إصدار رواق العدد الخامس

Page 1

‫العدد (‪)٥‬‬

‫مع ‪:‬‬

‫إصدارشهري يصدر عن‬

‫أغسطس ‪٢٠١٥‬م‬

‫‪74000‬‬ ‫زائر لخريف صاللة‬

‫في منتصف يوليو‬

‫‪6‬‬

‫مركــز الدراســـات والبحــوث‬

‫الترجمة هي عملية بقلب‬ ‫مفتوح للنص‬

‫‪14‬‬

‫تبني الدول التفاقية دولية‬ ‫حول المناخ‬

‫‪20‬‬

‫مقارنات في حساب معدالت‬ ‫التضخم ‪ ..‬نتائج ومؤشرات‬


‫انطالقة‬

‫‪2‬‬

‫امسح وشاهد‬ ‫المتعددة في‬ ‫في إطار توظيف الوسائط‬ ‫ّ‬ ‫القراء‬ ‫الورقية للمزيد من التفاعل مع‬ ‫الصحافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫للمرة األولى في‬ ‫يدشن "رواق" خدمة جديدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطور التكنولوجي‬ ‫السلطنة مستفيدين من‬ ‫ّ‬

‫وجعله في خدمة القاريء ولمشاهدة مقاطع‬ ‫قم بالمسح‬ ‫الفيديو الموجودة بـ"رواق"‬ ‫ْ‬ ‫بكل مقطع فيديو‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الضوئي (للباركود) الخاص‬

‫وبإمكان مستخدمي أجهزة الهواتف المحمولة‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫والحواسيب‬ ‫ّ‬ ‫االندرويد تحميل برنامج (َ‪)QR Code Reader‬‬

‫من متجر (‪ )Play Store‬كما يمكن لمستخدمي‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫الهواتف واألجهزة‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )iOS‬تحميله من موقع (‪.)iTunes‬‬

‫الرئيس التنفيذي‬ ‫د‪ .‬إبراهيم بن أحمد الكندي‬

‫اإلشراف التحريري‬

‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬

‫مديرة مركز الدراسات والبحوث‬

‫المراجعة التحريرية‬ ‫عبد الرزاق الربيعي‬ ‫ناصر أبو عون‬

‫التنسيق الفني والمتابعة‬ ‫زبيدة بنت علي البلوشية‬

‫التصوير واإلنتاج الفني‬ ‫حمــد الرئيــــسي‬

‫عبد العزيز السكيتي‬

‫اإلخراج والتنفيذ‬ ‫طاهر الحراصي‬

‫صورة الغالف ‪ :‬تصوير حمد الرئيسي‬

‫محمد بن راشد العيسائي‬

‫الترجمة‬

‫أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫إصدار متخصص يصدر عن مركز الدراسات والبحوث ويوزع مع جريدة عمان‬

‫جميع اآلراء الواردة في اإلصدار تعبر عن آراء كاتبيها فقط وال تعبر عن رأي المركز‪.‬‬ ‫يرحب رواق بجميع المشاركات والمساهمات واالبتكارات العلمية والبحثية التي تقدم‬ ‫حلوال قابلة للتطبيق‪ ،‬ونرجو تواصلكم عبر‪:‬‬

‫مع رواق‬

‫هاتف‪/24649145 - 24649192:‬فاكس‪24649143 :‬‬ ‫ايميل‪rawaq.r.s.c@gmail.com :‬‬ ‫ُط ِبع بمطابع مؤسسة ُعمان للصحافة والنشر واإلعالن‬


‫"صيف المواهب" ‪ ..‬يحتضن مواهب النشء الجديد‬

‫أخبار‬

‫جديد المركز‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫لل�سنة الثانية �أقام مركز الدرا�سات والبحوث‬ ‫بم�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة‪ ،‬والن�شر‪ ،‬والإعالن ‪،‬برنامج‬ ‫«�صيف المواهب» بهدف ا�ستفادة الفئة العمرية من‬ ‫‪� 10‬إلى ‪� 14‬سنة‪،‬من العطلة ال�صيفيّة من خالل �إقامة‬ ‫العديد من الفقرات‪ ،‬والأن�شطة‪ ،‬وقد ر ّكز البرنامج على‬ ‫التدريب على الت�صوير المرئي (فيديو)‪ ،‬و�أ�سا�سيات‬ ‫الت�صوير ال�سنمائي‪ ،‬و�أ�سا�سيات النقد ال�سينمائي ‪،‬‬ ‫و قام الم�شاركون برحالت ميدانية �إلى ع ّدة مواقع‬ ‫من بينها ‪:‬الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون‪� ،‬إذ‬ ‫تجوّلوا بين الأ�ستوديوهات ‪،‬وا�ستمعوا �إلى �شرح مف�صّ ل‬ ‫عن �سير العمل في الهيئة ‪،‬وانتاج البرامج‪ ،‬وقاموا‬ ‫بجولة في دوائر الم�ؤ�س�سة لل ّإطالع على �سير العمل‪،‬‬ ‫وتجوّلوا في المطبعة ‪،‬وتعرّفوا على مراحل طباعة‬ ‫ّ‬ ‫واف‬ ‫ال�صحف‪،‬والمجلت ‪،‬والكتب‪ ،‬وا�ستمعوا �إلى �شرح ٍ‬ ‫عن ذلك‬ ‫وفي اليوم الأوّل عرّف الباحث حمد الرئي�سي‬ ‫بالم�شروع النهائي الذي ق ّدمه الم�شاركون بعد انتهاء‬ ‫البرنامج ‪ ،‬وهو �إعداد فيلم ق�صير ال يتجاوز ‪ ٩٠‬ثانية‪،‬‬ ‫وال يقل عن ‪ ٣٠‬ثانية‪ ،‬وتح ّدث الرئي�سي عن خطوات‬ ‫العمل على برامج الإعداد ‪،‬وتحليلها من عر�ض عدد من‬ ‫النماذج ‪ ،‬وق ّدم المخرج محمّد الكندي محا�ضرة حول‬ ‫ّ‬ ‫فن ال�سينما ‪،‬م�ؤ ّكدا �أه ّميّة ال�سينما في توثيق الحياة‬ ‫‪،‬وتفا�صيلها ‪ ،‬ودورها في الإرتقاء بالوعي ‪،‬والذائقة‬ ‫‪ ،‬ثم قام بعر�ض مقاطع من فيلمه الت�سجيلي" كنوز‬ ‫عمان البحريّة" الذي يتح ّدث عن الأحياء البحريّة في‬ ‫محافظة م�سندم ‪ ،‬ويو ّثق البيئة البحريّة ‪،‬تحت الماء‬ ‫‪،‬وفوقه‪ ،‬بعد ذلك تطرّق �إلى �أفالم الر�سوم المتحرّكة‬ ‫‪،‬و�أهميّتها للطفل في تغذية خياله ‪ ،‬وتعريفه بالكثير‬ ‫من جوانب الحياة ‪�،‬إلى جانب ق�ضايا كثيرة تتع ّلق بفن‬ ‫ال�سينما ‪.‬‬ ‫و�شمل برنامج اليوم الثاني تعريف الم�شاركين بكيفيّة‬ ‫التخطيط لتحقيق الأهداف المهنيّة ‪،‬والعلميّة في‬ ‫الإنتاج الإعالمي ‪ ،‬والت�سويق ‪،‬و�أ�سا�سيّات الت�صوير‬ ‫الفوتوغرافي ‪،‬والمرئي ‪،‬وت�سويق الذات في مواقع‬ ‫التوا�صل الإجتماعية ‪،‬و�أ�سا�سيّات النقد ال�سينمائي ‪،‬‬ ‫وتحليل فيلم ق�صير‪.‬‬ ‫�إذ تح ّدث الباحث عماد ح�سين اللواتي للم�شاركين عن‬ ‫كيفيّة التخطيط لتحقيق الأهداف المهنيّة ‪،‬والعلميّة‬ ‫في الإنتاج الإعالمي ‪،‬وحول ت�سويق الذات في مواقع‬ ‫التوا�صل الإجتماعي تح ّدثت الإعالميّة "لمي�س‬ ‫الكعبي" وكذلك الزميلة ربيعة الحارثيّة ‪ ،‬وتك ّلمت‬ ‫الم�صوّرة �شم�سة الحارثيّة حول التدريب على الت�صوير‬ ‫المرئي (فيديو)‪ ،‬و�أ�سا�سيات الت�صويرالفوتوغرافي‬ ‫والمرئي‪ ،‬و�شرح المخرج حمد الرئي�سي �أ�سا�سيّات‬ ‫النقد ال�سينمائي ‪ ،‬من خالل قيامه بتحليل فيلم‬ ‫ق�صير‪،‬و�أو�ضحت الباحثة مريم الزدجالية للم�شاركين‬ ‫الطريقة ال�صحيحة لكتابة ال�سيرة الذاتية‬

‫‪3‬‬

‫واختتمت الور�شة بالتعريف ببرنامج ‪Subtitle‬‬ ‫‪ workshop‬الذي ي�ستخدم لكتابة حوا�شي الترجمة‬

‫ال�سينمائية ويو�ضح الوقت المحدد لظهور الترجمة‬ ‫وتال�شيها‪ ،‬ويمكن من �إ�ضافة الترجمة وتعديلها‬ ‫ور�ؤيتها مبا�شرة ‪،‬على �إن الترجمة النهائية المثالية‪:‬‬ ‫هي التي تكون طبيعية ومتزامنة مع الم�شهد بال�صوت‬ ‫وال�صورة‬ ‫وتعرّف الم�شاركون في اليوم الرابع على تقنيّات �أنواع‬ ‫الت�صوير الفوتوغرافي في ور�شة عمل �شارك فيها ‪:‬‬ ‫الم�صوّر عبدالعزيز ال�شكيلي ‪ ،‬و�شم�سة الحارثية ‪،‬وحمد‬ ‫الرئي�سي ‪�،‬أعقبت ذلك ور�شة عمل للمترجمة �أحالم‬ ‫ال�شعيلي حول الترجمة‪ ،‬ودبلجة الأفالم‪،‬وتح ّدث‬ ‫الم�صوّر �أحمد الفار�سي حول برنامج الفوتو�شوب الذي‬ ‫يقوم على تعديل ال�صور‪ ،‬وا�ضفاء لم�سات جماليّة ‪.‬‬ ‫وت�ساءل المخرج حمد الرئي�سي‪ :‬هل �إ ّن ال�سينما ت�س ّلي‬ ‫؟ �أم تع ّلم؟ وتعددت الإجابات لك ّنها لم تخرج عن الدور‬ ‫التعليمي والتربوي والتثقيفي لل�سينما ‪،‬دون �إغفال‬ ‫جانب الت�سلية ‪،‬والمتعة ‪ ،‬ثم بد�أت ور�شة تحليل الفيلم‬ ‫الق�صير‪�،‬إذ قام الرئي�سي بعر�ض فيلم ق�صير ‪،‬ث ّم قام‬ ‫بتحليله من خالل طرح الأ�سئلة على الم�شاركين الذين‬ ‫تفاعلوا مع �أ�سئلته ‪ ،‬ث ّم ق�سّ م الرئي�سي الم�شاركين �إلى‬ ‫مجموعات للعمل على الم�شروع النهائي‬ ‫وفي ت�صريح لها �أكدت الباحثة مرفت العريميّة‪،‬‬ ‫مديرة المركز " �إ ّن تنظيم المركز الدورة الثانية‬ ‫من برنامج" �صيف المواهب" ي�أتي تعزيزا للنتائج‬ ‫الإيجابيّة التي خرجنا منها بعد نجاح الدورة الأولى‬ ‫التي �شهدت تفاعال جيّدا‪،‬ح ّفزنا على �إقامة هذه‬ ‫الدورة ‪ ،‬م�ستفيدين من التجربة الأولى من البرنامج‬ ‫الذي يولي التعليم الذاتي اهتماما �أكبر من خالل‬

‫اعطاء درو�س نظريّة‪ ،‬وعمليّة لتطوير المهارات في‬ ‫الت�صويرالفوتوغرافي‪ ،‬والمرئي ‪ ،‬والتخطيط لتحقيق‬ ‫الأهداف المهنيّة ‪ ،‬والعلميّة والت�سويق‪ ،‬وتحليل الأفالم‬ ‫ال�سينمائية ‪ ،‬وتنمية القدرات الذاتية للم�شاركين‪،‬‬ ‫والتخطيط للم�ستقبل‪ ،‬والتعرف على الفر�ص المهنية‬ ‫‪ ،‬والعلميّة في الإنتاج الإعالم‪ ،‬وتطوير المهارات‬ ‫في �إجراء المقابالت ال�صحفية الم�صورة وال�صوت‬ ‫(راديو‪ ،‬في الت�صوير المرئي "فيديو"‪ ،‬و�أ�سا�سيات‬ ‫الت�صوير ال�سينمائي‪ ،‬و�أ�سا�سيات النقد ال�سنمائي‪،‬‬ ‫و�ستقام ور�شة تحليل مقطع �سنمائي‪ ،‬والتعرف‬ ‫على برامج �إعداد الأفالم‪ ،‬و التعرف على مواهب‬ ‫الم�شاركين‪ ،‬والتخطيط لتحقيق الأهداف المهنية‬ ‫والعلمية في الإنتاج الإعالمي‪ ،‬وت�سويق الذات‪ ،‬ومواقع‬ ‫التوا�صل الإجتماعية‪ ،‬و�إجراء المقابالت ال�صحفية‬ ‫الم�صورة(فيديو ‪� +‬صوت) والتعرف على �أ�سا�سيات‬ ‫المقابالت ال�صحفية الم�صورة‬ ‫و�أ�شارت العريميّة �إ ّن الهدف من ك ّل ذلك هو " رعاية‬ ‫المواهب التي هي واجب ملقى على عاتق على المجتمع‬ ‫‪� ،‬أفرادا وم�ؤ�س�سات ‪ ،‬وقد جاءت في �سياق الم�س�ؤولية‬ ‫التي ت�ضطلع بها م�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة والن�شر‬ ‫والإعالن – ومركزنا ‪-‬مركز الدرا�سات والبحوث –‬ ‫لتكون خطوة باتجاه م ّد ج�سور توا�صل الم�ؤ�س�سة مع‬ ‫الن�شء الجديد ‪،‬واحت�ضان مواهبه وتنميتها‪،‬وتطويرها‬ ‫‪،‬وتوفير الأر�ضيّة ال�صالحة لإنباتها "‬ ‫م�ؤ ّكدة " �إن الم�ؤ�س�سة حري�صة على ا�ستمراريّة تنظيم‬ ‫هذا البرنامج في ال�سنوات المقبلة �إن �شاء اهلل نظرا لما‬ ‫لم�سناه من تفاعل �إيجابي ‪،‬ونتائج م�شجّ عة"‬


‫أخبار‬

‫جديد إصدارات المركز‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫‪4‬‬

‫"سلطنة وسلطان"‪ ،‬و"موقع عمان قابوس يخاطب العالم بـ‪ 25‬لغة"‬

‫�صدر عن مركز الدرا�سات والبحوث بم�ؤ�س�سة‬ ‫عمان لل�صحافة‪ ،‬والن�شر‪ ،‬والإعالن كتابان ي�ضافان‬ ‫�إلى �سل�سلة �إ�صدارته التي ت�ض ّم مختلف ميادين‬ ‫المعرفة‪،‬وفنون الأدب‪،‬والفن ‪.‬‬ ‫الكتاب الأوّل مجموعة �شعريّة حملت عنوان "�سلطنة‬ ‫و�سلطان ب�أ�شعار فنون عمان" لل�شاعر مبارك بن م�سلم‬ ‫ال�صلتي ‪ ،‬وت�ض ّم ق�صائد وطنيّة من ال�شعر ال�شعبي‬ ‫‪،‬وي�أمل ال�صلتي �أن تكون هذه المجموعة" مرجعا‬ ‫لتوثيق كثير من المنا�سبات ‪،‬والأحداث ‪،‬والمواقف‬ ‫الوطنيّة ‪ ،‬من خالل المو�ضوعات المتنوّعة للق�صائد‬ ‫ال�شعريّة‪ ،‬والحفاظ على هذا النوع من ال�شعر ال�شعبي‬ ‫التراثي للفنون العمانيّة‪ ،‬كما �إ ّنها تت�ضمّن كثيرا‬ ‫من الم�صطلحات ‪،‬والمفاهيم التراثيّة‪ ،‬وال�شعبيّة‬ ‫العمانيّة بما ي�سهم في تعريف الأجيال القادمة بها‪،‬‬ ‫وتوثيق هذا التراث غير المادي "‬ ‫وجاء الإ�صدار بمنا�سبة �شفاء موالنا جاللة ال�سلطان‬ ‫المعظم ‪،‬وا�ستب�شار الوطن بنجاح الفحو�صات الطبيّة‪،‬‬ ‫والعيد الوطني ‪ ،‬لذا بد�أ المجموعة بن�ص من فن‬ ‫العازي جاء في �أبياته الأولى‪:‬‬ ‫الحمد هلل الكريم‬ ‫المنعم ال�شافي الرحيم‬ ‫يعفو ويعافي كل �سقيم‬ ‫الحافظ الباري الغفور‬ ‫الحمد وجزيل الثنا‬ ‫هلل وافر �شكرنا‬ ‫وتناول ال�صلتي في مجموعته مختلف المو�ضوعات‬ ‫الوطنية ‪،‬والأحداث‪،‬والمنا�سبات التي م ّرت بها‬ ‫ال�سلطنة‪ ،‬والطبيعة ‪� ،‬إلى جانب مناق�شة العديد من‬ ‫تخ�ص المجتمع العماني ‪.‬‬ ‫الق�ضايا التي ّ‬ ‫�أمّا الكتاب الثاني فهو "موقع عمان قابو�س يخاطب‬ ‫العالم بـ‪ 25‬لغة" ‪ ،‬باللغتين العربية ‪ ،‬والإنجليزية‬ ‫‪ ،‬مدعم بال�صور الملوّنة‪� ،‬أعدّه ‪:‬حمود بن محمد‬ ‫العزري م�شرف عام عمان قابو�س الإلكتروني الذي‬ ‫كتب في المقدّمة" �إ ّن �إنجازات عمان قابو�س ‪،‬ونجاحه‬ ‫‪،‬وتقدّمه لم ي�أت من فراغ ‪،‬ولم يحدث م�صادفة ‪،‬فهو‬ ‫نتاج ر�ؤية كل من عمل ‪،‬وثابر باخال�ص د�ؤوب ّ‬ ‫يتوخى‬ ‫رفعة الوطن‪ ،‬وهو نتاج اال�ستمراريّة ‪،‬والتوا�صل بين‬ ‫�إدارة الموقع ‪،‬وكا ّفة الجهات"‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف العزري " على الرغم من �أن هذه النجاحات‬ ‫تبعث فينا م�شاعر الر�ضا والفخر‪ ،‬والطم�أنينة‪ ،‬وتع ّزز‬ ‫ثقتنا بر�ؤيتنا ‪،‬وا�ستراتيجيّات ‪،‬وبرامج علنا ‪ ،‬ف�إنها ال‬ ‫تجعلنا نزهو ب�أنف�سنا ‪�،‬أو نغتر ‪� ،‬أو نتباهى على غيرنا‬ ‫‪� ،‬إنها بمثابة المنبّه الذي يذ ّكرنا بم�س�ؤوليتنا عن‬ ‫�صونها ‪ ،‬والإ�ضافة �إليها "‬ ‫ويبرز الكتاب بع�ض الإنجازات التي حققها جاللته‬ ‫على الم�ستويين المحلي ‪،‬والخارجي بال�صور ‪،‬‬ ‫ومقتطفات من �أقوال جاللته ‪،‬ومجموعة من ال�صور‬ ‫الفوتوغراية لجاللته ‪.‬‬

‫‪2 0 1‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪°Sh áæ‬‬

‫∏`‪¿É£‬‬

‫‪£`∏°S‬‬

‫‪QÉ©``°T‬‬

‫‪CÉH‬‬

‫‪¿ƒ``æa‬‬

‫موقع‬

‫ُعمان قابوس‬

‫خياطب ال‬

‫عامل بـ‪ 25‬لغة‬ ‫إعداد‬

‫‪ :‬محود العزري‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪¿É``ªY‬‬


‫مقال‬

‫زبيدة البلوشية‬

‫‪razaq2005@hotmail.com‬‬

‫ال تقل أعسر ‪ ..‬بل أذكى وأشهر‪.‬‬ ‫ظلت بع�ض المجتمعات وحتى الثمانينيات من‬ ‫القرن الما�ضي ينظرون �إلى ال�شخ�ص الأع�سر �أو‬ ‫الأ�شول‪ ،‬وهو الذي ي�ستخدم يده الي�سرى في الكتابة‪،‬‬ ‫�أو القيام بالأعمال الحركية االخرى‪ ،‬ب�إنه �شخ�ص جالب‬ ‫الحظ ال�سيء لأ�سرته‪� ،‬أو انه يعاني من نق�ص او خلل‬ ‫في الجينات‪ ،‬واعتبره البع�ض نوعا من �أنواع الإعاقة‪،‬‬ ‫والبع�ض اعتبرها م�شكلة نف�سية يحتاج عالجها �إلى‬ ‫�إعادة تقويم ال�شخ�ص تربويا‪ ،‬لذا كان االهل والمربون‬ ‫يربطون يد الطفل االع�سر خلف ظهره ليجبروه على‬ ‫ا�ستخدام اليد اليمنى‪ ،‬و�أكد علماء النف�س على معاناة‬ ‫معظم الأطفال الذين تم �إجبارهم على ا�ستخدام اليد‬ ‫اليمنى من تمزق في م�شاعرهم الداخلية‪ ،‬وفقدان‬ ‫الثقة بالنف�س نتيجة ال�ضغوط الذي فر�ضت عليهم‬ ‫لي�ستخدموا اليد اليمنى مما �أوجد لديهم م�شكالت‬ ‫في التخاطب‪ ،‬و�إ�ضعاف قدرتهم على القراءة والكتابة‪،‬‬ ‫وتراجع م�ستوى التح�صيل التعليمي ب�شكل عام‪ ،‬و�ألم في‬ ‫ع�ضالت واع�صاب اليد اليمنى‪.‬‬ ‫ونتيجة ما كان يعانيه الأ�شخا�ص الع�سر‪ ،‬تم �إ�صدار‬ ‫اعالن في بريطانيا في عام ‪ ،1976‬مفاده ان يحتفل‬ ‫العالم في ‪� 13‬أغ�سط�س من كل عام‪ ،‬بيوم �أطلق عليه‬ ‫يوم (االع�سر العالمي)‪ ،‬وجاء الإعالن للكفاح من �أجل‬ ‫حرية وكرامة ه�ؤالء في مختلف �أنحاء العالم‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫التاريخ ت�صاعد الحراك الأع�سري‪ ،‬ب�سبب احتجاجات‬ ‫�صارخة عمت عددا من واليات المتحدة االمريكية في‬ ‫عام ‪ ،1980‬وذلك ا�ستنكارا لطرد �شرطي �أع�سر كان ي�ضع‬ ‫م�سد�سه من الجانب الأي�سر بدال من الجانب الأيمن‪.‬‬ ‫وبعد هذه الحادثة ت�سارع العلماء والباحثون في درا�سة‬ ‫الأ�سباب التي جعلت من ه�ؤالء الأ�شخا�ص ي�ستخدمون‬ ‫اليد الي�سرى بدال من اليمنى‪ ،‬كما تم مناق�شة الأ�سباب‬ ‫التي تجعل ال�شخ�ص الأع�سر دائما خارج دائرة اهتمام‬ ‫وا�ضعي القيا�سات العالمية‪ ،‬بحيث ت�صمم المق�صات‪،‬‬ ‫وف�أرة الكمبيوترات‪ ،‬والأدوات المنزلية‪ ،‬وغيرها عادة دون‬ ‫التفكير في ال�شخ�ص الأع�سر‪ ،‬وهذا بالطبع غير مريح‬ ‫بالن�سبة له‪ ،‬لذا �أكد علماء هولنديون �أن خروج ال�شخ�ص‬ ‫الأع�سر من دائرة اهتمامات مجاالت البحث العلمي قد‬ ‫يكون له عواقب بعيدة المدى‪ ،‬و�أ�شاروا �أي�ضا الى �أن‬ ‫تجاهل هذا الأمر قد يفقدنا معلومات هامة في كل �شيء‬ ‫بدء من علم الأع�صاب �إلى اال�ضطرابات الوراثية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن الأ�شخا�ص الع�سراويين ي�شكلون‬ ‫�أقلية في �أي مجتمع‪ ،‬فهم يمثلون حوالي ‪ %10‬من‬ ‫�سكان كوكب الأر�ض‪� ،‬إذ تبلغ ن�سبة الرجال حوالي ‪13‬‬ ‫‪ ،%‬والن�ساء ‪ ،% 11‬اال ان الدرا�سات اثبتت ان ‪ %50‬منهم‬ ‫هم من الم�شاهير وال�سيا�سيين‪ ،‬وهم غالباً الفئة الأكثر‬ ‫طالقة في الحديث والخطابة‪.‬‬

‫�إذ ك�شفت الدرا�سات ان ا�ستخدام ال�شخ�ص يده الي�سرى‬ ‫بد ًال من اليمنى قد يرجع لأ�سباب جينية وراثية‪ ،‬حيث‬ ‫يت�ألف الدماغ من ن�صفي كرتين ملت�صقين من الناحية‬ ‫الداخلية‪ ،‬ويكون �أحدهما هو الم�سيطر على الآخر‪،‬‬ ‫فعند الأ�شخا�ص الذين ي�ستعملون اليد اليمنى �أكثر‪،‬‬ ‫يكون ن�صف الكرة المخية الأي�سر هو الذي ي�سيطر‬ ‫على الن�صف االيمن وعلى جميع الإ�شارات ال�صادرة من‬ ‫الدماغ �إلى الج�سم‪ ،‬و�أما الذين ي�ستعملون اليد الي�سرى‬ ‫ف�إن ن�صف الكرة المخية الم�سيطر هو �أي�ضا الأي�سر في‬ ‫كثير من الحاالت‪ ،‬بينما حوالي ‪ %40 - 30‬من الذين‬ ‫ي�ستعملون يدهم الي�سرى يكون ن�صف الكرة المخية‬ ‫الم�سيطر هو الأيمن‪ ،‬وه�ؤالء هم الذين ي�صعب عليهم‬ ‫ا�ستعمال اليد اليمنى في مختلف المهارات الحركية‪،‬‬ ‫وخل�صت الدرا�سة �إلى �أن ال�شخ�ص الأع�سر يعتبر من‬ ‫الناحية العلمية �أكثر تميزا و�صاحب قدرة متقدمة على‬ ‫االبتكار والإبداع مقارنة بال�شخ�ص الذي ي�ستخدم يده‬ ‫اليمنى‪.‬‬

