إصدار رواق العدد ٦

Page 1

‫العدد (‪)٦‬‬

‫مع ‪:‬‬

‫إصدارشهري يصدر عن‬

‫سبتمبر ‪٢٠١٥‬م‬

‫مركــز الدراســـات والبحــوث‬

‫صيف المواهب‪..‬‬

‫مصنع المبدعين الصغار‬

‫‪1,001,081‬‬ ‫برميل‬

‫معدل إنتاج النفط في يوليو‬

‫‪2015‬‬

‫‪6‬‬

‫االنطالق من "المعيار" في‬ ‫تدريس اللغة العربية َج َّر عليها‬ ‫وباال قديم ًا وحديث ًا‬ ‫ً‬

‫‪14‬‬

‫الغاز الحيوي‪..‬الحل األمثل‬ ‫للطاقة الالزمة للتنمية‬ ‫الريفية‬

‫‪20‬‬

‫تنويع مصادر الدخل ‪ ..‬دور الدراسات‬ ‫واإلحصاءات في دعم صانع القرار‬


‫انطالقة‬

‫‪2‬‬

‫امسح وشاهد‬ ‫الرئيس التنفيذي‬ ‫د‪ .‬إبراهيم بن أحمد الكندي‬ ‫المتعددة في‬ ‫في إطار توظيف الوسائط‬ ‫ّ‬ ‫القراء‬ ‫الورقية للمزيد من التفاعل مع‬ ‫الصحافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫للمرة األولى في‬ ‫يدشن "رواق" خدمة جديدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطور التكنولوجي‬ ‫السلطنة مستفيدين من‬ ‫ّ‬

‫وجعله في خدمة القاريء ولمشاهدة مقاطع‬ ‫قم بالمسح‬ ‫الفيديو الموجودة بـ"رواق"‬ ‫ْ‬ ‫بكل مقطع فيديو‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الضوئي (للباركود) الخاص‬

‫وبإمكان مستخدمي أجهزة الهواتف المحمولة‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫والحواسيب‬ ‫ّ‬ ‫االندرويد تحميل برنامج (َ‪)QR Code Reader‬‬

‫من متجر (‪ )Play Store‬كما يمكن لمستخدمي‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫الهواتف واألجهزة‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )iOS‬تحميله من موقع (‪.)iTunes‬‬

‫اإلشراف التحريري‬

‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬ ‫مديرة مركز الدراسات والبحوث‬

‫المراجعة التحريرية‬ ‫عبد الرزاق الربيعـي‬

‫ناصر محمد أبو عون‬

‫التنسيق الفني والمتابعة‬ ‫باسمة بنت محمد الداوودية‬ ‫زبيدة بنت علي البلوشية‬

‫التصوير واإلنتاج الفني‬ ‫حمــد عبد الرحمن الرئيــــسي‬

‫اإلخراج والتنفيذ‬

‫محمد بن راشد العيسائي‬ ‫طاهر الحراصي‬

‫الترجمة‬

‫أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫صورة الغالف ‪ :‬تصوير حمد الرئيسي‬

‫إصدار متخصص يصدر عن مركز الدراسات والبحوث ويوزع مع جريدة عمان‬

‫جميع اآلراء الواردة في اإلصدار تعبر عن آراء كاتبيها فقط وال تعبر عن رأي المركز‪.‬‬ ‫يرحب رواق بجميع المشاركات والمساهمات واالبتكارات العلمية والبحثية التي تقدم حلوال قابلة للتطبيق‪ ،‬ونرجو تواصلكم عبر‪:‬‬

‫هاتف‪:‬‬

‫‪ 24649145 - 24649192‬فاكس‪24649143 :‬‬ ‫ايميل‪rawaq.r.s.c@gmail.com :‬‬

‫ُط ِبع بمطابع مؤسسة ُعمان للصحافة والنشر واإلعالن‬


‫أخبار‬

‫خــاص‪:‬‬

‫التطوعي‬ ‫متطوعا) يستعد إلطالق حلقة عمل عن العمل‬ ‫فريق (كن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪3‬‬

‫ي�ستع ّد فريق (كن متطوّعا) لإقامة ور�ش عمل‬ ‫تب ّين �أهم ّية العمل التطوّعي في بناء المجتمع‪،‬‬ ‫وتقديم يد العون للمحتاجين‪ ،‬وم�ساعدتهم‪،‬‬ ‫وخلق جيل تطوعي �شبابي يالم�س احتيجات‬ ‫المجتمع‪ ،‬ومتطلباته‪ ،‬وذلك من �أجل تحقيق‬ ‫�أهداف الفريق الذي ي�سعى �إلى تمتين الروابط‬ ‫الإجتماعية بين �أفراد المجتمع‪ ،‬و�إيجاد م�شاريع‬ ‫اجتماعية م�ستدامة تخدم الفرد والمجتمع‬ ‫العماني‪ ،‬وم�ساهمة كافة فئات المجتمع العماني‬ ‫في الحقل التطوعي‪ ،‬والأعمال التطوعية‬ ‫والم�ساهمة في �إنجاحها‪ .‬وتكون هذه الور�ش‬

‫ب�إ�شراف �أ�ساتذة متخ�ص�صين في العمل‬ ‫التطوعي‪ ،‬ومن �أ�صحاب الخبرة‪ .‬وكذلك يوا�صل‬ ‫فريق(كن متطوّعا) م�شروع (�شجعان للم�صابين‬ ‫بال�سرطان) الذي بد�أه الفريق بزيارة لمر�ضى‬ ‫ال�سرطان بالم�ست�شفى ال�سلطاني ‪-‬جناح الأطفال‪،‬‬ ‫�إذ ّ‬ ‫نظم فعالية ترفيهيه للأطفال تخللها فقرات‬ ‫ممتعة‪ ،‬و�شخ�صيات كرتونية‪ ،‬كما �شارك الأطفال‬ ‫في تلك الفقرات من خالل الإن�شاد واللعب‬ ‫بالبالونات‪ ،‬واللعب مع ال�شخ�صيات الكرتونية‪،‬‬ ‫وقد القت تلك الزيارة ردود فعل طيبة من‬ ‫الأطفال الذين تفاعلوا مع تلك الفقرات ‪،‬فزرعوا‬

‫االبت�سامة في وجهوههم رغم الألم‪ ،‬وكانت �آخر‬ ‫بادرة قام بها في هذا المجال الحيوي‪ ،‬والإن�ساني‪،‬‬ ‫مجال العمل التطوّعي‪ ،‬هو م�شروع (كفالة ‪100‬‬ ‫يتيم) الذي ّ‬ ‫نظمه الفريق في �شهر رم�ضان‬ ‫المبارك‪ ،‬بالتعاون مع عدّة جهات‪ ،‬وذلك من �أجل‬ ‫�أن يتكامل هذا الم�شروع الإن�ساني‪.‬‬ ‫وجه الفريق دعوة ال�شباب للم�ساهمة في‬ ‫وقد ّ‬ ‫االعمال الإن�سانية التي تخدم المجتمع وكذلك‬ ‫دعم الأ�سر المع�سرة‪ ،‬وتنميتها اجتماعياً‪،‬‬ ‫واقت�صادياً من خالل م�ساهمتها في البرامج‬ ‫االجتماعية والتنموية ‪.‬‬

‫حلقة في "اإلطفاء والسالمة " للتدريب على تقنيات إسعاف مصابي الحرائق‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫ّ‬ ‫نظم مركز الدرا�سات والبحوث بم�ؤ�س�سة (عمان)‬ ‫لل�صحافة‪ ،‬والن�شر‪ ،‬والإعالن برنامجا توعويّا‪،‬‬ ‫وتثقيف ّيا في مجال «الإطفاء وال�سالمة» وذلك‬ ‫بمقر الم�ؤ�س�سة الكائن في مدينة الإعالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لموظفي الم�ؤ�س�سة‪ ،‬قدّمه فريق من الهيئة العامة‬ ‫للدفاع المدني والإ�سعاف على مدار يومين‪.‬‬ ‫وت�ض ّمن البرنامج �شرحا تف�صيليا قدمه ب�شير‬ ‫بن حمدان الهطالي‪ ،‬ووليد بن حمد حول �أهمية‬ ‫ال�سالمة العامة في مختلف الحوادث التي قد‬ ‫يتعر�ض لها الأ�شخا�ص‪� ،‬أو الم�ؤ�س�سات‪ ،‬وكيفية‬ ‫ا�ستخدام جميع �أنواع مطافئ الحريق بمختلف‬ ‫�أنواعها‪ ،‬و�أحجامها‪ ،‬وتقديم الن�صائح الهامة‬ ‫حول كيفية ا�ستخدامها لتفادي المخاطر التي‬ ‫قد تودي بحياة البع�ض‪ .‬وتط ّرق البرنامج �إلى‬ ‫طرق الإخالء الواجبة في حال ن�شوب حريق‬ ‫مفاجئ‪ ،‬و�إعداد خطة الطوارئ المنا�سبة لذلك‪،‬‬ ‫وكيفية نقل الأ�شخا�ص من مكان الخطر �إلى‬ ‫مكان �أكثر �أمنا بطريقة �سليمة‪ ،‬ومنظمة تت�ضمن‬ ‫�سالمتهم‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى �إعداد خطة التجمع‬ ‫ال�سليمة من خالل تقديم �شرح عملي مب�سط‬

‫للوقوف على �أهمية معايير ال�سالمة والأمان‪.‬‬ ‫و قدم الم�سعف والمالزم علي بن خمي�س دليل‬ ‫الإ�سعافات الأولية‪ ،‬وكيفية التعرف على التقنيات‬ ‫الحديثة الم�ستخدمة لإ�سعاف الم�صاب من‬ ‫خالل تقييم حالته في موقع الحادث‪ ،‬والتعرف‬ ‫على كيفية تقديم الم�ساعدة والطوارئ المنا�سبة‬ ‫للتعامل مع الحاالت الطارئة‪ ،‬و�أعرا�ضها‪،‬‬ ‫والإجراءات المنا�سبة لها خا�صة لمن يعانون من‬ ‫الأمرا�ض المختلفة مثل نق�ص ال�سكر في الدم‬

‫وحاالت الإغماء‪ ،‬والت�شنجات‪ ،‬وال�سكتة الدماغية‪،‬‬ ‫�إلى جانب مو�ضوعات مختلفة تتع ّلق في ال�سالمة‬ ‫العامّة‪.‬‬ ‫و�أجاب الفريق عن ت�سا�ؤالت الم�شاركين الذين‬ ‫ع ّبروا عن نجاح البرنامج في تحقيق الأهداف‬ ‫المر�سومة له‪ ،‬متم ّنين على المركز موا�صلة عقد‬ ‫هذه البرامج التي تل ّبي حاجتهم في تعريفهم‬ ‫بتلك الطرق التي ت ّت�صل بال�سالمة ‪.‬‬


‫تواصل‬

‫تواصل‬ ‫‪@SRCOman‬‬

‫‪4‬‬

‫‪SRC Oman‬‬

‫ما أهم كتاب قرأته خالل العام الجاري ؟‬

‫ما هو أهم مسلسل درامي شاهدته خالل العام الجاري ؟‬

‫ترقبوا مع جريدة‬

‫اجتـاهـات الطالب حول ظاهرة‬ ‫الغ�ش يف االمتحانات‬

‫ً‬ ‫مجـــانا‬

‫(ا�صتطالع راأي طالب الكليات اخلا�صة)‬

‫أسامء بنت مظفر الجامعية‬ ‫اخصايئ إحصاء مبركز الدراسات والبحوث‬

‫اإ�صدارات مركز الدرا�صات والبحوث‬

‫األربعاء القادم‬

‫العـدد ‪7‬‬

‫كرا�ســــات‬ ‫ا�سرتاتيجية‬

‫بحوث خلدمة املجتمع ودعم �صانع القرار‬

‫بحوث خلدمة املجتمع ودعم �صانع القرار‬

‫(ا�صتطالع راأي طالب الكليات اخلا�صة)‬

‫الغ�ش يف االمتحانات‬ ‫اجتـاهـات الطالب حول ظاهرة‬

‫ثوحبلاو تاص�اردلا زكرم تارا‬

‫اخصايئ إحصاء مبركز الدراسات والبحوث‬ ‫أسامء بنت مظفر الجامعية‬


‫مقال‬

‫أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫‪5‬‬

‫‪ahlam.alshaili@oeppa.om‬‬

‫واقع الترجمة‪ ..‬اآلمال والتحديات‬ ‫ثمة عبارة ما انفك رنينها يطرق م�سامعي‪ ،‬حين‬ ‫قالت مدرِّ�ستي ذات مرة‪ ،‬و�أنا على مقاعد الدرا�سة‬ ‫الجامعية‪( :‬لو كانت الترجمة مجرد نقل للمعاني من‬ ‫القوامي�س‪ ،‬حتى جدتي كان بو�سعها �أن تعمل مترجمة)!‬ ‫ال �أجد في هذه العبارة تقلي ًال من �ش�أن الج َّدة بقدر‬ ‫ما �أجد فيها علواً لمكانة الترجمة‪ ،‬والمترجم‪ ،‬فعلى‬ ‫م ِّر الع�صور كان للترجمة مكانتها المرموقة‪ ،‬وحظيت‬ ‫باهتمام وا�سع تباينت �أنماطه باختالف الزمان والمكان‪.‬‬ ‫فالترجمة لي�ست مجرد تحويل ن�ص من لغة �إلى‬ ‫�أخرى‪ ،‬و�إنما هي نقل ثقافات‪ ،‬ودمج ح�ضارات‪ ،‬كونها‬ ‫ذلك (الج�سر) الممتد الذي ي�صل بين معارف ال�شعوب‬ ‫وثقافاتها‪ ،‬وحول دور الترجمة تو�ضح الأ�ستاذة هدى‬ ‫�سرحان مديرة دائرة الترجمة بوزارة الثقافة بالأردن‪-‬‬ ‫�أن ( الترجمة مثلها مثل و�سائل االت�صال الأخرى جعلت‬ ‫العالم قرية �صغيرة لدورها الفعال في التوا�صل بين‬ ‫ال�شعوب و�س َد الفجوة الثقافية واللغوية)‪.‬‬

‫‪800،000‬‬ ‫عدد المترجمين األعضاء‬

‫باالتحاد الدولي للترجمة‬

‫لذلك‪ ،‬فالترجمة تلعب دوراً حيوياً في �إثراء الح�ضارات‪،‬‬ ‫والم�ساهمة في التقدم والتطور‪ ،‬عن طريق االطالع‪،‬‬ ‫واال�ستفادة من تجارب الآخر‪ ،‬ونظراً للدور الفعال‬ ‫لعملية الترجمة‪ ،‬ف�إن العالم يحتفل في ‪ 30‬من �سبتمبر‬ ‫من كل عام باليوم العالمي للترجمة‪ .‬وقد تمخ�ضت هذه‬ ‫الفكرة بداية بعدما �شجع االتحاد الدولي للمترجمين‬ ‫على االحتفال بيوم (�سانت جيروم) الذي قام بترجمة‬ ‫الإنجيل �إلى الالتينية‪ ،‬غير �أنه وفي عام ‪ 1991‬اقترحت‬ ‫لجنة العالقات العامة باالتحاد فكرة �أن يتم تو�سيع‬ ‫نطاق هذا االحتفاء لي�شمل االحتفال بالترجمة على‬ ‫ال�صعيد العالمي‪ ،‬لذا فقد تم تخ�صي�ص هذا اليوم ليكون‬ ‫(يوم الترجمة العالمي) لتحتفل فيه جميع الم�ؤ�س�سات‬ ‫والهيئات الترجمية التي تن�ضوي تحت مظلة االتحاد‪.‬‬ ‫وي�أتي الهدف من تخ�صي�ص يوم عالمي للترجمة من‬ ‫�أجل الترويج لمهنة الترجمة في جميع الدول الأع�ضاء‬ ‫كما �أنه ي�ساهم في �إظهار الفخر واالعتزاز بهذه المهنة‪.‬‬ ‫وقد ت�أ�س�س االتحاد الدولي للمترجمين (‪ )FIT‬على يد‬

‫بيير فران�سوا كايل (‪ – )Pierre – Francois Cail‬ومقره‬ ‫في مدينة باري�س بفرن�سا‪ ،‬وي�ضم االتحاد ‪� -‬إلى عام‬ ‫‪� - 2012‬أكثر من ‪ 150‬اتحاداً وم�ؤ�س�سة من �أكثر من‬ ‫‪ 60‬دولة حول العالم بع�ضوية �أكثر من ‪ 80000‬مترجم‬ ‫ولغوي‪.‬‬ ‫واقترح االتحاد الدولي عدة طرق لالحتفال بيوم‬ ‫الترجمة العالمي وذلك من خالل منح �شهادات‬ ‫الدبلوم للمترجمين ال�شباب‪ ،‬وت�شجيع المترجمين‬ ‫على االن�ضمام �إلى االتحادات المهنية‪ ،‬وتقديم الجوائز‬ ‫بالإ�ضافة �إلى ا�شراك و�سائل االعالم المختلفة للتعريف‬ ‫بهذه المهنة التي غالباً ما يُ�ساء فهمها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من الحراك الترجمي الوا�سع الآخذ في‬ ‫االمتداد �إال �أن ن�صيب الترجمة في الوطن العربي زهيد‬ ‫جداً‪� ،‬إذ يفتقر العرب �إلى وجود م�ؤ�س�سات تعليمية تقدم‬ ‫برامج متخ�ص�صة عالية الم�ستوى في مجال الترجمة‪،‬‬ ‫كما �أنه ووفقاً لما �أفاده الدكتور عبد اهلل ال�شناق (رئي�س‬ ‫جمعية المترجمين الأردنيين) ف�إن حركة الترجمة‬ ‫تواجه عدة تحديات في الوطن العربي من �أبرزها‬ ‫عدم وجود م�ؤ�س�سات تعمل على جمع �شمل الم�ؤ�س�سات‬ ‫والهيئات المعنية ب�ش�ؤون الترجمة‪ ،‬وي�ضيف ال�ش َّناق (�إن‬ ‫عملية الترجمة تفتقر �إلى وجود تنظيمات‪ ،‬وت�شريعات‬ ‫تنظم هذه المهنة‪ ،‬وتقنن ال�شروط الالزمة التي تحفظ‬ ‫للمترجم حقه‪ ،‬كما �إنها تفتقر �إلى ت�شجيع البحوث‪،‬‬ ‫والدرا�سات الترجمية‪ ،‬وعدم وجود منهجيات‪ ،‬و�آليات‬ ‫للتدريب‪ ،‬ولتدري�س المقررات التعليمية)‪.‬‬ ‫وعالوة على هذه التحديات‪ ،‬ف�إن الترجمة تواجه �أي�ضاً‬ ‫عقبات على م�ستوى المجتمع ب�سبب �سيادة بع�ض الأفكار‬ ‫التي يمكنني �أن �أطلق عليها ب�أنها (ر ّثة) �أو (بالية)‪،‬‬ ‫وتتعدد الأمثلة التي ي�شهدها مجتمعنا‪ ،‬والتي تدل على‬ ‫تدني ثقافتهم بمعنى عملية الترجمة فعلى �سبيل المثال‬ ‫ال زالت هناك طائفة في مجتمعنا تعتقد ب�أن عملية‬ ‫الترجمة هي �إيجاد المعنى المرادف للكلمة من لغة‬ ‫�إلى �أخرى‪ ،‬فمث ًال كلمة (باب) في اللغة العربية يقابلها‬ ‫بب�ساطة كلمة "‪ "door‬في اللغة الإنجليزية وب�إمكانك‬ ‫الح�صول على هذه المرادفة بمجرد �أن ت�شير ب�إ�صبعك‬ ‫�إلى كلمة (باب) في �صفحة القامو�س �أو ب�ضغطة زر على‬ ‫�أي من برامج الترجمة الإلكترونية‪.‬‬ ‫كما ي�سود اعتقاد �آخر ب�أن دور المترجم قد يتال�شى مع‬ ‫المترجمة الإلكترونية التي با�ستطاعتها‬ ‫وجود القوامي�س ِ‬ ‫تحويل الن�ص الأ�صلي �إلى ن�ص مترجم خالل ثوانٍ‬ ‫معدودة‪ .‬هذا بدوره يهدم كفاءة المترجم و�إن كانت‬ ‫كفاءة الترجمة الآلية ال يمكن �أن تقارن بكفاءة المترجم‬ ‫الب�شري‪ ،‬بيد �أن الكثيرين يعمدون �إلى هذه الطريقة‬

‫نظراً لحاجتهم ال�سريعة لمعرفة فحوى الن�ص الذي‬ ‫بين �أيديهم بغ�ض النظر عن مدى دقة الترجمة و�سالمة‬ ‫اللغة‪ .‬بالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ف�إننا نجد �أي�ضاً انت�شار مكاتب‬ ‫الترجمة التي قد ال يوجد بها متخ�ص�صون بالترجمة‬ ‫وتعر�ض لك خدماتها المغرية مقابل �سعر زهيد‪ٌ ،‬‬ ‫موقف‬ ‫كهذا كفيل ب�أن يبعث الأ�سى في نف�سية ذلك الذي �أفنى‬ ‫عدداً من �سنين عمره يدر�س الترجمة‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬كثيرة هي التحديات التي يواجهها المترجم‪،‬‬ ‫وعالوًة على هذه التحديات المذكورة‪ ،‬فالعملية نف�سها‬ ‫ن�ص‬ ‫لي�ست بالهينة‪� ،‬إذ تجد نف�سك منغم�سا بين �سطور ٍ‬ ‫بالكاد �أن تفهم فكرته نظراً لطول الجمل فيه‪ ،‬وعدم‬ ‫ا�ستخدام عالمات الترقيم المنا�سبة التي ت�سهل عليك‬ ‫ت�أويل الن�ص‪ ،‬ومن تجربتي ال�شخ�صية ف�إنني في بع�ض‬ ‫الأحيان �أتعامل مع ن�صو�ص ت�صيبني بالأرق والتوتر‬ ‫خا�صة تلك المكتوبة باللغة العربية فغالبًا ما تميل‬ ‫اللغة العربية �إلى الزخرفة اللغوية‪ ،‬وا�ستخدام قوالب‬ ‫معقدة ت�شعرني بال�ضيق كلما حاولت فك طال�سمها‬ ‫التي ال �أجد لها في النهاية مع ًنى وا�ضحا غير �أنها‬ ‫وُ�ضعت لملء الفراغ وتنميق ال�سطور‪ ،‬وبالطبع هنا ي�أتي‬ ‫دور المترجم‪ ،‬وحذاقته في محاولة �إيجاد معنى قريب‬ ‫ليتمكن من �إعادة �صياغة الن�ص بتركيب �سليم يحمل‬ ‫المعنى ذاته في اللغة الهدف دون �أن ي�شعر القارئ‬ ‫للن�ص المترجم �أن ثمة خلال في معنى الن�ص �أو �أن‬ ‫يلتب�س عليه فهمه‪.‬‬

‫‪150‬‬

‫اتحاد ومؤسسة للترجمة عضو‬ ‫باالتحاد الدولي للترجمة‬

‫لذا‪ ،‬ف�إنه بات من ال�ضروري اتخاذ االجراءات الالزمة‬ ‫التي من �ش�أنها �أن تحفظ حقوق هذه المهنة وتلبي‬ ‫حاجات المترجم‪ ،‬وتمنحه الفر�صة بالح�صول على‬ ‫فر�ص التدريب المتخ�ص�ص‪ ،‬والمكثف من �أجل تنمية‬ ‫قدراته‪ ،‬ومهاراته‪ ،‬كما �إنه من ال�ضروري �إيجاد كيان‬ ‫ترجمي ي�ضم تحت لوائه جميع الم�ؤ�س�سات المعنية‬ ‫بالترجمة‪ ،‬ويحق له �سن الت�شريعات‪ ،‬والأنظمة فيما‬ ‫يتعلق بمهنة الترجمة‪ ،‬وبالتالي ي�ضمن المترجم‬ ‫حقه خا�صة �أولئك الذين ينخرطون في �سوق العمل‬ ‫بم�شاريعهم الخا�صة‪.‬‬


‫حوار‬

‫د‪ .‬سعيد جاسم الزبيدي‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫وحديثا‬ ‫قديما‬ ‫وباال‬ ‫االنطالق من "المعيار" في تدريس اللغة العربية َج َّر عليها‬ ‫ً‬

