الهيئة االستشارية للمجلة ال� � �ه� � �ي� � �ئ � ��ة اال�� � �س� � �ت� � ��� � �ش � ��اري � ��ة ل� �ل� �م� �ج� �ل ��ة الإم � � � � � ��ام ال� � ��� � �ص � ��ادق امل� � �ه � ��دي/ال� � ��� � �س � ��ودان ال� ��دك�� �ت� ��ور ع� �ب���د احل� �ل� �ي���م ع� ��وي � ��� ��س /م �� �ص��ر ال�� ��دك� � �ت�� ��ور وه� � �ب � ��ة ال� ��زح � �ي � �ل� ��ي� � �/س� ��وري� ��ا ال � � ��دك� � � �ت � � ��ور حم� � �م�� ��د ط� �ل��اب� � ��ي/امل � � �غ� � ��رب ال��دك �ت��ور م�صطفى ع�ث�م��ان �إ�سماعيل/ال�سودان ال� ��دك � �ت� ��ور ع� �ب ��د الإل � � � ��ه م� �ي� �ق ��ات ��ي /ل �ب �ن��ان الأ��� � �س�� � �ت� � ��اذ م� �ن� �ت� ��� �ص ��ر ال� ��زي� ��ات/م�� ���� �ص� ��ر ال���دك� �ت���ور � �س �ع��د ال� ��دي� ��ن ال� �ع� �ث� �م ��اين/امل� �غ ��رب ال� ��دك � �ت� ��ور حم � �م� ��ود ال � � �� � � �س� � ��رط� � ��اوي/الأردن
الس�نة الثالثة :الع�دد الرابع -مح�رم ١٤٣2هـ /كان�ون أول ٢٠١٠م
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ال�� ��دك� � �ت�� ��ور حم � �م� ��د احل � �ل ��اي � � � �ق� � � ��ة/الأردن
هيـئـة التـحريـر امل�� � �ه�� � �ن� � ��د�� � ��س م� � � � � � � � ��روان ال� � � �ف�� � ��اع�� � ��وري الأ� � � �س � � �ت� � ��اذ ال�� ��دك� � �ت�� ��ور حم � �م� ��د اخل� �ط� �ي ��ب الأ� � �س � �ت� ��اذ ال ��دك� �ت ��ور حم��م��د �أح � �م� ��د ال �ق �� �ض��اة ال � ��دك� � �ت � ��ور ه � ��اي � ��ل ع � �ب� ��د احل � �ف � �ي� ��ظ داود
تصدر عن املنتدى العاملي للوسطية
ال�� � � ��دك� � � � �ت�� � � ��ور ي � � ��ا�� � � �س� �ي ��ن امل� � �ق�� ��و�� � �س�� ��ي
املشرف العام على املجلة الأ���س��ت��اذ ال��دك��ت��ور حم��م��د �أح��م��د الق�ضاة
مساعد املشرف العام على املجلة الأ���������س��������ت��������اذة ف�������ادي�������ة ال���ع���ت���ي���ب���ي
تصميم وإخراج ب�����ل�����ال امل����ل���اح
عمان اململكة األردنية الهاشمية ّ - عمان 11941األردن هاتف - 5356329 :فاكس - 5356349:ص.بّ 2149 : E-mail: mod.inter@wasatyea.org _ _- moderation-assembly@yahoo.com Web Site: www.wasatyea.org
محتويات العدد
االفتتاحية درا�سات �إ�سالمية:
و�سطيتنا:
مقاالت الو�سطية:
مقابلة الو�سطية: ن�شاطات الو�سطية: �ضيوف الو�سطية:
بيانات الو�سطية:
م�ؤمتر الو�سطية: �أخبار الو�سطية:
2
�إذ حتط الرحال يف بالد �إقبال الفكر املقا�صدي عند احلكيم ال�ترم��ذي ودوره يف حتقيق د .خالد ز َْهري التوا�صل احل�ضاري املناخ العقلي والعلمي و�أثره يف احل�ضارة الإ�سالمية أ.د .عدنان محمد زرزور املنطلقات الفكرية ملنهج الدرا�سات امل�ستقبلية يف الإ�سالم عبد الله بن محمد السهلي �أهمية ت�أ�صيل الفكر التنويري لدى ال�شباب أ.منتصر الزيات الغلووالتطرف يف الدين أ.د.أحمد نوفل ال��و���س��ط��ي��ة واالع���ت���دال يف ال��ن��ظ��ام ال��ق��ان��وين الإ���س�لام��ي احملامي مازن الفاعوري (الت�شريعات)...اجلزء الأول �ضرورات احلوار مع الآخر د .عبد الرحمن سعود إبداح عالقة تيار الو�سطية بالقوى الفاعلة بالغرب نهاد عوض فقه اجلهاد وب�ؤ�س الفتنة...قراءة يف موقف الإ���س�لام من د.محمد حبش التطرف والتكفري والعنف الأدب الإ�سالمي� :إىل �أين مي�ضي؟ د .مأمون فريز جرار الإ�سالم والغرب املمانعة �شرط املقاربة هاني الفحص الأمر باملعروف والنهي عن املنكر د .يوسف القرضاوي الدنيا احلياة الت�صور الإ�سالمي حلقيقة أ.عبدالله محمد سالم أبوزيد بناء الإن�سان فضيلة الشيخ احلبيب اجلفري ال�شباب رعاية يف دور العلماء أ.د.محمد أحمد حسن القضاة ما زلنا م�ؤهلني لنكون خري �أمة أ.د.عبد احلليم عويس والع�شرين الواحد القرن يف الدعوة مالمح عامة حول �أ�سلوب نوزاد صواش وحدة الأمة واحتادها ...قراءة تاريخية ومعا�صرة د .أحمد طويل يف لقاء خا�ص ملجلة الو�سطية :د.زغلول النجار :العلم ،وتوحيد الأمة و�إن�شاء مرجعية للم�سلمني: �أمور ثالثة �إن حتققت �سهلت خروج الأمة من حالة الركود التي تعي�شها. تقرير حول ن�شاطات املنتدى ل�شهر متوز 2010م. تقرير حول ن�شاطات املنتدى ل�شهر �آب 2010م. تقرير حول ن�شاطات املنتدى ل�شهر �أيلول 2010م. وفد تركي يف زيارة ملقر العاملي للو�سطية. وفد من وزارة ال�ش�ؤون الإ�سالمية والأوقاف والدعوة والإر�شاد ال�سعودية يف زيارة تعارف للعاملي للو�سطية. وفد عن الديوان الثقايف للو�سطية واالعتدال يف زيارة ملقر العاملي للو�سطية. وفد من كلية الدرا�سات الإ�سالمية يف قطر يزور مقر العاملي للو�سطية. مدير عام جمل�س العالقات الإ�سالمية الأمريكية يلتقي الأمني العام للعاملي للو�سطية. ع�ضوالعاملي للو�سطية من اجلماهريية الليبية مفتاح م�سعودة يف زيارة ملقر املنتدى. وفد من العلماء امل�شاركني يف دورة "�شرح م�ضامني ر�سالة عمان" يزور العاملي للو�سطية. وفد طالبي ممثل عن احلزب الإ�سالمي الكرد�ستاين يف زيارة ملقر العاملي للو�سطية. بيان حول جهود املنتدى العاملي للو�سطية يف الإفراج عن ال�ضابطني الأردنيني اللذين اختطفا يف دارفور /ال�سودان. العاملي للو�سطية ي�صدر بيانا حول قتل الرهينة الفرن�سي. بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول العمل الإرهابي الذي ا�ستهدف مدينة العقبة. بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول تفجريات الهور. بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية ب�ش�أن الهجوم امل�سلح على فندق يف العا�صمة ال�صومالية. بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية/فرع اليمن حول الهجوم امل�سلح على مبنى الأمن ال�سيا�سي/ مبحافظة عدن. املنتدى العاملي للو�سطية يعقد م�ؤمتره الدويل الثامن "دور الو�سطية يف نه�ضة وا�ستقرار باك�ستان "يف �إ�سالم �أباد انتخاب هيئة �إدارية جديدة ملنتدى الو�سطية للفكر والثقافة "د.نوفل وذكرى الإ�سراء واملعراج " لقاء لقطاع املر�أة يف منتدى الو�سطية العاملي للو�سطية وفريق عمل قارئ اليوم قائد الغد وور�شة عمل متخ�ص�صة العاملي للو�سطية يقيم �إفطاره الرم�ضاين على �شرف الداعية راتب النابل�سي العاملي للو�سطية يقيم لقاء تعاريف لأع�ضاء املنتدى املنتدى العاملي للو�سطية ي�شارك يف م�ؤمتر الفكر التنويري/ال�شباب وثقافة الت�سامح يف مواجهة العنف املجتمعي دور املر�أة يف تنمية املجتمع /ور�شة عمل للقطاع الن�سائي يف العاملي للو�سطية جلنة املر�أة تنظم حفل ا�ستقبال مبنا�سبة قرب حلول �شهر رم�ضان املبارك ملتقى ال�شباب يف منتدى الو�سطية يقيم لقاء تهنئة بعيد الفطر منتدى الو�سطية يقيم �إفطارا رم�ضانيا لأيتام مركز الها�شمي ال�شمايل
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
املهندس مروان الفاعوري
3 5 11 19 26 32 34 39 43 48 50 57 62 66 68 70 73 74 77 80 81 82 84 85 85 85 86 86 87 87 87 88 88 89 89 90 90 91 93 98 101 102 102 103 104 105 106 107
افتتاحية العدد
إذ تحط الرحال يف بالد إقبال فرع املنتدى العاملي في رحلة إطالق ٍ للوسطية في الباكستان ليعاضد فروع امل��ن��ت��دى ال��راس��خ��ة ف��ي وط��ن��ن��ا الكبير، ج��ال��ت اخل��واط��ر اس��ت��ذك��اراً بشخصية إسالمية إنسانية عاملية أحدثت التغيير في بنية العقل املسلم ،وأدخلت األمة في بحر التنوير واحلداثة ،رابطة ماضيها وأصالتها بحاضرها ومستقبلها ،واملنتدى العاملي للوسطية يقتبس من فكر إقبال ملتقى وجامعاً لعلماء األمة ومشكاته ً وقادتها إلظهار الدور احلقيقي والريادي لإلسالم واملسلمني ،وبعث روح احلضارة اخل��ال��دة في املسيرة اإلنسانية ماضياً وحاضراً ومستقب ً ال ،متطلعني أن يكون فرع الباكستان إمتداداً فكرياً ،وإحياءاً تنويرياً لفكر إقبال ومحمد علي مناع ح��ي��ث ك��ان��ا ح��ري��ص�ين ع��ل��ى ج��ع��ل هذا البلد موطناً يجمع كلمة األم��ة ،ويوحد املسلمني ويحققق الرفعة والتقدم لهم، بل يغار لنجدة أبناء األمة حيثما كانوا. { َو َكذَلِ َك َج َع ْلنَاكُ ْم ُأ َّمةً َو َسط ًا لِ تَكُ ونُوا الر ُسولُ َعل َْيكُ ْم اس َو َيكُ َ ُش َه َدا َء َعلَى ال َّن ِ ون َّ
إن املنتدى شَ � ِ�ه �ي��داً} (ال���ب���ق���رةَّ ..)143:
��أن الفكر اإلس�لام��ي املعتدل إذ يُ��ؤم��ن ب َّ وم��ا ينتج عنه من مم��ارس��ات ،هواللبنة األساسية في االرتقاء وإصالح احلضارة العاملية ،وتأصيل رؤي��ة واضحة متكننا من إعادة صياغة مشروعنا النهضوي، وفي امتالك وسائل عملية وواقعية لرد الهجمات عن ديننا اإلسالمي اإلنساني امل��ت��ه��م ب��ال��غ��ل��ووال��ت��ط��رف وال��ت��ش��دد في الكثير من وسائل اإلعالم الغربية ،مما أثر بصورة سلبية على أمننا واستقرارنا ومصاحلنا.
وق���د أخ���ذن���ا ف���ي امل��ن��ت��دى العاملي للوسطية على عاتقنا منذ إنطالقه مهمة اإلسهام في مسيرة إحباء وإصالح األمة من خالل املراجعات الفكرية والثقافية ال��ت��ي ي��ت��ص��دى ل��ه��ا ال��ع��ل��م��اء واملفكرون يعبرون عن الفكر وق��ادة ال��رأي الذين ّ املعتدل املتزن ،والذي نتشرف بأن نعتبر أنفسنا جزءاً منه لتعميق التواصل بدل التقاطع وال��ت��داب��ر ،وإح�ل�ال االئتالف مكان االختالف ،وتعميق معاني احلب والتآلف والتعايش ،ليكون ه��ذا التيار املهند�س مروان الفاعوري التيار اجلامع لألمة على طريق احلق والسموواالزدهار. األمني العام للمنتدى العاملي للوسطية ف��ي نظرة متأملة لتاريخنا الزاهر أن أم��ت��ن��ا ق���د ن��ه��ض��ت وارتقت جن���د َّ وأس��ه��م��ت ع��ن��دم��ا ك���ان ال��ف��ك��ر املعتدل امل��ت��وازن ،املنسجم مع ذات��ه ،املتسق مع النواميس الكونية ،املحُ ْتَرِ م للعقل ،البعيد عن الشطط والغلو واإلفراط والتفريط هوالفكر السائد واملتداول. استنزِ فت طاقات ومل ّا غاب هذا الفكر ْ األمة بالصراع والكراهية ،و ُق�� ِّوض أمن األف������راد وامل��ج��ت��م��ع��ات ،وغ����رق العالم اإلسالمي في أم��واج الفتنة واالنقسام وال��ت��م��زق ،وتخلف ع��ن رك��ب احلضارة، وس��ارت سفن التقدم واالزده���ار بعيداً عن شواطئ أمتنا.
م��ن خ�ل�ال اإلس��ل��ام .ون��ح��ن إذ نفتتح ف��رع��اً للمنتدى ال��ع��امل��ي للوسطية في أن امل��ن��ت��دى العاملي الباكستان ،لنؤكد ّ للوسطية ي��رف��ع ش��ع��ار احل��م��ة واحملبة للناس أجمعني ماداموا ينشرون احملبة بأن رسالة اإلسالم واإلمي��ان إمياناً منا َّ ل��ن تكون إال كذلك رحمة وب���راً وخيراً للعاملني ،ومثل املؤمن كمثل الغيث أينما وق��ع نفع ،وإمي��ان��اً مبنزلة اإلنسان عند الله حيث كرمه بخلقه من يده ونفخ فيه من روحه وأسجد له مالئكته وسخرهم في خدمته ،وذل��ك قبل أن يأتي رسول َاه ْم أوكتاب { َو َلق َْد ك ََّر ْمنَا َبنِ ي آ َد َم َو َح َم ْلن ُ َاه ْم ِم َن َّ الط ِّي َب ِات فِ ي ا ْل َب ِّر َوا ْل َب ْح ِر َو َر َز ْقن ُ م � ْ�ن خَ ل َْقنَا َو َف� َّ �ض � ْل � َن� ُ �اه� ْ�م َع � َل��ى َك��ثِ �ي� ٍ�ر مِ َّ ت َْف ِض اً يل} (اإلس��راء ،)70:وننادي بإخاء إنساني في ظالل اإلميان مهتدين بقول
نستذكر اليوم في ه��ذه املقالة ذاك ال�ط��ود الشامخ إق�ب��ال ،الشاعر املسلم العظيم املنطلق من شبه القارة الهندية احمللق في كل قطر من أقطار العالم، املدافع عن اإلسالم واملسلمني في شبه الله تعإلى { َو َ ال تَقُ ولُوا لمِ َْن أَ ْلقَى ِإل َْيكُ ْم القارة الهندية ،وفي غيرها من أقطار الس َ ال َم ل َْس َت ُم ْؤ ِمن ًا } (النساء.)94: َّ األرض ،وامل���داف���ع ع��ن اإلن��س��ان��ي��ة كلها السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
3
لقد عاش إقبال في فترة عصيبة من حياة األمة اإلسالمية كالتي نعيش ،وشهد ما تعرضت له أمتنا من ه��وان على يد االستعمار الغربي فكان محمد إقبال رجل املرحلة والقدر في حياة أمة ،لقد كانت حياته ملحمة إنسانية حقاً ،وقد جعل همه األول إنقاذ اإلميان ،مبنهج يقوم على اللني والدعوة إلى سبيل الله باحلكمة واملوعظة احلسنة ،ونستذكر نور وفكر وإشراقات إق�ب��ال ،التي ننطلق منها لرسم منظومة أفكارنا ونتلمس ��رت على طريقنا في املنتدى العاملي مبقولته اخلالدة" :أش ُ بعض أمراء املسلمني أصحاب الواليات بالعناية بنشر اإلسالم ف��ي غير املسلمني ،ون��ش��ر الثقافة واآلداب اإلس�لام��ي��ة في املسلمني ،وإحياء اللغة العربية وأدبها في هذه البالد ،واالنتفاع بثروتهم بتأسيس بنك عاملي ،وإنشاء صحيفة إجنليزية عاملية تدافع عن قضايا املسلمني ،حتى يحسب لهم حساب ويرهب جانبهم ،وتكون لهم مكانة عاملية تخشى وترجى ،وإن في ذلك صيانة لدولتهم وضماناً لكيانهم.
خير أمة أخرجت للناس ،يتوجب أن تكون طليعة ،لتكون لها القيادة ،ويجب أن تكون لها شخصيتها اإلسالمية املتميزة، وبالعلم الصحيح ،وأن نقوم على صيانة احلياة من عوامل الفساد ،وإخراج البشرية من الظلمات إلى النور ،مبا أتانا الله عز وجل من نور الهدى والفرقان.
وم��ا أحوجنا أن ن��درك أن العالم ك��ان يعيش ف��ي شقوة وقسوة ،وفوضى وضياع ،ظلمات بعضها فوق بعض ،وقد ظهر فضل هذه األمة ،وسهل فهم رسالتها في هذا العصر أكثر من كل عصر ،حيث افتضحت اجلاهلية املعاصرة ،وبدت سوآتها للناس ،واش��ت��د التذمر منها ،وتكلم الكثيرون ع��ن ضرورة قيادة اإلسالم ،لونهضت خير أمة أخرجت للناس ،وارتفعت إلى مستوى النهوض بتكاليف تلك القيادة ،وأدركت أن لتلك التكاليف تبعاتها ،وأن القيادة ال تؤخذ قوالً ،وال تقبل ادعاء.. كانت أمتنا وال زالت متلك ريادة وإرادة ،ونور ًا ساطع ًا أضاء وال يسلم لهذه األمة بالقيادة إال أن تكون أه ً ال لها بالتصور ظلمات الكون ،ووح��دة إنسانية جمعت في بوتقتها أطياف االعتقادي ،والنظام االجتماعي ،والتقدم العلمي ،والسبق في البشرية في فضاءات احلرية والتالحم اإلنساني شكلت لوحة كل مجاالت احلياة. فسيفسائية رائعة كانت مقدمة لبناء إنساني منحت البشرية �ري بنا اليوم أن نستذكر مقولة أبي احلسن الندوي حضارة خالدة جمعت بني العلم واملعرفة ،والدين والدنيا، وح� ٌ ومشروعاً نهضوياً قاده العلماء وقادة الفكر الذين بعثوا احلياة في شخصية محمد إقبال" ،إنَّه تخرج من مدرستني :املدرسة في أوص��ال األمة وأركانها ،وأحدثوا نهضة حضارية شاملة األولى هي مدرسة الثقافة العصرية والدراسات الغربية ،وهي تفيأ ظاللها كل من عايشها. مدرسة -على أهميتها -أمرها هني .وأما املدرسة الثانية التي اإلنسانية اليوم بأمس احلاجة إلى روح اإلس�لام ،وإلى قيمه كان لها أعظم األثر في شخصيته فهي مدرسة متميزة ،ألنها األخالقية اإلنسانية :التي احترمت احلقوق ،وقدست احلياة، مدرسة داخلية تولد مع اإلنسان ،ويحملها اإلنسان معه في وأقامت العمران ،وأعلت من مكانة العلم والعلماء ،وسارت احلياة اإلنسانية في ظلها بتوازن رائ��ع ،وتناسق عجيب بني كل مكان ،وهي مدرسة القلب والوجدان ،وهي مدرسة تشرف عليها املدرسة اإللهية ومتدها القوة الروحية”. اإلنسان والكون واحلياة. ما أحوجنا كأمة إلى أن نعرف معالم ديننا القيم ،الذي يحمل الكثيرون اسمه ،ويجهلون كنهه ،ويأخذونه بالوراثة والتقليد ،أكثر مما يجب أن يكونوا عليه من الفهم والسلوك.
وما أحوجنا أن نعتقد اعتقاد ًا جازم ًا يظهر أثره في كل ما ألن املسلم -كما يراه شاعر اإلسالم الدكتور محمد نقول ونعملَّ ، إقبال -لم يخلق ليندفع مع التيار ،ويساير الركب البشري حيث اجته وس��ار ،بل خُ لق ليُوجه العالم واملجتمع واملدنية ،وينشر على البشرية خيره ،دون أن ميلي عليها إرادت��ه ،ألنه صاحب ال��رس��ال��ة وص��اح��ب العلم اليقني ،وألن��ه امل��س��ؤول ع��ن إسعاد هذا العالم وسيره واجتاهه ،فليس مقامه التقليد واالتباع، ولكن مقامه مقام اإلمامة والقيادة ،ومقام اإلرشاد والتوجيه، ومقام األمر الناهي ،فاخلضوع واالستكانة لألحوال الكاسرة، واألوضاع القاهرة ،واالعتذار ..من شأن الضعفاء ،أما املؤمن فهوبنفسه قضاء الله الغالب ،وقدره الذي ال يرد.
وأمة تلك وظيفتها ،وذلك دورها ،خليقة بأن تدرك معالم الطريق في أداء رسالتها املنوطة بها ،ليتأكد خلوصها لله، واس��ت��ع��داده��ا للطاعة املطلقة ،وال��ق��ي��ادة ال���راش���دة ،لتنقذ البشرية من الشقاء والقلق والشذوذ واجلرمية ،وتقوم على صيانة احلياة من الشر والفساد ،لتبصر اإلنسانية ميالدها اجلديد ،الذي يكون فاحتة العهد السعيد. {أَل َْم ت ََر ك َْي َف َض َر َب الل ُّه َم َث ًال كَلِ َمةً طَ ِّي َبةً كَشَ َجرةٍ طَ ِّي َبةٍ ني ِب ِإ ْذ ِن َر ِّب َها الس َماء ُت ْؤتِ ي ُأكُ َل َها كُ لَّ ِح ٍ أَ ْص ُل َها ث َِاب ٌت َوف َْر ُع َها فِ ي َّ َو َي ْض ِر ُب الل ُّه ا َ اس َل َعل َُّه ْم َي َتذَكَّ ُرو َن َو َمثلُ كَلِ َمةٍ خَ ِبيثَةٍ أل ْمثَالَ لِ ل َّن ِ ثَّت ِمن ف َْو ِق ا َ أل ْر ِض َما َل َها ِمن ق ََر ٍار ُي َث ِّب ُت اجتُ ْ كَشَ َج َرةٍ خَ ِبيثَةٍ ْ اآلخ َرةِ الد ْن َيا َوفِ ي ِ الل ُّه ال َِّذ َ آمنُو ْا ِبا ْلق َْو ِل الثَّ ِاب ِت فِ ي الحْ َ َياةِ ُّ ين َ َو ُي ِضلُّ الل ُّه َّ ني َو َي ْف َعلُ الل ُّه َما َيشَ اء }. الظالمِ ِ َ
4
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
دراسات إسالمية
الفكر املقاصدي عند الحكيم الرتمذي ودوره يف تحقيق التواصل الحضاري د .خالد َز ْهري /الرباط تـوطئــــة أسماء الله احلسنى ،حيث يرتبط اجلمال باإلبداع والعلم، ال جرم أن من أخطر ما يعانيه الفكر اإلسالمي املعاصر ،بل إذا غاب اجلمال عن العلمَ ،ح َّل محله اجلهل .ومن أجمل ظهور ممارسات دينية ،قائمة على فهم سطحي للدين ،وعلى أقواله في ذلك" :واجلاهل ال يُحسن أن يعبد ربه”. إحياء اجلوانب الشاذة في التراث اإلسالمي املشرق املبني إن الكالم عن الفكر املقاصدي ،عند احلكيم الترمذي ،يعني على الوسطية واالع��ت��دال على مستوى العقيدة ،والشريعة تسليط الضوء على عناصر اجلمال في الدين اإلسالمي ،على ونظام احلياة. مستوى املعرفة ،واألخالق ،والطبيعة.