‫‪%15‬‬

‫نسبة تفوق األعسر على األيمن‬ ‫في الذكاء‬

‫كما اكت�شف الباحثون في جامعة جونز هوبكنز في‬ ‫درا�سة اجروها‪ ،‬ان ن�سبة الذكاء في الأ�شخا�ص الذين‬ ‫ي�ستخدمون اليد اليمنى تكون اقل ‪ %15‬من ن�سبة‬ ‫الذكاء في الأ�شخا�ص الذين يف�ضلون اليد الي�سرى‪ ،‬كما‬ ‫ذكر د‪ .‬كري�س مكمانو�س من جامعة لندن "�أن اغلب‬ ‫المتفوقين من الجامعات هم ممن ي�ستخدمون يدهم‬ ‫الي�سرى‪ ،‬و�أن �أدمغة ه�ؤالء تكونت بطريقة مختلفة تمكن‬ ‫ال�شخ�ص االع�سر من زيادة قدراته وتفوقه على ال�شخ�ص‬ ‫الأيمن"‪ ،‬واثبت العلم ان التركيبة البيولوجية ل�شخ�ص‬ ‫الأع�سر جعلت منه بارعا في الريا�ضيات‪ ،‬وكافة �أنواع‬ ‫الريا�ضة البدنية التي تتطلب مجهودا عاليا‪ ،‬كما و�صفت‬ ‫الأ�شخا�ص الي�ساريين بالكنوز الريا�ضية في مجال كرة‬ ‫القدم‪ ،‬المالكمة‪ ،‬التن�س‪ ،‬والمبارزة‪ ،‬كما ُتف�ضل ريا�ضة‬ ‫البي�سبول الرماة الي�ساريين‪� ،‬إذ �أن االعبين تيد وليامز‪،‬‬ ‫وتاي كوب‪ ،‬وجو �شولي�س الحافي هم في الذاكرة لي�س‬ ‫فقط ك�ضاربي كرة عظماء بل ك�ضاربي كرة ي�ساريين‬ ‫عظماء على مر التاريخ‪.‬‬ ‫وفي درا�سة �أخرى �أجراها فريق من العلماء الفرن�سيين‬

‫و�ضحوا ب�أن ال�شخ�ص الأع�سر لدية قدرة �أكبر على‬ ‫المواجهة قتالية تفوق ال�شخ�ص الذي يتعامل بيده‬ ‫اليمنى ب�سبب عن�صر المفاج�أة‪ ،‬فال �أحد يتوقع اللكمة‬ ‫�أن تخرج من الجهة الي�سرى‪.‬‬ ‫و�أكدت �أجني�س فور�ستهوفر رئي�سة الجمعية الألمانية‬ ‫للعُ�سر‪ ،‬على تميز ال�شخ�ص الأع�سر وقدرته الكبيرة على‬ ‫الإبداع �أي�ضا‪ ،‬والتقارير تقول ان ‪ %60‬من اال�شخا�ص‬ ‫الع�سر يبرعون في المواد التي تتطلب جهدا ذهنيا‬ ‫وج�سمانيا‪� ،‬إذ يبرعون في مجال المو�سيقى‪ ،‬والخطابة‪،‬‬ ‫وفن الإلقاء ب�شكل كبير‪ ،‬وعدد كبير من الم�شاهير‬ ‫وال�سيا�سيين‪ ،‬والعلماء‪ ،‬والفنانين قديما وحديثا‬ ‫ع�سراويين‪ ،‬ووجدت �إحدى الدرا�سات الهولندية م�ؤخرا‬ ‫�أن ال�سيا�سي والقائد الأع�سر مرغوب اكثر‪ ،‬بحيث حين‬ ‫يتحدث م�ستخدما يده الي�سرى يعطي �شعورا �أكثر راحة‬ ‫و�إيجابية للم�شاهد‪ ،‬وذلك لأن يده تظهر معكو�سة على‬ ‫�شا�شات التلفاز وك�أنها اليد اليمنى‪ ،‬بينما الأيمن عندما‬ ‫ي�ستخدم يده اليمنى في الحديث‪ ،‬تظهر للم�شاهدين‬ ‫وك�أنها الي�سرى‪ ،‬ما يعطي �شعورا �سلبيا لدى الم�شاهد‪،‬‬ ‫ومن ا�شهر القادة وال�سيا�سيين الع�سر‪ ،‬عمر بن الخطاب‬ ‫قائد الم�سلمين في الكثير من المعارك‪ ،‬والقائد‬ ‫الفرن�سي نابليون بونابرت‪ ،‬والأمير وليام ت�شارلز دوق‬ ‫كامبريدج‪ ،‬والرئي�س الأمريكي باراك �أوباما‪ ،‬وقبله‬ ‫من ر�ؤ�ساء الواليات المتحدة االمريكية غالبا ما كانوا‬ ‫ع�سر مثل الرئي�س بيل كلينتون‪ ،‬وجورج بو�ش الأب‪،‬‬ ‫وجيرالد فورد‪ ،‬ويرجع الخبراء ال�سبب في انتخابهم هو‬ ‫ا�ستعدادهم القوي لغويا على �صياغة الخطاب ال�ضروري‬ ‫للمن�صب ال�سيا�سي‪ ،‬و�أ�سلوب اللقاء والخطابة الذين‬ ‫يتميزون به‪.‬‬ ‫ومن �أبرز الم�شاهير اي�ضا الر�سام الإيطالي ليوناردو‬ ‫دافن�شي الذي كان اع�سر‪ ،‬وكذلك الفيل�سوف الإغريقي‬ ‫ال�شهير �أر�سطو‪ ،‬والفيل�سوف الألماني ال�شهير‬ ‫فريديريك نيت�شه‪ ،‬والكاتب ال�ساخر الإيرلندي الم�شهور‬ ‫جورج برنارد‪ ،‬وعالمة الفيزياء ال�شهيرة ماري كوري‪،‬‬ ‫وزوجها العالم بايير كوري‪ ،‬وهما لي�س العالميين‬ ‫الوحيديين الع�سر‪ ،‬فلقد كان العلماء �ألبرت �أين�شتاين‪،‬‬ ‫ونيوتن‪ ،‬وم�ؤ�س�س علم الكمبيوتر الحديث �أالن تورنج‬ ‫من �أ�صحاب اليد الي�سرى اي�ضا‪.‬‬ ‫وهناك �شخ�صيات �إقت�صادية ي�ساريه �أي�ضا حققت‬ ‫نجاحات مميزة كبيل جيت�س‪ ،‬وهو �أحد �أغنى �أثرياء‬ ‫العالم‪ ،‬وقد وجدت درا�سة �أمريكية �أن ال�شخ�ص الأع�سر‬ ‫يف�ضل التفكير المتباين‪ ،‬وهو �شكل من �أ�شكال الإبداع‬ ‫ينتقل فيه العقل من المعرفة التقليدية �إلى الربط غير‬ ‫الم�ستك�شف‪ ،‬وربما يكون هذا ما يلزم لتكوين ثروة قدرها‬ ‫‪ 57‬مليار دوالر‪ ،‬هي مجمل ما يمتلك بيل جيت�س‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫حوار‬

‫شوقي عبد األمير‬

‫النقد الحقيقي هو الذي يؤسس للحضانة المعرفية المعايشة للنص‬

‫حاوره‪ :‬عبد الرزاق الربيعي‬ ‫وناصر أبو عون‬

‫شوقي عبد األمير خبير في العالقات الثقافية واإلعالمية الدولية‪ ،‬ويشغل عدة‬

‫‪6‬‬

‫مناصب ثقافية وإعالمية مهمة منها‪ :‬المدير اإلقليمي لشبكة اإلعالم العراقي‬ ‫العراقية‪ .‬كما‬ ‫بأوروبا‪ ،‬مكتب باريس‪ ،‬ورئيس لجنة اإلصدار الجديد لجريدة الصباح‬ ‫ّ‬ ‫شغل منصب رئيس مؤسسة “كتاب في جريدة”‪ ،‬وعمل مستشارا ثقافيا للعراق‬ ‫في منظمة اليونيسكو بباريس‪.‬‬

‫وقد عمل في السلك الدبلوماسي العربي في باريس كمستشار ثقافي وكملحق‬ ‫إعالمي‪ .‬كما أصدر مجلة “سبأ” ‪ SABA‬باللغة الفرنسية‪ ،‬وهي مجلة متخصصة‬

‫في الحضارة العربية القديمة وعمل رئيسا لتحريرها مع المستشرق الفرنسي‪:‬‬ ‫كريستيان روبان‪.‬‬

‫ُعرف كشاعر على مستوى الوطن العربي والعالم‪ ،‬فترجمت قصائده للعديد من‬

‫اللغات العالمية وكتب وترجم باللغة الفرنسية وأصبحت له مكانة مرموقة في‬ ‫خارطة الشعر الفرنسي ونال جائزة (ماكس جاكوب) العالمية للشعر بعد صدور‬

‫ديوانه (مسلة أنائيل) باللغة الفرنسية في باريس‪ ... .‬وقد التقيناه في "رواق"‬ ‫ودار الحوار التالي‪..‬‬

‫في شعرك نصوصك وكتاباتك على تنوعها‬ ‫رفيعا من التراث‬ ‫خيطا‬ ‫ً‬ ‫الشكلي والفني نلحظ‬ ‫ً‬ ‫هل ثمة عالقة واضحة بين التراث اإلنساني‬ ‫والشعر‪..‬‬

‫ال ُ�أقيم هذا الف�صل بين التراث والن�ص الذي‬ ‫�أكتبه لأنني �أعتبر الن�ص كائ ًنا حيًا‪ .‬والكائن‬ ‫الثقافي‪� ،‬أو الإبداعي الحي يتغ ّذى ويعي�ش من كل‬ ‫م�صادر المعرفة والمعلومات واالمتدادات القريبة‬ ‫والمحيطة به‪� ..‬أنا ك�شخ�ص في كياني المعا�صر‬ ‫الحداثوي يوجد جزء من �شاعر جاهلي وفي كياني‬ ‫ثمة �شظية من امريء القي�س و�أخرى من طرفة‬ ‫بن العبد وفي �صوتي ال�شعري كل العنا�صر المكونة‬ ‫للن�ص؛ فهي مثل ال َّذرات المكونة للخلية‪ ،‬و�أنا‬ ‫ّ‬ ‫�أُ�شبهها بذرات (ديموقراطي�س) ومعناها �أ ّن هناك‬ ‫ذرات متكونة ب�أ�شكال هند�سية متكاملة (معكوف مع‬ ‫مقعّر‪ ،‬وم�ستطيل ودائري) �إلى �آخر هذه الذرات‪.‬‬ ‫وبناء الن�ص مكوّن من هذه الذرات التي تدخل في‬ ‫الأ�ساطير والحداثة والقراءات والترجمات واللغات؛‬ ‫فكلها تن�صهر بقوة واحدة؛ (قوة الن�ص) ف�إذا كنت‬ ‫�أملك هذه المكونات ف�أنا �أكتب ال�شعر بهذا النوع‪،‬‬ ‫و�أعي�ش مع امرئ القي�س ورامبوا في �آنٍ واحد‪ ،‬وقد‬ ‫تجدهم جميعًا في (ن�صِّ ي ال�شعري)‪.‬‬

‫هل ثمة عالقة بين تراثنا وفسيفساء التراث‬

‫حول العالم‪ ..‬ات�ضح لي �أن تراثنا العربي والإ�سالمي‬ ‫(تراث مت�شابك بثوابت اجتماعية‪ ،‬وعقائدية)‪ ..‬ولو‬ ‫عدنا �إلى الوراء ‪� ..‬إلى ع�صر ما قبل نه�ضة �أوروبا‬ ‫نجد �أ ّن ابن ر�شد وهو من �شرح �أر�سطو وق ّربه �إلى‬ ‫الغرب‪ ..‬الالتينية نف�سها عرفت �أر�سطو من العربية‬ ‫مترجمًا من ِقبَل ابن ر�شد لأنهم عندما قر�أوا �أر�سطو‬ ‫باليونانية لم يفهموه‪ ،‬وفهموه من �شروح ابن ر�شد‪..‬‬ ‫وفي مفارقة �أخرى فقد دخلت الفل�سفة اليونانية من‬ ‫البوابة الأندل�سية �إلى العربية‪ ..‬خذ مثال ابن عربي‬ ‫هذا ال�شاعر الرقيق ال�صوفي المفكر �سوف تجد‬ ‫في كتابه (الفتوحات المكية) ت�شابكا ال ينفك بين‬ ‫(التراثي والثوابت االجتماعية‪ ،‬والعقائدية)‪.‬‬

‫طه حسين أتى من باريس‬ ‫بنصف حقيبة‬

‫إذن العالقة بين (الثوابت االجتماعية‪ ،‬والعقائدية‬ ‫صراعا درامتيكيا؟‬ ‫والعلم) شهدت‬ ‫ً‬

‫المتنوع‬ ‫اإلنساني‬ ‫بتنوع الخارطة الجغرافية‪ ،‬يجب �أال نن�سى �أن الفقهاء علماء �أي�ضا‪ ..‬وثمة ت�شابك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتباينات التاريخية‪ ،‬والتقاطعات الثقافية؟‬ ‫وتالقي عندنا في الفل�سفة الإ�سالمية (الكندي‬ ‫نموذجا)‪ ..‬فعندما يبد�أ الم�ؤلف في الفل�سفة كتابه‬ ‫تراثنا امتداد طبيعي للتراث الإن�ساني لأن ال�شعر‬ ‫بالب�سملة (ب�سم اهلل الرحمن الرحيم) فقد �أجاب‬ ‫بمعناه الحقيقي هو القدرة على ه�ضم وتم ّثل الما�ضي‬ ‫على كل الأ�سئلة الفل�سفية‪ ..‬فماذا بقي �إذن لل�س�ؤال‬ ‫الإن�ساني وخلطه بالحا�ضر في �إطار جمالي لغوي‪.‬‬ ‫الفل�سفي؟ ولهذا العرب ابتكروا علم المنطق عندما‬ ‫ولكن ما هي خصوصية تراثنا العربي واإلسالمي‬ ‫ر�أوا �أن الفل�سفة فيها �أداة المنطق‪ ..‬لكن للأ�سف‬ ‫بالمقارنة مع بقية التراث اإلنساني؟‬ ‫�أخذوا (الأداة ‪/‬المنطق)‪ ،‬وتركوا (الم�ضمون ‪/‬‬ ‫نحن نعرف تراثنا �أكثر و�إليه �أقرب ونحن معه �أكثر الإجابات‪ /‬الفل�سفة)‪.‬‬ ‫أن هناك قطيعة حقيقية مع التراث؟‬ ‫�ألفة ‪ ..‬وباطالعي على تراث اللغات الأخرى‪ ،‬وبعقد هل تعتقد ّ‬ ‫مقارنة ب�سيطة بين تراثنا و�أنواعيات التراث الأخرى قام بها المبدعون والشعراء العرب‪..‬‬

‫ال�س�ؤال له �شقان‪ ..‬تعال �أوال نناق�ش جزئية‪:‬‬ ‫(القطيعة مع التراث)‪ ..‬في الحقيقة �أعتقد جازما‬ ‫ب�أ ّن (كل �شيء خارج ال�شعر مجرد �شعار)‪ ،‬وال�شعار‬ ‫ي�صلح مع ال�سيا�سة‪ ،‬قد ينتقل �إلى الفكر العام‪ ،‬قد‬ ‫نعثر عليه في �أدبيات التربية والتوجيه‪ ..‬ولكن ال‬ ‫عالقة له بال�شعر‪ ..‬وت�صريح البع�ض ب�أن يمار�س نوعا‬ ‫من القطيعة‪ ..‬هو (من �سخف ال�شعراء) المبتذلين‬ ‫وتو�صيفه من وجهة نظري كحال امر�أة ت�صرخ‬ ‫بجنون و�سط النا�س قائل ًة (�أنا جميلة)‪ ..‬والمبدع‬ ‫الحقيقي ال ي�ستطيع �أن ين�سلخ �أو يخرج من ن�صّ ه‬ ‫ويع ّلق عليه‪ ،‬كما قال �صمويل بيكيت‪( :‬ال يمكن قلب‬ ‫الن�ص الإبداعي �إلى ت�صريح) ومن يتجر�أ على فعل‬ ‫ذلك حاله كحال من يمار�س (لعبة الت�شويه المتعمّد)‬ ‫وال ينتمي فاعله �إلى الإبداعي الحقيقي ‪ ..‬ويكون‬ ‫دوره مجرد (م�سوِّق) ي�سوِّق مادة مكتوبة‪� ..‬أحيانا‬ ‫يكتب الإن�سان ن�صً ا ويطلع لل�صحافة �أو غيرها من‬ ‫المنابر الإعالمية وي�ص ّرح ت�صريحات لي�ست نابعة‬ ‫من الن�ص‪ ..‬في الحقيقة علينا �أن نترك الن�ص يقول‬ ‫ودور الجمهور �أن ي�ستنتج ‪ ..‬في النهاية �أنا �أعتقد �أ ّن‬ ‫ال�شعراء الذين ي�ص ّرحون بالقطيعة مع التراث ال‬ ‫عالقة لهم بال�شعر ‪.‬‬ ‫لكن دعني أخالفك بنموذج يناقض ما تقول‪..‬‬ ‫كثيرا بقطيعته‬ ‫وصرح‬ ‫خرج علينا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أدونيس ّ‬ ‫للتراث‪ ..‬أليس كذلك؟!‬

‫�أدوني�س لم ي�ص ّرح بالقطيعة من داخل الن�ص‪..‬‬ ‫�أدوني�س �ص ّرح بالقطيعة من خارج الن�ص الإبداعي‬ ‫وال�شعري ومن خالل عمل نقدي كبير ونظرية‬ ‫هي الجديدة من نوعها في الأدب العربي �ضم َّنها‬ ‫كتابه (الثابت والمتحوّل)‪ ..‬ولكنه حقيق ًة لم‬ ‫ي�ص ّرح بقطيعته مع التراث في ق�صيدته ون�صو�صه‬ ‫الإبداعية‪.‬‬

‫نأتي إلشكالية أخرى يتم اآلن تصنيف الشعراء‬ ‫– طبقا لألهواء والوالءات – والشللية التي‬


‫حوار‬

‫وصمت الساحة الثقافية العربية ‪ ..‬بالقول هذا‬ ‫(حداثوي)‪ ،‬وذاك (تقليدي كالسيكي)؟ كيف‬ ‫ترى هذا؟‬

‫الحداثة في الواقع‪ ..‬الن�ص ال�شعري الحقيقي هو‬ ‫الذي ال يقبل �أي �صفة من ال�صفات‪ ..‬ال�شعر وحده‬ ‫كمتلق لك �أن ت�ستنج ما تريد من‬ ‫(يفرز) و�أنت‬ ‫ٍ‬ ‫�صفات ‪ ..‬و�أي �شاعر يدّعي �صفة ل�شعره هو نوع من‬ ‫الإفال�س‪� ..‬أقول‪� :‬أنا هكذا اكتب الن�ص ‪ .‬ن�ص ال‬ ‫ي�شبه (�س) �أو (�ص) لماذا ال �أدري ‪ ..‬ومهمة ت�صنيف‬ ‫ال�شعراء وانتماءاتهم‪ ..‬مهمة الناقد‪ ..‬و�أي �صفة‬ ‫تلت�صق بال�شعر �أو ال�شاعر هي �صفة فائ�ضة‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫إذن ما هي وظيفة النقد في هذه الحالة؟‬

‫من �أهم وظائف النقد �إر�ساء الحا�ضنة الإبداعية على‬ ‫�أ�س�س فكرية وفل�سفية‪ ..‬النقد لي�س مهمته – على‬ ‫طريقة الأ�صمعي – (�أ�شعر ال�شعراء)‪ ،‬و(�أهجى بيت)‪..‬‬ ‫وما يحدث اليوم ا�ستمرار (للأ�صمعيات) ويدخل في‬ ‫باب (الإخوانيات)‪ ،‬و(المنازعات) ال�شخ�صية و�أحيانا‬ ‫(ال�صفقات)‪ ..‬فهذا لي�س نقدا‪ - ..‬بل يمكننا �أن‬ ‫ن�سميها تجاوزا – بالمتابعات‪ .‬فالنقد الحقيقي هو‬ ‫الذي ي�ؤ�س�س للحا�ضنة المعرفية المعاي�شة للن�ص وما‬ ‫يعتمل فيه من �صراعات وقيم وي�ضع ال�شعر وال�شاعر‬ ‫المعني في هذه الحركية الدائمة ‪ ..‬ومن �أمثلة النقاد‬ ‫الحقيقيين (روالن بارت) الذي در�س (الميثولوجيا)‬ ‫وا�ستخرج ما ي�سمى بالأ�ساطير المعا�صرة حيث �أقر‬ ‫ب�أ ّن هناك �أ�ساطير تتولد في حياتنا مثل كرة القدم‬ ‫والم�صارعة والمالكمة‪� ..‬إلخ ودخل روالن بارت �إلى‬ ‫تحليل المجتمع الجديد وبحث عن دور الن�ص وقيمة‬ ‫الكالم المقال والمكتوب وا�ستنبط قيمة ال�شاعر‬ ‫وال�شعر عبر �أقانيم الفل�سفة وعلم االجتماع وغيرها‬ ‫من العلوم والفنون‪.‬‬ ‫و�أنا �أقرر هنا حقيقة وهي �أنه في القرن الواحد قد‬ ‫يولد في العالم العديد والع�شرات من (ال�شعراء‬ ‫والمبدعين) غير �أننا ال نحظى �إال بناقد واحد �أو‬ ‫اثنين على الأكثر‪ ..‬فالنقد �أهم من ال�شعر ‪ ..‬ولكن‬ ‫للأ�سف ال يوجد ناقد عربي لدينا بهذه المقايي�س ال‬ ‫في تراثنا القديم �أو المعا�صر‪ ...‬بل �أقول �أكثر من‬ ‫هذا �إنه ال يوجد نقد حقيقي ال في ما�ضينا الأدبي‬ ‫�أو الحا�ضر ‪ ..‬لأننا لم ن�ؤ�س�س لنظرية نقدية عربية‪.‬‬

‫لماذا عجزنا عن التأسيس لنظرية نقدية عربية‬ ‫خالصة؟‬

‫في الواقع �أعتقد �أن (التفكير العربي) وب�سبب‬ ‫هيمنة (الثوابت االجتماعية) �صارت هناك حالة‬ ‫منجزة ولم نجرب الدخول �إلى عن�صر المغامرة‪..‬‬ ‫نحن لم (نغامر بالتفكير النقدي �أو الفل�سفي) لأننا‬ ‫�صرنا في (حالة ت�سليم مطلق)‪ ..‬والتفكير يحتاج �أن‬ ‫تطرح الأ�سئلة بحذافيرها‪ ،‬ولعالقة اللغة العربية‬ ‫بالثوابت االجتماعية‪ ،‬واللغة المتوارثة عبر الأجيال‬ ‫�أو كما يقول الطبري (لغتنا العربية لغة مقد�سة)‬ ‫فقد �صارت العربية التي هي بمثابة وعاء للتفكير‬ ‫ �صارت لدينا (لوحً ا مقد�سً ا) ‪ .. -‬لهذا لم نجر�أ‬‫على عبور الأ�سوار ‪ ..‬والدليل الأكيد على كالمي ما‬

‫فعله (ابن ا�سحق) في ترجمته لأر�سطو فقد اختار‬ ‫من �أر�سطو الن�صو�ص ذات العالقة بالأخالق ولم‬ ‫يدخل في جذر ال�س�ؤال الأر�سطالي�سي الذي يتجاوز‬ ‫تف�سيره للفنون والأخالق ‪� ..‬إذن العرب اكتفوا‬ ‫بترجمة كل ما ال ي�صطدم بالثوابت االجتماعية‬ ‫والعقائدية‪ ..‬وابن ر�شد نف�سه عندما ترجم �أر�سطو‬ ‫لم يكتف بترجمته فقط بل ن�شر �شروحه على هام�ش‬ ‫المتن الأر�سطالي�سي مفككا ن�صه حتى يفنده‪ ..‬ف�إذا‬ ‫كان الأمر كذلك ‪ ..‬والنقد الحقيقي هو في حقيقته‬ ‫(�س�ؤال فكري فل�سفي قبل كل �شيء) فكيف يمكن �أن‬ ‫يولد لدينا نقد م�ؤ�س�س لحا�ضنة فكرية مفتوحة على‬ ‫م�صراعيها في زمن ُتطرَح فيه كل الأ�سئلة‪.‬‬

‫العقاد ليس ناقدا لكنه من‬ ‫أفضل األدباء الموسوعيين في‬ ‫تاريخنا‬

‫تقيم جهود طه حسين والعقاد ‪..‬‬ ‫برأيك أو كيف ّ‬

‫وما موضعها من النقد؟‬

‫في �شخ�صية طه ح�سين الأديب �شقان؛ وال�شق الذي‬ ‫�أنا �شخ�صيا قريب منه هو الأديب وينبوع اللغة الذي‬ ‫يتجلى في رائعته (الأيام) الذي هو ن�ص لي�س له‬ ‫(ما�ض في العربية) ويتمتع بلغة (�شائقة)‪ ..‬بل‬ ‫�أنا �أعتبره من ينابيع الأدب العربي‪ ..‬وهناك طه‬ ‫ح�سين ثانٍ �أتى من باري�س بن�صف حقيبة لأنه دخل‬ ‫في ال�س�ؤال الفل�سفي والطرائقي دون �أن يذهب �إلى‬ ‫�أق�صاه ‪ ..‬ومنطق (ال�شك بالفل�سفة) يجب �أن ت�أخذه‬ ‫كله �أو ترف�ضه كله‪ ..‬كيف يمكن التعامل بمنطق‬ ‫ال�شك مع ال�شعر والكف عن ا�ستدعائه في التعامل مع‬ ‫الثوابت االجتماعية‪ ..‬هذا ما فعله طه ح�سين فقد‬ ‫عجز �أن يكون (ديكارتي) كامال لأنه �أدرك �أنه �سيقع‬ ‫في المحظور فديكارت مثال عندما تع ّر�ض للأ�سئلة‬