‫حاوره‪ :‬ناصر أبو عون‬

‫‪6‬‬

‫التيسير النحوي اتجاه ساد في الدراسات النحوية المعاصرة‪ ،‬وال سيما في األربعينات‪ ،‬والخمسينيات من القرن‬ ‫الماضي‪ ،‬إذ ظهر نوع من التأليف يحمل هذا العنوان؟‪ ،‬أو ما يشبهه‪ ،‬ولم يتفق أصحاب التيسير النحوي المعاصر‬ ‫على مفهوم محدد للتيسير‪ ،‬فقد ذهبوا مذاهب شتى‪ ،‬واختلفوا اختالفات كثيرة فاقت اختالف القدامى‬ ‫عدها بعض أصحاب التيسير عيب ًا‪ ،‬وإحدى مشكالت النحو‪ .‬بل لم يتّ فقوا على‬ ‫في بعض المسائل النحوية التي ّ‬ ‫اصطالح واحد لهذه الحركة التي تفاقمت في العقود األخيرة‪ ،‬فمنهم من اصطلح عليه بمصطلح‪ :‬التيسير‪،‬‬ ‫ومنهم من سماه إصالحا‪ ،‬وإحياء‪ ،‬وتجديدا‪ ،‬وتبسيطا‪ ،‬وتقريبا‪ ،‬وتعريبا وغير ذلك‪ .‬لكنهم أجمعوا على إنه محاولة‬ ‫تقريب النحو للناشئة‪ ،‬ولغير المتخصصين من المثقفين‪ .‬أو محاولة إعادة النظر في القواعد النحوية القديمة‪،‬‬ ‫وطرحها بأسلوب علمي رصين في ضوء التراث‪ ،‬أو تقديم النحو بريئً ا من العلل‪ ،‬والتفريعات‪ ،‬والتأويالت‪ ،‬سهل‬ ‫فرق بين‬ ‫المتناول قريب المأخذ من أذهان المتعلمين باستخدام مناهج وطرائق تربوية مختلفة‪ ،‬ومنهم َم ْن ّ‬ ‫التجديد‪ ،‬والتيسير‪ ،‬فالمحافظون يقصرونه على الحذف واالختصار‪ ،‬والتغيرات الشكلية‪ ،‬وإعادة ترتيب األبواب‬ ‫توعر منها دون المساس بجوهر النحو‪َّ .‬أما المجددون‪ ،‬فيرون ذلك ال يحل المشكلة‪ ،‬وال يعين على تذليل الصعوبة منه‪ ،‬بل‬ ‫النحوية‪ ،‬وتقريب ما ّ‬ ‫هي مهمة تربوية خالصة لذا اشترطوا أن تسبقه خطوة جريئة تتوخى إحياء النحو‪ ،‬وإصالحه‪ ،‬أو تجديده‪ ،‬ونفخ الروح فيه‪ ،‬ثم تيسيره‪ ،‬وتقريبه‪..‬‬ ‫وفي هذا الحوار نلتقي مع الدكتور سعيد جاسم الزبيدي أحد النحويين المحدثين بجامعة نزوى ‪ ،‬والذي نال درجة الدكتوراه عن موضوع (القياس‬ ‫محكما‪ ،‬وأشرف على أكثر من ‪ 14‬رسالة جامعية‪ ،‬وتقلّ د ‪15‬‬ ‫كتابا‪ ،‬ونشر ‪ 11‬بحثً ا أكاديميا‬ ‫ً‬ ‫في النحو العربي‪ :‬نشأته وتطوره) وله أكثر من ‪ً 23‬‬ ‫وظيفة نوعية‪ ،‬وعضو فاعل في أكثر من ‪ 8‬لجان علمية‪ ،‬وقد حاولنا في هذه المساحة الفكرية من ملحق (رواق) إلقاء الضوء على بعض إشكاليات‬ ‫النحو العربي لدى دارسيه‪ ،‬ومدرسيه‪ ،‬فالتقيناه‪ ،‬وكان الحوار‪.....‬‬ ‫"انتحاء َس ْمتِ كالم‬ ‫عرف ابن جنِّ ي النحو على أنه‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬

‫وظاهر التعريف‬ ‫إعراب وغيره؛‬ ‫تصرفه من‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫العرب في ُّ‬

‫أساسا للعرب‪ ،‬ولكن ذلك ال‬ ‫يؤكد أن النحو لم ُيوضع‬ ‫ً‬

‫يعني شيئً ا بالنسبة لواقع ألْ ِسنتنا‪ .‬إذً ا ‪ ،‬ما هو "معيار"‬ ‫رجع إليه في تقويم ألْ ِسنتنا وأقالمنا إن شذَّ ت عنه؟‬ ‫ُي َ‬

‫ينبغي لمن ينظر في حال (العربية) � ّأل ينطلق من (المعيار)‬ ‫لأ ّن هذا ج ّر على العربية ً‬ ‫وباال قديماً و حديثاً‪ ،‬لكنني �أرى‬ ‫في مقولة �أبي عمرو بي العالء (ت ‪ 154‬هـ) منطلقاً �صالحاً‪،‬‬ ‫و مذهباً متقب ًال حين قال‪�( :‬أعمل على الأكثر‪ ،‬و �أ�سمي ما‬ ‫خالفني لغات) فهو يوجّ ه �إلى ا�ستقراء كالم العرب الذي بنى‬ ‫عليه ابن جني مقولته‪ ،‬و تر�سم الخليل بن �أحمد الفراهيدي‬ ‫هذا المنهج في �صياغته نظرية النحو العربي‪.‬‬

‫حل ترقيعي‬ ‫النحو الوظيفي ّ‬ ‫لم تستقم أبعاده بعد‬

‫بناء (ملكة) الحفظ ثم بناء ملكة (التعبير)‪ .‬وهذا منهج �أخرى تتعلق بمناهج الدرا�سة اللغوية وما يمت لها ب�صلة‪.‬‬ ‫قديم تج ّلى عند نحاة الكوفة الذين انطلقوا من الن�صو�ص‪:‬‬ ‫فرق بين «صناعة اللسان»‬ ‫فالك�سائي (ت ‪ 189‬هـ) والفرّاء (ت ‪ 207‬هـ) انطلقا من القر�آن ابن خلدون في مقدمته ُي ِّ‬ ‫الكريم‪ ،‬والغو�ص في معانيه‪� ،‬أما ثعلب (ت ‪ 291‬هـ) و�أبو بكر وبين «تحصيل الملكة»؛ أي‪ :‬بين «قواعد اللغة»‪ ،‬وبين‬ ‫ابن الأنباري (ت ‪ 328‬هـ) فعقدا تحليلهما على كالم العرب إتقان العربية نطقً ا وكتابة‪ ،‬ومن هنا فهو ُمهتم بالمنهج‬ ‫نثراً و�شعراً‪ ،‬وبيان مواطن (البالغة) وتجلياتها‪ ،‬وتفاوت الذي يحقِّ ق الهدف األسمى‪ ،‬وهو إتقان العربية نطقً ا‬ ‫الف�صحاء في التعبير عن (المعاني)‪ ،‬و�أ�سرار التركيب‪ ،‬لذا وكتابة‪ .‬هل لديكم منهج خاص في الدرس النحوي‬ ‫تستخدمونه مع طالبكم؟ وما هي أهم مالمحه؟‬ ‫ال تجد للكوفيين كتاباً تمح�ض للنحو مثل الب�صريين‪.‬‬ ‫إن النحو الوظيفي هو الموضوعات النحوية �إن منهجي الذي �أعتمد عليه يقوم على منطلقات عدة‪:‬‬ ‫تحدثً ا وكتابةً ‪ )1( ،‬االنطالق من الن�صو�ص التي ينبغي �أن تكون منتقاة‬ ‫المستعملة في لغة التالميذ‬ ‫ُّ‬ ‫سليما في اإلعراب‪ ،‬على وفق الفئة العمرية‪ ،‬وتحديد ما يحفظ منها لتدريب‬ ‫استخداما‬ ‫بحيث تُ ستخدم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومفهوما‪ .‬الأل�سنة عليها‪ :‬من قر�آن‪ ،‬وحديث‪ ،‬وعيون ال�شعر العربي‪،‬‬ ‫واضحا‬ ‫والتركيب‪ ،‬والربط؛ َليبرز المعنى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فإذا كانت تلك هي طبيعةَ النحو العربي‪ ،‬وما �أبدعه �أمراء الكالم والبيان‪.‬‬ ‫نشأت تلك الفجوة بين (‪ )2‬اعتماد درا�سة (الجملة العربية) مفهوماً و�أق�ساماً‬ ‫ْ‬ ‫ونشأته‪ ،‬ووظيفته‪ ،‬فكيف‬ ‫ً‬ ‫نطقا وكتابة ومعرفة عنا�صرها بعيدا عما �ساد عند القدماء من مواقف‬ ‫ً‬ ‫«دراسة» هذا العلم وبين «إتقانه»‬ ‫�شكلية �ساذجة‪ ،‬وتحليلها باعتماد المنهج الو�صفي واال�ستعانة‬ ‫عند الطالب؟!‬ ‫ال �أرى �أن الدعوة �إلى (النحو الوظيفي) هي العالج‪ ،‬بل بالمناهج الأخرى التي تحقق ما يقرّب العربية �إلى متعلميها‪.‬‬ ‫هو ح ّل ترقيعي لم ت�ستقم �أبعاده لي�أخذ مكانه في الدر�س‬ ‫النحوي المعا�صر ‪ ،‬وهو محدود النتائج‪.‬‬ ‫تكمن في طريقة تدريس النحو‬ ‫المشكلة الرئيسة ُ‬ ‫أساسا على‬ ‫العربي في المدارس‪ ،‬والتي تركِّ ز‬ ‫ً‬

‫إن هناك مشكلة كبرى في الدرس النحوي‪ ،‬لعل أبرز‬

‫إتقان اإلعراب‪ ،‬واستظهار القواعد النحوية وحفظها‬

‫قدرا ال بأس‬ ‫في أن الطالب قد َيحفظ من قواعد النحو ً‬

‫كم من الصعوبات المتعلقة بمادة النحو؛‬ ‫أمام ٍّ‬ ‫القدم‪ .‬فما هي‬ ‫وصلنا منذ ِ‬ ‫من حيث هي إرث َ‬

‫نتائجها‪ :‬هي الحالة العامة عند غالبية الطالب‪ ،‬المتمثِّ لة‬ ‫به‪ ،‬وقد ُيتقن «إعراب» الجمل بشكل ممتاز‪ ،‬ولكن رغم‬ ‫شديدا في التمكُّ ن من «إنشاء» التعبير‬ ‫ذلك يواجه َضعفً ا‬ ‫ً‬

‫نحويا‪ .‬فما هي األسباب وراء ذلك؟‬ ‫العربي السليم ًّ‬

‫�إ ّن ملكة التعبير لدى متعلم العربية ال تتكون من حفظ‬ ‫(القواعد) و معرفة (الإعراب) و �إنما بمزاولة ت�أليف الجمل‬ ‫و معرفة �أ�ساليب العربية‪ ،‬و ربطها بـ(مقت�ضى الحال)‪ ،‬و يبد�أ‬ ‫ذلك بالقراءة‪ ،‬فقد قال �أ�ستاذنا المرحوم علي جواد الطاهر‪:‬‬ ‫"اقر�أ ثم اقر�أ ثم اكتب‪ ".‬ليجترح منهجاً تعليمياً يقود �إلى‬

‫الداء العضال منبته في‬ ‫طريقة إعداد معلم العربية‬

‫غيبا‪ ،‬وفي العودة إلى جذور المشكلة نجد أنفسنا‬ ‫ً‬

‫أهم الصعوبات التي تواجه طالبك أثناء الدرس‬ ‫األكاديمي؟‬

‫لع ّل ما تراه في طرائق تدري�س العربية من ب�ؤ�س ال‬ ‫يعود لها بالمرتبة الأولى بل �إنني �أرى �أن الداء الع�ضال‬ ‫في طريقة �إعداد (معلم العربية)‪ ،‬فالمقولة التربوية‬ ‫الم�شهورة (�أعطني معلماً جيداً �أعطك طالباً جيداً)‪ ،‬هي‬ ‫الخطوة الأولى في �إ�صالح تعليم العربية ثم تليها خطوات‬

‫(‪ )3‬النظر في الموازانات بين الف�صيح من الكالم‪ ،‬ومراتبه‪،‬‬ ‫ومعانيه‪ ،‬وم�ستويات التعبير‪.‬‬ ‫(‪)4‬و�ضع مخطط ينا�سب كل فئة عمرية‪ ،‬وبناء منهج‬ ‫متكامل يتدرج ومراتب المتعلمين‪.‬‬ ‫(‪� )5‬إعداد حلقات دوائر تلفزيونية ومواقع �إلكترونية ي�سمح‬ ‫فيها المتعلم �إلقاء المجودين‪ ،‬و�إن�شاد ال�شعر‪ ،‬وخطب البلغاء‪.‬‬ ‫(‪ )6‬توزيع تنفيذ هذه الفقرات بين �ساعات الدر�س والواجبات‬ ‫المنزلية‪ ،‬ومتابعة ر�سم العربية وقدرة حروفها على الإيحاء‪.‬‬


‫مقال‬

‫أحمد بن ناصر الراشدي‬

‫‪7‬‬

‫‪Ahmed_squ@hotmail.com‬‬

‫الدوري الشامل‬ ‫تقارير االستعراض‬ ‫ّ‬ ‫اال�ستعرا�ض الدوري ال�شامل عملية‬ ‫فريدة تنطوي على �إجراء ا�ستعرا�ض‬ ‫ل�سجالت حقوق الإن�سان لدى جميع الدول‬ ‫التي تمتلك ع�ضويه في الأمم المتحدة‪ ،‬وهو‬ ‫�أي�ضا عملية تحركها الدول برعاية مجل�س‬ ‫حقوق الإن�سان‪ ،‬وتوفر لجميع الدول الفر�صة‬ ‫لكي تعلن الإجراءات التي اتخذتها لتح�سين‬ ‫�أو�ضاع حقوق الإن�سان في بلدانها‪ ،‬والوفاء‬ ‫بالتزاماتها في مجال حقوق الإن�سان‪.‬‬ ‫واال�ستعرا�ض الدوري ال�شامل‪ ،‬باعتباره �أحد‬ ‫المعالم الرئي�سة للمجل�س‪ ،‬م�صمم ل�ضمان‬ ‫معاملة كل بلد على قدم الم�ساواة مع غيره‬ ‫عند تقييم �أو�ضاع حقوق الإن�سان في البلدان‪.‬‬ ‫وقد �أُن�شئ اال�ستعرا�ض الدوري ال�شامل عن‬ ‫طريق الجمعية العامة للأمم المتحدة في‬ ‫‪ 15‬مار�س ‪ 2006‬بموجب القرار‪ ،251/60‬الذي‬ ‫�أن�ش�أ مجل�س حقوق الإن�سان ذاته‪ .‬وهو �أحد‬ ‫العنا�صر الرئي�سة للمجل�س الذي يذ ّكر الدول‬ ‫بم�س�ؤوليتها عن احترام حقوق الإن�سان‪،‬‬ ‫والحريات الأ�سا�سية‪ ،‬و�إعمالها ب�شكل كامل‪.‬‬ ‫والهدف النهائي لهذه الآلية هو تح�سين‬ ‫و�ضع حقوق الإن�سان في جميع البلدان‪،‬‬ ‫والت�صدي النتهاكات حقوق الإن�سان �أينما‬ ‫تحدث‪.‬‬ ‫ويعتبر اال�ستعرا�ض الدوري ال�شامل �آلية‬ ‫حكومية تعاونية‪ ،‬ت�شارك فيها الدول على قدم‬ ‫الم�ساواة تحت رعاية مجل�س حقوق الإن�سان‪،‬‬ ‫كما يمكن للمجتمع المدني‪ ،‬و�أ�صحاب‬ ‫الم�صلحة الآخرين �أن ي�ساهموا فيه كذلك‬ ‫حيث يمكن للمنظمات غير الحكومية طرح‬ ‫�أ�سئلة محددة على الدول الأع�ضاء‪ ،‬وتقديم‬ ‫تو�صيات بعينها للدولة محل المراجعة‪.‬‬ ‫ويوفر اال�ستعرا�ض لجميع الدول الفر�صة‪،‬‬ ‫مرة كل �أربعة �سنوات‪ ،‬لكي ّ‬ ‫تو�ضح و�ضع حقوق‬ ‫الإن�سان لديها‪ ،‬والتحديات التي تواجهها‬ ‫كما يم ّكنها من الإعالن عن الإجراءات التي‬

‫اتخذتها‪� ،‬أو �ستتخذها لتح�سين �أو�ضاع حقوق‬ ‫الإن�سان في بلدانها‪ ،‬وللوفاء بالتزاماتها في‬ ‫مجال حقوق الإن�سان‪.‬‬ ‫وي�أتي الدور كذلك على الم�ؤ�س�سات الوطنية‪،‬‬ ‫وم�ؤ�س�سات المجتمع المدني في كتابة تقارير‬ ‫ظل بعد اطالعها على تقرير الدولة المقدم‬ ‫لمجل�س حقوق االن�سان‪ ،‬بحيث ينبغي على‬ ‫الدولة تقديم تقريرها في وقت معين‪ ،‬وبعد‬

‫تقارير االستعراض‬ ‫الدوري الشامل‬ ‫ّ‬ ‫تستهدف تحسين‬ ‫وضع حقوق اإلنسان‬ ‫في جميع البلدان‬

‫ذلك يتم �إتاحة الفر�صة للم�ؤ�س�سات الوطنية‪،‬‬ ‫وم�ؤ�س�سات المجتمع المدني لالطالع على‬ ‫التقرير‪ ،‬وكتابة تقارير الظل المكملة‪� ،‬أو‬ ‫المو�ضحة‪� ،‬أو الم�صححة‪� ،‬أو المف�سرة لتقرير‬ ‫الدولة‪ .‬وهناك نوعان من التقارير التي‬ ‫تقدمها الدول �إلى مجل�س حقوق الإن�سان‪:‬‬ ‫‪ -1‬تقارير حكومية‪ :‬وهذه التقارير تنفرد‬ ‫فيها الحكومة ‪،‬و�سلطتها التنفيذية في‬ ‫كتابتها دون ا�شراك �أي طرف �آخر‪.‬‬ ‫‪ -2‬التقارير الوطنية‪ :‬وهذا النوع من التقارير‬ ‫تقوم فيه ال�سلطه التنفيذية (الحكومة)‬

‫با�شراك جميع الم�ؤ�س�سات داخل الدولة في‬ ‫�إعداد‪ ،‬و�صياغة وكتابة التقارير المتعلقة‬ ‫باال�ستعرا�ض الدوري ال�شامل؛ وهذا النهج‬ ‫الذي تتبعه ال�سلطنة‪� ،‬إذ �أن ال�سلطنة تقوم‬ ‫بت�شكيل لجنة وطنية ممثلة ببع�ض الجهات‬ ‫الحكومية‪ ،‬وم�ؤ�س�سات المجتمع المدني‪،‬‬ ‫واللجنة الوطنية لحقوق الإن�سان لكتابة‪،‬‬ ‫و�صياغة هذا التقرير‪ ،‬ولكن هذا اليمنع من‬ ‫قيام م�ؤ�س�سات المجتمع المدني الأخرى‪،‬‬ ‫والم�ؤ�س�سات الوطنية من كتابة تقرير ال�ضل‬ ‫مثل ما ذكرنا �سابقا‪.‬‬ ‫تقوم الدولة با�ستعرا�ض كافة الأمور‬ ‫المتعلقة بحقوق الإن�سان في جميع المجاالت‬ ‫من حيث الت�شريعات‪ ،‬والممار�سات‪ ،‬والتوعية‪،‬‬ ‫والتثقيف‪ ،‬وغيرها من الآليات المنفذة‪،‬‬ ‫والتي بدورها تعك�س مدى احترام الدول‬ ‫الأع�ضاء لمبادئ حقوق االن�سان‪.‬‬ ‫وفي ختام مناق�شة دولة معينة لتقريرها تقوم‬ ‫الدول الأع�ضاء بتقديم تو�صيات لتلك الدولة‬ ‫(والدول الأع�ضاء اق�صد هنا ممثلو الدول في‬ ‫الأمم المتحدة بجنيف)‪ ،‬ومن حق الدولة‬ ‫�صاحبة التقرير رف�ض �أي تو�صية تراها غير‬ ‫منا�سبة لها‪ ،‬وقبول بع�ض التو�صيات‪ ،‬والنظر‬ ‫في قبول بع�ضها‪ .‬وبعد ذلك تقوم الدولة‬ ‫بتنفيذ التو�صيات التي قبلتها ا�ستعدادا �إلى‬ ‫رفع تقرير �آخر بعد ( ‪� ) 4‬سنوات تقريبا يتم‬ ‫عر�ض فيه كل ماهو جديد من ت�شريعات‪،‬‬ ‫وقوانين‪ ،‬وممار�سات متعلقة بحقوق االن�سان‪،‬‬ ‫و�أي�ضا ما تم حيال التو�صيات التي تم قبولها‬ ‫في التقرير ال�سابق‪ ،‬وا�ستعا�ض ما تم تنفيذه‬ ‫من هذه التو�صيات‪.‬‬ ‫وتعتبر ال�سلطنة جزء من منظومة الأمم‬ ‫المتحدة‪� ،‬إذ قامت بتقديم �أول تقاريرها‬ ‫الدورية عام ‪ ،2011‬وهي الآن ت�ستعد لمناق�شة‬ ‫تقريرها الثاني في عام ‪.2015‬‬


‫مؤشرات‬

‫‪8‬‬

‫مؤشرات إقتصادية‬

‫‪97‬‬

‫‪٪ 9،8‬‬

‫مليون ريال عماني‬ ‫إجمالي إيرادات الفنادق‬ ‫(‪ )3-5‬نجوم حتى شهر‬ ‫يونيو ‪2015‬م‬

‫مساهمة الصناعات‬ ‫التحويلية في الناتج‬ ‫المحلي‬

‫ارتفاع أسعار األسماك‬ ‫واألغذية البحرية في‬ ‫محافظة ظفار في يوليو‬ ‫‪ 2015‬مقارنة بالفترة‬ ‫المماثلة من العام السابق‬

‫إجمالي عدد نزالء‬ ‫الفنادق (‪ )3-5‬نجوم‬ ‫حتى شهر يونيو‬ ‫‪2015‬م‬

‫‪٪ 27،21‬‬

‫‪556،622‬‬ ‫المصدر ‪ :‬المركز الوطني لإلحصاء والمعلومات‬

‫طبقا لتقديرات مؤشر الحرية االقتصادية لعام ‪ 2014‬الذي أعدته مؤسسة (هيرتيج فاونديشن) األمريكية بالتعاون مع صحيفة (وول‬ ‫ستريت جورنال) والذي يقيس مستوى الحريات االقتصادية في (‪ )186‬دولة حول العالم وحصلت السلطنة في مقاييسه الرئيسة‬ ‫على ‪ 67.4‬نقطة‪ ،‬ودخلت قائمة أكثر الدول تمتعا بالحرية االقتصادية وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي جاءت السلطنة في‬ ‫أن السلطنة تقدمت في خمس مؤشرات فرعية هي‪( :‬الحرية المالية‪ ،‬وحرية االستثمار‪،‬‬ ‫المرتبة الرابعة والخامسة عربيا‪ .‬وأوضح التقرير ّ‬ ‫وحرية التجارة‪ ).‬وأشار التقرير إلى الدور الكبير الذي تقوم به الحكومة في االقتصاد يجعل السلطنة تصنف ضمن الدول المعتدلة في‬ ‫الحرية االقتصادية وهو وضع استمر طوال الـ ‪ 19‬عاما الماضية والتي تم فيها تصنيف السلطنة في المؤشر الذي تم العمل به منذ‬ ‫‪ 20‬عاما‪ ،‬ومن أهم المؤشرات التي جاءت في التقرير‪:‬‬

