬـ ْـﻢ َﻋـ َـﺬ ٌ ﺍﺗّﺨ ــﺬﻫﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﺳ ــﺒﻴﻞ ﺍﻻﺳ ــﺘﻬﺰﺍء ،ﻓﻠﻬ ــﻢ ﻋ ــﺬﺍﺏ ﻣﻬ ــﻴﻦ .ﻭﻣ ــﻦ ﺟﻤﻠ ــﺔ
ﺍﻻﺳــﺘﻬﺰﺍء ﺃﻧّﻬــﻢ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ﺃﻇﻬــﺮ ﻟﻨــﺎ ﻣﻌﺠــﺰﺓ ﺃﺧــﺮﻯ ﻭﺍﺋﺘﻨــﺎ ﺑﺒﺮﻫــﺎﻥ ـﺴ َﻤﺎء﴾ ـﻦ ﺍﻟـ ـﺴ ًﻔﺎ ِّﻣـ َ ﺁﺧــﺮ ،ﻓﻜــﺎﻥ ﻳﻘــﻮﻝ ﺃﺣــﺪﻫﻢَ ﴿ :ﻓﺎْ ﺳــﻘِ ْﻂ َﻋ َﻠ ْﻴ َﻨــﺎ ﻛِ ـ َ
)(٢
ـﻦ ﻋِ ﻨ ِـﺪ َﻙ َﻓـﺎْ ﻣﻄِ ْﺮ َﻋ َﻠ ْﻴ َﻨـﺎ ﻭﺍﻻٓﺧﺮ ﻛﺎﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﴿ :ﺍﻥ َﻛ َ ْﺤ ﻖ ﻣِ ْ ﺎﻥ َﻫ َﺬﺍ ُﻫ َﻮ ﺍﻟ َ
ﺍﻟﺴ َﻤﺎِء﴾) .(٣ﻭﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺍﺳـﺘﺒﺪﻝ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ ﻓـﻲ ﻋﻬـﺪ ﻣﻮﺳـﻰ ﻦ ﺠﺎ َﺭ ًﺓ ِّﻣ َ ِﺣ َ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳّﺔ ﺑﺎﻻٔﺷﻴﺎء ﺍﻟﺨﺒﻴﺜﺔ ﻣـﻦ ﻗﺒﻴـﻞ ﺍﻟﺜّـﻮﻡ ﻭﺍﻟﺒـﺼﻞ ،ﻛـﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ّ
ﺑﺎﻟﻈﻨﻮﻧـﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺠـﺴﺔ ـﻀﺎ ﺗﺒـﺪﻳﻞ ﺍﻻٓﻳـﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟـﺔ ّ ﻃﻠﺐ ﻫـﺆﻻء ﺍﻟﻘـﻮﻡ ﺃﻳ ً ّ ﺍﻟﻜﺜﻴﻔــﺔ .ﻛﻤــﺎ ﺗــﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻴــﻮﻡ ،ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﺎﺋــﺪﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّــﺔ ﻧﺎﺯﻟــﺔ ﻣــﻦ ﺳــﻤﺎء
ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﺔ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺎﺛﻴﺔ.
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍء. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ّ
) (٣ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻔﺎﻝ.
١٧٥
ـﺴﺒﺤﺎﻧﻴّﺔ .ﻭﺃ ّﻥ ﺑﺤــﻮﺭ ﺍﻟﺤﻴ ـﻮﺍﻥ ﻓ ــﻲ ﻣ ــﻮﺝ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﻭﻏﻤ ــﺎﻡ ﺍﻟﻤﻜﺮﻣ ــﺔ ﺍﻟ ـ ّ
ﻭﺟﺮﻳ ــﺎﻥ ،ﻓ ــﻲ ﺭﺿ ــﻮﺍﻥ ﺍﻟﺠﻨ ــﺎﻥ ،ﺑ ــﺄﻣﺮ ﺧ ــﺎﻟﻖ ﻛ ــﻦ ﻓﻜ ــﺎﻥ .ﻭﺍﻟﺠﻤﻴ ــﻊ
ﻣﺠﺘﻤﻌـ ـ ــﻮﻥ ﻛـ ـ ــﺎﻟﻜﻼﺏ ﻋﻠـ ـ ــﻰ ﺍﻻٔﺟـ ـ ــﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻴﺘـ ـ ــﺔ ،ﻭﻗـ ـ ــﺎﻧﻌﻮﻥ ﺑﺎﻟﺒﺮﻛـ ـ ــﺔ
ﺍﻟﻤﺎﻟﺤــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻫــﻲ ﻣﻠــﺢ ﺃﺟــﺎﺝ .ﺳــﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ! ٕﺍﻧّﻨــﺎ ﻟﻔــﻲ ﻏﺎﻳــﺔ ﺍﻟﺤﻴــﺮﺓ ـﺴﻜﻮﻥ ﻣــﻦ ﻋﺒــﺎﺩ ﻳﻄﻠﺒــﻮﻥ ﺍﻟـ ّـﺪﻟﻴﻞ ﺑﻌــﺪ ﺍﺭﺗﻔــﺎﻉ ﺃﻋــﻼﻡ ﺍﻟﻤــﺪﻟﻮﻝ .ﻭﻳﺘﻤـ ّ ﺑﺈﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻌـﺪ ﻇﻬـﻮﺭ ﺷـﻤﺲ ﺍﻟﻤﻌﻠـﻮﻡ .ﻣـﺜﻠﻬﻢ ﻛﻤـﻦ ﻳﻄﻠـﺐ ﻣـﻦ
ﻻﺛﺒ ــﺎﺕ ﻧﻮﺭﻫ ــﺎ ،ﺃﻭ ﻳﻄﻠ ــﺐ ﻣ ــﻦ ﺃﻣﻄ ــﺎﺭ ﺍﻟ ّﺮﺑﻴ ــﻊ ﺑﺮﻫﺎ ًﻧ ــﺎ ﺣﺠ ــﺔ ٕ ـﺸﻤﺲ ّ ﺍﻟ ـ ّ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻧﻮﺭﻫﺎ ﺍﻟّﺬﻱ ﺃﺷﺮﻕ ﻭﺃﺣﺎﻁ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻢ، ﻻﺛﺒﺎﺕ ﻓﻴﻀﻬﺎ. ٕ ﻓﺤﺠﺔ ّ ّ
ﻭﺑﺮﻫ ــﺎﻥ ﺍﻟ ّﺮﺑﻴ ــﻊ ﺟ ــﻮﺩﻩ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﺟ ـ ّـﺪﺩ ﺍﻟﻌ ــﺎﻟﻢ ﺑ ــﺮﺩﺍء ﺟﺪﻳ ــﺪ .ﻋﻠ ــﻰ ﺃ ﻥ
ﻻﺭﺽ ﺍﻟﺠــﺮﺯ ﻟــﻴﺲ ـﺸﻤﺲ ﺃﺛـ ًﺮﺍ ﻏﻴــﺮ ﺣﺮﺍﺭﺗﻬــﺎ .ﻭﺍ ٔ ﺍ ٔ ﻻﻋﻤــﻰ ﻻ ﻳﻌــﺮﻑ ﻟﻠـ ّ
ﻟﻬــﺎ ﻧــﺼﻴﺐ ﻣــﻦ ﺭﺣﻤــﺔ ﺍﻟ ّﺮﺑﻴــﻊ )ﻓــﻼ ﻋﺠــﺐ ٕﺍﻥ ﻟــﻢ ﻳﻜــﻦ ﻟﻬــﻢ ﻧــﺼﻴﺐ ـﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻨّﻘﺶ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻧّﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻼٔﻋﻤﻰ ﻧﺼﻴﺐ ﻣـﻦ ﺍﻟ ّ
ٕﺍﻻ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ) (١
ﻭﻓــﻲ ﻣﻘــﺎﻡ ﺁﺧــﺮ ﻳﻘــﻮﻝَ ﴿ :ﻭ ﺍ َﺫﺍ ُﺗ ْﺘ َﻠــﻰ َﻋ َﻠـ ْﻴ ِﻬ ْﻢ ﺁ َﻳﺎ ُﺗ َﻨــﺎ َﺑﻴِّ َﻨـ ٍ ـﺎﻥ ـﺎﺕ ﻣــﺎ َﻛـ َ
ﻻ ﺍﻥ َﻗﺎ ُﻟﻮﺍ ﺍُ ﺘﻮﺍ ِﺑﺂ َﺑﺎَ ِٔ ﻨﺎ ﺍﻥ ُﻛﻨ ُﺘ ْﻢ ﺠ َﺘ ُﻬ ْﻢ ﺍ ّ ُﺣ
ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ. ) (١ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺑﻴﺖ ﻣﻦ ّ ّ
١٧٦
)(١ ﺻـ ـ ِ ﻳﺤﺘﺠ ـ ـﻮﻥ ﺑﻬـ ــﺎ ﻋﻠـ ــﻰ ﻣﻈـ ــﺎﻫﺮ ﺃﻱ ﺣﺠـ ــﺞ ﻛـ ــﺎﻧﻮﺍ ـﺎﻧﻈﺮ ـ ـ ﻓ ﻴﻦ﴾ ّ ـﺎﺩﻗِ َ َ ّ
ـﻞ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤــﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠــﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳــﻌﺔٕ .ﺍﻧّﻬــﻢ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳــﺴﺘﻬﺰﺅﻥ ﺑﺎﻻٓﻳــﺎﺕ ،ﺍﻟّﺘــﻲ ﻛـ ّ ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻭﺑﻬــﺎ ﻳﺤﻴــﺎ ﺃﻣــﻮﺍﺕ ﺣــﺮﻑ ﻣﻨﻬــﺎ ﺃﻋﻈــﻢ ﻣــﻦ ﺧﻠــﻖ ﺍﻟـ ّ ﻻﻳﻤﺎﻥ .ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﺧ ِﺮﺝ ﻟﻨﺎ ﺁﺑﺎءﻧـﺎ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬﻮﻯ ﺑﺮﻭﺡ ﺍ ٕ
ﻣــﻦ ﺍﻟﻘﺒــﻮﺭ .ﻓﺒﻤﺜــﻞ ﻫــﺬﺍ ﻛــﺎﻥ ٕﺍﻋــﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘــﻮﻡ ﻭﺍﺳــﺘﻜﺒﺎﺭﻫﻢ ،ﻣــﻊ ﺃ ﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻋﻠـﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ، ﺣﺠﺔ ُﻣﺤﻜﻤﺔ ّ ّ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٓﻳﺎﺕ ّ
ﻜـﺮﻭﻥ. ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﻟـﻮ ﺃﻧـﺘﻢ ﻓـﻲ ﺁﻳـﺎﺕ ﺍﻪﻠﻟ ﺗﺘﻔ ّ ﻭﺑﺮﻫﺎﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﻳﻜﻔﻲ ّ
ﻻﺳــﺮﺍﺭ .ﻭﻣــﻦ ﻃﻠــﺐ ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻟﻤﻜﻨــﻮﻥ ﻻٓﻟ ـﺊ ﺍ ٔ ﻭﺟﺪ ﻭﺟﺪ ّ
ﻻﺻــﻐﺎء ٕﺍﻟــﻰ ﺯﺧــﺮﻑ ﺃﻗــﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻳـ ّـﺪﻋﻮﻥ ﺑــﺄ ّﻥ ٕﺍﻳّــﺎ ﻙ ﻭﺍ ٕ
ﺑﺤﺠـ ـ ــﺔ ﻟﻠﻌـ ـ ــﻮﺍ ّﻡ ﻻٔﻧّﻬـ ـ ــﻢ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻮﻧﻬـ ـ ــﺎ ﻭﻻ ﺍﻟﻜﺘـ ـ ــﺎﺏ ﻭﺍﻻٓﻳـ ـ ــﺎﺕ ﻟـ ـ ــﻴﺲ ّ
ﺣﺠــﺔ ﻻٔﻫــﻞ ﺍﻟﻤــﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻤﻐــﺮﺏ .ﻭ ٕﺍﻥ ﻳــﺪﺭﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣــﻊ ﺃ ﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻘــﺮﺁﻥ ّ
ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴـﻊ؟ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ٕﺍﺩﺭﺍﻛﻪ ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ّ
ﻳﺪﻋﻮﻥ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎ ﻙ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ،ﺃﻭ ٕﺍﻟﺰﺍﻡ ﻟﻬـﺎ ﻭﻟﻮ ﺻﺢ ﻣﺎ ّ ّ ﺑﻌﺮﻓﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻻٔ ّﻥ ﻋﺮﻓﺎﻧﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺎﺛﻴﺔ.
١٧٧
ﻻﺩﺭﺍﻛﻪ ﻋﺮﻓﺎﻥ ﻛﺘﺎﺑﻪ .ﻭﺍﻟﻌﻮﺍ ّﻡ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ٕ ـﺴﺨﺎﻓﺔ .ﻭﻛﻠّ ــﻪ ﻭﺍﻟﺨﻼﺻ ــﺔ ﺃ ﻥ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻘ ــﻮﻝ ﻓ ــﻲ ﻣﻨﺘﻬ ــﻰ ﺍﻟﻠّﻐ ــﻮ ﻭﺍﻟ ـ ّ
ﻳﻘــﺎﻝ ﻣــﻦ ﺑــﺎﺏ ﺍﻟﻜﺒــﺮ ﻭﺍﻟﻐــﺮﻭﺭ ،ﻛــﻲ ﻣــﺎ ﻳﺒﻌــﺪﻭﻥ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻋــﻦ ﺭﻳــﺎﺽ
ﻣﺤﻜﻤــﺎ .ﻣــﻊ ـﻀﺎ ً ﺭﺿــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻳﻘﺒــﻀﻮﻥ ﻋﻠــﻰ ﺯﻣـﺎﻣﻬﻢ ﻓــﻲ ﺃﻳــﺪﻳﻬﻢ ﻗﺒـ ً ﻻ ﻭﺭﺿـﺎء ﻟــﺪﻯ ﺍﻟﺤ ّـﻖ ﻣــﻦ ﻋﻠﻤـﺎﺋﻬﻢ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﺃ ﻥ ﻫـﺆﻻء ﺍﻟﻌــﻮﺍ ّﻡ ﺃﻛﺜـﺮ ﻗﺒــﻮ ً
ﻻﻟﻬﻴّـﺔ ،ﻭ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﺑﻴﺎﻧــﺎﺕ ﺃﻋﺮﺿـﻮﺍ ﻋﻨـﻪ .ﻭﺍﻟﺤـﺎﻝ ﺃ ﻥ ﻓﻬــﻢ ﺍﻟﻜﻠﻤـﺎﺕ ﺍ ٕ
ـﺎﻫﺮﻱ .ﺑــﻞ ﻫــﻮ ﺍﻟﻈـ ﺃﻱ ﺩﺧــﻞ ﺑــﺎﻟﻌﻠﻢ ّ ّ ﺍﻟﺤﻤﺎﻣــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّــﺔ ،ﻟــﻴﺲ ﻟــﻪ ّ ﻣﻨ ــﻮﻁ ﺑ ــﺼﻔﺎء ﺍﻟﻘﻠ ــﺐ ،ﻭﺗﺰﻛﻴ ــﺔ ﺍﻟﻨّﻔ ــﻮﺱ ،ﻭﺗﺠ ـ ـ ّﺮﺩ ﺍﻟ ـ ـ ّﺮﻭﺡ .ﻛﻤ ــﺎ ﻫ ــﻮ ﻣ ــﺸﻬﻮﺩ ﺍﻻٓﻥ ﻓ ــﻲ ﻓﺌ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻣ ــﺎ ﻋﺮﻓ ــﻮﺍ ﺣﺮ ًﻓ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﺭﺳ ــﻮﻡ
ﺍﻟﻌﻠــﻢ ،ﻟﻜ ـﻨّﻬﻢ ﺟﺎﻟــﺴﻮﻥ ﻋﻠــﻰ ﺭﻓــﺮﻑ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ،ﻭﺭﻳــﺎﺽ ﻗﻠــﻮﺑﻬﻢ ﻣﺰﻳّﻨــﺔ ﻻﻟﻬ ــﻲ ﺑ ــﺄﻭﺭﺍﺩ ﺍﻟﺤﻜﻤ ــﺔ ﻭﺃﻧﻬ ــﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓ ــﺔ ،ﻣ ــﻦ ﺳ ــﺤﺎﺏ ﺍﻟﻔ ــﻴﺾ ﺍ ٕ ّ ﻓﻄﻮﺑﻰ ﻟﻠﻤﺨﻠﺼﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﻳﻮﻡ ﻋﻈﻴﻢ
ﺬﻳﻦ َﻛ َﻔ ُﺮﻭﺍ ِﺑﺂ َﻳ ِ ـﺴﻮﺍ ـﺎﺕ ﺍﻟﻠـﻪِ َﻭ ِﻟ َﻘﺎِٔـﻪِ ﺍْ ﻭ َﻟَ ِٔ ـﻚ َﻳُ ِٔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝَ ﴿ :ﻭﺍﻟّ َ
ِﻴﻢ﴾) .(١ﻭﻛﺬﺍ ﻳﻘﻮﻝ: ﻣِ ﻦ ﺭ ْﺣ َﻤﺘِﻲ َﻭﺍ ْ ﻭ َﻟَ ِٔ ﺍﺏ ﺍﻟ ٌ ﻚ َﻟ ُﻬ ْﻢ َﻋ َﺬ ٌ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ.
١٧٨
ﺠ ُﻨ ـ ٍ ـﺸ ِ ـﻮﻥ﴾) .(١ﻭﻣ ــﻀﻤﻮﻥ ﻫ ــﺬﻩ ﴿ َﻭ َﻳ ُﻘﻮ ُﻟ ـ َ ﺎﻋ ٍﺮ ﻣ ْ ـﻮﻥ ﺍِٔﻨــﺎ َﻟ َﺘ ــﺎ ِﺭ ُﻛﻮﺍ ﺁﻟ َِﻬ ِﺘ َﻨ ــﺎ ِﻟ ـ َ
ﺍﻻٓﻳ ــﺔ ﻭﺍﺿ ــﺢ .ﻓ ــﺎﻧﻈﺮ ﻣ ــﺎﺫﺍ ﻛ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟ ــﻮﻥ ﺑﻌ ــﺪ ﺗﻨﺰﻳ ــﻞ ﺍﻻٓﻳ ــﺎﺕ ،ﺃﺋﻨّـ ـﺎ
ـﺴﻤﻮﻥ ﺣـ ـ ــﻀﺮﺗﻪ ﺷـ ـ ــﺎﻋ ًﺮﺍ ﻟﺘـ ـ ــﺎﺭﻛﻮﺍ ﺁﻟﻬﺘﻨـ ـ ــﺎ ﻟـ ـ ــﺸﺎﻋﺮ ﻣﺠﻨـ ـ ــﻮﻥ .ﻓﻜـ ـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳـ ـ ـ ّ ﻻﻟﻬﻴّﺔ .ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ٕﺍ ﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕٕ ،ﺍﻥ ﻫـﻲ ﻭﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻻٓﻳﺎﺕ ﺍ ٕ
ﻻ ﺃﺳــﺎﻃﻴﺮ ﺍﻻٔ ّﻭﻟــﻴﻦ .ﻳﻌﻨــﻮﻥ ﺑــﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻗﻴﻠــﺖ ﻣــﻦ ﻗﺒــﻞ، ٕﺍ ّ ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ٕﺍﻧّﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺃ ّﻥ ﻣﺤﻤ ًﺪﺍ ﺟﻤﻌﻬﺎ ّ
ﻣﻤ ــﺎ ﻳﻨ ــﺴﺒﻮﻧﻪ ﻛ ــﺬﻟﻚ ﻗ ــﺪ ﺳ ــﻤﻌﺖ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﺑﺄﻣﺜ ــﺎﻝ ﻫ ــﺬﻩ ﺍ ٔ ﻻﻗ ــﻮﺍﻝّ ،
ٕﺍﻟـ ـ ــﻰ ﻫـ ـ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣـ ـ ــﺮ ،ﻭﻳﻘﻮﻟـ ـ ــﻮﻥ ٕﺍ ﻥ ﻫـ ـ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤـ ـ ــﺎﺕ ﻗـ ـ ــﺪ ﺟﻤﻌﻬـ ـ ــﺎ ﻣـ ـ ــﻦ ـﻞ ،ﺃﻭ ﻫــﻲ ﻛﻠﻤــﺎﺕ ﻣﻐﻠﻮﻃــﺔ ﻗــﺪ ﻛﺒــﺮ ﺍﻟﻜﻠﻤــﺎﺕ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻧﺰﻟــﺖ ﻣــﻦ ﻗﺒـ ُ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﻭﺻﻐﺮ ﺷﺄﻧﻬﻢ
ﻻﻧﻜــﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿــﺎﺕ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓٕ ،ﺍﻧّــﻪ ﻟﻬــﺬﺍ ﻗــﺎﻟﻮﺍ ﺑﻌــﺪ ﻫــﺬﻩ ﺍ ٕ
ـﺴﺘﻘﻞ ﻣــﻦ ﺑﻌــﺪ ﺑﺤــﺴﺐ ﻣــﺎ ﻓــﻲ ﺍﻟﻜﺘــﺐ ،ﻻ ﻳﺠــﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺒﻌــﺚ ﻧﺒــﻲ ﻣـ ّ ّ ـﺸﺮﻳﻌﺔ .ﺑــﻞ ﻳﺠــﺐ ﺃﻥ ﻳــﺄﺗﻲ ﺷــﺨﺺ ﻣﻮﺳــﻰ ﻭﻋﻴــﺴﻰ ﻳﻜــﻮﻥ ﻧﺎﺳـ ً ـﺨﺎ ﻟﻠـ ّ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .ﻓﻨﺰﻟﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ّ ﻳﻜﻤﻞ ّ
ﺍﻟﺼﺎ ّﻓﺎﺕ. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ
١٧٩
ﻭﺍﻟﺪﺍﻟـﺔ ﻋﻠـﻰ ﻋـﺪﻡ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ﺍﻻٓﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﺸﻌﺮﺓ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺍ ٕ
ـﻒ ﻮﺳ ُ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻔﻴﻮﺿـﺎﺕ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﺎﻧﻴّـﺔ .ﻗﻮﻟـﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻭ َﻟ َﻘ ْـﺪ َﺟـﺎء ُﻛ ْﻢ ُﻳ ُ
ﺎﺕ َﻓ َﻤﺎ ِﺯ ْﻟ ُﺘ ْﻢ ﻓِ ﻲ َﺷ ٍّ ﻣِ ﻦ َﻗ ْﺒ ُﻞ ِﺑﺎ ْﻟ َﺒﻴِّ َﻨ ِ ـﻚ ـﻚ ِّﻣ ﻤـﺎ َﺟـﺎء ُﻛﻢ ِﺑـﻪِ ﺣﺘّـﻰ ﺍ َﺫﺍ َﻫ َﻠ َ
ِﻚ ُﻳ ِ ﻑ ﺚ ﺍﻪﻠﻟُ ﻣِ ﻦ َﺑ ْﻌ ِﺪﻩِ َﺭ ُﺳﻮﻻ َﻛ َﺬﻟ َ ـﺴ ِﺮ ٌ ُﻗ ْﻠ ُﺘ ْﻢ َﻟﻦ َﻳ ْﺒ َﻌ َ ـﻦ ُﻫـ َﻮ ُﻣ ْ ﻀ ﻞ ﺍﻟﻠُ ﻪ َﻣ ْ
ﺎﺏ﴾) (١ﺃﻱ ﻣﺮﺗﺎﺏ ﻓﻲ ﺭﺑّﻪ .ﻓﺄﺩﺭﻛﻮﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٓﻳﺔ ،ﻭﺗﻴ ّﻘﻨﻮﺍ ﺃﻧّـﻪ ﻣ ْﺮ َﺗ ٌ
ـﺴﻚ ﺃﻣــﻢ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﻌﻬــﺪ ﺑﺂﻳــﺔ ﻣــﻦ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ، ﻓــﻲ ﻛـ ّ ـﻞ ﻋــﺼﺮ ،ﻛــﺎﻥ ﻳﺘﻤـ ّ
ﻭﻳﻨﻄﻘــﻮﻥ ﺑﻤﺜــﻞ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﻗــﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﺰﺧﺮﻓــﺔ ،ﻣــﻦ ﺃﻧّــﻪ ﻻ ﻳﺠــﻮﺯ ﺃﻥ ﻳــﺄﺗﻲ ﻻﻧﺠﻴـﻞ ﺑﺎﻻٓﻳـﺔ ﻻﺑـﺪﺍﻉ ،ﻣﺜـﻞ ﻣـﺎ ﺍﺳ ّ ـﺘﺪﻝ ﻋﻠﻤـﺎء ﺍ ٕ ﻧﺒﻲ ﺁﺧـﺮ ﻓـﻲ ﻋـﺎﻟﻢ ﺍ ٕ ﻻﻧﺠﻴ ــﻞ ﺃﺑ ـ ًـﺪﺍ .ﻭﻻ ﻳﺒﻌ ــﺚ ﻧﺒ ــﻲ ﺍﻟﻤ ــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻴ ــﻪ ﺑﺄﻧّ ــﻪ ﻻ ﻳﺮﻓ ــﻊ ﺣﻜ ــﻢ ﺍ ٕ ّ ﻻﻧﺠﻴﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞ ٕﺍ ّ ّ ﻻﺛﺒﺎﺕ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺍ ٕ ﻻ ٕ
ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﻠﻞ ﻣﺒﺘﻠﻮﻥ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣﻲ .ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻯ ،ﻛﻴـﻒ ﺃ ﻥ ّ ﺃﻫ ــﻞ ﺍﻟﻔﺮﻗ ــﺎﻥ ﻗ ــﺪ ﺍﺣﺘﺠﺒ ــﻮﺍ ﺑ ــﺬﻛﺮ ﺧ ــﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨّﺒﻴّــﻴﻦ ،ﻋﻠ ــﻰ ﻣﺜ ــﺎﻝ ﺍﻻٔﻣ ــﻢ
ﻻ ﺍﻪﻠﻟُ ـﺴﺎﺑﻘﺔ .ﻣ ـ ـ ــﻊ ﺃﻧّﻬ ـ ـ ــﻢ ﻣﻘ ـ ـ ـ ّﺮﻭﻥ ﺑﻘﻮﻟ ـ ـ ــﻪَ ﴿ :ﻭ َﻣ ـ ـ ــﺎ َﻳ ْﻌ َﻠ ـ ـ ـ ُـﻢ َﺗﺎِ ﻭﻳ َﻠ ـ ـ ـ ُـﻪ ﺍ ﺍﻟ ـ ـ ـ ّ
)(٢ َﻭﺍﻟ ﺮ ِ ـﺦ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟﻌﻠـ ــﻮﻡ ﻭﺃ ِّﻣﻬـ ــﺎ ﺍﺳـ ـ ُ ـﺨ َ ﻮﻥ ﻓِ ـ ــﻲ ﺍ ْﻟﻌِ ْﻠـ ـ ِـﻢ﴾ ﻭﻟﻤـ ــﺎ ُﻳﺒ ـ ـﻴّﻦ ﺍﻟ ّﺮﺍﺳـ ـ ُ
ﻭﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺫﺍﺗﻬﺎ ﻭﺟﻮﻫ ِﺮﻫﺎ ﺑﻴﺎ ًﻧﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻏﺎﻓﺮ.
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.
١٨٠
ﻗﻠﻴﻠــﺔ ﻻٔﻫــﻮﺍﺋﻬﻢ ،ﻓﺈﻧّــﻚ ﺗــﺴﻤﻊ ﻣــﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ﻭﻣــﺎﺫﺍ ﻳﻔﻌﻠــﻮﻥ .ﻭﻣــﺎ ﻫــﺬﺍ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻳﻌﻨﻲ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﺌـﻚ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻣـﺎ ﺍﺗّﺨـﺬﻭﺍ ﻻ ﻣﻦ ﺭﺅﺳﺎء ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻓﻲ ّ ٕﺍ ّ ﻻ ﺍﻟﻬــﻮﻯ ،ﻭﻻ ﻋﺮﻓــﻮﺍ ﻟﻬــﻢ ﻣــﺬﻫ ًﺒﺎ ﻏﻴــﺮ ﺍﻟـ ّـﺬﻫﺐ ،ﻭﺍﺣﺘﺠﺒــﻮﺍ ﻟﻬــﺎ ٕﺍ ّ ﻟﻬــﻢ ٕﺍ ً
ﺭﺏ ﺍﻻٔﻧـﺎﻡ ﺑﺘـﺼﺮﻳﺢ ﺑﺤﺠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ،ﻭﺗـﺎﻫﻮﺍ ﻓـﻲ ﺿـﻼﻟﺔ ﻛﻤـﺎ ﻳﻘـﻮﻝ ّ
ﺿ ـﻠُ ﻪ ﺍﻟﻠـ ُـﻪ َﻋ َﻠــﻰ ﻋِ ْﻠـ ٍـﻢ َﻭ َﺧ ـ َﺘ َﻢ ـﺖ َﻣـ ِـﻦ ﺍﺗَ ﺨـ َـﺬ ﺍ َﻟ َﻬـ ُـﻪ َﻫ ـ َﻮﺍ ُﻩ َﻭﺍ َ ﺗــﺎ ّﻡ﴿ ،ﺍ َ ﻓ َﺮﺍ ْ ﻳـ َ
ـﻦ َﺑ ْﻌ ِـﺪ ﺍﻪﻠﻟِ ـﺸﺎ َﻭ ًﺓ َﻓ َﻤـﻦ َﻳ ْﻬ ِﺪﻳـﻪِ ﻣِ ْ ـﺼ ِﺮﻩِ ِﻏ َ َﻋ َﻠﻰ َﺳ ْﻤﻌِ ﻪِ َﻭ َﻗ ْﻠ ِﺒﻪِ َﻭ َﺟ َﻌ َﻞ َﻋ َﻠـﻰ َﺑ َ
ﻭﻥ﴾) (١ﻳﻌﻨــﻲ ﺃﻣــﺎ ﺭﺃﻳــﺖ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻐﺎﻓــﻞ ﺍﻟّــﺬﻱ ﺍﺗّﺨــﺬ ٕﺍﻟﻬــﻪ ﺍ َ ﻓــﻼ َﺗـ َـﺬ ﻛ ُﺮ َ ﺃﻫﻮﺍء ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺃﺿﻠّﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ،ﻭﺧﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﻤﻌﻪ ﻭﻗﻠﺒـﻪ ،ﻭﺟﻌـﻞ
ﻋﻠﻰ ﺑﺼﺮﻩ ﻏﺸﺎﻭﺓ ،ﻓﻤﻦ ﻳﻬﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﺃﻓﻼ ﺗﺬﻛﺮﻭﻥ
ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮ ﺃ ّﻣ ـﺎ ﻣﻌﻨــﻰ ﻭﺃﺿ ـﻠّﻪ ﺍﻪﻠﻟ ﻋﻠــﻰ ﻋﻠــﻢ ﻓﺈﻧّــﻪ ﻭ ٕﺍﻥ ﻛــﺎﻥ ﻓــﻲ ّ
ﻛﻤــﺎ ﺫﻛــﺮ ،ﻭﻟﻜــﻦ ﻋﻨــﺪ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻔــﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﻣــﻦ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ،ﻫ ـﻢ ـﺴﻜﻮﺍ ﺑﻌﻠــﻮﻣﻬﻢ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﻌــﺼﺮ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﺃﻋﺮﺿــﻮﺍ ﻋــﻦ ﺟﻤــﺎﻝ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭﺗﻤـ ّ
ـﻞ ُﻫ ـ َﻮ ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﺜــﺔ ﻣــﻦ ﺍﻟ ـﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬــﻮﻯ ﻭﺍﺣﺘﺠــﻮﺍ ﻋﻠــﻰ ﻧﺒــﺄ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺃﻣــﺮﻩ ﴿ ُﻗـ ْ
ـﻮﻥ﴾) .(٢ﻭﻛـ ــﺬﻟﻚ ﻳﻘـ ــﻮﻝ ﴿ َﻭ ﺍ َﺫﺍ ُﺗ ْﺘ َﻠـ ــﻰ ﺿـ ـ َ َﻧ َﺒ ـ ـﺎَ ﻋﻈِ ـ ـ ٌ ـﻴﻢ ﺍﻧ ـ ـ ُﺘ ْﻢ َﻋ ْﻨـ ـ ُـﻪ ُﻣ ْﻌ ِﺮ ُ َﻋ َﻠ ْﻴ ِﻬ ْﻢ ﺁ َﻳﺎ ُﺗ َﻨﺎ َﺑﻴِّ َﻨ ٍ ﻻ ﺎﺕ َﻗﺎ ُﻟﻮﺍ َﻣﺎ َﻫ َﺬﺍ ﺍ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺎﺛﻴﺔ. ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺹ.
