إصدار رواق العدد التاسع

Page 1

‫العدد (‪)9‬‬

‫إصدارشهري يصدر عن‬

‫مع‪:‬‬ ‫ديسمبر ‪2015‬‬

‫‪%28.6‬‬

‫جراء‬ ‫االنخفاض في اإلصابات َّ‬ ‫الحوادث المرورية حتى نهاية‬ ‫أكتوبر ‪2015‬‬

‫‪8‬‬

‫مركــز الدراســـات والبحــوث‬

‫العمران الحربي‬ ‫في عمان في عهد‬ ‫اليعاربة‬

‫‪18‬‬

‫التراجع المتوالي لمعدالت‬ ‫التضخم‪ ...‬يؤشر ركود‬ ‫االقتصاد أو انكماشه‬

‫‪20‬‬

‫ضروري محاسبة الذّ ات‬ ‫على التّ قصير في معرفة‬ ‫هويتنا وثقافتنا‬ ‫حقيقة ّ‬


‫انطالقة‬

‫‪2‬‬

‫امسح وشاهد‬ ‫رئيس التحرير‬

‫سيف بن سعود المحروقي‬

‫المتعددة في‬ ‫في إطار توظيف الوسائط‬ ‫ّ‬ ‫القراء‬ ‫الورقية للمزيد من التفاعل مع‬ ‫الصحافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫للمرة األولى في‬ ‫يدشن "رواق" خدمة جديدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫التطور التكنولوجي‬ ‫السلطنة مستفيدين من‬ ‫ّ‬ ‫وجعله في خدمة القاريء ولمشاهدة مقاطع‬

‫قم بالمسح‬ ‫الفيديو الموجودة بـ"رواق"‬ ‫ْ‬ ‫بكل مقطع فيديو‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الضوئي (للباركود) الخاص‬ ‫وبإمكان مستخدمي أجهزة الهواتف المحمولة‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫والحواسيب‬ ‫ّ‬ ‫االندرويد تحميل برنامج (َ‪)QR Code Reader‬‬ ‫من متجر (‪ )Play Store‬كما يمكن لمستخدمي‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫الهواتف واألجهزة‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )iOS‬تحميله من موقع (‪.)iTunes‬‬

‫اإلشراف التحريري‬

‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬ ‫مديرة مركز الدراسات والبحوث‬

‫المراجعة التحريرية‬ ‫عبد الرزاق الربيعـي‬

‫ناصر محمد أبو عون‬

‫التنسيق الفني والمتابعة‬ ‫باسمة بنت محمد الداوودية‬ ‫زبيدة بنت علي البلوشية‬

‫التصوير واإلنتاج الفني‬ ‫حمــد عبد الرحمن الرئيــــسي‬ ‫عبد العزيز شهاب الشكيلي‬

‫اإلخراج والتنفيذ‬

‫محمد بن راشد العيسائي‬ ‫طاهر الحراصي‬

‫الترجمة‬

‫أحالم بنت صالح الشعيلية‬ ‫إصدار متخصص يصدر عن مركز الدراسات والبحوث ويوزع مع جريدة عمان‬

‫جميع اآلراء الواردة في اإلصدار تعبر عن آراء كاتبيها فقط وال تعبر عن رأي المركز‪.‬‬ ‫يرحب رواق بجميع المشاركات والمساهمات واالبتكارات العلمية والبحثية التي تقدم حلوال قابلة للتطبيق‪ ،‬ونرجو تواصلكم عبر‪:‬‬

‫هاتف‪:‬‬

‫‪ 24649145 - 24649192‬فاكس‪24649143 :‬‬ ‫ايميل‪rawaq.r.s.c@gmail.com :‬‬

‫ُط ِبع بمطابع مؤسسة ُعمان للصحافة والنشر واإلعالن‬


‫خــاص‪:‬‬

‫أخبار‬

‫إصدار مؤسسة عمان‬

‫فكر الدولة – رؤية جاللة السلطان لعمان الحديثة‬

‫�صدر عن م�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة والن�شر والإعالن‬ ‫كتاب (فكر الدولة ر�ؤية جاللة ال�سلطان لعُمان‬ ‫الحديثة) للكاتب عماد البليك بمنا�سبة االحتفال‬ ‫بالعيد الوطني المجيد الخام�س والأربعين‪ ،‬ويقدم‬ ‫فيه الكاتب �صورة للمعاني والمرتكزات التي قامت‬ ‫عليها النه�ضة العمانية‪ ،‬وكيف ت ّم بناء الدولة‬ ‫الع�صرية منذ بزوغ فجر التحديث بتولي ح�ضرة‬ ‫�صاحب الجاللة ال�سلطان قابو�س بن �سعيد المعظم‬ ‫ حفظه اهلل ورعاه ‪ -‬مقاليد الحكم في البالد في‬‫‪ 23‬يوليو ‪1970‬م‪.‬‬ ‫يؤكد الكاتب أنه من ال�ضروري التوقف عند الر�ؤية‬ ‫ال�سامية التي �صاغت عُمان الجديدة‪ ،‬من حيث‬ ‫المبادئ والأ�س�س التي قامت على موازنة دقيقة‬ ‫ورائعة بين التقاليد والموروث والع�صر دون طغيان‬ ‫جانب على �آخر‪ ،‬وهذا ما يو�ضح ب�شكل مبا�شر جوهر‬ ‫فل�سفة الحكم وبناء الدولة في عمان الحديثة‪.‬‬ ‫وي�أتي الكتاب في �أربعة �أبواب من القطع الكبير هي‬ ‫(الر�ؤى والأفكار‪ ،‬تجليات في حقل الدولة‪ ،‬العالقات‬ ‫الخارجية والعالم‪ ،‬معالم في طريق الم�ستقبل)‪.‬‬ ‫وي�ستعر�ض الكاتب ر�ؤية جاللة ال�سلطان ودوره‪،‬‬

‫فكر الدولة‬

‫روؤية جاللة ال�سلطان لعُ مان احلديثة‬

‫عام‪ .‬بهدف �أن يعي�ش النا�س جميعهم في �سعادة‬ ‫ويتحررون من �صور الأم�س �إلى الم�ستقبل الأف�ضل‪.‬‬ ‫حيث ركز ال�سلطان قابو�س ‪ -‬حفظه اهلل ورعاه ‪ -‬في‬ ‫ر�ؤيته لم�شروع الدولة الع�صرية على الإن�سان كمبد�أ‬ ‫وكمرتكز‪� ،‬إليه ومنه تنطلق الأهداف وت�صنع الغايات‬ ‫وتتبلور الآمال‪.‬‬ ‫وقد و�ضع جاللة ال�سلطان قابو�س ‪ -‬حفظه اهلل‬ ‫ورعاه ‪ -‬تعريفا مب�سطا ووافيا للإن�سان (الجديد)‬ ‫الذي �سوف ي�ضطلع بمهمة البناء‪ .‬حيث حدد‬ ‫جاللته �سمات هذا الإن�سان في قوله‪( :‬الم�ؤمن‬ ‫بربه‪ ،‬المحافظ على �أ�صالته‪ ،‬المواكب لع�صره في‬ ‫تقنياته وعلومه‪ ،‬و�آدابه‪ ،‬وفنونه‪ ،‬الم�ستفيد من‬ ‫معطيات الح�ضارة الحديثة في بناء وطنه وتطوير‬ ‫مجتمعه)‪ .‬وهو تعريف يعطي �صورة التوازن بين‬ ‫الأم�س واليوم‪ ،‬الأ�صالة‪ ،‬والمعا�صرة‪ ،‬وهو المقيا�س‬ ‫الذي حافظ عليه ال�سلطان قابو�س ‪ -‬حفظه اهلل‬ ‫ورعاه ‪ -‬في م�شروع النه�ضة العمانية‪ .‬تلك الر�سالة‬ ‫التي بنت دولة وهو �أي�ضا المقيا�س الذي تكاد كل‬ ‫خطوط التنمية العمانية قد انتظمت به‪.‬‬

‫يقدم هذا الكتاب «فكر الدولة – روؤية جاللة‬ ‫ال�سلطان لعُ مان احلديثة» �سورة للمعاين‬ ‫واملرتكزات التي قامت عليها النه�سة‬ ‫العمانية وكيف مت بناء الدولة الع�سرية منذ‬ ‫بزوغ فجر التحديث بتويل ح�سرة �ساحب‬ ‫اجلاللة ال�سلطان قابو�س بن �سعيد املعظم –‬ ‫حفظه اهلل ورعاه – مقاليد احلكم يف البالد‬ ‫يف ‪ 23‬يوليو ‪1970‬م‪.‬‬ ‫‪ ..‬واليوم وال�سلطنة حتتفل بخم�سة واأربعني‬ ‫عاما على ميالد التغيري فاإنه من ال�سروري‬ ‫التوقف عند الروؤية ال�سامية التي �ساغت عمان‬ ‫اجلديدة‪ ،‬من حيث املبادئ والأ�س�س التي‬ ‫قامت على موازنة دقيقة ورائعة بني التقاليد‬ ‫واملوروث والع�سر دون طغيان جانب على‬ ‫اآخر‪ ،‬وهذا ما يو�سح ب�سكل مبا�سر جوهر‬ ‫فل�سفة احلكم وبناء الدولة يف عمان احلديثة‪.‬‬

‫وي�ؤكد على �أن الإن�سان ي�شكل محورا ارتكازيا في‬ ‫فكر النه�ضة العمانية الحديثة التي قادها ح�ضرة‬ ‫�صاحب الجاللة ال�سلطان قابو�س بن �سعيد المعظم‬ ‫ حفظه اهلل ورعاه ‪ -‬لإيمانه العميق ب�أن التطور‬‫المجتمعي والح�ضاري ال يمكن �أن يتم بمعزل عن‬ ‫المواطن الذي هو لبنة البناء والنماء‪.‬‬ ‫حيث قامت النه�ضة الحديثة في فكر جاللته على‬ ‫عقد اجتماعي ي�ضع الإن�سان كقيمة مركزية �سواء‬ ‫في �إطار عالقته مع نف�سه‪� ،‬أو المجتمع ب�شكل‬

‫إصدار مركز الدراسات والبحوث‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫"عمان في عيونهم" فكرة مبتكرة في السلطنة والخليج العربي‬ ‫ُ‬

‫�صدر عن مركز الدرا�سات والبحوث كتاب‬ ‫(عمان في عيونهم) وي�أتي هذا الكتاب (توثي ًقا‪،‬‬ ‫وت�سجيال)‪ ،‬و(من�صة فكرية) من �إبداع طالب‬ ‫المدار�س ال ُعمانية‪ ،‬وجام ًعا للأفكار‪ ،‬وفنون‬ ‫الإبداع (القولي والمرئي) احتفاال بالعيد‬ ‫الوطني الخام�س والأربعين المجيد‪ .‬والكتاب‬ ‫في حقيقته تتويج توثيقي لفكرة هي الأولى من‬ ‫نوعها في ال�سلطنة‪ ،‬وتح�صيل لم�سابقة كبرى‬ ‫�أطلقها مركز الدرا�سات والبحوث ودعوة لل�شبيبة‬ ‫العمانية والأطفال للم�شاركة في توثيق منجزات‬ ‫ال�سلطنة على الأ�صعدة كافة تحت عنوان (عمان‬ ‫قابو�س في عيون �أبنائها) وتمحورت فكرة‬ ‫الم�سابقة حول (ت�أليف و�إنتاج ون�شر كتاب خا�ص‬ ‫ي�صدر بكاميرات‪ ،‬و�أقالم‪ ،‬و�أ�شعار‪ ،‬ور�سوم �أبناء‬ ‫ال�سلطنة والمقيمين فيها)‪ ،‬ومادة الكتاب ت�سلط‬ ‫ال�ضوء على م�شاعر الوالء والحب‪ ،‬والتقدير‬ ‫ووجهة نظر الأطفال تجاه ال�سلطنة من مختلف‬ ‫الجوانب بدءاً من تاريخ ال�سلطنة والقيم‬ ‫والعادات ال�سائدة بها وعن التقدم والتطور الذي‬ ‫�شهدته عمان الحديثة‪ .‬وهذا العمل المميز هو‬ ‫الأول من نوعه يركز ح�صرياً على فئة الأطفال‬ ‫يوجهون من خالله‬ ‫وكان بمثابة المنبر الذي ّ‬ ‫التحية للقائد المفدى‪ ،‬و�ض َّم مقتطفات �إبداعية‬

‫في فئتين عمريتين الأولى (‪� 11-5‬سنة) والثانية‬ ‫(‪� 18-12‬سنة) من مختلف المدرا�س بال�سلطنة‬ ‫(الحكومية والخا�صة والعالمية)‪.‬‬

‫عما خطته هذه الأنامل ال�صغيرة الواعدة‪ .‬كما‬ ‫ت�ضمن محتوى الكتاب مقتطفات من خطابات‬ ‫�صاحب الجاللة عن ال�شباب وعدد من الق�ص�ص‬ ‫الق�صيرة ت�ست�شرف ب�أنامل الم�شاركين من‬ ‫ال�شبيبة والأطفال م�ستقبل عمان كما يراه‬ ‫�أبنا�ؤها‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى مجموعة ق ّيمة من‬ ‫الق�صائد ال�شعرية التي تتغنى بالقائد ال�سلطان‬ ‫قابو�س ‪ -‬حفظه اهلل ورعاه ‪ -‬وتهاني وتبريكات‬ ‫بالعيد الوطني بالإ�ضافة �إلى مجموعة من‬ ‫ال�صور الفوتوغرافية واللوحات الت�شكيلية التي‬ ‫�صنعتها فر�شاة وعد�سات �أطفال عمان و�شبيبتها‬

‫الجدير بالذكر �أ ّن هذا الكتاب مح�صلة نهائية‬ ‫لم�سابقة مركز الدرا�سات والبحوث احتفاال‬ ‫بالعيد الوطني الخام�س والأربعين وا�ستهدفت‬ ‫ا�ستنها�ض �أبناء الوطن للم�شاركة ب�إبداعاتهم‬ ‫والك�شف عن تطلعاتهم ور�ؤاهم والتعريف‬ ‫بمبتكراتهم ومن �أهم �أهدافها؛ �إيجاد من�صة‬ ‫علمية للطالب لتبادل الأفكار ووجهات النظر‬ ‫وتوثيق تحياتهم وتهانيهم �إلى الوطن وال�سلطان‬ ‫بمنا�سبة العيد الوطني المجيد وت�شجيع‬ ‫الأطفال على م�شاركة مواهبهم وكتاباتهم‬ ‫وتدوينها من خالل الق�ص�ص الق�صيرة والأ�شعار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وحث الأطفال والجيل الجديد على الحفاظ‬ ‫على الموروث العماني التليد والتقاليد الأ�صيلة‬ ‫والأخالق النبيلة للمجتمع العماني مع مواكبة‬ ‫م�سيرة التنمية في ال�سلطنة‪ ،‬و�إلهام الجيل‬ ‫الحالي و�أجيال الم�ستقبل من ال�شباب العماني‬ ‫على المحافظة على التراث العماني والأخالق‬ ‫الأ�صيلة ورفد م�سيرة التنمية بكوادر وطنية‬ ‫تمتلك مهارات �إبداعية)‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫مؤشرات‬

‫‪4‬‬

‫مؤشرات‬

‫‪22.5%‬‬

‫انخفاض عدد الجرائم‬ ‫بالسلطنة عام ‪2014‬‬

‫‪10%‬‬

‫‪22.8%‬‬

‫من مكاتب البريد توجد‬ ‫بمحافظة مسقط في‬ ‫‪2014‬‬

‫‪3.7%‬‬

‫ارتفاع القيمة المضافة‬ ‫لألنشطة غير النفطية في‬ ‫الربع الثاني ‪2015‬‬

‫مكتب بريدي في‬ ‫السلطنة عام ‪2014‬‬

‫ارتفاع عدد الصناديق‬ ‫البريدية الخاصة عام‬ ‫‪2014‬‬

‫‪16%‬‬

‫نسبة طلبة التعليم‬ ‫المدرسي من إجمالي‬ ‫السكان بالسلطنة للعام‬ ‫الدراسي ‪2014/2015‬‬

‫‪92‬‬

‫‪10‬‬

‫‪89.5%‬‬

‫نسبة استخدام اإلنترنت‬ ‫ألغراض تعليمية بالمدارس‬ ‫الحكومية للعام الدراسي‬ ‫‪2014/2015‬‬

‫طالب لكل معلم هو‬ ‫متوسط نصيب الطالب في‬ ‫التعليم المدرسي‬

‫المصدر‪ :‬المركز الوطني لإلحصاء والمعلومات‬

‫يالعـدد (‪ )10‬ــ دي�سمرب ‪2015‬‬ ‫�سدر �سهري ًا مع جريدة عمان‬

‫األربعاء القادم‬ ‫ترقبوا مع جريدة‬ ‫ً‬ ‫مجـــانا‬

‫كرا�ســــات‬ ‫ا�سرتاتيجية‬

‫التنمية اللغوية لدى الأطفال‬ ‫د‪ .‬عامر‬

‫بن محمد بن عامر العيرسي‬

‫الكتيب االستراتيجي‬


‫مقال‬

‫عبد الرزاق الربيعي‬

‫راهبات في بيوت األدباء‬

‫ت‬

‫و�أنا �أقر�أ خب ًرا عن �صدور كتاب جديد للدكتورة‬ ‫ملك �أبي�ض حمل عنوان ذاكرة اللواء حول نتاج‬ ‫زوجها ال�شاعر ال�سوري الراحل �سليمان العي�سى‪،‬‬ ‫تذ ّكرت مالزمتها له خالل لقاءاتي بهما في �صنعاء‬ ‫�أوا�سط ت�سعينيات القرن الما�ضي‪ ،‬فلم يكن بالن�سبة‬ ‫لها زوجا‪ ،‬فح�سب‪ ،‬بل رفيق كفاح في دروب الحياة‪،‬‬ ‫و�صديق رحلة طويلة‪ ،‬في البيت والكتابة‪ ،‬فقد‬ ‫�شاركته في تعريب مجموعة لل�شاعر الجزائري‬ ‫مالك حداد هي ال�شقاء في خطر عن الفرن�سية‪،‬‬ ‫وق�ص�ص الأطفال الأجنبية‪ ،‬وحين �س�ألتها عن‬ ‫ال�سبب الذي جعلهما ي�شتركان في ذلك الم�شروع‪،‬‬ ‫قالت في مرحلة الحظت �أ ّن �سليمان مكتئبا‪ ،‬وال‬ ‫يوجد �شيء ي�شغله‪ ،‬فاقترحت عليه �أن نتعاون على‬ ‫ُ‬ ‫نجحت‬ ‫ترجمة تلك المجموعة‪ ،‬فوافق‪ ،‬وبالفعل‬ ‫ب�إخراجه من حالة الحزن التي كان يعي�شها ‪.‬‬ ‫الدكتورة ملك �أبي�ض التي لم تكتف بدور الملهمة‪،‬‬ ‫بل تعدت �إلى �أبعد من ذلك‪ ،‬فكانت �سندا‪ ،‬ويدا‬ ‫حانية‪ ،‬وجاء كتابها ذاكرة اللواء تكملة لـكتاب‬ ‫�سابق هو لمحات‪ ،‬ومن خالله ت�ص ّر على موا�صلة‬ ‫م�شوارها مع العي�سى رغم رحيله عن عالمنا‪ ،‬وجاء‬ ‫هذا الجهد ر ّد جميل‪ ،‬له‪ ،‬وبالمقابل ف�إن العي�سى‬ ‫كتب العديد من الن�صو�ص في ملك �أبي�ض من بينها‬ ‫ق�صيدته التي يقول في مطلعها‪:‬‬ ‫�أنا الثمالة �شدّيني �إلى ج�سدي*** يا �آخر النب�ضات‬ ‫الخ�ضر في كبدي‬ ‫واحتفا�ؤه بزوجته هو جزء من احتفائه بالمر�أة‪ ،‬وقد‬ ‫قام بجمع ن�صو�صه في كتاب حمل عنوان (و�أكتب‪.‬‬ ‫‪ .‬ق�صائد �صغيرة لي ولها)‪ ،‬وحين �أهداني ن�سخة‬ ‫من هذا الكتاب �س�ألته عن �سبب كتابته له‪ ،‬ف�أجاب‬ ‫كنت في دم�شق وكانت الدكتورة ملك �أبي�ض فرحت‬ ‫�أ�ستعيد في ذاكرتي الكثير من اللمحات الجميلة‬ ‫التي ع�شتها و�إياها‪ ،‬و�سجّ لتها في (ق�صائد �صغيرة)‬ ‫ت�أ ّلفت من �سبعين مقطوعة �أعدّها �شيئاً خا�صاً جداً‪،‬‬ ‫لكن بع�ض الأ�صدقاء المقربين �أ�صروا على ن�شر‬ ‫هذه الوم�ضات‪ ،‬وكتب لها �صديقي ال�شاعر الكبير د‪.‬‬ ‫عبدالعزيز المقالح مقدمة‪ ،‬و�أ�صر �صديقي الأديب‬ ‫الأ�ستاذ خالد الروي�شان وزير الثقافة وال�سياحة‬ ‫الأ�سبق ‪ -‬في اليمن على ن�شرها‪ ،‬لأنها في ر�أيه‬ ‫(ق�صائد �صغيرة لي ولها ول َالخرين‪ )..‬وهكذا‬ ‫ن�شرت المجموعة‬ ‫وحين �س�ألته‪ :‬كيف التقيت رفيقة عمرك التي‬

‫تدين لها بالكثير من نجاحاتك؟ �أجاب زوجتي د‪ .‬له ق�صائد كثيرة في المر�أة جمع بع�ضها في كتاب‬ ‫ملك �إن�سانة مثقفة ثقافة عالية‪ ،‬و�أنا �أملك ن�صف حمل عنوان‪ :‬المر�أة في �شعري �ضم �أكثر من (‪)150‬‬ ‫ثقافتها‪ ،‬و�أنا مدين لها حتى ا َالن بن�صف نتاجي‪ ،‬ق�صيدة على امتداد (‪� )600‬صفحة كتبها خالل‬ ‫�إذ كانت الدافع الرئي�س لكثير من م�شروعاتي ن�صف قرن بد�أها بعام ‪1947‬م‪ ،‬فكانت مجموعة‬ ‫الأدبية‪ ،‬في الكتابة‪ ،‬والترجمة‪ ،‬تقر�أ لي‪ ،‬وتلخ�ص �شعرية كبيرة كفيلة ب�أن تجعل دار�سي �أدب (�سليمان‬ ‫ع�شرات الكتب‪ ،‬وتخترع لي مو�ضوعات �إذا توقفت العي�سى) ي�ضيفون (المر�أة) الى مجمل ا�شتغاالته‬ ‫عن الكتابة‪ ،‬ا�شتركنا بترجمة �أكثر من خم�سمائة العديدة‪ ،‬ويبدو �أ ّنه بهذه المجموعة �أراد لفت انتباه‬ ‫ق�صة للأطفال من كل �أنحاء العالم‪ ،‬وي�ستر�سل الباحثين �إلى الحيز الكبير الذي �شغلته المر�أة في‬ ‫العي�سى فاتحا ذاكرته قائال لقائي الأوّل بها ال �شعره‪ ،‬وهو حيّز كبير‪ ،‬ووا�سع‪ ،‬فالمر�أة لديه لي�ست‬ ‫يخلو من ترتيب القدر‪ ،‬فقد ك ّنا �شباباً متحم�سين ج�سدا عامرا بالفتنة‪ ،‬وال وجها �صبوحا‪ ،‬بل هي‬ ‫نفكر بتغيير وجه التاريخ‪ !،‬وكنت مدرّ�ساً في ثانوية (اللمحة الم�ضيئة‪ ،‬قطرة الندى‪� ،‬سكرة ال�صمت‪،‬‬ ‫حلب‪ ،‬وذلك بعد عودتي من الدرا�سة في بغداد‪ ،‬واحة الم�سافر الم�شدود) كما ي�صف؛ ف�أراد بهذه‬ ‫في تلك الفترة طلب مني �أحدهم �أن �أعطي درو�ساً المجموعة �أن ي�ستظل بفيء هذه النخلة‪ ،‬ويجمع‬ ‫خا�صة لأ�سرة لبنانية كريمة‪ ،‬فكانت مجموعة من حبّاتها التي ت�ساقطت على عباءته خالل رحلة‬ ‫البنات‪ ،‬وذات يوم الحظت حرف (الميم) منقو�شاً الحياة‪ ،‬وقد ت�ساءل في المقدّمة لماذا المر�أة؟‬ ‫على و�سادة من الو�سائد‪ ،‬ف�س�ألت عن �صاحبة هذا �أال ّنها هي الجمال في �أحلى �صوره‪ ،‬و�أبدع تجلياته؟‬ ‫الحرف‪ ،‬قالوا‪� :‬إنها �شقيقتنا (ملك) التي تدر�س فهي نب�ضة ال�شعر الأولى‪ ،‬منذ كان النب�ض‪ ،‬وكان‬ ‫في (بلجيكا)‪ .‬وبعد �أكثر من عام جاءت (ملك) ال�شعر هي التي و�ضعت الكلمة الجميلة على �شفتي‬ ‫�أول محب‪ ،‬ف�أ�صبح �شاعرا هي الطفلة التي كبرت‪،‬‬ ‫وما زالت الطفولة‪ ،‬والأطفال �س ّرها الأول‪ ،‬ونحن‬ ‫جميعا �أطفالها هي مُلهِمة‪ ،‬ومُلهَمة‪ ،‬وعا�شقة‪،‬‬ ‫ومع�شوقة‪� ،‬إ ّنها الأنثى ن�صف كتاب الحياة‪.‬‬ ‫المرأة المخلصة تقف إلى‬ ‫�إن ال�شاعر (�سليمان العي�سى يحاول من خالل‬ ‫جوار العظيم ال خلفه‬ ‫ق�صائده التي كتبها للمر�أة �أن ير ّد دينا في عنق‬ ‫ق�صيدته للإن�سانة التي ر�أى فيها طفولته‪ ،‬فكانت‬ ‫الرمز الثوري‪ ،‬والتراثي‪ ،‬والنغمة العذبة في‬ ‫معزوفته التي ظ ّل يرددها حتى غادر عالمنا لتبقى‬ ‫بعد انتهاء درا�ستها‪ ،‬فالتقيتها‪ ،‬وكانت تحلم �أحالماً ذكراه حيّة في قلوبنا و(ذاكرة اللواء)‪.‬‬ ‫كبيرة‪ ،‬وتنوي �أن تعود �إلى (�أوروبا)‪ ،‬ومن اللحظة حكاية ملك �أبي�ض مع العي�سى تختلف بجوانب‬ ‫الأولى اكت�شفت �أنها هي المر�أة التي خطرت ببالي‪ ،‬كثيرة مع الفا�ضلة عطية اهلل �إبراهيم زوجة نجيب‬ ‫فطلبت منها �أن نتجول‪ ،‬فوافقت‪ ،‬وتحدثنا كثيراً محفوظ‪ ،‬لكنها تلتقي معها كونهما وقفتا �إلى جوار‬ ‫بال�سيا�سة‪ ،‬والأدب‪ ،‬وا�ستمرت م�شاويرنا تحت �ضوء مبدعين عربيين كبيرين‪ ،‬يقول محفوظ في حديث‬ ‫القمر لأكثر من �شهرين من دون �أن يخطر ببالنا �أدلى به لرجاء النقا�ش عن زوجته التي ت�صغره ب ـ ‪35‬‬ ‫�أن نتكلم بالحب‪ ،‬وذات يوم كنا ن�سير على الطريق �سنة كنت بحاجة �إلى زوجة تو ّفر لي ظروفا مريحة‬ ‫علي حياتي‬ ‫نف�سه‪ ،‬ون�أكل (ال�سندويت�شات)‪� ،‬س�ألتها‪ :‬متى تعودين ت�ساعدني على الكتابة‪ ،‬وال تن ّغ�ص ّ‬ ‫�إلى بلجيكا؟ ف�أجابت‪ :‬قررت �إلغاء الفكرة‪ ،‬ف�س�ألتها فاخترتها؛ فكانت عطية اهلل التي تو ّفيت قبل �شهور‬ ‫ثانية‪ :‬ل َم ال نكمل م�شوار العمر معاً؟ فوافقت على المر�أة التي تقف �إلى جوار العظيم ال خلفه ‪.‬‬ ‫الفور‪ ،‬وعندما و�صلنا �إلى البيت �أخبرنا الأهل‪� :‬إننا وهناك �أمثلة �أخرى لن�ساء وقفن �إلى جوار الأدباء‪،‬‬ ‫خطبنا بع�ضنا بع�ضاً‪ ،‬فباركوا لنا هذه الخطبة‪ ،‬فابنة �أخ ميخائيل نعيمة (نموذجً ا) للمر�أة الراهبة‬ ‫التي رف�ضت الزواج‪ْ ،‬‬ ‫وهكذا بد�أنا الم�شوار‪.‬‬ ‫وبقيت �إلى جانب عمّها معتبرة‬ ‫والذي ال يعرفه الكثير من المتابعين‪� ،‬أ ّن العي�سى هذه الوقفة خدمة للأدب‪ ،‬والفن‪ ،‬والجمال‪.‬‬