‫الكبرى من منطق ال�شك ن�سف الم�سيحية عن بكرة‬ ‫�أبيها‪ ..‬بينما طه ح�سين قام (بت�سوية) مخافة ردود‬ ‫�أفعال المجتمع ومخافة اال�ستهداف فتوقف عن طرح‬ ‫ال�س�ؤال الحقيقي ومن ثم يكون بهذا الفعل قد �ألغى‬ ‫جدوى نظرية ال�شك التي جاء بها‪..‬‬ ‫�أما عن العقاد فهو لي�س ناقدا لكنه من �أف�ضل الأدباء‬ ‫المو�سوعيين في تاريخنا ‪ ..‬يذكرني العقاد بم�ؤ�س�س‬ ‫االن�سيكلوبيديا الفرن�سية في القرن ال�ساد�س ع�شر ‪..‬‬ ‫وباعتقادي �أ ّن �أهم كتب العقاد على الإطالق كتابه‬ ‫(�ساعات بين الكتب)‪ ..‬فالعقاد في تاريخ الأدب‬ ‫العربي يمثل قيمة ثقافية كبرى ولي�س قيمة فكرية‬ ‫�أو نقدية �أو فل�سفية‪ ..‬ونقده مجرد مجال�س �إخوانيات‬ ‫وال يزعزع ب�أفكاره �شيئا‪ ،‬وحينما تدخل �إلى عالمه‬ ‫تدخل �إلى االن�سيكلوبيديا الكبرى‪.‬‬

‫ألم يساهم قدامة ابن جعفر وابن قتيبة في‬ ‫تقيم إسهامات‬ ‫حركة النقد بصورة فاعلة كيف ّ‬ ‫هذا الجيل؟‬

‫ابن قتيبة لي�س على الإطالق ناقدا و�س�أعطيك مثاال‬ ‫من كالمه حيث نراه ي�ست�شهد على (ال�شعر العربي‬ ‫ال�سيء) – من وجهة نظره النقدية طبعًا – بقول‬ ‫ال�شاعر‪:‬‬ ‫�أخذنا ب�أطراف الأحاديث بيننا‬ ‫المطي الأباطح‬

‫و�سالت ب�أعناق‬

‫فابن قتيبة ي�ست�شهد بهذا البيت الغاية في الروعة في‬ ‫كتابه على رداءة ال�شعر ‪ ،‬وقدامة بن جعفر �أي�ضا في‬ ‫كتابه ال ي�ؤ�س�س لأية نظرية وهو في حقيقته مجرد‬ ‫انتقاءات مزاجية‪.‬‬

‫إذن أين نجد بذور النقد الحقيقي في تراثنا‬

‫العربي؟‬

‫بكل ب�ساطة اقر�أ عبد القاهر الجورجاني‪ ..‬حيث‬ ‫ال�س�ؤال الجوهري والأهم عنده‪ :‬كيف ُتحْ ِد ُث اللغة‬ ‫�إعجازا؟ ولكنه وللأ�سف لم يوال اال�شتغال على‬ ‫نظريته‪ ..‬ولم ي� ِأت �أحد بعده ال من المتقدمين �أو‬ ‫المعا�صرين ليكمل الطريق الذي بد�أه‪.‬‬


‫تواصل‬

‫‪8‬‬

‫تواصل‬ ‫‪@SRCOman‬‬

‫‪SRC Oman‬‬

‫‪SRC Oman‬‬ ‫‪@SRCOman‬‬

‫ماهي مقترحاتك لتمكين ال�شباب والأطفال من ا�ستثمار �أوقاتهم خالل فترة ال�صيف ؟‬ ‫ماهي مقترحاتك لتطوير الخدمات ال�سياحية بمهرجان �صاللة ؟‬

‫المصدر ‪ :‬المركز الوطني لإلحصاء والمعلومات‬

‫مؤشرات إقتصادية‬

‫‪%2 %0.8 %0.6‬‬

‫نسبة مساهمة نشاط األسماك‬ ‫في الناتج المحلي في عام‬ ‫‪ 2013‬م‬

‫نسبة مساهمة نشاط الزراعة‬ ‫في الناتج المحلي لعام ‪2013‬م‬

‫نسبة مساهمة قطاع السياحة‬ ‫في الناتج المحلي لعام ‪2013‬م‬


‫مقال‬ ‫مقال‬

‫عبدالرزاق الربيعي‬

‫‪9‬‬

‫‪razaq2005@hotmail.com‬‬

‫ال تقتل أكثر مما تأكل‬ ‫في طفولتنا‪ ،‬ع ّلمنا �أهلنا حين نرى قطعة‬ ‫خبز في الطريق‪ ،‬ن�سارع �إلى رفعها وتقبيلها‪،‬‬ ‫وو�ضعها فوق ر�ؤو�سنا‪ ،‬م�ستغفرين اهلل من هذا‬ ‫الذنب الذي اقترفه �أحدهم‪ ،‬ثم نبحث عن‬ ‫مكان منا�سب قد يكون ّ‬ ‫�شق حائط‪� ،‬أو فوق جدار‪،‬‬ ‫و�أفهمونا �إ ّن بقاء قطعة الخبز التي ين�سلخ ا�سمها‬ ‫منها لتحمل ت�سمية جديدة هي "النعمة" نتيجته‬ ‫زوال النعمة‪ ،‬ذلك الدر�س الذي تع ّلمناه من �أهلنا‬ ‫ي�صب في باب تقدير تلك النعمة التي وهبها اهلل‬ ‫لنا‪ .‬فالحفاظ على نعم اهلل م�س�ؤول ّية �أخالق ّية‪،‬‬ ‫ودين ّية‪ ،‬و�إن�سان ّية‪.‬‬ ‫تذ ّكرت هذا‪ ،‬و�أنا �أ�شاهد مقطعي فيديو و�صالني‬ ‫بوقت واحد‪ :‬الأ ّول ي�ستعر�ض �إلقاء كم ّيات هائلة‬ ‫من الطعام في القمامة بعد انتهاء وليمة د�سمة‪،‬‬ ‫يبدو �أن المدعوّين لتلك الوليمة لم ي�أكلوا � ّإل‬ ‫قليال‪ ،‬والثاني لمجموعة من الن�ساء والأطفال‪،‬‬ ‫خ ّمنت �أ ّنهم من النازحين من المناطق الم�سيطر‬ ‫عليها من قبل التنظيمات الإرهاب ّية في �سوريا‬ ‫والعراق‪ ،‬يحملون �آنية فارغة يتح ّلقون حول‬ ‫قدر كبير لم يبق في قعره من الرز �إال القليل!!‬ ‫وخالل م�شاهدتي للمقطعين ا�ستح�ضرت مقولة‬ ‫الكاتب ال�ساخر "برناد�شو" التي ّ‬ ‫لخ�ص خاللها‬ ‫م�شكلة الفقر في عالمنا وهي "العالم كلحيتي‬ ‫و�صلعتي غزارة في الإنتاج و�سوء في التوزيع"‪.‬‬ ‫وبالوقت الذي يعاني الكثيرون من �أمرا�ض‬ ‫ال�سمنة‪ ،‬والتخمة‪ ،‬في�ضط ّرون �إلى ا ّتباع حمية‬ ‫قا�سية‪ ،‬تذيب الكيلو غرامات الزائدة‪ ،‬عن‬ ‫�أج�سامهم‪ ،‬يلتهم الجوع �أج�ساد الكثيرين من‬ ‫الذين ال يجدون لقمة عي�ش ت�س ّد رمقهم‪ ،‬وجُ ّل‬ ‫ه�ؤالء الجياع من الأطفال الذين يعي�شون في‬ ‫بلدان تعاني من م�شاكل اقت�صاديّة!!‬ ‫ويظ ّل ه�ؤالء يحلمون بـ"قر�ص الرغيف" كما‬ ‫ي�صف ال�شاعر مح ّمد مهدي الجواهري بمرارة‪،‬‬ ‫و�ألم‪ ،‬في ق�صيدته" تنويمة الجياع"‪:‬‬ ‫نامي ف� ْإن لم ت�ش َب ِعي ‬ ‫مِ ْن َي ْقظ ٍة فم َِن المنا ِم‬ ‫نامي على ُزبَدِ الوعود‬ ‫ُيد ُ‬ ‫َاف في ع َ​َ�سل ِ الكال ِم‬ ‫عرائ�س الأحال ِ م‬ ‫نامي َت ُزرْكِ‬ ‫ُ‬ ‫في جُ ْن ِح الظال ِم‬ ‫�ص الرغيفِ ‬ ‫َت َت َنوَّري ُق ْر َ‬ ‫َك َد ْور ِة البد ِر التما ِم‬

‫�إ ّن م�شكلة الفقر التي تتفاقم يوما بعد �آخر في‬ ‫العالم لي�س �سببها وجود نق�ص في الخيرات‪،‬‬ ‫والثمار‪ ،‬بل في �سوء التوزيع‪ ،‬و�إن ا�ستم ّر هذا‬ ‫الحال‪ ،‬فالنتائج وخيمة‪ ،‬بما ي�ش ّكل عارا على‬ ‫الب�شريّة‪ ،‬وبهذا ال�صدد يقول د‪ .‬محمد حافظ‬ ‫دياب" في العالم اليوم مليار ومئة مليون‬ ‫ن�سمة (�أي �سد�س الب�شرية) يعانون الجوع و�سوء‬ ‫التغذية‪ .‬وح�سب معطيات الأمم المتحدة‪ ،‬التي‬ ‫وردت في تقرير �أمينها العام‪ ،‬بان كي مون �أمام‬ ‫"القمة العالمية للأمن الغذائي"‪� ،‬أو كما �سماها‬ ‫البع�ض "قمة الجوع" التي انعقدت في �أوا�سط‬ ‫�شهر نوفمبر ‪ 2009‬في روما‪ ،‬ف�إن �سبعة ماليين‬ ‫طفل في العالم يموتون �سنويًا ب�سبب الجوع‪� ،‬أي‬ ‫‪� 17‬ألف طفل في اليوم‪ ،‬بما معدّله طفل واحد كل‬ ‫خم�س ثوان‪� .‬إنه رقم مرعب‪ ،‬ي�صعب ت�صديقه‪،‬‬ ‫ولكنه للأ�سف ال�شديد حقيقي‪ ،‬ي�صفع بواقعيته‬ ‫كل �ضمير حي‪� .‬إن ذلك يحدث في وقت يُنتج فيه‬ ‫العالم من الغذاء اليوم ما يكفي لإطعام كل �سكان‬ ‫الكوكب " وا�ستنادا �إلى العديد من المعطيات‬ ‫ي�ؤ ّكد �أن " ع�شرات الماليين في العالم مهدّدون‬ ‫بالموت اليوم‪ ،‬ب�سبب الجوع والأمرا�ض الناجمة‬ ‫عن �سوء التغذية‪ .‬فمئات الماليين يعانون‬ ‫الجوع‪ ،‬في حين �أن �أكثر من مليار ون�صف مليار‬ ‫�إن�سان يتح ّملون مختلف �أ�شكال �سوء التغذية"‬

‫‪1/6‬‬

‫من البشرية تعاني من الجوع‬ ‫وسوء التغذية‬

‫وق�سم النعم‪ ،‬و�أمر‬ ‫لقد و ّزع اهلل الأرزاق‪ّ ،‬‬ ‫بالإح�سان‪ ،‬وال�صدقات‪ ،‬وعمل الخير‪ ،‬وم�ساعدة‬ ‫الغ ّني الفقير‪ ،‬و�ش ّرع الزكاة‪ ،‬لتكون ركنا �أ�سا�س ّيا‬ ‫من �أركان ديننا الحنيف‪ ،‬ونهى ديننا عن التبذير‬

‫﴿ َو َ�آتِ َذا ا ْل ُق ْربَى حَ َّق ُه وَا ْلم ِْ�سك َ‬ ‫ال�س ِبيلِ و َ​َل‬ ‫ِين وَا ْب َن َّ‬ ‫ِين َكا ُنوا ِ�إ ْخوَا َن َّ‬ ‫ُت َب ِّذ ْر َت ْبذِيراً ِ�إ َّن ا ْل ُم َب ِّذر َ‬ ‫ين‬ ‫ال�شيَاطِ ِ‬ ‫َو َكا َن َّ‬ ‫ال�ش ْي َطا ُن ِل َر ِّب ِه َك ُفوراً﴾ وقال ر�سول اهلل �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم (كلوا وا�شربوا والب�سوا وت�صدقوا‬ ‫من غير مخيلة وال �سرف ف�إن اهلل يحب �أن يرى‬ ‫نعمته على عبده)‬ ‫يتوجب على ك ّل م�سلم �أن يم ّد يد العون‬ ‫وهنا ّ‬ ‫لأخيه الم�سلم الذي هو بحاجة �إليها وفي‬ ‫الحديث ال�شريف" من �ستر �أخاه الم�سلم‪� ،‬ستره‬ ‫اهلل يوم القيامة‪ ،‬ومن ن ّف�س عن �أخيه كربة من‬ ‫كرب الدنيا‪ ،‬ن ّف�س اهلل عنه كربة من كرب يوم‬ ‫القيامة‪ ،‬و�إن اهلل في عون العبد ما دام العبد في‬ ‫عون �أخيه"‬ ‫�إ ّن �صور �آالف الأطفال الذين يموتون ب�سبب �سوء‬ ‫التغذية‪ ،‬في وقت ينعم به الكثيرون بالترف‪ ،‬ح ّد‬ ‫التخمة‪ ،‬م� ّؤ�شر على جفاف ال�ضمير الإن�ساني‪،‬‬ ‫وهنا يبرز دور و�سائل الإعالم لتو�ضيح خطورة‬ ‫الم�شكلة‪ ،‬وال يعفى الف ّنانون من واجبهم‬ ‫الأخالقي في توعية المجتمعات‪.‬‬ ‫�أ�صحاب الوليمة الذين كان ج ّل الذي ي�شغلهم‬ ‫�أن يقال �إ ّنهم �أقاموا وليمة كبرى‪ ،‬حين انتهى‬ ‫المدعوّون من الطعام بدت ك�أ ّنها لم تم�س‪ ،‬لكثرة‬ ‫الطعام الذي قدّم للمدعوّين‪ ،‬ماذا لو ف ّكروا‬ ‫يتح�سرون على لقمة العي�ش؟‬ ‫بغيرهم من الذين ّ‬ ‫يقول ال�شاعر محمود دروي�ش‪:‬‬ ‫"و�أنت تع ّد فطورك‬ ‫ف ّكر بغيرك‬ ‫ال تن�س قوت الحمام"‬ ‫�إن �سبب تفاقم الم�شكالت في عالمنا‪ ،‬هو �إ ّننا‬ ‫تمحورنا حول ذواتنا‪ ،‬وعدم تفكيرنا ب�سوانا‪ ،‬وبما‬ ‫�إ ّننا نت�شارك في هذا الكوكب مع ماليين الب�شر‬ ‫لذا علينا �أن نخرج من قوقعة الذات‪.‬‬ ‫وفي ك ّل الأحوال‪ ،‬ف�إلقاء �إناء طعام في القمامة‬ ‫يعني حرمان عائلة جائعة من وجبة طعام‬ ‫ت�س ّد رمقها‪ ،‬يقول بنجامين فرانكلين م� ّؤ�س�س‬ ‫الواليات المتحدة الأمريكية "ال تقتل حماما‬ ‫�أكثر مما �ست�أكل" لأ ّن ذلك هدرا‪ ،‬ال يوجد له �أيّ‬ ‫تبرير �سوى البطر‪ ،‬والتفريط بنعمة اهلل‪.‬‬


‫تاريــخ‬

‫دراسة تاريخية‬

‫االنعكاس الحضاري للعالقات العمانية التجارية‬

‫قراءة‪ :‬فاطمة بنت سالم البلوشية‬ ‫‪fatmaabelushi64@gmail.com‬‬

‫‪10‬‬

‫لم تكن الرحالت البحرية التي قادها أسياد‬ ‫البحر العمانيون مجرد سفرات بعيدة بعد‬ ‫التاريخ‪ ،‬بل هي رحالت مهمة نجم عنها‬ ‫انعكاس ًا حضاري ًا عميق ًا داخلي ًا وخارجي ًا‪،‬‬ ‫فداخلي ًا أثمرت تلك الرحالت صالت من‬ ‫المصاهرة والتزاوج‪ ،‬واستفادة من أنظمة‬ ‫أدخلها العمانيون كنظام زراعة القرنفل‪،‬‬ ‫وأزياء وفنون ًا تقليدية حاضرة دالة على عمق‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أطالال‬ ‫تقف‬ ‫ا‬ ‫وخارجي‬ ‫الحضارية‪،‬‬ ‫العالقات‬ ‫ً‬ ‫عدة من العمائر التاريخية كالقصور والجوامع‬ ‫والقالع شاهدة على الماضي التليد‪ ،‬كما‬ ‫سطرت الكتب والمخطوطات أدلة تاريخية‬ ‫أثبتت عمق التواصل الذي بدوره أسهم في‬ ‫نشر اإلسالم واللغة العربية‪ ،‬عالوة على‬ ‫ظهور نسيج ًا اجتماعي ًا متين ًا مترابط ًا ناجم ًا‬ ‫عن عالقات المصاهرة والتزاوج‪ ،‬وتأثر ًا كبير ًا‬ ‫بالعادات والتقاليد العمانية األصيلة‪...‬كل ذلك‬ ‫وغيره هو حصيلة شبكة تجارية عمانية مرت‬ ‫عبر منطقة غربي المحيط الهندي في مثلث‬ ‫ذهبي‪ ،‬وأثبتت وجودها تاريخي ًا وتطورت‬ ‫وتبلورت لتنتج لنا هذا االنفتاح العماني‬ ‫والمؤثرات الحضارية العميقة‪.‬‬ ‫قصر " بيت العجائب‬ ‫األهمية المكانية لموانئ عمان‬

‫�إن الموقع العماني المطل على المحيط الهندي في‬ ‫الجهة الغربية منه فر�ض وجود عدة موانئ مهمة‬ ‫�ساعدت على ت�سهيل التوا�صل الح�ضاري مع بقية بلدان‬ ‫وموانئ غربي المحيط الهندي‪ ،‬و�إن �أهم مينائين في‬ ‫عمان فترة القرن التا�سع ع�شر هما ميناءي م�سقط‬ ‫و�صور‪ ،‬ويقع ميناء م�سقط في مدينة م�سقط في الجزء‬ ‫الجنوبي من بحر عمان‪ ،‬ويُع ُّد الميناء �آمناً ويتميز‬ ‫بموقع ا�ستراتيجي على طريق المالحة التجارية‬ ‫للمحيط الهندي فيما بين ال�شرق والغرب‪ ،‬وتنبع‬ ‫�أهمية ميناء م�سقط من وقوعه على مفترق الطريق‬ ‫التجاري الذي ي�صل من بومباي‪ ،‬ثم يتفرع من م�سقط‬ ‫�إلى جهتين‪ :‬الأولى تتجه �إلى الخليج العربي‪ ،‬والثانية‬ ‫تتجه �إلى البحر الأحمر؛ ولذلك تهي�أ لميناء م�سقط‬ ‫ب�أن يكون م�ستودعاً لتجارة الخليج و�شبه الجزيرة‬ ‫العربية‪ .‬وقد �أ�صبح لميناء م�سقط دور رئي�سي في‬ ‫الدولة البو�سعيدية‪� ،‬إذ �أ�صبح مركزاً لل�سلع القادمة من‬ ‫الهند و�شرق �إفريقا‪� ،‬إ�ضافة �إلى دوره في �إعادة توزيع‬ ‫الب�ضائع للمناطق الواقعة على البحر الأحمر والخليج‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫و�أما ميناء �صور الواقع المتمركز في جنوب �ساحل‬ ‫جبال الحجر ال�شرقي فيمثل �أهم ميناء في عمان بعد‬ ‫ميناء م�سقط في لفترة المذكورة‪ ،‬ولهذا الميناء دور‬ ‫كبير في تجارة العبور‪ ،‬حيث كان تجار �صور يمتلكون‬ ‫�أ�سطو ًال تجارياً يت�ألف من حوالي ‪� 100‬سفينة كبيرة‬ ‫عابرة للمحيطات؛ ولذلك كانت لهذا الميناء عالقات‬

‫كبيرة مع الهند وجزر المحيط الهندي خ�صو�صاً‬ ‫جزيرة موري�شيو�س‪ ،‬و�إلى جانب هذه ال�سفن هناك �سفن‬ ‫�صغيرة ارتبطت بعالقات مع موانئ الخليج العربي‬ ‫و�ساحل �إفريقيا ال�شرقي‪.‬‬ ‫وا�شتهرت �صور ببناء و�صناعة ال�سفن في مرا�سيها‪،‬‬ ‫كما كانت ت�صلح عطب ال�سفن المعطلة‪ ،‬و�ساعد �ضعف‬ ‫�سلطة حكومة عمان على الميناء على زيادة �أهمية ميناء‬ ‫�صور ب�سبب البُعد الن�سبي للم�سافة بينه وبين م�سقط؛‬ ‫ولذلك كان التجار يتهربون من دفع الر�سوم الجمركية‬ ‫على ب�ضائعهم بالذهاب �إلى ميناء �صور‪ ،‬حيث لم تكن‬ ‫هناك �إدارة جمركية تابعة للحكومة العمانية‪ ،‬وقد حاول‬ ‫ال�سيد تركي بن �سعيد (‪1288‬هـ‪1871/‬م‪1206-‬هـ‪1888/‬م األهمية المكانية لموانئ الساحل البلوشستاني‬ ‫) فر�ض ال�ضرائب على الميناء لكنه ف�شل في تحقيق‬ ‫يُعد ميناءي جوادر و�شهبار �أهم موانئ ال�ساحل‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫البلو�ش�ستاني‪ ،‬فجوادر مدينة �ساحلية تقع على �ساحل‬ ‫األهمية المكانية لموانئ شرق إفريقيا‬ ‫بلو�ش�ستان ال�شرقية بالقرب من حدود بلو�ش�ستان‬ ‫ويمثلها مينائي زنجبار وممبا�سه‪ ،‬ويقع ميناء زنجبار الغربية‪ ،‬وتقع جوادرحالياً في جنوب غرب باك�ستان‪.‬‬ ‫في جزيرة زنجبار قرب �ساحل �إفريقيا ال�شرقي‪ ،‬وازدهر ميناء جوادر ازدهاراً كبيراً في فترة ال�سيادة‬ ‫وي�ستطيع ا�ستقبال ال�سفن من مختلف الأحجام‪ ،‬العمانية‪ ،‬فكان مينا ًء رئي�سياً على ال�ساحل البلو�ش�ستاني‬ ‫وا�ستيعاب ال�سفن ال�ضخمة �إلى جانب ال�سفن ال�صغيرة‪ .‬في القرن التا�سع ع�شر الميالدي‪ ،‬وتميز بالدور‬ ‫و�أ�صبحت مدينة زنجبار في عهد ال�سيد �سعيد بن اال�ستراتيجي الحا�سم �ضمن �إطار تجارة العاج والقرنفل‬ ‫�سلطان �أكبر ميناء على �سواحل المحيط الهندي والرقيق بين �شرق �إفريقيا و�شبه الجزيرة العربية من‬ ‫الغربية‪ ،‬و�أكبر م�ستودع للتجارة الإفريقية الآ�سيوية‪ ،‬جهة‪ ،‬وبين و�سط �آ�سيا من جهة �أخرى‪.‬‬ ‫كما �أ�صبحت المورد الرئي�سي لتزويد العالم بالقرنفل‪ ،‬و ُتع ُّد مدينة �شهبار من �أكثر المدن �أهمية على �ساحل‬ ‫و�أكبر �سوق لتجارة العاج‪ ،‬ولم تعد �أهميتها ترجع مكران ببلو�ش�ستان الغربية‪ ،‬وتبعد حوالي ‪89‬كم �إلى‬ ‫�إلى الت�صدير فح�سب‪ ،‬ولكن �أي�ضاً و�صول التجارة الغرب من جوادر‪ .‬ويُع ُّد خور �شهبار �أف�ضل الموانئ‬ ‫الزنجبارية �إلى داخل القارة الإفريقية‪ ،‬وتوغلها �إلى لر�سو ال�سفن على �ساحل بلو�ش�ستان الغربية‪ ،‬وذكر‬ ‫منطقة البحيرات الإ�ستوائية‪.‬‬ ‫بينما يقع ميناء ممبا�سه في مدينة ممبا�سه على �ساحل‬ ‫�شرق �إفريقيا‪ ،‬التابعة حالياً لجمهورية كينيا‪ ،‬وكان‬ ‫ميناء ممبا�سه في بداية القرن التا�سع ع�شر الميالدي‬ ‫مفتاحاً لجميع �أجزاء �شرق �إفريقيا‪ ،‬كما كان �أقدم‬ ‫الموانئ في �شرق �إفريقيا و�أكبرها حجماً‪.‬‬ ‫وكان لب�سط ال�سيد �سعيد بن �سلطان نفوذه على ممبا�سا‬ ‫�أبعد الأثر في تقوية الروابط بين الجانبين العربي‬ ‫والإفريقي‪ ،‬وانعكا�سه على النواحي الح�ضارية‪ ،‬حيث‬ ‫ارتبط العمانيون بعالقات ودية مع القبائل الإفريقية‬ ‫على �ساحل �إفريقيا ال�شرقي‪.‬‬


‫ميزة االنفتاح على اآلخر‬

‫يرى العديد من الباحثين ب�أن التفاعل التجاري هو في‬ ‫حد ذاته و�سيلة احتكاك ح�ضاري بالغير رغم اختالف‬ ‫الجن�س والدين والمعتقد والمذهب واللغة‪ ,‬وهو �أي�ضاً‬ ‫عملية ح�ضارية فيها الكثير من دالئل الت�أثير والت�أثر‪,‬‬ ‫وهذا الأ�سلوب هو ذاته الذي مار�سه البحارة والتجار‬ ‫العمانيون في الدائرة الجغرافية التي تاجروا معها �أو‬ ‫�أبحروا �إليها على طول التاريخ الممتد‪ ،‬فاكت�سبوا بذلك‬ ‫خبرة تراكمية من جراء احتكاكهم بغيرهم‪ ،‬ف�أ�صبحوا‬ ‫محل ثقة وتقدير من المتعاملين معهم‪ ،‬حيث الأخالق‬ ‫الإ�سالمية ال�سمحة التي زودتهم بروح ال�صدق والت�سامح‬ ‫ذات ال�صلة بالمعامالت الفردية والجماعية‪ ،‬وتمكنوا‬ ‫من �إثبات كيانهم االجتماعي واالقت�صادي وال�سيا�سي‬ ‫في منطقة ال�ساحل البلو�ش�ستاني و�شرقي �إفريقيا‪ ،‬بل‬ ‫توغلوا �إلى منطقة البحيرات و�سط القارة الإفريقية‪.‬‬ ‫واهتم العمانيون �أي�ضاً بم�س�ألة االنفتاح على الآخر‬

