إصدار رواق العدد الرابع

Page 1

‫العدد (‪)4‬‬

‫مع ‪:‬‬

‫إصدارشهري يصدر عن‬

‫مايو ‪٢٠١٥‬م‬

‫‪4,187,516‬‬ ‫عدد سكان السلطنة‬

‫حتى ‪ 27‬مايو ‪2015‬م‬ ‫المركز الوطني لإلحصاء والمعلومات‬

‫‪6‬‬

‫مركــز الدراســـات والبحــوث‬

‫العمارة والثقافة اإلسالمية في تيار‬ ‫ما بعد البنيوية‬

‫‪14‬‬

‫رؤية األمم المتحدة لمستقبل‬ ‫التعليم عام ‪2030‬‬

‫‪20‬‬

‫دور القطاعين الحكومي و الخاص‬ ‫في تشغيل القوى العاملة الوطنية‬


‫انطالقة‬

‫‪2‬‬

‫امسح وشاهد‬ ‫المتعددة في‬ ‫في إطار توظيف الوسائط‬ ‫ّ‬ ‫القراء‬ ‫الورقية للمزيد من التفاعل مع‬ ‫الصحافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫للمرة األولى في‬ ‫يدشن "رواق" خدمة جديدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطور التكنولوجي‬ ‫السلطنة مستفيدين من‬ ‫ّ‬

‫وجعله في خدمة القاريء ولمشاهدة مقاطع‬ ‫قم بالمسح‬ ‫الفيديو الموجودة بـ"رواق"‬ ‫ْ‬ ‫بكل مقطع فيديو‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الضوئي (للباركود) الخاص‬

‫وبإمكان مستخدمي أجهزة الهواتف المحمولة‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫والحواسيب‬ ‫ّ‬ ‫االندرويد تحميل برنامج (َ‪)QR Code Reader‬‬

‫من متجر (‪ )Play Store‬كما يمكن لمستخدمي‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫الهواتف واألجهزة‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )iOS‬تحميله من موقع (‪.)iTunes‬‬

‫الرئيس التنفيذي‬ ‫د‪ .‬إبراهيم بن أحمد الكندي‬

‫اإلشراف التحريري‬

‫التصوير واإلنتاج الفني‬

‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬

‫حمــد الرئيــــسي‬

‫المراجعة التحريرية‬

‫اإلخراج والتنفيذ‬

‫مديرة مركز الدراسات والبحوث‬

‫عبد الرزاق الربيعي‬ ‫ناصر أبو عون‬

‫التنسيق الفني والمتابعة‬ ‫زبيدة بنت علي البلوشية‬

‫عبد العزيز السكيتي‬ ‫طاهر الحراصي‬

‫محمد بن راشد العيسائي‬

‫الترجمة‬

‫أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫إصدار متخصص يصدر عن مركز الدراسات والبحوث ويوزع مع جريدة عمان‬

‫جميع اآلراء الواردة في اإلصدار تعبر عن آراء كاتبيها فقط وال تعبر عن رأي المركز‪.‬‬ ‫يرحب رواق بجميع المشاركات والمساهمات واالبتكارات العلمية والبحثية التي تقدم‬ ‫حلوال قابلة للتطبيق‪ ،‬ونرجو تواصلكم عبر‪:‬‬

‫صورة الغالف ‪ :‬تصوير شمسة الحارثية‬

‫هاتف‪/24649145 - 24649192:‬فاكس‪24649143 :‬‬ ‫ايميل‪rawaq.r.s.c@gmail.com :‬‬ ‫ُط ِبع بمطابع مؤسسة ُعمان للصحافة والنشر واإلعالن‬

‫انتظروا رواق بعد رمضان‬

‫مع رواق‬

‫يسر مركز الدراسات والبحوث‪ ،‬ان تتقدم بالتهنئة‬ ‫للقراء‪ ،‬وسائر األمتين العربية واإلسالمية‪ ،‬بحلول‬ ‫شهر رمضان المبارك‪ ،‬ونود إعالمكم إننا سوف‬ ‫نتوقف في شهر رمضان عن إصدار ملحق (رواق)‪،‬‬ ‫وسوف نعاود التواصل معكم في شهر أغسطس‪..‬‬ ‫وكل عام وانتم بخير ‪....‬‬


‫"أسبوع الرواق" يجمع األفكار‪ ،‬والفنون في سلّ ة واحدة‬

‫أخبار‬

‫"البركة بالشباب"‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫محا�ضرات ثقاف ّية‪ ،‬فقرات مو�سيق ّية‪ ،‬لوحات‬ ‫ت�شكيلية‪� ،‬صور فوتوغراف ّية‪� ،‬أفالم �سينمائ ّية‪،‬‬ ‫نقا�شات فكريّة‪.‬‬ ‫تلك العناوين كانت بمثابة باقة ورد �شباب ّية زيّنت‬ ‫�س ّلة فعاليات «�أ�سبوع الرواق» الذي �أقامه مركز‬ ‫الدرا�سات والبحوث بم�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة‬ ‫والن�شر والإعالن‪ ،‬في قاعة رواق الفكر‪ ،‬تحت‬ ‫�شعار "البركة بال�شباب"‪ ،‬وقد ت�ض ّمن الأ�سبوع‬ ‫معر�ض الت�صوير ال�ضوئي‪ ،‬والفنون الت�شكيلية‪،‬‬ ‫والأزياء جرى افتتاحه تحت رعاية الدكتور‬ ‫�أحمد الغ�ساني‪ ،‬عميد كلية الدرا�سات الم�صرفية‬ ‫والمالية‪ ،‬وح�ضور مجموعة من رواد الفن‬ ‫ومتذوقيه‪� ،‬ض ّم المعر�ض مجموعة من الأعمال‬ ‫المتنوعة لطلبة جامعة ال�سلطان قابو�س‪ ،‬في‬ ‫مجال الت�صوير ال�ضوئي‪ ،‬وطلبة كلية التقنية‬ ‫العليا في مجال الفن الت�شكيلي‪ ،‬والأزياء‪ ،‬و�صاحب‬ ‫المعر�ض عزف بع�ض المقطوعات المو�سيقية من‬ ‫تقديم ق�سم المو�سيقى‪ ،‬بجامعة ال�سلطان قابو�س‪،‬‬ ‫وعك�س القدرة‪ ،‬والموهبة‪ ،‬والمهارة التي تمتاز بها‬ ‫المواهب العمانية ال�شابة في مختلف المجاالت‬ ‫المعرو�ضة‪ ،‬ومدى التطور في المجال الفني‬ ‫للم�شاركات المعرو�ضة‪ ،‬وعر�ض ال�شباب تجاربهم‬ ‫لجملة من المهتمين بالجوانب الفنية‪ ،‬والأزياء‬ ‫العمانية التقليدية المطورة بلم�سات �شابة ذات‬ ‫مواهب �صاعدة‪ ،‬وهو ما �أكد عليه الأ�سبوع الذي‬ ‫�أقيم لتنمية المواهب ال�شبابية‪ ،‬والم�ساهمة في‬ ‫عملية التوا�صل بين الم�ؤ�س�سات المختلفة‪ ،‬كما قال‬ ‫�سعادة الدكتور �إبراهيم بن �أحمد الكندي‪ ،‬الرئي�س‬ ‫التنفيذي لم�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة والن�شر‬ ‫والإعالن‪ ،‬في كلمة له بحفل االفتتاح م�ؤ ّكدا‬ ‫على التنويع في فقراته‪ ،‬واهتمامات الم�شاركين‬ ‫باختالف توجهاتهم‪ ،‬ومجاالت اهتماماتهم‬ ‫م�سارات الإبداع التي ي�سلكونها‪� ،‬ساعين �إلى تقديم‬ ‫كل ما هو جديد في الفكرة وال�شكل والأداء‪ ،‬تحت‬ ‫�شعار «البركة بال�شباب»‪ ،‬للتركيزعلى الوجوه‬ ‫الجديدة التي تبرز في ال�ساحة الثقافية والفكرية‬ ‫والأدبية والإبداعية‪.‬‬ ‫و�ألقى و�سام القليبي معلم المهارات المو�سيقية‪،‬‬ ‫ورقة عمل بعنوان "ت�أثير �ساحل �شرق �أفريقيا‪،‬‬ ‫على التراث المو�سيقي العماني"‪ ،‬وب ّين من‬ ‫خالل ورقة العمل عن الآالت الوترية الموجودة‬ ‫بال�سلطنة التي اقت�صرت على وجود �أربع �آالت‪ ،‬وهي‬ ‫العود والربابة والقمبو�س «القبو�س»‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إلى الطمبورة «الطنبورة»‪ ،‬و�أو�ضح القليبي �إلى‬ ‫�أن عدد هواة المو�سيقى العمانيين خالل الفترة‬ ‫الأخيرة بد�أ في تزايد‪ ،‬حيث �أن الدورات المقامة‬ ‫في هذا المجال كثيرة فهناك دورات ن�سائية‬ ‫و�أخرى رجالية والعدد الم�شارك بها كبير جدًا‪،‬‬

‫‪3‬‬

‫طرحه عبر كتاباته ‪،‬ومحا�ضراته ‪،‬وبرنامجه‬ ‫التلفزيوني "قيم" على مدى ت�سعين حلقة‪ ،‬كما‬ ‫ذكر‪ ،‬وتط ّرق في محا�ضرته �إلى تفاعل ال�شعر مع‬ ‫الحياة‪،‬وم�ساهمته في تر�سيخ القيم النبيلة ‪ ،‬م�ؤ ّكدا‬ ‫على �ضرورة �أن يحمل ال�شعر ر�سالة تتم ّثل بحكمة‬ ‫‪� ،‬أو عبرة م�ستخل�صة من الحياة‪ ،‬و�ألقى المخرج‬ ‫حمد الرئي�سي محا�ضرة �سينمائ ّية قدّم خاللها‬ ‫تعريفا عن الفيلم الق�صير ‪ ،‬وكيف تنتج فيلما‬ ‫ق�صيرا ‪ ،‬ثم عر�ض مجموعة من الأفالم الق�صيرة‪،‬‬ ‫ث ّم قام بتحليلها من خالل طرح مجموعة ت�سا�ؤالت‬ ‫على الح�ضور‪ ،‬مر ّكزا على عر�ض تجارب �شابة في‬ ‫مختلف المجاالت لتكون قدوة لل�شاب العماني‬ ‫لتنمية مواهبه و�أفكاره‪.‬‬ ‫لقد ك�شف "�أ�سبوع الرواق" عن الكثير من‬ ‫المواهب ال�شابّة التي تزخر بها ال�سلطنة ‪ ،‬وك ّل‬ ‫الذي تحتاجه هو الدعم ‪،‬والرعاية ‪ ،‬وهو الدور‬ ‫الذي و�ضعته م�ؤ�س�سة"عمان " على عاتقها ‪،‬‬ ‫و�سعى مركز الدرا�سات والبحوث �إلى ترجمة‬ ‫مفرداته �إلى واقع عملي من خالل تنظيم هذه‬ ‫الفعال ّيات ‪.‬‬

‫وتحدّثت الم�صممة العمانية �أني�سة الزدجالية عن‬ ‫تجربتها في مجال الت�صميم و�صناعة الأزياء‪� ،‬إذ‬ ‫�سردت للح�ضور تجربتها منذ بدايتها في ت�صميم‬ ‫الأزياء العمانية التقليدية‪ ،‬و�إدخالها للم�سات‬ ‫طورت عملها ‪ ،‬كما ركزت على �أهمية الم�شاركة‬ ‫محليا ودوليا في العديد من المحافل‪ ،‬والتي‬ ‫ت�سهم في تطوير العمل‪ ،‬من خالل معرفة تجارب‬ ‫الآخرين ومدى التطور الحا�صل في هذا المجال‬ ‫الوا�سع‪ ،‬وتحدثت كذلك عن م�شاركتها في العديد‬ ‫من عرو�ض الأزياء لتعريف المجتمعات ب�أعمالها‬ ‫وت�صاميمها المختلفة‪.‬‬ ‫كما عر�ضت �أني�سة الزدجالية مجموعة من‬ ‫ت�صاميمها لمختلف الأزياء‪ ،‬وقدمت عرو�ضا‬ ‫للفيديو لأهم م�شاركاتها في العرو�ض‬ ‫والمهرجانات والملتقيات الخا�صة بالمجال‬ ‫الفني وبالأخ�ص �صناعة الأزياء والت�صميم‪،‬‬ ‫وتطرقت في حديثها لذكر �أهمية الت�سويق‬ ‫والترويج لكل الم�شاريع ال�شبابية‪ ،‬والقى الدكتور‬ ‫�صالح الفهدي محا�ضرة حملت عنوان "القيم‬ ‫والأخالق بين الأدب والواقع" تناول فيها‬ ‫عدة جوانب تهم المجتمع‪ ،‬مر ّكزا على �أهمية‬ ‫يمكنكم متابعة تفا�صيل �أ�سبوع الرواق من خالل م�سح الباركود‬ ‫وجود القيم‪ ،‬والأخالق في التعامالت‪ ،‬وهو ما‬


‫أخبار‬

‫تحت شعار "صناعة المعرفة "‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫اإليجابية‬ ‫برنامج "إعداد قيادات المستقبل للتحول اإللكتروني" يشيدون بالنتائج‬ ‫ّ‬

‫‪4‬‬

‫�أ�شاد الم�شاركون في برنامج �إعداد قيادات الم�ستقبل‬ ‫للتحول الإلكتروني "�صناعة المعرفة" الذي �أقيم‬ ‫في العا�صمة الكورية �سي�ؤل‪ ،‬والذي ا�ستمرت فعالياته‬ ‫على مدى �أ�سبوعين بنجاح البرنامج ‪ ،‬يقول الفا�ضل‬ ‫عبدالعظيم بن عبا�س البحراني مدير عام غرفة تجارة‬ ‫و�صناعة عمان‪ " :‬البرنامج ثري بالمعلومات‪ ،‬وهو فر�صة‬ ‫ممتازة تعرفنا خاللها على تجربة دولة الأولى عالمياً‬ ‫على مدى الأربعة الأعوام الما�ضية في مجال الحكومة‬ ‫الإلكترونية ‪ ،‬ويعتبر محفزا لنا جميعاً بالم�ضي قدماً في‬ ‫تنفيذ برنامج التحول الإلكتروني‪ ،‬كما خطط له‪ ،‬من‬ ‫قبل الحكومة الر�شيدة‪ ،‬و�سننقل ما �شاهدناه‪ ،‬ولم�سناه‬ ‫ب�شفافية �إلى الم�س�ؤولين في ال�سلطنة‪ ،‬لكي نبد�أ من‬ ‫حيث انتهى �إليه الآخرون"‬ ‫و�أ�ضاف البحراني " مكننا البرنامج من االطالع على‬ ‫نموذج يحتذى به في كيفية التعامل بروح الفريق الواحد‬ ‫من �أجل خدمة‪ ،‬ورفاهية المواطن" ‪.‬‬ ‫وقال وديع بن مرت�ضى اللواتي مدير م�شاريع تقنية‬ ‫المعلومات ب�شرطة عمان ال�سلطانية " يعتبر هذا‬ ‫البرنامج من �أف�ضل البرامج في �إطار م�شروع التحول‬ ‫الرقمي ‪� ،‬إذ �ساعدنا على التعرف عن كثب على التجربة‬ ‫الكورية الثرية‪ ،‬والمراحل التي مروا بها لي�صلوا �إلى‬ ‫المرتبة الأولى في هذا المجال‪ .‬لقد �أعطى البرنامج‬ ‫جميع الم�شاركين العديد من الأفكار التي �سوف ن�سعى‬ ‫لتطبيقها في م�ؤ�س�ساتنا من �أجل ت�سريع عجلة التحول‬ ‫الرقمي "‪.‬‬ ‫وقالت الفا�ضلة نوال بنت ن�صيب العريمية رئي�سة قطاع‬ ‫التخطيط والمعلومات بهيئة �سجل القوى العاملة "‬ ‫ر�أينا و�ضوحا في طرح نقاط القوة‪ ،‬وال�ضعف من قبل‬ ‫المخت�صين والأكاديميين في البرنامج‪ ،‬وهذا ما �أعطى‬ ‫للمتلقي �أفقا للتحليل‪ ،‬والمقارنة واال�ستفادة في اقتراح‬ ‫نظم‪ ،‬و�آليات عمل فيما بين الم�شاركين لتطبيقها في‬ ‫جهات عملهم الحقاً‪ ،‬و�أعتقد �أنه �أ�صبح هناك نموذج عمل‬ ‫وا�ضح يمكن من ا�ستمرارية خطط التحول"‪.‬‬ ‫وكان البرنامج قد �أختتم في حفل �أقيم تحت رعاية‬ ‫الرئي�س التنفيذي للوكالة الوطنية لمجتمع المعلومات‬ ‫"‪ ،"NIA‬بح�ضور �سعادة ال�سفيرمحمد بن �سالم الحارثي‬

‫�سفير ال�سلطنة لدى جمهورية كوريا الجنوبية؛ وقد‬ ‫تلقى الم�شاركون خالله تدريباً مكثفاً على يد نخبة من‬ ‫المحا�ضرين والمدربين الأكفاء من جمهورية كوريا‬ ‫الجنوبية في مجال الخدمات الإلكترونية‪ ،‬والحوكمة‬ ‫الإلكترونية‪ .‬وت�ضمن البرنامج عدداً من الحلقات‬ ‫التدريبية والنقا�شية في عدة مجاالت منها تطبيقات‬ ‫الحكومة الإلكترونية‪ ،‬واتجاهات تطور تكنولوجيا‬ ‫المعلومات و االت�صاالت‪ ،‬و�أمن المعلومات والخ�صو�صية‪،‬‬ ‫وتكنولوجيا المعلومات واالت�صاالت لإدارة المخاطر‬ ‫والكوارث ‪ ،‬و�إدارة م�شاريع تكنولوجيا المعلومات و‬ ‫االت�صاالت‪ ،‬والتخطيط اال�ستراتيجي لتقنية المعلومات‬ ‫واالت�صاالت‪ ،‬والقوانين والت�شريعات ال�سيبرانية‪،‬‬ ‫وغيرها‪ .‬حيث ناق�ش البرنامج كيفية بناء نظم‬ ‫حكومة �إلكترونية من خالل توفير تحليالت مف�صلة‬ ‫لنظم نموذجية‪ ،‬وتحديد اعتبارات الت�صميم وتحليل‬ ‫�أهم عوامل النجاح والتحديات التي تواجه خدمات‬ ‫الحكومة الإلكترونية‪� .‬إ�ضافة �إلى الدور الذي تلعبه‬ ‫هذه التكنولوجيا اليوم في البيئة العالمية المتغيرة‬ ‫با�ستمرار‪ ،‬وتحديد التكنولوجيات الحالية والنا�شئة‬ ‫وبيان �أثرها على قطاع الأعمال‪ ،‬واالقت�صاد والمجتمع‪،‬‬ ‫ودرا�سة المكونات الأ�سا�سية لـتكنولوجيا المعلومات‬ ‫واالت�صاالت‪ ،‬وال�سيا�سات المرتبطة بها واالعتبارات‬ ‫التقنية‪.‬‬

‫البحراني‬

‫« مكننا البرنامج من االطالع‬ ‫على نموذج يحتذى به في كيفية‬ ‫التعامل بروح الفريق الواحد من‬ ‫أجل خدمة‪ ،‬ورفاهية المواطن» ‪.‬‬

‫وقد ت�ضمن البرنامج عددا من الحلقات النقا�شية بين‬ ‫الم�شاركين‪ ،‬والمدربين‪� ،‬إذ ت ّم تق�سيم الم�شاركين �إلى‬ ‫مجموعات جرى خاللها طرح العديد من الق�ضايا ‪،‬‬ ‫والتحديات التي واجهت الحكومة الكورية خالل مراحل‬

‫م�شروع التحوّل للحكومة الإلكترونية‪ ،‬والتحديات‪،‬‬ ‫والق�ضايا التي تواجه م�شروع الحكومة الإلكترونية في‬ ‫ال�سلطنة‪ ،‬و�سبل التغلب على هذه التحديات من �أجل‬ ‫تحقيق النجاح في هذا الم�شروع الوطني الهام‪.‬‬ ‫كما قام الم�شاركون بزيارة عدد من الم�ؤ�س�سات الكورية‬ ‫بمنطقة دايجون و�سط كوريا من �أجل ّ‬ ‫االطالع على‬ ‫الخدمات الإلكترونية التي تق ّدمها هذه الجهات‪،‬‬ ‫والأنظمة الم�ستخدمة بها‪ ،‬واال�ستراتيجيّات المتبعة‬ ‫بها في هذا ال�ش�أن ‪� ،‬إذ زار الم�شاركون م�ؤ�س�سة خدمة‬ ‫الم�شتريات‪ ،‬والمناق�صات العامة‪ ،‬والتي يتم من خاللها‬ ‫طرح كافة المناق�صات‪ ،‬والم�شتريات الحكومية من‬ ‫خالل بوابة موحدة‪ .‬وقد ّاطلع الم�شاركون على �أنظمة‬ ‫المناق�صات الإلكتروني‪ ،‬والخدمات الإلكترونية التي‬ ‫تقدمها هذه الجهة للم�ستفيدين‪ ،‬والأنظمة‪ ،‬والبرامج‬ ‫الم�ستخدمة لتقديم هذه الخدمات‪ .‬كما قام الم�شاركون‬ ‫بزيارة المركز الوطني الكوري للبنية التحتيّة للمعلومات‬ ‫الذي يحت�ضن ك ّل البنية التحتيّة للمعلومات للم�ؤ�س�سات‬ ‫الحكومية الكورية‪ ،‬ويقوم ب�إدارتها‪ ،‬والتعامل معها‬ ‫باحترافية‪� ،‬إذ ي�ضم المركز �أكثر من ‪� 20‬ألف جهاز‬ ‫�إلكتروني‪ ،‬ويديره �أكثر من �ألف موظف‪.‬‬ ‫كما زار الم�شاركون جامعة "‪ "KAIST‬دايجون التي‬ ‫تعد من �أف�ضل الجامعات على م�ستوى العالم‪� ،‬إذ تم‬ ‫تقديم نبذة عن الجامعة‪ ،‬والخدمات التي تق ّدمها‪،‬‬ ‫والتخ�ص�صات المتاحة بها‪ ،‬بعده التقى الم�شاركون في‬ ‫البرنامج بنائب رئي�س الجامعة ‪�،‬إذ رحب بالم�شاركين‪،‬‬ ‫وتم بعدها تبادل الهدايا التذكارية بين الجانبين‪.‬‬ ‫و�أقامت �سفارة ال�سلطنة في جمهورية كوريا حفل ع�شاء‬ ‫للم�شاركين في البرنامج ‪�،‬إذ رحب �سعادة ال�سفير محمد‬ ‫بن �سالم الحارثي بالم�شاركين في البرنامج‪ ،‬وقدم بعدها‬ ‫عر�ضاً عن دور ال�سفارة العمانية ‪ ،‬وما تقدمه من خدمات‪،‬‬ ‫كما تطرّق �إلى العالقات العمانية الكورية المتميزة‪،‬‬ ‫والممتدة عبر التاريخ‪ ،‬وق ّدم نبذة عن كوريا ‪ ،‬و�أ�سباب‬ ‫النه�ضة الكورية‪ ،‬وقد ّ‬ ‫حث �سعادة ال�سفير الم�شاركين في‬ ‫البرنامج من اال�ستفادة من الحلقات النقا�شية‪ ،‬والزيارات‬ ‫الميدانية‪ ،‬و�ضرورة الأخذ بالتجارب الناجحة‪ ،‬والمتميزة‬ ‫التي �أدّت �إلى التطوّر‪ ،‬واالزدهار في كا ّفة مجاالت الحياة‪.‬‬


‫مقال‬ ‫مقال‬

‫عبدالرزاق الربيعي‬

‫‪5‬‬

‫‪razaq2005@hotmail.com‬‬

‫قابيل وهابيل في "لوس أنجلوس"‬ ‫خالل حديثه حول تجارب �سينمائ ّية في‬ ‫الأفالم الق�صيرة قدّم المخرج العماني حمد‬ ‫الرئي�سي مقطعا لم يتجاوز زمن عر�ضه دقيقتين‬ ‫ون�صف الدقيقة‪ ،‬من فيلم �أمريكي طويل ا�سمه‬ ‫"ت�صادم" �أو "كرا�ش" في �سياق �شرحه لجمال ّيات‬ ‫الم�شهد ال�سينمائي‪� ،‬ضمن فعاليات «�أ�سبوع‬ ‫الرواق» الذي �أقامه مركز الدرا�سات والبحوث‬ ‫بم�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة‪ ،‬والن�شر‪ ،‬والإعالن‪..‬‬ ‫لقد ظ ّل هذا المقطع‪ ،‬يالزمني ل�ساعات طويلة‪،‬‬ ‫لما ت�ض ّمنه من حالة �إن�سان ّية‪ ،‬تع ّبر عن ق�ض ّية‬ ‫كبرى اختزلها المخرج في ب�ضع لقطات‪� ،‬أعادت‬ ‫�إلى ذهني الجريمة الأولى عندما رمى قابيل‬ ‫�شقيقه هابيل بحجر‪ ،‬فقتله لي�ستم ّر تدفق الدم‪،‬‬ ‫وال�صراعات التي مازالت �إلى اليوم بين "الأخوة‬ ‫الأعداء"‪.‬‬ ‫وحين �س�ألت الرئي�سي عن �سبب اختياره لهذا‬ ‫المقطع �أجاب "لأنه �صيغ وك�أ ّنه فيلم ق�صير‪،‬‬ ‫تكاملت به جميع عنا�صر الفيلم الق�صير‪ ،‬لذا‬ ‫�أمكن اقتطاعه لعر�ضه ب�شكل منف�صل" وهو‬ ‫من �إخراج "بول هاجيز" وبطولة �ساندرا بولوك‬ ‫ودون ت�شيدل ومات ديلون‪ ،‬وجينيفر �إ�سبو�سيتو ‪،‬‬ ‫وت ّم �إنتاجه عام ‪ ،2004‬وح�صل على ثالث جوائز‬ ‫�أكاديمية عام ‪ ،2005‬من بينها جائزة �أو�سكار‬ ‫لأف�ضل فيلم‪.‬‬ ‫وقبل �أن �أتحدّث عن المقطع الب ّد من الإ�شارة‬ ‫�أ ّن الفيلم يتحدّث عن (عن�صرية المجتمع‬ ‫الأمريكي)‪،‬و(ال�صراعات الدائرة بين المهاجرين‬ ‫هناك)‪ ،‬وتدور �أحداثه تحديدا في " لو�س انجلو�س‬ ‫"‪ ،‬وقال عنه الناقد الفني جمال الخنو�سي‪":‬ال‬ ‫يمكن للم�شاهد �أن يترك قاعة ال�سينما دون �أن‬ ‫ي�شعر بالأثر البليغ الذي يتركه الفيلم في نف�سه‬ ‫�أو �أ�سئلة مختلفة يبحث لها عن �أجوبة"‪.‬‬ ‫والخط الذي يت�ض ّمنه المقطع الذي اختاره‬ ‫الرئي�سي ت�سبقه م�شاهد حول مح ّل يعود لإيراني‬ ‫مك�سور الباب‪ ،‬فينادي عامال مك�سيك ّيا لإ�صالحه‬ ‫لكن المك�سيكي يطلب مبلغا �أكبر‪ ،‬مما يتح ّمله‬ ‫الإيراني‪ ،‬فلم يتفقا‪ ،‬ويحدث �أن ي�أتي ل�صو�ص‬ ‫�سرقوا المحل‪ ،‬فظن �إن المك�سيكي هو �سارق‬ ‫المحل‪ ،‬فجاء ليقتله‪ ،‬وهذه لقطات ت�أ�سي�سية‬ ‫للمقطع الذي يبد�أ بجلو�س رجل في �سيارته �أمام‬ ‫بيت‪ ،‬بانتظار �شيء ما‪ ،‬بعد ثوان ت�صل �سيارة‪،‬‬