‫للتواصل مع الكاتب وإبداء الرأي يرجى مراسلته على‪razaq2005@hotmail.com :‬‬

‫‪5‬‬


‫مقال‬

‫‪6‬‬

‫د‪ .‬علي ثويني‬

‫صورة المرأة في الحضارات القديمة‬ ‫لم يكن في العهد الإغريقي للمر�أة الحرة الكثير‬ ‫من الحقوق‪ ،‬فقد عا�شت م�سلوبة الإرادة‪ ،‬وال مكانة‬ ‫اجتماعية لها‪ ،‬وظلمها القانون اليوناني‪ ،‬فحرمت من‬ ‫الإرث‪ ،‬وحق الطالق ومنع عنها التعلم‪ .‬في حين كانت‬ ‫للجواري حقوقا �أكثر من حيث ممار�سة الفن والغناء‪،‬‬ ‫والفل�سفة‪ ،‬والنقا�ش مع الرجال‪ .‬وقد و�صفت المر�أة‬ ‫عند الإغريق ب�أنها‪� :‬شجرة م�سمومة‪ ،‬وقالوا هي رج�س‬ ‫من عمل ال�شيطان‪ ،‬وتباع ك�أي �سلعة متاع‪ .‬بيد �أن الأمر‬ ‫مختلف في مدينة �إ�سبرطة اليونانية ندية ومناف�سة‬ ‫�آثينا‪ ،‬والتي كانت �أكثر طبقية من ديمقراطية �إثينة‪،‬‬ ‫�إذ كان و�ضع المر�أة �أف�ضل‪ ،‬ومنحت حقوقا‪ ،‬وح�صلت‬ ‫على بع�ض المكا�سب التي ميزتها على �أخواتها في‬ ‫بقية المدن اليونانية‪ ،‬وذلك ب�سبب ان�شغال الرجال‬ ‫بالحروب‪ ،‬والقتال‪ .‬ومع تقدم الح�ضارة الإغريقية‪،‬‬ ‫وبروز بع�ض الن�ساء في نهاية العهد الإغريقي �إزدادت‬ ‫حقوق المر�أة الإغريقية وم�شاركتها في االحتفاالت‬ ‫والبيع وال�شراء‪ ،‬ولم يكن ينظر للمر�أة ك�شخ�ص‬ ‫منفرد‪ ،‬و�إنما جزء من العائلة وبالتالي‪ ،‬ف�إن الحقوق‬ ‫كانت على قيم مختلفة عما نعرفه اليوم‪ ،‬ومن ال�صعب‬ ‫المقارنة على �أ�س�س القيم الحالية‪ .‬ولكون المر�أة‬ ‫جزءا من العائلة ف�إن الأ�سا�س هو الحقوق التي‬ ‫تت�ضمن االن�سجام والبقاء‪ ،‬لذلك كانت العائلة تخ�ضع‬ ‫للرجل الذي يتولى حماية العائلة‪ .‬وهنا جدير �أن‬ ‫ن�شير �إلى �أن الكثير من الم�سميات‪ ،‬واال�صطالحات‬ ‫اليونانية مترعة ب�سمات الأنوثة‪ ،‬بعدما جلبت من‬ ‫ال�شرق القديم‪ ،‬لذا‪ ،‬ف�إن كلمة (�أثنى) هو مقلوب‬ ‫لكلمة (�أنثى) الأكدي‪ ،‬ومنه تواردت في (اثنولوجيا‬ ‫و�أثنوغرافيا)‪� ،‬أو حتى �أثينا‪ ،‬وال�صحيح �أنثى‪ ،‬بما يدلل‬ ‫على االقتبا�سات بمنزلة المر�أة الإله من م�صادره‬ ‫الأولى‪.‬‬ ‫�أما عند الرومان‪ ،‬فقد ح�صلت المر�أة على حقوق �أكثر‬ ‫مع بقائها تحت ال�سلطة التامة للأب �أو لحكم �سيدها‬ ‫�إن كانت جارية‪� .‬أما المتزوجة‪ ،‬فقد كان يطبق عليها‬ ‫نظام غريب �أما �أن تكون تحت �سلطة‪ ،‬و�سيادة الزوج‪،‬‬ ‫�أو �أن تعا�شر زوجها‪ ،‬وتبقى مع �أهلها و�سلطتهم‪ .‬وقد‬ ‫تركت لنا الآثار الكثير من المعلومات التي ت�شير �إلى‬ ‫�أن امر�أة كانت قا�ضية‪ ،‬وكاهنة‪ ،‬وتاجرة‪ ،‬وبائعة‪ ،‬ولها‬ ‫حقوق البيع وال�شراء والوراثة كما كان لديها ثرواتها‬ ‫الخا�صة‪ .‬ومن المفارقات عند الرومان ب�أنهم قالوا‬ ‫عن المر�أة‪ :‬لي�س لها روح‪ ،‬وكان من �صور عذابها �أن‬ ‫ي�صب عليها الزيت الحار‪ ،‬وت�سحب بالخيول حتى‬ ‫الموت‪� .‬أما في ال�صين فقد ظلمت المر�أة ظلما كبيرا‬

‫فقد �سلب الزوج ممتلكاتها ومنع زواجها بعد وفاته‪،‬‬ ‫وكان الزوج له الحق فى �سلب كل حقوق زوجته وبيعها‬ ‫كجارية‪ .‬وكانت نظرة ال�صينيين لها (كحيوان معتوه‬ ‫حقير ومهان)‪ .‬وقيل عنها ب�أنها‪ :‬مياه م�ؤلمة تغ�سل‬ ‫ال�سعادة‪ ،‬ولل�صيني الحق �أن يدفن زوجته حية‪ ،‬و�إذا‬ ‫مات حُ ق لأهله �أن يرثوه فيها‪.‬‬ ‫�أما في الهند فقد قيل عنها‪ :‬لي�س الموت‪ ،‬والجحيم‪،‬‬ ‫وال�سم‪ ،‬والأفاعي‪ ،‬والنار‪� ،‬أ�سو�أ من المر�أة‪ ،‬بل ولي�س‬ ‫للمر�أة الحق عند الهنود �أن تعي�ش بعد ممات زوجها‪،‬‬ ‫بل يجب �أن تحرق معه‪ .‬والمر�أة العاقر الميئو�س من‬ ‫قدرتها على الإنجاب يحق لها �أن تعا�شر الرجال و�إن‬ ‫كانت متزوجة‪ .‬وفي المقابل كانت الن�ساء تح�سب‬ ‫جزءاً من غنائم الحرب وبعد الن�صر تق�سم هذه‬ ‫الغنيمة بين القادة الع�سكريين‪ .‬كما كانت �شرائع‬ ‫الهندو�س تحرم العمل على المر�أة‪ .‬وكانت تقدم‬ ‫قرباناً للآلهة لتر�ضى‪� .‬أو لت�أمر بالمطر �أو الرزق‪.‬‬ ‫وفي مناطق الهند القديمة �شجرة يجب �أن يقدم لها‬ ‫�أهل المنطقة فتاة ت�أكلها كل �سنة‪ .‬وجاء في �شرائع‬ ‫الهندو�س‪ :‬لي�س ال�صبر المقدر والريح‪ ،‬والموت‬ ‫والجحيم وال�سم والأفاعي والنار �أ�سو�أ من المر�أة‪..‬‬ ‫ونجد عند الفايكنك �سكان �إ�سكندنافيا القدماء‪ ،‬نف�س‬ ‫طق�س حرق المراة حية مع رفات زوجها‪ ،‬وهذا ما �أ�شار‬ ‫�إليه �أحمد بن ف�ضالن البغدادي في رحلته‪� .‬أما في‬ ‫فار�س فقد منح زراد�شت المر�أة حقوق اختيار الزوج‬ ‫وتملك العقارات و�إدارة �ش�ؤونها المالية‪ .‬وقد �أباح‬ ‫الفر�س الزواج من المحرمات دون ا�ستثناء‪ ،‬ويجوز‬ ‫للفار�سي �أن يحكم على زوجته بالموت‪.‬‬ ‫وفي الجاهلية في جزيرة العرب‪ ،‬فقد �شاركت المر�أة‬ ‫في الحياة االجتماعية والثقافية في الوقت الذي‬ ‫كانت توئد به البنات ب�سبب الفقر‪ ،‬وانت�شرت الرايات‬ ‫الحمر(المواخير)‪ ،‬و�سبيت‪ ،‬وبيعت‪ ،‬وا�شترت‪ ،‬بال�ضبط‬ ‫كما بيع العبيد من الرجال‪ .‬والمر�أة كانت لها حقوق‬ ‫كثيرة مثل التجارة‪ ،‬وامتالك الأموال‪ ،‬والعبيد‪ ،‬كما‬ ‫كان الحال مع خديجة زوجة الر�سول محمد (�ص)‪.‬‬ ‫كما كان لها الحق في اختيار الزوج‪� ،‬أو رف�ضه‪ .‬وكان‬ ‫منهم ال�شاعرات الم�شهورات‪ .‬كما تولت الكثير من‬ ‫الن�ساء الحكم في بع�ض المناطق مثل الملكة زنوبيا‬ ‫في تدمر �أو الملكه بلقي�س في اليمن‪.‬‬ ‫�أما ب�صدد الحقوق التي �ضمنتها الديانات للمر�أة‪،‬‬ ‫فنجد اليهودية قد عاملت المر�أة معاملة (الغانية)‬ ‫و(الموم�س) و(المخربة للحكم والملك)‪ ،‬ولم تخ ُل‬ ‫كتبهم الدينية من اال�ستهانة بها‪ ،‬وتحقيرها ومنعها‬

‫من الطالق‪ .‬ونقر�أ ن�ص في التوراة عن المر�أة‪،‬‬ ‫يذكر فيه‪( :‬درت �أنا وقلبي العلم والبحث ولأطلب‬ ‫حكمة وعق ًال‪ ،‬والعرف ال�شر �أنه جهالة‪ ،‬والحماقة‬ ‫�أنها جنون‪ ،‬فوجدت �أم ّر من الموت المر�أة‪ ،‬التي هي‬ ‫�شباك‪ ،‬وقلبها �شراك‪ ،‬ويداها قيود) (اال�صحاح ‪14‬‬ ‫الفقرة ‪ .)17‬وو�صف اليهود المر�أة ب�أنها‪ :‬لعنة لأنها‬ ‫�سبب الغواية‪ ،‬ونج�سة في حال حي�ضها‪ ،‬ويجوز لأبيها‬ ‫بيعها‪� .‬أما في الم�سيحية فقد عدت المر�أة والرجل‬ ‫ج�سدا واحدا‪ ،‬القوامة والتف�ضيل بل م�ساواة تامة في‬ ‫الحقوق والواجبات‪ .‬وحرم الطالق وتعدد الزوجات‪،‬‬ ‫واعطيت قيماً روحية �أكبر‪ ،‬وقد�ست العفة والعذرية‬ ‫الم�ستر�سل من ميراث ال�شرق وال�سيما في العراق‬ ‫القديم‪ .‬و�أعطت الم�سيحية لم�ؤ�س�سة الزواج تقدي�سا‬ ‫خا�صا وم�ساواة في الحقوق بين الطرفين‪.‬‬ ‫ورغم ت�أثر الإ�سالم باليهودية لكنه خلق نقلة في و�ضع‬ ‫المر�أة و �أعطاها حقوقها �سوا ًء المادية كالإرث وحرية‬ ‫الإختيار‪ ،‬وهذا ماذكره الإمام(�أبو حنيفة)‪ ،‬ب�أن العمر‬ ‫‪ 18‬هو الحد في حرية الإختيار والت�صرف ب�أموالها‬ ‫�إلى جانب �إعفائها من النفقة حتى ولو كانت غنية‬ ‫�أو حقوقها المعنوية بالن�سبة لذاك العهد وم�ستوى‬ ‫نظرته �إلى الحريات ب�شكل عام وحرية المر�أة ب�شكل‬ ‫خا�ص‪.‬كما لها حق التعلم‪ ،‬والتعليم‪ ،‬بما ال يخالف‬ ‫دينها‪ ،‬بل �إن من العلم ما هو فر�ض عين ت�أثم �إذا‬ ‫تركته‪ .‬وقد �ألغى الإ�سالم الر�أي القائل ب�أن حواء‬ ‫(الرمز الأنثوي) هي جالبة الخطيئة �أو النظرات‬ ‫الفل�سفية القائلة ب�أن المر�أة هي رجل م�شوّه‪ .‬ف�أ ّكد‬ ‫الإ�سالم �أن �آدم وحوّاء كانا �سواء في الغواية �أوالعقاب‬ ‫�أوالتوبة‪ ..‬ومن الوجهة الإ�سالمية‪ ،‬فالرجل والمر�أة‬ ‫م�س�ؤوالن �أمام �أهلل‪ ،‬كما �أن الفروق الف�سيولوجية‬ ‫بين الرجل‪ ،‬والمر�أة ال تنق�ص من قدر �أي منهما‪:‬‬ ‫فهي طبيعة كل منهم المميزة‪ ،‬والتي تتيح له �أن‬ ‫يمار�س الدور الأمثل من الناحية االجتماعية‪ .‬وكان‬ ‫للمر�أة �أدوارها الم�ؤثرة في �صناعة التاريخ الإ�سالمي‬ ‫بمن�أى عن الرجل‪ .‬فنرى المر�أة �صانعة �سالم (كدور‬ ‫ال�سيدة �أم �سلمة في درء الفتنة التي كادت تتبع �صلح‬ ‫الحديبية)‪ ..‬ونراها محاربة (حتى تعجب خالد بن‬ ‫الوليد من مهارة �أحد المقاتلين قبل اكت�شافه �أن‬ ‫ذلك المحارب �أمر�أة)‪ ..‬ودورها في الإفتاء بل‪ ،‬وحفظ‬ ‫الميراث الإ�سالمي نف�سه‪ ،‬ومن الطريف �أن �شغب �أم‬ ‫المقتدر العبا�سي خلعت على و�صيفتها لقب قا�ضي‬ ‫الق�ضاة‪ .‬ومن ك ّل ذلك نجد �أن حقوق المر�أة في �أنظمة‬ ‫ال�شرق القديم كانت �أكثر منها عند اليونان والرومان‪.‬‬

‫للتواصل مع الكاتب وإبداء الرأي يرجى مراسلته على‪thwanyali@hotmail.com :‬‬


‫مقال‬

‫ناصر بن أحمد الراشدي‬

‫‪7‬‬

‫التركيز الذهني‬ ‫(ر ّك ْز)‪ ،‬هي كلمة دائماً ما ن�سمعها من �صديق‬ ‫�أو قريب �أو زميل‪ ،‬في بيئة العمل‪� ،‬أو الدرا�سة‪� ،‬أو‬ ‫المنزل‪� ،‬أو �أي مكان �آخر‪ ،‬هي كلمة ندّعي �أحياناً ب�أننا‬ ‫نعي�شها‪ ،‬ولك ّننا قد نكون في حالة �شرود ذهني لمكان‬ ‫ما �أو لزمان ما‪ ،‬الأمر الذي يعوقنا من التركيز حتى‬ ‫في �أب�سط الأمور‪� ،‬أو تذ ّكر �أحداث قد تكون وقعت‬ ‫في فترات قريبة‪ ،‬ولكن ما هي �أ�سباب حدوث غياب‬ ‫التركيز؟ وهل بالإمكان التمرين على الح�صول على‬ ‫معدالت تركيز عالية؟‬ ‫�إ ّن ما يم ّر به ال�شخ�ص في هذا العالم المزدحم من‬ ‫حاالت كالتوتر‪ ،‬والقلق‪ ،‬والإرهاق البدني وعدم �أخذ‬ ‫الج�سم كفايته من النوم ‪ ،‬ف�ض ًال عن ا�ضطرابات النوم‪،‬‬ ‫والإكثار من تناول المنبهات خالل اليوم‪ ،‬والخلل‬ ‫الغذائي الناتج عن عدم تناول الأطعمة ال�صحية‬ ‫الالزمة ي�ؤدي �إلى نق�ص في بع�ض الفيتامينات مثل‬ ‫(ج‪ ،‬هـ‪ ،‬ب‪ ،‬د) ذات العالقة بال�صحة النف�سية‪ ،‬وتقوية‬ ‫الذاكرة‪ ،‬كذلك حدوث م�شكالت (عائلية‪ ،‬مجتمعية‪،‬‬ ‫عاطفية‪� ،‬أو مالية)‪ ،‬والتعر�ض لحاالت خيبة �أمل في‬ ‫مكان العمل‪� ،‬أو خارجه بالإ�ضافة �إلى المر�ض‪ ،‬ك ّلها‬ ‫ت�ؤدّي ‪ ،‬وب�شكل قوي �إلى دفع ال�شخ�ص ال �إرادياً لحاالت‬ ‫ال�شرود الذهني لفترات متوا�صلة‪� ،‬أو بين الحين‪،‬‬ ‫والعملي‪.‬‬ ‫والآخر‪ ،‬مما ي�ؤ ّثر �سلباً على الأداء الفكري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫�أو ًال‪ ،‬وقبل كل �شيء‪� ،‬إ ّن عملية زيادة التركيز الذهني‬ ‫تعتبر مهارة من مهارات تقوية‪ ،‬وتنمية الذات يمكن‬ ‫اكت�سابها من خالل اتباع بع�ض الممار�سات التي‬ ‫تتطلب نوعًا من الحر�ص والمواظبة حتى ت�أتي‬ ‫بثمار ‪ ،‬ونتيجة مطلوبة‪ ،‬وب�إمكانك �أيها القارئ تنمية‬ ‫هذه المهارة من خالل اتباع بع�ض الأ�ساليب مثل‬ ‫اختيار �إنجاز المهمات ال�سهلة التي بدورها ت�ؤدي �إلى‬ ‫ارتياحك و�شعورك بالإنجاز‪ ،‬ثم االنتقال تدريجيًا‬ ‫لأداء مهام �أكثر �صعوبة‪ ،‬وعند �إنجازها �ست�شعر ب�أن‬ ‫عقلك الباطن بد�أ ببناء ال�صورة الإيجابية عن نف�سك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وبث ال�سرور بها‪ ،‬ويزيد الإح�سا�س ب�أن م�ستوى التركيز‬ ‫بد�أ باالرتفاع تدريجيًا‪ ،‬كما �إ ّن عزل النف�س بهدف‬ ‫التخل�ص من م�سبّبات الت�شتيت الذهني ي�ساهم ب�شكل‬ ‫كبير في �أدائك لمهامك خ�صو�صً ا مع االنتقال من‬ ‫مهمة لأخرى �أ�صعب منها‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى تحديد �أوقات‪،‬‬ ‫وفترات زمنية معينة لإنجاز كل مهمة يلعب دورًا هامًا‬ ‫في زيادة م�ستوى الإنتاجية‪ ،‬الأمر الذي بدوره يرفع‬

‫م�ستوى الر�ضا لديك عن ذاتك‪ ،‬ويو�سّ ع الإح�سا�س‬ ‫بارتفاع م�ستوى التركيز الذهني‪.‬‬ ‫كما �إنني �أدعوك لممار�سة �أ�سلوب ال�شرود الذهني‬ ‫المتعمّد‪ ،‬بحيث تخ�صّ �ص لك وق ًتا محددًا خالل اليوم‪،‬‬ ‫وتجل�س في مكان معين‪ ،‬وتعطي نف�سك مجاال وا�سعًا‪،‬‬ ‫وفر�ص ًة كبيرة لل�شرود الذهني لأبعد ما ت�ستطيع‪ ،‬وفي‬ ‫ك ّل الأمور التي ت�شغلك ب�صورة م�ستمرة‪� ،‬إذ �إ ّن ذلك‬ ‫ي�ساعد على التخل�ص من التوتر‪ ،‬والقلق‪ ،‬و الأمور‬ ‫التي تتناوب على تفكيرك بين الحين‪ ،‬والآخر‪ ،‬وتعطي‬ ‫العقل الفر�صة لأن ي�ستر�سل فيها وبالتالي ي�ساهم في‬ ‫تال�شيها تدريجيًا‪ ،‬كما �إن تخ�صي�ص الوقت الالزم‬ ‫لذلك ب�شكل يومي‪ ،‬ومع مرور الوقت يجعل العقل‬ ‫يعمل بطريقة عك�سية بحيث يحدد الأمور المتكررة‬ ‫التي ت�ش ّتت تفكيرك ب�صورة م�ستمرة‪ ،‬ويقف عليها‬ ‫ويزيد التركيز بها‪ ،‬وعالجها‪ ،‬ثم تال�شيها تدريجياً‪،‬‬ ‫وهذا �أمر يكمن في تفريغ العقل‪ ،‬وت�سخيره للتركيز‬ ‫على م�شكلة بعينها‪ ،‬ومن ث ّم تكون النتيجة الق�ضاء‬ ‫عليها ف�ض ًال عن �أن عقلك يبد�أ زيادة التركيز تدريجياً‬ ‫في هذه الظروف المتمثلة في تحديد الوقت‪ ،‬والمكان‬ ‫لل�شرود الذهني‪ ،‬وتحويله �إلى عملية تركيز فعالة‬

‫إن عملية زيادة التركيز الذهني‬ ‫ّ‬ ‫تعتبر مهارة من مهارات تقوية‪،‬‬ ‫وتنمية الذات‬

‫ناتجة من اتباع �أ�سلوب ت�صفية العقل من الم�شتتات‪،‬‬ ‫ومع الزمن ي�صبح هذا الوقت �أكثر منا�سب ًة للتركيز‪.‬‬ ‫كما �إنه حتى تبقي عقلك يقظاً لفترات طويلة‪،‬‬ ‫ويتم ّتع بقدرات تركيز �أعلى ب�صورة م�ستمرة تمكنك‬ ‫من التفكير ‪ ،‬والتحليل‪ ،‬واتخاذ القرارات المنا�سبة‪،‬‬ ‫و�إنجاز المهمات‪ ،‬والأعمال بجودة عالية في فترات‬ ‫ق�صيرة‪ ،‬ف�إن ممار�سة الريا�ضة تلعب دورًا هامًا في‬ ‫تقوية التركيز وزيادة فعاليته‪� ،‬إذ �أ ّن ممار�سة ريا�ضة‬ ‫الم�شي ب�شكل يومي لفترات معقولة ت�ساهم في �إفراز‬ ‫الهرمونات التي تح ّفز التفكير الإيجابي‪ ،‬وتزيد‬ ‫عملية التن ّف�س العميق‪ ،‬والح�صول على ن�سب عالية‬ ‫من الأك�سجين ودخولها للدم الذي يح ّفز الدماغ على‬

‫مراسلتهعلى‪:‬‬ ‫مراسلته‬ ‫الكاتب الرأي‬ ‫الكاتبمعوإبداء‬ ‫للتواصل مع‬ ‫على‪nasser22a@hotmail.com :‬‬ ‫‪nasser22a@hotmail.com‬‬ ‫يرجىيرجى‬ ‫وإبداء الرأي‬ ‫للتواصل‬

‫زيادة التركيز‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى �أن هذه الريا�ضة كغيرها من‬ ‫الريا�ضات ت�ساهم في تخلي�ص الج�سم‪ ،‬والعقل من‬ ‫ال�شحنات ال�سلبية التي ت�ساهم ب�شكل مبا�شر في عملية‬ ‫ال�شرود الذهني‪ ،‬و�ضعف التركيز‪ ،‬وهذا �أمر يجب‬ ‫المحافظة‪ ،‬والمداومة عليه خ�صو�صً ا مع التقدم في‬ ‫العمر‪� ،‬إذ تبد�أ الذاكرة بال�ضعف التدريجي من خالل‬ ‫�ضعف الخاليا الع�صبية التي تمد المخ بالدم‪ ،‬لذلك‪،‬‬ ‫ف�إ ّن الن�شاط البدني يحافظ على حيوية الأن�سجة‪،‬‬ ‫والخاليا‪ ،‬وي�ساعد في تجديد خاليا المخ‪ ،‬خا�ص ًة‬ ‫الخاليا الم�س�ؤولة عن الحفظ‪ ،‬والتذ ّكر والتركيز‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬ف�إن للغذاء‪ ،‬والنوم دورًا كبيرًا جداً‪ ،‬ف�ضعف‬ ‫الغذاء (نوعاً ولي�س كماً)‪ ،‬ي�ساهم ب�شكل مبا�شر في‬ ‫�ضعف التركيز‪ ،‬وزيادة ال�شرود الذهني‪� ،‬إذ تنق�ص معه‬ ‫الفيتامينات والمعادن الالزمة للخاليا الدماغية‪ ،‬لذا‪،‬‬ ‫ف�إن المحافظة على نظام غذائي �صحي يعتبر من‬ ‫الأمور الهامة للح�صول على ن�سب تركيز عالية‪ ،‬فالغذاء‬ ‫ال�صحي ي�ساهم في تطوير الذاكرة من خالل توفير‬ ‫العنا�صر الغذائية الالزمة لبناء‪ ،‬وتجديد �أن�سجة‪،‬‬ ‫وخاليا المخ‪ ،‬ويق ّلل من الإ�صابة ب�أمرا�ض الذاكرة‪،‬‬ ‫كما �إن النوم ل�ساعات كافية ليال ي�ساعد على تح�سين‬ ‫الذاكرة‪� ،‬إذ يقوم الج�سم خالله با�ستعادة ن�شاطه‪ ،‬ويق ّلل‬ ‫من �إفراز بع�ض الهرمونات خ�صو�صاً التي تحفز القلق‪،‬‬ ‫والتوتر‪ ،‬وبالتالي ي�ستعيد المخ حيويته خالل تلك‬ ‫الفترة‪ ،‬لذا‪ ،‬ف�إنه من المهم الح�صول على فترة نوم‬ ‫تتراوح بين (‪� )8 -6‬ساعات يومياً‪.‬‬ ‫وال تن�سى �أي�ضاً الحر�ص على ممار�سة هواياتك‬ ‫المف�ضلة‪� ،‬إذ ي�ستطيع الإن�سان من خالل ممار�سة‬ ‫الهواية التي يف�ضلها با�ستمرار كالقراءة‪� ،‬أو الكتابة‪،‬‬ ‫�أو الر�سم‪� ،‬أو �أي من الهوايات بدنية كانت �أو ذهنية‪،‬‬ ‫�أن ين�شط ذهنه‪ ،‬ويك�سر روتينه اليومي‪ ،‬والخروج من‬ ‫الحاالت ال�سلبية التي قد يكون بها �إ�ضاف ًة �إلى جو‬ ‫العمل‪ ،‬والتفكير‪ ،‬والأعباء والم�س�ؤوليات‪ ،‬فيخرج من‬ ‫حالة ال�شتات التي يمر بها ليمار�س �شيئاً يحبه‪ ،‬وترتاح‬ ‫له نف�سه‪ ،‬وبالتالي يعمل على تجديد حيويته‪ ،‬وتن�شيط‬ ‫وتحفيز تركيزه ليكون في �أعلى درجاته‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫�سيتمكن من خالله �إنجاز كافة الأعمال والمهام‬ ‫بحيوية‪ ،‬ون�شاط‪ ،‬وقدرات تركيز عالية‪ ،‬وي�شعر حينها‬ ‫بقدرته على التح ّكم‪ ،‬وال�سيطرة على تركيزه الذهني‬ ‫بين الحين‪ ،‬والآخر‪.‬‬