‫المؤثرات الحضارية المتبادلة‬

‫�أنتج التفاعل االقت�صادي بين موانئ المثلث الذهبي في‬ ‫غربي المحيط الهندي في كل عمان و�ساحل بلو�ش�ستان‬ ‫و�شرقي �إفريقيا م�ؤثرات ح�ضارية عدة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬التجان�س القبلي والإقليمي المثير للعجب لل�سكان‬ ‫العمانيين‪ ،‬والتزاوج واالختالط بالمجتمع الإفريقي‪،‬‬ ‫فظهر ن�سيجاً اجتماعياً متيناً مترابطاً في �شرق �إفريقيا‪.‬‬ ‫‪� -2‬أ�سهم العمانيون في ن�شر الإ�سالم واللغة العربية في‬ ‫ال�شرق الإفريقي‪ ،‬بف�ضل ال�سمات الأخالقية والت�سامح‬ ‫واالنفتاح على الآخر التي تح ّلو بها‪ ،‬فما ذكرته الم�صادر‬ ‫العربية والأجنبية دليل على عمق الت�أثير العماني‪.‬‬ ‫‪ -3‬وجدت العديد من الم�ؤثرات الح�ضارية العمانية في‬ ‫العمارة ب�شرق �إفريقيا‪ ،‬بع�ضاً منها ذات �أ�صل عثماني‪،‬‬ ‫كالحمامات العثمانية‪ ،‬كما بنى العمانيون العديد من‬ ‫الم�ساجد والجوامع والق�صور والح�صون والحدائق‪،‬‬ ‫ولهم �أوقاف عدة على فترات زمنية متباينة‪ ،‬و ُتعد قلعة‬ ‫جوادر من الم�ؤثرات الح�ضارية التي تركها العمانيون‬ ‫على �ساحل بلو�ش�ستان �شاهدة على تفاعل ح�ضاري كبير‬ ‫بين الطرفين‪.‬‬

‫الرحالة جيمس ولستد‬ ‫«باإلنفتاح على األخر عمان‬ ‫تحاورت مع مدن وقارات‬ ‫العالم«‬

‫‪� -4‬أدخل ال�سيد �سعيد بن �سلطان �شجرة القرنفل �إلى‬ ‫�شرق �إفريقيا حتى راجت تلك ال�سلعة‪ ،‬و�أ�صبحت �أهم‬ ‫ال�صادرات بتلك الفترة‪ ،‬كما �أدخل الألمان مح�صول‬ ‫القهوة للزراعة في و�سط القارة‪ ،‬و�سميت بالقهوة‬ ‫العربية من قبيل الت�أثير الح�ضاري العربي‪ ،‬وال تزال‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪-1‬مايلز‪� ،‬س‪.‬ب ‪ .‬الخليج بلدانه وقبائله‪1986 .‬م‪.‬‬ ‫‪-2‬المحذوري‪� ،‬سليمان بن عمير‪ .‬الأو�ضاع االقت�صادية‬ ‫في �شرق �إفريقيا في عهد ال�سيد �سعيد بن �سلطان‪.‬‬ ‫ر�سالة ماج�ستير غير من�شورة‪2006 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-3‬لوريمر‪ ،‬جون جوردن‪ .‬ال�سجل التاريخي للخليج‬ ‫وعمان و�أوا�سط الجزيرة العربية‪ .‬الق�سم الجغرافي‪،‬‬ ‫ج‪1995 ، ،5‬م‪.‬‬ ‫‪-4‬مجلة نزوى‪ ،‬العدد‪ ،65‬عُمان والتوا�صل الح�ضاري مع‬ ‫الأمم وال�شعوب الأخرى‪.‬‬ ‫‪-5‬البلو�شي‪ ،‬فاطمة بنت �سالم‪ .‬العالقات ال�سيا�سية‬ ‫واالقت�صادية واالجتماعية بين عامن و�ساحل بلو�ش�ستان‬ ‫(‪1913-1792‬م)‪ .‬ر�سالة ماج�ستير غير من�شورة‪2012 ،‬م‪.‬‬

‫‪6-Hughes- Buller, I.C.S. Baluchistan‬‬ ‫‪District Gazetter Series: Makran, vol.‬‬ ‫‪vii,1997.‬‬ ‫‪7-Nicolini, B. Makran, Oman and‬‬ ‫‪Zanzibar, 2004.‬‬

‫تاريــخ‬

‫الرحالة الإنجليزي جرانت‪ Grant‬الذي م َّر ب�شهبار‬ ‫في رحلته عام ‪1809‬م‪ ،‬ب�أن �صادرات مح�صول القطن‬ ‫كانت �أهم ما ي�صدره الميناء من ال�سلع‪ ،‬كما كان يتم‬ ‫التقاي�ض في �سوق �شهبار بال�سلع القادمة من المناطق‬ ‫الداخلية الواقعة �إلى ال�شمال من �شهبار‪.‬‬ ‫عوامل م�ساعدة في تقوية االرتباط الح�ضاري‬ ‫لقد تطلب االرتباط الح�ضاري بمنطقة غربي المحيط‬ ‫الهندي مجموعة من العوامل الم�ساعدة لت�سهيل‬ ‫التفاعل التجاري فيما بينها‪ ،‬حتى ت�سهم ب�شكل كبير في‬ ‫�سرعة االت�صاالت بينها وزيادة حجم التبادل الح�ضاري‪،‬‬ ‫وفي حجم الحموالت البحرية المنقولة عبر المحيط‬ ‫الهندي �إلى مياهها الإقليمية‪.‬‬ ‫فالرياح المو�سمية لعبت دوراً كبيراً في تفعيل الن�شاط‬ ‫التجاري العماني عبر المحيط الهندي فيما بين‬ ‫المراكز التجارية بين عمان و�شرق �إفريقيا وال�ساحل‬ ‫البلو�ش�ستاني‪� ،‬إذ كانت تتميز بانتظام توزعها‪ ،‬وتوازنها‬ ‫طوال العام‪� .‬إ�ضافة �إلى امتالك العمانيين معرفة‬ ‫وا�سعة بتقلبات الرياح‪ ،‬والتيارات البحرية والفلك‪،‬‬ ‫وابتكارهم الأ�شرعة المثلثة‪ ،‬مما زاد من �سرعة‬ ‫مراكبهم‪ ،‬ومن قدرتهم على مواجهة الرياح العك�سية‬ ‫واال�ستفادة منها‪ ،‬كما �أ َّلف العمانيون م�ؤلفات عدة‪،‬‬ ‫وذكروا فيها قيا�سات الأماكن البحرية‪ ،‬مثل‪ :‬بر مكران‪،‬‬ ‫وخور فكان‪ ،‬وبندر �شنا�ص الباطنة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وموقع‬ ‫ال�شم�س بالن�سبة للمراكب البحرية‪ ،‬وقد مكنتهم‬ ‫معرفتهم العلمية البحرية في تو�سع الن�شاط التجاري‬ ‫العماني في منطقة غربي المحيط الهندي‪.‬‬ ‫ويُعد الأ�سطول البحري العماني من �أهم العوامل التي‬ ‫�ساعدت على تحقيق التطور االقت�صادي في المراكز‬ ‫والموانئ العمانية في عمان‪ ،‬و�شرقي �إفريقيا‪ ،‬وال�ساحل‬ ‫البلو�ش�ستاني‪� ،‬إذ �ساعد على تفعيل حركة ال�شبكة‬ ‫التجارية البحرية ال ُثالثية‪ ،‬من خالل �سرعة الحركة‪،‬‬ ‫وم�ستوى الأمن والحماية التي و َّفرها للمراكب‬ ‫البحرية الكبيرة الحجم‪ ،‬و�إمكاناتها التي هي�أت لها‬ ‫الفر�ص لنقل حموالت �ضخمة‪ ،‬وبالتالي تقوية ال�صالت‬ ‫الح�ضارية التي لعبت فيها عمان دوراً محورياً كحلقة‬ ‫و�صل بين محاور ال�شبكة الثالثية بينها وبين و�ساحل‬ ‫بلو�ش�ستان و�شرق �إفريقيا‪.‬‬

‫والتفاهم والتعاون معه‪ ،‬مع االحتفاظ بالخ�صو�صيات‬ ‫والهويات الذاتية واالعتزاز بها‪ ،‬ف�أ�سهموا بذلك في‬ ‫توفير مناخ مالئم للتبادل النافع في مجال االقت�صاد‬ ‫والثقافة والمعارف الإن�سانية الأخرى‪.‬‬ ‫وقد تناول العديد من الباحثين والرحالة‬ ‫والم�ست�شرقين م�س�ألة االنفتاح العماني على الآخر‪،‬‬ ‫ودوره في في التبادل الح�ضاري وانت�شار اللغة العربية‬ ‫والإ�سالم‪ ،‬في المثلث التجاري في غربي المحيط‬ ‫الهندي‪ ،‬من بينهم الرحالة جيم�س ريموند ول�ستد‬ ‫الذي زار عدة مناطق من عمان عام ‪1835‬م‪ ،‬وو�صف‬ ‫مدينة م�سقط ب�أنها منفتحة على العديد من ال�شعوب‪،‬‬ ‫و�أن االنفتاح على الآخر �سمة بارزة في العمانيين‪ ،‬وهذه‬ ‫المدينة الجميلة تتحاور مع مدن وعوا�صم عدة في‬ ‫القارات في العالم‪ ،‬مما �أك�سبها حراكاً تجارياً وح�ضارياً‬ ‫مهماً منذ القدم‪.‬‬

‫القهوة من �أهم اقت�صاديات تلك المناطق‪.‬‬ ‫‪� -5‬إن االنفتاح العماني على الآخر‪ ،‬يُعد ال�سبب الرئي�سي‬ ‫في قبول �سكان جوادر على �ساحل بلو�ش�ستان ال�شرقي‬ ‫التبعية للحاكم العماني‪ ،‬بعد ا�ستيالء ال�سيد �سلطان بن‬ ‫�أحمد على المنطقة عام ‪1792‬م‪� ،‬أ�ضف �إلى ما تبعه بعد‬ ‫ذلك من زيادة الهجرات واالمتزاج بالمجتمع العماني‪.‬‬ ‫‪ -6‬تدور مو�سيقى الفنون التقليدية العمانية تاريخياً‬ ‫�ضمن �إطار اجتماعي وثقافي متفتح على ثقافات‬ ‫ال�سكان‪ ،‬مثل فن (الليوا) ذا الأ�صل الإفريقي‪ ،‬وفن‬ ‫الرق�ص البلو�شي المُ�سمى (لي الرو)‪ ،‬وهي من قبيل‬ ‫الم�ؤثرات الح�ضارية في المجتمع العماني‪.‬‬ ‫ولم تكن �سمات االنفتاح العماني على الآخر‪ ،‬والتفاهم‬ ‫والت�سامح الثقافي التي جُ بلت عليها طبيعة الذات‬ ‫العمانية‪ ،‬والذي �شاهداناه تاريخاً‪ ،‬مجرداً �ضمن �إطار‬ ‫حقبة زمنية واحدة‪ ،‬بل هو �أي�ضاً متر�سخاً في الفكر‬ ‫العماني عبر الأزمان وحتى الآن‪ ،‬وهذا ما نجده‬ ‫مو�ضوعاً ذا نظرة ثاقبة في فكر جاللة ال�سلطان قابو�س‬ ‫بن �سعيد‪ ،‬فهو ومنذ بدء النه�ضة المباركة �سعى �إلى‬ ‫تنمية ال�شعور بالت�سامح واالنفتاح؛ رغبة منه في بلورة‬ ‫�صيغ من التفاهم في ق�ضايا �إن�سانية مت�شابكة متعددة‪،‬‬ ‫وحر�صاً على تحقيق تقارب مع الآخر ي�ؤدي �إلى تنمية‬ ‫داخلية وخارجية ب�صورة دائمة ومتوازنة‪ ،‬معتمداً في‬ ‫ذلك على النظرة المن�صفة والعادلة في ق�ضايا الحوار‬ ‫والنقا�ش والتفاعل الإن�ساني‪ .‬ونتيجة هذا التفاعل‬ ‫والتوا�صل مع الآخر والتعاون معه في �شتى المجاالت‬ ‫والم�صالح‪� ،‬سكن العمانيون في العديد من الأم�صار‬ ‫في العالم في �آ�سيا و�أفريقيا و�أ ّثروا وت�أثروا مع �شعوب‬ ‫هذه الدول‪ ،‬ف�أ�صبحوا جزءاً من ن�سيج تلك المجتمعات‬ ‫مع االحتفاظ بموروثاتهم وثقافتهم وعاداتهم‪ ،‬بل‬ ‫ا�ستطاعوا بف�ضل ت�سامحهم و�أخالقهم غر�س القيم‬ ‫والثقافة العمانية الأ�صيلة‪ ،‬ولعبوا دوراً فكرياً وثقافياً‬ ‫كبيراً خا�صة في �شرق �أفريقيا‪ ،‬حيث الإ�سهام العماني‬ ‫الرائع في المجاالت الثقافية والفكرية وال�سيا�سية‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫تحقيق مصور‬

‫تعايش األديان في تتارستان‬

‫‪alraisi@outlook.com‬‬

‫اإلتحادية على السفوح‬ ‫أهم ما يلفت أنظار زائر جمهورية تتارستان الواقعة في قلب روسيا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لعل ّ‬

‫الغربية لجبال األورال الفاصلة بين آسيا وأوروبا على نهر فولغا الوجود اإلسالمي الذي يرجع إلى عام‬

‫‪12‬‬

‫والرحالة‪ ،‬أحمد بن فضالن في رحلته الشهيرة “رحلة ابن فضالن” إلى روسيا‬ ‫إثر زيارة العالِ م‬ ‫ّ‬ ‫‪922‬م ‪َ ،‬‬ ‫التي شملت قرابة خمسة آالف شخص بأمر من الخليفة العباسي المقتدر بالله ‪.‬‬

‫هذا الوجود يبدو واضحا من خالل انتشار الطراز المعماري اإلسالمي ‪،‬ومآذن المساجد التي ترتفع إلى‬ ‫عنان السماء ‪،‬واألزياء ‪،‬‬

‫األبجدية العربية التي ظلت مستخدمة منذ القرن العاشر حتى بعد قيام (اإلتحاد السوفيتي)‬ ‫وحروف‬ ‫ّ‬

‫ولم تُ لْ غَ إال في عام ‪1928‬م‬

‫إمكانية تعايش األديان ‪،‬والثقافات ‪.‬‬ ‫وهو وجود يؤكّ د‬ ‫ّ‬ ‫تصوير ‪ :‬حمد الرئيسي‬

‫تتحدث عن هذا التعايش ‪.‬‬ ‫نترك الصور‬ ‫ّ‬


‫تحقيق مصور‬

‫‪13‬‬


‫ملف العدد‬

‫أوان العمل العالمي‬

‫تبني الدول التفاقية دولية حول المناخ‬

‫إعداد ‪ :‬مريم بنت خلفان المسلمية‬ ‫ترجمة ‪ :‬أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫‪14‬‬

‫وفقاً لتقارير الأمم المتحدة‪ ،‬ت�شير الدرا�سات‬ ‫�إلى �أن ظاهرة التغير المناخي التي حدثت بفعل‬ ‫الإن�سان نف�سه تعمل ب�شكل �سريع على تحويل‬ ‫المعدالت الطبيعية في كوكب الأر�ض �إلى معدالت‬ ‫لم ي�سبق لها مثيل في تاريخ الب�شرية‪ ،‬ابتداء من‬ ‫ذوبان الجليد في القطب ال�شمالي �إلى ارتفاع حرارة‬ ‫الأر�ض والبحار والتي ت�سهم في حدوث الكوارث‬ ‫المناخية ال�شديدة‪.‬‬ ‫وتتوقع الدرا�سة (التقييم الخام�س الرئي�س الذي‬ ‫�أجراه الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير‬ ‫المناخ ‪ )IPCC‬م�ستقب ًال قاتماً لزيادة ارتفاع من�سوب‬ ‫مياه البحر‪ ،‬وحدوث موجات حرارية ب�شكل �أقوى‬ ‫وموجات مدمرة من الجفاف والفي�ضانات‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إلى ارتفاع ن�سبة حمو�ضة البحر الأمر الذي يجعل‬ ‫البحار �أقل قدرة على دعم الحياة البحرية‪.‬‬ ‫و�أو�ضح فريق ‪ IPCC‬التابع للأمم المتحدة �أن‬ ‫انبعاثات البيوت الدفيئة في العالم في تزايد م�ستمر‪،‬‬ ‫وفي الوقت الحالي ف�إن ارتفاع معدالت الحرارة‬ ‫العالمية �سيتعدى بكثير الهدف الذي حددته الدول‬ ‫بعدم زيادة درجة الحرارة �إلى �أكثر من ‪ 2‬درجة مئوية‬ ‫عما هي عليه االن وذلك لتجنب الت�أثيرات الج�سيمة‬ ‫للتغير المناخي‪.‬‬ ‫غير �أن تقرير ‪� IPCC‬أو�ضح �أنه ال يزال هناك مت�سعاً‬ ‫من الوقت للحد من ت�أثيرات التغير المناخي �إذا ما‬ ‫تم �أخذ االجراءات الالزمة في الوقت الراهن‪ ،‬التي‬ ‫�ستكون �أقل تكلفة عما �ستكون عليه في الم�ستقبل‪،‬‬ ‫وبالتالي ف�إن اتخاذ تدابير �صارمة للتخفيف من‬ ‫وط�أة ت�أثيرات التغير المناخي الآن �سيعادل تقليل‬ ‫اال�ستهالك العالمي من ‪ % 4 – 1‬في ‪ ،2030‬و‪% 6-2‬‬ ‫في ‪ ،2050‬وذلك بالمقارنة مع عدم اتخاذ �أي �إجراء‪.‬‬ ‫غير �أن هذا ال ي�أخذ في الح�سبان الفوائد المتعددة‬ ‫التخاذ الإجراء مثل تح�سين جودة نقاء الهواء‪،‬‬ ‫والفوائد ال�صحية‪ ،‬وتح�سين م�ستوى المعي�شة‪.‬‬

‫والفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ‬ ‫‪ IPCC‬هو جهة حكومية علمية تحت رئا�سة الأمم‬ ‫المتحدة تم �إن�شا�ؤه �إثر زيادة تركيز غازات البيوت‬ ‫الدفيئة في الغالف الجوي‪ ،‬ويعمل على م�ستوى‬ ‫يحول دون ت�أثير تدخل الأن�شطة الب�شرية الخطيرة‬ ‫على النظام المناخي‪.‬‬ ‫لهذا ولمعالجة هذه الم�شكلة �سيجتمع الدول‬ ‫الأع�ضاء التفاقية الأمم المتحدة الإطارية ب�ش�أن‬

‫‪2‬‬

‫معدل ارتفاع في درجات‬ ‫الحرارة العالمية‬

‫تغير المناخ (‪ )UNFCCC‬في الم�ؤتمر القادم للتغير‬ ‫المناخي بين ‪ 30‬نوفمبر �إلى ‪ 11‬دي�سمبر ‪ 2015‬في‬ ‫باري�س بفرن�سا‪ .‬و�سيكون هذا الم�ؤتمر الدولي‬ ‫الدورة ال�سنوية ‪ 21‬لم�ؤتمر الأطراف (‪)COP21‬‬ ‫التفاقية الأمم المتحدة الإطارية ب�ش�أن تغير المناخ‬ ‫(‪ )UNFCCC‬عام ‪ ،1992‬والدورة ‪ 11‬من اجتماع‬ ‫الأطراف التفاقية كيوتو عام ‪1997‬م‪.‬‬ ‫وح�سب تقارير الأمم المتحدة ف�إن الهدف من‬ ‫الم�ؤتمر القادم المزمع عقده في باري�س في دي�سمبر‬ ‫المقبل من �أجل الو�صول ولأول مرة منذ �أكثر من‬ ‫‪ 20‬عاماً من مفاو�ضات الأمم المتحدة �إلى اتفاقية‬ ‫دولية ب�ش�أن المناخ من جميع الدول حول العالم‪،‬‬ ‫وتعد نتائج هذا الم�ؤتمر �ضرورية من �أجل اعتماد‬ ‫اتفاقية دولية لتحديد �أُطر العمل للتحول �إلى‬

‫مع التزايد المستمر لتأثيرات التغير‬ ‫المناخي الذي بدأ يجتاح جميع القارات‪،‬‬ ‫بدأت الدول تدرك أن هذا التغير يشكل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متناميا يؤثر على مسيرة التنمية‬ ‫خطرا‬ ‫وعلى الجهود المبذولة لمكافحة الفقر‬ ‫وعلى رفاهية سكان العالم‪.‬‬ ‫وتكمن المشكلة في التأثيرات‬ ‫المتفاوتة للتغير المناخي التي ما لبثت‬ ‫إال وقد طالت جميع القارات حول العالم‪،‬‬ ‫وتتجلى هذه التأثيرات في االرتفاع‬ ‫المستمر لمستويات البحر‪ ،‬في حين‬ ‫انحساره في القطب الشمالي بفعل‬ ‫تأثير ارتفاع درجات الحرارة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫زيادة حدوث العواصف وقوتها‪ ،‬وغيرها‬ ‫من الظواهر المناخية القوية‪.‬‬

‫المرونة‪ ،‬و�إلى �إيجاد مجتمعات واقت�صادات ذات ن�سبة‬ ‫منخف�ضة من ثاني �أك�سيد الكربون‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬ف�إن هذا الم�ؤتمر بوجه خا�ص مهم ب�شكل‬ ‫كبير التخاذ خطوة حا�سمة للأمام في عملية‬ ‫التفاو�ض لالتفاق الدولي القادم والذي �سيتم‬ ‫تنفيذه في ‪ 2020‬بهدف �أن تلتزم جميع الدول ‪ -‬بما‬ ‫فيها �أكثر الدول التي تبعث بغازات البيوت الدفيئة‬ ‫والدول المتقدمة والنامية– باتفاقية دولية موحدة‬ ‫حول المناخ‪.‬‬ ‫وت�أتي هذه اال�ستراتيجية �ضمن �إطار �أهداف التنمية‬ ‫الم�ستدامة التي هي مجموعة مقترحة من الأهداف‬ ‫تتعلق بالتنمية الدولية الم�ستقبلية‪ ،‬كما �أنها �ستحل‬ ‫محل الأهداف الإنمائية للألفية لما بعد ‪ 2015‬فور‬ ‫انتهائها بنهاية هذا العام‪.‬‬ ‫ومن �ضمن �أهداف التنمية الم�ستدامة المدمجة‬ ‫مع خطة الأمم المتحدة لما بعد عام ‪ 2015‬حول‬ ‫الجوانب البيئية‪ ،‬ال�سعي العالمي التخاذ �إجراءات‬ ‫عاجلة لمواجهة التغير المناخي وت�أثيراته على‬ ‫�إيجاد م�ستقبل م�ستدام للب�شرية على كوكب الأر�ض‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬ومع الت�سليم ب�أن اتفاقية الأمم المتحدة‬ ‫الإطارية ب�ش�أن تغير المناخ هي المنتدى الدولي‬ ‫والحكومي الرئي�سي للتفاو�ض ب�ش�أن الت�صدي لتغير‬ ‫المناخ على ال�صعيد العالمي‪ ،‬ف�إن الهدف الثالث‬ ‫ع�شر (‪ )13‬من �أهداف التنمية الم�ستدامة المتعلق‬ ‫بالجوانب البيئية ينا�شد الدول بـ�ضرورة "اتخاذ‬ ‫�إجراءات عاجلة لمكافحة تغيير المناخ و�آثاره" من‬ ‫خالل‪:‬‬ ‫ ‪Ó‬تعزيز المرونة والقدرة على ال�صمود في مواجهة‬ ‫الأخطار المرتبطة بالمناخ والكوارث الطبيعية في‬ ‫جميع البلدان‪ ،‬وتعزيز القدرة على التكيف مع تلك‬ ‫الأخطار ‪.‬‬ ‫ ‪�Ó‬إدماج التدابير المتعلقة بتغير المناخ في ال�سيا�سات‬


‫حقائق وآثار ظاهرة االحتباس الحراري‬

‫وفقاً للتقارير‪ ،‬اتفق علماء المناخ بالنظر �إلى‬ ‫المعطيات والحقائق �أن كوكب الأر�ض يزداد حرارة‬ ‫و�أن االجماع العلمي حول التغيرات المناخية‬ ‫المتعلقة باالحتبا�س الحراري ي�شير �إلى �أن متو�سط‬ ‫درجة حرارة الأر�ض قد ارتفع بين ‪ 0.4‬و ‪ 0.8‬درجة‬ ‫مئوية على مدى ال�سنوات ال ‪ 100‬الما�ضية‪ .‬ومن‬

