إصدار رواق العدد ٢

Page 1

‫العدد (‪)٢‬‬

‫إصدارشهري يصدر عن‬ ‫إبريل ‪٢٠١٥‬م‬

‫‪14,121‬‬ ‫الف‬

‫األيام المتبقية لنفاذ النفط في العالم‬ ‫المصدر ‪worldometers‬‬

‫‪4‬‬

‫السلطنة نجحت في التنمية‬ ‫بفضل رؤية صاحب الجاللة‬

‫‪15‬‬

‫استراتيجيات السلطنة في‬ ‫مكافحة األمراض غير المعدية‬

‫‪18‬‬

‫تجارب خليجية في التنوع االقتصادي‬


‫إنطالقة‬

‫‪2‬‬

‫أمسح وشاهد‬ ‫المتعددة ‪،‬في‬ ‫في إطار توظيف الوسائط‬ ‫ّ‬

‫الورقية ‪ ،‬للمزيد من‬ ‫الصحافة‬ ‫ّ‬

‫التفاعل مع‬

‫‪،‬للمرة‬ ‫يدشن "رواق " خدمة جديدة‬ ‫ّ‬ ‫القراء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األولى في السلطنة‪، ،‬مستفيدين‬

‫من‬

‫التطور التكنولوجي‪،‬وجعله في خدمة القاريء‬ ‫ّ‬

‫‪ ،‬فلمشاهدة مقاطع الفيديو الموجودة‬

‫قم بالمسح الضوئي (للباركود) الخاص‬ ‫بـ"رواق" ْ‬ ‫بكل مقطع فيديو‪ ،‬وبإمكان مستخدمي أجهزة‬ ‫ّ‬

‫اللوحية التي‬ ‫الهواتف المحمولة ‪،‬والحواسيب‬ ‫ّ‬ ‫تعمل بنظام االندرويد تحميل برنامج (َ‪QR‬‬

‫‪ ، )Code Reader‬من متجر (‪ ،)Play Store‬كما‬

‫اللوحية‬ ‫يمكن لمستخدمي الهواتف‪ ،‬واألجهزة‬ ‫ّ‬ ‫التي تعمل بنظام (‪ )iOS‬تحميله من موقع‬ ‫(‪.)iTunes‬‬

‫الرئيس التنفيذي‬ ‫د‪ .‬إبراهيم بن أحمد الكندي‬ ‫مديرة مركز الدراسات والبحوث‬ ‫اإلشراف التحريري‬ ‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬ ‫المراجعة التحريرية‬ ‫عبد الرزاق الربيعي‬ ‫ناصر أبو عون‬ ‫التنسيق الفني والمتابعة‬ ‫زبيدة بنت علي البلوشية‬ ‫اإلخراج والتنفيذ‬ ‫طاهر الحراصي‬ ‫محمد بن راشد العيسائي‬ ‫التصوير‬ ‫حمد الرئيسي‬

‫العدد ‪3‬‬

‫كرا�سات ا�سرتاتيجية‬

‫اإ�سدارات مركز الدرا�سات والبحوث‬

‫مع رواق‬

‫مرفت بنت عبد العزيز العرميية‬ ‫مديرة مركز الدراسات والبحوث‬

‫مقرتح خطة وطنية لتمكني‬ ‫املوارد الب�سرية يف �سلطنة ُعمان‬ ‫د‪ .‬اإبراهيم بن اأحمد الكندي‬

‫بحوث خلدمة املجتمع ودعم �سانع القرار‬

‫اإ�سدارات مركز الدرا�سات والبحوث‬

‫يستهدف مرشوع كراسات اسرتاتيجية الذي يرشف‬ ‫عىل إصداره مركز الدراسات والبحوث مبؤسسة عامن‬ ‫للصحافة والنرش واإلعالن فتح نوافذ جديدة للباحثني‬ ‫العامنيني والعرب للمشاركة بدراساتهم وبحوثهم الجادة‬ ‫وذلك ضمن رؤية اسرتاتيجية تتناول التحديات التي‬ ‫تواجه املجتمع العُامين بوجه خاص والخليجي والعريب‬ ‫بوجه عام رشيطة أن تقدم هذه الدراسات حلوال‬ ‫ومعالجات واقعية عىل األصعدة كافة اقتصاديا وبيئيا‬ ‫وصناعيا واألنشطة اإلنسانية عامة بغية خدمة واضع‬ ‫السياسات وصانع القرار لتكون له مرشدا ومعينا يف‬ ‫مواجهة التحديات وخدمة املجتمع‪.‬‬

‫كرا�ســــات‬ ‫ا�سرتاتيجية‬

‫الترجمة‬ ‫أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫إصدار متخصص يصدر عن مركز الدراسات والبحوث‬ ‫ويوزع مع جريدة عمان‬

‫جميع اآلراء الواردة في اإلصدار تعبر عن آراء كاتبيها فقط وال تعبر عن رأي المؤسسة‪.‬‬ ‫يرحب رواق بجميع المشاركات والمساهمات واإلبتكارات العلمية والبحثية التي‬ ‫تقدم حلوال قابلة للتطبيق‪ ،‬ونرجو تواصلكم عبر‪:‬‬

‫هاتف‪/ 24649145 :‬فاكس‪24649143 :‬‬ ‫ايميل‪rawaq.r.s.c@gmail.com :‬‬

‫ُط ِبع بمطابع مؤسسة ُعمان للصحافة والنشر واإلعالن‬


‫خــاص‪:‬‬

‫تقدم خدمات كبرى لألدب العربي‬ ‫كراسي السلطان قابوس ّ‬

‫ا�ست�ضاف مركز الدرا�سات‪ ،‬والبحوث بم�ؤ�س�سة‬ ‫عمان لل�صحافة ‪،‬والن�شر‪ ،‬والإعالن في "رواق‬ ‫الفكر" د‪�.‬سوزان بينكني �ستيتكيفيت�ش‪� ،‬أ�ستاذة كر�سي‬ ‫ال�سلطان قابو�س للدرا�سات العربية والإ�سالمية‪ ،‬في‬ ‫جامعة جورج تاون بوا�شنطن‪ ،‬التي زارت ال�سلطنة‬ ‫�ضمن فعاليات م�ؤتمر (المناهج النقدية الحديثة‪.‬‬ ‫الن�ص ال�شعري‪ :‬قراءات تطبيقية) الذي ّ‬ ‫نظمته‬ ‫جامعة ال�سلطان قابو�س باال�شتراك مع النادي‬ ‫الثقافي‪ ،‬والجمعية العمانية للكتاب والأدباء‪.‬‬ ‫وتم ّثلت الإ�ست�ضافة في جل�سة نقا�شيّة افتتحتها‬ ‫بالحديث عن دور كرا�سي ال�سلطان قابو�س في عمليّة‬ ‫التوا�صل الثقافي‪،‬وخدمة اللغة العربيّة ‪ ،‬و�آدابها ‪،‬‬ ‫في الأماكن المتواجدة فيها بالجامعات العالميّة‬ ‫‪،‬ور�أت �أ ّن هذه الكرا�سي تقدّم خدمات كبرى للأدب‬ ‫العربي ‪،‬وقد تلمّ�ست هذا من خالل اقبال الدار�سين‬ ‫عليها من مختلف دول العالم‪ ،‬وتط ّرقت في حديثها‬ ‫�إلى العديد من ق�ضايا ال�شعر العربي القديم ‪٬‬‬ ‫واال�ست�شراق ‪،‬ودور الم�ست�شرقين في خدمة الأدب‬ ‫العربي ‪ ،‬وتحدّثت عن النظريات والمناهج النقدية‬ ‫‪ ،‬وتداخل الفنون ‪،‬وجهودها في �إثبات مكانة ال�شعر‬ ‫العربي القديم بين الأ�شعار العالمية الكبرى ‪،‬م�ؤ ّكدة‬ ‫على دعوتها �إلى �إعادة تقييم الق�صيدة العربية‬ ‫القديمة بطريقة مقنعة لكل من القارئ العربي‬ ‫والغربي ‪ ،‬وما طرحته في م�ؤلفاتها من �إن "وعي‬ ‫�أبي تمّام‪ ...‬هو الذي م ّكنه من الإحاطة بعنا�صر‬ ‫ِ�شعريّة و�أفكار جديدة‪ ،‬فاتت الن ّقاد العرب في‬ ‫رواق الفكر‬

‫‪3‬‬

‫‪،‬والإعالميّة لمي�س الكعبي و�آخرون �آراء ناق�شتها‬ ‫الدكتورة (�سوزان بينكني �ستيتكيفيت�ش) في كتبها‬ ‫«ال�شعر ِّ‬ ‫التي �أهمها ِّ‬ ‫ّا�سي»‪،‬‬ ‫وال�شعريّة في الع�صر العب ّ‬ ‫وهو �أطروحة الدكتوراه للباحثة‪ ،‬التي نالت درجتها‬ ‫من ق�سم لغات ال�شرق الأدنى وح�ضارته في جامعة‬ ‫�شيكاغو‪( ،‬مار�س‪ ،)1981 ،‬ب�إ�شراف بيير كاكيا‬ ‫(جامعة كولومبيا)‪.‬‬

‫ال�سكوني‬ ‫الع�صور الو�سطى‪ ،‬مثل الآمدي‪ ،‬بمفهومهم‬ ‫ّ‬ ‫والمحدود عن ِّ‬ ‫العربي‪ ...‬وهذا‪ ،‬بالتالي‪،‬‬ ‫ال�شعر‬ ‫ّ‬ ‫إ�سالمي‬ ‫العربي‪ -‬ال‬ ‫�سَ مَح ب�إعادة ا�ستيعاب التقليد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫�شرقي قديم‪ ،‬بحيث يمكن للمفهوم‬ ‫في تقليد‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫العبا�سي عن الخالفة والأمّة‪ ،‬على �سبيل المثال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫عريّ‬ ‫من المنظور ال�ش على الأقل‪� ،‬أن يتجاوز القيا�س‬ ‫على ال�شيخ والقبيلة في الجاهليّة �إلى القيا�س على‬ ‫مبادئ ال َملَ ِكيّة الكهنوتيّة في بالد ما بين النهرين‬ ‫ولم�شاهدة تفا�صيل الحوار‪ ،‬حول �أهمية كرا�سي جاللة‬ ‫القديمة‪ ".‬و�شملت النقا�شات التي �شارك فيها‬ ‫ال�سلطان ‪،‬يمكنكم ذلك من خالل م�سح الباركود �أعاله‪.‬‬ ‫ال�شاعر �شوقي عبدالأمير والدكتور �صالح الفهدي‬

‫يستقبل طلبة قسم اإلعالم بكلية العلوم التطبيقية بنزوى‬

‫خــاص‪:‬‬

‫في زيارة لطالبات ق�سم الإعالم بكليّة العلوم‬ ‫التطبيقيّة بنزوى‪ ،‬لم�ؤ�س�سة عمان ل�صحافة والن�شر‬ ‫واالعالن‪ ،‬قدم مركز الدرا�سات والبحوث‪ ،‬محا�ضرة‬ ‫بـ"رواق الفكر" حول �أهميّة و�سائل الإعالم في الحفاظ‬ ‫على الهويّة الوطنيّة‪ ،‬وقدم المحا�ضرة الباحثان نا�صر �أبو‬ ‫عون‪ ،‬وعبد الر ّزاق الربيعي‪ ،‬وبح�ضور عدد من موظفي‬ ‫الم�ؤ�س�سة‪.‬‬ ‫تم التطرق في المحا�ضرة �إلى �أه ّم الإ�شكاليات التي تعاني‬ ‫منها ال�صحافة العربية ب�شكل عام‪ ،‬والمحلية ب�شكل خا�ص‪،‬‬ ‫في المرحلة الراهنة‪ ،‬في ظل انت�شار و�سائل التوا�صل‬ ‫الإجتماعي‪ ،‬وظهور ما ي�سمى بـ"المواطن ال�صحفي" وهو‬ ‫ما جعل ال�صحافة الخبريّة تتراجع ل�صالح �صحافة الر�أي‬ ‫التي ترتكز على فنون التحليل‪ ،‬واال�ستطالع‪ ،‬والتحقيق‪،‬‬ ‫والمقال والتقرير‪ ،‬وتحليل ما وراء الخبر‪ ،‬و�صحافة‬ ‫والن�ص الفائق‪ ،‬مناق�شين �ضرورة و�ضع مواثيق‬ ‫الفيديو ّ‬ ‫�شرف �إعالميّة‪ ،‬تحكم عملية نقل المعلومات‪ ،‬والتحرير‬

‫أخبار‬

‫د‪ .‬سوزان‬

‫ال�صحفي بالإ�ضافة �إلى تطوير وتحديث قوانين الن�شر‬ ‫والمطبوعات‪.‬‬ ‫و�أكد الباحثان على �ضرورة مالم�سة ال�صحافة المحليّة‬ ‫لق�ضايا الواقع العماني‪ ،‬وتناوال دور ال�صحافة المحليّة‬ ‫في نقل التراث‪ ،‬والتم�سك بالعادات والتقاليد‪ ،‬وو�ضع‬ ‫حلول لم�شكالت المجتمع من خالل طرح العديد من‬

‫التجارب الإعالميّة والتحديات التي تواجهها ‪،‬ث ّم ُف ِتح باب‬ ‫النقا�ش الذي �أثرى المحا�ضرة بالعديد من المالحظات‪،‬‬ ‫والت�سا�ؤالت والمداخالت التي قدمتها طالبات الكلية‬ ‫التقنية بنزوى‪.‬‬ ‫في ختام الزيارة قامت الطالبات بجولة تعريفية بالدوائر‬ ‫والأق�سام ‪ ،‬و التعرف على �آلية �سير العمل في الم�ؤ�س�سة ‪.‬‬


‫أخبار‬

‫السفير البريطاني في "رواق الفكر"‪:‬‬ ‫خــاص‪:‬‬

‫‪4‬‬

‫السلطنة نجحت في التنمية بفضل رؤية صاحب الجاللة‬

‫�أ�شاد �سعادة جوناثان ويلك�س �سفير المملكة المتحدة‬ ‫في ال�سلطنة بدبلوما�سية ال�سلطنة التي تقرب الم�سافات‬ ‫بين الدول و�أكد �إنه يحب ال�سلطنة كغيره من ال�سائحين‬ ‫البريطانيين‪ ،‬وال بد �أن نبني على هذه العالقات الحميمة‬ ‫ج�سورا للترابط‪.‬‬ ‫جاء ذلك في لقاء �إعالمي بـ "رواق الفكر " بم�ؤ�س�سة عمان‬ ‫لل�صحافة‪ ،‬والن�شر‪ ،‬والإعالن‪ ،‬تحت رعاية �صاحب ال�سمو‬ ‫ال�سيد محمد بن �سالم �آل �سعيد رئي�س دائرة المرا�سم‬ ‫بوزارة الخارجية‪ ،‬تناول العالقات العمانية البريطانية‪،‬‬ ‫و�أداره الإعالمي مو�سى الفرعي رئي�س تحرير"�أثير"‬ ‫االلكترونيّة التي ّنظمت اللقاء‪ ،‬و�أ�شاد �سعادته بتقدم‬ ‫ال�سلطنة بف�ضل ر�ؤية �صاحب الجاللة ال�سلطان قابو�س‬ ‫بن �سعيد المعظم – حفظه اهلل ورعاه‪ -‬ونجاحها في‬ ‫التنمية‪ ،‬وقال �أن بريطانيا �شريكة لعمان في كافة‬ ‫المجاالت بما فيها المجال االقت�صادي مبديا الرغبة‬ ‫في م�ساعدة ال�سلطنة للعب دور كدولة رائدة للتعاون‬ ‫واال�ستثمارات‪ ،‬وم�ساعدة ال�سلطنة في المرحلة المقبلة‬ ‫لبناء الم�ؤ�س�سات والعالقات ال�شخ�صية مع الجيل‬ ‫الجديد‪ ،‬وفتح مجاالت �أرحب للتعليم والزيارات والتعلم‬ ‫بالإنترنت �إ�ضافة �إلى تدري�س اللغة الإنجليزية‪ ،‬حاثا‬ ‫ال�سلطنة على المبادرة في ا�ستقطاب الأجانب وجذبهم‬ ‫لتعلم اللغة العربية والدين الإ�سالمي في ظل التوتر‬ ‫ال�سائد الذي ت�شهده مناطق كانت تعتبر مركزا لتعليم‬ ‫اللغة العربية للغرب‪ .‬وقال "�إ ّن لمن دواعي �سروري �أن‬ ‫�أكون معكم اليوم لالحتفال بمنا�سبة عودة ح�ضرة �صاحب‬ ‫الجاللة ال�سلطان قابو�س �إلى ال�سلطنة والحديث معكم‬ ‫عن العالقات العمانية البريطانية المتميزة"‬ ‫م�ضيفا " لقد احتفلت ال�سفارة البريطانية بم�سقط‬ ‫بعودة ح�ضرة �صاحب الجاللة ال�سلطان قابو�س �إلى‬ ‫ال�سلطنة حيث عبّر �أع�ضاء ال�سفارة عن فرحتهم بالعودة‬

‫تواصل‬

‫الميمونة لجاللة ال�سلطان‪ ،‬كما �أر�سل �صاحب ال�سمو‬ ‫الملكي الأمير ت�شارلز �أمير ويلز ودولة ديفيد كاميرون‬ ‫رئي�س وزارة المملكة المتحدة برقيتي تهنئة �إلى جاللته‬ ‫�أعربا فيها عن �أزكى تهانيهما و�أ�صدق تمنياتهما لجاللته‬ ‫بموفور ال�صحة والعافية والعمر المديد ولل�سلطنة‬ ‫وال�شعب العماني ك ّل التقدم والرفعة والرخاء في ظ ّل‬ ‫قيادة جاللته الحكيمة"‬

‫‪10,000‬‬

‫أالف عماني‬ ‫يزورون بريطانيا كل عام‬

‫م�شيرا ب�أن ع�شرة �آالف عماني يزورن بريطانيا كل �سنة‪،‬‬ ‫و�أكثر من ‪ 99‬بالمائة يدخلونها من غير ت�أ�شيرات‪ ،‬ونفى‬ ‫وجود �صمت دولي �إزاء الأزمات بالمنطقة مو�ضحا وجود‬

‫‪@SRCOman‬‬

‫تحرك دبلوما�سي‪ ،‬و�أنه �شخ�صيا عمل مع زمالء من دول‬ ‫عربية و�أجنبية مختلفة‪ ،‬و�أنه خالل تلك الأزمات تم‬ ‫�إ�صدار �إعالنات �أ�سبوعية عن كل �أزمات المنطقة‪ ،‬كما‬ ‫نوه �أن بريطانيا تعاني من �أزمات كثيرة �أهمها الأزمة‬ ‫االقت�صادية وكنا نخ�شى من م�شاكل �أمنية في البالد‪،‬‬ ‫ولكن تجنبناها‪� ،‬إال �أن �سيا�سة التق�شف �أدت �إلى توترات‬ ‫داخلية‪ ،‬عالوة على الأزمة مع رو�سيا التي تهدد �أوروبا‬ ‫كلها‪ ،‬وعلى كل الدول التركيز بال�ش�ؤون المجاورة �أوال ثم‬ ‫التوجه �إلى �ش�ؤون الدول الأخرى‪.‬‬ ‫ثم ناق�ش الموقف البريطاني في التعامل مع الأزمات في‬ ‫المنطقة‪ ،‬بدءا باليمن وحاجتها �إلى حل �سيا�سي وكيفية‬ ‫�إنقاذ اقت�صادها‪ ،‬مبينا �أن بريطانيا لم تتدخل ع�سكريا‬ ‫ولكنها تدعم دول الخليج‪ ،‬وتحترم دبلوما�سية ال�سلطنة‬ ‫التي تقرب الم�سافات بين الدول‪ ،‬ولكن من الأهمية‬ ‫البقاء على ارتباط‪ ،‬وقوة العالقة الخليجية لإعادة‬ ‫اليمن �إلى طاولة المفاو�ضات‪ ،‬م�شددا على �ضرورة احترام‬ ‫�شرعية الرئي�س كجزء من الحل ال�سيا�سي‪.‬‬

‫‪SRC Oman‬‬

‫ما هي فر�ص توظيف مواقع التوا�صل الإجتماعي في التعليم‬ ‫الإلكتروني ؟‏‬

‫‪SRC Oman‬‬ ‫‪@SRCOman‬‬


‫مقال‬

‫زبيدة البلوشية‬

‫‪5‬‬

‫‪Zeezo.omn@gmail.com‬‬

‫لقد كثر ا�ستخدام مفهوم التنمية الم�ستدامة‬ ‫في الوقت الحا�ضر‪� ،‬إذ يعتبر �إحدى الو�سائل المهمة‬ ‫لالرتقاء بالمجتمعات الب�شرية وتطورها‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل �إحداث تغيرات جذرية‪ ،‬ونقلة نوعية في حياة‬ ‫الإن�سان‪ ،‬و�إيجاد كافة العوامل‪ ،‬والأدوات التي تهدف �إلى‬ ‫تطوير ‪ ،‬وتح�سين ظروف معي�شته‪ ،‬ليعي�ش حياة مرفهة‬ ‫م�ستقرة‪ ،‬ولكن عندما توفر التنمية متطلبات الحا�ضر‪،‬‬ ‫وت�شكل م�ساراً محفوفا بالمخاطر على الم�ستقبل!‪ ..‬هنا‬ ‫يجب الت�صدي‪ ،‬والعمل على اال�ستفادة من �إيجابيات‬ ‫التنمية‪ ،‬والتهي�ؤ المبكر لدرء �سلبياتها‪.‬‬ ‫فالتنمية الم�ستدامة هي تلك التنمية التي تلبي حاجات‬ ‫الحا�ضر‪ ،‬دون الإخالل باالتزان الطبيعي للبيئة‪ ،‬مع‬ ‫�ضمان ح ّق الأجيال القادمة في التمتع بحقها من الموارد‬ ‫البيئة الطبيعية النظيفة والالزمة ال�ستمرار النمو‪،‬‬ ‫ولكن ما يحدث في وقتنا الحالي هو العك�س تماما‪ ،‬فلم‬ ‫تعد التنمية م�ستدامة‪ ،‬بل �أ�صبحت من �أكثر الو�سائل‬ ‫التي �ساهمت ب�شكل كبير في ا�ستنفاذ‪ ،‬وا�ستنزاف موارد‬ ‫البيئة الطبيعية‪ ،‬و�إيقاع ال�ضرر بها‪ ،‬و�إحداث التلوث‪� ،‬إذ‬ ‫ارتبط نمط الحياة اال�ستهالكي المنبثق عن التنمية‪،‬‬ ‫ب�أزمات بيئية خطيرة مثل فقدان التنوع البيئي‪ ،‬وتقل�ص‬ ‫الم�ساحات الخ�ضراء بعد �أن ح ّلت مح ّلها المباني‪،‬‬ ‫والم�شاريع‪ ،‬والم�صانع‪ ،‬التي �أ�سهمت في �إحداث تلوث‬ ‫كبير في مخزون المياه ال�سطحية والجوفية‪ ،‬وتلوث‬ ‫الهواء‪ ،‬وارتفاع درجة حرارة الأر�ض‪ ،‬وا�ستنفاذ الموارد‬ ‫غير المتجددة‪.‬‬ ‫فاالهتمام البالغ بالتنمية‪ ،‬والتطور‪ ،‬والتكنولوجيا‪،‬‬ ‫والعولمة‪ ،‬جعلت من البيئة ال�ضحية‪� ،‬إذ تم ا�ستنزاف‬ ‫مواردها ب�شكل ع�شوائي متخبط‪ ،‬وغير عقالني‪ ،‬دون‬ ‫التوفيق بين التنمية االقت�صادية‪ ،‬والمحافظة على‬ ‫البيئة‪ ،‬ودون االكتراث �إذا كانت هذه الموارد متجددة �أم‬ ‫ال؟‪ ،‬ف�أ�صبحت التنمية تنمية اقت�صادية‪ ،‬ولي�ست تنمية‬ ‫بيئية‪ ،‬وهذا ال�سيناريو له عواقب وخيمة على البيئة‪،‬‬ ‫و�صحة االن�سان‪ ،‬و�سي�ؤثر في النهاية ب�شكل �سلبي على‬ ‫االقت�صاد‪ ،‬وهذا ما يحدث الآن في معظم دول العالم‪،‬‬ ‫وخ�صو�صا ال�صناعية منها‪ ،‬حيث تتكبد خ�سائراً فادحة‪،‬‬ ‫واموا ًال طائلة لحل هذه الم�شاكل‪.‬‬ ‫و�سلطنة عمان كغيرها من الدول التي ت�سعى �إلى �أن‬ ‫تعجِّ ل بنه�ضتها الحديثة‪ ،‬م�ستفيدة من تجارب الدول‬ ‫المتقدمة �صناعيا‪ ،‬وا�ضعة ن�صب عينيها الم�شاكل‬ ‫التي تمر بها هذه الدول ‪،‬باعتبارها �ضريبة التطور‬ ‫االقت�صادي وال�صناعي‪ ،‬والممار�سات الب�شرية الخاطئة‪،‬‬ ‫لذا ت�ضافرت جهود الحكومة بف�ضل الر�ؤية ال�سديدة‬ ‫لجاللته المفدى‪ ،‬وتوجيهاته ال�سامية‪ ،‬فتم و�ضع‬

‫تنمية بيئية ‪ ..‬إقتصادية‬

‫ال�سيناريوهات الم�ستقبلية‪ ،‬والخطط الالزمة لمعالجة‬ ‫ق�ضايا البيئة المتوقعة قبل حدوثها ب�شكل مثمر وبناء‪،‬‬ ‫وتم بذلك �إن�شاء وزارة البيئة لتكون �أول وزارة على‬ ‫م�ستوى الدول العربية في مجال البيئة‪� ،‬إيمانا ب�أهمية‬ ‫حماية البيئة العمانية‪ ،‬و�صون ومواردها الطبيعة تحقيقا‬ ‫لمبد�أ اال�ستدامة‪.‬‬ ‫كما �إن جائزة ال�سلطان قابو�س لحماية البيئة‪ ،‬جاءت‬ ‫في وقت ا�شتدت فيه الحاجة �إلى �صوت الحكمة‪ ،‬والعقل‬ ‫من �صاحب الجاللة ‪ -‬حفظه اهلل‪ -‬في التعامل مع‬ ‫معطيات البيئة‪ ،‬ومواردها التي اختل توازنها الطبيعي‬ ‫ب�شكل يهدد بحدوث كارثة عالمية‪ ،‬وقد لقيت الجائزة‬ ‫ترحيباً وا�سعاً على الم�ستويين الإقليمي والدولي‪ ،‬وفي‬ ‫مقدمة المرحبين بها منظمة اليون�سكو التي رعتها منذ‬ ‫ميالدها‪ ،‬وتوافقت �أهدافها مع غاية الجائزة كحافز‬ ‫ي�شجع الإ�سهامات البارزة‪ ،‬والجهود المخل�صة للأفراد‪،‬‬ ‫والجماعات‪ ،‬والهيئات‪ ،‬والمنظمات المعنية ب�ش�ؤون البيئة‬ ‫وق�ضاياها‪ ،‬وجاءت الجائزة اي�ضا بمثابة دعوة‪ ،‬وحافزاً‬ ‫لكل الجهود والطاقات العمانية المخل�صة لبذل المزيد‬ ‫من العمل الجاد‪ ،‬والعطاء المخل�ص للحفاظ على ما‬ ‫حققته م�سيرة العمل البيئي في ال�سلطنة من نجاح‪.‬‬