‫تاريخ‬

‫‪8‬‬

‫دراسة تاريخية‬

‫العمران الحربي في ُعمان في عهد اليعاربة‬

‫العمانية (النظرية التحصينية) على مرتكزات عدة‬ ‫قامت نظرية الدفاع الحربية ُ‬ ‫وعلى موروثات تمتد في تاريخها إلى ما قبل اإلسالم وعلى األخص إلى ما قبل‬ ‫األلف الرابع الميالدي ‪ -‬و ربما أبعد منه‪ -‬مرورا بالعصر الجاهلي وانتقاال إلى عهد‬ ‫الخالفة وتعريجا إلى القرنين السادس عشر الميالدي اذ احتل البرتغاليون فيه‬ ‫عمان‪ ،‬والسابع عشر إذ أخرج العمانيون فيه البرتغاليين وتحديدا في يناير ‪١٦٥٠‬م‪.‬‬ ‫ابتداء باإلمام ناصر بن مرشد (‪١٦٢٤‬م‪١٦٤٩-‬م) ثم‬ ‫وذلك تحت قيادة األئمة اليعاربة‬ ‫ً‬ ‫اإلمام سلطان بن سيف اليعربي الذي تولى مباشرة القيادة بعده فوصوال إلى‬ ‫األمام سيف بن سلطان الملقب بقيد األرض‪ .‬وقد كان ولده سلطان بن سيف‬ ‫الثاني الذي خلفه في اإلمامة يغذ سيره على خطى أبيه‪ .‬إن هذه الفترة الزمنية‬ ‫المحدودة كانت مليئة بالعظائم من األحداث السياسية والحربية ومليئة بالعمران‬ ‫وبخاصة جواهر العمران الحربي في عمان مثل قالع وحصون نزوى وجبرين في‬ ‫والية بهال‪ ،‬والحزم في والية الرستاق‪ ،‬والسنيسلة في والية صور‪ ،‬ومطرح في‬ ‫والية مطرح‪ ،‬وغيرها من شوامخ العمران في عمان فضال عن الذي شيد في‬ ‫خارج عمان كزنجبار وممباسة والبحرين وبلوشستان وغيرها‪ .‬وفي القرن العشرين‬ ‫شيد جاللة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أحدث حصن تبنيه عمان هو حصن‬ ‫الشموخ في والية منح متوشحا بأصالة العمارة العمانية‪ ،‬ومستخدما تقنيات‬ ‫العمارة الحديثة فنيا‪ ،‬وموظفا أدوات ووسائل الحضارة المعاصرة المختلفة‪.‬‬

‫يعتبر التاريخ ال ُعماني �أحد المرتكزات الحيوية‬ ‫التي اعتمدت عليها نظرية العمارة الحربية‬ ‫�إذ انه يحتل م�ساحة وا�سعة ا�ستوطنتها خبرة‬ ‫عميقة وهامة �أن�ضجتها �شتى �أنواع الحروب‬ ‫التي دارت رحاها على �أر�ض عُمان في داخلها‪،‬‬ ‫و�سهلها و�ساحلها و�صحرائها وبحرها وحتى‬ ‫في المناطق التي خ�ضعت لها‪ .‬فالخبرة التي‬ ‫تمتد �إلى ح�ضارة �أم النار والتي �أبانت عن بع�ض‬ ‫جوانبها التح�صينات الأثرية القديمة التي عثر‬ ‫عليها في منطقة بالبريمي وكذلك ح�ضارة‬ ‫بات التي يعود تاريخها �إلى الألف الرابعة قبل‬ ‫الميالد‪.‬‬

‫في الهند �أيام الإمام ال�صلت بن مالك ن�صرة‬ ‫للم�سلمين هناك‪ ،‬ثم �صدهم الفر�س عن �صحار‬ ‫قبل االحتالل البرتغالي‪ ،‬ثم عدم الت�سليم‬ ‫للبرتغاليين عام‪913‬هـ �إال بعد مقاومة عنيفة‬ ‫�أبدتها المدن ال ُعمانية �صحار وم�سقط و�صور‬ ‫وقريات‪ ،‬وحزمهم في ت�صديهم لل�صفويين‪.‬‬

‫م‪ .‬سعيد الصقالوي الجنيبي‬

‫الع�سكرية التي يقع عليها واجب الدفاع عن‬ ‫مكت�سباته وبالتالي ف�إنه �إزاء ذلك البد �أن يكون‬ ‫ان�ش�أ تح�صيناته التي تمكنه من �صد الأخطار‬ ‫المحدقة به خا�صة �إذا ما عرفنا �أن �صناعة‬ ‫مواد البناء كانت مزدهرة و�أن عمليات التحجير‬ ‫كانت منت�شرة و�أن منتجاتها على م�ستوى من‬ ‫الجودة‪ ،‬و�أن ن�شوء مثل هذا ال�صناعة ي�ستتبعها‬ ‫توافر عمالة واعية بمقت�ضيات عملها ومدربة‬ ‫على ممار�سته وربما كان بينها المتخ�ص�صون‬ ‫في الأعمال المتعلقة بها كالبناءين والنجارين‬ ‫والج�صا�صين والحدادين والمهند�سين‬ ‫وغيرهم وان تنوعت �أ�ساليب البناء‪.‬‬

‫لقد كان قتال ال ُعمانيين ومحاربتهم غيرهم‬ ‫من الغزاة ناتجا عن �إيمانهم بعدم القبول‬ ‫بالظلم �أيا كان نوعه �سيا�سيا �أو اجتماعيا �أو‬ ‫اقت�صاديا كما �إن قتالهم لبع�ضهم في �صورة‬ ‫حروب �أهلية قد �شهدت عليه م�سيرة التاريخ‬ ‫ال ُعماني على نحو �أخ�ص في موا�ضع مختلفة‬ ‫�إن تنوعها بين قلعة و �سور و ح�صن و برج و وفي حقب زمنية متباعدة و�أخرى متقاربة �إن الأجيال ال ُعمانية ظلت تتناقل تجارب �إرثها‬ ‫خندق ّ‬ ‫دل على وجود الخبرة المكت�سبة في هذا نابع من مقاومتهم للأعداء ولالعتداء في البناء والعمارة على توالي مراحل التاريخ‬ ‫ال�ش ْه ُر ا ْل َح َرا ُم ب َّ‬ ‫المجال ثم �إن الحرب التي خا�ضها الملك نارم } َّ‬ ‫ِال�ش ْه ِر ا ْل َح َرا ِم َوا ْل ُح ُرم ُ‬ ‫َات وظل هذا الإرث ال�ضخم يخ�ضع لمتغيرات‬ ‫�سومر �ضد الملك مانيوم ملك مجان والأحداث‬ ‫الع�صر وطبيعة الظروف والمنطق ال�سيا�سي‬ ‫التي وقعت بين ملك �شبوه وملك �سمهرام‬ ‫والع�سكري واالقت�صادي الذي ي�سيطر على‬ ‫وحروب الأزد مع الفر�س في عهد مالك بن‬ ‫كل حقبة ف�ضال عن تنوع الو�سائل وقدرة‬ ‫العمانية ظلت تتناقل‬ ‫األجيال ُ‬ ‫فهم ومن بعده و�صوال �إلى الع�صر الإ�سالمي‬ ‫التح�صينات التي كانت ت�شيد غي مراحل التاريخ‬ ‫تجارب إرثها في البناء والعمارة‬ ‫الذي برز فيه ال ُعمانيون كمقاتلين في �صفوف‬ ‫على مواجهة التقدم في �أ�ساليب القتال منذ ما‬ ‫على توالي مراحل التاريخ‬ ‫الجي�ش الإ�سالمي‪ ،‬وكقادة �أوكلت �إليهم‬ ‫قبل التاريخ ومروا بع�صر ما قبل الإ�سالم وحتى‬ ‫م�سئولية محاربة للدولة الأموية كالمهلب بن‬ ‫يومنا هذا‪ .‬و�إن تكاتف جهود البناء ال ُعماني‪،‬‬ ‫�أبي �صفرة و�أوالده وكوالة �أنيطت بهم م�سئولية‬ ‫والحاكم ال�سيا�سي والقائد الع�سكري وتمازج‬ ‫تثبيت دعائم وهيمنة و�سلطة الدولتين الأموية‬ ‫�أفكارهم هي�أت اللبنة ال�صالحة التي ت َّم بنا ًء‬ ‫ا�ص * َف َم ِن ْاع َتدَى َعلَ ْي ُك ْم َف ْاع َتدُوا َعلَ ْي ِه عليها ت�أ�سي�س و�إتمام عمارة القالع والح�صون‬ ‫ِ�ص ٌ‬ ‫والعبا�سية في الهند وم�صر و�شمال �أفريقيا ق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،‬وك�أئمة رف�ضوا ت�سلط الأمويين على عُمان بِمِ ْثلِ مَا ْاع َتدَى َعلَ ْي ُك ْم * َوا َّت ُقوا الل َو ْاعلَ ُموا َ�أ َّن لتتواكب مع المتطلبات الملحة لهذا الغر�ض‪.‬‬ ‫مثل الجلندى بن م�سعود‪ .‬وقاوموا �أعمال َّ َ‬ ‫الل َم َع ا ْل ُم َّتق َ‬ ‫ِين{ (البقرة ‪ .)194-‬وذمهم لل�شر �إ َّن عملية البناء والت�شييد ومنها القالع‬ ‫القر�صنة في البحر مثل الإمام غ�سان‪ .‬وت�صدوا �إيمانا بمبد�أ ان�صر �أخاك ظالما بمعنى ان�صره والح�صون في عُمان يدعمها �إرث ح�ضاري‬ ‫للعبا�سيين في �إحدى المعارك الكبرى بقرب من ظلمه لنف�سه‪� ،‬أو مظلوما بمعنى ان�صره من �ضخم تمتد جذوره الأولى �إلى ما قبل التاريخ‬ ‫ح�صن دما (ال�سيب) عام ‪280‬هـ في عهد �إمامة ظلم غيره له‪ .‬و�إن مجتمعا على هذا القدر من الميالدي وما زال هذا الموروث يتفاعل مع‬ ‫عزان بن تميم الخرو�صي‪ .‬وكذلك محاربتهم التح�ضر والوعي‪ ،‬والبد �أن تكون له م�ؤ�س�سته تطور حركة العمران بح�سب الظروف والأحوال‬


‫تاريخ‬

‫‪9‬‬

‫التي تكتنف الواقع ال ُعماني وهذا الموروث النقو�ش الأثرية‪� ،‬أو �صراع مجان مع الآ�شوريين‬ ‫ي�شكل المرتكزات التي تتمحور عليها ديناميكية الذين �سيطروا عليها وال�صراع مع الفر�س‬ ‫الحركة بغ�ض النظر عن مدى قوة الدفع وغيرهم‪.‬‬ ‫التي تعتبر م�ؤ�شرا هاما وحيويا في ن�شاطها‬ ‫وازدهارها‪.‬‬ ‫كما كان ذلك دفعا لل ُعمانيين �إلى �إن�شاء‬ ‫تح�صينات قوية لدرء الأخطار و�إن لم يوفقوا‬ ‫ولم تتيب�س �شرايين الحركة الح�ضارية في �صد بع�ضها �إال �أن روح المقاومة تظل‬ ‫والمعمارية في عُمان منذ القديم وحتى القرن متقدة �إلى �أن يتم الظفر والتاريخ ال ُعماني ملئ‬ ‫الع�شرين‪ ،‬و�إن مرت عليها فترات كانت فيها قوة بال�شواهد في القديم والحديث‪.‬‬ ‫ال�ضخ �أقل بكثير عن م�ستوى الم�أمول‪ ،‬ف�ضال‬ ‫عن م�ستوى الطموح �إال �أن هذه الفترات ت�شكل‬ ‫حركة موجية متراوحة في قوتها �أو �ضعفها‬ ‫وفي م�ستوى انت�شارها �أو حدتها وكذلك في‬ ‫لم تتيبس شرايين الحركة‬ ‫قدرة ات�صالها �أو بلوغها وفي كل مرة يحاول‬ ‫الحضارية والمعمارية في‬ ‫الإن�سان ال ُعماني �أن يجد الو�سائل المنا�سبة‬ ‫لنوع الحركة �أو �أن يخترعها لكي يتمكن من‬ ‫ُعمان منذ القديم‬ ‫الم�شاركة ولو من بعيد عن طريق التعرف على‬ ‫المجريات �أو الإح�سا�س بها‪ ،‬ف�ضال عن تمكنه‬ ‫�أحيانا من الم�شاركة الفعلية‪.‬‬ ‫لقد كانت عملية التح�صين لدى الإن�سان‬ ‫وقد �شجعته محاوالته لأن يكون في قلب ال ُعماني بالغة الأهمية‪ ،‬ومن الم�ؤ�س�سات التي‬ ‫التاريخ �أخذا وعطاء وهذا ما �أف�صحت عنه ارتكزت عليها حركة التعمير في الم�ستوطنات‬ ‫الك�شوف �سواء تلك التي وجدت في عُمان �أو القديمة هي القلعة �أو الح�صن اذ احتلت مكانا‬ ‫التي عثر عليها في مناطق �أخرى مختلفة بارزا في مخططات المدن‪� ،‬إدراكا بقيمة الدور‬ ‫وبالرجوع �إلى الح�ضارات التي كانت على �أر�ض الذي يتميز به هذا البناء عن باقي الم�ؤ�س�سات‬ ‫عُمان في مدتها المختلفة ووقوعها في دائرة في تامين م�صالح البالد‪ ،‬وك�سرا لحدة الرغبة‬ ‫�أطماع الح�ضارات الأخرى التي ركزت ق�صارى لدى المناوئين‪ ،‬ومنعا للتفكير في �سهولة‬ ‫جهدها على ا�ستغالل الح�ضارات القائمة في �إمكانية تحقيق م�آربهم‪.‬‬ ‫عُمان من خالل �إدخالها �إلى حلبة ال�صراع التي وفي هذه الإطاللة المخت�صرة �سعينا �إلى‬ ‫دارت رحاها بين �سمهرام و�شبوه كما بينتها ت�سليط ال�ضوء على الخبرة المعمارية‬ ‫مراسلتهعلى‪:‬‬ ‫مراسلته‬ ‫يرجى‬ ‫الكاتب‬ ‫للتواصل مع‬ ‫على‪saidsaqlawi@gmail.com :‬‬ ‫‪nasser22a@hotmail.com‬‬ ‫يرجى‬ ‫الرأي الرأي‬ ‫وإبداء وإبداء‬ ‫مع الكاتب‬ ‫للتواصل‬

‫والعمرانية في مجال التعاطي والتعامل مع‬ ‫المقت�ضيات الحربية والع�سكرية وما تتطلبه‬ ‫من من�شئات وتح�صينات كان البد من وجودها‪.‬‬ ‫وقد �شكلت هذه التح�صينات ملمحا مهما وبارزا‬ ‫في الن�سيج العمراني للمدينة والقرية للجبل‬ ‫وال�سهل للح�ضر والبادية‪.‬‬ ‫وفي مقالة قادمة �سوف ن�ستعر�ض عددا من‬ ‫نماذج العمران الحربي في عهد اليعاربة كقلعة‬ ‫نزوي والحزم جبرين وال�سني�سلة ومطرح‬ ‫بغر�ض �إ�ضاءة الجوانب المعمارية المتميزة‬ ‫والتاريخية التي �أكدت على تالزم الإن�سان‬ ‫والعمران في عمان‪.‬‬ ‫ولقد خل�صنا في بحث مط ّول �سنعر�ض له‬ ‫فيما بعد �إلى �أهمية التعاطي الم�س�ؤول مع‬ ‫ال�ش�أن العام وذلك من خالل ت�ضافر الجهود‬ ‫بين كافة التخ�ص�صات المهنية والإدارية‬ ‫والقيادية‪ .‬و�إن االرتكاز على الخبرات العملية‬ ‫والتطبيقية �ضرورة ملحة وكذلك اال�ستفادة‬ ‫من الخبرات غير المحلية التي ت�شكل قيمة‬ ‫م�ضافة �إلى تراكم الخبرات في عمليات‬ ‫الت�شييد والبناء‪ .‬ونو�صي في هذا ال�صدد باتباع‬ ‫نهج التفكير‪ ،‬والعمل الجماعي في التخطيط‬ ‫والتنفيذ والتحلي بالم�س�ؤولية العالية‪ .‬ون�ؤكد‬ ‫على �أهمية تدريب و�إعداد وت�أهيل المهارات‬ ‫الالزمة لال�ضطالع بمهامها لتحقيق الغايات‬ ‫والأهداف وبغر�ض اال�ستفادة من الإبداعات‬ ‫الممكنة واالفكار الخالقة والر�ؤى العميقة‪.‬‬


‫تحقيق مصور‬

‫عمان في عيون أبنائها‪ :‬الصورة توثق وتحكي!!‬ ‫تصوير وتوثيق‪ :‬حمد الرئيسي ‪ -‬عبد العزيز الشكيلي‬

‫‪10‬‬

‫جميعا لنحتفل بفكرة تولّ دت عبر العصف الذهني داخل مركز الدراسات والبحوث‪ ..‬كنا نحاول‬ ‫كانت فرصة لنا‬ ‫ً‬ ‫البحث عن فكرة طريقة لالحتفال بالعيد الوطني الخامس واألربعين ولكن بطريقة مبتكرة وتستهدف استنهاض‬ ‫أبناء الوطن للمشاركة بإبداعاتهم والكشف عن تطلعاتهم ورؤاهم والتعريف بمبتكراتهم وإيجاد منصة علمية‬ ‫للطالب واألطفال لتبادل األفكار ووجهات النظر وتوثيق تحياتهم وتهانيهم إلى الوطن وحضرة جاللة السلطان‬ ‫قابوس المعظم ‪ -‬حفظه الله ورعاه ‪ -‬وتشجيع األطفال على مشاركة مواهبهم وكتاباتهم وتدوينها من خالل‬ ‫تم تنفيذ الفكرة جاء يوم الحصاد فاحتفل المشاركون والفائزون‪ ،‬ونجحت‬ ‫القصص القصيرة واألشعار‪ .‬وبعد أن ّ‬ ‫الكامير في اقتناص لحظات الفرح وتوثيق الفكرة‪ ،‬والرؤية والفرحة فكان يوما مشهودا من أيام عمان المجيدة‪.‬‬


‫تحقيق مصور‬

‫‪11‬‬

‫للتواصل وإبداء الرأي يرجى مراسلته على‪alraisi@outlook.com :‬‬


‫ملف العدد‬

‫‪12‬‬

‫قيم الشباب العماني‪ ..‬إحصاءات ودالالت‬

‫تعرضه لكم‪ :‬أسماء الجامعية‬

‫الشباب هم الركيزة األساسية لبناء المجتمع ونهوض األمة ورقيها‪ ،‬إذ يقوم الشباب بالدور األكبر في تنمية المجتمع والحفاظ على قوته وبناء دولة حضارية‬ ‫تتمتع باألمن واألمان المستديم‪ ,‬وهذا ما تسعى إليه دول العالم إذ يعتبر عالمنا فتي ويشكل الشباب فيه ‪ 1,8‬بليون من إجمالي عدد سكانه للعام ‪2014‬م‬ ‫حسب إحصائيات منظمة األمم المتحدة وهو عدد كبير جد ًا و الذي سيسهم بشكل كبير في تنمية العالم و تطور اقتصاده إذ ووفق ًا لألمم المتحدة فإن العالم‬ ‫لم يشهد هذه الطاقات الشبابية الكبرى من قبل‪ ,‬حيث تصل نسبة الشباب في بعض الدول إلى ‪ 60%‬ومنها سلطنة عمان التي تبلغ نسبة الشباب فيها‬ ‫ما يقارب (‪ )32%‬من إجمالي سكانها وفق ًا للكتاب السنوي للمركز الوطني لإلحصاء والمعلومات للعام ‪2014‬م‪ ,‬وتسعى الدول الفتية إلى استغالل الطاقات‬ ‫المكنونة لدى الشباب لتطوير وبناء دول قوية مستقرة اقتصادي ًا وحضاريةٍ فكري ًا األمر الذي يعد عائق ًا لبعض الدول التي تعاني من ارتفاع نسبة السكان في‬ ‫سن الشيخوخة وانخفاض نسبة الشباب كجمهورية ألمانيا حيث بلغت نسبة النساء في األعمار المتوسطة (‪ )30-45‬سنة ‪ 80%‬و نسبة الرجال ‪ 77%‬وهو ما يدل‬ ‫على أن المجتمع األلماني سيصبح مجتمع ًا شيخوخي ًا في السنوات المقبلة تقل نسبة الشباب فيه وهو ما سيكلف الجمهورية األلمانية مبالغ طائلة لتوفير‬ ‫التأمين الصحي األمثل لكبار السن وبرامج التقاعد التي تناسبهم‪ ,‬ولتدارك هذا األمر الذي سيكون معضلة بالنسبة لدولة تعد من ضمن أقوى دول العالم تقوم‬ ‫الجمهورية األلمانية بتشجيع أفراد المجتمع على إنجاب المزيد من األطفال لرفع معدل الطاقات الشبابية في المستقبل لضمان استمرار نمو وقوة الدولة‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق ت�سعى جميع الدول �إلى االهتمام‬ ‫بزيادة ن�سبة ال�شباب وب�شكل كبير لتمكين طاقاتهم‬ ‫و�صقلها و�إبراز مواهبهم وتحفيزهم على العمل‬ ‫فيما يبرعون فيه ويتقنونه عبر ا�ستغالل تلك‬ ‫الطاقات‪ ,‬وكون �أن فئة ال�شباب ت�شكل �شريحة‬ ‫اجتماعية مهيمنة في الوطن العربي �إذ ت�شكل ‪%70‬‬ ‫من �إجمالي �سكان الوطن العربي وفقا لما جاء في‬ ‫الن�سخة العربية من التقرير الإقليمي حول حالة‬ ‫ال�سكان للعام الحالي ف�إن معظم الدول العربية تقوم‬ ‫ببذل الكثير من الجهد لتنمية هذه الفئة وتوجيهها‬ ‫التوجيه الأمثل لدعم م�سيرة �سير تنمية وتطوير‬ ‫الوطن العربي‪.‬‬ ‫وتعد فئة ال�شباب فئة تحب االطالع على العالم‬ ‫والت�أقلم مع التغيرات الجديدة التي تفر�ضها‬ ‫العولمة على المجتمعات وال�سيما ثورة المعلومات‬ ‫واالت�صاالت فالتغيّرات الجارية تقدّم تحديات‬ ‫جديدة وفر�صاً مثيرة لالكت�شاف والتي قد تكون‬ ‫في بع�ض الأحيان مناق�ضة لعادات وقيم مجتمعاتنا‬ ‫العربية‪ ,‬من هنا وجب على المجتمعات العربية‬ ‫و�ضع خطط مدرو�سة واتخاذ قرارات �صائبة لتمكين‬ ‫ال�شباب على التكيف مع عمليات التحديث‪ ،‬ومن‬ ‫�أبرز الدول التي قامت بذلك دولة قطر ال�شقيقة �إذ‬ ‫تطمح �إلى احتواء التغيرات التي ت�أتي بها العولمة‬ ‫وا�ستغاللها لتكون في �صف تنمية ال�شباب القطري‬ ‫حيث �أطلقت قطر �أولى ا�ستراتيجيات التنمية‬ ‫الوطنية في مار�س ‪2011‬م‪ ,‬وهذه اال�ستراتيجية‬ ‫عبارة عن خطة عمل طموحة تحتوي على برامج‬ ‫تنمية وطنية ذات �أهداف وا�ضحة لتنمية المجتمع‬ ‫القطري الفتي �إذ ت�شكل ن�سبة ال�شباب في دولة قطر‬ ‫‪ %50‬من �إجمالي ال�سكان‪ ،‬ولدعم هذه اال�ستراتيجية‬ ‫قامت الأمانة العامة للتخطيط التنموي بقطر‬ ‫بن�شر تقرير التنمية الب�شرية الثالث لدولة قطر(‬ ‫ال�ضوء على ال�شباب )‪ ،‬وير ّكز التقرير على تحديات‬ ‫التنمية التي يواجهها ال�شباب القطري و�أف�ضل‬ ‫الفر�ص المتاحة لهم والتي تقوم حكومتهم الر�شيدة‬ ‫بتوفيرها من خالل برامج التعليم و�أف�ضل خدمات‬ ‫البنية التحتية التي تلبي متطلبات ال�شباب وتقوي‬ ‫هممهم لتعزيز م�شاركتهم في قوة العمل وجعل دولة‬ ‫قطر في م�صافي الدول المتنوعة والقوية اقت�صادياً‪,‬‬

‫وذلك لأن ال�شباب بهممهم وطاقاتهم و�أفكارهم‬ ‫الإبداعية الجديدة التي يطورونها بعد احتكاكهم‬ ‫بكل ما تجلبه لهم العولمة هم �أ�سا�س بناء الدولة‬ ‫ونموها وجعلها م�ستقرة �أمنياً واقت�صادياً متح�ضرة‬ ‫فكرياً تعتمد على �سواعد �شبابها للحفاظ على ما تم‬ ‫توارثه مع �إدخال �أفكا ٍر جديدة تنا�سب ما هو متعارف‬ ‫عليه في مجتمعهم‪.‬‬ ‫النه�ضة المباركة التي قادها جاللة ال�سلطان‬ ‫قابو�س المعظم ‪ -‬حفظه اهلل‪ -‬ومنذ بدايتها �أولت‬ ‫اهتماماً بالغاً في تنمية الإن�سان �إذ يعتبر الإن�سان‬ ‫هو باني التنمية وهدفها وخ�صو�صاً الكوادر‬ ‫ال�شبابية التي لطالما �أكد جاللته (حفظه اهلل)‬ ‫�أنهم الركيزة الأولى في بناء دولة ي�شهد لها التاريخ‬ ‫بالعراقة والتطور واالزدهار‪ ،‬وي�شهد التاريخ على‬ ‫الدور الكبير الذي قام به جاللته لدعم ال�شباب‪,‬‬ ‫فقد �أ�صدر جاللته حفظه اهلل في عام ‪1971‬م‬ ‫قرا ًر ب�شراء �سفينة و�أ�سماها "�سفينة �شباب عمان"‬ ‫والتي دخلت �إلى الخدمة في البحرية ال�سلطانية‬ ‫العمانية في عام ‪1979‬م ك�سفينة تدريب على‬ ‫الإبحار ال�شراعي وقامت بالعديد من الرحالت‬ ‫حول العالم حامل ًة �شباباً عمانيين ينقلون ثقافة‬

‫(‪ )44%‬من الشباب من العاملين‬

‫في القطاع الحكومي بينما (‪)54%‬‬ ‫يعملون في القطاع الخاص و(‪)2%‬‬ ‫يعمل في القطاع العائلي أو‬ ‫األهلي‬

‫المجتمع العماني وتقاليده �إلى العالم ويتعرفون‬ ‫على ثقافات العالم المختلفة ليعودوا �إلى عمان‬ ‫بمعارف و�أفكار تخدم تنمية مجتمعهم و هذا‬ ‫ما �أكد عليه جاللته حين �أ�صدر �أوامر �سامية‬ ‫ب�إبحار �سفينة "�شباب عمان الثانية" في �شهر‬ ‫�أكتوبر ‪2015‬م لتقوم بزيارة �إلى جميع موانئ‬

‫دول مجل�س التعاون لدول الخليج العربية في‬ ‫رحلتها الدولية الأولى (�شراع التعاون ‪ ,)2015‬كما‬ ‫خ�ص�ص جاللته_ حفظه اهلل_ عام ‪1983‬م عاماً‬ ‫لل�شبيبة الأمر الذي يدل على حر�صه على ال�شباب‬ ‫العماني وتنميته و�أكد ذلك مجدداً بتخ�صي�ص عام‬ ‫‪1993‬م عاماً لل�شباب العماني‪ ,‬ويوم ‪� 26‬أكتوبر يوماً‬ ‫ل�شباب العماني داعماً بذلك �آفاق وتطلعات ال�شباب‬ ‫العماني‪.‬‬ ‫الشباب في سلطنة عمان‬

‫واقتدا ًء بجاللته _حفظه اهلل_ قامت جميع‬ ‫الجهات الحكومية والخا�صة بتنمية الكوادر‬ ‫ال�شبابية وا�ستغالل الطاقات الهائلة التي‬ ‫يحملونها في تنمية المجتمع والم�ساعدة في‬ ‫تطويره وللعمل على ذلك وجب درا�سة قيم ال�شباب‬ ‫العماني‪ ,‬و معرفة اتجاهات ال�شباب العماني‬ ‫نحو العديد من الق�ضايا مثل التعليم‪ ،‬والعمل‪،‬‬ ‫وا�ستخدام �أدوات التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ومدى‬ ‫االعتقاد ب�أهمية القيم الدينية في الحفاظ على‬ ‫ترابط الأ�سرة والمجتمع وذلك لم�ساعدة الجهات‬ ‫الحكومية منها والخا�صة في فهم االتجاهات‬ ‫التي تهم ال�شباب العماني لتنميتها والوقوف لدى‬ ‫كل تلك القيم التي قد ت�ساهم في زيادة �إنتاجية‬ ‫ال�شباب و �إحاطته بكل ال�صعوبات و المعوقات التي‬ ‫تقف في طريقهم والتغيرات الحديثة التي وفي‬ ‫بع�ض الأحيان قد ال تتنا�سب مع قيم المجتمع‬ ‫العماني‪ ,‬وهذا ما قام به المركز الوطني للإح�صاء‬ ‫والمعلومات فقد �أ�صدر في مار�س ‪2015‬م درا�سة‬ ‫بعنوان (ا�ستطالع قيم ال�شباب العماني)‪ ,‬حيث‬ ‫�شملت هذه الدرا�سة عينة حجمها ‪ 1243‬مواطنا‬ ‫عمانياً في فئة ال�شباب (‪� 29-18‬سنة) من مختلف‬ ‫محافظات ال�سلطنة وبمختلف الم�ستويات‬ ‫التعليمية من الإناث والذكور وقد �شملت العينة‬ ‫على (‪ )%43‬من ال�شباب العاملين‪ ,‬و(‪ )%25‬من‬ ‫الباحثين عن عمل‪ ,‬و(‪ )%11‬من ربات المنازل‪,‬‬ ‫و(‪ )%20‬من الطالب المفرغين للدرا�سة و(‪)%1‬‬ ‫من هم غير قادرين عن العمل‪ ,‬وبعد القيام ببع�ض‬ ‫التحليالت الإح�صائية خرج المركز الوطني‬ ‫بمجموعة من النتائج و هي كالآتي‪:‬‬