وبذلك ،يكون لزاما علينا؛ في املقابل؛ إحياء اجلوانب ومن أهم إجنازاته ،تقريره أن وراء كل حكم شرعي علة. املضيئة في تراثنا اإلسالمي ،وهي السمة التي متيزه. وك��ل علة عنده متلبسة بقيمة أخالقية .مما يعني ،أن أي ومن أهم العلوم ،التي تستحق اإلحياء والتفعيل؛ في عصرنا حكم شرعي ،إمنا هومتثُّل أخالقي ،جتاه اخلالق ،والذات، هذا؛ علم مقاصد الشريعة ،لكونه ميثل روحها ،ويبعث على واخللق. اكتشاف عناصر اجلمال فيها. ومن هنا ،فإن إحياء فكر إسالمي من هذا القبيل ،من شأنه
اإلسهام في خلق قيم إنسانية ،تتعايش مبقتضاها كل األمم، وهذا اإلحياء يبرره مقصدان على األقل: أولهما :حتقيق إدراك سليم ،وفهم صحيح ،لتراثنا اإلسالمي؛ وتتآلف بها ،وتنسجم بها كل املذاهب والديانات. ول��ه��ذا ،ل��م يكن م��ن العبث ،أن يتب َّوأ احلكيم الترمذي ثانيهما :أن مضامني الفكر املقاصدي ،جتيب عن أسئلة كثيرة ،الزمت التاريخ اإلسالمي ،وأيضا اإلنساني ،وما زالت مقام الصدارة في اجلامعات األوروبية ،حيث تخصص فيه كبار املستشرقني ،كاملستشرقة الفرنسية جنفييف جوبيو تتعطش للجواب عنها. وم��ن أق��دم العلماء املسلمني ،الذين لم يألوا جهدا في ،Geneviève GOBILLOTواملستشرق األملاني بيرند راتكه الكشف ع��ن أس���رار الشريعة ومقاصدها ،وإب���راز عناصر ،Bernd RADTKEوالعاملة اليهودية الكبيرة سارة سفيري اجلمال فيها،أبوعبد الله محمد بن علي احلكيم الترمذي ،Sara SVIRIوال غ��روأي��ض��ا ،أن ت��ت��رج��م أه���م كتبه إلى (توفي نحو 318هـ 930/م) حيث قرر في كتبه ،كـ "كتاب إثبات الفرنسية ،واإلجنليزية ،واألملانية ،والعبرية. وق��د يعترض معترض متسائال عن ج��دوى إحياء الفكر العلل” ،و”الصالة ومقاصدها” ،و”املنهيات” ،أن الشريعة معللة تعليال عقليا ،في العبادات واملعامالت ،وأن من أهم املقاصدي ،عند علماء اإلسالم عموما ،والترمذي خصوصا، مقاصد الشريعة ،األخ��ذ مبقتضى اسم "اجلميل” ،وهومن في زمن التطور التكنولوجي ،الذي ال ميكن أن يصنِّف أصحابُ ُه السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
5
من ينحواملنحى املذكور ،إال في خانة املاضوية والتخلف ،بيد املحُ ْ َدثني ،كـ "توماس هوبس” ،الذي يرى ،أن "اإلنسان ذئب أن هذا االعتراض ،يدفعه أربعة أمور: ألخيه اإلنسان” ،و”نيتشه” صاحب مذهب القوة ،الذي يرى، أولها :أن السلف الصالح ،قدموا "أفهاما ثابتة ألحكام أن العدالة في املجتمع ،ليست سوى فضيلة من وضع الضعفاء، ال��ش��رع اإلس�لام��ي وم��ق��اص��ده ،تشكل نقطة ان��ط�لاق لعلم وان العدالة ،ما هي ،إال عدالة األقوى. االجتماع املعاصر" ،وما زال هذا الفكر قادرا على إغناء العلوم وعليه ،فإن إحياء هذه الفلسفات ،ليس بأولى من إحياء املعاصرة ،بشتى فنونها ،وتخصصاتها ،وتش ُّعباتها ،الثقافية ،نظريات السلف الصالح ،وبيان قدرتها على اإلسهام في العلم واالقتصادية ،والسياسية ،واالجتماعية ،إلخ. مرجح. احلديث، وترجيحها ترجي ٌح بال دليل ِّ ُ
ثانيها :أن املقاصد ،من أهم أضرب التأويل .وال جرم أن علم التأويل؛ أوما يسمى بـ "الهرمونيطيقا"؛ من أهم العلوم، التي حتظى بعناية بالغة في أرقى اجلامعات الغربية .ومن النص ،الذي ال يخضع للتأويل أهم ما يقرره هذا العلم ،أن َّ نص ميت ،وباملقابل ،النص الذي ال ينقطع عنه التأويل ،نص ٌّ وس��ن��ق��دم ن��ظ��ري��ة احل��ك��ي��م ال��ت��رم��ذي ،ح���ول "العدالة”، لكل فهوصالح خالد، علم املقاصد" "علم فإن وعليه، خالد. و”اجلمال” ،حيث عاجلهما معاجلة أخالقية ،على ضوء علم زمان ومكان ،ويحمل ،بني طياته ،أسباب اإلسهام اإليجابي ،املقاصد. في كل العلوم ،ذات الصلة بعلم التأويل خاصة. من هذا املنطلق ،أرى أن املشاركة بهذا البحث ،في املؤمتر ثالثها :أن "علم املقاصد" ،من صميم علم اجلمال ،كما الدولي الثالث ملنتدى الوسطية للفكر والثقافة ،قد يكون لبنة ِّ سندلل عليه .وبالتالي :فكما ال ميكن االستغناء ع��ن علم في بناء فكر وسطي ينفض عن اإلس�لام ما علق به من تهم اجلمال ،كذلك ال ميكن االستغناء عن "علم املقاصد"؛ يربط باطلة هومنها براء. الفيلسوف األمل��ان��ي هانس ج��ورج غ��ادام��ر Hans Georg ،Gadamerبني الفهم والتأويل ،حيث يرى ،أنهما؛ في نهاية ثم أقول: إنه ملن احلكمة ،أ ْن َش َّب َه أ ُه��ل العرفانِ الكو َن باإلنسان، املطاف؛ أمر واحد .وهذا الربط ،هوالذي يؤ ّدي إلى ما ميكن أن نسميه بعشق النص ،كما ذهب إلى ذلك الفيلسوف األملاني فأطلقوا على األول عبارة "العالم األكبر” ،وعلى الثاني عبارة املذكور .أعني ،أن "علم املقاصد” ،باعتباره من صميم "علم "العالم األصغر” .لقد كان مقصدهم من ذلك ،تأكيد أن اإلنسان ُ مناط إضفاءِ القدر ِة التأويل” ،ميكن أن يعيننا على فهم الكثير من العلوم املعاصرة ،هومحور هذا الكون .وهذه احملورية ،هي ذات الصلة باألدب ،والفلسفة ،وعلم االجتماع ،وعلم العمران ،اإللهيةِ هال َة التقديس عليه ،فك َّرمته ،وفضلته على املخلوقات كافة ،وسخرت له الكون ُط�� ًّرا .فهوأهم عنصر في العمران إلخ. ومبا أن اجلمع ،بني الفهم والتأويل ،يؤدي بنا إلى "عشق البشري ،واملقصد األسنى من حركة التشييد والبناء فيه .بل النص” ،كما ذه��ب إل��ى ذل��ك الفيلسوف امل��ذك��ور ،ف��إن علم إن الشرائع ما أنزلت ،إال لوجود هذا اإلنسان ،باعتباره محل املقاصد ،يؤدي بنا إلى عشق كل العلوم ،التي ميكن أن يسهم التكليف .وما قدمه علماء األمة من اجتهادات في الدين ،ما في إغنائها "علم املقاصد” .وال جرم أن هذا العشقَ ،باب هوإال بقصد خدمة هذا اإلنسان وإضاءة الطريق له. ٌ كما أن من مقاصد التشبيه املذكور ،أن اإلنسان يرتقي في عظيم من أبواب التواصل احلضاري ،ومدخل جيد من مداخل التالقح الفكري والثقافي .كما ميكن أن يقدم -أي :علم إنسانيته بالقدر الذي يحاكي فيه مثاالت الكون. املقاصد” -ق��راءات جديدة للكثير من النصوص احلديثة، فالكون بديع وجميل ،وكذا اإلنسان يجب أن يكون جميال ويسهم في إغنائها. في حركاته وسكناته ،محاكيا بذلك جمال الكون ،في نظامه هذا ،وإن فشل هذه النظريات ،في حتقيق السلم العاملي، يدعوإلى ض��رورة فتح املجال للنظريات اإلسالمية ،السيما املقاصدية منها ،لتدلي بدلوها في حتقيق ما عجز غيرها عن حتقيقه.
رابعها :أن الفترة املعاصرة ،تشهد سعيا حثيثا ،في سبيل وسيرورته .والكون يتحرك مبوجب العدل اإللهي ،ولوال هذا برامجها العدل الختل نظام الكون وفسد .وك��ذا اإلنسان ،ال يستقيم مؤسسات إحياء نظريات فلسفية قدمية ،وتبني عليها ٌ َ السياسية ،بل تتخذها بعض ال��دول سبيال وحيدا لتمرير عيشه ،إال في مجتمع سليم منضبط بضوابط العدل. ُ سياساتها ،في تعاملها مع غيرها من الدول. لذلك ،يعتبر احلكيم الترمذي "دي��ن الله عز وجل مبنيا
ففي مسألة "العدالة”؛ مثال؛ نرى بعض الفلسفات تنشط على أركان ثالثة :على احلق ،والعدل ،والصدق .فاحلق على من جديد ،حيث ص��ار ل��رأي السفسطائيني اليونان موطئ اجل��وارح ،والعدل على القلوب ،والصدق على العقول .فإذا قدم ،وكذلك من يلتقي معهم في رأيهم من بعض الفالسفة قرب غدا ،إلى امليزان ،لوزن األعمال ،وضعت احلسنات في 6
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
كفة احل��ق ،والسيئات ف��ي كفة ال��ع��دل ،وال��ص��دق ف��ي لسان لتقرير هذا املبدأ ،وذل��ك حني شبه اإلنسان باملدينة ،وعلق امليزان ،به يتبني رجحان احلسنات على السيئات ،كمنتهى لكل عضووظيفته ،التي تليق به ،مع تشبيهه بركن من أركان رضا الله عن العباد في عبوديتهم .كل امرئ اجتمعت فيه هذه املدينة. الثالثة ،فإذا افتقد منه احلق ،من عمل خلفه الباطل .وإذا ويجعل العدل مقصودا أيضا في تفاصيل العبادة ،وجزئياتها. افتقد منه العدل ،خلفه اجلور .وإذا افتقد منه الصدق ،خلفه ومنثل لذلك ،بتعليله للنهي عن االنتعال ،في رجل واحدة ،مبا الكذب .فهذه الثالثة ،جند املعرفة .وهذه الثالثة ،التي هي في ذلك من ظلم وجور لألخرى" :وتعتمد على رجليك جميعا، أضدادهن ،جند الهوى”. تعطيهما حقهما ،ال تظلم واحدة دون أخرى”. إن ه��ذه األرك���ان الثالثة ،هي امل��ص��داق الدقيق أله��م ما وملا كانت املشقة ،في التكاليف الشرعية ،موقعة للمكلفني يوصف به اإلسالم ،وهوالوسطية ،واالعتدال ،واالنفتاح. في الظلم ،والله تعإلى منزه عن الظلم واجلور ،فإن شريعته ولذا ،فإن اهتمام احلكيم الترمذي ،بتعليل الشريعة ،والكشف انبنت على مقصد من أبرز املقاصد العامة ،وهو"رفع احلرج والضرر”. عن مقاصد الدين وأسراره ،كان ابتغاء أمرين: ومن إشارات احلكيم الترمذي ،في مراعاة هذا املقصد ،ما أولهما :حتقيق التصالح االجتماعي والكوني؛ قاله في صالة اجلمعة" :ثم أقرت تلك الصالة على األصل، ثانيهما :جتذير صفة "اجلمال" في املجتمع اإلنساني. الذي كان في البدء ،وهما ركعتان ،لئال تثقل على العباد .وقد أراد بهم اليسر في دينهم ،ورفع عنهم احلرج”.
الت�صالح االجتماعي والكوين
من أهم املقاصد العامة ،التي استظهر احلكيم الترمذي في توضيحها وتقرير أصالتها :إقامة العدل ومجانبة الظلم، من أدنى شيء في الوجود إلى أعاله .بل يجعل الفهم القاصر لألشياء ،مع القدرة على النفاذ إلى أغوارها ،موجبا للظلم ،إذ يقول في "علة اإلقرار بالتوحيد”" :فمن لم يفهم علته؛ زاغ عن القصد ،وانتظم في اجلور”.
وبناء على ذل��ك ،نقول :إن تشبيه احلكيم الترمذي ،في القبيسة أعاله ،أركان دين الله بامليزان ،له كفتان ولسان ،إمنا يقصد منه ،أن العالم بشقيه :األصغر واألكبر ،ال يستقيم، ِّ املؤطر وال يتخذ مساره الطبيعي والسليم ،إال بالعدل اإللهي للعدل اإلنساني.
ومب��ا أن املقاصد تعبير ع��ن اجل��م��ال ،فإنها مظهر من مظاهر اخلير .ومن الطبيعي ،أن تكون للخير قواعد ترعاه، ويذهب إلى ما أشرنا إليه في صدر هذا البحث ،وهو بناء وحتافظ عليه .وال جرم أن املسؤولية من أبرز هذه القواعد، الكون برمته على العدل ،حيث يرى أن الله خلق الدنيا واآلخرة كما سنرى بعد حني. "إبرازا لعدله ،فيظهر عدله بينهم” .ويقرر أن غياب العدل، ومن أشكال ممارسة املسؤولية ،تقييم األشياء ،مهما كانت يستلزم فساد العمران .فيرى أن حرمة ال��دم��اء ،واألموال، صغيرة أوكبيرة ،على أساس العدالة واالعتدال. واألعراض ،إمنا "ليبرز عدله على اجلميع”. واجلدير بالذكر ،أن احلكيم الترمذي ،وظف االشتقاق وهذا يؤدي إلى استنتاج ،أن احلكيم الترمذي ،ال يعتبر اللغوي ،في الكشف عن علل الشريعة ومقاصدها .وتوظيف العدالة قيمة أخالقية ،تصنَّف ف��ي جنب سائر القيم ،بل هذا املسلك ،يوصلنا إلى فهم أعمق للعدل ،حيث أنه ينتمي يعتبرها مبثابة اخليط الرابط ،بني كل القيم ،ما دام الكون، إلى امل��ادة اللغوية نفسها التي اشتق منها "االعتدال” ،وهي ال يستقر ،إال بها. امل���ادة "ع.د.ل” .مم��ا يعني ح��ض��ور معنى ك��ل م��ن "العدل” فهي؛ بناء على ذل��ك؛ أم الفضائل ،حيث بدونها ،يحل و”االعتدال” في اآلخ��ر ،وأن��ه ال ميكن تصور أحدهما دون الفساد في الكون ،بدل النظام ،والفوضى ،بدل االستقرار .اآلخر .فالعدل يدل اسمه على معناه ،وهواالعتدال ،والعدل وبكلمة :إنه يرى أن االنسجام هوعنوان العدالة. كله في هذا االسم. وهذا يذكرنا بارتباط العدالة باإلبداع ،عند أرسطو ،حيث فالعدالة تعني :العدول عن النقص ،فال إفراط ،وال تفريط، كان يرى ،أن العدالة تعني قيام كل فرد بوظيفته ،التي يتقنها وهذا هواالعتدال .كما تعني التمكني من السبل للجميع ،إلدراك ف��ي املجتمع ،دون تطاوله على الوظائف األخ���رى ،التي ال الغاية ،وهذا من أهم املعاني التي تؤديها نظرية املقاصد. يتقنها ،مما يجعل املجتمع عرضة للظلم ،والفوضى ،وانتهاك كما أن العدالة ،عندما يوفق الشخص إلى االعتدال في العدالة. حتقيق مصلحته ،دون انتهاك مصلحة املجتمع ،وال إحلاق وق���د خ��ص��ص احل��ك��ي��م ال��ت��رم��ذي "ك��ت��اب غ���ور األمور” ،الضرر مبصلحة غيره ،فإنها تكون عدالة أخالقية.
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
7
وهذا هوالذي كان يقصده احلكيم الترمذي ،في تنظيره اإلنساني .ذل��ك ،أن مقاصد الشريعة ،ما هي إال تعبير عن للعدالة. محاسنها ،ووصف جلمالها. ولذا ،فإن كل العبادات واملعامالت ،في اإلسالم ،قائمة على فاحلديث عن املقاصد ،يعني احلديث عن جمال الوحي. مبدأَ ِي العدل واالعتدال .وكل الرؤى السياسية ،واالقتصادية ،ومبا أن اجلمال واحلب صنوان ،فإن هذا يستلزم ،أن البحثَ واالجتماعية ،والثقافية ،تكون أقرب إلى أن تعتبر إسالمية ،ع��ن املقاصد ،بحثٌ ع��ن معالم احملبة وآث��اره��ا ،ف��ي الوحي ترسخ هذين املبدأين فيها. اإللهي ،والسنة النبوية. بحسب ُّ وه���ذا يكشف ع��ن سعة األف���ق ،ف��ي ال��ت��ص��ور اإلسالمي إن اجلمال من صميم علم املقاصد .فإذا كان "اجلمال؛ لألشياء ،ويقرر االنفتاح الذي يَت َِّس ُم به ،ويذلل العقبات ،التي في أصله؛ شعور بالتلذذ ،قائم على إدراك املالئم ،أواملناسب، يضعها بعض ذوي التصور اإلسالمي القاصر ،بني املؤسسات في املرئيات ،واملسموعات ،أوفي األشكال واألصوات” ،فإن اإلسالمية ،واملؤسسات الدولية. علم املقاصد؛ في أصله؛ شعور بالتلذذ ،عند إدراك األسرار وهذا يستلزم القول ،بأن نظام العاملني األصغر واألكبر ،ال والعلل ،الثاوية في كتاب الله املشهود (الكون) ،وكتابه املقروء يستقيم ،إال بالعدل واالعتدال .كما يستلزم القول ،بأن هذين (الوحي) ،وإذا كان الكون ،يدل تناغمه وانسجامه على جماله وإبداع صنعه ،فإن الوحي اإللهي ،تدل أسراره ومقاصده على املقصدين ،من ضروريات التصالح اإلنساني والكوني. ولعل م��ن أخطر م��ا تعانيه البشرية ،ف��ي عصرنا هذا ،أنه معلل بجلب املصلحة ودرء املفسدة. الفصام النكد ،بني اإلنسان والكون .وحيث إن هذا األخير صار يئن حتت وطاة ظلم اإلنسان له ،فحلَّ ْت بذلك الكوارث، وص��ار العالم م��ه َّ��ددا بعواقب وخيمة ،فال مفر من ضرورة حتقيق املصاحلة ،بني اإلنسان والكون.
ولن نبالغ ،إذا قررنا ،أن عناية احلكيم الترمذي بقيمة اجل��م��ال ،ال تعدلها عناية غيره بها ،س��واء في إط��ار الفكر ال��ص��وف��ي ،أوغ��ي��ره ،مم��ا ح��دا بكبار املستشرقني ،املهتمني بالفكر الصوفي عموما واحلكيم الترمذي خصوصا ،أن ينعتوا نظريته في احلب ،بأنها من أروع ما أنتجه الفكر اإلنساني.
هذا ،وإن اإلنسان ،لم يقف عند حد ظلم اإلنسان للطبيعة، والدخول معها في حرب معلنة ،بل اتخذ من أخيه اإلنسان وعليه ،فإن فكرة اجلمال ،عند احلكيم الترمذي ،كانت غرضا يص ِّوب إليه سهامه ،ويسومه سوء العذاب ،ولم يرقب مصدر إلهام لكل الصوفية ،الذين جاؤوا بعده .فقد استقى فيه إ ًّال ،وال ذِ َّمة ،بعنوان التعصب الديني ،أواملذهبي ،أوالعرقي ،منه ابن عربي؛ مثال؛ العالقة ،بني اجلمال واحلب ،حيث "جتد أوغيرها من املس ِّوغات ،التي ال يقبلها عقل ،وال دين. ابن عربي ،يربط ،في عالقة جدلية ،بني مفاهيم اجلمال، إن العدل واالعتدال هما مفتاح السالم العاملي ،وسبيل واحلب ،واخليال ،وامل��رآة ،لينتهي إلى ان العالم ،في جملته، توطيد س�لام ع���ادل ،ب�ين األمم وال��ش��ع��وب .واإلخ�ل�ال بهما ،جدير ب��احل��ب ،لكونه ج��اء ف��ي غاية اجل��م��ال ،وأن���ه؛ بذلك؛ أوالعمل بأحدهما دون اآلخر ،يؤدي حتما إلى ما نراه اآلن ،صار مرآة ينعكس عليها جمال الله تعإلى ،وجالله ،وحسن في فترتنا املعاصرة ،من هرج ومرج ،وكيل مبكيالني في نكافأة صفاته”. الدول أوإحلاق العقوبة بها. ولعلنا في أمس احلاجة إلى إحياء هذا التصور اجلمالي، ليسهم في بناء حضارة إنسانية ،مبختلف جتلياتها ،العمرانية، واللغوية ،واألدبية ،واألخالقية ،إلخ ،في هذه املرحلة العصيبة، التي مير بها العالم ،والتي سادت فيها ثقافة التخريب ،وبدأت تخ ِّيم عليها عمليات التفجير والقتل ،باسم الدين!!!
ولعل من أهم أسباب فشل منظمة هيئة األمم املتحدة، وغيرها من املؤسسات الدولية ،في حتقيق أهدافها ،غياب هذا التصور في مخططاتها .فعلى مستوى العدالة ،ما زالت هذه املنظمات تكيل مبكيالني ،في اتخاذ قراراتها ،وما زالت تتعامل مع األمم مبنطق" :البقاء لألقوى” ،ال مبنطق" :البقاء يذهب احلكيم الترمذي إل��ى أن ال��ع��ب��ادة ،إذا خلت من لألصلح”. عنصر اجلمال ،فهي دليل على عدم الفهم ،وقد تكون معلما وب��ع��د أح���داث سبتمبر ،2001ار َّ جت لديها أي��ض��ا مبدأ من معالم اجلهل ،وقد سبق أن نقلنا عنه قوله" :واجلاهل ال االع���ت���دال ،ف��ص��ارت حت���ارب ال��ت��ط��رف ب��ال��ت��ط��رف ،وتواجه يحسن أن يعبد ربه” .وما تأكيده ،أن الشريعة ،جاءت حلفظ اإلرهاب باإلرهاب. الضروريات ،واحلاجيات ،والتحسينيات ،إال قول بأنها جاءت إلضفاء عنصر اجلمال على كل ما هوضروري ،أوحاجي. اجلمال والنظام من من��اذج ذل��ك ،ما قاله في سنن الصالة ،التي َو َس َمها إن اهتمام احلكيم الترمذي بتعليل الشريعة ،والكشف عن مقاصدها ،إمنا كان بهدف جتدير صفة اجلمال في املجتمع بـأنها زينة وجمال ،واعتبرها من "املعالم” ،يقول ...." :ألن
8
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
حفظ احلدود في الصالة فرض ،وإقامة املعالم فضل .وإمنا واألخالق ،والعطف ،والكرم ،وتعظم أفعاله عندك ،ويأخذ من هي زينة الصالة وجمالها ،وه��ي ص�لاة األنبياء ،واألولياء ،قلبك سلطان ذلك الفعل .فإذا أثنى على ربه ،أومدحه ،أودعاه واملقربني”. باسم من أسمائه ،فإنه يخرج كلمته من فيه على قدر سلطانه ويجعل من شرائط دين املسلمني ،استعمال مكارم األخالق من القلب .ومملكة القلب من احلياة واحملبة”. واألفعال ،للدين والدنيا ،واجتناب مذامها ومكروهاتها .وقد وبناء على ذلك ،يرى أن "احلب هوقلب املعرفة” ،وأنه "سر عبر عن ذلك ب ـ "محاسن األخالق” ،أي :جمالها ،حيث علق الله تعإلى في العباد” ،وأن "جوه َر احلمدِ احلب”. ُّ بقيمة اجلمال وظيفة التكميل األخالقي. أم��ا خصال أه��ل احملبة ،وأحوالهم ،فيستنبطها احلكيم
لقد انشغل احلكيم الترمذي بقيمة اجلمال انشغاله بسائر ال��ت��رم��ذي م��ن ال��ق��رآن ال��ك��رمي .ومي��ك��ن إجمالها ف��ي النقط القيم ،وعاجلها على ضوء نسقه في الوالية ونظريته حول التالية: العلوم .فالوالية كلما ارتقت نحوالكمال ،وازدادت إدراكا لقيمة -أنهم نالوا حب الله من حبه إياهم ،لقوله تعإلىَ { :يا أَ ُّي َها اجلمال ،وصارت مظهرا مالزما للسلوك .والعلوم ،كلما غاص ال َِّذينَ آَ َمنُوا َم ْن َي ْر َت َّد ِمن ُْك ْم َع ْن ِد ِين ِه َف َس ْو َف َي ْأ ِتي ال َّلهُ ِب َق ْو ٍم العالم نحوالباطن ،وأدرك األس���رار واملقاصد ،ص��ار علمه ُي ِح ُّب ُه ْم َو ُي ِح ُّبو َنهُ }. مجلى وانعكاسا للجمال اإللهي. أنهم ينكسرون عند كل حق ،ويخضعون تواضعا لله ،وهمإن ربط اجلمال بالوالية ،عند احلكيم الترمذي ،ينتقل أذلة أعزة :يذلون لربهم عند احلق ،ويعزون لربهم عند الباطل، ب��ه��ذه القيمة ،م��ن مستوى ال��ت��ذ ُّوق وامل��ع��رف��ة امل��ج��ردة ،إلى ني أَ ِعزَّ ٍة َع َلى ا ْل َك ِاف ِرينَ }. لقوله تعإلى { :أَ ِذل ٍَّة َع َلى المْ ُؤ ِْم ِن َ مستوى املسؤولية ،كما سبقت اإلش���ارة إل��ى ذل��ك ،فيصير اإلنسان مسؤوال عن نفسه ،وعن الكون حوله ،على متثُّل صفة -أنهم جاهدوا أنفسهم وأهواءهم في العبودية ،لقوله تعإلى: يل ال َّل ِه }. { ُي َج ِاه ُدو َن ِفي َس ِب ِ "اجلميل” ،وهي من صفات الله تعإلى. وهذا يلزم منه ،أن اجلمال ،عند احلكيم الترمذي ،ليس -أنهم يتبعون محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ،في جميع مفهوما ضيقا ،يشمل ه��ذا القطاع ،أوذاك ،وإمن��ا هوقيمة األمر والنهي ،وفي جميع احلاالت ،لقوله تعإلىُ { :قلْ ِإ ْن ُك ْنتُ ْم تشمل الوجود برمته. ت ُّبونَ ال َّل َه َفات َِّب ُع ِوني ُي ْح ِب ْب ُك ُم ال َّلهُ }. حُ ِ ومن جتليات اجلمال ،عند الرجل ،الكالم اجلميل" ،فرب ثم يذكر ،في تقرير ذلك ،أحاديث عدة ،نذكر منها احلديث، كلمة لطيفة ،تسبي القلوب .ورب جافية ،تنفر النفوس ،فتقهقر ال��ذي رواه ،بسنده ،عن أبي ال���درداء ،ق��ال" :قيل" :يا رسول القلوب ناكصة على أعقابها”. الله! أي اجلهاد أف��ض��ل؟" ،ق��ال" :جهاد امل��رء نفسه ،وعامل ومن جتلياته كذلك ،أنه يجعل احلكمة من ثمار احملبة ،الناس ،أمرا مبعروف ،ونهيا عن منكر ،فذاك املستكمل لسبيل ميانَ َو َز َّي َنهُ الله"". {ح َّب َب ِإ َل ْي ُك ُم الإْ ِ َ كما هومؤدى تفسيره لقوله تعإلىَ : ِفي ُق ُل ِوب ُك ْم َو َك َّر َه ِإ َل ْي ُك ُم ال ُْكفْ َر َوا ْلفُ ُسوقَ َوال ِْع ْص َيانَ ُأو َل ِئ َك ُه ُم لقد كان احلكيم الترمذي يبتغي من ذلك ،اإلشارة إلى أن يم }"من الله تعإلى ،قد جعل احملبة مقصدا عاما ،ليُظهر جماله في يم َح ِك ٌ ال� َّ�ر ِاش� ُ�دونَ َف ْض اًل ِم��نَ ال َّل ِه َو ِن ْع َم ًة َوال� َّل��هُ َع ِل ٌ احلكمة ،فضلها آلخرها .فهذا العبد ،بالرغبة واحملبة ،ترك الكون ،ولينشر حبه في الدنيا بني بني البشر. شهوة الشرك ،وبنور التوحيد َو َّح�� َد" .بل احملبة؛ عنده؛ هي وال يخفى أن م��راع��اة ه��ذا املقصد ،تستلزم؛ ضرور ًة؛ أساس الوالية. مراعاة لوازمه ،كالسلم ،واألمن ،والصالح ،والرحمة ،والرأفة، ويقول في معرض كالمه على أسماء الله احلسنى" :فكذا واملواساة ،إلخ. القلب ،إذا لم تكن فيه تلك احملبة اللذيذة ،التي يجد حالوتها هذا ،وإن التأصيل الشرعي للمحبة ،عند احلكيم الترمذي، في قلبه ،لم يجد حالوة هذه األسماء .فاحلب ينال طعم ما في هذه األسماء من هذه املعاني ،التي في االسم [ ]...فإذا لم يكن يجعلها أسمى من أن تكون مجرد سلوك إنساني يضفي عنصر القلب حيا ،لم تكن له تلك احملبة ،التي من احلياة العطائية” ،اللباقة على العالقات اإلنسانية. ويقول" :فبحالوة احملبة حتلواألسماء ،ويجد القلب لذة تلك إن احملبة ،هي التي تضفي على قيمة اجلمال تلك الروحانية، احل�ل�اوة ،وي��رط��ب ب��ذل��ك اللطف ،ألن ف��ي األس��م��اء صفات التي ترفعه من مستوى اجلمال الظاهري ،إلى مستوى القيم احملبوب ولطفه ،وآالءه ،وأخالقه ،وكرمه ،ورحمته ،وأفضاله .اإلنسانية السامية ،مما يجعله ضابطا ثابتا ،تستند إليه كل فعلى قدر محبته له ،يجد حالوة الصفات ،واللطف ،واآلالء ،األمم ،مبختلف ثقافاتها. السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
9
ولعل من آفات الكثير من مثقفينا ومفكرينا ،أنهم اعتبروا قدمناه عن احملبة من اآلداب ،في حني أنها ،باملنظور الذي َّ احلكيم الترمذي ،من املقاصد العامة ،التي جاءت بها الشرائع، بل من األصول والكليات. ومن النتائج السلبية لذلك التصور القاصر للمحبة ،أنها َع َّم َقت الصراعات احلضارية والثقافية .ولواعتُمِ دت احملبة باعتبارها أص�لا كليا ،ألدت وظيفتها في حتقيق التواصل احلضاري ،والتقارب املذهبي ،والتعايش الديني.