‫في ق�ض ّية كبرى هي ق�ض ّية قتل الإن�سان الذي هو‬ ‫"بناء اهلل " كما جاء في الأثر" ملعون من هدمه"‪،‬‬ ‫وقد ا ّتفقت الأديان ال�سماويّة ك ّلها على تحريم‬ ‫فقتل الأن�سان‪ ،‬وجعلت م�صير القاتل النار ‪ ،‬فقتل‬ ‫�إن�سان هو تهديم لم�شروع ب�شري‪ ،‬وتهديم �أ�سرة‪،‬‬ ‫و�إزهاق نف�س بريئة‪ ،‬و�إلحاق ال�ضرر بالمجتمع‪،‬‬ ‫قال تعالى في الآية‪ 33‬من �سورة الأ�سراء" و َ​َل‬ ‫َت ْق ُت ُلوا ال َّن ْف َ�س ا َّلتِي حَ َّر َم َّ ُ‬ ‫الل �إِ َّل ِبا ْلحَ ِّق () َومَن‬ ‫ُق ِت َل م َْظ ُلومًا َف َق ْد جَ َع ْل َنا ِل َو ِل ِّي ِه ُ�س ْل َطا ًنا َف َل ي ُْ�سرِف‬ ‫َن�صو ًرا"‬ ‫ِّفي ا ْل َق ْتلِ ()�إِ َّن ُه َكا َن م ُ‬ ‫لقد برع المخرج في �إدانة القتلة من خالل �إظهار‬ ‫ب�شاعة ت�صرفاتهم‪ ،‬وقد ظهرت هذه الإدانة من‬ ‫خالل �إظهار المهاجم بمظهر ال�ش ّرير القا�سي‬ ‫المالمح‪ ،‬المهزوم‪ ،‬وقد ظهر هذا في الم�شهد‬ ‫الأخير من المقطع عندما جعل المخرج الكاميرا‬ ‫ت�صوّره من �أعلى ليبدو �ضئيال من وجهة نظر‬ ‫عليا‪ ،‬جامدا من الخارج بينما يدخل الأب‬ ‫المك�سيكي �إلى بيته محت�ضنا طفلته في البيت‪،‬‬ ‫لتوا�صل حياتها‪ ،‬محتفلة ب�أعياد الكري�سما�س‬ ‫في �إ�شارة ذك ّية �إلى التعاليم التي جاء بها ال�سيد‬ ‫الم�سيح وتعاليمه التي دعت �إلى المحبة‪ ،‬ونهت‬ ‫عن البغ�ضاء ‪.‬‬ ‫لقد جاء المقطع ليلقي ال�ضوء على واحدة من‬ ‫الحاالت ال�سلب ّية التي ناق�شها الفيلم ‪،‬فالجريمة‬ ‫التي كادت �أن تح�صل �سببها �إ ّتهام مبني على ّ‬ ‫الظن‬ ‫‪،‬ولي�س اليقين‪ ،‬وخالل لحظة انفعال‪ ،‬وغ�ضب‪،‬‬ ‫كما هو يحدث في معظم الجرائم التي تقع‪،‬‬ ‫ورغم ق�صر المقطع � ّإل �إ ّنه قال الكثير ‪ ،‬فقد كان‬ ‫�أ�شبه ببيت الق�صيد‪� ،‬أو لقمة ال�ص ّياد‪ ،‬وقد اقتن�صه‬ ‫"الرئي�سي" من الفيلم لأ ّنه يحمل الر�سالة التي‬ ‫يريد �أن يو�صلها المخرج �إلى الجمهور‪ ،‬من‬ ‫خالل " اال�ستقراء الناق�ص" كما ي�س ّميه علماء‬ ‫المنطق‪ ،‬تمييزا له عن اال�ستقراء التام وهو تتبع‬ ‫بع�ض جزئيات الكلي المطلوب معرفة حكمه‪،‬‬ ‫للخروج بحكم عام‪ ،‬فتذوق لقمة من الطبق تكفي‬ ‫لإعطاء حكم كامل على مذاق الوجبة ب�أكملها‪،‬‬ ‫فهذا المقطع ّ‬ ‫يبث الكثير من الر�سائل عبر قليل‬ ‫من الوم�ضات ال�ضوئ ّية التي تبقى محفورة في‬ ‫ذاكرة الم�شاهد‪.‬‬

‫ينزل منها المك�سيكي‪ ،‬تظهر لقطة من داخل‬ ‫البيت‪ ،‬لأ ّم مع ابنتها الطفلة التي تنظر من‬ ‫النافذة‪ ،‬وتظهر �شجرة الكري�سما�س‪ ،‬في �إ�شارة‬ ‫�إلى ا�ستعداد الأ�سرة لالحتفاء ب�أعياد الميالد‪،‬‬ ‫حين ت�سمع الطفلة �صوت ال�سيارة تفتح النافذة‬ ‫‪،‬وتبلغ امّها �إن الأب قد و�صل‪ ،‬وتظل تتابعه ‪،‬فترى‬ ‫الرجل يتجه �إلى والدها‪ ،‬مهددا �إيّاه‪ ،‬بم�سد�س‪،‬‬ ‫في�س�أله‪ :‬اعطني المبلغ الذي �سرقته‪ ،‬فيجيبه‪:‬‬ ‫لم �أ�سرق �شيئا ‪ ،‬لكنه لم يقتنع‪ ،‬فيدخل يده‬ ‫في جيبه ويخرج ورقة من فئة خم�سين دوالرا‪،‬‬ ‫ي�سلمه له‪ ،‬فيرميها‪ ،‬وي�شتد الجدل بينهما‪،‬‬ ‫وهنا ت�شعر الطفلة بالخطر‪ ،‬فتبلغ �أمها وتفتح‬ ‫الباب وترك�ض لتحمي والدهان تنبهها �أمها‬ ‫�إلى خطورة ذلك‪ّ ،‬‬ ‫لكن الطفلة تطمئن �أمّها �أنها‬ ‫ترتدي قالدة الحماية التي �أهداها لها والدها‪،‬‬ ‫قائلة‪ :‬القالدة �ستحميني من الر�صا�ص‪ ،‬وب�سرعة‬ ‫فتحت الباب‪ ،‬واتجهت لتح�ضن والدها الذي‬ ‫حذرها من االقتراب لكنها لم ت�ص ِغ لتحذيراته‬ ‫فاحت�ضنها‪ ،‬وهنا انطلق �صوت ر�صا�صة‪ ،‬خرجت‬ ‫الأم مولولة‪ ،‬وظلت الكاميرا تنتقل بين وجه الأب‬ ‫المفزوع على ابنته‪ ،‬وزوجته التي تبكي والطفلة‬ ‫التي تحت�ضن والدها بقوة‪ ،‬ووجه القاتل الذي‬ ‫يرى نتائج ما اقترفت يداه‪ ،‬وي�ستمر الم�شهد‬ ‫الم�صحوب بمو�سيقى �صاخبة‪ ،‬و�أ�صوات بكاء‪،‬‬ ‫وك ّل الذي يعرفه الم�شاهد �أن جريمة ح�صلت‬ ‫دون �أن يدري من ال�ضح ّية‪ ،‬و�شيئا ف�شيئا يخفت‬ ‫�صوت المو�سيقى‪ ،‬وتنطق الطفلة بكلمة‪ ،‬فيطمئن‬ ‫الأب �أنها بخير ثم يك�شف عن ظهرها فال يرى‬ ‫�أثرا للر�صا�صة‪ ،‬فتطمئنه �إنها بخير ‪ ،‬ويبقى‬ ‫المهاجم مذهوال فيما يتحرك الأب نحو البيت‬ ‫ليغلق الباب خلفه ثم تطل الكاميرا من الأعلى‬ ‫لتراقب المهاجم الذي ظ ّل مذهوال‪ ،‬والحقيقة‬ ‫�إن الر�صا�صة التي �أطلقها كانت (طلقة �صوتية)‬ ‫فح�سب‪ ،‬وهذا ما ي�ؤكده م�شهد �سابق �إذ �إن ابنة‬ ‫التاجر الإيراني ا�شترت الم�سد�س من محل‪،‬‬ ‫وطلبت من البائع نوعا من الر�صا�ص اختارته‬ ‫م�صادف ًة لأنها لي�ست خبيرة بالأ�سلحة والذخائر‪،‬‬ ‫ف�أعطاها بائع الأ�سلحة طلبها ظانا �أنها تريد‬ ‫نوعا من (الطلقات ال�صوتية) ‪.‬‬ ‫�إ ّن الذي لفت انتباهي في المقطع لغته ال�سينمائ ّية‬ ‫يمكنكم الإطالع على الفيلم من خالل الم�سح على الباركود‬ ‫العالية التي اختزلت الكثير مما يمكن �أن يقال‬


‫حوار‬

‫البروفسور علي ثويني‬

‫العمارة والثقافة اإلسالمية في تيار ما بعد البنيوية‬

‫حاوره‪ :‬ناصـ ــر أبـو عـ ــون‬

‫البروفسور د‪ .‬علي ثويني باحث وأكاديمي عراقي مقيم في السويد‪ ،‬وخبير معماري‬

‫‪6‬‬

‫في الترميم بمنظمة اليونسكو‪ ،‬ويشتغل بالتدريس في جامعات (بودابست‪ ،‬وباريس‪،‬‬

‫وعمرانيا في مجموعة (أوبن بروجيكت)‬ ‫معماريا‪،‬‬ ‫مستشارا‬ ‫وستوكهولم)‪ ،‬ويعمل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اإليطالية بمدينة بولونيا و(‪ )ACP‬لندن‪ ،‬ومتواجد حاليا في المملكة العربية السعودية‬ ‫بصفته خبيرا للمحافظة على التراث العمراني‪ .‬حصل على ماجستير الهندسة المعمارية‬ ‫وتخطيط المدن من جامعة بوخارست‪ ،‬ودرجة الدكتوراه في العمارة بأطروحة عن العمارة‬ ‫اإلسالمية‪ .‬ومن أهم إصداراته‪( :‬معجم عمارة الشعوب اإلسالمية) صدر في بغداد عن‬ ‫بيت الحكمة ‪ .2006‬وصدر له في بيروت كتاب (العمارة اإلسالمية‪ ..‬سجاالت في الحداثة‬

‫‪ .)2009‬ومن بيروت أيضا أصدر كتابه (مبادئ التصميم المعماري ‪ ،)2010‬ومن بغداد عام‬ ‫‪ 2013‬أصدر كتابه المثير للجدل (األلسنة العراقية)‪ .‬ثم أخذ على عاتقه إعداد كتاب (علي‬

‫الوردي والمشروع العراقي) وصدر في بغداد بطبعتين ‪ .2009-2010‬ثم أنجز كتابه‬

‫(المعماري محمد صالح مكية‪ ..‬تحليل للسيرة والفكر والمنجز) بغداد دار ميزبوتاميا ‪.2012‬‬

‫وله تحت الطبع في بيت الحكمة بغداد كتاب (المدينة والعمران‪ ..‬اإلنشاء واالرتقاء)‪.‬‬

‫بعض خبراء التخطيط العمراني يرى في‬ ‫عمارة ما بعد الحداثة إساءة في استخدام‬ ‫المفردات التراثية وتشويهها وجرأة غير‬ ‫معهودة من المعماريين الحداثويين في‬ ‫تغيير المقاييس والنسب‪ ..‬كيف تنظر‬ ‫للقضية من وجهة نظر خبير معماري‬ ‫واستراتيجي؟‬

‫لقد ح ّلت ما بعد الحداثة �ضمن �سياقات �إبداعية‬ ‫مت�شعبة‪ ،‬فحواها الحنين للثقافات المحلية التي‬ ‫�ألغتها الحداثة ب�صفاقة‪ ،‬وقد عمدها الغرب‬ ‫معمارياً ابتداء من العام ‪ ،1960‬ون�سبها للمعمار‬ ‫الأمريكي ذو الجذور الإيطالية روبرت فنتوري‬ ‫(م‪ ،)1925 :‬بالرغم من ثمة دعوات في العودة‬ ‫للتراث في الثقافة العربية �سبق ذلك وال�سيما‬ ‫معماريا‪ ،‬حينما دعا لها الم�صري ح�سن فتحي‬ ‫(‪ )1989-1900‬والعراقي محمد �صالح مكية (م‪:‬‬ ‫‪ ،)1914‬منذ �أربعينيات القرن المن�صرم‪ .‬وعلى‬ ‫العموم ا�شتهر بتيار ما بعد الحداثة رهط عربي‬ ‫مثل العراقيان رفعت الجادرجي وبا�سل البياتي‬ ‫والفل�سطينيان جعفر طوقان ورا�سم بدران‪،‬‬ ‫والم�صريان عبد الباقي �إبراهيم وعبد الواحد‬ ‫الوكيل‪ .‬وهكذا ت�صاعد تيار ما بعد الحداثة‬ ‫و�أثمر في الثمانينات‪َّ ،‬‬ ‫وت�شظى حينها الى خم�سة‬ ‫ممار�سات‪ ،‬نجد �أن اثنين منها قد �أ�س�س وت�صاعد‬ ‫وعا�صر الم�شروع النه�ضوي العماني‪ ،‬لذا يمكن‬ ‫�أن ت�صنف العمارة في م�سقط وال�سلطنة عموما‬ ‫ب�أنها ما بعد حداثية‪ ،‬فهي لم تتعمق بالتراث‬ ‫ومعطياته و�أدواته وعنا�صره البيئية‪ ،‬ومار�ست‬ ‫نوع من المعالجة الفنية والتقليد ال�شكلي‬ ‫للأ�شكال التراثية‪ ،‬فلو �سبرنا كنه الحبكة‬ ‫الت�صميمية في تلك العمائر نجدها حداثية‬ ‫مح�ضة تعتمد الف�ضاء المت�ضام وهيكل الأطر‬ ‫الخر�ساني‪ ،‬وبذلك لم ت�شطح بعيدا عن الحداثة‬ ‫الم�ؤ�س�سة‪� ،‬إال من خالل �ستارة منمقة ومر�سومة‬

‫بعناية �أ�سدلت على الواجهات‪ .‬وبالرغم من ذلك‬ ‫ف�إنه حل توفيقي و�سطي‪ ،‬ت�سنى له ك�سب ر�ضى‬ ‫الفريقين الحداثويين والتراثيين‪ ،‬و�أعلن عن‬ ‫ذاتوية ولو �أنها �شكلية‪ ،‬لكنها مقبولة مقارنة‬ ‫بالم�سخ الذي �أعلنته الحداثة‪ .‬بيد �أ ّن الم�ؤامرة‬ ‫على العمارة والثقافة الإ�سالمية نجدها في‬ ‫تيار ما بعد البنيوية التي يدعى (التفكيكية‬ ‫‪ )Deconstruction‬التي فيها من المثالب‬ ‫ال�شيء الكثير وال�شطح البعيد النائي عن‬ ‫اال�ستر�سال الت�صاعدي‪ ،‬والنمو الع�ضوي للثقافة‪،‬‬ ‫التي تحتاج الى �إدراك عميق و�صنع من حاجة‬ ‫ومخا�ض طبيعي لمولود حداثي‪.‬‬ ‫الماضي يعيش فينا‬ ‫بالالوعي وهو جزء من كياننا‬ ‫الوراثي‪ ،‬وال يمكن نفيه إال‬ ‫من طرف جاحد‬

‫هناك معارضة شديدة من المهتمين بالتراث‬ ‫العربي لموضوع (إعادة ترميم وتأهيل‬ ‫المدن العربية القديمة)‪ ،‬بينما هناك فريق‬ ‫آخر ينادي بضرورة (إعادة التأهيل والترميم)‪،‬‬ ‫ننجح في التوفيق بين وجهتي النظر‬ ‫والمحافظة عليها كإرث ثقافي وترميمها‬ ‫بشكل يالئم بين مكوناتها ومستجدات‬ ‫التطوير العمراني الحديثة؟‬

‫ال يمكن القيام بعملية ترميم ح�ضري �إال‬ ‫على مبد�أ موروث نجد مثاله عند الن�ساجين‬ ‫الفطريين‪ ،‬حينما يروموا رفاء �سجادة‪ ،‬ف�إنهم‬ ‫يربطون خيوطها القديمة مع الجديدة ويكون‬

‫عملهم من�سجم مع لحمة و�سدة القديم وا�ستمرار‬ ‫له‪ ،‬وهذا المبد�أ الع�ضوي‪ ،‬جدير �أن يكون منهج‬ ‫لترميم المدن القديمة التي تجعلها جزء‬ ‫من�سجم ومتماه مع التو�سعات والتمدد الح�ضري‪،‬‬ ‫ولي�س جعلها متح ًفا في جزيرة منعزلة‪ ،‬والبد‬ ‫من توظيفها بما ي�ضمن لها الديمومة في العي�ش‬ ‫من خالل �إعطائها �إطا ًرا توظيف ًيا‪ ،‬عادة ما‬ ‫ين�سجم مع الن�شاط ال�سياحي والثقافي‪ ،‬وال يمكن‬ ‫القبول ب�أن تكون ور�ش �صناعية كما هو حا�صل‬ ‫في مدن عتيدة كما القاهرة ودم�شق وبغداد‪� .‬إن‬ ‫الما�ضي يعي�ش فينا بالالوعي‪ ،‬وهو جزء من‬ ‫كياننا الوراثي‪ ،‬وال يمكن نفيه �إال من طرف‬ ‫جاحد �أو حاقد‪ .‬لذا ف�إن المدن القديمة التي‬ ‫ال ت�شكل �إال منطقة محدودة الم�ساحة مقارنة‬ ‫مع التو�سع الذي �شهدته المدن خالل الأزمنة‬ ‫الحديثة‪ ،‬مثل بغداد القديمة التي ال ت�شكل �إال‬ ‫‪ 300/1‬من م�ساحة المدينة اليوم وم�ساحتها ال‬ ‫تتعدى ثالثة كيلومترات مربعة‪ ،‬وبذلك ف�إن‬ ‫ترميمها منهجيا‪ ،‬و�إدغامها وان�سجامها وت�أهيلها‬ ‫مع ان�سيابية التو�سعات مهارة وموهبة تح�سب‬ ‫ل�صالح المخطط الح�ضري‪ .‬ونجد �أمثلة عالمية‬ ‫على ذلك‪ ،‬مثلما مدينة �ستوكهولم التي �أعي�ش بها‬ ‫منذ ‪ 21‬عام‪ ،‬حيث �إن المدينة القديمة (كامال‬ ‫�ستان) التي تقبع في جزيرة �صغيرة‪ ،‬و ت�شكل ب�ؤرة‬ ‫مف�صلية نا�ضجة وفاعلة في حراك التوا�صل بين‬ ‫�شمال وجنوب المدينة‪ ،‬كونها مدينة �ستوكهولم‬ ‫جرمية الطابع (‪ )satellite city‬تن�ساب مع‬ ‫المعطيات الت�ضاري�سية والطبيعية (البحيرات‬ ‫والبحر والجبال) مثلما هي مدينة م�سقط‪،‬‬ ‫التي ت�أخذ منحى ان�سيابي �شريطي‪ ،‬يحتاج �إلى‬ ‫المحافظة على معطيات الطبيعية فيها وعدم‬ ‫تعنيفها �أو �إلغائها‪ ،‬ل�صالح حركة ال�سيارات‪ ،‬التي‬ ‫يمكن �أن نجد لها حلولأ مثالية �أخرى‪ ،‬و�شخ�صيا‬ ‫�أف�ضل �شق الأنفاق على �إزالة الجبال‪.‬‬


‫حوار‬

‫لقد حاول المصريون اقتفاء التجربة‬ ‫الفرعونية القديمة في تنفيذ مشاريع‬ ‫سياحية حديثة لكن التجربة فشلت بسبب‬ ‫ارتفاع التكلفة فهل ممكن أن تنجح هذه‬ ‫التجربة في سلطنة عمان؟ من خالل‬ ‫االستفادة من معطيات العمارة المحلية‬ ‫القديمة في تنفيذ مشروعات سياحية‬ ‫تساهم في الحفاظ على الطابع العمراني‬

‫المتنوع‪..‬‬

‫ال�سياحة �صناعة وتجارة‪ ،‬وال يمكن �أن نخ�ضع‬ ‫ل�سطوتها في تج�سيد ذاتيتنا الثقافية‪ ،‬فحينما‬ ‫نكر�س ثقافتنا‪ ،‬فهذا يعني �أننا اجتذبنا ب�سبب‬ ‫ذاتويتنا الآخر لزيارتنا واالطالع عليها‪ ،‬ولي�س‬ ‫تح�ضير ما يعجبه‪ ،‬وال�سير على هدى ذوقه من‬ ‫�أجل �أن ير�ضى وي�أتي‪ .‬وال�سياحة �أنواع ولي�ست‬ ‫واحدة‪ ،‬فثمة ما ينا�سبنا في ال�سلطنة مثل‬ ‫ال�سياحة البيئية والثقافية والطبيعية‪� ،‬أكثر من‬ ‫الأنواع الأخرى كالت�أريخية والترفيهية والدينية‬ ‫مثال‪ .‬وهذا يحتاج الى تخطيط ا�ستقرائي‪� ،‬أي‬ ‫على الم�ستوى الوطني والوالئي‪ ،‬ثم المناطقي‪،‬‬ ‫يرافقها ت�سهيالت وخدمات وترويج‪ .‬وهذا يعني‬ ‫�أن بيت الطين في بهلة‪ ،‬لو �أح�سن تهيئته وتهذيبه‪،‬‬ ‫لهو �أح�سن لل�سائح من �أن يجد فندق بخم�سة‬ ‫نجوم بخدمات معيارية عالمية‪ .‬و�ساحل نظيف‬ ‫وهادئ وماء �أزرق �صاف ودافئ‪� ،‬أهم من م�سبح‬ ‫داخل باحة فندق باذخ‪ .‬وهكذا‪ ،‬البد من التمييز‬ ‫بين الرغبات وت�صنيفها ودرا�سة الجدوى لها‪.‬‬ ‫و�أجزم في ذلك ان ال�سلطنة يمكن �أن تكون من‬ ‫�أكثر الدول جذباً لل�سياح‪ ،‬بما حباها اهلل من تنوع‬ ‫بيئي وجمال طبيعي وموقع مف�صلي و�أر�ض بكر‪،‬‬ ‫والأهم من كل ذلك �شعب وديع وم�سالم و�أخالقي‬ ‫وكفء ومدرك لمكامن الجمال بفطرة الخزين‬ ‫التراثي‪ ،‬و�سيكون �سبباً حقيقياً في جذب الجموع‪،‬‬ ‫�سواء من الأجانب او الم�سلمين �أو العرب‪.‬‬

‫تواصل‬

‫‪@SRCOman‬‬

‫�أما ب�صدد �إحياء �أ�شكال معمارية بعينها من‬ ‫�أجل جذب �سياحي كما في العمارة الفرعونية‬ ‫�أو النوبية في م�صر‪ ،‬فهو امر يتعلق بطبيعة‬ ‫ال�سياحة وال�سائح‪ ،‬ولي�س هو الجوهر‪ ،‬كونه‬ ‫�شكل ولي�س محتوى‪ ،‬يتعلق بعملية متراكبة‬ ‫لجذب ال�سائح‪ ،‬الذي عادة ما يبحث عن الأمان‬ ‫والجمال والدر�س والذكرى‪ ،‬وممار�سة الهوايات‪.‬‬ ‫وفي الجانب المعماري ف�إن �إحياء عمائر قديمة‬ ‫بحذافيرها ال يجدي في تطوير ملكات العمارة‪،‬‬ ‫وهو مكوث في التاريخ‪ ،‬كونها لغة زمانها‪ ،‬ولكل‬ ‫زمان لغة وعقلية وحلول بح�سب المعطيات‬ ‫والو�سائل الم�ؤ�س�سة‪ .‬وهكذا كان حمى �إحياء‬ ‫الطرز الكال�سيكية في الغرب في القرن التا�سع‬ ‫ع�شر كاليوناني والروماني والقوطي وحتى‬ ‫الفرعوني‪ ،‬نزوة وتجريب �سرعان ما �أفل‪ ،‬كونه‬ ‫لم ي�ستجد جديد‪ ،‬بل قلد ومكث رهين الت�أريخ‪.‬‬ ‫و�شخ�صيا �أحبذ ان نطور المفاهيم من م�ضامينها‬ ‫المعمارية ولي�س محاكاة لأ�شكالها‪.‬‬ ‫تخطيط مسقط معماريا‬ ‫يقتضي الحفاظ على المعطيات‬ ‫الطبيعية وشخصيا أفضل شق‬ ‫األنفاق على إزالة الجبال‬

‫ما جدوى عرضنا للتجارب العالمية في الحفاظ‬

‫على التراث المعماري؟ هناك قناعة لدى‬ ‫بع�ض المعماريين ت�ؤكد �أن المدن الم�صطنعة‬ ‫تنق�صها بع�ض المكونات الأ�سا�سية في مقارنتها‬ ‫بالمدن القديمة ويرى البع�ض �أن محاوالت‬ ‫خلق المدن بطريقة ا�صطناعية من وجهة نظر‬ ‫�إن�سانية غير ناجحة على الإطالق‪..‬‬ ‫‪SRC Oman‬‬

