إصدار رواق العدد الثالث

Page 1

‫العدد (‪)٣‬‬

‫إصدارشهري يصدر عن‬ ‫مايو ‪٢٠١٥‬م‬

‫‪%91,9‬‬ ‫نسبة المعلمات العمانيات‬ ‫في المدارس الحكومية‬ ‫‪٢٠١٤ - ٢٠١٣‬‬

‫‪6‬‬

‫مركــز الدراســـات والبحــوث‬

‫كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية‬ ‫واإلسالمية طوق نجاة لي ولبحوثي‬

‫‪14‬‬

‫تزايد الطلب العالمي‬ ‫على المياه‬

‫‪20‬‬

‫التحدي اآلني والمستقبلي‬ ‫لالقتصاد العماني‬


‫انطالقة‬

‫‪2‬‬

‫امسح وشاهد‬ ‫المتعددة في‬ ‫في إطار توظيف الوسائط‬ ‫ّ‬ ‫القراء‬ ‫الورقية للمزيد من التفاعل مع‬ ‫الصحافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫للمرة األولى في‬ ‫يدشن "رواق" خدمة جديدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطور التكنولوجي‬ ‫السلطنة مستفيدين من‬ ‫ّ‬

‫وجعله في خدمة القاريء ولمشاهدة مقاطع‬ ‫قم بالمسح‬ ‫الفيديو الموجودة بـ"رواق"‬ ‫ْ‬ ‫بكل مقطع فيديو‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الضوئي (للباركود) الخاص‬

‫وبإمكان مستخدمي أجهزة الهواتف المحمولة‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫والحواسيب‬ ‫ّ‬ ‫االندرويد تحميل برنامج (َ‪)QR Code Reader‬‬

‫من متجر (‪ )Play Store‬كما يمكن لمستخدمي‬

‫اللوحية التي تعمل بنظام‬ ‫الهواتف واألجهزة‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )iOS‬تحميله من موقع (‪.)iTunes‬‬

‫الرئيس التنفيذي‬ ‫د‪ .‬إبراهيم بن أحمد الكندي‬

‫اإلشراف التحريري‬

‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬ ‫مديرة مركز الدراسات والبحوث‬

‫المراجعة التحريرية‬ ‫عبد الرزاق الربيعي‬ ‫ناصر أبو عون‬

‫التنسيق الفني والمتابعة‬ ‫زبيدة بنت علي البلوشية‬

‫التصوير واإلنتاج الفني‬

‫حمــد الرئيــــسي ـــ عبد العزيز السكيتي‬

‫اإلخراج والتنفيذ‬ ‫طاهر الحراصي‬

‫محمد بن راشد العيسائي‬

‫العـدد ‪4‬‬

‫مع رواق‬

‫م‪ .‬اأحمد حممد الكثريي‬ ‫اأخ�شائي اأول اإر�شاد مراعي وغابات‬

‫بحوث خلدمة املجتمع ودعم �صانع القرار‬

‫اإ�سدارات مركز الدرا�سات والبحوث‬

‫ال�صناعات احلرفية التقليدية من‬ ‫النباتات املحلية يف حمافظة ظفار‬

‫كرا�صــــات‬ ‫ا�صرتاتيجية‬

‫الترجمة‬

‫أحالم بنت صالح الشعيلية‬ ‫إصدار متخصص يصدر عن مركز الدراسات والبحوث ويوزع مع جريدة عمان‬

‫جميع اآلراء الواردة في اإلصدار تعبر عن آراء كاتبيها فقط وال تعبر عن رأي المركز‪.‬‬ ‫يرحب رواق بجميع المشاركات والمساهمات واالبتكارات العلمية والبحثية التي تقدم‬ ‫حلوال قابلة للتطبيق‪ ،‬ونرجو تواصلكم عبر‪:‬‬

‫هاتف‪/24649145 - 24649192:‬فاكس‪24649143 :‬‬ ‫ايميل‪rawaq.r.s.c@gmail.com :‬‬ ‫ُط ِبع بمطابع مؤسسة ُعمان للصحافة والنشر واإلعالن‬


‫مهنة الصحافة تحكمها ضوابط وحرية التعبير يكفلها القانون‬

‫أخبار‬

‫لحرية الصحافة‬ ‫اليوم العالمي ّ‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫يحتفل العالم في الثالث من مايو �سنويّا باليوم‬ ‫العالمي لحريّة ال�صحافة ‪،‬وقد �أختير هذا اليوم‬ ‫لإحياء ذكرى اعتماد �إعالن ويندهوك التاريخي‬ ‫خالل اجتماع لل�صحفيين الأفريقيين ّ‬ ‫نظمته‬ ‫اليون�سكو و ُعقِد في ناميبيا في ‪ 3‬مايو ‪ .1991‬وين�ص‬ ‫الإعالن على �أ ّنه ال يمكن تحقيق حرية ال�صحافة‬ ‫�إال من خالل �ضمان بيئة �إعالمية ح ّرة وم�ستق ّلة‬ ‫وقائمة على التعدّدية‪ .‬وهذا �شرط م�سبق ل�ضمان‬ ‫�أمن ال�صحفيين �أثناء ت�أدية مهامهم‪ ،‬ولكفالة‬ ‫التحقيق في الجرائم �ضد حرية ال�صحافة تحقيقا‬ ‫�سريعا ودقيقا ‪،‬ويمثل هذا اليوم فر�صة لـ‪:‬االحتفاء‬ ‫بالمبادئ الأ�سا�سية لحرية ال�صحافة؛وتقييم حال‬ ‫حرية ال�صحافة في كل �أنحاء العالم؛ والدفاع عن‬ ‫و�سائط الإعالم �أمام الهجمات التي ت�شن على‬ ‫حريتها؛ والإ�شادة بال�صحافيين الذين فقدوا‬ ‫�أرواحهم �أثناء �أداء واجبهم‪.‬‬ ‫وطبقاً للتعريف الذي �أورده المعهد الدولي‬ ‫لل�صحافة في زيورخ لحرية ال�صحافة ف�إن �أبعاد‬ ‫حرية ال�صحافة على النحو التالي‪ :‬حرية ا�ستقاء‬ ‫الأخبار ‪،‬وحرية نقل الأخبار‪،‬وحرية �إ�صدار‬ ‫ال�صحف ‪،‬و حرية التعبير عن وجهات النظر‪ .‬و�إن‬ ‫كانت هذه الأبعاد �شاملة بع�ض ال�شيء فال �ضير‬ ‫�أن ن�ضيف عليها البعدين التاليين‪:‬وهما‪:‬التـزام‬ ‫القواعد الد�ستورية والن�صو�ص القانونية لحرية‬ ‫ال�صحافة بالمواثيق الدولية والحريات ومراقبة‬ ‫تنفيذها ‪،‬وتجاوب ال�سلطة ال�سيا�سية مع حرية‬ ‫ال�صحافة من خالل �إ�صالح �سيا�ستها فال ت�صبح‬ ‫حرية ال�صحافة مجرد تنفي�س وفرز للأ�صوات‬

‫نظام الحكم في مختلف الدول هو هذه الحرية‪.‬‬ ‫لذلك قيل ب�أنه �إذا �أردت �أن تعرف ما �إذا كان النظام‬ ‫ال�سيا�سي في دولة ما ديمقراطيا �أم ال‪ ،‬فا�س�أل عن‬ ‫حال حرية ال�صحافة بها‪.‬‬ ‫ف�إذا كانت الديمقراطية تقت�ضي �أن يحكم‬ ‫ال�شعب نف�سه بنف�سه طبقا للقرارات التي‬ ‫ت�صدرها التجمعات ال�شعبية‪ ،‬ف�إن هذه ال�صورة‬ ‫من الديمقراطية تتعار�ض واالعتبارات العملية‪،‬‬ ‫وكذا طبيعة المجتمع وظروف المواطنين‪ ،‬لذا‬ ‫وجدت �صورة �أخرى لديمقراطية هي ما يعرف‬ ‫بالديمقراطية النيابية والتي ي�ساهم المواطن‬ ‫من خالل و�سائلها التي من �أهمها حق االقتراع‬ ‫�أو االنتخاب في الحياة ال�سيا�سية‪ ،‬وكي تكت�سي‬ ‫هذه ال�صورة من الديمقراطية �صبغة ال�شرعية‬ ‫فال بد من وجود و�سيلة تنير الأفراد وت�ساعدهم‬ ‫على حكم �أنف�سهم حكما �صحيحا يتما�شى مع‬ ‫م�صلحتهم العامة التي تحتاج �إلى العون من‬ ‫ذي القدرة في اكت�شافها و�إيجادها فكانت هذه‬ ‫الو�سيلة هي ال�صحافة بحريتها ‪،‬وذلك من‬ ‫خالل دورها في تكوين الر�أي العام الم�ستنير‬ ‫الذي ي�ستطيع �أن يختار بين المر�شحين وبدائل‬ ‫الحلول ال�سيا�سية‪ .‬وقد تط ّرق النظام الأ�سا�سي‬ ‫للدولة في �سلطنة عمان والكثير من الد�ساتير‬ ‫الغربية والعربية �إلى حرية الر�أي والتعبير بما‬ ‫ي�ضمن لجميع المواطنين (حرية الر�أي وحرية‬ ‫التعبير بجميع �أ�شكالها ‪.‬‬

‫الراف�ضة والمعار�ضة‪ .‬وعلى الرغم مما تثيره حرية‬ ‫ال�صحافة من جدل حول مفهومها ‪،‬و حدود �أبعادها‪،‬‬ ‫فال بد من الإ�شادة ببع�ض النقاط المهمة فيما‬ ‫يخ�ص حرية ال�صحافة‪:‬الحرية ال تقوم على �إطالقها‬ ‫فهي ن�سبية في ظل احترام المبادئ الأ�سا�سية‬ ‫للمهنة و قيم المجتمع وهيبة الدولة‪ ،‬واحترام و‬ ‫حماية الأفراد و المجتمع ‪� ،‬أمن الدولة والثوابت و‬ ‫المقد�سات" ‪،‬وااللتزام المهني و الأخالقي في حفظ‬ ‫و حماية �أ�سرار و م�صادر المعلومات‪.‬‬ ‫وب�شكل عام ف�إن ممار�سة المهنة تحكمها �ضوابط‬ ‫دينية �أخالقية واجتماعية و كذا �سيا�سية ‪ ،‬كما‬ ‫�أن حرية ال�صحافة لي�ست امتيازا بل هي حق‬ ‫لكافة المواطنين وجزء ال يتجز�أ من الحاجات‬ ‫العامة و حقوق الإن�سان‪� ،‬أي �أن ال�صحافة لي�ست‬ ‫امتياز منحة من �أحد‪� ،‬إنما هي حق مثلما كر�سته‬ ‫العديد من المواثيق و المعاهدات الدولية‪ ،‬و كل‬ ‫هذا المفاهيم و�إن دلت على �شيء ف�إنها تدل على‬ ‫�أن الأ�صل الحرية والت�ضييق عليها جاء ا�ستثنا ًء‬ ‫‪ ،‬كما �أن ال�صحافة لي�ست غاية ‪� ،‬إنما هي و�سيلة‬ ‫لمراقبة ال�سلطة و�إ�صالح المجتمع ‪ ،‬والتي يجب‬ ‫�أن تتوفر لها ال�شروط البيئية لتكون الر�سالة‬ ‫التي ت�سعى لها ذات مردودية و فعالية‪.‬‬ ‫و تعد و�سائل الإعالم وال�صحافة التعبير ال�صادق‬ ‫عن الديمقراطية وال�سمة البارزة على قيمها‪.‬‬ ‫ذلك �أنه �إذا كان كل مجتمع في حاجة �إلى‬ ‫ال�صحافة‪ ،‬ف�إن المجتمع الديمقراطي فح�سب‬ ‫هو الذي يحتاج �إلى حرية ال�صحافة‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫يمكنكم متابعة التفا�صيل من خالل م�سح الباركود �أعاله‪.‬‬ ‫يبين �أن المعيار الدقيق لقيا�س مدى ديمقراطية‬

‫في صالون "رواق الفكر"‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫يقدم قراءة نقدية ألعمال أيوب البلوشي‬ ‫عبد الكريم الميمني ّ‬

‫ثمّن الفنان والناقد الت�شكيلي عبد الكريم الميمني‬ ‫الدور الذي ي�سعى له مركز الدرا�سات والبحوث‬ ‫من خالل ا�ست�ضافة المعار�ض الت�شكيليّة في رواق‬ ‫الفكر و�آخرها ا�ست�ضافة معر�ض (رق�ص الطيور)‬ ‫للفنان �أيوب ملنج البلو�شي‪ ،‬والكتاب التوثيقي الذي‬ ‫�أ�صدره باحثي مركز الدرا�سات (مرفت العريمية‬ ‫ونا�صر �أبو عون وعبد الرزاق الربيعي) لأعماله‪.‬‬ ‫وقال الميمني‪� :‬سيكون هذا الإ�صدار دليال و�شاهداً‬ ‫للأجيال المتالحقة التي �ستذكره بكل فخر واعتزاز‬ ‫وقال م�ضيفا و�أ�ش ُّد على �أيديهم من �أجل موا�صلة هذا‬ ‫الدور في تقديم بقية الت�شكيليين العمانيين وف َق هذا‬ ‫المنهاج الذي لم يتغافل القائمون عليه الفنان العماني‬ ‫و�أعطوه حقه من التعريف الراقي والطرح المميز‬ ‫لتجاربه و�إبداعاته وجاء ذلك خالل ا�ست�ضافة المركز‬ ‫الدرا�سات والبحوث الدكتور عبد الكريم الميمني في‬

‫(رواق الفكر)للحديث حول تجربة الف ّنان �أيّوب ملنج‬ ‫بمنا�سبة �إقامة معر�ضه( رق�ص الطيور)‪.‬وحول تجربة‬ ‫ملنج قال الميمني لقد اختار �أيوب البلو�شي فن النحت‬ ‫باعتباره الفن الذي من خالله يتعامل المبدع مع‬ ‫ال�شكل المج�سم ذي الأبعاد الثالثة مما يجعله قادرا‬ ‫على م�ضاعفة التعبير والإمتاع انطالقا من مُنج ٍز‬ ‫واحدا‪ ،‬عك�س اللوحات الفنية التي يُتعامل عبرها مع‬ ‫الم�سطح من الأ�شكال‪ .‬وقد قام ب�إنجازاته النحتية‬ ‫تلك عبر خامات �أغلبها حجرية وخ�شبية مُج�سداً من‬ ‫خاللها مو�ضوعاته الموحية بالثبات وال�سكون �أحيانا‬ ‫وبالحركة في �أحايين �أخرى انطالقا من و�ضعيات‬ ‫مختلفة ومتنوعة كاالنحناءات والتعانقات وغيرها‬ ‫كما في تجاربه مع طائر اللقلق والأمومة والأ�شكال‬ ‫التجريدية ‪ ،‬مما �أك�سبه تجربة معمقة في التعامل مع‬ ‫الجمادات بال�شكل الذي مكنه من القدرة على تحويل‬

‫الكتل التي بين يديه �إلى �أ�شياء تبرز فيها الجمالية‬ ‫والمتعة‪ . ،‬ويبدو �أنه خلق من تجربته الإبداعية توا�صال‬ ‫د�ؤوبا بم�ستجدات وق�ضايا النحت مع تجارب الآخرين‬ ‫في كل بلدان العالم في وقت �صار فيه هذا الأخير قرية‬ ‫�صغيرة بف�ضل التقدم الإعالمي‪ .‬وهو في ذلك كله يقدم‬ ‫�إبداعات ُتبدي �صياغات فريدة خا�صة به‪ ،‬تعك�س �أحالمه‬ ‫ور�ؤاه وتقنياته و�أ�سلوبه الفني وبعد انتهاء المحا�ضرة‬ ‫جرت مناق�شات مع الح�ضور‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫أخبار‬

‫تحت شعار "صناعة المعرفة "‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫‪4‬‬

‫للتحول اإللكتروني"‬ ‫مركز الدراسات يشارك في "إعداد قيادات المستقبل‬ ‫ّ‬

‫تتوا�صل في كوريا الجنوبية فعاليات البرنامج التدريبي‬ ‫«�إعداد قيادات الم�ستقبل للتحوّل الألكتروني»الذي‬ ‫ّ‬ ‫ينظمه مركز الدرا�سات والبحوث بم�ؤ�س�سة عمان‬ ‫لل�صحافة‪ ،‬والن�شر‪ ،‬والإعالن تحت �شعار «�صناعة‬ ‫المعرفة» في �إطار م�ساهمته في دعم المجتمع‪ ،‬والتنمية‬ ‫االدارية‪ ،‬لت�أهيل ثالثين م�شاركا عمانيّا من القيادات‬ ‫العليا والو�سطى في الم�ؤ�س�سات الحكومية والخا�صة‬ ‫لالنخراط بالبرنامج‪ ،‬واالطالع على �أف�ضل الأ�ساليب‬ ‫الإدارية‪ ،‬وبرامج التقييم وا�ستراتيجيات �إدارة الحكومة‬ ‫الإلكترونية‪ ،‬وي�أتي هذا البرنامج في �إطار التعاون بين‬ ‫المركز‪ ،‬وهيئة تقنية المعلومات والبرنامج العالمي‬ ‫للمعلومات والإت�صاالت التابع للمعهد الكوري العالي‬ ‫للعلوم والتقنية الذي يعنى بالتعاون الفني في مجال‬ ‫تنمية الموارد الب�شرية وتبادل الخبرات في مجال‬ ‫تقنية المعلومات‪ ،‬من �أجل و�ضع �إطار عام للتعاون‬ ‫اال�ستراتيجي الم�شترك بين الطرفين لتقديم الدعم‬ ‫الفني والتعاون في مجاالت الخبرة لدى المعهد الكوري‪.‬‬ ‫وتعقيباً على هذه المنا�سبة قال �سعادة د‪� .‬إبراهيم بن �أحمد‬ ‫الكندي الرئي�س التنفيذي لم�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة‪،‬‬ ‫والن�شر‪ ،‬والإعالن‪( :‬ي�أتي البرنامج التدريبي «�صناعة‬ ‫المعرفة» ثمرة تعاون م�شترك بين هيئة تقنية المعلومات‬ ‫وم�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة والن�شر والإعالن ممثلة بمركز‬ ‫الدرا�سات والبحوث والمعهد الكوري العالي للعلوم‬ ‫والتقنية بهدف ت�أهيل قيادات عمانية لإدارة وقيادة عملية‬ ‫التحول االلكتروني الذي يعاني من ندرة في القيادات‬ ‫الم�ؤهلة لتولي الوظائف العليا والمتو�سطة فيه‪ ،‬من‬ ‫خالل تنمية مهاراتهم و�صقل خبراتهم في هذا المجال‬ ‫على يد نخبة من المحا�ضرين والمخت�صين في مجال‬ ‫الحكومات الإلكترونية من جمهورية كوريا الجنوبية‪،‬‬ ‫وهو حلقة من �سل�سلة تندرج �ضمن �إطار عام للتعاون‬ ‫اال�ستراتيجي الم�شترك بين الطرفين‪ ،‬ولتقديم الدعم‬ ‫الفني والتعاون في مجاالت الخبرة لدى المعهد الكوري‬ ‫والتعاون الفني في مجال تنمية الموارد الب�شرية وتبادل‬ ‫الخبرات في مجال تقنية المعلومات‪ ،‬ويت�ضمن العديد‬

‫تواصل‬

‫‪@SRCOman‬‬

‫من حلقات العمل المكثفة‪ ،‬وزيارات ميدانية للعديد من‬ ‫الم�ؤ�س�سات في جمهورية كوريا المتعلقة بقطاع تقنية‬ ‫المعلومات‪ ،‬والحكومة الإلكترونية‪ ،‬وت�صميم النظم‪،‬‬ ‫وتطوير مهارات‪ ،‬و�أداء الموظفين العاملين في قطاع‬ ‫تقنية المعلومات‪ ،‬والحكومة الإلكترونية‪.‬‬ ‫واختتم �سعادته ت�صريحه بقوله ن�أمل �أن ي�ساهم هذا‬ ‫البرنامج في اتاحة الفر�صة لموظفي القطاع الحكومي‬ ‫لتلقي العلوم المتقدمة والمتطورة في الم�ؤ�س�سات‬ ‫الكورية ‪،‬وتوفير الدعم للم�ؤ�س�سات الحكومية في‬ ‫مجال التحول الرقمي بما ينعك�س على الأداء الحكومي‬ ‫�سرعة‪ ،‬وجودة‪ ،‬ومهارة‪ ،‬والذي ينعك�س بدوره على تقديم‬ ‫الخدمات للمواطنين‪ ،‬وت�سهيل الإجراءات‪ ،‬والمعامالت‬ ‫وقال الفا�ضل �سالم بن �سلطان الرزيقي الرئي�س‬ ‫التنفيذي لهيئة تقنية المعلومات‪( :‬ي�أتي هذا البرنامج‬ ‫�ضمن �سل�سلة برامج بناء القدرات لأع�ضاء فرق عمل‬ ‫التحول للحكومة الإلكترونية‪ ،‬والذي يدعم الجهات‬ ‫الحكومية لإعداد قادة الم�ستقبل لقيادة �أعمال التحول‬ ‫الإلكتروني‪ ،‬حيث �سيتدرب الم�شاركون على مجموعة‬ ‫من المعارف والخبرات والمهارات التي ت�ساعدهم على‬ ‫�أداء �أدوارهم ب�شكل فعال‪ ،‬كما �ستكون للزيارات الميدانية‬ ‫والتجارب والتعرف على �أف�ضل الممار�سات الأثر البالغ‬ ‫في تثقيفهم و�إثراء تجربتهم للو�صول بها لتحقيق‬ ‫�أف�ضل النتائج‪ ،‬ونحن في هيئة تقنية المعلومات نعمل‬ ‫‪SRC Oman‬‬

‫ما هي �أهم الموا�ضيع التي تحر�ص على قراءتها في ال�صحف المحلية؟‬

‫بالتعاون مع الجهات الحكومية على تدريب �أع�ضاء‬ ‫الفرق على مجموعة مختلفة من مجاالت المعرفة مثل‬ ‫�إدارة التغيير وتحليل الأعمال و�إدارة الم�شاريع و�إدارة‬ ‫المحتوى و�شبكات التوا�صل الإجتماعي و�إدارة �إجراءات‬ ‫العمل والتي بال �شك �ستعمل على تعزيز قدراتهم لتنفيذ‬ ‫�أعمال التحول بال�شكل الم�ؤمل‪ ،‬ونتمنى لجميع الجهات‬ ‫الحكومية كل التوفيق)‪.‬‬ ‫الجدير بالذكر �أ ّن م�ؤ�س�سة عمان لل�صحافة والن�شر‬ ‫والإعالن ممثلة بمركز الدرا�سات والبحوث قامت‬ ‫م�ؤخرا بعقد مذكرة تفاهم وقعها ك ّل من �سعادة د‪.‬‬ ‫�إبراهيم بن �أحمد الكندي الرئي�س التنفيذي للم�ؤ�س�سة‪،‬‬ ‫والبرف�سور رو جاي جونغ مدير معهد (‪)ITTP-KAIST‬‬ ‫بدايجون بجمهورية كوريا‪ ،‬في قاعة رواق الفكر بمبنى‬ ‫الم�ؤ�س�سة‪ ،‬خالل زيارة قام بها وفد من المعهد‪ ،‬وتم‬ ‫عقد لقاء للم�شاركين في الدورة بالم�ؤ�س�سة بهدف‬ ‫�إجراء تعارف اجتماعي و�إن�ساني بين الم�شاركين من‬ ‫الم�ؤ�س�سات العمانية الم�شاركة في البرنامج واال�ستماع‬ ‫�إلى احتياجاتهم والإجابة على ت�سا�ؤالتهم و�شرح الأمور‬ ‫التنظيمية‪ ،‬وتقديم فكرة عن البرنامج‪ ،‬الذي يت�ضمن‬ ‫العديد من حلقات العمل المكثفة‪ ،‬وزيارات ميدانية‬ ‫للعديد من الم�ؤ�س�سات في جمهورية كوريا‪ ،‬من �أجل نقل‬ ‫المعارف‪ ،‬والخبرات للم�شاركين‪ ،‬و�شرح جدول الزيارة‪،‬‬ ‫ومفردات البرنامج‪.‬‬ ‫‪SRC Oman‬‬ ‫‪@SRCOman‬‬


‫مقال‬

‫د‪ .‬صالح الفهدي‬

‫‪5‬‬

‫‪saleh_alfahdi@hotmail.com‬‬

‫التغيير الزمةُ الحياة‬ ‫ا�س في روتين ِة الحياةِ‪ ،‬ويغرقون‬ ‫ينغم�س �أكث ُر ال ّن ِ‬ ‫ُ‬ ‫في �صورها المكرورة دون �أن يتوقفوا من �أجل‬ ‫"التفكير" في التغيير قبل �أن نقول �إحداثه‬ ‫لحظ ًة واحد ًة في الحياة‪ !..‬مع �أن الحيا َة تفق ُد‬ ‫طعمها‪ ،‬بل وقيمتها الحقيقية دون التغيير‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يعترف �إال بالتغيير ثيم ًة‬ ‫خا�صة و�أننا في عالم ال‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫للحياةِ‪ ،‬وقيمة للعي�ش‪.‬‬ ‫وم�ؤخراً � ُ‬ ‫أجريت درا�س ًة في �إطار التغيير الذاتي‬ ‫الإيجابي على طالب جامعيين‪ ،‬فكان من نتائجها‬ ‫�أن عوائق التغيير ُ‬ ‫تكمن في عدم وجود الدوافع‬ ‫الداخلية‪ ،‬والحوافز الخارجية‪ ،‬وهذا مردّه في ذهني‬ ‫�إلى �ضعف قيمة المبادرة في الثقافة الجمعية‪.‬‬ ‫والمت�أمّل هنا ُ‬ ‫يقف �أمام �أم ٍر مهم وهو‪ :‬كيف يمكننا‬ ‫�أن نتوق َع �إحداث التغيير من جيلٍ يفتق ُد هو ذاته‬ ‫�إلى المبادر ِة للتغيير‪..‬؟! هذا �س�ؤال يجبُ �أن ُ‬ ‫تقف‬ ‫الأوطا ُن �إزاءه لت�س�أل‪ :‬ما هي م�سببات فقدان قيمة‬ ‫المبادرة؟ ما هو الخلل الذي �أدّى �إلى وجو ِد جيلٍ ال‬ ‫ُ‬ ‫يملك دواف َع نف�سية ذاتية للتغيير‪ ،‬وينتظ ُر الحوافز‬ ‫الخارجية كي تدفعه للتغيير و�إال نظر �إليها كعوائق‬ ‫�أمام م�ستقبله‪ ،‬وتحقيق �آماله‪!..‬‬ ‫ُ‬ ‫وال ُ‬ ‫يمكن �أن تعالج الدّو ُل والحكومات ق�ضايا �شائكة‬ ‫جانب واحدٍ ب�إيجاد وظيف ٍة‬ ‫كالبحثِ عن العمل من ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وح�سب لأن الق�ض ّية لن تحل‪ !..‬فالبطالة المقنعة‬ ‫هي �أدهى و�أم َّر من القناعة المك�شوفة‪ !..‬و�أعني‬ ‫بالأم ِر القول‪� :‬إ َّن �إيجاد الوظيفة مع فقدان الدافع‬ ‫الذاتي للتغيير �سيجعل �صاحبها عبئاً على العمل‪،‬‬ ‫والوطن ب�أكمله‪ !..‬الق�ض ّية‬ ‫�أي عبئاً على التنمية‬ ‫ِ‬ ‫في �أ�سا�سها لي�ست ق�ض ّية �إيجا ُد وظيفة بمر ّت ٍب‬ ‫ّ‬ ‫للوطن بت�شغيل‬ ‫الموظف‬ ‫�شهري‪ ،‬و�إ ّنما نف ُع هذا‬ ‫ِ‬ ‫قواه الذهنية‪ ،‬والفكرية‪ ،‬والج�سدية لإدارة عجالت‬ ‫التنمية‪ (،‬و َ​َ�ضرَبَ َّ ُ‬ ‫الل َم َث ًل رَجُ لَ ْي ِن �أَحَ ُد ُهمَا �أَ ْب َك ُم َل‬ ‫َي ْق ِد ُر َعلَى َ�ش ْي ٍء َو ُه َو َك ٌّل َع َل ٰى َمو َْل ُه �أَ ْي َنمَا ُيوَجِّ ْه ُه َل‬ ‫َي�أْتِ ِب َخ ْي ٍر َه ْل ي َْ�س َت ِوي ُه َو َوم َْن َي�أْ ُم ُر ِبا ْل َعدْلِ ۙ َو ُه َو‬ ‫ِيم")‪�( .‬سورة النحل‪ :‬الآية ‪)76‬‬ ‫َعلَى ِ�ص َر ٍ‬ ‫اط م ُْ�س َتق ٍ‬ ‫ويقول ال�شاعر‪:‬‬ ‫يكن في الم�ساعي ما ُ‬ ‫لو لم ُ‬ ‫يبين به‬ ‫ف�ض ُل الرجال ت�ساوى النا�س في القي ِم‬ ‫النا�س من جعل التغيير له �شعاراً‪،‬‬ ‫ولوال �أن كان بين ِ‬ ‫ُ‬ ‫والمبادرة له مبد�أً لفنيت الحياة من �أول ن�ش�أتها‪،‬‬