‫من ناحية العمل ات�ضح �أن (‪ )%44‬من ال�شباب هم‬ ‫من العاملين في القطاع الحكومي بينما (‪)%54‬‬ ‫منهم يعملون في القطاع الخا�ص و�أخيراً (‪)%2‬‬ ‫منهم يعمل في القطاع العائلي �أو الأهلي‪ ،‬وعند‬ ‫�س�ؤالهم عن مدى �شعورهم بالأمان الوظيفي في‬ ‫وظائفهم فقد �أجاب (‪ )%43‬منهم ب�أنهم ي�شعرون‬ ‫بدرجة كبيرة بالأمان الوظيفي‪ ،‬و(‪ )%44‬ي�شعرون به‬ ‫بدرجة متو�سطة بينما (‪ )%13‬من ال�شباب العاملين‬ ‫ي�شعرون بدرجة منخف�ضة بالأمان الوظيفي في‬ ‫وظائفهم الحالية‪ ,‬عند الأخذ بعامل القطاع الذي‬ ‫يعمل فيه ال�شباب بعين االعتبار وجد �أن (‪)%67‬‬ ‫من ال�شباب العاملين في القطاع الحكومي ي�شعرون‬ ‫بالأمان الوظيفي بدرجة عالية‪ )%28( ,‬ي�شعرون به‬ ‫بدرجة متو�سطة وفقط (‪ )%5‬ي�شعرون به بدرجة‬ ‫منخف�ضة‪ ,‬وبالن�سبة للقطاع الخا�ص ف�إن (‪ )%24‬من‬ ‫ال�شباب العاملين به ي�شعرون بدرجة عالية بالأمان‬ ‫الوظيفي و (‪ )%26‬منهم ي�شعرون بدرجة متو�سطة‬ ‫بينما (‪ )%20‬منهم ي�شعرون بالأمان الوظيفي‬ ‫بدرجة منخف�ضه ولم يتطرق اال�ستطالع �إلى‬ ‫الأ�سباب التي تدعو لذلك‪ ,‬وعند �أخذ عامل الجن�س‬ ‫بعين االعتبار �أو�ضحت النتائج �أن (‪ )%43‬من الإناث‬ ‫العامالت ي�شعرن بالأمان الوظيفي بدرجة عالية ‪,‬‬ ‫و(‪ )%42‬بدرجة متو�سطة‪ ,‬و(‪ )%15‬ي�شعرن به بدرجة‬ ‫منخف�ضة‪ ,‬بينما (‪ )%45‬من الذكور ي�شعرون بدرجة‬ ‫عالية بالأمان الوظيفي‪ ,‬و(‪ )%48‬منهم ي�شعرون‬ ‫به بدرجة متو�سطة وفقط (‪ )%7‬ي�شعرون بدرجة‬ ‫منخف�ضة بالأمان الوظيفي من الذكور‪.‬‬ ‫بعدها تم �س�ؤال ال�شباب (الباحثين عن عمل و ربات‬ ‫البيوت والمفرغين للدرا�سة) عن مدى قلقهم من‬ ‫عدم الح�صول على وظيفة في الم�ستقبل حيث‬ ‫�أكدت النتائج �أن (‪ )%60‬من ال�شباب لديهم قلق من‬ ‫عدم الح�صول على وظيفة في الم�ستقبل و (‪)%40‬‬ ‫لي�س لديهم قلق من عدم الح�صول على وظيفة في‬ ‫الم�ستقبل وعند �أخذ عامل الجن�س بعين االعتبار‬ ‫�صرحت (‪ )%60‬من الإناث عن قلقها من عدم‬ ‫الح�صول على وظيفة في الم�ستقبل بينما (‪)%40‬‬ ‫منهن لم يكن قلقات من عدم الح�صول على وظيفة‬ ‫في الم�ستقبل‪ ,‬بينما (‪ )%58‬من الذكور �أكدوا قلقهم‬ ‫من عدم الح�صول على وظيفة في الم�ستقبل و‬ ‫(‪ )%42‬منهم �أبدى عدم قلقه من عدم ح�صوله على‬ ‫وظيفة في الم�ستقبل‪.‬‬

‫القيم الدينية‪ ،‬األسرة والمجتمع‬

‫وفي نهاية اال�ستطالع �سئل ال�شباب عن دور الدين في‬ ‫حياتنا‪ ،‬فالقيم الدينية من العوامل الهامة للحفاظ‬ ‫على تما�سك الأ�سرة وترابط المجتمع ب�شكل عام‪،‬‬ ‫�أكد اال�ستطالع �أن (‪ )%97,5‬من ال�شباب يعتبرون‬ ‫القيم الدينية مهمة جدا في المحافظة على تما�سك‬ ‫الأ�سرة فيما �أجاب (‪ )%2‬منهم ب�أنها مهمة لحد ما ‪,‬‬ ‫وكانت �إجابة (‪ )%0,5‬منهم ب�أن القيم الدينية قد تكون‬ ‫غير مهمة للحفاظ على تما�سك الأ�سرة(محايد‪/‬‬ ‫غير مهمة) وحين �س�ؤالهم عن �أهمية القيم الدينية‬ ‫في ترابط المجتمع �أجاب (‪ )%93‬منهم ب�أنها مهمة‬ ‫جدا بينما �أجاب (‪ )%6,4‬منهم ب�أنها مهمه �إلى حد‬ ‫ما بينما �أجاب (‪ )%0,6‬منهم ب�أن القيم الدينية غير‬ ‫مهمة لترابط المجتمع‪.‬‬ ‫بنا ًء على هذه النتائج التي تو�صل �إليها ا�ستطالع‬ ‫المركز الوطني للإح�صاء والمعلومات وجب الإ�شارة‬ ‫�إلى وعي ال�شباب العماني الذي يحاول ب�شتى الطرق‬ ‫�أن يكون له �صوت م�سموع من الجميع ومدى تفاعله‬ ‫مع الدرا�سات التي يقوم بها المركز للتعاون يداً بيد‬ ‫مع المنظومة التي تدور حوله وت�ساهم فيها كل‬ ‫من الجهات الحكومية والخا�صة لإبراز المجتمع‬ ‫العماني كمجتم ٍع قوي ووا ٍع يواكب التطور العالمي‬ ‫ويوجه ال�شباب في الطريق ال�صحيح الذي ي�سهم بكل‬ ‫اتجاهاته في تعزيز �صورة المجتمع العماني وازدهار‬ ‫ح�ضارته جيل بعد جيل‪.‬‬ ‫المراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬التقرير ال�سنوي ل�صندوق الأمم المتحدة لل�سكان‬ ‫(‪ )97,5%‬من الشباب يعتبرون‬ ‫(حالة �سكان العالم ‪)2014‬‬ ‫القيم الدينية مهمة جدا في‬ ‫‪ -2‬تقرير التنمية الب�شرية الثالث لدولة‬ ‫المحافظة على تماسك األسرة‬ ‫قطر(‪2012‬م) "�إدماج ال�شباب في عملية التنمية" ‪,‬‬ ‫الأمانة العامة للتخطيط التنموي بقطر‪.‬‬ ‫‪ -3‬جريدة عمان‪�" ,‬سفينة �شباب عمان تبدا رحلتها‬ ‫�إلى موانئ دول مجل�س التعاون الخليجي"‪ ,‬تاريخ‬ ‫�أجاب (‪ )%25‬منهم بدرجة منخف�ضة و فقط (‪ )%5‬الن�شر ‪� 20‬أكتوبر ‪2015‬م‪.‬‬ ‫التعليم للحياة‬ ‫منهم �أجاب بدرجة منخف�ضه جداً اكت�سب هذه ‪ -4‬حقائق عن �ألمانيا‪ ,‬تم ا�سترجاعه بتاريخ ‪25‬‬ ‫نوفمبر ‪2015‬م على الرابط‪:‬‬ ‫ثم انتقل اال�ستطالع �إلى معرفة مدى �إمداد النظام المهارة من النظام التعليمي الذي قام بدرا�سته‪.‬‬ ‫‪http://www.tatsachen-ueber-deutschland.‬‬ ‫التعليمي الذي قام ال�شباب بدرا�سته ب�أهم مهارات‬ ‫التواصل االجتماعي وأدواته‬ ‫‪de/ar/society/main-content-08/demograph‬‬‫الحياة الأ�سا�سية �إذ �أن النظام التعليمي الأمثل‬ ‫وتحدث اال�ستطالع عن تكرار ا�ستخدام ال�شباب‬ ‫‪ic-trends.html‬‬ ‫لي�س فقط يمد الطالب بالمعارف والعلوم و�إنهاء‬ ‫لأدوات التوا�صل االجتماعي (كالفي�س بوك والتوتير‬ ‫‪ -٥‬ملخ�ص نتائج (ا�ستطالع قيم ال�شباب العماني)‬ ‫االختبارات بالنجاح فيها والت�أهل من مرحلة �إلى‬ ‫واالن�ستجرام وغيرها‪� )...‬أجاب (‪ )%36‬ب�أنهم ال‬ ‫مار�س ‪ ، ٢٠١٥‬المركز الوطني لالح�صاء والمعلومات‪.‬‬ ‫مرحلة �أخرى بل يحقق ما هو �أف�ضل من ذلك‬ ‫ي�ستخدمون �أدوات التوا�صل االجتماعي بينما (‪)%5‬‬ ‫فهو يمد الطالب ب�أهم المهارات الحياتية التي قد‬ ‫منهم ي�ستخدمونها مرة �أو مرتين بال�شهر‪ ،‬و(‪)%15‬‬ ‫تفيدهم في تخطيط حياتهم وتحدي ال�صعوبات التي‬ ‫للتواصل مع الكاتبة وإبداء الرأي يرجى مراسلتها على‪asma-aljamae@hotmail.com :‬‬

‫ملف العدد‬

‫الشباب والعمل‬

‫يواجهونها في جميع الظروف ومن هذه المهارات‬ ‫القدرة على التوا�صل الفعال‪ ،‬ومواجهة التحديات‬ ‫و�إيجاد الحلول واتخاذ القرارات في المواقف‬ ‫الحياتية المختلفة وجاءت النتائج كما يلي (‪)%25‬‬ ‫من ال�شباب �أكدوا �أن النظام التعليمي خلق فيهم‬ ‫مهارة التوا�صل مع الآخرين ور�ؤ�ساء العمل بدرجة‬ ‫عالية جداً ‪ )%46(,‬كانت �إجابتهم بدرجة عالية بينما‬ ‫(‪� )%14‬أجابوا بدرجة متو�سطة وجاءت �إجابة بدرجة‬ ‫منخف�ضة بن�سبة قدرها (‪ )%14‬ومنخف�ضة جداً‬ ‫بن�سبة (‪)%1‬ووعند �س�ؤالهم عن مدى �إمداد النظام‬ ‫التعليمي لهم بمهارة مواجهة التحديات في الحياة‬ ‫ال�شخ�صية والحياة العملية �أجاب (‪ )%18‬بدرجة‬ ‫عالية جداً ‪ ,‬و(‪ )%44‬بدرجة عالية ‪ ,‬بينما (‪)%19‬‬ ‫بدرجة متو�سطة‪ ,‬و(‪ )%17‬بدرجة منخف�ضة و(‪)%2‬‬ ‫بدرجة منخف�ضة جداً‪ ,‬من ثم تم �س�ؤالهم عن مدى‬ ‫�إمداد النظام التعليمي الذي خ�ضعوا له بمهارة �إدارة‬ ‫الوقت في الفراغ والعمل �أجاب (‪� )%13‬أنه بدرجة‬ ‫عالية جداً اكت�سب هذه المهارة من النظام التعليمي‬ ‫بينما (‪ )%44‬منهم �أجاب بدرجة عالية ‪ ,‬و(‪)%22‬‬ ‫�أجاب بدرجة متو�سطة‪ ,‬بينما �أجاب (‪ )%22‬منهم‬ ‫بدرجة منخف�ضة و(‪ )%3‬بدرجة منخف�ضة جداً كما‬ ‫ك�شف اال�ستطالع مدى اكت�ساب ال�شباب لمهارة اتخاذ‬ ‫القرارات في المواقف الحياتية الحقيقية من النظام‬ ‫التعليمي �أجاب (‪ )%13‬منهم بدرجة عالية جدا‬ ‫بينما �أجاب (‪ )%40‬بدرجة عالية ‪ ,‬و(‪ )%25‬بدرجة‬ ‫متو�سطة‪ ,‬و�أجاب (‪ )%18‬منهم بدرجة منخف�ضة‬ ‫فيما (‪� )%3‬أجاب بدرجة منخف�ضة جداً‪ ,‬و�أخيرا تم‬ ‫�س�ؤال ال�شباب عن مدى اكت�سابهم مهارة التعامل مع‬ ‫الخالفات و�إيجاد حلول للخالفات الأ�سرية والعملية‬ ‫�أجاب(‪ )%14‬اكت�سبوا هذه المهارة من النظام‬ ‫التعليمي بدرجة عالية جداً بينما �أجاب (‪ )%36‬منهم‬ ‫بدرجة عالية و(‪� )%20‬أجابوا بدرجة متو�سطة فيما‬

‫منهم ي�ستخدمونها مرة �أو مرتين بالأ�سبوع‪ ،‬و(‪)%15‬‬ ‫منهم ي�ستخدمونها مرة �أو مرتين في اليوم‪ ،‬و(‪)%17‬‬ ‫ي�ستخدمونها �أكثر من مرة �أو مرتين في اليوم‬ ‫بينما (‪ )%12‬منهم �صرح ب�أنه ال ي�ستغنى عنها �إذ‬ ‫ي�ستخدمها على الأقل مرة كل �ساعة!!! الأمر الذي‬ ‫يدل على �إدمان بع�ض �شبابنا على �أدوات التوا�صل‬ ‫االجتماعي ب�شكل كبير وت�أثرهم بها‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫مقال‬

‫‪14‬‬

‫مريم بنت موسى الزدجالية‬

‫كيف نرتقي لذروة القيادة؟‬ ‫} َو ْاخف ْ‬ ‫اح َك ِل َم ِن ا َّت َب َع َك مِ َن ا ْل ُم ْ�ؤمِ ن َ‬ ‫ِين{ مع �إن ما يحدث في الغرب هو العك�س بحيث‬ ‫ِ�ض َج َن َ‬ ‫ال�شعراء ‪215:‬‬ ‫يتم انتقاء المتميزين في مختلف االخت�صا�صات‬ ‫ا�ستفتح مقالي هذه المرة ب�آية تخت�صر ليبدعوا في العطاء‪ ،‬ليكون العائد �أكبر‪.‬‬ ‫معاني التوا�ضع‪ ،‬وتهدينا �س ّرا من �أ�سرار نجاح‬ ‫القادة‪ ،‬وقد جاء اختياري لهذا المو�ضوع ولالرتقاء في �سلم القيادة يجب �أن ندرك‬ ‫تحديدًا بعدما ُ�سئلت م�ؤخ ًرا من قِبل مدربٍ ع َّما تما ًما �أن هناك �صفات محدّدة يجب �أن يت�صف‬ ‫�أطمح �إليه في م�ستقبلي المهني؟ فكانت �إجابتي بها ال�شخ�ص لي�صل لذروة القيادة‪ .‬وكما �أ�شرت‬ ‫( �أن �أكون قائدة ناجحة في اخت�صا�ص عملي)‪� .‬ساب ًقا ب�أن القيادة تتمحور في كيفية الت�أثير‬ ‫بالن�سبة لي كانت تلك الإجابة مختلفة عن على الآخرين‪ ،‬لذا يجب �أن ندرك الأ�سباب التي‬ ‫المرات ال�سابقة‪ ،‬ومبنية على خبرتي المتوا�ضعة تجعل النا�س ي�ؤمنون ب�أننا قادة عظماء‪ ،‬و�أن‬ ‫في التعامل‪ ،‬والتوا�صل مع قادة ذوي م�ستويات لدينا القدرة على توجيههم �إلى الم�سار الذي‬ ‫أ�سي�سا على المعرفة يحقق �أهدافهم‪ .‬وبنا ًء على كتاب (الم�ستويات‬ ‫متباينة في الخبرة‪ .‬وت� ً‬ ‫العلمية فقد ات�ضح لي � ّأن الآراء تختلف حول الخم�سة للقيادة) للكاتب جون ماك�سويل الحائز‬ ‫مفهوم القيادة في مجتمعاتنا ومت�أثرة للأ�سف على جائزة نوبل للآداب‪ ،‬ف�إنه ي�صف لنا ب�أن‬ ‫بالموروثات الفكرية القديمة و�إن القائد في �أرقى م�ستويات القيادة هو (�أن يتبعك النا�س‬ ‫معظم الأحيان يكون في نظرهم هو من يتبعه لأنك �أنت وما تمثله لهم)‪ .‬هذا لي�س ً‬ ‫دليل ب�أن‬ ‫النا�س لقوته‪ ،‬و�سلطته‪ ،‬و�إن القيادة مقت�صرة القادة في الم�ستويات الأربعة الأخرى لي�سوا‬ ‫على فئة معينة من النا�س دون غيرهم‪.‬‬ ‫بقادة جيدين‪ ،‬ولكن ناد ًرا ما ي�صل �شخ�ص‬ ‫ولكي ت�صبح قائدًا فعاال في محيطك ح�سب للم�ستوى الخام�س‪ ،‬لذا فهم يعتبرون من نخبة‬ ‫المفاهيم العلمية يجب �أن تمتلك فن الت�أثير القادة‪.‬‬ ‫في الأ�شخا�ص‪ ،‬وتوجيههم �إلى الطريق ال�صحيح وي�شير جيم كولينز �أي�ضاً ب�أن ال�شركات الكبرى‬ ‫الذي من خالله تك�سب احترامهم‪ ،‬وطاعتهم‪ ،‬يكمن �س ّر نجاحها وراء وجود قادة من الم�ستوى‬ ‫وتعاونهم‪ ،‬وبالتالي تحقق الهدف الذي تطمح الخام�س لديها‪ .‬فهم يتميزون في �صفاتهم‬ ‫�إليه‪ .‬وال نن�سى �أن القيادة هي �إحدى �صور بالجمع بين التوا�ضع‪ ،‬والإرادة العالية‪ ،‬ودائماً‬ ‫تحقيق العدالة �سواء في المجتمعات الب�شرية‪ ،‬نراهم متعاونين يدًا بيد مع فريق عملهم دون‬ ‫�أو في بيئات العمل المختلفة‪ ،‬فمن دونها ال يتم �أن يتحدثوا عن �أدوراهم‪ ،‬ومنا�صبهم‪ .‬فالقائد‬ ‫تحقيق الأهداف‪ ،‬وحل الخالفات‪.‬‬ ‫النموذجي ي�سعى با�ستمرار �إلى منح الفر�ص‬ ‫لموظفيه لإخراج مواهبهم‪ ،‬و�إبداعاتهم‪ .‬وقد‬ ‫وال�س�ؤال المثار هنا (هل كل الأفراد ي�صلحون ذكر الكاتب الأمريكي ال�شهير �ستيفن كوفي في‬ ‫لتولي القيادة؟) ‪ ،‬هناك اعتقاد انت�شر في كتابه (القيادة على �ضوء المبادئ) �إن القائد‬ ‫الما�ضي ب�أن (القادة يولدون وال ي�صنعون) الحقيقي ينظر �إلى الحياة كر�سالة‪ ،‬ومهمة ال‬ ‫غير � ّأن التاريخ بعدها �أثبت العك�س‪ ،‬فمع تطور كمهنة‪ .‬ال ت�ؤثر عليهم الألقاب �أو الإخفاقات‬ ‫العلم ا�ستطاع الكثير �صقل مواهبهم القيادية بل بالعك�س فهم يرون �أنهم كلما توا�ضعوا‬ ‫لي�صبحوا بالفعل قادة متميزين‪ .‬والقيادة �إرتقوا‪ ،‬وكلما �أخفقوا جعلوا من ذلك بداية‬ ‫مرتبطة بالظروف‪ ،‬والمواقف المحيطة‪ ،‬للنجاح‪ .‬والأهم من كل ذلك فهم ي�ؤمنون �أن‬ ‫فهناك من ي�صلح �أن يكون قائدًا لمرحلة معينة‪ ،‬نجاح �شخ�ص معين ال يعني ف�شل الآخر‪ ،‬لذا‬ ‫وال يكون منا�س ًبا في مرحلة غيرها‪ .‬ومن فهم يمنحون الثقة لمن حولهم‪ ،‬وي�ضعون‬ ‫الغريب دائما في مجتمعاتنا العربية نرى ب�أنه معظم اهتمامهم في تطوير‪ ،‬وقيادة الآخرين‪.‬‬ ‫يتم تدريب من ال ي�صلح للقيادة ليكونوا قادة‪ ،‬ه�ؤالء القادة في النهاية هم من يجلبون النجاح‬

‫لم�ؤ�س�ساتهم لأنهم ك�سبوا احترام‪ ،‬وثقة من‬ ‫يعملون فيها‪ .‬وفي القليل من المنظمات نرى‬ ‫نماذج له�ؤالء النخبة ممن ي�صنعون التحول‪،‬‬ ‫واالنتقال من الأداء المتو�سط �إلى المتميز‪.‬‬ ‫فما كنا نراه �سائدًا خالل الثورة ال�صناعية من‬ ‫ال�سيطرة على الموظفين‪ ،‬و�أ�ساليب الخ�ضوع‬ ‫لأوامر الرئي�س باتت تتال�شى‪ ،‬وال تجدي نف ًعا‬ ‫في زمن التطور‪ ،‬والأعمال اليوم‪.‬‬ ‫�إذ ي�ؤكد لنا �ستيفن كوفي ب�أن (جوهرة القيادة‬ ‫تكمن في �إ�شعار النا�س بقيمتهم‪ ،‬و�إمكانياتهم‬ ‫ب�شكل وا�ضح �إلى الدرجة التي تجعلهم يرون‬ ‫هذه القيمة‪ ،‬والإمكانيات في �أنف�سهم)‪ .‬وت�شير‬ ‫الكثير من الدرا�سات �إن التعامل الإن�ساني هو‬ ‫العن�صر الأهم في القيادة الناجحة‪ ،‬ومن خالله‬ ‫يكت�سب القائد والء موظفيه‪ ،‬وا�ستمراريتهم‬ ‫للعمل في المنظومة لفترة �أطول‪ .‬فالقادة‬ ‫العظماء بد�أوا م�سيرتهم لي�س بتحديد (�إلى‬ ‫�أين متوجهون؟) بل (من �سيكون معهم؟)‬ ‫للو�صول �إلى القمة بنجاح‪ .‬فالقائد بمفرده ال‬ ‫ي�ستطيع النهو�ض بالم�ؤ�س�سة‪ ،‬بل الأ�شخا�ص من‬ ‫حوله ي�سهمون في تحقيق النتائج الملمو�سة‪.‬‬ ‫ومثاال على القائد المتوا�ضع الذي ترك �أث ًرا‬ ‫في ماليين من الب�شر نبينا الم�صطفى محمد‬ ‫(�صلى اهلل عليه و�سلم)‪ ،‬فنراه يجال�س ال�صغير‪،‬‬ ‫والكبير‪ ،‬وي�سمع منهم بل‪ ،‬ويولي ال�شباب‬ ‫م�س�ؤولية قيادة الجيو�ش‪ .‬كان يبغ�ض المظاهر‬ ‫الكاذبة‪ ،‬والتفاخر‪ ،‬ويخاطب قيا�صرة الروم‪،‬‬ ‫و�أكا�سرة الفر�س بكل توا�ضع‪ ،‬ولن نجد قائدا‬ ‫اجتمعت فيه كل �صفات القيادة كمثل ر�سول‬ ‫اهلل‪ .‬ونرى عبر التاريخ رجاال تميزوا بقيادتهم‬ ‫نظ ًرا لب�ساطتهم مثل المهاتما غاندي الذي‬ ‫ك ّر�س حياته ل�شعبه‪ ،‬وبلده‪ ،‬وابتعد كل البعد‬ ‫عن مظاهر ال�سلطة‪ ،‬والقوة بل ا�ستخدم �سالح‬ ‫الحب لك�سب قلوب الآخرين‪ ،‬فنجد النا�س من‬ ‫مختلف الأديان تتبعه‪ ،‬وت�سانده‪ .‬فمثلما كان‬ ‫يتحلى بعزيمة فوالذية‪ ،‬فهو في الوقت ذاته كان‬ ‫مر ًنا في التعامل‪. .‬‬

‫للتواصل مع الكاتبة وإبداء الرأي يرجى مراسلتها على‪omandaily14@hotmail.com :‬‬


‫مقال‬

‫محمد الحمزة ‪ /‬الرياض‬

‫التَّ سامح ‪ ..‬رؤية سوسيولوجية‬ ‫يعتبر ال ّت�سامح �أحد المبادئ والقيم الإن�سانية‪ ،‬وهو‬ ‫يعني ن�سيان الما�ضي الم�ؤلم بكامل �إرادتنا والتخلي عن‬ ‫�سبب كان‪ ،‬وهو رغبة قويّة‬ ‫رغبتنا في �إيذاء الآخرين ل ّأي ٍ‬ ‫في ر�ؤية مزايا ال ّنا�س ً‬ ‫بدال من �أن نحكم عليهم ونحاكمهم‬ ‫�أو ندين �أحداً منهم‪ ،‬وال ّت�سامح هو ّ‬ ‫ال�شعور بالرّحمة‬ ‫وال ّتعاطف والحنان‪ ،‬ويعني �أي�ضاً اتخاذ موقف �إيجابي‪ ،‬فيه‬ ‫�إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوق الإن�سان وحرياته‬ ‫الأ�سا�سية‪ ،‬وح�سب �إعالن مبادئ الت�سامح الذي �صدر عن‬ ‫اليون�سكو (�إن الت�سامح يعني االحترام والقبول والتقدير‬ ‫للتنوّع الثري لثقافات عالمنا ولأ�شكال التعبير ولل�صفات‬ ‫الإن�سانية لدينا‪ ،‬ويتعزز هذا الت�سامح بالمعرفة واالنفتاح‬ ‫واالت�صال وحرية الفكر وال�ضمير والمعتقد‪ )..‬وت�أ�سي�ساً‬ ‫على ذلك فالت�سامح يعني الوئام في �سياق االختالف‪،‬‬ ‫وهو لي�س واجباً �أخالقياً وح�سب؛ و�إنما هو واجب �سيا�سي‬ ‫وقانوني‪ ،‬الأمر الذي يعني قبول وت�أكيد فكرة التعددية‬ ‫وحكم القانون والديمقراطية ونبذ الدوغماتية والتع�صب‪.‬‬ ‫الت�سامح و ّ‬ ‫اللعنف‪..‬‬ ‫الت�سامح لي�س ل�صيقاً بتراث �أو مجتمع بعينه؛ بل‬ ‫يمتد عبر الع�صور‪ ،‬وهو لي�س �أيديولوجيا كاال�شتراكية‬ ‫�أو القومية‪ ،‬بل هو جزء من منظومة ثقافية عامة‪،‬‬ ‫ففي التاريخ الحديث؛ اقترنت فكرة الت�سامح با�سم‬ ‫(فولتير) التي بحث فيها وروّج لها ودافع عنها‪ ،‬وكان‬ ‫يبّ�شر ب�ضرورة تحمل الإن�سان للإن�سان الآخر فك ّلنا ب�شر‬ ‫�ضعفاء ومعر�ضون للخط�أ‪ ،‬وعلينا �أن ن�أخذ بع�ضنا البع�ض‬ ‫بالت�سامح ‪ ،‬ولقد ترك (غاندي) ت�أثيراته الكبرى على‬ ‫ما �سمّي بحركة ّ‬ ‫(اللعنف �أو المقاومة ال�سلمية) والتي‬ ‫يمكنها �أن تواجه وتتحدى من خالل �سالح المقاومة‬ ‫بالإ�ضراب عن الطعام واالحتجاج واالعت�صام والت�سامح‪،‬‬ ‫الأمر الذي دفع ُدعاة الم�ساواة والحقوق المدنية لل�سود‬ ‫في �أمريكا �إلى ا�ستلهام �أ�ساليب الن�ضال التي �أبدع فيها‬ ‫غاندي وكان (مارتن لوثر كينج ) من �أبرز الزعماء‬ ‫ال�سود الذين ت�أثروا به‪ ،‬و�شخ�صية مثل (نيل�سون‬ ‫مانديال) الذي مكث في ال�سجن ‪ 27‬عاما وقاد مقاومة‬ ‫�سلمية �ضد نظام التمييز العن�صري (االبارتايد) كان قد‬ ‫�أم�سك بمفتاح الت�سامح بعد مفتاح المقاومة ال�سلميّة‪،‬‬ ‫فاتحاً �صفحة جديدة في ن�ضال �شعب جنوب �إفريقيا‪،‬‬ ‫مقدماً نموذجاً مهماً للعدالة االنتقالية من خالل ك�شف‬ ‫الحقيقة وتحديد الم�س�ؤولية وجبر ال�ضرر وتعوي�ض‬ ‫ال�ضحايا و�إ�صالح النظام القانوني والم�ؤ�س�سي‪ ،‬والأهم‬ ‫من كل ذلك ن�شر فكرة الت�سامح وعدم اللجوء �إلى الث�أر‬ ‫�أو االنتقام �أو العنف‪.‬‬