‫ملف العدد‬

‫واال�ستراتيجيات والتخطيط على ال�صعيد الوطني‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬تح�سين التعليم و�إذكاء الوعي والقدرات الب�شرية‬ ‫والم�ؤ�س�سية للتخفيف من تغير المناخ‪ ،‬والتكيف‬ ‫معه‪ ،‬والحد من �أثره والإنذار المبكر به‪.‬‬ ‫ ‪ Ó‬تنفيذ ما تعهدت به الأطراف من البلدان المتقدمة‬ ‫النمو في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية ب�ش�أن‬ ‫تغير المناخ من التزام بهدف التعبئة الم�شتركة‬ ‫لمبلغ قدره ‪ 100‬بليون دوالر �سنويا بحلول عام‬ ‫‪ 2020‬من جميع الم�صادر لتلبية احتياجات البلدان‬ ‫النامية‪ ،‬في �سياق �إجراءات التخفيف المجدية‬ ‫و�شفافية التنفيذ‪.‬‬ ‫وفي هذا ال�سياق‪ ،‬ومن �أجل �ضمان التزام الدول‬ ‫الأع�ضاء التفاقية الأمم المتحدة الإطارية ب�ش�أن‬ ‫تغير المناخ بتنفيذ الهدف ‪ 13‬من �أهداف التنمية‬ ‫الم�ستدامة‪ ،‬ف�إنه يتوجب على الدول تجديد التزامها‬ ‫ال�سيا�سي لتحفيز العمل �إزاء التغير المناخي ورفع‬ ‫الإرادة ال�سيا�سية والطموح التفاقية التغير المناخي‬ ‫الدولية حالما يتم تنفيذها‪.‬‬ ‫كما يتوجب عليهم �أي�ضاً وفقاً لتقرير الأمم المتحدة‬ ‫�إعادة ت�أكيد التزامهم لتطبيق �إعالن ريو ب�ش�أن البيئة‬ ‫والتنمية‪ ،‬و�أجندة ‪ 21‬للتنمية الم�ستدامة‪ ،‬والتي‬ ‫تحتاج �أي�ضاً بال�ضرورة �إلى اتخاذ اجراءات عاجلة‬ ‫وملمو�سة‪.‬‬ ‫ووفقاً لـ (‪ )Climate Central‬وهي منظمة‬ ‫متخ�ص�صة للبحث والإبالغ عن ت�أثيرات التغير‬ ‫المناخي منذ ‪ ،1880‬ف�إن الحرارة ارتفعت بمعدل‬ ‫‪ 1.6‬درجة فهرنهايت‪ ،‬وت�شير التوقعات �إلى �أن درجات‬ ‫الحرارة قد ترتفع بمقدار ‪ 11‬درجة فهرنهايت بحلول‬ ‫نهاية القرن �إذا ما انخف�ض معدل انبعاثات الغازات‬ ‫الدفيئة و�سيت�سبب ذلك �إلى و�صول االحتبا�س‬ ‫الحراري لم�ستويات عالية لم ي�شهدها العالم خالل‬ ‫‪� 1000‬سنة بحلول عام ‪.2030‬‬ ‫وبالمثل‪ ،‬فقد تنب�أت درا�سة جديدة بمجلة ‪POLS‬‬ ‫‪� Biology‬أن النباتات في ال�شمال �ستظل محدودة‬ ‫ب�سبب اال�شعاع ال�شم�سي الذي يندر وجوده في‬ ‫خطوط العر�ض ال�شمالية نظراً ل�شكل الأر�ض‬ ‫ودورانها‪ ،‬ولي�س هناك �أي احتمال ب�أن يتغير نتيجة‬ ‫للمناخ والحد من �أية �آثار جانبية لالحتبا�س‬ ‫الحراري وزيادة ن�سبة ثاني �أك�سيد الكربون في‬ ‫الجو‪ .‬بالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ف�إن العديد من النباتات‬ ‫في المناطق المدارية غير قادرة على تحمل درجات‬ ‫الحرارة العالية‪ ،‬خا�صة �إذا كانت م�صحوبة بالجفاف‪،‬‬ ‫والنتيجة قد تكون خ�سارة ال�سكان لأيام زراعية ثمينة‬ ‫نظراً لعدم مقدرة النباتات على التحمل �أو �أنها غير‬ ‫مهي�أة للتكيف مع تلك الظروف‪.‬‬

‫‪15‬‬ ‫‪Credit: NOAA›s National Centers for Environmental Information. A NOAA analysis using updated global‬‬ ‫‪surface temperature data disputes the existence of a 21st century global warming slowdown.‬‬

‫‪Credit: IPCC.‬‬ ‫‪The IPCC›s projections for global mean sea level rise, depending on the amount of greenhouse gases‬‬ ‫‪in the atmosphere.‬‬

‫المعتقد �أن من الم�سببات الرئي�سة لالحتبا�س‬ ‫الحراري الذي ظهر خالل ‪ 50‬عاماً م�ضت هي ارتفاع‬ ‫معدالت ثاني �أك�سيد الكربون وغازات البيوت الدفيئة‬ ‫الأخرى المنبعثة من احتراق الوقود‪ ،‬و�إخالء‬ ‫الأرا�ضي‪ ،‬والزراعة والأن�شطة الأخرى التي يقوم بها‬ ‫الإن�سان وت�ؤثر على النظام المناخي‪ .‬وقد تنب�أ علماء‬ ‫الفريق الحكومي للمناخ في درا�سة يقومون بها حول‬ ‫المناخ �أن معدل درجات الحرارة قد يزيد بين ‪ 1.4‬و‬ ‫‪ 5.8‬بحلول عام ‪.2100‬‬ ‫حقائق حول التغير المناخي‬

‫الغابات وتقل�ص الجليد في القطب ال�شمالي هي‬ ‫قليلة من الآثار الخطيرة لتغير المناخ‪.‬‬ ‫ ‪�Ó‬إن درجات الحرارة ارتفاع ت�سبب المزيد من‬ ‫الوفيات ال لأ�سباب طبيعية‪ ،‬ولكن نتيجة الرتفاع‬ ‫درجة الحرارة و�سرعة انت�شار الأمرا�ض الفتاكة‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬تحدث فوق ‪ 600،000‬حالة وفاة في جميع �أنحاء‬ ‫العالم كل عام نتيجة لتغير المناخ‪ ٪95 .‬من هذه‬ ‫الوفيات تحدث في البلدان النامية‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬اتخذت بلدان مختلفة خطوات للحد من انبعاثات‬ ‫الغازات الم�سببة لالحتبا�س الحراري‪ .‬وقد �أدى‬ ‫ذلك �إلى �آثار �صحية �إيجابية‪ .‬تعزيز النقل الأخ�ضر‬ ‫يمكن وتجميع ال�سيارات ي�ساعد على الحد من‬ ‫انبعاثات الكربون وتح�سين ال�صحة العامة‪.‬‬ ‫ومع ذلك ف�إنه من �أجل التخفيف ومعالجة مخاطر‬ ‫المناخ‪ ،‬ال يمكن �أن يتحقق ذلك �إال بتكاتف جهود‬ ‫النا�س جميعاً والحكومات والمجتمعات المدنية‬ ‫والقطاع الخا�ص والعمل معاً من �أجل ت�أمين‬ ‫الم�ستقبل الذي نطمح للأجيال الحالية و�أجيال‬ ‫الم�ستقبل‪ ،‬ويمكن للعالم �أن يحقق مثل هذا التغير‬ ‫الطموح والم�ستهدف بالقيادة والتعاون معاً‪ ،‬كما �أنه‬ ‫يتطلب تدخل �صناع القرار االقت�صاديون في جميع‬ ‫الم�ستويات‪.‬‬

‫ ‪Ó‬حوالي ‪ ٪15‬من الكربون المنبعث في البيئة �إزالة‬ ‫الغابات والتغيرات في ا�ستخدام الأرا�ضي‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬وفقا لبرنامج الغذاء العالمي (‪ ،)WPF.org‬بحلول‬ ‫عام ‪ ،2015‬ف�إن عدد الأ�شخا�ص المت�ضررين من‬ ‫الكوارث تغير المناخ يمكن �أن ت�صل �إلى ‪ 375‬مليون‬ ‫�سنويا‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬تغيير ا�ستخدام الأرا�ضي و�إزالة الغابات ت�ساهم في‬ ‫‪ ٪15‬من انبعاثات الكربون �سنوياً‬ ‫ ‪Ó‬نظراً لظاهرة االحتبا�س الحراري ‪ ،‬ويبلغ متو�سط‬ ‫درجة حرارة الأر�ض ‪ 15‬درجة بدال من ‪ 18-‬درجة‬ ‫من دون ت�أثير االحتبا�س الحراري‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬ي�شكل ثاني �أك�سيد الكربون ‪ ٪3.6‬فقط من �إجمالي‬ ‫الغازات الم�سببة لالحتبا�س الحراري من الذي المواقع‪:‬‬ ‫‪http://www.un.org/‬‬ ‫ين�سب ‪� ٪0.12‬إلى الأن�شطة الب�شرية‬ ‫ ‪�Ó‬إن �آثار تغير المناخ يمكن �أن يكون لها �آثار كارثية ‪sustainabledevelopment/sustainable-‬‬ ‫على كوكبنا الأر�ض‪ .‬ارتفاع درجات الحرارة‪/development-goals ،‬‬ ‫وفقدان �أنواع الحياة البرية‪ ،‬وزيادة في م�ستوى ‪http://www.conserve-energy-future.‬‬ ‫�سطح البحر‪ ،‬والتغيرات في �أنماط هطول الأمطار ‪com/various-climate-change-facts-php‬‬ ‫وموجات الحرارة والعوا�صف والأعا�صير وحرائق ‪http://www.who.int/features/factfiles/‬‬


‫مقال‬

‫‪16‬‬

‫عبدالغفور البلوشي‬

‫المخرج والممثل‪ ..‬عالقة شائكة‬ ‫لي�س من الي�سير اختيار الممثل المنا�سب لجميع‬ ‫�شخ�صيات العمل الفني �سواء كان العمل فيلما �سينمائيا‪،‬‬ ‫م�سرحية �أم عمل تلفزيوني‪� .‬إنها حقا مهمة �صعبة ومعقدة‬ ‫في �آن واحد با�ستثناء المحظوظين الذين يت�صادف �أن‬ ‫تكون لديهم فرقة م�سرحية يديرونها ب�أنف�سهم او �شركة‬ ‫�إنتاج تحت �إدارتهم �أو االثنين معا‪ .‬كما �إن التفكير بتوزيع‬ ‫الأدوار تبد�أ منذ الوهلة الأولى في التفكير والتخطيط‬ ‫لكتابة الن�ص �أو ال�سيناريو‪ .‬ف�إن ال�شروع في الكتابة دون‬ ‫معرفة �إمكانيات وقدرات الممثلين ت�صبح الكتابة عمال‬ ‫�سيمفونيا دون �أن يكون المو�سيقار مت�أكدا تماما كيف‬ ‫�ستكون �أ�صوات الآالت المو�سيقية الم�ستخدمة‪.‬‬ ‫�إن المخرج الجيد المتمر�س يحتفظ في ذاكرته ب�صور‬ ‫لنخبة مميزة من الممثلين الذين يعرف م�ستواهم‬ ‫و�إمكانيات �أدائهم لال�ستعانة بهم في حال تعذر الح�صول‬ ‫على ال�شخ�صيات المنا�سبة لبع�ض الأدوار من فرقته‬ ‫الخا�صة كما �إن �أغلب المخرجين وخ�صو�صا في المرحلة‬ ‫الأولى من اختيار الممثلين يمكنهم اال�ستعانة ب�شخ�ص‬ ‫�آخر يعاونهم في االختيار و�أحيانا يكون المنتج نف�سه‬ ‫عندما يترك المنتج مهمة الإخراج ل�شخ�ص �آخر لأنه قد‬ ‫جرت العادة �أن يعمل مع المخرج في هذه المهمة �شخ�ص‬ ‫م�س�ؤول عن توزيع الأدوار وهو م�ساعد المخرج وهناك‬ ‫احتمال �أن يقوم المخرج نف�سه توزيع الأدوار كلها ومن‬ ‫الطبيعي �أن يمنح المخرج الأدوار الرئي�سة لأ�شخا�ص‬ ‫مريحين ممن يعرف المخرج جيدا �أنه ي�ستطيع التعامل‬ ‫معهم ب�سهولة وي�سر و�أن يتجنب ذوي ال�شخ�صيات‬ ‫(ال�صعبة) وكقاعدة عامة ال يوجد خط�أ في هذا الأ�سلوب‬ ‫ما دام المخرج مت�أكدا بكل �أمانة من �أن الممثل (المريح)‬ ‫منا�سب للدور مثله مثل الممثل (المتعب) �أو (ال�صعب)‪.‬‬ ‫�إن مهمة توزيع الأدوار ال تقت�صر على اختيار الممثل‬ ‫المنا�سب لكل �شخ�صية‪ .‬كما يجب مراعاة كيفية اجتماع‬ ‫كل هذه ال�شخ�صيات المختلفة واالن�سجام فيما بينها‬ ‫للو�صول �إلى النتيجة المقنعة مع المحافظة على التوازن‬ ‫والتباين بين ال�شخ�صيات مهما اختلفوا في مظهرهم‬ ‫الخارجي‪.‬‬ ‫�إن عملية اختيار الممثلين تزداد �صعوبة و تعقيدا في حال‬ ‫�أن يكون الممثلين الذين تم اختيارهم �إن كانوا مرتبطين‬ ‫ب�أعمال �أخرى (م�سل�سل‪ ،‬فيلم‪ ،‬م�سرحية) او ربما تكون‬ ‫لديهم مطالب اخرى قد تكون مادية �أي يطلبون �أجرًا‬ ‫كبيرًا نوعًا ما ولكن في الأغلب جميع الممثلين لي�سوا‬ ‫ج�شعين �إلى هذه الدرجة خا�صة �إذا ما تحم�سوا للعمل‬ ‫في عمل جيد او يعجبهم الدور المعرو�ض عليهم ف�إنهم‬ ‫في هذه الحالة ي�صبحون متعاونين فيما يتعلق بمو�ضوع‬

‫الأجور لكن بقيت هناك بع�ض الأمور ربما يناق�شها الممثل لذا عليه �أن يقيم عالقة حميمية كل ما كان ذلك‬ ‫باهتمام بع�ض الممثلين النجوم وهو كيفية و�ضع الأ�سماء ممكنا‪.‬‬ ‫وهناك من يفر�ض على المخرج مكان وت�سل�سل و�ضع‬ ‫�إن ل�سوء توزيع الأدوار عواقب وخيمة على العمل حيث‬ ‫اال�سم ومنهم من ال يرغب �أن يظهر ا�سمه بعد ا�سم �شخ�ص‬ ‫�إن الأداء غير المالئم ي�ؤدي �إلى �شعور �سيء داخل مكان‬ ‫�آخر ويعتر�ض على ذلك ب�شدة وربما يهدد باالن�سحاب‬ ‫الت�صوير وينعك�س �سلبا على نف�سية الجميع حتى على‬ ‫في �آخر لحظة‪ .‬وح�صل ذلك معي �شخ�صيا في منت�صف‬ ‫الفنيين و�سيكون من ال�صعب جدا �أن يبني المخرج‬ ‫الثمانينيات من القرن الما�ضي والم�سرحية كانت من‬ ‫عالقة �ألفة مع الممثلين وطاقم العمل الفني وعندما‬ ‫�إخراج الفنان الأ�ستاذ محمد بن �سعيد ال�شنفري‪ ،‬حيث‬ ‫يكون هناك ا�شخا�ص حول المخرج لي�سوا بالأ�شخا�ص‬ ‫هدد �أحد الممثلين باالن�سحاب في يوم العر�ض الر�سمي‬ ‫المنا�سبين يجد المخرج �صعوبة بالغة في التفاهم مع‬ ‫للم�سرحية وال�سبب مكان ا�سمه و�صورته على البانفلت‬ ‫الممثلين بود وي�ؤدي ذلك �إلى �أ�سو�أ النتائج‪.‬‬ ‫(برو�شور) الم�سرحية لم يعجبه مما ا�ضطر القائمون‬ ‫كما �إن المخرج العنيد الم�ستبد الخ�شن الطباع وربما‬ ‫على العمل �إلى تغيير الطبعة كامل ًة‪.‬‬ ‫نجد مخرجا ال يتعامل باحترافية مع فريق العمل بل‬ ‫هناك اختالفات لها �أهميتها بين دور الممثل في ال�سينما‬ ‫نجد منه معاملة جافة تخلو من الود والعاطفة قد ت�ؤدي‬ ‫عنها في الم�سرح �أو التلفزيون ويجب على المخرج �أال‬ ‫�إلى كراهية الجميع له ممثلين وفنيين‪.‬‬ ‫يغفل هذه االختالفات لأنه عند توزيع ال�شخ�صيات‬ ‫والتعامل مع الممثلين ب�صفة عامة عليه �أن ي�ضع �أمام وبالرغم من �أهمية مراعاة الدقة المتناهية عند توزيع‬ ‫عينه وفي المقام الأول‪� .‬إن عالقة الممثل بال�شخ�صية االدوار هذا ال يعني ان الممثل �سوف يالئم ال�شخ�صية‬ ‫التي �سيقوم بتمثيلها تختلف تماما في ال�سينما عنها في ب�شكل مثالي دقيق تماما مع ال�صورة المر�سومة في ذهن‬ ‫المخرج �أو كاتب الن�ص �أو ال�سيناريو لذا ف�إن المخرج‬ ‫الم�سرح �أو التلفزيون‪.‬‬ ‫�سوف يق�ضي �أغلب �أوقاته مع الممثلين �أثناء التدريبات‬ ‫في ال�سينما يعمل المخرج مع الممثل فترة تدريبات‬ ‫على الأداء وتطوير نمو ال�شخ�صيات ومن هذا المنطلق‬ ‫�أق�صر ن�سبيا منها في الم�سرح لذا وجب الت�آلف‬ ‫يف�ضل المخرج �أن يتعامل مع ممثلين �أكثر مرونة في‬ ‫واالن�سجام التام بين المخرج والممثل خالل هذه‬ ‫معالجتهم لأدوارهم ويمتلكون مواهب متعددة في الأداء‬ ‫الفترة وب�سرعة لكي ن�ضمن عالقة عمل جيدة �أثناء‬ ‫التمثيلي‪.‬‬ ‫الت�صوير ومن �أف�ضل الأو�ضاع �إن يح�سن المخرج توزيع‬ ‫الأدوار حتى ال يقع في م�شاكل وخ�صو�صً ا المخرج غير �إن �أي دور يتطلب جهدا كبيرا من االنفعال والمقدرة على‬ ‫المتمر�س حتى و�إن كان قد مر بكل المهن ال�سينمائية التعبير و�إمكانية ال�سيطرة على تعابير الوجه للتعبير عن‬ ‫على المخرج �أن ي�ضع في الح�سبان وجود ت�شابه بالبعد نوع العاطفة المطلوبة لل�شخ�صية‪.‬‬ ‫الج�سماني وال�سلوك وال�شخ�صية بين المثل والدور كما‬ ‫ربما نجد في الممثلين ال�شباب الأ�صغر �سنا �أكثر مرونة‬ ‫يتخيله المخرج بالرغم من الفوارق �سوف تزاح بين‬ ‫على �أداء الأدوار من الممثلين الأكبر �سنا حتى و�إن كانوا‬ ‫الممثل وال�شخ�صية �أثناء التدريبات لكن من الأف�ضل‬ ‫�أكثر خبرة لأن التطور التكنولوجي الحديث �أدى �إلى‬ ‫�أن ينتبه المخرج �إلى البعد الج�سماني للممثل لأنه مهم‬ ‫تطور الفنون الأدائية ومعالجة التمثيل تطورا كبيرا‬ ‫في ال�سينما لأن الممثل يكون �أقرب �إلى المتفرجين على‬ ‫خالل ال�سنوات الما�ضية وه�ؤالء ال�شباب ي�ؤدون �أدوارهم‬ ‫ال�شا�شة منه على الم�سرح و�صورته كبيرة ووا�ضحة مع‬ ‫على الطريقة الحديثة دون تكلف �أو توتر ع�صبي زائد عن‬ ‫�أجهزة الت�صوير العالية الدقة ولن تتوفر للمخرج عندئذ‬ ‫الحاجة فهم عا�صروا هذا التطور منذ نعومة �أظفارهم‬ ‫نف�س مرونة الإيهام الم�سرحي‪.‬‬ ‫ولديهم القدرة على التنوع في الأداء �أمام الأجهزة‬ ‫الحب واالن�سجام �أمران �ضروريان توفرهما بين المخرج الحديثة التي عا�صروها‪ .‬عمال بن�صيحة المخرج �سدني‬ ‫من جهة وجميع �أفراد طاقم العمل من جهة �أخرى وعلى كول مونتير‪( :‬لقد �أ�صبحت ال�سينما �أو التلفزيون‬ ‫المخرج �أن يرتبط مع الممثلين بعالقة مودة وحميمية عن�صرا مهما في حياة النا�س وقد ن�ش�أ الجيل الجديد من‬ ‫لأنه بدون ذلك �سوف ي�صعب عليه قيادتهم فلي�س من الممثلين مع هذه ال�سينما الحديثة ب�أجهزتها المتطورة‬ ‫ال�ضروري �أن يتقبّل المخرج كل من يعمل معه ولكن �صوتا و�صورة وظهور الت�صوير المتعدد الأبعاد لذا فهم‬ ‫اختيار الممثل كي يلعب دورا معي ًنا في العمل (�سينما‪ ،‬الأكثر قدرة على التمثيل ب�صورة طبيعية ت�صلح لل�سينما‬ ‫م�سرح �أو تلفزيون) عليه �أن يح�صل على �شيء من هذا في ع�صرنا الحديث)‬


‫مقال‬

‫ناصر الراشدي‬

‫‪17‬‬

‫‪nasser22a@hotmail.com‬‬

‫تَ َط َّو ْر أو انْ َق ِر ْض !!‬ ‫من الطبيعي �أن يكون لكل �شخ�ص ما يحلم به وما التي نملكها‪ ،‬والتي ت�ؤهلنا لال�ستمرار‪.‬‬ ‫يتمناه في حياته ويجعل ذلك هد ًفا ي�سعى لتحقيقه‬ ‫لذلك �أو�صيك ب�أال تتخلى عن فكرة تطوير ذاتك‪،‬‬ ‫وم�ستقب ًال م�شر ًقا له ولأبنائه‪ ،‬وكنتيجة لذلك ف�إنه‬ ‫وعليك �أن تتحلى بالثقة بالنف�س‪ ،‬واال�صرار على‬ ‫من الطبيعي � ً‬ ‫أي�ضا �أن يبحث عن الو�سائل والطرق‬ ‫اال�ستمرار حتى تكون على �أهبة اال�ستعداد للتعامل‬ ‫الالزمة التي تعينه‪ ،‬وت�سهل له طريق تحقيقه لتلك‬ ‫مع �أي م�شكلة �أو موقف يعوقك عن تحقيق �أحالمك‪،‬‬ ‫الأهداف‪ ،‬وتحقيق الأمنيات‪ ،‬وا�ست�شراق الم�ستقبل‪،‬‬ ‫والو�صول �إلى �أهداف حياتك‪.‬‬ ‫وبالتالي ف�إنه من خالل تلك العملية ي�ستطيع �أن‬ ‫يعرف حجم قدراته وطاقاته الخا�صة وما يحتاج �إليه �صديقي القارئ ال بد �أن يكون لك دور �أ�سا�سي في‬ ‫ليكون قادراً على تحقيق ما ير�سُ مه؛ الأمر الذي يجعله تطوير ذاتك‪ ،‬و�أال تترك مجال تطويرها لل�صدفة‪،‬‬ ‫يعمل وفق فل�سفة ُتعنى بتربيته لنف�سه و�إدارته لذاته‪� ،‬أو لظروف الحياة؛ فعليك �أن تبد�أ بتطوير ذاتك‬ ‫ً‬ ‫ملحوظا‪ ،‬وتح�س ًنا م�ستمرًا نف�سيًا؛ من خالل التدرب على ال�سيطرة على الغ�ضب‪،‬‬ ‫وارتقائه بها‪ ،‬فيرى تطورًا‬ ‫واالنفعاالت النف�سية‪ ،‬والتحكم في الأع�صاب‪ ،‬واالت�سام‬ ‫وتغييرًا �إيجابيًا في ذاته‪.‬‬ ‫بالهدوء واال�ستقرار‪ ،‬وتطور ذاتك عقليًا؛ من خالل‬ ‫ولكن ما المق�صود بتطوير الذات؟ وما الحاجة �إلى‬ ‫معرفة المهارات العقلية‪ ،‬وحدودها كالتركيز‪،‬‬ ‫ذلك؟‬ ‫والتفكير ال�سليم‪ ،‬وتح�سين الذاكرة‪ ،‬وتقويتها‪ ،‬وتطور‬ ‫في الواقع يبد�أ تطوير الإن�سان منذ والدته تلقائيًا‪ ،‬ذاتك ج�سمانياً؛ من خالل االهتمام بال�صحة‪ ،‬والعافية‬ ‫حيث تقوم الأ�سرة‪ ،‬والمدر�سة‪ ،‬والمجتمع بتطويره‪ ،‬بممار�سة الريا�ضة‪ ،‬وتناول الأطعمة ال�صحية‪.‬‬ ‫وتربيته على الأخالقيات وتدريبه على التعاي�ش مع‬ ‫الحياة‪ ،‬واكت�شاف الو�سائل الالزمة لذلك‪� ،‬إال �أن اتباعه‬ ‫لفل�سفة خا�صة في تربيته لذاته يعد من �أهم عمليات‬ ‫تطويرك لذاتك‬ ‫التطوير كما ي�ؤكده �أفالطون في فل�سفته‪ ،‬والذي‬ ‫بدوره ي�ؤيد تطوير الذات‪ ،‬و�إك�سابها �سلوكيات �إيجابية‪،‬‬ ‫ينتظر قرارك‬ ‫وتجريدها من ال�سلوكيات ال�سلبية‪.‬‬ ‫وبالتالي ي�سعى الإن�سان بنف�سه لتح�سين قدراته‬ ‫والم�ؤهالت‪ ،‬والإمكانيات ال�شخ�صية كتح�سين القدرات‬ ‫العقلية من تركيز‪ ،‬وتفكير‪� ،‬أو تح�سين مهارات‬ ‫التوا�صل؛ كاال�ستماع‪ ،‬واالن�صات وفهم الآخرين‪� ،‬أو‬ ‫تح�سين مهارة التعامل مع الذات‪ ،‬وال�سيطرة على‬ ‫االنفعاالت‪ ،‬والتحكم في الم�شاعر‪ ،‬وردود الأفعال‪،‬‬ ‫كذلك ي�شمل تطوير الذات عملية ال�سعي لمعرفة‬ ‫نقاط القوة وال�ضعف‪ ،‬وتحويل هذه الذات �إلى ذات‬ ‫فاعلة‪.‬‬

‫أنت‬

‫وتلك جوانب مترابطة ينبغي عليك �أن تر ِّكز عليها‬ ‫جميعها‪ ،‬كما �أنه لن تجد �شخ�صً ا �آخر ي�سعى لتطوير‬ ‫ذاتك �إن لم ت�س َع لذلك بنف�سك‪ ،‬بل �إ َّن تطويرك لذاتك‬ ‫ينتظر قرارك �أنت‪� ،‬إن ا�ستطعت �أن تدرك �أهمية الحياة‬ ‫بالن�سبة لك فعليك با�ستغاللها‪ .‬وكي ت�سير في طريق‬ ‫تطوير ذاتك؛ عليك بالعمل على نف�سك ببذل الجهد‪.‬‬ ‫فالقول لي�س كافيًا ولن يغيِّر �شي ًئا دون الفعل‪ ،‬واهلل‬ ‫�سبحانه وتعالى يقول {�إن اهلل ال يغير ما بقوم حتى‬ ‫يغيروا ما ب�أنف�سهم} [(‪� )11‬سورة الرعد)]‪ ،‬كما عزز‬ ‫الخالق ذلك في نف�سك من خالل تمييزها عن غيرها‬ ‫بالمهارات‪ ،‬والقدرات التي ت�ساهم في تطويرك لذاتك‪.‬‬