‫‪2007‬م‬ ‫عمان تحصد جائزة‬ ‫السالم البيئية‬

‫ونتيجة هذا االهتمام البيئي‪ ،‬ح�صلت ال�سلطنة على �شهادة‬ ‫عالمية‪ ،‬حيث �صنفها برنامج االمم المتحدة للبيئة من‬ ‫بين �أكثر ع�شر دول على م�ستوى العالم اهتماما بالبيئة‪،‬‬ ‫وبذلك �شهد العالم ب�أ�سره لمواقف ال�سلطنة الم�شهودة‬ ‫في خدمة ق�ضايا البيئة والتنمية‪ ،‬وهذا ما تعتبره‬ ‫ال�سلطنة م�ؤ�شرا �إيجابيا على �سالمة النهج الذي تنتهجه‬ ‫في مجال حماية و�صون البيئة‪ ،‬والذي يرتكز ب�شكل‬ ‫�أ�سا�سي على مبد�أ تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية‬ ‫ال�شاملة‪ ،‬و�صون الموارد الطبيعية‪ ،‬لكونها ركناً �أ�سا�سياً‬ ‫من �أركان التنمية‪ ،‬وباعتبارها ملكاً لكل الأجيال‪.‬‬ ‫كما كانت ال�سلطنة من �أوائل الدول العربية التي �صادقت‬ ‫على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ‪ ،‬وهي الدولة‬ ‫الوحيدة في منطقة الخليج المن�ضمة �إلى اتفاقية‬

‫ماربول‪ ،‬وت�سعى من خالل ع�ضويتها بالمنظمة االقليمية‬ ‫لحماية البيئة البحرية‪ ،‬وغيرها من االتفاقيات البحرية‬ ‫الدولية‪ ،‬واالقليمية الى تطبيق اجراءات وقائية‬ ‫واحترازية لتجنب تدهور البيئة البحرية‪ ،‬وتح�سين‬ ‫الم�ستوى المعي�شي ل�سكان المناطق ال�ساحلية‪ ،‬وبخا�صة‬ ‫�أن البيئة البحرية الخليجية تمثل �أهمية ا�ستراتيجية‬ ‫كونها من �أكثر طرق التجارة العالمية وبخا�صة تجارة‬ ‫النفط ازدحاما‪ ،‬وتعر�ضا للكثير من حوادث التلوث‬ ‫ف�ضال عن الثروات ال�سمكية التي ت�ضمها والتي تمثل‬ ‫م�صدر ك�سب لقطاع عري�ض من �سكان ال�شريط ال�ساحلي‬ ‫الذين يمتهنون مهنة �صيد الأ�سماك‪.‬‬ ‫وت�ضافرت جهود ال�سلطنة عاما بعد عام في المحافظة‬ ‫على البيئة كونها �شريكا �أ�سا�سيا في عملية التنمية‪،‬‬ ‫�إذ �أعلنت ‪2001‬م عاما للبيئة‪ ،‬وتثمينا لهذه الجهود‪،‬‬ ‫والمواقف الم�شهودة في خدمة ق�ضايا ال�سالم والبيئة‬ ‫والتنمية تم منحها جائزة ال�سالم البيئية لعام ‪2007‬م‪،‬‬ ‫من مركز التعاون الأوربي العربي‪ ،‬كما اتخذت ال�سلطنة‬ ‫خطوات هامة باتجاه خ�صخ�صة قطاع �إدارة النفايات‪،‬‬ ‫والتي تعتبر من الم�شاكل البيئية التي تعاني منها بع�ض‬ ‫الدول‪ ،‬ف�سعت الحكومة جاهدة نحو تطبيق �أف�ضل‬ ‫التكنولوجيات المتاحة لمعالجة وتدوير النفايات‪،‬‬ ‫لتح�سين ورفع م�ستوى الخدمات الحالية‪ ،‬ف�أن�شـ�أت‬ ‫في بع�ض الواليات مرافق مالئمة لإدارة النفايات‪� ،‬إذ‬ ‫يتم فح�ص النفايات قبل طمرها‪ ،‬وف�صل المواد مثل‬ ‫نفايات البناء‪ ،‬والهدم‪ ،‬والنفايات الخ�ضراء‪ ،‬والإطارات‬ ‫الم�ستعملة التي يمكن تقطيعها و�إدخالها في مرافق‬ ‫المعالجة بدال من التخل�ص منها في المرادم الهند�سية‬ ‫‪ ،‬والتي تم ان�ش�أها حديثا لطمر النفايات المتبقية‬ ‫بعد عملية الف�صل‪ ،‬وبلغ عدد مواقع الطمر الحديثة‬ ‫والم�سجلة في �سلطنة عمان حوالي ‪ 348‬مطمر‪.‬‬ ‫كما �إن ال�سلطنة هي الدولة العربية الوحيدة من بين‬ ‫‪ 13‬دولة على م�ستوى العالم ا�ستطاعت تحقيق ما ي�شبه‬ ‫المعجزة االقت�صادية في فترة ما بعد الحرب العالمية‬ ‫الثانية حتى الآن‪ ،‬ح�سب ما �أوردته اللجنة المعنية بالنمو‪،‬‬ ‫والتنمية‪ ،‬وهي هيئة م�ستقلة تتلقى الم�ساندة والدعم من‬ ‫قبل ا�ستراليا‪ ،‬وال�سويد‪ ،‬وهولندا‪ ،‬والمملكة المتحدة‪،‬‬ ‫وم�ؤ�س�سة ويليام‪ ،‬تقريرها النهائي بعنوان "تقرير عن‬ ‫النمو‪� :‬إ�ستراتيجيات النمو المطرد والتنمية التي ال‬ ‫ت�ستثني �أحداً" لعام ‪2008‬م‪ .‬وبذلك ت�ؤكد ال�سلطنة �أن‬ ‫التنمية يجب �أن ال تكون عامال �سلبيا ي�ؤدي الى االخالل‬ ‫بالتوازن البيئي‪ ،‬بل انهما عامالن مكمالن لبع�ضهما‬ ‫البع�ض من �أجل ازدهار المجتمع وتطوره‪.‬‬


‫حوار‬

‫الشاعر البريطاني عدنان الصائغ‬

‫التكنولوجيا مجرد وسيط وجوهر اإلبداع ينطلق من عالم الروح والوجدان‬

‫حاوره ناصر أبو عون‬

‫‪6‬‬

‫عدنان الصائغ شاعر بريطاني من أصل عراقي ‪ ..‬رمز لإلبداع المنبثق من رحم‬

‫المعاناة‪ ..‬شتلة ورد تشق رمل الصحارى الزجاجي وتتبرعم على أسياخ الحديد تقاوم‬

‫شح الماء في عروقها‪ ..‬قصيدته تؤرخ الوطن مكتوبا‬ ‫قسوة الطبيعة وترش العطر رغم‬ ‫ِّ‬ ‫على أكف األطفال و مذبوحا على أبواب العتبات المقدسة بسيوف كائنات غريبة‬ ‫وغرائبية وتميمةً معلّ قةً على صدور الصبايا ومصلوبا على جسور الرافدين‪ ..‬عدنان الصائغ‬

‫ال يعيش الشعر كحالة إبداعية؛ بل يعيشه الشعر إنسانً ا يترجل في طرقات المنافي باحثا‬ ‫أسرةٍ ورقيةٍ يرتمي في أحضانها‪ ..‬الصائغ يعيش للقصيدة والقصيدة تعيش غربته‬ ‫عن‬ ‫َّ‬

‫ساق واحدة في بالد الضباب يحاصره الغياب قسرا ولكنه يأبى‬ ‫واغترابه الذي يسير على‬ ‫ٍ‬

‫ضيفا‪ ..‬عدنان الصائغ يعيش الحياة وفق نمط بساطة‬ ‫ً‬ ‫حل الشعر‬ ‫إال أن يكون حاضرا أينما ّ‬

‫قصيدته وعاشق للتجريب في دروب الحداثة دون أن يخلع عن جسده عباءة التراث يحاول‬ ‫إداما تتغذى من صفائها‪ ،‬وعاشق للمعنى‬ ‫إطعام القصيدة من قلبه ويقدم لها روحه‬ ‫ً‬ ‫يفتل منه حباال وجدائل وأسالكا ال مرئية تربطه بتراب العراق فعندما يشدو في لندن‬ ‫قبرات البصرة ويعزف الكروان إنشودة األمل على‬ ‫تغرد عصافير الكوفة‪ ،‬وتشقشق َّ‬

‫ضفاف الفرات‪ ..‬التقيناه في مسقط وفي زيارته السريعة لمركز الدراسات والبحوث‬

‫برفقة زوجته ودار بيننا هذا الحوار‪.‬‬

‫كيف ترى تأثير تكنولوجيا االتصال على اإلبداع‬ ‫وبخاصةٍ ديوان العرب وفن العربية األول‬ ‫المتمثل في الشعر؟ هل أثرت في بنيته‬ ‫الشكلية واإليقاعية أم إن تكنولوجيا االتصال‬ ‫مجرد وسيلة قامت بعملية بإدخال تقنيات‬ ‫جديدة في النشر وسارعت من عملية تداول‬ ‫النصوص اإلبداعية مما أصبح يهدد عرش صناعة‬

‫المضيئة) هل تكتنفك رغبة في تغيير بنية‬ ‫القصيدة العربية؟ إم إنها محاولة وإصرار على‬ ‫إضافة خطوط إبداعية على جسد القصيدة‬ ‫أو بتعبير مناف الموسوي في كتابه [غواية‬ ‫التجريب ( دراسة في التجريب الشعري عند جيل‬ ‫السبعينيات في العراق] رغبة حقيقية لتفكيك‬ ‫الجماليات السائدة في النصوص وإعادة‬

‫التكنولوجيا في النهاية مجرد و�سيط‪ .‬ولكن‬ ‫جوهر الإبداع ينطلق من عالم الروح والوجدان‪..‬‬ ‫وال�شعر خلطة �سحرية عجيبة يمكن �أن ت�ستفيد‬ ‫من التكنولوجيا �إلى �أق�صى مدى وقد يت�أثر ال�شكل‬ ‫ال�شعري وتتعدد �صوره لكن الم�ضمون في النهاية‬ ‫يبقى مقدودًا من روح ال�شاعر وفكره الخالق‬ ‫ُ‬ ‫ت�ساءلت في �شهادة لي‬ ‫الذي ال يتوقف‪ ..‬و�سابقا‬ ‫بمنا�سبة االحتفال باليوم العالمي لل�شعر!! (�أيهما‬ ‫�أكثر قرباً من وظيفة الفن والأدب من كل ما مر‬ ‫بك وما لم يمر؟‪ ..‬و�أيهما �أكثر تو�صيفاً وتحديداً‬ ‫لمهمة الفنان والأديب في هذا الع�صر الملتهب‪،‬‬ ‫وفي كل ع�صوره ال�سابقة‪ .‬تلك المهمة التي هي‬ ‫باخت�صار ـ كل هذا الح�شد من الوظائف والتو�صيفات‬ ‫وغيرهما الكثير‪ ،‬الكثير‪ .‬فالفن يجمع في داخله‬ ‫كل الأ�ضداد والوظائف وحركات الأكوان والتاريخ‬ ‫والمعارف وال�سير والثورات والجمال والإبهار والحق‬ ‫واالن�سانية والتمرد والهدم والبناء والحلم والهذيان‬ ‫والخ… مما يجعل كل نقا�ش حول تو�صيفه ووظيفته‬ ‫�صحيحاً من جهة‪ ،‬لكنه من جهة �أخرى �ضرباً من‬ ‫ال�سف�سطة التي ال تنتهي ما دام الفن م�ستمراً‬ ‫ومتغيراً ومتجدداً با�ستمرار حركة الحياة وتجددها‬ ‫وتناق�ضاتها وزحامها‪.‬‬

‫ُ‬ ‫كتبت في �شهادتي �إنني ل�ست �ضد التجريب �أبداً‪ ،‬بل‬ ‫العك�س تماماً‪ ،‬فهو خي ٌر من الثبات والتكل�س �ألف مرة‪،‬‬ ‫لكن تحول الن�ص �إلى مجرد لعبة م�سلية بالكلمات‬ ‫المتقاطعة يفرغ ُه من حياته ودوره وجمالياته‪.‬‬ ‫غير �أن ال�س�ؤال الأزلي يبقى حاداً وملحاحاً‪ :‬ما هو‬ ‫البديل‪ ،‬و�سط هذه الفو�ضى ال�شعرية التي تع ّج بها‬ ‫مكتباتنا و�صحفنا ومهرجاناتنا كل يوم؟ و�أين هو‬ ‫ال�شعر الحقيقي؟ تحت هذا الركام الكونكريتي من‬ ‫الق�صائد‪ ،‬الذي �أخذ يغطي على كل �شيء ب�أطنان‬ ‫من الكالم الفارغ دون �أن نتلم�س منه �شيئاً‪� .‬أين روح‬ ‫ال�شعر الخالقة؟ تلك التي �أ�ضاءت العالم لع�صور‬ ‫طويلة منذ هوميرو�س المغني الأعمى الذي كان‬ ‫يرى �أن (ال�شعر �إعادة ل�صياغة العالم)‪ ،‬وحتى ع�صرنا‬ ‫هذا‪� ،‬إذ ب�إمكاننا الآن �أن نقر�أ الأدب لنل َّم بما جرى من‬ ‫�أحداث على �سطح كوكبنا الورقي منذ بدء الب�شرية‬ ‫واترك االنعكا�س والواقع والوقائع‬ ‫حتى يومنا هذا‪ِ .‬‬ ‫وتلم�س بروحك‬ ‫التي هي من �شغل الم�ؤرخ‪ ،‬لكن تعال‬ ‫ْ‬ ‫وعينيك رع�شات روح الب�شرية واختالجات نب�ضها‬ ‫ال�ضاج بالحياة‪ ،‬والموت ‪،‬وال�صراخ ‪،‬والحب والأمل‪،‬‬ ‫والرماد‪ ،‬فيما نقر�أُ من ن�صو�ص خالدة‪ ،‬لم تفرط‬ ‫بجمالياتها وحداثتها على مر الع�صور‪ ،‬بل هي �أكثر‬ ‫حداث ًة ـ رغم تقادم القرون ـ من بع�ض ن�صو�صنا‬ ‫المعا�صرة‪.‬‬

‫النشر الورقي؟‬

‫كثير من النقاد يشيدون بقدرتك الفذة على‬ ‫خوض غمار التجريب في البنية الشعرية‬ ‫واستخدام تقنية (التناص)‪ ،‬واإلبداع في فن‬ ‫(المطوالت الشعرية) وقصيدة (الفالشات‬

‫تشكيلها على وفق نظرة جمالية مخلفة؟‬

‫الكثير من الدراسات النقدية تنطلق في‬ ‫دراستها للشعر العربي من تصورات نظرية‬ ‫قبلية وتتصل بمقاييس خارج نصية وتحاول‬

‫تقييم اإلبداع الشعري من خاللها‪ ..‬هل تعتقد‬ ‫بأن النقد والنقاد يظلمون الشعر وقاسطون‬

‫بحق الشاعر؟‬

‫�إنني �آمل �أن يلتفت النقاد ‪ -‬وهم يطبقون نظرياتهم‬ ‫النقدية التراثية على ن�صو�صنا ‪� -‬إلى درا�سة‬ ‫الظرفين‪ :‬الزماني والمكاني‪ ،‬اال�ستثنائيين اللذين‬ ‫ع�شناهما‪ ،‬و�أن يتناولوا ق�صائدنا ال�ساخنة‪ ،‬المرة‪،‬‬ ‫بو�سائل ومناهج �ساخنة �أي�ضاً‪ ،‬ولي�ست معدة �سلفاً‪،‬‬ ‫فلي�س من المعقول تطبيق منهج ما على (�أن�شودة‬ ‫مطر) ال�سياب �أو (كوليرا) نازك المالئكة ثم قيام‬ ‫الناقد با�ستخدام المنهج ذاته والأدوات ذاتها على‬ ‫(عواءات) ن�صيف النا�صري �أو �أر�ض با�سم المرعبي‬ ‫الم ّرة‪� ،‬أو هذيانات عدنان ال�صائغ‪� ،‬أو حداد عبد‬ ‫الرزاق الربيعي على ما تبقى‪� ،‬أو مزامير دنيا‬ ‫ميخائيل في الغياب‪� ،‬أو ارتكابات محمد مظلوم‬ ‫في مرايا ال�شبهات‪ ...‬لقد خلقت الحرب العالمية‬ ‫الأولى �أعظم حركات التغيير ‪،‬واالنقالب ال�شعري‬ ‫في العالم بوالدة المدر�سة الدادائية ومن ثم‬ ‫ال�سريالية ‪،‬وبالتالي خلقت �أو �أحدثت انعطافة كبيرة‬ ‫في الحركة النقدية‪ ،‬وقلبتها ر�أ�ساً على عقب‪ .‬في‬ ‫الوقت الذي ما زال فيه بع�ض نقادنا يح�صون عدد‬ ‫الخروجات العرو�ضية في الق�صيدة �أو يحملون‬ ‫م�ساطرهم النقدية في وجوهنا‪ ..‬بل �أن بع�ضهم كان‬ ‫يت�شمم رائحة التراث بين �سطورنا وثيابنا‪ ،‬ف�إن لم‬ ‫يجدها اتهمنا بالتطرف والحداثة ون�سف التراث‪.‬‬

‫الفن يجمع في‬ ‫داخله كل األضداد‬ ‫والوظائف‬


‫خــاص‪:‬‬

‫البيوت الذكية صديقة للبيئة‬

‫‪7‬‬

‫خير من‬ ‫التجريب ٌ‬ ‫الثبات والتكلس‬

‫ماذا عن العالقة بين المثقف والسلطة‪ ..‬وهي‬ ‫قضية قديمة ِق َدم اإلنسانية والفكر اليوناني‬ ‫أول من قارب هذه اإلشكالية وأفالطون‬ ‫وأرسطو خصصا حيزا مهما ضمن كتاباتهم‬ ‫لتناول قضية السلطة السياسية في عالقتها‬ ‫بالمجتمع المدينة الدولة ‪ Police‬أو في‬ ‫عالقتها بالمفكرين (الفالسفة) والدور الذي‬ ‫يجب أن يلعبوه‪ ..‬كيف كانت تجربتك مع هذا‬ ‫النمط الالإنساني؟‬

‫لقد كانت فكرة اال�ستعانة بفن الخطاب الم�ستتر‬ ‫ُ‬ ‫ووجدت فيها �إغرا ًء في‬ ‫و�سيلة ناجحة في البداية‪..‬‬ ‫ً‬ ‫المغامرة والتحدي والإبداع معا‪ ..‬خا�صة و�أن مق�ص‬ ‫الرقيب الحديدي لم يكمن يترك لنا �أقل ف�سحة‬ ‫لنطل بر�ؤو�سنا ال�ضاجة خارج ما هو م�سموح به‪..‬‬ ‫كانت الكتابة فيه تحتاج �إلى مهارة وبراعة كبيرتين‪..‬‬ ‫وكان الأ�سلوب الت�أويلي الذي تعتمده‪ ،‬مجترحاً من‬ ‫طبيعة الواقع والفن‪� ،‬شك ًال وم�ضموناً‪ ،‬ي�أخذ من‬ ‫اللغة بهاءها الآ�سر و�سطوعها‪ ،‬ومن ا�شكاليات الواقع‬ ‫حذره و�شكله و�شكه وتمويهاته‪( ،‬كما تكون الحياة‬ ‫كذلك يكون المبنى – كوليردج) ووجدته �أكثر‬ ‫ا�ستيعاباً لقلقي وع�صري‪ ،‬ووجدتني �أكثر قدرة على‬ ‫تطويعه لتحميله ما �أريد‪ ..‬هذا التمويه الفني لج�أ‬ ‫�إليه بع�ض �شعراء الداخل‪ ،‬كان عام ًال مهماً لتجاوز‬ ‫الخطوط الحمراء الكثيرة والواقع البولي�سي الذي‬ ‫كان يخيم على كل �شيء في الوطن‪ ،‬لي�س في مجال‬ ‫ال�شعر فح�سب بل في مختلف الفنون والآداب و�ش�ؤون‬ ‫الحياة الأخرى‪ ،‬فكنا نجد فيه متنف�ساً تعبيرياً وفنياً‬ ‫وحياتياً‪ ..‬لكنه من جانب �آخر‪ ،‬جر علينا ما جر من‬ ‫و�شايات المخبرين والأدباء الفا�شلين ‪ -‬في الداخل‬ ‫ (كنا نعرف الرقيب ونتحايل عليه‪ ،‬ولكن الجديد‬‫في الكتابة اليوم �أننا لم نعد نعرف من يراقب من‪،‬‬ ‫وما هي المقايي�س الجديدة في الكتابة وفقا لتعبير‬ ‫�أحالم م�ستغانمي و‪ -‬في المنفى ‪� -‬أخذ منه بع�ض‬ ‫المزايدين‪ ،‬على عذاباتنا‪� ،‬سطحه الظاهر ون�سوا‬ ‫�أعماقه التي تمور بالغ�ضب والوجع واالحتجاج‪..‬‬ ‫(�أتركونا �أحراراً عندما يتعلق الأمر بالكتابة ‪-‬‬ ‫مي�شيل فوكو)‪ ..‬وبين �أُولئك وه�ؤالء‪( ،‬رقباء الداخل)‬ ‫و(تجار الخارج)‪ ،‬كنا ع�صيين عليهم‪ ،‬خارجين على‬ ‫تف�سيراتهم وتق�سيماتهم الأدبية وااليديولوجية‪،‬‬ ‫م�ستوحدين في الق�صيدة‪ ،‬ملت�صقين بوجع النا�س‬ ‫وهموم الوطن‪..‬‬

‫مبادرة‬

‫إسهامات في حماية البيئة‬

‫نموذج للبيت الذكي صديق البيئة ‪ -‬الكلية التقنية العليا ( مسقط )‬

‫�إن ّالبيوت الذكية ال�صديقة للبيئة ‪ ..‬هي يتم االعتماد في هذه البيوت على الطاقة‬ ‫ثمرة جديدة من ثِمار التقدم العلمي‪ ،‬البديلة مثل الطاقة ال�شم�سية‪ ،‬وطاقة‬ ‫ال يدخل في بنائها �أي طاقة �صناعية ت�سخين الأر�ض من �أجل اال�ستفادة منها‪.‬‬ ‫على االطالق‪ ،‬بل تعتمد على الطاقة‬ ‫فالبيوت ال�صديقة للبيئة ب�شكل عام‬ ‫ال ُمتجددة فقط‪ ،‬حيث �أنها من الممكن‬ ‫تراعي النواحي البيئية‪ ،‬و تدعمها عن‬ ‫�أن توفر ما ن�سبته ‪ %30‬من الطاقة‪ ،‬و‪%35‬‬ ‫طريق ا�ستخدامها للم�صادر الطبيعية‬ ‫من انبعاث الكربون‪ ،‬و‪ %50‬من ن�سبة‬ ‫المتجددة مثل‪ :‬ال�شم�س‪ ،‬و الرياح‪ ،‬و‬ ‫ا�ستهالك المياه‪ ،‬وبالوقت ذاته تقلل من‬ ‫يراعى في ت�صميمها الحجم‪ ،‬فتكون‬ ‫تلوث البيئة‪.‬‬ ‫�أ�صغر ن�سبيا من البيوت العادية‪ ،‬و لكنها‬ ‫ومن �ضمن التطبيقات المحلية‪ ،‬تتميز بكفاءة عالية من حيث توظيف‬ ‫ولت�شجيع ال�شباب على االبتكار ‪ ،‬اتجاهات الموقع مع الم�ساحات الداخلية‬ ‫والم�ساهمة في حماية البيئة‪ ،‬قام مجل�س للمبني‪ ،‬كما �إنها تتبنى ا�ستراتيجيات‬ ‫البحث العلمي بعمل م�سابقة عمان تقنيه عالية الجودة لتخفي�ض درجات‬ ‫لت�صميم البيوت ال�صديقة للبيئة‪ ،‬التي الحرارة‪ ،‬و تعزيز التهوية الطبيعية‪،‬‬ ‫تهدف �إلى ت�شكيل فرق من م�ؤ�س�سات الى جانب خلق م�سطحات خ�ضراء حول‬ ‫التعليم العالي بال�سلطنة لت�صميم‪ ،‬المنزل التي ت�ساهم في تقليل درجه‬ ‫و�إن�شاء بيوت �صديقه للبيئة بمفهوم الحرارة‪ ،‬و تلطيف الجو‪ ،‬وامت�صا�ص‬ ‫التلوث‪ ،‬و تكون لها االثر االيجابي على‬ ‫توفير الطاقة في ا�ستخدامها‪.‬‬ ‫�صحة من ي�سكنها لتوفر الهواء النقي‪ ،‬و‬ ‫الجدير بالذكر �أن البيوت ال�صديقة‬ ‫تقويه التوا�صل االجتماعي بين �أفرادها‬ ‫للبيئة‪ ،‬تقوم على مجموعة مواد �صديقة‬ ‫ال�ستغاللهم في م�شاركه جميع م�ساحات‬ ‫للبيئة‪ ،‬ويتم فيها ا�ستخدام �أجهزة تر�شيد‬ ‫المنزل‪.‬‬ ‫ا�ستهالك المياه‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى الأجهزة‬ ‫التي تعمل على تكرار المياه من �أجل وللتعرف �أكثر حول �آلية عمل البيوت الذكية‬ ‫ا�ستخدامها في مجاالت �أخرى‪ ،‬وي�ستخدم ال�صديقة للبيئة‪ ،‬يمكنكم متابعة الفيلم الق�صير‬ ‫في هذه الأبنية المواد المحلية في البناء من خالل م�سح الباركود �أعاله ‪.‬‬ ‫لتقليل ن�سبة االنبعاث الكربوني‪ ،‬وكذلك‬