‫الت�سامح عند جون لوك‪..‬‬ ‫والت�سامح ا�صطالحاً يعود �إلى تطور الفل�سفة الغربية في‬ ‫القرنين ال�سابع والثامن ع�شر‪ ،‬وبخا�صة ما �سمي بفل�سفة‬ ‫التنوير‪ ،‬وذلك بعد بروز وتطور النزعة الإن�سانية المعتمدة‬ ‫على العقل‪ ،‬فقد راج هذا الم�صطلح راج في الع�صر الحديث‬ ‫وخ�ص�صت اليون�سكو يوم ‪ 15‬ت�شرين الثاني (نوفمبر) من‬ ‫كل عام يوماً للت�سامح على الم�ستوى العالمي منذ العام‬ ‫‪1995‬م‪ ،‬ويعتبر الت�سامح والت�ساهل الفكري من الم�صطلحات‬ ‫والمفاهيم المثيرة للجدل والتي ُت�ستخدم في ال�سياقات‬ ‫االجتماعية والثقافية والدينية لو�صف مواقف واتجاهات‬ ‫تت�سم باالحترام المتوا�ضع �أو غير المبالغ فيه لممار�سات‬ ‫و�أفعال �أو �أفراد نبذتهم الغالبية العظمى من المجتمع‪،‬‬ ‫ومن الناحية العملية يعبّر لفظ (الت�سامح) عن دعم تلك‬ ‫الممار�سات والأفعال التي تحظر التمييز العرقي والديني‪.‬‬ ‫وفي بريطانيا �صدرت مجموعة تف�صيلية وم�ؤثرة من‬ ‫الكتابات التي دارت حول الت�سامح �أثناء وعقب الحروب‬ ‫الأهلية الإنجليزية المدمرة؛ فقد اقترح (جون لوك) في‬ ‫كتابه (ر�سالة في الت�سامح) نظرية �أكثر تف�صي ًال وتنظيماً؛‬ ‫ا�شتملت على مبد�أ الف�صل بين الكني�سة والدولة‪ ،‬والذي‬ ‫�شكل حجر الأ�سا�س لمبادئ الديمقراطية الد�ستورية‬ ‫الم�ستقبلية‪ ،‬وكانت هذه الر�سالة من واقع ظروف و�أحوال‬ ‫المجتمع االنجليزي ‪�-‬آن ذاك‪ -‬والذي �شهد �صراعا حادا‬ ‫بين البروت�ستانت والكاثوليك‪ ،‬لكن الر�سالة فيها ما يتجاوز‬ ‫ذلك الواقع وتلك الظروف و�صوال �إلى ما هو �إن�ساني عام‪،‬‬ ‫وكان قانون الت�سامح البريطاني لعام ‪1689‬م هو الح�صاد‬ ‫ال�سيا�سي للجهود المبذولة من قبل وا�ضعي النظريات حول‬ ‫فكرة الت�سامح‪ ،‬فكان هذا القانون �ضرورة �سيا�سية �أف�سحت‬ ‫المجال لتطور تاريخ الت�سامح الذي �ساهم بدوره في تحقيق‬ ‫مزيد من اال�ستقرار ال�سيا�سي في الجزر البريطانية‪ ،‬وقد‬ ‫حققت محاوالت (توما�س جيفر�سون) وغيره من المفكرين‬ ‫لإدراج نظريات لوك الخا�صة بالت�سامح في د�ستور الواليات‬ ‫المتحدة الأمريكية نجاحاً مثيراً للجدل‪.‬‬ ‫الت�سامح في التراث العربي والإ�سالمي‪..‬‬ ‫وفي العالم العربي والإ�سالمي ما زال مفهوم الت�سامح‬ ‫قليل القبول لدى �أو�ساط وا�سعة‪ ،‬وربما نظرت �إليه بع�ض‬ ‫االتجاهات الإق�صائية على �إنه (فكر م�ستورد) خ�صو�صاً مع‬ ‫خلط المفاهيم بالنزعات التغريبية وت�صويرها باعتبارها‬ ‫ا�ستتباع وا�ستجداء للآخر الخارجي الأجنبي المختلف‪ ،‬مع‬ ‫�إن اهلل تعالى قال في كتابه الكريم‪} :‬و َ​َل َي�أْ َت ِل �أُ ُولو ا ْل َف ْ�ض ِل‬ ‫ِم ْن ُك ْم وَال�سَّ َع ِة �أَ ْن ُي ْ�ؤ ُتوا �أُو ِلي ا ْل ُق ْربَى وَا ْلمَ�سَا ِكي َن وَا ْل ُم َه ِاج ِري َن‬ ‫الل َو ْل َي ْع ُفوا َو ْليَ�صْ َفحُ وا �أَ َل ُت ِحبُّو َن �أَ ْن َي ْغ ِف َر َّ ُ‬ ‫الل‬ ‫ِفي � َس ِبي ِل َّ ِ‬

‫للتواصل مع الكاتب وإبداء الرأي يرجى مراسلتها على‪mhamza22@hotmail.com :‬‬

‫‪15‬‬ ‫َل ُك ْم و َّ ُ‬ ‫َالل َغ ُفو ٌر ر َِحيمٌ{النور ‪ .22‬وقال تعالى مخاطباً‬ ‫ر�سوله الأكرم ب�أن يعفو عن الم�سلمين‪َ :‬‬ ‫}ف ِبمَا رَحْ َم ٍة ِّم َن‬ ‫الل ِل َنت َل ُه ْم و َ​َل ْو ُك َنت َف ًّظا َغ ِل َ‬ ‫يظ ا ْل َق ْل ِب َلن َف ُّ�ضوا ِم ْن‬ ‫َّ ِ‬ ‫*‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫حَ ْو ِلك * فاع ُْف َع ْن ُه ْم وَا�سْ َّ ت ْغ ِف ْر ل ُه َّْم َ وَ�شا ِو ْر ُه ْم ِفي أال ْم ِر *‬ ‫َف ِ�إ َذا َع َزم َْت َف َت َو َّك ْل َعلَى الل ِ* ِ�إ َّن الل ي ُِحبُّ ا ْل ُم َت َو ِّك ِلي َن{ �آل‬ ‫عمران‪ ،159 -‬والمت�أمل في التاريخ الإ�سالمي يجد ما فعله‬ ‫النبي الأكرم محمد ‪� -‬صلى اهلل عليه و�سلم ‪ -‬مع �أهل مكة‬ ‫في يوم الفتح بعد �أن تح َّقق له الن�صر‪ ،‬ف�ص َّلى في البيت‬ ‫ً‬ ‫�صفوفا ينتظرون‬ ‫ثم خرج وقري�ش قد ملأت الم�سجد‬ ‫ماذا ي�ص َنع بهم‪ ،‬فقال لهم �صلى اهلل عليه و�سلم‪ :‬يا مع�شر‬ ‫قري�ش‪ ،‬ما ترون �أني فاعل بكم؟‪ ،‬قالوا‪ :‬خيراً‪� ،‬أخ كريم‪،‬‬ ‫وابن اخ كريم‪ .‬قال‪ :‬ف�إني �أقول لكم كما قال يو�سف لإخوته‪:‬‬ ‫ال تثريب عليكم اليوم‪ ،‬اذهبوا ف�أنتم الطلقاء‪ ،‬وقد ان�ض َّم‬ ‫لهذا الموقف النبيل العظيم ُ‬ ‫مواقف فردية في العفو عن‬ ‫بع�ض زعماء قري�ش‪ ،‬بل و�إكرامهم؛ كالعفو عن �أبي �سفيان‪،‬‬ ‫و�صفوان بن �أمية‪ ،‬وعكرمة بن �أبي جهل‪ ،‬رغم ما فعلوه من‬ ‫جرائم ب�شعة‪ ،‬ولكنه الت�سامح في �أبهى �صوره‪ ،‬وحبُّ الخير‬ ‫َ‬ ‫للخ ْلق‪ ،‬و�إعانتهم على الحق‪ ،‬والتجرد من �أهواء النفو�س‪،‬‬ ‫والتعالي عن رغبات الث�أر واالنتقام وحقنا للدماء‪.‬‬

‫الت�سامح في عُ مان‪..‬‬ ‫التاريخ العماني ‪-‬القديم والحديث ‪ -‬يحمل لنا �أمثلة و�شواهد‬ ‫عديدة على الت�سامح والم�ساواة والعدل‪ ،‬فيروي لنا خبر‬ ‫االتفاقية التي عقدها (الإمام نا�صر بن مر�شد اليعربي)‬ ‫مع ممثل الإنجليز (فليب وايلر) عام ‪1642‬م حول تنظيم‬ ‫التجارة بين عمُان و�شركة الهند ال�شرقية الإنجليزية؛ حيث‬ ‫�أذن الإمام لهم بممار�سة طقو�س ديانتهم الم�سيحية في عمُان‪،‬‬ ‫ومع �إ�شراقة النه�ضة المباركة في عام ‪ 1970‬م بقيادة ال�سلطان‬ ‫قابو�س بن �سعيد عملت �سلطنة عمُان بدون هوادة على �إر�ساء‬ ‫قواعد العدل والم�ساواة بين المواطنين كافة‪ ،‬فر�سخت مبادئ‬ ‫الت�سامح والإخاء‪ ،‬والتكافل المتجذرة في ثقافة المجتمع‬ ‫العماني‪ ،‬ودعمت ذلك ب�سل�سلة من القوانين والإجراءات‬ ‫لإقرار الحقوق الأ�سا�سية للجميع بدون تمييز‪ ،‬كما �أنه لي�س‬ ‫لأحد ف�ضل على �أحد في عمان �إال بالمواطنة ال�صالحة‪.‬‬ ‫لذا ف�إن ٌ‬ ‫حمل كبير على عاتق المثقفين العمانيين و�أمانة‬ ‫كبيرة في �إبراز قيم ومبادئ الت�سامح والتعاي�ش وال�سالم‬ ‫التي يحيونها‪ ،‬وعلى الباحثين من علماء االجتماع وغيرهم‬ ‫االلتفات للحالة العمانية وتقديمها كنموذج عالمي ي�ستحق‬ ‫الإ�شادة واال�ستفادة منه في بناء ثقافة الت�سامح و�أثر ذلك‬ ‫على الفرد والمجتمع العماني‪ ،‬ودورها في تنمية وازدهار‬ ‫وا�ستقرار ال�سلطنة‪.‬‬


‫تجربة‬

‫مؤشرات‬

‫تجارب عالمية‬

‫تجارب العمل التطوعي‬

‫تجربة تعرضها‪ :‬زبيدة بنت علي البلوشية‬

‫‪16‬‬

‫يعتبر العمل التطوعي رمزا من رموز ازدهار األمم‪ ،‬وتقدمها‪ ،‬ومطلب مهم نحو حياة معاصرة‪ ،‬فكلما انخرطت الدول في العمل‬

‫التطوعي زاد رقيها وتقدمها‪ ،‬وفي اآلونة األخيرة شهد العمل التطوعي اهتماما ودعما كبيراً من قبل الكثير من الدول‪ ،‬وأصبح محور‬ ‫اهتمام لكثير من األشخاص‪ ،‬والذين أسسوا جماعات‪ ،‬وفرق لدعم‪ ،‬وتشجيع العمل التطوعي بمختلف مجاالته‪ ،‬حيث إن تزايد الطلب‬

‫على الخدمات االجتماعية نوعاً وكماً ‪ ،‬أصبح يشكل تحدياً أمام الحكومات‪ ،‬مما يتطلب وجود جهات مساندة تدعم الجهود الحكومية‪.‬‬

‫تعد الهيئات التطوعية مف�ضلة على الهيئات‬ ‫الر�سمية عند الكثير في المجتمعات‪ ،‬نظرا‬ ‫لعدم تعقدها في تقديم الخدمات‪ ،‬كما �إن‬ ‫المتطوع عندما يقدم وقته‪ ،‬وخدماته طوعاً‬ ‫يعتبر �أدا�ؤه �أف�ضل من الموظفين مدفوعي‬ ‫الأجر‪ ،‬كما ان الدرا�سات ت�شير �أن التكلفة‬ ‫غير المبا�شرة لخدمات القطاع الحكومي في‬ ‫المجال االجتماعي تزيد عن (‪ )%70‬بينما هي‬ ‫لدى التنظيمات التطوعية الجماعية ال تتجاوز‬ ‫(‪ ،)%10‬لذا نجد �أن هنالك توجه كبير من قبل‬ ‫حكومات بع�ض الدول على دعم العمل التطوعي‬ ‫بمختلف مجاالته‪ ،‬ويت�ضح ذلك من خالل‬ ‫الدعم والم�ساندة والتغطية الإعالمية الكبيرة‬ ‫للأعمال التطوعية‪ ،‬باعتبارها �شكال من �أ�شكال‬ ‫الم�شاركة ال�شعبية‪ ،‬لي�س فقط لتح�سين م�ستوى‬ ‫تقديم الخدمات ولكن �أي�ضاً لتعزيز‪ ،‬وتقوية قيم‬ ‫الترابط بين �أفراد المجتمع‪ ،‬وزيادة الخدمات‬ ‫التي تقدم �إليهم وا�ستمراريتها‪.‬‬ ‫وفي هذه الزاوية �سوف نعر�ض تجربة �أحد‬ ‫الدول في مجال الأعمال التطوعية‪:‬‬ ‫ألمانيا‪:‬‬

‫يعد العمل التطوعي ظاهرة في المجتمع‬ ‫الألماني نظراً للأعداد الكبيرة التي تنخرط‬ ‫في الجمعيات النا�شطة في مجاالت الخدمات‬ ‫الإن�سانية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والثقافية‪ .‬وت�شير‬ ‫بع�ض الإح�صائيات �إلى �أن نحو ‪ 45%‬من الألمان‬ ‫ممن تتجاوز �أعمارهم ‪ 15‬عاما ينخرطون في‬ ‫�أعمال تطوعية مختلفة‪ ،‬كما تكثر الجمعيات‬ ‫الألمانية التي تن�شط في الخارج‪ ،‬والتي تر�سل‬ ‫متطوعين لالنخراط في مجاالت �شتى‪،‬‬ ‫كتقديم الخدمات ال�صحية في عدد من الدول‬ ‫التي تعاني من ويالت الحروب‪� ،‬أو الكوارث‬ ‫البيئية‪ ،‬وتطرح هذه المنظمات �شعار (قدرات‬ ‫مختلفة‪...‬فر�ص متعددة)‪ ،‬من �أجل الحث على‬ ‫الإقبال على الأعمال التطوعية واكت�ساب مزيد‬ ‫من المعارف‪.‬‬ ‫وت�شكل الأندية والمراكز ال�شبابية بوابة رئي�سة‬ ‫ال�ستقطاب المتطوعين ال�شباب في �ألمانيا‪،‬‬ ‫حيث ت�شير بع�ض الدرا�سات �إلى �أن ربع ال�شباب‬ ‫في �ألمانيا ينتظمون في نحو ‪ 900‬اتحاد‪،‬‬

‫ومنظمة �شبابية‪ .‬ومن هذه المنظمات اتحاد‬ ‫ال�شباب الألماني‪ ،‬وحلقة الك�شافة الألمان‪� ،‬أما‬ ‫�أكبر منظمات ال�شباب في �ألمانيا من حيث‬ ‫عدد المنت�سبين فهي منظمة ال�شباب الريا�ضي‬ ‫الألمانية‪.‬‬ ‫ومن �أ�شهر المنظمات التطوعية الألمانية هي‬ ‫منظمة (التكفير عن الذنب من خالل خدمة‬ ‫ال�سالم)‪� ،‬إذ �أنها لم تنح�صر على البعد التقليدي‬ ‫للأعمال التطوعية‪ ،‬بل تعدّته �إلى مفهوم �آخر‬ ‫يرتبط بالتاريخ‪ ،‬والحروب والويالت التي مرت‬ ‫بها المانيا‪ ،‬فجاءت هذه المنظمة لت�ستخل�ص‬ ‫الدرو�س‪ ،‬والعبر من هذا الما�ضي‪ ،‬وجعلت‬ ‫هدفها الرئي�سي يكمن في تعزيز �أوا�صر المحبة‪،‬‬ ‫وال�سالم بين �أفراد ال�شعوب‪ ،‬والعمل على ن�صرة‬ ‫ال�ضعفاء من �أبناء الطبقات ال�ضعيفة في‬ ‫المجتمعات‪ ،‬وتحتفل هذه المنظمة في ‪30‬‬ ‫ابريل بعيد ميالدها الخم�سين‪� ،‬إذ تعود جذور‬ ‫ت�أ�سي�سها �إلى لوثر كري�سيج‪ ،‬الذي تقدم في‬ ‫‪ 30‬ابريل ‪ ،1958‬بطلب �إلى الم�ؤتمر الكن�سي‬ ‫الإنجيلي في �ألمانيا لت�أ�سي�س منظمة تعنى‬ ‫بتعزيز مظاهر الوفاق‪ ،‬والت�صالح مع البلدان‪،‬‬ ‫وال�شعوب التي وقعت �ضحايا لفظائع الحرب‬ ‫النازي‪.‬‬ ‫وتر ّكز هذه المنظمة �أي�ضا على مواجهة‬ ‫مظاهر العداء للأجانب في �ألمانيا‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل القيام بحمالت تطوعية م�شتركة بين‬ ‫متطوعين �ألمان‪ ،‬ومتطوعين من ذوي �أ�صول‬ ‫مهاجرة‪ ،‬ليكون ه�ؤالء المتطوعون في النهاية‬ ‫�سفراء للتعاي�ش‪ ،‬والت�سامح بين �أفراد المجتمع‬ ‫الواحد على اختالف منابتهم وم�شاربهم‪.‬‬ ‫تجربة بريطانيا‪:‬‬

‫يعد العمل التطوعي في بريطانيا �شريكا فاعال‬ ‫يخ�ص برامج‬ ‫للقطاع العام‪ ،‬والخا�ص فيما‬ ‫ّ‬ ‫التنمية ب�شكل عام‪ ،‬ف�سعت بريطانيا الى غر�س‬ ‫ثقافة العمل التطوعي من خالل مناهجها‪،‬‬ ‫وان�شطتها المدر�سية‪ ،‬باعتباره عامال مهما‬ ‫في تزويد الفرد بمهارات مهمه تفيده مهنيا‬ ‫م�ستقبال‪ ،‬لذا يوجد ببريطانيا اكثر من ‪350‬‬ ‫�ألف جمعية تطوعية‪ ،‬كما �أن الإح�صاءات تو�ضح‬ ‫�أن ‪ 22‬مليون �شخ�ص ي�شاركون بالعمل التطوعي‬

‫ب�شكل ر�سمي كل عام في المملكة المتحدة‪ ،‬وتبلغ‬ ‫عدد �ساعات العمل التطوعي الر�سمي ‪� 90‬ساعة‬ ‫عمل في الأ�سبوع‪ ،‬وتقدر القيمة االقت�صادية‬ ‫للتطوع الر�سمي بـ‪ 40‬مليار جنيه �إ�سترليني‬ ‫�سنويا‪.‬‬ ‫وتمتاز منظمات العمل التطوعي في بريطانيا‬ ‫ب�أنها م�ستقلة عن الجهاز الحكومي‪ ،‬ومع هذا‬ ‫اال�ستقالل ف�إن العالقة بين الحكومة والقطاع‬ ‫التطوعي تت�صف باالن�سجام والثقة‪ ،‬و�إن�شاء‬ ‫منظمات خيرية تطوعية في بريطانيا حق‬ ‫مطلق لجميع �أفراد المجتمع‪ ،‬وال يمكن لأي‬ ‫جهة الوقوف �ضده‪� ،‬شريطة �أن يتفق مع قوانين‬ ‫العمل التطوعي في الدولة‪ ،‬وهي قوانين مرنة‬ ‫ومتاحة‪.‬‬ ‫وتوجد داخل القطاع التطوعي البريطاني‬ ‫منظمات خيرية عمالقة تعمل على تطوير‬ ‫القطاع التطوعي بالتدريب‪ ،‬والبحث‪،‬‬ ‫والدرا�سات‪ ،‬وبناء المعايير المهنية مثل‬ ‫المجل�س الوطني للمنظمات التطوعية‪،‬‬ ‫ومنظمة م�ساعدة المنظمات التطوعية‪ ،‬ورابطة‬ ‫المنظمات التطوعية المانحة‪ ،‬ومعهد جمع‬ ‫التبرعات‪ ،‬ومركز �أبحاث التطوع‪ ،‬ومركز �أبحاث‬ ‫القطاع الثالث‪� ،‬إ�ضافة �إلى ع�شرات البرامج‬ ‫التعليمية الجامعية‪ ،‬والعليا المتخ�ص�صة في‬ ‫مجاالت الإدارة للمنظمات التطوعية‪.‬‬ ‫وذكرت �إح�صائية ن�شرت م�ؤخرا �إن ‪ %68‬من‬ ‫النا�س في بريطانيا‪ ،‬يرغبون في و�ضع ب�صمات‬ ‫لهم من خالل التبرع بجزء من و�صيتهم‬ ‫للأعمال التطوعية‪.‬‬ ‫وفي �سبتمبر ‪ 2005‬عمل ا�ستفتاء �آخر‬ ‫للمتطوعين في بريطانيا عن �أثر التطوع‬ ‫في حالتهم النف�سية‪ ،‬و�أجاب حوالي ن�صف‬ ‫ح�سن‬ ‫المتطوعين ‪، %47‬فقالوا �إن التطوع قد ّ‬ ‫�صحتهم‪ ،‬ولياقتهم البدنية‪ .‬و‪ %25‬من النا�س‬ ‫من الذين يتطوعون �أكثر من خم�س مرات‬ ‫�سنويا‪ ،‬قالوا �إن التطوع �ساعدهم في تخفي�ض‬ ‫�أوزانهم‪ ،‬وقرابة الثلث ‪ %30‬ممن هم في عمر‬ ‫‪ 24-18‬من المدخنين‪ ،‬قالوا ب�أن التطوع قد‬ ‫�ساعدهم في التقليل من التدخين‪.‬‬

‫للتواصل مع الكاتبة وإبداء الرأي يرجى مراسلتها على‪zubaida_alii@hotmail.com :‬‬


‫مؤشرات‬

‫مقال‬

‫عبدالله بن سالم الهاشمي‬

‫‪17‬‬

‫التطوعي‬ ‫العمل‬ ‫ّ‬ ‫ما �أجمل �أن يقوم الإن�سان ببذل عمل �أو جهد ما‬ ‫دون �أن ينتظر مكاف�أة �أو �شكرا �سواء كان يقدم خدمة‬ ‫�إن�سانية راقية تترك �أثرا كبيرا على المجتمع والفرد‬ ‫نف�سه‪� ،‬أو م�ساعدة ب�سيطة لمن يحتاج العون والدعم‪..‬‬ ‫حديثي هنا عن التطوع الذ ي يتطلب من الفرد‬ ‫الت�ضحية ببع�ض من وقته من �أجل عمل عام عبر‬ ‫التزام لي�س بالوظيفي �إنما هو التزام �إن�ساني وتناف�س‬ ‫�شريف من �أجل خدمة �أهداف �إن�سانية ومجتمعية‪.‬‬ ‫وب�شكل �أو�سع يمكن تعريف مفهوم العمل التطوعي‬ ‫ب�أنه الجهد الذي يبذله الفرد من �أجل مجتمعه‬ ‫�أو من �أجل م�ؤ�س�سة �أو من �أجل جماعة معينة دون‬ ‫انتظار �أو توقع جزاء مادي مقابل جهوده �سواء �أكان‬ ‫هذا الجهد مبذو ًال بالنف�س �أو بالمال عن طيب‬ ‫خاطر في �سبيل �سعادة الآخرين‪ ،‬مما ي�ؤكد التعاون‬ ‫و�إبراز الوجه الإن�ساني للعالقات االجتماعية و�إبراز‬ ‫�أهمية التفاني في البذل والعطاء‪.‬‬ ‫يقول اهلل تعالى في القر�آن الكريم‪َ } :‬ومَا ُت َق ِّدمُوا‬ ‫الل ُه َو َخ ْي ًرا َو�أَع َْظ َم‬ ‫ِ أَلن ُف�سِ ُكم م ِّْن َخ ْي ٍر َت ِجدُو ُه عِ ن َد َّ ِ‬ ‫الل َ ِ�إ َّن َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫الل َغ ُفو ٌر رَّحِ يمٌ{ (‪20‬‬ ‫�أجْ ًرا * و َْا�ستغ ِف ُروا *‬ ‫ المزمل)‪ .‬وفي �آية �أخرى يقول ج ّل وعال} َفمَن‬‫َي ْع َم ْل مِ ْث َقا َل َذ َّر ٍة َخ ْي ًرا َي َرهُ{ ( ‪ -7‬الزلزلة)‪.‬‬ ‫ويمكن القول‪� :‬إن من يقوم بالأعمال التطوعية‬ ‫�أ�شخا�ص نذروا �أنف�سهم لم�ساعدة الآخرين بطبعهم‬ ‫واختيارهم بهدف خدمة المجتمع الذي يعي�شون‬ ‫فيه وي�شعرون بارتياح و�سعادة مقابل ذلك العمل‪.‬‬ ‫وقد �أ�صبح العمل التطوعي ركيزة �أ�سا�سية في‬ ‫بناء المجتمع ون�شر التما�سك االجتماعي بين‬ ‫المواطنين‪ ،‬ومن َث َّم فهو ممار�سة �إن�سانية ارتبطت‬ ‫ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل ال�صالح‬ ‫عند كل المجموعات الب�شرية منذ الأزل ولكنه‬ ‫يختلف في حجمه و�شكله واتجاهاته ودوافعه في‬ ‫مجتمع عن �آخر‪ ،‬ومن فترة زمنية �إلى �أخرى‪ ،‬فمن‬ ‫حيث الحجم يقل في فترات اال�ستقرار والهدوء‪،‬‬ ‫ويزيد في �أوقات الكوارث والنكبات والحروب‪ ،‬ومن‬ ‫حيث ال�شكل فقد يكون جهداً يدوياً وع�ضلياً �أو‬ ‫مهنياً �أو تبرعاً بالمال �أو غير ذلك‪.‬‬

‫كذلك م�ؤ�شراً على تقدم ورقي ال�شعوب وازدهارها‪.‬‬ ‫ يترك لل�شباب الفر�صة لتنمية قدراتهم‬‫ومهاراتهم ال�شخ�صية وطرح �أفكارهم في الق�ضايا‬ ‫التي تخدم المجتمع‪.‬‬ ‫ يوفر لل�شباب فر�صة ت�أدية الخدمات ب�أنف�سهم‬‫وحل الم�شاكل بجهدهم ال�شخ�صي والم�شاركة في‬ ‫اتخاذ القرارات‪.‬‬ ‫دوافع وفوائد التطوع‬ ‫• الإيثار‪ :‬فالمتطوع �شخ�ص يتمتع بطاقة حب‬ ‫و�إيثار عالية الم�ستوى بالمقارنة مع �أقرانه �أو‬ ‫�إخوانه ويتفانى في خدمة النا�س‪.‬‬ ‫• تح�سين م�ستوى المعي�شة‪ :‬فالمتطوع يريد‬ ‫تح�سين م�ستوى معي�شة �أفراد مجتمعه‪.‬‬ ‫• التعلم واكت�ساب خبرات ومهارات جديدة‪.‬‬ ‫• �شغل وقت الفراغ‪.‬‬ ‫• يتعرف الفرد على الكثير من النا�س �أثناء‬ ‫تعامله معهم‪.‬‬