كما ميكن القول :إن هذا املقصد ،من األصول املشتركة، بني اإلسالم والنصرانية ،التي تعتبر احملبة قانونها الذهبي. فقد سئل السيد املسيح عليه السالم" :يا معلِّم ،ما هي أعظم وصية في الشريعة؟” ،فأجابه" :أحب الرب إلهك ،بكل قلبك، وبكل نفسك” .هذه هي الوصية األولى والعظمى .والوصية الثانية مثلها" :أحب قريبك مثلما حتب نفسك” .على هاتني الوصيتني تقوم الشريعة كلها ،وتعاليم األنبياء”” ،مما يجعله أصال عظيما ،في حتقيق التواصل احلضاري ،بني األديان عامة ،واإلسالم والنصرانية خاصة ،ومما يجعله أيضا سبيال لتوطيد السالم العاملي ،وتوحيد اجلنس البشري.
إن محبة الله تعإلى ،هي التي نِّ متت عرى التواصل معه سبحانه .وب��ق��در م��ا يرتقي احمل��ب ف��ي م��ن��ازل ه��ذه احملبة، هذا ،وإن إعادة طرح قيمة اجلمال ،بالشكل الذي طرحه بقدر ما يسمولديه الشعور بأهمية ربط العالقة ،بني اخلالق واملخلوق .فيتولد عن محبة اخلالق تعإلى محبة املخلوق ،مما احلكيم الترمذي ،من شأنها أن تعيننا على فهم وظيفة هذه القيمة ،في مجتمعاتنا املعاصرة ،التي غدا فيها اجلمال من يجعل احملبة متضمنة للسالم. وبذلك ،ميكن القول :إن غياب مقصد احملبة من املجتمع ،املفاهيم ،التي ال ميكن االستغناء عنها ،في كل مجاالت احلياة، وجتريد توحيد الله عن حبه تعإلى ،يستلزم الوقوع في األنانية ،إن على املستوى العمراني ،أواألدب��ي ،أوالفني ،أواإلعالمي. غموض كبير ،و ُو ِّظف ��س ه��ذا املفهو َم ٌ والغرور ،وينموالشعور بتقدمي املصالح اخلاصة على املصالح وف��ي اآلن نفسه ،البَ َ العامة ،ويتعمق االنهماك في السعي نحواملطالب الدنيوية توظيفات متناقضة ،بل وقع ضحية إسقاطات إيديولوجية، ونزوات شخصية ،تعود على قيمة اجلمال بالنقض واإلبطال. التافهة. فمقصد احمل��ب��ة؛ إذن؛ أص��ل م��ن أص��ول التوحيد ،على مستوى تنزيه الله تعإلى من اآللهة اخلفية { :أَ َرأَ ْيتَ َم ِن اتَّخَ َذ ِإ َل َههُ َه َوا ُه أَ َفأَنْتَ َت ُكونُ َع َل ْي ِه َو ِكيل }{،أَ َف َرأَ ْيتَ َم ِن اتَّخَ َذ ِإ َل َههُ َه َوا ُه َوأَ َض َّلهُ ال َّلهُ َع َلى ِعل ٍْم َوخَ َت َم َع َلى َس ْم ِع ِه َو َقل ِْب ِه َو َج َع َل َع َلى َب َص ِر ِه ِغ َشا َو ًة َف َم ْن َي ْه ِد ِيه ِم ْن َب ْع ِد ال َّل ِه أَ َف اَل َتذَكَّ ُرونَ } ،وعلى مستوى توحيد املجتمع ،بحفظه من التشتت والتمزق.
وفي خضم الفهم الضيق للجمال ،في احلضارات املادية املعاصرة ،احلاصرة له في اجلوانب احليوانية الفانية ،التي يشترك فيها اإلنسان واحل��ي��وان ،ميكن ملفهوم اجلمال ،كما يطرحه احلكيم الترمذي ،أن يسهم في تقدمي بديل جمالي، يضفي على الكون مفهوما أعمق ،ومعنى أسمى.
كما أننا ،في عاملنا اإلسالمي ،في أمس احلاجة إلى تأصيل وبدون هذا املقصد ،ال ميكن أن نتصور سالما في املجتمع ،مفهوم اجلمال ،في اخلطاب اإلسالمي املعاصر ،بعد أن بدأت وال سعادة للفرد ،بل ميكن القول" :السالم ي��دور مع احملبة تعصف به أفكار متطرفة ،وممارسات شاذة ،ال متت بصلة إلى اجلمال باملعنى الذي فهمه السلف الصالح. وجودا وعدما .فإذا ُو ِج َد ْتُ ،و ِج َد .وإذا انت َف ْت ،انتفى”.
10
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
دراسات إسالمية
املناخ العقلي والعلمي وأثره يف الحضارة اإلسالمية �أ.د .عدنان حممد زرزور كلية الآداب /جامعة البحرين اس ِم َر ِّب َك ال َِّذي خَ َلقَ }..في صدر سورة العلق ،وميثل هذا االستهالل كانت أول كلمات القرآن الكرمي نزو ًال {اقْ َر ْأ ِب ْ تنويه ًا بالعلم واملعرفة ،و(انفتاحا) على عالم األفكار .ثم نزل بعد هذا األمر اإللهي بالقراءة سورة القلم التي استهلت بقوله تعإلى{:ن َوا ْل َق َل ِم َو َما َي ْس ُط ُرونَ } ،أوالتي أقسم الله تعإلى فيها بالقلم الكاتب وما يكتب به من علم ومعرفة ..فاستكملت هاتان اآليتان – في مطلع هاتني السورتني – أدوات حتصيل املعرفة من جهة ،كما أشارت آية سورة القلم إلى طريق نقل املعرفة إلى األجيال من جهة أخرى .وإن شئت قلت لقد نصت هذه اآلية الكرمية على نقل املعرفة وتراكمها عبر العصور ..علما بأن القلم الكاتب ،أووسيلة الكتابة لم تكن شائعة عند العرب في اجلاهلية ،أولم يكونوا يعولون عليها في حفظ أنسابهم وأيامهم (ومعارفهم) مبقدار ما يعولون على ذاكرتهم وصدورهم .ويصعب بغير طريقة الكتابة والتدوين (تراكم) املعرفة اإلنسانية و(نقلها) وارتقاؤها عبر العصور ..ورمبا كان هذا أحد األسباب التي لم يعرف العرب من أجلها (الفلسفة) على النحوالذي عرفته بعض احلضارات واملجتمعات األخرى.
املطلب الأول :املناخ العقلي والعلمي ومي��ك��ن ع��د ه��ذا احل��دي��ث أوه���ذا (االس��ت��ه�لال) القرآني بالقراءة والكتابة إعالناً عن والدة املناخ العقلي والعلمي في املجتمع العربي ..قبل أن تتتابع اآليات البينات -طيلة عصر نزول القرآن – في رعايته ومنوه وتأصيله وإشاعته في هذا املجتمع ..ثم في سائر املجتمعات التي عرفت طريقها إلى اإلسالم في العصور الالحقة. إن الناظر في اآليات الكرمية التي نوهت بالعقل ،وحتدثت عن وظائفه وآثاره ..ال يرتاب في أن األساس العقلي – أوهذا الصرح – ال��ذي أقامه القرآن أش��د صالبة ورس��وخ��اً وأبعد غوراً من ذاك الذي قامت عليه الفلسفة ،فقد "امتأل القرآن بخطاب العقل بكل ملكة من ملكاته ،وكل وظيفة عرفها له العقالء واملتعقلون ،قبل أن يصبح العقل (درس��ا) يتقصاه
الدارسون كنها وعمال ،وأثرا في داخله وفيما خرج منه أويؤول إليه" كما يقول األستاذ/عباس محمود العقاد .وفي وسعنا أن نلحظ هنا أن حديث القرآن عن هذه امللكات والوظائف.. من النظر ،واالعتبار ،والتفكر ،والتدبر ،والتبصر ،والتفقه، جاءت في معظم اآلي��ات بصيغة املضارعة ،لإلشارة إلى أن عمل العقل قائم ومستمر في جميع العصور ..أوأنه ال يجوز له أن ينقطع في عصر من العصور .وغني عن البيان أن اخلطاب القرآني قائم ومستمر إلى يوم الدين. لقد وردت هذه الصيغ في القرآن الكرمي في نحوستمائة آية ،فضال عن صيغة (التعقل) التي وردت في نحوخمسني آية .بل إن القرآن الكرمي حتدث عن صيغ ومصطلحات قريبة أومماثلة للعقل ،أوتتقاطع معه في بعض (املساحات) إن صح التعبير ،وال يتسع املجال هنا للحديث عن هذه املصطلحات السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
11
– ألن حديثنا هنا عن املناخ العقلي وليس عن نظرية املعرفة املناخ العلمي
– وأكتفي باإلشارة إلى من سماهم الله تعإلى (أولي األلباب) والذين ميكن عدهم شريحة عليا من أصحاب العقول ،أوميكن عد خطابهم – كما يقول األستاذ العقاد رحمه الله – "خطاب ًا ألن��اس من العقالء لهم نصيب من الفهم والوعي أوف��ر من نصيب العقل الذي يكف صاحبه عن السوء ،وال يرتقي إلى منزلة الرسوخ في العلم ..والتمييز بني احلسن واألحسن". إن هذه املنزلة التي ارتقى إليها أولواأللباب في هذا املناخ العقلي (العام) تشير إلى شريحة تتمتع بحق الريادة ،وهي التي يقع على عاتقها مهمة القيادة واألخذ بزمام األمور في مجتمع العقالء والعلماء ،وليس في مجتمع العجزة واملعطلني، أوالدهماء التي سلبت حق التعقل والتفكر ،أوالتي ال يجوز لها أن تتمتع بحق املساءلة وطلب البرهان من ه��ؤالء املتميزين أواملتفوقني. إن تعطيل العقل مرفوض في اإلس�لام! بل هويناقض اإلسالم ،ولهذا وردت صيغ التنديد واإلنكار في سياق تعطيل أي وظيفة من وظائف العقل السابقة( :أفال تعقلون)( ،أفال تذكرون) (أفال يتدبرون)( ،أفال تبصرون)( ،أفال تتفكرون).
بل إن اآليات القرآنية وصفت الذين عطلوا عقولهم بأنهم وب لاَ َيفْ ق َُهونَ ِب َها كاألنعام ،بل هم أضل!! قال تعإلى { َل ُه ْم ُق ُل ٌ َو َل ُه ْم أَ ْعينُ ٌ لاَ ُي ْب ِص ُرونَ ِب َها َو َل ُه ْم آ َذانٌ لاَ َي ْس َم ُعونَ ِب َها ُأو َل ِئ َك َكالأْ َ ْن َع ِام َبلْ ُه ْم أَ َض ُّل ُأو َل ِئ َك ُه ُم ا ْلغ َِاف ُلونَ }(األعراف،)179 : ت َس ُب أَنَّ أَ ْك َث َر ُه ْم َي ْس َم ُعو َن أَ ْو َي ْع ِق ُلونَ ِإ ْن ُه ْم وقال تعإلى{أَ ْم حَ ْ ِإلاَّ َكالأْ َ ْن َع ِام َبلْ ُه ْم أَ َض ُّل َس ِبيل }(الفرقان )44 :وقال تعإلى الص ُّم ا ْل ُبكْ ُم ال َِّذينَ لاَ َي ْع ِق ُلونَ } {إنَّ شَ َّر ا َّل��د َو ِّ اب ِع ْن َد ال َّل ِه ُّ ِ (األنفال.)22 :
وغني عن البيان أن املناخ العلمي ارتبط بهذا املناخ العقلي في اإلس�لام واحلضارة اإلسالمية ،وإذا كان القرآن الكرمي – الذي صدرت عنه هذه احلضارة – كتاب هداية وتشريع، ودستورا جامعا للحياة اإلنسانية املثلى إلى يوم الدين ،وليس كتابا في الطب أوالفلك أوتاريخ األحياء ..أي إن موضوعه: اإلنسان وليس الطبيعة ،وإن شئت قلت( :الثقافة) وليس (العلم التجريبي) فإن هذا هوالسبب في أن القرآن كشف لإلنسان عن نفسه وأعطاه مفاتيح اكتشاف الطبيعة من حوله .لقد انطوى القرآن الكرمي على العقيدة والشريعة ونظام احلياة.. ودارت حوله معارف املسلمني وثقافتهم في التفسير والفقه والعقيدة وسائر ما عرف بعلوم الدين ..ولكنه لم يحدثه عن علوم الطبيعة على هذا النحو ،مكتفيا في ذلك باملناخ العلمي ال��ذي أوج��ده ،والشروط النفسية واالجتماعية التي وفرها أوأشاعها ،والتي تسمح لإلنسان بأن يفكر ويالحظ ويجرب.. دون أن يصده عن ذل��ك ص��اد أويعترضه معترض ..ولطاملا حت��دث العلماء وامل��ف��ك��رون ع��ن (امل��ع��ارض��ة) التي قامت في وجه علماء الطبيعة – في تاريخ أوروبا في العصر الوسيط أوسواها – وأنها كانت معارضة جدلية (كالمية) قائمة على التحرمي والتحليل ..أوعلى التحرمي والتجرمي! أي وليس معارضة (علمية) قائمة على الدليل وال��ب��ره��ان ،والتجربة والعيان ..أومعارضة نظرية بأخرى.
بل ميكننا القول :إن هذا املناخ العلمي الذي أوجده القرآن الكرمي بلغ أوجه في (املنهج العلمي) الذي انطوت عليه آياته البينات ..والذي رسم لإلنسان (خطوات) التعامل مع الكون أوالطبيعة اخلارجية ،من أجل الوقوف على السنن والقوانني التي حتكمها أوتخضع لها ،والتي يعد اكتشافها أساس العلم ورمبا كان السبب في هذه األوصاف أن القرآن الكرمي يعد التجريبي ،وأساس تطوره عبر عصور التاريخ. وميكن إيجاز خطوات هذا املنهج العلمي على النحوالتالي: العقل ،أوطاقة اإلنسان العقلية من أجل نعم الله على اإلنسان، بل هي التي ميزته وأحلته مكان الصدارة والتقدم على سائر أزاح القرآن الكرمي عن كاهل العقل اإلنساني كل ما يعوقه َ اخلالئق ،ومنهم املالئكة ،قال تعإلى { َو َع َّل َم آ َد َم الأْ ْس َما َء ُك َّل َها عن املالحظة والتفكر ،سواء أكان ذلك: ُث َّم َع َر َض ُه ْم َع َلى المْ َ اَل ِئ َك ِة َفق َ ُوني ِبأَ ْس َماءِ َه ُؤلاَ ءِ ِإ ْن ُك ْنتُ ْم َال أَن ِْبئ ِ من م��وروث��ات البيئة (أي امل��اض��ي) ق��ال الله تعإلى ُ {ق ِل ني َقا ُلوا ُس ْب َحان ََك لاَ ِع ْل َم َلنَا ِإلاَّ َما َع َّل ْم َتنَا ِإن َ َص ِاد ِق َ َّك أَنْتَ الس َما َو ِات َوالأْ َ ْر ِض َو َما ُتغْ ِني الآْ َي ُ ات َوالنُّ ذُ ُر ال يا آدم أَنْبئهم بأَسمائهم َف َلما أَنبأَهم ان ُْظ ُروا َما َذا ِفي َّ َْ ُ ا ْل َع ِل ُ يم الحْ َ ِك ُ يم َق َ َ َ ُ ِ ْ ُ ْ ِ ْ َ ِ ِ ْ َّ َ ْ َع ْن َق ْو ٍم لاَ ُيؤ ِْمنُونَ }(يونس.)101 : ِبأَ ْس َم ِائ ِه ْم َق َ الس َما َو ِات َوالأْ ْر ِض ال أَ َل ْم أَ ُقلْ َل ُك ْم ِإنِّي أَ ْع َل ُم َغ ْي َب َّ ُ َ َ شَ َاه ْم َما َل ُه ْم ء ا و ل وا ل ا ق و { تعإلى وقال الر ْح َمنُ َما َع َب ْدن ُ َ ْ َ َّ َوأَ ْع َل ُم َما ُت ْب ُدونَ َو َما ُك ْنتُ ْم َتكْ تُ ُمونَ }(سورة البقرة.)33-31 : َاه ْم ِكتَا ًبا ِم ْن َق ْب ِل ِه وهذه الطاقة العقلية هي التي أنيط بها – في آيات قرآنية ِبذ َِل َك ِم ْن ِعل ٍْم ِإ ْن ُه ْم ِإلاَّ َي ْخ ُر ُصو َن أَ ْم آ َت ْين ُ كثيرة – طلب األدل��ة والبرهان واجل��دال بالتي هي أحسنَ ،ف ُه ْم ِب ِه ُم ْست َْم ِس ُكو َن َبلْ َقا ُلوا ِإنَّا َو َج ْدنَا آ َبا َءنَا َع َلى ُأ َّم ٍة َو ِإنَّا واإلنكار على الذين كذبوا مبا لم يحيطوا بعلمه ،ووصفهم َع َلى آ َث ِار ِه ْم ُم ْهت َُدو َن َو َكذ َِل َك َما أَ ْر َس ْلنَا ِم ْن َق ْب ِل َك ِفي َق ْر َي ٍة بأنهم ظاملون ..ألنهم ظلموا احلقيقة ،وظلموا العقل نفسه ِم ْن ن َِذ ٍير ِإلاَّ َق َ وها ِإنَّا َو َج ْدنَا آ َبا َءنَا َع َلى ُأ َّم ٍة َو ِإنَّا َع َلى ال ُم ْت َر ُف َ آ َث ِار ِه ْم ُم ْقت َُدونَ }(الزخرف.)23-20 : حني ألزموه شيئاً بغير بينة ...الخ.