١٨١
ـﻚ ﺎﻥ َﻳ ْﻌ ُﺒ ُﺪ ﺁ َﺑﺎ ُﺅ ُﻛ ْﻢ َﻭ َﻗﺎ ُﻟﻮﺍ َﻣـﺎ َﻫ َـﺬﺍ ﺍﻻ ﺍ ْﻓ ٌ َﺭ ُﺟ ٌﻞ ُﻳ ِﺮ ُ ﺼ ﺪ ُﻛ ْﻢ َﻋ ﻤﺎ َﻛ َ ﻳﺪ ﺍﻥ َﻳ ُ ﻣ ْﻔ َﺘ ـ ًﺮﻯ﴾) (١ﻭﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻳﻘــﻮﻝ :ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﺗﺘﻠــﻰ ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ﻋﻠـ ــﻴﻬﻢ ،ﻳﻌﻨـ ــﻲ ﺃﻭﻟﺌـ ــﻚ ﺍﻟﻜﻔـ ــﺮﺓ ﺍﻟﻔﺠـ ــﺮﺓ ،ﻳﻘـ ــﻮﻝ ﺃﻭﻟﺌـ ــﻚ ﺍﻟﻤـ ــﺸﺮﻛﻮﻥ
ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺤ ّـﻖ ﻣـﺎ ﻫـﺬﺍ ﺭﺳـﻮﻝ ﻣـﻦ ﻋﻨـﺪ ﺍﻪﻠﻟٕ ،ﺍﻧّﻤـﺎ ﻫـﻮ ﺭﺟـﻞ ﻳﺮﻳـﺪ
ﻋﻤ ـ ـﺎ ﻛـ ــﺎﻥ ﻳﻌﺒـ ــﺪﻩ ﺁﺑـ ــﺎﺅﻛﻢ ،ﻭﻗـ ــﺎﻟﻮﺍ ﻣـ ــﺎ ﻫـ ــﺬﺍ ٕﺍﻻ ﻛـ ــﺬﺏ ﺃﻥ ﻳﻤـ ــﻨﻌﻜﻢ ّ
ﻣﻔﺘﺮﻯ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ، ﻓﺎﺳــﻤﻊ ﺍﻟﻨّــﺪﺍء ﺍﻟﻘﺪﺳــﻲ ﺍﻻﻟﻬـ ـﻲ ،ﻭﺍﻟﻠّﺤــﻦ ﺍﻟﻤﻠــﻴﺢ ﺍﻟـ ّ ّ ّ ٕ ّ ﻛﻴﻒ ﺃﻧّـﻪ ﺑـﺎﻟﺘّﻠﻮﻳﺢ ﻗـﺪ ﺃﻧـﺬﺭ ﺍﻟﻤﻜ ّـﺬﺑﻴﻦ ﺑﺎﻻٓﻳـﺎﺕ ﻭﺗﺒـ ّﺮﺃ ﻋـﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜـﺮﻳﻦ
ﻟﻠﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳـﻴّﺔ .ﻭﻻﺣـﻆ ُﺑﻌـﺪ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ﻋـﻦ ﻛـﻮﺛﺮ ﺍﻟﻘـﺮﺏ ﻭ ٕﺍﻋـﺮﺍﺽ
ﺃﻭﻟﺌــﻚ ﺍﻟﻤﺤــﺮﻭﻣﻴﻦ ﻭﺍﺳــﺘﻜﺒﺎﺭﻫﻢ ﻋﻠــﻰ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ﺍﻟﻘﺪﺳــﻲ ،ﻣــﻊ ّ ﺃ ﻥ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠ ــﻮﻫﺮ ،ﺟ ــﻮﻫﺮ ﺍﻟﻠّﻄ ــﻒ ﻭﺍﻟﻜ ــﺮﻡ ،ﻗ ــﺪ ﻛ ــﺎﻥ ﻳﻬ ــﺪﻱ ﻫﻴﺎﻛ ــﻞ
ـﺪﻝ ﺍﻭﻟﺌ ــﻚ ﺍﻟﻔﻘ ــﺮﺍء ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّـ ـﻴﻦ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻟﻌ ــﺪﻡ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺳ ــﺎﺣﺔ ﺍﻟﻘ ــﺪﻡ ،ﻭﻳ ـ ّ
ﺷــﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻐﻨــﻰ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔ .ﻭﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ﻛــﺎﻥ ﻳﻘــﻮﻝ ﺑﻌــﻀﻬﻢ ﻫــﺬﺍ ﺭﺟــﻞ ﺭﺏ ﺍﻟﻌ ــﺎﻟﻤﻴﻦ .ﻭﺑﻌـ ـﻀﻬﻢ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﻫ ــﺬﺍ ﻳﻤﻨ ــﻊ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﻋ ــﻦ ﻣﻔﺘـ ـ ٍﺮ ﻋﻠ ــﻰ ّ
ﻻﻳﻤـ ــﺎﻥ ،ﻭﺍﻻٓﺧـ ــﺮﻭﻥ ﻳﻨـ ــﺴﺒﻮﻥ ٕﺍﻟﻴـ ــﻪ ﺍﻟﺠﻨـ ــﻮﻥ ﻭﺃﻣﺜـ ــﺎﻝ ﺷـ ــﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟـ ـ ّـﺪﻳﻦ ﻭﺍ ٕ ﺫﻟﻚ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺳﺒﺄ.
١٨٢
ﻛ ـ ــﺬﻟﻚ ﻧ ـ ــﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻴ ـ ــﻮﻡ ﻛ ـ ــﻢ ﻣ ـ ــﻦ ﻟﻐ ـ ــﻮ ﺍﻟﻘ ـ ــﻮﻝ ﻗ ـ ــﺪ ﻗ ـ ــﺎﻟﻮﻩ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ،ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺒﻘﺎء ،ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻣﻔﺘﺮﻳـﺎﺕ ﻭﺫﻧـﻮﺏ ﻧـﺴﺒﻮﻫﺎ ٕﺍﻟـﻰ ﻣﻨﺒـﻊ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ ﺍﻟﻌِ ْ ﺼ َﻤﺔ ﻭﻣﻌـﺪﻧﻬﺎ .ﻣـﻊ ﺃﻧّـﻪ ﻓـﻲ ﻛﺘـﺎﺏ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﻟـﻮﺡ ﺍﻟﻘـﺪﺱ ﺍﻟ ّ ّ ﻭﻓ ــﻲ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺃﻭﺭﺍﻗ ــﻪ ﻭﻛﻠﻤﺎﺗ ــﻪ ﻗ ــﺪ ﺃﻧ ــﺬﺭ ﺍﻟﻤﻜ ـ ّـﺬﺑﻴﻦ ﺑﺎﻻٓﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟ ــﺔ ـﺸﺮ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠ ـ ـ ــﻴﻦ ٕﺍﻟﻴﻬ ـ ـ ــﺎ .ﻭﻣ ـ ـ ــﻊ ﻫ ـ ـ ــﺬﺍ ﻛ ـ ـ ــﻢ ﻣ ـ ـ ــﻦ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﺿ ـ ـ ــﻴﻦ ﻋﻨﻬ ـ ـ ــﺎ ﻭﺑ ـ ـ ـ ّ
ـﺴﻤﻮﺍﺕ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿــﺎﺕ ﻗــﺪ ﺍﻋﺘﺮﺿــﻮﺍ ﺑﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟــﺔ ﻣــﻦ ﺍﻟـ ّ ﻻﻣﻜـ ــﺎﻥ ﻣـ ــﺎ ﺭﺃﺕ ﻣﺜـ ــﻞ ﻫـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـ ـﻴّﺔ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌـ ــﺔ .ﻭﺍﻟﺤـ ــﺎﻝ ﺃ ﻥ ﻋـ ــﻴﻦ ﺍ ٕ ﻻﻛــﻮﺍﻥ ﻣــﺎ ﺳــﻤﻌﺖ ﺑﻤﺜــﻞ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳــﺔٕ .ﺍﺫ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻔــﻀﻞ ،ﻭﻗـ ّﻮﺓ ﺳــﻤﻊ ﺍ ٔ
ﺍﻻٓﻳ ــﺎﺕ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺟﺎﺭﻳ ــﺔ ﻭﻧﺎﺯﻟ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﻏﻤ ــﺎﻡ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤ ــﺔ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﺎﻧﻴّ ــﺔ ﺑﻤﺜﺎﺑ ــﺔ ﻻﻧﺒﻴــﺎء ﻣــﻦ ﺃﻭﻟــﻲ ﺍﻟﻌــﺰﻡ ،ﺍﻟّــﺬﻳﻦ َﻋ َﻈ َﻤ ـ ُﺔ ﻗــﺪﺭﻫﻢ ﻻ ّﻥ ﺍ ٔ ﻏﻴــﺚ ﺍﻟ ّﺮﺑﻴــﻊٔ .
ـﻞ ﻭﺍﺣــﺪ ﻣــﻨﻬﻢ ـﺸﻤﺲ ،ﻳﻔﺘﺨــﺮ ﻛـ ّ ﻭ ِﺭ ْﻓ َﻌ ـ ُﺔ َﻣﻘــﺎﻣِ ﻬﻢ ﻭﺍﺿــﺤﺔ ﻭﻻﺋﺤــﺔ ﻛﺎﻟـ ّ
ﺑﻜﺘ ــﺎﺏ ﻣ ــﺸﻬﻮﺩ ،ﻣﺘ ــﺪﺍﻭﻝ ﺑ ــﻴﻦ ﺍﻻٔﻳ ــﺪﻱ ،ﺁﻳﺎﺗ ــﻪ ﻣﺤ ــﺼﻴّﺔ .ﺑﻴﻨﻤ ــﺎ ﻗ ــﺪ
ﻧﺰﻟﺖ ﺍﻻٓﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﻤﺎﻡ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﺎﻧﻴّـﺔ ﻋﻠـﻰ ﻗـﺪﺭ ﻟـﻢ ﻳﺤـﺼﻬﺎ ﺃﺣـﺪ ّ
ﻟـ ـﻼٓﻥ .ﺣﻴ ــﺚ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﺘ ــﺪﺍﻭﻝ ﻣﻨﻬ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻴ ــﺪ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻧﺤ ــﻮ ﻋ ــﺸﺮﻳﻦ ـﺐ ﻣﺠﻠّ ًﺪﺍ ،ﻭﻛﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻟـﻢ ﺗـﺼﻞ ٕﺍﻟﻴـﻪ ﺍﻻٔﻳـﺪﻱ ،ﻭﻛـﻢ ﻣﻨﻬـﺎ ﺃﻳ ً ـﻀﺎ ﻗـﺪ ُﻧ ِﻬ َ
ِﺐ ﻭﻭﻗﻊ ﺑﺄﻳﺪﻱ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ،ﻭﻻ ُﻳﻌ َﻠﻢ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﺑﻪ ُ ﻭﺳﻠ َ
ﻜﺮ ﻭﺍﻻﻟﺘﺠﺎء ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﻓﻴﺎ ﺃﺧﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘّﺄ ّﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘّﻔ ّ
١٨٣
ﻟﻌﻞ ﻧـﺘّﻌﻆ ﻣـﻦ ﺍﻟﻤـﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻮﺍﺿـﺤﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ،ﻭﻧﺘﻨﺒّـﻪ ﻣـﻦ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻨّــﺼﺎﺋﺢ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓــﻲ ﺍﻻٔﻟــﻮﺍﺡ ،ﻭﻻ ﻧﻌﺘــﺮﺽ ﻋﻠــﻰ ُﻣﻨــﺰﻝ ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ، ـﻞ ﺭﻭﺡ ﻭﺭﻳﺤــﺎﻥ ،ﻭﻧــﺬﻋﻦ ﻭﻧﺴﺘــﺴﻠﻢ ﻻٔﻣــﺮﻩ ﺑــﺎﻟ ّﺮﻭﺡ .ﻭﻧﻘﺒــﻞ ﺣﻜﻤــﻪ ﺑﻜـ ّ
ﻟﻌﻞ ﻧﺮﺩ ﻓﻲ ﻓـﻀﺎء ﺍﻟ ّﺮﺣﻤـﺔ ،ﻭﻧـﺴﻜﻦ ﻓـﻲ ﺷـﺎﻃﺊ ﺍﻟﻔـﻀﻞ) ،ﻭ ٕﺍﻧّـﻪ ﻟﻪ ، ﺑﻌﺒﺎﺩﻩ ﻟﻐﻔﻮﺭ ﺭﺣﻴﻢ(
ﻻ ﺍ ْ ﻥ ـﺎﺏ َﻫـ ْ ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻳﻘــﻮﻝُ ﴿ :ﻗـ ْ ـﻮﻥ ﻣِ ﻨــﺎ ﺍ ـﻞ َﺗ ِﻨﻘ ُﻤـ َ ـﻞ َﻳــﺎ ﺍ ْ ﻫـ َ ـﻞ ﺍﻟ ِْﻜ َﺘـ ِ
ـﻞ َﻭﺍ ﻥ ﺍ ْ ﻛ َﺜـ َﺮ ُﻛ ْﻢ َﻓ ِ ﻮﻥ﴾؟ ﺁ َﻣﻨﺎ ِﺑﺎﻪﻠﻟِ َﻭ َﻣﺎ ﺍﻧ ِﺰ َﻝ ﺍ َﻟ ْﻴ َﻨﺎ َﻭ َﻣﺎ ﺍﻧـ ِﺰ َﻝ ﻣِ ـﻦ َﻗ ْﺒ ُ ﺎﺳـ ُﻘ َ
)(١
ﻓﻤـ ــﺎ ﺃﻭﺿـ ــﺢ ﺍﻟﻤﻘـ ــﺼﻮﺩ ﻓـ ــﻲ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳـ ــﺔ ،ﻭﻣـ ــﺎ ﺃﻇﻬـ ــﺮ ﺑﺮﻫـ ــﺎﻥ ﺣﺠﻴّـ ــﺔ
ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟــﺔ .ﻭﻟﻘــﺪ ﻧﺰﻟــﺖ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﻓــﻲ ﻭﻗــﺖ ﻛــﺎﻥ ﻓﻴــﻪ ﺍﻟﻜﻔــﺎﺭ ﻳ ـ ــﺆﺫﻭﻥ ﺍﻟﻤ ـ ــﺴﻠﻤﻴﻦ ،ﻭﻳﻨ ـ ــﺴﺒﻮﻥ ٕﺍﻟ ـ ــﻴﻬﻢ ﺍﻟﻜﻔ ـ ــﺮ ،ﻛﻤ ـ ــﺎ ﻛ ـ ــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨ ـ ــﺴﺒﻮﻥ
ﻻٔﺻ ــﺤﺎﺏ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ﺑ ــﺄﻧّﻬﻢ ﺻ ــﺎﺭﻭﺍ ﻛ ــﺎﻓﺮﻳﻦ ﺑ ــﺎﻪﻠﻟ ،ﻭﻣ ــﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﻣ ــﻮﻗﻨﻴﻦ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ ﺑـ ﻟﻤـﺎ ﻛــﺎﻥ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺑﺤــﺴﺐ ّ ٍ ـﺴﺎﺣﺮ ﻛـ ّـﺬﺍﺏ .ﻭﻓــﻲ ﺻــﺪﺭ ﺍ ٕ ﻻﺳــﻼﻡ ّ
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ ﻗﻮﺓ ،ﻓﺈﻧّﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻛﻠّﻤﺎ ﻟﻘـﻮﺍ ﺃﺻـﺤﺎﺏ ﺗﻠـﻚ ﺍﻟﺤـﻀﺮﺓ ﻓـﻲ
ﻭﺍﻟﺰﺟــﺮ ،ﻭﺍﻟـ ّﺮﺟﻢ ﺃﻱ ﻣﻘــﺎﻡ ﻭﻣﻜــﺎﻥ ،ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠــﻮﻥ ﻋﻠــﻰ ﻧﻬﺎﻳــﺔ ﺍﻻٔﺫﻳّــﺔ ّ ّ
ﺐ ﻻٔﻭﻟﺌ ــﻚ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠ ــﻴﻦ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻪﻠﻟ .ﻓﻨﺰﻟ ــﺖ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﺤ ــﻴﻦ ﻫ ــﺬﻩ ﻭﺍﻟ ـ ّ ـﺴ ّ
ﺍﻻٓﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ.
١٨٤
ﻣ ـ ــﻦ ﺳ ـ ــﻤﺎء ﺍﻻٔﺣﺪﻳّ ـ ــﺔ ،ﻭﻋﻠّﻤ ـ ــﺖ ﺃﺻ ـ ــﺤﺎﺏ ﺗﻠ ـ ــﻚ ﺍﻟﺤ ـ ــﻀﺮﺓ ﺑﺒﺮﻫ ـ ــﺎﻥ ﻭﺍﺿــﺢ ،ﻭﺩﻟﻴــﻞ ﻻﺋــﺢ ،ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟــﻮﺍ ﻟﻠﻜــﺎﻓﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤــﺸﺮﻛﻴﻦ :ﻫــﻞ ﺗﺆﺫﻭﻧﻨــﺎ
ﻻ ﺃﻥ ﺁﻣﻨّــﺎ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ﻭﺁﻳﺎﺗــﻪ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟــﺔ ﻋﻠﻴﻨــﺎ ﻭﺗﻈﻠﻤﻮﻧﻨــﺎ ﻭﻣــﺎ ﺻــﺪﺭ ﻣﻨّــﺎ ﻋﻤــﻞٕ ،ﺍ ّ ﻣﺤﻤﺪ؟ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺁﻣﻨّﺎ ﺑﺎﻻٓﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻥ ّ
ﻻ ﺃﻧّﻨــﺎ ﺍﻋﺘﺒﺮﻧــﺎ ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺑﺤﻴــﺚ ﻳﻜــﻮﻥ ﺍﻟﻤﻘــﺼﻮﺩ ﺃ ﻥ ﻣــﺎ ﻋﻠﻴﻨــﺎ ﺗﻘــﺼﻴﺮ ٕﺍ ّ
ﻣﺤﻤــﺪ ،ﻭﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟــﺔ ﻣــﻦ ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﺠﺪﻳـﺪﺓ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌــﺔ ﺍ ٕ ّ
ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ،ﺑﺄﻧّﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻨـﺪ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﺻ ّـﺪﻗﻨﺎ ﺑﻬـﺎ ،ﻭﺃﺫﻋﻨّـﺎ
ﻟﻬﺎ
ﻻﺣﺪﻳّـﺔ ﻟﻌﺒـﺎﺩﻩ ،ﻣـﻊ ﺫﻟـﻚ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟّﺬﻱ ﻋﻠّﻤـﻪ ﺳـﻠﻄﺎﻥ ﺍ ٔ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ّ
ﻫﻞ ﻣـﻦ ﺍﻟﺠـﺎﺋﺰ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﺿـﻮﺍ ﻋـﻦ ﻫـﺬﻩ ﺍﻻٓﻳـﺎﺕ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌـﺔ ﺍﻟّﺘـﻲ ﺃﺣﺎﻃـﺖ
ﻻﻳﻤـﺎﻥ؟ ﺃﻭ ﺃﻧّﻬـﻢ ﻳﺆﻣﻨـﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ، ّ ﻭﻳﻌﺪﻭﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣـﻦ ﺃﻫـﻞ ﺍ ٕ ّ ﻻﻳﻤﺎﻥ ﺑﻨـﺎء ﻋـﻦ ﺑﺄ ّﻥ ﻣﻨﺰﻝ ﺍﻻٓﻳﺎﺕ ﻻ ﻳﺤﺴﺐ ﺍﻟﻤﻘ ّﺮﻳﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍ ٕ
ﺛﻢ ﺣﺎﺷﺎ ﺃﻥ ﻳﻄـﺮﺩ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠـﻴﻦ ٕﺍﻟـﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺍﻟّﺬﻱ ﻗ ّﺮﺭﻩ؟ ﺣﺎﺷﺎ
ﺁﻳـ ـ ــﺎﺕ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّـ ـ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻘ ـ ـ ـ ّﺮﻳﻦ ﺑﻬـ ـ ــﺎ ﻋـ ـ ــﻦ ﺃﺑـ ـ ــﻮﺍﺏ ﺭﺣﻤﺘـ ـ ــﻪ ،ﺃﻭ ﻳﻬـ ـ ـ ّـﺪﺩ
ﺑﺎﻟﺤﺠــﺔ ﺍﻟﻤﺜﺒﺘــﺔ ٕﺍﺫ ﺃﻧّــﻪ ﻣﺜﺒّ ـﺖ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﺑﺂﻳﺎﺗــﻪ ﻭﻣﺤ ّﻘــﻖ ـﺴﻜﻴﻦ ّ ﺍﻟﻤﺘﻤـ ّ
ﺍﻻٔﻣﺮ ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻪ ،ﻭ ٕﺍﻧّﻪ ﻟﻬﻮ ﺍﻟﻤﻘﺘﺪﺭ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ
١٨٥
ـﺎﺱ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻘـﻮﻝ ﻋ ّـﺰ ﻣـﻦ ﻗـﺎﻝ ﴿ َﻭ َﻟـ ْﻮ َﻧ ﺰ ْﻟ َﻨـﺎ َﻋ َﻠ ْﻴ َ ـﻚ ﻛِ َﺘﺎ ًﺑـﺎ ﻓِ ـﻲ ﻗِ ْﺮ َﻃ ٍ
ـﻴﻦ﴾).(١ ﻳﻬ ْﻢ َﻟ َﻘ ـ َ ـﺴﻮ ُﻩ ِﺑﺎْ ﻳ ـ ِـﺪ ِ ـﺬﻳﻦ َﻛ َﻔـ ـ ُﺮﻭ ْﺍ ﺍ ْﻥ َﻫ ـ َـﺬﺍ ﺍ ـﺤ ٌﺮ ﻣ ِﺒ ـ ٌ ﻻ ِﺳ ـ ْ َﻓ َﻠ َﻤ ـ ُ ـﺎﻝ ﺍﻟّ ـ َ
ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﺃﻛﺜ ــﺮ ﺍﻻٓﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻧﻴّ ــﺔ ﻟﺪﺍﻟّـ ـﺔ ﻋﻠ ــﻰ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠ ــﺐ ﻭﻣ ــﺸﻌﺮﺓ ﺑ ــﻪ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻗﺪ ﺍﻗﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٓﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤـﺬﻛﻮﺭﺓ .ﻓـﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻫـﻞ ﺣﺠــﺔ ُﺫﻛِ ـ َﺮ ﻓــﻲ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﺑﺄﺟﻤﻌــﻪ ﺃﻣ ـ ٌﺮ ﺁﺧــﺮ ﻏﻴــﺮ ﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺟﻌﻠﻬــﺎ ّ
ـﻞ ـﺴﻜﻮﺍ ﺑـﻪ؟ ﺑـﻞ ٕﺍﻧّـﻪ ﻓـﻲ ﻛ ّ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻈـﺎﻫﺮ ﺟﻤﺎﻟـﻪ ﺣﺘّـﻰ ﻳﻌﺘﺮﺿـﻮﺍ ﻭﻳﺘﻤ ّ
ﻣﻮﻋﺪﺍ ﻭﻣﻘ ﺮﺍ ﻟﻠﻤﻨﻜﺮﻳﻦ ﺑﺎﻻٓﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤـﺴﺘﻬﺰﺋﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻨّﺎﺭ ً ﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ
ﻭﺍﻻٓﻥ ﻟﻮ ﻳﺄﺗﻲ ٕﺍﻧـﺴﺎﻥ ﺑـﺎﻻٓﻻﻑ ﺍﻟﻤﺆﻟّﻔـﺔ ﻣـﻦ ﺍﻻٓﻳـﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﺨﻄـﺐ
ـﺼﺤﺎﻳﻒ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺟــﺎﺓ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜــﻮﻥ ﻗــﺪ ﺗﻌﻠّﻤﻬــﺎ ﻣــﻦ ﺃﺣــﺪ ﺑــﺎﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟـ ّ
ﻳﺴﺘﺪﻝ ﺑـﻪ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﺿـﻮﻥ ﻋﻨﻬـﺎ ،ﻭﻳﺤﺮﻣـﻮﻥ ﻓﺒﺄﻱ ﺩﻟﻴﻞ ﺍﻻﻛﺘﺴﺎﺑﻴّﺔ، ّ ّ ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ﻣــﻦ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻔــﻴﺾ ﺍﻻٔﻛﺒــﺮ؟ ﻭﻣــﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ﻓــﻲ ﺍﻟﺠــﻮﺍﺏ ﻣــﻦ
ـﺴﻜﻮﻥ ﺑﻘ ــﻮﻟﻬﻢ ٕﺍﻧّ ــﺎ ﺑﻌ ــﺪ ﻋ ــﺮﻭﺝ ﺍﻟـ ـ ّﺮﻭﺡ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﺠ ــﺴﺪ ّ ﺍﻟﻈﻠﻤ ــﺎﻧﻲ؟ ﺃﻳﺘﻤ ـ ّ
ﻭﻟﻤ ـﺎ ﻟــﻢ ﻧﺠــﺪ ﺗﺤ ّﻘ ـﻖ ﻣﻌﻨــﺎﻩ ﺑﺤــﺴﺐ ـﺴﻜﻨﺎ ﺑﺎﻟﺤــﺪﻳﺚ ﺍﻟﻔﻼﻧــﻲّ ، ﺗﻤـ ّ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻟﺬﺍ ﺍﻋﺘﺮﺿﻨﺎ ﻋﻠﻰ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻻٔﻧﻌﺎﻡ.
١٨٦
ﺳﻤﻌﺖ ﺑﺄ ّﻥ ﻣـﻦ ﺟﻤﻠـﺔ ﺍﻟﺤﻖ؟ ﺃﻣﺎ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻻٔﻣﺮ ،ﻭﺍﺑﺘﻌﺪﻧﺎ ﻋﻦ ﺷﺮﺍﺋﻊ ّ َ
ﺍﻟﺒــﺮﺍﻫﻴﻦ ﻭﺍﻻٔﺩﻟّــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺃﺣ ّﻘﻴّــﺔ ﺑﻌــﺾ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﻣــﻦ ﺃﻭﻟــﻲ ﺍﻟﻌــﺰﻡ ،ﻛــﺎﻥ ﻧــﺰﻭﻝ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﻋﻠــﻴﻬﻢ .ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﻫــﺬﺍ ﻟــﺪﻟﻴﻞ ﻣــﺴﻠّﻢ ﺑــﻪ .ﻭﻫــﻞ ﻳﺠــﻮﺯ ﻣــﻊ
ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺮﺿـﻮﺍ ﻋﻠـﻰ ﻣـﻦ ﻇﻬـﺮ ﻣﻨـﻪ ﻣﺠﻠّـﺪﺍﺕ ﻋ ّـﺪﺓ؟ ﻭﺃﻥ ﻳﺘّﺒﻌـﻮﺍ ﻓـﻲ
ﺣ ّﻘ ـﻪ ﺃﻗــﻮﺍﻝ ﺷــﺨﺺ ﺃﺣﻤــﻖ ﺟﻤــﻊ ﺑﻌــﺾ ﺃﻗــﻮﺍﻝ ﻋــﻦ ﻃﺮﻳــﻖ ﺍﻟﺠﻬــﻞ
ـﺸﺒﻬﺔ ﻓــﻲ ﺍﻟﻘﻠــﻮﺏ؟ ﻭﺃﺻــﺒﺢ ﺷــﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌــﺼﺮ ﻭﺳــﺒﺐ ﺍﻟﻐﻔﻠــﺔ ٕ ﻻﻟﻘــﺎء ﺍﻟـ ّ ﻟﻠﻌﺒــﺎﺩ ﻭ ٕﺍﺿــﻼﻝ ﻣــﻦ ﻓــﻲ ﺍﻟــﺒﻼﺩ؟ ﻭﺑــﺬﺍ ﻳﺤﺮﻣــﻮﻥ ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ﻣــﻦ ﺷــﻤﺲ
ﻻﻟﻬﻲ .ﻭﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨّﻈﺮ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐٕ ،ﺍﺫﺍ ﻫﻢ ﺍﺣﺘـﺮﺯﻭﺍ ﺍﻟﻔﻴﺾ ﺍ ٕ ّ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟـ ـﻨّﻔﺲ ﺍﻟﻘﺪﺳـ ـﻴّﺔ ،ﻭﺃﺩﺑ ــﺮﻭﺍ ﻋ ــﻦ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟـ ـﻨّﻔﺲ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤ ــﺎﻧﻲ، ّ
ـﻞ ﺃﻱ ﻭﺟــﻪ ﻳﻘﺒﻠــﻮﻥ .ﺑﻠــﻰ ﻭﻟﻜـ ّ ﻓــﺈﻧّﻲ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺑﻤــﻦ ﻳﺘﻤـ ّ ـﺴﻜﻮﻥ ،ﻭ ٕﺍﻟــﻰ ّ
ـﻢ ﺍﻟﺴﺒﻴﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠـﻴﻦ .ﺛ ﻭﺟﻬﺔ ﻫﻮ ﻣﻮﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻫﺪﻳﻨﺎ ﻙ ّ ﻻ ﺃﻣــﺶ ﻋﻠــﻰ ﻣــﺎ ﺗﺨﺘــﺎﺭ ﻟﻨﻔــﺴﻚ ،ﻭﻫــﺬﺍ ﻗــﻮﻝ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭﻣــﺎ ﺑﻌــﺪ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ٕﺍ ّ
ﺍﻟﻀﻼﻝ ّ
ـﻞ ﻋﻬـﺪ ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻻٔﺩﻟّﺔ ﻋﻠﻰ ٕﺍﺛﺒﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻻٔﻣﺮ ،ﻫـﻮ ﺃﻧّـﻪ ﻓـﻲ ﻛ ّ
ﻭﻋ ـ ــﺼﺮ ﻛ ـ ــﺎﻥ ﻳﻈﻬ ـ ــﺮ ﻓﻴ ـ ــﻪ ﻏﻴ ـ ــﺐ ﺍﻟﻬﻮﻳّ ـ ــﺔ ﻓ ـ ــﻲ ﻫﻴﻜ ـ ــﻞ ﺍﻟﺒ ـ ــﺸﺮﻳّﺔ ،ﻛ ـ ــﺎﻥ ﻳﺴﺘــﻀﻲء ﺑــﻀﻴﺎء ﺷــﻤﺲ ﺍﻟﻨّﺒـ ّﻮﺓ ،ﻭﻳﻬﺘــﺪﻱ ﺑــﺄﻧﻮﺍﺭ ﻗﻤــﺮ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳــﺔ ،ﻭﻳﻔــﻮﺯ
ﺃﺣﺪ، ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ٌ ﺑﻠﻘﺎء ﺍﻪﻠﻟ ٌ
١٨٧
ﻭﻟــﻴﺲ ﻟﻬــﻢ ﺷــﺄﻥ ﺑــﻴﻦ ﺍﻟﻘــﻮﻡ ،ﻭﻻ ﻋﻼﻗــﺔ ﻟﻬــﻢ ﺑﺎﻟـ ّـﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣــﺎ ﻓﻴﻬــﺎ .ﻟﻬــﺬﺍ
ﻛ ــﺎﻥ ﻳ ــﺴﺘﻬﺰﺉ ﺑﻬ ــﻢ ﻋﻠﻤ ــﺎء ﺍﻟﻌ ــﺼﺮ ﻭﺃﻏﻨﻴ ــﺎء ﺍﻟﻮﻗ ــﺖ ،ﻛﻤ ــﺎ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﻋ ــﻦ
ـﻀﺎﻟﻴﻦ )ﻓﻘـﺎﻝ ﺍﻟﻤـﻼٔ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻛﻔـﺮﻭﺍ ﻣـﻦ ﻗﻮﻣِ ـﻪ ﻣـﺎ ﻧـﺮﺍ َﻙ ﻟﺴﺎﻥ ﺃﻭﻟﺌـﻚ ﺍﻟ ّ
ـﺬﻳﻦ ُﻫــﻢ ﺃﺭﺍﺫِ ﺃﻱ ٕﺍﻻ ﺑــﺸ ًﺮﺍ ﻣِ ﺜ َﻠﻨــﺎ ﻭﻣــﺎ ﻧــﺮﺍ َﻙ ﺍﺗّ َﺒ َﻌـ َ ـﻚ ٕﺍ ّ ـﺎﺩﻱ ﺍﻟ ـ ّﺮ ِ ﻻ ﺍﻟّـ َ ْﻟﻨــﺎ ﺑـ َ
ـﺎﺫﺑﻴﻦ( ﻓﻜـﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺘﺮﺿـﻮﻥ ﻜﻢ ﻛ ـﻀﻞ ﺑـﻞ ﻧﻈـﻨّ ُ ﻭﻣﺎ ﻧﺮﻯ ﻟﻜﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻓ ٍ َ
ﻻ ﺃﺭﺍﺫﻟﻨـ ــﺎ ﻭﻳﻘﻮﻟـ ــﻮﻥ ﻻٔﻭﻟـ ــﺌﻜﻢ ﺍﻟﻤﻈـ ــﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـ ـﻴّﺔٕ ،ﺍﻧّـ ــﻪ ﻣـ ــﺎ ﺍﺗـ ــﺒﻌﻜﻢ ٕﺍ ّ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻻ ُﻳﻌ َﺘ َﻨ ـﻰ ﺑــﺸﺄﻧﻬﻢ .ﻭﻣﻘــﺼﻮﺩﻫﻢ ﻣــﻦ ﻫــﺬﺍ ﺃﻧّــﻪ ﻟــﻢ ﻳــﺆﻣﻦ ﺑﻜــﻢ
ـﺸﺄﻥ ﻣــﻨﻬﻢ .ﻭﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳــﺴﺘﺪﻟّﻮﻥ ﻋﻠﻤـﺎء ﺍﻟﻘــﻮﻡ ،ﻭﻻ ﺃﻏﻨﻴــﺎﺅﻫﻢ ﻭﻻ ﺫﻭﻭ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻼﻥ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺑﻬﺬﺍ ّ ّ
ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤــﻰ ،ﻓــﺈ ّﻥ ﺟﻤ ًﻌــﺎ ﻭﺃ ّﻣــﺎ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ّ ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﺍﻻٔﻇﻬــﺮ ،ﻭﺍﻟـ ّ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﺍﻟ ّﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ،ﻭﺍﻟﻔـﻀﻼء ﺍﻟﻜـﺎﻣﻠﻴﻦ ،ﻭﺍﻟﻔﻘﻬـﺎء ﺍﻟﺒـﺎﻟﻐﻴﻦ ،ﻗـﺪ
ﺭﺯﻗـ ـ ــﻮﺍ ﻣـ ـ ــﻦ ﻛـ ـ ــﺄﺱ ﺍﻟﻘـ ـ ــﺮﺏ ﻭﺍﻟﻮﺻـ ـ ــﺎﻝ ،ﻭﻓـ ـ ــﺎﺯﻭﺍ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳـ ـ ــﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤـ ـ ــﻰ،
ـﻀﺎ ﻭﺍﻧﻘﻄﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺍ ٕ ﻻﻣﻜـﺎﻥ ﻓـﻲ ﺳـﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒـﻮﺏ .ﻭﻟﻨـﺬﻛﺮ ﺑﻌ ً
ﻣ ـ ــﻦ ﺃﺳ ـ ــﻤﺎﺋﻬﻢ ،ﻋ ـ ــﺴﻰ ﺃﻥ ﻳﻜ ـ ــﻮﻥ ﺫﻟ ـ ــﻚ ﺳ ـ ــﺒ ًﺒﺎ ﻻﺳ ـ ــﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻻٔﻧﻔ ـ ــﺲ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻨّﻔﻮﺱ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻄﻤﺌﻨّﺔ
ﻼ ﻓﻤﻦ ﺟﻤﻠﺘﻬﻢ ﺟﻨﺎﺏ ُﻣﻼ ﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟّﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﺤ
١٨٨
ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻟﻮﻻﻩ ﻣﺎ ﺍﺳـﺘﻮﻯ ﺍﻪﻠﻟ ﻋﻠـﻰ ﻋـﺮﺵ ﺭﺣﻤﺎﻧﻴّﺘـﻪ ﻻﺷﺮﺍﻕ ﺷﻤﺲ ّ ٕ
ﻭﻣــﺎ ﺍﺳــﺘﻘ ّﺮ ﻋﻠــﻰ ﻛﺮﺳــﻲ ﺻــﻤﺪﺍﻧﻴّﺘﻪ ﻭﺟﻨــﺎﺏ ﺁﻗــﺎ ﺳـﻴّﺪ ﻳﺤﻴــﻰ ﺍﻟّــﺬﻱ ِّ ﺍﻟﺰﻧﺠــﺎﻧﻲ ،ﻭ ُﻣــﻼ ﻛـﺎﻥ ﻭﺣﻴــﺪ ﻋـﺼﺮﻩ ﻭﻓﺮﻳــﺪ ﺯﻣﺎﻧــﻪ ،ﻭ ُﻣـﻼ ّ ﻣﺤﻤــﺪ ﻋﻠـﻲ ّ
ﻋﻠ ـ ـ ـ ــﻲ ﺍﻟﺒ ـ ـ ـ ــﺴﻄﺎﻣﻲ ،ﻭ ُﻣ ـ ـ ـ ــﻼ ﺳ ـ ـ ـ ــﻌﻴﺪ ﺍﻟﺒﺎﺭﻓﺮﻭﺷ ـ ـ ـ ــﻲ ،ﻭ ُﻣ ـ ـ ـ ــﻼ ﻧﻌﻤ ـ ـ ـ ــﺔ ﺍﻪﻠﻟ
ﺍﻟﻤﺎﺯﻧ ـ ــﺪﺭﺍﻧﻲ ،ﻭ ُﻣ ـ ــﻼ ﻳﻮﺳ ـ ــﻒ ﺍﻻٔﺭﺩﺑﻴﻠ ـ ــﻲ ،ﻭ ُﻣ ـ ــﻼ ﻣﻬ ـ ــﺪﻱ ﺍﻟﺨ ـ ــﻮﺋﻲ، ـﺴﻴّﺪ ﺣــﺴﻴﻦ ﺍﻟﺘّﺮﺷــﻴﺰﻱ ،ﻭ ُﻣــﻼ ﻣﻬــﺪﻱ ﺍﻟﻜﻨــﺪﻱ ،ﻭﺃﺧــﻮﻩ ُﻣــﻼ ﺑــﺎﻗﺮ، ﻭﺍﻟـ ّ
ﻣﻤــﻦ ﻳﺒﻠــﻎ ﻭ ُﻣــﻼ ﻋﺒــﺪ ﺍﻟﺨــﺎﻟﻖ ﺍﻟﻴــﺰﺩﻱ ﻭ ُﻣــﻼ ﻋﻠــﻲ ﺍﻟ َﺒﺮ َﻗــﺎﻧﻲ ،ﻭﺃﻣﺜــﺎﻟﻬﻢ ّ ﻋ ــﺪﺩﻫﻢ ﻗﺮﻳ ًﺒ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﺃﺭﺑﻌﻤﺎﻳ ــﺔ ﻧﻔ ــﺲ ،ﺃﺳ ــﻤﺎﺅﻫﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌ ــﺎ ﻣﺜﺒﻮﺗ ــﺔ ﻓ ــﻲ
ﻻﻟﻬ ـ ــﻲ ﻭﻫ ـ ــﺆﻻء ﻛﻠّﻬ ـ ــﻢ ﻗ ـ ــﺪ ﺍﻫﺘ ـ ــﺪﻭﺍ ﺑ ـ ــﺸﻤﺲ ﺍﻟﻠّ ـ ــﻮﺡ ﺍﻟﻤﺤﻔ ـ ــﻮﻅ ﺍ ٕ ّ ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ ﻭﺃﻗ ـ ّﺮﻭﺍ ﻭﺃﺫﻋﻨــﻮﺍ ﻟﻬــﺎ ﻋﻠ ـﻰ ﺷــﺄﻥ ﺍﻧﻘﻄــﻊ ﺃﻛﺜــﺮﻫﻢ ﻋــﻦ ﺃﻣــﻮﺍﻟﻬﻢ ّ
ﻭﺃﻫﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﺃﻗﺒﻠﻮﺍ ٕﺍﻟـﻰ ﺭﺿـﻰ ﺫﻱ ﺍﻟﺠـﻼﻝ ،ﻭﻗـﺎﻣﻮﺍ ﺑﺘـﻀﺤﻴﺔ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ﻓــﻲ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒــﻮﺏ .ﻭﺃﻧﻔﻘــﻮﺍ ﺟﻤﻴــﻊ ﻣــﺎ ﺭﺯﻗــﻮﺍ ﺑــﻪ ﻋﻠــﻰ ﺷــﺄﻥ ﻛﺎﻧــﺖ
ﺻـ ـ ـ ــﺪﺭﻭﻫﻢ ﻫـ ـ ـ ــﺪ ًﻓﺎ ﻟـ ـ ـ ــﺴﻬﺎﻡ ﺍﻟﻤﺨـ ـ ـ ــﺎﻟﻔﻴﻦ ،ﻭﺭﺅﻭﺳـ ـ ـ ــﻬﻢ ﺯﻳﻨـ ـ ـ ــﺔ ﻟـ ـ ـ ــﺴﻨﺎﻥ ﻻ ﻭﻗـ ــﺪ ﺷ ــﺮﺑﺖ ﻣ ــﻦ ﺩﻡ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻤ ــﺸﺮﻛﻴﻦ .ﻭﻟ ــﻢ ﺗﺒ ــﻖ ﺃﺭﺽ ٕﺍ ّ
ـﻞ ﺻــﺪﻕ ﺍﻟﻤﺠ ـ ّﺮﺩﺓ ،ﻭﻟــﻢ ﻳﺒــﻖ ﺳــﻴﻒ ٕﺍ ّ ﻻ ﻭﻗــﺪ َﻣ ـ ﺮ ﻋﻠــﻰ ﺭﻗــﺎﺑﻬﻢ .ﺩﻟﻴـ ُ ﻗ ــﻮﻟﻬﻢ ﻓﻌ ُﻠﻬ ــﻢ .ﻓﻬ ــﻞ ﺷ ــﻬﺎﺩﺓ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻨّﻔ ــﻮﺱ ﺍﻟﻘﺪﺳـ ـﻴّﺔ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﺃﻧﻔﻘ ــﻮﺍ
ﺃﺭﻭﺍﺣﻬ ــﻢ ﻓ ــﻲ ﺳ ــﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒ ــﻮﺏ ﻋﻠ ــﻰ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴّ ــﺔ ،ﻭﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﺗﺤﻴّـ ـﺮ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺎ ّﻓﺔ ﻣﻦ ﺑﺬﻟﻬﻢ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﻭﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ،ﻫﻞ
١٨٩
ﺷﻬﺎﺩﺗﻬﻢ ﻻ ﺗﻜﻔـﻲ ﻟﻬـﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻣـﻦ ﺃﻫـﻞ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻌـﺼﺮ؟ ﻭﺃ ّﻣـﺎ ٕﺍﻧﻜـﺎﺭ
ﺑﻌــﺾ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻳﺒﻴﻌــﻮﻥ ﺩﻳــﻨﻬﻢ ﺑــﺪﺭﻫﻢ ،ﻭ ُﻳﺒــﺪِّ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﺒﻘــﺎء ﺑﺎﻟﻔﻨــﺎء،
ﻻ ﺃﺧـﺬ ﻭﻳﺴﺘﺒﺪﻟﻮﻥ ﻛـﻮﺛﺮ ﺍﻟﻘـﺮﺏ ﺑـﺎﻟﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﻟﺤـﺔ ،ﻭﻟـﻴﺲ ﻟﻬـﻢ ﻣـﺮﺍﺩ ٕﺍ ّ ـﻞ ﻭﺍﺣ ــﺪ ﻣ ــﻨﻬﻢ ﻣ ــﺸﻐﻮﻝ ﺑﺰﺧ ــﺎﺭﻑ ﺃﻣ ــﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ،ﻛﻤ ــﺎ ﺗ ــﺸﺎﻫﺪ ﺃ ﻥ ﻛ ـ ّ
ﻻﻋﻠﻰ ﺏﺍ ٔ ّ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﺍﻟ ّﺮ ّ
ـﺸﻬﺎﺩﺗﻴﻦ ﻣﻘﺒﻮﻟـ ـ ــﺔ ﻭﻣـ ـ ــﺴﻤﻮﻋﺔ؟ ﺃﺷـ ـ ــﻬﺎﺩﺓ ﺃﻱ ﺍﻟـ ـ ـ ّ ﻓﺄﻧـ ـ ــﺼﻒ ﺍﻻٓﻥّ ،
ﺍﻟّـ ــﺬﻳﻦ ﻭﺍﻓـ ــﻖ ﻗـ ــﻮ ُﻟﻬﻢ ﻓﻌ َﻠﻬـ ــﻢ ،ﻭﻃـ ــﺎﺑﻖ ﻇـ ــﺎﻫﺮﻫﻢ ﺑـ ــﺎﻃﻨﻬﻢ ﻋﻠـ ــﻰ ﻧﺤـ ــﻮ ﺗﺎﻫ ــﺖ ﺍﻟﻌﻘ ــﻮﻝ ﻓ ــﻲ ﺃﻓﻌ ــﺎﻟﻬﻢ ،ﻭﺗﺤﻴّـ ـﺮﺕ ﺍﻟﻨّﻔ ــﻮﺱ ﻓ ــﻲ ﺍﺻ ــﻄﺒﺎﺭﻫﻢ،
ﻭﺑﻤ ــﺎ ﺣﻤﻠ ــﺖ ﺃﺟ ــﺴﺎﺩﻫﻢ؟ ﺃﻡ ﺷ ــﻬﺎﺩﺓ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟﻤﻌﺮﺿ ــﻴﻦ؟ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻻ
ﻳﺘﻨ ّﻔ ـﺴﻮﻥ ٕﺍﻻ ﺑ ــﺄﻫﻮﺍء ﺃﻧﻔ ــﺴﻬﻢ ،ﻭﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻟ ــﻴﺲ ﻟﻬ ــﻢ ﻧﺠ ــﺎﺓ ﻣ ــﻦ ﻗﻔ ــﺺ
ﺍﻟﻈﻨﻮﻧــﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠــﺔ ،ﻭﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺮﻓﻌــﻮﻥ ﺭﺃﺳــﻬﻢ ﻋــﻦ ﺍﻟﻔــﺮﺍﺵ ﻧﻬــﺎ ًﺭﺍ ٕﺍﻻ ّ ﺍﻟﻈﻠﻤــﺎﻧﻲ ،ﻭﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻻ ـﺴﻌﻲ ﻓــﻲ ﻃﻠــﺐ ﺍﻟـ ّـﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴــﺔ ،ﻛﺎﻟﺨ ّﻔ ـﺎﺵ ّ ﻟﻠـ ّ ّ ﺍﻟﺪﻧﻴﺌ ـ ـ ــﺔ. ﻳ ـ ـ ــﺴﺘﺮﻳﺤﻮﻥ ﻟ ـ ـ ــﻴ ً ـﺴﻌﻲ ﻓ ـ ـ ــﻲ ﺗ ـ ـ ــﺪﺑﻴﺮﺍﺕ ﺍﻻٔﻣ ـ ـ ــﻮﺭﺍﺕ ّ ﻼ ٕﺍﻻ ﻟﻠ ـ ـ ـ ّ
ﻻﻟﻬــﻲ .ﺑﺎﻟﻨّﻬــﺎﺭ ﻣــﺸﻐﻮﻟﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘّــﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻨّﻔــﺴﺎﻧﻲ ﻭﻏــﺎﻓﻠﻮﻥ ﻋــﻦ ﺍﻟﺘّﻘــﺪﻳﺮ ﺍ ٕ ّ ّ ﻳ ــﺸﺘﻐﻠﻮﻥ ﻓ ــﻲ ﻃﻠ ــﺐ ﺍﻟﻤﻌ ــﺎﺵ ﺑ ــﺄﺭﻭﺍﺣﻬﻢ .ﻭﻓ ــﻲ ﺍﻟﻠّﻴ ــﻞ ﻳﺄﺧ ــﺬﻭﻥ ﻓ ــﻲ ـﺴﻚ ﺑـﺈﻋﺮﺍﺽ ﺃﻱ ﺷﺮﻉ ﻭﻣﻠّﺔ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻟﺘّﻤ ّ ﺗﺰﻳﻴﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ .ﻓﻔﻲ ّ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻋﻦ ٕﺍﻗﺒﺎﻝ ﻭﺗﺼﺪﻳﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨّﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ؟ ﻭﻏﺾ ّ ّ
١٩٠
ﺍﻟﻨّﻔ ـ ــﻮﺱ ﺍﻟّ ـ ــﺬﻳﻦ ﺍﻧﻘﻄﻌ ـ ــﻮﺍ ﻓ ـ ــﻲ ﺭﺿ ـ ــﺎء ﺍﻟﺤ ـ ـ ّـﻖ ﻋ ـ ــﻦ ﺍﻟـ ـ ـﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻤ ـ ــﺎﻝ ﻭﺍﻟﺸﻬﺮﺓ؟ ﻭﺍﻟﺼﻴﺖ ﻭﺍﻻﺳﻢ ﻭﺍﻟ ّﺮﺳﻢ ّ ّ
ـﺸﻬﺪﺍء ﺍﻟﺤــﺴﻴﻦ ﺑــﻦ ﺃﻟــﻢ ﻳﻜﻮﻧــﻮﺍ ﻳﻌﺘﺒــﺮﻭﻥ ﻣـﻦ ﻗﺒــﻞ ﺃ ﻥ ﺃﻣــﺮ ﺳـﻴّﺪ ﺍﻟـ ّ
ﻋﻠـﻲ ،ﻛــﺎﻥ ﺃﻋﻈــﻢ ﺍﻻٔﻣـﻮﺭ ﻭﺃﻛﺒــﺮ ﺍﻻٔﺩﻟّـﺔ ﻋﻠـﻰ ﺃﺣ ّﻘﻴّـﺔ ﺣــﻀﺮﺗﻪ؟ ﻭﻛــﺎﻧﻮﺍ ّ ﻳﻘﻮﻟ ــﻮﻥ ﺑﺄﻧّ ــﻪ ﻣ ــﺎ ﺣ ــﺪﺙ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻌ ــﺎﻟﻢ ﺃﻣ ــﺮ ﻣﺜﻠ ــﻪ .ﻭﻣ ــﺎ ﻇﻬ ــﺮ ﺣ ـ ّـﻖ ﺑﻬ ــﺬﻩ
ﺍﻟﻈﻬ ــﻮﺭ .ﻣ ــﻊ ﺃ ﻥ ﺃﻣ ــﺮ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ﻟ ــﻢ ﻳﻤﺘ ـ ّـﺪ ﻻٔﻛﺜ ــﺮ ﻣ ــﻦ ﺍﻻﺳ ــﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺑﻬ ــﺬﺍ ّ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺳــﺔ ﻗــﺪ ﻗــﻀﺖ ﺛﻤﺎﻧﻴــﺔ ﻻﻧــﻮﺍﺭ ـﺼﺒﺢ ٕﺍﻟــﻰ ّ ﺍﻟﻈﻬــﺮ .ﻭﻟﻜــﻦ ﻫــﺬﻩ ﺍ ٔ ّ ﺍﻟـ ّ
ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ًﻣﺎ ،ﻭﺍﻟﺒﻼﻳﺎ ﻧﺎﺯﻟـﺔ ﻋﻠـﻴﻬﻢ ﻛـﺎﻟﻤﻄﺮ ﻣـﻦ ﺟﻤﻴـﻊ ﺍﻟﺠﻬـﺎﺕ .ﻭﻫـﻢ
ـﺴﺒﺤﺎﻥ ،ﺑﻤﻨﺘﻬ ــﻰ ﺍﻟﻌ ــﺸﻖ ﻳﻨﻔﻘ ــﻮﻥ ﺍﻟـ ـ ّﺮﻭﺡ ﺑﻜ ـ ّ ـﻞ ﺍﺭﺗﻴ ــﺎﺡ ﻓ ــﻲ ﺳ ــﺒﻴﻞ ﺍﻟ ـ ّ
ﻭﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻛﻤـﺎ ﻫـﻮ ﻭﺍﺿـﺢ ﻭﻣﺜﺒـﻮﺕ ﻟﻠﺠﻤﻴـﻊ ،ﻓﻜﻴـﻒ ﻭﺍﻟﺬﻭﻕ ّ ّ ﺃﻱ ﻋــﺼﺮ ﻣﺜــﻞ ﻫــﺬﺍ ﻣــﻊ ﻫــﺬﺍ ﻳﻌـ ّـﺪﻭﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺳــﻬ ً ﻼ؟ ﻫــﻞ ﻇﻬــﺮ ﻓــﻲ ّ
ﺍﻻٔﻣﺮ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮ؟ ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜـﻦ ﻫـﺆﻻء ﺍﻻٔﺻـﺤﺎﺏ ﻣﺠﺎﻫـﺪﻳﻦ ﻓـﻲ ﺍﻪﻠﻟ،
ﻼﺏ ﻋ ّـﺰﺓ ﻭﻣﻜﺎﻧـﺔ ﻓﻤﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻳﻜﻮﻥ ً ﻣﺠﺎﻫﺪﺍ؟ ﻭﻫـﻞ ﻫـﺆﻻء ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻃـ ّ
ـﻞ ﻫـﺆﻻء ﻭﺛﺮﻭﺓ؟ ﻭﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻘﺼﺪ ﻏﻴﺮ ﺭﺿﺎء ﺍﻪﻠﻟ؟ ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻛ ّ
ﺍﻻٔﺻــﺤﺎﺏ ،ﻣــﻊ ﻣــﺎ ﻟﻬــﻢ ﻣــﻦ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﺛــﺎﺭ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒــﺔ ﻭﺍﻻٔﻓﻌــﺎﻝ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒــﺔ ـﺴﻤﺎ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃــﻞ ،ﻓﻤــﻦ ﻏﻴــﺮﻫﻢ ﻳﻜـﻮﻥ ﻻﺋ ًﻘــﺎ ﻟــﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ؟ ﻗـ ً
ﻟﺤﺠﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻭﺩﻟﻴﻞ ٍ ﻭﺍﻑ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ ٕﺍ ﻥ ﻓﻌﻠﻬﻢ ﻫﺬﺍ ّ
١٩١
ﻜ ـﺮﻭﻥ ﴿ َﻭ َﺳ ـ َﻴ ْﻌ َﻠ ُﻢ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻟــﻮ ﻛــﺎﻥ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻓــﻲ ﺃﺳــﺮﺍﺭ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﻳﺘﻔ ّ
ﻮﻥ﴾) (١ ﻱ ُﻣﻨ َﻘ َﻠ ٍﺐ َﻳﻨ َﻘ ِﻠ ُﺒ َ ﺍﻟّ َ ﺬﻳﻦ َﻇ َﻠ ُﻤﻮﺍ ﺍ
ـﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜـ ــﺬﺏ ﻣﻌﻠﻮﻣـ ــﺔ ﻭﻋـ ــﻼﻭﺓ ﻋﻠـ ــﻰ ﺫﻟـ ــﻚ ،ﻓـ ــﺈ ّﻥ ﻋﻼﻣـ ــﺔ ﺍﻟـ ـ ّ
ـﻞ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻭﻣﻘ ّﺮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ .ﻓﻴﺠـﺐ ﺃﻥ ﻳﻤـﺘﺤﻦ ٕﺍ ّﺩﻋـﺎء ﻭﺩﻋـﺎﻭﻱ ﻛ ّ
ـﺼﺎﺩﻕ ﻣــﻦ ﺍﻟﻜــﺎﺫﺏ .ﻭﻟﻬــﺬﺍ ـﻚ ﺍﻻﻟﻬـ ﺑﻬــﺬﺍ ﺍﻟﻤﺤـ ّ ـﻲ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳﻤﻴّ ـﺰ ﺍﻟـ ّ ٕ ّ ﺻ ِ ﻴﻦ﴾) .(٢ﻓـﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ﺍﻻٓﻥ ﻛﻴـﻒ ﻳﻘﻮﻝَ ﴿ :ﻓ َﺘ َﻤﻨُ ﻮﺍ ﺍﻟ َْﻤـ ْﻮ َ ـﺎﺩﻗِ َ ﺕ ﺍﻥ ُﻛﻨـ ُﺘ ْﻢ َ
ـﺺ ﺍﻟﻜﺘـ ــﺎﺏ ـﺼﺎﺩﻗﻴﻦ ،ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ َﻧ ـ ـﺸﻬﺪﺍء ﺍﻟ ـ ّ ﺃﻧّ ــﻪ ﻣ ــﻊ ﻭﺟ ــﻮﺩ ﻫ ــﺆﻻء ﺍﻟ ـ ّ
ـﺎﻫﺪ ﻟﻬ ــﻢ ﻋﻠ ــﻰ ﺻ ــﺪﻕ ﻗ ــﻮﻟﻬﻢ ،ﻛﻤ ــﺎ ﺭﺃﻳ ــﺖ ﺃﻧّﻬ ــﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌ ــﺎ ﺃﻧﻔﻘ ــﻮﺍ ﺷـ ٌ ـﻞ ﻣــﺎ ﻳﻤﻠﻜــﻮﻥ ،ﻭﻋﺮﺟــﻮﺍ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬــﻢ ﻭﺃﻣــﻮﺍﻟﻬﻢ ﻭﻧــﺴﺎءﻫﻢ ﻭﺃﻭﻻﺩﻫــﻢ ﻭﻛـ ّ
ﺍﻟﻄﻠﻌـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴـ ــﺔ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺃﻋﻠـ ــﻰ ﻏـ ــﺮﻑ ﺍﻟ ّﺮﺿـ ــﻮﺍﻥ ،ﻓﻬـ ــﻞ ﺷـ ــﻬﺎﺩﺓ ﻫـ ــﺬﻩ ّ
ﻭﺍﻻٔﻧﻔــﺲ ﺍﻟﻤﻨﻘﻄﻌــﺔ ﻓــﻲ ﺗــﺼﺪﻳﻖ ﻫــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺍﻟﻌــﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌــﺎﻟﻲ ﺗﻜــﻮﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ؟ ﻭﻫﺆﻻء ﺍﻟﻘـﻮﻡ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻳﺘﺮﻛـﻮﻥ ﺍﻟﻤـﺬﻫﺐ ﻻٔﺟـﻞ ﺍﻟ ّـﺬﻫﺐ،
ﻭﻳﺤﺘ ــﺮﺯﻭﻥ ﻋ ــﻦ ﺃ ّﻭﻝ ﻣ ــﺎ ﺻ ــﺪﺭ ﻣ ــﻦ ﺟﺎﻧ ــﺐ ﺍﻪﻠﻟ ﻻٔﺟ ــﻞ ﺍﻟﺠﻠ ــﻮﺱ ﻓ ــﻲ
ﻼﺋـ ــﺢ ﺟـ ــﺎﺋﺰﺓ ـﺼﺪﺭ ،ﺗﻜـ ــﻮﻥ ﺷـ ــﻬﺎﺩﺗﻬﻢ ﻋﻠـ ــﻰ ﺑﻄـ ــﻼﻥ ﻫـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻨّـ ــﻮﺭ ﺍﻟ ّ ﺍﻟـ ـ ّ ﻭﻣﻘﺒﻮﻟــﺔ؟ ﻣــﻊ ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻗــﺪ ﻋﺮﻓــﻮﻫﻢ ،ﻭﻋﻠﻤــﻮﺍ ﻣــﻦ ﺃﻃــﻮﺍﺭﻫﻢ ﺃﻧّﻬﻢ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯﻭﻥ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍء. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ
) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ.
١٩٢
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﺫ ّﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺳـﺒﻴﻞ ﺍﻟ ّـﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ّ ّ ﻻﻟﻬﻲ .ﻓﻜﻴـﻒ ٕﺍﺫﺍ ﺑﻠـﻎ ﺍﻟﺘّﺠـﺎﻭﺯ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟـﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻤـﺎﻝ ﻭﻏﻴـﺮﻩ؟ ﻓـﺎﻧﻈﺮ ﺍ ٕ ّ
ـﻨﺺ ﺍﻟﻜﺘـ ـ ــﺎﺏ ﻭﻣﻴّ ـ ـ ـﺰ ﻻﻟﻬـ ـ ـ ﺍﻻٓﻥ ﻛﻴـ ـ ــﻒ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﺤـ ـ ـ ّ ـﻚ ﺍ ٕ ـﻲ ﻗـ ـ ــﺪ ﻓ ـ ـ ـ ّﺮﻕ ﺑـ ـ ـ ّ ّ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﺸﻮﺵ .ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻫـﻢ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻏﻴـﺮ ﻣﺴﺘـﺸﻌﺮﻳﻦ،
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳّـﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟ ّﺮﻳﺎﺳﺔ ّ ﻭﻓﻲ ﻧﻮﻡ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻣﺸﻐﻮﻟﻮﻥ ﺑﻜﺴﺐ ّ ْﺖ ﻓِ ﻴﻬـﺎ ِﺑ َﻤـﺎ َﺗ ْﻬـﻮﻯ ِﺑـﻪِ ﻻ ْﻧـ َﺴ ِ ﺎﻥ َﻗ ْـﺪ َﻣـﻀﻰ َﻋ َﻠ ْﻴ َ ـﻦ ﺍ ـﻚ ﺍﻳـﺎ ٌﻡَ ،ﻭ ْ ﺍﺷـ َﺘ َﻐﻠ َ ﻳـﺎ ﺍ ْﺑ َ
ـﻮﻥ ﺭﺍﻗِ ًـﺪﺍ َﻋ َﻠـﻰ ِﺑ ِ ﺍﻟﻈ ُﻨ ِ ﻚ. ﻦ ـﺴﺎﻃ َ َﻧ ْﻔ ُﺴ َ ﻜ ُ ﺎﻡ .ﺍﻟـﻰ َﻣﺘـﻰ َﺗ ُ ﻚ ﻣِ َ ﻮﻥ َﻭﺍﻻْ ﻭ َﻫ ِ ـﺖ ﻓِ ــﻲ َﻭ َﺳـ ِـﻂ ﺍﻟـ ـﺰ ِ ﻭﺍﻝ، ﻓــﺎ ْﺭ َﻓ ْﻊ َﺭﺍَ ﺳـ َ ﺲ ﺍ ْﺭ َﺗ َﻔ َﻌـ ْ ـﻚ َﻋـ ِـﻦ ﺍﻟﻨـ ْﻮ ِﻡ؛ ﻓـ ﺎ ﻥ ﺍﻟـ ـﺸ ْﻤ َ
ْﺠ ِ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻤﺎﻝ. َﻟ َﻌ ﻞ ُﺗ ْﺸ ِﺮ ُﻕ َﻋ َﻠ ْﻴ َ ّ ﻚ ِﺑﺎْ ﻧﻮﺍ ِﺭ ﺍﻟ َ
ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻠ ُﻴﻌ َﻠﻢ ﺑﺄ ّﻥ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭﺍﻟﻔﻘﻬﺎء ﺍﻟّﺬﻳﻦ ُﺫﻛِ ﺮﻭﺍ ﻟـﻢ ﻳﻜـﻦ
ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮﺓ ،ﻻٔ ّﻥ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻤﺤ ــﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﺘّﺒ ــﻊ ﺃﺣ ــﺪ ﻣ ــﻨﻬﻢ ﻣ ــﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻟ ّﺮﻳﺎﺳ ــﺔ ّ
ﺍﻟﺤـ ـﻖ ﻋﻠﻤــﺎء ﺍﻟﻌــﺼﺮ ﺍﻟﻤﻘﺘـﺪﺭﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓــﻮﻥ ﻭﺍﻟﺠﺎﻟــﺴﻮﻥ ﻋﻠــﻰ ﺻــﺪﺭ ﻻ ﻣــﻦ ﺷــﺎء ﺭﺑّ ـﻚ .ﻓ ـﺈ ّﻥ ﻣﺜــﻞ ﺍﻟﺤﻜــﻢ ﻭﺍﻟﻤــﺴﺘﻘ ّﺮﻭﻥ ﻋﻠــﻰ ﺳــﺮﻳﺮ ﺍﻻٔﻣــﺮ ٕﺍ ّ
ـﻞ ِّﻣ ـ ـ ْ ﻋِ ـﺎﺩِ ﻱ ﻻ ﻗﻠ ـ ــﻴﻼ ﴿ َﻭ َﻗ ِﻠﻴ ـ ـ ٌ ﻫ ـ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮ ﻟ ـ ــﻢ ﻳﻈﻬ ـ ــﺮ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟﻌ ـ ــﺎﻟﻢ ٕﺍ ّ ـﻦ َﺒ ـ ـ َ ﻜﻮ ُﺭ﴾) (١ﻛﻤﺎ ﺃﻧّﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﺒﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸ ُ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺳﺒﺄ.
١٩٣
ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻌﻬ ــﺪ ﺃﺣ ــﺪ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤ ــﺎء ﺍﻟﻤ ــﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﺍﻟّ ــﺬﻳﻦ ﻛ ــﺎﻥ ﻓ ــﻲ ﻗﺒ ــﻀﺔ
ﺣﻜﻤﻬ ــﻢ ﺯﻣ ــﺎﻡ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ،ﺑ ــﻞ ﺳ ــﻌﻮﺍ ﻓ ــﻲ ﺩﻓ ــﻊ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣ ــﺮ ﻭﺭ ّﺩﻩ ﺑﺘﻤ ــﺎﻡ
ﻻﻧﻜﺎﺭ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻟﻢ ﺗﺴﻤﻊ ﺑﻪ ﺍﺫﻥ ،ﻭﻟﻢ ﺗﺮﻩ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺒﻐﺾ ﻭﺍ ٕ
ﺏ ﺍﻻٔﻋﻠـﻰ ،ﺭﻭﺡ ﻣـﺎ ﺳـﻮﺍﻩ ﻓـﺪﺍﻩ، ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺻﺪﺭ ﺣـﻀﺮﺓ ﺍﻟﺒـﺎﺏ ﺍﻟـ ّﺮ ّ
ـﻞ ﻣــﻨﻬﻢ ﺗﻮﻗﻴ ًﻌـﺎ ﻣﺨـ ـﻞ ﺑﻠـﺪ ،ﺫﻛــﺮ ﻓــﻲ ﺗﻮﻗﻴــﻊ ﻛـ ّ ـﺼﻮﺻﺎ ﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻋﻠﻤــﺎء ﻛـ ّ ً
ﻣﺮﺍﺗ ـ ـ ـ ــﺐ ٕﺍﻋﺮﺍﺿ ـ ـ ـ ــﻪ ﻭ ٕﺍﻏﻤﺎﺿ ـ ـ ـ ــﻪ ﺑﺎﻟﺘّﻔ ـ ـ ـ ــﺼﻴﻞَ ﴿ ،ﻓ ـ ـ ـ ــﺎ ْﻋ َﺘ ِﺒ ُﺮﻭﺍ َﻳ ـ ـ ـ ــﺎ ﺍﻭ ِﻟ ـ ـ ـ ــﻲ
ـﺼﺎ ِﺭ﴾) (١ﻭﻣﻘ ــﺼﻮﺩﻩ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟ ـ ّـﺬﻛﺮ ﻫ ــﻮ ﻟﻜـ ــﻴﻼ ﻳﻌﺘ ــﺮﺽ ﺃﻫ ــﻞ ﺍﻻْ ﺑ ـ َ ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﺣ ـﻴﻦ ﻇﻬــﻮﺭ ﺍﻟﻤــﺴﺘﻐﺎﺙ ﻓــﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ ﺍﻻٔﺧــﺮﻯ ﺑﺄﻧّــﻪ ﻓــﻲ ﻇﻬــﻮﺭ
ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﻗــﺪ ﺁﻣــﻦ ﺟﻤــﻊ ﻣــﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤــﺎء ،ﻓﻠﻤــﺎﺫﺍ ﻟــﻢ ﻳﺤــﺼﻞ ﻣﺜﻠــﻪ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺰﺧــﺎﺭﻑ ،ﻭﻳﺤﺮﻣــﻮﻥ ّ ﺍﻟﻈﻬــﻮﺭ؟ ﻭﻳﺘﻤـ ّ ـﺴﻜﻮﻥ ﻭﺍﻟﻌﻴــﺎﺫ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ﺑﺄﻣﺜــﺎﻝ ﻫــﺬﻩ ّ
ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍ ﻻﻟﻬﻲ؟ ﻧﻌﻢ ٕﺍ ﻥ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﻳﻦ ﻟـﻢ ٕ ّ ﻣﻘﺪﺳﻴﻦ ﻋـﻦ ﻳﻜﻦ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﻴﻦ ،ﻭﺑﻔﻀﻞ ﺍﻪﻠﻟ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ّ
ﺍﻟﺰﺧــﺎﺭﻑ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴــﺔ ﺫﻟــﻚ ﻣــﻦ ﻓــﻀﻞ ﺍﻟ ّﺮﻳﺎﺳــﺔ ّ ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ ﻭﻣﻨـ ّـﺰﻫﻴﻦ ﻋــﻦ ّ
ﺍﻪﻠﻟ ﻳﺆﺗﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء
ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﺃﻻ ﻭﻫﻨﺎ ﻙ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻭﺩﻟﻴﻞ ﻻﺋﺢ ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ ﺑﻴﻦ ّ ّ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺸﺮ.