‫اليوم العالمي للتطوع‬ ‫التطوع العالمي �أو اليوم الدولي للمتطوعين‬ ‫هو احتفالية عالمية �سنوية تحدث في ‪ 5‬دي�سمبر‬ ‫من كل عام‪ ،‬وتحتفى بهذا اليوم في غالبية بلدان‬ ‫العالم‪ ،‬ويعتبر الهدف المعلن من هذا الن�شاط‬ ‫هو �شكر المتطوعين على مجهوداتهم �إ�ضاف ًة‬ ‫�إلى زيادة وعي الجمهور حول م�ساهمتهم في‬ ‫المجتمع‪ ،‬ويتيح اليوم الدولي للمتطوعين‬ ‫الفر�صة للمنظمات‪ ،‬والجماعات التي تعنى بالعمل‬ ‫التطوعي‪ ،‬والمتطوعين الأفراد للم�ساهمة في‬ ‫تنمية المجتمعات على الم�ستويات المحلية‬ ‫والعالمية‪.‬‬

‫هم�سة في �أذن ال�شباب‬ ‫لكل �شاب و�شابة في �سن ال�شباب‪� ،‬أن ي�ستغل موهبته‬ ‫في فعل الخير‪ ،‬والتطوع بها من �أجل ر�سم االبت�سامة‬ ‫على وجه كل محتاج للنا�س والمجتمع؛ فهذا العمل‬ ‫يطور من �شخ�صية المتطوع‪ ،‬في�صبح �شخ�صية فعالة‬ ‫متعاونة‪ ،‬متقبلة للآراء المختلفة‪ ،‬و�أي�ضا ينمي لغة‬ ‫معوقات العمل التطوعي‬ ‫الحوار؛ لذلك ف�إني �أدعو النا�س للخو�ض في هذه‬ ‫ �ضعف تنظيم العمل التطوعي مما ي�ؤدي �إلى التجربة‪ ،‬واال�ستفادة منها‪ ،‬ويجب حث اال�صدقاء‬‫تراجع في تحقيق النتائج المرجوّة منه ويخلق والمعارف على خو�ض تجربة التطوع فجزاء هذا‬ ‫�آثاراً عك�سية‪.‬‬ ‫العمل �سوف يعود لهم بالخير و�سي�سهم في تقدم‬ ‫ قد يكون من ورائه �أهداف خفية ك�أن يعمل الفرد مجتمعهم وخلق روح التعاون بين �أبناء بلدهم‪.‬‬‫على تحقيق �أهداف �أخرى �شخ�صية تحت �ستار‬ ‫مطالب وتو�صيات‬ ‫خدمة المجتمع‪.‬‬ ‫ �ضعف الدعم المادي فالعمل التطوعي يتطلب ‪ -‬تطوير القوانين‪ ،‬والت�شريعات المنظمة للعمل التطوعي‬‫الدعم الذي بدونه ال يمكن نجاح �أي عمل تطوعي‪ .‬بما يكفل �إيجاد فر�ص حقيقية لم�شاركة ال�شباب‪.‬‬ ‫ تقديم الدعم المعنوي والمادي لل�شباب من �أجل‬‫االنخراط في هذه الأعمال‪ ،‬وت�شجيعهم للم�شاركة‬ ‫العمل التطوعي محليا‬ ‫ال�شباب العماني يت�سابق في الإقبال على الأعمال بفاعلية‪.‬‬ ‫التطوعية؛ وينظر لأعمال التطوع نظرة �إيجابية ‪ -‬تكريم المتطوعين ال�شباب وو�ضع برنامج‬ ‫وطموحة ووراء هذه النظرة محبة للعطاء‪ ،‬وهناك امتيازات وحوافز لهم‪.‬‬ ‫انت�شار وا�سع للفرق التطوعية في المجتمع ‪� -‬أن تمار�س المدر�سة والجامعة‪ ،‬والم�ؤ�س�سات‬ ‫العماني وهي ظاهرة �إيجابية و�سليمة‪ ،‬وتعد الدينية دوراً �أكبر في حث ال�شباب على التطوع‪.‬‬ ‫�إحدى عالمات التطور والرقي للمجتمعات؛ لأنها ‪ -‬يجب على و�سائل الإعالم �أن تقوم بدوراً �أكبر في‬ ‫تقوم بالتوعية وتزيد من ثقافة الفرد والمجتمع‪ ،‬دعوة المواطنين �إلى العمل التطوعي‪ ،‬والتعريف‬ ‫وخا�صة فئة ال�شباب‪ ،‬وتزرع فيهم حب التعاون بالن�شاطات التطوعية التي تقوم بها الم�ؤ�س�سات‬ ‫�أهمية العمل التطوعي‬ ‫ التطوع داعم �أ�سا�سي للم�ؤ�س�سات الحكومية ويعتبر والإعانة لمن هم بحاجة لنا‪.‬‬‫الحكومية والأهلية‬ ‫للتواصل مع الكاتب وإبداء الرأي يرجى مراسلتها على‪a.s.alhashmy@moe.om :‬‬


‫تحليل‬

‫الوظائف والفرص المتاحة‬

‫التراجع المتوالي لمعدالت التضخم‪ ...‬يؤشر ركود االقتصاد أو انكماشه‬

‫‪18‬‬ ‫د‪ .‬محمد رياض حمزة‬

‫في أحدث تقرير للمركز الوطني لإلحصاء والمعلومات جاء فيه إن معدل التضخم في السلطنة تراجع خالل شهر نوفمبر‬ ‫‪ 2015‬بنسبة ‪ 0.55%‬مقارنة بنفس الشهر من عام ‪ ،2014‬كما انخفض بنسبة ‪ 0.02%‬مقارنة بشهر أكتوبر ‪ .2015‬ووفق‬ ‫البيانات الصادرة عن المركز حول األرقام القياسية ألسعار المستهلكين‪ ،‬بينما انخفض بنسبة ‪ 0.02‬بالمائة مقارنة بشهر‬ ‫أكتوبر ‪ .2015‬وأرجعت البيانات الصادرة عن المركز انخفاض مؤشر األسعار خالل شهر نوفمبر ‪ 2015‬مقارنة بنفس الشهر‬ ‫من عام ‪ 2014‬إلى انخفاض أسعار معظم المجموعات الرئيسية حيث انخفضت أسعار مجموعة المواد الغذائية والمشروبات‬ ‫غير الكحولية بنسبة ‪ 1.48%‬وانخفضت أسعار مجموعتي االتصاالت والنقل بنسبة ‪ 3.13%‬و ‪ 1.22%‬على التوالي‪.‬‬

‫تجدر الإ�شارة �أن توا�صل تراجع معدالت الت�ضخم‬ ‫الذي يعتبر هدفا ت�سعى كل الدول �إلى تحقيقه في‬ ‫حالة توا�صل ارتفاع ال�سلع والخدمات في �أ�سواقها‬ ‫وتلك الحالة ت�سمى بحالة الت�ضخم الجامح‪� .‬إال‬ ‫�أن توا�صل تراجع معدالت الت�ضخم ت�ؤ�شر �أي�ضا‬ ‫ركود الأن�شطة االقت�صادية �أوانكما�شها‪ .‬وقد تكرر‬ ‫الإعالن عن تراجع الت�ضخم في ال�سلطنة خالل‬ ‫الأعوام ‪� 2013‬إلى ‪. 2015‬‬ ‫و�سجل م�ؤ�شر الت�ضخم في دول مجل�س التعاون لدول‬ ‫الخليج العربية في الن�صف الأول من عام ‪2015‬م‬ ‫فنهاية عام ‪� 2014‬أ�صدر (المركز الإح�صائي معدالت تراوحت ما بين ‪ % 0.14‬في ال�سلطنة و‪4.25‬‬ ‫الخليجي) ن�شرة عن معدالت الت�ضخم ال�سنوي ‪ %‬دولة الإمارات العربية المتحدة مقارنة بال�شهر‬ ‫في دول مجل�س التعاون تتراوح مابين ‪ %3.5‬و‪ %1.1‬المماثل من عام ‪2014‬م بح�سب �آخر الإح�صائيات‬ ‫بنهاية عام ‪ .2013‬و�أو�ضحت الن�شرة �أن هناك ال�صادرة عن المركز الإح�صائي لدول مجل�س التعاون‬ ‫اتجاهاً ت�صاعدياً لأ�سعار الم�ستهلك خالل الفترة لدول الخليج العربية‪ ،‬حيث كانت ال�سلطنة الأقل في‬ ‫) ‪2001‬م‪2013-‬م ( مقارنة ب�سنة الأ�سا�س ‪2007‬م الت�ضخم خليجيا‪.‬‬ ‫حيث �سجلت �سلطنة عمان ودولة الكويت والمملكة‬ ‫العربية ال�سعودية �أكبر ن�سبة زيادة في الأ�سعار عندما تناول االقت�صاديون الت�ضخم في الأ�سعار‬ ‫خالل العام ‪2013‬م ‪ .‬حيث زاد الرقم القيا�سي في واعتبروه (�شر ال بد منه) �إذ �أن ت�صاعد ن�سب‬ ‫�سلطنة عمان بمعدل ‪129.9‬نقطه بنهاية ‪2013‬م عن الت�ضخم ت�أتي م�صاحبة للنمو االقت�صادي الناتج عن‬ ‫م�ستواه في العام ‪2007‬م‪ ،‬كما بلغ في دولة الكويت ت�صاعد الطلب الكلي على ال�سلع والخدمات‪ ،‬و�صُ ّنف‬ ‫‪129.2‬نقطه في الفترة ذاتها‪ ،‬و‪126.7‬نقطهفي الت�ضخم وفق عدد من الم�سميات‪ ،‬و�أنها جميعا ت�ؤكد‬ ‫المملكة العربية ال�سعودية‪ ،‬في حين بلغ الرقم �أن الت�ضخم ظاهرة لها �آثار �سلبية كثيرة على الدخول‬ ‫القيا�سي العام ‪ 118.1‬نقطه في دولة الإمارات وعلى الأ�سواق‪ ،‬و�أن الت�ضخم الجامح يت�سبب بم�شاكل‬ ‫العربية المتحدة‪ ،‬و ‪ 114.8‬نقطه في مملكة اقت�صادية مالية وحتى اجتماعية‪ .‬ومع ذلك ف�إن‬ ‫البحرين‪ ،‬و ‪ 114.4‬نقطه في دولة قطر‪.‬‬ ‫الت�ضخم‪ ،‬ومنذ ت�صدع معظم االقت�صادات العالمية‬ ‫بت�أثير الأزمة المالية (‪� )2008‬أ�صبح م�ؤ�شره من�شودا‬ ‫و�أ�شارت الن�شرة �إلى �أن المملكة العربية ال�سعودية و�إن ن�سب تطوره دليل على نمو االقت�صاد �أو ركوده‪،‬‬ ‫�سجلت �أعلى معدل ت�ضخم �سنوي في العام ‪2013‬م فارتفاعه م�ؤ�شر على بدء التعافي االقت�صادي‪.‬‬ ‫�أعلى م�ستوى دول مجل�س التعاون الأخرى مقارنة‬ ‫بالعام ‪2012‬م حيث بلغ معدل الت�ضخم ‪ ،%3.5‬تلتها ب�إعادة قراءة ما تقدم عن تلك المتابعة الدقيقة‬ ‫مملكة البحرين بمعدل ‪ ،%3.3‬ثم دولة قطر بمعدل لتطور ن�سب الت�ضخم في الدول المتقدمة‪ ،‬لأدركنا‬ ‫‪ ،%3.1‬جاءت بعدها دولة الكويت ‪ ،%2.7‬بينما لم �أهمية توخي الدقة في �إعالن تلك الن�سب التي‬ ‫يتجاوز معدل الت�ضخم ال�سنوي في كل من دولة‬ ‫الإمارات العربية المتحدة و�سلطنة عمان ‪.%1.1‬‬ ‫وبقيت ال�سلطنة ت�سجل معدالت منخف�ضة من‬ ‫الت�ضخم خالل العامين ‪ 2014‬و‪ 2015‬فقد �شهد معدل‬ ‫الت�ضخم بال�سلطنة خالل �شهر مايو ‪2015‬انخفا�ضا‬ ‫ن�سبته ‪ % 0.4‬مقارنة بال�شهر المماثل من عام‪. 2014‬‬

‫ت�شير �إلى �ضعف االقت�صاد في انكما�شه �أو ركوده‬ ‫وفي ا�ستقراره �أو نموه‪ ،‬و�أنها دليل للمنتج وللتاجر‬ ‫وللم�ستهلك وللم�ؤ�س�سات الحكومية للوقوف على‬ ‫حقيقة الواقع االقت�صادي‪� ،‬إنها ال�شفافية التي ال‬ ‫غنى عنها وفي �ضوء دالالتها ي�صنع القرار الحكومي‬ ‫والإنتاجي واال�ستهالكي‪.‬‬ ‫وعند متابعة ما يعلن عن ن�سب الت�ضخم في دول‬ ‫مجل�س التعاون لدول الخليج العربية ف�إن الم�ستوى‬ ‫العام للأ�سعار ال يكاد يطابق ما يعلن عن ن�سب‬ ‫الت�ضخم ‪ .‬ففي درا�سة حديثة في الأرقام المعلنة عن‬ ‫ن�سب الت�ضخم في دول مجل�س التعاون الخليجي‪،‬‬ ‫وو�صفتها ب�أنها غير دقيقة لأ�سباب عدة �أهمها دعم‬ ‫الحكومات الخليجية لبع�ض ال�سلع والمنتجات‬ ‫والخدمات‪ ،‬وغياب �إح�صاءات للأ�سعار القيا�سية‬ ‫وموازنة الأ�سرة في الدول الخليجية‪.‬‬ ‫و�أو�ضحت الدرا�سة التي �أعدتها «الأمانة العامة لدول‬ ‫مجل�س التعاون الخليجي» �أن الم�ؤ�شر الأكثر و�ضوحاً‬ ‫للت�ضخم الحقيقي هو معدل دخل الفرد في دول‬ ‫الخليج‪ ،‬ولفتت �إلى �أن هناك تناق�صاً وا�ضحاً في القوة‬ ‫ال�شرائية‪ ،‬مقارنة بما كانت عليه في ال�سنوات الأخيرة‪.‬‬ ‫ومن قوانين ال�سوق المبرهنة �أن هناك عالقة‬ ‫طردية بين القوة ال�شرائية للم�ستهلكين وبين‬ ‫م�ستوى الأ�سعار؛ �إذ ترتفع الأ�سعار ‪ -‬الت�ضخم‪-‬‬ ‫بالتوازي مع ارتفاع الطلب على ال�سلع والخدمات‪،‬‬ ‫�أي عند ارتفاع القوة ال�شرائية‪ .‬ويقا�س الم�ستوى‬ ‫المعي�شي للمجتمعات بح�صة الدخل الفردي من‬ ‫الدخل القومي للدولة‪� ،‬أي بق�سمة الدخل القومي‬ ‫مقيّما بالعملة على جملة ال�سكان في المجتمع‪،‬‬ ‫ذلك هو ال�شائع في الح�سابات القومية‪ ،‬ويعتبر ذلك‬


‫كما �أن المقارنات بين تكاليف المعي�شة وبين الدخل‬ ‫الفردي التي تجريها الجهات الحكومية المخت�صة‬ ‫يمكن �أن ت�سهم في تطوير الت�شريعات الخا�صة‬ ‫بتحديد الحد الأدنى من الأجر‪.‬‬ ‫وعند ا�ستعرا�ض برامج الحكومات في معظم دول‬ ‫العالم لوجد �أنها حري�صة على زيادة ح�صة الدخل‬ ‫الفردي من الدخل القومي‪� ،‬أو �إيجاد �أف�ضل ال�سبل‬ ‫للقرب من عدالة توزيع الدخل القومي‪ ،‬وذلك هدف‬ ‫ن�سبي و�صعب التطبيق في دول العالم كافة‪ ،‬فالدخل‬ ‫الفردي عر�ضة للت�آكل مقيما بالعملة (الراتب �أو‬ ‫الأجر النقدي) كما �أنه الطرف الأ�ضعف في معادلة‬ ‫(متطلبات الأنفاق الفردي �أو الأ�سري) من جهة)‬ ‫وتكاليف المعي�شة) من الطرف الآخر‪ .‬ويتعر�ض‬ ‫لعدد من المتغيرات الم�ؤثرة في قدرته على الإيفاء‬ ‫بالإنفاق على متطلبات المعي�شة وهي‪:‬‬ ‫�أوال ‪ -‬الت�ضخم وارتفاع �أ�سعار ال�سلع والخدمات)‪� :‬إذ‬ ‫تتعر�ض القوة ال�شرائية للدخل الفردي للت�آكل عند‬ ‫حدوث ظاهرة الت�ضخم‪ ،‬التي تعتبر ظاهرة مالزمة‬ ‫لالقت�صاد في �أوقات النمو وفي الأزمات‪ ،‬كما �أن‬ ‫ارتفاع الأ�سعار �أمر واقع مع تقادم الزمن‪.‬‬ ‫ثانيا ‪� -‬ضعف النظام النقدي �أو انهياره‪� :‬إذ �إن الأجور‬ ‫والرواتب المقيمة بالعملة عر�ضة للت�آكل ب�سبب‬ ‫�ضعف القوة ال�شرائية للعملة �أو انهيارها في حاالت‬ ‫الأزمات والحروب‪ .‬وبذلك يكون الدخل الفردي من‬ ‫�ضحايا الأزمات المالية وتداعي النظم النقدية‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬تت�ضاءل القدرة ال�شرائية للدخل الفردي‬ ‫المحدود المعيل لأ�سرة‪ ،‬كلما زاد عدد �أفراد الأ�سرة‬ ‫وات�سعت حاجاتها ال�ضرورية‪ ،‬فالدخل الفردي‬ ‫محدود ب�أجر يمكن �أن يزداد �سنويا وبن�سبة �ضئيلة‬ ‫جدا‪ ،‬فيما يزداد الإنفاق على متطلبات المعي�شة من‬ ‫�سنة لأخرى‪.‬‬ ‫رابعا ‪ -‬قليل من دول العالم من يتحقق فيها توزيع‬ ‫عادل للدخل القومي على �أفراد المجتمع‪ ،‬على‬ ‫اعتبار �أن ذلك الأمر تحكمه تطبيقات عدد من النظم‬ ‫التي ت�سير الحكومات عليها‪ ،‬فالدخل الفردي �سواء‬ ‫في النظم الر�أ�سمالية �أو اال�شتراكية �أو المختلطة‬

‫�أوال ‪ -‬اال�ستقرار ال�سيا�سي و�أهلية الحكومات في‬ ‫تطبيق نظم عادلة في توزيع الدخل القومي‪ ،‬والحد‬ ‫من ن�سبة الباحثين عن العمل في المجتمع‪ ،‬وذلك‬ ‫من �ش�أنه �أن يجعل تكاليف المعي�شة قريبة من‬ ‫متو�سط الدخل الفردي‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬حجم الدخل القومي ذو العائد المتواتر‬ ‫الم�ضمون يتيح ا�ستقرارا لتكاليف المعي�شة و�أقل‬ ‫عر�ضة للت�ضخم‪ ،‬فكلما كانت واردات الدولة �أكبر‬ ‫كلما �شمل توزيعها معظم فئات المجتمع‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬حجم الناتج المحلي الإجمالي و�شمول فئات‬ ‫المجتمع في تكوينه‪ ،‬فكلما كبر و�شاركت في تكوينه‬ ‫�أو�سع الفئات االجتماعية و�أن�شطتها الإنتاجية‬ ‫والخدمية �ضمن ا�ستقرارا لتكاليف المعي�شة‪.‬‬ ‫رابعا ‪ -‬تختلف تكاليف المعي�شة ح�سب التوزيع‬ ‫الجغرافي‪ .‬فتكاليف المعي�شة في المدن �أعلى‬ ‫منها في الأرياف‪ ،‬والمدن الكبيرة �أعلى تكلفة‬ ‫من المدن ال�صغيرة‪.‬‬

‫السلطنة تحتل المرتبة ‪ 12‬عالميا‬ ‫من حيث ارتفاع دخل الفرد الذكر‬ ‫من الدخل القومي حيث بلغ‬ ‫‪56.24‬‬

‫وفي ال�سلطنة يمكن اعتبار العمل الد�ؤوب للهيئة‬ ‫العامة لحماية الم�ستهلك �ضماناً ال�ستقرار‬ ‫الأ�سعار بما يتنا�سب مع الن�سب المعيارية لدى‬ ‫الهيئة عند طلب منافذ الت�سويق‪ ،‬على اعتبار �أن‬ ‫فرق التفتي�ش لدى الهيئة تتابع وتر�صد‪ ،‬ما �أتيح‬ ‫لها‪ .‬وقد تتذرع منافذ الت�سويق عند المبالغة‬ ‫برفع �أ�سعار ما تعر�ضه من ال�سلع بارتفاعها‬ ‫من منا�شيء ا�ستيرادها‪ ،‬وال بد من التذكير ب�أن‬ ‫العديد من ال�سلع قابلة للتخزين والعر�ض بعد‬ ‫حين ولم تكن قد ا�ستوردت ب�أ�سعار �أعلى‪.‬‬ ‫ويقا�س الم�ستوى المعي�شي للمجتمعات بح�صة‬ ‫الدخل الفردي من الدخل القومي للدولة‪� ،‬أي بق�سمة‬ ‫الدخل القومي مقيّما بالعملة على جملة ال�سكان في‬ ‫المجتمع‪ ،‬ذلك هو ال�شائع في الح�سابات القومية‪،‬‬ ‫ويعتبر ذلك م�ضلال‪� ،‬إذ ال يعبر عن واقع الم�ستوى‬ ‫المعي�شي لأفراد المجتمع كافة‪� ،‬إذ يتفاوت الدخل‬ ‫الفردي من �شخ�ص لآخر ح�سب ن�شاطه الإنتاجي �أو‬ ‫انتمائه الأ�سري �أو طبيعة عمله‪� ،‬إذ يوجد فقراء في‬ ‫مجتمعات عرفت بالرفاهية والغنى‪ ،‬كما يمكن �أن‬ ‫نجد �أنا�سا مي�سورين مرفهين في مجتمعات فقيرة‪.‬‬ ‫ومع ذلك يعتبر متو�سط الدخل الفردي م�ؤ�شرا‬ ‫مقبوال لتقييم م�ستوى معي�شة الفرد في الدولة �إن‬ ‫تم تحديده لأو�سع فئات المجتمع عددا‪ ،‬على �أن ي�ؤخذ‬ ‫بنظر االعتبار انحراف م�ستويات الدخول لفئات‬ ‫القوى العاملة عن متو�سط الدخل الفردي‪ .‬كما �إن‬ ‫المقارنات بين تكاليف المعي�شة وبين الدخل الفردي‬ ‫التي تجريها الجهات الحكومية المخت�صة يمكن �أن‬ ‫ت�سهم في تطوير الت�شريعات الخا�صة بتحديد الحد‬ ‫الأدنى من الأجر‪.‬‬

‫خام�سا ‪ -‬ترتفع تكاليف المعي�شة في الدول ذات‬ ‫الرقعة والم�ساحة المحدودة‪ ،‬وذات الكثافة ال�سكانية‬ ‫الكبيرة‪ ،‬وفي المدن ذات الأعمال و الأن�شطة‬ ‫االقت�صادية الكثيفة‪.‬‬ ‫�ساد�سا ‪ -‬وترتفع تكاليف المعي�شة لتلك الأ�سباب التي‬ ‫ذكرت في الدخل الفردي كالت�ضخم وقوة �أو �ضعف‬ ‫العملة‪.‬‬ ‫وعند ا�ستعرا�ض برامج الحكومات في معظم دول‬ ‫العالم لوجد �أنها حري�صة على زيادة ح�صة الدخل‬ ‫ويمكن اعتبار الت�شغيل الكامل للقوى العاملة الفردي من الدخل القومي‪� ،‬أو �إيجاد �أف�ضل ال�سبل‬ ‫وعدالة نظم الأجور التي تحدد بالتوازي مع تكاليف للقرب من عدالة توزيع الدخل القومي‪ ،‬وذلك هدف‬ ‫المعي�شة‪ ،‬من الأهداف التي ت�سعى الحكومات ن�سبي و�صعب التطبيق في دول العالم كافة‪ ،‬فالدخل‬ ‫لتحقيقها لمجتمعاتها‪.‬‬ ‫الفردي عر�ضة للت�آكل مقيما بالعملة (الراتب �أو‬ ‫الأجر النقدي) كما �أنه الطرف الأ�ضعف في معادلة‬ ‫ومما يتوقع �أن يترتب على �ضخ �سيولة �إ�ضافية (متطلبات الإنفاق الفردي �أو الأ�سري) من جهة‬ ‫في الأ�سواق م�صدرها الحد الأدنى المعدل لأجور ( وتكاليف المعي�شة (من الطرف الآخر)‬

‫للتواصل مع الكاتب وإبداء الرأي يرجى مراسلته على‪dirwa2000@yahoo.com :‬‬

‫تحليل‬

‫م�ضلال‪� ،‬إذ ال يعبر عن واقع الم�ستوى المعي�شي‬ ‫لأفراد المجتمع كافة‪� ،‬إذ يتفاوت الدخل الفردي‬ ‫من �شخ�ص لآخر ح�سب ن�شاطه الإنتاجي �أو انتمائه‬ ‫الأ�سري �أو طبيعة عمله‪� ،‬إذ يوجد فقراء في مجتمعات‬ ‫عرفت بالرفاهية والغنى‪ ،‬كما يمكن �أن نجد �أنا�سا‬ ‫مي�سورين مرفهين في مجتمعات فقيرة‪ .‬ومع ذلك‬ ‫يعتبر متو�سط الدخل الفردي م�ؤ�شرا مقبوال لتقييم‬ ‫م�ستوى معي�شة الفرد في الدولة �إن تم تحديده‬ ‫لأو�سع فئات المجتمع عددا‪ ،‬على �أن ي�ؤخذ بنظر‬ ‫االعتبار انحراف م�ستويات الدخول لفئات القوى‬ ‫العاملة عن متو�سط الدخل الفردي‪.‬‬

‫مع ّر�ض للت�آكل للأ�سباب المذكورة ذاتها مع التفاوت‬ ‫في مدى و�ضع الدولة االقت�صادي قوة �أو �ضعفا‪.‬‬ ‫فالنظم ال�ضريبية �أو نظم ال�ضمان االجتماعي من‬ ‫العوامل الم�ؤثرة في قوة �أو �ضعف الدخل الفردي‪.‬‬ ‫�أما تكاليف المعي�شة في المجتمعات ف�إنها ترتفع �أو‬ ‫تنخف�ض بت�أثير عدد من العوامل‪:‬‬

‫القوى العاملة الوطنية في القطاع الخا�ص �أن ت�شهد‬ ‫الأ�سواق موجة ت�ضخمية‪ ،‬حيث ترتفع الأ�سعار‪،‬‬ ‫وذلك � ْإن عمل القطاع الخا�ص على رفع �أ�سعار‬ ‫منتجاته من ال�سلع والخدمات بحجة ارتفاع تكلفة‬ ‫مدخالت الإنتاج (الأجور) بهدف الحفاظ على‬ ‫ن�سبة الربح المحددة �أو حتى المبالغة فيها‪ .‬لذا‬ ‫تطلب ال�سيطرة على م�ستوى الأ�سعار و�إ ّال �سيبتلع‬ ‫الت�ضخم �أي زيادة في الأجور‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫حوار‬

‫د‪ .‬محمد ناصر أبو حجام‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫‪20‬‬

‫هويتنا وثقافتنا‬ ‫ضروري محاسبة الذّ ات على التّ قصير في معرفة حقيقة‬ ‫ّ‬

‫أبو حجام مفكر جزائري تخصص أكاديميا في األدب العربي وقاربت مؤلفاته الخمسين‬ ‫إصدارا تنوعت ما بين الفكر القومي‪ ،‬واألدب العربي‪ ،‬وتاريخ اإلباضية‪ ،‬وقصص األطفال‪،‬‬ ‫ً‬

‫ومناهج ومقررات دراسية ومن أهمها‪( :‬التّ واصل الثّ قافي بين عمان والجزائر)‪( ،‬أثر القرآن‬