‫لكن ه�ؤال ِء المبدعين هم قادة التغيير في الحيا ِة‬ ‫�أولئك الذين ال تهد�أ �أنف�سهم‪ ،‬وال ُ‬ ‫ت�سكن عقولهم‪،‬‬ ‫فهم يتنقلون كالطائر بين الأفنان‪.‬‬ ‫من الغرابة �أن ت�سم َع ط ّالباً في مرحل ِة الجامعة‬ ‫يقولون لك‪( :‬ال للتغيير فنحن را�ضون عن‬ ‫�أنف�سنا‪ )!..‬ولو علموا �أن "الر�ضا الذاتي" هو الإعاقة‬ ‫ذاتها �أمام الطموح لتحقيق الأهداف‪ .‬لكننا ال‬ ‫يملك �أهدافاً‬ ‫ن�ستغرب �إن علمنا �أن من يقول ذلك ال ُ‬ ‫أغلب ال ّنا�س‪ !..‬فكيف ي�سعى للتغيير‬ ‫في الحياة ك� ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫من لم ي�ضع �أهدافا للحيا ِة يريد الو�صول �إليها‪.‬‬ ‫در�س �أ�سا�سي يجبُ �أن يُع ّلم الإن�سا َن ويوجّ ه �إليه‬ ‫هذا ٌ‬ ‫ُ‬ ‫من ُذ ن�ش�أته �إبتدا ًء بال�س�ؤال الأول‪ :‬ما هي مها َّمه التي‬ ‫خلق ُه اهلل �سبحانه وتعالى لأجلها في الحياة؟ �إلى‬ ‫�أهمية و�ضع الر�سالة‪ ،‬والر�ؤية الخا�صّ ة بالإن�سان‪.‬‬ ‫فالخط�أ ال�سائد �أن الر�سالة ‪ Mission‬والر�ؤية‬ ‫تخ�ص الم�ؤ�س�سات‪ ،‬وال�شركات التجارية في‬ ‫‪ُّ Vision‬‬ ‫علو ِم الإدارة الع�صرية‪ ،‬لكنها لي�ست كذلك‪ ،‬بل هي‬ ‫بالإن�سان �أولى و�أكثر �أهم ّية‪ ،‬و�أ�ش ُّد ت�أثيراً‪ ،‬لأن �إن�ساناً‬ ‫يفتق ُد �إلى الر�سالة والر�ؤية ال�شخ�صية ال ُ‬ ‫يمكن �أن‬ ‫يكون ناجحاً‪ ،‬ودقيقاً‪ ،‬ومو�ضوعياً‪ ،‬في و�ضع الر�سالة‬ ‫والر�ؤية الخا�صتين بم�شروعه التجاري‪.‬‬ ‫�إن ال�سائد لدينا هو �أن الأهداف العامة التقليدية‬ ‫تتمثل في‪( :‬الح�صول على �شهادة جامعية‪،‬‬ ‫الح�صول على وظيفة‪ ،‬بنا ُء م�سكن‪ ،‬الزواج‪)!..‬‬ ‫وبتحقق هذه "الأهداف" تتوقف الحياة‪ ،‬وك�أ ّنها‬ ‫و�صلت �إلى نهايتها‪ ،‬ومعها يتوقف العق ُل عن‬ ‫التفكير‪ ،‬والقوى عن الإنتاج‪ !..‬انظر �إلى ال�ساعين‬ ‫�إلى حمل �شهادات الدكتوراه‪ ،‬وت�أمّل ما الذي يفعلوه‬ ‫بعد ح�صولهم على هذا "الهدف" �أو "ال ّلقب"‪!..‬‬ ‫تج ُد �أن ال تغيير في الواق ِع قد َ‬ ‫حدث في حياتهم‬ ‫قبل وبعد �إال القليل ممن جعلوها دافعاً للتغيير‪،‬‬ ‫ومحركاً لمتابعة تحقيق الإنجاز ‪ !..‬انظر �إلى‬ ‫أغلب الباحثين عن العمل بعد �أن يتح�صلوا على‬ ‫� ِ‬ ‫الوظائف ماذا يفعلون؟ تج ُد �أن معظمهم يُ�سلمّ‬ ‫نف�سه لرتابة الحياةِ‪ ،‬لأنه قد نال ّ‬ ‫حظه وتحقق له‬ ‫المُراد‪ !..‬انظر �إلى ال�ساعين للزواج بعد زواجهم‪،‬‬ ‫تجدهم يذوبون في ذات الأ�سلوب الحياتي الذي‬ ‫كانوا عليه قبل الزواج من رفق ِة �أ�صدقاءٍ‪ ،‬و�سه ٍر‪،‬‬ ‫وم�شاهدة مبارياتٍ ‪ ،‬وال تج ُد �أنهم تعاطوا مع‬ ‫الزواج كم�شروع يحتا ُج منهم في المقابل �إلى تغيير‬ ‫عاداتهم‪ ،‬ومفاهيمهم نحو الحياة‪ ،‬من �أجل �أن‬

‫يعدّوا �أنف�سهم كرعا ٍة �أ ْكفاء للجيلِ القادم‪ ،‬ومربّين‬ ‫للن�ش�أ تربية حميدة‪ ،‬ومحدثين للتغيير الإيجابي‬ ‫من خالل �أبناءهم‪ ،‬معززين فيهم القيم ال�سامية‪.‬‬ ‫لكن الأغلبَ ترك الناقة وتو ّكل‪ ،‬ولم يعقلها ويتو ّكل‬ ‫‪ !..‬ملقياً الحب َل على القاربَ دون �أن يدرك عاقبة‬ ‫الأمور‪ ،‬ونتائ َج المقدّمات‪!..‬‬ ‫�إن الإن�سان �إن لم يمعن التفكي َر في و�ضع ِه مل ّيا‪ً،‬‬ ‫ويحدد ماهية وظيفته‪ ،‬و�أ ّي ُة �أهداف �سامي ٍة ي�سعى‬ ‫لها‪ ،‬فلن يح ّقق �شيئاً جديراً بوجوده في الأر�ض‪!..‬‬ ‫والمت�أمّل في هر ِم ما�سلو لالحتياجات الإن�سانية‬ ‫يج ُد �أ ّنه ي�شمل من الأ�سفل �إلى الأعلى‪ :‬االحتياجات‬ ‫الف�سيولوجية‪ ،‬احتياجات الأمان‪ ،‬االحتياجات‬ ‫االجتماعية‪ ،‬الحاجة للتقدير‪ ،‬والحاجة لتحقيق‬ ‫الذات‪ .‬وحين ن�ص ّنف الزواج والوظيفة والم�سكن‬ ‫نجدها احتياجات تنتمي �إلى الثالث المراحل‬ ‫الأولى (من الأ�سفل) للهرم‪� ،‬أما الأهّم الذي ق�صدت‬ ‫القول فيه حين تحد ُ‬ ‫ّثت عن الأهداف ال�سامية‬ ‫فهو "الحاجة لتحقيق الذات" لأنها مرحلة الإبداع‬ ‫والإبتكار‪ .‬هذه المرحلة هي التي تتج ّلى فيها‬ ‫م�ساهمات الإن�سانِ في الحياة‪ ،‬وي�ض ُع فيها ب�صمات‬ ‫ُ‬ ‫ويحدث فيها التغيير الإيجابي وفي هذه‬ ‫الآثار‪،‬‬ ‫الدائرة تقع ما �أ�سميتها بـ "الأهداف ال�سامية"‪.‬‬ ‫و�أغلبُ ال ّنا�س تو ّقفوا عند المرحلة الثالثة التي‬ ‫تحتوي على (ال�صداقة‪ ،‬العالقات الأ�سرية)‬ ‫وقليلون تجاوزها �إلى المرحلة الرابعة التي تحتوي‬ ‫على (تقدير الذات‪ ،‬الثقة بالنف�س‪ ،‬احترام الذات‪،‬‬ ‫احترام الآخرين) �أما المبدعون وهم ق ّلة قليلة‬ ‫فقد و�صلوا �إلى المرحلة الخام�سة مرحلة (الإبداع‬ ‫والإبتكار وحل الم�شكالت)‪ .‬لقد �شا َع في المجتمع‬ ‫مفهو ٌم خاطي ٌء للإن�سان الناجح‪ ،‬وهو الذي تخ ّرج‬ ‫من الجامعة‪ ،‬ومتزوج‪ ،‬ويعمل في وظيفة‪ ،‬ولديه‬ ‫بيت‪ !...‬هذا الو�صف �أحدث ق�صوراً في النظر ِة‬ ‫نحو النجاح‪ ،‬وعائقاً نحو التغيير‪ ،‬لأ ّنه اعتبر هذه‬ ‫المتحققات �إنجازات وقمم عليا‪ ،‬و�أ�س�ساً للنجاح‪!...‬‬ ‫�إنني �أدعو هنا �إلى و�ضع الأ�س�س ال�صحيحة لتحرير‬ ‫العقل منذ ن�ش�أة الإن�سانِ ليفك َر‪ ،‬وينطل َق‪ ،‬ويحل ِّل‬ ‫وينتقد‪ ،‬ويخط�أ‪ ،‬وي�صلح من �أجلِ �أن ينبذ العفن‪،‬‬ ‫وينفر من الجمود‪ ،‬ويحارب ال�سكونية‪ ..‬فيكون‬ ‫جديراً حينها بقيادة التغيير الم�ؤثر �إيجاباً في‬ ‫م�ستقبل الأمّة‪.‬‬


‫حوار‬

‫د‪ .‬سوزان ستيتكيفيتش‬

‫كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية واإلسالمية طوق نجاة لي ولبحوثي‬

‫حاورها‪ :‬ناصـ ــر أبـو عـ ــون‬

‫‪6‬‬

‫استضاف مركز الدراسات‪ ،‬والبحوث بمؤسسة "عمان" للصحافة‪ ،‬والنشر‪ ،‬واإلعالن‬

‫في "رواق الفكر" د‪ .‬سوزان بينكني ستيتكيفيتش‪ ،‬أستاذة كرسي السلطان قابوس‬ ‫للدراسات العربية واإلسالمية‪ ،‬في جامعة جورج تاون بواشنطن‪ ،‬التي تزور السلطنة‬ ‫ضمن فعاليات مؤتمر‪( :‬المناهج النقدية الحديثة‪ .‬النص الشعري‪ :‬قراءات تطبيقية)‬

‫نظمته جامعة السلطان قابوس باالشتراك مع النادي الثقافي والجمعية العمانية‬ ‫الذي ّ‬

‫نقاشية افتتحتها بالحديث عن دور‬ ‫للكتاب واألدباء‪ .‬وتمثّ لت اإلستضافة في جلسة‬ ‫ّ‬ ‫العربية‪ ،‬وآدابها‪،‬‬ ‫عملية التواصل الثقافي‪ ،‬وخدمة اللغة‬ ‫كراسي السلطان قابوس في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫تقدم خدمات‬ ‫أن هذه الكراسي‬ ‫في األماكن المتواجدة فيها بالجامعات‬ ‫ّ‬ ‫العالمية‪ ،‬ورأت ّ‬ ‫ّ‬ ‫تلمست هذا من خالل إقبال الدارسين عليها من مختلف دول‬ ‫كبيرة لألدب العربي‪ ،‬وقد ّ‬ ‫العالم‪ .‬وشملت النقاشات التي شارك فيها الشاعر شوقي عبد األمير‪ ،‬والدكتور صالح‬ ‫واإلعالمية لميس الكعبي وآخرون‪ ،‬آراء ناقشتها الدكتورة (سوزان بينكني‬ ‫الفهدي‪،‬‬ ‫ّ‬

‫اسي»‪ ،‬وهو‬ ‫العب‬ ‫عرية في العصر‬ ‫ِّ‬ ‫«الشعر‬ ‫ِّ‬ ‫ستيتكيفيتش) في كتبها التي أهمها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والش ّ‬ ‫أطروحة الدكتوراه للباحثة‪ ،‬التي نالت درجتها من قسم لغات الشرق األدنى وحضارته في‬

‫جامعة شيكاغو‪( ،‬مارس‪ ،)1981 ،‬بإشراف بيير كاكيا (جامعة كولومبيا)‪..‬‬

‫وتط ّرقت د‪� .‬سوزان �ستيتكيفيت�ش في حديثها معنا‬ ‫�إلى العديد من ق�ضايا ال�شعر العربي القديم‬ ‫واال�ست�شراق‪ ،‬ودور الم�ست�شرقين في خدمة الأدب‬ ‫العربي‪ ،‬وتحدّثت عن النظريات والمناهج النقدية‪،‬‬ ‫وتداخل الفنون‪ ،‬وجهودها في �إثبات مكانة ال�شعر‬ ‫العربي القديم بين الأ�شعار العالمية الكبرى‪،‬‬ ‫م�ؤ ّكدة على دعوتها �إلى �إعادة تقييم الق�صيدة‬ ‫العربية القديمة بطريقة مقنعة لكل من القارئ‬ ‫العربي والغربي‪ ،‬وما طرحته في م�ؤلفاتها من �إن‬ ‫وعي �أبي تمّام هو الذي م ّكنه من الإحاطة بعنا�صر‬ ‫ِ�شعريّة و�أفكار جديدة‪ ،‬فاتت الن ّقاد العرب في‬ ‫ال�سكوني‬ ‫الع�صور الو�سطى‪ ،‬مثل الآمدي‪ ،‬بمفهومهم‬ ‫ّ‬ ‫والمحدود عن ِّ‬ ‫العربي وهذا‪ ،‬بالتالي‪� ،‬سَ مَح‬ ‫ال�شعر‬ ‫ّ‬ ‫إ�سالمي في‬ ‫العربي ‪ -‬ال‬ ‫ب�إعادة ا�ستيعاب التقليد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العبا�سي‬ ‫�شرقي قديم‪ ،‬بحيث يمكن للمفهوم‬ ‫تقليد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫عن الخالفة والأمّة‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬من المنظور‬ ‫ِّ‬ ‫ال�شعريّ على الأق ّل‪� ،‬أن يتجاوز القيا�س على ال�شيخ‬ ‫والقبيلة في الجاهليّة �إلى القيا�س على مبادئ‬ ‫ال َملَ ِكيّة الكهنوتيّة في بالد ما بين النهرين القديمة‪.‬‬ ‫‪ .....‬وقد التقيناها خارج �سياق (رواق الفكر) ودار‬ ‫معها الحوار التالي‪:‬‬ ‫بعد انتقالك من (شيكاغو) إلى جامعة (جورج‬ ‫تاون) في واشنطن ورئاستك لكرسي السلطان‬ ‫قابوس للدراسات العربية واإلسالمية هناك‪،،‬‬

‫تبدلت أحوالك األكاديمية؟‬ ‫هل ّ‬

‫في الحقيقة لقد كنت �أتعر�ض لمعاناة �شاقة في‬ ‫�شيكاغو وجاء كر�سي ال�سلطان قابو�س للدرا�سات‬ ‫العربية في وا�شنطن بمثابة طوق نجاة لي ولبحوثي‬ ‫ُ‬ ‫انتقلت معه من حالة‬ ‫بل �أقول �أكثر من هذا فقد‬ ‫(الإهمال والتنا�سي المهين) �إلى حالة �أكثر يفوعةً‬ ‫ً‬ ‫ون�شاطا وحيوية و�إنقا ًذا من حالة الجمود التي كنت‬ ‫�أعي�شها في �شيكاغو‪ .‬فكر�سي ال�سلطان قابو�س كان‬ ‫بمثابة �صفحة جديدة وحياة �أجد ممل�ؤة بالأمل‬

‫يداخلك هذا الإح�سا�س عندما تكت�شف �أ ّن هناك‬ ‫�أنا�س يقدرون جهودك العلمية بل يدعمون بحوثك‬ ‫ماليا ومعنويا‪ ..‬ف�شكرا من القلب والعقل لل�سلطان‬ ‫قابو�س و�سلطنة عُمان التي ال تفت�أ تدعم م�شاريع‬ ‫التقارب الثقافي والإن�ساني حول العالم متمثلة‬ ‫في كرا�سي ال�سلطان قابو�س الممتدة في جامعات‬ ‫العالم العريقة وتتو ّزع على جوانب عديدة من الكرة‬ ‫الأر�ضية وقارات العالم المختلفة‪.‬‬

‫كتابية‬ ‫حين أضحت الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫تعطلت وظيفة أدواتها‬ ‫ّ‬ ‫الشعر‬ ‫وتعطلت وظيفة ِّ‬ ‫ّ‬ ‫القديمة‬

‫�إلى الممدوح �أو الحاكم‪ ،‬ات ّم �إبداعها وت�ضمينها‬ ‫�أ�ساطير و�أيديولوجيات معينة عن �شرعية الحكم‬ ‫العربي الإ�سالمي‪ ،‬وقد ا�ستطعت من خالل بحوثي‬ ‫بيان �أن هذه الق�صيدة �شديدة ال�صلة ب�صورة‬ ‫جوهرية ومتكاملة بالجوانب ال�سيا�سية والمرا�سمية‬ ‫لحياة البالط‪ ،‬و�إنها بعيدا عن كونها مجرد ق�صيدة‬ ‫و�صيغة تعليمية �أو متملقة بطريقة مذلة‪ ،‬كما‬ ‫زعم بع�ض النقاد‪ ،‬بل تلعب دوراً فعا ًال في طقو�س‬ ‫التبادل والمفاو�ضات ذات الطبيعة الحرجة و�صنع‬ ‫الأ�ساطير في البالط العربي الإ�سالمي‪ .‬وفي �سبيل‬ ‫ُ‬ ‫ا�ستخدمت �أفكاراً معا�صرة في العلوم الإن�سانية‬ ‫ذلك‬ ‫واالجتماعية كي ت�ستك�شف تقليد �إن�شاء ق�صائد‬ ‫المدح و�إن�شادها بين يدي الحكام العرب الم�سلمين‬ ‫في �إطار كل من الملكية المقد�سة في ال�شرق الأدنى‬ ‫القديم‪ ،‬والتو�سل والتفاو�ض والجنو�سة وال�سلطة‬ ‫ال�سيا�سية والطقو�س واحتفاالت الوالء والتقليد‬ ‫والمناف�سة على �شارة ال�شرعية الدينية ‪ /‬ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫في دراساتك األدبية واالستشراقية البد‬ ‫هناك من نقطة انطالق‪ ..‬من أين كانت بداياتك‬

‫مع أدبنا العربي القديم؟‬ ‫كتابك (القصيدة والسلطة في القصيدة‬ ‫العربية الكالسيكية) اعتبره النقاد خطوة رائدة‬ ‫في مجال استكشاف الجوانب الشعائرية‬ ‫والطقوسية واالحتفالية للقصيدة العربية‬ ‫القديمة وفي تطبيق النماذج والمناهج‬ ‫االنتروبولوجية والتأريخانية الجديدة على األدب‬ ‫العربي الكالسيكي‪ .‬فما أهم األسرار التي‬ ‫يكشف الكتاب عنها؟‬

‫الهدف الأ�سا�سي من كتابي هذا‪ ،‬كما �أ�شرت في‬ ‫مقدمة الكتاب‪ ،‬هو ا�ستيعاب التقليد ال�شعري العربي‬ ‫الكال�سيكي �ضمن الدرا�سة المعا�صرة للثقافة‬ ‫العربية الإ�سالمية من منظور الدرا�سات الإن�سانية‪.‬‬ ‫وتعد ق�صيدة المدح الأطروحة الأ�سا�سية والموجهة‬

‫نقطة االنطالق لم�شروعي تمثلت في محاولة‬ ‫اكت�شاف بع�ض النظريات الأدبية وبال�ضرورة ابتداع‬ ‫�أدوات تحليلية جديدة ا�ستطعت من خاللها �إعادة‬ ‫وزن �أو تقييم الق�صيدة العربية القديمة بطريقة‬ ‫مقنعة لكل من القارئ العربي والغربي‪ .‬متو�سل ًة‬ ‫بالمنهج الطقو�سي وطقو�س العبور وطقو�س تبادل‬ ‫الهدايا‪ ،‬والتاريخية الجديدة‪ ،‬ونظرية الأداء‪ ،‬كما‬ ‫�س�أقدّم �أي�ضا �أعمال بع�ض تالميذي‪ ٬‬في �أمريكا‬ ‫والعالم العربي واليابان‪ ،‬في تطبيق وتطوير هذه‬ ‫المناهج مع اال�ستفادة من �أدبيات نظرية ما بعد‬ ‫اال�ستعمارية ونظرية تداخل الفنون ونظرية ال�شعر‬ ‫على ال�شعر‪ ٬‬وذلك لعر�ض الق�صيدة العربية القديمة‬ ‫على الم�سرح ال�شعري العالمي‪.‬‬


‫حوار‬

‫‪7‬‬

‫عرية في العصر‬ ‫ِّ‬ ‫(الشعر‬ ‫ِّ‬ ‫كتابك‬ ‫والش ّ‬ ‫اسي) هو في أصله أطروحتك للدكتوراه‬ ‫العب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التي نلتِ عنها درجتك العلمية من قسم‬ ‫لغات الشرق األدنى وحضارته في جامعة‬ ‫شيكاغو‪( ،‬مارس‪ ،)1981 ،‬بإشراف بيير كاكيا‬ ‫(جامعة كولومبيا)‪ .‬وعلى الرغم من بعض‬ ‫المآخذ النقدية والملحوظات التي يمكن‬ ‫أن نجادلكِ فيها فإن أطروحتك تكشف عن‬ ‫الفكرية والثقافة المقارنة‪ ،‬التي‬ ‫الحرية‬ ‫تلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التقليدية في قراءة ِشعرنا‬ ‫المدرسة‬ ‫عوز‬ ‫تُ‬ ‫ّ‬ ‫قديما وحديثً ا؟!!‬ ‫العربي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬

‫في الحقيقة هذا الكتاب يك�شف عن معترك التناق�ض‬ ‫ّا�سي‪ ،‬بين‬ ‫الجوهريّ الذي َو َقع فيه ُن ّقاد الع�صر العب ّ‬ ‫(جعل ِّ‬ ‫ال�شعر القديم هو معيار الإبداع)‪ ،‬و(القول ب�أن‬ ‫محاكاة ذلك المعيار قد باتت م�ستحيلة)؛ الختالف‬ ‫البيئة زما ًنا ومكا ًنا‪ .‬والنتيجة هي نفي الإبداع عن‬ ‫غير القديم‪ .‬وتلك نتيجة ثقافيّة في حقيقتها ال‬ ‫نقديّة‪ّ ،‬‬ ‫تمخ�ضت عن نزوع طا ٍغ �إلى تقدي�س القديم‬ ‫وازدراء الجديد‪ ،‬في الأدب وغير الأدب‪� .‬إ ّال �أنني �أُف�سِّ ر‬ ‫ذلك‪ ،‬بل �أرى �أن التحوّل من الثقافة ال�شفويّة �إلى‬ ‫الثقافة الكتابيّة قد َكمَن وراء تلك الأزمة؛ لأن بناء‬ ‫الق�صيدة العربيّة ‪-‬من �أوزانٍ وقوافٍ وفنون بيانٍ‬ ‫وبدي ٍع ‪-‬ما كان �إ ّال لأن وظيفة ِّ‬ ‫ال�شعر في التقليد‬ ‫ال�شفويّ‬ ‫الجاهلي هي حفظ المعلومات وتلك‬ ‫ّ‬ ‫الحفظ‪ ،‬وحين �أ�ضحت الثقافة‬ ‫الأدوات ت�ساعد على ِ‬ ‫ّ‬ ‫كتابيّة ّ‬ ‫تعطلت وظيفة تلك الأدوات‪ ،‬ومن ث ّم تعطلت‬ ‫وظيفة ِّ‬ ‫ال�شعر القديمة‪.‬‬ ‫على الرغم من اتصال أعمالك بمدرسة شيكاغو‬ ‫االستشراقية إال أنك تحتلين مكانة متميزة‬ ‫فيها حيث قمت بتطوير أعمالك النقدية لتصل‬ ‫بالقارئ الغربي قبل العربي إلى فهم أعمق‬ ‫لطقوسيات القصيدة العربية القديمة ومدارها‬ ‫األسطوري الحظنا ذلك من خالل مطالعتنا‬

‫لكتابك (أدب السياسة وسياسة األدب)‪.‬‬

‫في الحقيقة �أنا �أنتمي كما قلت �إلى (مدر�سة‬ ‫�شيكاغو) التي �أ�س�سها الم�ست�شرق (الأوكراني الأ�صل)‬ ‫يارو�سالف �ستيتكيفيت�ش (تلميذ ال�سير هاملتون‬ ‫جب)‪ ،‬قبل نحو ثالثين عاما‪ .‬وهي مدر�سة ذات توجه‬ ‫فارق في تاريخ االتجاهات اال�ست�شراقية التي ر�صدت‬ ‫�أو تر�صدت بمو�ضوعات الأدب العربي القديم فقد‬ ‫�أ�سهم باحثو (مدر�سة �شيكاغو في ت�صفية المثالب‬ ‫التي لفتت انتباههم في درا�سات الم�ست�شرقين ذوي‬ ‫المرجعية الدينية القامعة القا�صرين معرفيا‪.‬‬ ‫وكذلك الدرا�سين العرب الواقعين في �أ�سر التبعية‬ ‫الذهنية لمناهج الغرب المفارقة لمعطيات الأدب‬ ‫العربي بمعنى الكلمة‪ ،‬كما هو الحال في الآداب‬ ‫الغربية‪ ،‬برغم االختالف القائم بين نوعيهما‪.‬‬ ‫و�أيًا كانت �صعوبة فهم الأدب العربي وا�ستغالقه‬ ‫المبدئي المعرفي على النظرة الغربية التي ت�ضيق‬ ‫به ف�إن ق�صائده هي �أعمال فنية في ذهنية الثقافة‬ ‫التي �أنتجتها‪ ،‬في �سياق وعي �سو�سيوتاريخي خا�ص‪.‬‬ ‫ومن ثم ال يمكن �أن نخ�ضع تقييمها‪� ،‬أو تف�سيرها‬ ‫للمقايي�س النقدية التابعة‪� ،‬أو للمناهج القائمة على‬ ‫الآداب الغربية �أ�سا�سا حيث ت�صير تطبيقا ملتويا‬ ‫مفرغا و�سطحيا تماما‪ ،‬مما يندرج تحت نمط غير‬ ‫�أ�صيل من التحليل‪ ،‬وال ي�ضمن هذا التطبيق �أكثر‬ ‫من كونه مجاريا �أو الهثا وراء �أحداث (مو�ضات)‬ ‫النقد في باري�س �أو نيويورك �أو غيرهما‪.‬‬