١٩٤
ﻻﻟﻬــﻲ .ﻓﺈﻧّــﻪ ﻣــﻊ ﻭﻫــﻮ -ﺍﺳــﺘﻘﺎﻣﺔ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ﺍﻻٔﺯﻟــﻲ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺍ ٕ ّ ّ ـﺸﺒﺎﺏ ﻓﺈﻧّـﻪ ﻗـﺪ ﻗـﺎﻡ ﻣـﻊ ﻫـﺬﺍ ﺑـﺄﻣﺮ ﻣﺨ ٍ ـﻞ ـﺎﻟﻒ ﻟﻜ ّ ﻦ ﺍﻟ ّ ﻛﻮﻧﻪ ﻛـﺎﻥ ﻓـﻲ ﺳـ ّ
ـﺸﺮﻳﻒ ،ﻭﺍﻟﻐﻨـ ـ ــﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘﻴـ ـ ــﺮ ،ﻭﺍﻟﻌﺰﻳـ ـ ــﺰ ﺃﻫـ ـ ــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻣـ ـ ــﻦ ﺍﻟﻮﺿـ ـ ــﻴﻊ ﻭﺍﻟـ ـ ـ ّ ّ ـﻒ ـﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﺍﻟ ّﺮﻋﻴّــﺔ ،ﻛﻤــﺎ ﺳــﻤﻊ ﺑــﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜـ ّ ـﻞ ،ﻭﻟ ـﻢ َ ﻳﺨـ ْ ﻭﺍﻟـ ّـﺬﻟﻴﻞ ،ﻭﺍﻟـ ّ ـﺄﻱ ﻧﻔــﺲ .ﻓﻬــﻞ ﻳﻜــﻮﻥ ﻫــﺬﺍ ﺑﻐﻴــﺮ ﺃﻣــﺮ ٕﺍﻟﻬــﻲ، ﻣــﻦ ﺃﺣــﺪ ،ﻭﻟــﻢ ﻳﻌ ـ َﺘ ِﻦ ﺑـ ّ ّ ﻭﻣــﺸﻴﺌﺔ ﻣﺜﺒﺘــﺔ ﺭﺑّﺎﻧﻴّــﺔ؟ ﻗــﺴ ًﻤﺎ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ﻟــﻮ ﻳﺘﻄـ ّﺮﻕ ﻓــﻲ ﻓﻜــﺮ ﺃﺣــﺪ ﺃﻣـ ٌﺮ ﻛﻬــﺬﺍ،
ـﻞ ﻭﻳﺘﺨﻴّﻠ ــﻪ ﻓ ــﻲ ﻧﻔ ــﺴﻪ ﻟﻴﻨﻌ ــﺪﻡ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﺤ ــﻴﻦ ،ﻭﻟ ــﻮ ﻳﺠﺘﻤ ــﻊ ﻓ ــﻲ ﻗﻠﺒ ــﻪ ﻛ ـ ّ
ﻻ ـﻀﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﻣﺜ ــﻞ ﻫ ــﺬﺍ ﺍ ٔ ـﻢٕ ،ﺍ ّ ﺍﻟﻘﻠ ــﻮﺏ ،ﻓﺈﻧّ ــﻪ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﺳ ــﺮ ﺃﻳ ـ ً ﻻﻣ ــﺮ ﺍﻟﻤﻬ ـ ّ ﻼ ﺑﺎﻟﻔﻴﻮﺿ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟ ّﺮﺣﻤﺎﻧﻴّ ـ ــﺔ، ﺑـ ـ ـﺈﺫﻥ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜ ـ ــﻮﻥ ﻗﻠﺒ ـ ــﻪ ﻣﺘّـ ـ ـﺼ ً
ﻭﻧﻔﺴﻪ ﻣﻄﻤﺌﻨّﺔ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّﺔ .ﻓﻴﺎ ﻫﻞ ُﺗﺮﻯ َﻋﻼ َﻡ ﻳﺤﻤﻠـﻮﻥ ﻫـﺬﺍ! ﺃﻳﻨـ ــﺴﺒﻮﻧﻪ ﻟﻠﺠﻨـ ــﻮﻥ ﻛﻤـ ــﺎ ﻧـ ــﺴﺒﻮﻩ ﻟﻼٔﻧﺒﻴـ ــﺎء ﻣـ ــﻦ ﻗﺒـ ــﻞ؟ ﺃﻡ ﻳﻘﻮﻟـ ــﻮﻥ ﺑﺄﻧّـ ــﻪ
ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮﺓ ،ﻭﺟﻤ ــﻊ ﺯﺧ ــﺎﺭﻑ ﺗﻌـ ـ ّﺮﺽ ﻟﻬ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﻣ ــﻮﺭ ﻣ ــﻦ ﺃﺟ ــﻞ ﺍﻟ ّﺮﻳﺎﺳ ــﺔ ّ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ؟ ّ
ﺳـ ــﺒﺤﺎﻥ ﺍﻪﻠﻟ ٕﺍﻧّـ ــﻪ ﻓـ ــﻲ ﺃ ّﻭﻝ ﻛﺘـ ــﺎﺏ ﻣـ ــﻦ ﻛﺘﺒـ ــﻪ ﺍﻟّـ ــﺬﻱ ﺳـ ــﻤﺎﻩ ﻗﻴّ ـ ـﻮﻡ
ﺍﻻٔﺳــﻤﺎء ،ﻭﻫــﻮ ﺃ ّﻭﻝ ﺟﻤﻴــﻊ ﻛﺘﺒــﻪ ،ﻭﺃﻋﻈﻤﻬــﺎ ﻭﺃﻛﺒﺮﻫــﺎ ،ﻗــﺪ ﺃﺧﺒــﺮ ﻋــﻦ
ﻼ "ﻳ ــﺎ ﺑﻘﻴّ ــﺔ ﺍﻪﻠﻟ ﻗ ــﺪ ﺷ ــﻬﺎﺩﺗﻪ .ﻭﻓ ــﻲ ﻣﻘ ــﺎﻡ ﻣﻨ ــﻪ ﺫﻛ ــﺮ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳ ــﺔ ﻗ ــﺎﺋ ً ﺐ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻚ ،ﻭﻣﺎ ﺗﻤﻨّﻴﺖ ﻓﺪﻳﺖ ﺑﻜﻠّﻲ ﻟﻚ، ﻭﺭﺿﻴﺖ ُ ﺍﻟﺴ
١٩٥
ﻗﺪﻳﻤﺎ" ﻣﻌﺘﺼﻤﺎ ﻻ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﻲ ﻣﺤﺒّﺘﻚ ﻭﻛﻔﻰ ﺑﺎﻪﻠﻟ ﺍﻟﻌﻠﻲ ٕﺍ ّ ً ً ّ ﻼ ـﺸﻬﺎﺩﺓ ﻗ ــﺎﺋ ً ﻭﻛ ــﺬﻟﻚ ﻓ ــﻲ ﺗﻔ ــﺴﻴﺮ ﺣ ــﺮﻑ ﺍﻟﻬ ــﺎء ﺗﻤﻨّـ ـﻰ ﻟﻨﻔ ــﺴﻪ ﺍﻟ ـ ّ
ـﺐ ﺍﻻٔﺷــﻴﺎء ٕﺍﻟﻴــﻚ "ﻛــﺄﻧّﻲ ﺳــﻤﻌﺖ ﻣﻨﺎﺩ ًﻳــﺎ ﻳﻨــﺎﺩﻱ ﻓــﻲ ﺳـ ّﺮﻱ ﺍ ْﻓـ ِﺪ ﺃﺣـ ّ
ـﺴﻼﻡ ﻓــﻲ ﺳــﺒﻴﻠﻲ .ﻭﻟــﻮﻻ ﻓــﻲ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍﻪﻠﻟ ﻛﻤــﺎ ﻓــﺪﻯ ﺍﻟﺤــﺴﻴﻦ ﻋﻠﻴــﻪ ﺍﻟـ ّ
ـﺴ ّﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗــﻊ ،ﻓﻮﺍﻟّــﺬﻱ ﻧﻔــﺴﻲ ﺑﻴــﺪﻩ ،ﻟــﻮ ﺍﺟﺘﻤــﻊ ﻛﻨــﺖ ﻧــﺎﻇ ًﺮﺍ ﺑــﺬﻟﻚ ﺍﻟـ ّ
ﻣﻠ ــﻮ ﻙ ﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻟ ــﻦ ﻳﻘ ــﺪﺭﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﺄﺧ ــﺬﻭﺍ ﻣﻨّ ــﻲ ﺣﺮ ًﻓ ــﺎ ،ﻓﻜﻴ ــﻒ ﻋﺒﻴ ــﺪ
ﺍﻟّﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺷﺄﻥ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻭ ٕﺍﻧّﻬﻢ ﻣﻄﺮﻭﺩﻭﻥ!" ٕﺍﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ "ﻟـﻴﻌﻠﻢ
ﺍﻟﻜﻞ ﻣﻘﺎﻡ ﺻﺒﺮﻱ ﻭﺭﺿﺎﺋﻲ ﻭﻓﺪﺍﺋﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻪﻠﻟ" ،ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ّ
ـﺼﺮﺍﻁ ُﻳﻨ ــﺴﺐ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺻ ــﺎﺣﺐ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴ ــﺎﻥ ﺑﺄﻧّ ــﻪ ﻳﻤ ــﺸﻲ ﻋﻠ ــﻰ ﻏﻴ ــﺮ ﺍﻟ ـ ّ
ﻻﻟﻬــﻲ ﺃﻭ ﺃﻧـﻪ ﻃﻠــﺐ ﺃﻣ ـ ًﺮﺍ ﺑﻐﻴــﺮ ﺭﺿــﺎﺋﻪ؟ ٕﺍ ﻥ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳــﺔ ﻟﻤﻜﻨــﻮﻥ ﺍ ٕ ّ ـﺐ ﻟﻴﻨﻔ ـ ــﻖ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﻫﻴﺎﻛ ـ ــﻞ ﺍﻟﻮﺟ ـ ــﻮﺩ ﻧ ـ ــﺴﻴﻢ ﺍﻧﻘﻄ ـ ــﺎﻉ ،ﺑﺤﻴ ـ ــﺚ ٕﺍﺫﺍ ﻫ ـ ـ ّ
ﺃﺭﻭﺍﺣﻬــﻢ ،ﻭﻳﻨﻘﻄﻌــﻮﻥ ﻋــﻦ ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ .ﻓــﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ﺍﻻٓﻥ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻛﻴــﻒ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺌ ـ ــﺔ ،ﻭﺟﺎﺣ ـ ــﺪﻭﻥ ﻟﻠﺤ ـ ـ ّـﻖ ﻏﺎﻳ ـ ــﺔ ﺃﻧّﻬ ـ ــﻢ ﻛﺎﻟﻨّ ـ ــﺴﻨﺎﺱ ﻓ ـ ــﻲ ﺃﻓﻌ ـ ــﺎﻟﻬﻢ ّ
ـﻞ ﻫــﺬﺍ ،ﻭﻳﺮﻛــﻀﻮﻥ ﺧﻠــﻒ ـﻀﻮﻥ ّ ﺍﻟﻄــﺮﻑ ﻋــﻦ ﻛـ ّ ﺍﻟﺠﺤــﻮﺩ ،ﺑﺤﻴــﺚ ﻳﻐـ ّ
ﺟﻴــﻒ ﻋﺪﻳــﺪﺓ ،ﻳﺮﺗﻔــﻊ ﻣــﻦ ﺑﻄﻮﻧﻬــﺎ ﺿــﺠﻴﺞ ﺃﻣــﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤــﺴﻠﻤﻴﻦ .ﻭﻣــﻊ ﻫــﺬﺍ ﻛــﻢ ﻣــﻦ ﻣﻔﺘﺮﻳــﺎﺕ ﻏﻴــﺮ ﻻﺋﻘــﺔ ﻳﻨــﺴﺒﻮﻧﻬﺎ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻤﻄــﺎﻟﻊ ﺍﻟﻘﺪﺳـﻴّﺔ
ﻛﺬﻟﻚ ﻧﺬﻛﺮ ﻟﻚ ﻣﺎ ﺍﻛﺘﺴﺒﺖ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟّﺬﻳﻦ ﻫﻢ
١٩٦
ﻛﻔ ـ ــﺮﻭﺍ ،ﻭﺃﻋﺮﺿ ـ ــﻮﺍ ﻋ ـ ــﻦ ﻟﻘ ـ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻓ ـ ــﻲ ﻳ ـ ــﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣ ـ ــﺔ ،ﻭﻋ ـ ـ ّـﺬﺑﻬﻢ ﺑﻨ ـ ــﺎﺭ
ﺷ ـ ــﺮﻛﻬﻢ ،ﻭﺃﻋ ـ ـ ّـﺪ ﻟﻬ ـ ــﻢ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻻٓﺧ ـ ــﺮﺓ ﻋ ـ ــﺬﺍ ًﺑﺎ ﺗﺤﺘ ـ ــﺮﻕ ﺑ ـ ــﻪ ﺃﺟ ـ ــﺴﺎﺩﻫﻢ
ﻭﺃﺭﻭﺍﺣﻬـ ــﻢ ﺫﻟـ ــﻚ ﺑـ ــﺄﻧّﻬﻢ ﻗـ ــﺎﻟﻮﺍ ٕﺍ ﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻟـ ــﻢ ﻳﻜـ ــﻦ ﻗـ ــﺎﺩ ًﺭﺍ ﻋﻠ ـ ـﻰ ﺷـ ــﻲء ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻳﺪﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻣﻐﻠﻮﻟﺔ
ﺣﺠــﺔ ﻛﺒﻴــﺮﺓ ﻭﺑﺮﻫــﺎﻥ ﻋﻈــﻴﻢ ﻛﻤــﺎ ﻫــﺬﺍ ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﺍﻻﺳــﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﻣــﺮ ّ
ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬـﺎ ﻣـﺸﻌﺮﺓ ﻗﺎﻝ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء "ﺷﻴّﺒﺘﻨﻲ ﺍﻻٓﻳﺘﺎﻥ" .ﺍﻟّﺘﻲ ّ
ﺕ﴾ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ﺍﻪﻠﻟ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝَ ﴿ :ﻓ ْ ﺎﺳ َﺘﻘِ ْﻢ َﻛ َﻤﺎ ﺍﻣِ ْﺮ َ
)(١
ـﺴﺒﺤﺎﻧﻴّﺔ ـﺴﺪﺭﺓ ﺍﻟ ّﺮﺿــﻮﺍﻧﻴّﺔ ﺍﻟـ ّ ﻓــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻛﻴــﻒ ﻗــﺪ ﺑﻠﻐــﺖ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟـ ّ
ﺃﻣـ ـ ــﺮ ﺍﻪﻠﻟ ﻓـ ـ ــﻲ ﺃ ّﻭﻝ ﺷـ ـ ــﺒﺎﺑﻬﺎ ،ﻭﻛـ ـ ــﻢ ﻇﻬـ ـ ــﺮ ﻣـ ـ ــﻦ ﺍﻻﺳـ ـ ــﺘﻘﺎﻣﺔ ﻣـ ـ ــﻦ ﺫﺍ ﻙ
ـﻞ ﻣــﻦ ﻋﻠــﻰ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ،ﺟﻤــﺎﻝ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّــﺔ ،ﺑﺤﻴــﺚ ﺃﻧّــﻪ ﻗــﺎﻡ ﻛـ ّ
ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻌﻪ ،ﻭﻟﻢ ِ ﻳﺄﺕ ﺫﻟﻚ ﺑﺜﻤﺮ ﺃﻭ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺑﻞ ﻛﻠّﻤﺎ ﻛﺎﻥ َﻳ ِﺮﺩ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ
ـﺴﺪﺭﺓ ،ﺳــﺪﺭﺓ ﻃــﻮﺑﻰ ،ﻛﻠّﻤــﺎ ﻛــﺎﻥ ﻳــﺰﺩﺍﺩ ﺷــﻮﻗﻪ، ﺍ ٕ ﻻﻳــﺬﺍء ﻋﻠــﻰ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ ـﻞ ﻫــﺬﺍ ﻭﺍﺿــﺢ ﻻ ﻳﻨﻜــﺮﻩ ﺃﺣــﺪ ٕﺍﻟــﻰ ﺃﻥ ﻭﻳــﺰﺩﺍﺩ ﺍﺷــﺘﻌﺎﻝ ﻧــﺎﺭ ﺣﺒّ ـﻪ .ﻭﻛـ ّ ﻓﺪﻯ ﺃﺧﻴ ًﺮﺍ ﺑﺮﻭﺣﻪ ﻭﺻﻌﺪ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟ ّﺮﻓﻴﻖ ﺍﻻٔﻋﻠﻰ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﻫﻮﺩ.
١٩٧
ﻭﻣــﻦ ﺟﻤﻠــﺔ ﺍﻟـ ّـﺪﻻﺋﻞ ﻋﻠــﻰ ﺃﺣ ّﻘﻴّــﺔ ﻇﻬــﻮﺭﻩ ﻇﻬــﻮﺭ ﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ ﻭﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ
ﻈﻬ ـ ـﺮ ﺍﻟﻮﺟـ ــﻮﺩ ،ﻭﻣﻈﻬـ ــﺮ ﻻﺣﺎﻃـ ــﺔ ﺍﻟّﺘـ ــﻲ ﺃﻇﻬﺮﻫـ ــﺎ ﻣـ ــﻦ ﻧﻔـ ــﺴﻪ ﺑﻨﻔـ ــﺴﻪ ُﻣ ِ ﻭﺍ ٕ
ﺍﻟﻤﻌﺒــﻮﺩ ﻓــﻲ ﺃﻛﻨــﺎﻑ ﺍﻟﻌــﺎﻟﻢ ﻭﺃﻗﻄــﺎﺭﻩ .ﻓﺤﻴﻨﻤــﺎ ﻇﻬــﺮ ﻓــﻲ ﺷــﻴﺮﺍﺯ ﺫﺍ ﻙ
ـﺴﺘّﻴﻦ ﻭﻛـﺸﻒ ﺍﻟﻐﻄـﺎء ،ﻓﺈﻧّـﻪ ﻓـﻲ ﻗﻠﻴـﻞ ﻣـﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻻٔ ﺯﻟﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﺍﻟ ّ ّ ـﺴﻠﻄﻨﺔ ﺍﻟﺰﻣــﺎﻥ ﻗــﺪ ﻇﻬــﺮﺕ ﻓــﻲ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟــﺒﻼﺩ ﺁﺛــﺎﺭ ﺍﻟﻐﻠﺒــﺔ ﻭﺍﻟﻘــﺪﺭﺓ ،ﻭﺍﻟـ ّ ّ
ﻭﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺭ ﻣﻦ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ،ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ ،ﻭﺑﺤـﺮ ﺍﻟﺒﺤـﻮﺭ ،ﺑﺤﻴـﺚ ـﻞ ﺑﻠــﺪ ﺁﺛــﺎﺭ ﻭ ٕﺍﺷــﺎﺭﺍﺕ ﻭﺩﻻﻻﺕ ﻭﻋﻼﻣــﺎﺕ ﻣــﻦ ﺃﻧّــﻪ ﻗــﺪ ﻇﻬــﺮﺕ ﻣــﻦ ﻛـ ّ
ﻼﻫﻮﺗﻴّﺔ .ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺭﺷﺤﺎﺕ ﻋﻠﻤﻴّـﺔ ﻣـﻦ ﺫﻟـﻚ ﺍﻟﺒﺤـﺮ، ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟ ّ ﺗﻠﻚ ّ
ﺑﺤــﺮ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ﺍﻟﻠّــﺪﻧّﻲ ،ﻗــﺪ ﺃﺣﺎﻃــﺖ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨــﺎﺕ ،ﻣــﻊ ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴــﻊ
ـﻞ ﺑﻠـ ــﺪ ﻭﻣﺪﻳﻨـ ــﺔ ﻗـ ــﺪ ﻗـ ــﺎﻣﻮﺍ ﻋﻠـ ــﻰ ﺭ ّﺩﻫـ ــﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤـ ــﺎء ﻭﺃﻋـ ـ ّـﺰﺓ ﺍﻟﻘـ ــﻮﻡ ﻓـ ــﻲ ﻛـ ـ ّ
ﻭﺍﻟﻈﻠــﻢ ﻋﻠــﻰ ﺩﻓﻌﻬــﻢ .ﻭﻛــﻢ ﻣــﻦ ـﻞ ﻭﺍﻟﺤــﺴﺪ ّ ﻭﻣــﻨﻌﻬﻢ ،ﻭﺷـ ّـﺪﻭﺍ ﺃﺯﺭ ﺍﻟﻐـ ّ ﺍﻟﻈﻠــﻢ ،ﻣــﻊ ﺃﻧّﻬــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﺟــﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻌــﺪﻝ. ﻧﻔــﻮﺱ ﻗﺪﺳ ـﻴّﺔ ﻗﺘﻠﻮﻫــﺎ ﺑﺘﻬﻤــﺔ ّ
ﻻ ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻫﻴﺎﻛﻞ ﺍﻟ ّﺮﻭﺡ ﻗﺪ ﺃﻫﻠﻜﻮﻫﺎ ﺑﺄﺷﺪ ﺍﻟﻌـﺬﺍﺏ ،ﻭﻣـﺎ ﺑـﺪﺍ ﻣﻨﻬـﺎ ٕﺍ ّ ّ
ـﻞ ﻭﺍﺣ ــﺪ ﻣ ــﻦ ﺃﻭﻟﺌ ــﻚ ـﻞ ﻫ ــﺬﺍ ﻛ ــﺎﻥ ﻛ ـ ّ ﺧ ــﺎﻟﺺ ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﻭﺍﻟﻌﻤ ــﻞ .ﻭﻣ ــﻊ ﻛ ـ ّ
ﻻ ﺑﺬﻛﺮ ﺍﻪﻠﻟ ٕﺍﻟـﻰ ﺍﻟـﻨّﻔﺲ ﺍﻻٔﺧﻴـﺮ ،ﻭﻃـﺎﺋ ًﺮﺍ ﻓـﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺫﺍﻛ ًﺮﺍ ﻭﻣﺸﻐﻮ ً
ﻫــﻮﺍء ﺍﻟﺘّــﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟ ّﺮﺿــﺎ .ﻭﻗــﺪ ﺃﺛّ ـﺮ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩﺍﺕ ﻭﺗــﺼﺮﻑ ﻓﻴﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ ﻧﺤــﻮ ﻟــﻢ ﻳﻜــﻦ ﻟﻬــﻢ ﻣــﺮﺍﺩ ﻏﻴــﺮ ٕﺍﺭﺍﺩﺗــﻪ ،ﻭﻟــﻢ ﻳﺒﻐــﻮﺍ ﺃﻣ ـ ًﺮﺍ ﻏﻴــﺮ ﺃﻣــﺮﻩ.