‫هل تحر�ص على قراءة ال�صحف العالمية (ورقيا‪ /‬الكترونيا)؟‬

‫يمكن �أن يكون التنظير المعماري من الم�ستجدات‬ ‫التدوينية في العالم‪ ،‬ولدينا بع�ضها في التراث‬ ‫العربي وقبله‪ ،‬والذي لم يقر�أ بعد‪ ،‬بعد �أن ملئ‬ ‫مخازن المتاحف ال�شرقية والغربية وفي الغرب‬ ‫بدا منذ قرن ون�صف �أي بعد ما دعي (حقبة‬ ‫الأنوار)‪ ،‬بالرغم من �أنهم يدعون �أن مرجعيته‬ ‫تعود �إلى الروماني ماركو فيتروفيو�س (‪70/80‬‬ ‫ق‪.‬م ‪ 23 -‬م)‪� .‬ضمن �سياقات االنحياز في المركزية‬ ‫الغربية‪ .‬ومازال التدوين المعماري في حداثة‬ ‫الثقافة العربية في بداياته‪ ،‬لذا ف�إن التنظير‬ ‫عموماً يخدم التجارب‪ ،‬و�إذا لم يجد طريقه‬ ‫للتطبيق ف�إنه عقيم وال جدوى من ا�ستمراره‪،‬‬ ‫و�إن الخبرة نف�سها تت�شكل من تراكب التجربة‬ ‫النظرية والعملية‪ ،‬وهكذا ف�إن االطالع على‬ ‫التجارب العالمية يمكن �أن يخدم م�شروع االرتقاء‬ ‫بالخبرة العملية والوعي بموقع وت�صنيف العمارة‬ ‫الإ�سالمية‪ ،‬التي هي نف�سها ت�صنيف ا�ست�شراقي‬ ‫غربي حتى �أن مفهوم التراث نف�سه هو مفهوم‬ ‫وردنا �ضمن اقتبا�سات حداثية من الغرب‪.‬‬ ‫ومفهوم التراث المعماري يقع في �صلبه كونه‬ ‫ي�شكل المنتج المادي للثقافة‪ ،‬وال�شاخ�ص ال�شاهد‬ ‫الماكث من ال�سلف للخلف‪ .‬لذا ف�إن االطالع‬ ‫على حركة التنظير التي تنقل لنا التجارب‬ ‫العالمية ي�صب في �صالح م�شروع االرتقاء الذاتي‬ ‫المرتجى‪ ،‬على �أن يعا�ضده وعي وحركة نقديه‬ ‫تبين نقاط الهزال وت�ستطلع مفا�صل القوة من‬ ‫�أجل �إن�ضاج التجربة الذاتية دون تكرار �أخطاء‬ ‫الآخرين‪ ،‬والأهم اقتبا�س �أح�سنها وموائمتها‬ ‫مع ذاتيتنا الثقافية‪ ،‬وهذه النقلة المرهفة التي‬ ‫تحتاج الى وعي و�إطالع مقارن وح�س عال وحمية‬ ‫وثقة بالنف�س‪ ،‬هي �صلب ما نتمناه‪ ،‬فبئ�س درا�ستنا‬ ‫لتجارب الآخرين �إذا كنا مقلدين لها وناقلين‬ ‫لحذافيرها‪ ،‬فعمق اطالعنا ووعينا ي�ستدل عليه‬ ‫من خالل نجاح عملية الموائمة‪.‬‬ ‫‪SRC Oman‬‬ ‫‪@SRCOman‬‬

‫‪7‬‬


‫موهبة‬

‫سلطان الصبحي‬

‫بهمة المبتكرين ‪...‬‬ ‫سلطان الصبحي‬ ‫ّ‬

‫حاورته‪ :‬زبيدة علي البلوشي‬

‫المبتكر سلطان الصبحي‪ ،‬من الشباب العماني‬

‫عمل سطرها بالتفاؤل‪ ،‬والهمة‪ ،‬والنشاط‪ ،‬وبالطريقة‬

‫فاستغل تلك الموهبة بالطريقة الصحيحة‪ ،‬وشق‬

‫الشباب العماني المثقف‪ ،‬والواعي النشيط الذي‬

‫الطموح الواعد‪ ،‬الذي منحهم الله الموهبة والذكاء‪،‬‬

‫‪8‬‬

‫طريق النجاح محددا أهدافه‪ ،‬ورؤيته‪ ،‬في ابراز صورة‬

‫ومشرفه تعكس اسم وطنه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مشرقة‪،‬‬

‫التي تسهم في بناء صورة فذة له‪ ،‬تعكس روح‬

‫اثبت كفاءته‪ ،‬وجدارته في شتى المجاالت‪.‬‬

‫مثّ ل سلطان الصبحي في مسابقة مبتكر العلوم‪،‬‬

‫استطاع سلطان من خالل شغفة باالبتكار والتمييز‪ ،‬ان‬

‫الشباب العماني الريادي المفكر‪ ،‬لكونه المبتكر‬

‫مسار مستقبله‪ ،‬فاستغل‬

‫همة عالية‪ ،‬لذا يجب ان ال يقف الطموح عند حصول‬

‫يرسم خارطة لنفسه‪ ،‬وان يحدد‬ ‫الموهبة‪ ،‬والذكاء اللذين‬ ‫منحهما الله له‪ ،‬وبدأت‬

‫معالم فكرة إبتكار (روبوت‬ ‫لتنظيف المساجد)‪ ،‬تتبلور‬ ‫بين ثنايا جدران أحالم‬ ‫سلطان‪ ،‬وبدأ رسم خارطة‬

‫العماني الوحيد في المسابقة‪ ،‬وأثبت ان المبتكر يحمل‬ ‫الشخص على شهادة تقدير أو جائزة‪ ،‬وإنما يتجاوز ذلك‬ ‫إلى االستمرار في العطاء المتميز‪ ،‬واإلبداع بتسجيل‬

‫براءات االختراع‪ ،‬وتحقيق االكتشافات العلمية‪ ،‬وإحراز‬ ‫سعي حثيثٍ نحو بناء‬ ‫أرفع مراتب التفوق العلمي في‬ ‫ٍ‬ ‫مستقبل باهر للوطن‪ ،‬ولإلنسانية جمعاء‪.‬‬

‫يمكنكم متابعة تفا�صيل اللقاء الذي دار مع المبتكر �سلطان ال�صبحي برواق الفكر‪ ،‬من‬ ‫خالل م�سح الباركود �أعاله‪.‬‬

‫‪64%‬‬

‫مؤشر‬ ‫طلبات تعود ملكيتها ألفراد وشركات من دول مجلس التعاون‬

‫من حملة "مخترعو الخليج ‪2012‬‬ ‫" فتيات‬

‫فبراير‪2015/‬‬

‫‪% 50‬‬

‫من براءات االختراع مسجلة‬

‫براءات تعود ملكيتها ألفراد وشركات من دول مجلس التعاون‪.‬‬

‫باسم الواليات المتحدة واليابان‬

‫‪250‬‬ ‫مليار دوالر‬

‫قيمة ما تصرفه أمريكا واروبا‬ ‫فبراير‪2015/‬‬

‫الم�صدر ‪ :‬مكتب براءات الإختراع لمج�س التعاون لدول الخليج العربي‬

‫على األبحاث والتطوير‪.‬‬


‫مقال‬

‫عماد بن حسين باقر‬

‫‪imadhussain09@hotmail.com‬‬

‫االستثمار في المورد البشري حاجة ملِّ حة‬ ‫يعتبر المورد الب�شري من �أهم الثروات التي تعول عليها‬ ‫الأمم وال�شعوب لما له من �أثر وا�ضح في تطوير‪ ،‬وتنمية‬ ‫الجوانب االقت�صادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬وغيرها للدول‪ ،‬فكفاءة‬ ‫المورد الب�شري هي الفي�صل في تقدم الأمم‪ ،‬ولذلك ف�إن‬ ‫اال�ستثمار في بنائه وتنميته هو الأكثر قيمة‪ ،‬ومردودا على‬ ‫الدول‪ ،‬والم�ؤ�س�سات‪ ،‬وكذلك الوالدين‪ ،‬فتقدم الأمم مرهون‬ ‫بقدرتها على بناء االن�سان علميا‪ ،‬وقيميا‪ ،‬فهو من يقوم‬ ‫با�ستغالل وا�ستثمار الموارد‪ ،‬والثروات‪ ،‬ويحقق طموحاتها‪.‬‬ ‫�إن نتائج اال�ستثمار في المورد الب�شري وا�ضحة‪ ،‬وجلية عند‬ ‫تتبعنا لدول قطعت مراحل في هذا المجال‪ ،‬فعلى �سبيل المثال‬ ‫نجد �أن دولة مثل اليابان حجزت مكانة مرموقة بين الدول‬ ‫المتقدمة اقت�صاديا‪ ،‬وعلميا بالرغم من محدودية مواردها‪،‬‬ ‫ويعود هذا التقدم �إلى اعتمادها على مواردها الب�شرية التي‬ ‫حر�صت على ت�أ�سي�سها‪ ،‬وت�أهيلها وتنميتها‪ ،‬وقد ابدع المورد‬ ‫الب�شري الياباني في تقديم طرق جديدة لإنجاز الأعمال‬ ‫لتتوافق مع محدودية الموارد باليابان‪ ،‬فعلى �سبيل المثال‪،‬‬ ‫ولي�س الح�صر ابتكرت �شركة تويوتا الغنية عن التعريف نظام‬ ‫االنتاج بح�سب الوقت المحدد (‪ )Just In Time‬الذي �ساهم‬ ‫في تفوقها ونجاحها‪ ،‬فهذا النظام ي�ساهم في خف�ض تكاليف‬ ‫االنتاج بمراحله المختلفة دون االخالل بالجودة‪ ،‬من خالل‬ ‫التحديد الم�سبق لنوع المنتج والوقت الالزم لإنجاز العمل‪،‬‬ ‫والكمية المطلوب انتاجها‪ ،‬وكل ذلك بح�سب طلب الزبائن‪.‬‬ ‫�أما مفهوم الكايزن (‪ )Kaizen‬والذي يعني بالعربية‬ ‫"التح�سين الم�ستمر" ‪ ،‬فيعود الف�ضل في انت�شاره في ثمانينات‬ ‫القرن الما�ضي �إلى الياباني "ما�ساكي �إماي"وتكمن �أهمية‬ ‫تطبيق هذا المفهوم في الم�ساهمة بالح�صول على �أفكار‬ ‫جديدة‪ ،‬ومبتكرة لتح�سين طرق‪ ،‬و�آليات العمل‪ ،‬والحفاظ على‬ ‫قدرة ال�شركة �أو الم�ؤ�س�سة على المناف�سة‪ ،‬من خالل التح�سين‬ ‫الم�ستمر الذي يتم تدريجيا في موقع العمل‪ ،‬كما انه يح�سب‬ ‫للهند قدرتها على ت�أهيل موارد ب�شرية متميزة بمختلف‬ ‫المجاالت‪ ،‬ونذكر ا�سهامها الوا�ضح في التطور المتحقق‬ ‫على الم�ستوى العالمي في قطاع تقنية المعلومات والتجارة‬ ‫االلكترونية‪ ،‬ووجود �أكاديميين يعملون بمختلف الجامعات‬ ‫العالمية و�صلوا الى �أعلى المراتب واثراء المكتبات بكتب قيمة‬ ‫بهذا المجال‪ ،‬كما تولى المورد الب�شري الهندي ادارة كبرى‬ ‫ال�شركات العالمية في مختلف القطاعات‪ ،‬وفي مجال تقنية‬ ‫المعلومات نذكر "�ساتيا ناداال" الرئي�س التنفيذي ل�شركة‬ ‫مايكرو�سوف‪ .‬وعلى الم�ستوى الم�ؤ�س�سي‪ ،‬ف�إن جميع العاملين‬ ‫بالم�ؤ�س�سة �أو ال�شركة وبمختلف االخت�صا�صات‪ ،‬والم�سميات‬ ‫الوظيفية‪ ،‬هم عماد هذه الم�ؤ�س�سة التي تعتمد عليه في تحقيق‬

‫الأهداف‪ ،‬والطموحات‪ ،‬فهم المخططون وتقع على عاتقهم‬ ‫م�س�ؤولية التطوير وكذلك توظيف‪ ،‬وا�ستغالل مختلف موارد‬ ‫الم�ؤ�س�سة �أو ال�شركة لتحقيق الأهداف والغايات ومواجهة‬ ‫التحديات‪.‬‬ ‫ولإدارة الموارد الب�شرية �أهمية بالغة تتمثل في رفع كفاءة‬ ‫الموظفين والعاملين �إلى �أعلى م�ستوياتها‪ ،‬وال�سعي لتحقيق‬ ‫الأهداف المرجوة‪ ،‬وب�أقل التكاليف‪ ،‬وب�أق�صى �سرعة ممكنة‪،‬‬ ‫وتوظيف جميع امكانيات الم�ؤ�س�سة �أو ال�شركة ب�أف�ضل‬ ‫الطرق‪ ،‬والقدرة على التعامل مع العوامل الم�ؤثرة على‬ ‫بيئة العمل‪ ،‬وتنق�سم العوامل الم�ؤثرة �إلى داخلية كتوفر‬ ‫الكوادر المدربة والم�ؤهلة بها وموقعها الجغرافي‪ ،‬ويتم‬ ‫ت�صنيف هذه العوامل �إلى عنا�صر قوة (‪� )Strengths‬أو‬ ‫�ضعف (‪� ،)Weaknesses‬أما بالن�سبة للعوامل الم�ؤثرة‬ ‫الخارجية‪ ،‬ف�إن الم�ؤ�س�سة �أو ال�شركة ال تملك �أي ت�أثير عليها‪،‬‬ ‫ولكنها ت�ستطيع توظيفها ل�صالحها وتحويلها �إلى فر�ص‬ ‫(‪ )Opportunities‬وفي حالة �إهمالها فمن الممكن �أن تمثل‬ ‫تهديدا (‪ )Threats‬عليها و�أبرز العوامل الخارجية مرتبطة‬ ‫بالموردين‪ ،‬والمناف�سين‪ ،‬والأ�سعار‪ ،‬والقوانين والت�شريعات‪.‬‬ ‫وت�شمل ا�ستراتيجيات �إدارة الموارد الب�شرية عدة جوانب منها‬ ‫ا�ستقطاب‪ ،‬وت�أ�سي�س الموارد الب�شرية بالم�ؤ�س�سة �أو ال�شركة‬ ‫من خالل جذب عنا�صر تتمتع بالكفاءة والخبرة المتوافقة‬ ‫مع االحتياجات‪ ،‬و�إدارة �أداء الموارد الب�شرية الذي ي�شمل‬ ‫قيا�س وتقييم الأداء‪ ،‬و�ضبط توافق الأداء الفعلي مع الأداء‬ ‫المطلوب‪ ،‬وتدريب وت�أهيل الموارد الب�شرية لرفع كفاءتها‬ ‫و�صقل مهاراتها‪ ،‬والتقدير المادي للموظف من خالل نظام‬ ‫رواتب وحوافز منا�سب‪.‬‬ ‫وختاما ف�إن �أهم مرحلة من مراحل بناء المورد الب�شري‬ ‫تتحقق في مراحل مبكرة من عمر الإن�سان‪ .‬ففي مرحلة‬ ‫الطفولة تتحدد معالم �شخ�صية االن�سان‪ ،‬ولذلك تقع على‬ ‫الأ�سرة والمدر�سة م�س�ؤولية هامة في �إعداد الأبناء‪ ،‬وبناء‬ ‫�شخ�صية يُعتمد عليها من خالل غر�س القيم التي من �ش�أنها‬ ‫تهيئتهم للنجاح في الحياة‪ ،‬فالإخال�ص في العمل‪ ،‬وحب‬ ‫الأوطان‪ ،‬وال�صدق‪ ،‬واالن�ضباط‪ ،‬وتنظيم الوقت‪ ،‬والثقة‬ ‫بالنف�س‪ ،‬والقدرة على التعبير من خالل اتاحة الفر�صة لهم‪،‬‬ ‫وتدريبهم منذ ال�صغر على التعبير عن �آرائهم‪ ،‬والتركيز على‬ ‫تنمية مهارات التعلم‪ ،‬والتعامل مع �أدواته التي �أ�صبحت متاحة‬ ‫ب�شكل �أكبر بف�ضل التقدم التقني‪ ،‬واالبتعاد عن �أ�سلوب التلقين‪،‬‬ ‫واالكت�شاف المبكر لمواهب الطفل وتبنيها ‪ ،‬كلها عوامل‬ ‫م�ساهمة في بناء �شخ�صية قوية‪ ،‬و�سوية تبني‪ ،‬وتعمر الأوطان‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫تاريــخ‬

‫دراسة تاريخية‬

‫منظومة النصف اآلخر من المجتمع العماني‬

‫قراءة‪ :‬فاطمة بنت سالم البلوشية‬ ‫‪fatmaabelushi64@gmail.com‬‬

‫‪10‬‬

‫يسطر التاريخ العماني قيادات نسائية عمانية عدة‪ ،‬كان‬ ‫ُّ‬ ‫لها دور في الحياة السياسية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‬ ‫لعمان عبر األزمنة والعصور‪ ،‬وأثبتت هذه القيادات‬ ‫قدراتها ووجودها وتميزها في المجتمع‪ ،‬فبرزت منهن‬ ‫المرأة العالمة والفقيهة‪ ،‬والمرأة المفكرة والذكية‪،‬‬ ‫والمربية‪ ،‬وكلّ هن يجتمعن في إطار‬ ‫والمرأة الزوجة‬ ‫ِّ‬ ‫منظومة النصف اآلخر من المجتمع التي ال غنى له‬ ‫عنها‪ ،‬هذا النصف اآلخر الذي له مساهمته في جميع‬ ‫فسجلن بذلك أروع ضروب‬ ‫المجاالت أسوة بالرجل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المثل في القيم‪ ،‬واألخالق‪ ،‬ورجاحة العقل‪ ،‬والذكاء‪،‬‬ ‫وفي مجاالت علوم الهندسة‪ ،‬والسياسة‪ ،‬والرأي‪،‬‬ ‫والفقه والعلوم الدينية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫تصوير ‪ :‬شمسة الحارثية‬

‫ورغم الإ�شارات الب�سيطة فيما تذكره الم�صادر‬ ‫التاريخية حول دور الن�ساء العمانيات‪ ،‬ف�إنها ت�ؤكد على‬ ‫حجم �إ�سهامهن في مختلف جوانب الحياة‪� ،‬إذ لم تكن‬ ‫تلك الم�ساهمات كلها مح�صورة بيد الرجل‪ ،‬و�سن�شير‬ ‫�إلى بع�ض النماذج التي تثبت ما �أ�شرنا �إليه �آنفا‪.‬‬ ‫ففي نموذج المر�أة ال�شجاعة ذات العقل الراجح‪،‬‬ ‫يذكر الم�ؤرخ العوتبي في كتاب الأن�ساب‪� :‬إن هند‬ ‫بنت المهلب بن �أبي �صفرة العتكية الأزدية كانت من‬ ‫الن�ساء العمانيات في القرن الأول والثاني الهجريين‪،‬‬ ‫وتزوجها والي العراق الحجاج بن يو�سف الثقفي‬ ‫(ت‪95‬هـ) عندما كان على �صلة وثيقة بالمهالبة‪ ،‬ولما‬ ‫�ساءت العالقة مع المهالبة انف�صل عنها الحجاج‪،‬‬ ‫وفي عهد الخليفة يزيد بن عبدالملك (‪105-101‬هـ)‬ ‫قام يزيد بقتل الكثيرين من �أهلها المهالبة‪ ،‬ف�أر�سلت‬ ‫�إليه هند تطلب منه الأمان لنفر قليل منهم‪ ،‬و�أثناء‬ ‫ذلك خطبها م�سلمة بن عبدالملك فرف�ضت‪ ،‬وقالت‬ ‫مقولتها‪�" :‬أي�أمنني م�سلمة على نف�سه وقد قتل‬ ‫�إخوتي؟ واهلل لو �أن م�سلمة �أعاد فيهم الروح ما طابت‬ ‫نف�سي بتزوجه‪ ،‬وقد كنت �أح�سب لم�سلمة عق ًال" ولما‬ ‫بلغ م�سلمة ذلك قال‪" :‬كنت �أح�سب �أن ال�شجاعة في‬ ‫رجالهم‪ ،‬ف�إذا هي في رجالهم ون�سائهم جميعاً" وبعد‬ ‫نكبة المهالبة عاد بقيتهم �إلى عمان‪ ،‬من بينهم هند‬ ‫و�أخواتها‪ ،‬حتى جاءهم �أمان من م�سلمة بن عبدالملك‪،‬‬ ‫فعادوا �إلى العراق‪ ،‬وكانت لهند بنت المهلب عالقة‬ ‫طيبة مع الإمام جابر بن زيد م�ؤ�س�س المذهب‬ ‫الإبا�ضي‪ ،‬ولها ن�صيب وافر من العلم والفقه‪ ،‬والرواية‬ ‫عن �أكابر التابعين‪.‬‬ ‫وفي نموذج المر�أة القائدة ال�شاعرة‪ ،‬التي ا�ستغلت‬ ‫موهبتها لتخلي�ص جزيرة كاملة من غزو الأعداء‪،‬‬

‫فارتبط ذكرها في التاريخ ال�سيا�سي العماني‪ ،‬ففي‬ ‫زمن الإمام ال�صلت بن مالك الخرو�صي (‪272-237‬هـ)‪،‬‬ ‫هجم ن�صارى الحب�شة (�إرتيريا) على جزيرة �سوقطرى‬ ‫التي كانت تابعة لعمان‪ ،‬وقتلوا القائد العماني‪،‬‬ ‫و�أحرقوا المنازل‪ ،‬وا�ستباحوا الأموال والحرمات‪،‬‬ ‫وكانت تلك المر�أة المتميزة من �أهالي �سمد ال�ش�أن‬ ‫�شهدت الموقف المريع‪ ،‬ا�سمها فاطمة بنت حمد بن‬ ‫خلفان الجه�ضمية‪ ،‬الملقبة بالزهراء‪ ،‬وكانت في زيارة‬ ‫مع �أهلها لن�سيبهم القا�سم بن محمد الجه�ضمي والي‬ ‫الجزيرة للإمام ال�صلت بن مالك الخرو�صي‪ .‬وتروي‬ ‫الأحداث التاريخية فظاعة الأعمال الوح�شية التي‬ ‫ات�صف بها ن�صارى الحب�شة‪ ،‬من تقتيل وا�ستباحة دماء‪،‬‬ ‫و�أ�سر للرجال والن�ساء‪ ،‬فكتبت الزهراء تلك الق�صيدة‬ ‫الم�شهورة‪ ،‬م�ستلهمة فيها م�شاعرها وم�ستلهبة فيها‬ ‫حما�س الإمام العماني‪ ،‬وكان مطلعها‪:‬‬ ‫قــل للإمـام الذي ترجى ف�ضائله‬ ‫ابن الكــرام وابن ال�سـادة النجب‬ ‫وابن الجحاجحة ال�شـ ــم الذين هم‬ ‫كانوا �سناها وكانـوا �ســادة العرب‬ ‫�أم�ست �سقط ــرى مـ ــن الإ�سالم م ــقفرة‬ ‫بعـ ــد ال�شرائـ ــع والفرق ـ ــان والكـتب‬ ‫�إن الذي دفعها كان حميتها وغيرتها‪ ،‬ورغبتها في‬ ‫تخلي�ص البالد من غزو الأعداء من الن�صارى‪،‬‬ ‫فا�ستثارت القائدة العمانية بهذه الق�صيدة عزيمة �إمام‬ ‫عمان‪ ،‬وكانت النتيجة تجهيز الإمام جيو�شه‪ ،‬وتحرير‬ ‫م�سلمي �سقطرى مما �أ�صابهم‪ ،‬و�إعادة جزيرة �سقطرى‬ ‫عربية �إ�سالمية عمانية‪.‬‬ ‫وفي نموذج المر�أة القيادية التي دخلت العمل‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬وارتبطت بالحاكم العماني‪ ،‬ال�سيدة عائ�شة‬

‫بنت را�شد الريامية البهلوية‪ ،‬التي ات�صفت بالزهد‬ ‫والورع والتقوى‪ ،‬وعا�صرت ثالثة من �أئمة عمان‬ ‫في عهد اليعاربة‪ ،‬وهم الإمام بلعرب بن �سلطان‪،‬‬ ‫والإمام �سيف بن �سلطان‪ ،‬والإمام �سلطان بن �سيف‬ ‫الثاني اليعربي‪ ،‬وهي عالمة مجتهدة‪ ،‬لها ات�صاالت‬ ‫و�أجوبة عدة مع علماء ع�صرها‪ ،‬وكانت حياتها في‬ ‫الفترة (‪1100‬هـ‪1149-‬هـ‪1736-1688/‬م)‪� .‬سعت هذه‬ ‫المر�أة المتميزة �إلى توجيه عر�ش الحكم في الوجهة‬ ‫ال�صحيحة‪ ،‬فعندما خرج �سيف بن �سلطان الأول‬ ‫المعروف بقيد الأر�ض على �أخيه بلعرب بن �سلطان‬ ‫الذي كان �إماماً على عمان كان لها موقفاً م�شهوداً‪،‬‬ ‫ولما توفي الإمام بلعرب بن �سلطان تمكن �سيف بن‬ ‫�سلطان من اال�ستيالء على الحكم‪� ،‬إال �أن هذه المر�أة‬ ‫العالمة الفقيهة رف�ضت مبايعته‪ ،‬و�أجبرته على لزوم‬ ‫داره حتى يقرر �أولي الأمر ب�ش�أنه‪.‬‬ ‫لقد �أ�ص ّرت ال�سيدة عائ�شة الريامية على ر�أيها‪ ،‬حتى‬ ‫اجتمعت مع �أولي الأمر ب�سيف بن �سلطان‪ ،‬وتمت‬ ‫مناق�شته حول �سبب خروجه على �أخيه الإمام بلعرب‬ ‫بن �سلطان‪ ،‬وعندما اقتنعوا بالحجة و�أن خروج �سيف‬ ‫بن �سلطان على �أخيه كان رغبة منه في تو�سيع النفوذ‬ ‫العماني الخارجي ومطاردة البرتغاليين‪ ،‬في حين‬ ‫كان الإمام بلعرب �أكثر اهتماماته في الإ�صالحات‬ ‫الداخلية‪ ،‬تمت مبايعته �إماماً على عمان‪ ،‬وكانت بيعته‬ ‫على �أ�سا�س الجهاد‪ ،‬والعمل على الإ�صالح في البالد‪.‬‬ ‫ويثبت تاريخ البو�سعيديين وجود عنا�صر ن�سائية‬ ‫متميزة‪ ،‬وكما �أ�سلفنا ارتبطن بالحاكم‪ ،‬ولم ينزوين‬ ‫ب�أنف�سهن خارج المنظومة‪ ،‬فهن الن�صف الآخر الفعّال‪،‬‬ ‫وبهن تكتمل �أعمدة البناء‪ ،‬ف�إحداهن تقف في وجه‬ ‫�إمام عمان �أحمد بن �سعيد قبيل توليه الإمامة‪ ،‬وتمنعه‬