‫مقال‬

‫‪8‬‬

‫تهى العبرية‬

‫‪omandaily11@hotmail.com‬‬

‫همسة امرأة‬ ‫قر�أت منذ فترة خبراً عن افتتاح الم�ؤتمر العالمي الثالث‬ ‫لإدارة مخاطر الكوارث في �سينداي باليابان ‪،‬وذلك لزيادة‬ ‫الوعي لدى الن�ساء‪ ،‬والتركيز على الجوانب االيجابية‬ ‫لديها في التخطيط و�صنع القرار‪ ،‬وكذلك عن م�ؤتمر‬ ‫المر�أة في بكين الذي كان الهدف منه التركيز على م�ساواة‬ ‫المر�أة بالرجل والق�ضاء على جميع �أ�شكال التمييز بينهما‬ ‫في كل �شيء‪.‬وال يختلف اثنان على النجاحات التي حققتها‬ ‫المر�أة‪ ،‬وا�ستطاعت من خاللها �أن تثبت تفوقها العلمي‬ ‫والوظيفي في كثير من المجاالت �إلى جانب واجبها‬ ‫الفطري الأ�سري رغم التحديات والعقبات التي حاولت �أن‬ ‫تقف في وجهها لل�صد من ارتقائها‪ .‬فالمر�أة هي التي ت�ضع‬ ‫الجزء االكبر من اللبنات الأ�سا�سية في المجتمع لكونها‬ ‫المربية الأولى للأجيال ‪ ،‬فالمجتمع ال ينه�ض على رِجل‬ ‫واحدة‪ .‬والمر�أة كيان لطيف ورقيق بفطرته ولكنه �أكثر‬ ‫تحم ً‬ ‫ال و�صبراً بغريزته ومبدع و�أكثر عطا ًء ب�أفكاره‪ ،‬فهي‬ ‫المالذ �إن ا�شتدت الهموم ‪ ،‬والم�أوى �إن تكاثرت الخطوب‪،‬‬ ‫وهي ن�صف المجتمع و�صانعة الن�صف الآخر وهو الرجل‪.‬‬ ‫وقد قال �شك�سبير ‪ ":‬المر�أة كوكب ي�ستنير به الرجل‪ ،‬ومن‬ ‫غيرها يبيت الرجل في الظالم"‪.‬‬ ‫وتخت�ص المر�أة ببع�ض ال�صفات التي تك ّملها مع �صفات‬ ‫الرجل ‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال المر�أة تمتلك العاطفة الحتواء �أبنائها‬ ‫واحت�ضانهم والرجل �أقوى بدنياً يتولى ال�صعاب في‬ ‫الأمور التي ت�صعب على المر�أة‪ ،‬وهكذا ٌ‬ ‫كل يكمل الآخر‪.‬‬ ‫فالمر�أة بفطرتها تعتني بالأطفال و�أمور البيت المختلفة‬ ‫ومتابعة �ش�ؤونه‪ ،‬ت�ستطيع �أن توازن وتعمل �أكثر من عمل‬ ‫في �آن واحد ‪ ،‬بدون كلل �أو ملل ‪ ،‬فهي قادرة على الموازنة‬ ‫وحتى و�إن كانت امر�أة عاملة ‪ ،‬فهي التي تغر�س القيم‬ ‫والأخالق في نفو�س �أبنائها وتن�شي منهم رجا ًال يافعين ‪،‬‬ ‫وبناتاً مدبرات‪ ،‬فترى البنت مالزمة لأمها ت�ساعدها في‬ ‫تدبير �ش�ؤون البيت وتنقل لها خبرتها وتغر�سها داخلها‬ ‫لتتعلم معنى الم�س�ؤولية والأعمال المناطة �إليها منذ‬ ‫�صغرها ‪ ،‬وكذلك فكرة التجمعات الن�سوية التي بالكاد‬ ‫اختفت في وقتنا الحالي‪ ،‬وهو تج ّمع الن�ساء في وقت معين‬ ‫لتبادل الحديث والمعلومات ‪ ،‬فهذا يك�سب الجيل فر�صة‬ ‫نقل الخبرات من الأمهات للأجيال ‪.‬‬

‫ولنعلم �أن المهارات التربوية التي تمتلكها المر�أة �أو ت�ستزيد‬ ‫بها ‪�،‬ست�ؤهلها علمياً لتتفوق في الجانب الذي �أ�سلفنا فيه‬ ‫من تربية الأجيال وتن�شئتهم‪� ،‬سواء كانت المر�أة عاملة‬ ‫�أو ربة بيت ‪ ،‬وذلك لأه ّمية ما يربط الطفل‪ ،‬من عالقة‬ ‫تي�سر عمل ّية التبليغ والتلقين بينها و‬ ‫خ�صو�صية‪ ،‬ب�أمه‪ّ ،‬‬ ‫بينه‪ .‬فعمل ّية التعليم والترب ّية ت�شبه �إلى ح ّد بعيد عمل ّية‬ ‫طبيعي لها �إذا كانت الأ ّم واع ّية و‬ ‫هي توا�صل‬ ‫ّ‬ ‫ال ّر�ضاعة‪ ،‬بل ّ‬ ‫متع ّلمة ويكون ذلك من خالل االطالع والمتابعة اليومية‬ ‫‪ ،‬فال تعتمد الأم على المربيات في االعتناء بالأطفال ‪،‬‬ ‫�سابقاً كانوا من العائلة و ُك ّن ينقلن قيم المجتمع والأ�سرة‬ ‫�إلى الطفل‪ ،‬على غرار وقتنا الحالي ‪ ،‬والذي دخلت فيه‬ ‫عامالت المنازل من جن�سيات مختلفة‪ ،‬و�شيئاً ف�شيئاً‬ ‫ت�سللت ثقافات �أجنبية تحاول نقل هذه الثقافة لأجيالنا‬ ‫مما ي�ؤدي �إلى غياب المعلومة ال�صحيحة لنقل المعرفة‬ ‫للأجيال‪ ،‬من جانب �آخر عليها متابعة الأبناء‪ ،‬وو�ضع �آلية‬ ‫في كيفية ا�ستخدام �أجهزة التلفزيون‪ ،‬وغيرها من الأدوات‬ ‫االلكترونية ‪ ،‬فكلما كانت �أكثر وعيا وتخطيطاً وتنظيما‬ ‫كلما نجحت في ال�سيطرة وم�سك زمام الأمور ‪ ،‬فالمر�أة‬ ‫�أثبتت على م ّر ال�سنوات تفوقها العلمي والوظيفي من‬ ‫خالل المنا�صب التي تب ّو�أتها والأبحاث التي قدمتها‪.‬‬ ‫�إذاً فالمر�أة هي المدر�سة والمربية الأولى‪ ،‬من هنا ت�أتي‬ ‫�أهم ّية و �ضرورة العناية بها‪ ،‬فالمر�أة على هذا الأ�سا�س‪،‬‬ ‫هي عماد المجتمع‪ ،‬ف�إذا ما وقعت العناية بها بما يعطيها‬ ‫ّ‬ ‫قيمتها ‪ ،‬بالتالي �سي�ستقيم المجتمع كله و ي�صلح حاله ‪.‬‬ ‫�أمّا من �أهملها وتجاهل وجودها كع�ضو فاعل في المجتمع‪،‬‬ ‫فقد �ساهم في اهمال جزء من المجتمع‪ ،‬و �أ�ض ّر بالمجتمع‬ ‫�ضررا بليغا‪ .‬ويمكن �أن ن�شبه المر�أة ب�شجرة الفاكهة‬ ‫التي نقوم باالعتناء بها‪ ،‬فتكون مخ�ضرة ‪،‬وال ت�سودها‬ ‫الآفات‪ ،‬وتعطي في النهاية ثماراً لذيذة‪ ،‬كذلك المر�أة �إن‬ ‫ت ّم االعتناء بها في جميع مراحل حياتها‪ ،‬ف�سوف تكون‬ ‫نا�ضجة فكرياً ‪ ،‬وتحمل في حياتها مفاهيم تربوية �سليمة‬ ‫‪ ،‬وعق ً‬ ‫ال راجحاً تدرك به �أهمية التع ّلم ‪ ،‬وت�سعى �أن ينال‬ ‫�أبنا�ؤها �أعلى الدرجات و�أف�ضلها‪ .‬وكما قال حافظ ابراهيم‪:‬‬ ‫األم مدرسة إذا اعددتها‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫شعبا طيب االعراق‬ ‫أعددت‬


‫مقال‬

‫ناصر أبو عون‬

‫‪9‬‬

‫‪Nasser_oon@yahoo.com‬‬

‫عبد الله الخليلي كالسيكية متجددة‬ ‫أر�ض ح�صبا�ؤها الخيال‪ ،‬و�سما�ؤها‬ ‫ال�شعر جدو ٌل ين�ساب في � ٍ‬ ‫المعنى‪ ،‬و�شجرها ال�شعور‪ ،‬وثمارها ال ِف ْكر‪ ،‬وحُ ورها ال�صو ُر‬ ‫ال�شعرية ِّ‬ ‫المتولدة من رحم الفكرة‪ .‬هذا ما � ُ‬ ‫آمنت به منذ‬ ‫�إطاللتي الأولى على عوالم ال�شعر في �صباي و�ش َبب ُْت‬ ‫عن الطوق ومازال ال�شعر يحا�صرني وقواعده تروادني‪،‬‬ ‫وحكمته ت�ساورني بين ع�شية و�ضحاها‪ ،‬ومو�سيقاه ت�أ�سرني‪،‬‬ ‫و�صورته تغازلني‪ ،‬ومعناه ي�أخذني بعيدا �إلى بهو المفكرين‬ ‫والمناطقة‪ ،‬ولفظه يجادلني ويلب�سني حُ ّلة مطرز ًة من‬ ‫الإبداع‪.‬‬ ‫هذا عن ال�شعر �أما عن �أمير البيان و�شيخ الق�صيدة ورائد‬ ‫الكال�سيكية الجديدة في �سلطنة ُعمان ال�شاعر عبد اهلل‬ ‫ُ‬ ‫وطالعت �شيئا من �سيرته من‬ ‫الخليلي فقد قر� ُأت �شعره‬ ‫مجال�سة العديد من �شعراء و�أدباء عمان وخا�ص ًة الذين‬ ‫�آمنوا بالما�ضي التليد‪ ،‬وتح�صنوا بتراثنا العتيد‪ ،‬و�أبقوا‬ ‫على �شعرة معاوية‪ ،‬وحفظوا ال�صلة بينهم‪ ،‬وبين �أجدادنا‬ ‫العظام‪ ،‬ومنهم ثلة يزنون الكالم بموازين الذهب والأحجار‬ ‫الكريمة‪ ،‬ويرون في التوا�صل مع تاريخنا العربي القديم‬ ‫�صلة رحم‪ ،‬و�أ�صالة فطرية‪ ،‬وات�صاال بالإبداع‪ ،‬ونجوا من‬ ‫مر�ض ع�ضال �ضرب جذور ثقافتنا �ص ّدرته �إلينا (النخبة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫النكبة) ممن تم�سحوا بالتجديد وادعوا الحداثة‪ ،‬وروجوا‬ ‫لنظرية (قتل الأب)‪ .‬ومن هذه الفرقة الناجية من �أدران‬ ‫الحداثة‪ ،‬ال�شاعر �سعيد ال�صقالوي الذي يت�شبث ب�شجرة‬ ‫الأ�صالة العربية وترتبط جذوره ال�شعرية ب�أ�صلها الثابت‬ ‫في التربة العربية وفرعها العُماني الذي يطاول عنان‬ ‫ال�سماء‪ .‬دون �أن يقطع ات�صاله المادي والروحي بالحداثة‬ ‫في معناها الحقيقي‪ ،‬ولم يرت ِم في مهاوي الردى‪� ،‬أو يقذف‬ ‫بفكره و�شعره ولغته في بحرها فلم تدن�سه �أدارنها‪ ،‬ولم‬ ‫يخرج منها خائفا يترقب كغيره من الما�ضين في جنونهم‬ ‫والمارقين في غيهم من الذين �أف�سدوا الحرف ودن�سوا‬ ‫ال�صحائف بزعم تفجير اللغة‪ ،‬وقطع �أوا�صر القربى مع‬ ‫الآباء والأجداد طلبا لر�ضا المتم�سحين في الحداثة وهم‬ ‫ال يعرفون عنها �شيئا ولم يخبروها ال واقعا وال �إبداعا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عرفت عبد اهلل الخليلي �شاعرا فطريا تم َّكنت منه �صنعة‬ ‫ال�شعر فخبرها‪ ،‬وراح يزن كلماته على منوالها‪ ،‬ويدبج‬ ‫�صورها على مقايي�سها‪ ،‬وي�صوغ حروفه على ميزانها‪،‬‬ ‫يداعب �أ�صدقاءه �شعرا‪ ،‬ويمازح جل�ساءه رَجَ جَ زا‪ ،‬ويحاور‬ ‫ً‬ ‫وعرو�ضا‪ ،‬وي�سام ُر �أبناءه ف ًنا ومو�سيقى‪،‬‬ ‫رفقاءه قافي ًة‬ ‫ويكتب ر�أيه و ِف ْق َهه ق�صائ َد تترى ت�ؤرخ ل�سلطن ِة ُعمان‬ ‫(تاريخا وفكرا)‪ ،‬وي�سجِّ ل �أفكاره على مثال القدماء‪،‬‬ ‫ويعار�ض ال�شعراء الع�صور الإ�سالمية وما قبلها ً‬ ‫حرفا‬ ‫وقافي ًة‪ ،‬وين�سج على عيون ال�شعر العربي مالحم تفتن‬ ‫القارئ وت�أخذه �إلى ع�صر ال�صنعة والزخرفة وال�صورة‬

‫ال�شعرية الم�سبوكة على قوالب خا�صة‪ .‬وفي هذا الفن‬ ‫نجح الخليل في تخمي�س «بردة البو�صيري» بثالثة �أوجه‪،‬‬ ‫و�ضمَّها في ديوان متكامل �أ�سماه «المجتليات»‪ ،‬وهو عمل‬ ‫فريد في تخمي�سه لهذه الق�صيدة الطويلة‪ ،‬كما حاول‬ ‫تخمي�س «همزية البو�صيري» ولكنه لم ينجزها‪ ،‬ب�سبب‬ ‫م�صارعته للمر�ض‪ .‬وفي مرا�سالته ال�شعرية خير مثال على‬ ‫ما ق ّدمنا فقد كان يتخذ من ال�شعر و�سيلة لمرا�سلة العلماء‬ ‫وال�شعراء‪ ،‬وقد را�سل عد ًدا من الأعالم العرب كـعز الدين‬ ‫التنوخي‪ ،‬وله ديوان "بين الفقه والأدب" يحوي ق�صائد‬ ‫فيها �أ�سئلة و�أجوبة بين ال�شاعر وغيره‪ ،‬ومن ق�صائده‬ ‫(�س�ؤال لل�شيخ حمد ال�سليمي) الذي بادره بالجواب بق�صيدة‬ ‫تجاري �س�ؤاله‪ ،‬وق�صيدة (هبة العليم) التي قرّ�ض فيها كتبًا‬ ‫�أربعة ل�شيخه خلفان بن جميل ال�سيابي وهي (�سلك الدر‪،‬‬ ‫وف�صول الأ�صول‪ ،‬وبهجة المجال�س)‪.‬‬ ‫و�إذا كان لكل �شاعر �سمة يتفرّد بها على �أقران ع�صره ف�إن‬ ‫ال�شاعر عبد الخليلي (‪ 1922‬ـ ‪ )2000‬الذي عا�ش حياة‬ ‫حافلة بال�شعر والأدب والفل�سفة والتتبع الثقافي فات�سعت‬ ‫مداركه ومواهبه وات�سعت دائرة �إبداعه‪ .‬له ال�سبق التاريخي‬ ‫في ريادة ال�شعر الم�سرحي في �سلطنة ُعمان‪ ،‬حيث قدم‬ ‫م�سرحية (جذيمة والملك) التي ا�ستقي �أحداثها من‬ ‫ع�صر ما قبل الإ�سالم م�ستغال معرفته بال�سرد الق�ص�صي‪.‬‬ ‫وازدادت معرفتي �أكثر ت�أ�صال بال�شاعر عبد اهلل الخليلي‬ ‫بعد مطالعتي مخطوطة كتاب ت�ضم مختارات من �شعره‬ ‫جمعها ال�شاعر العراقي عبد الرزاق الربيعي م�سبوق ًة‬ ‫بدرا�سة مطولة لل�شاعر �سعيد ال�صقالوي عن ال�شاعر‬ ‫ي�ستعر�ض فيها ال�صقالوي فنون المو�سيقى ال�شعرية‬ ‫وبع�ضا من الخطوط العري�ضة لتجربة الخليلي ال�شعرية‪.‬‬ ‫وفي هذا الكتاب ين�ساب ال�شاعر العُماني [عبد اهلل الخليلي]‬ ‫بين �ضفتين من ل�ؤل�ؤ يُمناه ال�شاعر عبد الرزاق الربيعي‬ ‫الذي عكف على قراءته وانتقاء مختارات من �شعره يقدمها‬ ‫طبق من َّ‬ ‫ف�ضة زا ًدا للقراء يقتاتون عليه في رحلتهم‬ ‫على ٍ‬ ‫أر�ض ِبك ٍر بي�ضاء‬ ‫نحو الخال�ص عبر �صحراء الحداث ِة �إلى � ِ‬ ‫لم تدن�سها �ضغينة النثر وال �شطط التفعيلة‪ ،‬ولم يف�ضّ‬ ‫بكارتها غول الغمو�ض وال وح�شيّة الت�أويل‪ .‬وفي ي�سراه‬ ‫ال�شاعر �سعيد ال�صقالوي الذي انكبّ على درا�سة (البناء‬ ‫المعماري) في �شعره‪ ،‬وهند�سَ فتنته َ‬ ‫ونحت �صورته في‬ ‫مخيل ِة الأجيال الجديدة ب�إزمي ِل العق ِل لتبقى ماثل ًة في‬ ‫ذاكر ِة ُعمان والعرب ال تنمحي‪ ،‬و�سكبَ من وعيه النقدي‬ ‫على �إبداع ِه �أ�شع ًة من �ضوء ثقافت ِه‪ ،‬و� َّأط َر �صور َته وزجّ جها‬ ‫من نو ِر ب�صيرته ف�أ�ضحت �شم�سً ا ت�ضيء عتم َة العقول التي‬ ‫را َن على قلبها ما ك�سبته من خطايا الحداث ِة‪ ،‬وغواي ِة الال‬ ‫�شعر‪.‬‬

‫وفي �أحاديث ال�شاعر �سعيد ال�صقالوي معنا عن �إبداع عبد‬ ‫اهلل الخليلي �أكد مرارا �أ َّن المكونات اللغوية واللغة ال�شعرية‬ ‫في ق�صيدة عبد اهلل الخليلي‪ ،‬تجنح �إلى لغة الع�صر الأموي‬ ‫والعبا�سي‪ ،‬حيث ت�أثر بكثير من �شعراء تلك الفترة‪ ،‬ولأن‬ ‫ال�شعر في هذه الفترة كان نموذجا في قوته ون�ضجه‪ ،‬حتى‬ ‫�أن ال�شاعرين محمود �سامي البارودي و�أحمد �شوقي �شربا‬ ‫من نف�س المنبع ال�شعري‪ ،‬ويتميز ال�شاعر عبداهلل الخليلي‬ ‫بح�سن ال�سبك اللغوي للمفردات والتراكيب متما�سكة‪،‬‬ ‫لذلك فمعجمه اللغوي بياني �صرف‪.‬‬ ‫ومثال على ذلك ال�شعر االنجليزي‪� ،‬إذ ال يزال القراء‬ ‫يقر�أون �شك�سبير‪ ،‬ويب�سطون لغته لطالب المدار�س‪ ،‬كما‬ ‫يقر�أون فولتير �أي�ضا‪ ،‬ال يوجد ما يمنع من �أن نقر�أ نماذجنا‬ ‫ال�شعرية الكبيرة‪ ،‬هذه رموز ح�ضارية‪ ،‬فقط �أن نعرف كيف‬ ‫نو�صل هذا العطاء ون�ستفيد منه‪ ،‬وبالتالي ف�إن �شعر ال�شيخ‬ ‫عبداهلل يمكن �أن ي�ستفاد منه في كل االتجاهات‪ ،‬وهو �أي�ضا‬ ‫ا�ستفاد من �أبي م�سلم البهالني‪ ،‬وال�ستالي والنبهاني‪ ،‬هذه‬ ‫رموز �شعرية حا�ضرة في وجدان ال�شاعر الكبير بكل محبة‪.‬‬ ‫وي�أتي احتفاء م�ؤ�س�سة البابطين في دورتها عام ‪2015‬‬ ‫بال�شاعر عبد اهلل الخليلي لي�س �إال دعوة للباحثين‬ ‫العُمانيين والعرب والم�ست�شرقين المعنيين بالدرا�سات‬ ‫ال�شرقية في جانبها اللغوي والأدبي ل�سبر �أغوار ق�صائد‬ ‫الخليلي وتحقيق وتنقيح موروثه ال�شعري‪ ،‬ودعوة لإحياء‬ ‫تراثه ودرا�سة �إبداعه في المحافل الثقافية ( ُعمانيا‬ ‫وعربيا)‪ ،‬وله الف�ضل وال�سبق �أي�ضا في �إحياء �سنة‬ ‫(المجال�س الأدبية) بافتتاحه (مجل�س الخمي�س الأدبي)‬ ‫في دارته بوالية �سمائل‪ ،‬وبعد �أن �سكن العا�صمة م�سقط‬ ‫وا�صل جل�ساته الأدبية الأ�سبوعية في �ضاحية القرم‪ ،‬وكان‬ ‫لل�شاعر الدور الريادي في النهو�ض الثقافي بالحركة‬ ‫الثقافية وال�شعرية على وجه الخ�صو�ص في �سلطنة ُعمان‬ ‫عمان حيث منح و�سام التكريم من المجل�س الأعلي لدول‬ ‫الخليج العربي عام ‪ 1989‬وق َّلده ال�سلطان قابو�س المف ّدى‪،‬‬ ‫و�سام الإبداع �إ�ضافة الي �أثره البارز في الحياة ال�سيا�سية‬ ‫وانت�سابه لل�سلك الدبلوما�سي حتي �إحالته للتقاعد‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫�أيُّها العُمانيون هذا �شاعركم عبد اهلل الخليلي يُطل عليكم‬ ‫من ق�صور الكلمات‪ُّ ،‬‬ ‫يق�ص عليكم �سيرته وينثر رياحين‬ ‫�صورته‪ ،‬ويبعثر �أزهار محبته‪ ،‬جاء في موكبه محموال على‬ ‫(عر�ش ال�شعر) تتقدمه المو�سيقى‪ّ ،‬‬ ‫وتزفه جوقة الإبداع‪،‬‬ ‫وبين يديه تاريخ و�إبداع ينثرا ورد ق�صائده في مهرجان‬ ‫الكلمات‪ .‬فا�سمعوا واتخذوه نبرا�سا وقدو ًة و َعلَمًا خ ّفاقا‬ ‫و ِع ْلمًا ال ين�ضب معينه وال ينكدر جريانه‪ ،‬وال تتوقف‬ ‫م�سيرته‪.‬‬


‫تاريخ معاصر‬

‫دراسة تاريخية‬

‫كنوز التاريخ‪ :‬قصص وأخبار جرت في عمان‬

‫تستعرضها ‪ :‬فاطمة البلوشية‬

‫يزخر التراث العماني بالعديد من العلماء‪ ،‬والشعراء‪ ،‬واألدباء‪ ،‬والمؤرخين الذين خلفوا كتباً علمية‪،‬‬

‫‪10‬‬

‫وسطرت الحياة اإلنسانية التي عاشها‬ ‫ّ‬ ‫ودينية‪ ،‬وأدبية‪ ،‬وتاريخية عدة‪ ،‬أثْ َرت الحضارة والتاريخ العماني‪،‬‬

‫اإلنسان العماني منذ قديم الزمان‪ .‬والمصادر التاريخية العمانية‪ ،‬كأحد سبل توثيق أخبار عمان عبر‬

‫العصور‪ ،‬رغم قلتها‪ ،‬تتميز بأهمية بالغة‪ ،‬وتفتح اآلفاق لدراسة الحضارة العمانية بمختلف جوانبها‬ ‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية من وجهة نظر محلِّ ية‪ ،‬كما تمكننا من مقارنة ما ورد فيها من أحداث‬

‫مع مصادر التاريخ األخرى التي كتبت بأقالم خارجية‪ ،‬ويعلل العالمة األديب والمؤرخ نور الدين السالمي‬ ‫ُش َّح المصادر التاريخية العمانية في كتابه تحفة األعيان بقوله‪" :‬مع قلة المادة في هذا الباب إذ لم يكن‬

‫التاريخ من شغل األصحاب‪ ،‬بل كان اشتغالهم بإقامة العدل وتأثير العلوم الدينية‪ ،‬وبيان ما البد من بيانه‬

‫للناس‪ ،‬أخذاً باألهم فاألهم؛ فلذلك ال تجد لهم سيرة مجتمعة وال تاريخاً‬ ‫شامال" وفي هذا اإلطار‬ ‫ً‬ ‫سنتناول بالتحليل كتاب "قصص وأخبار جرت في عمان" والكنوز التاريخية التي يحتويها‪ ،‬لمؤلفه ابن‬ ‫عريق المتوفى سنة ‪1190‬هـ‪1777/‬م‪.‬‬

‫من هو "ابن عريق" ؟‬

‫وُلد العالمة �أبو �سليمان محمد بن عامر بن را�شد‬ ‫المعولي الأفوي‪ ،‬المعروف بابن عريق‪ ،‬في قرية‬ ‫"�أفي" �إحدى قرى والية وادي المعاول‪ ،‬في القرن‬ ‫الثاني ع�شر الهجري‪ /‬الثامن ع�شر الميالدي في‬ ‫عهد الإمام �سيف بن �سلطان بن �سيف اليعربي‬ ‫المعروف بـ"قيد الأر�ض"‪ ،‬وكان والده والياً على‬ ‫بركاء في عهد الإمامين �سيف بن �سلطان والإمام‬ ‫�سلطان بن �سيف بن �سلطان اليعربي (‪-1711‬‬ ‫‪1719‬م)‪ .‬وتلقى ابن عريق العلوم على يد والده‬ ‫وعلى يد بع�ض علماء عمان‪ ،‬وتوفي رحمه اهلل عام‬ ‫‪1190‬هـ‪1777 /‬م‪ .‬ترك العالمة محمد بن عامر‬ ‫المعولي العديد من الم�ؤلفات‪ ،‬منها كتاب "المهذب‬ ‫وعين الأدب"‪ ،‬وكتاب "التهذيب"‪ ،‬ومخطوطة‬ ‫"ن�سب ع�شيرة المعاول"‪ ،‬وله م�سائل فقهية عدة‪،‬‬ ‫كما كتب ق�صائد �شِ عرية متفرقة‪ ،‬منها ق�صيدته‬ ‫في مدح الإمام �أحمد بن �سعيد البو�سعيدي عندما‬ ‫تفوق على الفر�س في لنجة على ال�ساحل الفار�سي‬ ‫عام ‪1773‬م‪ ،‬ويقول في مطلعها‪:‬‬ ‫ع َِجب ُْت ل َِ�شا ٍة َق ْد َتـ َم ّنـ ـ َ ْت َغـ ـ َب ــا َو ًة‬ ‫ِل َتنـ ْ َط َح ِذئـْب ـًا �سـَيـِّداً مـِنـَّا َع ْملَ�سَ ا‬ ‫تجَ َ�ش َم �أَمراً �سـ َ َّو َلـ ْـت نـ َـ ْفــ�سُ ــه َلـ ـ ُه‬ ‫َف�أَ�صـْبـ َ َح َذا لـُ�ؤْ ٍم َتعي ًـ�س ــا ُم َن َك ً�سا‬ ‫َل َقـ ْد � ْأطمـعـَت ُه َن ْف�سُ ُه في عـ ُ َمــا ِن ـن ـَـا‬ ‫َتلَ ْق ْت ُه �آ�سَ ــا ُد الـ َو َغى حِ ي َنمَا رَ�سى‬ ‫ولدى ابن عريق كتاب "ق�ص�ص و�أخبار جرت في‬ ‫عمان" الذي نحن ب�صدد الحديث عنه في هذا‬ ‫المقام‪.‬‬ ‫كتاب "قصص وأخبار جرت في عمان"‬