ﺭﺿﻮﺍ
١٩٨
ﺑﺮﺿﺎﺋﻪ ،ﻭﻫﺎﻣﺖ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻻﻣﻜــﺎﻥ ﻣﺜــﻞ ﻫــﺬﻩ ﻜ ـﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻗﻠــﻴ ً ﻓﻔ ّ ﻼ .ﻫــﻞ ﻇﻬــﺮ ﻣــﻦ ﺃﺣــﺪ ﻓــﻲ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻤﻨﺰﻫ ــﺔ ،ﻭﺍﻟﻨّﻔ ــﻮﺱ ﻻﺣﺎﻃ ــﺔ؟ ﻓ ــﺈ ّﻥ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻘﻠ ــﻮﺏ ﺍﻟﻘ ــﺪﺭﺓ ﻭﺍ ٕ ّ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺳــﺔ ،ﻗــﺪ ﺃﺳــﺮﻉ ٕﺍﻟــﻰ ﻣــﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻘــﻀﺎء ﺑﻜﻤــﺎﻝ ﺍﻟ ّﺮﺿــﺎ .ﻭﻣــﺎ ﻇﻬــﺮ ّ
ـﺸﻜﺮﺍﻥ ،ﻭﻣــﺎ ﺷــﻮﻫﺪ ﻣﻨﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻣــﻮﺍﻃﻦ ـﺸﻜﺎﻳﺔ ٕﺍ ّ ﻻ ﺍﻟـ ّ ﻣﻨﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻣﻮﺍﻗــﻊ ﺍﻟـ ّ
ﻻ ﺍﻟ ّﺮﺿــﺎء .ﻭﻟــﻴﺲ ﺑﺨـ ٍ ـﻞ ﻭﺍﻟــﺒﻐﺾ ـﺎﻑ ﻋﻠــﻰ ﺃﺣــﺪ ﻣﻘــﺪﺍﺭ ﺍﻟﻐـ ّ ﺍﻟــﺒﻼء ٕﺍ ّ ﻻﺻـﺤﺎﺏ ﻻﺭﺽ ﻧﺤﻮ ﻫـﺆﻻء ﺍ ٔ ﻛﻞ ﺃﻫﻞ ﺍ ٔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﺍﻟّﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻈﻬﺮﻩ ّ
ﺍﻟﻄﻠﻌــﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳ ـﻴّﺔ ﺑﺪﺭﺟــﺔ ﺃﻧّﻬــﻢ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌـ ّـﺪﻭﻥ ﺍﻻٔﺫﻳّــﺔ ﻭﺍﻻٔﺫﻯ ﻟﺘﻠــﻚ ّ
ـﺪﻱ .ﻭﻫـﻞ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳّﺔ ﻋﻠّﺔ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﻭﺍﻟﻨّﺠـﺎﺓ ،ﻭﺳـﺒ ًﺒﺎ ﻟﻠﻔـﻼﺡ ﻭﺍﻟﻨّﺠـﺎﺡ ﺍ ٔ ﻻﺑ ّ ﺃﻱ ﺗ ــﺎﺭﻳﺦ ﻣ ــﻦ ﻋﻬ ــﺪ ﺁﺩﻡ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺍﻻٓﻥ ﻣﺜ ــﻞ ﻫ ــﺬﻩ ﻭﻗ ــﻊ ﻓ ــﻲ ﺍﻟ ــﺒﻼﺩ ﻓ ــﻲ ّ ـﻞ ﻫـﺬﻩ ـﻀﻮﺿﺎء؟ ﻭﻣـﻊ ﻛ ّ ﺍﻟﻐﻮﻏﺎء؟ ﻭﻫﻞ ﻇﻬﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ ﻣﺜـﻞ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟ ّ
ﻻﻳـﺬﺍء ﻓـﺈﻧّﻬﻢ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻋﺮﺿـﺔ ﻟﻠﻌـﻦ ﻣـﻦ ﺟﻤﻴـﻊ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ،ﻭﻫـﺪ ًﻓﺎ ﺍﻻٔﺫﻳّﺔ ﻭﺍ ٕ ـﺼﺒﺮ ﻗـ ــﺪ ﻇﻬـ ــﺮ ﻓـ ــﻲ ﻋـ ــﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜـ ــﻮﻥ ﻣـ ــﻦ ﻟﻤﻼﻣـ ــﺔ ﻛـ ـ ّ ـﻞ ﺍﻟﻌﺒـ ــﺎﺩ .ﻛـ ــﺄ ّﻥ ﺍﻟـ ـ ّ ﺍﺻﻄﺒﺎﺭﻫﻢ ،ﻭﺍﻟﻮﻓﺎء ﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﻓﻲ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻢ
ﻜﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺄﻥ ﺗﻔ ّ
١٩٩
ﺗﻄﻠ ـ ــﻊ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻋﻈﻤ ـ ــﺔ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛ ـ ــﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﺎﻳ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟ ـ ــﻮﺍﺭﺩﺓ ،ﺣﺘّ ـ ــﻰ ّ
ﻭﺳــﻤ ّﻮﻩ ،ﻛــﻲ ﻳــﻨﻔﺦ ﻓــﻲ ﻭﺟــﻮﺩ ﻙ ﺭﻭﺡ ﺍﻻﻃﻤﺌﻨــﺎﻥ ﺑﻌﻨﺎﻳــﺔ ﺍﻟ ـ ّﺮﺣﻤﻦ، ـﻞ ﻫـ ــﺬﻩ ﻻﻳﻘـ ــﺎﻥ .ﻭﻋـ ــﻼﻭﺓ ﻋﻠـ ــﻰ ﻛـ ـ ّ ﻭﺗﺠﻠـ ــﺲ ﻭﺗـ ــﺴﺘﺮﻳﺢ ﻋﻠـ ــﻰ ﺳـ ــﺮﻳﺮ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻤﻄﺎﻟــﺐ ﺍﻟﻤﻘـ ّﺮﺭﺓ ،ﻭﺍﻟـ ّـﺪﻻﺋﻞ ﺍﻟﻤــﺬﻛﻮﺭﺓ ،ﻓــﺎﻪﻠﻟ ﺍﻻٔﺣــﺪ ﻟــﺸﺎﻫﺪ ﺑﺄﻧّــﻚ
ﻜـ ـﺮ ﻣﻠﻴ ــﺎ ﻟﺘ ــﺮﻯ ﺃ ﻥ ٕﺍﻧﻜ ــﺎﺭ ﺃﻫ ــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻭﺳـ ـﺒﻬﻢ ﻫ ــﺬﺍ ،ﻭﻟﻌ ــﻨﻬﻢ ﻟ ــﻮ ﺗﻔ ّ
ﻟﻬ ــﺆﻻء ﺍﻟﻔ ــﻮﺍﺭﺱ ،ﻓ ــﻮﺍﺭﺱ ﻣﻴ ــﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘّ ــﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻻﻧﻘﻄ ــﺎﻉ ،ﻟﻬ ــﻮ ﺃﻋﻈ ــﻢ ﻜ ـﺮ ﻓــﻲ ﺣﺠــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺃﺣ ّﻘﻴّ ـﺘﻬﻢ .ﻭ ٕﺍﻧّــﻚ ﻓــﻲ ﺃﻳّ ـﺔ ﻟﺤﻈــﺔ ﺗﺘﻔ ّ ﺩﻟﻴــﻞ ﻭﺃﻛﺒــﺮ ّ
ﻭﺍﻟﺠﻬـ ـﺎﻝ ﺗ ــﺰﺩﺍﺩ ﺍﻋﺘﺮﺍﺿ ــﺎﺕ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤ ــﺎء ﻭﺍﻟﻔ ــﻀﻼء ّ ـﻞ ﻣــﺎ ﻗـﺪ ﻭﻗــﻊ ﻗـﺪ ﺃﺧﺒــﺮ ـﻮﺧﺎ ﻭﺗﻤﻜﻴ ًﻨـﺎ ﻓــﻲ ﻫـﺬﺍ ﺍﻻٔﻣــﺮ .ﻻٔ ّﻥ ﻛ ّ ﺛﺒﻮ ًﺗـﺎ ﻭﺭﺳـ ً ﻻﺯﻟﻴّﺔ ﻻﺣﻜﺎﻡ ﺍ ٔ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻠّﺪﻧﻲ ،ﻭﻣﻬﺎﺑﻂ ﺍ ٔ ّ
ﻭﻟﻮ ﺃ ﻥ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒـﺪ ﻻ ﻳﺮﻳـﺪ ﺃﻥ ﻳـﺬﻛﺮ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳـﺚ ﺍﻟّﺘـﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻣـﻦ
ﻗﺒـ ــﻞ ،ﻭﻟﻜـ ــﻦ ﻧﻈ ـ ـ ًﺮﺍ ﻟﻤﺤﺒّ ـ ـﺔ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠﻨـ ــﺎﺏ ﻧﺘﻠـ ــﻮ ﻋﻠﻴـ ــﻚ ﺑـ ــﻀﻌﺔ ﻣـ ــﻦ
ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳــﺎﺕ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺗﻨﺎﺳــﺐ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘــﺎﻡ ﻣــﻊ ﺃﻧّــﻪ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻻ ﺣﺎﺟــﺔ ـﻞ ﻣ ـ ــﺎ ﻗ ـ ــﺪ ﺫﻛ ـ ــﺮ ﻳﻜﻔ ـ ــﻲ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻭﻣ ـ ــﻦ ﻋﻠﻴﻬ ـ ــﺎ .ﻭﻓ ـ ــﻲ ﻟ ـ ــﺬﻛﺮﻫﺎ ﻻٔ ّﻥ ﻛ ـ ـ ّ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘ ــﺔ ﻗ ــﺪ ﺫﻛ ــﺮﺕ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺍﻟﻜﺘ ــﺐ ﻭﺃﺳ ــﺮﺍﺭﻫﺎ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻟﻤﺨﺘ ــﺼﺮ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻮ ﻳﺘﺄ ّﻣﻞ ﺃﺣﺪ ﻗﻠﻴ ً ﻣﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍ ٕ ﻼ ﻟﻴﺪﺭ ﻙ ّ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﺍﻻٔﻣﻮﺭ ّ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻣﻦ ﺫﺍ ﻙ ّ
٢٠٠
ﻛﻞ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺷـﺄﻥ ﻭﺍﺣـﺪ ،ﻭﻻ ﻣـﻦ ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ّ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ .ﻭﻟﻜﻦ ّ ّ ﺭﺗﺒ ــﺔ ﻭﺍﺣ ــﺪﺓ ،ﻟﻬ ــﺬﺍ ﻧ ــﺬﻛﺮ ﺑ ــﻀﻌﺔ ﻣ ــﻦ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳ ــﺚ ﺣﺘّ ــﻰ ﻳﻜ ــﻮﻥ ﺳ ــﺒ ًﺒﺎ
ﻻﺳــﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻻٔﻧﻔــﺲ ﺍﻟﻤﺘﺰﻟﺰﻟــﺔ ﻭﺍﻃﻤﺌﻨــﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘــﻮﻝ ﺍﻟﻤــﻀﻄﺮﺑﺔ ،ﻭﻛــﺬﻟﻚ
ﻻﻟﻬﻴّ ـ ــﺔ ﺗﺎ ّﻣ ـ ـ ـﺔ ﻭﺑﺎﻟﻐ ـ ــﺔ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺍﻟﻌﺒ ـ ــﺎﺩ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻻٔﻋ ـ ــﺎﻟﻲ ﻟﺘﻜ ـ ــﻮﻥ ﺍﻟﺤﺠ ـ ــﺔ ﺍ ٕ ّ ﻭﺍﻻٔﺩﺍﻧﻲ
ﻓﻤﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟـﻮﺍﺭﺩﺓ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺤـﺪﻳﺚ ﺣﻴـﺚ ﻳﻘـﻮﻝ ) ٕﺍﺫﺍ
ـﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻐ ــﺮﺏ( .ﻓ ــﺎﻻٓﻥ ﻳﻨﺒﻐ ــﻲ ﺃﻥ ﻇﻬ ــﺮﺕ ﺭﺍﻳ ــﺔ ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖ ﻟﻌﻨﻬ ــﺎ ﺃﻫ ــﻞ ﺍﻟ ـ ّ ﻼ ﻣـﻦ ﺻـﻬﺒﺎء ﺍﻻﻧﻘﻄـﺎﻉ ﻭﺍﻻﺳـﺘﻘﺮﺍﺭ ﻋﻠـﻰ ﺭﻓـﺮﻑ ﺍﻻﻣﺘﻨـﺎﻉ ﺗﺮﺗﺸﻒ ﻗﻠـﻴ ً
ﻜ ـﺮ ﺳــﺎﻋﺔ ﺧﻴــﺮ ﻣــﻦ ﻋﺒــﺎﺩﺓ ﺳــﺒﻌﻴﻦ ﺳــﻨﺔ( ﻭﺃﻥ ﻳﻜــﻮﻥ ﻧــﺼﺐ ﺍﻟﻌــﻴﻦ )ﺗﻔ ّ
ـﻞ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ـﺸﻨﻴﻊ ،ﻓـﻲ ﺃ ﻥ ﻛ ّ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺒﻴّﻦ ﻟـﻚ ﻣـﺎ ﻫـﻮ ﺳـﺒﺐ ﻫـﺬﺍ ﺍﻻٔﻣـﺮ ﺍﻟ ّ ﻭﺍﻟﻄﻠـﺐ ﻟﻠﺤ ّـﻖ ﻳﻠﻌﻨـﻮﻥ ﺃﻫـﻞ ﺍﻟﺤ ّـﻖ ﺑﻌـﺪ ﻇﻬـﻮﺭﻩ ـﺐ ّ ﻣﻊ ٕﺍﻇﻬـﺎﺭﻫﻢ ﺍﻟﺤ ّ
ـﺴﺒﺐ ﻫ ــﻮ ﻧ ــﺴﺦ ﻛﻤ ــﺎ ﻳ ــﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣ ــﻦ ﺍﻟﺤ ــﺪﻳﺚ ﻭﻫ ــﺬﺍ ﻭﺍﺿ ــﺢٕ .ﺍﺫ ﺃ ﻥ ﺍﻟ ـ ّ
ـﻞ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ. ﺍﻟﻘﻮﺍﻋ ــﺪ ﻭﺍﻟ ّﺮﺳ ــﻮﻡ ﻭﺍﻟﻌ ــﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻻٓﺩﺍﺏ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺗﻘﻴّـ ـﺪ ﺑﻬ ــﺎ ﻛ ـ ّ ﻻ ﻟــﻮ ﺃ ﻥ ﺟﻤــﺎﻝ ﺍﻟـ ّﺮﺣﻤﻦ ﻳــﺴﻴﺮ ﺣــﺴﺐ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟ ّﺮﺳــﻮﻡ ﻭﺍﻻٓﺩﺍﺏ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻭ ٕﺍ ّ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ،ﻭﻳﺼﺪﻗﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻼ ﻳﻜـﻮﻥ ﻫﻨـﺎ ﻙ ﺩﺍﻉ
ﻭﻣﻤــﺎ ﻳﺜﺒــﺖ ﻫــﺬﺍ ﻟﻈﻬــﻮﺭ ﻛـ ّ ـﻞ ﻫــﺬﺍ ﺍﻻﺧــﺘﻼﻑ ﻭﺍﻟﻔــﺴﺎﺩ ﻓــﻲ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟــﻚ ّ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻭﻳﺼﺪﻗﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ّ
٢٠١
ﻜ ٍﺮ﴾ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻳ ْﻮ َﻡ َﻳ ْﺪ ُﻉ ﺍﻟﺪ ِﺍﻉ ﺍ َﻟﻰ َﺷﻲٍء ﻧُ ْ
)(١
ﻟﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻣﻨﺎﺩﻱ ﺍﻻٔﺣﺪﻳّﺔ ،ﻣـﻦ ﻭﺭﺍء ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ٕﺍﻧّﻪ ّ
ﻋﻤـﺎ ﻓـﻲ ﺃﻳـﺪﻳﻬﻢ ﻭﺣﻴـﺚ ﺃ ﻥ ﺍﻟﺤﺠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺘّـﺎﻡ ّ ﻛﻞ ﻫـﺬﺍ ﺍﻻﻓﺘﺘـﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺪﺍء ﺍ ﻻﻟﻬﻲ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻻٔﻫﻮﺍﺋﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻈﻬﺮ ّ ٕ ّ ﺃﺑﺪﺍ ﻫـﺬﻩ ﻭﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ .ﻭﺍﻻٓﻥ ﺍﻧﻈﺮ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻛﻴﻒ ﺃﻧّﻬﻢ ﻻ ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ً
ـﺴﻜﻮﻥ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳ ــﺚ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻇﻬ ــﺮﺕ ﺟﻤﻴﻌﻬ ــﺎ ،ﻭﻟﻜ ــﻨﻬﻢ ﻳﺘﻤ ـ ّ ـﺤﺘﻬﺎ ﻣـﻦ ﺳـﻘﻤﻬﺎ ،ﻭﻳﻘﻮﻟـﻮﻥ ﻋﻨﻬـﺎ ﻟﻤـﺎﺫﺍ ﺑﺎ ٔ ﻻﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟّﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﻠـﻢ ﺻ ّ
ـﻀﺎ ﻗــﺪ ﻇﻬــﺮ ﻭﺑﻬــﺮ ،ﻭﻻﺣــﺖ ﻟــﻢ ﺗﻈﻬــﺮ؟ ﻭﺍﻟﺤــﺎﻝ ٕﺍ ﻥ ﻣــﺎ ﻟــﻢ ﻳﺘﻌ ّﻘﻠــﻮﻩ ﺃﻳـ ً
ـﺴﻤﺎء .ﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ﺑﻘــﻲ ـﺸﻤﺲ ﻓــﻲ ﻭﺳــﻂ ﺍﻟـ ّ ﺁﺛــﺎﺭ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭﻋﻼﻣﺎﺗــﻪ ﻛﺎﻟـ ّ
ﺍﻟﻌﺒ ـ ــﺎﺩ ﻫ ـ ــﺎﺋﻤﻴﻦ ﻓ ـ ــﻲ ﺗﻴ ـ ــﻪ ﺍﻟﺠﻬ ـ ــﻞ ﻭﺍﻟﻌﻤـ ــﻰ .ﻭﺑ ـ ــﺎﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻻٓﻳ ـ ــﺎﺕ ـﺪﻝ ﺟﻤﻴﻌﻬ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻧﻴّ ــﺔ ﺍﻟﻌﺪﻳ ــﺪﺓ ،ﻭﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤ ّﻘﻘ ــﺔ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺗ ـ ّ
ﺷﺮﻉ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﺣﻜﻢ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺪﻳﻊ ،ﻓﺈﻧّﻬﻢ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﺑـﺄ ّﻥ
ﻃﻠﻌــﺔ ﺍﻟﻤﻮﻋــﻮﺩ ﻳﺤﻜــﻢ ﻋﻠــﻰ ﻭﻓــﻖ ﺷــﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗــﺎﻥ ،ﻛﻤــﺎ ﻳﻘــﻮﻝ ﺍﻟﻴﻬــﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨّﺼﺎﺭﻯ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻤﺮ.
٢٠٢
ـﺸﺮﻉ ﺍﻟﺠﺪﻳ ـ ــﺪ ﻭﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮ ﻭﻣ ـ ــﻦ ﺟﻤﻠ ـ ــﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤ ـ ــﺎﺕ ّ ﺍﻟﺪﺍﻟّـ ـ ـﺔ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﻼﻣـﺎﻡ ﻋﻠـﻲ ﺍﻟّﺘـﻲ ﺗﻘـﻮﻝ) :ﺃﻳـﻦ ﺍﻟﻤ ّـﺪﺧﺮ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ،ﻓﻘﺮﺍﺕ ﺩﻋﺎء ﺍﻟﻨّﺪﺑـﺔ ﻟ ٕ
ـﺸﺮﻳﻌﺔ( ـﺴﻨﻦ ﻭﺃﻳ ــﻦ ﺍﻟﻤﺘﺨﻴّـ ـﺮ ٕ ﻻﻋ ــﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻠّـ ـﺔ ﻭﺍﻟ ـ ّ ﻟﺘﺠﺪﻳ ــﺪ ﺍﻟﻔ ــﺮﺍﺋﺾ ﻭﺍﻟ ـ ّ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ(. ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﻳﻘﻮﻝ ً ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ) ّ ّ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻲ ّ
ُﺳـ ــِٔﻞ ﺃﺑـ ــﻮ ﻋﺒـ ــﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﻋـ ــﻦ ﺳـ ــﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻬـ ــﺪﻱ ﻛﻴـ ــﻒ ﺳـ ــﻴﺮﺗﻪ ﻗـ ــﺎﻝ :
)ﻳﺼﻨﻊ ﻣﺎ ﺻﻨﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻳﻬﺪﻡ ﻣﺎ ﻛـﺎﻥ ﻗﺒﻠـﻪ ﻛﻤـﺎ ﻫـﺪﻡ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴّﺔ(
ﻓــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻛﻴــﻒ ﺃﻧّــﻪ ﻣــﻊ ﻭﺟــﻮﺩ ﺃﻣﺜــﺎﻝ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳــﺎﺕ ،ﻛــﻢ ﻣــﻦ
ﺍﺳ ـ ــﺘﺪﻻﻻﺕ ﻳ ـ ــﺴﺘﺪﻟّﻮﻥ ﺑﻬ ـ ــﺎ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻋ ـ ــﺪﻡ ﺗﻐﻴﻴ ـ ــﺮ ﺍﻻٔﺣﻜ ـ ــﺎﻡ .ﻣ ـ ــﻊ ﺃ ﻥ
ـﻞ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟﺘّﻐﻴﻴ ــﺮ ﻭﺍﻟﺘّﺒ ــﺪﻳﻞ ﻓ ــﻲ ﺃﺭﻛ ــﺎﻥ ﺍﻟﻌ ــﺎﻟﻢ ﺳـ ـ ﺮﺍ ﺍﻟﻤﻘ ــﺼﻮﺩ ﻣ ــﻦ ﻛ ـ ّ
ـﺄﻱ ﻭﺟﻬـ ـ ًﺮﺍ ،ﻭﻇ ــﺎﻫ ًﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃ ًﻨ ــﺎٕ .ﺍﺫ ﺃﻧّ ــﻪ ﻟ ــﻮ ﻟ ــﻢ ﻳﺘﻐﻴّـ ـﺮ ﺃﻣ ــﻮﺭﺍﺕ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺑ ـ ّ ﻼ .ﻭﻣـﻊ ﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻓﺈ ّﻥ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻜﻠّﻴّﺔ ﻳﻜـﻮﻥ ﻟﻐـ ًﻮﺍ ﻭﺑـﺎﻃ ً ﺃﻧّـ ــﻪ ﻳﻘـ ــﻮﻝ ﻓـ ــﻲ ﻛﺘـ ــﺎﺏ ﺍﻟﻌـ ــﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟّـ ــﺬﻱ ﻫـ ــﻮ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻜﺘـ ــﺐ ﺍﻟﻤـ ــﺸﻬﻮﺭﺓ
ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ )ﻳﻈﻬﺮ ﻣـﻦ ﺑﻨـﻲ ﻫﺎﺷـﻢ ﺻـﺒﻲ ﺫﻭ ﻛﺘـﺎﺏ ﻭﺃﺣﻜـﺎﻡ ﺟﺪﻳـﺪ( ّ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺃﻥ ﻗ ــﺎﻝ) :ﻭﺃﻛﺜ ــﺮ ﺃﻋﺪﺍﺋ ــﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤ ــﺎء( .ﻭﻓ ــﻲ ﻣﻘ ــﺎﻡ ﺁﺧ ــﺮ ﻳ ــﺬﻛﺮ ﻋ ــﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺑﻦ ّ ّ
٢٠٣
ﺃﻧّــﻪ ﻗــﺎﻝ) :ﻭﻟﻘــﺪ ﻳﻈﻬــﺮ ﺻــﺒﻲ ﻣــﻦ ﺑﻨــﻲ ﻫﺎﺷــﻢ ،ﻭﻳــﺄﻣﺮ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﺑﺒﻴﻌﺘــﻪ. ّ ﻭﻫ ــﻮ ﺫﻭ ﻛﺘ ــﺎﺏ ﺟﺪﻳ ــﺪ ،ﻳﺒ ــﺎﻳﻊ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﺑﻜﺘ ــﺎﺏ ﺟﺪﻳ ــﺪ ﻋﻠ ــﻰ ﺍﻟﻌ ــﺮﺏ
ﺷــﺪﻳﺪ .ﻓــﺈﻥ ﺳــﻤﻌﺘﻢ ﻣﻨــﻪ ﺷــﻴﺎ ﻓﺄﺳــﺮﻋﻮﺍ ٕﺍﻟﻴــﻪ( .ﻓﻤــﺎ ﺃﺣــﺴﻦ ﺍﺗّﺒــﺎﻋﻬﻢ
ﻟﻮﺻ ـﻴّﺔ ﺃﺋﻤــﺔ ﺍﻟـ ّـﺪﻳﻦ ﻭﺳــﺮﺝ ﺍﻟﻴﻘــﻴﻦ ﻣــﻊ ﺃﻧّــﻪ ﻳﻘــﻮﻝٕ ) :ﺍﺫﺍ ﺳــﻤﻌﺘﻢ ﺑ ــﺄ ّﻥ ﺷﺎﺑﺎ ﻣـﻦ ﺑﻨـﻲ ﻫﺎﺷـﻢ ﻗـﺪ ﻇﻬـﺮ ﻭﻳـﺪﻋﻮ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ٕﺍﻟـﻰ ﻛﺘـﺎﺏ ٕﺍﻟﻬـﻲ ﺟﺪﻳـﺪ ّ ﻭﺃﺣﻜــﺎﻡ ﺑﺪﻳﻌــﺔ ﺭﺑّﺎﻧﻴّــﺔ ،ﻓﺄﺳــﺮﻋﻮﺍ ٕﺍﻟﻴــﻪ( .ﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ﻗــﺪ ﺣﻜــﻢ ﺍﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻻﻳﻤــﺎﻥ. ﻻﻣﻜــﺎﻥ ،ﺑــﺎﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﺨــﺮﻭﺝ ﻣــﻦ ﺍ ٕ ـﺴﻴّﺪ ،ﺳ ـﻴّﺪ ﺍ ٕ ﻋﻠــﻰ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟـ ّ
ﻻ ﻭﻣـ ـ ــﺎ ﺫﻫﺒـ ـ ــﻮﺍ ٕﺍﻟـ ـ ــﻰ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﻨّ ـ ــﻮﺭ ﺍﻟﻬﺎﺷـ ـ ــﻤﻲ ّ ـﺴﺒﺤﺎﻧﻲٕ ،ﺍ ّ ﻭﺍﻟﻈﻬـ ـ ــﻮﺭ ﺍﻟـ ـ ـ ّ ّ ّ ـﻀﺎ ﻛﻴـﻒ ـﻢ ﻻﺣﻈـﻮﺍ ﺃﻳ ً ﺑﺴﻴﻮﻑ ﻣﺴﻠﻮﻟﺔ ،ﻭﻗﻠـﻮﺏ ﻃﺎﻓﺤـﺔ ﺑﺎﻟﺒﻐـﻀﺎء .ﺛ ـﺼﺮﺍﺣﺔ .ﻭﻣـ ــﻊ ﺃ ﻥ ﻋـ ــﺪﺍﻭﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤـ ــﺎء ﻣـ ــﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓـ ــﻲ ﺍﻟﻜﺘـ ــﺐ ﺑﻤﻨﺘﻬـ ــﻰ ﺍﻟـ ـ ّ
ﻻﺷ ـ ــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﺍﺿ ـ ــﺤﺔ ﻭﺟ ـ ــﻮﺩ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳ ـ ــﺚ ّ ﺍﻟﻈ ـ ــﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻟّ ـ ــﺔ ،ﻭﺍ ٕ ـﺼﺎﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤ ّﻘﻘ ــﺔ ،ﻓ ــﺈ ّﻥ ﺟﻤﻴ ــﻊ ﺍﻟﻨّ ــﺎﺱ ﻗ ــﺪ ﺃﻋﺮﺿ ــﻮﺍ ﻋ ــﻦ ﺍﻟﺠ ــﻮﻫﺮ ﺍﻟ ـ ّ
ﻭﺍﻟﻄﻐﻴــﺎﻥ .ﻭﻣــﻊ ﻫــﺬﻩ ـﻀﻼﻟﺔ ّ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓــﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ،ﻭﺃﻗﺒﻠــﻮﺍ ٕﺍﻟــﻰ ﻣﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳ ــﺎﺕ ﺍﻟ ــﻮﺍﺭﺩﺓ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤ ــﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟ ــﺔ ،ﻓ ــﺈﻧّﻬﻢ ﻳﺘﻜﻠّﻤ ــﻮﻥ ﺑﻤ ــﺎ ﺗﻬ ــﻮﻯ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺨﺎﻟ ًﻔﺎ ﻻٔﻫـﻮﺍء ﻫـﺬﻩ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ .ﻭﻟﻮ ﻳﻨﻄﻖ ﺟﻮﻫﺮ ّ
ﺍﻟﻔﺌــﺔ ،ﻭﻣــﺎ ﻓــﻲ ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ،ﻓــﺈﻧّﻬﻢ ﻳﻜﻔِّﺮﻭﻧــﻪ ﻓــﻲ ﺍﻟﺤــﺎﻝ ﻭﻳﻘﻮﻟــﻮﻥ ﺑــﺄ ّﻥ
ﺃﺋﻤـﺔ ﺍﻟ ّـﺪﻳﻦ ،ﻭﺫﻭﻱ ﺍﻟﻨّـﻮﺭ ﺍﻟﻤﺒـﻴﻦ .ﻭ ٕﺍﻧّـﻪ ﻣـﺎ ﺻـﺪﺭ ﻫﺬﺍ ﻣﺨـﺎﻟﻒ ﻟﻘـﻮﻝ ّ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﺘﻴﻦ ﺃﻣﺮ ﻭﺣﻜﻢ ﻛﻬﺬﺍ، ﻓﻲ ّ
٢٠٤
ﻛﻤــﺎ ﻇﻬــﺮ ﻭﻳﻈﻬــﺮ ﺍﻟﻴــﻮﻡ ﻣــﻦ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻬﻴﺎﻛــﻞ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴــﺔ ﺃﻣﺜــﺎﻝ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﻗــﻮﺍﻝ
ﺍﻟّﺘﻲ ﻻ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻓﻴﻬﺎ
ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻻٔﺧـﺮﻯ ﻛﻴـﻒ ﺃﻧّﻬـﻢ ﻗـﺪ ﺃﺧﺒـﺮﻭﺍ ﻋـﻦ
ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻣﻮﺭ ﻗﺒﻞ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻻٔﺭﺑﻌـﻴﻦ )ﻳﻈﻬـﺮ ﻣــﻦ ﺑﻨــﻲ ﻫﺎﺷــﻢ ﺻــﺒﻲ ،ﺫﻭ ﺃﺣﻜــﺎﻡ ﺟﺪﻳــﺪﺓ ﻓﻴــﺪﻋﻮ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻭﻟــﻢ ﻳﺠﺒــﻪ ّ ﺃﺣﺪ .ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺃﻋﺪﺍﺋﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء .ﻓﺈﺫﺍ ﺣﻜﻢ ﺑﺸﻲء ﻟﻢ ﻳﻄﻴﻌﻮﻩ .ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﺋﻤ ـﺔ ﺍﻟـ ّـﺪﻳﻦ(ٕ .ﺍﻟــﻰ ﺁﺧــﺮ ﺍﻟﺤــﺪﻳﺚ .ﻛﻤــﺎ ﻫــﺬﺍ ﺧــﻼﻑ ﻣــﺎ ﻋﻨــﺪﻧﺎ ﻣــﻦ ّ
ﻳﻌﻴ ــﺪ ﺍﻟﺠﻤﻴ ــﻊ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤ ــﺎﺕ ﻭﻫ ــﻢ ﻻ ﻳ ــﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑ ــﺄ ّﻥ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ
ﺟــﺎﻟﺲ ﻋﻠــﻰ ﻋــﺮﺵ ﻳﻔﻌــﻞ ﻣــﺎ ﻳــﺸﺎء ،ﻭﻣــﺴﺘﻘ ّﺮ ﻋﻠــﻰ ﻛﺮﺳــﻲ ﻳﺤﻜــﻢ ﻣــﺎ ّ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻱ ﻣ ــﺪﺭ ﻙ ﻭﻗ ــﺪﺭ ﺃﻣ ــﺮﻩ ﻻ ٕﺍ ّﻥ ﻛﻴﻔﻴّ ــﺔ ﻇﻬ ــﻮﺭﻩ ﻻ ﻳ ــﺴﺒﻘﻬﺎ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ّ ﺃﻱ ﻋ ــﺎﺭﻑ ،ﻭﺟﻤﻴ ــﻊ ﺍﻻٔﻗ ــﻮﺍﻝ ﻣﻨﻮﻃ ــﺔ ﺑﺘ ــﺼﺪﻳﻘﻪ، ﻳﺤ ــﻴﻂ ﺑ ــﻪ ﻋﺮﻓ ــﺎﻥ ّ
ـﻞ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﻮﺭ ﻣﺤﺘ ـ ــﺎﺝ ﻻٔﻣ ـ ــﺮﻩ ،ﻭﻣ ـ ــﺎ ﺳ ـ ــﻮﺍﻩ ﻣﺨﻠـ ــﻮﻕ ﺑ ـ ــﺄﻣﺮﻩ ،ﻭﻣﻮﺟ ـ ــﻮﺩ ﻭﻛ ـ ـ ّ
ﻻﻟﻬﻴّـ ـ ــﺔ ،ﻭﻣﺒ ـ ـ ـﻴّﻦ ﺍﻟﺤﻜـ ـ ــﻢ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّـ ـ ــﺔ ﺑﺤﻜﻤـ ـ ــﻪ .ﻭﻫـ ـ ــﻮ ﻣﻈﻬـ ـ ــﺮ ﺍﻻٔﺳـ ـ ــﺮﺍﺭ ﺍ ٕ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻴّﺔ ﻛﻤــﺎ ﻭﺭﺩ ﻓــﻲ ﻛﺘــﺎﺏ ﺑﺤــﺎﺭ ﺍﻻٔﻧــﻮﺍﺭ ،ﻭﻓــﻲ ﺍﻟﻌــﻮﺍﻟﻢ ،ﻭﻓــﻲ ﺍﻟـ ّ
ﻣﺤﻤ ــﺪ ﺃﻧّ ــﻪ ﻗ ــﺎﻝ) :ﺍﻟﻌﻠ ــﻢ ﺳ ــﺒﻌﺔ ﻭﻋ ــﺸﺮﻭﻥ ـﺼﺎﺩﻕ ﺑ ــﻦ ّ ﺍﻟﻴﻨﺒ ــﻮﻉ ﻋ ــﻦ ﺍﻟ ـ ّ ﺣﺮ ًﻓﺎ ،ﻓﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺟﺎءﺕ ﺑﻪ ﺍﻟ ّﺮﺳﻞ
٢٠٥
ﺣﺮﻓﺎﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﻌـﺮﻑ ﺍﻟﻨّـﺎﺱ ﺣﺘّـﻰ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ﻏﻴـﺮ ﺍﻟﺤـﺮﻓﻴﻦ .ﻓـﺈﺫﺍ ﻗـﺎﻡ ﻗﺎﺋﻤﻨـﺎ ﺃﺧــﺮﺝ ﺍﻟﺨﻤــﺴﺔ ﻭﺍﻟﻌــﺸﺮﻳﻦ ﺣﺮ ًﻓــﺎ( .ﻓــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻛﻴــﻒ ﺃﻧّــﻪ ﺟﻌــﻞ ﺍﻟﻌﻠــﻢ
ﺳــﺒﻌﺔ ﻭﻋــﺸﺮﻳﻦ ﺣﺮ ًﻓــﺎ .ﻭﺃ ّﻥ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻻٔﻧﺒﻴــﺎء ﻣــﻦ ﺁﺩﻡ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﺨــﺎﺗﻢ ﻗــﺪ ﺑﻴّﻨــﻮﺍ ﺣــﺮﻓﻴﻦ ﻣﻨــﻪ ،ﻭﺑﻌﺜــﻮﺍ ﺑﻬــﺬﻳﻦ ﺍﻟﺤــﺮﻓﻴﻦ .ﻭﻳﻘــﻮﻝ ﺑــﺄ ّﻥ ﺍﻟﻘــﺎﺋﻢ ﻳﻈﻬــﺮ
ﺟﻤﻴـﻊ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﺨﻤـﺴﺔ ﻭﺍﻟﻌــﺸﺮﻳﻦ ﺣﺮ ًﻓـﺎ .ﻓـﺎﻋﺮﻑ ﻣــﻦ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴـﺎﻥ ﻣﻘــﺎﻡ ﻛﻞ ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ،ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺃﻋﻠـﻰ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﻭﻗﺪﺭﻩ ،ﻭﻛﻴﻒ ﺃ ﻥ ﻗﺪﺭﻩ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ّ ﺍﻃﻠــﻊ ـﻞ ﺍﻻٔﻭﻟﻴــﺎء .ﻭﺃ ّﻥ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻣــﺎ ّ ﻭﺃﺭﻓــﻊ ﻣــﻦ ﻋﺮﻓــﺎﻥ ﻭ ٕﺍﺩﺭﺍ ﻙ ﻛـ ّ
ﻻﺻــﻔﻴﺎء ،ﺃﻭ ﻣــﺎ ﺃﻇﻬــﺮﻭﻩ ﺑــﺄﻣﺮ ﻣﺒــﺮﻡ ٕﺍﻟﻬــﻲ، ﻻﻭﻟﻴــﺎء ﻭﺍ ٔ ﻻﻧﺒﻴــﺎء ﻭﺍ ٔ ﻋﻠﻴــﻪ ﺍ ٔ ّ ﻣﺜ ـ ــﻞ ﻫ ـ ــﺬﺍ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮ .ﻳﺰﻧ ـ ــﻪ ﻫ ـ ــﺆﻻء ﺍﻟﻬﻤ ـ ــﺞ ﺍﻟ ّﺮﻋ ـ ــﺎﻉ ﺑﻌﻘ ـ ــﻮﻟﻬﻢ ﻭﻋﻠ ـ ــﻮﻣﻬﻢ
ﻭﻣ ـ ــﺪﺍﺭﻛﻬﻢ ﺍﻟﻘﺎﺻ ـ ــﺮﺓ .ﻓ ـ ــﺈﺫﺍ ﻟ ـ ــﻢ ﻳﻄ ـ ــﺎﺑﻖ ﻣ ـ ــﻮﺍﺯﻳﻨﻬﻢ ﻳﺮﻓ ـ ــﻀﻮﻧﻪ﴿ .ﺍ ْ ﻡ
ـﻞ ُﻫـ ْـﻢ ـﺎﻡ َﺑ ْ ﻮﻥ ﺍ ْ ﻭ َﻳ ْﻌ ِﻘ ُﻠـ َ ـﺴ َﻤ ُﻌ َ ﺐ ﺍ ﻥ ﺍ ْ ﻛ َﺜـ َﺮ ُﻫ ْﻢ َﻳ ْ َﺗ ْ ﺤ َ ـﺴ ُ ـﻮﻥ ﺍ ْﻥ ُﻫ ْـﻢ ﺍﻻ َﻛﺎﻻْ ﻧ َﻌ ِ
ﻼ﴾ ﺿ ﻞ َﺳ ِﺒﻴ ً ﺍَ
)(١
ـﺼﺮﻳﺢ ﻓــﻲ ﺃﻱ ﻭﺟــﻪ ﻳﺤﻤﻠــﻮﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺤــﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤ ـﺬﻛﻮﺭ ﺍﻟـ ّ ﻓﻌﻠــﻰ ّ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬـﻮﺭ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟـﺐ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّـﺔ ،ﻭﺍﻻٔﻣـﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌـﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳـﺪﺓ ّ ﻓﻲ ﺃﻳّﺎﻡ ﺣﻀﺮﺗﻪ .ﻭﺃ ّﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻣﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ﺗﺼﺒﺢ
) (١ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ.