12
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ب-أومن ضغط املجتمع (أي احلاضر من حول اإلنسان) قال وقال تعإلى { َو َس َّخ َر َل ُك ُم َّ س َوا ْلق ََم َر َد ِائ َبينْ ِ َو َس َّخ َر َل ُك ُم الش ْم َ تعإلى ُ وموا ِل َّل ِه َم ْثنَى َو ُف َرا َدى ال َّل ْي َل َوال َّن َها َر }(إبراهيم.)33 : اح َد ٍة أَ ْن تَقُ ُ {قلْ ِإ مَّنَا أَ ِع ُظ ُك ْم ِب َو ِ ُث َّم َت َتفَكَّ ُروا }(سبأ.)46 : وفي االنتظام :قال تعإلى { َوآ َي ٌة َل ُه ُم ال َّل ْي ُل ن َْس َلخُ ِمنْهُ ال َّن َها َر ()2أوض��ح القرآن الكرمي بجالء ،وفي آيات كثيرة ،أن الكون َف� ِ�إ َذا ُه ْم ُم ْظ ِل ُمو َن َو َّ ير الش ْم ُس جَ ْ ت ِري لمِ ُ ْس َت َق ٍّر َل َها َذ ِل َك َت ْق ِد ُ ون يم َوا ْلق ََم َر َق� َّ�د ْر َن��ا ُه َمن َِاز َل َحتَّى َع��ا َد َكال ُْع ْر ُج ِ خاضع لسنن كونية ثابتة ،وأنه يتصف باحلركة ،واالنتظام ،ا ْل َع ِز ِيز ا ْل َع ِل ِ لاَ َ ُ مي لاَ َّ الش ْم ُس َي ْن َب ِغي َل َها أ ْن ُت ْد ِر َك ا ْلق ََم َر َو ال َّل ْيل َس ِابقُ والكمية ،والتقدير والتصنيف .فوق ما جاء فيه من وصف ا ْلق َِد ِ شامل للطبيعة لم يقتصر على السماء دون األرض ،وال على ال َّن َه ِار َو ُك ٌّل ِفي َف َل ٍك َي ْس َب ُحو َن }(يس.)40-37 : اجلماد دون النبات وال على اإلنسان دون احليوان ..الخ. الس َماءِ َم ًاء ِب َق َد ٍر َفأَ ْس َكنَّا ُه ِفي وقال تعإلى{ َوأَ ْن َز ْلنَا ِمنَ َّ َّات ِم ْن اب ِب ِه َلق َِاد ُرو َن َأَن َْش ْأنَا َل ُك ْم ِب ِه َجن ٍ وق��د ج��اء التعبير عن ه��ذه السنن الكونية ،وع��ن ثباتها الأْ َ ْر ِض َو ِإنَّا َع َلى َذ َه ٍ َاب َل ُك ْم ِفي َها َف َو ِاكهُ َك ِثي َرةٌ َو ِم ْن َها َت ْأ ُك ُلو َن }(املؤمنون: ودميومتها ،على النحوالتالي ،املثير للتأمل واآلخذ بيد العقل ن َِخ ٍ يل َوأَ ْعن ٍ اإلنساني نحوتفهم خطواتها ومراحل تكوينها وعملها! قال .)19-18وفي الكمية والتقدير قال تعإلى { َوالأْ َ ْر َ َاها ض َم َد ْدن َ ُون َو َج َع ْلنَا تعإلى {أَ َل ْم َت َر أَنَّ ال َّل َه ُيز ِْجي َس َحا ًبا ُث َّم ُي َؤ ِّل ُف َب ْي َنهُ ُث َّم َي ْج َع ُلهُ َوأَ ْل َق ْينَا ِفي َها َر َو ِاس َي َوأَ ْن َب ْتنَا ِفي َها ِم ْن ُك ِّل شَ ْيءٍ َم ْوز ٍ الس َماءِ ِم ْن َل ُك ْم ِفي َها َم َع ِاي َ ُر َك ً ني َو ِإ ْن ِم ْن شَ ْيءٍ ِإلاَّ ِع ْن َدنَا ش َو َم ْن َل ْستُ ْم َلهُ ِب َر ِاز ِق َ اما َف َت َرى ا ْل � َو ْدقَ َي ْخ ُر ُج ِم ْن ِخ اَل ِل ِه َو ُي َنز ُِّل ِمنَ َّ ِج َب ٍال ِفي َها ِم ْن َب َر ٍد َف ُي ِص ُ وم }(احلجر.)21-19 : يب ِب ِه َم ْن َي َش ُاء َو َي ْص ِر ُفهُ َع ْن َم ْن َي َش ُاء خَ ز َِائ ُنهُ َو َما ُن َن ِّز ُلهُ ِإلاَّ ِب َق َد ٍر َم ْع ُل ٍ َي َك ُاد َسنَا َب ْر ِق ِه َيذْ َه ُب ِبالأْ َ ْب َص ِار }(النور.)43 : ت� ِ�م� ُ�ل ُك� ُّ�ل ُأ ْن� َث��ى َو َم��ا َت ِغ ُ يض وق��ال تعإلى{ال َّلهُ َي ْع َل ُم َم��ا حَ ْ الس َماءِ َم� ً �اء َف َس َل َكهُ الأْ َ ْر َح ُام َو َما َت ْز َد ُاد َو ُك ُّل شَ ْيءٍ ِع ْن َد ُه بمِ ِ ْق َد ٍار }(الرعد ،)8 :وقال وق��ال تعإلى {أَ َل� ْ�م َت� َر أَنَّ ال َّل َه أَ ْن �ز ََل ِم��نَ َّ َين َِابي َع ِفي الأْ َ ْر ِض ُث َّم ُي ْخ ِر ُج ِب ِه َز ْر ًعا ُم ْخت َِلفً ا أَ ْل َوا ُنهُ ُث َّم َي ِه ُ يج تعإلى{ َو َج َع ْلنَا ال َّل ْي َل َوال َّن َها َر آ َي َتينْ ِ َف َم َح ْونَا آ َي َة ال َّل ْي ِل َو َج َع ْلنَا َف َت َرا ُه ُم ْص َف ًّرا ُث َّم َي ْج َع ُلهُ ُح َط ً اما ِإنَّ ِفي َذ ِل َك َل ِذكْ َرى لأِ ُ ِولي آ َي� َة ال َّن َه ِار ُم ْب ِص َر ًة ِل َت ْبتَغُ وا َف ْض اًل ِم� ْ�ن َر ِّب ُك ْم َو ِلت َْع َل ُموا َع َد َد َ اب }(الزمر .)21 :وقال تعإلى {َأ َل ْم َت َر أنَّ ال َّل َه َس َّخ َر َل ُك ْم الأْ َ ْل َب ِ اب َو َُّك��ل شَ ْ ��يءٍ َف َّص ْلنَا ُه َتفْ ِصيل } (اإلسراء: الس ِن َ ني َوالحْ ِ َس َ ِّ َما ِفي الأْ َ ْر ِض َوا ْلفُ ل َ ْك جَ ْ ت ِري ِفي ا ْل َب ْح ِر ِبأَ ْم ِر ِه وَيمُ ْ ِس ُك َّ الس َما َء .)12 َّاس َل َر ُء ٌ يم } وف َر ِح ٌ أَ ْن َت َق َع َع َلى الأْ َ ْر ِض ِإلاَّ ِب ِإذ ِْن ِه ِإنَّ ال َّل َه ِبالن ِ وأخيراً جاء في التصنيف قوله تعإلى { َوال َّلهُ خَ َلقَ ُك َّل َدا َّب ٍة (احلج.)65 : ِم ْن َماءٍ َف ِمن ُْه ْم َم ْن يمَ ْ ِشي َع َلى َب ْط ِن ِه َو ِمن ُْه ْم َم ْن يمَ ْ ِشي َع َلى وقال تعإلى {أَ َل ْم َت َر ِإ َلى َر ِّب َك َك ْي َف َم َّد ِّ الظ َّل َو َل ْو شَ ا َء لجَ َ َع َلهُ ِر ْج َلينْ ِ َو ِمن ُْه ْم َم ْن يمَ ْ ِشي َع َلى أَ ْر َب ٍع َي ْخ ُلقُ ال َّلهُ َما َي َش ُاء ِإنَّ ال َّل َه س َع َل ْي ِه َد ِل اً َس ِاكنًا ُث َّم َج َع ْلنَا َّ الش ْم َ يل ُث َّم َق َب ْضنَا ُه ِإ َل ْينَا َق ْب ًضا َع َلى ُك ِّل شَ ْيءٍ َق ِديرٌ}(النور.)45 : يرا } ( الفرقان.)46-45 : َي ِس ً َاح ْي ِه ير ِب َجن َ وقوله تعإلى { َو َما ِم ْن َدا َّب ٍة ِفي الأْ َ ْر ِض َولاَ َط ِائ ٍر َي ِط ُ َاب ِم ْن شَ ْيءٍ ُث َّم ِإ َلى َر ِّب ِه ْم وقال تعإلى {أَ َو َل ْم َي َر الإْ ِ ن َْسانُ أَنَّا خَ َل ْقنَا ُه ِم ْن ن ُْطف ٍَة َف ِإ َذا ُه َو ِإلاَّ ُأ مَ ٌ م أَ ْم َثا ُل ُك ْم َما َف َّر ْطنَا ِفي ال ِْكت ِ يم ُم ِبنيٌ }(يس.)77 : خَ ِص ٌ ُي ْح َش ُرونَ }(األنعام.)38 : الس َما َو ِات َوالأْ َ ْر َ وقال تعإلى{ أَ َو َل ْم َي َر ال َِّذينَ َكف َُروا أَنَّ َّ ض َكا َنتَا ( )3صور القرآن الكرمي عالقة اإلنسان بالطبيعة على أنها َرتْقً ا َف َفت َْقن ُ َاه َما َو َج َع ْلنَا ِمنَ المْ َاءِ ُك َّل شَ ْيءٍ َح ٍّي أَ َف اَل ُيؤ ِْمنُو َن } عالقة مخلوق مبخلوق ،وعلى أنها عالقة مخلوق سام مبخلوق ( األنبياء.)30 : مسخر! فالشمس والقمر والنجوم ،والفلك واألنهار والبحار.. واآليات في هذا الباب كثيرة كما هومعلوم ،وقد نشير إلى وكل ما في السماوات وما في األرض مسخر لإلنسان ،قال بعضها في سياق بعض النقاط التالية ،مكتفني هنا باإلشارة تعإلى {ال َّلهُ ال َِّذي َس َّخ َر َل ُك ُم ا ْل َب ْح َر ِلت َْج ِر َي ا ْلفُ ل ُْك ِف ِيه ِبأَ ْم ِر ِه إلى آية أوآيتني للداللة على األوص��اف السابقة التي وصف َو ِل َت ْبتَغُ وا ِم� ْ�ن َف ْض ِل ِه َو َل َع َّل ُك ْم َت� ْ�ش� ُ�ك� ُ�رو َن َو َس� َّ�خ� َر َل ُك ْم َم��ا ِفي ات ِل َق ْو ٍم بها الكون في آيات الكتاب العزيز ،مع اإلش��ارة إلى أن اآلية يعا ِمنْهُ ِإنَّ ِفي َذ ِل َك لآَ َي ٍ الس َما َو ِات َو َما ِفي الأْ َ ْر ِض َج ِم ً َّ َ َكَّ الواحدة في أغلب األحيان ،أوف��ي أحيان كثيرة ،فيها داللة َيتف ُرونَ }(اجلاثية.)13-12 : الس َما َو ِات َوالأْ َ ْر َ ض َوأَ ْن َ��ز َل ِمنَ على أكثر من صفة من هذه الصفات؛ ففي احلركة :يقول وقال تعإلى {ال َّلهُ ا ِ َّل��ذي خَ َلقَ َّ تعإلى{أَ َف اَل َي َر ْونَ أَنَّا َن ْأ ِتي الأْ َ ْر َ ض َن ْنقُ ُص َها ِم ْن أَ ْط َر ِاف َها أَ َف ُه ُم الثَّم َر ِات ِر ْز ًق��ا َل ُك ْم َو َس َّخ َر َل ُك ُم �اء َف�أَ ْخ� َر َج ِب� ِ�ه ِم��نَ َ الس َماءِ َم� ً َّ ا ْلغ َِال ُبونَ} (األنبياء.)44 : ا ْلفُ ل َ ْك ِلت َْج ِر َي ِفي ا ْل َب ْح ِر ِبأَ ْم ِر ِه َو َس َّخ َر َل ُك ُم الأْ َ ْن َها َر َو َس َّخ َر َل ُك ُم َّ س َوا ْلق ََم َر َد ِائ َبينْ ِ َو َس َّخ َر َل ُك ُم ال َّل ْي َل َوال َّن َها َر}(إبراهيم: وس ُعونَ }(الذاريات: َالس َما َء َب َن ْين َ َاها ِبأَ ْي ٍد َو ِإنَّا لمَ ُ ِ الش ْم َ وقال تعإلى{ َّ .)47 .)33-32 السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
13
ومعلوم أن ه��ذا االن��ت��ف��اع غير امل��أج��ور – أي التسخير – ال ميكن بغير ال��وق��وف على السنن والقوانني التي حتكم هذه الظواهر حتى يتمكن اإلنسان من حتقيق هذا االنتفاع، أواالرتقاء به إلى أقصى الدرجات ،وبخاصة إذا علم من خالل النقطة السابقة أن��ه ال يتعامل مع ك��ون مضطرب أومشتت أويخضع للتبدل والتحول بدون نظام يحكمه أوقانون يخضع له ..وليس عليه إال أن يتأمل ويالحظ ويجرب.. ولنا أن نتساءل هنا :ما الذي فعله "ديكارت” في رسالته املشهورة النيرة (مقالة في املنهج) سوى أنه أنزل الفلسفة إلى األرض ،ونادى بعصر يسيطر فيه اإلنسان على الطبيعة؟ أليست هذه السيطرة التي بدأت بوالدة احلصان البخاري – اكتشاف قوة البخار – في قدر "بابان” و”واط” بعد نحوقرنني من مقالة ديكارت ،تذكرنا مبنهج التسخير األدق واألشمل ال��ذي وجد مع ن��زول القرآن ،حتى مت للمسلمني اكتشاف – أواستعمال – النظام العشري ،وعلم اجلبر ،وقياس محيط الكرة األرضية ..في عصر اخلليفة املأمون؛ أي بعد حوالي قرنني من ن��زول ال��ق��رآن .هذا مع ف��وارق أخ��رى عديدة بني املنهجني ،من أهمهما :أن هذا املنهج في احلضارة اإلسالمية جاء في القرآن ،أي في كتاب ديني – باملفهوم الغربي لكلمة دين – ولذلك لم تقتصر فيه عالقة اإلنسان بالطبيعة على االنتفاع والتسخير ،بل تعدتها إل��ى صلة التأمل والتفكير، واالنتقال من الطبيعة إلى الله اخلالق املبدع عز وجل ،واضع تلك السنن ،ومقدر هذه القوانني! قال تعإلى {أَ َل ْم َت َر أَنَّ ال َّل َه ُي ِول ُج ال َّل ْي َل ِفي ال َّن َه ِار َو ُي ِول ُج ال َّن َها َر ِفي ال َّل ْي ِل َو َس َّخ َر َّ س الش ْم َ ير َوا ْلق ََم َر ُك ٌّل َي ْج ِري ِإ َلى أَ َج ٍل ُم َس ًّمى َوأَنَّ ال َّل َه بمِ َ ا َت ْع َم ُلونَ خَ ِب ٌ اط ُل َوأَنَّ ال َّل َه َذ ِل َك ِبأَنَّ ال َّل َه ُه َو الحْ َ ُّق َوأَنَّ َما َي ْد ُعونَ ِم ْن ُد ِون ِه ا ْل َب ِ ير }(لقمان.)30-29 : ُه َو ا ْل َع ِل ُّي ا ْل َك ِب ُ ولهذا ف��إن ه��ذه العالقة – عالقة اإلنسان بالطبيعة – كما يصورها القرآن الكرمي في وض��وح أخّ ��اذ ،ليست قائمة على الندية أواملغالبة! فضال عن أن تكون قائمة على الرهبة واخلشية ..أوال��ع��ب��ادة! والعجيب أن اإلن��س��ان في سذاجته القدمية أوجاهليته األول��ى اتخذ من مظاهر الطبيعة التي سخرت له وقصد بها نفعه ...معبودا من دون الله ! حتى إذا وصل إلى مرحلة ما من مراحل اكتشاف سننها وقوانينها.. كاد أن يتجه إلى هذه السنن والقوانني ذاتها بالعبادة! حني توهم أن هذا االكتشاف يغنيه عن تقدير خالق هذه السنن، وواضع هذه القوانني .إن قانون تشكل السحب ،أونزول املطر، أوخروج النبات ،أوسير السفن ،ال ميكن أن يكون هواخلالق؛ ألن هذا القانون ليس إال حادثة مصنوعة ،وارتباطا بني أمرين أوأم���ور متعددة – ارت��ب��اط منوالنبات ب��ن��زول امل��ط��ر ،ونزول املطر بتكاثف السحب ،وتكاثف السحب بتبخر امل���اء ..الخ – ويحتاج إلى مقنن وخالق لهذا االرتباط املنظم بني أجزاء 14
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الكون ،وهواألمر الذي كانت تشير إليه آيات التسخير هذه باستمرار ..ضبطاً لنتائج االكتشاف ..وليس تهوينا من شأنه! أوإبطاال لقانون األسباب ،أوبعبارة أخرى :حفاظا على وضع اإلنسان ومكانته في الكون :عبدالله ،وسيدا للطبيعة! ألن اإلنسان قد تطغى عليه حماسته وتقديره ملكانته في حمى االخ��ت��راع واالك��ت��ش��اف��ات ...فيضع نفسه في غير موضعها، أويرفعها فوق مكانتها!! ( )4وغني عن البيان أن نشير بعد ذلك إلى ما ورد في القرآن الكرمي من أمر لإلنسان بالنظر والتفكر واالعتبار والضرب في األرض ،والبحث في ميادين التاريخ والطبيعة – والنفس واملجتمع – وما ورد فيه كذلك من مادة "العقل” و”النظر” ون��ح��وذل��ك ،ف��ي ع��ش��رات امل���واض���ع ،وف���ي ش��ت��ى السياقات واملجاالت ،قال تعإلى ُ يروا ِفي الأْ َ ْر ِض َفان ُْظ ُروا َك ْي َف {قلْ ِس ُ َب َدأَ الخْ َ لْقَ ُث َّم ال َّلهُ ُين ِْشئُ الن َّْشأَ َة الآْ ِخ َر َة ِإنَّ ال َّل َه َع َلى ُك ِّل شَ ْيءٍ ير }(العنكبوت.)20 : َق ِد ٌ َاها الس َماءِ َف ْو َق ُه ْم َك ْي َف َب َن ْين َ وقال تعإلى {أَ َف َل ْم َين ُْظ ُروا ِإ َلى َّ وج }(ق.)6 : َو َز َّين َ َّاها َو َما َل َها ِم ْن ُف ُر ٍ م ُخ ِلقَ }(الطارق.)5 : وقال تعإلى { َف ْل َين ُْظ ِر الإْ ِ ن َْسانُ مِ َّ
الس َما َو ِات وقال تعإلى {أَ َو َل ْم َي َتفَكَّ ُروا ِفي أَ ْنفُ ِس ِه ْم َما خَ َلقَ ال َّلهُ َّ َوالأْ َ ْر َ يرا ِمنَ ض َو َما َب ْين َُه َما ِإلاَّ ِبالحْ َقِّ َوأَ ٍَج��ل ُم َس ًّمى َو ِإنَّ َك ِث ً َّاس ِب ِلقَاءِ َر ِّب ِه ْم َل َك ِاف ُرونَ }(الروم.)8 : الن ِ ني َو ِفي ات ِلل ُْمؤ ِْم ِن َ الس َما َو ِات َوالأْ َ ْر ِض لآَ َي ٍ وقال تعإلى ِ {إنَّ ِفي َّ خَ ل ِْق ُك ْم َو َما َي ُب ُّث ِم ْن َدا َّب ٍة آ َي ٌ اخ ِت اَل ِف ال َّل ْي ِل وقنُو َن َو ْ ات ِل َق ْو ٍم ُي ِ الس َماءِ ِم ْن ِر ْز ٍق َفأَ ْح َيا ِب ِه الأْ َ ْر َ ض َب ْع َد َوال َّن َه ِار َو َما أَ ْنز ََل ال َّلهُ ِمنَ َّ يف ال ِّر َي ِاح آ َي ٌ ات ِل َق ْو ٍم َي ْع ِق ُلونَ}(اجلاثية.)5-3 : َم ْو ِت َها َو َت ْص ِر ِ واآليات في هذا الباب ال تغطي مساحة واسعة في النص القرآني فحسب ،بل إنها بحاجة إلى تصنيف دقيق ،كل في بابه ال��واس��ع ،وشعبته اخل��اص��ة ،والسنة املقصودة في هذا السياق ،ونحوذلك. ( )5ورد في القرآن الكرمي إشارات كثيرة حول بعض القضايا الكونية والسنن الطبيعية ،وحول خلق اإلنسان ...جاءت كإطار أوحوافز للعقل اإلنساني ،تضاف كتطبيق على هذا املنهج، وعلى نحويتم إدراكه والوقوف عليه خالل العصور؛ ألن هذه اإلش���ارات ل��م ي��رد لها أن تكون ب��دي ً �لا ع��ن العقل اإلنساني أوالتجربة اإلنسانية ،ولهذا ،فإن بعض الصحابة الذين سألوا عن بعض هذه الظواهر أجيبوا عن (وظيفتها) ال عن طبيعتها أوآليتها أوكيفية عملها! ألن الشريعة ربطت بهذه الوظيفة، أوناطت بها بعض األعمال والتكاليف الشرعية ،في سياق كون القرآن كتاب هداية وتشريع كما قلنا قبل قليل ،وتأكيدا على أن معرفة هذه الطبيعة أواكتشافها إمنا هومن عمل التجربة
والعقل اإلنساني في سائر العصور! جاء في كتب التفسير أن قوما من املسلمني سألوا النبي عن ال��ه�لال ،و"م��ا سبب محاقه وكماله ومخالفته حلال الشمس" كما روي ذلك عن ابن عباس وقتادة والربيع وغيرهم ،وعن أبي العالية قال: بلغنا أنهم قالوا :يا رسول الله لم خلقت األهلة؟ فأنزل الله َّاس َوالحْ َ ِّج تعإلى { َي ْسأَ ُلون ََك َع ِن الأْ َ ِه َّل ِة ُقلْ ِه َي َم َو ِاق ُ يت ِللن ِ س ال ِْب ُّر ِبأَ ْن َت ْأ ُتوا ا ْل ُب ُيوتَ ِم ْن ُظ ُه ِور َها َو َل ِك َّن ال ِْب َّر َم ِن ا َّتقَى َو َل ْي َ َو ْأ ُتوا ا ْل ُب ُيوتَ ِم ْن أَ ْب َو ِاب َها َواتَّقُ وا ال َّل َه َل َع َّل ُك ْم ُتفْ ِل ُحونَ }(البقرة: .)189
الفقه الشافعي للشيرازي ،وأ ّلف في الطب والنحوواملنطق.. وك��ان رائ��دا في علم التشريح امل��ق��ارن ،وهومكتشف الدورة الدموية الصغرى قبل مايكل سرفيتوس اإلسباني بثالثمائة عام ،وقبل وليم هارفي الطبيب اإلجنليزي (1657-1578م) الذي ينسب إليه هذا االكتشاف بأربعمائة عام .وقد وضع املستشرق األملاني والكحال الشهير الدكتور ماكس مايرهوف في عام 1935رسالة باإلجنليزية عن ابن النفيس ووصفه للدورة الدموية الصغرى...
( )7وأخيراً فإن القرآن الكرمي (يفترض) أويشير إلى اطراد أما سبب محاق القمر وكماله ومخالفته حلال الشمس ،التقدم العلمي ،وع��دم نكوصه أوتوقفه بحال ،ق��ال تعإلى: ف��إن ال��وق��وف عليه من عمل اإلن��س��ان في مختلف العصور! (سنريهم آياتنا في اآلفاق وفي أنفسهم حتى يتبني لهم أنه ورمبا كان هذا هوالسبب – فيما نالحظ – في هذا االقتران احلق). في اآلي��ة الكرمية من اإلج��اب��ة عن "وظيفة” األه��ل��ة ،ال عن وإذا كانت جميع األجيال تقرأ ه��ذه اآلي��ة بهذه الصيغة قانونها وطبيعة عملها ،واألمر بأن يأتوا البيوت من أبوابها املستقبلية ،علماً بأن كل جيل داخل في هذه (السني) – سنريهم ال من ظهورها ،أي أنهم بسؤالهم ذلك لم يأتوا البيوت من – بالنسبة ملن سبقه من سائر األجيال .فإن هذا يدل على أبوابها... ما دل عليه تاريخ العلم واملعرفة ..وهواالرتقاء الدائم ،بل إن ( )6ولهذا ،فإن التاريخ اإلسالمي لم يشهد مثل ذلك الصراع هذه (اإلراءة) – وليس الرؤية – تشير إلى هذه السنة اإللهية ال���ذي ش��ه��ده ت��اري��خ أوروب����ا ب�ين رج���ال ال��دي��ن ورج���ال العلم – أواإلذن اإللهي بذلك – وغني عن البيان أن السنن اإللهية أوعلماء الطبيعة ،بل شهد التقدم في كال اجلانبني :الثقافي ال حتابي أحدا ،فاالرتقاء العلمي والكشف والتقدم يصل إليه الديني والعلمي التجريبي في وقت واحد .إن املتتبع ملسيرة من تعامل مع هذه السنن ،ومن نظر في الكون والحظ وجرب احلضارة اإلسالمية ميكن أن يالحظ أن تقدم املسلمني في من أي نحلة أوملة أوجنس ،وفي أي زمان ومكان.. هذين البابني ،كان يسير في خط بياني واحد أومشترك ،كان إن م��وض��وع (ال��ع��ل��م) – ال��ك��ون أوال��ط��ب��ي��ع��ة اخل��ارج��ي��ة – املسلمون يتقدمون في كال اجلانبني ،ويتخلفون أويلحقهم الركود في كليهما كذلك .ولم يحدث في تاريخ هذه احلضارة وحقائقه ،في متناول اجلميع ،وهوملك جلميع األمم ،وحقائقه أن ارتفع أحدهما على حساب اآلخر ..فحني قاس املسلمون كذلك واحدة ال يؤثر فيها اختالف األلسنة واألل��وان ،وسائر محيط الكرة األرضية في عهد املأمون – كما أشير قبل قليل ما هومن خصائص الشعوب واألق��وام( ،والنظرية) أوالسنة – كانت الثقافة الدينية قد بلغت أوجها في دار احلكمة وفي التي يقف عليها عالم من العلماء في حضارة من احلضارات أروقة بغداد ،وفي حركة االجتهاد العقلي ،حيث شهد القرن ملك – أوسوف تبقى ملكاً – جلميع القادرين في املستقبل الثاني الهجري والدة فقه أبي حنيفة ومالك والشافعي ،وجعفر في أي ق��وم ينطلقون منها ويبنون عليها .هكذا ك��ان حال ال��ص��ادق ،وزي��د بن علي ..وح�ين غزتهم احلضارة األوروبية احلضارة األوروبية مع منجزات املسلمني – إب��ان صعودهم كانوا يشكون في كروية األرض! ويشككون في الوقت ذاته في وسيادة حضارتهم – ما ترجموه عمن سبقهم ،وما أضافوه السلم البياني (إميان) من يقول بهذه الكروية! وقد تعبر فيهم القرية أواحلي واكتشفوه بأنفسهم .وه��ذا معنى قولنا :إن ّ للتقدم والكشف العلمي من شأنه أن يسير في اجتاه الصعود، فال جتد من (يقرأ) أويكتب أو(يفك اخلط) كما يقال. إشارة إلى التراكم الذي حتدثنا عنه أوبناء جميع احلضارات بل لقد شهد هذا التاريخ – وه��ذه احلضارة – اجتماع بعضها على بعض ،مع مالحظة قيام األرض بحضارة سائدة هذين البعدين أواألمرين في (العالم الواحد) ،فكم من العلماء غالبة ،أوبحضارة تقودها ومتسك زمامها ،كما دلنا االستقراء في تاريخ حضارتنا من كان متقدما في علوم الدين ،وسابقا التاريخي الطويل ،وأبناء هذه احلضارة هم الذين يقع على أومكتشفا في العلم التجريبي – حتى كانت هذه الثنائية بني العلم واإلميان واحدة من سمات حضارتنا املاجدة ..-فابن عاتقهم مهمة (متابعة) الكشف واالخ��ت��راع والتقدم التقني رشد احلفيد شارح أرسطو ،وصاحب كتاب (بداية املجتهد أواآللي املستمر. ولهذا ،فإننا نقول :ما برهن العرب على جدارتهم بالتأسيس ونهاية املقتصد) في الفقه املقارن ،له كتاب (الكليات) في الطب .وابن النفيس القرشي الدمشقي كان يتولى تدريس حلضارة اإلس�لام ،وعلى قيادتهم لركب هذه احلضارة ،كما الطب وتدريس الفقه! وق��د ق��ام بشرح كتاب (التنبيه) في برهنوا على ذلك بحركة الترجمة الواسعة التي قاموا بها، السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
15
والتي نشير إليها وإلى مكانة العرب في هذه احلضارة في املطلب التالي:
املطلب الثاين :العرب والرتجمة وبيئة احل�ضارة الإ�سالمية لقد متت حركة الفتح العربي اإلسالمي بسرعة مدهشة، وقد بلغت ذروتها خالل مائة عام مرت على وفاة النبي (توفي عام 632م وكانت معركة بواتييه أوبالط الشهداء عام 732م)، وق��د بسط اإلس�لام سلطانه في البيئة التي شهدت أعرق حضارات التاريخ ،وتفاعلت على أرضها أغنى ثقافات العالم القدمي وأعتاها ك��ذل��ك .إن اإلس�لام لم ينتشر بني الهنود احلمر ،أوبني سكان البراري والقفار ،ولكنه انتشر في مجتمع حضارات األنهار –إن صح التعبير_ وبني شعوب متعددة األع���راق واللغات والثقافات ..وق��د وص��ف بعض الباحثني أواملؤرخني هذا املجتمع بـ احل��وض الالهوتي ..نظرا ملكانة الدين أوالعقائد الدينية في ثقافات هذه البقعة من العالم القدمي. وقد قامت العقيدة اإلسالمية والثقافة العربية اإلسالمية في هذا احلوض جتادل عن نفسها .وقد بدأت هذه املجادلة –والدفاع -بني يدي عصر الترجمة ومع بداياته في العصر األموي ،ثم اتسعت ميادينها وآفاقها مع شيوع هذه املترجمات (وبخاصة الفلسفية واجلدلية) في العصر العباسي .أما مترجمات الطب والفلك والرياضيات ..وسائر (العلوم) فقد كانت حلقة البد منها في جميع األحوال كما أشرنا قبل قليل. لقد كان (املناخ العلمي) حاضرا في العقيدة والفلسفة واجلدل وامل��ن��ط��ق ..وه��ك��ذا أس��س املسلمون (ع��ل��م ال��ك�لام) للتوفيق أواجل��م��ع ب�ين العقل وال��ن��ص (ال��دي��ن��ي) ول��ل��دف��اع ع��ن عقيدة القرآن ،ثم أسسوا (الفلسفة اإلسالمية) للتوفيق أواجلمع بني (الدين) و(الفلسفة) اليونانية أوالعامة .وكما ظهر في الشق األول ،أوجانب علم الكالم :املعتزلة واألشاعرة وسواهما، برز في الشق الثاني ،أواجلانب الفلسفي :الكندي والفارابي وابن رشد وابن سينا وابن طفيل وغيرهم .كما كان لإلمام أبي حامد الغزالي حضور بارز في كال اجلانبني وفي جوانب أخ��رى من جوانب الثقافة والفكر اإلس�لام��ي ،وبخاصة في التأويل وعلم أصول الفقه.