‫القطاع النفطي والغاز‬ ‫يساهم بنحو ‪ 79‬بالمائة من‬ ‫إيرادات الموازنة العامة‬

‫بلغ العبء الضريبي الكلي‬ ‫(‪ )2.2%‬من الدخل المحلي‬ ‫اإلجمالي‬

‫انخفاض الدين العام إلى‬ ‫أقل من (‪ )10%‬من الناتج‬ ‫المحلي اإلجمالي‬

‫المصدر ‪ :‬تقرير مؤسسة (هيرتيج فاونديشن) األمريكية‬


‫مقال‬ ‫مقال‬

‫عبدالرزاق الربيعي‬

‫‪9‬‬

‫‪razaq2005@hotmail.com‬‬

‫التطرف‬ ‫"اميتاب" و حراب‬ ‫ّ‬ ‫قبل �أيّام كنت مع �صديق في جولة م�سائيّة‬ ‫بم�سقط القديمة‪ ،‬وخاللها لفت نظري بناء كبير‬ ‫يقع على ال�ساحل‪ ،‬ف�س�ألت �صديقي عنه �أجاب( �إ ّنه‬ ‫معبد يمار�س به الهندو�س طقو�سهم التعبّديّة)‪،‬‬ ‫و�أ ّكد �إ ّن النجم الهندي (�أميتاب) حين زار م�سقط‬ ‫حر�ص على زيارة هذا المعبد‪ ،‬الذي يعود تاريخ بنائه‬ ‫الى �أكثر من ‪� 200‬سنة‪ ،‬ولم يفت اميتاب �أن يعبّرعن‬ ‫ده�شته لم�ساحة الحريّة التي تعطيها ال�سلطنة‬ ‫لأتباع الأديان الأخرى لممار�سة �شعائرهم‪ ،‬واليوم‬ ‫مع ا�ستفحال ظاهرة التط ّرف الديني في عالمنا‪،‬‬ ‫ماذا �سيقول �أميتاب لو �شاهد ال�صور التي تب ّثها‬ ‫مواقع المتط ّرفين المت�ضمّنة �صورا لذبح �أزيديين‪،‬‬ ‫وم�سيحيّين‪ ،‬وما يتع ّر�ضون له من تدمير كنائ�سهم‪،‬‬ ‫وقبورهم‪ ،‬وتماثيل لرموزهم الدينية‪ ،‬وتحطيم‬ ‫لل�صلبان في المناطق التي ي�سيطرون عليها‪ ،‬و‬ ‫ذكرت وكالة فران�س بر�س في تقرير لها حول فيديو‬ ‫يظهر �إعدام ‪� 12‬شخ�صاً على �شاطئ عبر ف�صل‬ ‫ر�ؤو�سهم عن �أج�سادهم‪ ،‬و‪� 16‬شخ�صا في منطقة‬ ‫�صحراوية عبر �إطالق النار على ر�ؤو�سهم �إلى جانب‬ ‫�إعدام ‪� 28‬شخ�صاً من الإثيوبيين الم�سيحيين الذين‬ ‫�أعدموا في ليبيا بعدما (رف�ضوا دفع الجزية) �أو‬ ‫اعتناق الإ�سالم!!‪.‬‬ ‫وال نعرف من �أين جاء ه�ؤالء بفتاوى قتل النف�س‬ ‫التي ح ّرم اهلل ال لذنب �سوى �إ ّنهم من ديانة �أخرى‪،‬‬ ‫وال ي�شفع لها كونها توحيديّة‪ ،‬لم ال؟ �ألم يذبحوا‬ ‫�إخوانهم الم�سلمين الذين ينتمون �إلى طوائف‬ ‫�أخرى؟ ليتهم قر�أوا التاريخ ور�أوا كيف تعامل‬ ‫الإ�سالم مع الن�صارى واليهود!‬ ‫ولماذا نذهب بعيدا؟ تعالوا نقر�أ �صفحة م�ضيئة‬ ‫من تاريخنا الحديث كي نرى روح الت�سامح في‬ ‫ديننا‪ ،‬هذه ال�صفحة م�ست ّلة من تاريخ عمان‪ ،‬وتعبّر‬ ‫عن احترام العمانيين للأديان الأخرى‪ ،‬تتحدّث‬ ‫عن طبيب يدعى الدكتور (ويل�س توما�س) و�صل‬ ‫عمان عام ‪1941‬م ال ليتذكر مطرح التي حبا على‬ ‫ترابها عندما كان والده يعمل طبيبا فيها‪ ،‬وال‬ ‫للعمل طبيبا‪ ،‬بل كان له هدف �آخر هو ن�شر الديانة‬ ‫الم�سيحية في مناطق عمان‪ ،‬وقد �ص ّرح بذلك‪ ،‬ولم‬ ‫يتن�صّ ل عن كونه من التب�شريين‪ ،‬بل كان يجهر‬ ‫بذلك‪ ،‬حتى بلغ �صيته م�سامع الإمام (محمد‬ ‫بن عبد اهلل الخليلي) فا�ستدعاه �إلى مق ّره بقلعة‬ ‫نزوى‪ ،‬عن ذلك اللقاء يذكر الدكتور علي بن �سالم‬ ‫الرا�شدي في درا�سة تحليلة لنتاج عدد الرحالين‬

‫الذين زاروا عمان خالل القرن الع�شرين نقال عن‬ ‫مذكرات (توما�س) ر�شوا علينا ماء الورد‪ ،‬وبينما كان‬ ‫هذا يجري وجّ ه �إلينا (الإمام) عدة �أ�سئلة عن هدفنا‬ ‫من مغادرة بالدنا للعي�ش‪ ،‬والعمل في م�سقط‪،‬‬ ‫وعندما �أجبناه ب�أن ي�سوع‪ ،‬ونحن من �أتباعه‪� ،‬أمر‬ ‫اتباعه بالذهاب �إلى ك ّل الأمم لتعليم مبادئه‪ ،‬وعالج‬ ‫المر�ضى‪ ،‬وم�شاطرة كل النا�س الأنباء الطيبة‬ ‫الواردة من الإنجيل‪.‬‬ ‫قال لنا الإمام‪ :‬هل ت�ؤمنون ب�أن اهلل �سبحانه وتعالى‬ ‫واحد؟‬ ‫قلنا‪� :‬أجل‪.‬‬ ‫قال‪( :‬نحن نعتقد �أنكم على خط�أ في بع�ض‬ ‫معتقداتكم‪ ،‬ولكننا نحترمكم لأنكم تخ�شون اهلل‪،‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬ف�إن في ا�ستطاعتكم �أن تم�ضوا في �أر�ضنا‬ ‫ب�سالم‪ ،‬لعل اهلل يهبكم الهداية والحكمة ل�شفاء‬ ‫المر�ضى‪ ،‬و�س�أر�سل دليال �آخر لكي ي�صحبكم �إلى‬ ‫المر�ضى)‪.‬‬

‫‪200‬‬ ‫سنة على إنشاء المعبد‬ ‫الهندوسي في مسقط‬

‫و�أنا �أقر�أ هذه الواقعة �أتخيّل لو حدث هذا في مكان‬ ‫غير عمان‪ ،‬فكيف �ستكون النتيجة؟‬ ‫لقد نظر الإمام �إلى المو�ضوع من عدّة زوايا‪ ،‬ور�أى‬ ‫في الإيمان باهلل قا�سما م�شتركا بين الديانتين‪ ،‬فلم‬ ‫يك ّفره‪ ،‬ولم يهدر دمه‪ ،‬بل تجاوز ذلك �إلى الهدف‬ ‫الثاني من الزيارة وهو (عالج المر�ضى) ف�أم�سك‬ ‫به‪ ،‬وطلب من (توما�س) �أن يم�ضي ب�سالم على �أمل‬ ‫�أن يهبه اهلل الهداية للإ�سالم و�شفاء المر�ضى‪ ،‬علما‬ ‫ب�أن الم�صادر التاريخية ت�ؤكد �أن هذا الدكتور‪ ،‬قام‬ ‫ب�إجراء عملية جراحية للإمام في عينه اليمنى‪،‬‬

‫وقد تكللت بالنجاح‪ ،‬وفي مذ ّكراته التي و�ضعها عام‬ ‫‪ 1835‬م يتط ّرق الرحّ الة البريطاني وي�ستلد �إلى‬ ‫حريّة الأديان‪ ،‬وتعدد الثقافات في م�سقط‪ ،‬كما ورد‬ ‫في كتاب (عمان في عيون الرحالة البريطانيين)‬ ‫للدكتور هالل الحجري‪ ،‬فيقول (تعي�ش مجموعات‬ ‫ب�شرية مختلفة من عرب‪ ،‬وفر�س‪ ،‬وهنود و�أكراد‪،‬‬ ‫و�أفغان‪ ،‬وبلو�ش‪ ،‬كل يمار�س �شعائره الدينية في‬ ‫جو ت�سوده الحرية‪ ،‬واالحترام‪ ،‬فالم�سلمون واليهود‬ ‫والبانيان كلهم كانت لهم م�ساجدهم ومعابدهم‪،‬‬ ‫حتى �أنه في عام ‪1828‬م ا�ستقبل ال�سيد �سعيد بن‬ ‫�سلطان بكل مودة‪ ،‬وت�سامح عددا من اليهود الذين‬ ‫هربوا من ا�ستبداد داود با�شا في العراق)‪.‬‬ ‫وعن البانيان‪ ،‬وهم �آ�سيويّون يعبدون البقر‪ ،‬يدوّن‬ ‫وي�ستلد (�إن عددهم في م�سقط كان �أكثر من �أيّ بلد‬ ‫عربي �آخر في الجزيرة العربية‪ ،‬وكان لهم معبد‬ ‫�صغير‪ ،‬و�سمح لهم ب�أن يتملكوا عددا محددا من‬ ‫الأبقار‪ ،‬و�أن يحرقوا موتاهم‪ ،‬و�أن يتبعوا بحرية‬ ‫مبادئ دينهم‪ ،‬و�شعائره دون �أن ي�ضطروا �إلى ارتداء‬ ‫نوع من اللبا�س يميزهم من البقية‪ ،‬كما كان الحال‬ ‫في مدن اليمن)‪.‬‬ ‫وبالن�سبة لليهود المهاجرين �إلى م�سقط فقد قال‬ ‫وي�ستلد‪�( :‬إذ لم يحملوا على �أن ي�سمو �أنف�سهم‬ ‫ب�إ�شارة‪� ،‬أو عالمة‪ ،‬كما كانت الحال في م�صر‬ ‫و�سوريا‪� ،‬أو �أن ي�سكنوا الأجزاء الق�صية من المدينة‪،‬‬ ‫والمف�صولة عنها‪ ،‬كما كان الحال في مدن اليمن‬ ‫وبلداتها‪ ،‬كما لم يكن عليهم �أن يمروا بي�سار‬ ‫الم�سلمين �إذا ما لقوهم في ال�شوارع‪ ،‬كما في بالد‬ ‫فار�س‪ ،‬وكان العديد منهم ي�شتغلون ب�صياغة الحلي‬ ‫من الف�ضة‪ ،‬و�آخرون يعملون �صيارفة‪ ،‬وقلة قليلة‬ ‫منهم كانت تتخذ من بيع الم�شروبات الكحولية‬ ‫مهنة لها)‪.‬‬ ‫لذا لم �أ�ستغرب وجود كني�سة للم�سيحيين‪ ،‬ومعبد‬ ‫للهندو�س بجوار الم�ساجد‪ ،‬ففي النهاية ك ّل الأديان‬ ‫تهدف �إلى جعل الإن�سان ي�سير على �صراط م�ستقيم‬ ‫�أيّا كانت القبلة التي يوجّ ه لها العبد وجهه‪ ،‬من هذا‬ ‫الأفق انطلقنا لنزور المعبد‪ ،‬كما فعل (اميتاب)‬ ‫الذي لو وقع ب�أيدي ه�ؤالء المتطرفين لكان �صيدا‬ ‫ثمينا للحراب‪.‬‬


‫تاريــخ‬

‫دراسة تاريخية‬

‫دور الشعر العماني في توثيق تاريخ النباهنة‬ ‫(‪579‬هـ‪1183/‬م‪-906‬هـ‪1617/‬م)‬

‫قراءة‪ :‬فاطمة بنت سالم البلوشية‬

‫‪10‬‬

‫‪fatmaabelushi64@gmail.com‬‬

‫الش ْعر كمصدر‬ ‫ال يمكننا بطبيعة الحال تجاهل ِّ‬

‫محلي من مصادر التوثيق للتاريخ العماني‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫شح المادة العلمية حول فترة زمنية‬ ‫في ظل‬ ‫َّ‬ ‫طويلة تصل إلى خمسة قرون ونيف‪ ،‬وإذا كان‬ ‫ما تم بناؤه من قصور وقالع وحصون ومساجد‬

‫وقبور شاهداً من الشواهد على أصالة الحضارة‬ ‫العمانية‪ ،‬فإن ما يتم تناقله عبر ذاكرة الناس‬ ‫الشفهية أو توثيقه في الكتب والمراجع هو‬ ‫الوجه اآلخر لمعرفة الحضارة اإلنسانية العمانية؛‬

‫ولذلك فإن إنتاج الشعر العماني له مساحات‬ ‫تاريخية وجغرافية شاسعة على مستويات عدة‬

‫وأشكال كثيرة‪ .‬ومن هنا تبدأ القصة‪ ،‬ما هو هذا‬

‫العصر الذي تميز بأطول فترة حكم تاريخي؟ وما‬

‫أهمية الشعر في توثيق أحداثه التاريخية؟‬ ‫عصر النباهنة‬

‫ينت�سب ملوك النباهنة �إلى قبائل العتيك من الأزد‪ ،‬وينتهي‬ ‫ن�سبهم �إلى يعرب بن قحطان بن النبي هود عليه ال�سالم‪،‬‬ ‫حكموا عمان قرابة خم�سة قرون‪ ،‬وعرفوا ببني نبهان ن�سبة‬ ‫�إلى نبهان بن عثمان‪ ،‬وكان ظهورهم في القرن ‪6‬هـ في‬ ‫بهال ونزوى عام ‪579‬هـ‪1183/‬م‪ .‬ولطول الفترة التاريخية‬ ‫ق�سم الم�ؤرخون العمانيون فترة حكم بني نبهان �إلى‬ ‫فترتين‪ :‬الفترة الأولى (‪579‬هـ‪1183/‬م‪906-‬هـ‪1500/‬م)‪:‬‬ ‫وتخللتها كثرة الحروب والفتن الداخلية والخارجية‪،‬‬ ‫وتن�صيب الأئمة بين حين و�آخر‪ ،‬وتعر�ض عمان للغزو‬ ‫الفار�سي عدة مرات‪ ،‬بينما الفترة الثانية (‪964‬هـ‪1556/‬م‪-‬‬ ‫‪1026‬هـ‪1617/‬م)‪ :‬حدثت العديد من الأحداث خالل هذه‬ ‫الفترة‪ ،‬كان من �أهمها‪ :‬كثرة عدد المناف�سين ل�سلطة ملوك‬ ‫النباهنة‪ ،‬وتوالي تن�صيب الأئمة‪ ،‬واالحتالل البرتغالي‬ ‫لل�سواحل العمانية منذ ‪1507‬م‪.‬‬ ‫الشعر كمصدر توثيقي لتاريخ النباهنة‬

‫برز في التاريخ العماني العديد من ال�شعراء في كل‬ ‫فترة تاريخية‪ ،‬وفي ع�صر النباهنة‪ ،‬كان �أهم ال�شعراء‪:‬‬ ‫�أبو بكر �أحمد بن �سعيد الخرو�صي الم�شهور بال�ستالي‬ ‫وال�سلطان ال�شاعر �سليمان بن �سليمان بن مظفر بن‬ ‫�سليمان النبهاني (الفترة الأولى)‪ ،‬وال�شاعر مو�سى‬ ‫بن ح�سين بن �شوال الح�سيني المعروف بالكيذاوي‪،‬‬ ‫وال�شاعر �سالم بن غ�سان بن را�شد الخرو�صي الملقب‬ ‫بـ (اللواح) (الفترة الثانية)‪ .‬وقد �أ�سهم ه�ؤالء ال�شعراء‬ ‫في ت�سجيل بع�ض الأحداث التاريخية وتوثيقها‪ ،‬كما‬ ‫�أ�سهموا في �سد بع�ض الثغرات بالحجج والتحليل لما‬ ‫جاء بين ثنايا دواوينهم ال�شعرية‪ ،‬وفي هذا ال�صدد يمكن‬ ‫القول �أن ال�شعر في الع�صر النبهاني يفيدنا في‪:‬‬ ‫‪ -1‬ك�شف �أ�سماء ملوك و�سالطين النباهنة‬ ‫�إن معظم �أ�سماء ملوك النباهنة في القرنين الخام�س‬

‫قلعـة بهـالء‬

‫وال�ساد�س الهجريين وثقهم ال�ستالي في ديوانه‪� ،‬إذ‬ ‫ذكر من بينهم‪� :‬أبوعمر معمر بن محمد بن عمر‬ ‫بن نبهان بن عثمان بن محمد‪ ،‬و�أبو �إ�سحق �إبراهيم‬ ‫بن معمر بن محمد بن عمر بن نبهان بن عثمان‪،‬‬ ‫و�أبو عبداهلل محمد بن معمر بن محمد بن عمر بن‬ ‫نبهان بن عثمان‪ ،‬وقد وثق ال�ستالي بداية فترة ظهور‬ ‫النبهانة في القرن الخام�س الهجري‪ ،‬وكانوا ي�سكنون‬ ‫بع�ضاً من مناطق الظاهرة‪.‬‬ ‫‪ -2‬ت�سليط ال�ضوء على الأو�ضاع ال�سيا�سية الداخلية‬ ‫يرد في ديوان النبهاني م�س�ألة خروجه �إلى هرمز‪ ،‬حيث‬ ‫جزيرة ق�شم في يوم الأربعاء ‪ 4‬ربيع الأول عام ‪893‬هـ‪،‬‬ ‫وق�صة ذلك �أنه بعد تغريق �أموال بني نبهان في ‪887‬هـ‪،‬‬ ‫تراجع ال�سلطان �سليمان من نزوى �إلى بهالء‪ ،‬ودخل في‬ ‫مناو�شات مع �أهالي نزوى حتى عام ‪893‬هـ‪� ،‬إذ تدخلت‬ ‫قوة من الجبور حكام الأح�ساء ل�صالح الإمام عمر بن‬ ‫الخطاب‪� ،‬أ�سهمت في طرد ال�سلطان �سليمان �إلى جزيرة‬ ‫ق�شم‪ ،‬وفي ذلك يقول النبهاني في مطلع الق�صيدة‪:‬‬ ‫دعاني الهوى العذري بالق�سْ م موهناً لبرق َّ‬ ‫تن�شت من‬ ‫عمان �سحائبه (النبهاني‪2005 ،‬م‪� ،‬ص‪ )35‬وي�ؤرخ ابن‬ ‫�شوال الكيذاوي لـ(يوم لوى) وهو اليوم الذي انت�صر‬ ‫فيه ال�سلطان عرار بن فالح على الفر�س‪� ،‬إذ غزت‬ ‫الفر�س مدينة لوى في عهد ال�سلطان عرار‪ ،‬فا�ستنجد‬ ‫حاكم لوى بال�سلطان عرار‪ ،‬فقاد ال�سلطان قواته �إليها‪،‬‬ ‫وانت�صر على الفر�س في معركة �أ�سماها (يوم لوى)‪،‬‬ ‫وتمكن من طرد الفر�س منها‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫(ويوم لوى لمَّا ق�ضى اهلل �أ َّنه**بملقا �أعاديه �سيجرى‬ ‫بال�ضحا جيو�شاً‬ ‫له ال َّن�صر) (�أتته بنو الأعاجم تزحف ُّ **‬ ‫ي�ضيق ال�سهل َّ‬ ‫عنهن والوعرُ)‪ ،‬كما ت�ؤرخ �إحدى ق�صائد‬ ‫ابن �شوال لثورة في وادي بني خالد قامت �ضد ال�سلطان‬ ‫فالح بن مح�سن بن �سليمان‪ ،‬فتمكن ال�سلطان فالح من‬ ‫�إخمادها بم�ساعدة القبائل العمانية‪ ،‬وال تذكر الم�صادر‬

‫�أ�سباب قيام الثورة وال زعمائها‪ ،‬كما ال تذكر �إن كانت‬ ‫�ضد ال�سلطان �أم �أنها مجرد حروب قبلية ‪ .‬وفي ذكر هذه‬ ‫الثورة يقول ابن �شوال الكيذاوي‪:‬‬ ‫(حتى نه�ضت بجي�ش والملوك به**موفون من �آل‬ ‫قحطان وعدنان) (و�سرت بالجي�ش من بهال �إلى �سم ٍد‬ ‫** �إلى �سياق �إلى �صور فجعالن)‪ ،‬كما ي�شير ابن �شوال‬ ‫�أي�ضاً �إلى حادثة تعر�ض عمان لغزو قادم من �أق�صى‬ ‫�شمال عمان يقوده الهاللي‪ ،‬الذي خا�ض معارك عدة‬ ‫طمعاً في اال�ستيالء على ح�صن الحزم في الر�ستاق‪،‬‬ ‫وبالتالي الق�ضاء على �سلطان النباهنة‪ ،‬ولكنه قتل‬ ‫دون تحقيق �أطماعه‪ ،‬ويقول ابن �شوال الكيذاوي �ضمن‬ ‫الق�صيدة‪:‬‬ ‫الهاللي من �أق�صى ال�شمال �إلى**غمدان يقدم‬ ‫(جاء‬ ‫ُّ‬ ‫جي�شاً �أرعبا مجرَا)‪ ،‬وقال‪( :‬ال �أنتهي عن حربكم �أبداً‬ ‫**حتى يرد حزام بعدما قه ــرا)‪ ،‬ثم يذكر االنت�صار على‬ ‫الهاللي بقوله‪( :‬وا�ست�سلموا بعدما ح ّم الرَّدى**فعفا‬ ‫عنهم وعادته يعفو �إذا اقتدرَا)‪.‬‬ ‫‪ -3‬ت�سجيل م�آثر الح�ضارة النبهانية‬ ‫يحق لنا القول �أن الدواوين ال�شعرية نف�سها تمثل‬ ‫�إحدى م�آثر ح�ضارية في الدولة النبهانية‪ ،‬ولكنها‬ ‫لم تكن الوحيدة‪ ،‬بل �إن ما يوثقه ال�شعر �أي�ضاً العديد‬ ‫من العلماء والفقهاء والأطباء‪ ،‬واللواح يوثق للعديد‬ ‫منهم‪ ،‬فمنهم ال�شيخ ب�شير بن جمعه (يح ّر�ضه اللواح‬ ‫على طلب العلم)‪ ،‬ومنهم ال�شيخ محمد بن ربيعة‬ ‫العميري (في الرثاء)‪ ،‬ومنهم العالم الجليل �أحمد‬ ‫بن مدَّاد بن عبداهلل بن مدَّاد (في الرثاء)‪ ،‬ومنهم‬ ‫ال�شيخ القا�ضي الر�شيد �أبا عبداهلل محمد بن �سعيد‬ ‫بن محمد بن عبدال�سالم النخلي (في الرثاء)‪،‬‬ ‫وال�شيخ العالم الطبيب عميرة بن ثاني بن خلف بن‬ ‫محمد بن ها�شم (في الرثاء)‪ ،‬وال�شيخ العالم الزاهد‬ ‫�أ�سد بن عبداهلل (تعزيته في زوجته)‪.‬‬


‫ب‪ -‬ق�صة فلج الغنتق وانتخاب العلماء محمد بن‬ ‫�إ�سماعيل �إماماً على عمان في ‪906‬هـ‪1500 /‬م‪ .‬ت�صف‬ ‫بع�ض الدرا�سات ال�سلطان �سليمان النبهاني ب�أنه خليع‬ ‫وزير ن�ساء‪ ،‬وتحكي ق�صة ع�شقه لـ (راية) و (موذية) التي‬ ‫وردت في ديوان النبهاني‪ ،‬كما �أ�شارت �إلى حادثة فلج‬ ‫الغنتق بنزوى‪ ،‬ومن خالل اطالعنا على �أحداث الع�صر‪،‬‬ ‫وما توفر لدينا من م�صادر‪ ،‬وجب النظر حول مدى‬ ‫�صحة هذه الرواية التي تقول بهجوم ال�سلطان �سليمان‬ ‫على المر�أة في الفلج‪ ،‬وتمكن الإمام محمد بن �إ�سماعيل‬ ‫من القب�ض على ال�سلطان وبالتالي توليه حكم عمان‪،‬‬ ‫فمن المعلوم �أن الوقت كان رم�ضاناً‪ ،‬و�أن الرجل �سلطاناً‬ ‫يمكنه جلب المر�أة �إليه بع�ساكره‪ ،‬وال يت�صرف بهذا‬ ‫ال�شكل المهين‪ ،‬ويبدو �أن ال�سلطان قد تجاوز الخم�سة‬ ‫والخم�سين عاماً‪ ،‬وقد تولى الحكم بعد �أخيه مظفر عام‬ ‫‪874‬هـ‪ ،‬فم�ضى فترة ثالثين عاماً في مواجهة الإمامة‪،‬‬ ‫وم�شاكله مع �أخيه ح�سام‪ ،‬وقد تهرقل ج�سمه و�أ�صبح‬ ‫كه ًال‪ ،‬فكيف ي�ستطيع اللحاق بالمر�أة‪� ،‬إذ هو القائل‪:‬‬ ‫(هرقت ولم �أبلغ ثالثين حجة**نجيع الأعادي في‬ ‫ظالم الق�ساطل)‪ ،‬وكيف يمكن و�صفه �إذاً بخليع وزير‬ ‫الن�ساء‪ ،‬وهو القائل �أي�ضاً‪( :‬والمــرء ال ينفعه من‬ ‫مـ ــاله**�إال الذي ق ّدم في �سبيل الهدى)‪( ،‬وكل ذي عي�ش‬ ‫�سيفنى ما خال**ذا العر�ش والفعل الجميل والثنا)‪.‬‬