‫سعيت‪ ،‬وال أزال إلثبت مكانة‬ ‫الشعر العربي القديم بين‬ ‫األشعار العالمية الكبرى‬

‫تقولين‪ :‬إن للشعر العربي القديم وظيفتين!!‬

‫تم اكتشافها حديثا؟‬ ‫أليس هناك وظائف أخرى ّ‬

‫لقد تو�صلت عبر درا�ستي لل�شعر العربي القديم �أ ّن‬ ‫هناك ثمة وظيفتين جديدتين َنجَ مَت حينئ ٍذ ِّ‬ ‫لل�شعر؛‬ ‫الأولى طقو�سيّة‪ ،‬ت�أتي تعبي ًرا عن الهويّة العربيّة‪،‬‬ ‫وتنبني على �أ�سا�س البنية الطقو�سيّة العميقة‪-‬‬ ‫أ�صلي للت�ضحية كما عُرف في ال�شرق‬ ‫النموذج ال ّ‬ ‫الأدنى القديم‪ .‬والثانية تف�سيريّة‪ ،‬بحيث �أ�صبح ِ�شعر‬ ‫ّا�سي ما بعد ِ�شعر �أي �أن ِّ‬ ‫ال�شعر �صار و�سيلة‬ ‫البديع العب ّ‬ ‫تف�سي ٍر ِّ‬ ‫ّ‬ ‫لل�شعر القديم من �أجل مجتمع متح�ضر في‬ ‫الع�صر العبّا�سي لم ي�ألفه‪ .‬هذا �إ�ضافة �إلى توظيف‬ ‫تلك الو�سائل الف ّنيّة‪ ،‬التي ع ُّطلت ال�ستغناء الذاكرة‬ ‫عنها‪ ،‬للتعبير عن المفاهيم التجريديّة الكالميّة‪،‬‬ ‫ومن ثم جاء توظيف �أبي تمّام للوعاء ِّ‬ ‫ال�شعريّ‬ ‫التقليديّ لتف�سير �أحداث ع�صره‪.‬‬ ‫ما الهدف االستراتيجي واألكاديمي من وراء‬ ‫بحثك في الشعر العربي؟! وإفناء حياتك فيه؟!‬

‫�سعيت‪ ،‬وال �أزال‪ ،‬في درا�ساتي لل�شعر العربي القديم‬ ‫ون�شاطاتي الأدبية والجامعية �أن �أثبت مكانة ال�شعر‬ ‫العربي القديم بين الأ�شعار العالمية الكبرى‪ .‬ومما‬ ‫حال دون ذلك عراقيل متعددة‪ ،‬نقدية كانت �أم‬ ‫جمالية‪ ٬‬تاريخية كانت �أم �سيا�سية‪ .‬و�س�أ�سعى طوال‬ ‫ا�شتغالي بالبحث العلمي و�إذا امتد بي العمر �أن �أقدّم‬ ‫بع�ض الأفكار والمالحظات في هذا المو�ضوع‪ ،‬من‬ ‫حيث المعوقات ال�سيا�سية والتاريخية‪ ،‬مثل ظاهرة‬ ‫اال�ستعمار الغربي مع كل ما �أ�سفرت عنه من �صدام‬ ‫الح�ضارات‪ ،‬و(االتجاه �إلى الما�ضي) من جهة‪،‬‬ ‫و(رف�ض الما�ضي ومعه الهوية التقليدية) من جهة‬ ‫�أخرى‪ ،‬وتب ّني القيم الغربية بداي ًة من الرومانتيكية‬ ‫و�صوال �إلى الحداثة‪ ،‬وما بعدها‪.‬‬


‫موهبة‬

‫مشعل الصارمي‬

‫إن الحياة بأن تموت غراما‬

‫الشاعر مشعل بن محمد الصارمي‪ ،‬من شعراء الفصيح‪ ،‬تجلت موهبته في‬

‫حاورته‪ :‬زبيدة علي البلوشي‬

‫لوحات شعرية تميزت بشموخ الموهبة‪ ،‬وقوة التركيب واالتزان‪ ،‬امتلك قدرة‬ ‫رائعة في نسج األبيات‪ ،‬وحياكتها بمنتهى العذوبة واالبداع‪ ،‬ناهيك عن ثرائها‬

‫بالصور الملونة الرائعة التي تغرق في بحر مشاعرها الصادقة كل من يقرأها‪،‬‬

‫‪8‬‬

‫والذي يتابع تلك الصور الشعرية في قصائده يستطيع أن يؤكد أن المشاعر‬

‫هي المحرك األساسي للفكرة التي يبلورها قلم الصارمي بكل بهاء‪،‬‬ ‫ويقدمها لنا في قصائد ترفل باإلبداع والجمال‪:‬‬

‫غرزت ُفــيها �سنين العمــر �أ�شــواكا‬ ‫ل ـعـ ــلها تلتقــي يوم ــا بيم ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاكا‬ ‫ما عدت احتاج كفـّـي دون لقـ ــياكا‬

‫ه ــذي الــمناديل �أ�ض ــواء مع ـلـ ـ ـ ـ ـ ــقة‬ ‫يا �صاح كــفي بــ�صدر الريح ابعث ــها‬ ‫لعلها لو تمادى الب ــعد تهجـ ـ ـ ــرني‬

‫برهن ال�صارمي من خالل م�شاركته في برنامج "�أمير ال�شعراء" في مو�سمه‬ ‫الحالي‪� ،‬إنه فار�س يعرف كيف يمتطي �صهوة المفردات‪ ،‬فقد �شنفت مو�سيقى‬ ‫كلماته الأذان‪ ،‬وبقيت تلك القوافي الجميلة تخاطب عقولنا‪ ،‬ورددت قلوبنا‬ ‫مفردات برقة ماء اليا�سمين‪:‬‬ ‫�إن الحــياة ب�أن تمــوت غ ــراما‬ ‫يا ُع ْم ُر تقر�ؤك ال�سنين �سالما‬ ‫ُ‬ ‫حـط اليمام للحظتين وحاما‬ ‫في كل دمعة عا�شق محمومة‬ ‫تعدو على �سفح الغياب غماما‬ ‫�أحالمنا للريح! �صي ـ ٌد �سائب‬ ‫يمكنكم متابعة تفا�صيل اللقاء الذي دار مع ال�شاعر برواق الفكر‪ ،‬من خالل م�سح الباركود �أعاله‪.‬‬

‫المشي‬ ‫كرة القدم‬

‫‪١٩٫٣٧‬‬

‫‪٢٦٤,٥٧٨‬‬

‫تمرينات عامة‬

‫‪ ٥٠‬سنة فأكثر‬

‫‪٤٩-٣٠‬‬

‫‪٢٩-١٨‬‬

‫أعلى من الثانوي‬

‫سباحة‬

‫‪٤٫١٧‬‬

‫ثانوي‬

‫العمر‬

‫أقل من الثانوي‬

‫‪٥٫٨٢‬‬

‫‪٥٧,٠٣٣‬‬

‫أهم نتائج‬

‫إستطالع الرأي‬

‫أنثى ذكر‬

‫‪٧٩,٤٤٥‬‬

‫التعليم‬

‫‪٧٧‬‬

‫‪٧٩‬‬

‫الجنس‬

‫‪ ١٢ - ٨‬مارس ‪٢٠١٥‬م‬

‫‪ ٥٠‬سنة فأكثر‬

‫المشي أكثر نشاط رياضي يمارس‬

‫الجري‬

‫‪١٦٫٥١‬‬

‫‪٢٢٥,٥٦٨‬‬

‫‪٨٩‬‬

‫‪٨٩‬‬

‫حول ممارسة المواطن العماني للرياضة‬

‫‪٤٩-٣٠‬‬

‫‪٤٫١٧‬‬

‫‪٥٧,٠٣٣‬‬

‫‪٧٧٫١٠‬‬

‫‪١,٠٥٣,٢٦٠‬‬

‫‪٧٥‬‬

‫العمر‬

‫‪٢٩-١٨‬‬

‫‪٥٫٨٢‬‬

‫‪٧٩,٤٤٥‬‬

‫‪٨٦‬‬

‫‪٨٧‬‬

‫‪٩٠‬‬

‫أعلى من الثانوي‬

‫‪١٦٫٥١‬‬

‫‪٢٢٥,٥٦٨‬‬

‫‪٧٩‬‬

‫ثانوي‬

‫‪١٩٫٣٧‬‬

‫‪٢٦٤,٥٧٨‬‬

‫‪٧٥‬‬

‫‪٨٧‬‬

‫نسبة‬ ‫الممارسين‬

‫نسبة من يمارسون األنشطة الرياضية‬ ‫حسب الخصائص الديموغرافية‬

‫أقل من الثانوي‬

‫‪٧٧٫١٠‬‬

‫‪١,٠٥٣,٢٦٠‬‬

‫النشاط‬ ‫الرياضي‬

‫‪٨٦‬‬

‫‪٨٩‬‬

‫‪٩٠‬تقديرات‬ ‫أعداد‬ ‫الممارسين‬ ‫‪٧٧‬‬ ‫في ‪٢٠١٥‬‬

‫‪٨٩‬‬

‫ً‬ ‫‪ ٥٢‬دقيقة متوسط وقت الممارسة الرياضية يوميا‬

‫ة‬

‫نسبة‬ ‫الممارسين‬

‫أعداد‬ ‫الممارسين‬ ‫في ‪٢٠١٥‬‬

‫نسبة من يمارسون األنشطة الرياضية‬ ‫حسب الخصائص الديموغرافية‬

‫ً‬ ‫‪ ٥٢‬دقيقة متوسط وقت الممارسة الرياضية يوميا‬

‫ة‬ ‫ن‬

‫تقديرات‬ ‫مؤشرات‬

‫أنثى ذكر‬

‫الجنس‬ ‫الدولي للرياضة‬ ‫التعليمبمناسبة اليوم‬

‫حول‬


‫مقال‬

‫عماد بن حسين باقر‬

‫‪imadhussain09@hotmail.com‬‬

‫شعارات اليوم العالمي لالتصاالت‪ ..‬المعاني والدالالت‬ ‫يحتفل المجتمع الدولي في ‪ 17‬مايو من كل عام باليوم‬ ‫العالمي لالت�صاالت ومجتمع المعلومات‪ ،‬وعند ا�ستعرا�ضنا‬ ‫لتاريخ االحتفال بهذه المنا�سبة نجد �أن المجتمع الدولي‬ ‫بد�أ احتفاالته بهذا اليوم في العام ‪ 1969‬ولكن بعنوان مختلف‬ ‫قليال هو اليوم العالمي لالت�صاالت‪ ،‬حيث ي�صادف هذا اليوم‬ ‫ذكرى ت�أ�سي�س االتحاد الدولي لالت�صاالت وتوقيع االتفاقية‬ ‫الأولى للبرق في العام ‪.1865‬‬ ‫وفي العام ‪ 2006‬وتحديدا في �شهر مار�س من هذا العام‪،‬‬ ‫ا�ستجابت الجمعية العامة للأمم المتحدة لدعوة القمة العالمية‬ ‫لمجتمع المعلومات التي عقدت في نوفمبر ‪ ، 2005‬باعالنها ‪17‬‬ ‫مايو يوماً عالمياً لمجتمع المعلومات بهدف ت�سخير تكنولوجيا‬ ‫المعلومات واالت�صاالت في خدمة مختلف المجتمعات الموجودة‬ ‫في الع�صر الحالي‪.‬‬

‫بتقديم هذه الخدمات لها‪ ،‬وتعزيز ودعم الم�شاريع‪ ،‬والمبادرات‪،‬‬ ‫والبرامج التي تتبناها الحكومات‪ ،‬والم�ؤ�س�سات الخا�صة بما يحقق‬ ‫اندماج المجتمعات الريفية مع مجتمعات المدن المتمتعة بما‬ ‫تجود عليها التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬وتقلي�ص الفجوة الرقمية بين‬ ‫الأرياف والمدن‪ ،‬وخلق نوع من التقارب الثقافي بينهما من خالل‬ ‫اتاحة �أدوات الو�صول للمعرفة ب�شكل عادل‪.‬‬ ‫�أما المو�ضوع الذي تم اختياره في العام ‪ 2013‬هو (تكنولوجيا‬ ‫المعلومات‪ ،‬واالت�صاالت‪ ،‬وتح�سين ال�سالمة على الطرق)‪� ،‬إذ ال‬ ‫يوجد �شك ب�أن للتكنولوجيا قدرة كبيرة على زيادة معدل الأمان‬ ‫على الطرق‪ ،‬فعلى �سبيل المثال‪ ،‬ولي�س الح�صر‪ ،‬ف�إن ا�ستخدام‬ ‫�إ�شارات مرور متقدمة‪ ،‬و�أكثر ذكاء �سي�ساهم في التقليل من‬ ‫االزدحام المروري وخف�ض عدد الحوادث‪.‬‬ ‫�إال �أنه يجب التنبه �إلى �أن اال�ستخدام الخاطئ للتقنية‬ ‫�سي�ساهم في زيادة عدد الحوادث المرورية‪ ،‬ولذلك ال ب ّد من‬ ‫الت�صدي‪ ،‬ومواجهة تزايد الأعداد من �ضحايا حوادث الطرق‪،‬‬ ‫والخ�سائر االقت�صادية المترتبة على الحكومات والأفراد‬ ‫ب�سببها‪ ،‬ومعالجة �أهم �أ�سباب هذه الحوادث‪ ،‬وخ�صو�صا‬ ‫المرتبطة با�ستخدام التقنية مثل االن�شغال بالهاتف‬ ‫والمرا�سالت الن�صية‪ ،‬و�أنظمة المالحة �أثناء القيادة‪.‬‬

‫واحتفل بالمنا�سبتين معا لأول مرة في �شهر نوفمبر من‬ ‫العام ‪ 2006‬تحت م�سمى اليوم العالمي لالت�صاالت ومجتمع‬ ‫المعلومات‪ ،‬وذلك تنفيذا لقرار م�ؤتمر المندوبين المفو�ضين‬ ‫لالتحاد الدولي لالت�صاالت الذي عقد ب�أنطاليا التركية‪� ،‬إذ‬ ‫دعا الم�ؤتمر الدول الأع�ضاء �إلى االحتفال �سنوياً بهذا اليوم‬ ‫من خالل تنظيم برامج وطنية ت�ساهم في اال�ستغالل الأمثل‬ ‫لإمكانيات تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬واالت�صاالت‪ ،‬والفوائد‬ ‫وقد اختار االتحاد الدولي لالت�صاالت (النطاق العري�ض من‬ ‫االقت�صادية‪ ،‬واالجتماعية ال�ستخدامها وو�سائل و�أدوات �سد‬ ‫�أجل التنمية الم�ستدامة) ليكون ال�شعار المعتمد لعام ‪،2014‬‬ ‫الفجوة الرقمية (‪.)Digital Divide‬‬ ‫وتنبع �أهمية هذا المو�ضوع �أو ال�شعار في حاجة الم�ستخدمين‬ ‫وقد جرت العادة �أن يتبنى االتحاد الدولي لالت�صاالت �شعارا في كل �إلى �شبكات �سريعة النفاذ‪ ،‬وتوفير النطاق العري�ض ب�أ�سعار‬ ‫عام من �أجل تركيز الجهود على مو�ضوع محدد‪ ،‬فمثال ت ّم اعتماد معقولة ب�سبب ظهور ابتكارات تكنولوجية جديدة كل يوم‪ ،‬وب�شكل‬ ‫ال�شعار (مدينة �أف�ضل وحياة �أف�ضل مع تكنولوجيا المعلومات �سريع‪ ،‬والنمو المتزايد في حركة البيانات االلكترونية بمختلف‬ ‫واالت�صاالت) في العام ‪ ،2010‬لتحقيق معايير حياة �أف�ضل في القطاعات‪ ،‬وظهور مفهوم الحو�سبة ال�سحابية وازدياد ا�ستخدام‬ ‫بيئة المدينة‪ ،‬وتوظيف تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬واالت�صاالت في و�سائل التوا�صل االجتماعي في المجاالت المهنية وال�شخ�صية‪،‬‬ ‫خف�ض تعقيدات الحياة ل�سكان المدن‪ ،‬والتقليل من الزحام‪ ،‬وقد وافق مجل�س االتحاد الدولي لالت�صاالت على اعتماد مو�ضوع‬ ‫واكتظاظ الب�شر من خالل تطوير خدمات الحكومة الإلكترونية (االت�صاالت وتكنولوجيا المعلومات واالت�صاالت‪ :‬قوى دافعة‬ ‫(‪ )E-government‬والتجارة االلكترونية (‪ ،)E-commerce‬لالبتكار) لعام ‪.2015‬‬ ‫والبنية الأ�سا�سية (‪ )Infrastructure‬الداعمة لها‪.‬‬ ‫�إن العناوين التي يختارها االتحاد الدولي لالت�صاالت مهمة‬ ‫وفي العام ‪ 2011‬اعتمد االتحاد الدولي لالت�صاالت �شعاراً ال يقل ومفيدة لتقديم حياة �أف�ضل لل�شعوب ولذلك على الدول‬ ‫�أهمية عن �سابقه هو (حياة �أف�ضل في المجتمعات الريفية بف�ضل اال�ستفادة من كل فر�صة متاحة‪ ،‬وتحقيق تقدم وا�ضح وملمو�س‬ ‫تكنولوجيا المعلومات واالت�صاالت) ّ‬ ‫لحث جميع من لهم عالقة متوافق مع هذه العناوين وتقلي�ص الفجوة الرقمية بين �سكان‬ ‫على �إعطاء المجتمعات الريفية العناية الالزمة بما ي�ساهم الدول المتقدمة والنامية وبين الأرياف والمدن‪ ،‬وتطوير‬ ‫في �إعطاء قدر من الم�ساواة‪ ،‬واتاحة الفر�ص للجميع ب�شكل خدمات الحكومة االلكترونية‪ ،‬والتجارة االلكترونية‪ ،‬والبنية‬ ‫متكافئ‪ ،‬وتعزيز دور تقنيات االت�صاالت‪ ،‬وتكنولوجيا المعلومات الأ�سا�سية الداعمة لها‪ ،‬وعدم اقت�صار الأمر على االحتفاالت‬ ‫في المناطق الريفية‪ ،‬وتذليل العقبات‪ ،‬وال�صعوبات المتعلقة ال�شكلية بهذا اليوم‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫مقال‬

‫‪10‬‬

‫تهى العبرية‬

‫‪omandaily11@hotmail.com‬‬

‫عيون تائهة‬ ‫تمكينهم من التك ّيف للقيام ب�أدوارهم االجتماعية‬ ‫من خالل اعتقادهم الخاطئ با�ستحالة اندماجهم‬ ‫اجتماعياً و�أنهم فقط بحاجة �إلى ال�شفقة والرعاية‪،‬‬ ‫فهذا التعامل ي�ؤثر فيهم �سلباً ‪ ،‬ويجلب لهم‬ ‫َ�س ْي ً‬ ‫ال من االحباطات‪ ،‬واال�ضطرابات االنفعالية‪،‬‬ ‫فالبع�ض يت�أثر �سلوكياً من خالل َ‬ ‫الخوْ�ض في‬ ‫الجرائم واالنحراف عن العادات والتقاليد‪ ،‬وعدم‬ ‫القدرة على تكوين العالقات االجتماعية‪ .‬ووفق‬ ‫اح�صائيات عالمية ات�ضحت �أن ن�سبة المعاقين‬ ‫ي�ش ّكل ‪ %13.5‬من مجموع �سكان العالم مع بداية‬

‫ا�ستوقفني موقف ر�أيته �أمامي عندما كنا في‬ ‫الطائرة عائدين من ال�سفر‪ ،‬وبد�أنا ب�أخذ مقاعدنا‬ ‫ك ٌل ح�سب مقعده المحجوز‪ ،‬ف�إذا بالطاقم يحاول‬ ‫�إدخال فتاة في الع�شرينات من عمرها على كر�سي‬ ‫متحرك �إلى كر�سيها المحجوز في الخلف تقريباً‪،‬‬ ‫ولكن ل�ضيق الم�سافة لم يت�سع لمرورها‪ ،‬وال توجد‬ ‫�إمكانية ال�ستبدالها في المقاعد الأمامية لأن‬ ‫�أ�صحابها كانوا في و�ضع حرج من ج ّراء العمليات‬ ‫التي �أجروها في العالج ‪ ،‬فما كان من ال�شابة �إال �أن‬ ‫نزلت من الكر�سي المتحرك‪ ،‬وحبتْ مثل الطفل‬ ‫�إلى كر�سيها كوْن �أ ّن االعاقة كانت عدم قدرتها على‬ ‫الم�شي‪ ،‬في هذه اللحظة ر� ُ‬ ‫أيت ال َع ْبرة في ُم َقل‬ ‫الجميع ‪ ،‬وبد َْت في ذهني ت�سا�ؤالت عن هذه الفئة‪،‬‬ ‫وما هي حقوقها وما تحتاج �إليه من معاملة حالها‬ ‫حال الأ�صحاء‪.‬‬ ‫وي�صادف يوم ‪ 3‬دي�سمبر من كل عام اليوم‬ ‫العالمي لذوي االحتياجات الخا�صة‪ ،‬ويهدف‬ ‫نسبة المعاقين من‬ ‫هذا اليوم �إلى زيادة الوعي بمعنى الإعاقة‪ ،‬وفهم‬ ‫ق�ضايا ذوي االحتياجات الخا�صة ل�ضمان حقوقهم‬ ‫مجموع سكان العالم‬ ‫بما يكفل لهم الحياة الرخ ّية‪ .‬فالإعاقة قد تكون‬ ‫ذهنية‪� ،‬أو ج�سدية‪ ،‬وفي مجتمعنا يُنظر لهذا‬ ‫المعاق بثالثة نماذج وهي‪ :‬النموذج الطبي‪ ،‬وهو‬ ‫�أن ال�شخ�ص معاق طبياً‪ ،‬والنموذج الثاني‪ ،‬الأكثر‬ ‫�شيوعاً هو‪ :‬الخيري �أو الرعوي‪ ،‬والذي يحمل‬ ‫القرن الواحد والع�شرين‪ ،‬و‪ %80‬معظمهم من‬ ‫معنى ال�شفقة‪ ،‬والرحمة باعتبار �أن هذا ال�شخ�ص‬ ‫بلدان العالم الثالث والبلدان النامية‪.‬‬ ‫غير قادر على ت�صريف �أموره بنف�سه‪� ،‬أما النموذج‬ ‫�إ ّن ذوي االحتياجات الخا�صة بحاجة �إلى‬ ‫الثالث فيقوم على �أ ّن هذا المعاق ان�سان يتمتع‬ ‫اعطائهم فر�صة للتع ّلم حتى ي�ستطيعوا ممار�سة‬ ‫بكامل حقوقه في المجتمع‪.‬‬ ‫حقوقهم الآدمية في المجتمع‪ ،‬فهم قادرون على‬ ‫هذه الفئة بحاجة �إلى عناية فائقة من االنتاج‪ ،‬واالبداع‪ ،‬والعمل‪ ،‬رغم �أن الدرا�سات �أثبتت‬ ‫�صغيرها �إلى كبيرها‪ ،‬فهي جزء ال يتجز�أ من �أن الطفل المعاق ينمو ‪� 9‬شهور �أو �أقل في كل �سنة‬ ‫المجتمع‪ ،‬فق�ضية المعاق لي�ست ق�ضية فردية‪ ،‬و�أن ن�سبة الذكاء ذهنياً تقل عن ‪ ،%75‬ولكن هذا ال‬ ‫بل هي ق�ضية مجتمع ب�أكمله‪ ،‬ويبد�أ هذا االهتمام يمنع من تعليمهم فكثيرا ما ن�سمع عن م�صاب فقد‬ ‫من الأ�سرة‪ ،‬وبالتحديد من الأب والأم‪ ،‬فالبع�ض ب�صره‪ ،‬وحفظ القر�آن كام ً‬ ‫ال‪ ،‬ون�سمع عن م�صاب‬ ‫ي�صاب ب�صدمة عندما يعرف �أن ابنه ال ي�ستطيع فقد رجليه‪ ،‬وهو م�صوّر بارع على كر�سي متحرك‪،‬‬ ‫خدمة نف�سه‪ ،‬و�أ�سرته على �أكمل وجه‪ ،‬والبع�ض و�سمعنا عن بيتهوفن الأ�صم الذي �أتحف العالم‬ ‫الآخر يتعاي�ش مع هذه االعاقة‪ ،‬وي ْعترف بها وي�أخذ بمعزوفات مو�سيقية لم ي�ستطع �سماعها واليوم‬ ‫بيد ابنه للمجتمع‪ ،‬وي�شعره �أنه فرد منتج‪ ،‬فهو قادر لن يتم ّكن �أحد م�ضاهاته فيها‪ .‬اذاً فهم فقط‬ ‫�أن يعطي �إن ح�صل على الرعاية الكافية‪ ،‬وكذلك بحاجة �إلى فهم متطلباتهم‪ ،‬وبناء لهم ج�سرا‬ ‫ي�أتي دور المجتمع اتجاه هذه الفئة وكيف ي�ؤثر من الثقة ليقفوا �صامدين‪ ،‬ومتحدين ال�صعاب‬ ‫نف�سياً‪ ،‬واجتماعياً فيهم‪ ،‬فنظرة المجتمع‪ ،‬وتعامله م�ستندين على هذه الأيدي البي�ضاء التي تفتح‬ ‫ال�سلبي مع ذوي االحتياجات الخا�صة يحُ ول دون لهم باب الرعاية‪ ،‬واالهتمام‪ ،‬ك�إن�شاء مدار�س‬