‫تاريــخ‬

‫من م�شاركة الرعية الت�سابق مع الم�شاركين الآخرين‪،‬‬ ‫وهي ِّ‬ ‫مب�شرة الزفيتية (ت قبل ‪1162‬هـ‪1748/‬م)‪ ،‬امر�أة‬ ‫من �أهالي تنعُم من بلدان الظاهرة‪ ،‬ذكرها الم�ؤرخ ابن‬ ‫رزيق (ت‪1291‬هـ‪1874/‬م) ب�أنها ّب�شرت الإمام �أحمد بن‬ ‫�سعيد ب�إمامة عمان قبل توليه الإمامة‪� ،‬إذ يروي ابن‬ ‫رزيق �أن الإمام خرج من عبري �إلى بلدة الغبِّي في �أر�ض‬ ‫ال�سر (الظاهرة حالياً)‪ ،‬فبلغها يوم العيد‪ ،‬و�أراد القوم‬ ‫الت�سابق‪ ،‬والإمام في جملة المت�سابقين‪ ،‬فاقتربت منه‬ ‫ِّ‬ ‫مب�شرة و�أخبرته ب�أنه �سيتولى �أمر عمان قاطبة‪ ،‬فال‬ ‫ينبغي له الت�سابق مع رعيته‪ ،‬ف�أم�سك الإمام عندها عن‬ ‫الت�سابق‪ ،‬وكتم الأمر عن النا�س‪ ،‬ولما تولى الإمامة‪،‬‬ ‫�أر�سل يطلبها‪ ،‬فبلغه موتها‪ ،‬ف�أجزل الإمام العطايا‬ ‫لأهلها‪ ،‬وجعل لهم جراية تكفيهم �إلى �أن مات رحمه‬ ‫اهلل‪.‬‬ ‫عامريَّة العبيدانية‪ ،‬امر�أة من �أهالي‬ ‫كما يرد ذكر ِ‬ ‫نزوى‪ ،‬التي عا�صرت الدولة البو�سعيدية في عهد‬ ‫الإمام �سعيد بن �أحمد‪ ،‬ودخلت بين �صفوف المتنازعين‬ ‫من �أهل نزوى الذين اجتمعوا لتغيير الإمام العماني‪،‬‬ ‫وتعيين �أحد �شيوخ الإمام بد ًال منه‪ ،‬ويدعى ال�شيخ‬ ‫الرئي�س جاعد بن خمي�س الخرو�صي(ت ‪1237‬هـ)‪ ،‬ثم‬ ‫اختالفهم في الأمر‪ ،‬وبلوغ المو�ضوع برمته للإمام‬ ‫العماني‪ ،‬فتدخلت هذه المر�أة المتميزة الحكيمة‪،‬‬ ‫و�أقنعت ال�شيخ جاعد الخرو�صي بالخروج الختالف‬ ‫كلمة �أهل نزوى‪ ،‬وقدوم الإمام �سعيد للتخل�ص منه‪،‬‬ ‫ف�ساعدته بعد خذالن �أهل نزوى‪ ،‬وعاد ال�شيخ �إلى داره‬ ‫ببلدة العَليا من نزوى‪ ،‬وبالتالي كانت �سبباً في نجاته‪،‬‬ ‫ورجوع �أهل نزوى بالطاعة للإمام �سعيد بن �أحمد‪.‬‬ ‫ومن النماذج القيادية المح ّنكة من الن�ساء العمانيات‬ ‫ما تذكره م�صادر التاريخ العماني‪ ،‬ال�سيدة موزة بن‬ ‫�أحمد بن �سعيد البو�سعيدية التي ا�شتهرت برجاحة‬ ‫العقل والذكاء‪ ،‬هذه ال�سيدة التي حفظت عر�ش الحكم‬ ‫لل�سيد �سعيد بن �سلطان‪ ،‬وكان عمره �إذ ذاك �أربع ع�شرة‬ ‫�سنة‪ ،‬فعاي�شت �أحداث الفترة بين ‪1832- 1783‬م‪ ،‬وهي‬ ‫امر�أة ذات �شخ�صية قوية‪ ،‬ذكرت بعدة �أ�سماء منها‬ ‫ال�سيدة فاخرة‪ ،‬وال�سيدة معاذة‪ ،‬وكانت �سيدة �سيا�سية‬ ‫وع�سكرية من الدرجة الأولى‪ ،‬فعهد ال�سيد �سعيد من‬ ‫�أزهى عهود عمان‪ ،‬وقد اختير للحكم منذ البداية‬ ‫لخالفة �أبيه ال�سيد �سلطان بن �أحمد‪� ،‬إذ تميز بالن�شاط‬ ‫والقوة �أكثر من �أخيه ال�سيد �سالم الذي لم يعار�ض هذا‬ ‫الأمر‪ ،‬وظل ي�شاركه �أعباء الحكم حتى مات بداء الفالج‬ ‫عام ‪1821‬م‪.‬‬ ‫وكان لل�سيدة موزة دور في �إعداد وتربية ال�سيد �سعيد‪،‬‬ ‫و�أثرت عليه بقوة �شخ�صيتها‪ ،‬وحنكتها ودهائها‪ ،‬ولم‬ ‫تبخل عليه بالم�شورة‪ ،‬و�أم�سكت بزمام العر�ش لمدة‬ ‫�أربع �سنوات وال�سيد �سعيد كان �صغيراً‪ ،‬وحفظته له‪،‬‬ ‫بم�ساعدة خاله جبر بن محمد الجبري‪ ،‬وقد ا�شتهر‬ ‫عهد ال�سيد �سعيد بن �سلطان بكثرة الفتن‪ ،‬فبعد وفاة‬ ‫ال�سيد �سلطان بن �أحمد‪ ،‬كان في مواجهة ال�سيد �سعيد‬ ‫ثورة في �صحار بقيادة قي�س بن �أحمد (عم ال�صبيين)‪،‬‬

‫وزحف بجي�شه ال�ستالب الحكم من م�سقط‪ ،‬فا�ستدعت‬ ‫ال�سيدة موزة بنت �أحمد لل�سيد بدر بن �سيف بن الإمام‬ ‫�أحمد بن �سعيد‪ ،‬وكان في الزبارة في قطر؛ للوقوف‬ ‫�إلى جانب �أبناء عمه‪ ،‬فهو القادر على مواجهة عمومه‪،‬‬ ‫وبو�صول ال�سيد بدر �إلى م�سقط‪ ،‬نجحت ال�سيدة موزة‬ ‫في عمل مفاو�ضات �سلمية‪ ،‬وانتهت بال�سماح باحتفاظ‬ ‫�أبناء �أخيها ال�سيد �سلطان بالحكم‪ ،‬ثم بقي خطر ال�سيد‬ ‫بدر‪� ،‬إذ بدى لل�سيدة موزة طمع ال�سيد بدر في العر�ش‪،‬‬ ‫و�إبعاد ال�سيدين �سعيد و�سالم عن الحكم‪ ،‬فتمكنت‬ ‫من �إبعاده عن �أمور الحكم‪ ،‬وا�ستطاع ال�سيد �سعيد‬ ‫التخل�ص من بدر �أخيراً‪ .‬وتك�شف لنا ال�سيدة موزة عن‬ ‫معدن المر�أة القيادية العمانية‪ ،‬حكيمة الر�أي‪ ،‬و�صلبة‬ ‫تكتف بتدبير الأمور‬ ‫الت�صميم‪ ،‬ون�شيطة العمل‪� ،‬إذ لم ِ‬ ‫من بعيد‪ ،‬حتى �أنها كانت تتفقد الأحوال في بع�ض‬ ‫الأحيان بنف�سها متنكرة‪ ،‬لتعاين الوالء والطاعة‪،‬‬ ‫وا�ستمرت في تنظيم البالد و�إدارتها بم�ساعدة ال�شيخ‬ ‫محمد بن نا�صر الجبري خال ال�سيد �سعيد بن �سلطان‪،‬‬ ‫حتى بلغ �سن ال�سيد �سعيد ال�سابعة ع�شرة من العمر‪.‬‬ ‫كذلك تروي الأحداث التاريخية موقفاً �آخيراً لها‪،‬‬ ‫ذلك �أنه عندما احتجز والي بركا ال�سيدين هالل بن‬ ‫ال�سيد �سعيد‪ ،‬وال�سيد محمد بن �سالم‪ ،‬و�أبى ت�سليمهم‬ ‫�إال بمبلغ من المال‪ ،‬تدخلت ال�سيدة موزة‪ ،‬و�أر�سلت‬ ‫الدراهم‪ ،‬وا�ستطاعت بقوة الجي�ش �أن ت�صد الهجمات‬ ‫عن م�سقط‪ ،‬وت�ستر�ضي القبائل‪ ،‬ولما و�صل ال�سيد‬ ‫�سعيد بن �سلطان �إلى عمان عام ‪1832‬م‪ ،‬تعجب غاية‬ ‫العجب من �صنيع الوالي‪ ،‬وقد وجد �أن عمته قد حلت‬ ‫الأمور في البالد‪.‬‬ ‫وفي نموذج �آخر‪ ،‬تبرز �سيدة عمانية في �سماتها‬ ‫ال�شخ�صية القيادية وح�سن تدبيرها للأمور‪ ،‬وهي‬ ‫عدد النساء العالمات‬ ‫والفقيهات المدفونات في‬ ‫مقبرة األئمة بنزوى ثالث‬ ‫وثالثون عالمة وفقيهة‪،‬‬

‫ال�سيدة خولة بنت ال�سيد �سعيد بن �سلطان‪ ،‬وقد ترك‬ ‫لها �أبوها تنظيم ق�صر بيت ال�ساحل‪ ،‬ورف�ضت الزواج‬ ‫رغم كثرة الخاطبين‪ ،‬وبرزت ال�سيدة خولة في الفترة‬ ‫بين ‪1870-1856‬م‪ ،‬في الوقت الذي تنازع على ال�سلطة‬ ‫�أخوها ال�سيد ماجد حاكم زنجبار‪ ،‬و�أخيها الأ�صغر‬ ‫برغ�ش بعد وفاة والدها ال�سيد �سعيد بن �سلطان‪،‬‬ ‫فان�ضمت �إلى �أخيها ال�سيد برغ�ش بن �سعيد بن‬ ‫�سلطان �ضد ال�سيد ماجد‪ ،‬وفعلت كل ما ت�ستطيع فعله‬ ‫للإطاحة بال�سيد ماجد‪ ،‬وكانت وفاتها في عهد ال�سيد‬ ‫برغ�ش عام ‪1292‬هـ‪1875/‬م‪ ،‬وكان ال�سيد برغ�ش يقدرها‬ ‫كثيراً‪ .‬وا�شترت مزرعة والدها الثمينة التي كان‬

‫يف�ضلها �أيام حياته‪ ،‬وتوفيت رحمها اهلل عام ‪1875‬م‪.‬‬ ‫�إن المر�أة العمانية بهذه العقلية الذكية‪ ،‬تجد ب�صماتها‬ ‫في كل ركن من �أركان المجتمع العماني‪� ،‬إذ يذكر‬ ‫التاريخ امر�أة عمانية من والية بهالء‪ ،‬عمدت �إلى‬ ‫تنظيم مجرى فلج‪ ،‬فطرحت فكرة هند�سية لبنائه‪ ،‬في‬ ‫الوقت الذي كان فيه النا�س تعتمد اعتماداً كبيراً على‬ ‫نظام الأفالج في ري المزروعات‪ ،‬وال يزال يعرف هذا‬ ‫الفلج ببهال ب�إ�سم (فلج ميثاء)‪.‬‬ ‫وال تقل هذه النماذج ذكراً في العلوم الفقهية والدينية‪،‬‬ ‫�إذ برزت في مجاالت الفتوى والفقه‪ ،‬وتتلمذت على يد‬ ‫كبار الم�شايخ والعلماء‪ ،‬ومنهن ال�شعثاء بنت الإمام‬ ‫جابر بن زيد التي تتلمذت على يد والدها‪ ،‬وتعتبر‬ ‫م�صدراً للأمور الدينية والفقهية‪ ،‬كما ا�شتهرت‬ ‫ال�شيخة عائ�شة الريامية ب�أجوبتها‪ ،‬وقد جمعت فتواها‬ ‫في مجلدين تحت ا�سم (جوابات ال�شيخة عائ�شة)‪ ،‬وفي‬ ‫مخطوطة (بيان ال�شرع) الجزء الرابع ع�شر‪ ،‬يذكر‬ ‫النا�سخ ب�أنها ن�سخة للفقيهة العالمة عائ�شة الريامية‪،‬‬ ‫وتم االنتهاء من ن�سخه في الثامن ع�شر من ربيع‬ ‫الثاني من عام ‪1128‬هـ‪.‬‬ ‫وقد ذكر �سماحة ال�شيخ �أحمد بن حمد الخليلي مفتي‬ ‫عام ال�سلطنة ب�أن عدد الن�ساء العالمات والفقيهات‬ ‫المدفونات في مقبرة الأئمة بنزوى ثالث وثالثون‬ ‫عالمة وفقيهة‪ ،‬خالل ‪� 200‬سنة‪ ،‬وفي فترات متقاربة‪،‬‬ ‫و�إنما يدل ذلك على الم�ستوى العلمي الذي حظيت به‬ ‫المر�أة العمانية على مر الحقب التاريخية‪.‬‬ ‫المراجع‪:‬‬ ‫‪1 .1‬البلو�شي‪ ،‬خليفة بن عثمان‪ .‬عمانيات في التاريخ‪ .‬مكتبة العلوم‪،‬‬ ‫م�سقط‪1996 :‬م‪.‬‬ ‫‪2 .2‬خالد بن �سليمان الخرو�صي‪ .‬مقبرة الأئمة‪ ،‬وزارة التراث‬ ‫والثقافة‪ ،‬م�سقط‪2006 :‬م‪.‬‬ ‫‪3 .3‬الرا�شدي‪� ،‬سليمان بن جابر‪ .‬موزة بنت الإمام �أحمد بن �سعيد‬ ‫البو�سعيدية المر�أة الرائدة في عمان ‪1832-1749‬م‪ .‬مطابع‬ ‫النه�ضة‪ ،‬م�سقط‪2013 :‬م‪.‬‬ ‫‪4 .4‬ابن رزيق‪ ،‬حميد بن محمد‪ .‬ال�صحيفة القحطانية‪ .‬تحقيق‬ ‫محمود ال�سليمي و�آخرون‪ ،‬ج‪ ،5‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬م�سقط‪:‬‬ ‫‪2009‬م‪.‬‬ ‫‪5 .5‬ال�شعاع ال�شائع باللمعان في ذكر �أئمة عمان‪ .‬وزارة التراث القومي‬ ‫والثقافة‪ ،‬م�سقط‪1984 :‬م‪.‬‬ ‫‪6 .6‬ال�شيباني‪� ،‬سلطان بن مبارك‪ .‬معجم الن�ساء العمانيات‪ :‬دليل‬ ‫تاريخي �إلى تراجم �أ�شهر الن�ساء في تاريخ عمان الماجدة‪ .‬ج‪،1‬‬ ‫ط‪ ،1‬مكتبة الجيل الواعد‪ ،‬م�سقط‪2004 :‬م‪.‬‬ ‫‪7 .7‬العوتبي‪� ،‬سلمة بن م�سلم‪ .‬الأن�ساب‪ .‬تحقيق محمد �إح�سان الن�ص‪،‬‬ ‫ج‪ ،2‬ط‪ ،4‬مطبعة الألوان الحديثة‪2006 ،‬م‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪8 .8‬المر�أة العمانية‪ ..‬واقع و�آفاق‪� :‬أربعون عاما من المكت�سبات‪.‬‬ ‫م�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة والن�شر والإعالن‪ ،‬م�سقط‪2011 :‬م‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫تحقيق مصور‬

‫البركة بالشباب‬

‫‪alraisi@outlook.com‬‬

‫تحت سقف رواق الفكر‪ ،‬وشعار البركة بالشباب‪ ،‬نجح نخبة من الشباب‬

‫العماني المؤمن بالعمل‪ ،‬واالبتكار‪ ،‬والعطاء في تقديم تجربته اإلبداعية‬

‫‪12‬‬

‫في ثوب جديد‪ ،‬ورؤية جذابة‪ ،‬أسرت العين وأخذت العقل إلى زوايا‬

‫نواح عديدة‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫فنية وإنسانية‪ ،‬جديرة بالمناقشة والتشجيع‪ ،‬في‬ ‫ٍ‬ ‫الموسيقى‪ ،‬والسينما‪ ،‬واألزياء‪ ،‬واألدب‪ ،‬والتصوير الفوتوغرافي‪،‬‬ ‫والرسم الزيتي‪ ،‬وهنا نترك الصور تتحدث عن هذه االبداعات العمانية‪.‬‬

‫يمكنكم الإطالع على فعاليات �أ�سبوع الرواق من خالل م�سح الباركود �أعاله‬ ‫تصوير ‪ :‬حمد الرئيسي‬


‫تحقيق مصور‬

‫‪13‬‬


‫ملف العدد‬

‫تقرير األمم المتحدة‬

‫رؤية األمم المتحدة لمستقبل التعليم عام ‪2030‬‬

‫إعداد ‪ :‬مريم بنت خلفان المسلمية‬ ‫ترجمة ‪ :‬أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫‪14‬‬

‫التحولية للتعليم‬ ‫القت فكرة اعتماد الرؤية‬ ‫ّ‬ ‫على مدى خمس عشرة سنة المقبلة‬ ‫استحسان دول العالم‪ ،‬ومن المتوقع‬ ‫أن يتم المصادقة على الصيغة النهائية‬ ‫لالتفاق خالل اجتماع األمم المتحدة رفيع‬ ‫المستوى في سبتمبر المقبل ‪ ،‬وذلك‬ ‫لضمان إيجاد جدول تعليمي موحد للفترة‬ ‫‪ .2030 – 2015‬ويناشد هذا االتفاق بـ‬ ‫"توفير التعليم الجيد المنصف‪ ،‬والشامل‪،‬‬ ‫والتعلّ م مدى الحياة للجميع"‪ ،‬ويدعم‬ ‫األهداف التعليمية للتنمية المستدامة‬ ‫التي تأتي ً‬ ‫تبعا لألهداف األلفية اإلنمائية‪،‬‬ ‫وذلك وفق نتائج المنتدى العالمي للتربية‬ ‫الذي استضافته كوريا الجنوبية بانشيون‬ ‫في مايو الماضي ‪ ،‬بالتعاون مع منظمة‬ ‫األمم المتحدة للتربية ‪،‬والعلوم‪ ،‬والثقافة‬ ‫"اليونسكو"‪.‬‬

‫الرغم من �أن ن�صفهم ق�ضوا ما يقارب ‪� 4‬سنوات على‬ ‫الأقل في المدر�سة‪.‬‬ ‫لذلك ف�إن الأهداف الم�ستقبلية للتعليم تتطلب‬ ‫دعما متينا وم�ستمرا من الحكومات‪ ،‬وجميع‬ ‫القطاعات الأخرى المتعلقة بالتربية‪ ،‬والتعليم من‬ ‫�أجل �ضمان �أن تكون الأجندة الم�ستقبلية للتعليم‬ ‫�شاملة‪ ،‬وتحولية و�أن تكون �أهدافها قابلة للتحقيق‬ ‫والقيا�س‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫مليون طفل لم يلتحقوا بالمدارس‪،‬‬ ‫ومعظمهم من الفتيات‬

‫ويعزز هذا االتفاق �سل�سلة حركة التعليم للجميع‬

‫وفي هذا ال�ش�أن‪ ،‬ف�إن اتفاقية ان�شيون تعد خطوة‬ ‫�ضخمة للأمام كونها تعك�س عزم و�إ�صرار الحكومات‬ ‫على �ضمان ح�صول جميع الأطفال وال�شباب على‬ ‫المعرفة‪ ،‬والمهارات التي يحتاجونها للعي�ش بكرامة‪،‬‬ ‫ولتطوير امكانياتهم‪ ،‬والم�ساهمة في مجتمعاتهم‬ ‫باعتبارهم مواطنين عالميين م�س�ؤوليين‪ .‬كما �إن‬ ‫هذه االتفاق يحث الحكومات على توفير فر�ص‬ ‫التعليم من خالل التجربة الحياتية بطريقة تم ّكن‬ ‫النا�س من اال�ستمرار في النمو ‪ ،‬والتقدم‪ ،‬وي�ؤكد‬ ‫االتفاق على �أن التعليم هو المفتاح الرئي�س لل�سالم‬ ‫العالمي والتنمية الم�ستدامة‪.‬‬ ‫وقد ح�ضر اجتماع ان�شيون م�س�ؤولون حكوميون‬ ‫رفيعو الم�ستوى من �أكثر من ‪ 130‬دولة‪ ،‬و�شخ�صيات‬ ‫حازت على جائزة نوبل‪ ،‬ور�ؤ�ساء المنظمات الدولية‪،‬‬ ‫والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬والأكاديميون وممثلو‬ ‫القطاع الخا�ص والباحثون و�أ�صحاب ال�ش�أن‬ ‫الآخرين‪.‬‬

‫تقرير الرصد العالمي لحركة التعليم‬ ‫(‪� )EFA‬ضمن نتائج االجتماع الدولي المنعقد في‬ ‫ووفقاً لبيان اليون�سكو‪ ،‬ف�إن هذا االتفاق �سيتم للجميع كافة ‪2015‬‬

‫م�سقط ‪ ،2014‬والذي �صاغ ر�ؤية �شاملة‪ ،‬وم�شتركة‬ ‫للأهداف الألفية الإنمائية للتعليم لما بعد ‪،2015‬‬ ‫وتحديد �أطر العمل المطروحة في ر�ؤية ان�شيون‬ ‫التحولية الحالية للتعليم ‪ .2030‬وقد بد�أت الحركة‬ ‫(‪ )EFA‬في جومتين وتايلند في عام ‪ ، 1990‬وتم‬ ‫�إعادة ت�أكيدها في داكار وال�سنغال عام ‪.2000‬‬ ‫وعلى الرغم من التقدم الهائل الذي �أحرزه العالم‬ ‫في تحقيق �أهداف حركة التعليم للجميع ‪،‬والأهداف‬ ‫الألفية الإنمائية المتعلقة بالتعليم‪� ،‬إال �أن العديد‬ ‫من �أهداف الحركة ‪،‬بما في ذلك توفير التعليم‬ ‫االبتدائي‪ ،‬ظ ّلت حبراً على ورق‪ ،‬ففي الوقت الحالي‪،‬‬ ‫ال يزال ‪ 58‬مليون طفل لم يلتحقوا بالمدار�س‪،‬‬ ‫ومعظمهم من الفتيات‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ف�إن‬ ‫‪ 250‬مليون طفل لم يتعلموا المهارات الأ�سا�سية على‬

‫تطبيقه من خالل �إطار عمل التعليم ‪ ،2030‬و�سيتم‬ ‫اعتماد خارطة الطريق للحكومات بنهاية هذا‬ ‫العام‪ ،‬لتقدم بذلك الدليل التوجيهي ب�ش�أن الأطر‬ ‫القانونية وال�سيا�سية الفعالة للتعليم اعتماداً على‬ ‫مبد�أ الم�س�ؤولية وال�شفافية والحكم القائم على‬ ‫الم�شاركة‪ .‬ويتطلب التطبيق الفعال تعاونا اقليميا‬ ‫كبيرا ‪،‬ور�صدا دقيقا‪ ،‬وتقييما للبرنامج التعليمي‪،‬‬ ‫كما �إنه تتطلب المزيد من التمويل خا�صة لتلك‬ ‫الدول التي تف�صلها م�سافة كبيرة عن م�ستوى‬ ‫ّ‬ ‫و�سيحث‬ ‫توفير التعليم ال�شامل ذي الجودة العالية‪.‬‬ ‫االتفا ُق‪ ،‬و�إطا ُر العمل الدو َل على و�ضع �أهداف‬ ‫وطنية مالئمة تتعلق بالإنفاق‪ ،‬وزيادة الم�ساعدة‬ ‫الإنمائية الر�سمية للدول ذات الدخل المنخف�ض‪.‬‬

‫وفقاً لنتائج تقرير الر�صد العالمي لحركة التعليم‬ ‫للجميع كافة ‪ :2015 – 2000‬فقد �أظهرت االنجازات‬ ‫والتحديات التي ُن�شرت عقب المنتدى العلمي‬ ‫للتعليم‪� ،‬أنه بعد مرور ‪ 15‬عاماً من تحديد المجتمع‬ ‫الدولي لأهداف التعليم لجميع الدول‪ ،‬ف�إن ن�صفها‬ ‫فقط نجح في �ضمان التحاق الجميع بالتعليم‬ ‫االبتدائي‪ ،‬ويَخ ُل ُ�ص التقري ُر �إلى �أن ثلث البلدان‬ ‫فقط كان قد حقق جميع الأهداف ال�ستة للتعليم‬ ‫للجميع ‪ ،‬وعلى الرغم من الزيادات الكبيرة في‬ ‫الميزانية الوطنية للتعليم �إال �أن التمويل ال يزال‬ ‫هو العقبة الرئي�سة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وفي الوقت نف�سه‪ ،‬ووفقا لمعهد اليون�سكو للإح�صاء‪،‬‬ ‫ف�إن البيانات ت�شير �إلى �أن معدل الأطفال الذين‬


‫المؤشرات التاريخية لمحو األمية لدى‬ ‫البالغين والتوقعات لعام ‪2015‬‬

‫على الرغم من تف�شي الأمية �إال �أن معدالت محو‬ ‫الأمية لدى البالغين ازدادت في جميع المناطق‬ ‫على مدى العقدين الما�ضيين (انظر ال�شكل ‪،)1‬‬ ‫فعلى ال�صعيد العالمي كان معدل محو الأمية لدى‬ ‫البالغين ‪ %76‬في عام ‪ ،1990‬و‪ %82‬في عام ‪،2000‬‬ ‫و‪ %84‬في ‪.2011‬‬ ‫وتو�ضح الم�ؤ�شرات في ثالث مناطق �أبرزها الدول‬ ‫العربية وجنوب وغرب �آ�سيا وجنوب ال�صحراء‬ ‫الكبرى في �أفريقيا �إلى �أن ما يقارب من ن�صف‬ ‫البالغين �أميون وذلك في عام ‪ ،1990‬ومنذ ذلك‬ ‫الحين فقد اختلف التقدم والتطور في هذه‬ ‫المناطق‪ ،‬ففي الدول العربية زاد معدل محو الأمية‬