‫النتــــائج‬

‫‪ -6‬توثيق عالقة بني نبهان بالقوى الخارجية‬ ‫�أ‪ -‬العالقات النبهانية الإفريقية‬ ‫ت�شير دواوين ال�شعر �إلى عمق العالقات العمانية‬ ‫ب�شرقي �إفريقيا في التاريخ النبهاني‪ ،‬فال�ستالي مادح‬ ‫النباهنة زار بالد الزنج‪ ،‬وخ َّلد ذكرى ثالثة من حكامها‬ ‫في ثالث ق�صائد مهمة‪ ،‬وهم‪� :‬سبخت بن علي‪ ،‬وبختان‪،‬‬ ‫و�إ�سحاق بن عمر‪ .‬ولم تقت�صر تلك العالقة في زمن‬ ‫الدولة النبهانية على الزيارات البحرية التجارية‪� ،‬إذ‬ ‫ُتعد هجرة ال�سلطان �سليمان بن مظفر النبهاني ثاني‬ ‫هجرة عمانية جماعية بعد هجرة �سعيد و�سليمان �أبناء‬ ‫عباد بن الجلندى زمن الخليفة العبا�سي عبدالملك‬ ‫بن مروان‪ ،‬وقد رافقت هجرة النباهنة ت�أ�سي�س مملكة‬ ‫عمانية في بات على �ساحل �شرق �إفريقيا‪ ،‬ومن هنا بد�أت‬ ‫هذه المملكة العمانية بالتو�سع‪ ،‬واالزدهار الح�ضاري‬ ‫وتوالي الهجرات العمانية �إلى �شرقي �إفريقيا‪.‬‬

‫‪ -5‬ت�أكيد الحجة على بع�ض الثغرات في تاريخ النباهنة‬ ‫عبر تحليل ما ورد في الدواوين ال�شعرية نعود لن�ؤكد‬ ‫الحجة بما يثبت من ع�صر النباهنة حول ثغرات في‬ ‫الع�صر النبهاني‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬ ‫�أ‪ -‬و�صف ملوك النباهنة بالجبابرة‬ ‫و�صف العديد من الم�ؤرخين فترة حكم بني نبهان‬ ‫بالفترة المظلمة‪ ،‬كما و�صفوا ملوكها بالجبابرة‬ ‫والفا�سدين‪� ،‬إال �أنه ال يمكن تعميم الحكم على هذه‬ ‫الفترة التاريخة الطويلة‪ ،‬والتي ا�ستمرت حوالي خم�سة‬ ‫قرون طويلة‪ ،‬وال�سبب عدم كفاية الأدلة التاريخية‬ ‫الم�ستند عليها‪ ،‬وفي تحليلنا الدقيق لعالقة ال�شعر‬ ‫بالتوثيق لبني نبهان‪ ،‬نقول‪� :‬أن ال�ستالي �شاعر النباهنة‬ ‫�أورد في ديوانه عدة ق�صائد‪ ،‬ف�إحداها في مدح ال�سلطان ب‪ -‬العالقات النبهانية الفار�سية‬ ‫معمر بن عمر بن نبهان لدى عودته من الحج‪ ،‬كما يهنئ ات�سمت عالقة النباهنة بالقوى الخارجية الفار�سية‬ ‫�أبى الح�سن ذهل بن عمر لدى قدومه من الحج �سنة بال�سلبية‪� ،‬إذ كثرت الغزوات على عمان‪ ،‬ويرد في‬

‫‪ -1‬رغم �سوء الأحوال الداخلية في عمان فيما بين‬ ‫�صراعات وحروب �أهلية‪ ،‬يُالحظ اهتمام النباهنة‬ ‫بال�شعر‪ ،‬و�إكرامهم لل�شعراء‪.‬‬ ‫‪� -2‬ساعدت الق�صائد ال�شعرية على تف�سير بع�ض الأحداث‬ ‫ال�سيا�سية والحروب الداخلية في فترة النباهنة‪.‬‬ ‫‪ -3‬ي�شرح ال�شعر الكثير من جوانب االزدهار في‬ ‫الح�ضارة العمانية في زمن النباهنة‪ ،‬كحياة البيئة‬ ‫البدوية والح�ضرية‪ ،‬والمنا�سبات المختلفة‪ ،‬ودور‬ ‫المر�أة في الحياة االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ -4‬لم تكن عمان في معزل عن البالد المجاورة في زمن‬ ‫النباهنة‪ ،‬والدليل على ذلك وجود عالقات خارجية‬ ‫ب�شرق �إفريقيا وفار�س‪.‬‬ ‫‪ -5‬ي�ستنتج مما �سبق البعد الذي من الممكن �أن يلعبه‬ ‫ال�شعر كو�سيلة لتوثيق التاريخ العماني‪ ،‬ولذا نحتاج‬ ‫�إلى محاولة جادة لدرا�سة التاريخ من منظور ال�شعر‬ ‫العماني في تلك الفترات التاريخية‪ ،‬والتي من الم�ؤكد‬ ‫�أن ت�ضيف �شيئاً �إلى التاريخ العماني‪ ،‬متظافراً مع بقية‬ ‫م�صادر توثيق التاريخ العماني‪.‬‬ ‫المراجــــع‪:‬‬

‫‪ -1‬الها�شمي‪� ،‬سعيد بن محمد‪ .‬درا�سات في التاريخ‬ ‫العماني‪ .‬ط‪ ،2‬دار الفرقد للطباعة والن�شر‪،‬‬ ‫م�سقط‪2013 :‬م‪.‬‬ ‫‪ -2‬النبهاني‪� ،‬سليمان بن �سليمان بن مظفر‪ .‬ديوان‬ ‫النبهاني‪ .‬تحقيق عز الدين التنوخي‪ ،‬ط‪ ،2‬وزارة‬ ‫التراث والثقافة‪ ،‬م�سقط‪2005 :‬م‪.‬‬ ‫‪ -3‬الفار�سية‪� ،‬سعيدة بنت خاطر‪ .‬النبهاني �شاعر التنوع‬ ‫واالختالف‪ .‬مجلة نزوى‪ ،‬العدد‪ 13 ،83‬يناير ‪2015‬م‪.‬‬ ‫‪ -4‬ابن �شوال‪ ،‬مو�سى بن ح�سين‪ .‬ديوان الكيذاوي‪ ،‬وزارة‬ ‫التراث القومي والثقافة‪ ،‬م�سقط‪1985 :‬م‪.‬‬ ‫‪ -5‬ال�ستالي‪� ،‬أبو بكر �أحمد بن �سعيد‪ .‬ديوان ال�ستالي‬ ‫مادح بني نبهان‪ .‬ط‪ ،1‬وزارة التراث القومي والثقافة‪،‬‬ ‫م�سقط‪1995 :‬م‪.‬‬ ‫‪ -6‬الخرو�صي‪� ،‬سالم بن غ�سان اللواح‪ .‬ديوان‬ ‫اللواح‪ .‬ج‪،1‬ج‪ ،2‬ط‪ ،1‬وزارة التراث القومي والثقافة‪،‬‬ ‫م�سقط‪1989 :‬م‪.‬‬ ‫‪ -7‬الخ�صيبي‪ ،‬محمد بن را�شد‪� .‬شقائق النعمان على‬ ‫�سموط الجمان في �أ�سماء �شعراء عمان‪ .‬ج‪،1‬ج‪ ،2‬ط‪،3‬‬ ‫وزارة التراث القومي والثقافة‪ ،‬م�سقط‪1994 :‬م‪.‬‬

‫تاريــخ‬

‫‪ -4‬عر�ض �صورة الحياة الطبيعية العمانية والمنا�سبات‬ ‫ي�صور ال�شاعر وحياته ِّ‬ ‫ال�شعرية على مر التاريخ طبيعة‬ ‫الحياة االجتماعية التي مار�سها الإن�سان‪ ،‬ففي ق�صة‬ ‫دارت �أحداثها بين ابنة ال�سلطان يعرب بن عمر بن‬ ‫محمد بن عمر بن نبهان وابنة ال�شاعر ال�ستالي‪ ،‬وكان‬ ‫ذلك عام ‪490‬هـ‪� ،‬إذ �أهدى ال�سلطان لل�شاعر ف�ستاناً البنته‬ ‫ولكن الف�ستان تمزق لطوله‪ ،‬فتعلق في �شجرة �صغيرة‬ ‫فلم يعجب بنت ال�سلطان التي قالت‪( :‬هذا لي�س من مال‬ ‫�أبيك‪ ،‬و�إنما من ف�ضل �أبي ال�سلطان و�أنت ال تحافظين‬ ‫على هذه الهدية) فرجعت بنت ال�شاعر حزينة غا�ضبة‬ ‫مما قالته ريا بنت ال�سلطان‪ ،‬ف�أمر ال�شاعر ابنته بالعودة‬ ‫�إلى بنت ال�سلطان‪ ،‬و�أن تقول لها‪�( :‬إن �أباك ك�سانا حلة‬ ‫تبلى وك�سوناه حل ًال ال تبلى فالف�ضل لنا عليكم) وعندما‬ ‫�أخبرت بنت ال�سلطان �أبيها رد عليها بالإيجاب قائ ًال‪:‬‬ ‫(�صدق ال�شاعر ‪...‬فك�سوناه قما�شاً يبلى وك�سانا �شعراً)‬ ‫ونحن في القرن الواحد والع�شرين نقر�أه ونطلع عليه‬ ‫ولوال �شعر ال�ستالي ما عرفنا ملوك النباهنة‪ .‬ويعر�ض‬ ‫ديوان النبهاني جزءاً من الحياة ال�شخ�صية للملك‬ ‫ال�سلطان �سليمان بن �سليمان بن مظفر النبهاني‪ ،‬ومن‬ ‫المتبين في الق�صائد ِّ‬ ‫ال�شعرية �أن الملك النبهاني كان‬ ‫مرفهاً‪ ،‬وكثير المال‪ ،‬كما ي�صور لنا حياته عندما كان‬ ‫�شاباً نا�شئاً وا�ستلم زمام الملك‪ ،‬ثم يذكر في ق�صائد‬ ‫�أخرى ريعان �شبابه في فترات الع�شرينات‪ ،‬و�أخرى‬ ‫عندما كان في الخم�سينيات‪ ،‬وي�صف �أي�ضاً ال�صراعات‬ ‫بينه وبين مناف�سيه من �أ�سرته ك�أخيه ح�سام‪ ،‬و�صراعاته‬ ‫مع القبائل الأخرى‪ .‬ولي�س هذا فح�سب‪ ،‬بل �إن الدواوين‬ ‫ال�شعرية عموماً ت�شير �أي�ضاً �إلى مو�ضوعات ذات هاج�س‬ ‫وطني‪ ،‬كما �أ�شار �إلى ذلك اللواح عندما ذكر القحط‬ ‫والجفاف في مدينة نزوى‪ ،‬وهي ق�صيدة مهمة تك�شف‬ ‫حالة المجتمع العماني في مدينة من �أهم المدن‬ ‫العمانية �آنذاك‪ ،‬وتذكر بع�ض الق�صائد �أي�ضاً المر�أة‬ ‫مثلما �أ�شار �إليها النبهاني‪ ،‬ومثلما ذكرها اللواح‪،‬‬ ‫وم�ساهمة في خدمة المجتمع‪ ،‬فقد‬ ‫ك�شريكة للرجل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُذكرت ك�أم‪� ،‬أو زوجة‪� ،‬أو �أخت‪� ،‬أو بنت‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫و�أخيراً‪ ،‬توجد �إ�شارات في دواوين ال�شعر التي بين �أيدينا‬ ‫�إلى ظاهرة الألقاب في المجتمع العماني زمن النباهنة‪،‬‬ ‫مما يدل على اختالف وتنوع المقامات والمكانة‬ ‫االجتماعية التي يتمتع بها �أفراد المجتمع‪.‬‬

‫‪559‬هـ‪ ،‬وي�صف في ق�صيدة �أخرى �أخالق �أبا العرب يعرب‬ ‫بن �أبي قحطان‪ ،‬وتركه الملذات والتزامه التقى‪ ،‬وهذا‬ ‫دليل على عدم �إمكانية تعميم فكرة تجبر النباهنة‪ ،‬ومن‬ ‫هذه الأدلة �أي�ضاً‪ :‬ما �أورده الملك ال�شاعر النبهاني في‬ ‫بع�ض ق�صائده حول عالقته ب�أخيه ح�سام‪ ،‬الذي ناف�سه‬ ‫على الحكم‪� ،‬إذ يقول النبهاني في الديوان في ق�صيدته‬ ‫العينية التي يرثي فيها �أخيه ح�ساماً‪�( :‬أح�سام ع َّز عل َّي‬ ‫فقدك من �أ ٍخ**عف ال�شمائل جوده لم يُقلع)‪( ،‬ما‬ ‫ِخلت �أن الطود يُحمل قبل ذا**حتى يم َّر عل َّي نع�شك‬ ‫يُرفع)‪( ،‬لهفي عليك كلهف جيلٍ �أ�صبحوا**تجتاحهم‬ ‫نوبُ الزمان وتقرع)‪.‬‬

‫ديوان ال�ستالي الغزو الفار�سي والتوثيق للعالقات‬ ‫العمانية الخارجية خالل هذه الفترة التاريخية‪� ،‬إذ‬ ‫يذكر ال�ستالي �أن هجوماً قام به الفر�س على عمان في‬ ‫عهد الملك النبهاني معمر بن عمر بن نبهان ولكن‬ ‫العمانيين ق�ضوا على ذلك الهجوم‪� ،‬إال �أن تلك الحادثة‬ ‫ال نعرف متى كانت تحديداً‪� ،‬إذ يقول ال�ستالي‪:‬‬ ‫(�أعاجم جاءت في لفيف من العدى**جموعهم في‬ ‫�شدة والع�ساكر)‪�( ،‬أرادوا ا�ضطهاد الحق بغياً وحاولوا‬ ‫�إزالته والحق مذ كان ظافر)‪َّ ،‬‬ ‫(فقطـ ــع من �أقرانهم‬ ‫**‬ ‫و�أبـ ـ ــادهم**وكلهم في �صفقة البيع خا�سر )‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫تحقيق مصور‬

‫«صيف المواهب» في مركز الدراسات‪ ..‬اكتشاف وإبداع وإمتاع‬

‫‪alraisi@outlook.com‬‬

‫‪12‬‬

‫في كل عام أطفال عمان على موعد مع صيف جديد يمزج بين العلم والفن والمرح‬ ‫واإلبداع؛ في حقيبة صيفية واحدة وبرنامج واحد وعلى مدار أسبوع كامل ولمدة ‪٧‬‬ ‫ساعات يوميا نحاول في مركز الدراسات والبحوث بمؤسسة عمان للصحافة والنشر‬ ‫برنامجا تدريبيا وترفيهيا في آن نسعى من خالله إلى اكتشاف‬ ‫واإلعالن أن نقدم‬ ‫ً‬ ‫المواهب الدفينة والقدرات الكامنة في األجيال الجديدة‪ ،‬وفي هذا العام استمتع‬ ‫الملتحقين ببرنامج صيف المواهب بالتدرب على التصوير واإلنتاج والمونتاج والكتابة‬ ‫السينمائية‪ ،‬تعلموا معنا كيف يصنعون أفالمهم الخاصة والقصيرة برؤية انفتاحية‬ ‫وعقلية مرنة وفضاء رحب في إطار من التعاون والتشاركية‪.‬‬ ‫حمد بن عبد الرحمن الرئيسي‬


‫تحقيق مصور‬

‫‪13‬‬


‫ملف العدد‬

‫‪14‬‬

‫الغاز الحيوي‬

‫الحل األمثل للطاقة الالزمة للتنمية الريفية‬

‫إعداد ‪ :‬مريم بنت خلفان المسلمية‬ ‫ترجمة ‪ :‬أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫قد ال تبدو تقنية الغاز الحيوي مفهوم ًا‬ ‫جديد ًا لدى بعض الدول التي تبنت هذه‬ ‫الفكرة إلى جانب الطرق األخرى لتوليد‬ ‫الطاقة‪ ،‬غير أن التوجه لتبني هذه التقنية‬ ‫آخذٌ في التطور على مستوى المزارعين‬ ‫البسطاء في المناطق الريفية للعديد‬ ‫من الدول النامية حول العالم وذلك من‬ ‫أجل تحقيق التنمية الريفية المستدامة‪.‬‬ ‫وتطبق هذه التقنية بشكل جلي في‬ ‫َّ‬ ‫بعض الدول مثل الصين والدنمارك والهند‬ ‫وباكستان والفيتنام والعديد من الدول‬ ‫األفريقية مثل زمبابوي وكينيا ونيجيريا‬ ‫وأوغندا على سبيل المثال وليس الحصر‪،‬‬ ‫وذلك باعتبارها مصدر ًا إلنتاج الطاقة‪.‬‬

‫وطبقاً لبيانات وكالة الطاقة العالمية‬ ‫(‪ –)IEA‬ف�إن الطاقة الحيوية (الغازات‬ ‫الحيوية والكتل الحيوية) ب�إمكانها �أن تلبي‬ ‫�أكثر من ربع متطلبات العالم من وقود النقل‬ ‫بحلول عام ‪ .2050‬كما �أن الكتل الحيوية‬ ‫�أ�صبحت بالمثل بذات الأهمية المتزايدة‬ ‫كونها م�صدراً للطاقة في الدنمارك خالل‬ ‫ال�سنوات الـ ‪ 25‬الما�ضية‪ .‬ولكونها م�صدر‬ ‫طاقة خالي من الكربون ف�إنها قد �ساهمت‬ ‫ب�شكل كبير في تقليل ن�سبة غازات الكربون‬ ‫الدنماركية المنبعثة‪ .‬كما �أن زيادة معدل‬ ‫تحويل كتل حيوية �أكثر في محطات الطاقة‬ ‫�ساعد الدنمارك في الو�صول �إلى هدفها‬ ‫بالح�صول على ‪ %30‬من الطاقة المتجددة‬ ‫بحلول عام ‪ .2020‬واليوم ف�إن معدل الكتل‬ ‫الحيوية ي�صل �إلى ‪ %12‬من معدل ا�ستهالك‬ ‫الطاقة العالمي‪.‬‬ ‫ووفقاً ل�صحيفة وقائع �صندوق البيئة‬ ‫العالمية ‪ -‬التابع لبرنامج الأمم المتحدة‬ ‫الإنمائي‪ ،‬ف�إنه يلزم ‪ 2 – 1‬من الأبقار‪� ،‬أو ‪8-5‬‬ ‫من الخنازير‪� ،‬أو �أربعة من الب�شر البالغين‬ ‫من �أجل تزويد مواد خام كافية ب�شكل يومي‬ ‫الالزمة لها�ضم حيوي واحد‪� ،‬إذ �أن الكمية‬ ‫اليومية من روث وبول بقرة واحدة ينتج ما‬ ‫يعادل من ‪ 2-1‬كيلو واط ‪� /‬ساعة من الكهرباء‬ ‫�أو ‪ 9 – 8‬كيلو واط ‪� /‬ساعة من الحرارة‪.‬‬ ‫ومنذ �أكثر من �سنة‪ ،‬ف�إن هذه الطاقة تكفي‬ ‫فقط لت�شغيل ثالجة واحدة‪� ،‬أما في معظم‬ ‫التطبيقات الأفريقية فيوفر جهاز الغاز‬ ‫الحيوي المنزلي ما يكفي من الطاقة‬

‫لأغرا�ض الطهي و�شيئاً من الإنارة‪.‬‬ ‫وبالمثل‪ ،‬ووفقاً لدرا�سة بحثية ن�شرتها‬ ‫�صحيفة الطاقة في جنوب �أفريقيا (مجلد‬ ‫‪ 24‬رقم ‪ ،4‬نوفمبر ‪ )2013‬لتقييم �إمكانية‬ ‫الغاز الحيوي في مدر�سة بزمبابوي‪ ،‬ف�إن‬ ‫نتائج الدرا�سة ت�شير �إلى جدوى وفائدة‬

‫زالت الممار�سة القديمة في تقطيع الأ�شجار‬ ‫لإنتاج الفحم والحطب لأغرا�ض الطهي‬ ‫وبالتحديد في المناطق النائية في الريف ال‬ ‫تزال ممار�سة �شائعة‪ .‬غير �أنه �أمر رائع حقاً �أن‬ ‫نرى مثل تلك المجتمعات وقد بد�أت في تبني‬ ‫مفهوم تقنية م�صانع الغازات الحيوية‪.‬‬

‫‪30%‬‬

‫لم ي�سهم تطبيق هذا المفهوم في الحد من‬ ‫القطع الع�شوائي للأ�شجار والذي ي�ؤثر ب�شكل‬ ‫كبير على البيئة فح�سب‪ ،‬ولكنه �أي�ضاً ي�ساهم‬ ‫ببطء وب�شكل �إيجابي في التقدم االجتماعي‬ ‫واالقت�صادي للمجتمعات الريفية من ناحية‬ ‫تحقيق االكتفاء على م�ستوى الطاقة‪،‬‬ ‫والزراعة الفعالة‪ ،‬ومن �أجل تح�سين الأعمال‬ ‫ال�صغيرة على م�ستوى الأ�سرة‪.‬‬

‫زيادة في موارد الطاقة للدنمارك‬ ‫عام ‪٢٠٢٠‬‬

‫ومن بين ه�ؤالء المزارعين الذين تبنوا فكرة‬ ‫تقنية �إنتاج الغاز الحيوي من ح�صاد روث‬ ‫البقر ك�أف�ضل م�صدر بديل للطاقة لأغرا�ض‬ ‫الطهي والإ�ضاءة عائلة �سبي�سيوزا كيريا‬ ‫هذا الم�شروع المقترح‪ .‬وتناولت الدرا�سة‬ ‫‪ Spesioza Kirya‬وهي مزارعة تقطن و�سط‬ ‫الناتج الكلي للغاز للمواد الخام المتوفرة‬ ‫قرية بو�سووا ‪ Busowa‬في الجزء ال�شرقي‬ ‫في المدر�سة بما فيها الف�ضالت الب�شرية‬ ‫من �أوغندا‪.‬‬ ‫وروث الأبقار و�سماد الدجاج‪ .‬وقد خل�صت‬ ‫الدرا�سة �إلى �أن المدر�سة كانت قادرة على‬ ‫وتذكر �سبي�سيوزا كيريا بتبنينا لهذه التقنية‪،‬‬ ‫�إنتاج ما يكفي من الغاز الحيوي من المواد‬ ‫ف�إننا ن�ضمن بذلك ح�صولنا على امدادات‬ ‫الخام الموجودة بها لدعم الم�شروع من �أجل‬ ‫الطاقة ب�أ�سعار معقولة وموثوق بها‪ ،‬وتكفي‬ ‫�إنتاج امدادات كافية من الغاز الحيوي لتوليد‬ ‫للطبخ والإنارة و�شحن الأدوات في منزلنا‬ ‫الكهرباء لأغرا�ض الإ�ضاءة خالل فترات‬ ‫والجوار‪ ،‬كما �أننا ن�ستخدم �أي�ضاً هذا الغاز‬ ‫انخفا�ض الطاقة‪.‬‬ ‫الحيوي الفعال لأغرا�ض الت�صنيع الزراعي‬ ‫فعلى �سبيل المثال‪ ،‬في بلد مثل �أوغندا‪ ،‬ال ولزيادة دخلنا من مزرعة الألبان‪ ،‬والآن ف�إن‬