‫‪٪١٣،٥‬‬

‫خا�صة متقدمة لت�أهيلهم مهنياً حتى ي�صبحوا‬ ‫منتجين‪ ،‬ودمجهم مع المدار�س الحكومية لزيادة‬ ‫الترابط‪ ،‬والتوا�صل مع ذويهم‪ ،‬وقد تم �إن�شاء‬ ‫بع�ض الجمعيات الطوعية معنية لهذه الفئة مثل‬ ‫جمعية الأمل ومركز م�سقط للتوحد‪.‬‬ ‫ولكن قد يح ّز في خاطرنا �أن نرى بع�ض‬ ‫ال�سلوكيات من بع�ض الأ�صحاء من خالل احتالل‬ ‫مواقفهم المخ�ص�صة في الجهات الر�سمية‪ ،‬دون‬ ‫مباالة‪ ،‬وت�أنيب �ضمير‪ ،‬وهذه الفئة بحاجة �إلى‬ ‫الكثير من االلتزامات للوقوف عليها لم�ساندتها‪،‬‬ ‫ويكون نوعا من الت�شجيع‪ ،‬وال�شعور ب�إن�سانيتها‬ ‫في المجتمع ب�شكل مت�شعب و�أدق‪ ،‬وقد تم منح‬ ‫المعاقين هنا في ال�سلطنة بع�ض الت�سهيالت‬ ‫مثل �إعطائهم بطاقة تتيح لهم االعفاء من ر�سوم‬ ‫ا�ستقدام العامالت ور�سوم ت�سجيل والمركبات‬ ‫وتجديدها ‪ ،‬كذلك منحهم تخفي�ضات خا�صة‬ ‫عند �شراء بع�ض انواع ال�سيارات والم�ستلزمات‬ ‫المنزلية و�أحقيتهم للح�صول على مواقف‬ ‫ال�سيارات واعفاءهم من ر�سوم ا�ستخراج ملكيات‬ ‫االرا�ضي‪ .‬ويمكنهم كذلك تطوير الت�سهيالت من‬ ‫خالل تخ�صي�ص م�ساحات كافية لهم في الطائرة‬ ‫للتحرك �أو مقاعد خا�صة لهم ولمرافقيهم‪ ،‬كذلك‬ ‫تنظيم بع�ض الأن�شطة الترفيهية لهم في �أيام‬ ‫معينة من ال�سنة‪ ،‬ومتابعة كل الجهات الحكومية‪،‬‬ ‫والخا�صة بتجهيزها للمرافق الخا�صة بهم من‬ ‫عدمها بما يتنا�سب وحاجتهم مع و�ضع االر�شادات‬ ‫بالخط العري�ض �أو (لغة برايل) حتى تخدم كل‬ ‫�أنواع فئات ذوي االحتياجات الخا�صة‪ .‬و�إعالمياً‪،‬‬ ‫�أن يتم تنظيم حملة من البرامج التوعوية‬ ‫ب�أنواعها المقروءة‪ ،‬والمرئية‪ ،‬والم�سموعة‪ ،‬لزيادة‬ ‫الوعي في المجتمع وتعريفهم �أكثر عن هذه‬ ‫الفئة‪ ،‬ومالهم من حقوق في المجتمع‪ ،‬وكيفية‬ ‫التعامل معهم كفرد طبيعي قادر على تقديم ما‬ ‫يقدمه االن�سان العادي‪ ،‬وذلك لزرع الثقة‪ ،‬وابراز‬ ‫مكانتهم‪ ،‬وغر�س روح االطمئنان‪ ،‬واال�ستقرار داخل‬ ‫نفو�س هذه الفئة‪ ،‬فالإن�سان ب�إنتاجيته‪ ،‬و�أثره في‬ ‫المجتمع‪ .‬كذلك يجب تدريب �أُ�سر المعاقين على‬ ‫برامج الت�أهيل للتدخل المبكر وكيفية التعامل مع‬ ‫�أبنائهم‪.‬‬


‫مقال‬

‫ناصر الراشدي‬

‫‪11‬‬

‫‪nasser22a@hotmail.com‬‬

‫لم المستحيل‬ ‫الح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال �أعلم عن هذا الحلم الذي تمتلكه‪ ،‬ال �أعلم كم خاب �أن يكون عظيماً �إن عملت على ذلك‪ ،‬و�أطلقت لنف�سك‬ ‫�أملك‪ ،‬و�أنت تعمل على تحقيقه‪ ،‬لكن هذا الحلم الذي العنان لتعي�ش حلمك‪ ،‬وتحرّرت من قيودك الداخلية‪� ،‬أو‬ ‫تحمله في عقلك هو "ممكن"‪ ،‬وقابل �أن يتحقق �إلى القيود التي يفر�ضها عليك من حولك‪.‬‬ ‫واقع‪� ،‬إن البع�ض يعلم بالفعل ب�أن مهمة �أن يكون الحلم‬ ‫معظم النا�س‪ ،‬ي�ؤ�سِّ �سون �أ�سرة‪ ،‬ويكافحون لك�سب لقمة‬ ‫ممكناً �صعب ًة للغاية‪ ،‬ولي�ست �سهلة‪ ،‬مهمة يلزمها الكثير‬ ‫عي�شهم‪ ،‬ثم يموتون‪ ،‬ويتوقفون عن النمو‪ ،‬ويتوقفون‬ ‫من المثابرة واالجتهاد‪ ،‬والكثير من الت�ضحيات‪� ،‬إنه من‬ ‫عن العمل على تطوير �أنف�سهم‪ ،‬بل يتوقفون عن دفع‬ ‫ال�صعب تغيير حياتك‪ ،‬و�إنه في �أثناء العمل على تحقيق‬ ‫�أنف�سهم‪ ،‬وبالتالي ال تجد لهم بحياتهم ب�صمة �إنجاز‪� ،‬أو‬ ‫�أحالمك �سوف تتكبد الكثير من خيبات الأمل‪ ،‬والكثير‬ ‫تحقيق مكت�سبات‪ ،‬ثم الكثير من النا�س يتذمرون‪ ،‬لكنهم‬ ‫من الف�شل‪ ،‬والكثير من الألم‪ ،‬ف�ض ًال عن انتقاد الآخرين‬ ‫ال يريدون �أن يفعلوا �شي ًئا حيال و�ضعهم‪ ،‬وال يحركون‬ ‫لك وا�ستنقا�صهم من قدراتك‪ ،‬و�سوف تمر بلحظات‬ ‫�ساكناً‪ ،‬ومعظم النا�س ال يعملون على تحقيق �أحالمهم‪،‬‬ ‫عندها تبد�أ بال�شك في نف�سك‪ ،‬وفي ثقتك بها‪ ،‬وبقدراتك‪،‬‬ ‫لماذا؟ �إن ذلك يكون �إما ب�سبب الخوف‪ ،‬الخوف من‬ ‫و�إمكانياتك‪ ،‬ب�أن تقول لماذا؟ لماذا يا ربي يحدث هذا لي؟‬ ‫الف�شل‪ ،‬في�س�ألون �أنف�سهم ماذا لو لم يحققوا �أهدافهم‪،‬‬ ‫�أنا فقط �أحاول رعاية نف�سي �أو من يكون تحت م�س�ؤوليتي‪،‬‬ ‫ماذا لو �أن الأمور لم تنجح معهم‪ ،‬و�إما �أن يكون ب�سبب‬ ‫�أنا ال �أ�سعى لتدمير مكت�سبات معينة‪� ،‬أو تعطيل نجاحات‬ ‫الخوف من النجاح‪ ،‬ماذا لو نجحوا‪ ،‬وال يعرفون كيف‬ ‫�أ�شخا�ص �آخرين‪ ،‬كيف يمكن لهذا �أن يحدث لي؟ كيف ال‬ ‫يتعاملون مع ذلك النجاح‪ ،‬وال يعرفون كيف يمكنهم‬ ‫�أملك القدرة على تحقيق �أحالمي؟ بل كيف ال �أملك حتى‬ ‫المحافظة عليه‪ ،‬فه�ؤالء لي�سوا مجازفين بالمخاطر‪ ،‬وال‬ ‫مجرد الثقة بنف�سي ب�أني قادر على تحقيق تلك الأحالم‪،‬‬ ‫يمكن لهم تحقيق النجاح‪ ،‬والو�صول لأهدافهم‪ ،‬لأن ذلك‬ ‫وقيادة دفة طموحاتي لأ�صل مبتغاي؟‬ ‫يحتاج �إلى عزيمة و�إيمان وثقة بالنف�س‪ ،‬و�إلى مغامرة‬ ‫وهنا �أقول لك‪ ،‬وللذين لديهم خبرة من بع�ض الم�صاعب‪ ،‬مقرونة بتخطيط �سليم‪.‬‬ ‫الذين ذاقوا كافة �أنواع الإحباطات والمثبطات �سوا ٌء من‬ ‫ويق�ضي النا�س كثيراً من �أوقاتهم مع �أ�شخا�ص �آخرين‪،‬‬ ‫ذواتهم‪� ،‬أو من �أ�شخا�ص �آخرين‪� ،‬أقول ال تتخلى عن حلمك‪،‬‬ ‫يق�ضون وقتاً طوي ًال لك�سب حب النا�س‪ ،‬وبالتالي هم‬ ‫ال تتنازل عن طموحاتك‪ ،‬ال تترك �أهدافك يحققها‬ ‫يعرفون عنهم �أكثر من علمهم ب�أنف�سهم‪ ،‬يعرفون‬ ‫الآخرون‪ ،‬وال ت�ست�سلم للأفكار ال�سلبية والإيحاءات التي‬ ‫تفا�صيل حياتهم‪ ،‬ويريدون �أن يكونوا مثلهم‪ ،‬والعي�ش‬ ‫ت�أتيك من داخلك �أو ممن حولك ب�أنك ال ت�ستطيع �أن‬ ‫مثل حياتهم‪ ،‬فما �سبب ذلك؟ لقد ا�ستثمروا الكثير من‬ ‫تم�ضي قدماً لتحقيق �أحالمك �أو �أهدافك‪ ،‬وب�أنك �سوف‬ ‫الوقت على النا�س دون �أنف�سهم‪ ،‬فلم يعرفوا عن �أنف�سهم‬ ‫تواجه الكثير من الم�صاعب �إن فكرت �أن تتقدم خطوة‬ ‫ما بها من طاقات‪ ،‬وم�ؤهالت‪ ،‬ومميزات‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ف�إن‬ ‫للأمام‪ ،‬بل ت�أكد ب�أن الأوقات ال�صعبة �سوف ت�أتي‪ ،‬ولكنها‬ ‫حتمية النتيجة �ستكون انعدام الثقة بالنف�س وت�أ�صل‬ ‫لن ت�أت لتبقى‪ ،‬والم�شكالت �سوف تظهر‪ ،‬ولكنها لن تظهر‬ ‫االعتقاد بعدم القدرة على الإنجاز‪.‬‬ ‫لترافقك في حياتك‪ ،‬وفي م�شوار تحقيق �أحالمك‪ ،‬و�أن‬ ‫ً‬ ‫كل ذلك �سي�أتي ليعطيك در�ساً حول الق�ضاء عليها‪ ،‬وعلى من ال�ضروري جدا �أن ينتمي الإن�سان �إلى زمرة الناجحين‬ ‫مثيالتها القادمة‪ ،‬وتمنحك مهارة تحل بها م�شاكلك‪ ،‬ليكت�سب منهم حب العمل‪ ،‬واالطالع‪ ،‬واال�ستك�شاف‪،‬‬ ‫وتقوي عزيمتك لت�ستمر‪ ،‬وتعطيك المناعة الالزمة والجد‪ ،‬واالجتهاد‪ ،‬والمثابرة على تحقيق الأحالم‪ ،‬و�أن‬ ‫يخرج الفا�شلين من حياته حتى ال يت�أثر بفكرهم‪ ،‬وال‬ ‫الجتياز العقبات في كافة مجاالت حياتك‪.‬‬ ‫يكت�سب �صفاتهم‪� ،‬إذا �أراد �أن يحقق حلمه‪ ،‬فالنا�س الذين‬ ‫ويعتقد البع�ض ب�أنه ال يمكن �أن يكون عظيماً يوماً ما‪،‬‬ ‫يجرون وراء �أحالمهم يكون للحياة لديهم معن ًى خا�ص‪،‬‬ ‫وبالتالي ال يمكنه �أن يحقق ما يريد الو�صول �إليه‪ ،‬و�أن‬ ‫حياة يملأها التفا�ؤل‪ ،‬والثقة بالنف�س‪ ،‬وحُ �سن الظن باهلل‪،‬‬ ‫تلك ال�صفة ال يمكن اكت�سابها‪ ،‬بل على العك�س من ذلك‪،‬‬ ‫حياة يملأها الأمل‪ ،‬والعزيمة للفوز وتحقيق النجاح‪.‬‬ ‫ف�إن العظمة لي�ست ذلك ال�شيء ال�صعب المنال المق�صور‬ ‫�إنك عزيزي القارئ‪� ،‬إذا �أردت �أن ت�صبح ال�شخ�ص‬ ‫على فئة معينة دون غيرها‪ ،‬ولي�ست ذلك ال�شيء الذي لن‬ ‫يتذوقه‪ ،‬وي�شعر به �سوى الفريدين من بيننا‪ ،‬بل �إنها �شيء المنا�سب‪ ،‬فعليك �أن تبد�أ بف�صل نف�سك عن النا�س‬ ‫موجود حقاً‪ ،‬موجودة في كل واحد منا‪ ،‬ومن المهم جداً الآخرين الذين اعتادوا عي�ش حياتهم على ما هي عليه‪،‬‬ ‫بالن�سبة لك �أن ت�ؤمن ب�أنك �أنت ذلك ال�شخ�ص الذي يمكن و�أن تبد�أ بالح�صول على تميز منفرد‪ ،‬لأنك �إذا تتبعت‬

‫الآخرين ف�ستكون مثلهم‪� ،‬ستكون ن�سخة منهم‪ ،‬ولن تكون‬ ‫�أبداً الن�سخة المف�ضلة‪ ،‬كما �أنه ال يمكنك �أن تكون �أف�ضل‬ ‫مما �أنت عليه الآن �إال بمعرفة قيمتك الخا�صة وكيفية‬ ‫توظيفها لتحقيق �أحالمك‪ ،‬وتذ ّكر ب�أن النا�س لن ينظموا‬ ‫�إليك لتحقيق �أحالمك‪ ،‬ولن يملكوا الر�ؤية المنا�سبة لك‪،‬‬ ‫ويجب �أن تعرف �أنك ن�سل ا�ستثنائي‪ ،‬تملك ما ال يملكه‬ ‫الآخرون‪ ،‬وت�ستطيع �أن تفعل ما ال يفعله الآخرون‪ ،‬كما �إنه‬ ‫من ال�ضروري �أن تتعرف على كيفية محاذاة نف�سك مع‬ ‫النا�س وجذبهم في عملك �إن قررت �أن تعمل على تحقيق‬ ‫ذلك الحلم‪ ،‬النا�س المتعط�شون للم�شاركة في الإنجاز‪،‬‬ ‫وتحقيق الأهداف‪ ،‬النا�س الذين ال يمكن �إيقافهم‪� ،‬أو‬ ‫منعهم من تحقيق ما يريدون‪ ،‬الذين يرف�ضون عي�ش‬ ‫حياة عادية كما هي‪ ،‬الذين يريدون المزيد‪ ،‬وكما �أ�سلفنا‪،‬‬ ‫ف�إن النا�س الذين يعي�شون �أحالمهم يتعلقون بزمرة‬ ‫الفائزين‪ ،‬والمنتجين‪ ،‬يتعلقون بالنا�س الذين يعي�شون‬ ‫�أحالمهم‪� ،‬إنهم النا�س الذين يعرفون ب�أنهم قادرون على‬ ‫�إحداث التغيير وقادرون على الإنجاز في�أخذون زمام‬ ‫المبادرة على عاتقهم‪ ،‬و�إذا �أردت �أن تكون �أكثر نجاحاً‪،‬‬ ‫و�أن تفعل �أ�شياء لم تفعلها من قبل‪ ،‬ف�إني �أطلب منك‬ ‫اال�ستثمار في نف�سك‪ ،‬نعم اال�ستثمار في نف�سك من‬ ‫خالل درا�ستها ومعرفة كل نقاط القوة وال�ضعف فيها‪،‬‬ ‫والتدريب على �أداء الأف�ضل‪.‬‬ ‫�إن �آراء الأ�شخا�ص فيك‪ ،‬ال يمكن‪ ،‬بل ال يجب �أن ت�صبح‬ ‫حقيقتك‪ ،‬وال يجب عليك �أن تخو�ض الحياة وك�أنك‬ ‫�ضحية لتلك الآراء‪ ،‬وعلى الرغم من خيبات الأمل التي‬ ‫تواجهها‪ ،‬فعليك �أن تعرف في نف�سك ب�أنك قادر على‬ ‫الو�صول وتحقيق ما تريد‪ ،‬حتى و�إن لم ير �أحد ذلك فيك‪،‬‬ ‫فيجب �أن تراه بنف�سك ولنف�سك‪ ،‬وقل هذا ما �أُ� ُ‬ ‫ؤمن به‪،‬‬ ‫و�أنا م�ستعد للموت من �أجله‪ ،‬فال يهمني �صعوبة الأمر‪� ،‬أو‬ ‫كم �سيكون �صعباً عليَ‪ ،‬ف�إنني ذاهب لتحقيق هدفي‪.‬‬ ‫وتذكر ب�أنك عندما ت�صبح من �أنت وعندما ت�صبح ال�شخ�ص‬ ‫الذي يفتر�ض �أن تكون‪ ،‬م�صمم لتكون كذلك دون اعتبار‬ ‫لر�أي النا�س‪ ،‬ف�إنك �ستبد�أ الخطوة الأولى لتحقيق ذاتك‪،‬‬ ‫و�ستحاول الو�صول �إلى الم�ستوى التالي الذي يجعلك‬ ‫على ا�ستعداد للعمل على �أحالمك‪ ،‬وتحويلها لتكون واقع‬ ‫ملمو�س‪ ،‬تعي�شه وت�ستمتع به‪ ،‬وت�شعر بلذة الإنجاز فيه‪،‬‬ ‫ويمنحك الفخر ب�أنك في زمرة المنتجين‪ ،‬وما عليك �إال‬ ‫اال�ستثمار في عقلك وتدريبه و�إك�سابه ما يحتاج‪ ،‬فهل �أنت‬ ‫م�ستعد لتكون؟‬


‫تحقيق مصور‬

‫"رقص الطيور"‬

‫معرض لرائد النحت العماني أيوب ملنج‬ ‫عندما تتراقص األنامل لتبدع‪ ،‬وتصنع الدقة منحوتات مترفة بالجمال‪،‬‬

‫تحاكي الواقع بأدق تفاصيله‪ ،‬منحوتات تسرد قصة عشق جنونية أقامتها‬

‫‪12‬‬

‫مع نحاتها‪ ،‬وبمجرد النظر‪ ،‬والتدقيق في تفاصيلها‪ ،‬يشعر المرء أنه أمام‬ ‫أسطورة فنية‪ ،‬تنبض بالجمال‪ ،‬والقيم‪ ،‬واألبداع‪ ،‬منحوتات خلقت سحرا‬ ‫تدل على موهبة‪ ،‬وإمكانيات وهبها الله له‪ ،‬ولم يحظ بها غيره‪.‬‬ ‫غامضا‪ُ ،‬‬ ‫هكذا ّعبرت منحوتات رائد النحت العماني‪ ،‬أيوب ملنج البلوشي‪ ،‬في‬

‫المعرض الشخصي له (رقص الطيور) برواق الفكر‪ ،‬إذ تنافست الكاميرات‬

‫الفوتوغرافية‪ ،‬والرقمية في نقل التفاصيل بكل واقعية‪....‬‬ ‫يمكنكم متابعة التفا�صيل من خالل م�سح الباركود �أعاله‪.‬‬ ‫تصوير ‪ :‬عبدالعزيز الشكيلي‬


‫تحقيق مصور‬

‫‪13‬‬


‫ملف العدد‬

‫‪14‬‬

‫تقرير األمم المتحدة‬

‫تزايد الطلب العالمي على المياه‬

‫إعداد ‪ :‬مريم بنت خلفان المسلمية‬ ‫ترجمة ‪ :‬أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫أشار تقرير األمم المتحدة لتنمية المياه‬ ‫لعام ‪2015‬م‪ ،‬أنه من المتوقع أن يتزايد‬ ‫الطلب العالمي للمياه في جميع قطاعات‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬وبالتحديد في ثالثة ركائز للتنمية‬ ‫المستدامة على المستوى االقتصادي‪،‬‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬والبيئي‪ .‬ويوضح التقرير‬ ‫الذي يحمل عنوان "المياه من أجل عالم‬ ‫مستدام" أن مصادر المياه‪ ،‬وخدماتها تعد‬ ‫ضرورة محتمة من أجل تحقيق االستدامة‬ ‫العالمية‪ ،‬إذ يركز التقرير على القضايا‬ ‫التي تؤثر على نمو‪ ،‬وتطور األبعاد الثالثة‬ ‫للتنمية المستدامة‪ ،‬والتي ترتبط بالحدود‬ ‫التي تفرضها موارد المياه المحدودة‪،‬‬ ‫والمتغيرة بشكل دائم‪ ،‬والطريقة التي‬ ‫يتم بها إدارة تلك الموارد لتوفير الخدمات‪،‬‬ ‫والمنافع‪.‬‬

‫(�أي ما ي�شكل‪ %95‬من المجموع الكلي لل�سكان الذين‬ ‫ت�أثروا بجميع تلك الكوارث) و�ألحقت �أ�ضرا ًر بلغت‬ ‫تكلفتها ‪ 1.3‬تريليون دوالر (‪ %63‬من المجموع الكلي‬ ‫للأ�ضرار) (‪ .)2012 ,UNISDR‬كما ت�شير الحقائق‬

‫كما ي�شير التقرير �إلى �أن موارد المياه‪ ،‬ونطاق‬ ‫الخدمات التي تقدمها تعمل على دعم‪ ،‬وتعزيز النمو‬ ‫االقت�صادي‪ ،‬والتقليل من �ش�أفة الفقر‪ ،‬وت�ساهم‬ ‫في اال�ستدامة البيئية‪ .‬وي�سهم الماء ب�شكل فعَّال‬ ‫في ت�أمين الغذاء‪ ،‬والطاقة لبني الب�شر‪ ،‬وال�صحة‬ ‫البيئية‪ ،‬كما ي�سهم في تعزيز الرفاهية االجتماعية‪،‬‬ ‫وي�ؤثر ب�شكل فعال على معي�شة الباليين من النا�س‪.‬‬ ‫وتو�ضح البيانات �أن التحديات التي تواجهها التنمية‬ ‫نسبة النقص المتوقع في‬ ‫في القرن ‪ ،21‬بما فيها ت�سارع عجلة التمدن‪ ،‬وزيادة‬ ‫الطلب على الغذاء‪ ،‬والطاقة‪ ،‬والنمو ال�صناعي‬ ‫المياه بحلول عام ‪2030‬‬ ‫الم�ستدام‪ ،‬والتنمية االقت�صادية‪ ،‬والق�ضاء على الفقر‬ ‫المدقع‪ ،‬وتغيير �أنماط اال�ستهالك‪ ،‬والحفاظ على‬ ‫النظم الإيكولوجية‪ ،‬والتغير المناخي‪ ،‬تعمل جميعها �أن التحديات مثل ال�صدمات االقت�صادية‪ ،‬ونق�ص‬ ‫على زيادة ال�ضغوط على الموارد المائية المحدودة‪ ،‬الغذاء‪ ،‬وتغير المناخ تهدد بمحو التقدم االقت�صادي‪،‬‬ ‫والتي هي في الواقع جز�أ ال يتجز�أ من الحلول‪ ،‬واالجتماعي الذي تم تحقيقه في ال�سنوات الأخيرة‪.‬‬ ‫لذلك ف�إن �إدارة المياه‪ ،‬وتخ�صي�صها عبر القطاعات‬ ‫المتناف�سة لمواجهة التحديات المتعددة �أمر �ضروري‬ ‫جداً ل�ضمان التقدم المحرز في قطاع واحد بحيث ال‬ ‫يقابله انخفا�ض في حاالت �أخرى‪.‬‬ ‫ووفقاً لـتقرير الأمم المتحدة للمياه‪ ،‬الذي �أعدته‬ ‫منظمة اليون�سكو م�ؤخراً بالنيابة عن الأمم المتحدة‪،‬‬ ‫فقد �أظهرت الحقائق �أن تغير المناخ �سي�ؤدي �إلى تفاقم‬ ‫المخاطر المرتبطة مع وجود اختالفات في توزيع‪،‬‬ ‫وتوافر الموارد المائية‪ .‬ومن منظور اقت�صادي‪ ،‬ت�شير‬ ‫البيانات �إلى �أن الخ�سائر العالمية ب�سبب المخاطر‬ ‫المرتبطة بالمياه قد ارتفعت ب�شكل كبير خالل العقد‬ ‫الما�ضي‪ ،‬فمنذ عام ‪1992‬م‪ ،‬والفي�ضانات‪ ،‬والجفاف‪،‬‬ ‫‪Source: IGRAC (2014). IGRAC (International Groundwater Resources Assessment Centre). 2014. Information‬‬ ‫والعوا�صف كانت قد �أثرت على ‪ 4.2‬بليون ن�سمة‬

‫‪٪ 40‬‬

‫كما تظهر االح�صاءات �إلى �أن ما يقدر بـ ‪ % 20‬من‬ ‫المياه الجوفية في العالم‪ ،‬قد بلغت ذروة ا�ستغاللها‬ ‫(‪،)Gleesonetal.,2012‬الأمرالذيي�ؤدي�إلىعواقبوخيمة‪،‬‬ ‫مثل‪ :‬هبوط م�ستوى الأر�ض‪ ،‬وت�سرب المياه المالحة‬ ‫(‪ ،)2013 ,USGS‬كما ت�شير توقعات التقرير �أي�ضاً‬ ‫�أنه بحلول عام ‪2030‬م‪ ،‬ف�إن العالم �سيواجه نق�صاً‬ ‫في المياه العالمية بن�سبة ‪ %40‬في ظل ممار�سة‬ ‫الأعمال‪ ،‬واال�ستخدامات المعتادة للمياه بالإ�ضافة �إلى‬ ‫ال�سيناريوهات الطبيعية للمناخ (‪)٢٠٣٠ WRG, 20٠٩‬‬ ‫(انظر �شكل ‪.)١‬‬ ‫ومن منظور عالمي‪ ،‬ي�صف التقرير ال�سنوي �أي�ضاً‬ ‫التحديات التي تواجهها المياه‪ ،‬والتنمية الم�ستدامة‪،‬‬ ‫والتي تختلف اختالفاً كبيراً من منطقة لأخرى‪ ،‬ف�إن‬ ‫التقرير يدر�س الفر�ص الأكثر مالئمة لمناطق معينة‬ ‫من العالم وفقاً للتر�سيمات الخم�سة للأمم المتحدة‬

‫‪System. Global Overview application. Delft, the Netherlands, IGRAC. http://ggmn.e-id.nl/ggmn/GlobalOverview.‬‬ ‫‪html (Accessed December 2014). c IGRAC 2014.‬‬


‫ويو�ضح تقرير الأمم المتحدة �أن ما يقارب ‪%75‬‬ ‫من �سكان الدول العربية‪ ،‬يعي�شون تحت م�ستوى‬ ‫ندرة المياه‪ ،‬وما يقارب الن�صف يعي�شون ما دون هذا‬