‫بمقدمة للمحقق‪ ،‬الذي يعطي نبذة عن حياة‬ ‫الم�ؤلف ومنهجه‪ ،‬ويق�سم محتويات الكتاب على‬ ‫�أ�سا�س الموا�ضيع‪ ،‬و�أخيراً يعطي ملخ�صاً لمنهج‬ ‫التحقيق الذي اعتمده في ن�سخة المخطوطة‪.‬‬ ‫يتحدث ابن عريق في بداية كتابه عن عمان في‬ ‫الع�صر الجاهلي‪ ،‬فيورد �أخباراً لمالك بن فهم‬ ‫والمعارك العمانية مع الفر�س‪ ،‬ثم ينتقل للحديث‬ ‫عن عمان في �صدر الإ�سالم‪ ،‬ويتناول كيفية �إ�سالم‬ ‫�أهل عمان‪ ،‬وعمان في ع�صر بني �أمية وعمان في‬ ‫ع�صر بني العبا�س‪ ،‬كما ي�سوق بعد ذلك حديثاً عن‬ ‫عمان في فترة الإمامة العمانية الأولى عام (‪-132‬‬ ‫‪134‬هـ)‪ ،‬ووالة بني الجلندى على عمان‪ ،‬والإمامة‬ ‫العمانية الثانية (‪177‬هـ‪280-‬هـ) التي ابتد�أت‬ ‫بتولية الإمام محمد بن عبداهلل بن �أبي عفان‬ ‫�إماماً على عمان عام ‪177‬هـ‪ ،‬ثم يتحدث عن الإمامة‬ ‫العمانية الثالثة (‪342-282‬هـ)‪ ،‬والقرامطة في‬ ‫عمان ‪293‬هـ‪905/‬م‪ ،‬حتى ي�صل �إلى �أو�ضاع عمان‬ ‫في فترة الإمامة العمانية الخام�سة (‪579-407‬هـ)‪.‬‬

‫ويتحدث ابن عريق عن �أخبار عمان في ع�صر‬ ‫النباهنة‪ ،‬فالدولة النبهانية الأولى امتدت بين‬ ‫عامي (‪906-579‬هـ)‪� ،‬أما الدولة النبهانية الثانية‬ ‫فقد امتدت بين عامي (‪1034-964‬هـ)‪ ،‬ثم ينتقل‬ ‫�إلى �أحداث دولة اليعاربة (‪1034‬هـ‪1162-‬هـ‪-1624/‬‬ ‫‪1744‬م)‪ ،‬ويتحدث فيها ب�إ�سهاب عن �أئمة اليعاربة‬ ‫ابتداء بالإمام نا�صر بن مر�شد اليعربي و� ً‬ ‫صوال‬ ‫�إلى اختالف اليعاربة بعد الإمام �سلطان بن �سيف‬ ‫الثاني‪ ،‬وال�صراع بين الإمامين بلعرب بن �سلطان‬ ‫و�سيف بن �سلطان الثاني‪ ،‬وينتهي الحال بالغزو‬ ‫الفار�سي‪ ،‬وتمكن والي �صحار �أحمد بن �سعيد‬ ‫المراجع‪:‬‬ ‫البو�سعيدي من توحيد الجهود العمانية‪ ،‬وطرد‬ ‫‪1 .1‬ابن عريق‪ ،‬محمد بن عامر المعولي‪ .‬ق�ص�ص و�أخبار جرت‬ ‫الفر�س من �صحار عام ‪1744‬م‪.‬‬

‫الكتاب يت�ألف من (‪ )324‬ورقة‪ ،‬وهو في الأ�صل ثروة الكتاب العلمية‬

‫عبارة عن مخطوطة قام د‪� .‬سعيد بن محمد‬ ‫الها�شمي بدرا�ستها وتحقيقها‪ ،‬وقد طبعت وزارة‬ ‫التراث والثقافة الكتاب عام ‪2007‬م‪ ،‬والكتاب يبتدئ‬

‫الغمة الجامع لأخبار الأئمة" للأزكوي الذي ينتهي‬ ‫ت�أريخه للأحداث عند عام ‪1728‬م‪ ،‬ف�إن قيمة الكتاب‬ ‫الذي بين �أيدينا تكمن في ت�أريخه للأحداث في‬ ‫الفترة بين عام ‪1728‬م وحتى قيام دولة �آل بو�سعيد‬ ‫عام ‪1744‬م‪ ،‬كما يعد محتواه مكم ًال لم�صدر عماني‬ ‫�آخر �أرّخ لعهد الإمام نا�صر بن مر�شد اليعربي‪،‬‬ ‫وهو كتاب "�سيرة الإمام نا�صر بن مر�شد" البن‬ ‫قي�صر ال�صحاري‪ .‬وترجع �أهمية كتاب الق�ص�ص‬ ‫والأخبار �إلى معالجته الفترة الع�صيبة واالختالف‬ ‫في دولة اليعاربة‪ ،‬وهي �أخبار لم ترد في غيره‬ ‫من م�صادر التاريخ العماني‪ ،‬فابن عريق عا�صر‬ ‫�أحداث عمان بعد وفاة الإمام �سلطان بن �سيف‬ ‫الثاني وقيام دولة �آل بو�سعيد عام ‪1744‬م‪ ،‬و�شارك‬ ‫في الحياة الثقافية وال�سيا�سية في عمان‪ ،‬كما كان‬ ‫�أحد العلماء البارزين في تن�صيب الإمام �أحمد بن‬ ‫�سعيد �إماماً على عمان في عام ‪1162‬هـ‪1749/‬م؛‬ ‫ولذلك ي�ؤرخ للأحداث حتى مجيئ الإمام �أحمد‬ ‫بن �سعيد البو�سعيدي م�ؤ�س�س الأ�سرة البو�سعيدية‪،‬‬ ‫كما �أن الكتاب ي�ؤرخ لبع�ض حروب نادر �شاه ملك‬ ‫الفر�س مع عُمان‪ .‬وجدير بالذكر �أن هذه الروايات‬ ‫التاريخية الواردة في "الق�ص�ص والأخبار"‬ ‫خ�صو�صاً الواقعة في الخم�سة ع�شرة �سنة الأخيرة‬ ‫اعتمد عليها ج ّل الم�ؤرخين الذين �أتو فيما بعد‪،‬‬ ‫كابن رزيق وال�سالمي وال�سيابي‪ ،‬وبذلك �أ�صبحت‬ ‫لدى كتاب "ق�ص�ص و�أخبار جرت في عمان" مكانة‬ ‫مميزة في التاريخ العماني‪ ،‬وكنز من كنوز التراث‬ ‫العماني‪.‬‬

‫�إن كتاب "ق�ص�ص و�أخبار جرت في عمان" م�صدر‬ ‫من م�صادر التاريخ العماني‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫تطابق جزء من مادة هذا الكتاب مع كتاب "ك�شف‬

‫‪.2‬‬

‫في عمان‪ .‬تحقيق �سعيد بن محمد الها�شمي‪ ،‬ط‪ ،1‬وزارة‬ ‫التراث والثقافة‪ ،‬م�سقط‪2007 :‬م‪.‬‬ ‫‪2‬قراءات في فكر ابن عريق‪ .‬ح�صاد الندوة التي �أقامها‬ ‫المنتدى الأدبي ‪2001‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬وزارة التراث والثقافة‪،‬‬ ‫م�سقط‪2001 :‬م‪.‬‬


‫مقال‬

‫ناصر الراشدي‬

‫‪11‬‬

‫‪nasser22a@hotmail.com‬‬

‫من أنت ؟!‬ ‫في �إحدى محا�ضراتي بالجامعة في مجال التخطيط‬ ‫والتطوير الوظيفي‪ ،‬وجهت لطالبي �س� ً‬ ‫ؤاال عادياً بهدف‬ ‫معرفة الإمكانات ال�شخ�صية لأحد الطلبة �أثناء النقا�ش‬ ‫قائ ًال له‪ :‬قل لي من �أنت؟ فذكر لي ا�سمه‪ ،‬وعائلته‬ ‫وبلده‪ ،‬وميالده‪ ،‬وحالته االجتماعية‪ ،‬الأمر الذي �أثار‬ ‫لدي الف�ضول لأكرر نف�س ال�س�ؤال على غالبية الطالب‪،‬‬ ‫ولكن كانت المفاج�أة ب�أن جميع الإجابات تمحورت حول‬ ‫التعريف بالبطاقة ال�شخ�صية لكل منهم ولم تخرج حتى‬ ‫�إلى م�ستوى ذكر م�ؤهل �أو ميزة �شخ�صية‪� ،‬أو هواية ‪�،‬أو‬ ‫مهارة ‪� ،‬أو خبرة ‪� ،‬أو طموح‪� ،‬أو هدف‪ ،‬الأمر الذي قادني‬ ‫�إلى �س�ؤال �آخر وهو‪ :‬ماذا تريد �أن تكون؟ لأجد نف�سي‬ ‫�أ�ستمع �إلى �إجابات وليدة اللحظة‪ ،‬ولي�س لها �أي �أ�سا�س �أو‬ ‫مخطط �سابق في حياتهم‪ ،‬علماً ب�أن معظم الطالب ممن‬ ‫تتجاوز �أعمارهم (‪� )25‬سنة ويعملون بوظائف مختلفة‪،‬‬ ‫تخ�ص‬ ‫حينها �أدركت �أن هناك م�شكلة‪ ،‬لي�ست فردية �أو ّ‬ ‫مجموعة بعينها‪ ،‬و�إنما م�شكلة ثقافة عملية مجتمعية‪،‬‬ ‫م�شكلة تكمن في فهم الذات ال�شخ�صية ودرا�ستها من‬ ‫حيث الإمكانات كالقدرات‪ ،‬والمهارات‪ ،‬والميول المهنية‪،‬‬ ‫ومعرفة المميزات ال�شخ�صية‪ ،‬ونقاط القوة وال�ضعف‬ ‫لدى ال�شخ�ص نف�سه‪ ،‬والإلمام بالم�ؤهالت التربوية‪،‬‬ ‫والخبرات العلمية ‪ ،‬والعملية‪ ،‬والتي �إذا ما توفرت لدى �أي‬ ‫�إن�سان �سيكون قادراً على الإجابة على �س�ؤال (من �أنت؟)‬ ‫كما �سيتمكن من و�ضع هدف ا�ستراتجي وم�ستقبلي ي�سعى‬ ‫�إلى تحقيقه طبقاً لما يملكه منها‪ ،‬وكذلك طموحات‬ ‫كبرى‪ ،‬وبال حدود الأمر الذي �سيكون عنده الإن�سان قادراً‬ ‫على الإجابة على ال�س�ؤال (ماذا �أُريد �أن �أكون؟)‪ ،‬وتلك‬ ‫م�شكلة تكمن في ثقافة التخطيط للم�ستقبل‪.‬‬ ‫لقد اعتاد الإن�سان على حب معرفة كل �شيء يدور حوله‬ ‫في الحياة‪ ،‬في�س�أل عن كل �شاردة وواردة‪ ،‬ويالحظ حياة‬ ‫الآخرين‪ ،‬ويراقبها ‪ ،‬ويق�ضي �أوقات في ذلك لمعرفة كل‬ ‫�شيء عنها‪ ،‬ولكنه لم ينتبه �أن ي�س�أل نف�سه �س� ً‬ ‫ؤاال واحداً‬ ‫هو "من �أنا؟"‪ ،‬نعم ‪ ،‬فهل �س�ألت نف�سك يوماً عن نف�سك‪:‬‬ ‫من �أنت؟ فهو لم ي�ستثمر من وقته ن�صف �ساعة ليعرف‬ ‫من هو‪ ،‬وهذا غالباً ما يكون �سببه توهم ال�شخ�ص وظنه‬ ‫ب�أنه يعرف نف�سه جيداً‪ ،‬فال حاجة لل�س�ؤال‪ ،‬تغرينا �إجابات‬ ‫االنتماء �إلى الأن�ساب والألقاب‪ ،‬وال نملك حقيقة معرفة‪:‬‬ ‫م َْن نحن بما نملك من قدرات‪ ،‬ومهارات‪ ،‬وفكر‪ ،‬ومعارف‪،‬‬ ‫وهمم‪ ،‬فنبقى �أجهل الخلق ب�أنف�سنا!!‬

‫�أو �أن نتحدث عن �أهدافنا وطموحاتنا الم�ستقبلية‪ ،‬و�أن‬ ‫نر�سم لأنف�سنا م�ساراً نم�شي عليه‪ ،‬ونحدد ما يميزنا عن‬ ‫غيرنا كنتيجة درا�ستنا لأنف�سنا‪ ،‬ولقد لخ�ص �أبو الطيب‬ ‫المتنبي معرفته بنف�سه قائ ًال‪:‬‬ ‫ ‬ ‫الخيل والليل والبيداء تعرفني‬ ‫وال�سيف والرمح والقرطا�س والقلم‬ ‫فذكر ما يميزه وتفاخر بنف�سه ‪،‬وقدراته و�إمكاناته‪ ،‬و�إن‬ ‫لم يكن له دراية بنف�سه ‪،‬فلم ي�ستطع و�صف ما يجيد‬ ‫عمله‪� ،‬إال �أنه ت�صور ما يمكنه �أن يفعله و�سخر عقله وفكره‬ ‫لإدارته لي�صبح ما يريد‪ ،‬وبالتالي فقد حدد هدفه ور�سم‬ ‫م�ساره‪.‬‬ ‫وقديماً‪ ،‬كان �أجدادنا َي ْدرُ�سُ و َن �أبناءهم بما يملكون من‬ ‫خبرات وثقافة الحياة‪ ،‬وبالتالي يخططون م�ستقبلهم‪،‬‬ ‫في وقت لم تكن فيه جامعات �أو تكنولوجيا �أو و�سائل‬ ‫ات�صال حديثة لنقل وتبادل المعلومات بكل �سهولة‬ ‫وي�سر‪ ،‬فقد كانوا ي�شركون �أبناءهم مع التجار ليعي�شوا‬ ‫معهم حياة التجارة ‪ ،‬فيتعلموا منهم فنونها ‪ ،‬وي�صبحوا‬ ‫تجاراً‪ ،‬وي�شركونهم مع البحَّ ارة لي�صبحوا مثلهم‪،‬‬ ‫ومع المزارعين لتع ِّلم مهاراتهم‪ ،‬وال�صانعين ل�صقل‬ ‫مهاراتهم‪ ،‬وقدراتهم‪ ،‬ويتخرجوا من مدر�ستهم‪ ،‬فكانت‬ ‫النتيجة المهارة ‪ ،‬والتخ�ص�ص ‪ ،‬والإتقان‪ ،‬والطموح‪ ،‬وحب‬ ‫العمل في كافة مجاالت حياتهم‪ ،‬فلم َ‬ ‫ير�ض الأجداد � َّإال‬ ‫بالأف�ضل للأبناء‪.‬‬ ‫�إن لكل �إن�سان �شخ�صيته التي يتميز بها عن غيره‪ ،‬وهذه‬ ‫ال�شخ�صية ي�صفها كلوكهون في كتابه "الإن�سان في‬ ‫المر�آة" ب�أنها مزيج من �أهداف هذا الإن�سان وت�صرفاته‬ ‫‪،‬و�آرائه‪ ،‬وعاداته ومدى فهمه لنف�سه ومقدار تقييمه‬ ‫لها‪ ،‬ومعرفته بما لديه من عنا�صر قوة وعنا�صر �ضعف‪،‬‬ ‫ويمكن للإن�سان �أن ي�صقل �شخ�صيته بالعلم‪ ،‬والتدريب‪،‬‬ ‫والتجريب‪ ،‬والممار�سة‪ ،‬وال�سعي لتحقيق النجاح‪،‬‬ ‫وبالتالي يكون له �أفكاره‪ ،‬وطموحه‪ ،‬وميوله‪ ،‬واهتمامه‬ ‫الخا�ص ور�سم �أهدافه‪ ،‬كما �أن هذه ال�شخ�صية ال بد �أن‬ ‫تتميز بالثقة بالنف�س التي ال تكون فعال ًة �إال �إذا اعتقد‬ ‫�صاحبها‪ ،‬و�آمن بقدراته‪ ،‬حيث �أن اعتقاد الفرد بقابليته‪،‬‬ ‫وقدرته على الو�صول �إلى ما يريد‪ ،‬يحقق �أكبر خطوة‬ ‫نحو الهدف‪.‬‬

‫والب ّد للفرد �أن يكون له �أهدافه‪ ،‬وطموحاته‪ ،‬و�أن يكون‬ ‫ويعتقد البع�ض �أن حديث الإن�سان عن نف�سه �أو ماذا يريد‬ ‫قادراً على ر�سم تلك الأهداف‪ ،‬حيث �إن قدرته على ر�سم‬ ‫�أن يكون هو نوع من التباهي ومدح الذات‪ ،‬وهذا جزء مما‬ ‫�أهدافه ت�أتي من مدى معرفته المعرفة الكاملة بذاته‪،‬‬ ‫لم�سته من �أولئك الطالب‪� ،‬إال �أنه لي�س عيباً �أن نتحدث‬ ‫ومدى قدرته على الأداء الفعال للعمل �أو المهمة‪ ،‬الأمر‬ ‫عن رغباتنا ‪،‬وما نتميز به من �إمكانات‪ ،‬وقدرات ومواهب‪،‬‬

‫الذي ي�ؤدي �إلى زيادة احترام الذات‪ ،‬ور�سم الأهداف‪،‬‬ ‫والعمل على تحقيقها‪ ،‬فلو ح ّدد هدفاً لنف�سه ‪،‬وخطط‬ ‫لتحقيق ذلك الهدف‪ ،‬ف�إنه �سوف ي�شعر بنجاح نف�سي كبير‬ ‫عند بلوغه لهدفه‪ ،‬وي�ؤدي هذا ال�شعور بالنجاح �إلى زيادة‬ ‫احترام الذات‪ ،‬واكت�ساب قوة دفع هائلة ت�ؤدي بدورها �إلى‬ ‫زيادة انهماكه في المهمة ‪،‬ومن ثم قيامه بو�ضع �أهداف‬ ‫�إ�ضافية في نف�س المهمة ‪ ،‬وتحديد م�ستويات �أعلى من‬ ‫الطموح‪ ،‬لي�ستطيع �أن يحقق ما يريد �أن يكون‪� ،‬أما �إذا‬ ‫بقي بدون �أهداف ف�سيعي�ش حياة ع�شوائية دون تحقيق‬ ‫�إنجازات‪ ،‬وكما يقول توما�س كارليل »�إن�سان بال هدف‬ ‫ك�سفينة بدون دفة‪ ،‬كالهما �سوف ينتهي به الأمر �إلى‬ ‫ال�صخور»‪ ،‬فال بد للإن�سان �أن يتعلم كيف ي�صيغ �أهدافه‪،‬‬ ‫و�أحالمه‪ ،‬ورغباته‪ ،‬كيف ي�صنع في ذهنه ماذا يريد وكيف‬ ‫يح�صل عليه‪.‬‬ ‫كما �أن لتحقيق الأهداف البد من تخطيط‪ ،‬الذي بدوره‬ ‫يمثل خارطة للم�سار ال�صحيح‪ ،‬فكم من �أهداف تال�شت‬ ‫وكم من فر�ص �ضاعت من بين �أيدينا وذهبت �أدراج الرياح‪،‬‬ ‫ال لأننا ال نرغب بها‪ ،‬بل لأننا لم نخطط لتحقيقها‪.‬‬ ‫فالتخطيط هو الخارطة التي ت�ساعدنا للو�صول �إلى‬ ‫�أهدافنا‪ ،‬والتي من خاللها نم�ضي قدماً في تحقيق‬ ‫الأهداف والنجاحات‪ ،‬فكما يرى توفيق الحكيم �أن‬ ‫الإن�سان عندما ي�ضع لحياته خطة‪ ،‬ف�إن القدر �أحياناً‬ ‫ي�أخذ وينفذ‪ ،‬وبالتخطيط يحدد الإن�سان الطريقة‬ ‫والنتائج التي ينبغي الو�صول �إليها‪ ،‬ف�إذا حددها وقام‬ ‫بتنمية �إح�سا�سه بما يتحقق‪ ،‬ثم زاد من مرونته في‬ ‫تغيير �سلوكياته و�أ�ساليبه حتى يجد الأف�ضل منها‪ ،‬ف�إنه‬ ‫�سيتو�صل �إلى النتائج التي يريد بكل اقتدار و�سي�شعر‬ ‫بالنجاح ولذته‪.‬‬ ‫عزيزي القارئ‪ ،‬لكي تعرف من �أنت‪ ،‬وماذا تريد �أن‬ ‫تكون‪ ،‬فعليك �أن تحلم‪ ،‬ولكن من ال�ضروري جدا �أن‬ ‫تحلم بطريقة مركزة لتدر�س نف�سك وت�ضع لك �أهدافا‬ ‫محددة‪ ،‬ولفعل ذلك فعليك �أن تجل�س في مكان ت�شعر فيه‬ ‫بالراحة‪ ،‬و�أن تخطط لق�ضاء �ساعة �أو �أكثر للتعرف على‬ ‫نف�سك وما تتوقعه لها‪ ،‬ماذا تتوقع �أن تكون وماذا �ستفعل‪،‬‬ ‫وفيما �ست�ساهم وماذا �ستبدع؟ قد تكون هذه ال�ساعة‬ ‫�أف�ضل �ساعة في حياتك كلها‪� ،‬سوف تتعلم فيها و�ضع‬ ‫الأهداف وتحديد النتائج‪ ،‬و�سوف ت�ضع خريطة للطرق‬ ‫التي تريد �أن ت�سير عليها في رحلة حياتك‪ ،‬و�سوف تت�صور‬ ‫الطريق الذي تريد الذهاب �إليه وكيف ت�ستطيع الو�صول‬ ‫�إليه؟ ومتى؟ فهل �أنت م�ستعد لتعرف من �أنت؟ وماذا‬ ‫تريد �أن تكون؟‬


‫تقارير‬

‫تقرير مصور‬

‫بانوراما فيلمية لإلحتفاالت الجماهيرية للعودة الميمونة‬ ‫كبقية المساءات‪ ،‬كانت‬ ‫ذلك المساء الجميل‪ ،‬لم يكن‬ ‫ّ‬

‫األنظار شاخصة في السماء‪ ،‬وكعادتها‪ ،‬تلهج بالدعاء‬ ‫للباري أن يعيد جاللة السلطان قابوس بن سعيد‬

‫‪12‬‬

‫المعظم ‪ -‬حفظه الله ورعاه – إلى أرض السلطنة‪ ،‬تلك‬ ‫ّ‬ ‫حط‬ ‫ّ‬ ‫العودة التي تشبه عودة الروح للجسد‪ ،‬وفجأة‬

‫الطائر الميمون على أرض مطار مسقط حامال البشرى‬ ‫المتلهفة التي غلبها الشوق‪ ،‬فأشرقت شمس‬ ‫للقلوب‬ ‫ّ‬

‫األبوة‪ ،‬والمحبة على أرض عمان‪ ،‬وتألألت مصابيح‬ ‫ّ‬ ‫الوفاء‪ ،‬وفاضت أنوار الجمال‪ ،‬لتغمر البالد بطوفان‬

‫كأي فرح‪ ،‬إنّ ه يشبه فرح األرض المجدبة بعد‬ ‫فرح‪ ،‬ليس ّ‬

‫تمر ّإل دقائق قليلة من‬ ‫نزول زخّ ات مطر‬ ‫المحبة‪ ،‬ولم ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبشرا‬ ‫إذاعة البيان الصادر عن ديوان البالط السلطاني‪ّ ،‬‬

‫‪،‬ورددت‬ ‫بالعودة‪ ،‬حتى ازدانت الشوارع بالمحتفلين‬ ‫ّ‬ ‫تصوير ‪ :‬حمد الرئيسي‬

‫الحناجر‪:‬‬

‫"أبشري قابوس جاء‬

‫فلتبـــاركه السمـــاء"‬

‫وبشكل عفوي‪ ،‬صدحت حناجر المغنّ ين‪ ،‬وسالت كلمات‬

‫الرسامين في‬ ‫الشعراء على الورق‪ ،‬وامتزجت الوان‬ ‫ّ‬ ‫كرنفال بهيج‪ ،‬وارتفعت األعالم ‪ ،‬وانطلقت مسيرات‬ ‫الوالء والعرفان‪ ،‬ابتهاجا بالعودة الميمونة‪ ،‬والحدث‬

‫كل عماني‪ ،‬وعربي‪،‬‬ ‫السعيد‪ ،‬والمناسبة الغالية على ّ‬ ‫ومقيم لترسم على شغاف القلوب التي سكنها‬ ‫الحب‪ ،‬ومترجمة‬ ‫معبرة عن هذا‬ ‫ملحمة حب‪ ،‬و وفاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫هذه العواطف بـــ ‪:‬‬

‫" أبشري قابوس جاء‬

‫فلتبـــاركه السمـــاء"‬

‫ويمكنكم مشاهدة بعض من مقاطع االحتفاالت‬ ‫الوطنية‪ ،‬من خالل مسح الباركود أعاله‪.‬‬