‫ملف العدد‬

‫م�صنع الغاز الحيوي هذا يعمل كم�صدر‬ ‫للطاقة و�إنتاج الأ�سمدة الع�ضوية الحيوية‬ ‫عالية الجودة التي تعمل على تخ�صيب تربة‬ ‫المزارع"‪.‬‬ ‫وت�ؤكد قائلة "�أما من الناحية ال�صحية‪ ،‬ف�إن‬ ‫تبني هذه التقنية كان قد خفف علينا الكثير‬ ‫من العناء وبالتحديد بالن�سبة لنا نحن الن�ساء‬ ‫وذلك من مهمة البحث عن الفحم والحطب‪،‬‬ ‫كما �أنها قللت من الآثار ال�صحية الناجمة من‬ ‫التعر�ض الدائم للدخان"‬ ‫وت�ضيف �أي�ضا �أنه على م�ستوى البيئة ف�إن‬ ‫الها�ضم الذي تم ت�صميمه ب�شكل دقيق‬ ‫و�صحيح يقلل من مجموعة المواد غير‬ ‫المرغوب فيها‪ ،‬كما �أنه يح�سن من ال�صرف‬ ‫ال�صحي ويقلل من انبعاثات غازات البيوت‬ ‫الدفيئة‪ ،‬وي�ساهم في المحافظة على البيئة‬ ‫وعلى الغابات بالإ�ضافة �إلى الحد من الطلب‬ ‫المتزايد للقطع الع�شوائي للأ�شجار من �أجل‬ ‫الح�صول على الحطب والفحم‪.‬‬ ‫وت�أكيداً على عملية �إنتاج الغاز الحيوي‪ ،‬ت�ضيف‬ ‫كيريا‪ :‬في عملية �صنع الغاز الحيوي‪ ،‬يتم‬ ‫تغذية وعاء دائري ال�شكل بروث بقر تم جمعه‬ ‫حديثاً ويخلط مع الماء بن�سبة ‪ 1:1‬لت�شكيل‬ ‫خليط �شبه �صلب‪.‬‬ ‫"ومن ثم ينزل الخليط من الوعاء �إلى �صهريج‬ ‫الهوائي محكم الإغالق ي�سمى بها�ضم الغاز‬ ‫الحيوي‪ ،‬ويُترك لي�أخذ دورته في التحلل من‬ ‫خالل عملية التخمر‪ ،‬ومن ثم ال�سماح لبقايا‬ ‫المواد المتحللة بالعبور �إلى الجزء الثاني‬ ‫الم�سمى بـ "خزان الطين" الذي يتم بنا�ؤه‬ ‫�أعلى وعاء اله�ضم‪ .‬وعلى العك�س من ذلك‪ ،‬ف�إن‬ ‫الغاز المنبعث من المواد المتحللة يتجمع في‬

‫‪15‬‬

‫القبة حيث يتم ا�ستغالله عن طريق �أنابيب‬ ‫خا�صة ت�صل بين المعالج �إلى من�ش�أة التخزين‬ ‫الداخلي ال�ستخدامها كوقود حيوي‪ ،‬في حين‬ ‫تتدفق بقايا المواد المتحللة �إلى خزان الطين‬ ‫لت�ستخدم ك�سماد ع�ضوي‪.‬‬ ‫وتبلغ تكلفة �إن�شاء هذه التقنية ال�صديقة‬ ‫للبيئة حوالي ‪ 3.5( 1000‬مليون �شلن)‪� ،‬أما‬ ‫المواد المطلوبة لبناء الها�ضم تحت الأر�ض‬ ‫فت�شمل الطوب‪ ،‬والإ�سمنت‪ ،‬والحديد‪ ،‬و�شبكة‬ ‫�سلكية‪ ،‬والطالء‪ ،‬وركام من الرمل‪ .‬ويُ�صنع‬ ‫غطاء الها�ضم من الإ�سمنت ويُو�ضع ب�شكل‬ ‫محكم على الأر�ض فوق الها�ضم وذلك‬ ‫لمقاومة �ضغط الغاز في الداخل‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫كيلو واط ساعة ‪ /‬م‪3‬‬ ‫من الطاقة المتوفرة‬

‫حقائق عن الغاز الحيوي‬ ‫ •يشير الغاز الحيوي إلى الغاز الناتج عن التخمر الالهوائي للمواد العضوية بإنعدام األكسجين في حاويات محكمة‬ ‫اإلغالق تسمى هاضم الغاز الحيوي (‪.)Walekwa et al., 2009; Sibisi and Green, 2005‬‬

‫ •يختلف تكوين الغاز الحيوي باختالف المواد الخام‪ ،‬ومقدار المواد العضوية المستخدمة‪ ،‬ومدة الحفظ ودرجات الحرارة‪.‬‬ ‫ويتكون الغاز بشكل رئيس من غاز الميثان الذي يشكل عادة ما بين ‪.)Jemmett, 2006( 80% - 55%‬‬

‫ •يحتوي الغاز الحيوي على حوالي ‪ 9‬كيلو واط ساعة ‪ /‬م‪ 3‬من الطاقة المتوفرة‪ ،‬والغاز أخف من الهواء بنسبة ‪،20%‬‬ ‫ودرجة حرارة اشتعاله في نطاق ‪ 750 – 650‬درجة مئوية (‪.)Deublein & Steinhauser, 2008‬‬

‫ •تعتبر تقنية الغاز الحيوي وسيلة للحد من الفقر في الريف‪ ،‬وتساهم في تنمية المناطق الريفية‪ ،‬كما يمكن للغاز‬ ‫بديال للطاقة لفضالت الحيوانات والخشب والمخلفات الزراعية والديزل والبارافين والبنزين والكهرباء‪،‬‬ ‫الحيوي أن يكون‬ ‫ً‬ ‫كما يحد من المهام اليومية لجمع الحطب‪.)Mwakaje, 2007( .‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫صديقا للبيئة‪ ،‬ويمكن استخدامه كبديل للغاز الطبيعي المضغوط‪Journal of .‬‬ ‫وقودا‬ ‫ •يمكن اعتبار الغاز الحيوي‬ ‫‪.Energy in Southern Africa • Vol 24 No 4 • November 2013‬‬


‫مقال‬

‫‪16‬‬

‫د‪ .‬سعيد محمد السيابي‬

‫‪saidm2006@gmail.com‬‬

‫المسرح العماني واالنفتاح على الثقافات‬ ‫والكتب ال�سماوية المقد�سة (�صحف ابراهيم والتوراة‬ ‫والزبور والأنجيل والقر�آن) وكانت �أر�ض الأنبياء والر�سل‪..‬‬ ‫وما يحمله ذلك من دالالت الحوار العقدي‪ ،‬والفكري‪،‬‬ ‫والت�أ�سي�س لقيم البناء الثقافي والح�ضاري‪ ،‬والإ�شعاع‬ ‫الروحي الذي تجاوز حدود الزمان والمكان‪ ،‬وت�أثر به‬ ‫االن�سان ب�صورة �أو ب�أخرى في مختلف الع�صور‪ ،‬والأوطان‪.‬‬ ‫من هنا ظلت �أدوات الثقافة واالنفتاح والتقارب تقل�ص‬ ‫الم�سافات بين الثقافات حتى جعلت العالم ك�أنه غرفة‬ ‫قريب‪.‬‬ ‫�أو قاعة؛ ولي�س قري ًة �صغير ًة كما كان منذ عه ٍد ٍ‬ ‫والعادات‬ ‫ال�سلوكيات‬ ‫االختالفات المتباين ِة فيما بين‬ ‫ورغم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعراف التي يعي�شها المجتمع العماني االن‬ ‫والتقالي ِد وال ِ‬ ‫�أنه �أ�صبح منفتح من خالل الم�سرح على التعرف على‬ ‫الثقافات الأخرى‪ ،‬ولم يعد هناك مجا ٌل لأح ٍد �أن يزع َم‬ ‫َ‬ ‫يحافظ على كيانه في�ؤث َر في الآخري َن‬ ‫القدر َة على �أن‬ ‫دو َن �أن يت�أث َر هو بهم‪� ،‬أو على �أقل تقدي ٍر �أن يختا َر ما يلي ُق‬ ‫ويتف ُق مع توجهاته ويدع ما ال يليق‪� .‬إن للم�سرح ت�أثير‬ ‫وا�ضح على فكرنا وثقافتنا وذلك من خالل ما تم ترجمته‬

‫هناك الكثير من الدار�سين الذين تطرقوا �إلى‬ ‫اال�ستعمار الغربي ل�شبه الجزيرة العربية بما فيها �سلطنة‬ ‫عمان في العديد من الفترات التاريخية ومن �ضمن‬ ‫الدرا�سات ما قام بها ُك ّتاب غربيون �أنف�سهم‪ ،‬فعلى �سبيل‬ ‫المثال ي�ؤكد (بيتر�سون (‪ )Peterson‬في كتابته (عن‬ ‫التاريخ العماني) �أن التدخالت الأجنبية في عمان‪ ،‬وخا�صة‬ ‫البريطانية‪ ،‬باعتبارها �أنها ا�ستمرت في عمان لفترة طويلة‬ ‫حتى ‪1970‬م‪ ،‬لم يكن لها �أي ت�أثير ثقافي �أو �أدبي)‪� .‬أن‬ ‫الم�ؤكد في �ضوء قلة ت�أثير اال�ستعمار المعرفي �إنها لم‬ ‫ينتج من تواجدها �أي ح�ضور درامي على عك�س ما �أحدثته‬ ‫الثقافة الأوروبية في بالد ال�شام وم�صر‪ ،‬وت�أثيرهم الذي‬ ‫كان من �ضمن نتائجه دخول الم�سرح �إلى الوطن العربي‪.‬‬ ‫�إن الأولوية التي حركت العديد من الدول الغربية باتجاه‬ ‫�سلطنة عمان هي فر�ض القوة اال�ستعمارية واالقت�صادية‬ ‫التي كانت تحرك م�صالحها �أكثر من كونها �أت�صال وتمازج‬ ‫ثقافي وح�ضاري‪ ،‬واالدلة كثيرة على ذلك‪ ،‬حيث �إن ه�ؤالء‬ ‫الأوروبيون لم ي�ؤ�س�سوا �أية مدار�س خا�صة لتعليم �أبنائهم‬ ‫في عمان كما فعلوا في بالد ال�شام وم�صر‪ .‬ولم ت�شر‬ ‫الم�صادر �إلى �أنها كانت تقدم عرو�ضاً م�سرحية �سنوية كما‬ ‫كانت في بالد ال�شام‪ .‬ولكننا نفتر�ض �أنه ربما كانت تقدم‬ ‫دخل المسـرح ُعمان‬ ‫عرو�ضاً م�سرحية ولكنها كانت تقدم داخل المدر�سة وتقدم‬ ‫بلغتهم الخا�صة التي كان ال ين�سجم العمانيون معها وال بفضل الطلبة الذين كانوا‬ ‫يفهمها �إال القليل منهم‪� .‬إن ه�ؤالء الأوروبيين لم ي�شجعوا‬ ‫يدرسون خارج السلطنة‬ ‫�أو يهتموا بابتعاث العمانيين للدرا�سة في بلدانهم كما فعلوا‬ ‫في بالد ال�شام وم�صر‪ ،‬التي كانت لها �آثارها على الثقافة‬ ‫واالدب العربي ثم الم�سرح العربي في بداية ظهوره‪،‬‬ ‫وت�شجع حكام م�صر بعد ذلك على ابتعاث الم�صريين‬ ‫من توا�صل وات�صال دائم بين الق�ضايا المحلية والإن�سانية‬ ‫للدرا�سة في الخارج �سواء للم�سرح �أو للعلوم الأخرى‪.‬‬ ‫المطلقة و�أن الم�سرحيات يمكن اعتبارها نوافذ نتعرف‬ ‫لقد كان للتدخالت الأوربية دور في الت�أثير على الأو�ضاع من خاللها على ثقافات وتاريخ العديد من المجتمعات‬ ‫الداخلية لعمان وعدم ا�ستقرارها‪ ،‬و�أنتجت �ضعفا كبيرا في العربية والعالمية �سواء المرتبطة بتاريخها القديم �أو‬ ‫وجود التوثيق والمعرفة التي فقدها �أبناء عمان من خالل واقعها المعا�صر‪ .‬ويظهر ذلك من خالل المو�ضوعات‬ ‫االمتخ�ص�صة في الثقافة والأدب العماني عامة وخا�صة �أو الق�ضية التي تعالجها �أو تتطرق �أو �أنها تحمل ق�ضايا‬ ‫المتعلقة منها بالم�سرح كان دليال على �أن عمان لم تكن �إن�سانية عامة‪ .‬كما تظهر مالمح تلك المجتمعات من‬ ‫محطة للأنظار الدار�سين والباحثين العرب وغيرهم من خالل الأزياء الم�سرحية والمو�سيقى‪ ،‬وكذلك الديكور‬ ‫المخت�صين والمهتمين بالثقافة عامة‪ .‬هذا �إلى جانب الم�سرحي الذي ينقلها �إلى جوانب مختلفة من حياة‬ ‫غياب حركة النقد الأدبية وخا�صة الم�سرحية‪ ،‬كل هذا وثقافة تلك ال�شعوب‪ .‬وهذا بدوره �ساعد الجماهير‬ ‫كان له دور في ت�أخر ظهور الم�سرح في عمان والترويج على التفاعل مع �أي نوع من الم�سرحيات على اختالف‬ ‫له وانت�شاره محلياً وخارجياً في فترات التاريخ العماني بيئاتها‪ .‬بل �إن تلك الم�سرحيات يمكن �أن نرى من خاللها‬ ‫المختلفة)‪ .‬لقد �شهدت المنطقة العربية ح�ضارات موغلة جوانب مختلفة من فكرنا وحياتنا اليومية ما لم تتمكن‬ ‫في القدم تعود بداياتها �إلى �أكثر من �سبعة �آالف �سنة‪ ..‬الم�سرحيات العمانية من �إبرازه ومعالجته م�سرحيا‪ .‬لقد‬ ‫وقد مرَّت فقد كانت المنطقة العربية مهبط الوحي‪ ،‬كان لهذه الم�سرحيات ت�أثيرها على الكاتب والمخرج‬

‫الم�سرحي العماني من خالل �أنها تقدم له �أ�ساليب جديدة‬ ‫في الكتابة والإخراج الم�سرحي من خالل الأ�سلوب الذي‬ ‫اتبعه ه�ؤالء الكتاب في معالجة الق�ضايا والمو�ضوعات‬ ‫والتي ربما تت�شابه مجتمعنا‪ .‬كما �أن هذه الم�سرحيات‬ ‫تعطي المخرج الم�سرحي العماني ر�ؤية وا�ضحة في‬ ‫كيفية الإعداد والإخراج لهذا النوع من الم�سرحيات‬ ‫وكيفية توظيف التقنيات الم�سرحية الحديثة على‬ ‫خ�شبة الم�سرح خا�صة له�ؤالء الكتاب والمخرجين الذين‬ ‫ح�ضروا لم�شاهدة الم�سرحية ولم تكن لهم خبرة �أو درا�سة‬ ‫عن الم�سرح‪ ،‬وبالتالي تكون هذه الم�سرحيات تجارب‬ ‫جديدة ي�ستفيدون منها ويحاولون تطبيقها في �أعمالهم‬ ‫الم�سرحية خارج الجامعة‪.‬‬ ‫وعندما ظهرت تجارب بع�ض الم�ؤلفين والمخرجين في‬ ‫تقديم ن�صو�ص م�سرحية من التاريخ العربي وتوظيفه‬ ‫م�سرحيا مما ي�ؤكد على مدى الت�أثير الذي يمكن �أن‬ ‫يحققه الم�سرح العربي والعالمي على الم�سرح العماني‪.‬‬ ‫عند الحديث عن الم�سرح في �سلطنة عمان والبدايات‬ ‫الأولى لدخول الن�شاط التمثيلي في عمان ف�إنه البد‬ ‫من الرجوع �إلى المدار�س ال�سعيدية الثالث التي كانت‬ ‫موجوده في عمان قبل ‪1970‬م والتي كانت تقت�صر على‬ ‫تعليم االوالد فقط في هذه المدار�س‪ ،‬حيث كانت تقام في‬ ‫نهاية كل عام درا�سي حفالت تكريمية للطالب يتم من‬ ‫خاللها تقديم العديد من التمثيليات عبارة عن فقرات‬ ‫وم�شاهد تمثيلية ق�صيرة يقوم الطلبة ب�أدائها‪� ،‬إلى جانب‬ ‫التمثيليات يقدم الطلبة العديد من الفقرات مت�ضمن‬ ‫االنا�شيد المدر�سية ال�شعرية وااللقاء في الوقت الذي لم‬ ‫تكن فيه االدوات المو�سيقية حيث �إن الطالب كانوا يقفون‬ ‫على �شكل كور�س (مجاميع ) في المكان المخ�ص�ص لهم‬ ‫على الم�سرح لأداء فقراتهم �أثناء ذلك الحفل‪.‬‬ ‫وتعود بدايات دخول الم�سرح �إلى �سلطنة عمان بف�ضل‬ ‫الطلبة الذين كانوا يدر�سون خارج ال�سلطنة‪ .‬فعندما كانوا‬ ‫يعودون من �إجازاتهم ال�سنوية في �أوائل ال�سبعينات‪ ،‬كانوا‬ ‫يحملون بذرة فنية يانعة ما لبثت �أن تحولت �إلى فرق‬ ‫م�سرحية ن�شطة تتخذ من الأندية مقرا لممار�سة الن�شاط‬ ‫الم�سرحي‪ ،‬ثم تم �إن�شاء م�سرح ال�شباب والم�سرح الجامعي‬ ‫وم�سارح الفرق الأهلية في عمان‪ .‬وم�شاهدتنا لبع�ض هذه‬ ‫الم�سرحيات ال حظنا مدى الت�أثير الذي ظهر على هذه‬ ‫الم�سرحيات �سواء في طريق معالجة المو�ضوع دراميا �أو‬ ‫طريقة الإخراج الم�سرحي والتي هي نتائج لهذا الت�أثير‬ ‫الم�سرحي العربي والعالمي‪.‬‬


‫مقال‬

‫ناصر بن أحمد الراشدي‬

‫‪17‬‬

‫‪nasser22a@hotmail.com‬‬

‫ايقظ قواك بالتحفيز‬ ‫قد تمر على الإن�سان �أوقات ع�صيبة‪� ،‬أوقات ي�شعر‬ ‫عندها بانخفا�ض طاقته‪ ،‬وقلة ن�شاطه البدني‪� ،‬أو‬ ‫النف�سي ولم يعد قادراً على تحقيق �أهدافه‪ ،‬وتراوده‬ ‫م�شاعر بعدم جدوى تلك الأهداف‪ ،‬وي�صاحبه‬ ‫�إح�سا�س بالإحباط‪ ،‬وعدم القدرة على القيام بخطوات‬ ‫ناجحة‪� ،‬إح�سا�س بالف�شل‪ ،‬والنق�ص‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى فقدان‬ ‫المقدرة على التفكير والإنتاجية‪ ،‬كما تمر عليه �أفكار‬ ‫ال�ضعف‪ ،‬والهوان‪ ،‬وال�شعور بالدونية بين النا�س‪ ،‬وقد‬ ‫ي�صل به الأمر نتيجة لذلك �إلى التفكير بعدم جدوى‬ ‫حياته‪ ،‬ووجوده بين �أفراد المجتمع‪ ،‬فما العمل؟‬ ‫�إن ما يقوم به الإن�سان من عملية �شحن‪ ،‬وبرمجة‬ ‫لعقله الباطن �سواء كانت ب�شكل �إيجابي �أو �سلبي‪،‬‬ ‫يقوده بالتالي التخاذ خطوات تتنا�سب ونوعية تلك‬ ‫العملية من ال�شحن‪ ،‬والبرمجة‪ ،‬فهو من يقوم بعملية‬ ‫التحفيز ذاتيًا‪ ،‬وال ي�ساعده �أحد‪ ،‬وعملية التحفيز‬ ‫الذاتي هي من �أقوى عمليات الت�شجيع للنف�س‬ ‫وتدخل في دائرة برمجة العقل الباطن على �أمور من‬ ‫�ش�أنها �أن تجعله �أكثر ن�شاطاً و�إنتاجية ومعرفة‪ ،‬كما‬ ‫�أنها ترفع من فهمه لذاته وتقديره لها‪ ،‬فهو يقوم‬ ‫ب�شحن وتقوية م�شاعره‪ ،‬و�أحا�سي�سه الداخلية التي‬ ‫تقوده �إلى تحقيق �أهدافه‪� ،‬أو ت�سهل عليه القيام بها‪،‬‬ ‫وهذه العملية ت�سمى بالتحفيز‪ ،‬وعلينا �أن نركز على‬ ‫التحفيز الإيجابي كونه القاعدة الأ�سا�سية للإنجاز‪،‬‬ ‫وتحقيق الأهداف‪ ،‬والغايات والو�صول للر�ضا‬ ‫النف�سي‪.‬‬

‫مواطن قوتها و�ضعفها وعمل على ت�سخير �إمكانياتها‬ ‫للأف�ضل وتقوية مواطن �ضعفها‪ ،‬كذلك برمجة‬ ‫النف�س كخطوة �أخرى على الكلمات التي يكون لها‬ ‫وقع و�إيحاء �إيجابي عليها‪ ،‬ك�أن يركز على �سبيل المثال‬ ‫على كلمة (�أقدر) وحذف كلمة (ال �أقدر) من قامو�س‬ ‫مفرداته النف�سية‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى و�ضع �أهداف‪ ،‬و�إن كانت‬ ‫�صغيرة‪ ،‬بل واقعية وقابلة للإنجاز‪ ،‬وتدعيم كل ذلك‬ ‫بالتركيز على الثقة بالنف�س كونها عن�صر �أ�سا�سي في‬ ‫التحفيز‪ ،‬وعدم الإ�صغاء لأعداء النجاح‪ ،‬وهنا �أ�سرد‬ ‫ق�صة ال�ضفدعة التي كانت تحاول قفز حاجزا عاليا‬ ‫من �أجل الو�صول �إلى الماء‪ ،‬وكان كل من �أبناء جن�سها‬ ‫يقولون لها وهم ي�ضحكون من الم�ستحيل قفز كل‬ ‫تلك الم�سافة‪ ،‬ولكنها �أعادت المحاولة عدة مرات ولم‬ ‫تتوقف حتى نجحت في تحقيق هدفها‪ ،‬ولما حققت‬ ‫هذا الإنجاز انك�شف عندها لغز نجاحها الكامن في‬ ‫كونها �ضفدعة �صماء ال ت�سمع وبالتالي لم تت�أثر‬ ‫ب�صيحات المحبطين والفا�شلين من حولها‪.‬‬

‫فنحن نحتاج �إلى �أن نكون قادرين على تحفيز‬ ‫�أنف�سنا من الأعماق‪ ،‬فال عيب في امتداحك لنف�سك‬ ‫ب�شكل �أو ب�آخر �إذا لم ت�ستطع الح�صول على المديح‬ ‫من الآخرين‪ ،‬وادخل في �أعماق نف�سك‪ ،‬وا�سترجع‬ ‫خبرات التحفيز الما�ضية‪ ،‬ا�شعر بها‪ ،‬وا�ستمتع بها‪،‬‬ ‫حاول �أن تعاي�شها قدر ا�ستطاعتك‪ ،‬وال تتوقف عن‬ ‫التحفيز والمكاف�أة‪ ،‬فكما يذكر الك�سندر جراهام‬ ‫بل‪�( :‬أنا ال �أ�ستطيع �أن �أجزم بماذا تكون هذه القوة‪،‬‬ ‫فكل ما �أعرفه هو �أنها موجودة‪ ،‬و�أنها ت�صبح متاحة‬ ‫فقط عندما يكون المرء في تلك الحالة الذهنية‪،‬‬ ‫التي يعرف �أثناءها ماذا يريد بال�ضبط؟ وي�صر على‬ ‫� ّأل يتوقف حتى يجد ما يريد)‪� ،‬أما برايان تري�سي‬ ‫فين�صح بتعزيز ما تريد �أن يتكررلأن ذلك ي�ساعد‬ ‫على الإنجاز‪ ،‬كما يمكنك �أن تتذكر دائمًا ب�أن هناك‬ ‫قوة ذاتية هائلة‪ ،‬تكمن في داخلك لتحفيزك‪ ،‬وكل‬ ‫ما عليك هو �أن تتذكر وق ًتا محددًا كنت فيه في قمة‬ ‫التحفيز‪ ،‬وحاول �أن تعي�ش هذه التجربة مرة �أخرى‬ ‫بكل حوا�سك وم�شاعرك‪.‬‬