‫وفقاً للتقرير ف�إن اال�ستهالك المفرط‪ ،‬و�إ�ساءة‬ ‫ا�ستخدام موارد المياه العذبة‪ ،‬ي�سهم �أي�ضاً في م�شكلة‬ ‫�شح المياه‪ ،‬ويهدد التنمية الم�ستدامة على المدى‬ ‫الطويل‪ ،‬وفي المتو�سط ال يزال القطاع الزراعي �أكبر‬ ‫م�ستهلك للمياه في المنطقة العربية على الرغم من‬ ‫�أن م�ستويات اال�ستهالك تتفاوت تفاوتاً كبيراً بين‬ ‫البلدان‪ .‬غير �أن الحاجة االجتماعية‪ ،‬وال�سيا�سية‬ ‫الملحة لت�أمين الغذاء‪ ،‬وتجنب �أية �آثار �سلبية على‬ ‫�سبل العي�ش الريفية‪ ،‬كانت قد دعت الحكومات العربية‬ ‫التي تعتمد على قطاع الزراعة �إلى اتباع �أنظمة ري‬ ‫ذات كفاءة عالية‪ ،‬و�إعادة تدوير مياه ال�صرف ال�صحي‪،‬‬ ‫و�إعداد خطط وم�شاريع لحفظ وتخزين المياه‪ ،‬من‬ ‫�أجل المحافظة على الموارد المائية‪.‬‬ ‫وقد تم اختيار هذه التدابير دون خطط ت�سعير‬ ‫المياه التي من الممكن �أن تولد انعكا�سات اجتماعية‪،‬‬ ‫واقت�صادية في المجتمعات ال�ضعيفة‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫النحو فقد �سعت بع�ض الدول مثل‪ :‬م�صر‪ ،‬والأردن‪،‬‬ ‫ولبنان‪ ،‬والمغرب وعمان‪ ،‬وتون�س لإعادة ت�أهيل‬ ‫قنوات الري‪ ،‬والمدرجات‪ ،‬و�شبكات المياه التقليدية‬ ‫لتح�سين كفاءة ا�ستخدام المياه الزراعية‪ ،‬على الرغم‬ ‫من �أن الري بالغمر ال يزال �سائداً في العديد من‬ ‫الدول (‪.)ICARDA/GEF/IFAD, 2013‬‬ ‫وفي هذا ال�سياق‪ ،‬ف�إن المنطقة العربية بالتالي‬ ‫تبذل جهوداً لمواجهة الأزمة المتفاقمة ل�شح المياه‪،‬‬ ‫والجفاف‪ ،‬والتقلبات المناخية‪ ،‬و�أوجه الق�صور تحت‬ ‫ت�أثير الظروف المتغيرة‪.‬‬ ‫وسائل التنفيذ‬

‫‪Note: The statistics for the year 2011 cover Sudan and South Sudan, as South Sudan did not become a‬‬ ‫‪country since July 2011. Source: UNESCWA, prepared with data from FAO AQUASTAT‬‬

‫‪Source: UN-Water (2014).‬‬

‫�إدراكاً لأهمية الماء‪ ،‬ودوره الحا�سم في التحديات‬ ‫التنموية المختلفة‪ ،‬والمتعلقة بالعجز المائي‪،‬‬ ‫اقترحت الأمم المتحدة للمياه تركيز الجهود نحو‬ ‫تحقيق هدف التنمية الم�ستدام (‪ )SDG‬للمياه‪ ،‬ففي‬ ‫عام ‪2014‬م‪� ،‬أو�صت الأمم المتحدة للمياه بتخ�صي�ص‬ ‫هدف التنمية الم�ستدام للمياه (‪ ،)SDG‬والذي‬ ‫ي�ستهدف خم�سة مجاالت‪ )1( :‬المياه‪ ،‬وال�صرف‬ ‫ال�صحي (‪ )2‬الموارد المائية (‪� )3‬إدارة المياه (‪)4‬‬ ‫نوعية المياه‪ ،‬و�إدارة مياه ال�صرف ال�صحي‪)5( ،‬‬ ‫الكوارث المتعلقة بالمياه‪� .‬إن مثل هذه الأهداف‬ ‫المتخ�ص�صة من �ش�أنها �أن تخلق منافع اجتماعية‬ ‫واقت�صادية‪ ،‬ومالية‪ ،‬وغيرها من الفوائد التي تفوق‬ ‫كثيراً التكاليف المدفوعة لها‪ .‬وتمتد هذه الفوائد‬ ‫لت�شمل تطوير قطاع ال�صحة‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والزراعة‪،‬‬ ‫و�إنتاج الغذاء‪ ،‬والطاقة‪ ،‬وال�صناعة‪ ،‬والأن�شطة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬واالقت�صادية الأخرى (انظر ال�شكل ‪.)٣‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن الأهداف الإنمائية الألفية لعام‬ ‫‪� )MDG( 2015‬ساعدت على تعزيز جهو ٍد �أكبر من �أجل‬ ‫تح�سين فر�ص الح�صول على مياه ال�شرب‪ ،‬وال�صرف‬ ‫ال�صحي‪ ،‬وخا�صة في البلدان النامية‪ ،‬ف�إن الأهداف‬ ‫الإنمائية القادمة لعام ‪� )SDG( 2015‬سوف ت�ستهدف‬ ‫نطاق �أكبر على م�ستوى عالمي‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫للتوزيع الإقليمي‪ ،‬وتحديداً �أوروبا‪ ،‬و�أمريكا ال�شمالية‪،‬‬ ‫و�آ�سيا‪ ،‬والمحيط الهادي‪ ،‬والمنطقة العربية‪ ،‬و�أمريكا‬ ‫الالتينية‪ ،‬ومنطقة البحر الكاريبين و�أفريقيا‪.‬‬ ‫ففي المنطقة العربية على �سبيل المثال‪ ،‬ف�إن و�ضع‬ ‫ندرة المياه يت�صدر طليعة التحديات المتعلقة بالمياه‬ ‫التي تعوق التقدم نحو تحقيق التنمية الم�ستدامة في‬ ‫المنطقة العربية‪ ،‬وت�شمل التحديات الهامة الأخرى‬ ‫الحاجة �إلى ا�ستخدام المياه الم�ستدامة ب�شكل �أكبر‪،‬‬ ‫والح�صول على خدمات مياه يمكن االعتماد عليها‬ ‫(ال�سيما في �أقل الدول نمواً‪ ،‬والدول التي تعاني‬ ‫من النزاعات ب�شكل مبا�شر �أو غير مبا�شر)‪ ،‬وتح�سين‬ ‫�إدارة المياه لموارد المياه ال�سطحية‪ ،‬والجوفية على‬ ‫الم�ستوى الوطني‪ ،‬والدولي‪.‬‬ ‫وي�شير هذا الو�ضع من ندرة المياه في المنطقة‬ ‫العربية‪� ،‬إلى �أن النمو ال�سكاني‪ ،‬وزيادة ال�ضغوط‬ ‫االجتماعية‪ ،‬واالقت�صادية قد قللت من توافر موارد‬ ‫المياه العذبة‪� ،‬إذ قلت وفرة المياه من ‪ 921‬ملم‪3‬‬ ‫للفرد �سنوياً �إلى ‪ 727‬ملم‪ ،3‬بعد عقد من الزمن‪ ،‬و�أن‬ ‫‪ 16‬دولة عربية من �أ�صل ‪ 22‬دولة تقع تحت م�ستوى‬ ‫ندرة المياه من ‪ 1000‬ملم‪ 3‬للفرد �سنوياً‪ ،‬و�أن ب�إمكانها‬ ‫ا�ستخراج مياه بمتو�سط ‪ 292‬ملم‪ 3‬فقط للفرد �سنوياً‬ ‫في عام ‪2011‬م ( انظر ال�شكل ‪.)٢‬‬

‫الم�ستوى بمعدل ‪ 500‬ملم‪ 3‬للفرد �سنوياً‪ .‬كما �أن تغير‬ ‫المناخ‪ ،‬وتقلبه يزيد الو�ضع �سوءاً‪ ،‬فعند المقارنة‬ ‫بين م�ؤ�شرات المناخ بناء على المالحظات التاريخية‬ ‫نجد قطعاً �أن النظام الحراري كان ثابتاً في المنطقة‬ ‫العربية منذ منت�صف القرن الع�شرين (‪Donat et‬‬ ‫‪ ،)2014 ,.al‬وي�ؤثر الجفاف الآن على �أكثر من ثلثي‬ ‫م�ساحة �أرا�ضي الدول الأع�ضاء في الإ�سكوا للأمم‬ ‫المتحدة (‪ ,)UNESCWA, 2013a‬وتتنب�أ مجموعة من‬ ‫نماذج تغير المناخ االقليمي للمنطقة العربية بزيادة‬ ‫درجة الحرارة على الأقل ‪ 2‬درجة �سيليزيه بحلول‬ ‫عام ‪2040‬م (‪ ،)Nikulin, 2013‬في حين �ألحقت ال�سيول‬ ‫الغزيرة النادرة �أ�ضراراً ج�سيمة على البنية التحتية‬ ‫في جزر القمر‪ ،‬وقطاع غزة‪ ،‬و�سلطنة عمان‪ ،‬والمملكة‬ ‫العربية ال�سعودية‪ ،‬وتون�س خالل عامي ‪ 2012‬و ‪.2013‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�إنه في ظل ال�سعي �إلى اتخاذ التدابير‬ ‫الالزمة للتكيف مع تغير المناخ ف�إنه يجري اعداد‪،‬‬ ‫وتحديث ا�ستراتيجيات الت�أهب للجفاف‪ ،‬وخرائط‬ ‫مخاطر الفي�ضانات‪ ،‬وذلك في م�صر‪ ،‬والأردن‪،‬‬ ‫ولبنان‪ ،‬والمغرب وفل�سطين‪ ،‬وال�سودان‪ ،‬وتون�س‪،‬‬ ‫(‪ ،)2013 ,UNDESA/UNESCWA‬وبالمثل تجري متابعة‬ ‫عملية التغذية اال�صطناعية للمياه الجوفية في‬ ‫المنطقة الفرعية للخليج العربي‪ ،‬وذلك من �أجل‬ ‫الح�صول على المياه من خالل ال�سيول لزيادة ال�سعة‬ ‫التخزينية للمياه‪ ،‬وتوفير المياه العذبة لمواجهة‬ ‫الأزمة المت�صاعدة من �شح المياه‪.‬‬

‫مخاطر على االستدامة‬

‫‪15‬‬


‫تاريــخ‬

‫دراسة تاريخية‬

‫البحرية العمانية‪ ..‬مجد عظيم وتاريخ مجيد‬

‫قراءة‪ :‬فاطمة بنت سالم البلوشية‬ ‫‪fatmaabelushi64@gmail.com‬‬

‫‪16‬‬

‫تقع عمان في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية‪ ،‬وتمتد‬ ‫شماال‪ ،‬وتحدها من‬ ‫العماني‬ ‫ً‬ ‫من حضرموت جنوب ًا حتى إمارات الساحل ُ‬ ‫الداخل صحراء مترامية األطراف في الغرب والشمال جعلتها أرض ًا‬ ‫تحدها مياه البحر من‬ ‫منغلقة على نفسها من الناحية البرية‪ ،‬بينما ّ‬ ‫ثالث جهات (الشمال والشرق والجنوب)‪ ،‬جعلت أهل ُعمان يتجهون‬ ‫صوب البحر‪ ،‬وترجع أهمية الموقع الجغرافي لعمان إلى كونه واقع ًا‬ ‫بين مخرج الخليج العربي ومدخل المحيط الهندي‪ ،‬األمر الذي هيأ‬ ‫لعمان ألن تكون همزة الوصل مع األقاليم المجاورة‪.‬‬ ‫تبوئها مكانة متميزة في‬ ‫لقد ساهم الموقع البحري لعمان في ّ‬ ‫منطقة المحيط الهندي‪ ،‬فإطاللتها على بحار واسعة‪ ،‬وخبرة سكانها‬ ‫المالحية الواسعة‪ ،‬أكسبها سمة االنفتاح الحضاري مع الشعوب‬ ‫المجاورة منذ آالف السنين‪ ،‬مثل شعوب بالد الرافدين ومصر وشرق‬ ‫إفريقيا‪ ،‬كما وصل العمانيون مالحي ًا إلى الصين والهند‪ .‬وعرفت‬ ‫تجاريا‪ ،‬ذا موانئ عدة معروفة على نطاق‬ ‫الحضارات األخرى ُعمان بلدا ّ‬ ‫واسع‪ ،‬ورافق هذا االتصال تبادل حضاري واسع في مجاالت حياتية‬ ‫متعددة‪ ،‬ونشر اللغة العربية واإلسالم‪.‬‬

‫بحارة عمان القدماء‬

‫دفع الموقع الجغرافي لعمان قديماً �إلى االت�صال‬ ‫البحري ببقية البلدان الأخرى طلباً للرزق‪ ،‬ف�شكلت‬ ‫المالحة البحرية منذ البداية العمود الفقري للحياة‬ ‫االقت�صادية في عمان‪ ،‬فمار�س �أهلها التجارة‪ ،‬و�صيد‬ ‫الأ�سماك والل�ؤل�ؤ‪ ،‬و�أ�سهموا في ت�أمين الحدود الخارجية‬ ‫�ضد التدخل الخارجي‪.‬‬ ‫وت�ؤكد الدالئل التاريخية الواردة في الكتابات ال�سومرية‬ ‫والأكادية في بالد الرافدين على وجود تجارة عُمانية‬ ‫بعيدة المدى‪ ،‬فقد ورد في �إحدى كتابات �سرجون‬ ‫الأكادي ملك �أكد يعود تاريخها �إلى حوالي عام ‪2300‬‬ ‫ق‪.‬م ب�أنه (نجح في جلب مراكب مجان ودلمون وملخه‬ ‫�إلى ميناء �أكد ببالد الرافدين)‪ ،‬وبالد مجان هي‬ ‫عمان‪ ،‬وازدهرت مجان ح�ضارياً خالل الفترة من الألف‬ ‫الثالث قبل الميالد‪ ،‬وحتى الألف الأول قبل الميالد‬ ‫بفعل الن�شاط البحري كونها الم�صدر الرئي�سي لتجارة‬ ‫النحا�س‪ ،‬ولما كانت فترة فتوحات الإ�سكندر المقدوني‬ ‫(‪ 322-356‬ق‪.‬م) كان االعتماد الأكبر على منطقتي‬ ‫البحر الأحمر والخليج العربي في بناء ال�سفن �إلى جانب‬ ‫البحارة الفينيقيين‪ ،‬و�ص ّدر العمانيون منتجات تجارية‬ ‫عالية الجودة من بخور اللبان الذي كان يتم �إنتاجه‬ ‫في مدينة �سمهرم (في ظفار بالقرب من مدينة طاقة‬ ‫حالياً)‪� ،‬إذ تذكر المراجع التاريخية القديمة �أن �أحد‬ ‫ملوك �شبوه ‪-‬عا�صمة مملكة ح�ضرموت (‪ 275-330‬ق‪.‬م)‬ ‫في جنوب �شبه الجزيرة العربية ‪ -‬كان هو م�ؤ�س�س مدينة‬ ‫�سمهرم‪ ،‬التي �أ�صبحت ميناء تجارياً ترد عليه ال�سفن‬ ‫المتجهة �إلى الهند‪ ،‬وبذلك ن�ؤكد على ما ذكرناه �سابقاً‬ ‫ب�أن عمان كانت وال تزال منطقة تجارية للعبور بين‬ ‫ال�شرق والغرب‪.‬‬

‫ولم ي�ؤثر التو�سع الروماني في تجارة النقل البحري‬ ‫على الن�شاط العماني البحري بين ال�شرق والغرب‬ ‫بما فيها منطقة البحر الأحمر في الفترة بين عامي‬ ‫(‪ 50‬و‪200‬م)‪ ،‬فكانت المراكب العمانية تتاجر مع �سواحل‬ ‫�إفريقيا ال�شرقية �أ�سوة بالرومانيين‪ ،‬كما قاموا بتغيير‬ ‫طرقهم البحرية المعهودة لي�سايروا �شواطئ فار�س‪،‬‬ ‫وال�سند‪ ،‬و�صو ًال �إلى الهند‪ ،‬وبعد �سقوط دولة الفرثيين‬ ‫في فار�س على يد ال�سا�سانيين عام ‪225‬م‪ ،‬دخل العرب‬ ‫العمانيون في مناف�سات قوية مع ال�سا�سانيين الفر�س؛‬ ‫نتيجة ت�شجيع الفر�س النقل البحري في منطقة الخليج‪،‬‬ ‫وبرزت عدة موانئ عمانية مهمة بتلك الفترة مثل �صحار‬ ‫و�صور وقلهات‪.‬‬ ‫تفوق بحري في العصر اإلسالمي‬

‫يت�أكد التفوق البحري العماني في الع�صر الإ�سالمي من‬ ‫خالل العديد من الأحداث التاريخية‪ ،‬منها الم�شاركة‬ ‫العمانية في الفتوحات الإ�سالمية في منطقة فار�س‬ ‫والهند وال�صين‪ ،‬ففي عام ‪19‬هـ‪640/‬م تمكن عثمان بن‬ ‫�أبي العا�ص الثقفي والي عمان والبحرين زمن عمر بن‬ ‫الخطاب ‪-‬ر�ضي اهلل عنه‪ -‬من فتح جزيرة ابن كاوان‬ ‫الفار�سية بم�ساعدة العمانيين‪ ،‬وفي عام‪29‬هـ‪649/‬م‬ ‫انتقل الكثير من العمانيين �إلى الب�صرة للم�شاركة في‬ ‫فتح بالد فار�س من جهة الب�صرة‪ ،‬و�أ�سهموا في �إ�ضعاف‬ ‫مقاومة كرمان الفار�سية‪ ،‬وكان للعمانيين دور كبير في‬ ‫فتح بالد ال�سند‪ ،‬ومواجهة اعتداءات القرا�صنة الهنود‪،‬‬ ‫وا�ستفاد معاوية بن �أبي �سفيان م�ؤ�س�س الدولة الأموية‬ ‫من خبرات الأزد المالحية عند �شروعه في �إن�شاء �أ�سطول‬ ‫�إ�سالمي‪ ،‬وتمكن هذا الأ�سطول من تحقيق عدة انت�صارات‬ ‫حربية في منطقة البحر المتو�سط وافتتاح ال�شام عام‬

‫‪26‬هـ‪646/‬م‪.‬‬ ‫وقد �أ�سهمت الفتوحات الإ�سالمية في خلق وحدة‬ ‫اقت�صادية كبيرة ت�ضم م�صر‪ ،‬وبالد ال�شام‪ ،‬والعراق‪،‬‬ ‫ومنطقة الخليج العربي‪ ،‬وجرى تنا�سق بين طريقي‬ ‫الخليج العربي‪ ،‬والبحر الأحمر وبين مختلف �أجزاء‬ ‫الدولة الإ�سالمية‪ ،‬وال عجب في �أن يكون لعمان دور‬ ‫مهم في المالحة التجارية‪ ،‬فقد كانت من المراكز‬ ‫التجارية المعروفة عند ظهور الإ�سالم‪ ،‬و�أ�سهم موقعها‬ ‫على ال�ساحل الغربي للمحيط الهندي في جعلها منطقة‬ ‫رئي�سة في عبور ال�سلع التجارية القادمة من و�إلى بالد‬ ‫الهند‪ ،‬وال�شرق الأق�صى‪ ،‬و�إفريقيا‪ ،‬و�سلكت ال�سفن‬ ‫البحرية العمانية عدة م�سالك بحرية‪ ،‬منها طريق‬ ‫الخليج العربي الذي يت�صل بعدة بحار �أخرى على �ساحل‬ ‫فار�س والهند‪ ،‬ومنها الطريق التجاري الذي ي�صل �إلى‬ ‫ال�صين‪ ،‬وطريق �سفالة الذي ي�صل �إلى �شرق �إفريقيا‬ ‫وزنجبار‪ ،‬وا�شتهرت عدة موانئ عمانية في الع�صور‬ ‫الإ�سالمية‪ ،‬منها ميناء �صحار‪ ،‬وميناء ظفار‪ ،‬وموانئ‬ ‫�صور وقلهات وهرمز‪.‬‬ ‫وقد كثرت الإ�شارات في الم�صادر التاريخية الإ�سالمية‬ ‫�إلى ا�شتغال العمانيين بالمالحة والتجارة البحرية‪،‬‬ ‫فالإ�صطخري ‪�-‬صاحب كتاب الم�سالك والممالك في‬ ‫القرن الرابع الهجري‪ /‬العا�شر الميالدي‪-‬يقول عن‬ ‫مدينة �صحار‪( :‬وهي على البحر وبها متاجر وق�صد‬ ‫المراكب‪ ،‬وهي �أعمر مدينة بعمان و�أكثر ما ًال‪ ،‬وال تكاد‬ ‫تعرف على بحر فار�س بجميع بالد الإ�سالم مدينة �أكثر‬ ‫عماراً‪ ،‬وما ًال من �صحار)‪.‬‬ ‫بلغ ميناء �صحار �أزهى فترات ازدهاره في القرن الرابع‬ ‫الهجري‪ /‬العا�شر الميالدي‪ ،‬وبعد �سقوط �أهمية �صحار‬ ‫التجارية برزت �أهمية �سيراف على ال�ساحل الفار�سي تلتها‬


‫تاريــخ‬

‫المتحدة الأمريكية حينما و�صلت ال�سفينة �سلطانة �إلى‬ ‫نيويورك عام ‪1840‬م‪� ،‬إ�ضافة �إلى العالقات التجارية بين‬ ‫عمان وبريطانيا وفرن�سا وهولندا والبرتغال‪ ،‬وفي القرن‬ ‫التا�سع ع�شر الميالدي برز ميناء م�سقط و�صور ك�أهم‬ ‫موانئ عمان‪ ،‬بينما كان ميناء زنجبار التابع لعمان ميناءاً‬ ‫مهماً في �شرق �إفريقيا‪� ،‬إ�ضافة �إلى ميناء جوادر على‬ ‫ال�ساحل ال�شرقي لخليج عمان‪.‬‬ ‫وبحكم العالقات العمانية والم�صالح بينها وبين بع�ض‬ ‫الدول الأوروبية؛ ا�ضطرت �إلى قطع عالقاتها مع‬ ‫دول �أخرى مثلما حدث مع فرن�سا‪ ،‬غير �أن المالحين‬ ‫العمانيين الذين فطروا على البحر منذ �أمد بعيد‪،‬‬ ‫وبحكم م�صالحهم التجارية مع الفرن�سيين لم يكونوا‬ ‫ليوقفوا ات�صاالتهم وم�صالحهم البحرية مع جزيرة‬ ‫موري�شيو�س الفرن�سية في المحيط الهندي‪ ،‬على الرغم‬ ‫من االتفاقية العمانية البريطانية‪ ،‬ولذلك ا�ستمرت‬ ‫العالقات قائمة فيما بينهم‪ ،‬وال تزال �أ�سماء العديد من‬ ‫ن�ؤاخذه البحر العمانيين م�سجلة في الوثائق الفرن�سية‪،‬‬ ‫وقام بن�شرها د‪� .‬سلطان القا�سمي حاكم ال�شارقة تحت‬ ‫عنوان‪( :‬الوثائق العمانية في الأر�شيف الفرن�سي)‪.‬‬

‫جزيرة قي�س‪ ،‬والمهم في الأمر �أن مدينة مرباط على‬ ‫�ساحل عمان الجنوبي كانت �أي�ضاً هي الأخرى مزدهرة‪،‬‬ ‫وترك الرحالة ماركو بولو و�صفاً عن ظفار عندما زارها‬ ‫في نهاية القرن ال�سابع الهجري‪ /‬الثالث ع�شر الميالدي‪،‬‬ ‫�إذ يقول‪( :‬ظفار مدينة عظيمة جليلة‪ ...‬واقعة على‬ ‫البحر‪ ،‬ولها ميناء جيد جداً‪ ،‬ولذا بينها وبين الهند‬ ‫حركة نقل بالمراكب عظيمة)‪ .‬كما و�صف ماركو بولو‬ ‫ازدهار مدينة قلهات قائ ًال‪ :‬قلهات مدينة عظيمة تقع‬ ‫على خليج ي�سمى قلهات‪ ...‬و�أهلها ال يزرعون الحبوب‪،‬‬ ‫و�إنما ي�ستوردونها من خارج البالد على متن المراكب‬ ‫التجارية والميناء وا�سع جداً وجيد)‪.‬‬ ‫وخ�ضعت قلهات وظفار لملك هرمز‪ ،‬ويعد ميناء قلهات‬ ‫الميناء الرئي�سي للهرمزين حتى قدوم البرتغاليين‪ ،‬وقد‬ ‫و�صفه ابن بطوطة الذي زار الميناء �أثناء رحالته في‬ ‫القرن الثامن الهجري‪/‬الرابع ع�شر الميالدي‪ ،‬حيث ذكر‬ ‫عن �أهل قلهات ب�أنهم (�أهل تجارة ومعي�شتهم مما ي�أتي‬ ‫�إليهم به البحر الهندي ‪ ..‬و�إذا و�صل �إليهم مركب فرحوا‬ ‫به �أ�شد الفرح)‪.‬‬ ‫�إن المالحة البحرية كانت هي ال�سمة البارزة للمدن‬ ‫العمانية ال�ساحلية كقلهات‪ ،‬و�صور وقريات‪ ،‬و�صحار‪،‬‬ ‫فكما �أ�سلفنا ذكره ف�إن الإعتماد الكلي كان على بحرية السلطان قابوس‪ ..‬تألق وزهو‬ ‫الن�شاط المالحي في الع�صر الإ�سالمي‪ ،‬وحتى مجيء بد�أت مكانة عمان البحرية باالنح�سار في الن�صف الأول‬ ‫من القرن الع�شرين لأ�سباب �سيا�سية واقت�صادية ن�ش�أت عن‬ ‫البرتغاليين �إلى عمان‪.‬‬ ‫تق�سيم الإمبراطورية العمانية منذ عام ‪1861‬م‪� ،‬إ�ضافة‬ ‫�إلى ظهور ال�سفن الأوروبية البخارية بدل ال�شراعية في‬ ‫االزدهار البحري العماني حديثا‬ ‫بو�صول البرتغاليين �إلى عمان في مطلع القرن العا�شر مياه المحيط الهندي وات�ساع ا�ستعمالها‪ ،‬وعوامل �أخرى‪،‬‬ ‫الهجري‪ /‬ال�ساد�س ع�شر الميالدي ق ّلت الأهمية البحرية وبالرغم من ذلك ا�ستمرت الرحالت البحرية العمانية‬ ‫والتجارية لموانئ عمان في �صور‪ ،‬وم�سقط‪ ،‬وقلهات‪ ،‬في القرن الع�شرين تجوب البحار فيما بين ال�سواحل‬ ‫و�صحار حتى هرمز‪� ،‬إذ �أحكمت القوات البرتغالية الآ�سيوية والفار�سية والإفريقية للتبادل التجاري‪.‬‬ ‫ال�سيطرة عليها‪ ،‬وا�ستمر الحال حتى بروز قوة اليعاربة ولما جاء عهد ال�سلطان قابو�س بن �سعيد �آل �سعيد‬ ‫التي �أ�س�سها الإمام نا�صر بن مر�شد اليعربي عام ‪1624‬م‪� ،‬أ�سهمت الحكومة العمانية بجهود حثيثة لتطوير‬ ‫وجمع تحت قيادتها الوحدة العمانية‪ ،‬حتى تمكنوا من البحرية ال�سلطانية العمانية‪ ،‬و�إن�شاء القواعد البحرية‪،‬‬ ‫طرد البرتغاليين نهائياً من عمان عام ‪1650‬م‪ ،‬ثم تتبعوا وزيادة عدد ال�سفن الحربية‪ ،‬وت�أهيل الكوادر العمانية‬ ‫فلولهم في �شرق �إفريقيا‪ ،‬وتمكنوا من �إنهاء النفوذ وتدريبها‪ .‬كما �سعت �إلى تخليد تاريخ عمان البحري‪،‬‬ ‫وت�أكيد روح ال�صداقة وال�سالم بين مختلف �شعوب‬ ‫البرتغالي تماماً عام ‪1698‬م‪.‬‬ ‫وجدير بالذكر �أن القوة البحرية التي كان يمتلكها العالم‪ ،‬من ذلك �إحياء تراث الأجداد البحري في رحالت‬ ‫العمانيون بحكم خبراتهم ال�سابقة‪ ،‬وتكيفهم على ال�سفينة العمانية �شباب عمان الأولى التي تم تد�شينها‬ ‫ا�ستخدام الأ�ساليب الجديدة في �صناعة ال�سفن من خالل �إلى البحرية ال�سلطانية العمانية منذ عام ‪1979‬م وحتى‬ ‫ال�سفن التي ا�ستولوا عليها من عدوهم‪ ،‬وا�ستفادتهم ‪2013‬م‪ ،‬والتي جابت البحار �إلى حوالي مائة ميناء في‬ ‫الكبرى من �أ�ساليب �صنع ال�سفن الأوروبية كان لها �أبعد مختلف بلدان العالم �شرقاً وغرباً‪ ،‬ورحلة ال�سفينة �صحار‬ ‫الأثر في التغيير الجوهري لأ�ساليب المالحة البحرية �إلى ميناء كانتون بال�صين عام ‪1981‬م‪ ،‬و�سفينة جوهرة‬ ‫العربية‪ ،‬ومع �أفول نجم دولة اليعاربة‪ ،‬وبروز دولة �آل م�سقط التي �أهداها جاللة ال�سلطان قابو�س لل�شعب‬ ‫بو�سعيد منذ عام ‪1749‬م تطورت البحرية العمانية ب�شكل ال�سنغافوري عام ‪2010‬م‪� ،‬إ�ضافة �إلى م�شاركات البحرية‬ ‫ال�سلطانية العمانية في المحافل الدولية‪ ،‬وفي ال�سباقات‬ ‫وا�سع وملحوظ‪.‬‬ ‫و�أ�صبحت زنجبار عام ‪1832‬م في عهد ال�سيد �سعيد بن ال�شراعية واال�ستعرا�ضات البحرية الدولية‪.‬‬ ‫�سلطان (‪1856-1804‬م) عا�صمة عمان الثانية‪ ،‬وغدا وقد تبنت ال�سلطنة الدعوة العالمية التي �أطلقتها منظمة‬ ‫الأ�سطول العماني ثاني �أكبر �أ�سطول بعد الأ�سطول اليوني�سكوعام ‪1990‬م لدرا�سة طريق الحرير التجاري‬ ‫البريطاني في منطقة المحيط الهندي‪ ،‬وكانت عمان فقد كان لعمان دور ريادي في الرحلة البحرية لطريق‬ ‫�أول دولة عربية تعقد اتفاقية تجارة ومالحة مع الواليات الحرير يتمثل في تخ�صي�ص ال�سلطان قابو�س اليخت‬