‫ملف العدد‬

‫خرجوا من المدرا�س انخف�ض بن�سبة ‪ 76‬مليون‬ ‫في الفترة من عام ‪� 2000‬إلى ‪ ،2012‬وخالل الفترة‬ ‫نف�سها ‪ ،‬ف�إن ما يقارب ‪ 67‬مليون طفل �إ�ضافي التحق‬ ‫بالتعليم ما قبل االبتدائي‪ ،‬و‪ 50‬مليون طفل �إ�ضافي‬ ‫التحق بالتعليم االبتدائي‪.‬‬ ‫وبالمثل تركز حقائق معهد اليون�سكو للإح�صاء‬ ‫المتعلقة بمحو الأمية لدى الكبار وال�شباب على‬ ‫الم�ستوى المحلي‪ ،‬والإقليمي‪ ،‬والعالمي من عام‬ ‫‪ 2015 – 1985‬على �أحدث معدالت محو الأمية‬ ‫وتق ِّدر عدد ال�سكان الأميين على الم�ستوى الإقليمي‪،‬‬ ‫والعالمي في ‪ 151‬دولة و�إقليم من ثمان مناطق‬ ‫ت�شمل الدول العربية‪ ،‬و�آ�سيا الو�سطى‪ ،‬و�أوروبا‬ ‫الو�سطى وال�شرقية‪ ،‬و�شرق �آ�سيا‪ ،‬والمحيط الهندي‪،‬‬ ‫و�أمريكا الالتينية‪ ،‬ومنطقة البحر الكاريبي‪،‬‬ ‫و�أمريكا ال�شمالية‪ ،‬و�أوروبا الغربية‪ ،‬وجنوب وغرب‬ ‫�آ�سيا‪ ،‬وجنوب ال�صحراء الكبرى في افريقيا‪.‬‬ ‫وت�شير االح�صاءات �إلى �أنه في عام ‪ ،2011‬كان‬ ‫المعدل العالمي لمحو الأمية لدى البالغين‬ ‫الذين تبلغ �أعمارهم ‪� 15‬سنة فما فوق قد بلغ ‪،%84‬‬ ‫وكانت منطقة �أوروبا الو�سطى وال�شرقية ومنطقة‬ ‫�آ�سيا الو�سطى تقعان على �أو بالقرب من الم�ستوى‬ ‫العالمي لمحو الأمية‪� ،‬إذ تبلغ ن�سبة محو الأمية‬ ‫لدى البالغين ‪ % 99‬و ‪ % 100‬على التوالي‪ .‬ومن‬ ‫المتوقع �أن تكون �أمريكا ال�شمالية و�أوروبا الغربية‬ ‫�أي�ضاً بالقرب من الم�ستوى العالمي لمحو الأمية ‪،‬‬ ‫ويبلغ معدل محو الأمية في �شرق �آ�سيا والمحيط‬ ‫الهادي ‪ %95‬لدى البالغين‪� ،‬أما في �أمريكا الالتينية‬ ‫ومنطقة البحر الكاريبي فتبلغ ‪ ،%92‬و�أن ‪ 9‬من �أ�صل‬ ‫‪� 10‬أ�شخا�ص كانوا قادرين على القراءة والكتابة‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك ف�إن المتو�سط لأمريكا الالتينية‪ ،‬ومنطقة‬ ‫البحر الكاريبي يخفي معدالت محو �أمية �أقل في‬ ‫منطقة البحر الكاريبي ‪�،‬إذ بلغ معدل محو الأمية‬ ‫لدى البالغين ‪ %69‬في ‪� ،2011‬أما في جنوب وغرب‬ ‫�آ�سيا‪ ،‬ف�إن معدالت محو الأمية لدى البالغين كانت‬ ‫�أقل من المتو�سط العالمي �إذ بلغت ‪ ،%63‬وبلغت‬ ‫في جنوب ال�صحراء الكبرى الأفريقية ‪ ،%59‬حيث‬ ‫�أن �أكثر من ثلث البالغين ال ي�ستطيعون القراءة‬ ‫والكتابة‪.‬‬

‫شكل ‪ :1‬معدل محو األمية للمجموع الكلي للسكان حسب المنطقة‪2015 – 1990 ،‬‬

‫‪15‬‬

‫ما بين عامي ‪– 1990‬‬

‫لدى البالغين بن�سبة ‪%22‬‬ ‫‪� ،2011‬أما في جنوب وغرب �آ�سيا فقد ارتفع معدل‬ ‫محو الأمية بن�سبة ‪ %16‬خالل نف�س الفترة‪� ،‬أما في‬ ‫جنوب ال�صحراء الكبرى في �أفريقيا فقد كان التقدم‬ ‫�أكثر توا�ضعاً �إذ بلغ ن�سبة ‪ % 6‬فقط‪ ،‬في حين �أن �شرق‬ ‫�آ�سيا ومنطقة المحيط الهادي كانتا تقتربان من‬ ‫المعدل العالمي لمحو الأمية‪ ،‬و�أن �أوروبا الو�سطى‬ ‫وال�شرقية و�آ�سيا الو�سطى كانتا قد و�صلتا بالفعل‬ ‫بالقرب من المعدل العالمي لمحو الأمية في عام‬ ‫‪ ،1990‬وعلى ال�صعيد الإقليمي فال تتوفر �أية بيانات‬ ‫تمثيلية لأمريكا ال�شمالية و�أوروبا الغربية‪.‬‬ ‫ووفقاً للتقرير‪ ،‬ف�إن �أهداف حركة التعليم للجميع‬ ‫التي تم اعتمادها في المنتدى العالمي للتعليم‬ ‫في داكار عام ‪ 2000‬تدعو �إلى " تح�سين م�ستويات‬ ‫محو الأمية لدى البالغين بن�سبة ‪ %50‬بحلول عام‬ ‫‪ ."2015‬وللر�صد‪ ،‬ف�إن هذا الهدف يعني خف�ض‬ ‫معدالت الأمية بين الكبار بن�سبة ‪ %50‬بين عامي‬ ‫‪ 2000‬و ‪( 2015‬اليون�سكو‪ ،)2005 ،‬وكانت مجموعة‬ ‫�أهداف التعليم للجميع قد تم و�ضعها للدول ولي�س‬ ‫للمناطق‪ ،‬غير �أنه لتحليل هذا التقرير يتم ح�ساب‬ ‫القيم الم�ستهدفة �أي�ضاً على الم�ستوى االقليمي‬ ‫والعالمي‪ 4.‬وعلى الم�ستوى العالمي على �سبيل‬ ‫المثال‪ ،‬ف�إن انخفا�ض معدل الأمية �إلى الن�صف بين‬ ‫عام ‪ 2000‬و ‪ 2015‬ي�شير �إلى �أن الن�سبة الم�ستهدفة‬ ‫لمحو الأمية هي ‪ %91‬بحلول عام ‪.2015‬‬ ‫وبالمثل‪ ،‬ف�إنه من المتوقع �أن تزداد معدالت محو‬ ‫الأمية في جميع المناطق تقريباً بين ‪2015 – 2011‬‬ ‫(انظر ال�شكل ‪ ،)1‬با�ستثناء �أوروبا الو�سطى وال�شرقية‬ ‫‪�،‬إذ ت�شير التوقعات �إلى انخفا�ض طفيف في محو‬ ‫�أمية البالغين بمعدل ن�صف درجة مئوية‪ ،‬ومن‬ ‫المتوقع �أن ي�صل المعدل العالمي لمحو الأمية �إلى‬ ‫‪ %86‬في عام ‪ ،2015‬وهذا يعني �أن المعدل الم�ستهدف‬ ‫للإلمام بالقراءة والكتابة �سوف ينخف�ض بن�سبة ‪،%5‬‬ ‫كما �أنه من المتوقع �أن جنوب ال�صحراء الكبرى‬

‫في �أفريقيا �ستكون بعيدة عن الن�سبة الم�ستهدفة‬ ‫لعام ‪ 2015‬مع ن�سبة تبلغ ‪ %64‬لمحو الأمية لدى‬ ‫البالغين‪ ،‬و‪� %15‬أقل من الهدف المقدر بـ ‪ ،%79‬كما‬ ‫�أنه من المتوقع �أن جنوب وغرب �آ�سيا �سوف ت�صل‬ ‫�إلى معدل محو الأمية بن�سبة ‪ %70‬في عام ‪ 2015‬و‪%9‬‬ ‫�أقل من الهدف في ‪ ،2015‬ومن المتوقع لدول و�سط‬ ‫و�شرق �أوروبا و�آ�سيا الو�سطى‪ ،‬و�شرق �آ�سيا والمحيط‬ ‫الهادئ �أن ت�صل �أو �أن تكون �ضمن درجة مئوية واحدة‬ ‫لتحقيق الن�سبة الم�ستهدفة لعام ‪.2015‬‬ ‫معدالت محو األمية العالمية لدى‬ ‫الشباب‬

‫ت�شير البيانات �إلى �أن المعدالت العالمية لمحو‬ ‫الأمية لدى البالغين من عمر ‪� 15‬إلى ‪� 24‬سنة كانت‬ ‫�أعلى من معدالت محو الأمية لدى البالغين في‬ ‫جميع المناطق عام ‪ ،2011‬مما يعك�س زيادة فر�ص‬ ‫الح�صول على التعليم االبتدائي والثانوي بين‬ ‫الأجيال ال�شابة‪� ،‬إذ كان معدل محو الأمية العالمي‬ ‫لدى البالغين ‪ %90‬بالمقارنة مع معدل محو �أمية‬ ‫البالغين البالغ ‪ ،%84‬ومع ذلك وعلى الرغم من‬ ‫�أن معدالت معرفة القراءة والكتابة مرتفعة ن�سبياً‪،‬‬ ‫ف�إن ‪ 123‬مليون من ال�شباب (ذكوراً و�إناثاً) يفتقرون‬ ‫�إلى المهارات الأ�سا�سية للقراءة والكتابة في ‪.2011‬‬ ‫وت�شير البيانات �إلى �أن ما يقارب ‪ 9‬من كل ‪� 10‬شاب‬ ‫�أمي يتركزون في منطقتين خ�صو�صاً في جنوب‬ ‫وغرب �آ�سيا (‪ 62‬مليون)‪ ،‬وجنوب ال�صحراء الكبرى‬ ‫الأفريقية (‪ 48‬مليون)‪ ،‬ولكن في مناطق �أخرى‬ ‫كانت الأعداد من ال�شباب الأميين �أ�صغر من ذلك‬ ‫بكثير‪ ،‬ففي الدول العربية بلغت ‪ 6‬مليون‪ ،‬وفي‬ ‫�شرق �آ�سيا والمحيط الهادي بلغت ‪ 4‬مليون‪� ،‬أما في‬ ‫�أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي فقد بلغت‬ ‫‪ 3‬مليون‪ ،‬وفي �أوروبا الو�سطى وال�شرقية بلغت ‪0.4‬‬ ‫مليون �أما في �آ�سيا الو�سطى فقد بلغت ‪ 0.05‬مليون‪.‬‬


‫ملف العدد‬

‫المؤشرات التاريخية في محو األمية‬ ‫لدى الشباب وآفاق ‪2015‬‬

‫‪16‬‬

‫على غرار معدالت محو الأمية لدى البالغين‪ ،‬كانت‬ ‫معدالت محو الأمية لل�شباب في ازدياد على مدى‬ ‫العقدين الما�ضيين‪� ،‬إذ كان معدل الإلمام بالقراءة‬ ‫والكتابة لل�شباب العالمي ‪ %83‬في عام ‪ ،1990‬و‪%87‬‬ ‫في عام ‪ ،2000‬و‪ %90‬في ‪.2011‬‬ ‫أرقام مع مؤشرات محلية لمحو األمية‬ ‫‪2015 – 1985‬‬

‫على �سبيل المثال‪ ،‬من بين الدول العربية التي من‬ ‫المحتمل �أن تف�صلها ‪ %5‬من النقاط نحو تحقيق‬ ‫الهدف ‪ 4‬من �أهداف حركة التعليم للجميع كافة‬ ‫لتقليل ن�سبة الأمية لدى البالغين بين ‪ 2000‬و ‪2015‬‬ ‫بمعدل ‪ %50‬خالل عام ‪ :2015‬عمان‪ ،‬الجزائر‪ ،‬م�صر‬ ‫وليبيا والمملكة العربية ال�سعودية والجمهورية‬ ‫العربية ال�سورية وتون�س‪ .‬كما ت�شير اح�صاءات‬ ‫اتجاهات محو الأمية المحلية ‪ 2015 - 1985‬وعلى‬ ‫م�ستوى الدول‪� ،‬أن م�ؤ�شر تقدم �سلطنة عمان نحو‬ ‫تحقيق المعدل العام لمحو الأمية لدى ال�شباب‬ ‫وم�ؤ�شر التكاف�ؤ بين الجن�سين يزداد بقوة ويظهر‬ ‫تح�سينات واعدة وكبيرة‪� ،‬إذ �أن اتجاهات ال�سلطنة‬ ‫لمحو الأمية بين ‪ 2015 – 2003‬قد تطورت وفقاً‬

‫للأرقام التالية المو�ضحة في الجدول �أدناه ‪.‬‬ ‫التعليم ‪ :2030‬الرؤية والمنطق‬

‫يعد التعليم ركيزة هامة لأعمال م�سيرة التنمية‬ ‫الم�ستدامة ‪ ،‬وهو �ضروري جداً لتحقيق جميع‬ ‫�أهدافها‪ ،‬وت�أتي الأجندة الجديدة للتعليم والمتمثلة‬ ‫جميعها في الهدف الرابع لتكون �شاملة وطموحة‬ ‫وملهمة وعالمية‪ ،‬وقد تم ا�ستنباطها من ر�ؤية‬ ‫التعليم التي �أحدثت تغييراً وتحو ًال في حياة الأفراد‬ ‫والجماعات والمجتمعات‪ .‬كما �أن هذه الأهداف‬ ‫جاءت مكملة للأعمال المتبقية من �أهداف حركة‬ ‫التعليم للجميع ‪ ،‬والأهداف الألفية الإنمائية‬ ‫المتعلقة بالتعليم‪ ،‬وت�ستهدف هذه الأجندة‬ ‫ب�شكل فعال التحديات التي يواجهها التعليم على‬ ‫الم�ستوى العالمي والمحلي في الو�ضع الحالي وفي‬ ‫الم�ستقبل‪ .‬وت�ستند هذه الأجندة على مبد�أ الحقوق‪،‬‬ ‫وم�ستوحاة من ر�ؤية ان�سانية للتعليم والتنمية‬ ‫بنا ًء على �أ�س�س من الكرامة االن�سانية والحقوق‬ ‫المت�ساوية والعدالة االجتماعية وال�سالم والتنوع‬ ‫الثقافي والم�س�ؤولية الم�شتركة‪.‬‬ ‫وا�ستكما ًال لحركة التعليم للجميع ‪ ،‬ف�إن التعليم‬ ‫عمان ضمن نطاق ‪%5‬‬ ‫نقطة للوصول إلى‬ ‫النسبة الهدف لمحو أمية‬ ‫البالغين في ‪2015‬‬

‫‪ 2030‬ي�أخذ في الح�سبان الدرو�س الم�ستفادة منذ‬ ‫عام ‪� ،2000‬أما الجديد في هذه الأجندة فهو تركيزها‬ ‫على زيادة الو�صول واالت�ساع‪ ،‬والم�ساواة وال�شمولية‬ ‫والجودة ومخرجات التعليم بالإ�ضافة �إلى التعليم‬ ‫مدى العمر‪ ،‬وهناك در�س �آخر مهم م�ستفاد من‬ ‫ال�سنوات ال�سابقة وهو �أن �أجندة التعليم العالمية‬ ‫يجب �أن تعمل �ضمن �إطار العمل التنموي العالمي‬ ‫الكلي بد ًال من العمل على جانب منها‪ ،‬كما حدث‬ ‫مع الأهداف المنف�صلة لحركة التعليم للجميع‬ ‫كافة والأهداف الألفية الإنمائية المتعلقة بالتعليم‪.‬‬ ‫وي�شير تركيز الأجندة على ال�شمولية والم�ساواة (�أي‬ ‫بمعنى �أن يمنح كل فرد فر�صة مت�ساوية‪ ،‬مع عدم‬ ‫ترك �أي فرد خارج نطاق المنظومة التعليمية) �إلى‬ ‫در�س �آخر وهو‪ :‬الحاجة �إلى زيادة تظافر الجهود‬ ‫المبذولة من �أجل الو�صول �إلى ه�ؤالء المهم�شين‬ ‫عن طريق �أخذ بع�ض العوامل في الح�سبان‬ ‫مثل الم�ساواة بين الجن�سين‪ ،‬والفقر‪ ،‬وال�صراع‬ ‫والكوارث‪ ،‬والإعاقة‪ ،‬والعمر ‪ ،‬والبعد‪ .‬ويك�شف‬ ‫التركيز على جودة التعليم والتعلم عن الخطر‬ ‫‪UNESCO Institute for statishics, Maay 2013 . italics.‬‬

‫الكامن في التركيز على التعليم دون االكتراث فيما‬ ‫�إذا كان الطالب قد تعلموا بالفعل خالل وجودهم‬ ‫بالمدر�سة‪ .‬وتقودنا حقيقة عدم تحقيق �أهداف‬ ‫حركة التعليم للجميع كافة �إلى در�س �آخر وهو‪:‬‬ ‫"العمل التجاري كالعادة" لن يحقق التعليم للجميع‪.‬‬ ‫و�إذا ما ا�ستمرت الن�سب الحالية للنمو على ما هي‬ ‫عليه‪ ،‬ف�إن العديد من الدول المت�أخرة لن تحقق‬ ‫الأجندة الجديدة بحلول ‪ ،2030‬وهذا يعني �أنه‬ ‫من المهم جداً تغيير الممار�سات الحالية‪ ،‬وح�شد‬ ‫الجهود‪ ،‬والموارد بوتيرة غير م�سبوقة‪.‬‬ ‫ويجب �أن تواكب �أنظمة التعليم التغيرات المت�سارعة‬ ‫في �سوق العمل‪ ،‬والتقدم التكنولوجي‪ ،‬والتمدن‪،‬‬ ‫والهجرة‪ ،‬وعدم اال�ستقرار ال�سيا�سي‪ ،‬والتدهور‬ ‫البيئي والتناف�س على الموارد الطبيعية‪ ،‬والتحديات‬ ‫الديموغرافية‪ ،‬وارتفاع معدالت البحث عن عمل‪،‬‬ ‫والفقر وات�ساع فجوة عدم الم�ساواة‪ ،‬وزيادة المخاطر‬ ‫التي تهدد ال�سالم ‪ ،‬والأمان‪.‬‬ ‫وبحلول ‪� ،2030‬ستحتاج نظم التعليم �إلى ت�سجيل‬ ‫مئات الماليين من الأطفال ‪ ،‬والمراهقين‬ ‫الإ�ضافيين لتحقيق التعليم الأ�سا�سي للجميع (بما‬ ‫فيها التعليم ما قبل االبتدائي‪ ،‬والتعليم الثانوي‪،‬‬ ‫والتعليم الثانوي)‪ ،‬وكذلك توفير التعليم الثانوي‪،‬‬ ‫وما بعد الثانوي للجميع‪ .‬وفي نف�س الوقت‪ ،‬ف�إنه‬ ‫من المهم توفير رعاية وتعليم للطفولة المبكرة‬ ‫من �أجل �ضمان تنمية طويلة المدى وتعليم و�صحة‬ ‫الطفل في مرحلة عمرية مبكرة‪ ،‬كما �أنه من المهم‬ ‫�أي�ضاً �أن ت�ضمن �أنظمة التعليم عملية تعلم الأطفال‬ ‫وال�شباب والكبار‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ف�إن هناك حاجة ملحة لتزويد‬ ‫ال�شباب والكبار من خالل دورة التجربة الحياتية‬ ‫بالمهارات الالزمة والكفاءات التي يحتاجونها‬ ‫للعي�ش والعمل في عالم اكثر ا�ستدامة وترابط‬ ‫تقوده المعرفة وتحركه التكنولوجيا‪ .‬و�ستعمل‬ ‫�أجندة التعليم ‪ 2030‬على الت�أكد من اكت�ساب جميع‬ ‫االفراد لقاعدة �صلبة ومتينة من المعرفة ونمو‬ ‫مهارات التفكير االبداعي والناقد لديهم‪ ،‬والمهارات‬ ‫التعاونية‪ ،‬وتنمية �شغف التعلم‪ ،‬وال�شجاعة‪،‬‬ ‫وال�صمود‪.‬‬ ‫المراجع‪:‬‬ ‫‪www.unesco.org/publishing‬‬ ‫‪www.efareport.unesco.org‬‬ ‫‪https://en.unesco.org/world‬‬‫‪.../file/2015...education‬‬ ‫‪www.uis.unesco.org/.../literacy-statistics‬‬‫‪pdf.2015-1985-trends‬‬


‫مقال‬

‫مريم الزدجالية‬

‫‪17‬‬

‫راض عن سلوكك؟‬ ‫هل أنت ٍ‬ ‫من منا ال ي�سعى �إلى فهم �سلوك �أخيه الإن�سان؟‬ ‫بالطبع �إن فهم �سلوك من حولنا وفهم �أنف�سنا حاجة‬ ‫�ضرورية بغر�ض توجيه ذلك ال�سلوك واكت�شاف العوامل‬ ‫الم�ؤثرة فيه‪ ،‬فاهلل �سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين‪ ،‬ولكل‬ ‫فر ٍد �شخ�صية تميزه عن غيره‪ .‬وال�سلوك الذي ي�صدر منه‬ ‫مرتبط غالبًا بعوامل وم�ؤثرات �صنعتها البيئة المحيطة‬ ‫به‪ .‬و�إذا كان ال�سلوك جزءًا ال يتجز�أ من �أخالقنا التي‬ ‫تربينا عليها منذ ال�صغر‪ .‬فمن ال�ضروري التعرف على‬ ‫الحقائق المتعلقة ب�سلوكياتنا‪ .‬فالقائد الإداري نجده في‬ ‫�صرا ٍع دائم لمواجهة ال�سلوك ال�سلبي لمر�ؤو�سيه‪ ،‬ورجل‬ ‫االقت�صاد بحاجة �إلى فهم متطلبات النا�س و�سلوكهم الذي‬ ‫يدفعهم �إلى الإقبال على �شراء �سلع ٍة معينة والإعرا�ض عن‬ ‫غيرها‪ ،‬وفي الجانب التربوي ف�إن المعلمين بحاجة �إلى‬ ‫التعمق في فهم ودرا�سة مراحل النمو النف�سي لطالبهم‬ ‫وال�سلوك ال�سائد في كل مرحلة‪ .‬وال يخفى علينا � ً‬ ‫أي�ضا �أن‬ ‫الرجل ال�سيا�سي في الوقت الراهن وما تمر به المجتمعات‬ ‫من ت�أث ٍر بو�سائل التوا�صل االجتماعي خا�ص ًة ال ينجح في‬ ‫توجيه الأفراد من غير �أن يدرك �أنماط تفكيرهم ويفهم‬ ‫�سلوكهم وكيفية الت�أثير فيهم‪ .‬وهناك العديد من الأمثلة‬ ‫على من هم بحاجة م�ستمرة �إلى فهم النا�س من حولهم‬ ‫لدفع عجلة تطور العمل واالرتقاء بالأفراد والمجتمع‪.‬‬ ‫�إذن ما هو المق�صود بال�سلوك الإن�ساني؟ �إنه بكل ب�ساطة‬ ‫"اال�ستجابات التي ت�صدر عن الفرد نتيجة الحتكاكه بغيره‬ ‫من الأفراد �أو نتيجة الت�صاله بالبيئة الخارجية من حوله‬ ‫"‪� .‬إذ ينعك�س �سلوك الأفراد على مدى التزامهم بمهنتهم‬ ‫و�سعيهم لتحقيق �أهدافهم‪ .‬ف�سلوك ال�شخ�ص و�أخالقه‬ ‫المهنية عبارة عن مجموعة المبادئ والقيم التي توجه‬ ‫�شخ�ص‪/‬‬ ‫عمله اليومي‪ .‬و�إذا ما �أردنا فهم و�إدراك �سلوك ٍ‬ ‫موظف (ما) ف�إننا ن�سعى للإجابة على �س�ؤال (لماذا؟‬ ‫ٍ‬ ‫ت�صرف بهذه الطريقة؟)‪ ،‬وللأ�سف نرى في معظم‬ ‫الأحيان �أن ت�صحيح وعالج ال�سلوكيات ال�سلبية ي�أتي‬ ‫مت�أخرًا‪ .‬فالأ�صح دائمًا �أن نتعرف على الأ�سباب التي دعت‬ ‫�إلى �صدور هذا ال�سلوك والنتائج التي ترتبت عليه‪ ،‬ومنها‬ ‫يمكننا التنب�ؤ ب�أحداث الم�ستقبل‪.‬‬ ‫وفي عالم الإدارة و�سوق العمل التي تت�سارع فيه المتغيرات‬ ‫يكثر الحديث عن ال�سلوكيات و�أخالقيات العمل لي�ضفي‬ ‫قدرًا من االعتبارات الإن�سانية التي لها من الأثر الكبير‬ ‫على الإدارة والأعمال‪ ،‬فبعد �أن كانت ر�ؤية المنظمات‬ ‫والإدارات قائمة على الربحية والكفاءة المادية �أ�صبحت‬ ‫الآن ال تتجرد من االهتمام بالعن�صر الب�شري‪� .‬إذ تغيرت‬ ‫نظرة الم�ؤ�س�سات للعن�صر الإن�ساني في الع�شرينيات من‬ ‫القرن الما�ضي و�أيقنت �أنه العن�صر الحا�سم في ازدهارها‬ ‫وتقدمها؛ بل �إن مفهوم التخلف �أ�صبح في العديد من‬