‫التحفيز قوة داخلية‬ ‫فعالة تقودنا إلى‬ ‫الشعور بالعظمة‬ ‫واإلنجاز‬

‫فالتحفيز قوة داخلية فعالة تقودنا �إلى ال�شعور‬ ‫بالعظمة والإنجاز وتحقيق النجاح‪� ،‬إنه الطاقة التي‬ ‫ت�ساعدنا على موا�صلة التقدم عندما يخبرنا الجميع‬ ‫�أننا ال ن�ستطيع التقدم ‪ ،‬فبه ن�ستثير النف�س ون�شجعها‬ ‫للقيام بالأف�ضل‪ ،‬بل بتحقيق الم�ستحيل‪ ،‬ونعزز الثقة‬ ‫بها‪ ،‬وننقلها من عالم الركود �إلى عالم الحركة‬ ‫وتحقيق الأهداف‪ ،‬والتفكير بالجديد والإبداع و�إبطال‬ ‫مفعول الأثر الناتج عن الر�سائل ال�سلبية المثبطة‬ ‫للهمم والق�ضاء على مفهم الم�ستحيل و�إحالل مفهوم‬ ‫الممكن بد ًال منه‪ ،‬يبعدنا عن الإحباط وال�شعور‬ ‫بالنق�ص‪ ،‬كما ي�ضيء لنا طريق النجاح وي�ؤكد لنا‬ ‫ب�أنه ال حياة مع الي�أ�س‪ ،‬كما �أن للتحفيز الإيجابي قوة‬ ‫هائلة تجعل من الفرد قادراً على فعل الم�ستحيل‪ ،‬قوة‬ ‫تولد بداخله طاقة ال محدودة ال�ستثارة الإمكانيات‬ ‫العظيمة والمواهب ال�شخ�صية والقدرات العقلية‬ ‫وا�ستثارة الهمم والن�شاط‪ ،‬مما يجعلها تمثل وقوداً‬ ‫حيوياً ال ين�ضب‪ ،‬يرى الإن�سان من خالله نتائج‬ ‫عجيبة و�إنجازات �ضخمة و�أهداف محققة‪ ،‬الأمر‬ ‫الذي يقوده للفخر بنف�سه في محيطه‪ ،‬ويلغي من‬ ‫قامو�سه الف�شل والإحباط والإح�سا�س بالنق�ص وعدم‬ ‫القدرة على الإنتاج‪ ،‬وبالتالي فالتحفيز هو المفتاح‬ ‫للنجاح في الحياة‪.‬‬

‫ويحتاج الإن�سان �إلى نوعين من المحفزات؛ خارجية‬ ‫وداخلية‪ ،‬وكالهما له �أثر كبير‪ ،‬ومبا�شر على‬ ‫�شخ�صيته‪ ،‬فالمحفزات الخارجية تتمثل في الت�أثير‬ ‫الإيجابي الذي يتلقاه الفرد من محيطه الخارجي‬ ‫بهدف القيام ب�أمر معين‪ ،‬وهنا ال يجب �أن يكون‬ ‫االعتماد على تلك المحفزات كلياً ‪� ،‬إذ �أنها قد تختلف‬ ‫من بيئة لأخرى وقد تتواجد في �أوقات وتنعدم في‬ ‫�أوقات �أخرى‪� ،‬أما المحفزات الداخلية فتتمثل في‬ ‫الت�أثير الذي يتلقاه الفرد من قرارات نف�سه‪ ،‬وهي‬ ‫الأهم‪� ،‬إذ �أنها تمثل ال�شعلة الحقيقية‪ ،‬والقوة النائمة‬ ‫في �شخ�صه وبنا ًء عليها يمكن تحقيق الم�ستحيل‪،‬‬ ‫حيث ت�شعره بالطم�أنينة والقوة والثقة بالنف�س‬ ‫واحترام �أكبر لها‪ ،‬ولذلك ال بد من اتخاذ خطوات‬ ‫لإثارة تلك القوة و�إيقاظ البطل النائم بداخله‪ ،‬و�أولى النف�س بحاجة �إلى التعزيز والمديح والإطراء‬ ‫تلك الخطوات هي الجلو�س مع النف�س �أو ًال‪ ،‬فكلما كعوامل محفزة ال�ستثارتها وتحريك مواطن الخمول‬ ‫اختال الإن�سان بنف�سه تقرب �إليها �أكثر ف�أكثر وعرف فيها‪ ،‬وجعلها قادرة على الأداء والإنجاز‪ ،‬وبالتالي‬ ‫قد نقوم �أحياناً بتبرير �أفعالنا و�أعمالنا‪ ،‬وقلة �إنجازنا‪،‬‬ ‫باختالق التبريرات والأعذار‪ ،‬كمحاولة التهرب من‬ ‫مواجهة م�س�ؤولية الأخذ ب�أيدينا لنبا�شر العمل‪ ،‬و�أن‬ ‫نحا�سب �أنف�سنا‪ ،‬كل ذلك لأجل �إعطاء مبرر وهمي‬ ‫يعمل بدوره ك�سرطان ينت�شر مع الأيام تكون نتيجيته‬ ‫الف�شل في كل جوانب الحياة‪ ،‬فال ينبغي �أن نترك‬ ‫مجا ًال لثقافة اختالق الأعذار للتغلغل في دواخلنا‪،‬‬ ‫ولكن يجب �أن ندرك ب�أن هناك قوة بداخلنا يجب‬ ‫�أن ت�ستثار‪ ،‬و�إرادة يجب تقويتها‪ ،‬وذلك يتم بالتحفيز‬ ‫الذاتي الذي يلعب دوراً ريادياً في التنمية الذاتية‬ ‫وتوفير مقومات النجاح‪.‬‬


‫تجربة‬

‫تجارب عالمية‬

‫األمريكية واليابانية في التعليم تمزج بين المركزية والالمركزية‬

‫تجربة تعرضها‪ :‬أسماء الجامعية‬

‫‪18‬‬

‫في هذه الزاوية نستعرض لبعض المقاالت لألساتذة المتخصصين في‬ ‫مجال التربية والتعليم حول التجربتين اليابانية واألمريكية‪ .‬إن أهمية التعليم‬ ‫مسألة لم تعد اليوم محل جدل في أي منطقة من العالم‪ ،‬فالتجارب الدولية‬ ‫مجاال للشك أن بداية التقدم الحقيقية بل‬ ‫المعاصرة أثبتت بما ال يدع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كبيرا في التقدم‬ ‫شوطا‬ ‫والوحيدة هي التعليم وإن كل الدول التي أحرزت‬ ‫‪ ،‬تقدمت من بوابة التعليم ‪ ،‬بل أن الدول المتقدمة تضع التعليم في‬ ‫أولوية برامجها وسياستها‪ .‬ومن الطبيعي أن يكون للتحويالت والتغيرات‬ ‫العالمية انعكاساتها على العملية التعليمية في شتى بقاع العالم باعتباره‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فرعيا داخل إطار المنظومة المجتمعية الشاملة من هنا سو‬ ‫اجتماعيا‬ ‫نظاما‬ ‫نستعرض تجارب عالمية بارزة في نهضة التعليم‪.‬‬

‫اليــــابــان‪:‬‬

‫ال يجادل �أحد في قيمة العلم والمعرفة في نه�ضة‬ ‫الأمة‪ ،‬وخروجها من دائرة التخلف وال�سقوط‪ ،‬فهو‬ ‫موجه للح�ضارة‪ ،‬لأنها تقوم على �آخر ما تو�صلت �إليه‬ ‫العلوم والمعارف‪ ،‬ومع �أن العلوم والمعارف كانت دائماً‬ ‫من ن�صيب نخبة قليلة‪ ،‬لكنها اليوم تت�سع دائرتها يوماً‬ ‫بعد يوم‪ ،‬للخروج من دائرة التخلف والتبعية‪ ،‬وهذا هو‬ ‫الدور المناط بالنخبة القليلة القائدة وهم العلماء‬ ‫وقادة التعليم‪.‬‬ ‫حيث تعد المدر�سة وكيل المجتمع في تربية وتن�شئة‬ ‫الأجيال‪ ،‬و�إعدادهم للحياة بالتكيف معها اجتماعياً‬ ‫وعقلياً ووجدانياً وج�سمياً‪ ،‬وبالتالي يعد دورها التربوي‬ ‫�أعظم من دور غيرها من الم�ؤ�س�سات التعليمية‪،‬‬ ‫ويتجلى دورها في مجال ت�أكيد الهوية وتنمية الوعي‬ ‫الأخالقي وال�سيا�سي والوطني‪ ،‬حيث تعد المهد الذي‬ ‫يتلقى فيه الطفل �أول درو�سه التي تندمج بالممار�سة‬ ‫العملية التي تخلق مواطناً م�شاركاً في �صنع حا�ضر‬ ‫وم�ستقبل وطنه‪ ،‬وذلك من خالل �أ�ساليب تربوية تت�سم‬ ‫بالحوار والمناق�شة وتبادل الآراء في مناخ تظلله الروح‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬بعيداً عن الكبت والقهر وامتالك نا�صية‬ ‫التفكير وتمثلها في نف�س التلميذ �سلوكاً وممار�سة (عبد‬ ‫الخالق �سعد‪ )2006،‬مع �أن هذا البلد هو الوحيد الذي‬ ‫ق�صف بال�سالح النووي‪ ،‬وا�ست�سلم بدون قيد �أو �شرط‪،‬‬ ‫و�سرح جي�شه البالغ خم�سة ماليين جندي‪ ،‬ونف�ض يده‬ ‫من كل الآلة الع�سكرية المخيفة التي بناها بيديه وعرق‬ ‫جبينه‪ ،‬ولكنه لم يحرر بلده بحرب تحرير فيتنامية �أو‬ ‫جهاد �أفغاني بل بطريقة امتاز بها هذا ال�شعب‪ .‬وذلك‬ ‫ال يعود �إلى �سبتمبر عام ‪1945‬م‪ ،‬عندما وقع على وثيقة‬ ‫اال�ست�سالم على ظهر البارجة الأمريكية مي�سوري‪ ،‬بل‬ ‫يعود �إلى زمن �أبعد‪ ،‬عام ‪1868‬م عندما �أ�صدر (العهد‬ ‫الميجي) في عهد الإمبراطور (موت�سو هيتو) الذي‬ ‫بد�أ حكمه في ‪1852/11/3‬م وكان �شابا ذكيًا متفتحً ا‬ ‫و�سمي عهده (الميجي) �أي الحكم الم�ستنير‪ .‬وبوا�سطة‬ ‫هذا العهد تم �إر�ساء قواعد نه�ضة اليابان الحديثة‪.‬‬ ‫و�أهم فقرة في هذا العهد هي الخام�سة التي تن�ص على‬ ‫التعليم‪�( :‬سوف يجري العمل على جمع المعارف‬ ‫من �شتى �أنحاء العالم �أجمع‪ ،‬وعلى هذا النحو �سوف‬ ‫تر�سخ الإمبراطورية على �أ�س�س متينة)‪.‬‬

‫فال تكاد تنظر �إلى �أي جهة من جهات النه�ضة اليابانية‬ ‫دون �أن ترى مو�ضوع التعليم يقابلك بو�ضوح‪ ،‬وبد�أت‬ ‫�إ�صالحات النظام التعليمي الحديث في اليابان في‬ ‫ال�سنوات الأخيرة من القرن التا�سع ع�شر‪ ،‬ثم انتع�شت‬ ‫في بداية القرن الع�شرين‪ .‬وعندما دخلت اليابان‬ ‫الحرب العالمية الثانية كانت لديها قاعدة �صناعية‬ ‫وتعليمية‪ ،‬وبعد الحرب تحول التعليم الياباني �إلى‬ ‫تعليم يعتمد التدريب على التفكير �أكثر مما يعتمد‬ ‫على النقل والحفظ‪ .‬ومع مرور الزمن ا�ستقرت هذه‬ ‫المفاهيم في نظام تعليمي مركب‪� ،‬أ�صبح ي�شد خبراء‬ ‫التعليم في العالم‪ ..‬و�أ�صبحت مناهج التربية والتعليم‬ ‫اليابانية اليوم من المناهج العالمية التي تنظر �إليها‬ ‫وتحاول تقليدها الأمم الأخرى‪.‬‬

‫ال يعني ذلك �أن مركزية التعليم مطلقة في اليابان‪،‬‬ ‫فهناك ق�سط � ً‬ ‫أي�ضا من الالمركزية حيث يوجد في كل‬ ‫مقاطعة من مقاطعات اليابان مجل�س تعليم خا�ص بها‪،‬‬ ‫ويعتبر ال�سلطة الم�سئولة عن التعليم و�إدارته وتنفيذه‬ ‫في هذه المقاطعة‪.‬‬ ‫أمريـــكا‪:‬‬

‫مر التعليم الأمريكي بمنعطفات عدة‪ ،‬كان �أولها عام‬ ‫‪1957‬هـ بعد �إطالق القمر ال�صناعي الرو�سي‪ ،‬وقد‬ ‫�أكدت الحكومة الأمريكية �ضرورة النظر في البرامج‬ ‫التعليمية‪ ،‬ورفع م�ستوى العلوم التطبيقية‪� ،‬أما‬ ‫المنعطف الثاني فكان عندما �صدر تقرير «�أمة في‬ ‫خطر» نتيجة لعدم قناعته بما يقدمه التعليم الثانوي‬ ‫الأمريكي من مخرجات‪ ،‬مما �أدى �إلى فقدان قدرة‬ ‫التناف�س في االقت�صاد العالمي ب�سبب تدني �أداء النظام‬ ‫التعليمي مقارنة بالدول ال�صناعية‪ ،‬وت�ضمن التقرير‬ ‫تعزيز متطلبات التخرج في المرحلة الثانوية‪ ،‬والعمل‬ ‫على تنمية القدرات العقلية والفكرية لدى الطالب‬ ‫لتمكينهم من القيام بعمل منتج في ظل نظام اقت�صادي‬ ‫جامعة يابانية من بين أفضل حديث ومتطور ومنذ �صدور التقرير عملت الواليات‬ ‫المتحدة الأمريكية على ا�ستثمار جميع امكانياتها في‬ ‫‪ 500‬جامعة حول العالم‬ ‫ً‬ ‫توفير تعليم �أف�ضل حيث ا�ستثمرت مبلغا قدره ‪862‬‬ ‫بليون دوالر وفق �إح�صائية عام ‪2004‬م في التعليم ما‬ ‫قبل الجامعي بجميع �أنواعه ‪.‬‬ ‫ويمزج نظام التعليم الياباني بين النظام المركزي‬ ‫ك�أ�سا�س ونظام الالمركزية في التعليم‪ ،‬وتتميز اليابان في القرن الـ ‪ 21‬بد�أت انطالقة الواليات المتحدة‬ ‫ب�شكل عام ب�أن نظام تعليمها يغلب عليه طابع المركزية‪ .‬الأمريكية من المناهج‪ ،‬م�ؤكدة حاجاتها �إلى توفير‬ ‫ومن �إيجابيات هذا المبد�أ في التعليم توفير الم�ساواة المناهج الدرا�سية التي ت�ستطيع �أن تنجز ثالثة �أهداف‬ ‫في التعليم ونوعيته لمختلف فئات ال�شعب على م�ستوى رئي�سة‪� ،‬أولها ا�ستخدام التقنية ب�شكل �شامل لتطوير‬ ‫الدولة‪ ،‬وبذلك يتم تزويد كل طفل ب�أ�سا�س معرفي كفاءة الطالب‪ ،‬والثاني ا�ستخدام التقنية ب�شكل �شامل‬ ‫واحد‪ ،‬حيث ُتقرر وزارة التعليم اليابانية الإطار العام لخلق تعليم قوي‪ ،‬بحيث ت�ستدعي �ضرورة تدريب‬ ‫ُف�صل المعلمين والإداريين على كيفية توظيف الأدوات لإتقان‬ ‫للمقررات الدرا�سية في المواد كافة‪ ،‬بل وي َّ‬ ‫محتوى ومنهج كل مادة وعدد �ساعات تدري�سها‪ ،‬وبذلك المهارات‪� ،‬أما الثالث فهو ا�ستخدام تقنية مبتكرة �شاملة‬ ‫يتم �ضمان تدري�س منهج واحد لكل فرد في ال�شعب في لدعم التعليم والتعلم‪ ،‬ولذلك انطلقت للقرن الـ ‪21‬‬ ‫�أي مدر�سة وفي الوقت المحدد له‪ .‬والوزارة م�سئولة من خالل مجموعة من المهارات �أهمها الم�س�ؤولية‬ ‫عن التخطيط لتطوير العملية التعليمية على م�ستوى والقدرة على التكيف‪ ،‬ومهارات االت�صال والإبداع‬ ‫اليابان‪ ،‬كما تقوم ب�إدارة العديد من الم�ؤ�س�سات التربوية والتطلع الفكري‪ ،‬عالوة على التفكير النقدي والتفكير‬ ‫بما فيها الجامعات والكليات المتو�سطة والفنية‪ .‬ولكن المنظومي والتوجيه الذاتي والم�س�ؤولية االجتماعية‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫مقال‬

‫تهى بنت سعيد العبرية‬

‫‪19‬‬

‫‪omandaily11@hotmail.com‬‬

‫طفلي مبدع‪ ..‬كيف؟‬ ‫�إ َّن تكوين الفكر‪ ،‬والإبداع لدى الأطفال �أمر‬ ‫مهم‪ ،‬وجميل لبناء �أجيال الم�ستقبل من خالل‬ ‫�صقل الموهبة الكامنة في الأعماق ‪ ،‬فالموهبة‬ ‫مثل البذرة‪� ،‬إما �أن نزودها بالرعاية‪ ،‬واالهتمام‪،‬‬ ‫فتنمو‪ ،‬وتثمر‪ ،‬و�إما �أن نطم�سها بيد الإهمال‬ ‫فتذبل وتموت‪ ،‬فكل طفل له طاقة تزخر بالن�شاط‪،‬‬ ‫تتفجر في �شكل لعب‪،‬‬ ‫وما تلبث هذه الطاقة �أن ّ‬ ‫وحركات بريئة‪ ،‬والأ�سرة هي الم�ؤ�س�سة االجتماعية‬ ‫الأ�سا�سية‪ ،‬والأولى التي تتحمل م�س�ؤولية تن�شئة‬ ‫الأبناء‪ ،‬ورعايتهم‪ ،‬فهي االقوى ت�أثيرا في طباعه‬ ‫وك�سب �سلوكه االجتماعي‪ ،‬والقيم‪ ،‬والعادات‪،‬‬ ‫والتقاليد‪ .‬فاللعب هو حياة الأطفال ‪ ،‬فهو ي�ساعد‬ ‫الطفل على االكت�شاف والتجريب‪ ،‬واالبداع‪،‬‬ ‫واكت�ساب الخبرات‪ ،‬ومن الجميل �أن ترى ابنك‬ ‫م�ؤلفاً‪� ،‬أو من�شداً‪� ،‬أو فناناً‪� ،‬أو �شاعراً ما �شابه ذلك‬ ‫وفي مرحلة مب ّكرة من عمره ‪ ،‬وقد تتبادر �إلى‬ ‫ذهنك عدة �أ�سئلة ‪،‬هل طفلك مبدع؟ هل البيئة‬ ‫�ساعدت طفلك لإبراز مواهبه؟ هل كنتَ عوناً في‬ ‫اكت�شاف مواهبه؟ هل من معوقات ت�سود مجتمعنا‬ ‫تحُ ول دون االهتمام بمواهب الطفل؟‬ ‫وتلعب التن�شئة الأ�سرية دوراً كبيرا في تنمية‬ ‫القدرات الحركية‪ ،‬والعقلية‪ ،‬والخ�صائ�ص‬ ‫النف�سية لدى الطفل‪ ،‬ومعاملة الوالدين لأبنائهم‬ ‫تحدد درجة اال�شباع لحاجتهم النف�سية من‬ ‫ال�شعور بالحب‪ ،‬والأمان‪ ،‬الحاجة �إلى اال�ستطالع‪،‬‬ ‫واال�ستقاللية‪ ،‬وحاجتهم الج�سمية من الحركة‪،‬‬ ‫واللعب‪ ،‬والغذاء‪ ،‬وحاجتهم االجتماعية من‬ ‫الحب‪ ،‬والتقدير‪ ،‬والتقبيل واالنتماء‪ ،‬وقد �أثبتت‬ ‫الدرا�سات �أن فقدان الحب ي�ؤدي �إلى ت�أثر الن�ضج‬ ‫من النواحي النف�سية‪ ،‬والعقلية ‪ ،‬والحرمان ي�ؤدي‬ ‫�إلى فقد الثقة بالنف�س‪ ،‬فال�صحة النف�سية للأبناء‬ ‫ترتبط في �أولى مراحل عمرهم بنوعية العالقة‪،‬‬ ‫ومدى التفاعل‪ ،‬والترابط بين �أفراد الأ�سرة‪،‬‬ ‫و�أو�ضح باحثون من جامعة هارفرد �أن حجم‬ ‫الحزمة الع�صبية التي تربط ن�صفي المخ‪ ،‬وتنقل‬ ‫المعلومات بينهما �أ�صغر لدى الأطفال الذين‬ ‫تعر�ضوا للإهمال‪ ،‬والأذى البدني‪ ،‬والجن�سي‬ ‫بمقدار ‪ %40‬مقارنة بالأطفال الذي لم يتعر�ضوا‬ ‫لمثل هذه المواقف‪� .‬أي�ضاً ال�ضغوط النف�سية التي‬ ‫قد يتعر�ض لها الطفل كالطالق‪� ،‬أو فقدان �أحد‬ ‫الوالدين قد تنعك�س �سلباً في تح�صيله الدرا�سي‪،‬‬ ‫�أو ردة فعل نف�سية كالع�صبية‪ ،‬والعدوانية‪،‬‬

‫والحركة الزائدة‪ ،‬والإبداع‪ ،‬والتخيل ت�ساعد على‬ ‫تنمية العالقة بين الآباء‪ ،‬والأبناء لع ّبروا عما‬ ‫بداخلهم من م�شاكل قد تواجههم مع �أ�صحابهم‪،‬‬ ‫�أو في المدر�سة‪.‬‬ ‫ومن �أبرز معوقات االبداع للطفل في �أ�سرته �أن‬ ‫بع�ض الآباء يظن �أن لعب الأطفال‪ ،‬وحركتهم‬ ‫الزائدة هي م�ضيعة للوقت ونوع من ال�شغب‬ ‫‪،‬وال يعرفون �أن هذا اللعب يفتح باباً �أمام الطفل‬ ‫للتع ّلم من خالل الأدوات المختلفة التي يتعامل‬ ‫معها والتي ت�ؤدي �إلى معرفته‪ ،‬والقدرة على‬ ‫تمييز الألوان‪ ،‬واالحجام‪ ،‬والأ�شكال المختلفة‪،‬‬ ‫والتحليل‪ ،‬والتركيب ‪ ،‬وهي التي تبعث من الطفل‬ ‫�صوراً من االبداع‪ ،‬واالختراع‪ ،‬والتجريب والتي‬

‫‪%90‬‬

‫نسبة األطفال الموهوبين من‬ ‫الوالدة حتى الخامسة‬

‫تنمي فيه الذكاء والمهارات العقلية والفكرية‪.‬‬ ‫فلماذا نحارب اللعب لدى �أبناءنا ونقمعهم‬ ‫ب�شتى �أنواع التوبيخ والعقوبات؟!! فالإبداع بناء‪،‬‬ ‫والقمع هدم‪ ،‬وقد يترك �شروخاً تظل تالزمه‬ ‫طول حياته‪ .‬كذلك ان�شغال الآباء عن �أطفالهم‬ ‫بحكم �ضغوطات العمل التي ال تنتهي‪ ،‬فترى الأب‬ ‫ال يجل�س‪ ،‬وال يتناق�ش مع اطفاله ولي�س لديه‬ ‫وقت حتى للرحالت والنزهات معهم ‪ ،‬كذلك‬ ‫الم�س�ؤولية م�شتركة بين الأب والأم في التن�شئة‪،‬‬ ‫واالهتمام بالطفل‪ ،‬ورعايته‪ ،‬وقد ي�ؤدي تحمل‬ ‫الأم فقط الم�س�ؤولية الكاملة �إلى نتائج �سلبية‪،‬‬ ‫وم�شاحنات �أ�سرية ال تحقق الأهداف المرجوة‪،‬‬ ‫فكالهما مكمل لدور الآخر‪ .‬يلعب �أي�ضاً الم�ستوى‬