‫ال�سلطاني فلك ال�سالمة مع كل طاقمه لت�ستخدمه‬ ‫اليون�سكو لهذه الرحلة‪ ،‬وذلك لما كان لهذا الطريق من‬ ‫ت�أثير كبير على العديد من ال�شعوب في فترات الع�صور‬ ‫القديمة والإ�سالمية‪ ،‬وتقديراً من جاللته للمردود‬ ‫العلمي للدرا�سة‪ ،‬حيث كان لعمان دور كبير في الرحالت‬ ‫البحرية لطريق الحرير �آنذاك‪.‬‬ ‫نتائج تفوق البحرية العمانية‬

‫�أثمرت خبرة العمانيين البحرية في ازدهار التجارة‬ ‫العمانية‪ ،‬و�أ�صبحت عمان مركزاً رئي�ساً لعبور الب�ضائع‬ ‫التجارية‪ ،‬ف�ضخامة ال�سفن العمانية‪ ،‬وكثرة عددها‬ ‫�أ�سهمت في ا�ستيعاب كميات كبيرة من الب�ضائع‪ ،‬وال�سلع‬ ‫المتنوعة‪ ،‬مدعمة بالأمن وال�سالم البحري العماني‪،‬‬ ‫كما �ساعدت المالحة البحرية في تو�سيع النفوذ‬ ‫العماني‪ ،‬مثلما ح�صل ذلك في فترات ع�صور اليعاربة‬ ‫والبو�سعيديين في التاريخ الحديث‪� ،‬إذ و�صل النفوذ‬ ‫العماني �إلى مناطق �إفريقية وفار�سية‪ ،‬وبحكم خبرات‬ ‫التجار العمانيين تمكنوا من بلوغ مناطق داخلية في‬ ‫�شرق �إفريقيا في البحيرات العظمى الإفريقية‪ ،‬ثم‬ ‫و�صلت التجارة العمانية �إلى ال�ساحل الغربي لإفريقيا‬ ‫في �أواخر عهد ال�سيد �سعيد بن �سلطان‪ .‬ويبدو �أن روح‬ ‫الت�سامح واالنفتاح على الآخر التي حملها البحارة‬ ‫والتجار العمانيون �أ�سهمت ب�شكل كبير في ن�شر الإ�سالم‬ ‫واللغة العربية في المناطق التي و�صلوا �إليها في �شرق‬ ‫�إفريقيا‪ ،‬والهند‪ ،‬وال�صين‪.‬‬ ‫جدير بالذكر �أن الن�شاط البحري العماني رافقه تبادل‬ ‫ح�ضاري‪ ،‬وثقافي ملمو�س مع الح�ضارات الأخرى في‬ ‫ال�شرق والغرب منذ قديم الزمان‪ ،‬تخللته عالقات‬ ‫اجتماعية وثيقة مع تلك الأمم وال�شعوب‪ ،‬و�أفاد‬ ‫العمانيون من المالحة البحرية في الحفاظ على المياه‬ ‫الإقليمية العمانية‪ّ ،‬‬ ‫وكف االعتداء الخارجي‪ ،‬وبالتالي‬ ‫تحقيق اال�ستقرار الداخلي للبالد؛ ولذا يمكننا القول �أن‬ ‫البحرية العمانية‪ ..‬مجد وعظمة‪ ،‬و�إرث وتراث ح�ضاري‬ ‫ما�ضياً وحا�ضراً‪.‬‬ ‫المراجع‪:‬‬

‫‪ ١ .١‬دروي�ش‪ ،‬مديحة �أحمد ‪� .‬سلطنة عمان في القرنين الثامن‬ ‫ع�شر والتا�سع ع�شر ‪ .‬ط‪ ،1‬دار ال�شروق‪ ،‬ج ّدة‪1982 :‬م‪.‬‬ ‫‪ ٢ .٢‬ال�سيابي‪� ،‬سالم بن حمود ‪.‬عمان عبر التاريخ ‪ .‬وزارة التراث‬ ‫والثقافة‪ ،‬م�سقط‪1982 :‬م‪.‬‬ ‫‪٣ .٣‬عمان وتاريخها البحري‪ .‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬ط‪ ،2‬مطابع‬ ‫النه�ضة‪ ،‬م�سقط‪2002 :‬م‪.‬‬ ‫‪٤ .٤‬عمان في التاريخ‪ .‬وزارة الإعالم‪ .‬دار �أميل للن�شر‪ ،‬لندن‪:‬‬ ‫‪1995‬م‪.‬‬ ‫‪٥ .٥‬فيليب�س‪ ،‬وندل ‪ .‬تاريخ عمان ‪.‬ترجمة محمد �أمين عبداهلل‪،‬‬ ‫ط‪ ،3‬وزارة التراث القومي والثقافة‪ ،‬م�سقط‪1989 :‬م‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫تجربة‬

‫تجارب عالمية‬

‫تجارب الدول في الوقاية من الكوارث الطبيعية‬

‫تجربة تعرضها‪ :‬زبيدة بنت علي البلوشية‬

‫‪18‬‬

‫يعود سبب ‪ 90%‬من الكوارث الطبيعية في‬ ‫العالم إلى المخاطر المتعلقة بالطقس‪ ،‬أو‬ ‫المناخ‪ ،‬أو الماء‪ ،‬وال يمكن تجنّ ب هذه الكوارث‪،‬‬ ‫يخفض مقياس‬ ‫ولكن الوقاية واالنذار المبكر قد ّ‬ ‫الكارثة‪ ..‬هنا سنعرض تجربة دولتين نجحتا في‬ ‫تخفيف المخاطر المترتبة عن هذه الكوارث‪.‬‬

‫اليابـان‬

‫�شهدت اليابان �أكبر الكوارث الطبيعية في تاريخها‪ ،‬فقد‬ ‫تعر�ضت �إلى ‪ %20‬من الزالزل واالعا�صير الأكثر عنفا في‬ ‫العالم‪ ،‬رغم كل هذا فعدد ال�ضحايا هناك �أقل بكثير من‬ ‫باقي الدول‪ ،‬وذلك بف�ضل توفر �سيا�سة حقيقية‪ ،‬ومنهجا‬ ‫في غاية الدقة والعملية في مواجهة مخاطر الكوارث‬ ‫الطبيعية‪� ،‬أهمها تبني فكرة �إن�شاء نظام للتحذير المبكر‬ ‫قبل وقوع �أي كارثة طبيعي ‏ة في منطقة المحيط الهندي‏‪.‬‬ ‫كما قامت الحكومة اليابانية بن�شر الوعي بين النا�س في‬ ‫كيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية‪ ،‬ايمانا منها ب�أن‬ ‫الوقاية خيرا من العالج‪ ،‬فن�شر الثقافة والوعي بين ال�شعب‬ ‫يثمر كثيرا في تفادي حدوث خ�سائر ب�شرية هائلة‪ ،‬وذلك‬ ‫من خالل توعيتهم ب�ضرورة تخزين قدر وفير من الماء‬ ‫والغذاء ب�شكل دائم‏‪ ،‬و�إخالء المباني بطريقة هادئة دون‬ ‫ذعر �أو خوف‪ ،‬واالبتعاد عن النوافذ‪ ،‬وااللتزام بالزوايا‪،‬‬ ‫والأماكن التي قد توفر ملج�أ �آمنا لمن يحتمي بها‪� ،‬أو‬ ‫تحت المكاتب �أو المنا�ضد القوية‪ ،‬وكذلك عدم ا�ستخدام‬ ‫الم�صاعد‪ ،‬واالبتعاد عن الكهرباء‪ ،‬وفي حالة كان الفرد‬ ‫خارج المبنى فيبتعد عن �أية مبان مجاورة‪ ،‬و�إن كان في‬ ‫ال�سيارة فيوقف �سيارته وال يخرج منها‪ ،‬فتوفر المعلومات‬ ‫العامة لدى النا�س‪ ،‬يجعلهم �أكثر وعيا في التعامل مع‬ ‫الكوارث الطبيعية وتبعاتها‏‪ ،‬كما قامت بتعين فرق �إنقاذ‬ ‫فائقة التطور‏‪ ،‬‏وهي فرق مدربة ومهي�أة‪ ،‬يمكنها القيام‬ ‫بعمليات �إنقاذ فورية عند وقوع الكوارث‏‏‪.‬‏‬ ‫كما قامت الحكومة بتوفير ‪ 4000‬نقطة مراقبة موزعة‬ ‫بين جميع مناطق الأرخبيل‪ ،‬مهي�أة لتوفير المعلومات‬ ‫قبل حدوث �أي كارثة‪ ،‬ويتم �إر�سال هذه المعلومات �إلى مقر‬ ‫الحكومة المركزية في طوكيو‏‪ ،‬‏و�إلى ال�سلطات المحلية‪،‬‬ ‫وال�شرطة‪ ،‬وفرق الإطفاء‪ ،‬وو�سائل الإعالم‏‪ ،‬‏وعليها تقوم‬ ‫ال�سلطات المحلية ب�إ�صدار التحذيرات عبر �أنظمتها‬ ‫الخا�صة للبث الإذاعي الطارئ‏‪ ،‬وعبر مكبرات ال�صوت‬ ‫المحمولة على ال�سيارات‏‪ ،‬‏وهناك �أي�ضا �أنظمة بث �إذاعي‬ ‫طارئ تلتقطها �أجهزة ا�ستقبال خا�صة يجري و�ضعها في‬ ‫كل منزل لتقديم المعلومات عند ال�ضرورة‏‪ ،‬وجرى العرف‬ ‫�أن تقوم �أجهزة الإعالم اليابانية بقطع برامجها االعتيادية‬ ‫لتقديم المعلومات والخدمات �أوال ب�أول �إلى ال�سكان‏‪.‬‬ ‫كما عرفت الحكومة اليابانية �أن المفتاح الرئي�سي لتقليل‬ ‫الخ�سائر المترتبة على الكوارث الطبيعية �إلى الحد‬ ‫الأدنى‪ ،‬يكمن في توفير المباني المقاومة للكوارث‪ ،‬حيث‬ ‫و�ضعت معايير م�شددة للبناء‪ ،‬و�ألزمت المعايير �ضرورة �أن‬ ‫يجري تدعيم المباني قطريا‏‪،‬‏و�أن تحدد متطلبات طول كل‬

‫ت�شيلي بو�ضع عدة تدابير‪� .‬أبرزها‪:‬‬ ‫�أوال‪ :‬في الف�صل الأول من الد�ستور الت�شيلي‪ ،‬تن�ص فقرة‬ ‫وبو�ضوح الدولة م�س�ؤولة عن �ضمان االمن القومي‪ ،‬وحماية‬ ‫ال�شعب واال�سر‪ ،‬حيث حددت القوانين‪ ،‬والخطط الوطنية‬ ‫م�س�ؤولية الحكومة الت�شيلية ب�شكل وا�ضح في التعامل مع �أي‬ ‫حادث كارثي‪ ،‬وفي الوقت نف�سه ين�ص القانون الت�شيلي لت�شكيل‬ ‫الحكومات المحلية على �أن الم�س�ؤولين المحليين على جميع‬ ‫الم�ستويات يتحملون م�س�ؤولية ت�صدي وقوع احداث غير‬ ‫متوقعة �أو كارثة‪ ،‬ولدى الم�س�ؤولين المحليين ال�صالحيات في‬ ‫اتخاذ مجموعة من التدابير في اعقاب الكارثة‪ ،‬في عام ‪2002‬م‬ ‫�صدرت حكومة الت�شيلي خطة وطنية للحماية المدنية ت�ستلزم‬ ‫على جميع م�ستويات الحكومة اال�ستجابة لمواجهة االحداث‬ ‫الكارثية الطبيعية‪ ،‬واتخاذ التدابير الالزمة‪.‬‬

‫مبنى مثال وفقا لم�ساحة الأر�ض‏‪ ،‬و�أ�ضافت عنا�صر ت�شديد‬ ‫�إ�ضافية مثل تخانة وعدد الأعمدة‪ ،‬والجدران‏‪ ،‬لجعل المبنى‬ ‫�أكثر مقاومة للكوارث‏‪ ،‬ويجري في الوقت الحالي ح�صر‬ ‫المباني غير المطابقة للموا�صفات بهدف تدعيمها‏‪ ،‬وذلك‬ ‫من خالل توفير الفح�ص المجاني الدقيق لقوة تحمل كل‬ ‫مبنى للكوارث الطبيعية‪ ،‬وت�صل تكلفة الفح�ص �إلى‏‪ 00‬‏‪� 5‬ألف‬ ‫ين‏‪� ،‬أي نحو‏‪ 700‬‏‪ 4‬دوالر‏‪.‬‏ وتلعب البنية التحتية دورا �شديد‬ ‫الأهمية للوقاية من الفي�ضانات في اليابان‪ ،‬كما تم �إن�شاء‬ ‫خزان رئي�سي �ضخم‪ ،‬مكون من خم�س �صوامع للتخزين‪،‬‬ ‫و�شبكة ت�صريف ي�صل طولها �إلى ‪ 6‬كيلومترات‪ ،‬وعر�ض‬ ‫�أنابيبها �إلى ‪�10,6‬أمتار‪ ،‬ي�ستقبل وي�صرف هذا النظام مياه‬ ‫في�ضانات �أربعة انهار‪ ،‬وي�صرف ‪ 200‬متر مكعب من المياه‬ ‫في الثانية‪ .‬والرهان الكبير في النظام الياباني العبقري‬ ‫للوقاية من مخاطر الكوارث الطبيعية‪ ،‬هي (طوكيو �سكاي‬ ‫ثانيا‪� :‬أن�شات حكومة الت�شيلي مكتب الطوارئ الوطني‬ ‫تري) ثاني �أعلى ناطحة �سحاب في العالم‪ ،‬فهذا البناء يلعب‬ ‫الم�س�ؤول عن تن�سيق االغاثة من الكوارث‪ ،‬وا�ستعادة النظام‪،‬‬ ‫واعادة التعمير بعد الكوارث‪ ،‬وقد وا�صلت حكومة الت�شيلي‬ ‫في تعزيز �أعمال المكتب‪ ،‬وفي الوقت الحا�ضر ي�ستطيع‬ ‫مكتب الطوارئ الوطني اال�ستجابة ب�سرعة للت�صدي‬ ‫للزالزل‪ ،‬وثوران البراكين‪ ،‬وغيرها من الكوارث الطبيعية‪.‬‬

‫‪4000‬‬

‫نقطة لمراقبة‬

‫ثالثا‪ :‬ذكر �أحد مهند�سين الت�شيلي مونيكا هاربي‪" :‬ب�أن‬ ‫الكوارث باليابان‬ ‫الحكومة تقوم ب�إجراءات �صارمة للغاية في مراقبة جودة‬ ‫البناء‪ ،‬حيث يجب ان ت�ستوفي المنازل‪ ،‬والبنايات كل المعايير‬ ‫ل�ضمان تحملها‪ ،‬ومقاومة الكوارث الطبيعية‪ ،‬بالإ�ضافة الى‬ ‫هدم المنازل القديمة الغير مطابقة للموا�صفات‪ ،‬واعادة‬ ‫دورا هاما في ن�شر المعلومات في حالة وقوع كارثة طبيعية‪،‬‬ ‫بنائها بالن�سبة للمناطق المعر�ضة للكوارث‪.‬‬ ‫البناء البالغ علوه ‪ 634‬متر‪ ،‬يمكنه ذلك بف�ضل هيكله المكون‬ ‫من عمود مركزي مت�صل عبر جهاز كابح لل�صدمات بنظام رابعا‪ :‬الم�شاركة ال�شعبية الفعالة‪ ،‬اهم عن�صر في المجتمع‬ ‫فوالذي خارجي‪ ،‬فالعمود المركزي والنظام الفوالذي هو ان يكون كل فرد م�شاركاً في العمل الم�شترك حتى‬ ‫يتمايالن في اتجاهين مختلفين‪ ،‬يمكنهما ان يوازنا ‪ %50‬ي�ستطيع النجاح في التعامل مع الكوارث الطبيعية‪،‬‬ ‫وللوقاية من الكوارث يجب �أن يتراكم جانبين اثنين في‬ ‫من الطاقة التي تتعر�ض لها ناطحة ال�سحاب‪.‬‬ ‫عمق الثقافة الوطنية‪� ،‬أوال تراكم التعليم‪ :‬فمنذ عام ‪1977‬‬ ‫الى االن‪ ،‬والطالب في ت�شيلي ي�شاركون في ثالثة تدريبات‬ ‫تشيلي‬ ‫زلزال بقوة ‪ 8.8‬درجات بمقيا�س ريختر في جمهورية ت�شيلي خلف للحماية من الكوارث الطبيعية �سنويا‪ً.‬‬ ‫‪ 723‬قتيل‪ ،‬مقارنة بحجم الزلزال الذي �ضرب هايتي بقوة ‪7.3‬‬ ‫ثانياً‪ :‬تراكم الدرو�س الم�ستفادة من التاريخ‪ ،‬الت�أهب‬ ‫درجات بمقيا�س رختر خلف ‪� 270‬ألف قتيل‪ .‬فكيف لزلزال قوي‬ ‫للكوارث ومقاومتها در�س م�ؤلم في تاريخ الت�شيلي‪ ،‬في‬ ‫مثل الذي �ضرب ت�شيلي يخلف �ضحايا اقل من زلزال هايتي؟‬ ‫عام ‪2005‬م ت�سببت �شائعات عن وجود موجات مد في فرار‬ ‫ان االحتياطات التي اتخذتها حكومة الت�شيلي‪ ،‬و�شعبها عدد كبير من النا�س من منازلهم في �ساعات قليلة ادت الى‬ ‫للحماية من الكوارث الطبيعية‪ ،‬وخلق �شبكة �آمنة حالة من الفو�ضى بين ال�شعب‪ ،‬وبرغم من عدم وجود اي‬ ‫لال�ستجابة الفورية‪ ،‬والت�أهب الكبير للمواجهة الكوارث حالة من الكوارث الطبيعية خلف ذلك قتيال و‪ 17‬م�صاب‪،‬‬ ‫الطبيعية‪ ،‬هي من اال�سباب التي حدت من �سقوط عدد ومنه فقد تعلم الت�شيليون �أن الهدوء ا�سا�س مواجهة اي‬ ‫كبير من ال�ضحايا بالرغم من قوة الزلزال‪ ،‬فقامت حكومة كارثة طبيعة‪.‬‬


‫مقال‬

‫د‪ .‬محمد سعد شحاته‬ ‫‪mohamedshehata2008@gmail.com‬‬

‫" ‪" Feed Back‬‬ ‫من الأمور الجديرة بالبحث؛ �أن نعيد النظر فيما ن�ستخدمه من‬ ‫مقابل عربي لم�صطلحات علمية �أجنبية؛ في كتاباتنا خ�صو�صً ا‬ ‫�إذا تعلق الأمر بجانب البحث العلمي؛ حيث تغدو الحاجة ل�ضبط‬ ‫الم�صطلح �أمرًا ذا قيمة في �إتمام البحث؛ حيث ت�صبح �صياغة‬ ‫الم�صطلح العربي المقابل لمفهوم �أجنبي جزءًا متمما لإجراء‬ ‫البحث نف�سه‪.‬‬ ‫وتزيد �أهمية ترجمة الم�صطلح؛ �أو لنقل رحلة البحث عن مقابل‬ ‫عربي لمفهوم �أجنبي‪� ،‬إذا اعتمدنا وجهة نظر �أهل الت�أويل الحديث‬ ‫ـ �أعني علماء الهرمنطيقا ‪ Hermeneutics‬ـ الذين يتعاملون مع‬ ‫الترجمة باعتبارها �أحد المرادفات اللغوية للعلم نف�سه وما يدل‬ ‫عليه حقله البحثي‪.‬‬ ‫ومن الم�صطلحات التي كثر ا�ستخدامها في الآونة الأخيرة‪،‬‬ ‫ترجمة المفهوم االنجليزي ‪� feed back‬إلى المقابل العربي‪:‬‬ ‫"التغذية الراجعة"؛ ف�إلى �أي مدى يمكن لنا �أن نثق في هذه‬ ‫الترجمة؟ و�إلى �أي مدى يمكن لنا �أن نعتمدها في كتاباتنا؟‬ ‫لقد ت�سرب الم�صطلح ‪� feed back‬إلى �شتى �صنوف‬ ‫العلم والكتابة من علوم الحا�سب وتقنيات �أنظمته؛ فهي العبارة‬ ‫التي تعني �أن لدينا "نظامًا ما" له مدخالت "‪ "inputs‬ومُخرجات‬ ‫"‪ "outputs‬وتجرى بينهما عمليات و�سيطة متعددة تتكفل بتحويل‬ ‫المدخالت �إلى مخرجات‪ ،‬و�إذا �أردنا �أن نعيد تعديل هذه العمليات‬ ‫الو�سيطة التي تجرى على المدخالت‪� ،‬أو �أردنا �أن نطورها‪� ،‬أو‬ ‫نعدلها تبعًا لمراقبة النتائج ومدى تحقيق الأهداف المرجوة من‬ ‫النظام كله؛ ف�سنقوم بعملية "‪ "feed back‬على العمليات الو�سيطة‬ ‫التي نجريها في النظام �أو تخ�ضع لها مدخالت النظام كله‪.‬‬ ‫ويمكن تطبيق ذلك على كل ما نبذله من جهد �أو نفعله؛ فالتعليم‬ ‫ـ على �سبيل المثال ـ هو نظام‪ ،‬مدخالته هي التلميذ �أو الطفل‬ ‫الذي يلتحق بالمدر�سة النظامية‪ ،‬وعمليات النظام الو�سيطة‬ ‫هي المناهج والعملية التعليمية بمكوناتها المختلفة‪ :‬المدر�س‬ ‫والمدر�سة‪ ،‬ليتحقق لنا "المُخرَج" المطلوب‪ ،‬وهو الطالب المتعلم‪،‬‬ ‫وتكون المناق�شات المجتمعية وما ي�صاحب التعليم ومدى اقترابه‬ ‫من تحقيق �أهداف المجتمع المرجوة منه‪ ،‬وتطوير المدار�س‬ ‫والمناهج‪ ،‬ونقدهما‪� ،...،‬إلخ بمثابة "‪ "feed back‬الذي يخ�ضع له‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويمكن تطبيق فكرة النظام ـ �أي�ضا ـ على المنهج النقدي؛‬ ‫فالن�ص ـ �شعرًا كان �أم نثرًا ـ هو مدخالت النظام‪ ،‬و�آليات الناقد‬ ‫ومنهجه في التعامل مع الن�ص وو�سائل تحليله هي عمليات النظام‬ ‫الو�سيطة‪ ،‬ويكون الحوار التخ�ص�صي التالي للقراءة ونقد النقد‪،‬‬ ‫بمثابة "‪ "feed back‬التي ي�ستفيد منها الناقد في تطوير �آلياته‬ ‫النقدية و�سبل قراءته التخ�ص�صية بهدف تطويرها‪.‬‬ ‫وبما ي�شبه العرف والقاعدة؛ �أ�صبح ال�شائع عند ترجمة "‪feed‬‬ ‫‪ "back‬ا�ستخدام عبارة "التغذية الراجعة"‪� ،‬أو‪" :‬التغذية المُر َتجَ عة"‬ ‫مقابال للمفهوم الغربي؛ ف�إلى �أي مدى تنقل هذه ال�صياغة‬