‫�إن التطوير عملية م�ستمرة في التعلم‪ ،‬واالقتبا�س من‬ ‫المحيط الخارجي‪ ،‬ودرا�سة المواقف واالنتفاع منها‬ ‫ب�إيجابية‪ ،‬ولكن بال�شك ال يمكن �أن ي�سعى الإن�سان‬ ‫لذلك بدون عقبات‪ ،‬فالبع�ض منا يعتري طريقه‬ ‫للتطوير لحظات ي�شعر فيها بالإحباط وفقدان‬ ‫الرغبة في اال�ستكمال‪ ،‬وقد تواجهنا في هذه الرحلة‬ ‫من الأهمية �أن تعرف �أيها القارئ �أهمية التطوير‬ ‫عدم امتالك القدرة الكافية على اال�ستمرار‪ ،‬وعدم‬ ‫الذاتي في حياتك من �أجل �أن تفهم تناق�ضات الحياة‪،‬‬ ‫النظر �إلى �أنف�سنا‪ ،‬والبحث بين الأدوات‪ ،‬والمعطيات‬ ‫و�أن تفهم ال�سر الذي يجعلك تحقق �أحالمك‪ ،‬و�أن‬

‫ت�صبح واعيًا لما �أنت فيه وما تطمح الو�صول �إليه‪،‬‬ ‫فبالتنمية‪ ،‬والتطوير ت�ستطيع �أن تك�سر الي�أ�س الذي‬ ‫ي�سيطر عليك �أحياناً‪ ،‬والإن�سان الذي يعي�ش الي�أ�س‬ ‫ال يمكن �أن يكون مدر ًكا لذاته؛ فهو منغل ٌق في عالم‬ ‫�صغير‪ ،‬غير مت�سق مع نف�سه‪ ،‬ت�سيطر عليه الم�شاعر‪،‬‬ ‫والظروف‪.‬‬ ‫كما �إنه بالتطوير ت�ستطيع �أن تقود حياتك بنف�سك‪،‬‬ ‫وبدونه �ستجد الآخرين يقومون بالمهمة‪ ،‬كذلك‬ ‫تطويرك لذاتك يجعلك تفكر �إيجابيًا‪ ،‬فترى العالم‬ ‫م�ضي ًئا‪ ،‬وترى الم�ستقبل م�شرقاً وواعداً‪ ،‬وتجد �أفكارًا‬ ‫تنير طريقك‪ ،‬وتفتح كل النوافذ التي ت�أتيك بنور‬ ‫الأمل في كل �شيء‪.‬‬ ‫فابد�أ بتطوير ذاتك وار�سم خطة لنف�سك لما تريد‬ ‫�أن تنميه في حياتك‪ ،‬واعمل على تقوية �شخ�صيتك‪،‬‬ ‫وعالج نقاط �ضعفك‪ ،‬وارفع م�ؤهالتك‪ ،‬وال ت�ست�سلم �إن‬ ‫�أخط�أت بل كرر المحاولة‪.‬‬ ‫فقد ع َّلم اهلل الإن�سان كيف يطور نف�سه‪ ،‬فعندما قتل‬ ‫قابيل �أخاه هابيل‪ - ،‬ولم يعرف حينها كيف يت�صرف‬ ‫ليواري �سو�أة �أخيه ‪ -‬؛ فبعث اهلل له غرابًا ير�شده‪ ،‬وكان‬ ‫ذلك �أول در�س للب�شرية‪ ،‬ومنه �إ�شارة �إلى �أن الإن�سان‬ ‫غير كامل وعليه �أن ي�سعى لتنمية وتطوير ذاته‪ ،‬ولكن‬ ‫در�س الغراب لم ينت ِه‪ ،‬فقد عمل اليابانيون على درا�سة‬ ‫الغراب وكيفية ت�أقلمه مع الحياة الجديدة ومحاولة‬ ‫بقائه على قيد الحياة‪ ،‬فاكت�شفوا ب�أن هذا الطائر ي�سعى‬ ‫للتعلم‪ ،‬والتطور كلما تطورت حياته‪ ،‬فمع التمدن‬ ‫ا�ستطاع هذا الطائر في مدينة يابانية من ا�ستثمار‬ ‫بيئة جديدة‪ ،‬فا�ستفاد من التغييرات‪ ،‬و�أ�صبح يح�صل‬ ‫على �أكله بطريقة لم يعرفها من قبل‪ ،‬ي�سقط اللوز‬ ‫من ارتفا ٍع عالٍ على ال�شارع الإ�سمنتي لينك�سر‪ ،‬لكن‬ ‫�أحيا ًنا ال ينك�سر‪ ،‬فوجد طريقة �أخرى‪ ،‬ف�أخذ ي�سقط‬ ‫اللوز في و�سط ال�شارع فتحطمه عجالت ال�سيارات‪،‬‬ ‫ولكنه �أ�صبح ال ي�ستطيع �أن يلتقطه من بين عجالت‬ ‫ال�سيارات‪ ،‬و لم ي�ست�سلم الغراب‪ ،‬ف�أ�صبح ي�سقطه في‬ ‫ممر عبور الم�شاة و�سط �إ�شارات المرور‪ ،‬وينتظر توقف‬ ‫ال�سيارات وبالتالي يح�صل عليه ب�أمان‪ ،‬وهنا تطبيق‬ ‫لال�ستراتيجية اليابانية (كايزن) والتي تعني �أنه‬ ‫بخطوة واحدة �صغيرة ت�ستطيع �أن تغير حياتك‪ ،‬ف�إذا‬ ‫كان الغراب يتطور مع الحياة‪ ،‬ويتعلم كيف يتعاي�ش‬ ‫معها حتى في المدن الحديثة‪ ،‬فهل �ستنتظر �أن ت�صنع‬ ‫لك الظروف ومجريات الحياة �آلية التطور؟‬


‫تجربة‬

‫تجارب عالمية‬

‫تجربة في تنمية الموارد البشرية‪.‬‬

‫تجربة تعرضها‪ :‬زبيدة البلوشية‬

‫‪18‬‬

‫أن تهميش المورد البشري‪ ،‬وإجحاف حقوقه‬ ‫المشروعة في الرعاية المهنية‪ ،‬قد يؤدي‬ ‫لهجرة العقول إلى الدول أو المجتمعات التي‬ ‫تقدر الموارد البشرية وترعاها‪ ،‬وتسعى‬ ‫الستقطابها لترقى وتتقدم‪ ،‬بينما تبقى‬ ‫مجتمعاتهم األصلية في جهل‪ ،‬وظلمة تصارع‬ ‫األزمات‪ ،‬والمشاكل لتقبع في ذيل قوائم‬ ‫الدول‪ ،‬والمجتمعات اإلنسانية‪.‬‬

‫اليــــابــان‪:‬‬

‫�إن تجربة اليابان‪ ،‬والنموذج الأ�سطوري الذي تمثله‬ ‫ال يزال ً‬ ‫مثاال موحياً جذب االنتباه‪ ،‬وحظى بكثير من‬ ‫االهتمام‪ ،‬والعناية من قبل خبراء التنمية في العالم‪،‬‬ ‫فلقد ا�ستطاعت اليابان ب�سيا�ساتها الر�شيدة‪ ،‬وب�شعارها‬ ‫اال�ستراتيجي ( ال�سالم والتنمية )‪� ،‬أن تجد لها طريقاً‬ ‫متميزاً في التطور يمثل تالقي الغرب وال�شرق‪،‬‬ ‫وا�ستطاعت �أن تحقق تطوراً لم تنجزه لها الجيو�ش‬ ‫بالعدة والعتاد الع�سكري‪ ،‬بل كان ثمرة التجربة التي‬ ‫خا�ضتها بالدماء وال�صمود‪ ،‬فمنذ ال�سبعينيات بد�أت‬ ‫الدرا�سات الغربية تتحدث عن "المعجزة االقت�صادية‬ ‫اليابانية"‪ ،‬وفي عقدي الثمانينيات والت�سعينيات لفت‬ ‫انتباه بع�ض قادة الدول الغربية �إلى خطورة النمو‬ ‫االقت�صادي الياباني الكبير‪ ،‬لأن اليابان قد تغزو العالم‬ ‫اقت�صادياً في مطلع القرن الحادي والع�شرين‪ ،‬وبالفعل‬ ‫حققت اليابان نقلة نوعية خالل عقود قليلة‪ ،‬فما هو‬ ‫�سر هذه النه�ضة والتقدم الهائل وال�سريع ؟‬ ‫تعد اليابان تجربة عملية مميزة‪ ،‬في مجال تنمية‬ ‫الموارد الب�شرية‪ ،‬لي�س فقط لنموها االقت�صادي‬ ‫ال�سريع‪ ،‬والمثير للإعجاب‪ ،‬ولكن �أي�ضا للطريقة‬ ‫الرائدة التي �أنجزت من خاللها م�شروعها التنموي‬ ‫الناجح في �إدارة الموارد الب�شرية خارج الإطار الغربي‪،‬‬ ‫وفي ظل ظروف طبيعية غير مالئمة‪ ،‬مثل افتقارها‬ ‫ال�شديد للموارد الطبيعية‪ ،‬وتاريخها الإقطاعي‪،‬‬ ‫وظروف دخولها المجتمع الدولي‪ ،‬ومع ذلك ا�ستطاعت‬ ‫وخالل جيل واحد فقط �أن تنه�ض من هزيمة‬ ‫ع�سكرية‪ ،‬ودمار اقت�صادي لت�صبح �أحد �أبرز المنتجين‬ ‫والم�صدرين والممولين العالميين‪.‬‬ ‫حيث �أن اليابان تعانى من ندرة في مواردها الطبيعية‪،‬‬ ‫فهي تتكون من مجموعة من الجزر ذات الطبيعة‬ ‫الجبلية التي تحول دون التو�سع الزراعي‪ ،‬كما‬ ‫�أن الطبيعة لم تهبها �إال القليل من موارد الثروة‬ ‫المعدنية‪ ،‬وحتى ت�ضمن العي�ش الكريم لأبنائها‬ ‫الذين يتزايد عددهم يوماً بعد يوم‪ ،‬فقد جربت‬ ‫عدة مداخل كان �أخرها قبل الحرب العالمية الثانية‬ ‫انتهاج �سيا�سة ا�ستعمارية تحاول من خاللها فر�ض‬ ‫�سيطرتها على بع�ض الدول التي ت�ستطيع من خاللها‬ ‫ت�أمين احتياجاتها من الموارد المادية‪ ،‬فكانت الحرب‬ ‫الكورية‪ ،‬والتو�سع في كوريا‪� ،‬إال �أن هذا المدخل ً‬ ‫بدال‬ ‫من �أن يوجد ح ًال لبع�ض م�شاكلها جلب عليها الدمار‬

‫في الحرب العالمية الثانية ب�سبب ا�صطدامه بم�صالح‬ ‫الدول اال�ستعمارية الكبرى‪.‬‬ ‫وبذلك لم يعد �أمام اليابان و�سيلة لتجد فر�صتها للحياة‬ ‫الكريمة �إال �أن تحاول اال�ستغالل الأمثل لموردها‬ ‫الوحيد الذى لديها وفرة فيه‪ ،‬وهو العن�صر الب�شري‪،‬‬ ‫فو�ضعت كل تركيزها بعد الحرب العالمية الثانية على‬ ‫كيفية ا�ستخدام �إمكانياتها الب�شرية بالطريقة التي‬ ‫ت�ساعدها على تحقيق وفورات تمكنها من �سد احتياجات‬ ‫ال�سكان من الغذاء‪ ،‬واحتياجات الت�صنيع من الموارد‬ ‫المادية‪ ،‬ولقد كان من بين و�سائل الإدارة اليابانية في‬ ‫هذا المجال تتبنى ا�ستراتيجية �أحد �أركانها الأ�سا�سية‬ ‫�أن الموارد الب�شرية للمنظمة هي ثروتها الأ�سا�سية‪،‬‬ ‫و�أغلى �أ�صولها‪ ،‬والذي ترتكز عليه ا�ستراتيجية الإدارة‬ ‫اليابانية في معاملة العن�صر الب�شري هو الت�أكيد على‬ ‫وحدة الم�صلحة بين المنظمة والعاملين‪ ،‬فالعاملين‬ ‫ال ينظر �إليهم باعتبارهم مجرد �أدوات في العملية‬ ‫الإنتاجية ت�ستغل جهودهم بطريقة �أو ب�أخرى لتحقيق‬ ‫�أهداف المنظمة التي يعملون فيها‪ ،‬بل تحر�ص الإدارة‬ ‫اليابانية بالو�سائل العلمية على �إ�شعار الفرد ب�أن هناك‬ ‫منفعة متبادلة بينه وبين المنظمة‪ ،‬و�أن هناك م�صلحة‬ ‫م�شتركة بينهما‪ ،‬فكل ما يبذله من جهد من �أجل بقاء‬ ‫المنظمة وا�ستمرارها‪ ،‬ونجاحها‪ ،‬وتقدمها يعتبر �ضماناً‬ ‫لبقائه ونموه وتقدمه‪.‬‬ ‫نتيجة التركيز على تنمية‬ ‫الموارد البشرية حققت‬ ‫اليابان طفرة اقتصادية‬ ‫في الفترة‬ ‫بين ‪ 1960‬حتى ‪1989‬‬

‫لذلك كان من �أبرز عوامل النه�ضة اليابانية ما ُعرف‬ ‫«بالإدارة اليابانية»‪ ،‬بمعنى تطبيق مبادئ �إدارية حديثة‬ ‫من بينها �إدارة الجودة ال�شاملة‪ ،‬والعمل �ضمن فريق‬ ‫عمل «روح الفريق»‪ ،‬وتقدير قيمة العمل الجماعي‪،‬‬ ‫و�إتقان العمل الإداري وتحويله �إلى قيمة اجتماعية‬ ‫مرتبطة بالثقافة اليابانية‪ ،‬واالبتكار والتطوير‪� ،‬إلى‬ ‫غير ذلك من المبادئ والمفاهيم الإدارية الفعالة‪،‬‬

‫ولهذ�آ �أطلق عليها "البالد التي ال تغيب عنها ال�شم�س"‪.‬‬ ‫فقد ادى �إهتمام اليابان بالعن�صر الب�شري‪ ،‬والذي‬ ‫يعد المورد الأ�سا�سي للتنمية االقت�صادية‪ ،‬تقدمها‬ ‫في ركب الح�ضارة‪ ،‬واتخذت موقعها �ضمن كوكبة‬ ‫المجتمعات ال�صناعية الكبرى‪ ،‬و قد ن�ش�أت هناك‬ ‫فكرة الإنجاز الإداري للتقدم‪ ،‬لذا اتجهت الم�ؤ�س�سات‪،‬‬ ‫والهيئات‪ ،‬والوزارات‪ ،‬ومراكز البحوث اليابانية �إلى‬ ‫درا�سة مقومات الفرد الناجح‪ ،‬و�أ�ساليب التحفيز التي‬ ‫تتنا�سب مع ال�شعب الياباني‪ ،‬ونتيجة هذه الدرا�سة �أدت‬ ‫�إلى تغيير النظرة للعن�صر الب�شري من كونه منفذ‬ ‫للعمل �إلى م�صدر من م�صادر القوة المحركة للإنتاج‬ ‫واال�ستثمار الجيد‪ ،‬وعن�صر �أ�سا�سي في ر�أ�س المال‬ ‫الفكري‪ ،‬والذى يحقق ميزة تناف�سية ق�صوى لي�س فقط‬ ‫على الم�ستوى المحلي و�إنما تبعته التميز �إلى النطاق‬ ‫العالمي ‪.‬‬ ‫وب�سبب االهتمام بالتنمية الب�شرية �شهدت اليابان طفرة‬ ‫اقت�صادية هائلة للفترة بين ‪ 1960‬حتى ‪ ، 1989‬و�أطلق‬ ‫عليها بالمعجزة االقت�صادية‪ ،‬حيث تظهر مظاهر‬ ‫النه�ضة اليابانية في احتالل اليابان الدرجة الثانية‬ ‫بين الدول الر�أ�سمالية المتقدمة بعد الواليات المتحدة‬ ‫الأميركية من حيث الم�ستوى ال�صناعي‪ ،‬والمركز الأول‬ ‫بالن�سبة �إلى بع�ض المنتجات ( الراديو والترانز�ستور)‪،‬‬ ‫وبناء ال�سفن وناقالت النفط ‪ ،‬والترافق بين التقدم‬ ‫ال�صناعي والزراعي‪ ،‬وتطبيق �أحدث التقنيات العلمية‬ ‫في مجال الزراعة‪ ،‬والمحافظة على ال�صناعات الحرفية‬ ‫وال�شعبية التراثية‪ ،‬كما تتميز بم�ستوى عالي من‬ ‫الت�أ�سي�س التكنيكي ل�صناعة المعادن والأفران العالية‪،‬‬ ‫وتقدم ال�صناعة الإلكترونية حيث تحتل المرتبة الأولى‬ ‫في �إنتاج الحا�سبة‪ ،‬و�آالت الت�صوير‪ ،‬والإن�سان الآلي (‬ ‫الروبوت )‪ ،‬و تقدم �صناعة ال�سيارات حيث تنتج �سنوياً‬ ‫�أكثر من ‪7‬ماليين �سيارة في العالم حيث بلغ العجز‬ ‫في الميزان التجاري الأمريكي ل�صالح اليابان ‪37‬مليار‬ ‫دوالر ‪.‬‬ ‫ال �شك في �أن القاعدة االقت�صادية المتقدمة والمتطورة‬ ‫ت�ستند �إلى ر�أ�س مال ب�شري‪ ،‬وفكري‪ ،‬ومعرفي على درجة‬ ‫مرتفعة من الكفاءة والتطور؛ لذلك تعد المدر�سة‬ ‫اليابانية في �إدارة وتنمية الموارد الب�شرية‪ ،‬من �أهم‬ ‫النماذج العالمية التي يجب �أن يحتذى بها؛ فهي تتمتع‬ ‫بوجود قاعدة معلومات وا�سعة المدى‪ ،‬و�سوق عمل‬ ‫يحتوي على �أف�ضل العنا�صر الب�شرية‪.‬‬


‫مقال‬

‫تهى العبرية‬

‫‪19‬‬

‫‪omandaily11@hotmail.com‬‬

‫الرضا الوظيفي معادلة رياضية‬ ‫را�ض عن‬ ‫را�ض عن عملك؟ هل �أنت ٍ‬ ‫هل �أنت ٍ‬ ‫رئي�سك المبا�شر؟ �أ�سئلة تقودك لتكت�شف نف�سك‪،‬‬ ‫و�سلوكك‪ ،‬ومدى ر�ضاك عن نف�سك‪ ،‬و�أنت في ّ‬ ‫خ�ضم‬ ‫عملك‪ .‬فالر�ضا الوظيفي هو مجموعة �أحا�سي�س‬ ‫جميلة كال َقبول‪ ،‬وال�سعادة‪ ،‬واالرتياح‪ ،‬واال�ستمتاع‬ ‫ي�شعر بها الموظف تجاه نف�سه‪ ،‬ووظيفته‪ ،‬وم�ؤ�س�سته‪،‬‬ ‫فهو �سلوك �إن�ساني يعك�س الت�صرفات‪ ،‬والتعبيرات‬ ‫الداخلية والخارجية التي يقوم بها الفرد في ن�شاطه‬ ‫اليومي‪ .‬ويمكن اعتبار الر�ضا الوظيفي متغيرا‬ ‫م�ستقال ي�ؤثر في �سلوك الموظف كالأداء‪ ،‬والتغيَّب‪،‬‬ ‫والتوا�صل‪ ،‬وقد يكون متغيرا تابعًا يت�أثر بالرواتب‪،‬‬ ‫ونظام المنح‪ ،‬والمكاف�آت‪ ،‬والهيكل التنظيمي‪ ،‬وغيره‬ ‫من العوامل‪ ،‬وقد يرتبط الر�ضا بعالقة الموظفين‬ ‫مع ر�ؤ�سائهم‪ ،‬وطبيعة العالقة التي بينهم‪.‬‬ ‫وت�سعى كل م�ؤ�س�سة �إلى تحقيق الر�ضا الوظيفي للكادر‬ ‫الب�شري بما يتنا�سب‪ ،‬والإنتاج بعالقة طردية‪ ،‬فهو‬ ‫ي�ؤدي �إلى زيادة ثقة الموظف بنف�سه‪ ،‬وي�ساعده على �أن‬ ‫يبني طموحا‪ ،‬و�أهدافا ي�سعى جاهداً لتحقيقها‪ ،‬ويكون‬ ‫�أكثر اعتزازا بنف�سه‪ ،‬وعمله‪ ،‬وينعك�س هذا حتى على‬ ‫أح�س بالطم�أنينة‪،‬‬ ‫�سلوكه في بيته‪ ،‬ومع �أ�سرته‪ ،‬فكلما � ّ‬ ‫واال�ستقرار‪ ،‬واالرتياح لعمله‪ ،‬ومر�ؤو�سيه‪ ،‬كلما كان‬ ‫ذلك دافعاً وراء الحب‪ ،‬والأداء الجيد‪ ،‬والرغبة في‬ ‫االبتكار‪ ،‬والتطوير‪ ،‬فهناك عوامل ت�ؤثر على الر�ضا‬ ‫الوظيفي كميول الموظف تجاه زمالئه‪ ،‬فكلما‬ ‫أح�س باالنتماء معهم‪ ،‬و�سيادة روح الفريق والتعاون‬ ‫� ّ‬ ‫بينهم كلما ارتاح لمكان عمله‪ ،‬كذلك ميول الموظف‬ ‫لمر�ؤو�سيه‪ ،‬فكلما كان هناك دقة في توزيع العمل‪،‬‬ ‫ومعاملتهم ك�إخوة‪ ،‬وزمالء‪ ،‬بحيث يحقق قيادة فعّالة‬ ‫تجمع بين ال�سلطة الر�سمية وغير الر�سمية كلما‬ ‫انعك�س هذا على �أداء الموظف و�إنتاجيته‪ .‬ويمكن �أن‬ ‫ن�صوّر العالقة بالمعادلة التالية (الر�ضا الوظيفي=‬ ‫الر�ضا عن الإ�شراف ‪ +‬الر�ضا عن جماعة العمل ‪+‬‬ ‫الر�ضا عن ظروف العمل)‪.‬‬ ‫وي�ساهم عن�صر ال�سلوك والعالقات االن�سانية في‬ ‫درجة نجاح �أو اخفاق الم�ؤ�س�سة ‪ ،‬فالعالقات االن�سانية‬ ‫�سالح ذو حدين ما �إن �أح�سن ا�ستخدامها كان الت�أثير‬ ‫ايجاباً وما �إن �أ�ساء اال�ستخدام انعك�ست �سلباً و�أدت‬ ‫�إلى الفو�ضى واالنحالل‪ .‬والهدف الأ�سمى من هذه‬ ‫العالقات هو تحقيق التوازن بين ر�ضا الموظفين‬ ‫وبين تحقيق اهداف الم�ؤ�س�سة مع مراعاة �أن االفراد‬ ‫يختلفون في الثبات واالنفعال والمزاج وتقبّل النقد‬ ‫وغيره وكل هذه التعبيرات ت�ؤثر على االنتاج‪ .‬وهناك‬ ‫عنا�صر مهمة ت�ساعد على تحقيق الأهداف من بينها‬

‫ال�شعور باحترام الذات ويكون ذلك عن طريق طبيعة‬ ‫ومكانة عمله في الم�ؤ�س�سة ‪ ،‬كذلك عن�صر اتفاق العمل‬ ‫مع قيم الموظف من بين هذه القيم القيادة واالبتكار‬ ‫والإبداع‪� .‬أي�ضاً التو�صيف الوظيفي له دور كبير في‬ ‫ر�ضا الموظف عن عمله الموكل به من خالل االعمال‬ ‫المناطة �إليه والمتوقع منه �إنجازها بكل دقة واتقان‬ ‫وابتكار‪ .‬فكلما توفرت هذه العنا�صر في بيئة العمل‬ ‫كلما �أيقظ ِح�س الحما�س واالبداع وجودة االنتاج‬ ‫ب�سلوك ايجابي له �أبعاد مدرو�سة لتحقيق هدف وفق‬ ‫خطة وا�ضحة‪.‬‬

‫‪%85‬‬

‫يفضلون القطاع‬ ‫من الشباب ّ‬ ‫الحكومي عن القطاع الخاص‬

‫ويرتبط الر�ضا الوظيفي بالوالء التنظيمي‪،‬‬ ‫فالإخال�ص والوفاء هو ثمرة جهود د�أبت عليها‬ ‫دوائر مختلفة لتحقق الهدف الأ�سمى في �سلوك‬ ‫الموظفين بدءًا من �أهداف الم�ؤ�س�سة التي يعمل‬ ‫فيها‪ .‬وت�صل الم�ؤ�س�سة �إلى الوالء الحقيقي من‬ ‫خالل ا�ستثمار العقول النيّرة من �أ�صحاب الكفاءات‪،‬‬ ‫والمواهب‪ ،‬وتنميتها من خالل دعمها‪ ،‬وتحفيزها‪،‬‬ ‫ومكاف�أتها‪ ،‬بهذا يعك�س رغبة قوية في قبول اهداف‬ ‫الم�ؤ�س�سة وقيمها وبذل جهد �أكبر م�ستمر لتحقيق‬ ‫هذه الأهداف‪ .‬ولي�س ب�صعب على �أي م�ؤ�س�سة �أن‬ ‫تحقق الوالء في نفو�س الموظفين من خالل تلبية‬ ‫رغباتهم بما يعزز قدراتهم الوظيفية التي ال تتعدى‬ ‫المعقول‪ ،‬ولتطوير امكانياتهم من خالل الدعم‬ ‫التدريبي‪ ،‬والتعليم الم�ستمر‪ .‬وال�سبل مختلفة من‬ ‫جهة �إلى جهة �أخرى‪ ،‬فعلى �سبيل المثال‪� ،‬إن الجهات‬ ‫الحكومية مقننة بالئحة منظمة برواتب ثابتة‪ ،‬كل‬ ‫ح�سب درجته‪ ،‬على نظير القطاع الخا�ص التي تختلف‬