‫تقارير‬

‫‪13‬‬


‫مقال‬ ‫أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫‪14‬‬ ‫يوم األرض لمسة وفاء ودعوة لألصدقاء‬ ‫الأر�ض‪ ..‬الأم الكبرى التي تحت�ضن الحياة‬ ‫وتبعث الأمان واال�ستقرار لكل روح ُنفخت في هذا‬ ‫الوجود‪ ،‬فلي�س من كوكب �آخر تهي�أت له �أ�سباب‬ ‫الحياة وتوافرت به العوامل التي تكفل بقاء‬ ‫االن�سان والحيوان والنبات �إال �أمنا الأر�ض! حقاً‬ ‫هي من �أجل النعم التي �أ�سبغها المولى لخلقه‪،‬‬ ‫وبها من الحكم الربانية ما يجعل العقل الب�شري‬ ‫يتيه عجباً من دقة َ‬ ‫الخلق وجمال ال�صُ نع وح�سن‬ ‫ن�سق َر ْتلٍ ال‬ ‫التدبير‪ ،‬فكل �شيء فيها يجري وف َق ٍ‬ ‫يحي ُد عن م�سار الطبيعة المتزن‪ .‬غير �أنه ومع‬ ‫تقدم الحياة �شيئاً ف�شيئا‪ ،‬بد�أت ي ُد االن�سان تمت ُّد‬ ‫لتطال هذه الطبيعة �سعياً وراء التطور والتقدم‬ ‫فطنت �أنها في الحقيقة كانت ت�ؤذي هذه الأم!‬ ‫وما ِ‬ ‫ولم يكن ليعي العقل الب�شري في خ�ضم معمعات‬ ‫التمدن �أنه يُقدم على تدمير هذه الأر�ض‪.‬‬ ‫لذا وبعد �أن تغيرت المالمح التي وجدت عليها‬ ‫�أر�ضنا بد�أ االن�سان ي�ستوعب حجم الأثر الكبير‬ ‫الذي خل َّفه هذا التطور‪ ،‬ففي عام ‪ 1970‬ا�ستوقف‬ ‫ال�سيناتو َر الأمريكي جايلورد نل�سون وم�ساعده‬ ‫دني�س هاي�س منظ ُر المحيط الهادي بالقرب من‬ ‫ال�سواحل الأمريكية وقد تلوث بكميات كبيرة‬ ‫من النفط مما �أثار لديه الذعر والقلق لما لهذا‬ ‫التلوث من الأخطار الجمة التي من الممكن �أن‬ ‫تهدد حياة االن�سان وت�ؤثر على البيئة بما فيها من‬ ‫حيوانات وطيور و�أ�سماك‪ ،‬و�إذا ا�ستمر الحال على‬ ‫هذا النحو فقد ت�صبح الحياة م�ستحيلة على �سطح‬ ‫الأر�ض‪ .‬حينها �أ�شار جايلورد نل�سون �إلى فكرة‬ ‫تخ�صي�ص يوم ‪� 22‬إبريل يوماً لالحتفاء بالأر�ض‪،‬‬ ‫وقد �شارك في االحتفال الأول بيوم الأر�ض �أكثر‬ ‫من ‪ 20‬مليون �أمريكي‪ ،‬ثم ا�ستع النطاق ليحتفل‬ ‫ماليين النا�س حول العالم بهذا اليوم‪.‬‬ ‫وي�أتي الهدف من االحتفاء بيوم الأر�ض هو لفت‬ ‫انتباه الر�أي العام لأهمية المحافظة على البيئة‬ ‫وتذكير الب�شرية بالهدية التي وهبها �إياهم‬ ‫المولى ع َّز وجل واحترام هذه الكرة الأر�ضية‬ ‫بحماية مواردها الطبيعية‪ .‬كما �أن هذا اليوم‬ ‫يُبرز �أهم الم�شاكل المتفاقمة التي يعاني منها‬ ‫كوكبنا‪ .‬وتتجلى هذه الم�شاكل في �إ�ساءة ا�ستغالل‬ ‫الموارد الطبيعية التي تجود بها الأر�ض وعدم‬ ‫االهتمام بالبيئة �أو المحافظة عليها‪ ،‬فمن �أكبر‬ ‫الم�شاكل التي يواجهها العالم في الوقت الراهن‬

‫ارتفاع درجة الحرارة ب�سبب الغازات المنبعثة من‬ ‫الأن�شطة التي يمار�سها الإن�سان وغازات البيوت‬ ‫الزجاجية الحرارية التي تع ُّد خطراً ج�سيماً‬ ‫يهدد هذا الكوكب‪ ،‬وقد �أك َّد الفريق الحكومي‬ ‫الدولي المعني بتغير المناخ (‪� )IPCC‬أن درجة‬ ‫حرارة الأر�ض �آخذة في االزدياد‪ ،‬فخالل القرن‬ ‫الع�شرين ازداد متو�سط حرارة الأر�ض بمعدل ‪1‬‬ ‫درجة فهرنهايت‪ ،‬وقد تبدو هذه الن�سبة �ضئيلة‬ ‫�إال �أنها في حقيقة الأمر ظاهرة غير اعتيادية في‬

‫‪1.245.713‬‬ ‫هكتار‬

‫مساحة الغابات المفقودة في‬ ‫العالم لهذا العام‬

‫‪1.187.559‬‬ ‫بليون لتر‬

‫استهالك الماء في العالم‬ ‫لهذا العام‬

‫تاريخ هذا الكوكب‪ .‬فازدياد درجة الحرارة يعني‬ ‫خلق موجات حرارية تعمل على زيادة الجفاف‬ ‫في كثير من مناطق الأر�ض وذوبان الثلوج في‬ ‫القطبين ال�شمالي والجنوبي‪ ،‬كما �أنها تزيد‬ ‫من قابلية حدوث الحرائق في الغابات وحدوث‬ ‫الفي�ضانات والأعا�صير اال�ستوائية التي قد تدمر‬ ‫الطبيعة وتزيد �أي�ضاً من م�ستوى ارتفاع مياه‬ ‫البحر وترفع من ن�سبة حمو�ضته‪ ،‬مما يجعل‬ ‫العالم يعاني من �شح في المياه النقية وهو ما‬ ‫يح�صل الآن بالفعل‪ ،‬ولكل هذه الظواهر ت�أثيرات‬ ‫�سلبية على الكائنات التي تقطن هذه البيئات‬

‫�سواء على الم�ستوى الب�شري او الحيواني �أو‬ ‫أمرا�ض عدة �سببها‬ ‫النباتي‪ ،‬لذا نجد تف�شي � ٍ‬ ‫التلوث الناجم عن هذه الظواهر‪ ،‬كما �أن هذه‬ ‫البيئات ت�صبح غير مالئمة للعي�ش مما ي�ؤدي �إلى‬ ‫انقرا�ض الحيوانات والنباتات التي تتواجد بها‪.‬‬ ‫ف�ض ًال عن ذلك‪ ،‬ف�إن الأن�شطة الأخرى التي‬ ‫يقوم بها االن�سان تطم�س مالمح الطبيعة التي‬ ‫ُفطرت عليها الأر�ض‪ ،‬ومثال ذلك �إزالة الغابات‬ ‫وقطع الأ�شجار التي خلفت �أ�ضراراً كبيرة على‬ ‫الأر�ض مثل ظهور م�شكلة الت�صحر وتلوث‬ ‫الهواء بالغازات ال�ضارة‪ .‬وجميع هذه الآثار‬ ‫والظواهر الناجمة ت�ؤثر �سلباً على توازن‬ ‫النظام البيئي وت�سبب خل ًال ال يمكن تجاهله‬ ‫في النظام االقت�صادي للدول‪ ،‬فح�سب ما �أفاد‬ ‫الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ‬ ‫�أن التكاليف ال�سنوية تزداد بزيادة درجات‬ ‫الحرارة نظراً للأ�ضرار التي تخلفها على البنية‬ ‫التحتية وال�صحة والزراعة وغيرها‪.‬‬ ‫لذا كان من الواجب المحتم علينا �أن نقف‬ ‫قلي ًال لندرك حجم الخطر الذي يداهم �أمنا‬ ‫الأر�ض‪ ،‬و�أن نخطو خطواتنا الأولى �سعياً نحو‬ ‫الحفاظ عليها‪ ،‬فهي م�س�ؤولية فردية قبل �أن‬ ‫تكون جماعية‪ ،‬فعلى كل فرد �أن يراعي �أهمية‬ ‫الحفاظ على �صحة البيئة في كل خطوة‬ ‫يخطوها و�أن ي�ست�شعر ب�أن هذه الأر�ض هي‬ ‫�أمانة ي�شاركه فيها كثيرون �آخرون‪ .‬كما نجد‬ ‫�أي�ضاً �أن الكثير من الدول بد�أت بالفعل تنتهج‬ ‫طرقاً �أكثر �سلمية و�صحية لإعادة الطبيعة �إلى‬ ‫ما كانت �أو �أقله تخفيف الكاهل الذي �أوهن هذه‬ ‫الأر�ض‪ ،‬فنالحظ التوجه الكبير ال�ستغالل‬ ‫الطاقة ال�شم�سية كما نجد �أن العالم احتفل عام‬ ‫‪ 2014‬بيوم الأر�ض تحت �شعار "المدن الخ�ضراء"‬ ‫والتي تعني اعادة زرع المناطق العمرانية‪.‬‬ ‫و�أخيرا علينا �أن ال نن�سى واجبنا نحو الأر�ض‬ ‫و�أن نحبها كما �أحبتنا فكما قال بان – كي مون‬ ‫في ر�سالته بمنا�سبة يوم الأر�ض "�أنا�شد جميع‬ ‫النا�س في كل مكان �أن يجهروا ب�أ�صواتهم‪ .‬فلتعل‬ ‫�أ�صواتكم با�سم هذا الكوكب الذي ال بيت ي�ؤوينا‬ ‫غيره‪ .‬و ْلنتدا َع �إلى العناية ب�أمنا الأر�ض حتى‬ ‫تظل هي ترعانا مثلما فعلت على الدوام منذ‬ ‫�آالف ال�سنين"‬


‫الحل االمثل للتقليل من إستهالك الملح والدهون والسكريات‬

‫إعداد ‪ :‬مريم بنت خلفان المسلمية‬ ‫ترجمة ‪ :‬أحالم بنت صالح الشعيلية‬

‫في تعاون ثالثي بين وزارة الصحة مع قسم الدعم الفني‬

‫‪15‬‬

‫بمنظمة الصحة العالمية (‪ ،)WHO‬وفريق العمل الوطني للقيام‬

‫بمهام متعددة لصياغة‪ ،‬واعتماد االستراتيجيات العالمية لمنظمة‬

‫الصحة العالمية للوقاية‪ ،‬والسيطرة على األمراض غير المعدية‬ ‫التي تشكل نسبة ‪ 75%‬من نسبة األمراض بالسلطنة‪ .‬وتدعو‬

‫هذه االستراتيجيات إلى تعزيز المحافظة على الصحة العامة‬

‫للمواطنين‪ ،‬ومنها‪( :‬النظام الغذائي والنشاط البدني‪ ،‬والصحة)‪.‬‬ ‫وتطبيق خطة العمل للعام ‪ 2013 2008-‬بشأن االستراتيجية‬

‫العالمية لمكافحة األمراض غير المعدية وتطبيق توصيات إلى‬ ‫إعالن روما عام ‪ 2014‬حول التغذية وتسليط الضوء عليها جميعا‪،‬‬

‫وتلك التي تؤكّ د الحاجة إلى اتخاذ إجراء عالمي للحد من جميع‬

‫أشكال سوء األغذية بما في ذلك السمنة‪ ،‬واألمراض غير‬ ‫المعدية المتعلقة بالنظام الغذائي‪.‬‬

‫األمراض‬ ‫المعدية‬

‫‪%75‬‬ ‫األمراض غير المعدية بالسلطنة‪.‬‬

‫وعلى ال�صعيد العالمي‪� ،‬أ�شار د‪� .‬أيوب الجوالدة‬ ‫الم�ست�شار الإقليمي للتغذية بق�سم حماية وتعزيز‬ ‫ال�صحة الغذائية‪ ،‬بمكتب ال�شرق المتو�سط لمنظمة‬ ‫ال�صحة العالمية‪� ،‬إلى �أن معدل ال�سمنة بين الأطفال‬ ‫يتزايد ب�شكل يدعو للقلق‪ ،‬وترتبط هذه الم�شكلة‬ ‫مبا�شرة بالأمرا�ض الغير معدية‪� ،‬إذ �أن �أكثر من ‪%60‬‬ ‫من الوفيات حول العالم تعُزى �إلى الأمرا�ض غير‬ ‫المعدية‪ ،‬و�أن �أف�ضل منهج وقائي هو التدخل المبكر‬ ‫للحد من ال�سمنة منذ الطفولة‪.‬‬ ‫وت�شير بع�ض الدرا�سات‪ ،‬والتي ا�ستندت على الأدلة‬ ‫�أنه "�إذا �أُ�صيب الطفل بال�سمنة في ال�سنوات الخم�س‬ ‫الأولى من عمره‪ ،‬ف�إن احتمالية ا�صابته بال�سمنة‬ ‫في مرحلة البلوغ عالية جداً‪ .‬وفي هذا الجانب‬ ‫و�ضعت منظمة ال�صحة العالمية �سيا�سات للحد من‬ ‫ال�سمنة‪ ،‬وواحدة من هذه ال�سيا�سات التي �صدرت‬ ‫م�ؤخراً تت�ضمن المبد�أ التوجيهي الذي يهدف �إلى‬ ‫تقليل �إجمالي ن�سبة ا�ستهالك ال�سكر في الأطعمة‪،‬‬ ‫والم�شروبات‪ ،‬والم�شروبات الغازية‪ ،‬من ‪� %10‬إلى‬

‫‪ .%5‬وهذا الأمر يتطلب تظافر جهود الحكومات‪،‬‬ ‫وال�سلطات ال�صحية‪ ،‬والم�ؤ�س�سات المعنيه ب�صناعة‬ ‫وتجارة المواد الغذائية‪ ،‬وجميع الجهات المخت�صة‪،‬‬ ‫والتي ينبغي عليها مراجعة معايير‪ ،‬وموا�صفات‬ ‫جميع الأطعمة والم�شروبات بما فيها الم�شروبات‬ ‫الغازية‪� ،‬إذ �أنها تحتوي على ما يقارب ‪%15 - %10‬‬ ‫من ال�سكريات الزائدة‪ ،‬وذلك في بع�ض العالمات‬ ‫التجارية للمنتجات غير ال�صحية‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف د‪� .‬أيوب �إلى �أنه اذا اتخذت الحكومات‬ ‫الإجراءات المنا�سبة بفر�ض معايير وموا�صفات في‬ ‫تجارة الم�أكوالت والمواد الغذائية غير ال�صحية‪،‬‬ ‫ف�إن جميع العمليات المتبعة في هذا المجال �سوف‬ ‫تخ�ضع لهذه الموا�صفات‪ ،‬والمعايير‪ ،‬و�ستعمل‬ ‫على تقليل كمية ال�سكر في الأطعمة‪ ،‬والم�شروبات‬ ‫والم�شروبات الغازية‪ ،‬ومثل هذا الإجراء الحكومي‬ ‫له نف�س القدر من الأهمية في تقليل ن�سبة الملح‬ ‫و�أنواع الدهون غير الم�شبعة والأحما�ض الدهنية‬ ‫الم�شبعة التي ت�سهم في الإ�صابة ب�أمرا�ض القلب‪،‬‬

‫ملف العدد‬

‫اإلستراتيجيات الحكومية‬

‫وزيادة م�ستويات الكولي�سترول في الدم‪ ،‬ومثل هذه‬ ‫المنتجات على �سبيل المثال‪ ،‬تت�ضمن ا�ستخدام زيت‬ ‫النخيل الم�شبع بالدهون‪ ،‬غير �أن الحكومات و�ضعت‬ ‫�ضوابط للمواد الم�ستوردة‪ ،‬وذلك بحظر ا�ستخدام‬ ‫زيت النخيل خا�صة في المطاعم‪ ،‬و�أن التحكم‬ ‫با�ستخدام مثل هذه الزيوت في الأطعمة الم�صنعة‬ ‫ي�ساعد ال�سكان‪ ،‬وخ�صو�صاً الأطفال في حمايتهم‬ ‫من الأمرا�ض الخطيرة غير المعدية في الم�ستقبل‪.‬‬ ‫وبالمثل‪ ،‬ف�إن االتجاه للحد من �إجمالي ا�ستهالك‬ ‫الملح �إلى غرام واحد لل�شخ�ص الواحد في اليوم‬ ‫ي�ؤدي �إلى الحد من الوفيات الناجمة عن �أمرا�ض‬ ‫القلب‪ ،‬والأوعية الدموية وال�سكتات الدماغية ب�أكثر‬ ‫من ‪ %7‬في كل بلد‪.‬‬ ‫وفي هذا ال�ش�أن‪ ،‬ولمعالجة م�شكلة �سوء العادات‬ ‫الغذائية بما في ذلك ال�سمنة‪ ،‬والأمرا�ض غير‬ ‫المعدية المتعلقة بالنظام الغذائي في المنطقة‪،‬‬ ‫و�سلطنة عمان على وجه الخ�صو�ص‪ ،‬ف�إن "مهمتنا‬ ‫هي ال�سعي للح�صول على نمط حياة �صحي‪ ،‬وتزويد‬


‫ملف العدد‬

‫‪16‬‬

‫– ‪2020‬م‪ ،‬لوقف ارتفاع ن�سبة ال�سكري‪ ،‬وال�سمنة‪،‬‬ ‫وتقليل معدل الوفيات المبكرة ب�سبب الأمرا�ض‬ ‫غير المعدية بن�سبة ‪ %25‬بحلول عام ‪ ،2025‬ف�إنني‬ ‫�أفتر�ض �أن م�س�ألة الوقاية‪ ،‬وال�سيطرة ال ترتبط‬ ‫بوزارة ال�صحة وحدها فقط‪ ،‬و�إنما يت�شارك في هذه‬ ‫المهمة العديد من القطاعات الأخرى‪ .‬و�أن واحدة‬ ‫من �أف�ضل الطرق للحد وال�سيطرة على الأمرا�ض‬ ‫غير المعدية‪ ،‬وتحقيق التو�صيات المن�صو�ص عليها‬ ‫على الم�ستوى الوطني هو تقليل مقدار المكونات‬ ‫الثالثة (�أمالح‪ ،‬وال�سكريات‪ ،‬والدهون)‪ ،‬وتعزيز‬ ‫د‪ .‬فاتن بن عبدالعزيز‬ ‫د‪ .‬أيوب الجوالدة‬ ‫الن�شاط البدني والعمل وفق �أنظمة �صحية من‬ ‫وزارة ال�صحة بالدعم الفني الالزم التخاذ خطوات خالل التدخل المبكر وتقليل الترويج للأطعمة ف�إن االقتراحات تحث الحكومة على تبني �سيا�سات‬ ‫لدعم النظم الغذائية ال�صحية في المدار�س عن‬ ‫ا�ستباقية‪ ،‬وتطوير خطط العمل لديها لتنظيم والم�أكوالت غير ال�صحية" ‪.‬‬ ‫طريق تقليل التعر�ض لقوة الت�سويق والطلب من‬ ‫عملية الت�سويق للمنتجات غير ال�صحية للأطفال‪،‬‬ ‫الترويج لألطعمة غير الصحية تحدٍ كبير‬ ‫المدار�س بعدم توفير الأطعمة غير ال�صحية في‬ ‫و�ست�سهم خطة العمل في الحد من محتويات المواد‬ ‫وي�ؤكد م�سئول منظمة ال�صحة العالمية �أنه من‬ ‫نطاق المدر�سة ومحيطها‪ ،‬كما تحث البلديات‬ ‫المذكورة من مكونات �أطعمة الأطفال التي تتطلب‬ ‫المتعارف عليه على نطاق وا�سع �أن الترويج‬ ‫بعدم عر�ض �أية �إعالنات على اللوحات للوجبات‬ ‫التزاما �سيا�سيا ودعما قويا من الحكومة" بالإ�ضافة‬ ‫والت�سويق للأطعمة والم�شروبات غير ال�صحية‬ ‫الخفيفة التي ت�ستخدم حروف للأطفال و�صورهم‬ ‫�إلى ذلك‪ ،‬ودعماً للدول الأع�ضاء لتحقيق الأهداف‬ ‫للأطفال ي�شكل تحدياً كبيراً على ال�صحة العامة في‬ ‫في الإعالن" بالإ�ضافة �إلى �أنها تحث الكيانات‬ ‫المن�شودة لالجراءات العالمية على الم�ستوى‬ ‫الريا�ضية التي تتعامل مع الأطفال بعدم التعامل مع‬ ‫الوطني‪ ،‬فقد قامت منظمة ال�صحة العالمية بو�ضع‬ ‫ال�صناعات الغذائية لغر�ض الرعاية باعتباره ت�ضارباً‬ ‫نموذج لأنماط التغذية لي�ساعد الدول الأع�ضاء‬ ‫للم�صالح في ا�ستهداف الأطفال وخا�صة �أن مثل‬ ‫في المنطقة في عملية تحليل المكونات ال�صحية‬ ‫هذا الدعم ي�ؤثر على الأطفال‪ ،‬واختيارهم للغذاء‬ ‫في الأطعمة‪ .‬ووفقاً �إلى (عمان‪ :‬الملف الإح�صائي‬ ‫لمنظمة ال�صحة العالمية) الذي تم تحديثه م�ؤخراً‬ ‫غير ال�صحي دون الغذاء ال�صحي‪ .‬لذلك ولتحقيق‬ ‫السلطنة الثانية في‬ ‫هدف ال�سيا�سة‪ ،‬والأهداف المحددة لتنظيم ت�سويق‬ ‫في يناير ‪ ،2015‬ف�إن االح�صائية ت�شير �إلى �أن حاالت‬ ‫الأغذية غير ال�صحية للأطفال ف�إن العديد من‬ ‫اال�صابة بالأمرا�ض غير المعدية مثل مر�ض‬ ‫السمنة على مستوى‬ ‫الدول الأع�ضاء بما فيها �سلطنة عمان في طريقها‬ ‫ال�سكري �آخذة في االزدياد‪ .‬الم�صدر‪ :‬الإح�صائيات‬ ‫إقليم شرق المتوسط‬ ‫لتبني منهج �شامل وو�ضع �ضوابط لت�سويق الأطعمة‬ ‫الدولية وتقديرات ال�صحة العالمية ل�شركاء منظمة‬ ‫للأطفال والتي تحتوي على محتويات عالية من‬ ‫ال�صحة العالمية والأمم المتحدة‪http://who.int/( .‬‬ ‫الدهون الم�شبعة والأحما�ض الدهنية غير الم�شبعة‬ ‫‪.)/mortality_burden_ disease/en‬‬ ‫ً‬ ‫وال�سكريات �أو الملح‪.‬‬ ‫وبالمثل‪ ،‬ف�إذا �أمعنا النظر قليال في م�شكلة ال�سمنة‬ ‫في المنطقة‪ ،‬نجد �أنها ت�شكل خطراً ج�سيماً‪� ،‬إذ القرن ‪ ،21‬و�أنها تمثل عامل خط ٍر ورئي�س لل�سمنة و�أ�ضافت " في هذا الجانب‪ ،‬ف�إننا نعمل مع ال�سلطات‬ ‫تحتل ال�سلطنة المركز الثاني من بعد دولة االمارات والإ�صابة بالأمرا�ض غير المعدية المتعلقة بالنظام المعنية في محاولة لفر�ض الت�شريعات القائمة من‬ ‫العربية المتحدة في انت�شار حاالت ال�سمنة‪ .‬وعلى الغذائي‪ .‬وفي ‪� 2010‬أقرت منظمة ال�صحة العالمية خالل قانون حماية الطفل في البالد‪ ،‬والذي ين�ص‬ ‫الرغم من �أن ن�سبة انت�شار ال�سمنة بين طالب مجموعة من التو�صيات ب�ش�أن الت�سويق والترويج بو�ضوح على �أن‪ُّ � :‬أي �إعالن ي�ستخدم للترويج لأي‬ ‫المدار�س معتدلة بالمقارنة مع الدول الأخرى‪� ،‬إال للأغذية والم�شروبات غير الكحولية للأطفال‪ ،‬طعام ي�ؤثر على �صحة الأطفال فهو غير قانوني"‪.‬‬ ‫�أن هذه الن�سبة �أخذت في االزدياد خالل العامين وم�ساعدة الدول الأع�ضاء على تنفيذ تلك التو�صيات وت�شير د‪ .‬فاتن �إلى �أنه وفقاً لبع�ض الم�سئولين‪،‬‬ ‫الما�ضيين‪ ،‬وذلك بب�ساطة ب�سبب التنوع الهائل من خالل تقديم التوجيه في جوانب تطوير ف�إن ال�سلطنة لديها لوائح و�أنظمة تنظم عملية‬ ‫ت�سويق الأطعمة غير ال�صحية للأطفال‪ ،‬وتت�ضمن‬ ‫والجاذب في الأطعمة‪ ،‬والم�أكوالت غير ال�صحية ال�سيا�سات والتنفيذ والر�صد والتقييم والبحث‪.‬‬ ‫في ال�سوق المحلي‪ ،‬غير �أنه من الجيد �أن نعلم �أن وتفيد د‪ .‬فاتن بن عبد العزيز الم�ست�شارة الإقليمية هذه اللوائح على �سبيل المثال‪ :‬قانون حماية‬ ‫ا�ستراتيجية "ر�ؤية ال�صحة في عمان ‪ "2050‬تو�ضح للتعليم ال�صحي والترويج بالمكتب الإقليمي لمنظمة الطفل‪ ،‬و�أنظمة حماية الم�ستهلك و�سالمة الغذاء‬ ‫�أن الحكومة العمانية �أدركت حجم هذه الم�شكلة ال�صحة العالمية بالقاهرة ب�أنه "تركز التو�صيات التي تعالج ق�ضية ت�سويق الغذاء والم�شروبات غير‬ ‫و�أنها ت�ؤمن ب�أن التدخل المبكر هي الو�سيلة الأنجح التي تعتمد على الظروف الوطنية والموارد المتاحة الكحولية للأطفال والتي تهدف جميعها �إلى حماية‬ ‫لحلها‪ ،‬وبالتالي ال ينبغي �أن ننتظر حتى تتفاقم على ق�ضايا متنوعة تتراوح بين الإعالن والتقنيات �صحة الطفل‪.‬‬ ‫المختلفة التي ت�ستخدمها ال�صناعة للت�أثير على ووفقاً لمنظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬ف�إن تعريف‬ ‫الم�شكلة �إلى �أعلى م�ستوياتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وي�ضيف د‪� .‬أيوب م�ؤكداً " لذلك ف�إنه من �أجل تحقيق خيارات الطفل"‪ .‬وت�ؤكد د‪ .‬فاتن �أنه بالمثل وتما�شيا م�صطلح "ت�سويق" كما حددته التو�صيات ي�شير‬ ‫�أهداف منظمة ال�صحة العالمية التي و�ضعتها خطة مع التو�صية الواردة في اال�ستراتيجية العالمية �إلى �أي �شكل من �أ�شكال التوا�صل التجاري الذي تم‬ ‫العمل العالمية للأمرا�ض غير المعدية ‪ 2013‬ب�ش�أن النظام الغذائي والن�شاط البدني وال�صحة‪ ،‬ت�صميمه للت�أثير وزيادة الوعي واالقبال وا�ستهالك‬

‫‪WHO‬‬


‫ملف العدد‬

‫أكثر ‪ ١٠‬أسباب للوفيات في السلطنة‬

‫د‪.‬سامية الغنامية‬

‫منتج �أو خدمة معينة‪ .‬وت�شمل �أي �شيء يقوم‬ ‫بالإعالن والترويج لمنتج �أو خدمة ما‪.‬‬ ‫إستراتيجية وطنية إلعتماد توصيات‬ ‫المنظمة‬