‫الدول المتقدمة ك�ألمانيا والواليات المتحدة وبريطانيا‬ ‫وغيرها مقرو ًنا بالتخلف الإداري �سواء كان ذلك من‬ ‫الناحية االجتماعية �أو ال�سيا�سية �أو االقت�صادية‪ .‬فالأعمال‬ ‫والمعامالت التي ُتقدم للموظفين في �إدارات تلك الدول‬ ‫تتميز بالدقة والمرونة‪ .‬ومن المهم لديهم � ً‬ ‫أي�ضا تحقيق‬ ‫�أعلى ن�سبة من الر�ضا الوظيفي للموظف وذلك تجنبًا‬ ‫للت�سيب والف�ساد الإداري الذي يكبد الم�ؤ�س�سات الكثير من‬ ‫الخ�سائر‪ .‬فمعظم ال�شركات الكبيرة التي تدير عددًا كبيرًا‬ ‫من الموظفين �أ�صبحت تدرك �أهمية �أخالقيات الإدارة و�إن‬ ‫�سوء الت�صرف الأخالقي مع العاملين والعمالء يكلفها‬ ‫باهظا‪ً ،‬‬ ‫ثم ًنا ً‬ ‫ومثال على ذلك (�شركة جنرال موتورز) التي‬ ‫دخلت في العديد من الق�ضايا المكلفة وتكبدت الماليين‬ ‫من الدوالرات �سنويًا كغرامات جزائية نتجت عن �سوء‬ ‫ال�سلوك الأخالقي‪.‬‬ ‫وفي حياتنا اليومية ك�أفراد عاديين �أو كموظفين في‬ ‫الجهات المختلفة نرى ً‬ ‫بع�ضا من ال�سلوكيات تتكرر‬ ‫وللأ�سف تتكاثر كالآفة التي باتت ت�ست�شري ب�شكلٍ وا�سع‪.‬‬ ‫وتتعدد الأمثلة في هذا النطاق‪ ،‬فبع�ض من الموظفين‬ ‫نجدهم ال ينجزون ما هو مطلوب منهم ومعظمهم يميلون‬ ‫�إلى االتكالية واالعتماد على الغير فتتراكم الأعمال لديهم‬ ‫جانب �آخر‬ ‫مما يُفقدهم ثقة الإدارة وثقة المواطن‪ .‬ومن ِ‬ ‫ف�إن كثرة غياب الموظف دون وجود من ينوب عنه ي�شكل‬ ‫حلقة مفرغة دائرية ال نهاية لها وخا�صة في المواقع‬ ‫الخدمية‪ .‬كما �إن عدم مراعاة اللوائح والنظم ال�سارية هو‬ ‫� ً‬ ‫أي�ضا �إحدى ظواهر ال�سلوك غير الأخالقي حيث يتحمل‬ ‫عواقبه بقية الموظفين وجهة العمل ب�أكملها‪.‬‬ ‫وتتباين الحاالت والمواقف في نطاق الم�شكالت‬ ‫الأخالقية و ُتع ّد �صعوبة التمييز بين ما هو �أخالقي‬ ‫وغير �أخالقي من �أ�سباب ال�سلوك ال�سلبي والف�ساد الإداري‬ ‫حيث نرى بع�ض القادة ال ي�أخذون بعين االعتبار التبعات‬ ‫الأخالقية في اتخاذ القرارات المتعلقة (بنقل موظف �أو‬ ‫منح �إجازة �أو قرار تدريب �أو الموافقة على ترقية ومكاف�أة)‬ ‫وفي جانب �آخر نرى �أ�شكاال من ال�سلوك ال�سلبي الناتج عن‬ ‫ال�ضغوط التناف�سية والتي تدفع الموظف �إلى ا�ستخدام‬ ‫و�سائل غير م�شروعة من �أجل التميز والتفوق على �أقرانه‪.‬‬ ‫ولو �أن كل فر ٍد منا ت�أمل ً‬ ‫قليل عن كيفية الق�ضاء على تلك‬ ‫الآفة لوجد �أن الأمر لي�س بذلك التعقيد الذي نت�صوره‪.‬‬ ‫فمنذ نعومة �أظفارنا نترعرع على ال�سلوكيات الأخالقية‬ ‫التي ترتبط ً‬ ‫ارتباطا وثي ًقا بتعاليم ديننا الحنيف والذي‬ ‫جاء (ليتمم مكارم الخالق) و�أب�سطها احترام الآخرين‬ ‫ومراعاة حقوقهم‪ ،‬وننتقل �إلى مرحلة الدرا�سة فيتم‬ ‫غر�س مفاهيم �أكبر فينا والعديد من الأ�شياء الب�سيطة‬ ‫التي ت�ؤخذ بجدية ونجد فيها �أنف�سنا نت�صدى لل�سلوك‬

‫غير ال�سوي بكل ب�ساطة وبدون تعقيد‪ .‬كلنا نتفق على‬ ‫�شخ�ص‬ ‫ذلك غير �أن مفهوم االلتزام بالأخالق يختلف من ٍ‬ ‫�إلى �آخر‪ .‬فالبع�ض يرى �إن ما يتبعه من �سلوك هو جزء‬ ‫من الدين‪ ،‬والبع�ض الآخر يخاف �أن يحتقره من حوله‪،‬‬ ‫وكذلك الحال في بع�ض بيئات العمل التي تكون محفزة‬ ‫للموظف ب�أن يت�صرف ب�شكل غير �أخالقي‪ .‬فو�ضع‬ ‫ال�ضوابط والجزاءات كالئحة �أو ميثاق ي�شرح �أخالقيات‬ ‫العمل هي في �صالح الم�ؤ�س�سات لكي تردع كل من يخالف‬ ‫القوانين‪ .‬ولو نظرنا �إلى تجارب الدول المتقدمة نراها‬ ‫تر�سخ لمبد�أ الرقابة الذاتية لدى موظفيها فيكون اهتمام‬ ‫الفرد بم�صلحة وطنه وعمله �أكبر من اهتمامه بم�صالحه‬ ‫ال�شخ�صية‪� .‬إذ وُجد في اليابان �إن ن�سبة غياب الموظفين‬ ‫ال يتعدى (‪)%2‬؛ لأنهم يحبون البقاء في العمل ل�ساعات‬ ‫طويلة‪.‬‬ ‫وهناك عامل �آخر يتمثل في عدم �شفافية القوانين‬ ‫و�ضعف الأنظمة مما ينتج عنه زيادة في ن�سبة الممار�سات‬ ‫غير ال�سوية‪ ،‬ولمعالجتها نرى �ضرورة �إعالم الموظفين‬ ‫بالقواعد واللوائح‪ ،‬والتقييم الم�ستمر للموظف مما‬ ‫ي�ساهم في خف�ض معدل ال�سلوكيات ال�سلبية �شريطة �أن‬ ‫يتم تقييم الموظف ومكاف�أته على �أ�سا�س تطور مهاراته‬ ‫وما يقدمه من �إ�ضافة ملمو�سة‪ .‬ولذا ندعو �إلى بذل‬ ‫محاوالت جادة في تغيير اتجاهات الموظفين ال�سلبية‬ ‫موظف‬ ‫با�ستخدام �أ�سلوب اال�ستمالة حيث يتم �إ�شراك‬ ‫ٍ‬ ‫را�ض عن الرواتب) مث ًال كع�ض ٍو في لجنة النظر في‬ ‫(غير ٍ‬ ‫الرواتب‪ ،‬وبذلك تكون الإدارة قد تزيد لديها احتماالت‬ ‫تغير اتجاه ذلك الموظف‪ .‬فبنا ًء على �إح�صائيات المركز‬ ‫الوطني للإح�صاء والمعلومات في ال�سلطنة لعامي‬ ‫(‪2013‬م‪2014-‬م) حول �أ�سباب عدم الر�ضا الوظيفي فكانت‬ ‫من �أبرز الأ�سباب التي وردت في التقرير معللة عدم الر�ضا‬ ‫الوظيفي لدى منت�سبي القطاعين الحكومي والخا�ص‬ ‫على الترتيب‪ :‬الراتب غير الجيد بن�سبة ‪ / %51‬طبيعة‬ ‫العمل بن�سبة ‪� / %47‬ضعف الحوافز في بيئة العمل بن�سبة‬ ‫‪ / %26‬المعاملة غير الجيدة من الر�ؤ�ساء بن�سبة ‪. %20‬‬ ‫فكل تلك الأرقام ت�شكل خطرًا �سلبًا على الم�ؤ�س�سات من‬ ‫حيث زيادة دوافع ال�سلوك ال�سلبي لدى موظفيها‪ ،‬لذا‬ ‫نرى �أن ال�سعي �إلى االرتقاء بالعمل هو دائمًا عمل م�شترك‬ ‫متكامل ترتكز �أ�سا�سياته على مجهود الموظف والإدارة‬ ‫معًا‪ ،‬فالموظف يلتحق للعمل في منظم ٍة ما لتحقيق‬ ‫�أهدافه‪ ،‬والمنظمة كذلك ت�ستقطب الأفراد لت�ساعدها‬ ‫في تحقيق �أهدافها والإدارة هي "العمل مع الآخرين‬ ‫وبوا�سطة الآخرين"‪.‬‬


‫تجربة‬

‫تجارب عالمية‬

‫تجارب الدول في المحافظة على السالمة المرورية‬

‫تجربة تعرضها‪ :‬زبيدة بنت علي البلوشية‬

‫في عالم تحصد فيه الحوادث المرورية سنوي ًا حياة أكثر من مليون شخص‪ ،‬ويصاب أكثر من ‪50‬‬ ‫مليون آخرين‪ ،‬ومن المحزن ان أكثر هؤالء الضحايا هم في سن العمل‪ ،‬حيث تخسر الدول شبابها‪،‬‬ ‫والذين هم يشكلون العمود الفقري لهذه الدول‪ ،‬فالحوادث المرورية هي كارثة عالمية متفاقمة‬ ‫تزهق األرواح‪ ،‬وتدمر سبل العيش‪ ،‬وتعرقل التنمية‪ ،‬وتخلف ورائها الماليين من المستضعفين‪،‬‬ ‫لذا تبرز الحاجة الملحة لبذل المزيد من الجهد لوقف االستنزاف البشري الخطير الذي تسببه هذه‬ ‫الحوادث‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫وهنا سوف نستعرض تجارب مهمة‪ ،‬من اجل المحافظة على السالمة المرورية على الطرق‪.‬‬ ‫تجربة تعرضها‪ :‬زبيدة البلوشية‬

‫السويد‬

‫لم ي�أت اعتبار ال�سويد الدولة الأولى عالمياً‬ ‫من حيث �سالمة الطرق‪ ،‬والأر�صفة‪ ،‬وقلة الحوادث‬ ‫المرورية القاتلة من فراغ‪ ،‬و�إنما ثمرة عمل وجهد لأكثر‬ ‫من ن�صف قرن‪ ،‬حيث بد�أت ال�سويد عام ‪ 1967‬في و�ضع‬ ‫الخطط المحكمة‪ ،‬والمذهلة التي تعمل على تطوير‪،‬‬ ‫وتح�سين ان�سيابية المرور‪ ،‬و�أول تدبير قامت بعمله‬ ‫غيرت نظام قيادة ال�سيارات من الي�سار �إلى اليمين‪ ،‬وكل‬ ‫من يزور ال�سويد يالحظ ان�سيابية كبيرة في حركة‬ ‫المارة‪ ،‬وال�سيارات‪ ،‬والدراجات الهوائية‪ ،‬ويقول مهند�س‬ ‫المرور يان �سودر�ستورم «�أدركنا للمرة الأولى مدى‬ ‫�أهمية الإجراءات والتدابير الذكية في �ضمان ال�سالمة‬ ‫المرورية‪ ،‬ولي�س بال�ضرورة �أن يكون لها عالقة كبيرة‬ ‫�أو رئي�سة بالتقدم العلمي»‪ .‬و�أقر البرلمان ال�سويدي‬ ‫في ال�سنة الما�ضية‪ ،‬اال�ستراتيجية الخا�صة بر�ؤية‬ ‫معدل �صفر للحوادث المرورية (‪،)ZERO VISION‬‬ ‫التي تم و�ضعها عام ‪ ،1997‬والتي تعتبر من �أف�ضل‬ ‫الممار�سات العالمية في مجال ال�سالمة المرورية‪،‬‬ ‫وتهدف للو�صول �إلى ال�صفر بالمائة في ن�سبة الوفيات‪،‬‬ ‫والإ�صابات الج�سيمة الناتجة عن الحوادث المرورية‪،‬‬ ‫وهذه الر�ؤية تقوم على مبد�أ رئي�سي �أخالقي اال وهو‬ ‫عدم مقاي�ضة ال�صحة‪ ،‬والحياة الب�شرية بالمنافع‬ ‫المادية االخرى داخل المجتمع‪ ،‬وهذا يعني "�أن حياة‬ ‫و�صحة االن�سان لها اهمية ق�صوى وت�أخذ الأولوية في‬ ‫الأنظمة المرورية"‪.‬‬ ‫ولعب التخطيط الجزء الأكبر في الحد من وقوع‬ ‫الحوادث‪ ،‬حيث تم و�ضع ال�سالمة ك�أولوية في‬ ‫مخططات بناء الطرق قبل التفكير بال�سرعة �أو‬ ‫الراحة‪ ،‬ومن بع�ض الإجراءات التي اتخذت للو�صول‬ ‫�إلى ” الر�ؤية �صفر” تخفي�ض معدل ال�سرعة‪ ،‬وبالأخ�ص‬ ‫في المدن حتى ي�صل �إلى ‪ ٣٠‬كم‪�/‬س‪� ،‬أو حتى ‪١٠‬كم‪�/‬س‬ ‫في بع�ض المناطق ال�سكنية‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى خلق مناطق‬ ‫للم�شاة‪ ،‬وحواجز تف�صل ال�سيارات عن الدراجات‪ ،‬وقاموا‬ ‫ببناء‪١٢،٦٠٠‬معبر للم�شاة �أكثر �أمانا‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫الج�سور والمعابر المخططة على الطرقات والمجهزة‬ ‫بالأ�ضواء‪ ،‬ومحمية بوجود مطبات ال�سرعة‪ ،‬كل ذلك‬ ‫�ساهم في انخفا�ض عدد وفيات الم�شاة �إلى الن�صف‬ ‫على مدى ال�سنوات الخم�س الما�ضية‪ ،‬ولعبت ال�شرطة‬ ‫دورا مهما �أي�ضا بفر�ض رقابة عالية على ال�سائقين‬ ‫لمنعهم من قيادة ال�سيارة عند تناول الكحول‪ ،‬ف�أقل‬

‫من ‪ %٠،٢٥‬من ال�سائقين يكونون تحت ت�أثير الكحول‪،‬‬ ‫وو�صل عدد وفيات الأطفال جراء حوادث ال�سير عام‬ ‫‪� ٢٠١٢‬إلى واحد فقط‪ ،‬مقارنة مع ‪ ٥٨‬في عام ‪ ،١٩٧٠‬كما‬ ‫تم و�ضع مخطط وا�ضح للحد من الأخطاء الب�شرية‪،‬‬ ‫وتطبيق �أ�سرع لأنظمة ال�سالمة الجديدة‪ ،‬مثل حزام‬ ‫الأمان‪ ،‬وتجاوز ال�سرعة المحددة‪ ،‬كما ت�شترك كل‬ ‫ال�سيارات الحكومية‪ ،‬والحافالت المدر�سية‪ ،‬في برنامج‬ ‫تكنولوجي يمنع ال�سيارة من التجاوب مع �شارة بدء‬ ‫الت�شغيل �إذا لم يكن ال�سائق ر�صيناً‪ ،‬او على م�ستوى كبير‬ ‫من التركيز العقلي‪ ،‬ثم ان�ضم �أكثر من ثلث ال�سيارات‬ ‫في ال�سويد �إلى تلك التقنية‪.‬‬ ‫و�أظهرت درا�سة حديثة �أن �أكثر من ‪ %99.5‬من‬ ‫ال�سائقين ال�سويديين ر�صينون‪ ،‬وفي حالة تركيز عقلي‬ ‫ونف�سي كبير‪ ،‬ومنذ �أكثر من ‪ 15‬عاماً يعمل الجميع في‬ ‫ال�سويد من �شمالها �إلى جنوبها‪ ،‬وبطولها وعر�ضها‪ ،‬من‬ ‫�أجل هدف واحد‪ ،‬وهو تعزيز و�إنجاح �إجراءات ال�سالمة‬ ‫المرورية‪� ،‬سواء في ال�شوارع �أو على الأر�صفة‪ ،‬من‬ ‫خالل تحديد معدالت ال�سرعة‪ ،‬و�إعادة ت�صميم ال�شوارع‬ ‫الرئي�سة ذات الحركة المرورية المزدحمة‪ ،‬واال�ستفادة‬ ‫من قدرات و�إمكانات الهند�سة المرورية‪ ،‬والتقنيات‬ ‫الع�صرية المت�صلة بها‪ ،‬في �سبيل الو�صول بالحوادث‬ ‫والمخاطر المرورية �إلى �صفر‪.%‬‬

‫‪1,781‬‬ ‫إجمالي الحوادث المرورية‬

‫بالسلطنة حتى إبريل ‪٢٠١٥‬م‬ ‫هولندا‬

‫تحتل هولندا المرتبة الأولى في �أوروبا الغربية من‬ ‫ناحية ال�سالمة المرورية‪ ،‬وعدد وفيات حوادث ال�سير‪،‬‬ ‫حيث اعتمدت الخطة الهولندية مفهوم (ال�سالمة‬ ‫الم�ستدامة)‪ ،‬وهو مفهوم ي�ؤكد على �ضرورة تخطيط‪،‬‬ ‫وت�صميم‪ ،‬وتنفيذ البنية التحتية بما يوافق متطلبات‬ ‫ال�سالمة المرورية‪ ،‬وبما ي�ستوعب �أخطاء م�ستخدم‬

‫الطريق‪ ،‬وقد بد�أ �أول برنامج في هولندا ‪١٩٩١-١٩٨٧‬‬ ‫م‪ ،‬وحقق نجاحً ا ملمو�سً ا في التقليل من الحوادث‪،‬‬ ‫ورفع الوعي المروري‪ ،‬وتوا�صل تحقيق الهدف الكمي‬ ‫لهولندا‪ ،‬وهو تخفي�ض عدد ال�ضحايا من حوادث‬ ‫الطرق بن�سبة ‪ ٪ ٢٥‬في عام ‪ ٢٠٠٠‬م مقارنة بالعام‬ ‫‪ ،١٩٨٥‬كما تتبنى هولندا برامج ا�ستراتيجية لتح�سين‬ ‫م�ستوى ال�سالمة المرورية على �شبكة طرقها‪.‬‬ ‫وتعرف هذه البرامج ببرامج �سالمة الطرق متعددة‬ ‫ال�سنوات‪ ،‬وتم من خاللها و�ضع خطة تهتم بالخبرات‬ ‫المهنية‪ ،‬والأكاديمية في مجاالت ال�سالمة المرورية‪،‬‬ ‫و�أن ال�سالمة المرورية تتطور عن طريق الخبراء‪،‬‬ ‫والمهنيين‪ ،‬والمخت�صين مثل‪ :‬مهند�سي المرور‪،‬‬ ‫مهند�سي الطرق‪ ،‬مخططي النقل‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫كما ان االهتمام لم يقت�صر على الطرق الرئي�سية‬ ‫بالمدن‪ ،‬والطرق ال�سريعة فقط‪ ،‬بل هناك اهتمام‬ ‫كبير بالطرق الريفية‪ ،‬والطرق ال�صغيرة داخل الأحياء‬ ‫ال�سكنية‪ ،‬والتي كثيراً ما يتم تجاهل تطويرها‪ ،‬وقد تم‬ ‫التركيز اي�ضا على كيفية ال�سيطرة على �سرعة المركبات‬ ‫ب�شكل �أف�ضل‪ ،‬وكان ذلك بتطبيق �أ�سلوب �إدارة ال�سرعة‬ ‫على الطرق �آليا‪ ،‬وذلك بوا�سطة كاميرات المراقبة‪،‬‬ ‫كما ت�سعى هولندا الى تطبيق تجربة تكنولوجية ولأول‬ ‫مره في العالم‪ ،‬وهي تجربة الخطوط المتوهجة على‬ ‫الطرق‪ ،‬حيث تم تطبيقها كتجربة �أولية على بع�ض‬ ‫الطرق ال�سريعة في هولندا‪ ،‬وهي عبارة عن طالء طرق‬ ‫يتوهج في الظالم لتنير الطريق للمركبات‪ ،‬ويحتوي‬ ‫الطالء على م�سحوق "م�ضيء" يخزن الطاقة خالل‬ ‫فترات النهار‪ ،‬ويطلقها ببطء في �شكل توهج �أخ�ضر‬ ‫اللون �أثناء الليل‪ ،‬ويظل متوهج لمدة ت�صل �إلى ثماني‬ ‫�ساعات في الظالم‪ ،‬وهو ما قد يكون بديال لأعمدة‬ ‫الإنارة‪.‬‬ ‫ويعد من اهم �أ�سباب نجاح ال�سالمة المرورية في‬ ‫هولندا‪ ،‬هو ا�شتراك وتكاتف جميع الم�ؤ�س�سات من اجل‬ ‫تحقيق مفهوم الوعي المروري‪ ،‬حيث ان الم�ؤ�س�سات‬ ‫التعليمية الهولندية‪ ،‬جعلت من التعليم المروري في‬ ‫هولندا �إلزامي‪ ،‬وتم توفير كتب منهجية تعلم الطلبة‬ ‫النظام‪ ،‬والقوانين المرورية‪ ،‬كما �أن االعالم الهولندي‬ ‫لم يغفل عن دوره التوعوي‪ ،‬في تطوير‪ ،‬وتفعيل‪،‬‬ ‫ون�شر الو�سائل التعليمية‪ ،‬والتي ت�سهم في رفع الوعي‬ ‫المروري من خالل البرامج التلفزيونية‪ ،‬واالذاعية‪،‬‬ ‫واالنترنت‪.‬‬


‫مقال‬

‫أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫‪19‬‬

‫اسنـي"‬ ‫"فيا َو ْي َحكُ ْم َأ ْبلَ ـى َوتَ ْبلَ ـى َم َح ِ‬ ‫افي �أغلب الأوقات و�أنا �أت�صفح بريدي‬ ‫الوارد عبر "الوات�س �أب" ت�ستوقفني الكثير‬ ‫من الكلمات والجمل‪� ،‬أعيد قراءتها مرات‬ ‫إلي المعلومة‬ ‫عدة لأفهم معناها و�أخيراً ت�صل � َّ‬ ‫مت�أخراً وال�سبب هو الخط�أ في كتابة الكلمة‬ ‫حرف‬ ‫�أو طريقة كتابتها! لي�ست مجرد‬ ‫ٍ‬ ‫"�سقط �سهواً" و�إنما �أحرف "� ُأ�سقطت عمدا"ً‬ ‫بنية االخت�صار! تجد نف�سك �أنك تعي�ش في‬ ‫قالب لغوي ال ي�شبه ذلك الذي ت�شكلت عليه‬ ‫لغتك �سابقاً‪ ،‬وما يده�شك حقاً �أن هذه اللغة‬ ‫الجديدة كان لها حق الهيمنة وال�سيطرة‪ ،‬فكم‬ ‫�أنت �شخ�ص �أُمّي حين ال تفقه �شيئاً في هذه‬ ‫ٌ‬ ‫متزمت ت�أبى �إال �أن‬ ‫�شخ�ص �صارم‬ ‫اللغة‪� ،‬أو �أنك‬ ‫ٌ‬ ‫ت�سير على النهج القديم!‬ ‫هذا ما يحدث الآن مع االنت�شار الوا�سع‬ ‫والمخيف لو�سائل التوا�صل االجتماعي‬ ‫المختلفة‪ ،‬ول�سنا هنا ب�صدد الحديث عن‬ ‫�سلبياتها �أو �إيجابياتها بقدر ما �أردنا الوقوف‬ ‫على حال لغتنا العربية وهي تنه�ش منها‬ ‫هذه الو�سائل الحديثة‪ .‬فقد ا�ستدعى الأمر‬ ‫�إيجاد لغة عربية مخت�صرة ت�سهل عملية‬ ‫التوا�صل عبر هذه البرامج‪ ،‬لذا تم حذف‬ ‫حروف �أ�سا�سية من الكلمة �أو كتابة حرف بدل‬ ‫حرف �آخر �أو اخت�صار كلمة في حرف واحد‪،‬‬ ‫والأطرف من ذلك كله �أن تمتزج اللغة العربية‬ ‫باللغة الإنجليزية في قالب جديد يُدعى بلغة‬ ‫"العربيزي"‪.‬‬ ‫اتفق في �أننا �أ�صبحنا في ع�صر ال�سرعة ولي�س‬ ‫لدينا الوقت الكافي لأن ننمق الكلمات لتبدو‬ ‫ب�أبهى حلة‪ ،‬فالمطلوب هو �إي�صال المعلومة‬ ‫ال �أكثر‪ ،‬غير �أنه من الم�ؤ�سف �أننا ال نعي‬ ‫خطورة هذا الأمر بالن�سبة لنا وللأجيال‬ ‫القادمة‪ ،‬فجميع �أ�شكال االخت�صار تطم�س‬ ‫الجمال اللغوي الذي تنفرد به لغة ال�ضاد‪.‬‬ ‫وتنت�شر هذه اللغة خا�صة بين فئة م�ستخدمي‬ ‫�أو محترفي و�سائل التوا�صل االجتماعي ممن‬ ‫هم غالباً في مقتبل العمر‪ .‬وال�سبب في �إن�شاء‬ ‫هذه اللغة الخا�صة �أو اخت�صار اللغة العربية‬ ‫يُعزى �إلى �أمور عدة‪� ،‬أولها موجة "العولمة"‬

‫تدخل على تركيب الكلمة التي كانت في‬ ‫الأ�صل عبارة عن حرف م ٍّد �أو حركة تنوين‪،‬‬ ‫وفي المقابل �سقطت بع�ض الحروف من‬ ‫الكلمة مثل "�أل ال�شم�سية" غير المنطوقة‪.‬‬ ‫كل هذه الأمثلة نجدها تتكرر في حياتنا‬ ‫اليومية ب�شكل م�ستمر‪ ،‬وقد ال ندرك �أن هذه‬ ‫الأمور الب�سيطة ت�ؤثر تدريجياً في اللغة‬ ‫العربية و�أننا في طريقنا لدثرها لت�صبح فيما‬ ‫بعد غريبة لأجيال الم�ستقبل‪ .‬لذا ف�إنه من‬ ‫الجدير بكل �شخ�ص فينا �أن ي�سعى لحماية‬ ‫لغته العربية لأنه بدوره �سينقلها للأجيال‬ ‫القادمة فمنا المربي والمعلم الذي ينقل فكره‬ ‫وعلمه وثقافته للجيل الذي بين يديه‪.‬‬ ‫وي�شير خبراء اللغة العربية بمجمع اللغة‬ ‫العربية بالقاهرة �إلى تدهور اللغة العربية‬ ‫ب�سبب مواقع التوا�صل االجتماعي و�إ�ساءة‬ ‫ا�ستخدامها‪ ،‬كما �أنهم �أطلقوا تحذيراً �شديد‬ ‫اللهجة �إلى عدم ا�ستخدام اللغة العامية في‬ ‫جميع و�سائل الإعالم المختلفة‪ .‬وقد ذكر‬ ‫الأمين العام للمجمع ب�أنه تم تخ�صي�ص جائزة‬ ‫قيمتها ‪َ � 70‬‬ ‫ألف دوال ٍر لأف�ضل تطبيقٍ ذكي‬ ‫يخد ُم اللغة العربية‪ ،‬وجائز ٌة �أخرى مماثلة‬ ‫لأف�ضل مبادرة في توظيف و�سائل التوا�صل‬ ‫االجتماعي من �أجل ن�شر اللغة العربية‪ .‬ومثل‬ ‫هذه الجوائز ت�شجع بالفعل على االهتمام‬ ‫باللغة العربية وتقلل من التحديات التي‬ ‫تواجهها‪ ،‬وتبقى كذلك الم�سئولية فردية‬ ‫في �أن ي�سعى كل �شخ�ص �إلى ا�ستخدام لغته‬ ‫العربية بالطريقة ال�صحيحة وعدم التهاون‬ ‫في ذلك لما لدور الفرد من ت�أثير حيوي في‬ ‫هذا المجال‪ ،‬وها هي لغتنا العربية ت�ستغيث‬ ‫على ل�سان حافظ ابراهيم‪:‬‬