أوبآخر( -انظر السببية عند الغزالي وابن رشد) – وهكذا ميكن التأكيد على أن دور اإلم��ام الغزالي لم يكن مقصورا على العالم اإلسالمي ،حماية له من الباطنية :أعداء العقل بامتياز ،ولكن ه��ذا األث��ر امتد إل��ى أوروب��ا – بشكل مباشر أوغير مباشر – إحياء فيها للنزعة العقلية والعلمية .وال يقال في هذا السياق – أوبوجه عام – إن "سببية" الغزالي كانت لتفسير (املعجزة) أوللدفاع عنها ،أي وليست تأسيسا للعلم التجريبي أو(للفلسفة العملية)! على نحوما فعل (دافيد هيوم) ألن (املنهج العلمي) الذي كان سائداً في املجتمع اإلسالمي، والتقدم الذي كان حاصال ..ال يجعل الغزالي يتحدث أويبحث عن السببية التي تنتج العلم التجريبي وحتقق تسخير الكون أوسيطرة اإلنسان على الطبيعة ..فهذا عنده ال معنى له ،ألنه من باب حتصيل احلاصل! ولكن الغزالي كان يقوم ما اعوج من أمر النظر والعقل في تعامله مع (النص) دفعاً ملذاهب الباطنية التي تناقض العقل ،وآلراء الفالسفة التي تتعارض مع ال��دي��ن .علما ب��أن (ال��دي��ن) هوالذي أوج��د املناخ العقلي والعلمي للتقدم في باب التعامل مع كل من النفس والطبيعة. نعود من ه��ذا االستطراد إل��ى تقدير مكانة العرب في احلضارة اإلسالمية ،ومكانة احلضارة اإلسالمية في تاريخ احلضارات ..ألن كلتا املكانتني حلقها تشويه مقصود أوغير مقصود! فالبدعة التي نشأت ح��ول اآلري���ة والسامية قد جنحت باألوروبيني – كما يقول عباس محمود العقاد – "إلى اختصاص احل�ض��ارة العربية بالنقل دون اإلب ��داع ،وحببت إليهم أن مي�ي��زوا عليها ح �ض��ارات األمم اآلري ��ة – ولوكانت شرقية – مبلكة اإلبداع والتفكير احلر ،وال سيما في املباحث النظرية ...ألن متييز الشرقيني اآلري�ين ينتهي إل��ى متييز العنصر األوروبي في أصوله األولى ،وهي الدعوى التي يسوغ بها سيادته على أمم العاملني". ونتساءل هنا – مع العقاد رحمه الله – "أين هي احلضارة التي أبدعت ولم تنقل؟ وأي��ن هي احلضارة التي يقال عن جميع علمائها إنهم من عنصر محض خالص ينتمون إليه وال ميتزج بالعناصر األخ��رى؟ فاإلغريق نقلوا قبل أن يبدعوا، وعلماؤهم قد نبغوا في آسيا الصغرى وجزر األرخبيل وصقلية واإلسكندرية وفلسطني والشام وتخوم العراق ،ولم ينحصر نبوغهم في مكان واح��د يقال إنه هوموطن العنصر احملض اخلالص ال��ذي ال يشوبه عنصر دخيل .ويصدق ه��ذا على الهند وفارس والصني ،كما يصدق على أية أمة من سالالت األوروبيني احملدثني.
ويجدر اإلش��ارة هنا – على نحوعابر -ألمر يتصل بابن رشد والغزالي ،لقد كان البن رشد ولتأويله الذي جمع فيه بني الدين والفلسفة ،و(نظرية) املعرفة التي أسسها من خالل هذا اجلمع والتأويل..أثره في النهضة األوروبية ،وانتقال أوروبا أما نسبة اإلبداع في احلضارة اإلسالمية إلى غير العرب، من العصر الوسيط ..ونحب أن نلفت النظر في هذا السياق إلى أن هذا احلضور (الرشدي) في هذه النهضة ،أوفي تأصيل في ذلك احلوض الثقافي الذي انتشر فيه اإلسالم ،وحصل (العلم احلديث) ،هوفي حقيقته أوفحواه :حضور (غزالي) ،فيه ذلك التمازج الثقافي الهائل في فترة قصيرة ،فأوجز ما ألن ابن رشد كان منطلقا من الغزالي ،ومردا ملقوالته-بشكل ميكن قوله :أن (مشاركة) غير العرب ال ريب فيها ،بل لقد كان 16
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
لألمم األعجمية قسط كبير في مختلف العلوم والدراسات ،معها ثقافات دنيوية أخرى لكنها متتصها". "ولكن هذه األمم لم تنهض هذه النهضة إال بعد ظهور اإلسالم وهذا يدل على أن الترجمة – أوالنقل – كانت مرحلة الزمة فيها ،ولم تكن لها في إبان مجدها القدمي فضيلة على العنصر أوال بد منها ،ثم تبعتها مرحلة اإلبداع أواإلضافة واالرتقاء. العربي ”..كما يقول العقاد ،وقد يكون في متناول الباحثني :وهذا ما أشار إليه األستاذ الدكتور عبد احلليم منتصر ،حني الوقوف على األسباب الكثيرة – فيما خال مسألة القصور عدد تاريخ هذه احلضارات ،وحتدث عن هاتني املرحلتني من العنصري! لتأخر مشاركة العرب ،أوحلجم هذه املشاركة؛ فقد مراحل احلضارة اإلسالمية وذلك على النحوالتالي( :العصر كان العرب في صدر اإلسالم أصحاب قيادة ورياسة شغلتهم ال��ق��دمي – أواحل���ض���ارات السابقة على العصر اإلغريقي: الفتوح وسياسة البلدان املفتوحة عن دراسة العلوم التي يغني حضارة وادي النيل وما بني النهرين عند اآلشوريني والبابليني عنهم فيها أعوانهم من األتباع واملرؤوسني ،باإلضافة إلى أن والسومريني ،وما وراء النهر (سيحـون) في الهند والصني – هذه األمم كانت أحوج إلى تعلم اللغة العربية والفقه ،والبحث ثم العصر اإلغريقي ،وبعده العصر اإلسكندري حيث انتقل عن مصادرهما ،وإلى االستمساك في بالدهم النائية بعروة مركز الثقل العلمي من أثينا إلى اإلسكندرية .أعقبه بعد الدين الذي ال تربطهم بالدولة عروة سواه" وقد عد األستاذ ذلك :العصر اإلسالمي الذي مر بطور الترجمة الذي الحظ العقاد من هذه األسباب كذلك" :أن عدد الفضالء األعاجم فيه الدكتور منتصر أنه "ألول مرة في التاريخ جند أمة غالبة هوعددهم بالقياس إلى جميع أفراد األمم التي ينتمون إليها، منتصرة ،تطلب من ال��دول املغلوبة ،كغرامة حربية :كتبا أما عدد الفضالء من صميم العرب فهوعددهم بالقياس إلى ورسائل ومؤلفات علمية ،بدال من اجلزية واملال والضريبة" ثم الفاحتني الراحلني عن اجلزيرة العربية ،وهم قلة صغيرة إلى طور أوعصر اإلبداع العلمي "حيث سطع في سماء احلضارة جانب الذين تخلفوا بعدهم في البادية على نحومعيشتهم اإلنسانية عشرات ومئات من العلماء العرب واملسلمني ،يقرنون األولى"... إلى أعاظم العلماء في كل عصر وآن."... وأخ��ي��راً ي��ق��ول األس��ت��اذ ال��ع��ق��اد" :أم��ا ال�ث��اب��ت م��ن هذه ونضيف إل��ى ه��ذا ال��ذي ذك��ره الدكتور منتصر أن املناخ احلقائق فهوأن الدفعة األولى التي أحيت احلضارة في رقعة العقلي والعلمي الذي أشرنا إليه وال��ذي بدأ مع أول كلمات الدولة اإلسالمية قد جاءت من الساللة العربية ،وأن حضانة القرآن نزوال ..هوالذي كان وراء الترجمة واإلب��داع ..وحركة الدولة اإلسالمية هي التي سمحت ببقاء ما بقي من حضارة العلم (أوالعلم العربي) بتعبير الدوميلي .وه��ذا يسمح لنا الفراعنة واإلغريق والفرس والهنود ،ولوال قوة "موجبة" في بالقول :إن دورة احلضارة اإلسالمية بدأت مع تلك الكلمات العبقرية العربية مل��ا ج��اءت تلك الدفعة ،وال تيسرت تلك القرآنية ،ثم دخلت – ض��رورة – في عصر الترجمة ،وليس احلضانة". صحيحاً أن احلضارة اإلسالمية ب��دأت مع عصر الترجمة، أما التمازج أوالوحدة الثقافية التي حتققت في هذه البيئة كما قال بعض الباحثني! وكأنه يريد أن يقول :لوأن املسلمني اجلغرافية ،والتي أصبحت تدعى (دار اإلسالم) والتي اشترك لم يترجموا علوم األوائ��ل ملا كان لهم حضارة ،أولم يكن في ف��ي صنع حضارتها اإلس�لام��ي��ة :ال��ع��رب وس��ائ��ر الشعوب وسعهم أن يؤسسوا حضارة! هذا غير صحيح! إن االنفتاح األخ��رى؛ فإن أصدق وأوجز ما يدل عليها ما جاء في كتاب على عالم األفكار واملناخ الذي حتدثنا عنه ،والشروط التي "تاريخ اإلسالم” الذي نشرته جامعة كامبردج ،إذ يقول: وفرها ال��ق��رآن الكرمي هي األص��ل في والدة ه��ذه احلضارة "إن اإلسالم دين ومجتمع ومدنية وحضارة في نفس الوقت ونشأتها ..ولكن ه��ذه احلضارة دخلت مع مرحلة الترجمة (أوفي وقت واحد) .وإذا كان من الصحيح أن بلدانا عدة من في طور التوسع أوفي طور العاملية و(التوظيف) ملعارف األمم بني تلك األراضي التي انتشر فيها اإلسالم كانت لها مدنيات السابقة ،ألن سيادة هذه احلضارة على (مسرح) التاريخ –كما وحضارات قدمية ذات ش��أن ،وأن حضارة اإلس�لام قد تشربت يقال -التي واكبت حركة الفتوح ،واكبها أيضا أوجاء في أعقابها ما سبقها ومتثلته بطرق متنوعة ،فإنه ينبغي أال يفوتنا ترجمة علوم األوائل ،متابعة واستكماال ملسيرة التقدم العلمي أن اإلسالم في متثله ما وجده من تراث حضاري متباين قد والكشف واالختراع ،وبخاصة في اجلوانب التي تطلبها كل أمة أمده بخصائص عامة جامعة ،وبوجهة مشتركة في مجاالت ناهضة ،أوال يستغني عنها أحد كالزراعة والطب .أوالتي تعد الصلة بالله وبالناس وبالعالم .وهكذا أكد اإلسالم الوحدة –في حالة األمة اإلسالمية حتديدا -شديدة الصلة بثقافتها اجلامعة للمركب احل�ض��اري (دار اإلس�ل�ام) رغ��م التنوع في الدينية ،أوالتي تستلزمها (وتفرضها) هذه الثقافة إن صح اللغات والتراث التاريخي والسالالت العريقة .وقد كان تاريخ التعبير .لقد فرضت هذه الثقافة االشتغال بالعلم التجريبي، الشعوب والبلدان اإلسالمية مثاال فريدا لترابط اجلانبني أورسمت بداياته وصورته األولية على أقل تقدير ،فشروط الروحي واملادي في حضارة تقوم على أساس الدين ،وقد توجد ال��ص�لاة –على سبيل امل��ث��ال -م��ن دخ��ول ال��وق��ت ،والوضوء، السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
17
واستقبال القبلة..أوضحت حاجة املجتمع اإلسالمي إلى قياس الوقت ،ووضع الروزنامات أوالتقاومي ،وتزويد أماكن الوضوء في املساجد (املياضئ) باملاء ..فضال عن حتديد األماكن، وهندسة (احملاريب) لتحديد القبلة-جهة أوعينا -ويرى بعض املستشرقني أن تقنيات املياه وشبكات املياه التحتية لم تكن ضرورية للري فحسب ،بل من أجل الصالة والعبادة –وهذا ما أشرنا إليه -ويقول :إن املسلمني أفادوا من تقنيات إغريقية ورومانية ومصرية قدمية ،في مسائل نقل املاء ورفعه وتوزيعه، األمر الذي أدى بدوره إلى تلك الثورة الزراعية التي حدثت ف��ي مشرق العالم اإلس�لام��ي ف��ي ال��ق��رن اخل��ام��س الهجري (احل��ادي عشر امل��ي�لادي) .وفي وسع الباحث أن يقف على أثر عبادة الصوم واحلج والزكاة في علم الفلك –الذي سبق فيه املسلمون_ والرياضة واحلساب...الخ ،وفحوى ذلك أن العبادات في اإلسالم استلزمت التآخي بني الثقافة الدينية والعلم التجريبي في وقت مبكر. وأخيراً ،البد من مالحظة أن مئات املخطوطات اليونانية في الرياضيات والعلوم والطب والفلسفة –وسواها -والتي نقلت إلى العربية في القرنني الثالث والرابع للهجرة..كانت حبيسة املكتبات ،أوم��ن آث��ار املتاحف! مبعنى أنها لم تكن من نتاج احلضارة أوالعبقرية اإلغريقية في العصر اإلسالمي .لقد تعاملنا مع مكتبات ومتاحف..ومن ثم كان في وسع املسلمني أن (يوظفوا) هذه املعارف والعلوم وأن ينطلقوا منها ويؤسسوا عليها في حضارتهم التي بلغت ذروتها في القرنني الرابع واخلامس الهجريني ،أي أن هذه الترجمة لم تكن (انصياعية) إن صح التعبير ألنها لم تكن ترجمة لكتب ومعارف حضارة سائدة غالبة على مسرح التاريخ اليوم .وألن املسلمني لم يكونوا في حال الركود أوفي احملل األدنى! ولهذا ،فإن استئناف حركة (العلم العربي) أومشاركتنا العلمية اليوم – في ظل سيادة احلضارة الغربية – ال بد أن يتم أوال من النقطة التي انتهى إليها القوم ،ما استطعنا إلى ذلك سبيال .وأن يكون بعيدا عن عقلية السطحية والتلفيق،
وم��ن عقد النقص وال��ه��وان على ال��ذات التي ت��زال رواسبها مستحكمة إل��ى حد كبير منذ عصر ال��ص��دام مع احلضارة األوروبية حتى اآلن .وال يجوز أن يبقى املسلمون اليوم قانعني بترجمة (العلم الغربي) من جهة ،وباستهالك اآلالت واستيراد "التكنولوجيا” من جهة أخ��رى ،ألن هذه القناعة ال تعني – في األعم األغلب – سوى التحرك في دائرة (تاريخ العلم)، إلى جانب تكريس التخلف – احلالة الراهنة – بوصف هذا االستيراد طريقا معاكسا للتنمية. وم��ن امل��ؤس��ف أن��ن��ا ال ن���زال ،بعد مائتي ع��ام م��رت على بداية عصر التنور ،نتغنى (بتاريخنا العلمي) مبقدار عجزنا ع��ن امل��واك��ب��ة احلقيقية (ل��ع��ل��وم ال��ع��ص��ر) أومب��ق��دار عجزنا عن (توظيف) خبراتنا العلمية املعاصرة التي تلقيناها عن األوروب��ي�ين – وال حرج كما يقضي قانون السبق ،أوالتاريخ احل��ض��اري ال��ذي حتدثنا عنه – ف��ي صنع وتطوير جهازنا اخلاص الذي ميدنا بأسباب احلياة زمن السلم ،ويحمينا من أخطار الدمار واملوت زمن احلرب .وال تزال هذه اخلبرات – وما أخطرها وأفدح ثمنها – توظف كسائر خبراتنا ومواردنا األخرى ،في جسم اآللة األوروبية والتقدم التقني الغربي حتى اآلن! ويبقى ال��س��ؤال امل��ط��روح :مل���اذا؟ واجل���واب عندنا :ألن مجتمعاتنا تفتقد املناخ العقلي والعلمي ،والشروط النفسية واالجتماعية التي تسمح بالتقدم ،والتي تعني اإلنسان أوتهيب به أن يقدم أقصى ما عنده وهوآمن مطمئن! ألم يتحدث رس��ول الله صلى الله عليه وسلم عن ش��روط ه��ذا التقدم حني قال في خطبة حجة الوداع – بني يدي انتشار اإلسالم وانسياحه في األرض – "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم – وأبشاركم – حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ،في شهركم هذا، في بلدكم هذا" وصدق الله العظيم القائل في محكم التنزيل آمن َُه ْم ِم ْن وع َو َ { َف ْل َي ْع ُب ُدوا َر َّب هذَا ا ْل َب ْي ِت ال َِّذي أَ ْط َع َم ُه ْم ِم ْن ُج ٍ خَ ْو ٍف}(قريش.)4-3:
18
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
دراسات إسالمية
املنطلقات الفكرية ملنهج الدراسات املستقبلية يف اإلسالم نحومساهمة إسالمية حضارية يف توجيه الدراسات املستقبلية يف املنظومة الغربية عبد اهلل بن حممد ال�سهلي توطئة مفهوم املستقبل مرتبط بالتخطيط والبناء ،والنهضة والتجديد ،في املستقبل فسحة األمل واالنعتاق من ضيق اللحظة ،وكآبة الواقع ،وإذا لم يكن هناك مستقبل فال قيمة للحاضر ،وإن التطلع إلى املستقبل والتشوق إلى معرفته أمر مفطور في النفوس ،فال جتد أحد ًا من البشر إال وهويتطلع إلى معرفة ماذا سيكون له وألمته. والدراسات املستقبلية من املعالم الرئيسة حليوية األمم وقوتها إن املتأمل في احلضارة الغربية املعاصرة بالرغم من تقدمها املادي إال أن ثمة تصدع ًا وشروخ ًا في هذا املجال تزداد اتساع ًا مع الوقت ،مما يحتم علينا نحن املسلمني املساهمة الفاعلة من أجل إعادة الوفاق مع سنن الكون ونواميس العالم. إن االهتمام باملستقبل والتطلع إلى معرفة أس��راره قدمي قدم اإلنسانية ذاتها إال أنه أخذ بالتشكل واتضحت معامله كعلم من العلوم في أوروبا والغرب بصورة عامة شأنه شأن كثير من العلوم اإلنسانية ،والدراسات املستقبلية بصورتها احلالية -هي وليدة الفكر الغربي لذا فهي متأثرة باألسس الفلسفية التي نشأت في كنفها السيماالفلسفة الوضعية املادية التي ظهرت وراجت بعد التمرد على الكنسية وتعاليمها ،وبعد إقصاء الدين عن املساهمة في صياغة فلسفة الوجود ،كما اصطبغت الدراسات املستقبلية بشكل خاص بالبرجماتية األمريكية وقيمها النسبية الساعية نحوالسيطرة على عاملنا النامي عبر أسطورة عالم مستقبلي خال من القيمة هدفه تشييد دميقراطية ً إضافة إلى أن الدراسات املستقبلية بطبيعتها بها جانب (ميتافيزيقي) والفلسفة املادية ال تؤمن مبا وراء املجتمع، املادة األمر الذي أضاف إشكاالت منهجية على هذا العلم. إن العلوم اإلنسانية ف��ي ال��غ��رب وثيقة الصلة بأسسها الفلسفية ولذا البد من تقرير أمور متعلقة بالنتاج البشري الغربي سيما في املجاالت اإلنسانية االجتماعية وهوأن الغرب املتمثل في أوروبا وأمريكا مر بثالث حلقات متعاقبة زمانيا، احللقة األول��ى هي سيادة النص الشرعي( الوحي ) وهذا هواألصل وفيها جاءت النصرانية كديانة مؤقتة ليست خالدة، وألن الله عز وجل لم يقدر لها اخللود لم يقدر لها احلفظ، وكل الرساالت قبل اإلسالم كانت محددة زماناً وأحياناً زماناً ومكاناً ،ولكن النصارى أرادوا لها اخللود وأن حتكم النصرانية
احلياة في الوقت الذي لم تكن مؤهلة لذلك ولم يكن السقف املعرفي لرجاالت الدين النصراني س��وى اجتهادات بشرية ص��رف��ة ص��ادم��ت بها العلماء واختلفت م��ع املفكرين سيما علماء الطبيعة ،ثم ظهرت الثورة الفرنسية وأعقبها التقدم امللحوظ في جوانب العلوم الطبيعية مما أدى إلى دخول أوروبا باستثناء املجمعات الكنسية في حلقة ضياع النص ،حيث فرخت وعششت العلمانية الالدينية كردة فعل لهيمنة الكنيسة وانزلقت املجتمعات الغربية في مستنقع الرذيلة واالنحالل في اجلانب األخالقي أما اجلانب القيمي العقدي فقد سرت السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
19
موجة اإلحل���اد ,يقول الفيلسوف األمل��ان��ي نيتشه " لقد آن لإلنسان أن يفعل كل شيء لقد مات اإلله ووجد السوبرمان "، بعد هذا الفراغ العقدي في حلقة ضياع النص ،دخلت أوروبا نسق علماني، والغرب بشكل عام في حلقة تلمس البدائل في ٍ وازدهرت الفلسفات الوضعية التي حتاول اإلجابة عن األسئلة والقضايا الكبرى في ظل تغييب وإقصاء الدين عن املساهمة في صياغة فلسفة ال��وج��ود ،ج��اءت ه��ذه الفلسفات بتعاقب زمني كل فلسفة ردة فعل ملا سبقها " ُكلَّ َما َد َخل َ ْت أ ُ َّم ٌة َّل َعن َْت أُخْ تَ َها " هذه الالدينية التي فصلت الدين عن احلياة أدت إلى انطالق العلماء واملفكرين بدون قيود وبدون ضوابط في جميع امليادين االقتصادية والسياسية واالجتماعية ولذا ميكن القول أن هذه العلوم خرجت من عباءة الفلسفة.
إن وجود اإلنسان حياً يستلزم معتقداً ينظر فيه هذا اإلنسان إلى ما حوله من عوالم مشهودة أومغيبة ،ويستخرج تفسيرات للظواهر ،سواء في نشأتها أومنتهاها أوعالقاتها ،وبالتالي فالعقيدة جزء من كينونة اإلنسان ووجوده. أهمية الدراسة -1أنها توضح املنطلقات الفكرية واألسس العقدية التي تبنى عليها الدارسات املستقبلية. مرجعي يسهم في تأصيل ��ار -2أنها تساهم في توفير إط ٍ ٍ الدراسات املستقبلية. أهداف الدراسة
نتيجة لهذا األم��ر تسارع إيقاع التغييرات االجتماعية -1املساهمة في حتديد الهوية الثقافة الفكرية لألمة في مجال واالقتصادية على شكل احلياة املدنية بصورة فيها جوانب الدراسات املستقبلية في إطار العقيدة اإلسالمية ومبادئها. إيجابية فيما يتعلق بالعلوم الطبيعية صاحبها تقدم مطرد للدول -2املساهمة في توجيه وترشيد احلضارة اإلنسانية املعاصرة الغربية مما جعل الغرب برمته يربط بني التقدم في العلوم الطبيعية وبني العلمانية ممتطياً في ذلك الفلسفة الوضعية -3السعي نحواستيعاب العلوم ومستجدات العصر في إطار الطبيعية التي تتبنى حتمية قوانني الكون وجبرية العالم وما تنظيري حضاري إسالمي. العلم – في نظرها -إال أداة لكشف هذه القوانني وتفسيرها ومن ثم التحكم بها سواء في ذلك العلوم الطبيعية أواإلنسانية ،املنطلقات الفكرية وتقدم الغرب في العلوم الطبيعية سائغ لتعاملهم مع اجلماد ويعني الباحث بها األس��س العقدية التي تقدم لإلنسان واآللة املتحررة من الثقافة والفكر ،خالفاً للظاهرة اإلنسانية ال��ت��ي ه��ي نسيج م��ت��راب��ط م��ن اجل��وان��ب النفسية والعقدية النظرة الكلية الشاملة للكون واإلنسان واحلياة وعالقة كل واالجتماعية والتي حاول فيها الغرب تطبيق املنهج التجريبي منها بالله تعإلى خالق الكون واإلنسان واحلياة وعالقة الكون التحليلي الذي ال يفرق بني اإلنسان واآللة يزعمون فيه القدرة واحلياة باإلنسان ودور اإلنسان في هذه احلياة الدنيا وما على ضبط املتغيرات وحتييدها وإخضاع اإلنسان للتجربة – بعدها ،لإلجابة عن األسئلة الغائية والنهائية. متجرداً من كرامته – واخل��روج بالنتائج وتفسيرها ومن ثم وهوينطلق من اليقني الكامل بكل اإلجابات الصادرة من التنبؤ والتحكم به ومبعنى أدق السيطرة على اإلنسان. املصادر املعرفية عن طريق الوحي (القرآن والسنة) والتسليم ٍ وألهمية دراسة املستقبل وكونها قاسما مشتركا بني األمم ال��ك��ام��ل وال��ث��ب��ات وت��رج��م��ة املعتقد إل���ى س��ل ٍ واجتاهات ��وك وقيم وع�لاق ٍ ��ات حتكم حياة الفرد املسلم في جميع شؤونه ٍ واحلضارات املختلفة سواء كانت للتخطيط للبقاء أوللحاجة إلى املعرفة أوللحاجة إلى التأثير في املستقبل ،وألهمية التأسيس وقضاياه. العقدي للعلوم لينطلق الباحث املسلم على بصيرة كانت هذه الدراسة " املنطلقات الفكرية ملنهج الدراسات املستقبلية في مفهوم املنهـج اإلسالم " وذلك ببيان األساس الذي يقدم لإلنسان النظرة املنهج أواملنهاج هوالطريق الواضح املمهد املطروق واحملدد، الكلية الشاملة للكون واإلنسان واحلياة وعالقة كل منها بالله تعإلى خالق الكون واإلنسان واحلياة وعالقة الكون واحلياة فإذا أضيف إلى العلم فإن معنى املنهج العلمي يكون هوالطريق باإلنسان ودور اإلنسان في ه��ذه احلياة الدنيا وم��ا بعدها ،الواضح املوصل إلى العلم والذي يستطيع اإلنسان به أن يكون متيقناً أومطمئناً لصحة م��ا يصل إليه م��ن نتائج ،ونهجت لإلجابة عن األسئلة الغائية والنهائية. ()1 وهوينطلق من اليقني الكامل بكل اإلجابات الصادرة من الطريق إذا أبنته ،وأوضحته ،ونهجت الطريق إذا سلكته.