‫تعمل وزارة ال�صحة بالتعاون مع ق�سم الدعم‬ ‫الفني بالمكتب الإقليمي لمنظمة ال�صحة العالمية‬ ‫بال�شرق المتو�سط على تنفيذ اال�ستراتيجيات‬ ‫الوطنية للتقليل من المكونات الثالثة �أثناء ت�صنيع‬ ‫الأطعمة بنا ًء على الو�ضع بال�سلطنة‪ .‬وي�أتي الهدف‬ ‫من اعتماد تو�صيات ا�ستراتيجية منظمة ال�صحة‬ ‫العالمية للتقليل من معدالت الملح والدهون‬ ‫ال�ضارة وال�سكريات في الأغذية الم�صنعة على‬ ‫الم�ستوى الوطني من �أجل الحد من معدالت الوفاة‬ ‫الناجمة عن ارتفاع �ضغط الدم وال�سكتات الدماغية‬ ‫في دول المنطقة‪ .‬كما تهدف اال�ستراتيجية �إلى‬ ‫الم�ساعدة على الحد من االنت�شار المتزايد لل�سكري‬ ‫وال�سمنة في المنطقة بالإ�ضافة �إلى تقليل محتوى‬ ‫الدهون الم�شبعة في المواد الغذائية �إلى �أكبر حد‬ ‫ممكن‪.‬‬ ‫وفي حوار �أجراه مركز الدرا�سات والبحوث مع‬ ‫د‪� .‬سامية الغنامية مديرة دائرة التغذية بوزارة‬ ‫ال�صحة‪ ،‬ذكرت خالله ب�أنه �سيتم تنفيذ هذه‬ ‫اال�ستراتيجيات عن طريق تظافر الجهود مع فريق‬ ‫العمل الوطني الذي يتكون من �أ�صحاب الم�صلحة‬ ‫وال�شركاء الرئي�سيين بما فيها وزارة ال�صحة ووزارة‬ ‫التجارة وال�صناعة والبلديات االقليمية وهيئة‬ ‫حماية الم�ستهلك‪ .‬كما ي�ضم الفريق �أي�ضاً م�ؤ�س�سات‬ ‫من القطاع الخا�ص مثل �شركة المطاحن العمانية‬ ‫وغيرها من ال�شركات التي تدخل �ضمن نطاق ت�صنيع‬ ‫الأطعمة بالإ�ضافة �إلى الم�ؤ�س�سات الأكاديمية مثل‬ ‫جامعة ال�سلطان قابو�س‪ .‬و�أ�ضافت "نتيجة لذلك‪،‬‬ ‫وتنفيذاً لمبادرات ال�سلطنة والتزامها بمعالجة‬ ‫الأمرا�ض غير المعدية المرتبطة بالنظام الغذائي‬ ‫على نطاق �أو�سع في ال�سلطنة‪ ،‬ف�إنه �سيتم التقليل‬ ‫التدريجي واال�ستهالك الم�ستدام للملح على‬ ‫الم�ستوى الوطني بمعدل ‪� %10‬سنوياً‪ ،‬ولمعالجة‬

‫المصدر‪ :‬اإلحصائيات الدولية وتقديرات الصحة العالمية لشركاء منظمة الصحة‬ ‫العالمية واألمم المتحدة‪.)/http://who.int/mortality_burden_ disease/en( .‬‬

‫الم�شكلة من جذورها‪ ،‬ف�إن وزارة ال�صحة تخطط‬ ‫لتقليل كمية الملح من �أ�صناف متنوعة من الخبز‬ ‫في �أ�سواق ال�سلطنة وخف�ضها عن الكميات الحالية‬ ‫من بين ‪� %1.5 - %0.5‬إلى �أقل من ‪ %0.5‬من �أجل‬ ‫الو�صول �إلى الن�سبة المن�شودة وهي ‪ %30‬بحلول عام‬ ‫‪."2017‬‬ ‫واعتماد هذه اال�ستراتيجية جاء بناء على نتائج‬ ‫الم�سح الأول الذي قامت به وزارة ال�صحة لتحليل‬ ‫محتويات الملح في �أنواع مختلفة من الخبز‬ ‫الم�صنع محلياً‪ .‬و�أ�شارت النتائج �إلى وجود ن�سب‬ ‫عالية من الملح �أجبرت الوزارة التباع تو�صيات‬ ‫منظمة ال�صحة العالمية للحد تدريجياً من‬ ‫محتويات الملح‪ ،‬وخا�صة الخبز‪ ،‬وغيرها من‬ ‫الأطعمة الم�صنعة بطريقة تدريجية تجعل النا�س‬ ‫ال ي�شعرون بالفرق في تغير طعم الخبز‪ .‬ويجري‬ ‫العمل حالياً لمعالجة م�س�ألة كمية الملح في الخبز‪،‬‬ ‫و�أي�ضاً معالجة م�س�ألة كمية الدهون الم�شبعة‬ ‫والأحما�ض الدهنية المهدرجة في الأطعمة التي‬ ‫ت�شكل خطراً على ال�صحة‪ .‬وت�شمل هذه الأطعمة على‬ ‫�سبيل المثال الوجبات ال�سريعة ‪ ،‬ورقائق البطاط�س‪،‬‬ ‫والب�سكويت‪ ،‬والحبوب‪ ،‬و�صل�صة الطماطم‪ ،‬وجميع‬ ‫�أنواع الأطعمة الم�صنعة الموجهة للأطفال التي‬ ‫تحتوي في الغالب على ن�سبة عالية من الدهون من‬ ‫زيوت النخيل بن�سبة �أعلى من ‪.%50‬‬ ‫كما تخطط الوزارة �أي�ضاً �إلى التقليل من ن�سبة‬ ‫الملح في الأنواع الأخرى من منتجات الأطعمة‬

‫الم�صنعة مثل الجبن‪ ،‬والمخلالت‪ ،‬وحبوب‬ ‫الإفطار الم�صنعة خ�صي�صاً للأطفال التي ثبت �أن‬ ‫جميعها تحتوي على ن�سب عالية من ال�سكر‪ ،‬والملح‬ ‫‪،‬وتخطط الوزارة �أي�ضاً �إلى تنفيذ حمالت توعوية‬ ‫لتعريف المجتمع ب�أهمية االلتزام بتناول الكميات‬ ‫المنا�سبة من الملح في الأطعمة الم�صنعة محلياً‪.‬‬ ‫وعلى نحو مماثل تعمل الوزارة �أي�ضاً مع وزارة‬ ‫التجارة وال�صناعة لو�ضع معايير‪ ،‬و�أنظمة لتقنين‬ ‫كميات الملح في الخبز‪ ،‬والجبن‪ ،‬والأطعمة الأخرى‬ ‫الم�صنعة‪ .‬لذلك‪ ،‬ومن �أجل �إنجاز هذه المهمة فقد‬ ‫اعتمدت وزارة ال�صحة نظام المراقبة لدى منظمة‬ ‫ال�صحة العالمية "برنامج تنميط التغذية" بالنظر‬ ‫�إلى الظروف الوطنية والموارد المتاحة‪.‬‬ ‫وي�ساعد هذا البرنامج �إلى حد كبير على توجيه‬ ‫القطاعات التي تقوم بعملية المراقبة مثل هيئة‬ ‫حماية الم�ستهلك‪ ،‬ووزارة التجارة‪ ،‬وال�صناعة‪،‬‬ ‫والبلديات‪ ،‬والم�ؤ�س�سات الأخرى ذات ال�صلة من‬ ‫�أجل تحديد الأطعمة غير ال�صحية التي ت�ستهدف‬ ‫الأطفال‪ ،‬وت�سويق هذه المنتجات في ال�سوق‪ .‬كما‬ ‫�أن هذا البرنامج ي�ساعد المفت�شين على التعرف‬ ‫على كميات الملح‪ ،‬وال�سكر‪ ،‬والدهون في الأطعمة‬ ‫وتحديد ما �إذا الطعام �صحياً �أم ال‪ ،‬كما �إنه ي�سهم‬ ‫في الك�شف عن الممار�سات غير الالئقة التي ت�ؤثر‬ ‫على ال�صحة العامة‪ ،‬واالجراءات الواجب اتخاذها‬ ‫في حالة مخالفة المعايير والأنظمة المتعلقة‬ ‫بالأطعمة الم�صنعة‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫تجربة‬

‫تجارب عالمية‬

‫تجارب خليجية في التنوع االقتصادي‬

‫تجربة تعرضها‪ :‬زبيدة بنت علي البلوشية‬

‫‪18‬‬

‫من أجل نمو اقتصادي أكبر‪ ،‬والخروج‬ ‫من تداعيات اآلثار السلبية النخفاض أسعار‬ ‫العالمية‪ ،‬وتراجع إيرادات بعض المواد‬ ‫األولية‪ :‬كالنفط‪ ،‬والغاز‪ ،‬وتأثيرها على‬ ‫ميزانية الدول النفطية ‪،‬وتأثر مشاريع التنمية‬ ‫سلبيا باألزمة عمدت العديد من البلدان‬ ‫العربية إلى تغيير استراتيجيتها االقتصادية‪،‬‬ ‫وذلك بإقرار سياسة تنويع مصادر الدخل‬ ‫الوطني‪ ،‬وتنمية القطاعات الخدمية مثل‪:‬‬ ‫القطاع المالي‪ ،‬والسياحي وغيرها‪ ...‬وفي‬ ‫هذه الزاوية نستعرض بعض تجارب الدول‬ ‫الخليجية‪ ،‬التي نجحت في تحقيق بعض هذا‬ ‫التنوع‪ ،‬واستطاعت تحقيق إنجاز تحوالت‬ ‫اقتصادية مهمة‪.‬‬

‫التجربة اإلماراتية‬

‫التجربة السعودية‬

‫حر�صت االمارات العربية المتحدة‪ ،‬على التطوير‬ ‫الم�ستمر القت�صادها‪ ،‬باعتمادها على �إعطاء‬ ‫الأولوية للتعليم‪ ،‬وبناء بنية تحتية متطورة لدعم‬ ‫البيئة االقت�صادية‪ ،‬واال�ستثمارية‪ ،‬مع �سيا�سات‬ ‫مبنية على االنفتاح على العالم‪ ،‬وعلى التنوع‬ ‫االقت�صادي‪ ،‬وقد �ساهم ذلك في التحول من دولة‬ ‫يعتمد اقت�صادها على النفط بن�سبة ‪ %90‬في الناتج‬ ‫المحلي عام ‪� ، 1970‬إلى ‪ %30‬عام ‪ .2012‬بالإ�ضافة‬ ‫�إلى اال�ستقرار‪ ،‬وبف�ضل �سيا�سة تجارية مفتوحة‪،‬‬ ‫و�سعر �صرف مربوط بالدوالر‪.‬‬

‫ر ّكزت خطط التنمية المتعاقبة‪� ،‬إ�ضافة �إلى تمكنت قطر في ثالثين عاما‪ ،‬من �أن ت�صبح �إحدى‬ ‫ال�سيا�سات االقت�صادية للمملكة العربية ال�سعودية‪ ،‬الدول التي توا�صل تحقيق نمو اقت�صادي قوي‪،‬‬ ‫على تنويع االقت�صاد‪ ،‬وتقليل االعتماد على النفط فهي تتميز با�ستثماراتها في العديد من القطاعات‬ ‫كم�صدر دخل للحكومة‪ ،‬وموجه لالقت�صاد المحلي‪ ،‬االقت�صادية‪� ،‬إ�ضافة الى �إمتالكها ثروة كبيرة من‬ ‫ورغم المحاوالت للتقليل من اعتماد االقت�صاد على الغاز على م�ستوى العالم‪ ،‬دفع دولة قطر �إلى‬ ‫النفط‪ ،‬وزيادة م�ساهمة القطاعات الأخرى‪ ،‬اليزال و�ضع ا�ستراتيجية قوية من خالل التركيز على‬ ‫هذا القطاع وم�شتقاته‪ ،‬وال�صناعات البتروكيماوية‪ ،‬الغاز الطبيعي ال�سائل من �أجل ت�صديره‪ ،‬والعوائد‬ ‫تهيمن على االقت�صاد الكلي‪ ،‬والح�سابات المالية‪ ،‬الناتجة عن هذا القطاع يتم ا�ستغاللها‪ ،‬و�إعادة‬ ‫وال يزال المحرك الرئي�سي لالقت�صاد ال�سعودي �ضخها في قطاعات �أخرى‪ ،‬بهدف تنويع االقت�صاد‬ ‫(حوالي ‪ %95‬من ال�صادرات الإجمالية‪ ،‬و ‪ %91‬من في مجاالت مختلفة‪ :‬كال�صناعة‪ ،‬والعقارات‪،‬‬ ‫والنقل‪ ،‬واالت�صاالت‪ ،‬والتجارة‪ ،‬والخدمات‬ ‫�إيرادات الميزانية)‪.‬‬ ‫الحكومية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والريا�ضة‪ .‬ودولة قطر تعتمد‬ ‫وقد فر�ضت �أ�سعار النفط المرتفعة‪ ،‬والفوائ�ض‬ ‫ً على هذا التنويع باال�ستثمار في ر�أ�س المال الب�شري‬ ‫المالية الكبيرة‪ ،‬خالل ال�سنوات الأخيرة‪ ،‬قيودا‬ ‫�أي�ضا من خالل اقت�صاد قائم على المعرفة‪.‬‬ ‫على مدى تنويع االقت�صاد‪ ،‬وتنوع الإيرادات غير‬ ‫النفطية‪ .‬فال يوجد عبء �ضريبي في االقت�صاد‬ ‫ال�سعودي‪ .‬من جهة �أخرى‪ ،‬قد ي�ؤدي رفع �إيرادات‬ ‫ال�ضرائب غير النفطية على الت�أثير ال�سلبي‪ ،‬ولو‬ ‫جزئياً ‪ ،‬على الأهداف الأخرى لل�سيا�سات‪ ،‬و�أبرزها‬ ‫تنويع االقت�صاد‪ .‬وتجدر الإ�شارة �إلى �أنه بالرغم‬ ‫من هيمنة القطاع النفطي‪ ،‬ي�سجل القطاع غير‬ ‫النفطي‪ ،‬نمواً خالل ال�سنين الأخيرة‪ ،‬ويعتبر‬ ‫القطاع الخا�ص المحرك الرئي�سي لهذا النمو‬ ‫مقارنة مع القطاع العام‪.‬‬

‫وتتميز الإمارات بتكاليف منخف�ضة بالن�سبة‬ ‫لل�شركات (عبء �ضريبي منخف�ض جداً)‪ ،‬كما �أنها‬ ‫ا�ستثمرت في �إطار تنويع االقت�صاد المحلي‪ ،‬في‬ ‫�إن�شاء �أ�صول جديدة‪ ،‬و بنية تحتية‪ ،‬وخدمات ذات‬ ‫جودة عالية‪ ،‬بهدف التوفير على قطب الخدمات‬ ‫اللوج�ستية‪ ،‬والخدمات المالية‪ ،‬والنقل‪ ،‬والطاقة‬ ‫المتجددة‪ ،‬وال�سياحة الثقافية‪ .‬كما عملت على �إن�شاء‬ ‫منطقة تجارة حرة لتطوير القدرات الت�صديرية‬ ‫(دبي)‪ .‬وال�ستكمال نف�س النهج‪ ،‬قامت الإمارات‬ ‫ب�إدراج عدة ا�ستراتيجيات‪ ،‬وهي ر�ؤية الإمارات‬ ‫‪2021‬م‪ ،‬ور�ؤية �أبوظبي ‪2030‬م‪ ،‬وخطة دبي ‪2015‬م‪.‬‬ ‫وتهدف الإمارات لكي ت�صبح مركزاً لتجارة التجزئة‬ ‫والجملة‪ ،‬و�أحد �أهم مقا�صد اال�ستثمار ال�سياحي‪،‬‬ ‫والعقاري في المنطقة‪ ،‬وذلك من خالل توفير‬ ‫�إدارة فعالة‪ ،‬ودعم حكومي للم�شاريع الكبرى‪،‬‬ ‫واقت�صاد ال�سوق مي�سر لحركة الأموال والمعامالت‪،‬‬ ‫وترخي�ص للأجانب بامتالك العقارات‪.‬‬

‫التجربة القطرية‬

‫‪29‬‬ ‫ً‬ ‫مليارا‬

‫قيمة االستثمارات االجنبية في دبي ‪2014‬م‪.‬‬


‫مقال‬

‫د‪ .‬محمد رياض حمزة‬

‫تطور سوق العمل بالتوازي مع تطور األنشطة االقتصادية‬ ‫ّ‬ ‫يتطور �سوق العمل في ال�سلطنة في �ضوء تطور �أن�شطة االقت�صاد‬ ‫الوطني‪ ،‬ففي الوقت الذي يتوا�صل نمو االقت�صاد العُماني بن�سبة‬ ‫�سنوية ال تقل عن ‪ %4‬ف�إن ذلك ي�ؤ�شر على تو�سع �سوق العمل‪ .‬فح�سب‬ ‫�إح�صاءات وزارة القوى العاملة‪ ،‬ف�إن عدد القوى العاملة الوطنية العاملة‬ ‫ب�أجر في القطاع الخا�ص بلغ ‪� 210‬آالف‪ ،‬و‪ 485‬مواطن ومواطنة حتى‬ ‫نهاية فبراير ‪ .2015‬ويتوقع �أن يت�صاعد عدد القوى العاملة الوطنية‬ ‫في القطاع الخا�ص بين بدء تنفيذ خطة التنمية الخم�سية التا�سعة‬ ‫ابتداء من العام ‪ ، 2105‬وحتى نهاية العام ‪ ،2020‬و وعلى افترا�ض �أن‬ ‫توا�صل تنفيذ خطط التعمين بن�سبة ‪� %15‬سنويا‪ ،‬ف�إن عدد القوى العاملة‬ ‫الوطنية في القطاع الخا�ص �سيرتفع �إلى ‪� 360‬ألفا‪.‬‬ ‫وبالمقابل فقد �سجّ ل عدد القوى العاملة الوافدة زيادة بلغت ‪8225‬‬ ‫عامال وافدا بين �شهري يناير وفبراير ‪2015‬م‪ .‬وارتفع �إجمالي عددها‬ ‫�إلى مليون و‪� 657‬ألفا‪ ،‬و ‪ 4‬عمال‪ .‬تلك الزيادة ت�ؤ�شر على تنامي �أن�شطة‬ ‫االقت�صاد الوطني‪� ،‬إذ �أن التراخي�ص التي تمنحها وزارة القوى العاملة‬ ‫لإ�ستقدام القوى العاملة من الخارج تمنح فقط للحاجة الفعلية المثبتة‬ ‫للمن�ش�آت‪ ،‬والمقاوالت التي تنفيذ �أعمال الهند�سة المدنية لم�شاريع‬ ‫البنية الأ�سا�سية لل�سلطنة‪.‬‬ ‫وعند متابعة تطور �أعداد القوى العاملة الوافدة ف�إن �إح�صائيات الوزارة‬ ‫ت�شير �إلى تناق�ص ت�صاريح اال�ستقدام من �شهر لآخر‪ .‬بما ي�ؤكد �أن الوزارة‬ ‫من جانبها ملتزمة بتنفيذ التوجهات الحكومية‪ .‬وفي �إطار الوظائف‬ ‫القيادية ف�إن هناك ‪� 41‬ألفا‪ ،‬و‪ 951‬من القوى العاملة الوافدة التي تحمل‬ ‫بطاقات عمل �سارية المفعول في من�ش�آت القطاع الخا�ص بوظائف‬ ‫"المديرين والإدارة العامة والأعمال الم�ستثمرين" من الذكور والإناث‪.‬‬ ‫كما يوجد في تلك الوظائف القيادية من القوى العاملة الوطنية ‪9‬‬ ‫�آالف‪ ،‬و‪ 43‬مواطنا‪ ،‬وذلك حتى نهاية ‪.2014‬‬ ‫وخالل الربع الأول من ‪2015‬م‪ ،‬تطورت �أعداد هذه الوظائف ل�صالح‬ ‫القوى العاملة الوطنية �إلى ‪� 9‬آالف ‪ 674‬موظفا‪ ،‬وتناق�ص عدد الوافدين‬ ‫لي�صبح ‪� 41‬ألفا‪ ،‬و‪ 190‬موظفا لترتفع الن�سبة �إلى ‪� .%24‬أي �أن ن�سبة‬ ‫القوى العاملة الوافدة �إلى الوطنية في الوظائف القيادية في من�ش�آت‪،‬‬ ‫و�شركات‪ ،‬وم�صالح القطاع الخا�ص كانت ‪ .%22‬نهاية ‪ ،2014‬وكانت هذه‬ ‫الن�سبة ‪ %17‬في نهاية عام ‪2009‬م‪ .‬بمعنى �أن التطور لم يكن بم�ستوى‬ ‫الطموح‪ .‬ففي قطاع العمل كان البد من �شمول كافة محافظات ال�سلطنة‬ ‫بدوائر عمل ملبية لتحقيق الأهداف المتمثلة بت�شغيل الباحثين عن‬ ‫عمل في القطاع الخا�ص‪ ،‬وتعزيز خطط التعمين‪ ،‬والإحالل‪ ،‬وتنظيم‪،‬‬ ‫وموازنة �سوق العمل‪ .‬فقد تم �إن�شاء دائرة عمل ال�سيب بم�ساحة ‪1276‬‬ ‫متر مربع‪ ،‬وبتكلفة ‪� 499‬ألف ‪ 654‬ريال‪ .‬كما �إن تنفيذ عدد من الم�شاريع‬ ‫الأخرى يتوا�صل عدد من المحافظات كم�شروع �إن�شاء دائرة العمل‬ ‫في البريمي بم�ساحة ‪ 1931‬متر مربع وبتكلفة ‪� 906‬آالف و‪ 275‬ريال‪.‬‬ ‫وم�شروع �إن�شاء دائرة العمل في محافظة م�سندم بم�ساحة ‪ 2256‬متر‬ ‫مربع وبتكلفة مليون و ‪� 207‬آالف و‪ 388‬ريال‪ .‬والأعمال الخا�صة بتو�سعة‬

‫مبنى المديرية العامة بمحافظة ظفار بم�ساحة ‪ 1930‬متر مربع وبتكلفة‬ ‫‪� 578‬ألفا و ‪ 65‬ريال‪ .‬والأعمال الخا�صة بتو�سعة مبنى المديرية العامة‬ ‫بمحافظة ال�شرقية ـ �إبراء في مرحلة الإ�سناد و بتكلفة ‪� 806‬آالف و‪127‬‬ ‫ريال‪.‬‬ ‫وفي قطاع التعليم التقني عملت الوزارة على �إ�ضافة مرافق جديدة في‬ ‫الكليات التقنية من �ش�أنها تعزيز التوجه للتو�سع في الطاقة اال�ستيعابة‬ ‫للكليات‪ ،‬وتوفير بيئة درا�سية مجهزة ب�أحدث و�سائل التعليم التطبيقي‪،‬‬ ‫ف�إن العمل جا ٍر في م�شروع �إن�شاء عدد من الف�صول الدرا�سية بالكلية‬ ‫التقنية في عبري بم�ساحة ‪� 10‬آالف و‪ 92‬متر مربع و بتكلفة ‪ 2‬مليون‬ ‫و‪� 885‬ألفا و‪ 236‬ريال‪ ،‬كما �إن العمل جا ٍر في م�شروع �إن�شاء عدد من‬ ‫الف�صول درا�سية ‪،‬والمختبرات بالكلية التقنية في �شنا�ص بم�ساحة ‪10‬‬ ‫�آالف و‪ 92‬متر مربع وبتكلفة ‪ 2‬مليون و‪� 617‬ألفا و‪ 150‬رياال‪ .‬وكذلك ف�إن‬ ‫العمل جا ٍر في م�شروع �إن�شاء عدد من الف�صول الدرا�سية بالكلية التقنية‬ ‫في الم�صنعة بم�ساحة ‪� 4‬آالف و‪ 184‬متر مربع‪ ،‬وبتكلفة مليون ‪� 105‬آالف‬ ‫ريال‪ .‬كما �إن هناك م�شروعين في مرحلة الإ�سناد �أحدهما م�شروع �إن�شاء‬ ‫عدد من الف�صول الدرا�سية‪ ،‬ومكاتب بالكلية التقنية في �صاللة بم�ساحة‬ ‫‪� 3‬آالف و‪ 964‬متر مربع ‪ ،‬وتكلفة مليون و‪� 113‬ألف ريال‪ .‬وم�شروع �إن�شاء‬ ‫عدد من الف�صول الدرا�سية بالكلية التقنية في نزوى بم�ساحة ‪� 7‬آالف‬ ‫و‪ 780‬متر مربع وبتكلفة ‪ 2‬مليون و‪� 505‬أالف ريال‪.‬‬ ‫وتميز قطاع البنوك بن�سبة تزيد عن ‪ %95‬حاليا ‪ .‬كما تميز كل من‬ ‫قطاع الإنتاج متحلية المياه بن�سبة حالية ت�صل �إلى ‪ ، %78‬والمتوقع �أن‬ ‫تت�صاعد هذه الن�سبة لت�صل �إلى ‪ %95‬عام ‪ .2020‬كما تميز قطاع الكهرباء‬ ‫بن�سبة حالية ت�صل �إلى ‪ ،%80‬والمتوقع ت�صاعد هذه الن�سبة لت�صل �إلى‬ ‫‪ %95‬عام ‪ .2020‬وكان �أكثر القطاعات �ضعفا في ن�سب التعمين هو قطاع‬ ‫الإن�شاءات‪.‬‬ ‫وفي مجال ت�شغيل المر�أة العمانية بلغ �إجمالي عدد العامالت ب�أجر من‬ ‫القوى العاملة الوطنية في من�ش�آت القطاع الخا�ص بال�سلطنة (‪)47594‬‬ ‫عاملة حتى نهاية عام ‪2013‬م بن�سبة ( ‪ )%21.2‬من �إجمالي القوى العاملة‬ ‫الوطنية‪ .‬وبلغ عدد المعيّنات من بداية الخطة الخم�سية الثامنة وحتى‬ ‫نهاية ‪2013‬م (‪ )37587‬عاملة بمختلف القطاعات االقت�صادية المزاولة‬ ‫بمن�ش�آت القطاع الخا�ص‪� ،‬إذ �شكلن ما ن�سبته (‪ )%79‬من �إجمالي عدد‬ ‫الملتحقات بالعمل في القطاع الخا�ص حتى نهاية عام ‪2013‬م‪ .‬وبلغت‬ ‫ن�سبة المعينات بمن�ش�آت القطاع الخا�ص خالل الأعوام ‪،2012 ،2011‬‬ ‫‪2013‬م (‪ )%22( ،)%21.3(، )%20.4‬على التوالي من �إجمالي المعيّنين‬ ‫خالل تلك الأعوام ‪.‬وبلغ عدد الم�ستقيالت من �أعمالهن في من�ش�آت‬ ‫القطاع الخا�ص من بداية ‪2013‬م حتى نهاية العام �إلى (‪ )6865‬مواطنة‬ ‫مما يف�سر انخفا�ضه عن عام ‪2012‬م (‪ - )9031‬و‪2011‬م (‪ ، )6932‬وذلك‬ ‫لأ�سباب تح�سين �أو�ضاعهن االجتماعية‪� ،‬أو المادية باالنتقال �إلى جهات‬ ‫عمل �أخرى �أو ترك العمل لأ�سباب �أ�سرية‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫رؤية‬

‫توعية وتثقيف‬

‫حماية المستهلك ‪ ..‬مسؤولية مجتمعية‬

‫‪20‬‬

‫المفضل‪ ،‬ما كان منه إال أن أخرج هاتفه‬ ‫ّ‬ ‫عندما لم يرتح أحمد لمستوى الخدمة الذي اعتاد عليه في مقهاه‬ ‫عبر فيها عن استياءه من مستوى الخدمة التي‬ ‫كي‪ ،‬ومن خالل صفحته على (التويتر) أطلق تغريدة ّ‬ ‫الذّ ّ‬

‫بريطانية عجوز إلى محل البقالة الكائن في قريتها الصغيرة وتفاجأت بارتفاع‬ ‫سيدة‬ ‫ّ‬ ‫وجدها‪ .‬وعندما دخلت ّ‬ ‫نص ّية قصيرة إلى كافة معارفها وصديقاتها قائلة لهم " دعوكم من‬ ‫سعر الطماطم‪ ،‬قامت بإرسال رسالة ّ‬

‫االيجابية ألفراد المجتمع‬ ‫تتبدى فيها المشاركة‬ ‫شراء ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطماطم اليوم"! هذين نموذجين من قصص ومواقف ّ‬ ‫د‪.‬محمد بن حمد العريمي‬ ‫ّ‬ ‫‪Mh.oraimi@hotmail.com‬‬

‫تضر بالفرد والمجتمع‬ ‫االجتماعية لهؤالء في‬ ‫المسئولية‬ ‫من واقع‬ ‫التصدي لبعض الممارسات التي يمكن أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اقتصادياً ‪.،‬‬ ‫صح ّياً أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫�أمّا ال ّدافع ل�سردها فهو �أ ّنني كثيراً ما �أ�ستمع‬ ‫�أو �أقر�أ �أو �ألتقي بعدد من الم�ستهلكين الذين يبدون‬ ‫وجهات نظر مختلفة حول الأدوار المنوطة بهيئة حماية‬ ‫الم�ستهلك في ال�سّ لطنة‪ ،‬يغلب على بع�ضها عدم الفهم‬ ‫الكافي لأدوار الهيئة و�صالحيّاتها الممنوحة لها‪ ،‬بحيث‬ ‫يعتقدوا خاطئين �أ ّن � ّأي ممار�سة اقت�صاديّة �سلبيّة يكون‬ ‫الت�ص ّدي لها من اخت�صا�ص الهيئة فقط‪ ،‬ح ّتى لو لم‬ ‫يكن من �صالحيّات الهيئة الت�ص ّدي لهذه الممار�سة �أو‬ ‫تلك! الأمر الذي يجعلني �أطرح الت�سا�ؤالت الآتية ‪ :‬ترى‬ ‫هل حماية الم�ستهلك هي م�سئوليّة جهة واحدة فقط‪� ،‬أم‬ ‫ا ّنها م�سئوليّة مجتمعيّة قائمة! وكيف ن�صل �إلى حماية‬ ‫م�ستهلك مثاليّة ين�شدها المجتمع وتح ّقق له �أهدافه‬ ‫وتط ّلعاته في هذا المجال!!‬ ‫بر�أيي �أ ّن حماية الم�ستهلك هي م�سئوليّة مجتمعيّة‬ ‫متكاملة‪ ،‬ومن الخط�أ �أن نح�صر مهمّتها في م�ؤ�سّ �سة‬ ‫واحدة‪ ،‬فحماية الم�ستهلك لي�س لعبة ريا�ضيّة يمكن �أن‬ ‫ي�شرف عليها ا ّتحاداً معيّناً وفق روزنامة �أن�شطة معلومة‬ ‫ومح ّددة �سلفاً‪ ،‬ولي�س ن�شاطاً ثقافيّاً تن ّفذه جهة ما وفق‬ ‫فترات زمنيّة مح ّددة‪ ،‬وال � ّأي ن�شاط اجتماعي �أو اقت�صادي‬ ‫�أو فكري �آخر مح�صور بفئات بعينها‪ ،‬بل هي مجموعة من‬ ‫العمليّات والممار�سات المتداخلة التي تالم�س حياة ّ‬ ‫كافة‬ ‫�أفراد المجتمع‪ ،‬والتي ال يقت�صر القيام بها على مكان �أو‬ ‫زمان مح ّدد‪ ،‬فك ّل ثانية يمكن �أن ت�شهد �سلوكاً �سلبيّاً يم�سّ‬ ‫حياة الم�ستهلك و�صحّ ته و�سالمته‪ ،‬وال يمكن لجهة ما‬ ‫مهما كانت امكاناتها �أن تل ّم ّ‬ ‫بكافة الممار�سات االقت�صاديّة‬ ‫واالجتماعيّة والفكريّة ال�سلبيّة التي تالم�س حياة‬ ‫الم�ستهلك وتت�ص ّدى لها‪ ،‬وال يمكن لها كذلك �أن ت�ضع‬ ‫مف ّت�شاً لك ّل مح ّل‪ ،‬ورقيباً على ك ّل �إعالن ّ‬ ‫تجاري م�ض ّلل‪،‬‬ ‫ومث ّقفاً لكل م�ستهلك‪ ،‬ذلك �أ ّنها عمليّة بالغة ال�صعوبة‪،‬‬ ‫بل تكاد �أن تكون م�ستحيلة‪ ،‬فما بالكم ونحن نتح ّدث عن‬ ‫تح ّديات مختلفة قد تواجه دور هذه الم�ؤ�سّ �سة ابتداء‬ ‫بال�صالحيّات‪ ،‬وانتهاء بالميزانيّة‪ ،‬مروراً بالمختبرات‬ ‫والقانونيّين والباحثين!!‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫�إذاً ال حل حقيقي بتفعيل هذا الدور �سوى بال�شراكة‬ ‫المجتمعيّة‪ ،‬بمعنى �أن يعي كل طرف في المجتمع دوره‬ ‫في هذا الجانب‪ ،‬و�أق�صد بهذه الأطراف ‪ :‬الحكومة‪،‬‬ ‫والمزوّدين‪ ،‬وم�ؤ�سّ �سات المجتمع المدني‪ ،‬والم�ستهلك ذاته‬ ‫الذي يمكن �أن نع ّده ّ‬ ‫خط ال ّدفاع الأوّل �إن �ص ّح التعبير‪ ،‬مع‬

‫ال ّت�أكيد على عدم قدرة �أي طرف على اال�شتغال منفرداً عن‬ ‫الآخرين‪ ،‬كي ن�صل يوماً ما �إلى �أن يكون الم�ستهلك �أقوى‬ ‫من المنتج الذي يق ّدم الخدمة �أو �أن ي�صبح نداً له من‬ ‫خالل منظومة ثالثيّة تتم ّثل في ت�شريعات �صارمة �ضامنة‬ ‫لحقوقه‪ ،‬وثقافة ا�ستهالكية عالية‪ ،‬و�إعالم تقليدي وبديل‬ ‫يمكن �أن يحدث الفرق في التوعية والتثقيف‪.‬‬ ‫ويمكن �أن تقوم الحكومات بدورها في هذا المجال من‬ ‫خالل �إن�شاء الم�ؤ�سّ �سات المعنيّة بحماية الم�ستهلك وتوفير‬ ‫ال�صّ الحيّات الكاملة لها للقيام بدورها‪ ،‬ومنع االزدواجيّة‬ ‫الحا�صلة في �أدوار بع�ض الم�ؤ�سّ �سات بحيث يمكن دمجها‬ ‫جميعاً في كيان � ّ‬ ‫إداري �شامل‪ ،‬مع و�ضع وتعديل وتحديث‬ ‫ال ّت�شريعات المتع ّلقة بحماية الم�ستهلك ومحاربة االحتكار‬ ‫بحيث تكون مواكبة لل ّتح ّديات الهائلة التي تطر�أ ك ّل يوم‬ ‫في هذا المجال‪� ،‬إ�ضافة �إلى الت�شريعات التي ت�س ّهل قيام‬ ‫المجتمع المدني بدوره في مجال التوعية والرّقابة من‬ ‫خالل تكوين الجمعيّات والجماعات التطوّعيّة بمختلف‬ ‫فئاتها‪.‬‬ ‫�أمّا المزوّد �أو المنتج فعليه كذلك دور مجتمع ّي ال يقلّ‬ ‫�أه ّميّة من حيث كونه طرفاً في العمليّة من خالل قيامه‬ ‫ب�إنتاج �أو توزيع �أو بيع ال�سلعة‪ ،‬وتقديم الخدمات المختلفة‪،‬‬ ‫لذا فعلى المزوّد �أن يعي �أ ّنه في الأ�سا�س م�ستهلك قبل �أن‬ ‫يكون منتجاً لل�سّ لعة �أو مق ّدماً للخدمة‪ ،‬و�أ ّن �أفراد �أ�سرته‬ ‫ومن حوله هم م�ستهلكون كذلك‪ ،‬وقد يت�ضرّرون من‬ ‫ممار�سة �سلبيّة قد يرتكبها هو �أو غيره من المزوّدين‪ ،‬لذا‬ ‫ف�إ ّن عليهم ا�ستح�ضار الوازع ال ّدين ّي‪ّ ،‬‬ ‫وال�ضمير الوطني‬ ‫تجاه الوطن الذي �أعطاهم ك ّل �شيء‪ ،‬وتغيير النظرة‬ ‫الذهنيّة ال�سّ ائدة لدى بع�ضهم من �أ ّن الم�ستهلك بالن�سبة‬ ‫لهم هو مجرّد م�صدر لجني الأموال فقط‪ ،‬بحيث يتوجّ ه‬ ‫تفكير ه�ؤالء �إلى ال�سّ عي لك�سب ر�ضاه ووالئه‪ ،‬والحر�ص‬ ‫على تقديم منتجات وخدمات منا�سبة و�آمنة‪ ،‬وتب�صير‬ ‫الم�ستهلك ب�أيّة �أ�ضرار �أو مخاطر يمكن �أن تتر ّتب على‬ ‫ا�ستخدامه لل�سلعة �أو الخدمة‪ ،‬مع �أه ّميّة وجود ميثاق‬ ‫�شرف �إعالمي في كل ما يتع ّلق بالترويج الإعالني لل�سّ لع‬ ‫والخدمات بحيث ال تت�ضمّن معلومات كاذبة �أو م�ض ّللة‬ ‫ت�ض ّر ب�صحّ ة و�سالمة الم�ستهلك‪� ،‬أو ت�ؤ ّثر على و�ضعه‬ ‫المالي‪� ،‬إ�ضافة �إلى دعم ّ‬ ‫كافة المبادرات والم�شروعات‬ ‫الهادفة التي ت�صبّ في �صالح الم�ستهلك والمجتمع بيئيّاً‬ ‫و�صحّ يّاً واجتماعيّاً واقت�صاديّاً وفكريّاً‪.‬‬

‫وتلعب م�ؤ�سّ �سات المجتمع المدني دوراً كبيراً في حماية‬ ‫الم�ستهلك‪� ،‬إذ �أ ّنها الأقرب �إلى نب�ض المجتمع وق�ضاياه‬ ‫واحتياجاته اال�ستهالكيّة‪ ،‬ولي�س غريباً �أن ن�شهد قيام‬ ‫الع�شرات من جمعيّات وجماعات حماية الم�ستهلك في‬ ‫العديد من ال ّدول المتق ّدمة تعمل جنباً �إلى جنب مع‬ ‫الم�ؤ�سّ �سات الر�سميّة‪ ،‬وت�سهم بدور كبير في عمليّات‬ ‫التوعية والتثقيف‪ ،‬بل والرّقابة‪ ،‬والم�شاركة في و�ضع‬ ‫الت�شريعات �أحياناً‪.‬‬ ‫ويمكن لهذه الم�ؤ�سّ �سات �أن تقوم بدور مهم �إذا ما �أتيح لها‬ ‫المناخ المنا�سب لذلك‪ ،‬وذلك من خالل تنظيم الفعاليّات‬ ‫الفكريّة التي تهدف �إلى تب�صير الم�ستهلك بحقوقه‬ ‫وواجباته‪ ،‬والم�شاركة في عمليّات التفتي�ش والمراقبة‪،‬‬ ‫ور�صد المالحظات والممار�سات اال�ستهالكيّة ال�سلبيّة لدى‬ ‫الم�ستهلكين والمزوّدين‪ ،‬وتكوين مجموعات �إلكترونيّة‬ ‫عبر مواقع الإعالم البديل المختلفة هدفها تقديم‬ ‫التوعية‪ ،‬واقتراح البدائل‪ ،‬والتعريف بالأن�شطة والأ�ساليب‬ ‫الذي يمكن للم�ستهلك �أن ي ّتبعها في �سبيل الح�صول على‬ ‫غذاء �صحّ ي و�آمن‪ ،‬وتنظيم عمليات المقاطعة االقت�صاديّة‬ ‫�إذا ما ا�ستلزم الأمر ذلك‪ ،‬وغيرها من الأن�شطة العديدة‬ ‫التي يمكن �أن تقوم بها هذه الم�ؤ�سّ �سات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ن�أتي �أخيراً �إلى دور الم�ستهلك‪ ،‬والذي يمكن �أن نعده �أه ّم‬ ‫الأدوار‪ ،‬خا�صّ ة و�أ ّنه حجر الزاوية والركيزة الأ�سا�سية في‬ ‫المجتمع االقت�صادي‪ ،‬حيث �أ ّن المجتمعات المتقدمة‬ ‫عموماً لم تعد تنظر �إليه باعتباره عن�صراً هام�شيّاً في‬ ‫المعادلة االقت�صادية بل �أ�صبح هو العن�صر الأ�سا�سي الذي‬ ‫تدور باقي العنا�صر حوله‪ ،‬لذا ف�إن الم�ستهلك مطالب‬ ‫ب�أن يكون على قدر منا�سب من الوعي والثقافة خا�صة في‬ ‫الجانب اال�ستهالكي‪ ،‬و�أن يعي حقوقه وواجباته التي �أتت‬ ‫بها الت�شريعات المتع ّلقة بحماية الم�ستهلك‪ ،‬و�أن يكون‬ ‫ر�شيداً في ا�ستهالكه‪ ،‬لديه القدرة على الموازنة بين‬ ‫البدائل المتوفرة‪ ،‬داعماً للتاجر الملتزم‪ ،‬و�أن ي�أخذ بم�أخذ‬ ‫الجد ك ّل التعليمات والتحذيرات والن�شرات التوعوية‬ ‫والإر�شادية‪ ،‬كما �أ ّن عليه �أن ي�ساهم وي�شارك في الحفاظ‬ ‫على �سالمة وخلو المجتمع من � ّأي ممار�سات اقت�صاديّة‬ ‫�سلبيّة من خالل التوا�صل مبا�شرة مع المعنيين ب�أمر‬ ‫المراقبة والتفتي�ش‪ ،‬عبر القنوات التي ت ّم ت�سخيرها لذلك‪،‬‬ ‫و�أن ي�سهم م�ساهمة مبا�شرة في ت�شجيع � ّأي عمل مجتمعي‬ ‫من �ش�أنه الت�ص ّدي للممار�سات التي ت�ض ّر ب�صحّ ته و�سالمته‪.‬‬


‫مقال‬

‫عماد بن حسين باقر‬

‫‪imadhussain09@hotmail.com‬‬

‫اإلتصال فن‬ ‫ال يختلف اثنان على �أهمية امتالك المهارات الالزمة‬ ‫لالت�صال مع الآخرين بفعالية لما لذلك من ت�أثير �إيجابي‬ ‫على عملية تبادل الأفكار‪ ،‬والمعلومات وفهم الآخر وطريقة‬ ‫تفكيره ونظرته للأمور ومعرفة �آراء وتفهم م�شاعر الآخرين‬ ‫وتعزيز الثقة المتبادلة والح�صول على اال�ستجابة المطلوبة‬ ‫من الطرف الآخر‪.‬‬ ‫وبال �شك ف�إن براعة االن�سان في عملية االت�صال تلعب دورا هاما‬ ‫في نجاحه وقدرته على تحقيق �أهدافه‪ ،‬فاالن�سان الناجح هو‬ ‫من يدعم خبراته المهنية وم�ؤهالته العلمية بمهارات االت�صال‬ ‫الالزمة لما لها من فوائد ت�ساهم في رفع القدرة على التوجيه‬ ‫والت�أثير على الر�ؤ�ساء والمر�ؤ�سين والزمالء في العمل و�أفراد‬ ‫الأ�سرة والمجتمع عبر القيام بحوارات بنائه ت�ساهم في تقبل‬ ‫النا�س للحقائق والتراجع عن الخط�أ وتعزيز التقدير المتبادل‬ ‫بين النا�س‪ ،‬فطريقة �شرح الفكرة ال تقل �أهمية عن الفكرة ذاتها‪.‬‬ ‫وال بد من الأخذ بالعوامل والأ�سباب الم�ساهمة في نجاح عملية‬ ‫االت�صال‪ ،‬فعلى �سبيل المثال يتعين تقبل الآخرين كما هم‪،‬‬ ‫واحترام قيمهم ومعتقداتهم و�أفكارهم واالبتعاد عن النظرة‬ ‫الدونية للآخر وغر�س ثقافة المحبة والآحترام المتبادل بين‬ ‫طرفي عملية االت�صال ونق�صد هنا المر�سِ ل للر�سالة وم�ستق ِبلها‪،‬‬ ‫فالمر�سِ ل هو من يحمل الفكرة ويرغب في �إي�صالها‪� ،‬أما المتلقي‬ ‫للر�سالة �أو م�ستق ِبلها فيعتمد على واحدة �أو �أكثر من حوا�سه‬ ‫التي منحه اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬له ال�ستقبال هذه الفكرة �أو الر�سالة‪.‬‬ ‫فالإن�سان يمتلك حوا�س ال�سمع والب�صر‪ ،‬وال�شم‪ ،‬والتذوق‪،‬‬ ‫واللم�س التي ي�ستطيع توظيف واحدة منها �أو �أكثر ال�ستقبال‬ ‫ر�سائل تحمل الأفكار والآراء‪ ،‬والرغبات التي يرغب المر�سِ ل‬ ‫للر�سالة في �إي�صالها للم�ستق ِبل باالعتماد على التوا�صل اللفظي‬ ‫�أو الغير لفظي �أو كالهما‪.‬‬ ‫ويتم نقل الر�سالة من مر�سِ لها �إلى م�ستق ِبلها عن طريق و�سيلة‬ ‫يتم اختيارها وفقا لمحتويات وطبيعة الر�سالة والظروف‬ ‫المحيطة بطرفي الر�سالة‪ ،‬حيث ت�أخذ و�سائل االت�صال �أ�شكاال‬ ‫متعددة منها مقابلة المر�سِ ل للم�ستق ِبل وجها لوجه‪� ،‬أو االت�صال‬ ‫الهاتفي‪� ،‬أو من خالل االجتماعات �أو عن طريق ا�ستخدام‬ ‫الو�سائل المكتوبة‪� ،‬أو �أن يتبادل المر�سِ ل والم�ستق ِبل ر�سائل‬ ‫�شفهية عبر و�سيط �أو �أكثر وي�شترط هنا �أمانة الو�سيط ودقته‬ ‫في نقل المعلومة لنجاح عملية االت�صال‪.‬‬

‫بم�صير الر�سالة المر�سلة ‪ ،‬فقد ت�صل �إلى المتلقي كاملة‬ ‫و�صحيحة لتحقق الهدف المرجو منها‪� ،‬أو �أن ت�صل ب�شكل‬ ‫غير مفهوم للمتلقي وقد ال ت�صل على االطالق ويعود ذلك‬ ‫لعدة �أ�سباب منها عدم انتباه م�ستق ِبل الر�سالة �إلى جوانب من‬ ‫محتوياتها او �أن تت�ضمن الر�سالة على كلمات لها �أكثر من داللة‬ ‫�أو معنى �أو �ضيق الوقت لدى المر�سِ ل �أو الم�ستق ِبل للر�سالة �أو‬ ‫كالهما‪ ،‬كما �أن الحكم ال�شخ�صي الم�سبق لم�ستق ِبل الر�سالة قد‬ ‫ي�ؤثر �سلبا على نجاح عملية االت�صال ‪.‬‬ ‫وبامكان المر�سِ ل للر�سالة الت�أكد من و�صول ر�سالته �إلى‬ ‫الم�ستق ِبل عبر التغذية الراجعة‪ ،‬حيث يقوم الم�ستق ِبل في بداية‬ ‫الأمر بتف�سيرها وتحليلها ومن ثم يقوم ب�إعادة �إر�سالها وتقديم‬ ‫التغذية الراجعة التي ت�سمح للمر�سِ ل معرفة هل تم ا�ستقبال‬ ‫ر�سالته وفهمها؟ �أو �أن ذلك لم يتحقق‪ ،‬وقد تترك الر�سالة �آثرا‬ ‫على المتلقي �أو الم�ستق ِبل للر�سالة كالفرح �أو الغ�ضب �أو الحيرة‪.‬‬ ‫وتوجد طريقتان للح�صول على التغذية الراجعة‪ ،‬فالأولى‬ ‫تكون مبا�شرة ومن �أمثلتها �أن يلم�س المدير عدم الر�ضا العام‬ ‫عن م�ضمون ر�سالته �أو �أن يكت�شف وجود �سوء فهم في تف�سير‬ ‫ر�سالته‪ ،‬والطريقة الثانية هي الح�صول على التغذية الراجعة‬ ‫ب�شكل غير مبا�شر ومن �أمثلة ذلك �أن يالحظ المدير تراجع في‬ ‫�أداء الموظفين �أو ارتفاع في معدالت غيابهم �أو �ضعف التن�سيق‬ ‫بين الموظفين العاملين تحت �إدارته‪.‬‬ ‫وعند المقارنة بين و�سائل االت�صال ال�شفهية والكتابية‪ ،‬نجد‬ ‫�أن االت�صال ال�شفهي يخت�صر الم�سافة عند تبادل المعلومات‬ ‫والأفكار والآراء و�أكثر �سهولة وي�سر و�صراحة‪� ،‬إال �أنه يعاب على‬ ‫هذا النوع من االت�صال �أنه معر�ض للتحريف و�سوء الفهم‪� ،‬أما‬ ‫و�سائل االت�صال الكتابي فتتميز ب�إمكانية تخزينها وا�سترجاعها‬ ‫عند الحاجة ومن ال�صعب تحريفها �إال �أنه من �أهم عيوبها بطء‬ ‫و�صول وتدفق المعلومة‪.‬‬

‫وختاما تحتاج الموارد الب�شرية العاملة بمختلف القطاعات‬ ‫والوظائف و�شرائح المجتمع �إلى امتالك مهارات االت�صال فهي‬ ‫على �سبيل المثال ولي�س الح�صر مفيدة في �إدارة االجتماعات‬ ‫والندوات والتعليم والتدريب ومقابالت التوظيف‪ ،‬ولتحقق‬ ‫عملية االت�صال الأهداف المرجوة منها فمن ال�ضروري اختيار‬ ‫المكان والتوقيت والو�سيلة المنا�سبة وترك �إ�صدار االحكام‬ ‫الم�سبقة على الآخرين‪ ،‬وال بد من تعلم وتنمية مهارة الإن�صات‬ ‫وتجنب مقاطعة الآخرين ومراعاة اختالف الثقافات بين‬ ‫ومن ال�ضروري التنبه �إلى �أن هناك ثالثة احتماالت تتعلق‬ ‫الأفراد‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫ذاكرة‬

‫‪22‬‬

‫في إبريل‬

‫أحداث وأيام‬

‫•‪ 5‬أبريل‪ :‬يوم المالريا العالمي‬

‫‪1974‬‬

‫تصدير الشحنة األولى من‬

‫•‪ 7‬أبريل‪ :‬يوم الصحة العالمي‬

‫النفط العماني لليابان‪.‬‬

‫•‪ 12‬أبريل‪ :‬اليوم الدولي للرحلة البشرية‬ ‫إلى الفضاء‬ ‫•‪ 22‬أبريل‪ :‬اليوم الدولي ألمنا األرض‬ ‫•‪ 23‬أبريل‪ :‬اليوم العالمي للكتاب وحقوق‬ ‫المؤلف‬ ‫•‪ 26‬أبريل‪ :‬اليوم العالمي للملكية الفكرية‬ ‫•‪ 28‬أبريل‪ :‬اليوم العالمي للصحة والسالمة‬ ‫في مكان العمل‬ ‫•‪ 29‬أبريل‪ :‬يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا‬ ‫الحرب الكيميائية‬ ‫• ‪ 30‬أبريل‪ :‬اليوم الدولي لموسيقى الجاز‬

‫أحداث تاريخية‬ ‫إبريل‪ :1973 -‬وفاة الرسام اإلسباني بابلو بيكاسو‪.‬‬ ‫إبريل ‪ :1931‬وفاة جبران خليل جبران‪ ،‬أحد شعراء المهجر‪.‬‬ ‫إبريل ‪ :1912‬غرق سفينة ‪Titanic‬‬ ‫ابريل ‪ :1793‬ثار بركان أونزن باليابان ليخلف أكثر من ‪35‬‬

‫ألف قتيل‪.‬‬

‫ابريل ‪ :1951‬إسرائيل” تعلن عن تأسيس جهاز االستخبارات‬

‫الخارجية “موساد”‬

‫ابريل ‪ :1979‬إعالن قيام الجمهورية اإلسالمية في إيران‬

‫بزعامة اإلمام الخميني‪.‬‬

‫ابريل ‪ : 1981‬بدأت إذاعة القاهرة الكبرى إرسالها‪.‬‬ ‫ابريل ‪ : 1989‬تنصيب ياسر عرفات رئيس ًا لدولة فلسطين‪.‬‬

‫في شهر إبريل‬

‫ذاكرة‬

‫‪ 1976‬هبوط أول طائرة قبرصية في مطار السيب الدولي‪.‬‬

‫‪ 1977‬فوز عمان بالمركز األول في المعرض الزراعي الثامن لدول الخليج‪.‬‬

‫‪ 1977‬ألول مرة في عمان و دول الخليج إجراء عملية جراحية لرئة طفل عمره ‪ 47‬يوماً ‪.‬‬ ‫‪ 1979‬أول معرض زراعي في السلطنة في نزوى‪.‬‬