٢٠٦
ﺳــﺒ ًﺒﺎ ﻓــﻲ ﺍﺧــﺘﻼﻑ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﺑﺪﺭﺟــﺔ ﻳﺤﻜــﻢ ﺟﻤﻴــﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤــﺎء ﻭﺍﻟﻔﻘﻬــﺎء ـﻞ ﺃﻫ ـ ــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺑﻘﺘ ـ ــﻞ ﺣ ـ ــﻀﺮﺗﻪ ،ﻭﻗﺘ ـ ــﻞ ﺃﺻ ـ ــﺤﺎﺑﻪ .ﻭﻳﻘ ـ ــﻮﻡ ﻛ ـ ـ ّ
ﻣﺨﺎﻟﻔﺘ ــﻪ ﻭﻣﻌﺎﺭﺿ ــﺘﻪ ،ﻛﻤ ــﺎ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﻓ ــﻲ ﻛﺘ ــﺎﺏ ﺍﻟﻜ ــﺎﻓﻲ ،ﻓ ــﻲ ﺣ ــﺪﻳﺚ
ﺟ ــﺎﺑﺮ ﻓ ــﻲ ﻟ ــﻮﺡ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﻭﺻ ــﻒ ﺍﻟﻘ ــﺎﺋﻢ )ﻋﻠﻴ ــﻪ ﻛﻤ ــﺎﻝ ﻣﻮﺳ ــﻰ ﻓﻴﺬﻝ ﺃﻭﻟﻴﺎﺅﻩ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻧﻪ ،ﻭﺗﺘﻬﺎﺩﻯ ﺭﺅﻭﺳـﻬﻢ ﻭﺑﻬﺎء ﻋﻴﺴﻰ ﻭﺻﺒﺮ ﺃﻳّﻮﺏ ّ ﻛﻤــﺎ ﺗﺘﻬــﺎﺩﻯ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺘّــﺮ ﻙ ﻭﺍﻟـ ّـﺪﻳﻠﻢ ،ﻓﻴﻘﺘﻠــﻮﻥ ﻭﻳﺤﺮﻗــﻮﻥ ،ﻭﻳﻜﻮﻧــﻮﻥ
ﺧـ ــﺎﺋﻔﻴﻦ ﻣﺮﻋـ ــﻮﺑﻴﻦ ﻭﺟﻠـ ــﻴﻦ ،ﺗـ ــﺼﺒﻎ ﺍﻻٔﺭﺽ ﺑـ ــﺪﻣﺎﺋﻬﻢ ﻭﻳﻔـ ــﺸﻮ ﺍﻟﻮﻳـ ــﻞ ﻭﺍﻟ ّﺮﻧّﺔ ﻓـﻲ ﻧـﺴﺎﺋﻬﻢ .ﺃﻭﻟﺌـﻚ ﺃﻭﻟﻴـﺎﺋﻲ ﺣ ﻘـﺎ( .ﻓـﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ﻛﻴـﻒ ﺃﻧّـﻪ ﻟـﻢ ـﺸﺮﻳﻒ ﻳﺒﻖ ﺣﺮﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ٕﺍ ّ ﻻ ﻭﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺑﺤﻴﺚ ﺃ ﻥ ﺩﻣﻬـﻢ ﺍﻟ ّ
ـﻞ ﺑﻠـﺪ ،ﻭﺃﺩﺍﺭﻭﺍ ﺑﻬـﻢ ﻓـﻲ ﻗﺪ ﺳﻔﻚ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍ ٔ ﻻﻣـﺎﻛﻦ ﻭﺃﺳـﺮﻭﻫﻢ ﻓـﻲ ﻛ ّ
ـﻀﺎ ﻣــﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨّــﺎﺭ .ﻭﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﻮﻻﻳــﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤــﺪﻥ ﻭﺍﻟﺒﻠــﺪﺍﻥ ﻭﺃﺣﺮﻗــﻮﺍ ﺑﻌـ ً
ـﺸﺮﻳﻌﺔ ﻟ ــﻢ ﻳﻔ ّ ﻜـ ـﺮ ﺃﺣ ــﺪ ﻣ ــﻨﻬﻢ ﺑﺄﻧّ ــﻪ ﻟ ــﻮ ﻛ ــﺎﻥ ﺍﻟﻘ ــﺎﺋﻢ ﺍﻟﻤﻮﻋ ــﻮﺩ ﻳﻈﻬ ــﺮ ﺑﺎﻟ ـ ّ ـﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻭﻳﺒﻌــﺚ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻬــﺎ ،ﻓ ِﻠـ َـﻢ ُﺫﻛ ـ َﺮﺕ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳــﺚ؟ ﻭﻟﻤــﺎﺫﺍ ﺍﻟـ ّ ـﻞ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓــﺎﺕ ،ﺣﺘّــﻰ ﻳﺠﻌﻠــﻮﺍ ﻗﺘــﻞ ﻫــﺆﻻء ﺍﻻٔﺻــﺤﺎﺏ ﺗﻈﻬــﺮ ﻛـ ّ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺳـ ــﺔ ﺳـ ــﺒ ًﺒﺎ ﻟﻠﻮﺻـ ــﻮﻝ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﻭﺍﺟ ًﺒـ ــﺎ ،ﻭﻳﻌـ ـ ّـﺪﻭﻥ ﺃﺫﻳّـ ــﺔ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﺭﻭﺍﺡ ّ ﻣﻌﺎﺭﺝ ﺍﻟﻘﺮﺏ؟
ﻼ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ،ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﺃ ﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻻٔﻣﻮﺭ ﻭﻓﻀ ً
٢٠٧
ﺍﻟ ــﻮﺍﺭﺩﺓ ﻭﺍﻻٔﻓﻌ ــﺎﻝ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟ ــﺔ ﻗ ــﺪ ﺫﻛ ــﺮﺕ ﻣ ــﻦ ﻗﺒ ــﻞ ﻓ ــﻲ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳ ــﺚ ﻛﻤ ــﺎ ﻳﻘــﻮﻝ ﻓــﻲ ﺭﻭﺿــﺔ ﺍﻟﻜــﺎﻓﻲ ﻓــﻲ ﺑﻴــﺎﻥ ﺍﻟـ ّـﺰﻭﺭﺍء :ﻭﻓــﻲ ﺭﻭﺿــﺔ ﺍﻟﻜــﺎﻓﻲ
ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﻭﻫﺐ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻪﻠﻟ ﻗـﺎﻝ) :ﺃﺗﻌـﺮﻑ ﺍﻟ ّـﺰﻭﺭﺍء؟ ﻗﻠـﺖ:
ـﻢ ﻗ ــﺎﻝ :ﺩﺧﻠ ــﺖ ﺟﻌﻠ ــﺖ ﻓ ــﺪﺍ ﻙ ،ﻳﻘﻮﻟ ــﻮﻥ ٕﺍﻧّﻬ ــﺎ ﺑﻐ ــﺪﺍﺩ .ﻗ ــﺎﻝ :ﻻ ﺛ ـ
)(١ ﻭﺍﺏ؟ ﻗﻠـﺖ :ﻧﻌـﻢ .ﻗـﺎﻝ: ﻱ ؟ ﻗﻠﺖ :ﻧﻌﻢ .ﻗﺎﻝ :ﺃﺗﻴﺖ ﺳـﻮﻕ ﺍﻟ ّـﺪ ّ ﺍﻟ ّﺮ ّ
ﺍﻟﻄﺮﻳــﻖ؟ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّـﺰﻭﺭﺍء ﻳﻘﺘــﻞ ﻓﻴﻬــﺎ ﺭﺃﻳــﺖ ﺍﻟﺠﺒــﻞ ﺍﻻٔﺳــﻮﺩ ﻋــﻦ ﻳﻤــﻴﻦ ّ ﻼ ﻣـ ــﻦ ﻭﻟـ ــﺪ ﻓـ ــﻼﻥ ﻛﻠّﻬـ ــﻢ ﻳـ ــﺼﻠﺢ ﻟﻠﺨﻼﻓـ ــﺔ .ﻗﻠـ ــﺖ :ﻣـ ــﻦ ﺛﻤـ ــﺎﻧﻮﻥ ﺭﺟ ـ ـ ً ﻳﻘﺘﻠﻬﻢ؟ ﻗﺎﻝ :ﻳﻘﺘﻠﻬﻢ ﺃﻭﻻﺩ ﺍﻟﻌﺠﻢ(.
ﻫ ــﺬﺍ ﺣﻜ ــﻢ ﺃﺻ ــﺤﺎﺏ ﺣ ــﻀﺮﺗﻪ ﻭﺃﻣ ــﺮﻫﻢ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﺑﻴّﻨ ــﻮﻩ ﻣ ــﻦ ﻗﺒ ــﻞ.
ﻱ. ﻭﺍﻻٓﻥ ﻻﺣﻈ ــﻮﺍ ﺃ ﻥ ﺍﻟ ـ ّـﺰﻭﺭﺍء ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻘ ــﺔ ﻟﻬ ــﺬﻩ ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳ ــﺔ ﻫ ــﻲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟـ ـ ّﺮ ّ
ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻗﺪ ﻗﺘـﻞ ﻫـﺆﻻء ﺍﻻٔﺻـﺤﺎﺏ ﺑﺄﺷ ّـﺪ ﺃﻧـﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌـﺬﺍﺏ. ﻭﻗﺪ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻌﺠﻢ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴّﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣـﺬﻛﻮﺭ ﻓـﻲ
ـﻞ ﺍﻟﺤــﺪﻳﺚ ،ﻭﻛﻤــﺎ ﺳــﻤﻌﺘﻢ ﻭﻋــﺮﻓﺘﻢ ،ﻭﻛﻤــﺎ ﻫــﻮ ﻭﺍﺿــﺢ ﻭﻣﺜﺒــﻮﺕ ﻟﻜـ ّ
ﺍﻟﻌـﺎﻟﻢ ﻭﺍﻻٓﻥ ﻟـﻢ ﻻ ﻳﺘﻔﻜـﺮ ﻫـﺆﻻء ﺍﻟﺨـ ّﺮﺍﻃﻴﻦ ،ﺧـ ّﺮﺍﻃﻴﻦ ﺍﻻٔﺭﺽ ،ﻓـﻲ ـﺸﻤﺲ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﻩ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳ ــﺚ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺗﺤ ّﻘﻘ ــﺖ ﺟﻤﻴﻌﻬ ــﺎ ،ﻭﻇﻬ ــﺮﺕ ﻛﺎﻟ ـ ّ
ﺍﻟﺴﻤﺎء ،ﻭﻟﻢ ﻻ ﻭﺳﻂ ّ
) (١ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ُﺑﻨﻴﺖ ﺑﺠﻮﺍﺭﻫﺎ ﻃﻬﺮﺍﻥ.
٢٠٨
ـﺴﻜﻮﻥ ﺑــﺒﻌﺾ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳــﺚ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻟــﻢ ﻳﻔﻬﻤــﻮﺍ ُﻳﻘﺒﻠــﻮﻥ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﺤـ ّـﻖ ﻭﻳﺘﻤـ ّ
ﻣﻌﻨﺎﻫ ــﺎ؟ ﻭﺑ ــﺬﺍ ﺃﻋﺮﺿ ــﻮﺍ ﻋ ــﻦ ﻇﻬ ــﻮﺭ ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖ ﻭﺟﻤ ــﺎﻝ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺍﺳ ــﺘﻘ ّﺮﻭﺍ ﻓ ــﻲ
ﻻ ﻣــﻦ ٕﺍﻋــﺮﺍﺽ ﻓﻘﻬــﺎء ﺍﻟﻌــﺼﺮ ﻭﻋﻠﻤــﺎء ﺳــﻘﺮٕ :ﺍ ﻥ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭ ﻟﻴــﺴﺖ ٕﺍ ّ
ﺍﻟﺰﻣ ــﺎﻥ ﺷـ ـ ّﺮ ـﺼﺎﺩﻕ ﺑ ــﻦ ّ ﺍﻟﻌﻬ ــﺪ ،ﻭﻟﻬ ــﺬﺍ ﻳﻘ ــﻮﻝ ﺍﻟ ـ ّ ﻣﺤﻤ ــﺪ )ﻓﻘﻬ ــﺎء ﺫﻟ ــﻚ ّ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻣﻨﻬﻢ ﺧﺮﺟﺖ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭ ٕﺍﻟﻴﻬﻢ ﺗﻌﻮﺩ(. ﻓﻘﻬﺎء ﺗﺤﺖ ّ ﻇﻞ ّ
ﻭ ٕﺍﻧّــﻲ ﻻٔﺭﺟــﻮ ﻣــﻦ ﻓﻘﻬــﺎء ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﻭﻋﻠﻤــﺎﺋﻬﻢ ،ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﺘﻔــﻮﺍ ﺃﺛــﺮﻫﻢ
ﺍﻟﻄﺮﻳ ـ ــﻖ ،ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳ ـ ــﺮﺩ ﻣ ـ ــﻨﻬﻢ ﻓ ـ ــﻲ ﺯﻣ ـ ــﻦ ﺍﻟﻤ ـ ــﺴﺘﻐﺎﺙ ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻓ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــﺬﺍ ّ
ﻻﻟﻬــﻲ ،ﻭﺍﻟﻨّــﻮﺭ ﺍﻟ ّﺮﺑّــﺎﻧﻲ ،ﻭﺍﻟﺠﻤــﺎﻝ ﺍﻻٔﺯﻟــﻲ ،ﻭﻣﺒــﺪﺃ ﺍﻟﻤﻈــﺎﻫﺮ ﺍﻟﺠـﻮﻫﺮ ﺍ ّ ّ ٕ ّ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴّـ ــﺔ ﻭﻣﻨﺘﻬﺎﻫـ ــﺎ ،ﻣـ ــﺎ ﻭﺭﺩ ﻓـ ــﻲ ﻫـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻜـ ــﻮﺭ .ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻌﺘﻤـ ــﺪﻭﺍ ﻋﻠـ ــﻰ ﻋﻘــﻮﻟﻬﻢ ﻭﻋﻠــﻮﻣﻬﻢ ﻭﻣــﺪﺍﺭﻛﻬﻢ .ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺘﺨﺎﺻــﻤﻮﺍ ﻣــﻊ ﻣﻈﻬــﺮ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ
ـﻞ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻮﺻــﺎﻳﺎ ﻓﺈﻧّــﺎ ﻧــﺮﻯ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّــﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻻ ﺗﺘﻨــﺎﻫﻰ .ﻭﺑــﺎﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣــﻦ ﻛـ ّ
ﺃﻋﻮ ًﺭﺍ ﻣﻦ ﺭﺅﺳﺎء ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺭﺿـﺘﻨﺎ ﺑﻤﻨﺘﻬﺎﻫـﺎ .ﻭﻛـﺬﻟﻚ ﻧـﺮﻯ
ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﺳﻴﻘﻮﻣﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﻔـﻲ ﺫﺍ ﻙ ﺍﻟﺠﻤـﺎﻝ ﺍﻟﻘﺪﺳـﻲ ،ﻭ ٕﺍ ّﻥ ﺃﻧّﻬﻢ ﻓﻲ ّ ّ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ،ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺟـﻮﻫﺮ ﺍﻟﻤﻘـﺼﻮﺩ ،ﻳﻔـ ّﺮﻭﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺫﺍ ﻙ ّ ﺍﻟﻈ ـ ــﺎﻟﻤﻴﻦ، ـﺼﺤﺎﺭﻱ ،ﻭﻳﺨﺘﻔ ـ ــﻮﻥ ﻣ ـ ــﻦ ﺃﻳ ـ ــﺪﻱ ّ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟﺠﺒ ـ ــﺎﻝ ﻭﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺘﻮ ّﻛﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﺑﻜﻤﺎﻝ
٢٠٩
ﺍﻻﻧﻘﻄ ــﺎﻉ .ﻭﻛ ــﺄﻧّﻲ ﺃﺷ ــﺎﻫﺪ ﺃ ﻥ ﻣ ــﻦ ﻫ ــﻮ ﻣﻮﺻ ــﻮﻑ ﻭﻣﻌ ــﺮﻭﻑ ﺑﻜﻤ ــﺎﻝ
ﻓﺮﺿ ـ ــﺎ ﺍﻟﺰﻫ ـ ــﺪ ﻭﺍﻟﺘّﻘ ـ ــﻮﻯ ،ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺷ ـ ــﺄﻥ ﻳﻌ ـ ـ ّـﺪ ﺟﻤﻴ ـ ــﻊ ﺍﻟﻨّ ـ ــﺎﺱ ٕﺍﻃﺎﻋﺘ ـ ــﻪ ً ّ ـﺸﺠﺮﺓ ﻭﺍﻟﺘّــﺴﻠﻴﻢ ﻻٔﻣــﺮﻩ ﻭﺍﺟ ًﺒــﺎ ﻳﻘــﻮﻡ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺑــﺔ ﻣــﻊ ﺃﺻــﻞ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﺠﺪ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ .ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺷـﺄﻥ ﻻﻟﻬﻴّﺔ ،ﻭﻳﺴﻌﻰ ﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺘﻬﺎ ﺑﻜﻤﺎﻝ ّ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻨّﺎﺱ
ﺃ ّﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﻓﻠﻲ ﺃﻣﻞ ﺃﻧّﻬﻢ ﻳﺘﺮﺑّﻮﻥ ﻭﻳﻄﻴﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﻫﻮﺁء ﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ
ـﺶ ﻭﻳ ــﺴﻜﻨﻮﻥ ﻓ ــﻲ ﻓ ــﻀﺎﺋﻪ ،ﻭﻳﻤﻴّـ ـﺰﻭﻥ ﺍﻟﺤ ـ ّـﻖ ﻋ ــﻦ ﻏﻴ ــﺮﻩ ،ﻭﻳ ــﺪﺭﻛﻮﻥ ﻏ ـ ّ ﺍﻟﺒﺎﻃــﻞ ﺑﺎﻟﺒــﺼﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨّﻴّ ـﺮﺓ .ﻭﻟــﻮ ﺃﻧّــﻪ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﻳّــﺎﻡ ﻗــﺪ ﻫﺒّ ـﺖ ﺭﺍﺋﺤــﺔ
ـﺸﻬﻮﺩ ،ﺑﺄﻧّــﻪ ﻣــﻦ ﺣــﺴﺪ ،ﻓــﺈﻧّﻲ ﺃﻗــﺴﻢ ﺑﻤﺮﺑّ ـﻲ ﺍﻟﻮﺟــﻮﺩ ﻣــﻦ ﺍﻟﻐﻴــﺐ ﻭﺍﻟـ ّ
ﺃ ّﻭﻝ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻣﻊ ﻛﻮﻧﻪ ﻻ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻟﻪٕ ،ﺍﻟـﻰ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺤـﻴﻦ ،ﻣـﺎ
ـﻞ ﻭﺍﻟﺤـ ــﺴﺪ ﻭﺍﻟﺒﻐـ ــﻀﺎء ،ﻭﻟـ ــﻦ ﻳﻈﻬـ ــﺮ ﺷـ ــﺒﻬﻪ ﺃﺑـ ـ ًـﺪﺍ. ﻇﻬـ ــﺮ ﻣﺜـ ــﻞ ﻫـ ــﺬﺍ ﺍﻟﻐـ ـ ّ
ﻻﻧـﺼﺎﻑ ﻗـﺪ ﺭﻓﻌـﻮﺍ ﺣﻴﺚ ﺃ ﻥ ﺟﻤ ًﻌـﺎ ﻣـﻦ ﺍﻟّـﺬﻳﻦ ﻟـﻢ ﻳﺴﺘﻨـﺸﻘﻮﺍ ﺭﺍﺋﺤـﺔ ﺍ ٕ
ـﻞ ﺟﻬـﺔ ﺭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨّﻔﺎﻕ ،ﻭﺍﺗّﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔـﺔ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒـﺪ .ﻓﺒـﺮﺯ ﻣـﻦ ﻛ ّ ﻛﻞ ﺳﻤﺖ ﺳﻬﻢ ﻣﻊ ﺃﻧّﻲ ﻣﺎ ﺍﻓﺘﺨـﺮﺕ ﻋﻠـﻰ ﺃﺣ ٍـﺪ ﻓـﻲ ﺭﻣﺢ ،ﻭﻃﺎﺭ ﻣﻦ ّ ـﻞ ٕﺍﻧـ ــﺴﺎﻥ ﺻـ ــﺪﻳ ًﻘﺎ ﺃﻣـ ــﺮ ،ﻭﻣـ ــﺎ ﺍﺳـ ــﺘﻌﻠﻴﺖ ﻋﻠـ ــﻰ ﻧﻔـ ــﺲ .ﻭﻛﻨـ ــﺖ ﻣـ ــﻊ ﻛـ ـ ّ
ـﺸﻔﻘﺔ ،ﻛﻨ ــﺖ ﻣ ــﻊ ﺍﻟﻔﻘ ــﺮﺍء ﺑﻤﻨﺘﻬ ــﻰ ﺍﻟﻤﺤﺒّـ ـﺔ ،ﻭﺭﻓﻴ ًﻘ ــﺎ ﺑﻐﺎﻳ ــﺔ ﺍﻟ ّﺮﺃﻓ ــﺔ ﻭﺍﻟ ـ ّ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍء ،ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭﺍﻟﻌﻈﻤﺎء ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘّﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟ ّﺮﺿﺎء .ﻣﻊ
٢١٠
ـﻞ ﻫ ــﺬﺍ ﺍﻻﺑ ــﺘﻼء ﻭﺍﻟﺒﺄﺳ ــﺎء ﻻ ﻫ ــﻮ ﻣ ــﻊ ﻛ ـ ّ ﺫﻟ ــﻚ ،ﻓ ــﻮﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟّ ــﺬﻱ ﻻ ٕﺍﻟ ــﻪ ٕﺍ ّ
ﻭﺍﻟﻀ ّﺮﺍء ﺍﻟّﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻻٔﻋﺪﺍء ﻭﺃﻭﻟـﻲ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏٕ ،ﺍﻧّﻬـﺎ ﻛﺎﻧـﺖ ّ
ـﺼﺮﻑ ،ﻭﺍﻟﻔﻘ ـ ــﺪ ﺍﻟﺒﺤ ـ ــﺖ ،ﺑﺎﻟﻨّ ـ ــﺴﺒﺔ ﻟﻤ ـ ــﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻨ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ ﻛﺎﻟﻌ ـ ــﺪﻡ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﺍﻻٔﺣﺒّﺎء.
ﻣﻤـ ــﺎ ﻻ ﻃﺎﻗـ ــﺔ ﻭﺑﺎﻻﺧﺘـ ــﺼﺎﺭ ،ﻣـ ــﺎﺫﺍ ﻧﻘـ ــﻮﻝ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﺒﻴـ ــﺎﻥ ﺑﻌـ ــﺪ ﻫـ ــﺬﺍ ّ
ﻼﻣﻜــﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﻤﻠــﻪٕ ،ﺍﻥ ﻛــﺎﻥ ﻫﻨــﺎ ﻙ ٕﺍﻧــﺼﺎﻑ؟ ٕﺍ ﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒــﺪ ﻓــﻲ ﻟ ٕ ﻟﻤ ـ ـﺎ ﺭﺃﻯ ﻋﻼﺋـ ــﻢ ﺍﻟﺤـ ــﻮﺍﺩﺙ ﺃﻭﺍﺋـ ــﻞ ﺃﻳّـ ــﺎﻡ ﻭﺭﻭﺩﻩ ﻓـ ــﻲ ﻫـ ــﺬﻩ ﺍ ٔ ﻻﺭﺽّ ،
ﺍﻟﻤﻘﺒﻠ ــﺔ ،ﺍﺧﺘ ــﺎﺭ ﺍﻟﻤﻬ ــﺎﺟﺮﺓ ﻗﺒ ــﻞ ﻭﻗﻮﻋﻬ ــﺎ ،ﻭﻫ ــﺎﻡ ﻓ ــﻲ ﻓﻴ ــﺎﻓﻲ ﺍﻟﻔ ــﺮﺍﻕ.
ﻴﺪﺍ ﻓـﻲ ﺑـﺮﺍﺭﻱ ﺍﻟﻬﺠـﺮ ﻓﺠـﺮﺕ ﺍﻟﻌﺒـﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻭﺣ ً ﻭﻗﻀﻴﺖ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ّ
ﻣــﻦ ﻋﻴــﻮﻧﻲ ﻛــﺎﻟﻌﻴﻮﻥ ،ﻭﺳــﺎﻟﺖ ﺑﺤــﻮﺭ ﺍﻟـ ّـﺪﻡ ﻣــﻦ ﻗﻠﺒــﻲ .ﻓﻜــﻢ ﻣــﻦ ﻟﻴــﺎﻝ
ـﻞ ﻫــﺬﻩ ﻟــﻢ ﺃﺟــﺪ ﻗﻮ ًﺗــﺎ ،ﻭﻛــﻢ ﻣــﻦ ﺃﻳّــﺎﻡ ﻟــﻢ ﺃﺟــﺪ ﻟﻠﺠــﺴﺪ ﺭﺍﺣــﺔ .ﻭﻣــﻊ ﻛـ ّ ﺍﻟﺒﻼﻳــﺎ ﺍﻟﻨّﺎﺯﻟــﺔ ،ﻭﺍﻟ ّﺮﺯﺍﻳــﺎ ﺍﻟﻤﺘــﻮﺍﺗﺮﺓ ،ﻓﻮﺍﻟّــﺬﻱ ﻧﻔــﺴﻲ ﺑﻴــﺪﻩ ﻛــﺎﻥ ﻛﻤــﺎﻝ
ـﺸﻬﻮﺩﺍ .ﺣﻴـﺚ ﻟـﻢ ﻳﻜـﻦ ﻋﻨـﺪﻱ ﺧﺒـﺮ ـﻮﺩﺍ ،ﻭﻧﻬﺎﻳـﺔ ﺍﻟﻔـﺮﺡ ﻣ ً ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻣﻮﺟ ً ّ ﻻ ﺑﻨﻔــﺴﻲ، ـﺤﺘﻪ ﺃﻭ ﺳــﻘﻤﻪ .ﻛﻨــﺖ ﻣــﺸﻐﻮ ً ﻣــﻦ ﺿ ـ ّﺮ ﺃﺣــﺪ ﺃﻭ ﻧﻔﻌــﻪ ،ﻭﺻـ ّ ﻧﺎﺑــﺬً ﺍ ﻭﺭﺍﺋــﻲ ﺍﻟﻌــﺎﻟﻢ ﻭﻣــﺎ ﻓﻴــﻪ .ﻭﻣــﺎ ﻛﻨــﺖ ﺃﺩﺭﻱ ﺃ ﻥ ﺷــﺮ ﻙ ﻗــﻀﺎء ﺍﻪﻠﻟ
ﺃﻭﺳــﻊ ﻣــﻦ ﻣﻴــﺪﺍﻥ ﺍﻟﺨﻴــﺎﻝ ،ﻭﺳــﻬﻢ ﺗﻘــﺪﻳﺮﻩ ﻣﻘـ ّـﺪﺱ ﻋــﻦ ﺍﻟﺘّــﺪﺑﻴﺮ .ﻓــﻼ ﻧﺠﺎﺓ ﻻٔﺣﺪ ﻣﻦ ﺷﺮ ﻙ ﻗﻀﺎﺋﻪ ،ﻭﻻ ﻣﻔ ّﺮ ﻟﻪ ٕﺍﻻ ﺑﺎﻟ ّﺮﺿﺎء ﻓﻲ ٕﺍﺭﺍﺩﺗﻪ.