وقد وردت كلمة منهاج في القرآن الكرمي في قوله تعإلى املصادر املعرفية عن طريق الوحي (القرآن والسنة) والتسليم ِلك ٍّل َج َع ْلنَا ِم ُ وقيم { ُ نك ْم ِش ْر َع ًة َو ِم ْن َهاج ًا }(املائدة .)48 :يقول ٍ ٍ سلوك الكامل والثبات وترجمة املعتقد إلى واجتاهات ٍ ٍ وعالقات حتكم حياة الفرد املسلم في جميع شؤونه وقضاياه ،الشيخ السعدي رحمه الله تعإلى في تفسيره لهذه اآلية :أي
20
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
سبي ً ال وسن ًة وهذه الشرائع التي تختلف باختالف األمم هي التي تتغير حسب األزمنة واألحوال وكلها ترجع إلى العدل في وقت شرعيتها ,أما األصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة ()2 في كل زمان فإنها ال تختلف .فتشرع في جميع الشرائع.
تأثيرها إل��ى خ��ارج ح��دوده اجلغرافية عملت على صبغ كل مظاهر احلياة أخالقياً واجتماعياً وسياسياً وفكرياً وتربوياً بصبغتها املادية وتلوينها بلونها العلماني ,ولم تنج مؤسساتنا على مستوى العالم اإلسالمي من هذا التأثير الذي غير بنيتها من أساسها.
واملنهج هنا مجموعة املبادئ والتصورات والقيم التي يجب إن أوروبا والغرب بصورة عامة يعد الوريث الشرعي للحضارة أن يلتزم بها الباحث في اختياره ملوضوع بحثه والتوصل إلى الرومانية واإلغريقية وموروثهما اإلحلادي الوثني الضارب في احلقيقة ,وكيفية استعماله للنتائج. عمق التاريخ ولم تكن النصرانية –رغم حتريفها -سوى طارئ عابر سرعان ما جتاوزته أوروب��ا ،يقول القاضي عبد اجلبار أهمية التأسيس العقدي ملنهج الدراسات املستقبلية بن أحمد (415هـ1024-م) (إن النصرانية عندما دخلت روما تكمن أهمية العقيدة في كونها الركيزة واألساس التي تقوم لم تنتصر روما ولكن املسيحية هي التي ترومت). عليها املبادئ والتصورات ،والشرائع ،فالبشر أسرى املعتقدات ولقد أعلن الغرب إفالسه في العلوم اإلنسانية بعدما امتطى واألفكار ،ولكل أمة من األمم مفاهيم وتصورات خاصة عن الفلسفة الوضعية املادية وإقصاء الدين كلي ًة عن املساهمة اإلنسان والكون واحلياة ،وهي تنطلق من عقيدتها التي تؤمن في صياغة فلسفة الوجود .يذكر البروفيسور روبرت بلّه في بها ،وحتافظ عليها ,فالذين يعتقدون أن الله ربهم ،ومعبودهم ،بحث له بعنوان ( التصور الثقافي واملستقبل اإلنساني) يذكر وأن مصيرهم إليه ,وأن الدنيا معبر وطريق إلى الدار الباقية أن أمراً شديد االنحراف يكمن في الثقافة الغربية احلديثة, يقيمون حياتهم وفق شريعة الله ،بحيث تهيمن هذه الشريعة وأن املشكالت الثقافية االجتماعية والسياسية املعاصرة هي على تصرفاتهم وأعمالهم ،ومناهجهم ،والذين كفروا بالله نتيجة هذه احلقيقة ،وأن الثقافات غير الغربية التي سبقت وقالوا بأزلية امل��ادة ،أقاموا حياتهم وفق معتقداتهم وعملوا العصر احلديث ميكن أن تسهم بدرجة هامة بإخراج الغرب الد ْن َيا مَ ُ ن ُ لهذه احلياة { َو َقا ُلوا َما ِه َي ِإلاَّ َح َيا ُتنَا ُّ وت َون َْح َيا َو َما م��ن ه��ذه املشكالت ،ألن ال��رؤي��ا الثقافية لها دور كبير في ُي ْه ِل ُكنَا ِإلاَّ َّ الد ْه ُر َو َما َل ُهم ِبذ َِل َك ِم ْن ِعل ٍْم ِإ ْن ُه ْم ِإلاَّ َي ُظنُّ ونَ} املستقبل اإلنساني ،كما توضح الفيلسوفة البريطانية كاثلني (اجلاثية .) 24 : رين في بحثها ( نحوكون حي ) أن لكل حضارة مقدمات فكرية كما أن العقائد تستولي على أنفس أصحابها وتدفعهم لبذل وأن حضارة العلم التي نعيشها بدأت مبقدمة خالصتها تركيز أموالهم وأنفسهم في سبيل حتقيق ما يعتقدونه ،وهم راضون االهتمام بالوجود املادي الذي يدخل املختبر وإهمال ما عداه، مطمئنون ,وهذا يُفسر لنا السر في انتصار أصحاب العقائد واليوم يصل البحث امل��ادي بالعلماء إلى مرحلة حتول املادة وع��دم تنازلهم عن مبدئهم على الرغم من اآلالم واملصائب إلى وجود غير مادي .وهذا مؤشر النتهاء فترة البحث العلمي ونزع صفة املادية عن املادة نفسها ،ولذلك يحتاج عصرنا إلى التي تعترض في طريقهم (.)3 البدء مبقدمات فكرية جديدة والعودة إلى الغيبية القائلة( :ال وإن الباحث حني يُقدم على ٍ دراسة ما ،يُقدم ولديه تصورات تشكل املادة أصل الكون وأن وجود الكون ليس وجود ًا آلي ًا مادي ًا ومفاهيم وتفسيرات ،وخلفية فكرية عن التفاعل بني الكون ()4 ٌ حي). هووجود وإمنا ٌ مبارك ٌ واإلنسان واحلياة في إطار العقيدة أواملذهب الفكري الذي وي��زداد األمر إشكا ًال عندما يتعلق األمر ببعض القضايا يحمله ،ويؤمن به ،والذي ينعكس حتماً على اختياره للموضوع. واملنهج الذي يسير عليه والنتائج التي يتمخض عنها البحث .التي ال ميكن أن يخضعها املنهج الوضعي لنفس طرائق البحث أم��ا املوضوعية واحل��ي��اد العلمي ال��ت��ي ت��ن��ادي بها الفلسفة العلمي لعدم إمكانية إخضاعها لإلدراك احلسي أواملالحظة الوضعية إمن��ا هووهم ال وج��و َد له على أرض ال��واق��ع ،يؤكد املباشرة واإلحصاء ،كالبحث في أصل اللغات ونشأت النظم ٌ هانسون1958 ,م " أن مالحظة أي باحث تتأثر إلى درجة والبحوث املتعلقة بفلسفة التاريخ ودراسات مستقبل املجتمع البشري اعتماداً على دراسة التطور التاريخي للمجتمع من كبيرة بنظريته وفروضه وإطار عمله وخلفيته املعرفية ". خالل الشواهد االنثروبولوجية ،والتاريخية ،االثنوغرافية ،كما إن أي محاولة نقدية ج��ادة تسعى إل��ى تخليص العلوم تعاني هذه العلوم اإلنسانية من الفصل بني البحث العلمي اإلنسانية -مبا فيها الدراسات املستقبلية -من نزعتها املادية وبني مجال القيم أوب�ين ما يسمونه بأحكام القيمة وأحكام واإلحلادية البد لها من إب��راز األس��اس االعتقادي الصحيح الواقع العتبارات منهجية .حيث االعتقاد أن القيمة متثل أكبر الذي ينطلق منه في نظرتها إلى الكون واحلياة واإلنسان. عائق في سبيل تقدم البحث العلمي ،إذ احلياد يتضمن التجرد لقد عملت العلوم اإلنسانية التي تبلورت في الغرب وامتد من كل القيم واملعايير األخالقية .بل جتاوز األمر هذا -في السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
21
ظل سيادة الفلسفة الوضعية -فأصبح املنهج العلمي يفرض -2على مستوى التأسيس املنهجي. نفسه كخيار وحيد توكل إليه مهمة تفسير مظاهر الوجود -3على مستوى البناء والتغيير احلضاري. وظواهر احلياة ,ولم يُق ّدم العلم كبديل منهجي أوطريقه في فعلى مستوى الرؤية والتصور االعتقادي .يقول ...( :إذا البحث فحسب ،بل اعتبر وريثاً للدين وبدي ً ال عنه ،كما وظفت كنا نسعى إلى تأصيل منهجي للعلوم اإلنسانية فالبد أن نبرز العلوم اإلنسانية توظيفاً أيديولوجياً يخدم أهداف الغرب على األساس االعتقادي الذي يرتكز عليه في حتديد نظرتها إلى املستوى السياسي واالقتصادي والعسكري والثقافي .سواء في تبرير استغالل االستعمار األوروبي في مرحلتيه العسكرية اإلنسان واملجتمع واحلياة ككل ,وتبنى عليه تصوراتها وحتدد والثقافية أومن خالل متجيد الثقافة الغربية والنزعة العنصرية في ضوئه سلوكها .فالعلوم االجتماعية املؤسسة على العقيدة اإلسالمية البد وأن تعترف أن اإلنسان يعيش في ملكوت الله ()5 االستعالئية. ويخضع لنظامه وسننه في الوجود واالجتماع. يقول الدكتور ضياء الدين زاهر في معرض احلديث عن أم���ا ع��ل��ى م��س��ت��وى ال��ت��أس��ي��س املنهجي ف���إن التغيرات القيم في الدراسات املستقبلية .." :فهناك اجتاه قوي على وجود ما يسمى بالفروض الضمنية في الدراسات املستقبلية والرؤى التي تقدمها النظريات الوضعية ليست مجرد بيانات تقوم على سيطرة القيم عليها وتوجهها بشكل غير مباشر ,مبتورة ,وأفكار محايدة ،بل تأتي منسجمة مع ذلك النسق إذن فاملستقبل م��رت�ب��ط بقيمنا ،وب �خ �ي��ارات �ن��ا ،وبـمبادئنا املنهجي والفكري الذي تستند إليه وتأتي معبرة عن تصوراته خالية ومنطلقاته ..يقول الدكتور أمزيان ( ...وف��ي اعتقادي أننا ً األساسية وبالتالي ال ميكن أن تقوم دراسات مستقبلية ال نستطيع أن نثبت أصالة بحوثنا االجتماعية إال بقدر ما ()6 من القيم". نبرز الفوارق الفاصلة بني املنطلقني الفكريني وبني النسقني ً إننا إذا ما أردنا أن تؤتي الدراسات املستقبلية ثمارها يانعة املنهجيني املنهج اإلسالمي واملنهج الغربي الوضعي. فالبد من تأسيسها على العقيدة اإلسالمية لتكون منطلقاً أما على مستوى البناء والتغيير احلضاري فيقول الدكتور في البحث ولتشكل القاعدة األساسية واإلطار املرجعي الذي أمزيان ( :إنه جوهر احلضارة اإلسالمية الذي قامت عليه يجب أن تتمحور حوله األبحاث والدراسات. لعل مما سبق يتبينّ لنا أهمية التأسيس العقدي للعلوم وبنت عليه مؤسساتها وحدد امتدادها التاريخي وشكل تفاعلها اإلنسانية مب��ا ف��ي ذل��ك ال��دراس��ات املستقبلية ال��واف��دة من اخلارجي وحدد أهدافها هوالتوحيد.
الغرب حتى تكون على أساس متني من عقيدة األمة وثقافتها ثم يقول وفي ضوء هذا التصور فقط ميكن أن نفهم واقع وهويتها ،وحتى ال ت��ذوب في أنساق معرفية ومناهج أخرى املجتمعات اإلسالمية وميكن أن نفهم تراثها الفكري والثقافي, معارضة لها. وميكن أن نعيد رسم مؤسساتها االجتماعية ,وميكن أن نحدد ()8 أهدافها املستقبلية. األسس العقدية ملنهج الدراسات املستقبلية البد للمعرفة حتى تكون صحيحة مؤدية إلى يقني صاحبها بها ،وسكينة نفسه إليها من أن ترتكز على بصيرة علمية بالدائرة الوجودية كلها مبختلف كائناتها ،عاملي غيب وشهادة, دنيا وآخرة ،إنساناً ومخلوقات محيطة به ،ومعرفته باخلالق وهيمنته ،ألن الوجود ترابط فيما بينه.
واألسس العقدية تنطلق من اإلجابات الصادرة من املصادر املعرفية عن طريق الوحي (القرآن والسنة) والتسليم الكامل والثبات وترجمة املعتقد إلى سلوك واجتاهات وقيم وعالقات حتكم حياة الفرد املسلم في جميع شؤونه وقضاياه.
إن وج��ود اإلن��س��ان حياً يستلزم معتقداً ينظر فيه هذا وهذه املعرفة الكلية للوجود والكون واإلنسان واحلياة مبا يالئم الفطرة اإلنسانية األصيلة ,التي تبعث الثقة في املعرفة اإلنسان إلى ما حوله من عوالم مشهودة أومغيبة ويستخرج اجلزئية ,ال تتحقق إال في اإلسالم ,متمثلة بالقضايا العقدية تفسيرات للظواهر سواء في نشأتها أومنتهاها أوعالقاتها, ()7 وبالتالي فالعقيدة جزء من كينونة اإلنسان ووجوده. التي جاء بها الكتاب والسنة.
يؤكد الدكتور محمد أمزيان على اعتبار التوحيد أساساً حترير مصطلح التصور اإلسالمي نطرياً ،ومنهجياً ألسلمة العلوم االجتماعية مبا في ذلك دراسة أول من استخدم مصطلح " التصور اإلسالمي " هواملفكر املستقبل من خالل مستويات ثالثة: اإلسالمي أبواألعلى املودودي في كتابه " احلضارة اإلسالمية، -1على مستوى الرؤية والتصور االعتقادي.
22
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أسسها ،ومبادئها " وكتابه " نظام احلياة في اإلسالم " ،ثم جاء
بعده األستاذ سيد قطب في كتابه " العدالة االجتماعية في اإلسالم " ثم كتابه " خصائص التصور اإلسالمي ومقوماته " وكذلك استخدم املصطلح الدكتور عثمان ضميرية في كتابه " التصور اإلسالمي للكون واحلياة واإلنسان " بل يعتبره مرادفاً ملصطلح العقيدة في كتابه " املدخل لدراسة العقيدة ".
تتحقق في مضمارها العلوم الكونية واإلنسانية .قال تعإلى يه ْم آ َي ِاتنَا ِفي الآْ َف ِاق َو ِفي أَنفُ ِس ِه ْم َحتَّى َي َت َبينَّ َ َل ُه ْم أَنَّهُ {سن ُِر ِ َ يد} (فصلت : الحْ َ ُّق أَ َو ْ َل��م َيكْ ِف ِب َر ِّب َك أَنَّهُ َع َلى ُك ِّل شَ ْيءٍ شَ ِه ٌ .) 53 والعقيدة اإلسالمية تقدم لنا التصور اإلسالمي للكون واحلياة واإلنسان ومن ثم كان تفسير العقيدة للكون واحلياة واإلنسان ،والتصور اإلسالمي للكون يتضمن توحيد الربوبية كما أن التصور اإلسالمي للحياة واإلنسان يتضمن توحيد اإلل��وه��ي��ة ،ول���ذا ف��إن التصور اإلس�لام��ي للوجود هواألصل للمعرفة ونظرية البحث ف��ي ه��ذه العلوم اإلنسانية ومنها ()11 الدراسات املستقبلية.
ولقد أثير خالف حول سالمة مصطلح التصور اإلسالمي فمن املفكرين من يرى أن التصور مصطلح يعبر عن عملية ذهنية محضة حتتمل الصحة واخل��ط��أ ،وبالتالي م��ن غير املناسب استخدام هذا املصطلح .ومن القائلني بهذا الرأي الدكتور محسن عبد احلميد والدكتور محمد أمزيان في كتابه منهج البحث االجتماعي بني الوضعية واملعيارية ،وي��رى أن املصطلح املناسب املذهبية اإلسالمية . التصور اإلسالمي للكون والذي يراه الباحث أن مصطلح التصور اإلسالمي مناسب ال��ك��ون خلق لله ،ليس إل��ه وال أي م��ن أج��زائ��ه كذلك، وال محظور فيه ذلك أنه تصور مبني على مقومات من نصوص كما أن��ه ليس عبداً لإلنسان ،وأن العالقة بينهما إمن��ا هي الوحي ( القرآن والسنة ) والتي ال ميكن أن يتسرب إليها عالقة تسخير ,حيث سخر الله لإلنسان ما في السموات اخلطأ ،وقد استخدم علماء السلف كلمة التصور ،ومنهم ابن الس َما َو ِات وما في األرض ،يقول تعإلى { َو َس َّخ َر َل ُكم َّما ِفي َّ القيم في كتابه " إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان " وكتابه ات َّل َق ْو ٍم َي َتفَكَّ ُرونَ} َو َما ِفي الأْ َ ْر ِض َج ِميع ًا ِّمنْهُ ِإنَّ ِفي َذ ِل َك لآَ َي ٍ " بدائع الفوائد " وغيرهما ،ومن عبارته رحمه الله ..:فمن (اجلاثية ) 13 :وأن اإلنسان مستخلف في األرض ليعمرها تصور هذا املعنى ،.ومنها فمن تصور هذا حق التصور .وعند وفق منهج الله ,وأن الله تعإلى يس ّير هذا الكون وفق سنن األصوليني ( احلكم على الشيء فر ٌع عن تصوره ). وقوانني سنها لتستقيم بها حياة اإلنسان على هذه األرض، التصور اإلسالمي للوجود وهي من مظاهر التسخير ،لكنها ليست ح��دوداً لقدرة الله, ونقصد بالتصور اإلسالمي :هوالفكرة العامة التي جاء وهذه السنن والقوانني الكونية ميكن أن تكون مجاالً للبحث بها اإلسالم للوجود (الكون ،احلياة ،اإلنسان) ومقومات هذا والدراسة ،وكلما متكن اإلنسان من اكتشاف املزيد منها أمكنه التصور مجموعة احلقائق العقدية األساسية التي تنشئ في توسيع دائرة استفادته من التسخير على نحويسهل عليه أمر عقل املسلم وقلبه ذل��ك التصور اخل��اص للوجود وعالقته معاشه ويعينه على حتقيق عبوديته لله وعمارته لألرض وفق ()9 منهج الله .اإلميان بأن الكون ليس عدواً لإلنسان وال عقبة في باخلالق تبارك وتعإلى. ()12 سبيل تقدمه .قال تعإلى { َو ُه َو ال َِّذي َس َّخ َر ا ْل َب ْح َر ِل َت ْأ ُك ُلو ْا وتكمن أهمية التصور اإلسالمي للوجود في منهج الدراسات ِمنْهُ لحَ ْ م ًا َط ِر ّي ًا َو َت ْست َْخ ِر ُجو ْا ِمنْهُ ِح ْل َي ًة َت ْل َب ُسو َن َها َو َت َرى ا ْلفُ ل َ ْك املستقبلية بل في العلوم اإلنسانية واالجتماعية بصورة عامة اخ َر ِف ِيه َو ِل َت ْبتَغُ و ْا ِمن َف ْض ِل ِه َو َل َع َّل ُك ْم َت ْش ُك ُرونَ} (النحل)14: َم َو ِ في حقيقتني: وجه املولى سبحانه وفي مقابل تسخير الله الكون لإلنسان َ احلقيقة األولـى :أن هذا اإلنسان بفطرته ال ميكن أن اإلنسان للحركة في هذا الكون واستثماره والنظر في كما يستقر في هذا الكون الهائل ذرة تائهة مفلتة ضائعة .فالبد له هوواضح في ختام اآليات السابقة التي تختتم بتوجيه اإلنسان من رباط بهذا الكون ،.والبد له من عقيدة تفسر له ما حوله ،نحوالتفكر والتدبر والتأمل,وكما في قوله سبحانه { ُ َو أَ َ نشأَ ُكم وتفسر له مكانته فيما حوله ،فهي ضرورة فطرية . ِّمنَ َ اس َتغْ ِف ُرو ُه ُث َّم ُتو ُبو ْا ِإ َل ْي ِه ِإنَّ َر ِّبي است َْع َم َر ُك ْم ِفي َها َف ْ األ ْر ِض َو ْ {ه َو ا ِ َّل��ذي َج َع َل َل ُك ُم الأْ َ ْر َ ض يب} (هود ُ ،) 61 : يب ُّم ِج ٌ احلقيقة الثانية :هي أن هناك تالزماً وثيقاً بني طبيعة َق ِر ٌ ام ُشوا ِفي َمن َِاك ِب َها َو ُك ُلوا ِمن ِّر ْز ِق ِه َو ِإ َل ْي ِه النُّ ُشو ُر} (امللك التصور االعتقادي وطبيعة النظام االجتماعي بل أكثر من َذ ُلو ًال َف ْ التالزم .إنه االنبثاق الذاتي ,فالنظام هوفرع عن التفسير .) 15 : الشامل لهذا الوجود وملركز اإلنسان فيه ،ووظيفته ،وغاية ول��ك��ن ه��ذه احل��رك��ة الفكرية املطلوبة م��ن اإلن��س��ان في ()10 وجوده اإلنساني. الكون ليست محبوسة في نطاقه ال تتجاوزه ،كمناهج املاديني الكون واإلنسان هما موضوعا املعرفة ،واإلنسان في الوقت امللحدين الذين ال يتعدون في نظرهم حدود هذا العالم املادي نفسه هوالذات العارفة واحلياة ميدان االستخالف واالبتالء وعلى هذا األساس العقدي الذي قرره اإلسالم بشأن الكون، السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
23
يقوم التصور اإلسالمي :
نفي أي تصور آخر ألصل الكون ،سواء كان قوالً باملصادفة،أوأن الطبيعة أوجدت نفسها بتفاعالت ذاتية أوغير ذلك من تهوميات الفالسفة. رف��ض فرضية العبثية ف��ي حركة ال��ك��ون التي يتصورهااملنكرون لتدبير الله,حيث يتصورونها حركة ال تستهدف غاية, ()13 وال تستبطن حكمة,وال جتري وفق تقدير سابق. التصور اإلسالمي للحياة
مي} (التني ) 4 :وهومخلوق متفرد، الإْ ِ َ نسا َن ِفي أَ ْح َس ِن َت ْق ِو ٍ َ {إ َّن ��ا َع� َر ْض� َن��ا الأْ َم��ا َن�� َة َع َلى ول��ذل��ك فهوذومسؤولية وأم��ان��ة ِ �ال َف �أَ َب�ْي�نْ َ أَن َي ْح ِم ْل َن َها َوأَ ْشف َْقنَ ال� َّ�س� َ�م��ا َو ِات َوالأْ َ ْر ِض َوالجْ ِ � َب� ِ نسانُ ِإ َُّن��ه َكانَ َظ ُلوم ًا َج ُهو ًال} (األح��زاب : ِم ْن َها َو َح َم َل َها الإْ ِ َ ،) 72اإلنسان في العقيدة اإلسالمية أحد مخلوقات عالم الشهادة ،ولكنه مخلوق متميز عنها كلها ،متفرد في إبداعه، وتركيبه ،وحكمة وج���وده ،وعالقاته باملوجودات.فقد خلقه الله سبحانه وتعإلى خلقا مستقال بيديه املقدستنيَ { .ق َ ال يس َما َم َن َع َك أَن َت ْس ُج َد لمِ َا خَ َل ْق ُت ِب َي َد َّي أَ ْس َتكْ َب ْرتَ أَ ْم َيا ِإ ْب ِل ُ ()16 ُك�ن��تَ ِم��نَ ا ْل � َع� ِ�ال�ينَ} (ص ، .) 75 :ورك��ب سبحانه فيه العقل ال��ذي متيز ب��ه ع��ن املخلوقات احمليطة ب��ه ف��ي عالم الشهادة .وح��دد سبحانه غاية وج��وده في ه��ذه احلياة قبل أن يخلقه ،وطبع فطرته على التوجه إليها ،ثم أرس��ل رسله لتؤكد هذا التوجه ،وتبني مناهجه-هذه الغاية هي العبودية لله تبارك,والقيام بحق اخلالفة في أرضه ،ثم هومدعوللتفكير في نفسه وعجائب خلقه { َو ِف��ي أَنفُ ِس ُك ْم أَ َف�َل�اَ ُت ْب ِص ُرونَ} (الذاريات ) 21 :ليتبني توافقه مع الكون احمليط به في هالة من النعم املتزايدة { َو ِإن َت ُع ُّدو ْا ِن ْع َم َة الل ِّه َ وها ِإنَّ ال ّل َه ال حُ ْ ت ُص َ يم} (النحل ) 18 :مبا زود به من آليات إلدراك ور َّر ِح ٌ َلغَفُ ٌ ون ُأ َّم َه ِات ُك ْم َ ال َت ْع َل ُمو َن شَ ْيئ ًا احلقائق { َوال ّلهُ أَ ْخ َر َج ُكم ِّمن ُب ُط ِ األ ْب َصا َر َو َ َو َج َع َل َل ُك ُم ال َّْس ْم َع َو َ األفْ ِئ َد َة َل َع َّل ُك ْم َت ْش ُك ُرونَ} (النحل ،)78 :مختاراً خلالفة الله في أرضه { َو ِإ ْذ َق َ ال َر ُّب َك ِلل َْم َ ال ِئ َك ِة ِإ ِّن��ي َج ِاع ٌل ِفي َ األ ْر ِض خَ ِليف ًَة}( البقرة )30:رغم ما تقوم نسانُ اإل َ عليه بنيته من ضعف جسدي وعجز نفسي { َو ُخ ِلقَ ِ َض ِعيف ًا}(النساء ،)28 :وبهذا األساس العقدي العظيم يتطهر الفكر من التصورات الوهمية التي تخيلها الفالسفة ،أوظنها الدارسون ألصل اإلنسان قدميا وحديثا.