‫مميزاتها من حيث ت�صنيف الرواتب‪ ،‬والمكاف�آت‪،‬‬ ‫والترقيات‪ ،‬وغيرها‪ .‬وكال الجهتين ت�ستطيع �أن تعزز‬ ‫الوالء في الموظف بطرق �أخرى كالت�أمين ال�صحي‪،‬‬ ‫و�إلحاقه ببرامج تدريبية ح�سب �إنتاجيته‪� ،‬أو منحه‬ ‫مكاف�آت مقترحة قرين م�شروع �أنجزه‪� ،‬أو ت�أهليه‬ ‫علمياً ح�سب احتياجات العمل‪ ،‬وتكريمه لزيادة ثقته‬ ‫بنف�سه في عمله‪ .‬وقد �أظهرت درا�سة �أجراها المركز‬ ‫الوطني للإح�صاء �أن ن�سبة ‪ %85‬من ال�شباب يف�ضلون‬ ‫االنتقال من القطاع الخا�ص �إلى القطاع الحكومي‪.‬‬ ‫ووفق درا�سة �أجر ْتها جامعة ال�سلطان قابو�س‬ ‫للموظفين العاملين بالمكتبة وعددهم (‪)60‬‬ ‫موظفا اعتمدت على متغيرات عدة‪ ،‬وهي‪( :‬النوع‪،‬‬ ‫والعمر‪ ،‬والم�ؤهل العلمي‪ ،‬ونوع العمل‪ ،‬والخبرة‬ ‫في العمل)‪ ،‬وتر ّكزت عن ر�ضاهم باخت�صا�صهم‬ ‫الوظيفي‪ ،‬والخدمات المتوفرة و�أ�ساليب التعامل‬ ‫معهم‪ ،‬و�أظهرت النتائج �أن ر�ضاهم عن الأ�سلوب الذي‬ ‫يُعاملوا به عند �إجادتهم للعمل هو الأعلى‪ ،‬بينما‬ ‫ر�ضاهم عن االخت�صا�ص الوظيفي لهم متو�سطاً‪،‬‬ ‫وكذلك ر�ضاهم عن توافر التجهيزات التقنية الذي‬ ‫جاء بدرجة متو�سطة‪ .‬وتقدمت الدرا�سة بعدد من‬ ‫التو�صيات ت�ضمّنت تقدير الموظف‪ ،‬وتعزيزه‪ ،‬ورفع‬ ‫روحه المعنوية‪ ،‬كذلك منح المكاف�آت كنوع من‬ ‫التحفيز‪� ،‬أي�ضاً فتح المجال للعاملين في المكتبة‬ ‫لال�ستفادة من مزايا التعليم الم�ستمر‪.‬‬ ‫وترتبط �أهداف الم�ؤ�س�سة بوالء الموظف‪ ،‬فكلما‬ ‫�سعت الم�ؤ�س�سة بجدبة لتحقيق الأهداف زاد �سعي‬ ‫الموظف للتم�سك بالعمل لمَا يالحظه من تطوير‪،‬‬ ‫وتحقيق للأهداف المرجوة‪ ،‬ويظهر هذا الوالء من‬ ‫خالل احترام الم�ؤ�س�سة‪ ،‬و�إدارتها‪ ،‬وبذل �أق�صى جهد‬ ‫ال�ستمرار النجاحات‪ ،‬كذلك ا�ستعداد الموظفين‬ ‫بالت�ضحية للعمل بوقت‪ ،‬وجهد ا�ضافي لتحقيق هدف‬ ‫أح�س باالنتماء‪ ،‬ويكون م�ستمتعا‬ ‫تناف�سي معين‪ ،‬لأنه � ّ‬ ‫بعمله‪ ،‬وهذه النتائج تنعك�س ايجاباً على الموظف‪،‬‬ ‫والم�ؤ�س�سة من خالل التقليل من هجرة الكفاءات‪،‬‬ ‫وزيادة �إنتاجية الموظف وا�ستقراره ‪ ،‬ولكن قد يتدخل‬ ‫العامل النف�سي‪ ،‬وخ�صو�صاً الذي يرتبط بطول‬ ‫الخدمة في الم�ؤ�س�سة �إن كان قد تعر�ض ل�صدامات‪،‬‬ ‫�أو �إخفاقات �أو م�شاكل قديمة‪ ،‬في�سير على النهج‬ ‫القديم دون الوعي بالتطور الذي طر�أ على الم�ؤ�س�سة‬ ‫الحقاً‪ ،‬وهذا ي�ؤثر �سلباً خا�ص ًة في تطوير فئة ال�شباب‬ ‫والنهو�ض بقدراتهم‪.‬‬


‫تحليل‬

‫تنويع مصادر الدخل ‪..‬‬

‫مقارنات في حساب معدالت التضخم ‪ ..‬نتائج ومؤشرات‬

‫‪20‬‬

‫د‪ .‬محمد رياض حمزة‬

‫�صورة تعبيرية‬ ‫مع نهاية عام ‪ 2014‬أصدر " المركز اإلحصائي الخليجي " نشرة عن معدالت التضخم السنوي‬

‫في دول مجلس التعاون تتراوح ما بين ‪ 3.5%‬و ‪ 1.1%‬بنهاية عام ‪ . 2013‬وأوضحت النشرة‬ ‫أن هناك اتجاه ًا تصاعدي ًا ألسعار المستهلك خالل الفترة) ‪2001‬م‪-2013‬م (مقارنة بسنة‬ ‫األساس ‪2007‬م حيث سجلت سلطنة عمان ودولة الكويت والمملكة العربية السعودية أكبر‬

‫نسبة زيادة في األسعار خالل العام ‪2013‬م‪ .‬حيث زاد الرقم القياسي في سلطنة عمان‬ ‫بمعدل ‪129.9‬نقطه بنهاية ‪2013‬م عن مستواه في العام ‪2007‬م‪ ،‬كما بلغ في دولة الكويت‬ ‫‪129.2‬نقطه في الفترة ذاتها‪ ،‬و‪126.7‬نقطهفي المملكة العربية السعودية‪ ،‬في حين بلغ‬

‫الرقم القياسي العام ‪ 118.1‬نقطه في دولة االمارات العربية المتحدة‪ ،‬و ‪ 114.8‬نقطه في‬

‫مملكة البحرين‪ ،‬و ‪ 114.4‬نقطه في دولة قطر‪.‬‬

‫و�أ�شارت الن�شرة �إلى �أن المملكة العربية‬ ‫ال�سعودية �سجلت �أعلى معدل ت�ضخم �سنوي في العام‬ ‫‪2013‬م �أعلى م�ستوى دول مجل�س التعاون الأخرى‬ ‫مقارنة بالعام ‪2012‬م حيث بلغ معدل الت�ضخم ‪،%3.5‬‬ ‫تلتها مملكة البحرين بمعدل ‪ ،%3.3‬ثم دولة قطر‬ ‫بمعدل ‪ ،%3.1‬جاءت بعدها دولة الكويت ‪ ،%2.7‬بينما‬ ‫لم يتجاوز معدل الت�ضخم ال�سنوي في كل من دولة‬ ‫الإمارات العربية المتحدة و�سلطنة عمان ‪.%1.1‬‬ ‫وبقيت ال�سلطنة ت�سجل معدالت منخف�ضة من‬ ‫الت�ضخم خالل العامين ‪ 2014‬و‪ . 2015‬فقد‬ ‫�شهد معدل الت�ضخم بال�سلطنة خالل �شهر مايو‬ ‫‪2015‬انخفا�ضا ن�سبته ‪ % 0.4‬مقارنة بال�شهر المماثل‬ ‫من عام‪ 2014‬وفق ما �أظهرت �أحدث البيانات‬ ‫ال�صادرة عن المركز الوطني للإح�صاء والمعلومات‬ ‫حول الأرقام القيا�سية لأ�سعار الم�ستهلكين‪ .‬ويعزى‬ ‫انخفا�ض م�ؤ�شر الأ�سعار خالل �شهر مايو ‪2015‬‬ ‫مقارنة بال�شهر المماثل من عام ‪ 2014‬م �إلى انخفا�ض‬ ‫�أ�سعار مجموعة المواد الغذائية والم�شروبات غير‬ ‫الكحولية التي انخف�ضت بن�سبة ‪ %1.45‬ومجموعة‬ ‫المالب�س والأحذية والتي انخف�ضت �أ�سعارها بن�سبة‬ ‫‪ .%1.62‬وعلى م�ستوى المحافظات �شهدت محافظة‬ ‫الظاهرة �أعلى معدل ارتفاع بالت�ضخم بن�سبة ‪0.77‬‬ ‫‪ %‬والأقل محافظة م�سقط بن�سبة ‪ .% 0.29‬و�سجل‬

‫م�ؤ�شر الت�ضخم في دول مجل�س التعاون لدول‬ ‫الخليج العربية في �شهر �أبريل ‪2015‬م معدالت‬ ‫تراوحت ما بين ‪ % 0.14‬في ال�سلطنة و‪ % 4.25‬في‬ ‫دولة الإمارات العربية المتحدة مقارنة بال�شهر‬ ‫المماثل من عام ‪2014‬م بح�سب �آخر الإح�صائيات‬ ‫ال�صادرة عن المركز الإح�صائي لدول مجل�س‬ ‫التعاون لدول الخليج العربية‪ ،‬حيث كانت ال�سلطنة‬ ‫الأقل في الت�ضخم خليجيا‪.‬‬ ‫عندما تناول االقت�صاديون الت�ضخم في الأ�سعار‬ ‫واعتبروه (�ش ًرا ال بد منه) �إذ �أن ت�صاعد ن�سب‬ ‫الت�ضخم ت�أتي م�صاحبة للنمو االقت�صادي الناتج عن‬ ‫ت�صاعد الطلب الكلي على ال�سلع والخدمات‪ ،‬و�صُ ّنف‬ ‫الت�ضخم وفق عدد من الم�سميات‪ ،‬و�أنها جميعا ت�ؤكد‬ ‫�أن الت�ضخم ظاهرة لها �آثار �سلبية كثيرة على الدخول‬ ‫وعلى الأ�سواق‪ ،‬و�أن الت�ضخم الجامح يت�سبب بم�شاكل‬ ‫اقت�صادية – مالية وحتى اجتماعية‪ .‬ومع ذلك ف�إن‬ ‫الت�ضخم‪ ،‬ومنذ ت�صدع معظم االقت�صادات العالمية‬ ‫بت�أثير الأزمة المالية (‪� )2008‬أ�صبح م�ؤ�شره من�شودا‬ ‫و�إن ن�سب تطوره دليل على نمو االقت�صاد �أو ركوده‪،‬‬ ‫فارتفاعه م�ؤ�شر على بدء التعافي االقت�صادي‪.‬‬ ‫ب�إعادة قراءة ما تقدم عن تلك المتابعة الدقيقة‬ ‫لتطور ن�سب الت�ضخم في الدول المتقدمة‪ ،‬لأدركنا‬ ‫�أهمية ال�صدق في �إعالن تلك الن�سب التي ت�شير �إلى‬

‫�ضعف االقت�صاد في انكما�شه �أو ركوده وفي ا�ستقراره‬ ‫�أو نموه‪ ،‬و�أنها دليل للمنتج وللتاجر وللم�ستهلك‬ ‫وللم�ؤ�س�سات الحكومية للوقوف على حقيقة الواقع‬ ‫االقت�صادي‪� ،‬إنها ال�شفافية التي ال غنى عنها وفي‬ ‫�ضوء دالالتها ي�صنع القرار الحكومي والإنتاجي‬ ‫واال�ستهالكي‪.‬‬ ‫وعند متابعة ما يعلن عن ن�سب الت�ضخم في دول‬ ‫مجل�س التعاون لدول الخليج العربية ف�إن الم�ستوى‬ ‫العام للأ�سعار ال يكاد يطابق ما يعلن عن ن�سب‬ ‫الت�ضخم‪ .‬ففي درا�سة حديثة في الأرقام المعلنة عن‬ ‫ن�سب الت�ضخم في دول مجل�س التعاون الخليجي‪،‬‬ ‫وو�صفتها ب�أنها غير دقيقة لأ�سباب عدة �أهمها دعم‬ ‫الحكومات الخليجية لبع�ض ال�سلع والمنتجات‬ ‫والخدمات‪ ،‬وغياب �إح�صاءات للأ�سعار القيا�سية‬ ‫وموازنة الأ�سرة في الدول الخليجية‪.‬‬ ‫و�أو�ضحت الدرا�سة التي �أعدتها «الأمانة العامة‬ ‫لدول مجل�س التعاون الخليجي» �أن الم�ؤ�شر الأكثر‬ ‫و�ضوحاً للت�ضخم الحقيقي هو معدل دخل الفرد في‬ ‫دول الخليج‪ ،‬ولفتت �إلى �أن هناك تناق�صاً وا�ضحاً في‬ ‫القوة ال�شرائية‪ ،‬مقارنة بما كانت عليه في ال�سنوات‬ ‫الأخيرة‪.‬‬ ‫ومن قوانين ال�سوق المبرهنة �أن هناك عالقة طردية‬ ‫بين القوة ال�شرائية للم�ستهلكين وبين م�ستوى‬


‫تحليل‬

‫الأ�سعار‪� ،‬إذ ترتفع الأ�سعار – الت�ضخم ‪ -‬بالموازاة‬ ‫مع ارتفاع الطلب على ال�سلع والخدمات‪� ،‬أي عند‬ ‫ارتفاع القوة ال�شرائية‪ .‬ويقا�س الم�ستوى المعي�شي‬ ‫للمجتمعات بح�صة الدخل الفردي من الدخل‬ ‫القومي للدولة‪� ،‬أي بق�سمة الدخل القومي مقيّما‬ ‫بالعملة على جملة ال�سكان في المجتمع‪ ،‬ذلك هو‬ ‫ال�شائع في الح�سابات القومية‪ ،‬ويعتبر ذلك م�ضلال‪،‬‬ ‫�إذ ال يعبر عن واقع الم�ستوى المعي�شي لأفراد‬ ‫المجتمع كافة‪� ،‬إذ يتفاوت الدخل الفردي من �شخ�ص‬ ‫لآخر ح�سب ن�شاطه الإنتاجي �أو انتمائه الأ�سري �أو‬ ‫طبيعة عمله‪� ،‬إذ يوجد فقراء في مجتمعات عرفت‬ ‫بالرفاهية والغنى‪ ،‬كما يمكن �أن نجد �أنا�سا مي�سورين‬ ‫مرفهين في مجتمعات فقيرة‪.‬‬ ‫ومع ذلك يعتبر متو�سط الدخل الفردي م�ؤ�شرا‬ ‫مقبوال لتقييم م�ستوى معي�شة الفرد في الدولة‬ ‫�إن تم تحديده لأو�سع فئات المجتمع عددا‪ ،‬على �أن‬ ‫ي�ؤخذ بنظر االعتبار انحراف م�ستويات الدخول‬ ‫لفئات القوى العاملة عن متو�سط الدخل الفردي‪.‬‬ ‫كما �أن المقارنات بين تكاليف المعي�شة وبين الدخل‬ ‫الفردي التي تجريها الجهات الحكومية المخت�صة‬ ‫يمكن �أن ت�سهم في تطوير الت�شريعات الخا�صة‬ ‫بتحديد الحد الأدنى من الأجر‪.‬‬ ‫وعند ا�ستعرا�ض برامج الحكومات في معظم دول‬ ‫العالم لوجد �أنها حري�صة على زيادة ح�صة الدخل‬ ‫الفردي من الدخل القومي‪� ،‬أو �إيجاد �أف�ضل ال�سبل‬ ‫للقرب من عدالة توزيع الدخل القومي‪ ،‬وذلك هدف‬ ‫ن�سبي و�صعب التطبيق في دول العالم كافة‪ ،‬فالدخل‬ ‫الفردي عر�ضة للت�آكل مقيما بالعملة (الراتب �أو‬ ‫الأجر النقدي)‪ ،‬كما �أنه الطرف الأ�ضعف في معادلة‬ ‫(متطلبات الأنفاق الفردي �أو الأ�سري) من جهة‬ ‫و(تكاليف المعي�شة) من الطرف الآخر‪ .‬ويتعر�ض‬ ‫لعدد من المتغيرات الم�ؤثرة في قدرته على الإيفاء‬ ‫بالإنفاق على متطلبات المعي�شة وهي‪:‬‬ ‫�أوال ‪ -‬الت�ضخم (ارتفاع �أ�سعار ال�سلع والخدمات)‪� :‬إذ‬ ‫تتعر�ض القوة ال�شرائية للدخل الفردي للت�آكل عند‬ ‫حدوث ظاهرة الت�ضخم‪ ،‬التي تعتبر ظاهرة مالزمة‬ ‫لالقت�صاد في �أوقات النمو وفي الأزمات‪ ،‬كما �أن‬ ‫ارتفاع الأ�سعار �أمر واقع مع تقادم الزمن‪.‬‬ ‫ثانيا ‪� -‬ضعف النظام النقدي �أو انهياره‪� :‬إذ �إن الأجور‬ ‫والرواتب المقيمة بالعملة عر�ضة للت�آكل ب�سبب‬ ‫�ضعف القوة ال�شرائية للعملة �أو انهيارها في حاالت‬ ‫الأزمات والحروب‪ .‬وبذلك يكون الدخل الفردي من‬ ‫�ضحايا الأزمات المالية وتداعي النظم النقدية‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬تت�ضاءل القدرة ال�شرائية للدخل الفردي‬ ‫المحدود المعيل لأ�سرة‪ ،‬كلما زاد عدد �أفراد الأ�سرة‬ ‫وات�سعت حاجاتها ال�ضرورية‪ ،‬فالدخل الفردي‬ ‫محدود ب�أجر يمكن �أن يزداد �سنويا وبن�سبة �ضئيلة‬ ‫جدا‪ ،‬فيما يزداد الإنفاق على متطلبات المعي�شة من‬ ‫�سنة لأخرى‪.‬‬ ‫رابعًا ‪ -‬قليل من دول العالم من يتحقق فيها توزيع‬ ‫عادل للدخل القومي على �أفراد المجتمع‪ ،‬على‬

‫اعتبار �أن ذلك الأمر تحكمه تطبيقات عدد من النظم‬ ‫التي ت�سير الحكومات عليها‪ ،‬فالدخل الفردي �سواء‬ ‫في النظم الر�أ�سمالية �أو اال�شتراكية �أو المختلطة‬ ‫مع ّر�ض للت�آكل للأ�سباب المذكورة ذاتها مع التفاوت‬ ‫في مدى و�ضع الدولة االقت�صادي قوة �أو �ضعفا‪.‬‬ ‫فالنظم ال�ضريبية �أو نظم ال�ضمان االجتماعي من‬ ‫العوامل الم�ؤثرة في قوة �أو �ضعف الدخل الفردي‪.‬‬ ‫�أما تكاليف المعي�شة في المجتمعات ف�إنها ترتفع �أو‬ ‫تنخف�ض بت�أثير عدد من العوامل‪:‬‬ ‫�أوال‪ -‬اال�ستقرار ال�سيا�سي و�أهلية الحكومات في‬ ‫تطبيق نظم عادلة في توزيع الدخل القومي‪ ،‬والحد‬ ‫من ن�سبة الباحثين عن العمل في المجتمع‪ ،‬وذلك‬ ‫من �ش�أنه �أن يجعل تكاليف المعي�شة قريبة من‬ ‫متو�سط الدخل الفردي‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬حجم الدخل القومي ذو العائد المتواتر‬ ‫الم�ضمون يتيح ا�ستقرارا لتكاليف المعي�شة و�أقل‬ ‫عر�ضة للت�ضخم‪ ،‬فكلما كانت واردات الدولة �أكبر‬ ‫كلما �شمل توزيعها معظم فئات المجتمع‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬حجم الناتج المحلي الإجمالي و�شمول فئات‬ ‫المجتمع في تكوينه‪ ،‬فكلما كبر و�شاركت في تكوينه‬ ‫�أو�سع الفئات االجتماعية و�أن�شطتها الإنتاجية‬ ‫والخدمية �ضمن ا�ستقرارا لتكاليف المعي�شة‪.‬‬ ‫رابعًا ‪ -‬تختلف تكاليف المعي�شة ح�سب التوزيع‬ ‫الجغرافي‪ .‬فتكاليف المعي�شة في المدن �أعلى منها‬ ‫في الأرياف‪ ،‬والمدن الكبيرة �أعلى تكلفة من المدن‬ ‫ال�صغيرة‪.‬‬ ‫خام�سً ا ‪ -‬ترتفع تكاليف المعي�شة في الدول ذات‬ ‫الرقعة والم�ساحة المحدودة‪ ،‬وذات الكثافة ال�سكانية‬ ‫الكبيرة‪ ،‬وفي المدن ذات الأعمال و الأن�شطة‬ ‫االقت�صادية الكثيفة‪.‬‬ ‫�ساد�سً ا ‪ -‬وترتفع تكاليف المعي�شة لتلك الأ�سباب التي‬ ‫ذكرت في الدخل الفردي كالت�ضخم وقوة �أو �ضعف‬ ‫العملة‪.‬‬

‫‪% 0.4‬‬ ‫نسبة التضخم بالسلطنة‬ ‫خالل شهر مايو ‪2015‬‬

‫ويمكن اعتبار الت�شغيل الكامل للقوى العاملة‬ ‫وعدالة نظم الأجور التي تحدد بالتوازي مع تكاليف‬ ‫المعي�شة‪ ،‬من الأهداف التي ت�سعى الحكومات‬ ‫لتحقيقها لمجتمعاتها‪.‬‬ ‫ومما يتوقع �أن يترتب على �ضخ �سيولة �إ�ضافية‬ ‫في الأ�سواق م�صدرها الحد الأدنى المعدل لأجور‬ ‫القوى العاملة الوطنية في القطاع الخا�ص �أن ت�شهد‬

‫الأ�سواق موجة ت�ضخمية‪ ،‬حيث ترتفع الأ�سعار‪ ،‬وذلك‬ ‫�إ ْن عمل القطاع الخا�ص على رفع �أ�سعار منتجاته‬ ‫من ال�سلع والخدمات بحجة ارتفاع تكلفة مدخالت‬ ‫الإنتاج (الأجور) بهدف الحفاظ على ن�سبة الربح‬ ‫المحددة �أو حتى المبالغة فيها‪ .‬لذا تطلب ال�سيطرة‬ ‫على م�ستوى الأ�سعار و�إ ّال �سيبتلع الت�ضخم �أي زيادة‬ ‫في الأجور‪.‬‬ ‫وفي ال�سلطنة يمكن اعتبار العمل الد�ؤوب للهيئة‬ ‫العامة لحماية الم�ستهلك (الهيئة) �ضماناً ال�ستقرار‬ ‫الأ�سعار بما يتنا�سب مع الن�سب المعيارية لدى‬ ‫الهيئة عند طلب منافذ الت�سويق‪ ،‬على اعتبار �أن فرق‬ ‫التفتي�ش لدى الهيئة تتابع وتر�صد‪ ،‬ما �أتيح لها‪ .‬وقد‬ ‫تتذرع منافذ الت�سويق عند المبالغة برفع �أ�سعار ما‬ ‫تعر�ضه من ال�سلع بارتفاعها من من�ش�أ ا�ستيرادها‪،‬‬ ‫وال بد من التذكير ب�أن العديد من ال�سلع قابلة‬ ‫للتخزين والعر�ض بعد حين ولم تكن قد ا�ستوردت‬ ‫ب�أ�سعار �أعلى‪.‬‬ ‫ويقا�س الم�ستوى المعي�شي للمجتمعات بح�صة‬ ‫الدخل الفردي من الدخل القومي للدولة‪� ،‬أي بق�سمة‬ ‫الدخل القومي مقيّما بالعملة على جملة ال�سكان في‬ ‫المجتمع‪ ،‬ذلك هو ال�شائع في الح�سابات القومية‪،‬‬ ‫ويعتبر ذلك م�ضلال‪� ،‬إذ ال يعبر عن واقع الم�ستوى‬ ‫المعي�شي لأفراد المجتمع كافة‪� ،‬إذ يتفاوت الدخل‬ ‫الفردي من �شخ�ص لآخر ح�سب ن�شاطه الإنتاجي‬ ‫�أو انتمائه الأ�سري �أو طبيعة عمله‪� ،‬إذ يوجد فقراء‬ ‫في مجتمعات عرفت بالرفاهية والغنى‪ ،‬كما يمكن �أن‬ ‫نجد �أنا�سا مي�سورين مرفهين في مجتمعات فقيرة‪.‬‬ ‫ومع ذلك يعتبر متو�سط الدخل الفردي م�ؤ�شرا‬ ‫مقبوال لتقييم م�ستوى معي�شة الفرد في الدولة‬ ‫�إن تم تحديده لأو�سع فئات المجتمع عددا‪ ،‬على �أن‬ ‫ي�ؤخذ بنظر االعتبار انحراف م�ستويات الدخول‬ ‫لفئات القوى العاملة عن متو�سط الدخل الفردي‪.‬‬ ‫كما �أن المقارنات بين تكاليف المعي�شة وبين الدخل‬ ‫الفردي التي تجريها الجهات الحكومية المخت�صة‬ ‫يمكن �أن ت�سهم في تطوير الت�شريعات الخا�صة‬ ‫بتحديد الحد الأدنى من الأجر‪.‬‬ ‫وعند ا�ستعرا�ض برامج الحكومات في معظم دول‬ ‫العالم لوجد �أنها حري�صة على زيادة ح�صة الدخل‬ ‫الفردي من الدخل القومي‪� ،‬أو �إيجاد �أف�ضل ال�سبل‬ ‫للقرب من عدالة توزيع الدخل القومي‪ ،‬وذلك هدف‬ ‫ن�سبي و�صعب التطبيق في دول العالم كافة‪ ،‬فالدخل‬ ‫الفردي عر�ضة للت�آكل مقيما بالعملة (الراتب �أو‬ ‫الأجر النقدي)‪ ،‬كما �أنه الطرف الأ�ضعف في معادلة‬ ‫(متطلبات الإنفاق الفردي �أو الأ�سري) من جهة‬ ‫و(تكاليف المعي�شة) من الطرف الآخر‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫ذاكــرة‬

‫إعداد ‪ :‬أسماء الجامعي‬

‫أحداث وأيام‬

‫‪ 22‬شهر أغسطس‬ ‫ •‪ 10‬أغسطس‪ /‬يوم الكسل العالمي‬

‫ •‪ 12‬أغسطس ‪ /‬يوم الشباب الدولي‬ ‫ •‪ 13‬أغسطس‪ /‬اليوم العالمي للعسراويين‬ ‫ •‪ 16‬أغسطس ‪ /‬اليوم العالمي لحفظ طبقة‬ ‫األوزون‬