‫االقت�صادي في تنمية �إبداع الطفل ‪ ،‬فكلما كان‬ ‫متدنياً كلما ق ّلت الفر�صة لتوفير االحتياجات‬ ‫الالزمة من كتب‪ ،‬ومجالت‪ ،‬وحوا�سيب‪ ،‬وو�سائل‬ ‫تعليمية‪ ،‬وغيرها ليقوم الطفل بتنفيذ ابداعاته‬ ‫عليها‪ ،‬بالتالي تظل هذه المواهب حبي�سة‪ ،‬وبدون‬ ‫معين‪ .‬ووفقاً لأحدث الدرا�سات‪ ،‬فقد تبين �أن‬ ‫ن�سبة الأطفال الموهوبين من �سن الوالدة �إلى‬ ‫�سن الخام�سة نحو ‪ ، %90‬وعندما ي�صل الأطفال‬ ‫�إلى عمر ال�سابعة تنخف�ض ن�سبة المبدعين منهم‬ ‫�إلى ‪ ،%10‬وت�صبح الن�سبة ‪ %2‬عندما ي�صلوا �إلى �سن‬ ‫الثامنة‪ ،‬وهذا يدل �أن �أ�ساليب التعليم والأعراف‬ ‫االجتماعية تعمل على طم�س المواهب مع انها‬ ‫قادرة على الحفاظ عليها وتطويرها وتنميتها‪.‬‬ ‫وهناك الكثير من الطرق والو�سائل التي من‬ ‫الممكن تطبيقها في حياتنا الأ�سرية مع ابنائنا‬ ‫لتنمية الإبداع وابراز المواهب ‪� ،‬أولها التحفيز‪،‬‬ ‫والمكاف�أة فالت�شجيع يدفعهم لالنطالق‪،‬‬ ‫والتطوير‪ ،‬ومكاف�أتهم عن �أي عمل يُظهرونه من‬ ‫خالل الكلمة الطيبة واالبت�سامة واالحت�ضان‪،‬‬ ‫والت�شجيع المادي‪� ،‬أو مكاف�أتهم بنزهات ورحالت‬ ‫لأماكن يحبونها وهذا له �أثر على نف�سيتهم‪.‬‬ ‫�أي�ضاً �شجع ابنك من خالل المتابعة و�س�ؤالك‬ ‫الدائم عن �آخر ابداعاته في مواهبه حتى يوا�صل‪،‬‬ ‫ويت�شجع‪ ،‬ومن الممكن �أن تقترح له �أفكارا تعينه‬ ‫على تطوير موهبته وابداعه‪ .‬وال نن�سى المراكز‬ ‫ال�صيفية‪ ،‬والمعاهد التي تهدف �إلى ا�ستغالل‬ ‫�أوقات الأطفال في عطلتهم وا�ستغالل مواهبهم‬ ‫وتطويرها من خالل الحاقهم بها وت�شجيعهم‬ ‫على دخول م�سابقات وتناف�س بينه وبين �أقرانه‬ ‫في مجال موهبته‪� .‬أي�ضاً انعتْ ابنك بلقب يوازي‬ ‫موهبته‪ ،‬و�إبداعه مثال ال�شاعر العظيم �أو الفنان‬ ‫المبدع‪� ،‬أو الر�سام الرائع‪ ،‬وهكذا حتى يرفع من‬ ‫معنوياته‪ ،‬ويثق بنف�سه �أكثر‪ ،‬وب�إمكانك �أن تحوّل‬ ‫غرفته �إلى معر�ض من االبداعات‪ ،‬والأعمال التي‬ ‫�صاغها مهما كان العمل كنوع من الت�شجيع‪ ،‬ودفع‬ ‫عجلة الن�شاط‪ ،‬واالبداع ب�شكل م�ستمر‪ ،‬وقراءة‬ ‫الق�ص�ص للأطفال تفتح باب النقا�ش‪ ،‬وت�ساعد‬ ‫على تو�سيع دائرة التفكير‪ ،‬والمهم �أن تحمل هذه‬ ‫الق�ص�ص معنى �أو فكرة‪ .‬لذلك تعاملوا مع �أبنائكم‬ ‫ك�أ�صدقاء ‪� ،‬أظهروا لهم انكم تحبونهم‪ ،‬وت�شجعون‬ ‫�أفكارهم ‪ ،‬ا�صغوا �إليهم باهتمام وال تن�سوا �أن‬ ‫تكونوا قدوة ح�سنة لهم‪.‬‬


‫تحليل‬

‫تنويع مصادر الدخل ‪..‬‬

‫دور الدراسات واإلحصاءات في دعم صانع القرار‬

‫‪20‬‬

‫د‪ .‬محمد رياض حمزة‬

‫�صورة تعبيرية‬

‫ُيعتبر موضوع تحليل البيانات االحصائية‪ ،‬وكتابة التقارير ذو أهمية قصوى في مجال التخطيط‪،‬‬

‫وصنع القرارات لدى العاملين‪ ،‬والقيادات اإلدارية في جميع المجاالت‪ ،‬وال بد للعاملين من‬ ‫اإللمام بإستخدام مختلف الطرق اإلحصائية المناسبة لمعالجة البيانات‪ ،‬وتحليلها إحصائي ًا‬

‫لالستفادة‪ .‬إضافة إلى أهمية التعرف على كيفية كتابة التقارير بعد االنتهاء من تحليل‬ ‫البيانات‪ ،‬وتقديمها لمتخذي القرار بصيغة سهلة‪ ،‬وبسيطة تساعدهم على اتخاذ القرار‬ ‫المناسب في ضوء معطيات التقرير‪ .‬وال شك في أن اإلحصاء علم تطبيقي يخدم مجاالت‬

‫الحياة كافة‪ ،‬ويقدم الحلول المناسبة للعديد من المشاكل التي تواجه ُصنّ اع القرار في‬

‫مواقع القيادات الحكومية‪ ،‬وفي ميادين العلوم التطبيقية‪ ،‬والتجارة‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬والتربية‪،‬‬ ‫وعلم االجتماع‪ ،‬والعلوم الطبية‪ ،‬وغيرها من العلوم‪.‬‬

‫وتعتبر المعلومات الرقمية التي م�صدرها‬ ‫الدرا�سات‪ ،‬والإح�صاءات الميدانية من �أهم‬ ‫الأ�س�س المرجعية ل�صنع القرار في الدول‬ ‫المتقدمة التي تتبارى م�ؤ�س�ساتها البحثية في‬ ‫القطاعين العام والخا�ص في دقة ما تن�شر من‬ ‫البيانات الإح�صائية التي تر�صد متغيرات �أن�شطة‬ ‫االقت�صاد والمجتمع‪.‬‬ ‫ومن النادر �أن يكون هناك تفاوت فيما يُن�شر‬ ‫من البيانات و� ْإن حدث‪َ ،‬ف ُ‬ ‫تن�شر الم�ؤ�س�سة التي‬ ‫�أخط�أت ت�صحيحاً وتبين �سبب الخط�أ‪ .‬وعند‬ ‫متابعة ما ين�شر من معلومات �إح�صائية من‬ ‫الوزارات‪ ،‬والبنوك‪ ،‬وبيوت الخبرة‪ ،‬ومراكز‬

‫‪17‬‬

‫يوميا‪ ،‬و�أ�سبوعيا‪ ،‬و�شهريا‪ ،‬وف�صليا‪ ،‬و�سنويا‬ ‫لتب ّينا تلك الأهمية التي توليها الحكومات‪،‬‬ ‫وال�شركات‪ ،‬ومختلف الأن�شطة االقت�صادية‪،‬‬ ‫والأعمال لت�صويب قراراتها‪ .‬بل �أن هناك قوانين‬ ‫ُتجَ ِّرم من َي ْن ُ�شر بيانات مظللة مغر�ضة هدفها‬ ‫الإ�ساءة للغير في �إطار المناف�سة وال�شفافية‪.‬‬ ‫إجمالي عدد مراكز‬ ‫وال تقت�صر �أهمية دقة المعلومات الرقمية‬ ‫على االقت�صاد‪ ،‬والتجارة‪ ،‬والأعمال‪ ،‬وتتعداها‬ ‫األحصاء العربية‬ ‫لل�ش�ؤون الإجتماعية‪ ،‬والتعليمية‪ ،‬وال�صحية‪،‬‬ ‫وحتى ال�سيا�سية‪ ،‬ف�ضال عن المتابعات‪ ،‬والتنب�ؤات‬ ‫البحث العلمي‪ ،‬والدرا�سات وال�شركات في كل من لمتغيرات البيئة‪ .‬كما �أن لتحليل الإح�صاءات‪،‬‬ ‫الواليات المتحدة الأمريكية‪ ،‬والإتحاد الأوروبي والخروج باال�ستنتاجات المبنية على البرهان‬


‫تحليل‬

‫ت�أتي نتيجة لتراكمات الأخطاء يمكن ارتكابها من‬ ‫جميع الفرق العاملة على تنفيذ العمل الميداني‬ ‫�سواء فرق التخطيط للم�سح‪� ،‬أو التجهيز‪ ،‬والإعداد‪،‬‬ ‫�أو فرق التنفيذ الميداني‪ ،‬ومعالجة البيانات‪.‬‬

‫الرقمي‪ ،‬و�صياغتها بلغة وا�ضحة مفهومة �سيكون‬ ‫مكمال للأهداف التي و�ضعتها الجهة التي بد�أت‬ ‫العملية الإح�صائية‪ .‬وي�ؤكد الخبراء �أهمية توافر‬ ‫الدقة في المعلومات‪ ،‬والبيانات الإح�صائية‪،‬‬ ‫وا�ستخدام التقنية الحديثة ُت َم ِّكن متخذي‬ ‫القرارات االقت�صادية‪ ،‬واالجتماعية التو�صل �إلى وبقدر �أهمية دقة البيانات الإح�صائية في �صنع‬ ‫حلول للم�شكالت التي تواجه عملية التنمية القرارات‪ ،‬ف� ّإن تلك المعلومات تعتبر �أرقاما‬ ‫�صماء � ْإن لم ُتب ّين دالالتها‪ ،‬وتو�ضح معانيها‪،‬‬ ‫االقت�صادية �أو المجتمع‪.‬‬ ‫فالكثرة الكاثرة من المطبوعات التي ت�صدرها‬ ‫فعملية ر�صد �إي متغير في �أي مو�ضوع ميداني الجهات الحكومية عن المتغيرات الإح�صاءات‬ ‫وتحليل البيانات المح�صلة‪� ،‬سيكون بمثابة انعكا�س ال�سنوية‪ ،‬والف�صلية‪ ،‬وال�شهرية‪ ،‬وغيرها �إن لم‬ ‫للواقع‪ ،‬وعليه فالبد من �أن تكون هذه البيانات ُتحلل‪ ،‬و ُتب َّين دالالتها ب�شفافية‪ ،‬ف�إن فائدتها‬ ‫علي قدر عال من الدقة لأنها �ست�ستخدم في �صنع �ستكون محدودة‪.‬‬ ‫القرار‪ ،‬و�إن متخذي القرار �سيطلعون على نقاط وفي ال�سلطنة‪ ،‬ف�إن نظام الإح�صاءات الرقمية‬ ‫ال�ضعف والقوة في مو�ضوع الدرا�سة الميدانية ‪.‬‬

‫‪% 0.4‬‬

‫�أما البيانات الإح�صائية الالزمة ل�صنع‬ ‫القرارات‪ ،‬وللدرا�سات‪ ،‬والبحوث‪ ،‬فم�صدرها‬ ‫�سجالت المتابعة اليومية الإدارية‪ ،‬والم�سوحات‬ ‫الإح�صائية الميدانية التي تعمل على جمع‬ ‫البيانات من م�صادرها الأ�صلية‪ ،‬وتقا�س جودة‬ ‫البيانات ونتائجها بالمقارنة بالبيانات والنتائج‬ ‫التي يتم �إ�ستح�صالها من الم�سوحات الميدانية‬ ‫نسبة التضخم بالسلطنة‬ ‫التي تجرى تباعا‪.‬والبد من التركيز على �أهمية‬ ‫خالل شهر مايو ‪2015‬‬ ‫جودة البيانات المرتبط بمدى دقة‪ ،‬وكفاءة‬ ‫البيانات االح�صائية‪ ،‬ف�أ�صبحت جودة البيانات‬ ‫الإح�صائية تتناول �إبعاداً �أخرى تقا�س من‬ ‫خاللها جودة البيانات الر�سمية‪ ،‬من هذه الأبعاد‬ ‫التوقيت المنا�سب‪ ،‬االت�ساق واالكتمال‪ ،‬الترابط الذي يعتمده المركز الوطني للإح�صاء‬ ‫والمعلومات (المجل�س الأعلى للتخطيط) يوفر‬ ‫والتما�سك‪ ،‬البيئة القانونية والم�ؤ�س�سية‪..‬الخ‪.‬‬ ‫الم�ؤ�شرات االجتماعية‪ ،‬واالقت�صادية الحيوية‬ ‫كما يق�صد بدقة البيانات (مقدار انحراف عن ال�سلطنة عبر ال�شبكة المعلوماتية منظمة‬ ‫التقديرات التي تبنى على هذه البيانات عن وفق �أن�شطة القطاعين العام‪ ،‬والخا�ص ‪ ،‬ذلك‬ ‫المعلومات الرئي�سية للمجتمع الذي تمثله هذه �إلى جانب طباعتها بدوريات �سنوية‪ ،‬وف�صلية‪،‬‬ ‫التقديرات)‪ .‬وعليه فان البيانات الميدانية هي و�شهرية‪ ،‬وتوفيرها بكتيبات بما يغني الباحثين‪،‬‬ ‫بيانات �إح�صائية يتم الح�صول عليها نتيجة والمهتمين بمتابعة التطورات االقت�صادية‪،‬‬ ‫لعمل �إح�صائي ينفذ ميدانيا من خالل عينة من واالجتماعية ملخ�صة بم�ؤ�شرات تر�صد‬ ‫وحدات المجتمع يتم اختيارها بحيث تكون ممثلة التقدم‪ ،‬واالنجاز‪ ،‬وم�ستوى الأداء في الن�شاط‬ ‫للمجتمع‪ .‬وان تنفيذ الم�سح الميداني يمر في عدد والقطاع المعنى من خالل توفير �سل�سلة زمنية‬ ‫من المراحل يبد�أ بالمرحلة التح�ضيرية فمرحلة للبيانات قطاعيا وجغرافيا‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى توفير‬ ‫العمل الميداني ومن ثم مرحلة معالجة البيانات‪ ،‬خ�صائ�ص اال�ستعالم البياني التفاعلي لبيانات‬ ‫مبوبة تمكن الباحث من و�ضعها في قوالب‬ ‫ويتبعها مرحلة ا�ستخراج النتائج وتحليلها‪.‬‬ ‫بيانية متعددة ح�سب احتياجاته‪.‬‬ ‫وللمحافظة جودة البيانات الميدانية يجب التركيز‬ ‫على دقة الإجراءات‪ ،‬ومراحل العمل‪ ،‬وتقليل كما �أن هناك عدد من الجهات الحكومية ت�صدر‬ ‫الأخطاء التي ت�صنف �إلى �أخطاء المعاينة‪ ،‬والتي تقارير دورية تت�ضمن متابعات �إح�صائية متخ�ص�صة‬ ‫تظهر نتيجة لتمثيل العينة لوحدات المجتمع في �أن�شطتها ‪ ،‬ولعل الأهم في تلك المعلومات‬ ‫ويعبر عنه بالفرق بين قيمة التقدير من واقع الإح�صائية دقتها‪ ،‬وتطابق ما ين�شر منها من مختلف‬ ‫البيانات‪ ،‬والقيمة الحقيقية للمجتمع‪ .‬والنوع م�صادرها ‪� ،‬إذ �أن �أي �إختالف في م�ؤ�شر رقمي لبيان‬ ‫الثاني من الأخطاء هو الأخطاء الإجرائية التي محدد م�صدره جهتان يفقد الثقة ب�صدقيته‪.‬‬

‫القوى العاملة نموذج للتوثيق الإح�صائي‬ ‫وهنا ن�سوق نموذج مديريات‪ ،‬ودوائر وزارة القوى‬ ‫العاملة للتوثيق الإح�صائي لن�ضرب به مثاال‬ ‫تطبيقيا التوثيق اليومي الذي يمكن االعتماد عليه‬ ‫في �صنع القرار‪ ،‬والدرا�سات‪ ،‬والبحوث الأكاديمية‬ ‫على اعتباره نتاج �آلية للمتابعة اليومية في‬ ‫التوثيق لخدمات الوزارة كلها ‪ ،‬فدائرة التراخي�ص‬ ‫التابعة للمديرية العامة للت�شغيل التي تعمل على‬ ‫مدار �ساعات الدوام الر�سمي توثق ما �أنجزته‬ ‫من المعامالت الم�ستوفية لمتطلبات ا�ستقدام‬ ‫القوى العاملة من خارج ال�سلطنة للحاجة الفعلية‬ ‫لمن�ش�آت و�شركات القطاع الخا�ص وبعد الت�أكد من‬ ‫عدم وجود قوى عاملة وطنية ل�شغل تلك المهن‬ ‫والوظائف التي ي�ستقدم الوافدون لها‪ .‬كما �أن‬ ‫الوزارة تلزم من�ش�آت القطاع الخا�ص ب�إعالمها ع ّمن‬ ‫ت�شغل من المواطنين‪ ،‬ومن الوافدين �أوال ب�أول‪،‬‬ ‫فيتم توثيق �أعداد من هم على ر�ؤو�س عملهم من‬ ‫القوى العاملة الوطنية والوافدة ح�سب مختلف‬ ‫الأن�شطة الإقت�صادية في من�ش�آت القطاع الخا�ص‪.‬‬ ‫�أما عمل خدمات الوزارة للرعاية العمالية‪ ،‬ف�إنه‬ ‫يوثق يوما بيوم‪� ،‬إذ يقوم جهاز التفتي�ش التابع‬ ‫للمديرية العامة للرعاية العمالية‪ ،‬الدائم‬ ‫العمل‪ ،‬بمراقبة تطبيق �أحكام قانون العمل‬ ‫ف�إنه ينفذ حمالت التفتي�ش ال�شامل والتفتي�ش‬ ‫الم�شترك مع �شرطة عمان ال�سلطانية والتفتي�ش‬ ‫التخ�ص�صي‪ ،‬كما ت�شمل حمالت التفتي�ش �أي�ضا‬ ‫الت�أكد من تطبيق المن�ش�آت لأحكام الالئحة‬ ‫التنظيمية لتدابير ال�سالمة وال�صحة المهنية‬ ‫في مواقع العمل‪.‬‬ ‫ومن خالل ال�شبكة االلكترونية في الوزارة تت�سلم‬ ‫المديرية العامة للتخطيط‪ ،‬والتطوير المعلومات‬ ‫الإح�صائية اليومية كافة من المديريات العامة‬ ‫التابعة للوزارة في ديوانها‪� ،‬أو في المحافظات‬ ‫تعمل دائرة الإح�صاء على ت�صنيف‪ ،‬وتبويب‬ ‫الإح�صاءات الرقمية التي توثق الأداء اليومي‬ ‫ف�ضال عن الدرا�سات‪ ،‬والتقارير الأخرى التي‬ ‫ت�شمل ‪� ،‬إ�ضافة �إلى الت�شغيل والرعاية العمالية‬ ‫برامج الت�شغيل الذاتي والتعليم التقني والمهني‬ ‫(الكليات التقنية ال�سبع ومراكز التدريب المهني‪،‬‬ ‫ومركز ومعهد ت�أهيل ال�صيادين) والم�ؤ�س�سات‬ ‫التدريبية الخا�صة وبرامج التدريب المقترن‬ ‫بالت�شغيل‪ ،‬و�ضمان �ضبط الجودة وخدمات مركز‬ ‫المعايير المهنية ‪.‬‬ ‫وكل ما تقدم تن�شره الوزارة بتقارير يومية‪،‬‬ ‫و�أ�سبوعية‪ ،‬و�شهرية‪ ،‬و�سنوية‪ ،‬ومنه ما يو�ضع على‬ ‫موقعها على �شبكة الإنترنيت‪ ،‬وما تن�شره �صحف‬ ‫ال�سلطنة اليومية‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫ذاكــرة‬

‫أحداث وأيام‬ ‫شهر سبتمبر‬

‫‪22‬‬

‫ •‪ 1974‬افتتاح أول مدرسة موسيقية في‬ ‫مرباط تحت رعاية جاللة السلطان‪.‬‬

‫ •‪ 1979‬موافقة جاللته على نقل الوثائق‬ ‫العمانية من البرتغال لعمان‬

‫وإنشاء متحف كبير في بيت الفلج‪.‬‬

‫ •‪ 1982‬استقبال أول دفعة من الطلبة وبداية‬ ‫الدراسة في معهد العلوم الصحية‪.‬‬

‫ •‪ 1983‬افتتاح المعرض الثقافي للشبيبة‬ ‫العمانية ألول مرة والذي احتوى‬

‫على أهم معروضات الحقب التاريخية‬ ‫العمانية‪.‬‬

‫‪1973‬‬

‫ •‪ 1984‬تسليم أول طائرة نفاثة للشركة‬ ‫العمانية لخدمات الطيران‪.‬‬

‫ • ‪ 1985‬اكتشاف كنز أثري يعود لأللف الثانية‬ ‫قبل الميالد بنزوى‪.‬‬

‫قبول سلطنة عمان عضواً في‬ ‫كتلة دول عدم االنحياز‪.‬‬

‫ • ‪ 1986‬افتتاح قاعة عمان بمقر األمم‬ ‫المتحدة في نيويورك والتي تم‬ ‫تشييدها كهدية من حكومة جاللته‬ ‫لألمم المتحدة‪.‬‬

‫أحداث تاريخية‪:‬‬

‫‪ - 1985‬العثور على حطام سفينة التايتنك الغارقة‬ ‫على قعر المحيط األطلنطي و ذلك بعد ‪73‬‬ ‫سنة من غرقها‪.‬‬

‫ذاكرة‬ ‫‪١٩٧٣‬‬

‫‪ - 1969‬تركيب أول آلة صرف آلي في الواليات المتحدة‪.‬‬

‫في شهر سبتمبر‬ ‫قبول سلطنة عمان عضواً في كتلة دول عدم االنحياز‪.‬‬

‫بيان مشترك عن نتائج المباحثات بين السلطان قابوس وابو رقيبة‪.‬‬ ‫جاللة السلطان يهنيء بالعيد الوطني الماليزي‪.‬‬

‫‪ - 1971‬انضمام البحرين وقطر إلى جامعة الدول العربية‬ ‫‪ - 2005‬افتتاح مدينة ديزني الند ‪ -‬هونغ كونغ‪.‬‬

‫فعاليات الشهر‬

‫‪ - 1928‬الطبيب البريطاني ألكسندر فلمنج يكتشف البنسلين‪.‬‬

‫‪ - 1908‬تأسيس شركة جنرال موتورز لصناعة و بيع السيارات‪.‬‬

‫ •ورشة تحليل األعمال‪ ،‬ضمن فعاليات التحول االلكتروني‪ ،‬في الفترة من ‪ 10 – 6‬سبتمبر ‪.2015‬‬

‫الذي أجل بسبب الحرب العالمية الثانية‬

‫ •معرض ومؤتمر الصحة واللياقة‪ ،‬ومعرض الغذاء والضيافة‪ ،‬في الفترة من ‪ 9 – 7‬سبتمبر‬ ‫‪ ،2015‬والمقامة في مركز عمان الدولي للمعارض‪.‬‬

‫‪ – 1946‬أول افتتاح رسمي لمهرجان كان السينمائي‬ ‫‪ - 1846‬اكتشاف كوكب نبتون في المرصد الفلكي‬ ‫لبرلين وذلك بفضل مالحظات العالم الفلكي‬ ‫الفرنسي أوربان لوفيريي‪.‬‬