احلياة في التصور اإلسالمي ميدان لالبتالء ؛ يقول الله ير تعإلىَ { :ت َبا َر َك ا َّل� ِ�ذي ِب َي ِد ِه المْ ُل ُْك َو ُه� َو َع َلى ُك ِّل شَ � ْ�يءٍ َق ِد ٌ ال َِّذي خَ َلقَ المْ َ ْوتَ َوالحْ َ َيا َة ِل َي ْب ُل َو ُك ْم أَ ُّي ُك ْم أَ ْح َسنُ َع َم اًل َو ُه َو ا ْل َع ِزيزُ ا ْلغَفُ و ُر }(امللك ،)2 – 1 :وجعل من طبيعة احلياة أنها مليئة بعناصر االبتالء باخلير والشر ،وجعل األص��ل في اإلنسان نسانَ ِفي أَ ْح َس ِن اخليرية .يقول الله تعإلى { َلق َْد خَ َل ْقنَا الإْ ِ َ مي} (التني ،)4 :وجعله ذا طبيعة مزدوجة فيها استعداد َت ْق ِو ٍ لتمييز اخلير والشر ،ولالستجابة لنوازع اخلير ودواعي الشر؛ اه��ا َفأَ ْل َه َم َها ُف ُجو َر َها يقول الله ـ تعإلى { َو َن��فْ � ٍ�س َو َم��ا َس� َّ�و َ اها } (الشمس: اها َق ْد أَفْ َل َح َمن زَكَّ َ َو َت ْق َو َ اب َمن َد َّس َ اها َو َق ْد خَ َ ،)10 – 7ومن أمثلة عناصر االبتالء في احلياة ما ز ّينت به من مال وبنني وأزواج ومنازل ومراكب وغيرها؛ يقول الله تعإلى { المْ َ ُ الصالحِ َ ُ الد ْن َيا َوا ْل َب ِاق َي ُ ات خَ ْي ٌر ال َوا ْل َبنُو َن ِزين َُة الحْ َ َي ِاة ُّ ات َّ ِعن َد َر ِّب َك َث َوا ًبا َوخَ ْي ٌر أَ َمل } (الكهف .)46 :وقد ر ّكب الله في النفس اإلنسانية القابلية إلدراك جانب الزينة (اجلمال) في هذه العناصر والقابلية لالجنذاب إليها والسعي لتحصيلها؛ َّاس ُح ُّب وذلك ليتحقق بها االبتالء ،يقول الله تعإلى { ُز ِّينَ ِللن ِ فينتفي تصور إن اإلن��س��ان تطور ف��ي وج���وده عبر سلسلة من َاط ِير المْ ُق َ َّ َنط َر ِة ِمنَ الذَّ َهب الش َه َو ِات ِمنَ الن َِّساء َوا ْل َب ِن َ ني َوا ْل َقن ِ ِ املخلوقات الدنيا التي تعود إلى املادة الصماء أخيرا بفعل املتغيرات َ َ ُ َ َ َ َوال ِْف َّض ِة َوالخْ ْي ِل المْ َس َّو َم ِة َواأل ْن َع ِام َوالحْ ْر ِث َذ ِلك َمت ُ َاع الحْ َي ِاة املادية ،أوالنقالت العشوائية ،كما ينتفي تصور فكر اإلنسان غريزة ()14 آب } (آل عمران.)14 : ُّ الد ْن َيا َوال ّلهُ ِعن َد ُه ُح ْسنُ المْ َ ِ ()17 حيوانية متطورة فيما يسمى نظرية النشوء أوالتطور الداروينية. وتتصل اآلخرة بالدنيا في حس املسلم ،إذ الدنيا مضمار وبانتفاء تفسير مجيء اإلنسان إلى هذا الوجود بالصدفة، للعمل لتلك احلياة احلقيقية الدائمةِ {،وإنَّ َّ لآْ الدا َر ا ِخ َر َة َل ِه َي أونتيجة التفاعالت العشوائية لبعض العناصر املادية ،تنتفي َ َ َ الحْ َي َوانُ ل ْو َكانُوا َي ْعل ُمونَ} (العنكبوت ،) 64 :هذه احلياة العبثية كما قال الله تعإلى {أَ َف َح ِس ْبتُ ْم أَ مَّ َ ن��ا خَ َل ْقن َُاك ْم َع َبث ًا بطرفيها ال��دن��ي��وي واألخ����روي تظل بها أس���رار مغيبة عن َوأَ َّن� ُ�ك� ْ�م ِإ َل ْينَا لاَ ُت ْر َج ُعونَ } (املؤمنون ) 115 :وبتحديد الله اإلنسان مهما كانت قدرته وإدراكه { َو َي ْسأَ ُلون ََك عن الروح ُقل َ ِ ُّ ِ ِ احلكمة من وجوده التي طبع عليها ماهيته { َو ِإ ْذ أَخَ َذ َر ُّب َك ِمن وح ِم ْن أَ ْم ِر َر ِّبي َو َما ُأ ِوتيتُ م ِّمن ال ِْعل ِْم ِإ َّال َق ِلي ًال} (اإلسراء : الر ُ ُّ ست َب ِني آ َد َم ِمن ُظ ُه ِور ِه ْم ُذ ِّر َّيت َُه ْم َوأَ ْش َه َد ُه ْم َع َلى أَنفُ ِس ِه ْم أَ َل ُ ،) 85وتظل هذه احلياة ثابتة في أصولها وجوهرها متطورة ام ِة ِإ َّن��ا ُكنَّا َع ْن ِب َر ِّب ُك ْم َقا ُلو ْا َب َلى شَ ِه ْدنَا أَن تَقُ و ُلو ْا َي� ْو َم ال ِْق َي َ ()15 في معايشها وقدراتها ووسائلها. َهذَا َغ ِاف ِلنيَ} (األعراف ) 172 :قال ابن كثير -رحمه الله:- التصور اإلسالمي لإلنسان إن ذلك-كما ق��ال كثير من السلف -يعني أن��ه فطرهم على ()18 اإلنسان أرق��ى مخلوقات الله في الوجود { َلق َْد خَ َل ْقنَا التوحيد,وجبلهم على اإلقرار به.
24
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الهوام�ش : .1اجلوهري .مختار الصحاح346/1 ،.
املراجع
.2السعدي .تيسير الكرمي الرحمن في كالم املنان.)300/2 ,
.1اس��ت��خ�لاف اإلن���س���ان ف��ي األرض .فاروق الدسوقي .دار الدعوة.
.3األشقر ,نحوثقافة إسالمية أصيلة ,ص210 . .4ال��ك��ي�لان��ي ,م��ن��اه��ج ال��ت��رب��ي��ة اإلسالمية, ص.133-132 .5أم��زي��ان ,منهج البحث االجتماعي-203 , .220 .6أب��وزاه��ر .مقالة ال��دراس��ات املستقبلية من السراب التكنولوجي إلى اإلبداع االجتماعي. .7الزنيدي .حقيقة الفكر اإلسالمي ص . 40 .8أمزيان .مرجع سابق. .9سيد قطب ,خصائص التصور اإلسالمي ومقوماته ,ص1بتصرف يسير. .10سيد قطب .مرجع سابق .ص.27 .11دسوقي .األصول العقدية للمعرفة ص.21 .12الشدوخي .حاجتنا إلى مناهج إسالمية. مجلة البيان .عدد .173 .13الزنيدي .حقيقة الفكر اإلسالمي .ص.53 .14الشدوخي .مرجع سابق. .15ضميرية .التصور اإلسالمي. .16ضميرية .مرجع سابق. .17الزنيدي .حقيقة الفكر اإلسالمي .ص.59 .18الزنيدي .مرجع سابق.
.2اإلس�ل�ام���ي وال��ع��ل��م ال��ت��ج��ري��ب��ي .ف����اروق الدسوقي .املكتب اإلسالمي. .3األصول االعتقادية .فاروق الدسوقي. .4أص��ول تشكيل العقل املسلم .عماد الدين خليل .دار ابن كثير1426 .هـ. .5أهداف التربية اإلسالمية .ماجد الكيالني. مؤسسة الريان1419 .هـ. .6التصور اإلسالمي للكون واحلياة واإلنسان. عثمان ضميرية .دار الكلمة الطيبة. .7التوجيه اإلس�لام��ي ألص��ول التربية .عبد الرحمن احلازمي .جامعة أم القرى1424.هـ. .8ال��ت��وج��ي��ه اإلس�لام��ي ل��ت��اري��خ التربية.سند احلربي.جامعة أم القرى1417 .هـ. .9حقيقة ال��ف��ك��ر اإلس�ل�ام���ي .ع��ب��د الرحمن الزنيدي .دار املسلم1422 .هـ .10خصائص التصور اإلس�لام��ي ومقوماته. سيد قطب .دار الشروق. .11الدراسات املستقبلية.منظور تربوي .فاروق فليه وآخر.دار املسيرة1424 .هـ. .12ال��ع��ق��ي��دة ف���ي ال���ل���ه .ع��م��ر األش���ق���ر .دار النفائس1423 .هـ. .13فلسفة التربية اإلسالمية .ماجد الكيالني. دار القلم1423 .هـ.
.14كتابات على بوابة املستقبل .عماد الدين خليل وعويس .دار ابن كثير1426.هـ. .15ل��س��ان ال��ع��رب .اب��ن م��ن��ظ��ور .دار صادر. 1410هـ. .16امل��ب��ادئ وال��ق��ي��م ف��ي التربية اإلسالمية. محمد خياط .جامعة أم القرى1416 .هـ .17املعجم الوسيط .إبراهيم أنيس وزمالئه. دار إحياء التراث .بيروت. .18مقدمة اب��ن خلدون .اب��ن خلدون .املكتبة العصرية1425 .هـ. .19مقدمة في ال��دراس��ات املستقبلية .ضياء الدين زاهر.مركز الكتاب للنشر2004 .م. .20مالمح املستقبل .محمد األحمري .مكتبة العبيكان1426 .هـ. .21مناهج البحث االجتماعي .محمد أمزيان. املعهد العاملي للفكر اإلسالمي1412 .هـ. .22مناهج التربية اإلسالمية .علي مدكور. مكتبة الفالح1407 .هـ. .23نحوثقافة إسالمية أصيلة .عمر األشقر. دار النفائس1423 .هـ. .24نظام اإلس�لام العقائدي.محمد املبارك. املعهد العاملي للفكر اإلسالمي1416.هـ.
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
25
دراسات إسالمية
أهمية تأصيل الفكر التنويري لدى الشباب
�أ .منت�صر الزيات االنتصار في معارك اإلنسان العربي واملسلم في حتركه بأمته يتطلب ذخيرة من الفعل ذات مكونات ثالثة قررتها استراتيجية العمل اجلماعي في الوطن العربي التي أصدرتها األمانة العامة جلامعة الدول العربية عام 1980 وتتمثل في-: مكون نضالي به تكتمل احلرية :حرية اإلنسان والتراب في أرجاء الوطن كافة. ومكون حضاري به تتأكد األصالة الواقعة وتترسخ الشخصية القومية بأبعادها اإلنسانية لتواصل إسهامها احلضاري التاريخي. وأخيرا مكون إمنائي به يتحقق التقدم املطرد واملتسارع والعادل وينعم بكل فئاته وشرائحه األمن والطمأنينة والتماسك ( نحوبناء اإلنسان العربي – د .حامد عمار). وليس من قبيل املبالغة أوالتزيد أن نؤكد على أن تلك املكونات هي الشروط الالزمة والكافية للنهضة العربية “ فكرا وفعال” ولن تترسخ هذه النهضة العربية إال بحوار مجتمعي يقوم على مبادئ وقواعد واضحة تدفع الفعل العربي ألن يكون فاعال وموحدا بدال من التمزق والتشرذم ،هذا احلوار الذي يقوم على قواعد إسالمية من مصبات التسامح والوسطية ليتحول ه��ذا احل��وار إل��ى الغوص في الالشعور الفردي لألشخاص واجلمعي للجماهير. وقبل الولوج في التفاصيل أعدت اإلجابة على سؤال واضح وهو“ ما هي أسباب انتكاسة املشروع التنويري العربي “ وهذا يعنى أننا نثمن اجلهد الذي تقوم به اململكة األردنية الهاشمية في إحياء املشروع التنويري العربي الذي ما زال يطل برأسه 26
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
حينا ويخبوأحيانا أخ��رى .وج��اء ه��ذا التراجع وال��ت��ردي ألن احلالة الراهنة للمجتمعات العربية واإلسالمية تثبت لنا ليس فقط أن التنوير لم يعد كافيا وإمنا مخيبا لآلمال .مبعنى أنه لم يستطع أن ينجح ويترسخ عميقا في األرض ،ففي كل مكان نالحظ هيمنة االستبداد السياسي والبؤس االقتصادي وسوء التنمية وانتشار العقلية الظالمية بكل صورها وأشكالها في شرائح واسعة من الشعب بل وحتى من املثقفني .وكلها أشياء جنحت فلسفة التنوير في القضاء عليها في أوروبا ،من هنا تكمن أهمية املشروع التنويري فكريا وسياسيا ،وهومشروع حتريري لإلنسان العربي الذي هوبحاجة إلى مشروع تنويري نهضوي مثل سياسة التحديث التي اتبعت منذ أيام محمد علي والذي تركز على نقل التكنولوجيا وليس الفلسفة العميقة التي
العربي األول في الصفحات األولى من كتابه“الفلسفة األولى“ إن املعرفة وهى تراث اإلنسانية في تراكم مستمر من عصر إلى عصر ،األمر الذي يلزمنا بأن نتعلم من مكتشفات الشعوب األخرى ،ويؤكد الفيلسوف العربي ابن رشد “ هناك حقيقة واحدة ودروب مختلفة إليها ،وتعدد الطرق التي تفضي إليها هوأساس حرية الفكر والتسامح الفكري فاألديان والفلسفات والعلوم دروب مختلفة إل��ى ه��ذه احلقيقة ال��واح��دة .واحلق ال يضاد احل��ق ،ب��ل يوافقه ويشهد ل��ه وه��وم��ا يعني احترام اآلخ��ر وقبوله كما ه��و ،واملسلم احلقيقي مي��ارس التسامح إلى أقصى درجة ،ذلك ألن وراء كل حقيقتني متعارضتني في الظاهر”وحدة” بني طرفيها جهل متبادل” وحدة في انتظار من يكتشفها من خالل احلوار..
تقف خلف هذه التكنولوجيا بالذات ،وهوما فعله اليابانيون وانتصروا على روسيا بفضل سيطرتهم على التكنولوجيا األوربية مع محافظتهم على تراثهم وتقاليدهم ،فإذا اعتقدنا أنه ينبغي أن نقلدهم فى ذلك لكي ال نفقد روحنا أوأصالتنا فال بد أن تكون لدينا ثقة عميقة في مشروع حضاري تنويري إس�لام��ي ي��ق��وم على احل���وار والتسامح وال��وس��ط��ي��ة ..لنزرع في نفوس شبابنا قيما بحثوا عنها فلم يجدوها في صدور مفكرينا وعقول مسؤولينا وقرارات حكامنا ،وألن الشباب هم زاد هذه األم��ة وهم الذين نحاول فتح آف��اق احل��وار أمامهم فقد أثرت التأكيد بداي ًة على احل��وار والتسامح والوسطية، ثم األسس التي تنبغي في احلوار مع اآلخر وذلك من منظور إسالمي ،وأخيرا محاولة قراءة مشروع تنويري إسالمي ،وقد أثرت التحرر من القيود التي ال بد من مراعاتها في إعداد وي���روى أن اب��ن رش��د أت���اه خبر رج��ل م��ن أه��ل الصالح ورقة العمل والتي تقوم على البحث. يشفي املرضى من الرجال والنساء بأن يجعلهم ينفقون من آث��رت أن أنقل جتربتي ف��ي احل���وار ف��ي مصر ب�ين السلطة املال ما يساوي ثمن العضواملريض كما يقدره ،وبدال من أن واجلماعات اإلسالمية من أج��ل الوصول إل��ى مبادرة وقف يسارع الفقيه وقاضي قضاة قرطبة بالتنديد بالشعوذة قال” العنف التي جنبت مصر إراقة الكثير من الدماء بسبب انغالق ه��ذا رج��ل يعتقد أن الوجود ينفعل باجلود" هكذا ك��ان ابن رشد متسامحا إلى أقصى درج��ة لكنه مت تكفيره وأحرقت قنوات احلوار في املجتمع العربي. كتبه ،واليوم نقول هل نحن أقرب إلى تسامح ابن رشد أم إلى تعصب الذين كفروه؟ فالتسامح هوالفضيلة الغائبة عن معظم �أوال :احلوار بني الو�سطية والت�سامح األيدلوجيات التي بهرت مخيلة الشعوب ،فالتسامح في "لسان عندما يكون احلوار منتجا ال بد أن يتراوح بني التسامح العرب" البن منظور مشتق من "سمح" أي اجلود والعطاء عن والوسطية كل ذلك على محاور احلوار مع اآلخر الذي نختلف كرم وسخاء ،وتقول العرب"عليك باحلق فإن فيه ملسمحا" أي معه في االنتماء السياسي ,أواآلخ��ر ال��ذي نختلف معه في متسعا فالتسامح حق يتسع للمختلفني أوقل إنه استواء في الرأي الفقهي أوالعلمي أوالثقافي أواالجتماعي ..فلكي ندخل االختالف. إلى قلوب اآلخرين وإلى عقولهم ال بد أن تكون قلوبنا مفتوحة وإذا كان هذا هوالتسامح في اإلسالم فإن الوسطية هي ومم��ل��وءة باحلب والرحمة وال��ل�ين والشفافية ،وأم��ا القلوب املغلقة اململوءة بالقسوة فإنها ال متلك القدرة على أن تفتح الصورة البنائية لهذا التسامح ليكون احلوار نتاجا جيدا فإن عنى اإلسالم الوسطية من خصائص ه��ذه األم��ة وه��ي سبب خيريتها وال قلوب اآلخرين أوتفتح عقولهم ..ولذلك فقد ّ باحلوار اهتماما كبيرا ألن اإلسالم يرى بأن الطبيعة اإلنسانية تزال األمة بخير ما حافظت على هذه اخلاصية وهي متثل االع��ت��دال واالس��ت��ق��ام��ة ،ف��إذا خرجت ع��ن ال��وس��ط إل��ى أحد متيل بطبعها وفطرتها إلى احلوار. جانبيه ففرطت أوأفرطت فقد هلكت ،فإن التطرف مهلكة والتسامح من أهم صفات احلوار فالشريعة السمحة السهلة فالذي يفرط في حق الله ويقصر في القيام به متطرف ،كما هي شريعة احلياة ,فالتسامح ينصرف إل��ى احلياة الدنيا, أن الذي يتطرف إلى جهة الغلووالتشدد والتزمت يوجب ما والدين اإلسالمي جاء فيه النص صراحة على التسامح مع ليس بواجب ويحرم ما ليس مبحرم ويكفر املسلمني ويفسق أصحاب الشرائع األخرى السماوي منها وغير السماوي وقد الصاحلني ق��ال الله تعإلى{ َو َك �ذ َِل� َ �ك َج َع ْلن َُاك ْم ُأ َّم� ً�ة َو َس ًطا آمنُوا َوال َِّذينَ {إنَّ ال َِّذينَ َ جاء في اآلية 69من سورة املائدة ِ الر ُس ُ يدا َو َما ول َع َل ْي ُك ْم شَ ِه ً ِلت َُكونُوا ُش َه َدا َء َع َلى الن ِ َّاس َو َي ُكو َن َّ لآْ َ َّ آمنَ ِبالل ِه َوا ْل َي ْو ِم ا ِخ ِر َو َع ِمل َّصا َرى َم ْن َ الص ِابئُو َن َوالن َ َه ُادوا َو َّ الر ُس َ م ْن ول مِ َّ َج َع ْلنَا ال ِْق ْب َل َة ال َِّتي ُكنْتَ َع َل ْي َها ِإلاَّ ِلن َْع َل َم َم ْن َيتَّ ِب ُع َّ لاَ ٌ َ َصالحِ ً ا َف اَل خَ ْوف َعل ْي ِه ْم َو ُه ْم َي ْح َزنُونَ }. َي ْنق َِل ُب َع َلى َع ِق َب ْي ِه َو ِإ ْن َكان َْت َل َك ِبي َر ًة ِإلاَّ َع َلى ال َِّذينَ َه َدى ال َّلهُ َّاس َلَ��ر ُء ٌ يم إن كل الذين يؤمنون بالله ويعملون صاحلا ال يخشى من َو َما َكا َن ال َّلهُ ِل ُي ِضي َع ِإ َ وف َر ِح ٌ ميان َُك ْم ِإنَّ ال َّل َه ِبالن ِ اب است َِق ْم َك َما ُأ ِم� ْ�رتَ َو َم� ْ�ن َت َ أن يعذبوا في اآلخرة أوأن يحرموا من النعيم ،مما يعنى أن } (البقرة ،)143وقوله تعإلى( َف ْ اإلسالم يتجاوز في تسامحه طوائف املسلمني وفرقهم إلى بقية َم َع َك َولاَ َت ْط َغ ْوا ِإنَّهُ بمِ َ ا َت ْع َم ُلو َن َب ِصيرٌ }(هود )112وقوله الديانات والثقافات ,وكتب الكندي 260-185ه��ـ الفيلسوف سبحانه { َق ْد خَ ِس َر ال َِّذينَ َكذَّ ُبوا ِب ِلقَاءِ ال َّل ِه َحتَّى ِإ َذا َجا َءت ُْه ُم السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
27
اع ُة َبغْ ت ًَة َق��ا ُل��وا َي��ا َح ْس َر َتنَا َع َلى َم��ا َف َّر ْطنَا ِفي َها َو ُه ْم الس َ َّ لاَ َي ْح ِم ُلونَ أَ ْوزَا َر ُه� ْ�م َع َلى ُظ ُه ِور ِه ْم أَ َسا َء َما َي ِز ُرونَ} (اإلنعام: ) 31وقوله تعإلى{ َولاَ ُت ِط ْع َم ْن أَغْ َف ْلنَا َق ْل َبهُ َع ْن ِذ ْك ِرنَا َوا َّت َب َع ت َعلْ َه َوا ُه َو َكانَ أَ ْم ُر ُه ُف ُر ًطا} (الكهف ) 28 :وقوله تعإلى { َولاَ جَ ْ وما َي َد َك َمغْ ُلو َل ًة ِإ َلى ُعن ُِق َك َولاَ َت ْب ُس ْط َها ُك َّل ا ْل َب ْس ِط َفت َْق ُع َد َم ُل ً َم ْح ُسو ًرا} (اإلسراء )29 :وقوله تعإلى { َوال َِّذينَ ِإ َذا أَ ْنفَقُ وا َل ْم ُي ْس ِر ُفوا َو َل ْم َي ْقتُ ُروا َو َكا َن بَينْ َ َذ ِل َك َق َو ًاما } (الفرقان ،) 67 وقوله تعإلى {ا ْد ُعوا َر َّب ُك ْم َت َض ُّر ًعا َو ُخفْ َي ًة ِإنَّهُ لاَ ُي ِح ُّب المْ ُ ْعت َِدينَ �س� ِ�ار ُع��و َن ِفي {إ َّن� ُ�ه� ْ�م َك��ا ُن��وا ُي� َ } (األع����راف )55:وقوله تعإلى ِ الخْ َ ْي َر ِات َو َي ْد ُعو َننَا َر َغ ًبا َو َر َه ًبا} (األنبياء )90 :وقوله تعإلى اش َر ُبوا َولاَ { َيا َب ِني آ َد َم ُخذُ وا ِزي َنت َُك ْم ِع ْن َد ُك ِّل َم ْس ِج ٍد َو ُك ُلوا َو ْ ني } (األعراف.) 31 : ُت ْس ِر ُفوا ِإنَّهُ لاَ ُي ِح ُّب المْ ُ ْس ِر ِف َ يقول ابن تيمية “ املسلمون وسط في أنبياء الله ورسله وعباده الصاحلني لم يغلوفيهم وهم وسط في شرائع دين الله، ولقد أحسن من ق��ال :إذا خرج الشيء عن حده انقلب إلى ضده فالشجاعة إذا لم تضبط صارت تهورا ،واجلود إذا لم يضبط صار إسرافا ،والتواضع إذا لم يضبط صار ذلة ومهانة وخضوعا ،وخير األمور أوسطها كما قال احلسن البصري، وق���ال “ إن ل��ك��ل ش���يء ط��رف�ين ووس��ط��ا ف���إذا أم��س��ك بأحد الطرفني مال اآلخ��ر ،وإذا امسك بالوسط اعتدل الطرفان فعليكم بالوسط من األشياء”. القصد من وراء ذلك أن أضع بعض احلقائق التي ال بد وأن تكون هي األس��س والدعائم في أي ح��وار بني طرفني، والشباب ال بد وأن يدرك أن احلوار ال بد أن يؤدي إلى نتيجة أما احلوار الذي ال ينتج فهوحوار عقيم ال ميكن أن يؤدي إلى تقدم هذه األمة.