‫ •‪ 19‬أغسطس ‪ /‬اليوم العالمي للعمل‬ ‫اإلنساني‬

‫ •‪ 21‬أغسطس ‪ /‬اليوم العالمي لمرض‬

‫‪1983‬‬

‫الزهايمر‬

‫ •‪ 29‬أغسطس‪ /‬اليوم العالمي للترجمة‬

‫أحداث تاريخية‬

‫اح‬

‫تدشين سفينة صور‬

‫‪ 1774‬اكتشاف عنصر األكسجين‪.‬‬

‫‪ - 1790‬إجراء أول تعداد للسكان في الواليات المتحدة‪،‬‬

‫وكان تعداد السكان آنذاك ‪ 4‬ماليين مواطن للواليات‬

‫الثالث عشرة‪.‬‬

‫‪ – 1881‬والدة ألكسندر فلمنج‪ ،‬عالم بكتيريا إسكتلندي‬

‫ذاكرة‬

‫‪ - 1834‬صدور أول طابع بريدي في البرازيل‪.‬‬

‫‪1977‬‬

‫حاصل على جائزة نوبل في الطب عام ‪.1945‬‬

‫‪ - 1858‬إنشاء أول خط تلغراف عبر المحيط األطلسي‪.‬‬

‫‪1974‬‬

‫في شهر أغسطس‬

‫تحريج أول دفعة من الشرطة النسائية العمانية‪.‬‬

‫تخريج الدفعة األولى من قوات السلطان الخاصة تحت رعاية جاللته‪.‬‬

‫‪ 1981‬افتتاح المخيم األول للمعوقين و الذي يهدف إلى تعريف المجتمع و توعيته بحقوق المعوقين‪.‬‬

‫‪ - 1896‬اندالع الحرب اإلنجليزية الزنجبارية‪ ،‬وهي أقصر‬

‫‪1983‬‬

‫تدشين سفينة صور في إطار احتفاالت السلطنة بعام الشباب و قبل انطالقه في رحلتها‬

‫وانتهت بانتصار المملكة المتحدة‪.‬‬

‫‪1986‬‬

‫جاللته يشمل برعايته السامية حفل تخريج دفعة من الضباط العمانيين المرشحين بكلية‬

‫حرب بالتاريخ حيث استمرت حوالي أربعين دقيقة‬ ‫‪ – 1930‬والدة نيل آرمسترونغ‪ ،‬رائد فضاء أمريكي‬

‫وأول من مشي على سطح القمر‪.‬‬

‫قائدا أللمانيا‬ ‫‪ - 1934‬أدولف هتلر يصبح‬ ‫ً‬

‫التاريخية إلى الصين‪.‬‬

‫كرانكول الجوية البريطانية‪.‬‬

‫‪ 1987‬إعالن أسماء الدفعة األولى من الطالب المقبولين للدراسة في جامعة السلطان قابوس‪.‬‬

‫‪ - 1947‬باكستان تستقل عن الهند بقيادة محمد علي‬

‫جناح‬

‫فعاليات الشهر‬

‫‪ - 1957‬اإلعالن عن استقالل ماليزيا‪.‬‬

‫‪ - 1967‬إسرائيل تحتل القدس الشرقية‪.‬‬

‫‪ - 1990‬القوات المسلحة العراقية تغزو الكويت وتحتلها‬

‫لفترة ‪ 7‬أشهر‪.‬‬

‫ •معرض مؤسسات التعليم العالي‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•التاريخ‪٢٠١٥/٠٨/٠٦ to ٢٠١٥/٠٨/٠٤ :‬‬ ‫•نوع الفعالية ‪ :‬فعاليات عامة‬ ‫•موقع الفعالية‪ :‬مركز عمان الدولي للمعارض‬ ‫•الفئة المستهدفة‪ :‬المواطنون‪ ،‬القطاع الحكومي‪ ،‬رجال االعمال‪ ،‬الزوار‬

‫ •ورشة التصميم التفاعلي لألجهزة المحمولة‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•التاريخ‪ ٢٠١٥/٠٨/٢٤ :‬إلى ‪٢٠١٥/٠٨/٢٥‬‬ ‫•نوع الفعالية ‪ :‬فعاليات التحول االلكتروني‬ ‫•موقع الفعالية‪ :‬يحدد الحقا‬ ‫•الفئة المستهدفة‪ :‬القطاع الحكومي‬

‫ •فعالية الفروسية‬

‫ •التاريخ‪ 9 :‬أغسطس‪ 17 -‬أغسطس‬ ‫ •نوع الفعالية ‪ :‬فعالية رياضية‬ ‫ •موقع الفعالية‪ :‬ميدان الفروسية مقابل مركز البلدية الترفيهي بصاللة‬


‫مقال‬ ‫مقال‬

‫سعيد الصقالوي‬

‫مصمم مسجد السلطان قابوس األكبر في ذمة الله‬ ‫رحل في لندن �شيخ المعماريين العرب‪،‬‬ ‫وم�صمم م�سجد ال�سلطان قابو�س الأكبر‬ ‫المهند�س محمد مكية البريطاني الجن�سية‪،‬‬ ‫العراقي الأرومة‪ ،‬ولم ت� ِأت هذه المقالة ت�أبينا‬ ‫بل عرفانا بف�ضله و�أ�ستاذيته‪ ،‬وعبقريته الف ّذة‬ ‫ومعينه العلمي الذي ينهل منه كل معماري‬ ‫العالم‪ .‬فمنذ �أن كنت تلميذا في مدر�سة ثانوية‬ ‫الدعية بدولة الكويت في ال�سبعينيات من القرن‬ ‫الع�شرين‪� ،‬أتحين الفر�ص لمتابعة منجز محمد‬ ‫مكية معمار الكال�سيكية المعا�صرة في �سياقات‬ ‫التح�ضر العمراني العربي‪ .‬وكانت ال�صحافة‬ ‫العمانية على وجه التحديد‪-‬حيث كان محمد‬ ‫مكية يمار�س ن�شاطه العمراني في �سلطنة عمان‬ ‫م�ست�شارا لتخطيط المدن‪-‬تن�شر الكثير من‬ ‫�أخباره و�أطروحاته و�آرائه‪ .‬وظلت هذه ال�صورة‬ ‫الم�شرقة م�شعة في ذاكرتي‪� .‬أحملها �أينما رحلت‬ ‫علني التقي يوما بهذا العلم الكبير‪.‬‬ ‫وم�ضت االيام م�شحونة بكثير من اعبائها‪ ،‬ومعب�أة‬ ‫بوفير جديدها‪ .‬نرحل في مداها جاهدين‬ ‫مجهدين‪ ،‬وترحل في طموحنا لت�ضخ دم الحياة‬ ‫و�أوك�سيجينها‪ .‬ف�شاء القدر �أن �ألتقيه و�أن �أح�ضر‬ ‫تكريمه في الدوحة عا�صمة دولة قطر‪� ،‬إذ كنت‬ ‫�ضمن الوفد العماني الحا�ضر ال�ستالم الجائزة‬ ‫الأولى لأف�ضل مبنى م�صمم بروح وعنا�صر‬ ‫العمارة العربية اال�سالمية‪.‬‬ ‫منذ لقائنا العابر في الدوحة لم تتهي�أ الفر�ص‬ ‫كي تتكرر اللقاءات بالمعمار الكبير محمد مكية‬ ‫�إلى �أن �شاءت الأقدار وحانت الفر�صة الذهبية‬ ‫مرة �أخرى‪ .‬كنت في لندن‪ .‬التقيت ال�صديق‬ ‫العزيز المعمار د‪ .‬علي ثويني‪ .‬عرفني على مكتبة‬ ‫تدعى جود ‪ Judd‬قريبة من ميدان ر�سل ‪Russel‬‬ ‫‪- Square‬الذي ي�ضج بالحركة الطالبية‪،‬‬ ‫والمظاهر التعليمية‪-‬تعر�ض كتبا معمارية يف�ضل‬ ‫�صديقي التعامل معها وال�شراء منها‪ .‬ا�شترينا‬ ‫�سويا ما �أردناه وق�ضينا وقتا ممتعا �إلى �أن حان‬ ‫الوداع الم�سائي‪ .‬اتفقنا �أن نحاول زيارة المعمار‬ ‫الكبير محمد مكية مع علمنا �أن حالته ال�صحية‬ ‫�أحيانا تحول بينه وبين لقاء محبيه‪ .‬ظل �صديقي‬ ‫يتحين الوقت المنا�سب حتى ظفر به‪ .‬هاتفني‬ ‫وكنت قد حزمت �أمري وامتعتي للرحيل عائدا‬ ‫�إلى عمان‪ .‬لكني كنت محظوظا فموعد الرحيل‬ ‫كان ليال واللقاء كان ع�صرا‪ .‬التقينا ثالثة �أنا‬ ‫ومحمد مكية و علي ثويني في مقهى كلية‬

‫الهند�سة المعمارية (‪Architect Association‬‬

‫‪ ( A.A‬التابعة لجمعية المعماريين‪ .‬وهي كلية‬ ‫مرموقة تخرجت منها المعمارية زها حديد‪.‬‬ ‫ات�سم اللقاء بالعلمية والحميمية والطروحات‬ ‫الثقافية‪� .‬س�ألني مكية عن م�سجده الذي خططه‬ ‫و�صممه‪ .‬وعني بذلك جامع ال�سلطان قابو�س‬ ‫الأكبر الواقع في منطقة الغبرة الجنوبية‪ .‬وهو‬ ‫بال �شك عالمة ح�ضارية‪ .‬كان كثير االعتزاز‬ ‫بهذا العمل ال�ضخم الرائع‪ ،‬وكثير التباهي به‪.‬‬ ‫لأنه منذ ال�سبعينيات من القرن الع�شرين كان‬ ‫مكية يطمح ان يكون حا�ضرا في م�شهد التطور‬ ‫الح�ضاري العمراني في عمان‪ .‬ولأن وقت وجوده‬ ‫في عمان‪ ،‬ت�ألب وتكالب عليه من غير العمانيين‬ ‫المناف�سون والم�شاك�سون‪ ،‬و�أحبطوا العديد من‬ ‫�أطروحاته التخطيطية ب�ش�أن مدينتي م�سقط‬ ‫و�صور‪ ،‬فخرج متو�شحا بحزنه ومت�أبطا ذاكرته‬ ‫ال�صورية‪ .‬جامع ال�سلطان قابو�س الأكبر‪ ،‬هذا‬ ‫العمل المعماري المتميز فرادة و�ضخامة‬ ‫�أ�شاع في قلبه الفرح‪ ،‬فات�سعت م�ساحة البهجة‬ ‫في نف�سه حتى غدا ماء كالمه اليومي‪� .‬أزهر‬ ‫حديثنا في ذلك اللقاء البهي �أفكارا م�شتركة‪.‬‬ ‫و�أفا�ض بمكنونات ور�ؤى في التخطيط العمراني‬ ‫والثقافة االن�سانية‪ .‬وكان قبله �أجرى �صديقنا د‪.‬‬ ‫علي ثويني لقاءات وحوارات عديدة مع المعمار‬ ‫الكبير محمد مكية تجمعت �سياقاتها في عمل‬ ‫يكر�س م�سيرة محمد مكية باعتباره من اوائل‬ ‫االباء المحدثين للتطور العمراني‪ ،‬وللمرتكزات‬ ‫التخطيطية‪ .‬وباعتباره �أحد م�ؤ�س�سي مدار�س‬ ‫العمارة المعا�صرين بخا�صة في بغداد‪.‬‬

‫محمد مكية‬ ‫أبرز وأشهر المعمارين‬ ‫العراقيين والعرب‪.‬‬

‫محمد مكية الذي در�س البكالوريو�س في جامعة‬ ‫ليفربول وكذلك در�ست �أنا الماج�ستير فيها‪،‬‬

‫وتخرج من هذه الجامعة كثير من �أ�ساطين‬ ‫العمارة وروادها المعا�صرين في وطننا العربي‬ ‫الكبير الذين �أ�سهموا بخبراتهم العلمية‬ ‫وممار�ساتهم المهنية �سواء كانوا في م�صر �أو‬ ‫العراق �أو عمان �أو غيرها‪ .‬امثال ح�سن فتحي‬ ‫وتوفيق عبد الجواد و�أحمد �أمين مختار وعبد‬ ‫الباقي ابراهيم وغيرهم كثير‪ .‬ه�ؤالء االباء‬ ‫بالرغم من امتالكهم نا�صية الثقافة المعمارية‬ ‫الغربية وا�ساليب تطبيقاتها المعا�صرة اال ان‬ ‫وعيهم بمحيطهم وبيئتهم وتراثهم وثقافتهم‬ ‫التاريخية والإ�سالمية زودتهم بر�ؤية تنادي‬ ‫بااللتفات �إلى العمارة المحلية واالهتمام‬ ‫بمكوناتها فكانوا عرابي و�أرباب ما بعد الحداثة‬ ‫المعمارية التي نادى بها ح�سن فتحي عام ‪1936‬م‬ ‫فمحمد مكية عام ‪1946‬م تالهما عبد الباقي‬ ‫�إبراهيم ثم �أكمل الم�سيرة من جاء بعدهم من‬ ‫تالميذهم‪ .‬وذلك قبل ان تنطلق في الفكر‬ ‫الغربي المعماري عام ‪1960‬م‪.‬‬ ‫�إن التخطيطات المعمارية و ت�صميمات الم�شاريع‬ ‫التي قدمها محمد مكية انطالقا من م�سجد‬ ‫الخلفاء بالكوفة مدينته التي كانت تزخر‬ ‫بالح�ضارة‪ ،‬و اتجاها نحو جامع ال�سيف في‬ ‫الكويت وبوابة مدينة عي�سى في البحرين و‬ ‫مجمع المحاكم في المملكة العربية ال�سعودية‬ ‫و�صوال الى جامع ال�سلطان قابو�س االكبر في‬ ‫م�سقط تر�سم خطا معماريا‪ ،‬و م�سارا ح�ضاريا‬ ‫ممتدا من �أعلى الخليج في العراق ‪ -‬حيث كانت‬ ‫�سومر و �أكد و بابل ملتحمة الثقافة‪ ،‬والوجدان‬ ‫الإن�ساني‪ ،‬والروحي عبر �سواحل الخليج محملة‬ ‫بعبق وروحانية دلمون في البحرين‪ -‬و حتى‬ ‫�أ�سفل الخليج حيث مجان‪/‬عمان ذات ال�سفن‬ ‫والنحا�س و �أحجار الديورايت كما �سطرتها‬ ‫ملحمة جلجام�ش و ق�صائد ال�شعراء‪ ،‬وخفوق‬ ‫�أ�شرعة الغنجة‪ ،‬والبتيل‪ ،‬وال�شوعي‪ ،‬والبوم‪،‬‬ ‫والبدن‪ ،‬وغناء ال�صواري‪ ،‬ورحالت ال�سندباد‬ ‫ال�صحاري العماني الذي يطوي البحار حديد‬ ‫العزم و اللب‪ ،‬ك�أنه ال�شم�س في حل و مرتحل‪.‬‬ ‫�سيظل المعمار الكبير محمد مكية رمزا �شامخا‪.‬‬ ‫و�سيظل عطا�ؤه الفكري ومنجزه المعماري‬ ‫والعمراني م�شعا في كل من له قلب وب�صيرة‪.‬‬ ‫وكل من به جذوة الهمم وفي نب�ضه �صوت الحياة‪.‬‬ ‫فالمبدعون خالدون‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫مقال‬ ‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬

‫‪24‬‬

‫‪mirfat.alaraimi@oeppa.om‬‬

‫رأس المال اإلجتماعي‬ ‫يعرف ديباك �شوبرا قانون العطاء ب�أن "الكون‬ ‫يعمل وفقاً لتبادل ديناميكي المتوازن م�ستمر في‬ ‫الأخذ والعطاء‪ ،‬ونحن عندما نبدي اال�ستعداد الدائم‬ ‫لنعطي ما نطمح للح�صول عليه‪ ،‬فنحن بذلك نعمل‬ ‫على �إبقاء الوفرة الكونية جارية في م�سارها الطبيعي؛‬ ‫لذلك ف�إن كل �شيء تمنحه للآخرين حتماً �سيعود �إليك‬ ‫لي�س بال�ضرورة من ال�شخ�ص نف�سه وبالطريقة نف�سها‪،‬‬ ‫لكن كن واثقاً �أنك �ستح�صل على مقابل لما تمنحه‬ ‫للآخرين‪ ،‬ب�شرط �أن يكون عطا�ؤك دون انتظار مقابل‬ ‫لقاء ذلك”‪.‬‬ ‫وت�ؤكد الدرا�سات �أن العطاء ب�أ�شكاله كافة و�أنواعه‬ ‫المختلفة يعود بالنفع للفرد لأنه ينمي لديه مجموعة‬ ‫من المهارات والقدرات الجديدة التي ت�ساعده في‬ ‫حياته اليومية كفن التوا�صل والحوار والإح�سا�س‬ ‫بالغير والت�ضحية‪ ،‬والإيثار؛ فالعطاء يعد الطريق‬ ‫الأق�صر �إلى ال�سعادة الدائمة والقناعة‪.‬‬ ‫ويعد العمل التطوعي عطا ًء بالمرتبة الأولى يعود على‬ ‫الفرد بفوائد على المدى البعيد والمجتمع بالخير‬ ‫الكثير فهو ي�ساعد على تنمية الإح�سا�س بالم�س�ؤوليَّة‬ ‫ويعزز مفهوم المواطنة لدى المتطوعين‪ ،‬والحل‬ ‫الأمثل لم�شكلة الفراغ الذي يعاني منه ال�شباب ويقلل‬ ‫من ن�سبة الجرائم‪ِّ ،‬‬ ‫وي�سخ ُر الطاقات المهدرة لخدمة‬ ‫البنا ِء وال َّتنمي ِة االقت�صاد َّي ِة‪ ،‬واالجتماعية من خالل‬ ‫َّ‬ ‫مات والهيئات الخيرية‪.‬‬ ‫�سات‬ ‫والمنظ ِ‬ ‫عمل الم�ؤ�سَّ ِ‬ ‫�إن التنمية الحقة ال ت�ؤتى باالعتماد على الم�ؤ�س�سات‬ ‫الحكومية في البناء بل �إن دور الم�ؤ�س�سات المدنية‬ ‫والأفراد �إلى جانب م�ؤ�س�سات الدولة تحقق التوازن‬ ‫المطلوب للتنمية ال�شاملة‪ .‬لذلك وفي عام ‪١٩٨٥‬‬ ‫بالتحديد خ�ص�صت الأمم المتحدة الخام�س من‬ ‫دي�سمبر من كل عام يوما للعمل التطوعي ت�أكيدا‬ ‫لأهمية تمكين الفرد اجتماعيا وزيادة وعيه في تنمية‬ ‫المجتمع ونه�ضته‪.‬‬ ‫وتفيد الم�ؤ�شرات الإح�صائية في الواليات المتحدة ب�أن‬ ‫�ستة من �أ�صل ع�شرة من الذين قاموا بالعمل التطوعي‬ ‫ي�ؤكدون �أنهم اكت�سبوا مهارات ومعرفة جديدة‪ .‬لذا‬ ‫حرَ�صت ال ُّد َو ُل المتق ِّدمة على تر�سيخ مفهوم العمل‬ ‫والحث عليه بين جميع َّ‬ ‫التطوُّعي‪ِّ ،‬‬ ‫ال�شرائ ِح االجتماعية‪،‬‬ ‫وخلق المناخ المالئم لت�شجي ِع ك ِّل الأفراد للعطا ِء‬ ‫وتخ�صي�ص جهة متخ�صِّ �ص ٍة تدير العملية‬ ‫والإبدا ِع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫التطوعية لتحديد المجاالت التي يم ِك ُن من خال ِلها‬ ‫التط ُّو ُع والإبداع‪ ،‬وخلق الحوافز المادية والمعنوية؛‬ ‫لرفع ن�سبة المتطوعين في �ش َّتى المجاالت‪ ،‬ولأهمية‬

‫العمل التطوعي نجد �أن هناك �أكثر من مليون ون�صف‬ ‫المليون م�ؤ�س�سة تطوعية بالواليات المتحدة فقط‪،‬‬ ‫والتي ُتعد الأكبر على الم�ستوى العالم‪� ،‬أما في فرن�سا‬ ‫توجد ما يقارب ‪� 600‬ألف م�ؤ�س�سة‪ ،‬وفي بريطانيا نحو‬ ‫‪ 350‬م�ؤ�س�سة تطوعية‪ .‬يبلغ دخل العمل التطوعي ما‬ ‫يزيد على ‪ 650‬مليار دوالر �أمريكي في ال�سنة‪ ،‬و�أن نحو‬ ‫‪ % 70‬من الأ�سر تتبرع للأعمال الخيرية‪ ،‬و�أن ‪% 55‬‬ ‫من ال�سكان ينخرطون في العمل التطوعي‪ ،‬و�أن ‪110‬‬ ‫ماليين �شخ�ص يتطوعون �سنوياً في �أمريكا‪ ،‬يق�ضون‬ ‫�ساعات عمل تطوعية تبلغ قيمته المالية نحو ‪ 230‬مليار‬ ‫دوالر �سنوياً‪� ،‬أما في العالم العربي وفقا للإح�صائية‬ ‫ن�شرتها احدى المواقع المتخ�ص�صة للعمل التطوعي‬ ‫ف�إن عدد المتطوعين في العالم العربي الم�سجلين‬ ‫ر�سميا ال يتجاوز عددهم ‪� 50‬ألف متطوع‪.‬‬ ‫في كل منا�سبة نرى ن�شاطا غير عادي من �أبناء‬ ‫الوطن خ�صو�صا من فئة ال�شباب في تقديم يد العون‬ ‫والم�شاركة في المبادرات الخيرية التي تنظمها‬ ‫الم�ؤ�س�سات الخا�صة ومنظمات المجتمع المدني‬ ‫الم�شهد يثلج ال�صدور و�أنت ت�شاهد نموا �سنويا في‬ ‫�أعداد المتطوعين‪ ،‬والتناف�س الإيجابي بين ال�شباب‬ ‫في تقديم الم�ساعدة ون�شر ر�سائل محبة و�سالم وتكافل‬ ‫بين �أبناء المجتمع وهذا يعك�س نمو الوعي الفردي‬ ‫تجاه العمل الخيري‪.‬‬

‫‪%55‬‬

‫من سكان الواليات المتحدة‬ ‫األمريكية يمارسون العمل‬ ‫التطوعي‬

‫ومع تطور و�سائل االت�صال �أ�صبحت و�سائل التوا�صل‬ ‫االجتماعي و�سيلة من و�سائل الترويج للمبادرات‬ ‫وت�شكيل فرق عمل تطوعية‪ ،‬وعلى الرغم من هذا النمو‬ ‫في المفاهيم التطوعية �إال �أن �أغلب تلك المبادرات ال‬ ‫تزال محدودة ومح�صورة في �أن�شطة وقتية ومت�شابهة‬ ‫مرتبطة بمنا�سبات دينية �أو اجتماعية تنق�صها الكثير‬

‫من الدعم الفني والتنظيمي حتى ت�ساهم في تعزيز‬ ‫عملية التنمية ال�شاملة كن�شاطات منظمة تغطي‬ ‫الحاجات الحقيقية للمجتمع ن فالكثير من تلك‬ ‫المبادرات خ�صو�صا الفردية قد تتعر�ض لال�ستغالل من‬ ‫قبل الم�ؤ�س�سات في �أعمال الت�سويق والترويج‪.‬‬ ‫ووفقا لمفهوم �إرادة التنمية ف�إن عملية التنمية تتطلب‬ ‫�إحداث تغيير جذري في طرق التفكير ال�سائدة في‬ ‫المجتمع في المجاالت كافة بما فيها طرق العمل‬ ‫التطوعي وذلك بما يواكب الحاجة الواقعية للمجتمع‬ ‫ويحقق التوازن بين كل من م�ؤ�س�سات المجتمع المدني‬ ‫والقطاع الخا�ص وبين الم�ؤ�س�سات الحكومية ل�ضمان‬ ‫ا�ستمرار تقدم المجتمع وتطوره‪.‬‬ ‫ولتعزيز مفهوم العمل التطوعي كمفهوم رئي�س ولي�س‬ ‫ن�شاطا ثانويا يجب �إدخالها في المنظومة التعليمية‬ ‫كن�شاط في مراحل التعليم المختلفة يح�صل الطالب‬ ‫على ما ال يقل عن ‪ ٪ ١٠‬من �أعمال ال�سنة و�شهادة‬ ‫تقديرا لجهوده على م�شاركاته في الأن�شطة التي تقوم‬ ‫المدر�سة بتنظيمها داخل المدر�سة وفي المجتمع‬ ‫المحيط بالمدر�سة بالتن�سيق مع الجمعيات والم�ؤ�س�سات‬ ‫الخيرية لغر�س مفاهيم م�ساعدة الغير والمحافظة على‬ ‫المنجزات المجتمع وقيمها الثقافية واالجتماعية‬ ‫مقرونا ذلك بتفعيل دور المدار�س ال�صيفية والمراكز‬ ‫ال�صحية والم�ست�شفيات في االن�شطة التطوعية في‬ ‫مختلف المحافظات والواليات‪ ،‬مع تخ�صي�ص ‪ ٪٥‬من‬ ‫�أرباح ال�شركات للعمل التطوعي وبناء المرافق العامة‬ ‫خ�صو�صا ال�شركات الكبرى‪ ،‬ومنح االلوية في التوظيف‬ ‫لمن لهم م�ساهمات في العمل التطوعي كنوع من‬ ‫التحفيز لالنخراط في الأعمال التطوعية‪ ،‬وكذلك‬ ‫منح الأولوية في التر�شح لمجال�س ال�شورى والبلديات‬ ‫لمن له م�ساهمات تطوعية‪ .‬مع �إدخال خدمة المجتمع‬ ‫وبع�ض من الأعمال التطوعية �ضمن الجزاءات القانونية‬ ‫للمخالفين في بع�ض من الق�ضايا المرورية‪.‬‬ ‫وقبل كل ذلك يتوجب تحديد الحاجات الحقيقية التي‬ ‫يحتاجها المجتمع‪ ،‬وو�ضع خطة تتوالها جهة رقابية‬ ‫للت�أكد من تحقيق خطة العمل التطوعي لأهدافها‪.‬‬ ‫و�أخيرا �ضرورة مواكبة الع�صر بتطوير ت�شريعات‬ ‫المنظمة للعمل التطوعي ال�ستيعاب المبادرات‬ ‫وتحويلها �إلى طاقات مفيدة للمجتمع‪ ،‬مع ت�شجيع‬ ‫الم�ؤ�س�سات العامة والخا�صة على ت�شكيل فرق تطوعية‬ ‫لخدمة المجتمع المحيط كل في مجال اخت�صا�صه‬ ‫لتحقيق التنوع في مجاالت التطوع وبذلك نتمكن من‬ ‫توظيف الثروة العامة كر�أ�س مال اجتماعي‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.