‫اللغوية المفهوم الأجنبي المقابل بدقة وتعبر عنه؟‬ ‫ومن وجهة نظر الهرمنطيقا‪ /‬الت�أويل الحديث؛ فاالهتمام‬ ‫ب�ضبط الترجمة هو �أ�سا�س في عملية الفهم التي ي�سعى هذا العلم‬ ‫�إليها و�إلى �ضبطها؛ ولأننا في الأ�صل �أهل لغة �أ�صبح لزامًا علينا �أن‬ ‫نعيد النظر في ال�صياغة العربية المقابلة لهذا المفهوم؛ تحقي ًقا‬ ‫للفهم و�سعيًّا وراءه؛ فكيف تمت �صياغة الترجمة العربية المقابلة‬ ‫لهذا المفهوم؟ وهل حقق هذه الترجمة المعنى الدقيق له؟‬ ‫�إ ّن ال�صياغة الأولى تترجم المفهوم �إلى كلمة "تغذية راجعة"‪ ،‬التي‬ ‫ت�ستخدم �صياغة ا�سم الفاعل "راجع" من الفعل الثالثي الالزم‬ ‫"رجع"؛ بما يعني �أن "عملية التغذية �أو عمليات النقد والمراجعة‬ ‫التي نجريها هي �صاحبة فعل الرجوع �إلى النظام �أو هي التي ترجع‬ ‫من تلقاء نف�سها �إلى عمليات النظام الم�صاحبة والو�سيطة؛ ففي‬ ‫�أ�صل الكلمة نقول‪ :‬رجعت �إلى البيت‪ ،‬رجوعي من تلقاء نف�سي دون‬ ‫�أن يعيدني �أحد‪ ،‬وهذه �صياغة تنفي الدور الأ�سا�سي لعمليات النقد‬ ‫والمراجعة التي يخ�ضع لها النظام الأ�سا�سي‪ ،‬كما �أنها تنفي دور‬ ‫القائم على النقد والمراجعة‪ ،‬بل تلغيه تماما وال تذكره‪ ،‬وهذا‬ ‫مخالف لأب�سط مفاهيم الم�صطلح الأ�صلي الذي ي�شير �إلى حدوث‬ ‫عمليات مراجعة م�ستمرة يخ�ضع لها النظام من قبل �آخرين‬ ‫و�ضعوه �أو ا�ستخدموه‪ ،‬كما يعيدون النظر في عملياته الو�سيطة‬ ‫ويراجعونها با�ستمرار‪.‬‬ ‫�أما ال�صياغة الثانية فتترجم المفهوم �إلى "تغذية مُرتجعة"‪،‬‬ ‫وهي ال�صياغة التي تعتمد على ا�سم المفعول "مُر َتجَ ع" من الفعل‬ ‫الخما�سي "ارتجع‪ :‬وزن افتعل"‪ ،‬وهي �صياغة غير دقيقة ـ � ً‬ ‫أي�ضا ـ في‬ ‫التعبير عن المفهوم؛ حيث ت�ستخدم �أحد م�شتقات الفعل الخما�سي‬ ‫"ارتجع‪ :‬وزن افتعل ال�صرفي" الذي يدل ـ فيما يدل من معاني ـ‬ ‫على المطاوعة واال�ستجابة‪ ،‬فنقول مثال‪�" :‬أرجعناه فارتجع‪,‬‬ ‫�أو امتثل للأمر‪ ،‬وهو ما ن�ستخدمه مع فاعل �أو مفعول عاقل‬ ‫ي�ستجيب لما يخ�ضع له من ت�أثير وت�أثر‪ ،‬لكن في عملية مراجعة‬ ‫المفاهيم و�إعادة �ضبط عمليات النظام الو�سيطة ال نتعامل مع‬ ‫عاقل‪ ،‬بل مع مادة متنوعة‪ :‬اللغة‪ ،‬التعليم‪ ،‬المدار�س‪ ،‬الحا�سب‬ ‫الآلي‪ ،‬الح�ساب العلمي‪� ،...،‬إلخ‪.‬‬ ‫فما المقابل العلمي الذي يعبر عن المفهوم الدقيق لعبارة "‪feed‬‬ ‫‪ "back‬تعبيرًا عربيًّا دقي ًقا؟ ربما كان الأن�سب لنا ـ ونحن نعيد‬ ‫النظر في هذا المفهوم المترجم ـ �أن ن�ستخدم عبارة "التغذية‬ ‫المُرجَ عَة"؛ لأنها الترجمة المعتمدة على �صياغة ا�سم المفعول‬ ‫من الفعل الرباعي‪� :‬أرجع‪ ،‬وزن‪� :‬أفعل ال�صرفي‪ .‬وهو الفعل الذي‬ ‫جعلنا معناه متعديًا‪ ،‬يحمل ت�أثير فاعل على مفعول ما‪ ،‬ب�إ�ضافة‬ ‫همزة التعدية �إلى الفعل الثالثي الالزم؛ فنقول‪� :‬أرجعنا فالنا �إلى‬ ‫البيت‪ ،‬و�أرجعنا المفاهيم المعدلة �إلى النظام‪ ،‬كما �أنها �صيغة ا�سم‬ ‫المفعول التي تغفل الدور الأكيد للفاعل وال تنفيه؛ هي ال ت�صرح‬ ‫به لكنها �صياغة ت�ضمره في داخلها وتنقله للجميع‪ ،‬كما �أنها ت�ؤكد‬ ‫�أن هناك عملية مراجعة خ�ضع لها النظام بعملياته الو�سيطة كلها‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫تحليل‬

‫تنويع مصادر الدخل ‪..‬‬

‫التحدي اآلني والمستقبلي لالقتصاد العماني‬

‫د‪ .‬محمد رياض حمزة‬

‫‪20‬‬

‫بالرغم من تناقص عائدات النفط بسبب تدني األسعار في األسواق العالمية في الربع‬ ‫األخير من عام ‪ ،2014‬فقد شهد الناتج المحلي اإلجمالي للسلطنة بنهاية شهر ديسمبر‬ ‫‪ 2014‬ارتفاعا بلغت نسبته ‪ % 4.6‬مسجال باألسعار الجارية ما قيمته ‪ 31‬مليارا و‪450‬‬ ‫مليونا و‪ 800‬ألف ريال عماني‪ ،‬وذلك بمقارنته بالعام ‪ 2013‬الذي شهد تسجيل ‪ 30‬مليارا‬ ‫و‪ 61‬مليونا و‪ 300‬ألف ريال‪ .‬وأفادت أحدث البيانات الصادرة عن المركز الوطني لإلحصاء‬ ‫والمعلومات أن األنشطة النفطية شهدت انخفاضا بلغت نسبته ‪ 2.4‬بالمائة مسجلة ما‬ ‫قيمته ‪ 14‬مليارا و‪ 840‬مليون ريال بالمقارنة بالعام ‪ 2013‬الذي سجلت األنشطة النفطية‬ ‫فيه ‪ 15‬مليارا و‪ 205‬ماليين و‪ 800‬ألف ريال‪.‬‬

‫كان ن�صيب النفط الخام من الأن�شطة النفطية (‪ )66.7‬نقطة من �أ�صل ‪ 100‬نقطة‪ ،‬وحازت على‬ ‫خالل العام الما�ضي ‪ 13‬مليارا و‪ 780‬مليونا و‪ 100‬الموقع الخام�س عربيا والمركز الرابع خليجيا‪.‬‬ ‫�ألف ريال بانخفا�ض بلغت ن�سبته ‪ 1.9‬بالمائة عن‬ ‫العام ‪ 2013‬الذي �سجل ‪ 14‬مليارا و‪ 47‬مليون ريال ويمكن اعتبار �سوق م�سقط للأوراق المالية مر�آة‬ ‫عماني‪ .‬وتراجعت �أن�شطة الغاز الطبيعي خالل تعك�س جانبا مهما من االقت�صاد العماني الذي‬ ‫العام ‪ 2014‬بن�سبة ‪ 8.5‬بالمائة م�سجلة مليارا و‪ 59‬بقي يتطور خالل الربع الأول من ‪ 2015‬في �ضوء‬ ‫مليونا و‪� 900‬ألف ريال بعد �أن �سجلت في العام م�سيرته خالل عام ‪ .2014‬فقد �أو�ضح التقرير‬ ‫‪ 2013‬ما قيمته مليارا و‪ 158‬مليونا و‪� 800‬ألف ريال ال�سنوي الذي ي�صدره بنك عمان العربي حول �سوق‬ ‫عماني‪ .‬و�سجل �إجمالي الأن�شطة غير النفطية م�سقط للأوراق المالية انه طبقا لقاعدة بيانات‬ ‫ما قيمته ‪ 18‬مليارا و‪ 927‬مليونا و‪� 400‬ألف ريال البنك ف�إن ‪� 26‬شركة قامت بزيادة ر�أ�س مالها خالل‬ ‫عماني بن�سبة ارتفاع قدرها ‪ 10.1‬بالمائة عن العام عام ‪� ،2014‬إما من خالل �إ�صدار �أ�سهم مجانية (‪22‬‬ ‫‪ 2013‬الذي �شهد ت�سجيل ‪ 17‬مليارا و‪ 198‬مليونا �شركة) �أو عن طريق تحويل �سندات الى �أ�سهم (‪)2‬‬ ‫�أو �إ�صدار �أ�سهم اكتتاب خا�ص (‪� )1‬أو عن طريق‬ ‫و‪� 300‬ألف ريال عماني‪.‬‬ ‫�أ�سهم حق �أف�ضلية (‪ .)1‬منها ‪� 17‬شركة تنتمي‬ ‫وخالل الربع الأول من عام ‪ 2015‬فقد �إحتلت الى القطاع المالي (‪ 5‬بنوك و‪� 5‬شركات تمويل‬ ‫ال�سلطنة الموقع ‪ 56‬بين �أكثر من ‪ 200‬دولة في و‪� 6‬شركات ا�ستثمارية و‪� 1‬شركة ت�أمين تكافلي) و‪5‬‬ ‫العالم في م�ؤ�شر الحرية االقت�صادية‪ ،‬محققة �شركات �صناعية و‪� 4‬شركات خدمات‪ .‬وفيما يتعلق‬

‫بتجزئة الأ�سهم‪ ،‬فقد �شهد عام ‪ 2014‬تجزئة �أ�سهم ‪8‬‬ ‫�شركات منها ‪� 7‬شركات في قطاع الخدمات معظمها‬ ‫�شركات طاقة و�شركة واحدة في قطاع ال�صناعة‪.‬‬ ‫و�شهد �سوق ال�سندات �أي�ضا �إ�صدارا واحدا من‬ ‫�سندات التنمية الحكومية‪ ،‬وهو الإ�صدار رقم ‪45‬‬ ‫بمبلغ ‪ 200‬مليون ريال وفيما يتعلق بالإدراجات‬ ‫كان هنالك خم�سة اكتتابات رئي�سية هي‪� :‬شركة‬ ‫تكافل عُمان للت�أمين في القطاع المالي و�شركتا‬ ‫ال�سوادي‪ ،‬والباطنة للطاقة في قطاع الخدمات‬ ‫�إ�ضافة �إلى �شركة �ألمها لل�سيراميك في قطاع‬ ‫ال�صناعة واالكتتاب بجزء من �أ�سهم الحكومة في‬ ‫�شركة عُمانتل‪ .‬مما �سبق نجد مدى ديناميكية‬ ‫ال�سوق وتزايد حركته اال�ستثمارية التي نتوقع‬ ‫ا�ستمرارها خالل عام ‪ 2015‬خا�صة مع توقع المزيد‬ ‫من االكتتابات وبالتالي عمق و�سيولة ال�سوق‪ .‬وكان‬ ‫نوفمبر الأعلى في المناق�صات و�سجلت قيمة‬ ‫المناق�صات الم�سندة خالل عام ‪ 2014‬ما يقارب‬ ‫‪ 1.36‬مليار ريال �أي ما ن�سبته ‪ %68‬من �إجمالي‬ ‫المناق�صات الم�سندة خالل عام ‪ .2013‬وعليه‬ ‫احتل الربع الرابع من عام ‪ 2014‬المركز الأول من‬ ‫حيث المناق�صات الم�سندة بمبلغ ‪ 448‬مليون ريال‬ ‫تاله الربع الأول بمبلغ ‪ 390.8‬مليون ريال ومن‬


‫تحليل‬

‫ثم الربع الثالث بمبلغ ‪ 302.2‬مليون ريال و�أخيرا‬ ‫الربع الثاني بمبلغ ‪ 225.6‬مليون ريال‪ .‬كذلك‬ ‫وطبقا �أي�ضا لقاعدة بياناتنا‪� ،‬سجلت قيم ال�صفقات‬ ‫الخا�صة في �سوق م�سقط خالل عام ‪ 2014‬مبلغ‬ ‫‪ 141.7‬مليون ريال ب�إرتفاع ن�سبته ‪ %10‬مقارنة مع‬ ‫ال�صفقات الخا�صة الم�سجلة في عام ‪.2013‬‬ ‫ولعل التحدي الآني والم�ستقبلي الذي يواجه‬ ‫�إقت�صاد ال�سلطنة هو االعتماد على عائدات‬ ‫النفط كم�صدر �أ�سا�س للدخل القومي‪ .‬لذلك ف�إن‬ ‫المنظمات الدولية ك�صندوق النقد الدولي‪ ،‬والبنك‬ ‫الدولي تجمع على �أن تنويع م�صادر الدخل في‬ ‫دول مجل�س التعاون لدول الخليج العربية ‪،‬وعدم‬ ‫االعتماد على العوائد المالية من �صادرات النفط‬ ‫يعتبر الحل اال�ستراتيجي للتغلب على التقلبات‬ ‫التي تتعر�ض لها مواردها المالية‪.‬‬ ‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬فقد تنبهت ال�سلطنة منذ وقت‬ ‫مبكر �إلى �أهمية تنويع م�صادر الدخل عبر تكرر‬ ‫�إدراجه في خطط التنمية الخم�سية والموازنات‬ ‫المالية ال�سنوية بهدف �إيجاد بدائل عن العوائد‬ ‫التي ُت َم ِوّل الدخل ال�سنوي للحكومة من �صادرات‬ ‫النفط والغاز من خالل اال�ستثمار المكثف في‬ ‫الإنتاج ال�صناعي‪ ،‬والزراعي‪ ،‬والثروة ال�سمكية‪،‬‬ ‫وال�سياحة‪ ،‬وغيرها من الموارد الطبيعية الكثيرة‬ ‫المتوفرة لل�سلطنة‪ .‬ولتب ّين الواقع االقت�صادي‬ ‫لل�سلطنة وبقاء النمو معتمدا على التدفقات‬ ‫المالية التي م�صدرها النفط نعيد قراءة موازنة‬ ‫ال�سنة المالية ‪2014‬م التي �أعلنت في الأول من‬ ‫يناير ‪2014‬م وبلغ �إجمالي الإيرادات العامة‬ ‫فيها ‪ 11.7‬مليار ريال عماني بن�سبة نمو تبلغ‬ ‫‪ 5.4‬بالمائة‪ ،‬مقارنة بالإيرادات المعتمدة لل�سنة‬ ‫الما�ضية‪ ،‬وقدَّر العجز في موازنة ‪ 2014‬بنحو ‪1.8‬‬ ‫مليار ريال عماني وبن�سبة ‪ 15‬بالمائة من الإيرادات‬ ‫وبن�سبة ‪ 6‬بالمائة من الناتج المحلي وذلك على‬ ‫�أ�سا�س �سعر ‪ 85‬دوال ًرا للنفط‪ .‬ومن المتوقع �أن‬ ‫يوا�صل االقت�صاد الوطني نموه بمعدالت مرتفعة‬ ‫مدفوعاً بعدة عوامل �أهمها الزيادة في �إنتاج‬ ‫النفط وا�ستقرار �أ�سعاره واال�ستمرار في انتهاج‬ ‫الحكومة ال�سيا�سة المالية التحفيزية وال�سيا�سة‬ ‫النقدية الداعمة لهذا التوجه �إ�ضافة �إلى قوة‬ ‫وتنامي الطلب المحلي‪ .‬وتو�ضح التقديرات �أن‬ ‫ارتفاع معدل النمو الحقيقي لالقت�صاد الوطني‬ ‫من ‪ 1.3‬بالمائة عام ‪2011‬م �إلى ‪ 8.4‬بالمائة عام‬ ‫‪2012‬م ثم �إلى ‪ 5‬بالمائة في ‪2013‬م ومن الم�ؤمل‬ ‫تحقيق نف�س هذا المعدل من النمو في عام‬ ‫‪2014‬م نحو ‪ 5‬بالمائة‪ .‬وت�شير التقديرات �إلى �أن‬ ‫الأن�شطة غير النفطية �سوف تنمو بمعدل ‪3.7‬‬ ‫بالمائة في ‪2014‬م مقارنة بن�سبة ‪ 5.6‬بالمائة‬ ‫عام ‪2013‬م‪ ،‬و‪ 4.5‬بالمائة عام ‪2012‬م‪ .‬وكان ذلك‬ ‫النمو المتوا�صل بف�ضل ارتفاع �أ�سعار النفط‬ ‫خالل ال�سنوات الخم�س الما�ضية‪ .‬ولما كان م�سعى‬

‫‪٢،٤‬‬

‫نسبة انخفاض‬ ‫األنشطة النفطية‬ ‫عام ‪٢٠١٤‬‬

‫حكومة ال�سلطنة الدائم �إلى �إيجاد حلول لتدعيم‬ ‫الإنفاق العام في موازناتها ال�سنوية عبر تنويع‬ ‫م�صادر الدخل وا�ستغالل العائدات النفطية في‬ ‫دعم القطاعات غير النفطية كقطاعات ال�سياحة‬ ‫والزراعة والثروة ال�سمكية وال�صناعات التحويلية‬ ‫الأمر الذي قد يعر�ض الموازنة العامة لمخاطر‬ ‫هبوط �أ�سعار النفط‪.‬‬ ‫السلطنة‬ ‫ً‬ ‫خليجيا‬ ‫الرابع‬ ‫في الحرية‬ ‫االقتصادية‬

‫وال تزال الإيرادات الحكومية غير النفطية‬ ‫محدودة وكانت ن�سبتها �إلى الإيرادات العامة‬ ‫تمثل ‪ 16.8‬بالمائة في موازنة ‪2013‬م‪ ،‬وارتفعت‬ ‫بن�سبة ‪ 3.0‬بالمائة لت�صل الى ‪ 17.1‬بالمائة موازنة‬ ‫‪2014‬م ‪� ..‬إذ �أن لن�سب ال�ضريبية المفرو�ضة على‬ ‫�أرباح من�ش�آت و�شركات القطاع الخا�ص ال تزال‬ ‫محدودة جدا ويقال «�إن القطاع الخا�ص ي�ساهم‬ ‫ب�أكثر من ‪ 50‬بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي‬ ‫لل�سلطنة»‪ ،‬لذا ف�إن توقع نمو الأن�شطة غير‬

‫النفطية بن�سبة ‪ 3.7‬بالمائة يمثل ت�صاعد �أن�شطة‬ ‫ال�شركات الحكومية في تنفيذ م�شاريع البنية‬ ‫الأ�سا�سية‪.‬‬ ‫وما تقدم ي�ؤكد بقاء الم�صدر الأكبر لتمويل‬ ‫الدخل هو العوائد المالية من �صادرات النفط‬ ‫والغاز وعليه ف�إن الهدف الذي تبنته خطط‬ ‫التنمية الخم�سية تنويع م�صادر الدخل لم يتحقق‬ ‫بعد و�أن �إ�سهام القطاع الخا�ص ال يزال محدودا‬ ‫و�أن المتحقق من نمو الناتج المحلي الإجمالي‬ ‫بفعل الم�شروعات اال�ستراتيجية الكبيرة التي‬ ‫تنفذها الحكومة‪ ،‬مثل الم�شروعات ال�صناعية في‬ ‫�صحار‪ ،‬وم�شروعات الدقم وغيرها حيث �أطلقت‬ ‫الخم�سية الثامنة في عام ‪ 2011‬ب�إنفاق �إجمالي‬ ‫ي�صل �إلى ‪ 43‬مليار ريال‬ ‫ب�سبب التوجه نحو تعزيز ال�سيا�سات االجتماعية‬ ‫التي اتخذتها الحكومة‪ .‬كما �أن م�صروفات‬ ‫دعم الأ�سعار تبلغ نحو ‪ 1.4‬مليار ريال بن�سبة ‪10‬‬ ‫بالمائة من �إجمالي الإنفاق العام مقارنة مع ن�سبة‬ ‫‪ 9.26‬بالمائة من �إجمالي الإنفاق العام المقدر‬ ‫لعام ‪.2013‬‬ ‫وقد �شهد عام ‪ 2014‬تنفيذ العديد من الم�شروعات‬ ‫في ال�سلطنة بقيمة �إجمالية تبلغ ‪ 3‬مليارات ريال‬ ‫ت�أتي في مقدمتها م�شروعات لل�سكك الحديدية‬ ‫بتكلفة مليار ريال وم�شروعات للطرق والمطارات‬ ‫والموانئ بتكلفة ‪ 807‬ماليين ريال‪ .‬كما �شهد العام‬ ‫تنفيذ م�شروعات كهرباء بتكلفة ‪ 450‬مليون ريال‬ ‫وفي قطاع ال�صحة والتعليم بتكلفة ‪ 384‬مليون‬ ‫ريال وبلغت تكلفة م�شروعات البنية الأ�سا�سية في‬ ‫القطاعات ال�صناعية نحو ‪ 190‬مليون ريال‪ .‬ويبقى‬ ‫التحدي الأكبر الذي يواجه موازنات ال�سلطنة هو‬ ‫تقليل ن�سبة الإيرادات النفطية ل�صالح الإيرادات‬ ‫غير النفطية حيث �أ�شارت �أرقام الموازنة �إلى �أن‬ ‫الإيرادات النفطية ت�صل �إلى ‪ 83‬بالمائة لتبلغ‬ ‫‪ 15.8‬مليار ريال بينما ت�صل ن�سبة الإيرادات غير‬ ‫النفطية �إلى ‪ 17‬بالمائة �أي ‪ 5.3‬مليار ريال و�أن‬ ‫‪ 50‬بالمائة من ن�سبة الإيرادات غير النفطية هي‬ ‫الح�صيلة المقدرة من ال�ضرائب‪ .‬ويمكن القول‬ ‫�إن تنويع م�صادر الدخل المن�شود يحتاج �إلى‬ ‫�شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخا�ص‬ ‫و�أن لل�سلطنة �آفاقاً رحبة لتنويع م�صادر الدخل‬ ‫القومي م�صادرها ال�صناعات ال�سمكية وتجارتها‬ ‫التي ال تن�ضب خا�صة �أن وزارة الزراعة والثروة‬ ‫ال�سمكية تقدر ن�سبة ا�ستغالل ال�سلطنة من الثروة‬ ‫ال�سمكية �أنها ال تتعدى ‪ 10‬بالمائة ثم هناك‬ ‫ال�سياحة التي ال تزال محدودة العوائد وال بد �أن‬ ‫تكون لل�سلطنة منتجات �سياحية تناف�سية تتفرد‬ ‫بها الى جانب ال�صناعات التحويلية التي يمكن �أن‬ ‫تدر عوائد مالية كبيرة عند تنميتها‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫ذاكــرة‬

‫‪22‬‬

‫شهر مايو‬

‫أحداث وأيام‬

‫ •‪ 1‬مايو يوم العمال العالمي‬

‫ • ‪3‬مايو اليوم العالمي للتعبير وحرية‬ ‫الصحافة‪.‬‬ ‫ •‪ 4‬مايو اليوم العالمي للمرور‬ ‫ •‪ 11‬مايو اليوم العالمي للطيور المهاجرة‬ ‫ •‪12‬مايو يوم الممرضات العالمي‬ ‫ •‪15‬مايو اليوم العالمي لألسرة‪.‬‬ ‫ •‪ 17‬مايو اليوم العالمي لالتصاالت ومجتمع‬ ‫المعلومات‬ ‫ •‪ 18‬مايو اليوم العالمي للمتاحف‪.‬‬ ‫ •‪ 21‬مايو اليوم العالمي للتنوع الثقافي من‬ ‫أجل الحوار والتنمية‬ ‫ •‪ 22‬مايو اليوم الدولي للتنوع البيولوجي‬ ‫ •‪ 23‬مايو اليوم العالمي للسلحفاة‪.‬‬ ‫ •‪ 31‬مايو اليوم العالمي لوقف التدخين‬

‫أحداث تاريخية‬

‫‪1973‬‬

‫افتتاح الطريق البحري بمطرح‬ ‫(الكورنيش) تحت رعاية حضرة صاحب‬ ‫الجاللة السلطان قابوس حفظه الله‪.‬‬

‫ذاكرة‬

‫في شهر مايو‬

‫‪1498‬فاسكو دي جاما يصل إلى الهند مكتشفاً الطريق‬

‫‪ 1981‬شاركت السلطنة مع ست من دول الخليج العربية‪ ،‬لتكوين مجلس التعاون الخليجي‪.‬‬

‫‪1519‬وفاة الرسام اإليطالي ليوناردو دافينشي‪.‬‬

‫‪ 1978‬صدور كتاب سلطنة عمان (تراث) في لندن‪ ،‬والذي يتحدث عن عمان طبيعتها‪ ،‬بيئتها‪ ،‬تراثها‪ ،‬وأهم موروثاتها‪،‬‬

‫البحري التجاري بين أوروبا وآسيا‪.‬‬

‫‪1840‬صدور أول طابع بريد في العالم في بريطانيا‪.‬‬

‫‪1879‬األمريكي جورج سيلدين يحصل على براءة اختراع‬ ‫أول سيارة تسير بالبنزين‪.‬‬

‫‪1889‬افتتاح برج إيفل في باريس‪.‬‬

‫‪ 1975‬العثور على مخطوطة عمانية يعود تاريخها إلى ‪ 350‬سنة للعالمة الشيخ عبد الله بن محمد الترومي‬ ‫ومناطقها للكاتب واريل هيل وزوجته‪.‬‬

‫‪ 1981‬افتتاح مصنع الطابوق الرملي الجري بوادي حطاط والذي يعد أحدث مصنع إلنتاج الطوب الرملي في المنطقة‪.‬‬

‫‪ 1982‬اكتشاف أول بئر بترولي بالبحر العربي يقع في جزر كوريا موريا بالمنطقة الجنوبية من السلطنة‪.‬‬

‫‪ 1985‬عمان تشهد التاريخ بمشاركة جاللته في افتتاح خط العبارات البحري‪ ،‬والذي يربط ميناء نويبع‪ ،‬وميناء العقبة‬

‫‪1900‬السلطان عبد الحميد الثاني يصدر أمراً بإنشاء‬

‫األردني‪ ،‬وافتتاح ميناء قابوس الذي يربط ألول مرة منذ عام ‪ 1948‬بين مشرق الوطن العربي ومغربه‪.‬‬

‫‪ 1904‬المخترع األمريكي جورج پاركر يحصل على براءة‬

‫رحلة لها إلى أمريكا‪.‬‬

‫سكة حديد الحجاز لخدمة الحجاج‪.‬‬ ‫اختراع قلم الحبر‪.‬‬

‫‪1907‬ساكيشي تويودا يحصل على براءة اختراع آلة‬ ‫النسيج في العالم‪.‬‬

‫‪1917‬وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور يعلن رسمياً‬ ‫فلسطين وطنا قوميا لليهود‬

‫‪ 1986‬استقبال كبير واحتفاالت في قناة السويس بمناسبة مرور سفينة (شباب عمان) من القناة في أطول‬ ‫‪ 1987‬أول طاقم مسرحي نسائي عماني في سلطنة عمان يقدم مسرحية في قرية الخفدي بالرستاق‪.‬‬ ‫‪ 1999‬توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين السلطنة ودولة اإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬

‫ ‬

‫‪ 1935‬تدشين ناطحة سحاب ‪ 102‬طابق في نيويورك‪.‬‬ ‫‪ 1948‬إعالن قيام جمهورية كوريا الشمالية‪.‬‬

‫‪ 1952‬الحسين بن طالل ملكاً على المملكة األردنية‪.‬‬

‫‪ 1965‬رائد الفضاء األمريكي ريد وايت يمشي على القمر‪.‬‬

‫فعاليات الشهر‬

‫•معرض ومؤتمر عمان للطاقة والمياه‪ ،‬حيث يخلق المعرض بيئة لجذب المهتمين‪ ،‬والمستثمرين‪،‬‬ ‫لمناقشة أهم القضايا‪ ،‬والتحديات في مجال الطاقة‪ ،‬والمياه‪ ،‬واستعراض الحلول‪ ،‬والفرص في‬ ‫سلطنة عمان‪ ،‬وسيقام بمركز عمان الدولي للمعارض في ‪ 19‬مايو م‪ 2015‬الى ‪ 21‬مايو ‪2015‬م‪.‬‬