٢١١
ﻗﺴﻤﺎ ﺑﺎﻪﻠﻟ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨـﺪﻱ ﻧﻴّـﺔ ﺍﻟ ّﺮﺟـﻮﻉ ﻣـﻦ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬـﺎﺟﺮﺓ ،ﻭﻻ ﺃﻣـﻞ ً
ـﺴﻔﺮ .ﻭﻛــﺎﻥ ﻣﻘــﺼﻮﺩﻱ ﻣــﻦ ﺫﻟــﻚ ﺃﻥ ﻻ ﺃﻛــﻮﻥ ﻓــﻲ ﺍﻟﻌــﻮﺩﺓ ﻣــﻦ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟـ ّ
ﻋﻠّ ـﺔ ﺍﺧــﺘﻼﻑ ﺍﻻٔﺣﺒــﺎﺏ ،ﻭﻻ ﻣــﺼﺪﺭ ﺍﻧﻘــﻼﺏ ﺍﻻٔﺻــﺤﺎﺏ .ﻭﺃﻥ ﻻ
ﺃﻛﻮﻥ ﺳﺒ ًﺒﺎ ﻓﻲ ﺿ ّﺮ ﺃﺣﺪ ،ﻭﻻ ﻋﻠّﺔ ﻟﺤﺰﻥ ﻗﻠﺐ .ﻓﻠـﻢ ﻳﻜـﻦ ﻓـﻲ ﻓﻜـﺮﻱ
ـﻞ ﻗــﺼﺪ ﺁﺧــﺮ ﻏﻴ ــﺮ ﻣــﺎ ﺫﻛــﺮﺕ ،ﻭﻻ ﺃﻣ ــﺎﻡ ﻧﻈــﺮﻱ ﺃﻣــﺮ ﺳ ــﻮﺍﻩ .ﻭﻟــﻮ ﺃ ﻥ ﻛ ـ ّ
ـﺴﺮﻩ ﻋﻠـ ــﻰ ﺣـ ــﺴﺐ ﺃﻫﻮﺍﺋـ ــﻪ ٕﺍﻧـ ــﺴﺎﻥ ﻗـ ــﺪ ﺣﻤﻠـ ــﻪ ﻋﻠـ ــﻰ ﻏﻴـ ــﺮ ﻣﺤﻤﻠـ ــﻪ ،ﻭﻓـ ـ ّ ﻭﺃﻣﻴﺎﻟـ ــﻪ .ﻭﺃﺧﻴ ـ ـ ًﺮﺍ ﺻـ ــﺒﺮﻧﺎ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺃﻥ ﺻـ ــﺪﺭ ﺣﻜـ ــﻢ ﺍﻟ ّﺮﺟـ ــﻮﻉ ﻣـ ــﻦ ﻣـ ــﺼﺪﺭ
ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﺴﻠﻴﻢ ﻟﻪ. ﺍﻻٔﻣﺮ ،ﻭﻻ ّ
ﻓﺮﺟﻌﻨﺎ ﻭﻻﺣﻈﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟ ّﺮﺟﻮﻉ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺰ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻋـﻦ ﺫﻛـﺮﻩ .ﻭﻫـﺎ ﻗـﺪ
ﻣــﻀﻰ ﺍﻻٓﻥ ﺳــﻨﺘﺎﻥ ،ﻭﺍﻻٔﻋــﺪﺍء ﻗــﺎﺋﻤﻮﻥ ﺑﻨﻬﺎﻳــﺔ ﺍﻟﺠـ ّـﺪ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤــﺎﻡ ﻋﻠــﻰ
ٕﺍﻫﻼ ﻙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﻔﺎﻧﻲ ،ﻛﻤـﺎ ﻫـﻮ ﻣﻌﻠـﻮﻡ ﻋﻨـﺪ ﺍﻟﺠﻤﻴـﻊ .ﻣـﻊ ﺫﻟـﻚ ﺑﺄﻱ ﻭﺟـﻪ ﻣـﻦ ﺍﻟﻮﺟـﻮﻩ. ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻻٔﺣﺒﺎﺏ ﻟﻨﺼﺮﺗﻨﺎ ،ﻭﻣﺎ ﺃﻋﺎﻧﻨﺎ ّ ﻋﻮﺿـ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﻦ ﺍﻟﻨّ ـ ــﺼﺮ ﻛ ـ ــﺎﻥ ﻳـ ـ ــﺮﺩ ﻋﻠﻴﻨـ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ ﺍﻻٔﺣ ـ ــﺰﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﻟﻴ ـ ــﺔ ﺑ ـ ــﻞ ً ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺗﺮﺓ ،ﻣـﻦ ﻗـﻮﻟﻬﻢ ﻭﻓﻌﻠﻬـﻢ ﻣـﺎ ﻫـﻮ ﻛﺎﻟﻐﻴـﺚ ﺍﻟﻬﺎﻃـﻞ .ﻭﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒـﺪ
ﻗﺎﺋﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻭﻭﺍﺿﻊ ﺭﻭﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﻛ ّﻔﻪ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘّﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟ ّﺮﺿـﺎء،
ـﺴﺒﺤﺎﻧﻲ ﻳﻨﻔ ـ ــﻖ ﻫ ـ ــﺬﺍ ﺍﻟﺤ ـ ــﺮﻑ ﻋ ـ ــﺴﻰ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳ ـ ــﺔ ﺍ ٕ ﻻﻟﻬﻴّ ـ ــﺔ ﻭﺍﻟﻔ ـ ــﻀﻞ ﺍﻟ ـ ـ ّ ّ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺭﻭﺣﻪ ،ﻭﻳﻔﺪﻱ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻨّﻘﻄﺔ ﺍﻻٔﻭﻟﻰ،
٢١٢
ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ .ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨّﻴّـﺔ ،ﻓﻮﺍﻟّـﺬﻱ ﻧﻄـﻖ ﺍﻟـ ّﺮﻭﺡ ﺑــﺄﻣﺮﻩٕ ،ﺍﻧّــﻲ ﻣــﺎ ﻛﻨــﺖ ﺃﺗﻮ ّﻗ ـﻒ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠــﺪ ﻟﺤﻈــﺔ ﻭﺍﺣــﺪﺓ ،ﻭﻛﻔــﻰ
ـﻬﻴﺪﺍ ﺃﺧــﺘﻢ ﺍﻟﻘــﻮﻝ ﺑــﻼ ﺣــﻮﻝ ﻭﻻ ﻗـ ّﻮﺓ ٕﺍﻻ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ،ﻭ ٕﺍﻧّــﺎ ﻪﻠﻟ ﻭ ٕﺍﻧّــﺎ ﺑــﺎﻪﻠﻟ ﺷـ ً
ٕﺍﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ
ـﺐ، ٕﺍ ّﻥ ﺃﺻــﺤﺎﺏ ﺍﻻٔﻓﺌــﺪﺓ ﺍﻟﻤﻨﻴــﺮﺓ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﺷــﺮﺑﻮﺍ ﻣــﻦ ﺻــﻬﺒﺎء ﺍﻟﺤـ ّ
ﻭﻣﺎ ﺍﺗّﺒﻌﻮﺍ ﺍﻟﻨّﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬﻮﻯ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﺧﻄﻮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻳـﺸﻬﺪﻭﻥ ﻭﻳـﺮﻭﻥ ﺃ ﻥ
ﻻﻣ ــﺮ ﺍﻟـ ـ ّﺪﻻﺋﻞ ﻭﺍﻟﺒ ــﺮﺍﻫﻴﻦ ﻭﺍﻟﺤﺠ ــﺞ ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﺗ ـ ّ ـﺪﻝ ﺟﻤﻴﻌﻬ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﻫ ــﺬﺍ ﺍ ٔ
ـﺸﻤﺲ ﻓـﻲ ﺍﻟﻔﻠـﻚ ﻭﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﻻ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ّ ﻟﻬﻲ ﺍﻟﻤﻨﻴﻊَ ،ﻟﻬـﻲ ﺃﻇﻬـﺮ ﻣـﻦ ﺍﻟ ّ ٕ ّ ﻻﻟﻬـ ــﻲ، ﺍﻟ ّﺮﺍﺑـ ــﻊ .ﻓـ ــﺎﻧﻈﺮ ﺍﻻٓﻥ ٕﺍﻟـ ــﻰ ٕﺍﻋـ ــﺮﺍﺽ ﺍﻟﺨﻠـ ــﻖ ﻋـ ــﻦ ﺍﻟﺠﻤـ ــﺎﻝ ﺍ ٕ ّ
ﻭ ٕﺍﻗﺒ ـ ــﺎﻟﻬﻢ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺃﻫ ـ ــﻮﺍﺋﻬﻢ ﺍﻟﻨّﻔ ـ ــﺴﺎﻧﻴّﺔ .ﻭﻣ ـ ــﻊ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺍﻻٓﻳ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻘﻨ ـ ــﺔ ﻻﺷ ـ ــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤ ـ ــﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟ ـ ــﻮﺩﺓ ﻓ ـ ــﻲ ﺍﻟﺜّﻘ ـ ــﻞ ﺍﻻٔﻛﺒ ـ ــﺮ ،ﺍﻟّـ ــﺬﻱ ﻫ ـ ــﻮ ﻭﺍ ٕ
ﺍﻟﻮﺩﻳﻌــﺔ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّــﺔ ﺑــﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ .ﻭﻣــﻊ ﻫــﺬﻩ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳــﺚ ﺍﻟﻮﺍﺿــﺤﺔ ﺍﻟّﺘــﻲ ﻫــﻲ ﺃﺻــﺮﺡ ﻣــﻦ ﺍﻟﺒﻴــﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘّﺒﻴــﺎﻥ ،ﻓﻘــﺪ ﺻــﺎﺭﻭﺍ ﻋﻨﻬــﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌــﺎ ﻏــﺎﻓﻠﻴﻦ،
ـﺴﻜﻴﻦ ﺑﻈــﺎﻫﺮ ﺑــﻀﻌﺔ ﺃﺣﺎﺩﻳــﺚ ،ﻟــﻢ ﻳﺠــﺪﻭﻫﺎ ﻣﻄﺎﺑﻘــﺔ ﻭﻣﻌﺮﺿــﻴﻦ ﻣﺘﻤـ ّ
ﻟﻤﺪﺍﺭﻛﻬﻢ ،ﻭﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮﺍ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ .ﻭﺑـﺬﺍ ﺻـﺎﺭﻭﺍ ﻣﺤـﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣـﻦ ﺳﻠـﺴﺎﻝ ﺧﻤـ ـ ـ ــﺮ ﺫﻱ ﺍﻟﺠـ ـ ـ ــﻼﻝ ،ﻭﻣﺄﻳﻮﺳـ ـ ـ ــﻴﻦ ﻣـ ـ ـ ــﻦ ﺍﻟـ ـ ـ ـ ّـﺰﻻﻝ ﺍﻟﺒـ ـ ـ ــﺎﻗﻲ ﻟﻠﺠﻤـ ـ ـ ــﺎﻝ
ﺍﻟﺴﺮﻣﺪﻱ ّ
٢١٣
ﺃﺋﻤ ـﺔ ﺍﻧﻈــﺮ ﺃﻳـ ً ـﻀﺎ ﺃ ﻥ ﺳــﻨﺔ ﻇﻬــﻮﺭ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻬﻮﻳّ ـﺔ ﺍﻟﻨّــﻮﺭﺍء ،ﻗــﺪ ﺫﻛﺮﻫــﺎ ّ
ـﻀﺎ ﻓــﻲ ﺍﻻٔﺧﺒــﺎﺭ ﻭﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳــﺚ ،ﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ﻣــﺎ ﺍﺳﺘــﺸﻌﺮﻭﺍ ﻭﻣــﺎ ﺍﻟﻬــﺪﻯ ﺃﻳـ ً
ﺍﻧﻘﻄﻌــﻮﺍ ،ﻭﻟــﻮ ﻓــﻲ ﻟﺤﻈــﺔ ﻭﺍﺣــﺪﺓ ،ﻋــﻦ ﺃﻫــﻮﺍء ﺃﻧﻔــﺴﻬﻢ ﻓﻘــﺪ ﻭﺭﺩ ﻓــﻲ
ـﺼﺎﺩﻕ :ﻓﻜﻴــﻒ ﻳــﺎ ﻣــﻮﻻﻱ ﻓــﻲ ﻇﻬــﻮﺭﻩ. ـﻀﻞ ﺃﻧّــﻪ ﺳــﺄﻝ ﺍﻟـ ّ ﺣــﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﻔـ
ﺍﻟﺴﺘّﻴﻦ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﻳﻌﻠﻮ ﺫﻛﺮﻩ( ﻫـﺬﺍ ﻭ ٕﺍﻧّـﻲ ﻟﻔـﻲ ﺣﻴـﺮﺓ ﻓﻘﺎﻝ) :ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ّ
ﻣ ـ ــﻦ ﻫـ ـ ــﺆﻻء ﺍﻟﻌﺒـ ـ ــﺎﺩ ،ﻛﻴـ ـ ــﻒ ﺃﻧّﻬـ ـ ــﻢ ﺍﺣﺘ ـ ــﺮﺯﻭﺍ ﻋـ ـ ــﻦ ﺍﻟﺤـ ـ ـ ّـﻖ ﻣـ ـ ــﻊ ﻫـ ـ ــﺬﻩ
ﻼ ﻗــﺪ ﻭﺭﺩ ﻓــﻲ ﺍﻻٔﺧﺒــﺎﺭ ﻼﺋﺤــﺔ ،ﺣﺘّــﻰ ﺃﻧّــﻪ ﻣــﺜ ً ﻻﺷــﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﺍﺿــﺤﺔ ﺍﻟ ّ ﺍ ٕ
ﻭﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﺍﻻﺑﺘﻼء ﺍﻟّﺬﻱ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭﺍ ٔ ﻻﺣﺎﺩﻳﺚ ّ ّ
ﻻﻟﻬﻴّﺔ .ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ) ٕﺍ ّﻥ ﻓـﻲ ﻗﺎﺋﻤﻨـﺎ ﺧﻼﺻﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍ ٕ ﻭﻣﺤﻤــﺪ. ﺃﺭﺑــﻊ ﻋﻼﻣــﺎﺕ ﻣــﻦ ﺃﺭﺑﻌــﺔ ﺃﻧﺒﻴــﺎء ،ﻣﻮﺳــﻰ ﻭﻋﻴــﺴﻰ ﻭﻳﻮﺳــﻒ ّ
ﺃ ّﻣﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﺎﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ .ﻭﺃ ّﻣـﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣـﺔ ﻣـﻦ ﻋﻴـﺴﻰ
ـﺴﺠﻦ ﻭﺍﻟﺘّﻘﻴّــﺔ .ﻭﺍﻟﻌﻼﻣــﺔ ﻓﻤــﺎ ﻗــﺎﻟﻮﺍ ﻓــﻲ ﺣ ّﻘــﻪ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣــﺔ ﻣــﻦ ﻳﻮﺳــﻒ ﺍﻟـ ّ
ﻣﺤﻤــﺪ ﻳﻈﻬــﺮ ﺑﺂﺛــﺎﺭ ﻣﺜــﻞ ﺍﻟﻘــﺮﺁﻥ( ﻭﻣــﻊ ﺃﻧّﻬــﻢ ﺫﻛــﺮﻭﺍ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺤــﺪﻳﺚ ﻣــﻦ ّ
ـﻞ ﺍﻻٔﻣــﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟــﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻴــﻪ ﺍﻟﺪﺭﺟــﺔ ،ﺍﻟّﺘــﻲ ﺟــﺎءﺕ ﻛـ ّ ﺍﻟﻤﺤﻜــﻢ ﺑﻬــﺬﻩ ّ
ﻣﻄﺎﺑﻘــﺔ ﻟﻤــﺎ ﻭﻗــﻊ ،ﻓﺈﻧّــﻪ ﻣــﻊ ﺫﻟــﻚ ﻟــﻢ ﻳﻨﺘﺒــﻪ ﺃﺣــﺪ ﻭﻻ ﻳﺨﻴّـﻞ ٕﺍﻟــﻲ ﺃﻧّﻬــﻢ ﻻ ﻣــﻦ ﺷــﺎء ﺭﺑّ ـﻚ ٕﺍ ﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻣــﺴﻤﻊ ﻣــﻦ ـﻀﺎٕ ،ﺍ ّ ﺳــﻴﺘﻨﺒﻬﻮﻥ ﻓﻴﻤــﺎ ﺑﻌــﺪ ﺃﻳـ ً ﻳﺸﺎء ،ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﺑﻤﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ
٢١٤
ﻭﻟـ ــﻴﻜﻦ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠـ ــﻮﻡ ﻟﺠﻨﺎﺑـ ــﻚ ،ﺃ ﻥ ﻻٔﻃﻴـ ــﺎﺭ ﺍﻟﻬﻮﻳّـ ــﺔ ﻭﺣﻤﺎﻣـ ــﺎﺕ
ﺍﻟﻈ ــﺎﻫﺮ ﻗ ــﺎﻟﻮﻩ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻧ ــﻪ ﻣ ــﻦ ﻏﻴ ــﺮ ﺭﻣ ــﺰ ﺍﻻٔﺯﻟﻴّ ــﺔ ﺑﻴﺎﻧ ــﺎﻥ .ﺑﻴ ــﺎﻥ ﺑﺤ ــﺴﺐ ّ ـﺴﺎﻟﻜﻴﻦ ﻭﺳﺘﺮ ،ﻭﻻ ﻧﻘﺎﺏ ﻭﻻ ﺣﺠـﺎﺏ ،ﺣﺘّـﻰ ﻳﻜـﻮﻥ ﺳ ً ـﺮﺍﺟﺎ ﻳﻬـﺪﻱ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﻄـ ــﺎﻟﺒﻴﻦ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺑـ ــﺴﺎﻁ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﻣﻌـ ــﺎﺭﺝ ﺍﻟﻘـ ــﺪﺱ ،ﻭﻧـ ــﻮ ًﺭﺍ ﻣﺒﻴ ًﻨـ ــﺎ ﻳﺠـ ــﺬﺏ ّ
ـﺼﺮﻳﺤﺔ ﻭﺍﻻٓﻳــﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺿــﺤﺔ. ﺍﻻٔﻧــﺲ ﻛﻤــﺎ ﻫــﻮ ﻣــﺬﻛﻮﺭ ﻓــﻲ ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳــﺎﺕ ﺍﻟـ ّ ﻭﺍﻟﺴﺘﺮ ﻭﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﻭﻟﻬﻢ ﺑﻴﺎﻧﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻗﺎﻟﻮﻫﺎ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻧﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺍﻟ ّﺮﻣﺰ ّ ﻛﻴﻤـ ــﺎ ﻳﻈﻬـ ــﺮ ﻣـ ــﻦ ﺍﻟﻤﻐﻠّ ـ ـﻴﻦ ﻣﻜﻨﻮﻧـ ــﺎﺕ ﻗﻠـ ــﻮﺑﻬﻢ ﻭﺗﻨﻜـ ــﺸﻒ ﺣﻘـ ــﺎﺋﻘﻬﻢ.
ﻦ( ﻣﺤﻤـ ــﺪ) :ﻭﺍﻪﻠﻟ ـﺼﺎﺩﻕ ﺑـ ــﻦ ﻦ ﻭﺍﻪﻠﻟ ﻟﻴﻐـ ــﺮﺑﻠ ّ ﻟﻴﻤﺤ ـ ـﺼ ّ ّ ّ ﻭﻟﻬـ ــﺬﺍ ﻳﻘـ ــﻮﻝ ﺍﻟـ ـ ّ
ـﺼﻤﺪﺍﻧﻲ ،ﺍﻟّــﺬﻱ ﺑــﻪ ﻳﻤــﺘﺤﻦ ﻭﻫــﺬﺍ ﻫــﻮ ﺍﻟﻤﻴــﺰﺍﻥ ﺍ ﻻﻟﻬــﻲ ﻭﺍﻟﻤﺤـ ّ ـﻚ ﺍﻟـ ّ ّ ٕ ّ ﻋﺒــﺎﺩﻩ .ﻓﻠــﻢ ﻳﻬﺘــﺪ ﺃﺣــﺪ ٕﺍﻟــﻰ ﻣﻌــﺎﻧﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧــﺎﺕ ٕﺍﻻ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻘﻠــﻮﺏ ﺍﻟﻤﻄﻤﺌﻨّﺔ ،ﻭﺍﻟﻨّﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺮﺿـﻴّﺔ ﻭﺍﻻٔﻓﺌـﺪﺓ ﺍﻟﻤﺠـ ّﺮﺩﺓ .ﻭﻣـﻦ ﺃﻣﺜـﺎﻝ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﻈــﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟّﺘــﻲ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧــﺎﺕ ﻣــﺎ ﻛــﺎﻥ ﻭﻟــﻢ ﻳﻜــﻦ ﻣﻘــﺼﻮﺩﻫﻢ ﻣﻨﻬــﺎ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬــﺎ ّ
ﻭﺟﻬــﺎ ﻭﻟــﻴﺲ ﺑــﻴﻦ ـﻞ ﻋﻠ ـﻢ ﺳــﺒﻌﻮﻥ ﻳــﺪﺭﻛﻬﺎ ﺍﻟﻨّــﺎﺱ ﻟــﺬﻟﻚ ﻳﻘــﻮﻝ) :ﻟﻜـ ّ ً
ﻻ ﻭﺟ ـ ــﻪ ﻭﺍﺣ ـ ــﺪ ﻭ ٕﺍﺫﺍ ﻗ ـ ــﺎﻡ ﺍﻟﻘ ـ ــﺎﺋﻢ ﻳﺒ ـ ــﺚ ﺑ ـ ــﺎﻗﻲ ﺍﻟﻮﺟ ـ ــﻮﻩ ﺑ ـ ــﻴﻦ ﺍﻟﻨّ ـ ــﺎﺱ ٕﺍ ّ ـﻀﺎ ﻗ ـ ــﺎﻝ) :ﻧﺤـ ــﻦ ﻧـ ــﺘﻜﻠّﻢ ﺑﻜﻠﻤـ ــﺔ ،ﻭﻧﺮﻳ ـ ــﺪ ﻣﻨﻬ ـ ــﺎ ٕﺍﺣ ـ ــﺪﻯ ﺍﻟﻨّـ ــﺎﺱ( ﻭﺃﻳ ـ ـ ً ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺮﺝ(. ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﻭﺟﻬﺎ ،ﻭﻟﻨﺎ ّ ً
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ٕﺍﻧّﺎ ﻗﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻟﻜﻴﻼ ﻳﻀﻄﺮﺏ
٢١٥
ﺍﻟﻌﺒ ــﺎﺩ ﻣ ــﻦ ﺑﻌ ــﺾ ﺍﻟ ّﺮﻭﺍﻳ ــﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻧ ــﺎﺕ ،ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻟ ــﻢ ﺗﻈﻬ ــﺮ ﺁﺛﺎﺭﻫ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﻋ ــﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻠ ــﻚ ،ﻭﻟﻜ ــﻲ ﻳﺤﻤﻠﻮﻫ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﻋ ــﺪﻡ ٕﺍﺩﺭﺍﻛﻬ ــﻢ ﻟﻬ ــﺎ ،ﻻ ﻋﻠ ــﻰ
ﻋــﺪﻡ ﻇﻬــﻮﺭ ﻣﻌــﺎﻧﻲ ﺍﻟﺤــﺪﻳﺚ .ﻻٔﻧّــﻪ ﻏﻴــﺮ ﻣﻌﻠــﻮﻡ ﻋﻨــﺪ ﺃﻭﻟﺌــﻚ ﺍﻟﻌﺒــﺎﺩ،
ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟ ّـﺪﻳﻦ ﻣﻨﻬـﺎ ،ﻛﻤـﺎ ﻳـﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣـﻦ ﺍﻟﺤـﺪﻳﺚٕ .ﺍﺫﴽ ﻣﺎﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺼﻮﺩ ّ
ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺠﻌﻠﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻤﻨﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻴﻮﺿﺎﺕ ﺑﺄﻣﺜـﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﻋﻠـﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳـﺴﺄﻟﻮﺍ ﻣـﻦ ﺃﻫﻠﻬـﺎ ،ﺣﺘّـﻰ ﺗﺘّـﻀﺢ ﺍﻻٔﺳـﺮﺍﺭ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﺭﺓ ،ﻭﺗﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺳﺘﺮ ﻭﺣﺠﺎﺏ
ﻭﻟﻜﻨّـ ـﺎ ﻟ ــﻢ ﻧ ــﺸﺎﻫﺪ ﺃﺣ ـ ًـﺪﺍ ﻣ ــﻦ ﺃﻫ ــﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ﻳﻜ ــﻮﻥ ﻃﺎﻟ ًﺒ ــﺎ ﻟﻠﺤ ـ ّـﻖ
ـﻞ ﻓــﻲ ﻟﻴﺮﺟــﻊ ﻓــﻲ ﺍﻟﻤــﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻐﺎﻣــﻀﺔ ٕﺍﻟــﻰ ﻣﻈــﺎﻫﺮ ﺍ ٔ ﻻﺣﺪﻳّــﺔ .ﺑــﻞ ﺍﻟﻜـ ّ
ﻦ ﺍﻪﻠﻟ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻨّــﺴﻴﺎﻥ ﺳــﺎﻛﻨﻮﻥ ﻭﻻٔﻫــﻞ ﺍﻟﻐــﻲ ّ ﻭﺍﻟﻄﻐﻴــﺎﻥ ﺗــﺎﺑﻌﻮﻥ ﻭﻟﻜ ـ ّ ّ ﻳﻔﻌــﻞ ﺑﻬــﻢ ﻛﻤــﺎ ﻫــﻢ ﻳﻌﻤﻠــﻮﻥ ﻭﻳﻨــﺴﺎﻫﻢ ﻛﻤــﺎ ﻧــﺴﻮﺍ ﻟﻘــﺎءﻩ ﻓــﻲ ﺃﻳّﺎﻣــﻪ،
ﻭﻛــﺬﻟﻚ ﻗــﻀﻰ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻛﻔــﺮﻭﺍ ،ﻭﻳﻘــﻀﻲ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟّــﺬﻳﻦ ﻫــﻢ ﻛــﺎﻧﻮﺍ ﺑﺂﻳﺎﺗﻪ ﻳﺠﺤﺪﻭﻥ
ـﺶ َﻋ ــﻦ ﺫِ ْﻛـ ـ ِﺮ ﺍﻟـ ـ ﺮ ْﺣ َﻤ ِﻦ ﻭﺃﺧ ــﺘﻢ ﺍﻟﻘ ــﻮﻝ ﺑﻘﻮﻟ ــﻪ ﺗﻌ ــﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻭ َﻣ ــﻦ َﻳ ْﻌ ـ ُ
ﻳﻦ﴾ ﺾ َﻟـ ُـﻪ َﺷـ ْﻴ َﻄﺎ ًﻧﺎ َﻓ ُﻬـ َﻮ َﻟـ ُـﻪ َﻗـ ِﺮ ٌ ُﻧ َﻘـﻴِّ ْ
)(١
ﺽ َﻋــﻦ ﺫِ ْﻛـ ِﺮﻱ َﻓـ ﺎ ﻥ ﴿ َﻭ َﻣـ ْ ـﻦ ﺍ ْ ﻋـ َﺮ َ
)(٢ ﻧﺰﻝ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻟﻮ ﺃﻧﺘﻢ ﺿ ْﻨ ً ﻴﺸ ًﺔ َ َﻟ ُﻪ َﻣﻌِ َ ﻜﺎ﴾ ﻭﻛﺬﻟﻚ ّ ﺍﻟﺰﺧﺮﻑ. ) (١ﺳﻮﺭﺓ ّ ) (٢ﺳﻮﺭﺓ ﻃﻪ.
٢١٦
ـﺴﻼﻡ ﻋﻠــﻰ ﻣــﻦ ﺳــﻤﻊ ﻧﻐﻤــﺔ ﺗﻌﻘﻠــﻮﻥ ﺍﻟﻤﻨــﺰﻭﻝ ﻣــﻦ ﺍﻟﺒــﺎء ﻭﺍﻟﻬــﺂء ﻭﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﻮﺭﻗﺎء ﻓﻲ ﺳﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﻓﺴﺒﺤﺎﻥ ﺭﺑّﻨﺎ ﺍﻻٔﻋﻠﻰ.
٢١٧
ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺟـﻪ ﺣــﻀﺮﺓ ﺑﻬــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﺧﻄﺎﺑــﻪ ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ٕﺍﻟــﻰ ﺍﻟﺤــﺎﺝ ّ
ﻻﻛﺒــﺮ ﻟﺤــﻀﺮﺓ ﺍﻟﺒــﺎﺏ ﻭﺫﻟــﻚ ﺭ ﺩﺍ ﻋﻠــﻰ ـﺴﻴّﺪ ﻣﺤﻤــﺪ ﺍﻟﺨــﺎﻝ ﺍ ٔ ّ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻻٔﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﺭﻓﻌﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﻝ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ٕﺍﻟﻰ ﺣـﻀﺮﺗﻪ ﻛﻤـﺎ ﺟـﺎء ﻓـﻲ
ـﺸﻴﺮﺍﺯﻱ ﻣـ ــﺎ ﺍﻟﻠّ ــﻮﺡ ﺍﻟﻤﺒـ ــﺎﺭ ﻙ ﻣﺨﺎﻃ ًﺒـ ــﺎ ﺍﻟـ ـ ّ ـﺴﻴّﺪ ﻋﺒـ ــﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴـ ــﺪ ﺍﻟ ـ ّ ﺗﻌﺮﻳﺒﻪ:
ـﺎﺝ ﺟ ــﻮﺍﺩ ﺍﻟﻜﺮﺑﻼﺋ ــﻲ ﺃﺣ ــﺪ ﻣ ــﺆﻣﻨﻲ ﺣ ــﻀﺮﺓ " ...ﺗ ــﺸ ّﺮﻑ ﺍﻟﺤ ـ ّ
ـﻞ ﺍﺳــﻤﻪ ﺍﻻٔﻋﻠــﻰ ﺍﻟﺒــﺎﺏ ﺍﻟﻘــﺪﺍﻣﻰ ﺑﻤﺤــﻀﺮ ﺣــﻀﺮﺓ ﺑﻬــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﺟـ ﻓ ــﻲ ﺑﻐ ــﺪﺍﺩ ﻭﻋ ــﺮﺽ ﺃ ﻥ ﺧ ــﺎﻟﻲ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﺍﻻٔﻋﻠ ــﻰ ﻭﻫﻤ ــﺎ ﺍﻟﺤ ــﺎﺝ ّ ـﺴﻴّﺪ ﻣﺤﻤــﺪ ﻭﻣﻴــﺮﺯﺍ ﺣــﺴﻨﻌﻠﻲ ﻣــﻊ ﺑﻌــﺾ ﺃﻭﻻﺩﻫﻤــﺎ ﻗــﺪ ﻗــﺪﻣﻮﺍ ّ ﺍﻟـ ّ
ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻭﻫﻤﺎ ﺍﻻٓﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍﻥ ٕﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺘﺒﺎﺕ ّ ٢١٨
ﻓــﻲ ﺑﻐــﺪﺍﺩ ،ﻓــﺴﺄﻟﻪ ﺣــﻀﺮﺓ ﺟﻤــﺎﻝ ﺍﻟﻘــﺪﻡ ﻫ ـﻞ ﺗﻜﻠّﻤــﺖ ﻣﻌﻬﻤــﺎ
ﻼ ،ﻓﻜﻠّﻔﻪ ﺣـﻀﺮﺓ ﺑﻬـﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻻٔﻣﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭ ﻙ؟ ﻗﺎﻝ :ﻛ ّ
ﺑـ ــﺄﻥ ﻳـ ــﺬﻫﺐ ٕﺍﻟـ ــﻰ ﺑﻴﺘﻬﻤـ ــﺎ ﻭﻳﺒﻠّﻐﻬﻤـ ــﺎ ﺗﺤﻴّ ـ ـﺎﺕ ﺣـ ــﻀﺮﺗﻪ ﻭﻳـ ــﺘﻜﻠّﻢ
ﻣﻌﻬﻤ ـ ــﺎ ﺣ ـ ــﻮﻝ ﺍﻻٔﻣ ـ ــﺮ ﺍﻟﻤﺒ ـ ــﺎﺭ ﻙ ﻭﻳ ـ ــﺼﻄﺤﺒﻬﻤﺎ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺍﻟﻤﺤ ـ ــﻀﺮ
ـﺴﻴّﺪ ﺟ ــﻮﺍﺩ ٕﺍﻟ ــﻰ ﺣ ــﻀﺮﺗﻲ ﺍﻟﺨ ــﺎﻝ ﺍﻟﻤﻘ ـ ّـﺪﺱ ،ﻓﻌ ــﺎﺩ ﺍﻟﺤ ــﺎﺝ ﺍﻟ ـ ّ ّ ﻭﺃﺑﻠﻐﻬﻤ ــﺎ ﺗﺤﻴّـ ـﺎﺕ ﺣ ــﻀﺮﺓ ﺑﻬ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ،ﻭﻓ ــﻲ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﺍﻟﺘّ ــﺎﻟﻲ ﺭﺍﻓ ــﻖ ـﺴﻴّﺪ ﺟــﻮﺍﺩ ﺩﻭﻥ ـﺴﻴّﺪ ﻣﺤﻤــﺪ ﺍﻟﺨ ـﺎﻝ ﺍﻻٔﻛﺒــﺮ ﺍﻟﺤــﺎﺝ ﺍﻟـ ّ ّ ﺍﻟﺤــﺎﺝ ﺍﻟـ ّ
ﻭﻟﻤـﺎ ﺍﻣﺘﺜـﻞ ﻟـﺪﻯ ﺍﺻﻄﺤﺎﺏ ﺃﺧﻴـﻪ ﻭﺗـﺸ ّﺮﻓﺎ ﺑﻤﺤـﻀﺮ ﺍﻟﻤﺒـﺎﺭ ﻙّ ،
ـﻀﻞ ﺳـ ــﺎﺣﺔ ﺍﻟﻌـ ـ ّـﺰ ﻭﺍﻟﺠـ ــﻼﻝ ﺗﻤ ـ ـ ّﻮﺝ ﺑﺤـ ــﺮ ﺍﻟﺒﻴـ ــﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘـ ـ ّـﺪﺱ ﻭﺗﻔـ ـ ّ ﻣﺨﺎﻃ ًﺒــﺎ ﺍﻟﺨــﺎﻝ ﺑﺄﻧّــﺎ ﻻ ﻧﺤــﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻧــﻮﺍ ﻣﺤــﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣــﻦ ﺃﺛﻤــﺎﺭ
ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟّﺘﻲ ﻇﻬﺮﺕ ﺳﺪﺭﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻜﻢ...
ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟّﺘﻲ ﻫـﻲ ﺳـﺒﺐ ﺗـﻮ ّﻗﻔﻜﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺒﻮﺍ ّ
ـﻢ ﻓـﻲ ﻗﺒــﻮﻝ ﺍﻻٔﻣــﺮ ﺍﻟﻤﺒــﺎﺭ ﻙ ﻭﺗﻔ ّ ﻜـﺮﻭﺍ ﻣﻠﻴــﺎ ﻓــﻲ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟـ ّ ـﺸﺒﻬﺎﺕ ﺛـ
ـﺸﺒﻬﺎﺕ ﺑﺂﻳــﺎﺕ ﻫــﺎﺗﻮﺍ ﺑﻬــﺎ ﺑــﺼﺤﺒﺔ ﺃﺧــﻴﻜﻢ ﻟــﻮ ﺷــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻳﺒـ ّـﺪﻝ ﺍﻟـ ّ
ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﻳﺮ .ﻭﻟﻘﺪ ﺣﻀﺮ ﺍﻟﺨﺎﻝ ﺍﻻٔﻛﺒـﺮ ﻣﺤﻜﻤﺎﺕ ٕﺍﻧّﻪ ﻋﻠﻰ ّ ﻓ ــﻲ ﺍﻟﻴ ــﻮﻡ ﺍﻟﺘّ ــﺎﻟﻲ ﺩﻭﻥ ﺃﺧﻴ ــﻪ ﻭﺫﻛ ــﺮ ﺷ ــﺒﻬﺎﺗﻪ ﻭﺍﺣ ـ ًـﺪﺍ ﺑﻌ ــﺪ ﻭﺍﺣ ــﺪ
ﻭﺻﺪﺭ ﻓﻲ ﺟﻮﺍﺑﻪ ﺍﻟ ّﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺨﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓـﺖ ﺍﻻﻳﻘﺎﻥ").(١ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺎﺳﻢ ٕ
٢١٩
ﻻﻳﻘـﺎﻥ ﺻـﺪﺭ ﻣـﻦ ﻳﺮﺍﻋـﺔ ﺣـﻀﺮﺓ ﻭﻟـﻲ ﻭﺃﻭﻓﻰ ﺗﻌﺮﻳـﻒ ﻟﻜﺘـﺎﺏ ﺍ ٕ ّ ﻻﻧﺠﻠﻴﺰﻳّﺔ GOD ﺃﻣﺮ ﺍﻪﻠﻟ ﺷﻮﻗﻲ ﺃﻓﻨﺪﻱ ﺭﺑّﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﻠّﻐﺔ ﺍ ٕ PASSES BYﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ):(٢
ـﻀﻢ ٕﺍﻟﻬـ ــﺎﻡ "ﻭﻣـ ــﻦ ﺃﺑـ ــﺮﺯ ﺍﻟﻜﻨـ ــﻮﺯ ﺍﻟﻨّﻔﻴـ ــﺴﺔ ﺍﻟّﺘـ ــﻲ ﺃﻟﻘـ ــﻰ ﺑﻬـ ــﺎ ﺧـ ـ ّ
ﻻﻳﻘـ ــﺎﻥ" ﺍﻟّـ ــﺬﻱ ﻧـ ـ ّـﺰﻝ ﻓـ ــﻲ ﺣـ ــﻀﺮﺓ ﺑﻬـ ــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟﻤ ـ ـ ّﻮﺍﺝ ﻛﺘـ ــﺎﺏ "ﺍ ٕ
ـﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻻٔﺧﻴــﺮﺓ ﻣــﻦ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘــﺮﺓ)١٢٧٨) (٣ﻫ ١٨٦٢ = .ﻡ(. ﺍﻟـ ّ ﻓــﻲ ﺑﺤــﺮ ﻳــﻮﻣﻴﻦ ﻭﻟﻴﻠﺘــﻴﻦ ﻻ ﺃﻛﺜــﺮ! ﺗﺤﻘﻴ ًﻘــﺎ ﻟﻨﺒــﻮءﺓ ﺣــﻀﺮﺓ ﺍﻟﺒــﺎﺏ
ـﺺ ﺍﻟﺒﻴـﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳـﻲ ـﺘﻢ ﻧ ّ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ ﺃ ﻥ ﺍﻟﻤﻮﻋـﻮﺩ ﺳـﻮﻑ ﻳ ّ ﺍﻟّﺬﻱ ّ ّ ﻭﺟﻬﻬﺎ ٕﺍﻟﻰ ﺣـﻀﺮﺓ ﺍﻟّﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻤﻞ ،ﻭﺃﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻻٔﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ّ
ﻣﺤﻤــﺪ )ﻭﻫــﻮ ﺧــﺎﻝ ﻟﺤــﻀﺮﺓ ﺍﻟﺒــﺎﺏ ﺑﻬــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟﺤــﺎﺝ ﻣﻴــﺮﺯﺍ ﺳ ـﻴّﺪ ّ
ﻟــﻢ ﻳﻜــﻦ ﻗــﺪ ﺁﻣــﻦ ﺑﻌــﺪ( ﺃﺛﻨــﺎء ﺯﻳﺎﺭﺗــﻪ ﻟﻜــﺮﺑﻼء ﻣــﻊ ﺃﺧﻴــﻪ ﺍﻟﺤــﺎﺝ
ﺍﻟﺨﻄــﺔ ﻣﻴــﺮﺯﺍ ﺣــﺴﻦ ﻋﻠــﻲ .ﻭﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﺍﻟّــﺬﻱ ﻳﺒ ـﻴّﻦ ﻣﻌــﺎﻟﻢ ّ
ﻻﻟﻬﻴّـ ــﺔ ﺍﻟﻤﺨﻠّـ ــﺼﺔ ﻧﻤ ـ ــﻮﺫﺝ ﻟﻠﻨّﺜ ـ ــﺮ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳـ ــﻲ ﺑﺄﺳ ـ ــﻠﻮﺑﻪ ﺍﻟﻨّﺎﺻـ ــﻊ ﺍ ٕ ّ ﺍﻻٔﺻ ـ ـ ــﻴﻞ ﺍﻟﻤﺘـ ـ ـ ــﺪ ّﻓﻖ ،ﻭﻭﺿـ ـ ـ ــﻮﺣﻪ ﺍﻟﻤﻠﺤـ ـ ـ ــﻮﻅ ،ﻭﺗـ ـ ـ ــﺴﺎﻧﺪﻩ ﻓـ ـ ـ ــﻲ ـﻞ ﻣﻨﺰﻟـﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ،ﻭﺑﺮﺍﻋﺘﻪ ﺍﻟﻤﻠﺰﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺘ ّ
ﺃﻱ ﻛﺘـﺎﺏ ﺁﺧـﺮ ﻣـﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋـﺔ ﺍﻻٓﺩﺍﺏ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻴّـﺔ ﻻ ﺗﺪﺍﻧﻴﻬﺎ ﻣﻨﺰﻟـﺔ ّ ﻻﻃ ــﻼﻕ ﺑﺎﺳــﺘﺜﻨﺎء ﺍﻟﻜﺘ ــﺎﺏ ﺍﻻٔﻗ ــﺪﺱ ﺍﻟــﺬﻱ ﻫ ــﻮ ﺃﻗ ــﺪﺱ ﻋﻠــﻰ ﺍ ٕ
ﻭﻟﻤﺎ ﻛـﺎﻥ ﻗـﺪ ﻧ ّـﺰﻝ ﻋـﺸﻴّﺔ ٕﺍﻋـﻼﻥ ﺣـﻀﺮﺓ ﻛﺘﺐ ﺣﻀﺮﺓ ﺑﻬﺎء ﺍﻪﻠﻟّ . ﻗﺪﻡ ﺑﻬﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻟﺪﻋﻮﺗﻪ ﻓﻘﺪ ّ
٢٢٠
ـﺸﺮﻱ "ﺍﻟ ّﺮﺣﻴـﻖ ﺍﻟﻤﺨﺘـﻮﻡ" ﺍﻟّـﺬﻱ ﺧﺘﺎﻣـﻪ "ﻣـﺴﻚ" ﻟﻠﺠﻨﺲ ﺍﻟﺒ ّ
) (٤
ـﺴﺘﺎﺭ ـﺴﻔﺮ" ﺍﻟّﺘــﻲ ﺃﺷــﺎﺭ ٕﺍﻟﻴﻬــﺎ ﺩﺍﻧﻴــﺎﻝ ،ﻭﺃﺯﺍﺡ ﺍﻟـ ّ ـﺾ ﺃﺧﺘــﺎﻡ "ﺍﻟـ ّ ﻭﻓـ ّ
ﻋ ــﻦ ﻣﻌ ــﺎﻧﻲ "ﺍﻟﻜﻠﻤ ــﺎﺕ" ﺍﻟّﺘ ــﻲ ﻗ ـ ّـﺪﺭ ﻟﻬ ــﺎ ﺃﻥ "ﺗﺨﻔ ــﻰ ﻭﺗﺨ ــﺘﻢ"
ٕﺍﻟﻰ "ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻨّﻬﺎﻳﺔ").(٥
ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﺻـﻔﺤﺔ ﻳﻌﻠـﻦ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ٕﺍﻋﻼ ًﻧـﺎ ﻻ ﻟـﺒﺲ ﻓﻴـﻪ
ﺤ ـ ّﺪ ﻭﻻ ﻏﻤــﻮﺽ ﻭﺟــﻮﺩ ٕﺍﻟــﻪ ﻭﺍﺣــﺪ ﻏﻴــﺐ ﻣﻨﻴــﻊ ﻻ ﻳــﺪﺭ ﻙ ﻭﻻ ُﻳ َ
ـﺪﻱ ﺃﺯﻟــﻲ ،ﻋﻠــﻴﻢ ﻭﻻ ﻳــﺸﺎﺭ ٕﺍﻟﻴــﻪ ،ﻣــﺼﺪﺭ ﻛـ ّ ـﻞ ﻭﺣــﻲ ﻭ ٕﺍﻟﻬــﺎﻡ ،ﺃﺑـ ّ ّ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻧـﺴﺒﻴّﺔ ﻭﺃ ّﻥ ﻗﺪﻳﺮ ﻣﺤﻴﻂ ،ﻭﻳﻨﺒّﻪ ﻋﻠﻰ ﺃ ﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ّ
ﻻﻧﺒﻴﺎء ﻭﺷﻤﻮﻝ ﺭﺳﺎﻟﺘﻬﻢ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﺍ ﻻﻟﻬﻲ ﻣﺴﺘﻤ ّﺮ ،ﻭﻳﺆ ّﻛﺪ ﻭﺣﺪﺓ ﺍ ٔ ٕ ّ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳــﺔ، ـﺤﺔ ﻛﺘــﺒﻬﻢ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟــﺔ ّ ﻭﺍﺗّﻔــﺎﻕ ﺗﻌــﺎﻟﻴﻤﻬﻢ ﺍﻻٔﺳﺎﺳ ـﻴّﺔ ﻭﺻـ ّ ﻭﻳﺒـ ـ ـ ـﻴّﻦ ﻃﺒﻴﻌ ـ ـ ــﺔ ﻣﻘ ـ ـ ــﺎﻣﻬﻢ ﺍﻟﻤ ـ ـ ــﺰﺩﻭﺝ ،ﻭﻳﻨ ـ ـ ـ ّـﺪﺩ ﺑﻌﻤ ـ ـ ــﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤ ـ ـ ــﺎء
ﻻﻋ ــﺮﺍﺽ ﻭﺍﻻﻋﺘ ــﺮﺍﺽ، ﻭﺿ ــﻼﻟﻬﻢ ﻓ ــﻲ ﻛ ـ ّ ـﻞ ﻋ ــﺼﺮ ﻓﻬ ــﻢ ﻋﻠّـ ـﺔ ﺍ ٕ ﻻﻧﺠﻴﻞ ﺍﻟﻤﺮﻣـﻮﺯﺓ ،ﻭﻣﺘـﺸﺎﺑﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜـﺮﻳﻢ ﻭﻳﻮﺿﺢ ﺁﻳﺎﺕ ﺍ ٕ
ـﺸﺮﻳﻔﺔ ،ﺗﻠـ ـ ــﻚ ﺍﻟّﺘـ ـ ــﻲ ﻏـ ـ ـ ّـﺬﻯ ﺭﻣﺰﻫـ ـ ــﺎ ﻭﻏـ ـ ــﻮﺍﻣﺾ ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳـ ـ ــﺚ ﺍﻟـ ـ ـ ّ
ﻀﻼﻻﺕ ﻭﺍﻟﺤ ـ ـ ــﺰﺍﺯﺍﺕ ـﺸﻜﻮ ﻙ ﻭﺍﻟـ ـ ـ ـ ّ ﻭﺗ ـ ـ ــﺸﺎﺑﻬﻬﺎ ﻭﻏﻤﻮﺿ ـ ـ ــﻬﺎ ﺍﻟ ـ ـ ـ ّ ﻭﺍﻟﻌـ ـ ــﺪﺍﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺰﻣﻨـ ـ ــﺔ ﺍﻟّﺘـ ـ ــﻲ ﺷـ ـ ــﻄﺮﺕ ﺃﺗﺒـ ـ ــﺎﻉ ﺩﻳﺎﻧـ ـ ــﺎﺕ ﺍﻟﻌـ ـ ــﺎﻟﻢ
ﺍﻟﻌﻈﻤـ ـ ــﻰ ﻓﺮ ًﻗ ـ ـ ــﺎ ﻭﻣ ـ ـ ـ ّـﺰﻗﺘﻬﻢ ﺷ ـ ـ ــﻴ ًﻌﺎ ﻭﺃﺣﺰﺍ ًﺑ ـ ـ ــﺎ ،ﻭﻳﻌ ـ ـ ـ ّـﺪﺩ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟ ـ ـ ــﺐ
ﻟﻜﻞ ﺑﺎﺣﺚ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳّﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ ّ ٢٢١
ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﺑﻲ ﻭﺳﻤ ّﻮ ﻣﺨﻠﺺ ﻭﺭﺍء ﻫﺪﻓﻪ ﻭﻣﻄﻠﺒﻪ ،ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺻﺤﺔ ّ ّ ّ ﺩﻻﻟﺘ ـ ـ ــﻪ ،ﻭﻳﺜﻨ ـ ـ ــﻲ ﻋﻠ ـ ـ ــﻰ ﺑﻄﻮﻟ ـ ـ ــﺔ ﺃﺻ ـ ـ ــﺤﺎﺑﻪ ﻭﺍﻧﻘﻄ ـ ـ ــﺎﻋﻬﻢ ﻭﻳﺘﻨﺒّـ ـ ـ ـﺄ
ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟّﺬﻱ ﻭﻋـﺪ ﺑـﻪ ﺑﺎﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﺍﻟّﺬﻱ ﻳﺤﺮﺯﻩ ّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ّ ّ ـﺴﻴّﺪﺓ ﻣ ـ ــﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌ ـ ــﺬﺭﺍء ﺃﻫ ـ ــﻞ ﺍﻟﺒﻴ ـ ــﺎﻥ ،ﻭﻳﻌﻠ ـ ــﻦ ﺍﻳﻤﺎﻧ ـ ــﻪ ﺑﻄﻬ ـ ــﺎﺭﺓ ﺍﻟ ـ ـ ّ
ﻭﻳﺘﻮﺟـﻊ ﻻﺳﺘـﺸﻬﺎﺩ ﻣﺤﻤـﺪ، ﺃﺋﻤـﺔ ﺩﻳـﻦ ﺣـﻀﺮﺓ ﻭﺑﺮﺍءﺗﻬﺎ ّ ّ ﻭﻳﻤﺠﺪ ّ ّ ﻭﻳﻤﺠـﺪ ﺳــﻴﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟ ّﺮﻭﺣﻴّــﺔ ،ﻭﻳﻜــﺸﻒ ﻋــﻦ ﺃﺳــﺮﺍﺭ ﻻﻣــﺎﻡ ﺍﻟﺤــﺴﻴﻦ ﺍ ٕ ّ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻣﺜﻞ "ﺍﻟ ّﺮﺟﻌﺔ" ﻭ"ﺍﻟﺒﻌﺚ" ﻭ"ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨّﺒﻴّـﻴﻦ" ﻭ"ﻳـﻮﻡ
ﻻﻟﻬﻴّــﺔ ﻭﻳﻤﻴّ ـﺰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ" .ﻭﻳﻌــﺮﺽ ﺍﻟﻤﺮﺍﺣــﻞ ﺍﻟ ـﺜّﻼﺙ ّ ﻟﻠﻈﻬــﻮﺭﺍﺕ ﺍ ٕ
ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻭﻳﺴﻬﺐ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻣﺸﺮﻗﺔ ﻓﻲ ﺫﻛـﺮ ﻣﻔـﺎﺧﺮ ﻭﻣﺤﺎﻣـﺪ
"ﻣﺪﻳﻨ ـ ــﺔ ﺍﻪﻠﻟ" ﺍﻟّﺘ ـ ــﻲ ﻳﺠ ـ ـ ّـﺪﺩﻫﺎ ،ﻋﻠ ـ ــﻰ ﻓﺘ ـ ــﺮﺍﺕ ﻣﻘ ـ ـ ّـﺪﺭﺓ ،ﻇﻬ ـ ــﻮﺭ ـﺸﺮﻱ ﻭﺧﻼﺻ ـ ــﻪ ﻭﺗ ـ ــﺄﻣﻴﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳ ـ ــﺔ ﺍﻟ ّﺮﺑّﺎﻧﻴّ ـ ــﺔ ﻟﻬﺪﺍﻳ ـ ــﺔ ﺍﻟﺠ ـ ــﻨﺲ ﺍﻟﺒ ـ ـ ّ
ﻜﻨﻨــﺎ ﺃﻥ ﻧـ ّـﺪﻋﻲ ﺑﺤـ ّـﻖ ﺃ ﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﻣﻨﻔﻌﺘــﻪ ﻭﻣـﺼﺎﻟﺤﻪ .ﻭﻳﻤ ّ
ﻻﻣﺮ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻲ ﻫﻮ ﻭﺣﺪﻩ ،ﺩﻭﻥ ﺳﻮﺍﻩ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟّﺬﻱ ﺃﻧﺰﻟﻪ ﺷﺎﺭﻉ ﺍ ٔ
ﺍﻟﻜﺘــﺐ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻴّــﺔ ،ﻗــﺪ ﻭﺿــﻊ ﺍﻻٔﺳــﺎﺱ ﺍﻟ ّﺮﺍﺳــﺦ ﺍﻟﻌــﺮﻳﺾ ﻟﻠﻮﻓــﺎﻕ ﺍﻟـ ّـﺪﺍﺋﻢ ﺍﻟﻜﺎﻣــﻞ ﺑــﻴﻦ ﺃﺗﺒــﺎﻉ ﺍﻻٔﺩﻳــﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴّــﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤــﻰ ﺑﻔــﻀﻞ ﺗﺤﻄﻴﻤﻪ ﻟﻠﺤﻮﺍﺟﺰ ﺍﻟﻌﺘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﻓ ّﺮﻗﺘﻬﺎ ﺗﻔﺮﻳ ًﻘـﺎ ﻻ ﻳﻤﻜـﻦ
ﺗﺨﻄﻴﻪ ﻭﻻ ﺗﺠﺎﻭﺯﻩ". ّ
٢٢٢
ﻣﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟ ّﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ (١ﺭﺣﻴﻖ ﻣﺨﺘـﻮﻡ" ،ﺍﻟﺠـﺰء ﺍﻻٔ ّﻭﻝ ،ﺗـﺄﻟﻴﻒ ﻋﺒـﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴـﺪ ٕﺍﺷـﺮﺍﻕ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ .٢١٦ ﺧﺎﻭﺭﻱ ّ
(٢ﺃﻱ ﻓﺘــﺮﺓ ﻣﻜــﻮﺙ ﺣــﻀﺮﺓ ﺑﻬــﺎء ﺍﻪﻠﻟ ﻓــﻲ ﺑﻐــﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﻤﺘـ ّـﺪﺓ ﻣــﻦ ١٢ﻛ ـ ــﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜّ ـ ــﺎﻧﻲ ١٨٥٣ﺣﺘّ ـ ــﻰ ﺍﻟﺜّﺎﻟ ـ ــﺚ ﻣ ـ ــﻦ ﺷ ـ ــﻬﺮ ﺃﻳ ـ ــﺎﺭ .١٨٦٣
(٣ﻧﻘﻠ ـ ــﻪ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴّ ـ ــﺔ ﺣ ـ ــﻀﺮﺓ ﺍﻟﺤﺒﻴ ـ ــﺐ ﺍﻟﻤﺘ ـ ــﺼﺎﻋﺪ ٕﺍﻟ ـ ــﻰ ﺍﻪﻠﻟ ﺍﻟﻌﺰﺍﻭﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻪﻠﻟ ﻭﺑﻬﺎﺅﻩ. ﺍﻟﺴﻴّﺪ ّ ّ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ّ ﻣﺤﻤﺪ ّ
(٤ﺍﻧﻈﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻄ ّﻔﻔﻴﻦ ﺍﻻٓﻳﺔ ٢٥ﻭ .٢٦
(٥ﺍﻧﻈــﺮ ﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘـ ّـﺪﺱ ﺳــﻔﺮ ﺩﺍﻧﻴــﺎﻝ ﺍﻻٔﺻــﺤﺎﺡ ١٢ﺍﻻٓﻳــﺔ ٤ﻭ .١٢
٢٢٣
ﻓﻬﺮﺱ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﺑﺘﻼء ﺍﻻٔﻧﺒﻴﺎء ﺑﻴﻦ ﺃﻗﻮﺍﻣﻬﻢ ،١١ ،١٠ ،٨
،١٨٧ ،١٨٦ ،١٨٥ ،١٨٤ ،١٨٣ ،١٨٢
،٢١٠ ،٩٠ ،٨٩ ،٦٣ ،٦٢ ،١٣ ،١٢
،١٩٤ ،١٩٢ ،١٩١ ،١٩٠ ،١٨٩ ،١٨٨
.٢١٢ ،٢١١
٢٠٠ ،١٩٩ ،١٩٨ ،١٩٦ ،١٩٥
ﻻﻟﻬﻲ ١١٦ ،١١٥ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﺍ ٕ
ﺍﻟﺒﺎﺏ )ﺍﻻٔﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﺑﺸﺄﻥ ﻇﻬﻮﺭﻩ( ٢٠٥ ،٢٠٣ ،٢٠٢ ،٢٠١ ،٢٠٠
ﻻﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ )ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩﻩ( ،١٠٧ ،١٠٦ ﺍ ٕ ١٩٠ ،١٠٨
ﻻﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ )ﻣﻨﺰﻟﺘﻪ( ١٠٨ ،١٠٧ ،١٠٦ ﺍ ٕ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﻭﺍﻻﻓﺘﺘﺎﻥ ،٤٦ ،٤٥ ،١١ ،١٠ ٢١٥ ،١٣٧ ،٥٠ ،٤٩
ﻻﻟﻬﻴّﺔ ١٠ ﺍﻟﺒﺪﺍء ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻴﺪ ﺍ ٕ ﺑﻬﺎء ﺍﻪﻠﻟ )ﻣﻘﺎﻣﻪ( ١٤٧ ،٥٣
ﺑﻬﺎء ﺍﻪﻠﻟ )ﺍﺑﺘﻼﺅﻩ( ٢١٢ ،٢١١ ﺗﺤﺮﻳﻒ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﻘ ّﺪﺳﺔ ،٧٥ ،٧٤ ،٧٢
ﺍﻟﺒﺎﺏ )ﺑﺮﺍﻫﻴﻦ ﺻﺪﻕ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ( ،١٧٨ ،١٢٠
٧٧ ،٧٦
،١٨١ ،١٨٠
ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨّﺒﻴّﻴﻦ ،١٣٧ ،١٣٦ ،١٣٥ ،١١٤ ١٤٠
٢٢٤
ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ١٦٥ ،١٣٣ ،١٣١ ،١٢٩
ﻣﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍء )ﻃﻬﺎﺭﺗﻬﺎ( ٥١ ،٥٠ ،٤٩
ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ )ﺗﻨﺰﻳﻬﻪ( ٨١ ،٨٠
ﻻﻟﻬﻴّﺔ )ﺭﺑﻮﺑﻴّﺘﻬﻢ( ،٨٢ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ّ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺍ ٕ
ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ )ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ( ٨١
١٥٢ ،١٥٠
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،١٥٦ ،١٥٥ ،١٥٤ ّ ١٥٨ ،١٥٧
ﻻﻟﻬﻴّﺔ )ﻣﻘﺎﻣﻬﻢ( ،٨٢ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ّ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺍ ٕ ١٥٢ ،١٥١ ،٨٥ ،٨٤ ،٨٣
ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ١٨٩ ،١٨٨
ﻻﻟﻬﻴّﺔ )ﻭﺣﺪﺗﻬﻢ( ،٢٠ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ّ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺍ ٕ
ﻻﺳﻼﻡ )ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺗﻐﻴﻴﺮﻫﺎ( ،٤٥ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﺍ ٕ ٤٦
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ١٢١ ،١٢٠ ،٩٧ ،٩٦ ،٦٧ ،٦٦
١٥١ ،١٤٩ ،١٢٨ ،٢١
ﻟﻠﻈﻬﻮﺭ ،١٣٨ ،١٦ ،١٥ ﻣﻨﺎﻭﺃﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ّ
٢٠٨ ،١٨٠ ،١٥٥ ،١٥٤ ،١٥٣ ،١٣٩
ﻭﺍﻟﺴﻠﻮ ﻙ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻪﻠﻟ )ﺷﺮﻭﻃﻬﺎ( ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﻭﺍﻟﻨّﺼﺎﺋﺢ ،٥٢ ،٣٨ ،٢٤ ،٢٣ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ ّ ١٦٥ ،١٦٤ ،١٦٣ ،١٦١ ،٣٨ ،١٤ ،٦
،١٦٣ ،١٦١ ،٧٩ ،٧٨ ،٧٧ ،٦٠ ،٥٩
ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺮﻳﻤﺨﺎﻥ ﺍﻟﻜﺮﻣﺎﻧﻲ ،١٥٦ ،١٥٥ ّ
١٦٥ ،١٦٤
١٦٠ ،١٥٩ ،١٥٨ ،١٥٧
٢٢٥
ﻓﻬﺮﺱ ﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺮّﻣﻮﺯ ﻭﺍﻟ ّﺘﺸﺒﻴﻬﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ٕﺍﺳﺮﺍﻓﻴﻞ )ﺻﻮﺭﻩ( ٩٦
ﺍﻟﺴﻤﺎء ٤٢ ،٤١ ،٤٠ ﺍﻧﻔﻄﺎﺭ ّ
ﺍﻟﺒﻌﺚ ٩٥
،١١١ ،١٠٩ ،١٠٨ ،١٠٦ ،١٠٤ ،١٠٣ ١١٢ ﺍﻟﺴﻤﺎء ٥٩ ،٥٨ ّ
ﺗﺒﺪﻳﻞ ﺍﻻٔﺭﺽ ٤٢ ،٤١
ﺍﻟﺸﻤﺲ )ﻇﻠﻤﺘﻬﺎ( ،٣٣ ،٣٢ ،٣١ ،٣٠ ّ
ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻨّﺸﺮ ١٠٠ ،٩٧ ،٩٥ ،٨٨
ﺍﻟﺼﻤﻢ ٩٨ ّ
ﺍﻟﺠﻨﺔ ٩٩ ،٩٨
٥٧ ،٥٤ ،٣٨ ،٣٦ ،٣٥ ،٣٤
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ١٠١ ،١٠٠ ،٩٨ ،٩٥ ،٩٤ ،٨٨
ﺍﻟﻀﻴﻖ ٣٠ ،٢٨ ّ
ﺍﻟ ّﺮﺟﻌﺔ ١٣٤ ،١٣٣ ،١٢٦ ،٢٠
ﺍﻟﻐﻨﻰ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ١١١ ،١٠٩ ،٨٨
ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ ٦٦ ّ
ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ ﻭﺍﻟﻐﻤﺎﻡ ٦٤ ،٦٣ ،٦٢ ّ
ﺍﻟﻌﻤﻰ ٩٨
ﺍﻟﻘﻤﺮ )ﻇﻠﻤﺘﻪ( ،٣٤ ،٣٣ ،٣٢ ،٣١ ،٣٠
ﻻﻟﻬﻴّﺔ ٥٧ ،٥٤ ،٣٨ ،٣٦ ،٣٥ ،٨٨ ،٨٧ ،٨٥ ،٨٠ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍ ٕ
،١٠٢ ،٩١ ،٩٠
ﻟﻘﺎء ﺍﻪﻠﻟ ،١١٨ ،١١٧ ،١١٦ ،١٩ ،٦ ١٤٢ ،١١٩
٢٢٦
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ٧٠ ،٦٩ ،٦٨
ﺍﻟﻨّﺠﻮﻡ )ﻇﻠﻤﺘﻬﺎ( ،٣٤ ،٣٣ ،٣٢ ،٣١ ،٣٠
ﺍﻟﻤﻮﺕ ١٠١ ،٩٩ ،٩٨ ،٩٥ ،٩٤ ،٨٨
٥٧ ،٥٦ ،٥٤ ،٣٨ ،٣٦ ،٣٥
ﻣﺆﺍﻧﺴﺔ ﺍﻟﺬّ ﺋﺐ ﻭﺍﻟﺤﻤﻞ ٩٣
ﺍﻟﺼﻮﺭ ٩٦ ،٩٠ ﺍﻟﻨّﻔﺦ ﻓﻲ ّ
ﺍﻟﻨّﺎﺭ ٩٩ ،٩٨
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺒﻌﺚ ١٠٠
٢٢٧
ﻻﻋﻼﻡ ﻭﺍ ٔ ﻣﺴﺮﺩ ﺍ ٔ ﻻﻣﻜﻨﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ
٢٢٨
ﺃ
١٨٠
ﺍﺑﻦ ﺻﻮﺭﻳﺎ ٧٣
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ٢١٠ ،١٩٤ ،٧٩
ﺃﺑﻮ ﺟﻬﻞ ١٠١
ﺃﻳﻮﺏ ٢٠٧
ﺃﺑﻮ ﻋﺎﻣﺮ ﺍﻟ ّﺮﺍﻫﺐ ٧٩
ﺏ
ﻻﺣﺴﺎﺋﻲ( ٥٧ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺣﻤﺪ ﺍ ٕ ﺃﺣﻤﺪ ) ّ
ﺍﻟﺒﺎﺏ ٢١١ ،١٩٤ ،١٣٥ ،١٣٤ ،١١٤
ﺁﺩﻡ ،١٩٩ ،١٤١ ،١٣٧ ،١٢٨ ،١٢٤ ٢٠٦
ﺑﺨﺘﻨﺼﺮ ٧٤ ّ
ﺍﻟﺒﻄﺤﺎء ٤٥
ﺍﻻٔﺭﺑﻌﻴﻦ )ﻛﺘﺎﺏ( ٢٠٥
ﺑﻨﻮ ﻫﺎﺷﻢ ٢٠٤ ،٢٠٣
ٕﺍﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ )ﻛﺘﺎﺏ( ١٥٦ ﺍﺳﺮﺍﻓﻴﻞ ٩٦
ﺃ ّﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ٧٥
ﻻﻧﺠﻴﻞ ،٣٨ ،٢٧ ،٢٦ ،٢٥ ،٢٤ ،٢٢ ﺍ ٕ
،١٦٨ ،١٢٦ ،١١١ ،٩٩ ،٧٧ ،٧٦ ،٧٠
ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ )ﻛﺘﺎﺏ( ٢١٠ ،٢٠٨ ،١٦٨ ﺑﻴﺖ ﻟﺤﻢ ٥٦ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ٧٤ ،٤٥ ﺑﻴﻼﻃﺲ ١١١ ﺕ ﺍﻟﺘّﻮﺭﺍﺓ ،٧٤ ،٧٣ ،١٩ ،١٨
٢٢٩
١٦٨ ،١٢٦ ،١١٤ ،٧٦ ،٧٥
ﻱ )ﻣﺪﻳﻨﺔ( ٢٠٨ ﺭ ّ
ﺟﺎﺑﺮ )ﺣﺪﻳﺚ( ٢٠٦
ﺳﻠﻤﺎﻥ ١٤١ ،٥٧
ﺡ
ﺳﻴﻨﺎء ٤٨
ﻻﻣﺎﻡ( ،١٠٧ ،١٠٦ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ )ﺍ ٕ
ﺵ
ﺝ
١٩٦ ،١٩٠ ،١٤٢
ﺍﻟﺴﻴّﺪ( ١٨٩ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘّﺮﺷﻴﺰﻱ ) ّ
ﻼ( ١٨٨ ﺣﺴﻴﻦ ) ُﻣ ّ
ﺱ
ﺷﻌﻴﺐ ٤٨ ﺷﻴﺮﺍﺯ ١٩٨ ﺹ
ﺍﻟﺸﻬﺪﺍء ١٠١ ﺣﻤﺰﺓ ﺳ ّﻴﺪ ّ
ﻻﻣﺎﻡ( ،٢٠٦ ،٢٠٣ ،١٠٩ ،٦٨ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ )ﺍ ٕ ّ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻞ ٥٤ ،١١
ﺻﺎﻟﺢ )ﺍﻟﻨّﺒﻲ( ١١ ّ ﻉ
ﺩ
ﻋﺒﺪﺍﻪﻠﻟ ﺃﺑﻲ ٧٩
ﺍﻟﺴﻼﻡ )ﺑﻐﺪﺍﺩ( ٢٠٨ ،١٤٦ ،٢٢ ﺩﺍﺭ ّ
ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ١٢٣
ﺥ
ﺧﻴﺒﺮ ١٤٢ ،٧٣
ﺩﺍﻭﺩ ٤٦
ﺍﻟﺪﻳﻠﻢ )ﻗﻮﻡ( ٢٠٧ ّ ﺭ
ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ )ﻛﺘﺎﺏ( ٢٠٨
٢١٥ ،٢١٣ ،٢٠٨
ﻻﻣﺎﻡ( ،١٤٠ ،١٣٨ ،١٢٨ ،٩٩ ﻋﻠﻲ )ﺍ ٕ ٢٠٢
ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺒﺮﻗﺎﻧﻲ )ﻣﻼ( ١٨٩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ )ﻛﺘﺎﺏ( ٢٠٥ ،٢٠٣
٢٣٠
ﺍﻟﺴﻼﻡ ،٢٢ ،٢١ ،١٩ ،١٨ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ّ ،٥٧ ،٥٦ ،٥٤ ،٥١ ،٤٩ ،٤٦ ،٢٤
ﻙ
ﺍﻟﺴﻴّﺪ( ٥٧ ﻛﺎﻇﻢ ﺍﻟ ّﺮﺷﺘﻲ ) ّ
،١١١ ،١٠٩ ،١٠٠ ،٩٨ ،٧٧ ،٧٠
ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ )ﻛﺘﺎﺏ( ٢٠٧
،٢٠٧ ،١٨٠ ،١٦٨ ،١٣٤ ،١٢٨ ،١٢٦
ﻛﺮﺑﻼء ١٠٦
٢١٤
ﻛﺮﻳﻢ ﺧﺎﻥ )ﺣﺎﺟﻲ ﻣﻴﺮﺯﺍ( ١٥٥
ﻑ
ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﺃﺷﺮﻑ ٧٩
ﻓﺎﻃﻤﺔ )ﻟﻮﺡ( ٢٠٧
ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ٤٥
ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟ ١٤٠
ﻛﻤﻴﻞ )ﺭﻭﺍﻳﺔ( ٨٤
ﻓﺮﻋﻮﻥ ٧٣ ،٥٥ ،٤٩ ،٤٨ ،١٨ ،١٢
ﻝ
ﻕ
ﻻﻧﺠﻴﻞ( ١١١ ،٢٥ ﻟﻮﻗﺎ )ﺻﺎﺣﺐ ﺍ ٕ
ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ )ﻣﻬﺪﻱ( ٧٢
ﻡ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ،١٢٣ ،١١٨ ،٧٩ ،٣٥
ﻣﺠﻮﺱ )ﻗﻮﻡ( ٥٧ ،٥٥
،١٧٦ ،١٧١ ،١٧٠ ،١٦٨ ،١٤٢ ،١٢٦ ٢١٤ ،١٧٧
ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻪﻠﻟ ،٣٦ ،٣٥ ،٢٨ ،٢١ε ّ
،٧٧ ،٧٥ ،٧٤ ،٧٣ ،٧٢ ،٧٠ ،٥٧ ،٤٥
ﻗﻴﺎﻓﺎ ١١١
،١٢٤ ،١١٤ ،٩٦ ،٩٥ ،٩١ ،٨٩ ،٨٨
ﻗﻴّﻮﻡ ﺍﻻٔﺳﻤﺎء )ﻛﺘﺎﺏ( ١٩٥
،١٤٦ ،١٤٤ ،١٤٠ ،١٣٤ ،١٢٨ ،١٢٦
٢٣١
،١٧٢ ،١٧٠ ،١٦٩ ،١٦٨ ،١٥٧ ،١٥٣
٢٠٢ ،١١٤
،٢٠٦ ،٢٠٢ ،١٩٨ ،١٨٤ ،١٨٠ ،١٧٨
ﻧﻀﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ٧٩
٢١٤
ﻧﻮﺡ ١٣٤ ،١٤ ،٨
ﻣﺪﻳﻦ ٤٨
ﻫ
ﻻﻧﺠﻴﻞ( ٢٥ ﻣﺮﻗﺲ )ﺻﺎﺣﺐ ﺍ ٕ
ﻫﺎﺑﻴﻞ ١٢٤ ،١٢٣
ﻣﺮﻳﻢ )ﺍﻟﻌﺬﺭﺍء( ٥٠ ،٤٩
ﻫﺎﺭﻭﻥ ٥٠
ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﻭﻫﺐ ٢٠٨
ﻫﻮﺩ ١٠
ﺍﻟﺴﻼﻡ ،١٨ ،١١ ﻣﻮﺳﻰ )ﻛﻠﻴﻢ ﺍﻪﻠﻟ( ﻋﻠﻴﻪ ّ
ﻫﻴﺮﻳﺪﻭﺱ ٥٦
،٥٦ ،٥١ ،٤٩ ،٤٨ ،٤٧ ،٤٦ ،١٩
ﻱ
،١٣٤ ،١٢٨ ،١٢٦ ،١١٥ ،١١٤ ،٧٣
ﻳﺜﺮﺏ ٤٥
٢١٣ ،٢٠٧ ،١٨٠ ،١٧٥ ،١٦٨
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺯﻛﺮﻳّﺎ ٥٦
ﺍﻟ ّﻨﺪﺑﺔ )ﺩﻋﺎء( ٣٣
ﻻﻧﺠﻴﻞ( ٢٥ ﻳﻮﺣﻨﺎ )ﺻﺎﺣﺐ ﺍ ٕ
ﻥ ﺍﻟﻨّﺼﺎﺭﻯ ،٧٧ ،٧٤ ،٧٢ ،٧٠
ﻳﺤﻴﻰ )ﺍﻗﺎ ﺳﻴّﺪ( ١٨٩
ﻳﻮﺳﻒ )ﺍﻟﻨّﺒﻲ( ٢١٤ ،١٨٠ ّ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ،٧٤ ،٥٦ ،٤٥ ،٢٠ ،١٩ ،١٨ ،١١٥ ،١١٣ ،١١٢ ،١١١ ،٧٧ ،٧٥ ٢٠٢ ،١٧٥
٢٣٢
مقررات استفاده با استفاده از اين سايت ،شما قبول ميکنيد که از شرايط و دستورالعملھا )"مقررات استفاده"( و کاردانى اطالعات خصوصى پيروى نمائيد و خود را متعھد به اجراى اين مقررات بدانيد. مقررات استفاده و کاردانى اطالعات خصوصى ممکن است ھر زمان و بدون اطالع قبلى تغيير يابد. مشروط به رعايت مقررات زير شما ميتوانيد متن کتابھا و ھرگونه اطالعات موجود ديگر در اين سايت )"محتوا"( را به صورت کامل و يا بخشى از آن را آزادانه نسخه بردارى ،چاپ ،ايميل، توزيع ،دانلود و يا آپلود کنيد ،آن را به نمايش بگذاريد و يا مخابره کنيد: -١
اطالعيه مربوط به حقوق مالکيت انحصارى محتوا و نيز مأخذ آن بايد پيوست محتوا باشد؛
-٢
به استثناى تغيير قلم و يا ظاھر متن ،محتوا را تحت ھيچ شرايطى نبايد تغيير داد؛ محتوا بايد صرفا ً براى مقاصد غير تجارى مورد استفاده قرار گيرد.
-٣
ھرچند اجازه عمومى براى استفاده و تکثير محتواى اين سايت بصورت آزادانه داده شده است اما جامعه بينالمللى بھائى تمامى حقوق انحصارى و مالکيت محتوا را بر اساس قوانين ملى و بينالمللى مربوطه براى خود محفوظ نگاه ميدارد. براى کسب اجازه به منظور چاپ ،انتقال ،نمايش و يا ھرگونه استفاده ديگر از محتواى اين سايت براى مقاصد تجارى با Reference@Bahai.org