‫خرية في األدب الجزائري)‪،‬‬ ‫القومية)‪،‬‬ ‫والهوية‬ ‫(الشعر‬ ‫ّ‬ ‫الشعر الجزائري الحديث)‪،‬‬ ‫في ّ‬ ‫(الس ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الديني في شعر أبي مسلم البهالني)‪ ..‬وفي رواق كان له لقاء‪...‬‬ ‫(الخطاب ّ‬ ‫منهجية‬ ‫فكرية عميقة في‬ ‫** لك دراسات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفكر اإلباضي وتدريسه‪ ..‬ما هي مزايا‬ ‫هذا الفكر‪ ،‬والتي تخفى على العديد من‬ ‫السبيل‬ ‫الباحثين والعوام من النّ اس‪ ..‬وكيف ّ‬ ‫وسطيته وتوفيقه‬ ‫وخاصة‬ ‫إلى التّ عريف بها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫جميعا؟‬ ‫اإلسالمية‬ ‫وتوفيقيته بين المذاهب‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫في البدء ال�شكر لك على ح�سن و�صفك للفكر‬ ‫الإبا�ضي بما يجب �أن يو�صف‪ ،‬وما يعك�س‬ ‫حقيقته‪ ،‬وهو �صفة االعتدال وتوفيق ّيته بين‬ ‫المذاهب الإ�سالم ّية‪ ،‬وهذا ما جعل ّ‬ ‫علي‬ ‫ال�شيخ ّ‬ ‫يحي مع ّمر ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬يختم كتاباته عن هذا‬ ‫الفكر بخال�صة �س ّماها الإبا�ض ّية مذهب �إ�سالمي‬ ‫معتدل‪ .‬و�س�ؤالك هذا يهدف �إلى ال ّتقريب‬ ‫بين الأفكار وال ّنظرات وال ّر�ؤى؛ وَف َق مقولة‬ ‫�أحد �أعالم الإبا�ض ّية ّ‬ ‫ال�شيخ علي يحي مع ّمر‪:‬‬ ‫(المعرفة واالعتراف وال ّتعارف)‪ .‬المث ّلث الكفيل‬ ‫ع�صب المقيت‪،‬‬ ‫بتحطيم المذهب ّية المبن ّية على ال ّت ّ‬ ‫والم� ّؤ�س�سة على انح�سار ّ‬ ‫الحق عند طائفة مع ّينة‪،‬‬ ‫و�سلبها من غيرها‪ ..‬هذا هو االعتدال والو�سط ّية‬ ‫وهما تح ّققان �صفة الإيمان‪ ،‬وتبرزان طبيعة‬ ‫ال�سالم والأمن والأمان‬ ‫الإ�سالم الذي جاء لين�شر ّ‬ ‫بين الأنام‪ ،‬وليب ّين �أ ّنه مر�سل لل ّنا�س كا ّفة‪ ،‬و�أ ّن ك ّل‬ ‫من تق ّيد ب�شرع اهلل هو من �أتباعه‪ ..‬هذا ما ت�سعى‬ ‫الإبا�ض ّية دائ ًما �إلى تج�سيده في م�سيرتها منذ‬ ‫ال ّن�ش�أة �إلى اليوم وما تزال‪� .‬أمّا مزايا هذا الفكر‬ ‫فهي كثيرة‪ ،‬ن�شير �إلى بع�ضها‪:‬‬ ‫�أوال ‪ -‬انطالقه في ك ّل �ش�ؤونه و�أموره‪ :‬تفكي ًرا‬ ‫وتدبي ًرا وتوجيهًا وتطبي ًقا ومعاملة‪ ...‬من‬ ‫ال�صحيحة‪ ،‬التي ت�ستقي �أ�صولها من‬ ‫العقيدة ّ‬ ‫وال�س ّنة‪ .‬هذا الفكر ي�ؤمن �أ ّن العقيدة �إيمان‬ ‫القر�آن ّ‬ ‫وقول‪ ،‬وعمل‪ ..‬يمكن ال ّرجوع في هذه ال ّنقطة �إلى‬ ‫ما كتبه �شيخنا الفا�ضل �سماحة ّ‬ ‫ال�شيخ �أحمد بن‬ ‫حمد الخليلي‪ ،‬في مجموعة من الكتب والأعمال‬ ‫والمحا�ضرات والأعمال التي ح ّررها‪ ،‬وال ّلقاءات‬ ‫وال ّندوات‪ ...‬التي �شارك بها‪ .‬وكتاب الدّكتور‬ ‫علي الجعبيري‪ :‬البعد الح�ضاري‬ ‫فرحات بن ّ‬ ‫للعقيدة عند الإبا�ض ّيةـ وكتاب ّ‬ ‫ال�شيخ علي يحي‬ ‫مع ّمر‪ :‬الإبا�ض ّية درا�سة مر ّكزة في �أ�صولهم‬ ‫وتاريخهم‪ .‬وغيرها م ّما �أ ّلف في المو�ضوع‪.‬‬ ‫ثان ًيا ‪ -‬ال ّربط بين المواقف والم�شاهد وال ّر�ؤي‬ ‫والأ�صول التي تحكم �أتباع المذهب‪ ،‬الذين‬ ‫م�سك بها قوال وعمال‪ ،‬من دون‬ ‫يتح ّرون ال ّت ّ‬

‫ال ّنظر �إلى ما ت�س ّبب لهم هذه المنهج ّية �أو هذا‬ ‫ال ّنهج من م�شاكل وعداوات وم�ضايقات وادّعاءات‬ ‫مغر�ضة‪ ،‬بل ومحاربتهم‪ ،‬كما جدث لهم ويحدث‬ ‫في مختلف الفترات ال ّتاريح ّية‪ ،‬منذ ال ّن�ش�أة‪.‬‬ ‫ال�سيا�س ّية ال ّنا�ضجة‪ ،‬التي‬ ‫ثال ًثا ‪ -‬الممار�سة ّ‬ ‫تنطلق من منظومة فكريّة عميقة‪ ،‬فيها ال ّتقعيد‬ ‫ال�صالبة في المبادئ والمرونة‬ ‫لل ّتح ّرك‪ ،‬وفيها ّ‬ ‫في ال ّتطبيق‪ ،‬مع ا�ست�شراف الم�ستقل‪ ..‬فيها‬ ‫لل�سيا�سة‪� :‬أ ّنها ما ي�شمل �أمور‬ ‫الفهم الحقيقي ّ‬ ‫الدّنيا والآخرة‪ ..‬ومن �أه ّم مظاهر هذا العمق‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬نظريّة الحكم‪ ،‬و�ضبط‬ ‫في هذا الفكر ّ‬ ‫عالقة الحاكم بالمحكوم ب�شكل دقيق و�شامل‬ ‫لمعظم الحاالت التي يمكن �أن تحدث‪ ،‬في‬ ‫�ضوء المتغ ّيرات والم�ستجدّات‪ ..‬وهي الم�شكلة‬ ‫ال�ساحة‪ ،‬وكانت لها‬ ‫والمع�ضلة القائمة اليوم في ّ‬ ‫انعكا�سات �سلب ّية على الأو�ضاع في العالم العربي‬ ‫والإ�سالمي‪ .‬فالإبا�ض ّية ‪ -‬كما يقول ّ‬ ‫ال�شيخ علي‬ ‫يحي مع ّمر ( يعتمدون على الدّعوة والإقناع‪،‬‬ ‫وال يلج�ؤون �إلى العنف وبمكن ال ّرجوع في هذه‬ ‫ال�سيا�سي عند الإبا�ض ّية‬ ‫ال ّنقطة �إلى كتاب)الفكر ّ‬ ‫من خالل �آراء ّ‬ ‫ال�شيخ محمد بن يو�سف �أطفي�ش)‬ ‫للمرحوم عدون جهالن‪.‬‬ ‫راب ًعا ‪ -‬الجماع ّية في ال ّتفكير وال ّتنظيم‬ ‫وال ّت�سيير‪...‬بمعنى �أ ّن الإبا�ض ّية يعطون �أهم ّية‬ ‫كبيرة للجماعة‪ ،‬في تدبير �أمورها وتنفيذ‬ ‫م�شروعاتها‪ ،‬وتوجيه المجتمع‪ ..‬هذا �س ّر من‬ ‫�أ�سرار نجاحهم في تنظيم حياتهم‪ .‬والجماع ّية‬ ‫هي ‪ -‬في الحقيقة ‪ -‬منهج �إ�سالمي‪�ُ ،‬ش ِر َع‬ ‫لتنظيم �أمور العبادة‪ ،‬وت�سيير �ش�ؤون الحياة‪.‬‬ ‫�إ ّن الإبا�ض ّية مط ّبقون وملتزمون بما جاءت به‬ ‫ّ‬ ‫ال�شريعة الإ�سالم ّية‪� ،‬أو ما تدعو �إليه‪ .‬يقول د‪.‬‬ ‫محمد بن �صالح نا�صر‪� :‬إ ّن المنهج ال ّتنظيمي‬ ‫أ�سا�سا على (الجماع ّية)‪،‬‬ ‫لدى الإبا�ض ّية يقوم � ً‬ ‫�أي �إعطاء الوزن الحقيقي للجماعة في ك ّل �ش�أن‬ ‫ال�سلم والحرب‪ ،‬في حال‬ ‫من �ش�ؤون المجتمع في ّ‬ ‫الغلبة ّ‬ ‫ال�سريّة والكتمان‪,‬‬ ‫والظهور‪� ،‬أو في حال ّ‬ ‫وجه اختارته الجماعة الإبا�ض ّية انطال ًقا‬ ‫وهذا ال ّت ّ‬ ‫من فهم عميق ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحا�ضة على‬ ‫لل�شريعة الإ�سالم ّية‬ ‫ّ‬ ‫ال�شورى‪ ،‬القائمة على ال ّتعاون وال ّت�ضامن‪ ،‬وك ّل‬ ‫ما من �ش�أنه تقوية المجتمع الإ�سالمي‪ ،‬الذي ال‬ ‫وحب ال ّذات‪( .‬منهج الدّعوة‬ ‫مكان فيه للأنان ّية ّ‬ ‫عند الإبا�ض ّية‪ ،‬ط‪� ،3‬ص‪.)254 ،253 :‬‬

‫خام�سا ‪ -‬تب ًعا لما �سبق‪ ،‬وتنفي ًذا لمنهج‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أ�سا�سا‬ ‫�‬ ‫بل‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ر‬ ‫كبي‬ ‫يكون‬ ‫االعتناء‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ة)‪،‬‬ ‫ي‬ ‫(الجماع‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫في المجتمع الإبا�ضي ‪ -‬على تنظيم الحياة‬ ‫االجتماع ّية‪ ،‬التي تتح ّرك على �شكل دوائر‪� ،‬أو‬ ‫تنظيمات اجتماع ّية‪ ،‬يت ُّم فيها ال ّن�شاط‪ ،‬وتنف ّذ‬ ‫الم�شروعات‪ ..‬هناك هيئات دين ّية‪ ،‬وم� ّؤ�س�سات‬ ‫اجتماع ّية‪ ،‬وجمع ّيات ثقاف ّية‪ ،‬وتنظيمات‬ ‫تربويّة‪ ...‬وغيرها تعمل متعاونة فيما بينها‪،‬‬ ‫بتن�سيق كبير وان�سجام‪ ،‬ي�ضمن ال ّترابط وال ّتناغم‪،‬‬ ‫وتوزيع الم�س�ؤول ّيات ب�شكل دقيق‪ ،‬ي�ضمن تغط ّية‬ ‫المجاالت‪ ،‬و�شمولية ال ّتوجيه‪ ،‬وح�سن مراقبة �سير‬ ‫الأعمال والأن�شطة‪ ..‬يبدو هذا جل ًّيا �أكثر عند‬ ‫�إبا�ض ّية المغرب‪ ..‬ينظر كتاب المجتمع الم�سجدي‬ ‫لف�ضيلة ّ‬ ‫ال�شيخ �إبراهيم بن عمر ب ّيو�ض‪ ،‬وكتاب‬ ‫(ال ّتنظيمات االجتماع ّية وال ّتربويّة لإبا�ض ّية‬ ‫المغرب‪)..‬للدّكتور عو�ض محمد خليفات‪.‬‬ ‫العربية في‬ ‫القومية‬ ‫** بعد فشل أيديولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتوقع أن‬ ‫ّ‬ ‫تحقيق أهداف النّ هضة‪ .‬هل من‬ ‫كردة فعل على‬ ‫إسالمية‬ ‫تجيء صحوة‬ ‫تنويرية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األمة؟‬ ‫القومية تغريب‬ ‫محاولة األيديولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السياسي في‬ ‫اإلسالم‬ ‫خاصة بعد فشل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملء الفراغ الفكري واأليديولوجي وإدارة‬ ‫شؤون الحكم؟‬

‫�إ ّن اختالط المفهومات‪ ،‬وغمو�ض الم�صطلحات‪،‬‬ ‫واختالف ال ّتقديرات‪ ،‬وكثرة الأطروحات‪ ،‬التي‬ ‫تفتقر �إلى �أ�س�س ومبادئ ومرجع ّيات في عر�ضها‬ ‫وممار�ستها‪ ..‬هي التي ت�س ّببت في عدم االهتداء‬ ‫�إلى ّ‬ ‫ال�صحيح في ال ّتح ّرك وال ّن�شاط‪ ،‬بل‬ ‫الطريق ّ‬ ‫وال ّتفكير وو�ضع منظومة فكريّة ّ‬ ‫تنظم �ش�ؤون‬ ‫الحياة‪ ،‬بما يح ّقق المطلوب والمرغوب فيه‪ ..‬كما‬ ‫�أ ّن غياب تحديد الأهداف بد ّقة و�صدق و�إخال�ص‪،‬‬ ‫و�إطالق الأحكام من دون تر ٍّو وا�ستقراء حقيقي‬ ‫للواقع‪ ،‬وقراءة �صحيحة ل�سيرورة الحياة‪...‬‬ ‫هي وراء الأو�ضاع المتردّية التي يعي�شها العالم‬ ‫الإ�سالمي اليوم‪.‬‬ ‫** ما مفهوم النّ هضة و ما هو مدلول‬ ‫الصحوة؟ وما هي حدود صفة التّ غريب الذي‬ ‫ّ‬ ‫ننزعج منه؟‬

‫علينا �أن نحدّد عالقاتنا بهذه المفهومات‬


‫األمة؟‬ ‫تمزيق شمل ّ‬

‫هذا ال ّتدهور في العالقات بين الم�سلمين‪،‬‬ ‫وبخا�صة على الم�ستوى الفكري‪ ،‬الذي نتجت عنه‬ ‫ّ‬ ‫مواقف �سلب ّية خطيرة على الفكر الإ�سالمي وعلى‬ ‫حال الم�سلمين‪ .‬من مظاهرها البارزة ت�صادمها‬ ‫وتقاتلها‪ّ ،‬‬ ‫و�شن حمالت دعائ ّية وت�شويه ّية فيما‬ ‫بينها‪ ...‬لهذه المظاهر �أ�سباب كثيرة‪ .‬على ر�أ�سها‬ ‫ال�صحيح للمنظومة الفكريّة‬ ‫نق�ص الوعي والفهم ّ‬ ‫الإ�سالم ّية‪ ،‬التي تت�ض ّمن قواعد قويّة ومتينة‬ ‫للبناء وت�سيير �ش�ؤون الحياة‪ ،‬وربط العالقات‬ ‫ال�صحيحة بين الم�سلمين فيما بينهم‪ ،‬وبينهم‬ ‫ّ‬ ‫وبين غيرهم‪.‬‬ ‫لم ُيرِد الم�سلمون �أن يفهموا �أ ّن االختالف في‬ ‫ال ّر�أي ال يف�سد للو ّد ق�ض ّية‪ ،‬وال يعرقل للحركة‬ ‫خطوة‪ .‬بل �إ ّن الإ�سالم دين رحمة‪ ،‬ومن رحمته‬ ‫يم�س المبادئ‬ ‫ف�سح المجال لالختالف‪ ،‬ما لم ّ‬ ‫بوية‪ ،‬المصدران‬ ‫القرآن‬ ‫والسنّ ة النّ ّ‬ ‫ّ‬

‫العقالنية في‬ ‫اللّ ذان يدعوان إلى‬ ‫ّ‬ ‫النّ ظر‪ ،‬وفقه ما يدور في الكون‬

‫والأ�صول‪ .‬كما �أ ّن المذاهب مدار�س فكريّة‬ ‫تتكامل فيما بينها لتح ّقق قوّة الإ�سالم في‬ ‫بهذه الموا�صفات ننجح في ت�سيير �ش�ؤوننا‪،‬‬ ‫ال�صحيحة‬ ‫ال�سعة وال ّرحابة وا�ستيعاب ك ّل الأفكار ّ‬ ‫ّ‬ ‫وفر�ض وجودنا‪ ،‬والخروج من �أزمة العقد ال ّنف�س ّية‬ ‫وال ّنظرات المو�ضوع ّية‪ ،‬التي ال تتنافى مع الفطرة‬ ‫التي ت�صوّر لنا �أ ّن العالم �ضدّنا‪ ،‬و�أ ّننا فا�شلون‬ ‫الإن�سان ّية‪.‬‬ ‫في م�شروعاتنا‪ ،‬وال ّتخ ّلي عن اجترار �أقوال �أو‬ ‫نظرات �أو م�صطلحات‪ ..‬تبقينا في نقطة واحدة‪،‬‬ ‫ومنبع الإ�شكاليات في العالقات ترجع في عدم‬ ‫جامدين‪� ..‬إ ّنما �أرجو �أن يكون ُّ‬ ‫كل هذا من الألم‬ ‫فهم الإ�سالم فه ًما عمي ًقا حقيق ًّيا‪ ،‬وفي ال ّتخ ّلف‬ ‫الذي يح ّرك العزائم‪ ،‬ويقوّي الإرادات‪ ،‬وي�شحذ‬ ‫عن �إدراك �سبل ال ّتعامل مع بع�ضهم‪ ،‬بداية من‬ ‫الهمم‪ ...‬وما ذلك على اهلل بعزيز‪ ،‬وما ذلك على‬ ‫ال ّتع ّرف على ما عند ك ّل طائفة من فكر‪ ،‬وحذق‬ ‫المجدّين المخل�صين الموفين بعهد اهلل ببعيد‪.‬‬ ‫ال ّت�ص ّرف معه‪ ،‬بما يخدم الم�صلحة العامّة‬ ‫يقول ّ‬ ‫ال�شيخ �إبراهيم بن عي�سى �أبو اليقظان‪:‬‬ ‫للإ�سالم‪ ،‬وما يح ّقق الحياة الم�ستق ّرة التي تعين‬ ‫(الألم نار حام ّية ت�صهر �إرادة المرء‪ ،‬ف�إن كانت‬ ‫على الإنتاج‪ ،‬وت�ستثمر في العمارة والبناء‪ ،‬كما هي‬ ‫ذهب ّية ازدادت جالء و�صفاء‪ ،‬وقوّة ومتانة‪ ،‬و�إن‬ ‫ر�سالة الإن�سان في الوجود‪ ..‬بدل ذلك نلتقي مع‬ ‫كانت خ�شب ّية رجعت رمادًا فهباء‪ ،‬والحوادث تزيد‬ ‫مجتمع �إ�سالمي مم ّزق الأوا�صر‪ ،‬م�ش ّتت الأفكار‪،‬‬ ‫َ‬ ‫و�ضعيف الإرادة خو ًرا‬ ‫َقوِيَّ الإرادة قوّة وم�ضاء‪،‬‬ ‫مت�ضارب الأهواء والمع�ضلة هنا‪ ،‬في ت�ص ّرفات �أدّت‬ ‫ووه ًنا وفتو ًرا)‪.‬‬ ‫�إلى غياب الحركة االجتهاديّة في ال ّتقريب بين‬ ‫المفاهيم الإ�سالم ّية‪ ،‬و�أدّت �إلى حتم ّية ت�صادمها‬ ‫**‬ ‫ال�سلبي م ّما‬ ‫تعد المفهومات المستقاة من الفكر مذهب ًّيا و�صيرورتها في اال ّتجاه ّ‬ ‫ُّ‬ ‫وخصوصا الفلسفة‬ ‫الغربي‪،‬‬ ‫محور حركة �أدّى �إلى تمزيق �شمل الأمّة‪ ..‬الخروج من هذه‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫للتواصل مع الكاتب وإبداء الرأي يرجى مراسلتنا عبر‪rawaq.r.s.c@gmail.com :‬‬

‫حوالت النّ اتجة عن العولمة تدفعنا‬ ‫إن التّ ّ‬ ‫** ّ‬ ‫باتّ جاه البحث عن وسائل حديثة لإلسهام في‬ ‫قافية لشعوبنا‬ ‫الهوية الثّ‬ ‫تشكيل وحفظ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واإلسالمية‪ ..‬كيف نستفيد من‬ ‫العربية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعلومات في تفسير العالقات القائمة‬ ‫قافية‬ ‫والهويات الثّ‬ ‫ما بين وسائل اإلعالم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المحلية؟ وما هي الوسائل الفاعلة التي‬ ‫ّ‬ ‫تقترحها في حفظ تراثنا من التّ آكل أو الذّ وبان‬ ‫العالمية المعولمة؟‬ ‫في الثّ قافة‬ ‫ّ‬

‫يجب �أال نفزع كثي ًرا من العولمة‪ ،‬فتتحوّل عندنا‬ ‫�إلى كابو�س �أو غول �أو بعبع‪ .‬تخيفنا وتقب�ض‬ ‫�أرواحنا‪ ،‬وتحب�س �أنفا�سنا‪ ،‬وت�ش ّل تفكيرنا وتم�سك‬ ‫حركاتنا‪ .‬لتقنعنا في ال ّنهاية �أ ّنه يجب علينا حت ًما‬ ‫يوجه هذه‬ ‫ال�سير في ركاب من ّ‬ ‫�أو طوعُا �أو كرهًا ‪ّ -‬‬ ‫العولمة الم�ص ّرة على قهر ّ‬ ‫وال�سطو‬ ‫ال�شعوب‪ّ ،‬‬ ‫على حريّة ال ّثقافات في تدبير �أمورها وت�سيير‬ ‫�ش�ؤونها‪�...‬إذا ك ّنا نملك ال ّثقة الكاملة في ثقافتنا‪،‬‬ ‫ال�صادق لهويّتنا‪ ،‬واالرتباط الحقيقي‬ ‫االنتماء ّ‬ ‫ب�أ�صالتنا‪ ،‬ولنا الإيمان القويّ �أ ّننا ن�ستطيع �أن‬ ‫نفعل ما يفعله الأ�صالء‪ ،‬ونبني مثل ما يبني‬ ‫الكبراء‪..‬‬ ‫لذا ف�أنا ال �أقترح ما يجب فعله‪ ،‬وال �أذكر ما هي‬ ‫الو�سائل التي تحفظ تراثنا من ال ّت�آكل‪ ،‬وال‬ ‫ال�سبل الكفيلة‬ ‫�أدّعي �أ ّنني �آت َي ب�شيء جديد من ّ‬ ‫بحماية ثقافتنا وهويّتنا من ال ّذوبان في ال ّثقافة‬ ‫العالم ّية المعولمة‪ .‬ما �أُذ ِّك ُر به هو ال ّرجوع �إلى‬ ‫محا�سبة ال ّذات على ال ّتق�صير في معرفة حقيقة‬ ‫هويّتنا وثقافتنا‪ ،‬ف�إ ّن الجاهل ل�شخ�ص ّيته و�أ�صوله‬ ‫هو الذي يكون عر�ضة لهذه العواقب الوخيمة‬ ‫التي ُذ ِك َر ْت‪ .‬ث ّم وجوب االهتمام بتن�شئة ّ‬ ‫ال�شباب‬ ‫على مبادئنا و�أ�صولنا وعاداتنا وتقاليدنا‪ .‬في‬ ‫جميع الميادين‪ ،‬وفي ك ّل الم� ّؤ�س�سات‪ ،‬وفي جميع‬ ‫الأ�صعدة‪ .‬هذا الدّور منوط في الدّرجة الأولى‬ ‫بالأ�سرة‪ ،‬وبالمدر�سة بك ّل م�ستوياتها من الح�ضانة‬ ‫�إلى الجامعة وما بعدها‪ .‬ففي هذه الم� ّؤ�س�سات‬ ‫تتبلور �شخ�ص ّية ك ّل فرد م ّنا‪ ،‬وفيه يتل ّقى القيم‬ ‫التي ت ّت�صل بثقاقتنا‪ ،‬ومنه ت�ؤخذ مقوّمات‬ ‫�شخ�ص ّيتنا الحقيق ّية‪.‬‬ ‫من دون �أن ننغلق على �أنف�سنا وننعزل‪ ،‬فال ُنفي ُد‬ ‫من ال ّثقافات الأخرى‪ .‬بل يجب �أن ن�أخذ منها‬ ‫ونعطي لها من عندنا ما ي�ضمن ال ّتفاعل وتبادل‬ ‫المنافع‪ .‬فثقافة �أيّة �أمّة تتكوّن من عموم ّيات‬ ‫وخ�صو�ص ّيات ومتغ ّيرات‪ .‬الب ّد من ال ّتعامل مع‬ ‫هذه المكوّنات بحكمة ودراية وكفاية وذكاء ومهارة‬ ‫ومرونة‪ ..‬من دون �أن نن�سى ما للإعالم من دور‬ ‫كبير في الحفاظ على ال ّتراث �سال ًما من ال ّت�شويه‪،‬‬ ‫والمحافظة على الهويّة من ال ّذوبان‪.‬‬

‫حوار‬

‫والم�صطلحات؛ من حيث وع ُينا لها‪ ،‬و�إدرا ُكنا‬ ‫لحقيقتها‪ ،‬ومعرفة طريقة ال ّتعامل معها‬ ‫بمو�ضوع ّية‪ ،‬تنطلق من مبادئ محدّدة وا�ضحة‬ ‫ثابتة‪ ..‬ح ّتى ال تدخلنا في متاهات‪ ،‬قد ن�ضيع‬ ‫ال�س�ؤال ‪ :‬ما‬ ‫ب�سببها‪� ..‬أقول باخت�صار �إجابة على ّ‬ ‫يجب علينا‪ ،‬ونحن ننتمي �إلى الإ�سالم‪ ،‬ونحر�ص‬ ‫�أن ن�ستوعبه ج ّيدًا‪ ،‬ب�شكل �شامل وعميق‪ ،‬في جميع‬ ‫ما يحمله من ت�شريعات وتوجيهات‪� ..‬أن نط ّبق معه‬ ‫ال�سير في ّ‬ ‫خط م�ستقيم‪،‬‬ ‫�أو فيه ً‬ ‫منهجا‪ ،‬ي�ضمن لنا ّ‬ ‫ُن ْق َط َتا االرتكاز فيه‪ :‬المبادئ والأهداف؛ م�صدا ًقا‬ ‫لقوله تعالى‪} :‬و�أ ّن هذا �صراطي م�ستقي ًما‬ ‫ال�سبل فتف ّر َق بكم عن �سبيله‬ ‫فا ّتبعوه وال ت ّتبعوا ّ‬ ‫و�صاكم به لع ّلكم ت ّتقون{ (الأنعام‪.)153/‬‬ ‫ذلكم ّ‬ ‫بعد االلتزام بهذه القاعدة في المنطلق‪ ،‬ت�أتي‬ ‫القاعدة ال ّثان ّية‪ ،‬وهي القراءة الواع ّية للفكر‬ ‫الإ�سالمي‪ ،‬والعمل على ا�ستيعابه‪ ،‬كما يدعو‬ ‫وال�س ّنة‬ ‫�إلى هذا الفك ُر ُ‬ ‫نف�سه‪ ،‬من خالل القر�آن ّ‬ ‫ال ّنبويّة‪ ،‬هذان الم�صدران ال ّلذان يدعوان �إلى‬ ‫العقالن ّية في ال ّنظر‪ ،‬وفقه ما يدور في الكون‪ ،‬و�إلى‬ ‫ال ّتفكير العميق فيما يعر�ض‪(..‬لقوم يتف ّكرون‪،‬‬ ‫لع ّلكم تعقلون‪ ،‬قل انظروا‪ )...‬ث ّم ال ّت�س ّلح بال ّثقافة‬ ‫الوا�سعة‪ّ ،‬‬ ‫واالطالع الكبير‪ ،‬وم�سايرة ال ّتطوّر في‬ ‫الحياة المتغ ّيرة تغ ّيرا �سري ًعا ومتوا�صال‪ ،‬كما‬ ‫ع ّبر عن ذلك �أحد فال�سفة اليونان بقوله‪� :‬إ ّنك‬ ‫لن ت�ستطيع �أن ت�ضع رجلك في ال ّنهر م ّرتين‪ .‬مع‬ ‫ال�ساحة ب�صفة‬ ‫�إدراك كبير لما يحدث وما يدور في ّ‬ ‫دائمة‪ ،‬وال ّتح ّلي باليقظة والوعي لما ّ‬ ‫يخطط‬ ‫من مختلف الجهات والدّوائر في العالم‪ .‬مع‬ ‫ا�ست�شراف الم�ستقبل‪ ،‬واال�ستعداد لخو�ض معترك‬ ‫الحياة بقوّة وثقة في ال ّنف�س‪ ..‬والقدرة على دخول‬ ‫ال�سياق والمناف�سة والمدافعة بكفاية ودراية‪،‬‬ ‫حلبة ّ‬ ‫ال�سقوط فيها �أو منها‪� ،‬إذ‬ ‫والبقاء فيها‪ ،‬وعدم ّ‬ ‫البقاء فيها للأقوى والأ�صلح‪.‬‬