‫ ‬

‫•معرض الوظائف والتعمين (جوبكس)‪ ،‬والذي سيقام بمركز عمان الدولي للمعارض‪ ،‬في ‪20‬‬ ‫الى ‪ 22‬مايو ‪2015‬م‪ ،‬والهدف منه تعريف االشخاص بفرص العمل المتوفرة‪ ،‬والخدمات المهنية‬

‫التي تخدم مسارهم المهني‪ ،‬وسهولة الوصول إلى متطلبات الوظيفة‪ ،‬ومؤسسات التدريب‪،‬‬

‫‪ 1998‬شركة أبل األمريكية تعلن عن تصنيع جهاز ‪.iMac‬‬

‫والتعرف على المسارات المهنية األخرى‪.‬‬

‫ ‬

‫العالمي بشأن التعليم ‪،2015‬‬ ‫•المؤتمر العالمي للتعليم للجميع الخطوة األخيرة قبل المنتدى‬ ‫ّ‬ ‫يهدف إلى وضع خارطة طريق نحو تأمين تعليم أساسي ُي ْعنى بالنوعية لألطفال‪ ،‬والشباب‬

‫والبالغين‪ ،‬ووضع خطة عمل في مجال التعليم للجميع لما بعد ‪ ،2015‬وسيقام خالل الفترة‬ ‫‪ 12-14‬مايو‪2015‬م‪.‬‬

‫ ‬

‫•معرض مسقط الدولي للذهب والمجوهرات‪ ،‬والذي سيقام بمركز عمان الدولي للمعارض‪،‬‬ ‫بتاريخ ‪ -30 26‬مايو ‪2015‬م‪.‬‬


‫مقال‬

‫عبدالرزاق الربيعي‬

‫‪23‬‬

‫‪razaq2005@hotmail.com‬‬

‫المتاحف ذاكرة من حجر‬ ‫تع ّد المتاحف واجهات ثقاف ّية تعك�س الهويّة‬ ‫الح�ضارية للبلدان‪ ،‬وهي الح�صن الذي يتمرت�س‬ ‫خلفه الإرث الإن�ساني‪ ،‬فتعر�ضه لل�س ّياح الذين‬ ‫يفدون من ك ّل مكان لم�شاهدة ما�ضي الب�شرية‪،‬‬ ‫ومعرفة كيف كان؟ وهم يعي�شون في غمرة هذا نوعا‬ ‫من الحنين لما�ضي الب�شريّة "النو�ستالجيا"‪،‬‬ ‫لت�صبح تلك الآثار من دواعي الفخر‪ ،‬واالعتزاز‬ ‫بالذات الفرديّة‪ ،‬والجمع ّية‪� ،‬إذ تم ّثل الآثار ذاكرة‬ ‫من حجر �صلد‪َ ،‬د َّو َن عليها الإن�سان تاريخه‪ ،‬و�أ�ضفى‬ ‫عليها من روحه‪ ،‬وابداعاته‪ ،‬ومنطقتنا العرب ّية غن ّية‬ ‫بهذا الإرث �إذ ن�ش�أت فيها الح�ضارات القديمة‪ ،‬التي‬ ‫كانت مهدا لها‪ ،‬ولهذا نجد الكثير من المناطق‬ ‫الآثرية في مناطقنا التي يجد بها المن ّقبون‬ ‫�ضا ّلتهم‪ ،‬ولأنني ابن ح�ضارة وادي الرافدين‬ ‫التي تعود �إلى �آالف ال�سنين‪ ،‬اعتدنا في المراحل‬ ‫الدرا�سية الأولى �أن يكون المتحف العراقي‬ ‫مق�صدنا ‪ ،‬وهناك ك ّنا نتجوّل بين �أق�سامه‪ ،‬ون�ش ّم‬ ‫عبق �أجدادنا الأوائل الذين و�ضعوا اللبنة الأ�سا�س ّية‬ ‫في جدار الح�ضارة الإن�سان ّية‪ ،‬فقدَّوا م�ساهمة ي�شهد‬ ‫عليها العالم �أجمع‪ ،‬وينظر لها بعين التقدير‪.‬‬ ‫وفي �أروقة المتاحف تت�سع الآفاق‪ ،‬وتتعدّد‬ ‫الأبجديّات‪ ،‬والألوان‪ ،‬والأ�شكال‪ ،‬وتتغ ّير التقاويم‪،‬‬ ‫وتت�ضاءل ال�سنوات‪ ،‬لت�صبح قطرات في بحر الزمن‬ ‫بتد ّفقه الهادر‪ ،‬ويكون الع ّد بماليين ال�سنين‪،‬‬ ‫ونرى التاريخ حيا ينب�ض في اللقى‪ ،‬والعمالت‬ ‫المعدنية والأواني‪ ،‬وال�صخور المنقو�ش عليها‬ ‫كتابات بحروف م�سمارية‪ ،‬وكل ما ي�ستخدمه‬ ‫الإن�سان في الع�صور القديمة من �أدوات ي�ستعين‬ ‫بها في حياته‪ ،‬فن�شعر بمهابة‪ ،‬واجالل‪ .‬فزيارة‬ ‫المتاحف ثقافة‪ ،‬ومتعة‪ ،‬ودرو�س‪ ،‬وعِ بَر‪ ،‬لذا‬ ‫�أ�صبحت مق�صدا للزائرين في الكثير من بلدان‬ ‫العالم‪ ،‬وتبعا لهذا ن�شطت ال�سياحة الثقاف ّية‪،‬‬ ‫ف�ش ّكلت م�صدر دخل قومي‪ ،‬ومن �أتيحت له‬ ‫فر�صة زيارة متحف اللوفر بباري�س يالحظ مئات‬ ‫ال�س ّياح الذين ي�ش ّكلون �أفواجا‪ ،‬يقفون طوابير عند‬ ‫"�أك�شاك" قطع تذاكر الدخول‪ ،‬وخالل الحرب‬ ‫العالم ّية الثانية ‪،‬كان ال�شغل ال�شاغل للحكومة‬ ‫الفرن�سية هو كيف ّية الحفاظ على محتويات‬ ‫متحف اللوفر من نيران الحرب‪ ،‬وقد ن�شرت‬ ‫الغارديان البريطانية تقريرا جاء به" في يوم‬ ‫الخام�س والع�شرين من �آب ‪1939‬؛ �أغلق "جوجار"‬

‫ نائب المدير ‪� -‬أبواب متحف اللوفر لثالثة �أيام‪،‬‬‫و�أعلن ر�سمياً �إجراء بع�ض الت�صليحات‪ ،‬ولمدة‬ ‫ثالثة �أيام وليال قام مئات المنت�سبين وطالب‬ ‫الفنون‪ ،‬والعاملين في دوائر المتاحف‪ ،‬بحفظ‬ ‫كنوز الفن بعناية وخزنها في �صناديق خ�شبية‬ ‫بي�ضاء وا�س ُتقدِمت مختلف �أنواع المركبات؛ من‬ ‫�سيارات خا�صة و�سيارات �إ�سعاف‪ ،‬و�شاحنات وعربات‬ ‫نقل مقفلة و�سيارات تاك�سي‪ ،‬و�شرعت قافلة من‬ ‫‪ 203‬عربات متنوعة بنقل ‪ 1,862‬علبة خ�شبية‬ ‫�صبيحة �أحد �أيام �شهر �أغ�سط�س‪� ،‬إلى ق�صور‬ ‫وقالع فرن�سية متباينة وغير معروفة‪ ،‬وهناك تم‬ ‫حفظ ال�صناديق‪ ،‬ب�أمان وبا�سلوبٍ م�ستتر‪ .‬وو�صلت‬ ‫�آخر تلك ال�صناديق الى مخبئها في اليوم الذي‬ ‫غزت فيه �ألمانيا الأرا�ضي البولندية بعد �سقوط‬ ‫فرن�سا؛ وفي ‪� 16‬آب ‪ ،1940‬و�صل الكونت "فرانز‬ ‫وولف ميتيرنيخ"؛ الذي ع ّي َن ُه هتلر مُ�شرفاً على‬ ‫المجاميع الفنية الفرن�سية"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومن هذه المعلومة ي ّت�ضح �أن هتلر كان مهتمّا‬ ‫ب�أمر اللوفر فلم يبعث له �ضابطا عاديّا بل اختار‬ ‫رجال يقدّر قيمة محتويات المتحف‪ ،‬فلم ي�س ّلط‬ ‫الجهلة ‪،‬والمتخ ّلفين فيحطمونها كما فعل تنظيم‬ ‫الدولة"داع�ش"في متحف المو�صل وبقيّة المناطق‬ ‫الأثريّة ‪ ،‬بل اختار �ضابطا متنوّرا‪ ،‬وي�ؤكد "جوجار"‬ ‫في مذكراته �إن الكونت "فرانز وولف ميتيرنيخ"؛‬ ‫لم يكن ع�ضواً في الحزب النازي الألماني؛ لذا‬ ‫حاول م�ساعدة "جوجار" للحفاظ على كنوز الفن‬ ‫الفرن�سي من النهب على �أيدي النازيين‪ ،‬وبعد‬ ‫تحرير باري�س؛ �أُعيدت المجاميع الفنية العامة الى‬ ‫متاحفها الأ�صلية‪ ،‬دون �أن تتعر�ض �أية قطعة منها‬ ‫للتلف‪ ،‬وعندما �أُعلن ال�سالم في �أوروبا‪ ،‬كان �أول ما‬ ‫فعل ُه "جوجار"‪ -‬الطلب من "�شارل ديغول" �أن يمنح‬ ‫"ميتيرنيخ" و�سام "جوقة ال�شرف" الوطني "‬ ‫هذه الأحداث تناولها فيلم "رجال الآثار" الذي‬ ‫مثل ُه "جورج كلوني" في ‪، 2014‬ومن ك ّل مام ّر ذكره‬ ‫يتب ّين المنظور الراقي الذي ت�ستخدمه الدول‬ ‫المتقدّمة في قراءة الما�ضي وتقدير الآثار‪،‬لذا‬ ‫جرى تخ�صي�ص يوم ‪،‬هو في الثامن ع�شر من‬ ‫مايو‪ ،‬كل عام‪ ،‬يحتفل خالله العالم باليوم‬ ‫العالمي للمتاحف ‪،‬الذي �أق ّره مجل�س المتاحف‬ ‫العالمي بهدف "�إتاحة الفر�صة للمخت�صين‬ ‫بالمتاحف من التوا�صل مع العامّة‪ ،‬وتن ّبههم‬

‫للتحدّيات التي تواجه المتاحف �إذا ما �أ�صبحت‬ ‫ح�سب تعريف المجل�س للمتاحف‪ -‬م�ؤ�س�سات في‬‫خدمة المجتمع وفي تطوره"‪.‬‬ ‫ونظرا لأهم ّية الآثار كجزء من التراث‬ ‫الإن�ساني والموروث الح�ضاري لل�سلطنة المعروفة‬ ‫بغنى �إرثها‪ ،‬توجّ هت الأنظار �إلى �صيانة الآثار‬ ‫منذ مطلع النه�ضة للحفاظ على التراث العماني‬ ‫الأ�صيل‪ ،‬وجعله واحدا من �أبرز �أهدافها ‪،‬واليوم‬ ‫تتن�شر في ال�سلطنة الكثير من المتاحف التي‬ ‫ت�شرف عليها عدة جهات لمتاحف الحكومية‬ ‫والخا�صة‪ ،‬ولع ّل ابرزها المتحف الوطني التابع‬ ‫لوزارة التراث والثقافة الذي يته ّي�أ لفتح �أبوابه‬ ‫خالل ال�شهور القليلة المقبلة ليكون �أكبر متحف‬ ‫في ال�سلطنة‪ ،‬وهناك متاحف �أخرى كـ(متحف‬ ‫بوابة م�سقط) التابع لديوان البالط ال�سلطاني‬ ‫ومتحف قوات ال�سلطان الم�سلحة‪ ،‬و" بيت الزبير"‪،‬‬ ‫و"غالية" للفنون الحديثة‪ ،‬و"بيت البرندة"‬ ‫و"مزنة"‪ ،‬ومتحف قلعة �صحار الذي افتتح في ‪17‬‬ ‫نوفمبر ‪ 1993‬لإبراز تاريخ مدينة �صحار ومعالمها‬ ‫التاريخية وعالقتها الح�ضارية بالعالم‪ ،‬ومتحف‬ ‫�صاحب ال�سمو ال�سيد في�صل بن علي الذي جاء‬ ‫لحفظ جهود المرحوم ال�سيد في�صل بن علي �آل‬ ‫�سعيد في خدمة التراث الثقافي العماني وقد‬ ‫افتتح المتحف برعاية �صاحب ال�سمو ال�سيد هيثم‬ ‫بن طارق �آل �سعيد في ‪ 7‬يناير ‪ 2008‬ويت�ضمن‬ ‫قاعة عر�ض لروائع العمارة الإ�سالمية العمانية‬ ‫‪،‬والمتحف الطبيعي الذي �أفتتح ر�سمياً في ‪30‬‬ ‫دي�سمبر ‪ ،1985‬لعر�ض بع�ض الكنوز الطبيعية التي‬ ‫تزخر بها ال�سلطنة ‪،‬والمتحف العماني الفرن�سي‬ ‫الذي كان في الما�ضي مقراً للقن�صلية الفرن�سية‬ ‫في م�سقط والم�سمى (بيت فرن�سا) و�أفتتح تحت‬ ‫الرعاية ال�سامية لجاللة ال�سلطان قابو�س بن �سعيد‬ ‫المعظم وفخامة الرئي�س الفرن�سي الراحل فران�سوا‬ ‫ميتران في ‪ 1992‬وي�ضم معرو�ضات مختلفة مثل‬ ‫ال�صور وبع�ض الوثائق التاريخية عن عمان وفرن�سا‬ ‫ونماذج لل�سفن العمانية والفرن�سية بالإ�ضافة �إلى‬ ‫الأزياء والحلي العمانية والأزياء الفرن�سية‪ ،‬وبع�ض‬ ‫الطوابع العمانية والفرن�سية القديمة‪ .‬وتتجه‬ ‫الأنظار مفتوحة متر ّقبة افتتاح المتحف العماني‬ ‫الذي �سي�ش ّكل واجهة ح�ضارية هامة م�ضافة تع ّزز‬ ‫المنهج الح�ضاري الذي اختطته ال�سلطنة‪.‬‬


‫مقال‬ ‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬

‫‪24‬‬

‫‪mirfat.alaraimi@oeppa.om‬‬

‫صورة واحدة‪ ..‬تكفي!!‬ ‫لم يعي رجل الأعمال الأمريكي روكفلر �أ َّن تعر�ضه‬ ‫الم�ستمر للنقد الالذع من قبل الجماهير كان ب�سبب‬ ‫�صورته الذهنية التي �صورته كرجل ج�شع على الرغم‬ ‫من �سخائه و �أعماله الإن�سانية والخيرية الكثيرة‬ ‫فروكفلر كان ال يبالي بحمالت النقد التي توجه �إليه‬ ‫وال يح�سن التعامل مع ال�صحفيين �إال بعد �أن ن�صحه‬ ‫�أيفى لي ‪ -‬م�ؤ�س�س العالقات العامة الحديثة ‪� -‬أن يغير‬ ‫من �أ�سلوبه و�أن يح�سن معاملة ال�صحفيين ويتودد �إليهم‬ ‫فقام ايفي بو�ضع خطة لتح�سين �صورة روكفلر باالتفاق‬ ‫مع ال�صحافة فن�شر �صورة له وهو يلعب الجولف �سعيدا‬ ‫مع �أحد ال�صحفيين و�صورة �أخرى وهو يداعب الأطفال‬ ‫وي�ضحك معهم‪ ..‬كل ما قام به ايفي لي هو عملية �إظهار‬ ‫‪ ،‬وترويج الجانب الإن�ساني غير المعلن لروكفلر فنجح‬ ‫في تغيير �صورته �أمام الجمهور وكان لذلك الأثر في‬ ‫تح�سين عالقته بالجمهور ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد �أكدت الدرا�سات الأكاديمية �أن “�صورة واحدة‬ ‫خير من �ألف كلمة”‪ ،‬وال�صورة هنا لي�ست بمعناها‬ ‫الحرفي بل بمعناها العميق والمتعدد‪ ،‬وهي ال�شخ�صية‬ ‫التي تتكون في ذهن الجمهور �سواء عن الأفراد �أو‬ ‫الم�ؤ�س�سات‪ ،‬ويعرف الباحث علي عجوة ال�صورة الذهنية‬ ‫ب�أنها‪« :‬ال�صورة الفعلية التي تتكون في �أذهان النا�س عن‬ ‫المن�ش�آت والم�ؤ�س�سات المختلفة‪ ،‬وقد تتكون هذه ال�صورة‬ ‫من التجربة المبا�شرة �أو غير المبا�شرة‪ ،‬وقد تكون‬ ‫عقالنية �أو غير ر�شيدة‪ ،‬وقد تعتمد على الأدلة والوثائق‬ ‫�أو الإ�شاعات والأقوال غير الموثقة‪ ،‬ولكنها في النهاية‬ ‫تمثل واقعًا �صاد ًقا بالن�سبة لمن يحملونها في ر�ؤو�سهم‬ ‫وقد �أدركت الم�ؤ�س�سات خطورة ال�صورة الذهنية ال�سلبية‬ ‫على ا�ستمرارية وجودها ككيان تجاري ف�أ�صبحت تركز‬ ‫على جودة العالمة التجارية و�إدارة �سمعتها �أكثر من‬ ‫تركيزها على جودة المنتج‪.‬‬ ‫ومن َث ّم �أكد الباحثون على �أهمية تكوين ال�صورة التي‬ ‫تبرز الحقائق الجيدة بدون مبالغة �أو تهويل ومعالجة‬ ‫الإخفاقات دون محاولة لتجميلها �أو �إخفائها حتى ال‬ ‫ُتفقد الم�صداقية‪ ،‬مما ي�ستلزم من كل م�ؤ�س�سة �أن تع ِرّف‬ ‫الجمهور ب�أعمالها وغاياتها بن�سبة ع�شرة في المئة و�أن‬ ‫تق�ضي ت�سعين في المئة من وقتها في �إنجاز الم�شاريع‬ ‫والأعمال حتى تحافظ على م�صداقيتها والتي ت�ساهم‬ ‫ب�شكل مبا�شر في الترويج لخدماتها �أو منتجاتها‪.‬‬ ‫�إ َّن تكوين ال�صور الذهنية �أو ما يطلق عليه حديثا‬ ‫بال�شخ�صية تعد غاية ملحة في ظل التناف�س االقت�صادي‬ ‫والثقافي مع وجود و�سائل تكنولوجية �سريعة ومتطورة‬ ‫ت�ستطيع �أن تخلق انطباعات في لحظات‪ ،‬فال�سمعة‬

‫الجيدة تبني الآراء واالتجاهات وت�سهل عمليات اتخاذ‬ ‫القرار وت�ش ِّكل ال�سلوكيات ومن ثم تفتح المجال �أمام‬ ‫العملية الت�سويقية‪.‬‬ ‫فعلى �سبيل المثال عندما �أرادت الواليات المتحدة بناء‬ ‫�صورتها الذهنية للعالم الخارجي لم تعتمد على �إبراز‬ ‫�سيا�ستها الخارجية في ذلك بل بذلت جهودا �إعالمية‬ ‫كبيرة وبا�ستخدام كافة الو�سائل الإعالمية من �صحافة‬ ‫وف�ضائيات و�سينما وحمالت �إعالنية وغيرها كي ت�سوّق‬ ‫تفوق �صناعتها وح�ضارتها وتقنياتها الحديثة‪.‬‬ ‫والمتتبع للتاريخ العربي ب�شكل عام والعُماني ب�شكل‬ ‫خا�ص لوجدنا �أن هناك �صور ذهنية تكونت من خالل‬ ‫�سلوكيات اجتماعية �أو ثقافية لأفراد �أو مجتمعات‬ ‫تناقلتها الأجيال والتي يمكن �أن ت�ستثمر اقت�صاديا في‬ ‫الحمالت الت�سويقية للترويج عن ال�سلطنة ‪ ،‬فقد عرف‬ ‫الأحنف بالحلم والنبي �أيوب عليه ال�سالم بال�صبر كما‬ ‫عرف العمانيون منذ ‪� ٦‬آالف عام وحتى اليوم بت�سامحهم‬ ‫وحبهم لثقافة ال�سالم الكثير‪.‬‬ ‫ومن الأمثلة التي عكف على درا�ستها العلماء وقاموا‬ ‫بو�ضع �أطر نظرية لنتائج الدرا�سات في المجاالت‬ ‫االقت�صادية وال�سيا�سية وخرجوا بمجموعة من النتائج‬ ‫من �أبرزها‪� ،‬أن ت�شكيل ال�سمعة تتم بثالث طرق‪� :‬إما �أن‬ ‫تر�سم الم�ؤ�س�سة �صورتها الذهنية بنف�سها وتتولى �إدارتها‪،‬‬ ‫و�إ َمّا �سوف يبنيها المناف�س بديال عنها وعاد ًة ما تكون‬ ‫�صورة �سلبية‪ ،‬و�إما �سوف يت ُّم بنا�ؤها بطريقة ع�شوائية‬ ‫غير منظمة وفي الحالتين الأخيرتين ي�صعب �إدارة‬ ‫ال�صورة من قبل الم�ؤ�س�سة وهنا تكمن الخطورة‪ .‬فقد‬ ‫تو�صل الباحثون �إلى �أ َّن انجذاب الم�ستهلك ل�سلعة معينة‬ ‫�أو قيامه بزيارة �إلى دولة ما يتوقف على �شخ�صية و�صورة‬ ‫الدولة في ذهنه‪.‬‬ ‫ولعل ت�أثير ال�صورة الذهنية التي كونتها الدراما التركية‬ ‫على ال�سياحة العربية في تركيا وما حققته من نمو‬ ‫�سياحي خير نموذج على ذلك‪ .‬فمنذ �أن بد�أت �شركات‬ ‫�إنتاج الدراما التركية عام ‪ ٢٠٠٦‬في ت�سويق منتجاتها‬ ‫في �أكثر من �سبعين دولة �شملت معظم الدول العربية‬ ‫ون�سبة ال�سياح العرب في ازدياد مطرد حتى و�صل �إلى‬ ‫ثالثة ون�صف مليون �سائح عربي خالل عام ‪٢٠١٣‬‬ ‫‪ ،‬هذا بالإ�ضافة �إلى ارتفاع �أ�سعار تذاكر المواقع‬ ‫ال�سياحية خ�صو�صا التي ظهرت في الدراما‪ ،‬وقد‬ ‫ذكر �أحد المنتجين �أنهم كانوا يبيعون �سعر الحلقة‬ ‫الواحدة من م�سل�سل تركي ما بين ثالثمائة �إلى‬ ‫خم�سمائة دوالر وو�صل ال�سعر �إلى �أعلى نقطة في‬ ‫�أحد الم�سل�سالت التاريخية �إلى خم�سة و�سبعين �ألف‬

‫دوالر للحلقة!!‬ ‫وم�ؤخرا وفي م�ؤتمر �صحفي خا�ص بمعر�ض كانتون ذكر‬ ‫المتحدث الر�سمي با�سم المعر�ض �أن ال�صين ترغب في‬ ‫تغيير ال�صورة الذهنية ال�سائدة حول منتجاتها في بلدان‬ ‫العالم ب�أن (منتجاتها �ضعيفة الجودة) لذا فهي ت�سعى‬ ‫لإثبات �أن منتجاتها ذات جودة عالية من خالل هذه‬ ‫الأن�شطة والمعار�ض‪ ،‬ولعل نتذكر �أن الدول التي خرجت‬ ‫من الحرب العالمية الثانية �سعت جاهدة �إلى تكوين �صورة‬ ‫ذهنية �إيجابية عن تفوقها ال�صناعي ك�ألمانيا التي ر�سمت‬ ‫لمنتجاتها �صورة (نخبوية)‪ ،‬و(ذات جودة عالية) في حين‬ ‫ركزت اليابان في بداياتها على �أن (منتجاتها عملية)‪،‬‬ ‫وبكلفة رخي�صة �إال �أنها في ال�سنوات الأخيرة �أ�صبحت‬ ‫تناف�س ال�شركات الأوربية والأمريكية في جودة منتجاتها‬ ‫وتقانتها بعد �أن عملت خالل الثالثين �سنة الأخيرة في‬ ‫تغيير �صورتها الذهنية‪.‬‬ ‫و�أكد علماء االجتماع واالقت�صاد على �أن بناء ال�صورة‬ ‫الذهنية عملية ثقافية م�ستمرة تتطلب ر�ؤية وا�ضحة‬ ‫وذه ًنا ي�ستوعب الم�ستجدات و�إدرا ًكا �سليمًا للقيم الثابتة‬ ‫والقيم المتغيرة في المجتمع ولعل ال�سبب في كتابتي‬ ‫في هذا المو�ضوع هو ت�سليط ال�ضوء على عامل مهم من‬ ‫عوامل نجاح الم�ؤ�س�سات و�أحيانا يكون العامل الأ�سا�س في‬ ‫نموها وا�ستمراريتها فال�صورة الذهنية بمثابة خارطة‬ ‫الطريق‪ ،‬والهدف المن�شود الذي تو�ضع على �أ�سا�سه‬ ‫اال�ستراتيجيات الت�سويقية والإعالمية والثقافية بكل‬ ‫و�ضوح وهي تعد حافزا معنويا غير مبا�شر لموظفي‬ ‫الم�ؤ�س�سات الذين يت�أثر �أدا�ؤهم ب�سمعة م�ؤ�س�ساتهم‪.‬‬ ‫كما �إنها �أ�صبحت ركنا �أ�سا�سيا في جذب الم�ستثمرين‪،‬‬ ‫والم�ستهلكين لأي م�شروع يذكر ‪ ،‬ففي ظل التناف�س‬ ‫االقت�صادي وطموحات الهيمنة االقت�صادية للتكتالت‬ ‫العالمية �أ�صبحت الدول والم�ؤ�س�سات كل على حد �سواء‬ ‫ت�صنع �صور ذهنية لها ول�صناعاتها و�أخرى �سلبية‬ ‫لمناف�سيها من الدول والم�ؤ�س�سات هذه ال�صور لها الت�أثير‬ ‫الكبير على اقت�صاديات الدول �سواء �أكان �سلبا �أو �إيجابًا‪.‬‬ ‫وفي ظل �سعي البالد نحو تنويع م�صادر الدخل وت�شجيع‬ ‫اال�ستثمار ف�إن بناء ال�صور الذهنية بطرق علمية وا�ضحة‬ ‫تدار من قبل دوائر متخ�ص�صة في م�ؤ�س�ساتنا خ�صو�صا‬ ‫الخدمية منها يعد عامال‬ ‫مهما في جذب ر�ؤو�س الأموال المحلية والأجنبية‬ ‫وتنمية القطاعات االقت�صادية لأن تطوير المنظومة‬ ‫االقت�صادية تكون بالتن�سيق مع تنمية القطاعات الأخرى‬ ‫في ا�ستراتيجية واحدة‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.