‫التي اجتاحت ثقافات ولغات ال�شعوب‪ ،‬ف�أ�صبح‬ ‫ال�شخ�ص المتح�ضر هو من يتحدث لغة غير‬ ‫لغته الأم �أو يدرج بع�ضاً من الكلمات الأجنبية‬ ‫�أثناء حديثه‪ ،‬كما نجد الآن انت�شار المدرا�س‬ ‫ثنائية اللغة التي ُتن�شئ الأطفال منذ نعومة‬ ‫�أظفارهم على التحدث والكتابة بلغة �أجنبية‬ ‫وهذا �أم ٌر لي�س بال�سيء في واقع الأمر‪ ،‬غير‬ ‫�أن هذه الفئة تن�ش�أ على تلك اللغة وحين ي�صل‬ ‫الأمر �إلى التوا�صل عبر و�سائل التوا�صل‬ ‫االجتماعي يجدون �أنف�سهم �أن اللغة العربية‬ ‫"معقدة" باحتوائها على مخارج �صوتية ال‬ ‫توجد في اللغات الأخرى مثل ال�ضاد والقاف‬ ‫والحاء والعين‪ ،‬لذلك تم ا�ستبدال هذه‬ ‫الحروف ب�أرقام فمث ً‬ ‫ال الرقم ‪ 7‬ي�شير �إلى‬ ‫حرف الحاء والرقم ‪ 3‬ي�شير �إلى حرف العين‪،‬‬ ‫وهكذا‪ .‬ومن ناحية �أخرى نجد ظهور لغة‬ ‫جديدة تدمج العربية والإنجليزية معاً‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال‬ ‫كثيراً ما ت�سمع مثل هذا النوع من الجمل‪:‬‬ ‫"لم �أقم بحل واجبي المنزلي اليوم غير �أن‬ ‫المدر�س لم يعاقبنج مي!" قد تبدو طريفة‬ ‫هذه اللغة وتجعلنا نبت�سم حين �سماعها غير‬ ‫�أنها قد ت�ؤثر حقاً على م�ستقبل لغتنا العربية‪.‬‬ ‫بالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬هناك العديد من الأخطاء‬ ‫الإمالئية التي يقع فيها الأ�شخا�ص وهم‬ ‫يتوا�صلون عبر و�سائل التوا�صل االجتماعي‬ ‫�سواء كان ذلك بق�صد �أو بدون ق�صد‪ ،‬وتعجب‬ ‫حين ترى �أن هذه الكلمة ت�صبح متداولة‬ ‫بخطئها لدرجة تجعل العين تعتاد على الخط�أ‬ ‫وال تتمكن فيما بعد من التمييز بين ال�صحيح‬ ‫والخاطئ‪ ،‬ومن الأمثلة الجلية ا�ستخدام‬ ‫حرفي "ال�ضاد" و"الظاء"‪� ،‬إذ تجد �أنه �أ�صبح‬ ‫من ال�صعب الآن �أن يميز ال�شخ�ص بين هذين‬ ‫الحرفين في�ستخدم �أياً منهما في كتابته‬ ‫ ‬ ‫وال يهمه �إن كان ذلك �صحيحاً �أم ال ثم ي�أتي فيا َو ْي َح ُك ْم �أَ ْبلَـى َو َت ْبلَـى م َ​َحا�سِ نـي‬ ‫وَمِ ْن ُكـم َو�إِ ْن عَـ َّز الـ َّد َوا ُء �أُ َ�ساتـي‬ ‫الأ�شخا�ص الآخرون من بعده ويكملون نف�س ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الم�سار با�ستخدام الكلمة ذاتها وهكذا �إلى �أن فــال ت ِكلـونـي للـزمَـانِ ف�إنـنـي ‬ ‫�أَ َخـ ُ‬ ‫ـاف َعلَ ْيـ ُكـ ْم � ْأن َتـحِ ـي َـن َو َفـاتــي‬ ‫ت�صبح هذه الكلمة "�صحيحة"! كذلك بالن�سبة‬ ‫ال�ستخدام قاعدة "كل ما يُنطق يُكتب وكل ماال‬ ‫يُنطق ال يُكتب" جعلت من حروف جديدة‬


‫تحليل‬

‫تنويع مصادر الدخل ‪..‬‬

‫دور القطاعين الحكومي و الخاص في تشغيل القوى العاملة الوطنية‬

‫‪20‬‬

‫د‪ .‬محمد رياض حمزة‬

‫تشير البيانات الخاصة بقسم التجارة الداخلية‬ ‫الصناعة من (الكتاب اإلحصائي السنوي‪ ،‬اإلصدار‬ ‫‪ 42‬لسنة ‪ – 2014‬المركز الوطني لإلحصاء‬ ‫والمعلومات) أن إجمالي عدد المؤسسات‬ ‫المسجلة في السجل التجاري حسب فئة رأس‬ ‫المال (بدون الفروع) بلغ ‪ 338‬ألفا و‪ 362‬مؤسسة‬ ‫للقطاع الخاص منها‪ 268 ،‬مؤسسة يتجاوز رأس‬ ‫مالها (‪ 5‬ماليين) ريال‪ .‬حتى نهاية ‪ 2013‬م‪ .‬وال‬ ‫توجد بيانات منشورة أحدث‪ ،‬وال يختلف الحال كثيرا‬ ‫في منتصف عام ‪ 2015‬عنه نهاية عام ‪.2013‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن من بين تلك المؤسسات‪،‬‬ ‫منشآت عائلية أو شركات كبرى يتجاوز رأس المال‬ ‫لكل منها ال ‪ 500‬مليون ريال‪ .‬منها ‪ 163‬منشأة‬ ‫ملكية فردية‪ ،‬و ‪ 43‬شركة تضامنية‪ ،‬و ‪ 30‬شركة‬ ‫توصية و ‪ 90‬شركة ذات مسؤولية محدودة‬ ‫خاضعة لالستثمار األجنبي‪ ،‬وأخريات أقل عددا‪.‬‬

‫هذا العدد من ال�شركات هي التي تمتلك القدرة‬ ‫والكفاءة لو�ضع برامج ت�شغيل للقوى العاملة‬ ‫الوطنية على �أ�س�س مدرو�سة‪ ،‬بالتن�سيق مع وزارة‬ ‫القوى العاملة والهيئة العامة ل�سجل القوى العاملة‪.‬‬ ‫ويتوقع �أن يتوجه �أكثر من ‪� 40‬ألف من القوى‬ ‫العاملة الوطنية �إلى �سوق العمل �سنويا من مختلف‬ ‫م�ستويات الت�أهيل (من خريجي التعليم العام من‬ ‫الذين لم يح�صلوا على مقاعد درا�سية في م�ؤ�س�سات‬ ‫التعليم العالي وخريجي التعليم التقني والمهني‬ ‫وخريجي الجامعات والكليات الحكومية والخا�صة)‪،‬‬ ‫ف�إن كل من�ش�أة �أو �شركة في القطاع الخا�ص البد‬

‫�أن يكون لديها توجّ ه حقيقي لتوفير فر�ص عمل‬ ‫ت�ستوعب القوى العاملة الوطنية الجديدة الآتية‬ ‫ل�سوق العمل‪� .‬إذ �أن القطاع الحكومي ال يمكن ان‬ ‫يوا�صل تعيين القوى العاملة في م�ؤ�س�ساته �إلى ما‬ ‫ال نهاية‪ .‬فالم�س�ؤولية االجتماعية لل�شركات تعد‬ ‫بمثابة �آلية التنظيم الذاتي التي يمكن من خاللها‬ ‫العمل الذي من �ش�أنه ر�صد و�ضمان التزامها‬ ‫بالقانون والمعايير الأخالقية والوطنية وو�ضع‬ ‫القواعد التي تبين حجم م�ساهمتها في التطوير‬ ‫االقت�صادي واالجتماعي‪ .‬ورجال الأعمال من �ش�أنهم‬ ‫تبني الم�س�ؤولية لمزيد من الهتمام بالقوى العاملة‬ ‫الوطنية‪.‬‬ ‫وبحلول العام الميالدي الجديد و�إعالن موازنة‬ ‫ال�سنة المالية ‪ 2015‬التي تم تقدير مواردها المالية‬ ‫والم�صروفات في �ضوء الهبوط الحاد لأ�سعار النفط‪،‬‬ ‫ف�إن القطاع الخا�ص في ال�سلطنة معني �أكثر من‬ ‫�أي وقت م�ضى في تعزيز ال�شراكة مع الحكومة‬ ‫لتن�شيط �سوق العمل وتوفير المزيد من فر�ص‬ ‫العمل في من�ش�آته و�شركاته فالقطاع الخا�ص في‬ ‫ال�سلطنة ي�ؤكد حر�صه على ت�شغيل القوى العاملة‬ ‫الوطنية‪ ،‬وبما �أن الأجور والرواتب ت�شكل ما ال يقل‬ ‫عن ‪ %30‬من التكاليف الكلية للعمل والإنتاج‪ ،‬ف�إن‬ ‫من�ش�آت القطاع الخا�ص تريد �أن تثبت القوى العاملة‬ ‫الوطنية الجدية والمثابرة والإنتاجية في �أي موقع‬ ‫وظيفي �أو مهنة تماثل �إنتاجية العامل الوافد �أو حتى‬ ‫تتفوق عليه لتنال الأجر والراتب الذي يتنا�سب مع‬ ‫�إنتاجيتها وخبرتها وت�أهيلها‪.‬‬ ‫وفي �آخر �إح�صائية وردت في الن�شرة ال�شهرية‬

‫لم�ؤ�شرات القوى العاملة الوافدة في من�ش�آت‬ ‫و�شركات القطاع الخا�ص حتى منت�صف ‪،2015‬‬ ‫بلغ عددها مليون و�أكثر من ‪� 600‬ألف وافد‪ .‬وعند‬ ‫متابعة واقع ا�ستقدام القوى العاملة الوافدة نجده‬ ‫في تنامي م�ستمر‪ ،‬مما ي�ؤكد تنامي �أن�شطة القطاع‬ ‫الخا�ص‪ .‬ومن جانب القوى العاملة الوطنية‬ ‫�أ�صبحت الآن مدركة �أن التعيين‪ ،‬والح�صول على‬ ‫فر�صة عمل لن ت�أتي للمواطن و�إنما عليه �أن ي�سعى‬ ‫بجد ومثابرة للح�صول عليها (ولي�س للإن�سان �إال ّ ما‬ ‫�سعى – �صدق اهلل العظيم)‪ ،‬كما �أن الطموح الم�شروع‬ ‫في العمل والرقي به والأجر الذي ير�ضيه غايات‬ ‫لن تتحقق �إ ّال بالعمل الجاد والإخال�ص والتفوق‬ ‫وتحقيق الإنتاجية‪ .‬و�إن الأجر �أو الراتب الذي‬ ‫يتقا�ضاه العامل �أو الموظف لي�س هبة �أو حق مكت�سب‬ ‫لمجرد المواطنة‪� ،‬إنه لقاء عمل ي�ؤديه المواطن في‬ ‫�إي موقع مهني �أو وظيفي بكل جد وتفان‪.‬‬ ‫كما �أن ت�شغيل القوى العاملة الوطنية �سواء كانوا‬ ‫من الباحثين عن عمل حاليا �أو من الذين ي�أتون �إلى‬ ‫�سوق العمل �سنة بعد �أخرى يتحقق بقيام م�شاريع‬ ‫�إنتاجية جديدة‪ .‬والمالحظ �أن معظم الم�شاريع‬ ‫التي تنفذها الحكومة ال�ستكمال لبنية الأ�سا�سية هي‬ ‫من �أعمال الهند�سة المدنية الإن�شائية‪ ،‬التي يحال‬ ‫تنفيذها �إلى �شركات خا�صة كبرى‪ ،‬و�أن معظم مهنها‬ ‫ووظائفها حكرا على غير العمانيين‪ .‬و�إن اال�ستثمار‬ ‫في م�شاريع �صناعية جديدة من قبل القطاع الخا�ص‬ ‫�ضعيف‪ ،‬و�إن وجد ف�إن ا�ستقدام قوى عاملة وافدة‬ ‫للعمل في تلك الم�شاريع �سيكون مرجحا للأ�سباب‬ ‫المذكورة‪.‬‬


‫تحليل‬

‫تجدر الإ�شارة �إلى �أن وزارة القوى العاملة تتابع‬ ‫بالتن�سيق مع غرفة تجارة و�صناعة عمان واتحاد‬ ‫عمال ال�سلطنة تعمل على الربط بين احتياجات‬ ‫من�ش�آت و�شركات القطاع الخا�ص وبين القوى‬ ‫العاملة الوطنية في �إطار فر�ص العمل التي تتوفر‬ ‫في �سوق العمل‪.‬‬ ‫وعند تقييم واقع ال�شراكة بين القطاعين العام‬ ‫والخا�ص‪ ،‬ف�إن حديث الم�س�ؤولين واالقت�صاديين‬ ‫يتكرر عن ال�شراكة بين القطاعين العام والخا�ص‬ ‫ويطالبون في كتاباتهم ب�شراكة حقيقية بين‬ ‫القطاعين وتكرار الحديث عن هذا المو�ضوع ي�ؤكد‬ ‫عدم وجود تلك ال�شراكة المن�شودة �إال بقدر يحدده‬ ‫القطاع الخا�ص‪ ،‬فحكومة ال�سلطنة �أغدقت ب�سخاء‬ ‫على القطاع الخا�ص و�ساندته بالت�شريعات ال ُمي َِ�سرة‬ ‫لت�أ�سي�س من�ش�آته و�شركاته وتو�سيعها ولبت ما طلب‬ ‫من القوى العاملة الوافدة على مدى نيّف و�أربعة‬ ‫عقود من عمر النه�ضة المباركة ‪ ،‬فالقطاع الخا�ص‬ ‫العماني ي�شغل ما تجاوز المليون و ‪� 700‬ألف عامل‬ ‫وافد في مختلف المهن والوظائف‪.‬‬ ‫ولتو�ضيح محدودية ال�شراكة بين القطاعين العام‬ ‫والخا�ص يمكن العودة �إلى موازنة ال�سلطنة المالية‬ ‫لل�سنة ‪ 2015‬لنتبيّن حجم والإيرادات المالية‬ ‫الحكومية المح�صلة من القطاع الخا�ص‪ ،‬فجملة‬ ‫واردات الموازنة بلغت ‪11‬مليار و‪ 600‬مليون ريال‪،‬‬ ‫حيث �ساهمت الواردات النفطية بن�سبة ‪ ،%79‬وغير‬ ‫النفطية بن�سبة ‪.%21‬‬ ‫لقد �أخذ مفهوم ال�شراكة بين القطاعين العام‬ ‫والخا�ص منحيين‪ ،‬الأول عرف بم�ساهمة القطاع‬ ‫الخا�ص بالدور الأكبر في القيام بممار�سة الأن�شطة‬ ‫االقت�صادية كافة‪ ،‬بما في ذلك م�شروعات البنية‬ ‫الأ�سا�سية للدولة‪ ،‬وت�شغيل القوى العاملة والإ�سهام‬ ‫الفاعل في ال�سيا�سات االجتماعية‪ ،‬وذلك متحقق‬ ‫في معظم الدول الر�أ�سمالية المتقدمة كالواليات‬ ‫المتحدة الأمريكية‪� .‬أما المفهوم الثاني فعرف‬ ‫تطبيقه في العدد الأكبر من دول العالم حيث‬ ‫يتقا�سم القطاعان العام والخا�ص ن�سبا متباينة من‬ ‫ال�شراكة‪ ،‬تت�سع �أو تتقل�ص ح�سب النظام االقت�صادي‬ ‫ـ ـ ال�سيا�سي‪ ،‬وتحدد حجم ال�شراكة بالمبادرات التي‬ ‫يقوم بها القطاع الخا�ص بالم�ساهمة‪ ،‬تمويال و�إدارة‪،‬‬ ‫في تنفيذ م�شروعات البنية الأ�سا�سية وال�سيا�سات‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫ال�شراكة بين القطاعين الخا�ص والعام بالإنجليزية‪:‬‬ ‫(‪ )public–private partnership‬التي ت�أخذ‬ ‫منحى �إبرام �أنواع من التعاقدات التي تتم بين‬ ‫الم�ؤ�س�سات الحكومية وبين من�ش�آت و�شركات القطاع‬ ‫الخا�ص‪ ،‬لتنفيذ م�شروعات �ضخمة تحتاج �إلى تمويل‬ ‫كبير‪ ،‬مثل م�شروعات البنية الأ�سا�سية‪ ،‬وظهر هذا‬ ‫النوع من ال�شراكة في ت�سعينيات القرن الع�شرين‪،‬‬ ‫وظهر في العديد من الدول مثل بريطانيا والهند‬ ‫ورو�سيا وكندا و�أ�ستراليا‪ .‬وكان �سبب رواج �صيغ‬ ‫ال�شراكة وات�ساع التعاقدات بين الجانبين نظراً لعدم‬

‫كفاية تمويل اال�ستثمارات الحكومية في الدول‪،‬‬ ‫والطلب المتزايد على م�شاريع البنية الأ�سا�سية‪.‬‬ ‫"فعلى مدى العقدين الما�ضيين (‪ 1990‬ـ ـ ‪ ،)2013‬تم‬ ‫توقيع ما يزيد عن ‪� 1400‬شراكة بين القطاعين العام‬ ‫والخا�ص في االتحاد الأوروبي؛ وبلغ �إجمالي ر�أ�س‬ ‫المال لهذه ال�شراكات حوالي ‪ 260‬مليار يورو‪ .‬منذ‬ ‫بداية الأزمة المالية العالمية عام ‪ .2008‬غير �أن عدد‬ ‫ال�شراكات بين القطاعين العام والخا�ص انخف�ض‬ ‫بن�سبة تزيد عن ‪ %40‬وذلك ب�سبب العجز المالي‬ ‫الذي اعترى �شركات القطاع الخا�ص "‪.‬‬ ‫تقرير اللجنة الأوروبية حول ال�شراكة بين القطاعين‬ ‫العام والخا�ص ي�ؤكد �أن م�ساهمة القطاع الخا�ص‬ ‫في اال�ستثمار في البنية الأ�سا�سية للدولة وتبني‬ ‫�سيا�سات اجتماعية يعتبر و�سيلة مهمة للحفاظ على‬ ‫الن�شاط االقت�صادي‪ .‬ونتيجة للدور الكبير الذي‬ ‫تلعبه ال�شراكة بين القطاعين العام والخا�ص في‬ ‫تطوير المجتمع‪ ،‬ولتع ّقد العالقة بين القطاعين‬ ‫و�إدارة ال�شراكة على �أ�س�س عملية‪ ،‬ت�أ�س�س "مركز‬ ‫الخبرة الأوروبي " لدعم قدرة القطاع العام على‬ ‫تنفيذ هذه ال�شراكات وم�شاركته في �إيجاد الحلول‬ ‫المالئمة للم�شكالت الم�شتركة المتعلقة باالقت�صاد‬ ‫والمجتمع وحتى في الخدمات العامة‪.‬‬ ‫ولتحقيق �شراكة حقيقية بين القطاعين العام‬ ‫والخا�ص في ال�سلطنة فهناك عدد من التحديات‬ ‫التي تتطلب التعاون والتن�سيق بين القطاعين على‬ ‫�أن ي�أخذ ال�صيغة الم�ؤ�س�سية‪ ،‬حيث يمثل القطاع‬ ‫الحكومي الوزارات المعنية كل ح�سب تخ�ص�صاتها‪،‬‬ ‫ويمثل القطاع الخا�ص غرفة تجارة و�صناعة‬ ‫عمان‪ .‬و�إن �أردنا �أن نقيّم المتحقق من ال�شراكة بين‬ ‫القطاعين العام والخا�ص في ال�سلطنة‪ ،‬فهناك‬ ‫عدد من التحديات التي تواجه االقت�صاد المجتمع‬ ‫العماني والتي تعمل حكومة ال�سلطنة متفردة على‬ ‫الت�صدي لها والتعامل معها بالحر�ص المعهود‪ ،‬التي‬ ‫أكثر من ‪ 40‬ألف من القوى‬ ‫العاملة الوافدة تحتل‬ ‫الوظائف القيادية في‬ ‫منشآت القطاع الخاص‪،‬‬

‫تتمثل بالعمل المتوا�صل ال�ستكمال البنية الأ�سا�سية‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬والمبادرة بتنويع م�صادر‬ ‫الدخل من م�شاريع ذات ُبعْدٍ ا�ستراتيجي (م�شاريع‬ ‫�صحار والدقم والمطارات‪ ...‬وغيرها)‪ ...‬ولعل‬ ‫تحدي ت�شغيل القوى العاملة الوطنية من بين‬ ‫التحديات التي يمكن �أن ت�ؤ�س�س ل�شراكة حقيقية بين‬ ‫القطاعين العام والخا�ص‪.‬‬ ‫تقارير وزارة القوى العاملة والهيئة العامة ل�سجل‬

‫القوى العاملة ت�ؤكد �إن هذا التحدي ال يزال قائما‪،‬‬ ‫فالتوظيف في القطاع الحكومي بلغ مداه وتجاوزه‬ ‫"فالدولة ب�أجهزتها المدنية والأمنية والع�سكرية‬ ‫لي�س بمقدورها �أن تظل الم�صدر الرئي�سي للت�شغيل‪.‬‬ ‫فتلك طاقة ال تملكها ومهمة لن تقوى على‬ ‫اال�ستمرار فيها �إلى ماال نهاية وعلى المواطنين‬ ‫�أن يدركوا �أن القطاع الخا�ص هو المجال الحقيقي‬ ‫للتوظيف على المدى البعيد" (خطاب جاللة‬ ‫ال�سلطان قابو�س �أمام مجل�س عمان ‪.)2012 /12/11‬‬ ‫ذلك توجيه المقام ال�سامي ال�شباب العماني وللقطاع‬ ‫الخا�ص‪ .‬وعند متابعة الجهد الحكومي لت�شغيل‬ ‫الباحثين عن عمل وا�ستقرار القوى العاملة الوطنية‬ ‫في من�ش�آت القطاع الخا�ص‪ ،‬وذلك الذي توا�صل‬ ‫عمله حثيثا كل من وزارة القوى العاملة والهيئة‬ ‫العامة ل�سجل القوى العاملة‪ ،‬فيمكن ت�شخي�ص‬ ‫العالقة بين القطاع الخا�ص من جهة وبين القوى‬ ‫العاملة الوطنية ب�أنها عالقة غير م�ستقرة‪ .‬فمعظم‬ ‫الباحثين عن عمل يتطلعون لوظيفة في الم�ؤ�س�سات‬ ‫الحكومية‪ ،‬ومعظم القوى العاملة الوطنية في‬ ‫من�ش�آت القطاع الخا�ص غير را�ضية ال عن �أجورها‬ ‫وال عن مواقعها الوظيفية وال عن تدريبها وال عن‬ ‫ال�ضمانات التقاعدية‪.‬‬ ‫�أما القطاع الخا�ص‪ ،‬فله حججه ب�ش�أن تحدي‬ ‫الباحثين عن عمل‪ .‬والبد من التذكير ب�أنه وبالرغم‬ ‫من الجهد الحكومي خالل عقدين من الزمن ف�إن‬ ‫ن�سبة القوى العاملة الوطنية في من�ش�آت القطاع‬ ‫الخا�ص‪ ،‬في تلك المهن والوظائف الممكنة‬ ‫التعمين‪ ،‬ال تتجاوز ‪� %25‬إلى جملة القوى العاملة‬ ‫الوافدة‪ .‬كما �أن هناك �أكثر من ‪� 40‬ألف من القوى‬ ‫العاملة الوافدة تحتل الوظائف القيادية في من�ش�آت‬ ‫القطاع الخا�ص‪ ،‬و�إن ن�سبة القوى العاملة الوطنية‬ ‫�إلى الوافدة ‪ %6‬فقط‪.‬‬ ‫ذلك ي�ؤكد �أن م�ساهمة القطاع الخا�ص في م�شاركة‬ ‫الحكومة لإيجاد حل لتحدي الباحثين عن عمل‬ ‫�أقل الطموح‪ .‬و�إن �أريد تحقيق �شراكة حقيقية بين‬ ‫القطاعين العام والخا�ص و�إيجاد حل لتحدي ت�شغيل‬ ‫القوى العاملة الوطنية ف�إنه ممكن وفق الت�صور‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫�إ ْن تعامل القطاع الخا�ص بجدية في تطبيق برامج‬ ‫الإحالل والتعمين و�أعطى الأولوية لت�شغيل القوى‬ ‫العاملة الوطنية في من�ش�آته‪.‬و�إ ْن خ�ص�ص القطاع‬ ‫الخا�ص جزء من �أرباحه الكلية ل�صالح �أجور‬ ‫القوى العاملة الوطنية‪ ،‬بما يتنا�سب والم�ستوى‬ ‫العام لتكاليف المعي�شة في ال�سلطنة‪.‬و�إ ْن التزم‬ ‫القطاع الخا�ص ب�شمول القوى العاملة الوطنية‬ ‫ب�ضمان تقاعدي مجزي مماثل لل�ضمان الحكومي‪.‬‬ ‫و�إ ْن اهتم القطاع الخا�ص بتدريب القوى العاملة‬ ‫الوطنية ومكنها من تبوء الوظائف القيادية‪.‬و�إ ْن‬ ‫تماثلت االمتيازات التي تح�صل عليها القوى العاملة‬ ‫الوطنية بين القطاعين‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫ذاكــرة‬

‫‪22‬‬

‫شهر يونيو‬

‫أحداث وأيام‬

‫ •‪ 1‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي للطفولة‪.‬‬ ‫ •‪ 5‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي للبيئة‬ ‫ •‪ 8‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي للمحيط‪.‬‬

‫ •‪ 12‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي لمحاربة تشغيل‬ ‫األطفال‪.‬‬ ‫ •‪ 14‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي للتبرع بالدم‪.‬‬ ‫ •‪ 15‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي لمحاربة المجاعة‪.‬‬ ‫ •‪ 16‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي ألطفال إفريقيا‬ ‫ •‪ 17‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي لمحاربة التصحر‬ ‫والجفاف‪.‬‬ ‫ •‪ 19‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي لألنيميا المنجلية‬ ‫ •‪ 20‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي لالجئين‪.‬‬ ‫ •‪ 26‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي لمحاربة تعاطي‬ ‫والمتاجرة بالمخدرات‪.‬‬ ‫ •‪ 29‬يونيو‪ :‬اليوم العالمي للتمثيل الغذائي‬

‫أحداث تاريخية‬

‫‪1986‬‬

‫افتتاح‬

‫أول وزارة للبيئة في السلطنة‪ ،‬وهي‬ ‫اول وزارة للبيئة على مستوى الدول‬ ‫العربية‪.‬‬