‫الغربيين‪ ،‬وهي ما‬ ‫الخطاب الفكري عند‬ ‫ّ‬ ‫ينظمه ويضبطه‪ .‬وهي لبنات بناء النّ ظام‬ ‫اإلنسانية‬ ‫المعرفي والنّ ظري في العلوم‬ ‫ّ‬ ‫نفسر ضعف وندرة‪ ،‬بل وغياب‬ ‫خاصة‪ .‬بماذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االجتهادية في التّ قريب بين المفاهيم‬ ‫الحركة‬ ‫ّ‬ ‫مذهبيا‬ ‫تصادمها‬ ‫ة‬ ‫وحتمي‬ ‫اإلسالمية‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أدى إلى‬ ‫مما ّ‬ ‫السلبي ّ‬ ‫وصيرورتها في االتّ جاه ّ‬

‫ال�سير‪،‬‬ ‫الو�ضع ّية كقيل بت�صحيح الم�سار‪ ،‬و�إ�صالح ّ‬ ‫وتحقيق ال ّتقدّم واالزدهار وال ّتطوّر‪..‬‬

‫‪21‬‬


‫ذاكــرة‬

‫‪22‬‬

‫أحداث وأيام‬ ‫شهر ديسمبر‬ ‫ •‪ 1970‬أعتمد العلم العماني بقرار‬ ‫سلطاني‪ ،‬ورفع ألول مره‬ ‫ •‪ 1970‬بدأ اإلرسال اإلذاعي من‬ ‫صاللة على الموجة المتوسطة بقدرة‬ ‫كيلووات واحد ولمدة خمس ساعات‬ ‫يوميا‪.‬‬ ‫ •‪ 1988‬افتتاح متحف القوات المسلحة‬ ‫تحت الرعاية السامية في قلعة بيت‬ ‫الفلج‪.‬‬

‫أحداث تاريخية‪:‬‬ ‫‪ 1621‬عالم الفلك اإليطالي جاليليو جاليلي‬ ‫يخترع التلسكوب الخاص به‪.‬‬

‫‪ 1879‬توماس إديسون يخترع المصباح‬ ‫الكهربائي‪.‬‬

‫‪ 1898‬ماري كوري وزوجها بيار كوري يكتشفان‬

‫‪1980‬‬

‫مادة الراديوم المشعة‪.‬‬

‫‪ 1901‬بدء تسليم جوائز نوبل للمرة األولى‪.‬‬ ‫‪ 1903‬افتتاح المتحف اإلسالمي في القاهرة‪.‬‬ ‫‪ 1922‬راديو ‪ BBC‬يبدأ البث للمرة األولى‪.‬‬ ‫‪ 1963‬زنجبار تستقل عن التاج البريطاني‪.‬‬

‫حفر ‪ 300‬بئر في المناطق‬ ‫الناذية لتوفير مياه صالحة‬ ‫للشرب والزراعة‬

‫‪ 1971‬اإلمارات العربية المتحدة تنظم إلى‬ ‫جامعة الدول العربية‪.‬‬

‫‪ 2013‬وفاة نيلسون مانديال‪ ،‬زعيم مناهضة‬

‫الفصل العنصري ورئيس جنوب أفريقيا‪.‬‬

‫األيام الدولية‬ ‫ •‪ 1‬ديسمبر‪ :‬اليوم العالمي لإليدز‬

‫ذاكرة‬ ‫ ‬

‫في شهر ديسمبر ‪1980‬‬

‫•تعزيز التعاون الصحي بين السلطنة والواليات المتحدة‬

‫ •‪ 2‬ديسمبر‪ :‬اليوم العالمي إلذاعة برنامج‬ ‫الطفل‬ ‫ •‪ 3‬ديسمبر‪ :‬اليوم الدولي لألشخاص‬ ‫ذوي اإلعاقة‪.‬‬

‫ •‪ 5‬ديسمبر‪ :‬اليوم الدولي للمتطوعين‬ ‫من أجل التنمية االقتصادية‬ ‫واالجتماعية‬ ‫ •‪ 7‬ديسمبر‪ :‬يوم الطيران المدني الدولي‬

‫ •‪ 7‬ديسمبر‪ :‬يوم األسرة العربية‬

‫ •‪ 9‬ديسمبر‪ :‬اليوم الدولي لمكافحة الفساد‬

‫ •‪ 10‬ديسمبر‪ :‬اليوم العالمي لحقوق اإلنسان‬

‫ •‪ 11‬ديسمبر‪ :‬يوم قوات السلطان المسلحة‬ ‫ •‪ 11‬ديسمبر‪ :‬اليوم العالمي لمكافحة الربو‬

‫ •‪ 15‬ديسمبر‪ :‬يوم المعاق الخليجي‬

‫فعاليات الشهر‬ ‫ •معرض عمان لالبتكارات والتكنولوجيا‪ ،‬المقام بتاريخ ‪ ٣- ١‬ديسمبر ‪ ،2015‬بمركز‬ ‫عمان الدولي للمعارض‪.‬‬

‫ •معرض اآلالت والمعدات الصناعية‪ ،‬والمقام بمركز عمان الدولي للمعارض‪ ،‬بتاريخ‬ ‫‪9_7‬ديسمبر‪2015‬م‪.‬‬

‫ •ندوة "اإلشهار والثقافة العمانية"‪ ،‬والتي ستقام بتاريخ ‪9_8‬ديسمبر‪ ،2015‬بمبنى‬ ‫النادي الثقافي‪.‬‬

‫ •معرض عمان الدولي لمستلزمات وكتاب الطفل ‪ ،2015‬بمركز عمان الدولي‬ ‫للمعارض‪ ،‬وسيقام بتاريخ ‪ ١٩ - ١٦‬ديسمبر ‪.2015‬‬


‫مقال‬ ‫مقال‬

‫عماد بن حسين باقر‬

‫‪23‬‬

‫أدوار اقتصادية وسياسية لكرة القدم‬ ‫تتفوق كرة القدم عالميا من حيث ال�شعبية‬ ‫على مختلف الريا�ضات الجماعية والفردية‪،‬‬ ‫الأمر الذي جعل لها ا�سهامات اقت�صادية‬ ‫وا�ضحة‪ ،‬و�أن�شئت مدار�س تهتم بالمواهب‬ ‫الكروية وترعاها في وقت مبكر و�صرفت‬ ‫الدول والأندية مبالغ كبيرة لال�ستثمار‬ ‫بهذه المدار�س‪ ،‬نذكر منها مدر�سة بر�شلونة‬ ‫�أو �أكاديمية الما�سيا التي حققت نجاحا كبيرا‬ ‫من خالل الأ�سماء الكبيرة التي قدمتها مثل‬ ‫الأرجتيني لونيل مي�سي واال�سبانيين ت�شافي‬ ‫هيرنانديز و �أندريا�س �إني�ستا‪ ،‬وكذلك ن�شير‬ ‫لمدر�سة ريال مدريد‪.‬‬ ‫وتقوم الأندية الأوربية الكبيرة وخ�صو�صا‬ ‫الإ�سبانية‪ ،‬والإنجليزية‪ ،‬والألمانية‪،‬‬ ‫وااليطالية ب�صرف مبالغ كبيرة في �شراء‬ ‫الالعبين‪ ،‬ودفع الرواتب‪ ،‬ومن �ضمن هذه‬ ‫الأندية قطبي الكرة اال�سبانية ريال مدريد‬ ‫وبر�شلونة‪ ،‬ومان�شتر يونايتد االنجليزي‪،‬‬ ‫وبايرن ميونخ االلماني‪ ،‬واالندية االيطالية‬ ‫مثل اليوفنتو�س واي �سي ميالن واالنتر‬ ‫ميالن‪ ،‬وذكرنا لهذه الأندية ال يعني الح�صر‬ ‫و�إنما على �سبيل المثال‪.‬‬ ‫وقد نجح الكثير من الالعبين الذي قدِ موا‬ ‫من افريقيا و�أمريكا الجنوبية‪ ،‬وبع�ض هذه‬ ‫الدول فقيرة جدا‪ ،‬في تحقيق نجومية‪،‬‬ ‫وثروات �ضخمة‪ ،‬وكذلك ف�إن رواتب‬ ‫المدربين هي �أي�ضا كبيرة في هذه الدوريات‪،‬‬ ‫وقد تطورت المنتخبات الإفريقية ب�سبب‬ ‫احتراف العبيها في �أوربا‪ ،‬و�أ�صبح لمنتخبات‬ ‫القارة ال�سمراء مثل نيجيريا‪ ،‬والكاميرون‪،‬‬ ‫وغانا‪ ،‬وكوت ديفوار‪ ،‬وغيرها من المنتخبات‬ ‫الإفريقية ثقل الي�ستهان به‪ ،‬فالكاميرون‬ ‫هي �أول منتخب �أفريقي يت�أهل �إلى الدور‬ ‫الربع نهائي في ك�أ�س العالم وتحقق ذلك‬ ‫في مونديال ‪1990‬بعد الفوز على الأرجنتين‪،‬‬ ‫ورومانيا‪ ،‬وكولومبيا‪ ،‬والخروج ب�صعوبة بعد‬ ‫الخ�سارة في الوقت الإ�ضافي من انجلترا‪،‬‬ ‫و�أما غانا فقد ت�أهلت الى الدور ربع النهائي‬ ‫بك�أ�س العالم ‪ 2010‬بجنوب �أفريقيا في �أول‬

‫نهائيات ت�ست�ضيفها دولة �أفريقية‪.‬‬ ‫وقد قامت �صناعات ب�سبب هذه الريا�ضة‬ ‫مثل الأدوات والأجهزة والمالب�س الريا�ضية‪،‬‬ ‫فمن منا اليعرف �شركتي اديدا�س وبوما‬ ‫الألمانيتين والبريطانية �أمبرو ؟ وحب‬ ‫ال�شباب وحر�صهم على �شراء المالب�س‬ ‫الريا�ضية للفرق التي ي�شجعونها‪.‬‬ ‫و�شرعت الدول في بناء المن�ش�آت الريا�ضية‬ ‫والخدمية كالمالعب والفنادق و�شبكات‬ ‫الطرق والموا�صالت ال�ست�ضافة الفعاليات‬ ‫الكروية‪ ،‬والجماهير القادمة لم�ساندة‬ ‫منتخباتها �أو �أنديتها مما �ساهم في تن�شيط‬ ‫الحركة التجارية‪ ،‬وال�سياحية‪ ،‬وتقوية البنى‬ ‫التحتية‪ ،‬وتتناف�س المحطات التلفزيونية‬ ‫على �شراء حقوق البث للبطوالت العالمية‪،‬‬ ‫والقارية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وزادت برامج التحليل‬ ‫للمباريات مما �ساهم في خلق وظائف‬ ‫جديدة لالعبين المعتزلين‪ ،‬والمدربين‪،‬‬ ‫وال�شخ�صيات النا�شطة ريا�ضيا‪ ،‬كما �إزدادت‬ ‫عوائد االعالنات‪.‬‬ ‫وقد ا�ستفادت الدول النامية من هذه‬ ‫الريا�ضة‪ ،‬فنجد �أن الباك�ستان التي تعتبر‬ ‫الكريكيت اللعبة ذات ال�شعبية الأولى بها‪،‬‬ ‫وت�صنيفها العالمي في كرة القدم مت�أخر وفقا‬ ‫للفيفا‪� ،‬إال �أن ذلك لم يمنع الباك�ستان من �أن‬ ‫تكون في �صدارة الدول الم�صنعة لكرات القدم‬ ‫مما �ساهم في خلق وظائف وم�صدر دخل بهذا‬ ‫البلد‪.‬‬ ‫�أما فيما يتعلق بت�أثير وت�أثر كرة القدم في‬ ‫ال�سيا�سة‪ ،‬ف�إن �سبب العداء بين قطبي الكرة‬ ‫الإ�سبانية ريال مدريد وبر�شلونة غير مق�صور‬ ‫على التناف�س الريا�ضي‪ ،‬بل تمتد جذور هذا‬ ‫العداء �إلى زمن الجنرال اال�سباني فرانكو‬ ‫الذي حكم ا�سبانيا من العام ‪ 1931‬ولغاية‬ ‫العام ‪ 1975‬لدعمه للريال ومنا�صبته العداء‬ ‫للنادي الكاتالوني‪.‬‬ ‫ونالحظ ارتباط �أ�سماء بع�ض ال�سا�سة مع‬ ‫الأندية الريا�ضية‪ ،‬فعلى ال�سبيل ولي�س‬ ‫الح�صر اطلق الملك فاروق ا�سم نادي فاروق‬

‫للتواصل مع الكاتب وإبداء الرأي يرجى مراسلته على‪imadhussain09@hotmail.com :‬‬

‫على النادي الذي يعرف اليوم با�سم الزمالك‬ ‫وكان ذلك في العام ‪� ،1944‬إال �أنه بعد ثورة‬ ‫‪ 23‬يوليو تم اطالق ا�سم الزمالك على هذا‬ ‫النادي العريق ‪ ،‬وعند الحديث عن الزمالك‬ ‫ال بد من ذكر النادي الأهلي‪ ،‬وقبول الرئي�س‬ ‫جمال عبد النا�صر تولي الرئا�سة ال�شرفية‬ ‫لهذا النادي العريق وذلك في ‪ 17‬يناير من‬ ‫العام ‪ 1956‬تحديدا‪.‬‬ ‫�أما المباراة الفا�صلة بين منتخبي هندورا�س‬ ‫وال�سلفادور في الت�صفيات الم�ؤهلة لك�أ�س‬ ‫العالم ‪ 1970‬بالمك�سيك‪ ،‬فقد كانت �سببا‬ ‫في ا�شعال فتيل حرب مدتها �أربعة �أيام بين‬ ‫البلدين‪.‬‬ ‫ومن �أ�شد المعلومات ا�ستغرابا بالن�سبة لي‪،‬‬ ‫عندما ذكر لي �أحد زمالء الدرا�سة خالل فترة‬ ‫درا�ستي للماج�ستير با�سكوتالندا ب�أن �أغلب‬ ‫جماهير نادي �سلتيك من طائفة الكاثوليك‬ ‫بينما �أغلب جمهور نادي رينجرز من طائفة‬ ‫البروت�ستانت ويعتبر هذين الناديين قطبي‬ ‫كرة القدم في ا�سكوتلندا‪� ،‬إال �أن الأخير عانى‬ ‫من �صعوبات مالية �أدت �إلى هبوطه وكال‬ ‫الفريقين من مدينة جال�سكو‪.‬‬ ‫وختاما‪ ،‬ا�ستفادة كرة القدم في �أحيان كثيرة‬ ‫من ارتباطاتها باالقت�صاد وال�سيا�سة �إال �أن‬ ‫لها فوائد �صحية‪ ،‬واجتماعية ال تقدر بثمن‪،‬‬ ‫وانني ال �أزال �أتذكر ذهابي اليومي الى‬ ‫النادي الأهلي للتدريب خالل فترة الطفولة‬ ‫والمراهقة‪ ،‬وجمع هذا النادي لجميع ابناء‬ ‫المنطقة‪ ،‬حيث �أن دور هذا النادي العريق لم‬ ‫يكن مق�صورا على الن�شاطات الريا�ضية بل‬ ‫امتد لي�شمل الن�شاط الم�سرحي‪ ،‬والثقافي‪،‬‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬وكم كنت �أتمنى �أن ي�ستمر ا�سم‬ ‫هذا النادي كما هو حتى بعد الدمج فهو �أول‬ ‫ناد يت�شرف بالفوز بك�أ�س ح�ضرة �صاحب‬ ‫الجالله ‪-‬حفظه اهلل ورعاه ‪ -‬و�أول ناد يمتلك‬ ‫هذه الك�أ�س الغالية بعد فوزه بها بثالث مرات‬ ‫متتالية بالإ�ضافة �إلى ح�صده للبطوالت في‬ ‫الألعاب الريا�ضية الأخرى‪.‬‬


‫مقال‬ ‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬

‫‪24‬‬

‫قوة فاعلة‪ ،‬ومؤثّ رة‬ ‫اللغة ‪ّ ..‬‬ ‫ميّز اهلل الإن�سان بنعمة البيان التي ك ّرمه بها‬ ‫عن �سائر مخلوقاته‪ ،‬فا�ستطاع التعبير عن م�شاعره‪،‬‬ ‫و�أفكاره بالأل�سن المختلفة‪ ،‬فاللغة ك�أداة للتعبير‪،‬‬ ‫ووعاء للفكر يعبّر بها الإن�سان عن م�شاعره‪ ،‬و�أفكاره‪،‬‬ ‫و�أحالمه‪ ،‬ويكت�سب من خاللها المعارف‪ ،‬وللغات‬ ‫قيمة ح�ضارية كبرى‪ ،‬وهناك ارتباط وثيق بين‬ ‫اللغات‪ ،‬واالنت�شار الح�ضاري‪ ،‬وكلما �سادت لغة ازدهرت‬ ‫ح�ضارتها‪ ،‬والعك�س �صحيح‪ ،‬والأمم على مدار التاريخ‬ ‫الإن�ساني اكت�سبت قوتها من لغاتها‪ ،‬فعندما انت�شرت‬ ‫اللغة العربية كانت الح�ضارة في الع�صور الإ�سالمية‬ ‫في �أوجها ومن خالل قراءة التاريخ‪ ،‬نجد �أن الكثير‬ ‫من الح�ضارات اندثرت مع اندثار لغاتها‪ ،‬ففي‬ ‫�أ�ستراليا وحدها اندثرت ‪ 200‬لغة محلية بعد وفود‬ ‫موجات المهاجرين ‪.‬‬ ‫وتكمن �أهميّة اللغة في ت�أثيرها الوا�سع على الفرد‪،‬‬ ‫والمجتمع‪ ،‬فالدرا�سات‪ ،‬على مر الأزمنة‪� ،‬أ ّكدت �أن‬ ‫للغة قوة غير ملمو�سة ت�ؤثر في المجتمع‪ ،‬وفي حياة‬ ‫الإن�سان‪ ،‬وتكوين �شخ�صيته‪ ،‬والطفل عندما يتعلم‬ ‫مفرداته الأولى يتعلم معها مدلوالتها‪ ،‬ووظائفها‪،‬‬ ‫وثقافة المجتمع من عادات‪ ،‬وتقاليد‪ ،‬وتاريخ‪ ،‬ويبد�أ‬ ‫يرى العالم من خالل لغته‪ ،‬ويتعرف على تاريخه‪،‬‬ ‫وح�ضارته‪ ،‬وثقافته من خاللها �أي�ضا ‪ ،‬يقول ال�شيخ‬ ‫عمر عبيد ح�سنة في اللغة الأم ( اللغة العربية م�ستودع‬ ‫�شعوري هائل يحمل خ�صائ�ص الأمة و ت�صوراتها‪،‬‬ ‫وعقيدتها‪ ،‬وتاريخها‪ ،‬ويبقى تع ّلم اللغات الأخرى‬ ‫حاجة �إ�ضافية �ضرورية للم�سلم المعا�صر ‪ ،‬مع الحذر‬ ‫�أن تلغى حوا�سه الأ�صلية‪� ،‬أو تكون بديال عنها)‪.‬‬ ‫وي�ؤكد الباحثون �إ ّن للغة ت�أثيراً كبيراً في �أ�سلوب‬ ‫تفكيرنا‪ ،‬ونظرتنا اتجاه الحياة‪ ،‬ف�أ�سلوب التفكير‬ ‫يت�أثر بمعاني الكلمات‪ ،‬وا�ستخداماتها التي تختلف‬ ‫من مجتمع لآخر‪ ،‬فعلى �سبيل المثال‪ ،‬تختلف قواعد‬ ‫الحديث وتوظيف الألفاظ من مجتمع لآخر‪ ،‬وقد‬ ‫ت�سبب اال�ستخدام غير ال�صحيح لقواعد اللغة في‬ ‫الإختالف بين الأفراد ‪ ،‬فاللغة عامل اجتماعي م�ؤثر‬ ‫على حياة الأفراد‪.‬‬ ‫ويرى دان �سلوبين بروفي�سور في مجال اللغات (�إن‬ ‫اللغة �أكثر من مجرد رموز‪ ،‬فعقل الإن�سان يت�شكل من‬ ‫خالل الخبرات‪ ،‬والتجارب التي يكت�سبها من خالل‬

‫اللغة)‪ ،‬بمعنى �آخر ال يمكن عزل اللغة من م�ضمونها‬ ‫الثقافي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬ف�إن �أراد ال�شخ�ص تعلم لغة‬ ‫جديدة ‪ ،‬عليه �أن يعي�ش تجربتها بالكامل‪ ،‬حتى يكت�سب‬ ‫اللغة تماما‪ ،‬لذلك نجد �أن تع ّلم اللغات يت ّم من خالل‬ ‫و�سائل تعليمية متنوعة تكوّن تجربة ثقافية ‪.‬‬ ‫ومن عجائب اللغات �أن تنمو‪ ،‬وتت�سع‪ ،‬فبقدر االهتمام‬ ‫الذي تحظى به اللغة من �أبنائها تتن�شر‪ ،‬وتقوى ‪ ،‬لذلك‬ ‫نجد �أ ّن الكثير من البلدان �سعت �إلى و�ضع خطط‪،‬‬ ‫وموازنات كبيرة للحفاظ على لغاتها داخل المجتمع‬ ‫والترويج لها في العالم لإدراكها �أن ن�شر اللغة ك�أداة‬ ‫للح�ضارة ‪،‬والفكر لها فوائد جمة على الدولة خ�صو�صا‬ ‫في نقل المعرفة‪ ،‬والعلوم ‪،‬من و�إلى المجتمع‪ ،‬وما‬ ‫ي�صحبه من �أعمال ترجمة‪ ،‬ونقل مفاهيم ثقافية‪،‬‬ ‫فعلى �سبيل المثال‪ ،‬ال الح�صر �س ّنت فرن�سا‪ ،‬واليابان‬ ‫‪،‬وال�صين‪ ،‬وغيرهما من الدول قوانين لحماية لغتها‬ ‫الأمّ‪ ،‬وجعلتها اللغة الر�سمية في معظم المعامالت‬ ‫الإدارية‪ ،‬والتجارية ‪،‬هذا من جانب‪ ،‬ومن جانب �آخر‬ ‫�سعت كل من فرن�سا‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬والواليات المتحدة‬ ‫للترويج عن لغاتها من خالل ان�شاء مدار�س ومعاهد‬ ‫تعليم اللغة‪ ،‬وتوفير المنح الدرا�سية للراغبين في‬ ‫الدرا�سات الجامعية‪ ،‬والعليا قد حذت حذوها دول‬ ‫�أخرى مثل ‪:‬كوريا‪ ،‬و�إ�سبانيا‪ ،‬و�ألمانيا ‪ ،‬و�سوقت للغاتها‬ ‫كي ت�صبح اللغة الر�سمية‪ ،‬والتجارية‪ ،‬علما ب�أن هناك‬ ‫لغات كثيرة التي ال تق ّل �سال�سة‪ ،‬وغنى‪.‬‬ ‫لقد �أ�صبحت اللغة الإنجليزية من اللغات الأكثر‬ ‫انت�شارا‪ ،‬نتيجة للترويج المنهجي الذي ت ّم في القرنين‬ ‫الما�ضيين‪ ،‬فالدرا�سات ت�شير �إلى �أن الواليات المتحدة‬ ‫اعتمدت الإنجليزية لغة ر�سمية قامت بن�شرها‬ ‫واعتمادها كلغة للعلوم‪ ،‬واعتمدت على خم�س م�ؤ�س�سات‬ ‫للترويج لها‪ ،‬وت�ضاعف �أعداد المتحدثين بها من‬ ‫مختلف دول العالم‪� ،‬أما �ألمانيا‪ ،‬ف�إنها �أنفقت ما يقارب‬ ‫على ‪ %50‬من ميزانيتها الثقافية على ترويج اللغة‬ ‫الألمانية كو�سيلة‪ ،‬و�أداة للعالقات الدولية والتبادل‬ ‫الأكاديمي من خالل م�ؤ�س�سات تعليمية‪ ،‬وعلمية‪.‬‬ ‫ول�سلطنة عمان تجربة رائدة في هذا المجال‪،‬‬ ‫فكلية ال�سلطان قابو�س لتعليم اللغة العربية‬ ‫لغير الناطقين بها تع ّد من الم�شروعات التي‬ ‫ت�ؤكد على �أهمية تعليم اللغة العربية‪ ،‬كمكون‬ ‫ثقافي‪ ،‬وح�ضاري‪ ،‬وهذا ال�صرح العلمي ال ي�ساهم‬

‫للتواصل مع الكاتب وإبداء الرأي يرجى مراسلتها على‪mirfat.alaraimi@oeppa.om :‬‬

‫فقط في الترويج للغة‪ ،‬بل يعمل على الترويج‬ ‫الثقافي‪ ،‬وال�سياحي للثقافة العمانية والعربية ‪.‬‬ ‫لقد ربط بع�ض الباحثين بين �ضعف المهارة اللغوية‬ ‫‪ ،‬وبين تعلم اللغة الأجنبية‪ ،‬ومن هذا المنطلق اتفق‬ ‫معظم الباحثين على �أن تع ّلم اللغة الأجنبية‪� ،‬أو اللغة‬ ‫الثانية يجب �أن يتم بعد ال�سن التا�سعة‪� ،‬أو في ال�صف‬ ‫الرابع االبتدائي‪� ،‬أي بعد �أن يكت�سب الفرد لغته الأم‪،‬‬ ‫فقد �أكدت درا�سة علمية �أ َّن النمو اللغوي لدى الطفل‬ ‫يت�أخر لو تع ّلم لغة �أخرى �إلى جانب لغته الأم ‪.‬‬ ‫كما �أ�شارت درا�سات �أخرى �إلى �أهمية تع ّلم القراءة‪،‬‬ ‫والكتابة في �إك�ساب اللغة‪ ،‬فحتى ي�ستطيع الفرد تع ّلم‬ ‫الكتابة‪ ،‬عليه تع ّلم القراءة ‪ ،‬وبالقراءة يتع ّزز المخزون‬ ‫اللغوي‪ ،‬والمفردات‪ ،‬وي�صبح الإن�سان �أكثر قدرة على‬ ‫التعبير‪ ،‬ونقل المعرفة بالكتابة‪.‬‬ ‫لقد �ساهمت التكنولوجيا الحديثة في �إ�ضعاف م�ستوى‬ ‫الكتابة‪ ،‬والقراءة‪ ،‬فلم نعد نبحث عن معاني الكلمات‬ ‫بالمعاجم‪ ،‬وال نتناف�س على ر�سم الخط‪� ،‬أوالقراءة‪،‬‬ ‫لأ ّن الحا�سب الآلي يو ّفر لنا بدائل كثيرة للخطوط‪،‬‬ ‫والمرادفات‪ ،‬وهذا �ساهم ب�شكل كبير في ا�ضعاف‬ ‫المهارة اللغوية لدى البالغين‪ ،‬لأنه �أ�صبح متلقيا‬ ‫�أكثر منه باحثا عن المعرفة‪،‬حتى يومنا هذا‪ ،‬اذكر‬ ‫كيف تع ّلمنا �أ�سا�سيات اللغة العربية من خالل برامج‬ ‫االطفال وح�ص�ص الإمالء‪ ،‬والخط العربي‪ ،‬وح�صة‬ ‫القراءة‪ ،‬والمكتبة‪ ،‬والأنا�شيد‪ ،‬والم�سابقات الثقافية‬ ‫التي كانت بالمدار�س‪ ،‬و�أخرى تن�شر في و�سائل الإعالم‬ ‫المرئية‪ ،‬والمطبوعة ‪.‬‬ ‫�إ ّن �صيانة اللغة‪ ،‬وتعزيزها تكون بقناعة من المجتمع‬ ‫‪،‬وبتطبيق مجموعة من الإجراءات التي تعزز من‬ ‫مكانتها بدءاً من تعزيز المناهج الدرا�سية‪ ،‬وتطوير‬ ‫م�ضمونها النوعي في كافة مراحلها‪ ،‬وتطوير طرق‬ ‫التدري�س بما يتنا�سب مع المتلقي �إلى �سن قوانين‬ ‫لحماية اللغة ‪،‬ولع ّل �إدخال الأنماط الحديثة‪،‬‬ ‫والتكنولوجيا وتوظيف و�سائل الإعالم في ت�سويق‬ ‫اللغة �سيكون لها الأثر الإيجابي ‪ ،‬وال يخفى على �أحد‬ ‫�أن تطوير االقت�صاد مرتبط ارتباطا وثيقا بتعزيز‬ ‫المعرفة‪ ،‬والعلوم‪ ،‬وهما يعتمدان على تعزيز المهارات‬ ‫اللغوية كي ي�صبح الفرد قادرا على اكت�ساب المعرفة‪،‬‬ ‫ونقلها ‪،‬من و�إلى‪ ،‬مجتمعه ‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.