‫‪ 1982‬إصدار أول معجم عربي سواحيلي في العالم أعده خبير عماني (علي بن محمد بن سعيد الكندي)‪.‬‬ ‫‪ 1982‬افتتاح أول مصنع لتعبئة و انضاج الموز في صاللة‪.‬‬

‫‪ 1985‬افتتاح أول سد في سلطنة عمان و هو سد وادي الخوض‪.‬‬

‫‪ 1987‬افتتاح المقر الرئيسي لبنك االسكان العماني الذي ساهم في دعم الحركة العمرانية في كل أنحال‬

‫السلطنة‪.‬‬

‫فعاليات الشهر‬ ‫تنظم اللجنة التنفيذية لالحتفاء "بنزوى" عاصمة الثقافة اإلسالمية‪ ،‬ندوة بعنوان "‬

‫عمان في الوثائق والتاريخ البرتغالي"‪ ،‬والتي ستعقد في مبنى النادي الثقافي‪ . ،‬في‬ ‫‪ 14‬ابريل ‪2015‬م‪.‬‬

‫ المعرض العالمي للتعليم العالي ‪ ،‬والذي سيقام بمركز عمان الدولي للمعارض‪ ،‬في‬‫‪ 22 – 20‬أبريل ‪2015‬م‪ ،‬إذ يقدم المعرض للطالب فرصة االطالع على خيارات التعليم‪،‬‬

‫و الدراسة‪ ،‬واالطالع على أفضل المعاهد‪ ،‬والبرامج‪ ،‬ومناهج التعليم العالي في الداخل‬ ‫والخارج ‪.‬‬

‫معرض كومكس‪ ،‬سيعقد بمركز عمان الدولي للمعارض‪ ،‬في ‪27‬ابريل‪1 -‬مايو ‪2015‬م‪،‬‬

‫حيث سيجمع بين الشركات‪ ،‬والجهات الحكومية‪ ،‬والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬واألكاديميين‬ ‫من عمان وخارجها تحت سقف واحد‪ ،‬ويوفر المعرض منصة لعرض آخر االبتكارات في مجال‬

‫تقنية المعلومات واالتصاالت‪ ،‬ومساحة لتطوير التعاون والشراكة بين الحكومة وقطاع‬ ‫األعمال‪ ،‬وخبراء الصناعة‪ ،‬والباحثين‪ ،‬ورجال األعمال‪ ،‬والمستثمرين‪.‬‬


‫مقال‬

‫عبدالرزاق الربيعي‬ ‫‪razaq2005@hotmail.com‬‬

‫متى تعود الهيبة للقراءة؟‬ ‫دخلت �أحد النوادي ال�صّ حّ يّة ر� ُ‬ ‫حين ُ‬ ‫أيت عند جهاز الجري‪،‬‬ ‫رجال �أجنبيّا يمار�س الريا�ضة دون �أن ي�سند يديه على الجهاز‪،‬‬ ‫محافظاً على توازنه ‪،‬ب�صعوبة‪ ،‬ف�شدّني منظره‪ ،‬وقادني الف�ضول‬ ‫ُ‬ ‫اقتربت وجدت بين يديه كتابا‪،‬‬ ‫لمعرفة‪� :‬أين ي�ضع يديه‪ ،‬وحين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهو م�شهد بهرني‪ ،‬وكان ي�ستحق مني �أن �أوثقه ب�صورة‪ ،‬لكنني‬ ‫ُ‬ ‫خ�شيت الإعتداء على خ�صو�صيّته‪ ،‬في مكان لي�س عامّا‪ ،‬كان الرجل‬ ‫م�ستغرقا بالقراءة‪ ،‬قدماه تجريان‪ ،‬وج�سده يجري ‪ ،‬بينما عيناه‬ ‫تقعان على الكتاب‪ ،‬ويظهر في غاية المتعة‪.‬‬ ‫قد يبدو هذا الم�شهد م�ألوفاً في �أوروبا‪ ،‬فالكتاب مالزم للأوروبيّين‪،‬‬ ‫في القطارات‪ ،‬والطائرات‪ ،‬وحافالت النقل العام‪ ،‬والمقاهي‪،‬‬ ‫وال�شواطيء‪ ،‬ورغم �أ ّن الهواتف الذكيّة بد�أت ت�صاحبهم‪ ،‬في رحلة‬ ‫القراءة‪ ،‬بتلك الأماكن � ّإل �أ ّن الكتاب ما زال "خير جلي�س" لهم‪،‬‬ ‫و�أف�ضل �أني�س‪ ،‬بينما نم�ضي معظم �أوقاتنا عندما نح ّل بالأماكن‬ ‫نف�سها‪ ،‬بالكالم‪� ،‬أو البحث عن �أيّ �شيء ي�شغلنا!!‪.‬‬ ‫قبل �سنوات قليلة قر� ُأت خب ًرا عن �إعالن ن�شرته مكتبة بلندن‬ ‫حد ْ‬ ‫ّدت به موعد �صدور ترجمة �إنجليزيّة لرواية يابانية عنوانها‬ ‫"‪ ،"1984‬للكاتب الياباني هاروكي موراكامي‪ ،‬و ليلة �صدورها وقف‬ ‫الق ّراء طوابير بانتظار �أن ي�ضمن ك ّل واحد منهم الح�صول على‬ ‫ن�سخة من الرواية التي تت�أ ّلف من ‪�1600‬صفحة‪ ،‬وتتحدث عن‬ ‫الحب والوحدة‪ ،‬والعوالم ال�سريالية‪ ،‬وال�شخ�صيات الغام�ضة‪ ،‬كما‬ ‫يقول الخبر‪ ،‬م�ؤ ّكدا" حين �صدرت طبعتها اليابانية في الواليات‬ ‫المتحدة الأمريكية بيعت جميع الن�سخ خالل يوم واحد‪ ،‬وبيعت‬ ‫مليون ن�سخة منها خالل �شهر ‪ ،‬وفي فرن�سا طبعت ‪� 70‬ألف ن�سخة‬ ‫في �شهر واحد!!"‬ ‫ُ‬ ‫ت�ساءلت‪ :‬لو ترجمت تلك الرواية للغة العربية‪ ،‬فكم �شخ�صا‬ ‫�آنذاك‬ ‫�سيذهب لمحالت بيع الكتب ليقتنيها؟‬ ‫بالت�أكيد �سيكون الجواب �صادما‪ ،‬ومحبطا‪ ،‬فالم�س�ألة مختلفة‪ ،‬لأنّ‬ ‫ظروف التن�شئة مختلفة‪ ،‬فالأوربيّون يع ّلمون الأطفال بالمدار�س‬ ‫الذهاب �إلى المكتبات العامّة منذ ال�صف الأوّل االبتدائي‪ ،‬كما ح�صل‬ ‫مع ابنتي"دجلة"‪ ،‬بل هناك دول تع ّلمهم قبل ذلك‪ ،‬فحين زارتني‬ ‫عائلة �صديقي ال�شاعرعدنان ال�صائغ‪ ،‬بم�سقط‪ ،‬قبل �شهور قليلة‪،‬‬ ‫هم�س حفيده "�آدم" الذي لم يبلغ الخام�سة من العمر بعد‪ ،‬ب�أذن‬ ‫والده‪ :‬بابا‪ ،‬متى نذهب للمكتبة؟‬ ‫لأ ّنه يعرف �إ ّن زيارة المكتبة واجب اعتاد عليه‪ ،‬في لندن حيث تقيم‬ ‫الأ�سرة‪ ،‬مدرج من �ضمن برامجه �إن تكن اليوميّة‪ ،‬فالأ�سبوعيّة‪ ،‬وهو‬ ‫بهذا العمر المب ّكر!‬ ‫ّ‬ ‫المتح�ضر �أ ّن ال�سبيل الوحيد للتقدّم ي�أتي عن‬ ‫لقد �أدرك العالم‬ ‫طريق القراءة‪ ،‬فمن الكتاب ت�ش ّع الأنوار‪ ،‬لتفتح نوافذ الم�ستقبل‪،‬‬ ‫فالقراءة تنمّي القدرات التخييليّة للإن�سان‪ ،‬وتعمّق الوعي‪ ،‬وتثري‬ ‫الأفكار ‪ ،‬وتقوّي الم�شاعر‪ ،‬وتجعلنا نفهم �أنف�سنا‪ ،‬والآخر ب�شكل‬ ‫�أف�ضل‪ ،‬وتجعل الذهن يتف ّتح‪ ،‬وفوق ك ّل هذا‪ ،‬فهي متعة‪ ،‬فحين‬

‫�سئل �أحد الحكماء لماذا اعتزلت الإختالط بالنا�س‪ ،‬وان�صرفت‬ ‫�إلى الكتب‪� ،‬أجاب "�صحبت النا�س‪ ،‬فم ّلوني‪ ،‬ومللتهم‪ ،‬و�صحبت‬ ‫الكتاب فما مللته‪ ،‬وال م ّلني"‪ ،‬وت�ضفي القراءة على النف�س ال�سرور‬ ‫والبهجة‪ ،‬وتجعل الإن�سان يح ّلق في ف�ضاءات‪ ،‬مفتوحة بال حدود‬ ‫ُ‬ ‫الملوك و�أبنا ُء‬ ‫‪� ،‬أكثر رحابة‪ ،‬وجماال‪ ،‬يقول حكيم �آخر‪" :‬لو َع ِلم‬ ‫الملوك ما نحن فيه ‪� -‬أي من ال�سعادة وال�سرور – لقاتلونا عليه‬ ‫بال�سيوف"‪ ،‬و�إذا كان ميالن كونديرا يرى �أ ّن الإن�سان حين يدرك �أ ّنه‬ ‫ال يملك �إال حياة واحدة‪ ،‬يجد نف�سه حائرا‪ ،‬ال يعرف ماذا عليه �أن‬ ‫يفعل بهذه الحياة الواحدة؟ وهي حيرة يُ�شبّهها بـممثل يظهر على‬ ‫الخ�شبة‪ ،‬دون �أيّ تمرين م�سبق‪ ،‬فالعقاد يرى �أ ّن الح ّل الوحيد يكمن‬ ‫في القراءة‪ ،‬فهي التي تعطيه �أكثر من حياة‪ ،‬بل حيوات متعدّدة‪،‬‬ ‫لأ ّنها تختزل تجارب الأمم ال�سابقة‪ ،‬وت�ضع �إ�شارات للم�ستقبل‬ ‫ليدخل �إليه من �أو�سع �أبوابه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من هنا جاء اختيار اليون�سكو لـ‪� 23‬أبريل من كل عام ليكون اليوم‬ ‫العالمي للكتاب‪ ،‬وحقوق الم�ؤلف في م�ؤتمر عقد في باري�س عام‬ ‫‪ ،1995‬وجاء اختيار هذا اليوم ‪،‬دون �سواه لأ ّنه وافق والدة‪ ،‬ووفاة‬ ‫عدد من الأدباء العالميين الكبار �أمثال ‪ :‬ميغيل دي �سرفانت�س‬ ‫ووليم �شك�سبير واالينكا غار�سيال�سو دي الفيجا‪ ،‬و موري�س درويون‪،‬‬ ‫وهالدور ك‪ .‬الك�سن�س‪ ،‬وفالديمير نابوكوف‪ ،‬وجوزيب بْال‪ ،‬ومانويل‬ ‫ميخيا فاييخو‪ ،‬وذلك بهدف "ت�شجيع القراءة بين الجميع وب�شكل‬ ‫خا�ص بين ال�شباب وت�شجيع ا�ستك�شاف المتعة من خالل القراءة‪،‬‬ ‫وتجديد االحترام للم�ساهمات التي ال يمكن �إلغا�ؤها لكل الذين‬ ‫مهدوا الطريق للتقدم االجتماعي والثقافي للإن�سانية جمعاء"‪.‬‬ ‫واليوم ونحن نحتفل بهذا اليوم‪ ،‬ونرى تراجع مبيعات الكتب في‬ ‫عالمنا العربي‪ ،‬وهدر حقوق الم�ؤ ّلف‪� ،‬أجد بمرارة �إن حق الم�ؤلف‬ ‫يكمن في قراءة كتابه‪ ،‬فقط‪ ،‬ولي�س في �إعادة طباعته من دون �إذن‬ ‫منه‪ ،‬كما هو حا�صل من فو�ضى في ن�شر الكتاب العربي ! لدرجة‬ ‫�أ ّن �أحد الأ�صدقاء فوجيء بكتاب له �أعيدت طباعته من �إحدى‬ ‫دور الن�شر العربيّة‪ ،‬عندما كان يتجوّل في �أحد معار�ض الكتب‪،‬‬ ‫وعندما �س�أل النا�شر عن �سبب عدم �أخذ موافقته بالطباعة‪ ،‬كما‬ ‫هو حا�صل مع دور الن�شر العالميّة‪� ،‬أجابه‪ :‬لم نعرف عنوانك‬ ‫لأخذ موافقتك‪ ،‬وهو عذر �أقبح من ذنب مع وجود و�سائل التوا�صل‬ ‫الحديثة‪،‬وانت�شارها‪ ،‬و�سهولة العثور حتى على الطير �إن �أفرد‬ ‫جناحيه في ال�سماء ال�سابعة!‬ ‫وهنا الب ّد �أن ن�سعى لو�ضع حلول لتراجع مبيعاته‪ ،‬وقبل ذلك‬ ‫ينبغي علينا �إعادة النظر بعالقتنا بالكتاب ‪ ،‬ون�ضع �أ�س�س عالقة‬ ‫بين الن�شء الجديد والكتاب تبد�أ من المدر�سة‪ ،‬وال نغفل هنا دور‬ ‫الأ�سرة‪ ،‬ومكتبة البيت التي فتحنا �أنظارنا عليها حين ن�ش�أنا‪ ،‬فعندما‬ ‫نجعل العالقة مع الكتاب يوميّة‪ ،‬وحاجة نف�سيّة‪ ،‬نكون قد نجحنا‬ ‫بم�سعانا لإعادة الهيبة للقراءة‪ ،‬وهو ما ت�صبو �إليه اليون�سكو في‬ ‫احتفالها بهذا اليوم ‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫مقال‬ ‫مرفت بنت عبد العزيز العريمية‬

‫‪24‬‬

‫‪mirfat.alaraimi@oeppa.om‬‬

‫قبل أن يرسمه لك اآلخرون‬ ‫�إ ّن الفل�سفة التي يعتمد عليها علم الدرا�سات‬ ‫الم�ستقبلية �أو علم(تقدير ‪ ،‬وتو ّقع المخاطر)‪ ،‬وو�ضع‬ ‫ال�سيناريوهات المحتملة‪ ،‬والممكنة‪ ،‬والمف�ضلة لمواجهة‬ ‫�إ�شكاليات الم�ستقبل في تنمية المجتمع وتطويرها‪،‬‬ ‫والإجابة على الت�سا�ؤالت ب�ش�أنه في �إطار �صيغة اال�ستفهام‪:‬‬ ‫[ماذا لو …؟] من خالل ح�سابات ريا�ضية‪ ،‬و�إح�صائية‪،‬‬ ‫وتحليالت اجتماعية‪ ،‬وتاريخية‪،‬وهذا العلم عبارة عن‬ ‫تزاوج‪ ،‬وتكامل بين عدة علوم كاالقت�صاد‪ ،‬واالجتماع‪،‬‬ ‫والتاريخ‪ ،‬والريا�ضيات‪� ..‬إلخ‪.‬‬ ‫من �أبرز الدرا�سات الم�ستقبلية عن المنطقة العربية‬ ‫تلك التي تنب�أ فيها العالم المغربي المهدي المنجرة‬ ‫بالحرب الح�ضارية الأولى وهي حرب الخليج و الربيع‬ ‫العربي و عالقتها بالك�ساد االقت�صادي الذي تعاني منه‬ ‫الدول الغربية وانخفا�ض �أ�سعار النفط ؛ فعلماء الم�ستقبل‬ ‫�إن جاز ت�سميتهم بهذا اال�سم عند درا�سة �أي �إ�شكالية‬ ‫يقومون ب�إجراء �سل�سلة من الدرا�سات‪ ،‬واالقتراب من‬ ‫المتغيرات التي تبد�أ با�ستخال�ص العبرة من الما�ضي‬ ‫على الم�ستويات المحلية‪ ،‬والإقليمية‪ ،‬والدولية‪ ،‬والبحث‬ ‫عن الفر�ص المتاحة‪ ،‬والتحديات المفرو�ضة‪ ،‬وح�ساب‬ ‫النفقات‪ ،‬وتعيين القدرات الالزمة للإنجاز‪ .‬كل ذلك‬ ‫بهدف و�ضع ت�صوّر م�ستقبلي وع ّدة �سيناريوهات �سابقة‬ ‫التجهيز ‪ ،‬ومقررة �سلفا لجميع الحاالت المتو ّقعة لعقود‬ ‫من الزمان ال تقل عن عقدين ‪.‬‬ ‫فعلماء الم�ستقبليات يدركون ب�أن للأمم والح�ضارات‬ ‫دورة حياة من ثالث مراحل؛ تبد�أ بمرحلة النمو‪ ،‬و‬ ‫الن�ضج‪ ،‬وتنتهي بمرحلة ال�شيخوخة‪ ،‬ون�شوء ح�ضارة �أخرى‬ ‫بمعطيات جديدة تمر من خاللها المجتمعات بجملة من‬ ‫النجاحات‪ ،‬والتحديات تتحكم بها عوامل داخلية‪ ،‬و�أخرى‬ ‫خارجية انطالقا من هذا المفهوم‪.‬‬ ‫وتعتمد الدول المتقدمة على الدرا�سات الم�ستقبلية‬ ‫لتقليل ن�سب المفاج�آت غير المتوقعة وغير ال�سعيدة‬ ‫تفاديا للم�شكالت‪ ،‬والتحديات التي يمكن �أن تنعك�س على‬ ‫مجتمعاتها المحلية‪ ،‬والتحكم بم�سار عمليات التنمية‬ ‫االقت�صادية التي هي ع�صب الحياة بالمجتمع‪ ،‬وذلك‬ ‫للحفاظ على مكانتها‪ ،‬وقوتها في المجتمع الدولي كخيار‬ ‫�أف�ضل‪ ،‬وبديل لمفهوم معالجة النتائج التي تنتج عن عدم‬ ‫وجود ر�ؤى م�ستقبلية و�سيناريوهات محتملة وتوقعات‬ ‫للقادم‪ ،‬والقدرة على مواجهة التحديات التي ت�ؤخر من‬ ‫عمليات التطور‪ ،‬والنمو ‪.‬‬ ‫وت�أتي �أهمية االلتفات لهذا العلم الآن �أكثر من �أي وقت‬ ‫م�ضى نظرا لما ت�شهده دول العالم النفطية‪ ،‬وعلى وجه‬ ‫الخ�صو�ص �سلطنة عُمان من ت�أثيرات انخفا�ض �أ�سعار‬

‫النفط‪ ،‬واالعتماد عليه كم�صدر رئي�س في الدخل‬ ‫الوطني‪ ،‬وتمويل م�شروعات التنمية والبنية التحتية‬ ‫في الوقت الذي تتناف�س الدول الم�ستوردة للنفط فيما‬ ‫بينها على �إيجاد الطاقات البديلة م�ستندة �إلى توفر‬ ‫البنية المعرفية‪ ،‬والعلمية المتطورة‪ ،‬والمت�سارعة في‬ ‫�آن واحد‪.‬‬

‫‪%81‬‬ ‫ضحايا الحوادث المرورية من‬ ‫الفئة العمرية (‪)15-50‬‬

‫فهناك الكثير من التحديات التي ت�شهدها ال�سلطنة‬ ‫التي تحتاج �إلى و�ضع �سيناريوهات م�ستقبلية لت�أ�سي�س‬ ‫ر�ؤى وخطط ا�ستراتيجية‪ ،‬وتخطيطية مع تحديد‬ ‫الإمكانات الب�شرية‪ ،‬والمادية الالزمة لتنفيذها في �إطار‬ ‫زمني محدد‪ ،‬ومن �أهمها‪ :‬محدودية التنوّع في م�صادر‬ ‫الدخل ‪ ،‬والنمو الديمغرافي المت�سارع مع ات�ساع قاعدة‬ ‫ال�شباب‪ ،‬فقد بلغ ن�سبة وزيادة مخرجات التعليم‪ ،‬وزيادة‬ ‫االعتماد على العمالة الوافدة في القطاعات االقت�صادية‬ ‫‪�،‬إذ تمثل العمالة الوافدة ‪ %82‬من �إجمالي العاملين‬ ‫بال�سلطنة وفقا للإح�صائيات المركز الوطني للإح�صاء‬ ‫والمعلومات في عام ‪، 2013‬ونموهم ّ‬ ‫المطرد‪ ،‬والتبعات‬ ‫الثقافية الناتجة عنها ناهيك عن االرتفاع المطرد‪،‬‬ ‫والكبير في ن�سبة الم�صابين بالأمرا�ض الناتجة عن‬ ‫الرفاه ‪ ،‬ونمط الحياة غير ال�صحية‪ ،‬فعلى �سبيل المثال‪،‬‬ ‫فانه من المتوقع �أن تزداد ن�سبة اال�صابة بمر�ض ال�سكري‬ ‫في �سلطنة عمان بن�سبة ‪ %124‬بين عامين ‪2030 -2012‬‬ ‫‪،‬ووفقا لإح�صائيات االتحاد الدولي لمر�ض ال�سكري‪،‬‬ ‫وكما ت�شكل الحوادث المرورية هاج�سا كبيرا ‪،‬وخ�سارة في‬ ‫الر�أ�س المال الب�شري الوطني �إذ يبلغ ‪ %81‬من �ضحايا‬ ‫الحوادث المرورية من الفئة العمرية (‪ )50-15‬ويبلغ‬ ‫‪ %78‬من �ضحايا الحوادث عمانيين وفقا للإح�صائيات‬ ‫المرورية ل�شرطة عمان ال�سلطانية عام ‪ 2011‬كما �إن‬ ‫الكثافة ال�سكانية في محافظة م�سقط في ازدياد نتيجة‬ ‫تمركز الخدمات الرئي�سة ‪،‬والم�ؤ�س�سات العامة‪ ،‬والخا�صة‬ ‫الكبرى فيها مما نتج عنه ارتفاع ن�سبة ازدحام المرور ‪ ،‬و‬ ‫ارتفاع �أ�سعار الإيجارات والأرا�ضي ‪ ،‬والهجرة من الريف‬

‫�إلى المدن وما لها من تبعات اجتماعية على الأ�سر التي‬ ‫يهاجر �أبنا�ؤها‪ ،‬فقد ا�ست�أثرت محافظة م�سقط بن�سبة ‪%60‬‬ ‫من العمانيين الذين غيّروا مقر اقاماتهم �إلى محافظات‪،‬‬ ‫ومناطق �أخرى‪ ،‬وذلك وفقا لإح�صائيات المركز الوطني‬ ‫للإح�صاء‪ ،‬والمعلومات عام ‪.2003‬‬ ‫ً‬ ‫انخفا�ضا في معايير الجودة‬ ‫وفي المقابل نواجه‬ ‫التعليمية قيا�سا بالمعايير العالمية‪ ،‬والتنوع في مجاالت‬ ‫التعليم المهني‪ ،‬وغيرها من التحديات التي تتطلب‬ ‫درا�ستها للوقوف على الأ�سباب �أوال ‪،‬وو�ضع حلول لتفادي‬ ‫تكرارها كل ما �أمكن ‪.‬‬ ‫�إ ّن درا�سة الق�ضايا الآنفة الذكر جزء ال يتجز�أ من الإعداد‬ ‫لحقبة ما بعد النفط‪ ،‬ف�أي تنمية تعتمد على بناء الإن�سان‬ ‫�صحيا‪ ،‬وثقافيا‪ ،‬وعلميا‪ ،‬واجتماعيا وقبل كل �شيء ف�إ ّن‬ ‫عُمان �إذا �أرادت �أن ت�سلك طريق الدرا�سات الم�ستقبلية‬ ‫يجب �أن تحث ال�سير فيه ب�أدوات‪ ،‬و قواعد عُمانية عربية‬ ‫فا�ستيراد المفاهيم في هذا العلم بالذات ي�أتي بنتائج‬ ‫مختلفة نظرا لكون هذا النوع من الدرا�سات يعتمد على‬ ‫البنية الثقافية‪ ،‬واالجتماعية للمجتمع‪ ،‬وعلى �أ�سا�سها‬ ‫تو�ضع الأهداف وتحدد �أدواتها‪ ،‬ولعل الدول الغربية‬ ‫�أدركت ذلك في ثمانينيات القرن الما�ضي‪ ،‬وتقريبا‬ ‫�أثناء الحرب الباردة‪ ،‬فقامت بت�أ�سي�س مراكز للدرا�سات‬ ‫الم�ستقبلية في الم�ؤ�س�سات الع�سكرية‪ ،‬وال�شركات متعددة‬ ‫الجن�سيات لأغرا�ض ا�ستراتيجية‪ ،‬واقت�صادية ‪ ،‬لذلك نجد‬ ‫�إن �أكثر الدرا�سات الم�ستقبلية‪ ،‬و�أغلب علمائها ين�شطون‬ ‫في مجال البحوث العلمية الع�سكرية‪ ،‬و تطوير الأ�سلحة‬ ‫�أي الجانب غير الإيجابي من الح�ضارة‪.‬‬ ‫ومن هذا المنطلق ‪ ،‬يمكننا القول ب�أ ّن العالم العربي لي�س‬ ‫في �صالحه ت�أ�سي�س علم الدرا�سات الم�ستقبلية ب�أدوات‪،‬‬ ‫ومناهج‪ ،‬وو�سائل غربية بحتة‪ ،‬لأن المتطلبات تختلف‪،‬‬ ‫والأهداف متغيرة‪ ،‬فنحن بحاجة �إلى درا�سات تعالج‬ ‫التنمية الم�ستدامة‪ ،‬وق�ضاياها كم�ستقبل التوظيف في‬ ‫الثالثين عاما المقبلة‪ ،‬و تنويع م�صادر الدخل غير‬ ‫النفطية‪ ،‬واال�ستعداد لحقبة ما بعد النفط‪ ،‬و�إعداد‬ ‫ت�صورات م�ستقبلية متنوعة‪.‬‬ ‫وحتى ن�صل �إلى هذا المبتغى‪ ،‬فهناك �ضرورة ملحة‬ ‫وحيوية �أال وهي الت�أ�سي�س لمركز عُماني متخ�ص�ص في‬ ‫الدرا�سات الم�ستقبلية تابع للدولة يعنى بهذا ال�ش�أن يجمع‬ ‫بين �أروقته نخبة من الكفاءات العمانية الم�ؤهلة يتم‬ ‫انتقا�ؤهم من مختلف التخ�ص�صات العلمية كالريا�ضيات‬ ‫والإح�صاء وعلم االقت�صاد ‪،‬واالجتماع‪ ،‬وغيرها من العلوم‪،‬‬ ‫وت�أهيلهم كعلماء وباحثين من خالل برنامج علمي‬ ‫متخ�ص�ص‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.