‫ ‬

‫‪ - 1825‬أول استخدام للسكة الحديد كوسيلة نقل عام‪.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫األيام الدولية‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫•‪ 8‬سبتمبر‪ :‬يوم محو األمية‪.‬‬ ‫•‪ 9‬سبتمبر‪ :‬يوم اإلسعافات األولية‪.‬‬ ‫•‪ 10‬سبتمبر‪ :‬يوم محاربة االنتحار‪.‬‬ ‫•‪ 13‬سبتمبر‪ :‬يوم القانون‪.‬‬ ‫•‪ 16‬سبتمبر‪ :‬يوم الحفاظ على طبقة األوزون‪.‬‬ ‫•‪ 21‬سبتمبر‪ :‬يوم السالم‪ ،‬يوم الزهايمر‪.‬‬ ‫•‪ 22‬سبتمبر‪ :‬يوم بدون سيارات‪.‬‬ ‫•‪ 26‬سبتمبر‪ :‬يوم القلب‪.‬‬ ‫•‪ 27‬سبتمبر‪ :‬مقاومة الحروب واالحتالل‪.‬‬ ‫يوم السياحة‪ ،‬يوم المالحة البحرية‬

‫•ورشة إدارة المشاريع (التحضير لالمتحان)‪ ،‬ضمن فعاليات التحول االلكتروني‪ ،‬والمقام‬ ‫في الفترة من ‪ 17 – 13‬سبتمبر ‪.2015‬‬ ‫•‬ ‫•ورشة تعزيز مكانة التواصل االجتماعي في المؤسسات الحكومية‪ ،‬ضمن فعاليات التحول‬ ‫االلكتروني‪ ،‬والمقام في الفترة من ‪ -15 13‬سبتمبر ‪.2015‬‬ ‫•‬ ‫• معرض عمان لألمن والسالمة والحرائق‪ ،‬في الفترة من ‪ 16 – 14‬سبتمبر ‪ ،2015‬والمقام‬ ‫بمركز عمان الدولي للمعارض‪ ،‬بتنظيم من مسقط إكسبو‪ .‬‬

‫ • معرض عمان للمكاتب‪ ،‬بتنظيم من العالمية للمعارض والمؤتمرات‪ ،‬والمنعقد بتاريخ‬ ‫‪ 16 _14‬سبتمبر ‪ ،2015‬بمركز عمان الدولي للمعارض‪.‬‬ ‫ •المعرض اإلستهالكي للتسوق‪ ،‬في الفترة من ‪ 30 – 24‬سبتمبر ‪ ،2015‬بتنظيم من‬ ‫مشاريع حدث المستقبل‪ ،‬بمركز عمان للمعارض‪.‬‬ ‫ •ورشة إدارة التغيير‪ ،‬بتاريخ ‪ 14-16‬سبتمبر ‪ ،2015‬ضمن فعاليات التحول االلكتروني‪.‬‬


‫مقال‬ ‫مقال‬

‫عماد بن حسين باقر‬

‫‪23‬‬

‫‪imadhussain09@hotmail.com‬‬

‫فن صناعة المواهب الرياضية‬ ‫تقدمت الريا�ضة لدى عدد من الدول‬ ‫الغربية كرو�سيا‪ ،‬والواليات المتحدة‬ ‫االمريكية‪ ،‬و�ألمانيا وبع�ض الدول الآ�سيوية‬ ‫مثل ال�صين‪ ،‬واليابان‪ ،‬وكوريا الجنوبية ب�شكل‬ ‫وا�ضح لعدة �أ�سباب �أهمها هو �إن ممار�سة العمل‬ ‫الريا�ضي بهذه الدول يعتمد على اهتمامها‬ ‫باكت�شاف المواهب الريا�ضية‪ ،‬ورعايتها‪،‬‬ ‫واالعتناء بها‪ ،‬وتطويرها‪ ،‬واعدادها لح�صد‬ ‫البطوالت‪ ،‬فنجد �أن الدول المتقدمة ريا�ضيا‬ ‫تقوم ب�صناعة الأبطال الريا�ضيين‪.‬‬ ‫وبالطبع‪ ،‬ف�إن هذه ال�صناعة لي�ست بال�سهلة‬ ‫لأنها تهدف �إلى الو�صول بالمواهب الريا�ضية‬ ‫�إلى الو�ضع المثالي من الناحية البدنية‪،‬‬ ‫والنف�سية‪ ،‬والذهنية‪ ،‬والفنية‪ ،‬وتحتاج هذه‬ ‫ال�صناعة �إلى الإمكانيات‪ ،‬والأدوات‪ ،‬والمن�ش�آت‪،‬‬ ‫وت�أهيل مدربين وك�شافين‪ ،‬ووجود نظم‪،‬‬ ‫ولوائح ت�ضبط وت�ساعد‪ ،‬وت�شجع على تحقيق‬ ‫الأهداف المن�شودة‪.‬‬ ‫وقد �أدركت الدول المتقدمة ريا�ضيا �أهمية‬ ‫رعاية المواهب الريا�ضية في وقت مبكر‪،‬‬ ‫وتعتبر المدار�س البيئة الحا�ضنة لهذه‬ ‫المواهب‪ ،‬وبالطبع ف�إن المدار�س �ستقوم‬ ‫بدورها على �أتم وجه متى تمت تهيئتها ‪،‬‬ ‫ومن ثم تقوم بتغذية الأندية الريا�ضية‬ ‫بمواهب �صغيرة في ال�سن ليتم �صقلها من‬ ‫قبل مدربين وخبراء ريا�ضيين لتمثل الحاقا‬ ‫الأندية‪ ،‬والمنتخبات الوطنية‪.‬‬ ‫وقد حققت الأندية في الغرب‪ ،‬وبع�ض‬ ‫الدول الآ�سيوية نجاحات في التبني المبكر‬ ‫للمواهب‪ ،‬نذكر منها مدر�سة بر�شلونة‬ ‫المعروفة با�سم (الما�سيا) التي انجبت نجوم‬ ‫امتعونا ب�أدائهم في المالعب مثل االرجنتيني‬ ‫ليونيل مي�سي ‪ ،‬وت�شافي هيرنانديز الذي‬ ‫�ساهم في فوز المنتخب اال�سباني بك�أ�س‬ ‫العالم ‪ ، 2010‬واندريا�س �إنيي�ستا الذي �سجل‬ ‫هدف الفوز اال�سباني في الدقيقة ‪� 116‬أمام‬ ‫هولندا في نهائي ك�أ�س العالم بجنوب �أفريقيا‬ ‫‪ ،2010‬وكارلي�س بويول‪ ،‬وفيكتور فالديز‪،‬‬

‫وبيب جوارديوال‪� ،‬أما مدر�سة ريال مدريد‬ ‫المعروفة با�سم (الكا�سيتا) وهي ال تقل عن‬ ‫مدر�سة بر�شلونة من حيث الإنجازات‪ ،‬فقد‬ ‫قدمت لنا حار�س المرمى المعروف كا�سي�س‬ ‫قائد منتخب �إ�سبانيا الحا�صل على ك�أ�س‬ ‫العالم ‪ 2010‬لت�صبح ا�سبانيا ثامن بلد يفوز‬ ‫بهذه الك�أ�س‪ ،‬ورا�ؤول جونزالي�س‪ ،‬وخوان‬ ‫مانويل ماتا‪ .‬وبعيدا عن كرة القدم نجد �أن‬ ‫العبة الجمباز الرومانية ناديا كومانت�شي‬

‫‪7‬‬

‫مرات متتالية‬ ‫ناديا كومانتشي‬

‫فازت في تاريخ األولمبيات‬

‫قد لفتت انتباه العالم‪ ،‬و عمرها ‪� 14‬سنة‪،‬‬ ‫وذلك في العام ‪ 1976‬من خالل ح�صولها‬ ‫لأول مرة في التاريخ الأولمبي على ‪10/10‬‬ ‫نقطة ل�سبع مرات متتالية‪ ،‬و�أنهت الم�سابقة‬ ‫بح�صولها على ثالث ميداليات ذهبيات‬ ‫وف�ضية (الفرق)‪ ،‬وبرونزية واحدة‪� .‬أما العبة‬ ‫التن�س مارتينا نفرتيلوفا والمولودة في ‪18‬‬ ‫�أكتوبر من العام ‪ 1956‬بمدينة براغ ‪ ،‬فقد‬ ‫ح�صلت على بطولة ت�شيكو�سلوفاكيا في العام‬ ‫‪ 1972‬وهي تبلغ من العمر ‪� 16‬سنة‪ ،‬وا�ستمرت‬ ‫في تحقيق االنجازات المتتالية‪ ،‬فقد ت�صدرت‬ ‫هذه الالعبة الت�صنيف العالمي لوقت طويل‪،‬‬ ‫وح�صلت خالل م�شوارها في مالعب التن�س‬ ‫على ‪ 18‬لقب جراند �سالم على الم�ستوى‬ ‫الفردي وتحمل الرقم القيا�سي في عدد مرات‬ ‫الفوز ببطولة الويمبلدون وهو ‪ 9‬مرات‪.‬‬

‫وليتمكن الخبير الريا�ضي من توجيه البراعم‪،‬‬ ‫والمواهب للريا�ضة المنا�سبة‪ ،‬وو�ضعهم‬ ‫على �أول ال�سلم لتحقيق النجاح توجد حاجة‬ ‫لال�ستعانة بالأجهزة‪ ،‬والتقنيات الحديثة‬ ‫التي ت�ساعد في قيا�س القدرة على التحمل‪،‬‬ ‫وال�سرعة‪ ،‬والمهارة الحركية‪ ،‬والقوة الذهنية‬ ‫بالإ�ضافة �إلى متابعة الالعب �أثناء ممار�سته‬ ‫للعبة‪ ،‬ولكل لعبة ريا�ضية موا�صفات خا�صة‬ ‫يحتاجها الالعب لتحقيق النجاح‪ ،‬فعلى‬ ‫�سبيل المثال‪ ،‬ولي�س الح�صر يحتاج العب كرة‬ ‫ال�سلة �إلى الطول �أكثر من غيره‪ ،‬والعب كرة‬ ‫اليد والهوكي الى القوة بدنية‪ ،‬والعب تن�س‬ ‫الطاولة �إلى ح�ضور ذهني قوي‪� ،‬أما اللياقة‬ ‫البدنية فيحتاج لها الجميع ‪ ،‬وتنجح بع�ض‬ ‫المواهب في الألعاب الفردية والبع�ض الآخر‬ ‫في االلعاب الجماعية‪.‬‬ ‫وللمدار�س بمختلف المراحل الدرا�سية‬ ‫�أدوار هامة في تبني‪ ،‬واكت�شاف المواهب‬ ‫ب�شرط �أن ُتدير‪ ،‬و ُتنفذ برامجها في اكت�شاف‬ ‫المواهب بال�شراكة مع الخبراء والمدربين‬ ‫في الأندية والم�ؤ�س�سات الريا�ضية‪ ،‬وت�سهيل‬ ‫عملية تدريب المواهب و�إلحاقهم بالأندية‬ ‫مع مراعاة عدم ت�أثير ذلك على م�ستقبلهم‬ ‫التعليمي‪،‬فالريا�ضي المتعلم �أكثر قدرة‬ ‫على العطاء‪ ،‬وم�ستقبله المهني �أف�ضل على‬ ‫المدى البعيد‪� ،‬إذ تزداد فر�صه بعد االعتزال‬ ‫للتوجه �إلى العمل االداري �أو التدريب �أو‬ ‫التحليل الريا�ضي‪ ،‬ومن المهم تحديد‬ ‫المدار�س للمتطلبات البدنية‪ ،‬والذهنية‬ ‫للموهبة الريا�ضية وتنميتها ‪ ،‬وتوفر‬ ‫الأدوات‪ ،‬والمالعب‪ ،‬وال�ساحات المهيئة بهذه‬ ‫المدار�س‪ ،‬وعدم ق�صر برامج اكت�شاف‪ ،‬ورعاية‬ ‫المواهب الريا�ضية على المدار�س الكبيرة‪� ،‬أو‬ ‫المعروفة‪� ،‬أو الموجودة بالمدن‪ ،‬فالمواهب‬ ‫موجودة في كل مكان‪ ،‬وتوفر المنهج الريا�ضي‬ ‫المنا�سب‪ ،‬وح�ص�ص كافية للتربية الريا�ضية‬ ‫مع معلمين م�ؤهلين للقيام بدورهم‪ ،‬فالكثير‬ ‫من المعلمين كان لهم الف�ضل في ظهور‬ ‫العبين معروفين على م�ستوى ال�سلطنة‪،‬‬ ‫وبمختلف الألعاب الريا�ضية‪.‬‬


‫مقال‬ ‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬

‫‪24‬‬

‫‪mirfat.alaraimi@oeppa.om‬‬

‫قطاع الخدمات يقود المستقبل‬ ‫ي�ؤكد الباحثون �أنه بحلول عام ‪� ٢٠٥٠‬سيمثل‬ ‫قطاع الخدمات نحو ‪ ٪٧٠‬من الناتج العالمي و�أما‬ ‫ال�صناعي ف�سيمثل ‪ ٪١٧‬من الناتج العالمي ‪�،‬إن هذا‬ ‫الدوران الطبيعي في الدورة االقت�صادية كانت بوادره‬ ‫في مطلع ال�سبعينيات من القرن للع�شرين عندما‬ ‫وجدت الدول المتقدمة نف�سها �أمام تزايد كبير‬ ‫في عدد ال�سكان ونمو مطرد للباحثين عن العمل‬ ‫خ�صو�صا من فئة ال�شباب والن�ساء وقلة المعرو�ض من‬ ‫الوظائف المالئمة للخبرات المتوفرة ونمو االتجاه‬ ‫�إلى توظيف الذكاء ال�صناعي و التطور التكنولوجي‬ ‫في القطاع ال�صناعي بديال عن الإن�سان وبالتالي‬ ‫ا�ستغنت الم�ؤ�س�سات عن العمالة الزائد بن�سب كبيرة‬ ‫ت�صل الى الن�صف في بع�ض المجاالت‪.‬‬ ‫ف�أ�صبح لزاما على تلك الدول البحث عن متنف�س‬ ‫لمواجهة النمو ال�سكاني ومحدودية الوظائف و�إيجاد‬ ‫بديل م�ستقبلي رديف للقطاعات االقت�صادية الأخرى‪،‬‬ ‫فاتجهت الأنظار الى قطاع الخدمات الغير حكومية‬ ‫كرافد جديد للدخل المحلي حيث يتميز بقدرته على‬ ‫ا�ستيعاب �أعدادا كبيرة من العمالة ومن م�ستويات علمية‬ ‫ومهنية متعددة ومختلفة‪ ،‬ومتباينة‪ ،‬وي�ساهم في خلق‬ ‫فر�ص عمل جديدة وتحقيق طفرة في �إيرادات النقد‬ ‫الأجنبي ‪ ،‬ال �سيما �أن منافعه ت�ؤثر على جميع القطاعات‬ ‫والأن�شطة االقت�صادية‪ ،‬و يعد حا�ضنا لالبتكار وتوليد‬ ‫الأفكار وعامال رئي�سيا في تن�شيط التجارة ومحرك‬ ‫�أ�سا�سيا في التنمية الم�ستدامة فال غنى عن هذا القطاع‬ ‫في تحقيق الأهداف االنمائية وتعزيز البنى التحتية‬ ‫والأ�سا�سية‪ .‬وت�شير الإح�صاءات االقت�صادية �إلى �أن‬ ‫م�ساهمة قطاع الخدمات في البلدان المتقدمة تتجاوز‬ ‫‪ ٧٠‬في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ومن اليد‬ ‫العاملة‪� ،‬أما في الدول النامية فلم يتجاوز هذا القطاع‬ ‫ما ن�سبته ‪ ٪٥٠‬و‪ ٪٣٥‬من اليد العاملة ويختلف الو�ضع‬ ‫في دول الخليج العربي التي تعتمد على النفط كرافد‬ ‫رئي�سي للدخل فنجد �أن تجاربهم في هذا القطاع ال تزال‬ ‫متوا�ضعة لم ت�صل مرحلة الن�ضج‪ .‬في حين تتناف�س كل‬ ‫من الهند وال�صين على موقع ال�صدارة في هذا القطاع‬ ‫فقد ذكر �إعجاز غاني الم�ست�شار االقت�صادي لدى البنك‬ ‫الدولي في مقالة له تحت عنوان (ثورة الخدمات) ب�أن‬ ‫الهند وهي من الدول ذات االقت�صاد الأكثر نموا في‬ ‫العالم ت�ستطيع من خالل هذا القطاع الواعد ان تحقق‬ ‫نموا خالل ال�سنوات القادمة ي�ؤهلها لأن تكون مركزا‬ ‫رئي�سا للخدمات وال�صناعة في قارة �آ�سيا‪.‬‬ ‫وبالنظر �إلى �إح�صائيات ال�سلطنة نجد �أن قطاع الخدمات‬

‫ي�شكل ‪ ٪ ٦,٦‬من الناتج المحلي وال�صناعة وقد احتلت‬ ‫ال�سلطنة المرتبة ‪ 59‬من �أ�صل ‪ 160‬دولة في م�ؤ�شر‬ ‫البنك الدولي لأداء الخدمات اللوج�ستية لعام ‪.2014‬‬ ‫وتطمح ال�سلطنة لأن تكون �ضمن الـ ‪ 30‬مركزا الأول في‬ ‫عام ‪ 2020‬و�ضمن الدول الع�شر الأول في الم�ؤ�شر كهدف‬ ‫نهائي‪ .‬فيما تدور التوقعات ب�أن يحقق قطاع الخدمات‬ ‫اللوج�ستية ن�سبة نمو ت�صل �إلى ما يقارب ‪ ،%7‬حتى‬ ‫نهاية ‪ ،2015‬وتتراوح توقعات النمو لقطاع الخدمات‬ ‫اللوج�ستية في المنطقة لي�صل �إلى ما يقارب ‪ 27‬مليار‬ ‫دوالر حتى نهاية العام الحالي‪.‬‬ ‫فطب ًقا للتقرير الذي بثه بيت اال�ستثمار العالمي‬ ‫"جلوبل" لعام ‪2011‬م عن واقع االقت�صاد العماني يعتبر‬ ‫قطاع الخدمات ثاني �أكبر القطاعات في االقت�صاد‬ ‫العماني م�سجال نموا ديناميكيا‪ .‬حيث ارتفعت �أن�شطة‬ ‫الخدمات بن�سبة ‪ % 11‬نظرا الرتفاع قطاعي البيع‬

‫‪%70‬‬

‫حجم قطاع الخدمات من الناتج العالمي‬

‫بالجملة وتجارة التجزئة اللذان ي�شكالن الجزء الأكبر‬ ‫من �أن�شطة القطاع‪ ،‬ومن ناحية �أخرى‪ ،‬نمت �أن�شطة‬ ‫قطاع الخدمات بمعدل �سنوي مركب مقداره ‪%13.7‬‬ ‫خالل الفترة ما بين عام ‪ ،2010 - 2005‬وي�شمل قطاع‬ ‫الخدمات البيع بالجملة‪ ،‬تجارة التجزئة‪ ،‬الفنادق‪،‬‬ ‫المطاعم‪ ،‬الموا�صالت‪ ،‬االت�صاالت‪ ،‬الو�ساطة المالية‪،‬‬ ‫الخدمات العقارية‪ .‬ويعتبر قطاعي البيع بالجملة‬ ‫وتجارة التجزئة �أكبر قطاعين في �أن�شطة الخدمات‪،‬‬ ‫حيث بلغت ن�سبة م�ساهمتهما في الناتج المحلي‬ ‫الإجمالي ‪ %8.7‬و ‪ .%23.3‬وارتفعت �أن�شطة البيع بالجملة‬ ‫وتجارة التجزئة بن�سبة ‪ %12.3‬لت�صل �إلى ‪ 1.9‬مليار ريال‬ ‫عماني‪ .‬وت�شكل العمالة الوطنية في القطاع الخا�ص ما‬ ‫ن�سبته ‪ ٪١٣‬وال يزال القطاع الحكومي ي�ستوعب ‪٪٨٧‬‬ ‫من العمالة الوطنية ‪ ،‬ووفقا لتوقعات النمو ال�سكاني‬ ‫لل�سلطنة ف�إنه من المتوقع �أن ي�شكل ال�شباب ما ن�سبته‬ ‫‪ ٪٦٤‬في الفترة من ‪ ،٢٠٤٠-٢٠١٥‬وهذا ي�شكل نموا‬ ‫متزايد للمخرجات التعليمية في �سن العمل يقابله قلة‬ ‫المعرو�ض من الوظائف‪.‬‬ ‫وخال�صة القول والذي �أكدته االتجاهات العالمية ف�إن‬ ‫التفكير في تطوير قطاع الخدمات بكافة �أن�شطته يمثل‬

‫الحل الم�ستقبلي والآني لتذبذب الواردات النفطية‬ ‫وتوفير فر�ص عمل وتن�شيط التجارة الذي �سي�صب كله‬ ‫في �صالح االقت�صاد المحلي‪ .‬ولن يتحقق هذا الهدف �إال‬ ‫من خالل و�ضع خطة ع�شرية بجودة ومعايير عالمية‬ ‫ت�شمل مجموعة من الخطط والبرامج التي �ستعمل على‬ ‫تعزيز التنمية الم�ستدامة وتطوير البنى التحتية لقطاع‬ ‫الخدمات وت�شمل العديد من المحاور التي من �أهمها‪:‬‬ ‫�أوال ‪ -‬خطة �إعالمية وتوعوية لتعزيز مفاهيم ثقافة‬ ‫العمل والعمل الحر بين �أبناء المجتمع‪.‬‬ ‫ثانيًا ‪ -‬خطة تعليمية‪ ،‬وت�أهيلية لتعزيز ثقافة العمل‬ ‫الحر و مفاهيم االبتكار واالكت�شاف من خالل جملة من‬ ‫المناهج والأن�شطة التي ت�صب في هذا االتجاه‪ ،‬و ت�شمل‬ ‫تطوير التدريب المهني والفني والتقني بهدف توفير‬ ‫كوادر لقطاع الخدمات‪.‬‬ ‫ثال ًثا ‪ -‬ا�ستثمار �شغف فئة ال�شباب لالبتكار والإبداع‬ ‫في بناء م�شاريع �صغيرة ومتو�سطة خ�صو�صا في‬ ‫مجاالت ال�سياحة‪ ،‬وال�ضيافة‪ ،‬والمطاعم والتكنولوجيا‪،‬‬ ‫واالت�صاالت‪ .‬وت�شجيعهم على االنخراط في ال�سوق‬ ‫العالمي لرفع جودة خدماتهم‪.‬‬ ‫رابعًا ‪ -‬تعزيز جودة الخدمات ال�صحية والتعليمية‬ ‫الخا�صة وفق معايير عالمية بهدف تقديم خدمات‬ ‫ال�سياحة العالجية ودعم ال�سياحة التعليمية ‪.‬‬ ‫خام�سً ا ‪ -‬ا�ستثمار الموقع الجغرافي لل�سلطنة في تطوير‬ ‫خدمات النقل البحري بمعايير دولية‪.‬‬ ‫�ساد�سً ا ‪ -‬تعزيز الم�شاريع الحكومية الكبرى‬ ‫الحكومية والخا�صة بجملة من الم�شروعات‬ ‫الخدمية ال�صغيرة والمتو�سطة من خالل التن�سيق‬ ‫بين الجهات المعنية وتوجيه رواد الأعمال نحو‬ ‫الفر�ص المتاحة في هذا المجال‪.‬‬ ‫و�أخيرًا يمكننا القول ب�أن تطبيق خطة لتطوير قطاع‬ ‫الخدمات �سيرفع من كفاءة الكوادر الوطنية مهنيا‬ ‫وعلميا خا�ص ًة بين الأجيال القادمة وينمو االقت�صاد‬ ‫تلقائيا ب�شرط �أن تتوفر الأطر ال�سيا�سية والم�ؤ�س�سية‬ ‫والتنظيمية التي تمثل الطريق �إلى اقت�صاد الخدمات‪.‬‬ ‫حيث ت�سعى ال�سلطنة ب�شكل حثيث �إلى الحفاظ على‬ ‫مكت�سبات القطاع وتطويره خالل الفترة القادمة من‬ ‫خالل اعتمادها اال�ستراتيجية اللوج�ستية ق�صيرة الأجل‬ ‫والتي تمتد حتى العام ‪ ،2020‬م�ستهدفة رفع م�ساهمة‬ ‫القطاع اللوج�ستي في نمو الناتج المحلي ورفع ح�صة‬ ‫ال�سوق العماني من ال�سلع التي تتدفق �إلى المنطقة‪،‬‬ ‫وزيادة حجم فر�ص العمل‪ ،‬وتعزيز موقع ال�سلطنة على‬ ‫الم�ؤ�شرات اللوج�ستية العالمية‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.