‫في شهر يونيو‬

‫ذاكرة‬

‫‪ 1815‬نابليون بونابرت يعلن عن دستور الحرية في‬

‫‪ 1973‬أول مخيم ينمي العمل التطوعي للشباب في سلطنة عمان‪.‬‬

‫‪ 1859‬ساعة بيج بن في لندن تبدأ عملها وذلك في‬

‫‪ 1977‬انضمام السلطنة إلى الهيئة الكشفية الدولية‪.‬‬

‫‪ 1875‬ظهور التلفون ألول مرة على يد المخترع‬

‫‪ 1982‬وضع حجر األساس لمصنع ريسوت لإلسمنت‪.‬‬

‫‪ 1901‬اكتشاف إشعاعات عنصر اليورانيوم من قبل‬

‫‪ 1985‬اكتشاف مدينة أثرية في وادي فزح في صحار تعود لأللف األول قبل الميالد‪.‬‬

‫‪ 1938‬اإلصدار األول للمجلة المصورة سوبرمان‪.‬‬

‫‪1986‬تنفيذ أول مشروع من نوعه لتنمية الثروة السمكية‪.‬‬

‫فرنسا‪.‬‬

‫عهد الملكة فيكتوريا‪.‬‬ ‫الكساندر غراهام بل‪.‬‬

‫الفرنسي هنري بيكيريل‪.‬‬

‫‪ 1963‬الرئيس األمريكي جون كينيدي يوافق على‬

‫قانون المساواة بين الرجل والمرأة في األجر‬ ‫عند أداء نفس العمل‪.‬‬

‫‪ 1975‬تخريج أول فوج من المظلين العمانيين تحت رعاية صاحب الجاللة السلطان قابوس‪.‬‬ ‫‪ 1979‬المباراة األولى للفرق الموسيقية بالسلطنة تحت رعاية جاللته‪.‬‬ ‫‪ 1983‬عام الشبيبة‪.‬‬

‫‪ 1986‬افتتاح أول وزارة للبيئة في السلطنة‪ ،‬وهي اول وزارة للبيئة على مستوى الدول العربية‪.‬‬ ‫‪ 1986‬وصول سفينة شباب عمان إلى نيويورك‪.‬‬

‫‪ 1987‬إصدار السندات الحكومية ألول مرة في تاريخ السلطنة من البنك العماني المركزي‪.‬‬

‫‪ 1977‬ستيف جوبز يطرح أبل في األسواق‪.‬‬

‫فعاليات الشهر‬

‫‪ 1980‬المحطة اإلخبارية العالمية سي إن إن تبدأ‬ ‫عملها‪.‬‬

‫‪ 2007‬تكون إعصار جونو في بحر العرب‪.‬‬

‫ ‬

‫•ينظم النادي الثقافي محاضرة في الفكر اإلسالمي المعاصر‪ ،‬للمفكر حسن حنفي‪ ،‬والتي‬

‫ ‬

‫•معرض الموضة والجمال ‪ ،2015‬والذي تنظمه مشاريع حدث المستقبل‪ ،‬فرع صحار‪ ،‬وذلك في‬

‫ ‬

‫•ندوة الحركة العلمية في عصر اليعاربة‪ ،‬ومحاضرة إضاءات على الواقع العربي المعاصر‪ ،‬في يونيو‬

‫ ‬

‫•تنظم الهيئة العامة للصناعات الحرفية‪ ،‬في يونيو ‪2015‬م‪ ،‬ملتقى تدريبي وتأهيلي للحرفيين‬

‫ ‬

‫•ندوة من أعالمنا‪ ،‬والذي ينظمها النادي الثقافي‪ ،‬في ‪ 09‬يونيو ‪2015‬م‪ ،‬ويقدمها "جواد‬

‫ستقام في مبنى النادي الثقافي‪ ،‬وذلك في ‪ 2‬يونيو ‪2015‬م‪.‬‬ ‫‪ 4-6‬يونيو‪.2015‬‬

‫‪2015‬م‪ ،‬تنظمها اللجنة الرئيسة لالحتفاء بنزوى عاصمة الثقافة ‪2015‬م‪.‬‬

‫بمركز تدريب‪ ،‬وانتاج الفخار ببهالء‪ ،‬وامسية شعرية بجامعة نزوى‪.‬‬ ‫الخابوري"‪ ،‬بمبنى النادي الثقافي‪.‬‬


‫مقال‬ ‫مقال‬

‫د‪ .‬محمد سعد شحاته‬ ‫‪mohamedshehata2008@gmail.com‬‬

‫أزمة صياغة‪ ..‬أم مأزق مجتمع؟‬ ‫�أثار اقتراحنا الذي قدمناه العدد الما�ضي �شجو ًنا كثيرة؛‬ ‫حيث ك�شف عمق �أزمتنا التي نعي�شها في العالم العربي؛ فم�صطلح‬ ‫‪ feedback‬الذي اقترحنا �أن تكون ترجمته "تغذية مُرجعة"‬ ‫في اال�ستخدام العربي‪ ،‬له �أكثر من ع�شر ترجمات �أخرى‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫تغذية راجعة‪ ،‬التغذية الرجعية‪ ،‬التغذية اال�سترجاعية‪ ،‬تغذية‬ ‫ارتجاعية‪ ،‬تغذية مرتجعة‪ ،‬تغذية مرتدة‪ ،‬تقارن ارتجاعي‪ ،‬تغذية‬ ‫عائدة‪ ،‬تغذية عك�سية‪ ،‬ا�ستجابة َر ِّديَة‪ ،‬وهي ال�صيغ التي تجعلنا‬ ‫جميعا في حيرة ف�أي �صيغة منها يمكن لنا �أن نعتمدها حال‬ ‫ا�ستخدام هذا المفهوم؟‬ ‫نناق�ش ـ هنا ـ المعاني المعجمية وال�صرفية للترجمات المطروحة‬ ‫للمفهوم الأجنبي بعدما بينا في المقال ال�سابق خط�أ اعتماد‬ ‫ترجمته �إلى "تغذية مرتجعة �أو راجعة‪� ،‬أما ال�صياغة الثالثة‬ ‫لترجمة المفهوم فهي "التغذية الرجعية"‪ ،‬وهي ال�صياغة التي‬ ‫تعتمد �صياغة الم�صدر ال�صناعي‪ ،‬بنت الع�صر الحديث و�أكثر‬ ‫المفاهيم تعبيرًا عن روحه‪ ،‬لكنها ال�صياغة التي تلتب�س في الوقت‬ ‫نف�سه مع م�ضاد التقدمية‪ ،‬بما يجعل مفهوم الم�صطلح مغايرًا‬ ‫لما �أراده وا�ضعوه؛ فهي و�إن كانت ت�شي بعملية رجوع في م�سار‬ ‫التغذية الحادثة للنظام والواقعة عليه؛ ف�إنها تحمل معن ًى �سلبيًّا‬ ‫في المقابل حيث تر�سخ �أن العودة لم�سار التغذية وتدخلها هي‬ ‫عملية ق�سرية ترتد بنا �إلى م�سارات �سبق �أن قطعناها‪ ،‬في حين‬ ‫�أن عملية التغذية الحادثة هي تالية للك�شف عن مُخرجات النظام‬ ‫و�سابق ٌة في الوقت نف�سه لمحاولة �إعادة ا�ستخدام العمليات‬ ‫الو�سيطة الحادثة لمدخالت هذا النظام‪� ،‬أي �أنه ال ترتيب �أو‬ ‫�أف�ضلية في هذه العمليات يجعلنا نقبل مفهوم الرجوع باعتباره‬ ‫نزوال في الرتبة �أو المكانة التي حققها تقدم النظام �أو م�سيرته‬ ‫في خط واحد‪ ،‬لأن المت�أمل لطبيعة �أي نظام يخ�ضع لعمليات‬ ‫مراجعة �سيكت�شف �أن الرجوع بالتغذية بعد مراجعة النتائج يجعل‬ ‫النظام دائريًّا ولي�س ًّ‬ ‫خطا م�ستقيمًا كما تفتر�ض هذه الت�سمية‪.‬‬ ‫وال�صياغة الرابعة لترجمة المفهوم هي‪ :‬التغذية اال�سترجاعية‪،‬‬ ‫وهي التي �صيغت من الم�صدر ال�صناعي للفعل ال�سدا�سي‪:‬‬ ‫"ا�سترجع‪ ،‬وزن ا�ستفعل ال�صرفي"‪ ،‬وهي ال�صيغة التي ترتبط في‬ ‫البنية العقلية العربية بطلب الفعل‪ :‬فا�ستفهم تعني طلب الفهم‪،‬‬ ‫وهو ما يترتب عليه �أن "ا�سترجع‪ :‬تعني طلب الرجوع"‪ ،‬وهي‬ ‫ال�صيغة التي تهمل بعد الفاعل ودوره‪ ،‬كما �أنها فعل الرجوع من‬ ‫ت�صرفات ما نعيده من عملية مراجعة لعمليات �أي نظام و�سيطة‪.‬‬ ‫ال�صيغة الخام�سة للترجمة تنقل المفهوم بعبارة‪ :‬تغذية‬ ‫ارتجاعية‪ ،‬وهي الم�صاغة من الفعل الخما�سي المزيد "ارتجع‪:‬‬ ‫وزن افتعل ال�صرفي"‪ ،‬على هيئة الم�صدر ال�صناعي � ً‬ ‫أي�ضا‪ .‬و�إذا‬ ‫كان قبول ا�ستخدام الم�صدر ال�صناعي ال خالف عليه في هذه‬ ‫ال�صيغة �أو غيرها من ال�صيغ الأخرى‪ ،‬فالخالف ـ هنا ـ من الفعل‬ ‫الخما�سي الذي �صيغ منه الم�صدر ال�صناعي‪" :‬ارتجاعية"؛ لأن‬ ‫�صيغته ال�صرفية "افتعل" تدل فيما تدل على التزيّد والمطاوعة‬ ‫واال�ستجابة‪ ،‬مثلما نقول‪� :‬أرجعناه فارتجع‪ ،‬وتو�ضح هذه ال�صيغة‬

‫�أن " ً‬ ‫�ضغطا ما" �أو م�ؤثرًا ما قد حدث على فاعل الفعل الأ�صلي‬ ‫فا�ستجاب له طائعًا‪ ،‬وهي ال�صيغة التي ال تحقق الفهم المق�صود‬ ‫من ا�ستخدام هذا الم�صطلح‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويقترب من نفي دور الفاعل‪� ،‬أي�ضا‪ ،‬ترجمة المفهوم �إلى عبارة‬ ‫"تغذية عائدة"‪ ،‬وذلك لأن هذه التغذية التي نقوم بها ال تعود من‬ ‫تلقاء نف�سها‪ ،‬لن�ستخدم في التعبير عنها �صيغة ا�سم الفاعل من‬ ‫الفعل‪" :‬عاد"‪ ،‬هي لي�ست عائدة �إنما هي مُعادة �إلى النظام‪.‬‬ ‫�أما ترجمة المفهوم �إلى "تغذية عك�سية"‪ ،‬فهي تعني �أن عمليات‬ ‫المراجعة لتي يخ�ضع لها النظام ت�سير في اتجاه مخالف لما هو‬ ‫مفتر�ض؛ كما �أنها تحمل �ضم ًنا القول الواحد بخطية النظام‬ ‫ولي�س دائريته؛ حيث ال يقبل النقد والإ�صالح ويتعامل معه‬ ‫باعتباره في االتجاه المخالف �أو العك�سي التجاه النظام‪ ،‬في حين‬ ‫�أن عملية التغذية الحادثة لي�ست عك�س اتجاه النظام الأ�صلي بل‬ ‫�إنها خطوة �أ�سا�سية لي�صل النظام الأ�صلي �إلى اتجاهه المفتر�ض‪.‬‬ ‫�أما ترجمة الم�صطلح �إلى "ا�ستجابة َر ِّديَة" فهي ال�صياغة التي‬ ‫اعتمدت على الو�صف بالم�صدر ال�صناعي الم�شتق من الم�صدر‬ ‫الثالثي‪ :‬ر ًّدا‪ ،‬لكنها تخفي المفعول؛ حيث نقول‪ :‬رددنا التغذية‬ ‫�إلى النظام ر ًّدا؛ فالتغذية مردودة �إلى النظام‪ ،‬لكنها ال�صياغة التي‬ ‫ت�ساوي ـ با�ستخدامها م�شتق الم�صدر ـ بين الفاعل والمفعول‪،‬‬ ‫وهذا ما ال يقول به المفهوم الأ�صلي للم�صطلح‪.‬‬ ‫بقيت الترجمة بعبارة‪" :‬تقارن ارتجاعي"‪ ،‬ب�صيغة جديدة تظهر‪،‬‬ ‫ت�ستخدم م�صدر الفعل الخما�سي "تقارَن‪ :‬وزن تفاعل" مع ال�صفة‬ ‫الم�صاغة من الم�صدر ال�صناعي‪" :‬ارتجاعي"؛ ولننظر في الفعل‬ ‫الخما�سي "تقارن"‪� :‬إنها �صيغة التفاعل‪ ،‬لكن هل تقارن التغذية‬ ‫التي نجريها نف�سها مع النظام مثال؟ عملية التغذية التي نرجعها‬ ‫�إلى عمليات النظام الو�سيطة لي�ست من المقارنة في �شيء لنقبل‬ ‫بهذه ال�صياغة‪ ،‬كما �أنها تبعد الفهم الأ�سا�سي للم�صطلح عن دقته‬ ‫المرجوة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ماذا يك�شف لنا كل هذا؟ �أعني وجود ع�شر ترجمات ـ وفقا لقواعد‬ ‫اللغة وبنية �صيغها ال�صرفية ـ خاطئة وال تعبر عن المفهوم‬ ‫بدقة؟!‬ ‫�سنتخطى مفهوم عالقة المترجم باللغة ودقائق تراكيبها‬ ‫ال�صرفية ومعانيها‪� ،‬إلى الكالم عن دور غائب لأهل اللغة‬ ‫وعلمائها و�أكاديمياتها ومجامعها البحثية‪ ،‬ومدى ت�أثير جهودهم‬ ‫مجتمعين في حركة البحث العلمي‪ ،‬كما �أننا �سنتخطى هذا كله‬ ‫�إلى م�أزق �أمة ت�ستخدم ما يقذفه لها الغرب المتقدم دون �أن‬ ‫ترهق نف�سها في نحت مقابل �صحيح لما ت�ستخدمه في لغتها‪،‬‬ ‫كما نتخطى هذا ـ � ً‬ ‫أي�ضا ـ للحديث عن جامعات ونظم تعليم ال‬ ‫يعرف خريجوها الفرق بين ال�صياغات المتنوعة للغتهم‪ ،‬وهذه‬ ‫كلها �أحاديث ذات �شجون‪ ،‬تك�شف م�أزق مجتمعات باعت هويتها‬ ‫وتجان�سها الفكري‪ ،‬و�أ�صبح كل فريق من علمائها يعمل منفر ًدا‬ ‫بعي ًدا عن دوره‪ ،‬ربما في برجه العاجي‪� ،‬أو �صومعته‪� ،‬أو �أكاديميته‪،‬‬ ‫بال �صدى في المجتمع‪ ،‬وما يحتاج �إليه‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫مقال‬ ‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬

‫‪24‬‬

‫‪mirfat.alaraimi@oeppa.om‬‬

‫‪ 1000‬عالم ٌعماني ‪ ..‬مجرد بداية‬ ‫بح�صوله على جائزة نوبل للكمياء عام ‪ ١٩٩٩‬بدء‬ ‫الحلم فعاد �إلى الوطن بعد عقود من الغربة لي�ضع‬ ‫الحجر الأ�سا�س لإن�شاء المدينة العلمية لخدمة م�صر‬ ‫والعالم العربي‪ .‬وعندما �سئل عن ال�سبب قال الدكتور‬ ‫�أحمد زويل "العلم �صار اللغة الدولية الأ�سا�سية للعالم‬ ‫وبهذا الم�شروع نحن ِّ‬ ‫نح�ضر لم�ستقبل �أف�ضل‪ ،‬ولن نكتفي‬ ‫بالحديث عن الأهرامات الممتدة منذ ‪ 3500‬عام"‪ .‬كان‬ ‫ذلك في عام ‪ ٢٠٠٠‬واليوم ت�ستعد (مدينة زويل) ال�ستقبال‬ ‫العديد من ال�شباب الموهوبين من م�صر والعالم العربي‬ ‫يتدربون على �أيدي علماء وباحثين من مختلف العلوم‬ ‫وتحتوي المدينة على ع�شر مراكز بحثية علمية و�ستة‬ ‫معاهد علمية وجامعة للعلوم والتكنولوجيا ومركزا‬ ‫للدرا�سات اال�ستراتيجية وهرما للتكنولوجيا‪.‬‬ ‫�إن تجربة المدينة العلمية بم�صر لي�ست الوحيدة فم�ؤخرا‬ ‫انتهجت العديد من الدول العربية والخليجية النهج‬ ‫نف�سه لأهميته في �إيجاد بيئة علمية ت�ستقطب �أ�صحاب‬ ‫العقول المتميزة والتخ�ص�صات النادرة من �أبناء الوطن �أو‬ ‫القاطنين فيها‪ ،‬في مدينة متخ�ص�صة تحتوي على كافة‬ ‫الم�ستلزمات العلمية والتكنولوجية الحديثة والأدوات‬ ‫البحثية‪ ،‬وت�ضم �أي�ضا جامعات ومراكز بحثية ومختبرات‬ ‫علمية وور�ش فنية للمبدعين ي�شرِّف على �إدارتها علماء‬ ‫وباحثين‪.‬‬ ‫وفي تقرير لليون�سكو ذكر �أن ‪ ٪٥٠‬من براءات االختراع‬ ‫م�سجلة با�سم الواليات المتحدة واليابان؛ ولذلك ففكرة‬ ‫�إن�شاء المدن العلمية لم ي�أت من فراغ خ�صو�صا في العالم‬ ‫العربي فالبيئة الإدارية والعملية في م�ؤ�س�سات الدول‬ ‫النامية بها الكثير من الثغرات فهي بيئات غير جاذبة‬ ‫للعلم والعلماء نتيجة للبيروقراطية الإدارية والأنظمة‬ ‫التعليمية التي تنتهج �سيا�سة التعليم من �أجل الح�صول‬ ‫على ال�شهادة ولي�س من �أجل اكت�ساب المعرفة بالإ�ضافة‬ ‫�إلى عدم وجود �آلية وا�ضحة في �إدارة الموارد الب�شرية‬ ‫بالم�ؤ�س�سات تعمل على ا�ستقطاب المواهب وتقوم‬ ‫ب�إدارتهم �إدارة فاعلة‪.‬‬ ‫�إ ّن هجرة التخ�ص�صات النادرة والنابغة �أو ما يطلق عليه‬ ‫ا�صطالحً ا (هجرة العقول �أو الأدمغة) لي�ست وليدة اليوم‬ ‫بل ظهرت منذ خم�سينيات القرن الما�ضي وهذه الهجرة‬ ‫كانت �سببا فيما بعد في تحوّل بلدان العالم المتق ّدم �إلى‬ ‫(محا�ضن العلم والإبداع) و�ساعدها على ذلك ما تملكه‬ ‫من وفرة في الإمكانيات والبيئات العلمية واالجتماعية‬ ‫وعادة ما تتقبل الدول الم�صدرة للعقول فكرة هجرة‬ ‫�أبنائها متذرع ًة بعدم وجود �أهداف وخطط وبيئة علمية‬ ‫تكاملية في البلد الأم ت�ستثمر هذه العقول‪.‬‬

‫وعندما �أرادت بع�ض الحكومات االنتقال ببلدانهم‬ ‫من طبقة الدول النامية غلى الدول المتقدمة �أدركت‬ ‫�أن ال�سبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو االهتمام بالعلم‬ ‫و�إعداد العلماء واالخت�صا�صيين فمن خالل �أعوام من‬ ‫اعتماد تلك الدول على العقول الم�ستوردة والخبرات‬ ‫الخارجية لم ت�ستطع �إال طالء واجهة مجتمعاتها‬ ‫بالتح�ضر مع احتفاظها ب�سمات الت�أخر‪ .‬كما �إن ا�ستيراد‬ ‫العقول له محاذير كثيرة من �أبرزها �أن كل مجتمع‬ ‫يتمتع بخ�صو�صية اجتماعية ال يعلمها �إال �أبنا�ؤه ناهيك‬ ‫عن التكلفة العالية لال�ستثمار في موارد ب�شرية لن تنقل‬ ‫المعرفة �إلى المجتمع الم�ست�ضيف‪.‬‬ ‫وقد ا�ستطاعت بع�ض الدول التي تعد اليوم من الدول‬ ‫المتقدمة علميا كاليابان و�سنغافورة وماليزيا والهند‬ ‫و�إيران وكوريا �أن تتدارك الأمر بانتهاج ا�ستراتيجية بعيدة‬ ‫المدى ا�ستغرقت في بع�ض البلدان ما يقارب ‪ ٣‬عقود‬ ‫زمنية تركزت على عدة نقاط‪:‬‬ ‫ ‪Ó‬انتقاء المتفوقين علميا من مخرجات التعليم العام‬ ‫و�إر�سالهم في بعثات في التخ�ص�صات النادرة للح�صول‬ ‫على م�ؤهالت علمية في �أرقى جامعات العالم‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬متابعة ورعاية المبتعثين علميا واجتماعيا وتوظيفهم‬ ‫ل�ضمان عودتهم‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬بعد تخرجهم يتم توفير بيئة علمية وعملية جاذبة لهم‬ ‫واالعتماد عليهم في نقل الخبرات العلمية للمبتعثين‬ ‫الجدد‪� ،‬إ�ضافة �إلى �إ�شراكهم كخبرات وطنية في �إن�شاء‬ ‫بيوت خبرة في مختلف المجاالت مع اال�ستمرار في‬ ‫دعمهم علميا من خالل �إجراء الدرا�سات وبحوث‬ ‫الترقي‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬االعتماد على الباحثين‪ ،‬والعلماء من المواطنين في‬ ‫�صياغة �أية ا�ستراتيجية وطنية �أو درا�سة اي م�شكلة‬ ‫وو�ضع حلول لها‪ ،‬فقد ذكر مهاتير محمد رئي�س الوزراء‬ ‫الماليزي الأ�سبق وم�ؤ�س�س نه�ضتها الحديثة في كتابه‬ ‫(بيتنا طبيب) والذي يحكي فيه عن �سيرته الذاتية �أنه‬ ‫وجد �أن معظم الخرجين في بالده كانوا مدر�سين للغة‬ ‫العربية والثقافة الإ�سالمية و�أغلب المواطنين يعمل‬ ‫في مجال الزراعة!! فقرر �إر�سال المواطنين في بعثات‬ ‫خارجية في مختلف التخ�ص�صات لإن�شاء بيوت خبرة‬ ‫وطنية‪.‬‬ ‫ ‪Ó‬وفقا لنظريات اال�ستراتيجية ف�إن ن�سبة ال تزيد عن ‪٪١٠‬‬ ‫هي ن�سبة الموهبين الم�ستقلين بالم�ؤ�س�سات وبهم يمكن‬ ‫�إحداث التطوير‪ ،‬و�إدارة التغيير وتطبيق اال�ستراتيجيات‬ ‫الحديثة لذلك ف�إنه من المهم التركيز على تطبيقات‬ ‫�إدارة الموارد الب�شرية الحديثة ك�إدارة المواهب في‬

‫الم�ؤ�س�سات على اعتبارها �أهم موارد الم�ؤ�س�سات وذلك‬ ‫بجذب وتوظيف المر�شحين من الم�ؤهلين ذوي المواهب‬ ‫والقدرات التناف�سية و �إدارة وتحديد رواتب الموهبين‬ ‫للحفاظ عليهم و تطبيق برامج الحفاظ واالبقاء على‬ ‫المواهب وتوفير فر�ص التدريب والتطوير الم�ستمرة‬ ‫و�إدارة عمليات الأداء ب�أ�ساليب حديثة‪.‬‬ ‫ ‪�Ó‬إن�شاء م�ؤ�س�سة علمية �أو مدينة علمية �أو حا�ضنة جاذبة‬ ‫للمخترعين‪ ،‬والباحثين‪ ،‬والمبتكرين في المجاالت‬ ‫المختلفة تقدم خدمات التمويل والتوجيه والت�سجيل‬ ‫لبراءات االختراع والت�سويق التجاري لها في العالم ولعل‬ ‫التجربة الفنلندية في هذا المجال من �أف�ضل التجارب‬ ‫التي قر�أتها‪ ،‬وتقوم فكرة الم�ؤ�س�سة على دعم االختراعات‬ ‫الفنلندية وتطويرها وا�ستغاللها وت�شجّ يع االبتكار‪ ،‬كما‬ ‫تقوم بتقديم الم�شورة القانونية والدعم المالي فيما‬ ‫يتعلق ب�إ�صدار براءات االختراع‪ .‬وهي تقدم خدماتها �إلى‬ ‫المخترعين في القطاع الخا�ص والباحثين الم�ستقلين‪،‬‬ ‫وال�شركات ال�صغيرة والمتو�سطة في فنلندا وبالتالي‬ ‫فهناك جهة يمكن �أن يق�صدها المبدعون والمخترعون‬ ‫تحت �إ�شراف الدولة‪.‬‬ ‫وفي بالدنا يتخرج كل عام الآالف من �أبناءنا من م�ؤ�س�سات‬ ‫التعليم العام الحكومي والخا�ص والكثير منهم يح�صل‬ ‫على فر�صة الدرا�سات العليا على نفقة الحكومة لذلك‬ ‫ننادي بو�ضع ا�ستراتيجية وطنية عمانية وخطة م�ستقبلية‬ ‫للع�شرين عاما القادمة تعتمد على قيا�س النتائج وبتحديد‬ ‫هدف وا�ضح قابل للقيا�س يتمحور حول �إعداد ‪ ١٠٠٠‬عالم‬ ‫عماني في مختلف المجاالت والعلوم وذلك بانتقاء ‪١٠٠‬‬ ‫�شاب و�شابة من المتفوقين من مخرجات التعليم العام‬ ‫في كل عام وبعناية �شديدة يتم �إخ�ضاعهم لعدة اختبارات‬ ‫تتنوّع ما بين اختبار قدرات ومهارات واختبارات �شخ�صية‬ ‫ثم �إر�سالهم للدرا�سة في �أرقى جامعات العالم خ�صو�صا‬ ‫في التخ�ص�صات النادرة على �أن يتم تعيين م�شرفين من‬ ‫المواهب العمانية المتخ�ص�صة التي يتم �إعدادها لتقديم‬ ‫اال�ست�شارات والتوجيه لهذه الكوادر في المجاالت كافة‬ ‫حتى بعد تخرجهم ومن ثم توجيههم �إلى مواقع العمل في‬ ‫مجاالت التخ�ص�ص والبحث العلمي‪.‬‬ ‫وخالل ع�شرين عاما من تطبيق هذه اال�ستراتيجية‬ ‫�سيكون لدينا علماء ينقلون المعرفة للأجيال القادمة‬ ‫وبيوت خبرة متخ�ص�صة و�صناعات عمانية‪ .‬ومازالت‬ ‫المتقدمة وعلى الرغم من تفوقها علميا تر�سل المتفوقين‬ ‫للدرا�سة بالخارج لي�س ب�سبب ق�صور �أنظمتها التعليمية‬ ‫بل من �أجل االحتكاك بالخبرات العالمية والعلماء ونقل‬ ‫المعرفة الحديثة �إلى الوطن‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.