ثانيا� :أ�س�س احلوار مع الآخر هناك بديهية ال بد وأن نقف عندها ..هي بديهية أولية أن احلوار منهج وليس غاية ,هوميثل استراتيجية فهم ونظر من شأنها أن تساعد على إيجاد حلول للمشكالت والقضايا واملسائل املطروحة على الوجود العربي سواء ما تعلق منها باملذاهب والتيارات الفكرية املتمرسة أدبياتها ح��ول قراءة الدين والباحثة عن إيجاد تفسير للواقع والتاريخ في ضوء النص الديني ,وانطالقا من فقه النص الديني حيث يحل التواصل بدال من التصادم الذي ال ينتهي إلى نوع من اإلقصاء والتهميش أوالتصفيق ال��دم��وي ..ولكي نؤكد لشباب أمتنا الذين نرجتى منهم تقدم هذه األمة فإننا ال بد وأن نعرج على أساسيات وبديهيات أقرها اإلسالم متثل املؤن والذخيرة في احلوار مع اآلخر باعتبار أن هذه البديهيات هي األساس الذي يبنى عليه احلوار الناجع املفيد: )1احترام اإلنسانية وتكرمي البشرية: األساس األول الذي تقوم عليه العالقات اإلسالمية ضمانا 28
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
للسلم وإرساء لقواعده هواحترام اإلنسانية وتكرمي البشرية حيث اعتبر القرآن الكرمي اإلنسان خليفة في هذه األرض, وأن الله سواه ونفخ فيه من روحه ,ثم منحه العقل والتفكير وفضله كذلك ليستطيع إدراك حقائق هذا الكون وما فيه, ّ على كثير من خلقه ,وسخّ ر له عوالم كونه ,ثم هيأ له مبادئ الروابط السامية التي يرتفع بها عن دونية احليوانية ،وتدعوه إلى التعاون واحلوار مع بني جنسه في عمارة الكون وتدبير املصالح وتبادل املنافع (( )1اإلسالم عقيدة وشريعة الشيخ محمود شلتوت ).
وقد صرح القرآن الكرمي بهذا التكرمي اإلنساني في آيات كثيرة منها قول الله تعإلى { َو ِإ ْذ َق َ ال َر ُّب َك ِلل َْم اَل ِئ َك ِة ِإنِّي َج ِاع ٌل ت َع ُل ِفي َها َم ْن ُيفْ ِس ُد ِفي َها َو َي ْس ِف ُك ِفي الأْ َ ْر ِض خَ ِليف ًَة َقا ُلوا أَ جَ ْ ُس ِّب ُح ِب َح ْم ِد َك َو ُنق َِّد ُس َل َك َق َ ال ِإنِّي أَ ْع َل ُم َما ِّ الد َما َء َون َْحنُ ن َ َ لاَ َت ْع َل ُمونَ َو َع َّل َم آ َد َم الأْ ْس َما َء ُك َّل َها ُث َّم َع َر َض ُه ْم َع َلى المْ َ اَل ِئ َك ِة َفق َ ني َقا ُلوا ُس ْب َحان ََك ُوني ِبأَ ْس َماءِ َه ُؤلاَ ءِ ِإ ْن ُك ْنتُ ْم َص ِاد ِق َ َال أَن ِْبئ ِ َ لاَّ َ َ َ َ َ يم قال َيا آ َد ُم يم الحْ ِك ُ لاَ ِع ْل َم لنَا ِإ َما َع َّل ْم َتنَا ِإنَّك أنْتَ ا ْل َع ِل ُ أَن ِْب ْئ ُه ْم ِبأَ ْس َم ِائ ِه ْم َف َل َّما أَ ْن َبأَ ُه ْم ِبأَ ْس َم ِائ ِه ْم َق َ ال أَ َل ْم أَ ُقلْ َل ُك ْم الس َما َو ِات َوالأْ َ ْر ِض َوأَ ْع َل ُم َما ُت ْب ُدو َن َو َما ُك ْنتُ ْم ِإنِّي أَ ْع َل ُم َغ ْي َب َّ يس اس ُج ُدوا لآِ َد َم َف َس َج ُدوا ِإلاَّ ِإ ْب ِل َ َتكْ تُ ُمونَ َو ِإ ْذ ُق ْلنَا ِلل َْم اَل ِئ َك ِة ْ اس َتكْ َب َر َو َكا َن ِمنَ ا ْل َك ِاف ِرينَ } (البقرة .)34-30 أَ َبى َو ْ وقال سبحانه {ال َّلهُ ال َِّذي َس َّخ َر َل ُك ُم ا ْل َب ْح َر ِلت َْج ِر َي ا ْلفُ ل ُْك ِف ِيه ِبأَ ْم ِر ِه َو ِل َت ْبتَغُ وا ِم ْن َف ْض ِل ِه َو َل َع َّل ُك ْم َت ْش ُك ُرو َن َو َس َّخ َر َل ُك ْم َما ات يعا ِمنْهُ ِإنَّ ِفي َذ ِل َك لآَ َي ٍ الس َما َو ِات َو َما ِفي الأْ َ ْر ِض َج ِم ً ِفي َّ َ َكَّ ِل َق ْو ٍم َيتف ُرو َن } (اجلاثية .)13-12 وهذا التكرمي الذي دلت عليه اآليات القرآنية واألحاديث النبوية ال يختص بعنصر دون عنصر وال بجنس دون جنس، بل اجلميع في حق احلياة الكرمية سواء فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في أشهر خطبة في حجة الوداع “ إن الله قد أذهب عنكم نخوة اجلاهلية وتعظمها باآلباء واألجداد الناس آلدم وآدم من تراب ال فضل لعربي على أعجمي وال ألسود على أبيض إال بالتقوى”. فاألبيض واألسود على سواء إال بالتقوى ,ومما يروى في ذلك أن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عير آخر بسواد أمه فقال له :يا ابن السوداء ،فغضب النبي وقال لقد طفح الكيل لقد طفح الكيل ،ليس البن البيضاء على ابن السوداء فضل فال فرق بني دين ودين في تكرمي اإلنسان حيا أوميتا” رواه البخاري ومسلم.
ويروى أنه مرت جنازة يهودي فوقف لها النبي صلى الله عليه وسلم تكرميا فقال له بعض أصحابه انه يهودي فقال النبي أليست نفسا “ رواه مسلم . وإذا ك��ان اإلس�لام قد ك��رم اإلنسان من حيث هوإنسان، وآخي بني أجناس البشر باعتبارهم من أصل واحد .فإن ذلك يقتضي أن يعتبر اإلس�لام الناس جميعا أمة واح��دة ،وهوما
ق��رره الدين احلنيف حيث عد الناس جميعا وح��دة واحدة، اإلنسانية جتمعها واآلدمية فقد خلق الله الناس جميعا من نفس واحدة ،وخلق من هذه النفس زوجها وتوالد الناس من َّاس هذين األبوين الكرميني .يقول الله سبحانه { َيا أَ ُّي َها الن ُ اح َد ٍة َوخَ َلقَ ِم ْن َها َز ْو َج َها اتَّقُ وا َر َّب ُك ُم ال َِّذي خَ َلق َُك ْم ِم ْن َنفْ ٍس َو ِ يرا َو ِن َس ًاء َواتَّقُ وا ال َّل َه ال َِّذي َت َسا َء ُلونَ ِب ِه َو َب َّث ِمن ُْه َما ِر َجالاً َك ِث ً َوالأْ َ ْر َحا َم ِإنَّ ال َّل َه َكانَ َع َل ْي ُك ْم َر ِقي ًبا } (سورة النساء . )1: وم��ا ك��ان تقسيم األرض إل��ى شعوب وقبائل إال من أجل التعارف والتعاون ,وليس التباعد والتخاذل والتفاضل بينهم بالتقوى واألعمال الصاحلة ليعود اخلير على أفراد اإلنسانية وجماعتها ،فالله مالك اجلميع وخالقهم يرتب هذه اإلخوة ويرعاها ويطالب عباده جميعا بتقديرها ورعايتها ,واالعتراف َّاس بحقوقها والسير في حدودها ،يقول سبحانه { َيا أَ ُّي َها الن ُ ِإنَّا خَ َل ْقن َُاك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َو ُأ ْن َثى َو َج َع ْلن َُاك ْم ُش ُعو ًبا َو َق َب ِائ َل ِل َت َعا َر ُفوا ِإنَّ أَكْ َر َم ُك ْم ِع ْن َد ال َّل ِه أَ ْتق ُ ير } (سورة َاك ْم ِإنَّ ال َّل َه َع ِل ٌ يم خَ ِب ٌ احلجرات.)13 :
فالتفرقة اإلقليمية إذن” هي من أجل أن تستغل األرض في كل أجزائها ،ونفع ما يخرج كله عائد إلى اجلميع ومن أجل ذلك فقد حث القرآن الكرمي على السعي والضرب في األرض {ه َو ال َِّذي َج َع َل َل ُك ُم وليحصل كل إقليم على ما عند اآلخرين ُ الأْ َ ْر َ ام ُشوا ِفي َمن َِاك ِب َها َو ُك ُلوا ِم ْن ِر ْز ِق ِه َو ِإ َل ْي ِه النُّ ُشو ُر ض َذ ُلولاً َف ْ } (امللك.)15:
وليس اختالف األلوان إلى أبيض وأحمر ,واختالف األجناس إلى أري وحامي وسام سببا للتفرقة في املعاملة ،وإذا ما كانت ثمة لغات لبعض هذه العناصر ،فذلك بحكم البيئة ،وهي في مجموعها إليجاد التكافل اإلنساني في االنتفاع بهذه األرض التي جعل الله خليفة فيها مبقتضى التكوين ومبقتضى ما آتاه الله تعإلى من مواهب واستعدادات جتعل الكون مسخرا له. فاحترام اإلنسانية هومن األسس التي يقوم عليها احلوار في اإلسالم سواء كان هذا احلوار مع فرد أومع جماعة وأنه في الوقت الذي يشعر اإلنسان بالكرامة اإلنسانية تختفي روح النزاع ويختفي ما يذكره البعض من مبدأ التناحر على البقاء وإذا كان اإلسالم قد اعتبر الناس جميعا أمة واحدة وإنهم الذي جر العالم كله إلى املشاكل والويالت. في اإلنسانية على سواء فإنه في ذات الوقت أن االختالف )2املساواة التامة: بني الشعوب واألمم هواختالف عارض ,وأن منشأه اختالف لقد جاءت الشريعة اإلسالمية بنصوص صريحة واضحة األهواء واألغراض ,وأن الله تعإلى قد أرسل الرسل بالهداية تتعلق مببدأ املساواة ،فقررت املساواة على إطالقها في قيود ليحكم بأمر الله تعإلى في هذا االختالف وليبينوا لهم طريق وال استثناءات ،وإمنا مساواة تامة بني احلاكمني واحملكومني، الهداية فيسلكه من تغلب على هواه ويضل اآلخر ويشقى فقال ومساواة تامة بني الرؤساء واملرؤوسني ،ال فضل لرجل على اح َد ًة َف َب َعثَ ال َّلهُ الن َِّب ِّي َ َّاس ُأ َّم ًة َو ِ سبحانه { َكانَ الن ُ ني ُم َب ِّش ِرينَ رجل وال ألبيض على أسود وال لعربي على عجمي ..فالناس َو ُم� ْن� ِ�ذ ِري��نَ َوأَ ْن� �ز ََل َم َع ُه ُم ال ِْكت َ َاب ِب�الحْ َ ��قِّ ِل َي ْح ُك َم َب�ْي�نْ َ الن ِ َّاس م��ت��س��اوون على اخ��ت�لاف شعوبهم وقبائلهم ,م��ت��س��اوون في ُ لاَّ اخ َتلَفُ وا ِف ِيه َو َما ْ يما ْ ِف َ اخ َت َل َف ِف ِيه ِإ ال َِّذينَ أو ُتو ُه ِم ْن َب ْع ِد احلقوق ،متساوون في الواجبات ،متساوون في املسؤوليات، َ َ َّ ُ ا ُوا ن آم َّذ ل ا ل ال ى د ه ف م َه ن ي ب ا ي ب َات ن ي ب ل ا م ْه ت ء ا ج لمِ ْ َغْ ً َ ْ ُ ْ َ َ هُ ِ ينَ َ َما َ َ ُ ُ َ ِّ ترشحهم وحدة أصلهم إلى املساواة في حقوقهم وواجبا تهم ْ اخ َتلَفُ وا ِف ِيه ِمنَ الحْ َقِّ ِب ِإذ ِْن ِه َوال َّلهُ َي ْه ِدي َم ْن َي َش ُاء ِإ َلى ِص َر ٍ اط ومسؤولياتهم ..فالرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه “نبي” يم } (البقرة.) 213 : ُم ْست َِق ٍ ما كان ي ّدعي لنفسه قداسة وال امتيازا ،بل كان يقول دائما” ُ كما بني سبحانه وتعإلى أن اختالف اللغات واألل��وان ال اح ٌد َف َم ْن وحى ِإ َل َّي أَ مَّنَا ِإ َل ُه ُك ْم ِإ َلهٌ َو ِ {قلْ ِإ مَّنَا أَنَا َب َش ٌر ِم ْث ُل ُك ْم ُي َ ميانع من الوحدة اإلنسانية اجلامعة وال يتعارض مع األلفة َكانَ َي ْر ُج ِولقَا َء َر ِّب ِه َف ْل َي ْع َملْ َع َم اًل َصالحِ ً ا َولاَ ُي ْش ِر ْك ِب ِع َبا َد ِة َر ِّب ِه اآلدمية الواحدة ,بل إن هذا االختالف من سنن الله تعإلى في أَ َح ًدا} (الكهف ،) 110 :وهذا هوالرسول يخرج أثناء مرضه خلق اإلنسان ،إذ جعل فيه قوة يتكيف مبقتضاها مع بيئته ،ال��ذي م��ات فيه ب�ين الفضل ب��ن العباس وع��ل��ي ،حتى جلس ويتجاوب على أساسها مع مجتمعه ،وقد صرح القرآن الكرمي على املنبر ثم قال( أيها الناس من كنت جلدت له ظهرا فهذا بذلك إذ قرر أن اختالف األلسنة واأللوان من مظاهر قدرة ظهري فليستقد منه ،ومن أخذت له ماال فهذا مالي فليأخذ الله الغالبة في خلق اإلنسان وذلك في قوله تعإلى{ َو ِم ْن آ َي ِات ِه منه وال يخشى الشحناء من قبلي فإنها ليست من شأني ،أال إلي من أخذ مني حقا إن كان له وحللني فلقيت ربي الس َما َو ِات َوالأْ َ ْر ِض َو ْ خَ لْقُ َّ اخ ِت اَل ُف أَل ِْسن َِت ُك ْم َوأَ ْل َو ِان ُك ْم ِإنَّ ِفي إن أحبكم ّ ات ِل ْل َعالمِ ِني}(الروم.)22 : وأنا طيب النفس). َذ ِل َك لآَ َي ٍ وإذا كان اختالف الناس إلى شعوب وقبائل من أجل أن لقد جاء اإلسالم لينظم أمور اإلنسان ويبني عالقاته بربه يتعارفوا ف��إن ه��ذا التعارف يجعل كل فريق ينتفع بخير ما ونفسه وبني جنسه ويقرر املبادئ اخلاصة بحقوقه السياسية عند الفريق اآلخ��ر ,وتكون خيرات األرض كلها لقاطن هذه واالجتماعية واملدنية ،وأثبت لإلنسان حقوقا لم تبلغ إليها األرض وهواإلنسان ,فال يختص فريق بخير إقليمه ويحرم القوانني احلديثة ،واملبادئ التي قررها اإلسالم لصون كرامة منه غيره ,فإذا ما كانت األرض مختلفة فيما تنتجه فاإلنتاج اإلنسان وحقوقه ال تزال برونقها وصفائها حيث يقول عباس كله لإلنسانية كلها ,وخيرات األرض في النهاية عائدة إليها ،محمود العقاد " املساواة املثلي هي العدل الذي ال ظلم فيه وال سبيل لذلك إال بالتعاون والتعارف واحلوار بني بني البشر ،على أحد ولهذا لم يستطع فقهاء التعريفات أن يجعلوها السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
29
مساواة في الواجبات ،ألن املساواة في الواجبات مع اختالف القدرة ظلم أقبح من ذلك ألنه إجحاف يأباه العقل واجترار يحيق باملصلحة العامة كما يحيق مبصلحة كل فرد من ذوي احلقوق والواجبات"• الشيوعية واإلنسانية عباس العقاد
ويقول اإلمام أبواألعلى املودودي “ لم يعرض اإلسالم هذا املبدأ على الناس كمجرد نظرية أوفلسفة بل إنه أق��ام على أساسه مجتمعا حركيا س��اوى فيه جميع البالد واألجناس واألمم ومحا منه كل شائبة من شوائب التمييز العنصري أواللوني أوالقومي وقضى على كل ما فيه من فوارق اجتماعية وأس�ب��اب التفاضل ودواع��ي احتقار اإلن�س��ان لإلنسان ,وهذه املساواة ليست مساواة طبقية وال مساواة مصلحية بل هي مساواة إنسانية يتفجر منها عطاء غير محدود " طائفة من قضايا األمة اإلسالمية – أبواألعلى املودودي مكتبة الرياض ،83بل إن قمة املساواة ج��اءت عندما س��اوى الرسول صلى الله عليه وسلم مع يقينه بأنه على احلق مع الكفار في احلق والباطل "وإنا وإياكم لعلى هدى أوفي ضالل" بل يحرم نفسه وال يحرمهم مراعاة لالحترام " قل ال تسألون عما أجرمنا وال نسأل عما تعملون". )3احلرية الكاملة:
أما حرية االعتقاد فاإلسالم هوأول دين أباح حرية االعتقاد وعمل على صيانة هذه احلرية وحمايتها إلى آخر احلدود، وحني ق��ررت الشريعة حرية العقيدة لم تكتف بإعالن هذه احلرية بالقول بل خطت خطوات عملية حلمايتها وهي في سبيل ذلك اتخذت أحد طريقني:
األول��ى :ضرورة احترام اإلنسان حق غيره في اعتقاد ما يشاء وفي تركه يعمل طبقا لعقيدته ما يريد إذ ليس ألحد أن يكره أحدا على اعتناق عقيدة يراها أوترك أخرى يأباها { َو َل ْو َّاس شَ ا َء َر ُّب َك لآَ َمنَ َم ْن ِفي الأْ َ ْر ِض ُك ُّل ُه ْم َج ِم ً يعا أَ َفأَنْتَ ُتكْ ِر ُه الن َ ني } ( يونس ،)99:وقوله تعإلى{ َفذ َِّك ْر ِإ مَّنَا َحتَّ ى َي ُكونُوا ُمؤ ِْم ِن َ أَنْتَ ُم َذ ِّك ٌر َل ْستَ َع َل ْي ِه ْم بمِ ُ َص ْي ِط ٍر }(الغاشية. )22/21 :
الثانية :إجبار املسلم نفسه على أن يعمل على حماية عقيدته .وأما حرية القول فلقد أباحها اإلسالم وجعلها حقا لكل إنسان بل وجعل القول واجبا على اإلنسان في كل ما ميس األخالق الفاضلة واملصالح العامة والنظام العام. واحلرية تعني احلقوق ،واحل��ق في اللغة نقيض الباطل " أه��داف ومجاالت السلطة وأثرها على احلقوق واحلريات العامة – رسالة دكتوراه – طارق الزمر".
من املبادئ األساسية التي جاء بها اإلس�لام والتي ال بد )4اإلخاء: منها في احلياة برمتها هومبدأ احلرية .فقد أكد اإلسالم إن املتأمل في طبيعة خلق اإلنسان يالحظ أن الله فطره على “ احلرية” وقدرها في أروع مظاهرها وصورها حيث على األل��ف��ة واالج��ت��م��اع ف�لا تصلح ح��ي��اة اإلن��س��ان بالعيش قرر حرية التفكير وحرية االعتقاد وحرية القول وهي القواعد مبفرده ،وإمنا ال بد من الروابط التي تربط بينه وبني أفراد الثابتة في احلوار مع اآلخر وصوال إلى احلقيقة الثابتة .فأما املجتمع الذي يعيش فيه وبينه وبني سكان العالم :يؤكد ذلك حرية التفكير فلقد جاءت الشريعة اإلسالمية منذ اللحظة ابن خلدون فيقول” إن الله خلق اإلنسان وركبه على صورة ال األولى معلنة هذه احلرية جترد العقل من األوهام واخلرافات يصح حياتها وبقاؤها إال بالغذاء ،وهداه إلى التماسه بفطرته والتقاليد والعادات وداعية إلى نبذ ما ال يقبله العقل ،فهي ومبا ركب فيه من القدرة على حتصيله ،إال أن قدرة الواحد حتث على استعمال العقل في كل شيء فإن آمن به كان محل من البشر قاصرة على حتصيل حاجته من ذلك الغذاء غير إمي��ان ،وإن كفر به ك��ان محل ك��ف��ران ،وال تبيح له أن يقول موفية له مبادة حياته منه ،ولوفرضنا منه أقل ما ميكن فرضه مقاال أويفعل فعال إال بعد أن يفكر فيما يقول ويفعل ويعقله .وه��وق��وت ي��وم من احلنطة مثال فال يحصل إال بعالج كثير التشريع اجلنائي اإلسالمي – عبد القادر عودة" . من الطحن والعجن والطبخ ..وكل واحد من هذه األعمال والنصوص الواردة في القرآن والتي حتض على استعمال الثالثة يحتاج إلى مواعيد وآالت ال تتم إال بصناعات متعددة العقل وحترير الفكر أكثر من أن حتصى ،وهي رأس الفكر من ح��داد وجن��ار وف��اخ��وري ..ال��خ ويستحيل أن توفى بذلك {إنَّ ِفي كله ,بعضه قدرة الواحد ..فالبد من اجتماع القدر الكثير من التنويري الذي يجب أن نتمسك به منها قوله تعإلى ِ يد } (ق :أبناء جنسه ليحصل القوت له ولهم ،فيحصل بالتعاون قدر الس ْم َع َو ُه َو شَ ِه ٌ َذ ِل َك َل ِذكْ َرى لمِ َ ْن َكانَ َلهُ َقل ٌْب أَ ْو أَ ْلقَى َّ َ لأْ اب } (أل عمران :الكفاية من احلاجة ألكثر منهم بأضعاف " عبد الرحمن بن ،)37وقوله تعإلى { َو َما َيذَّ كَّ ُر ِإلاَّ ُأو ُلوا ْل َب ِ خلدون :املقدمة ص – 69دار الكتاب اللبناني". .)7 وقد جاء الرسول صلى الله عليه وسلم برسالة اإلسالم ونصوص القرآن السامية ترفض أن يلغي الناس عقولهم ويعطلوا تفكيرهم ويؤمنوا باخلرافات واألوه��ام ويصف من فوجد الناس في تقاطع وتدابر وعصبيات تقوم على رابطة كانوا على ه��ذه الشاكلة بأنهم األن��ع��ام بل هم أض��ل سبيال ال��دم والنسب كما وج��د أح��زاب��ا وش��ع��ارات زائفة ت��ؤدي إلى من األنعام ألنهم ال يحكمون عقولهم فيما يعملون أويقولون التعاسة ،فكان أن عمل على جتنب العالم من هذا الضياع بأن أويسمعون ،وألن العقل هوما ميز به اإلنسان على غيره من وضع مبدأ “ اإلخاء” الذي يربط بني الناس وأخيه اإلنسان أنواع املخلوقات فإذا ألغى عقله وعطل فكره كان كاألنعام بل مهما تباعدت الديار ..واألخ هواملشارك اآلخر في الوالدة بني الطرفني ،أوم��ن أحدهما ،أوم��ن الرضاع ويستعار لفظ األخ أضل سبيال. 30
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
في كل مشارك لغيره في الدين أوالقبيلة أوالصفة أواملودة واملعاملة” – من فقه الدعوة إلى الله – د.عبد احلليم محمود – دار الوفاء.
فيها ..ومعنى هذا أن االجتهاد مفتوح ،وجتديد الفكر والفقه هواالستجابة الطبيعية لتطور احلياة واملجتمع ،ولكل عصر ولكل مجتمع قضاياه ومشاكله ..وكان الفقهاء الكبار األوائل يدركون ذلك وتتعدد اجتهاداتهم دون أن يكفر أحدهم اآلخر، ولم يكن أحد منهم يدعوإلى اجلمود أوالتطرف أوالتشدد ،بل إن بعض الفقهاء أكد أن املصلحة مقدمة على عداها ،وأن الشرعية قبل الشريعة.
واإلسالم لم يعتبر في تكوين الدولة اإلسالمية اجلنسية أوالعنصرية وال التوطن في بلد معني ،كما ألقت األوضاع البشرية ل��ل��دول ،ولقد رأى أن ذل��ك حتديد وتضييق ينافي عامليته كدين سماوي أري��د به خير البشرية جميعا ،فسما عن هذه االعتبارات البدائية الشخصية ورفع درجة اجلماعة وال بد أن يراعي الفقه ظروف املسلمني اجلدد في الغرب اإلنسانية عن أن يكون احتادها وتعاونها راجعا إلى غير املبادئ واملثل العليا ،فرأى أن يوجد بني اجلميع بالفكرة التي حتاج والشرق ودرج��ة التحضر والتقدم في مجتمعاتهم والقضايا العقل عن إميان ورضا .وهواألمر الذي يؤكد أن احلوار مع واملشاكل التي يطلبون حكم اإلسالم فيها. اآلخر هوالطريق الذي أقام دعائمه وع ّبده الدين اإلسالمي، الفكر الذي يحتاجه املسلمون في هذا العصر هوالفكر ف��احل��وار ض��رورة ت��ؤدي بالضرورة إل��ى إص�لاح املجتمع بكل الذي يدفعهم إلى العمل واإلتقان والتفوق ،الفكر الذي يرفض مكوناته الثقافية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية. اآلراء واالدعاءات التي فرقت بني املسلمني وغرست اخلالفات )5االنفتاح على اآلخر " قبول اآلخر": والعداوات بينهم ..وهوالفكر الذي ال يحول األطماع واخلالفات ال شك أن تعدد اآلراء الفكرية واملعرفية هواخليار األفضل السياسية إلى خالفات دينية ،الفكر الذي ال ينفي اآلخر بل ألن��ه يتيح اخ��ت��ي��ار األف��ض��ل بعد ال��دراس��ة والتمحيص كما يدعوإلى ذلك القرآن الكرمي واملنهج النبوي القومي ،دون النظر يقبله ويقبل احلوار معه من أجل مصلحة األمة وشبابها. إلى ما نأخذ منه مادام معتمدا على أساس البحث السليم. وأن االنغالق حرمان النفس من إدراك احلقائق املفيدة وعدم التطور والبقاء على رأي قد يكون خاطئا وما ذلك إال جهل وال مباالة في اتخاذ موقف أورأي معني ..وهوما أدركه دعاة التنوير اإلسالمي ورواد التجديد في الفكر اإلسالمي الن اإلسالم ال يعادي احلداثة واحلضارة .فدعوة اإلسالم قائمة على احترام العقل وقبول االختالف في التفكير واالجتهاد والتسامح بني املختلفني في اجتهادهم واعتبار اختالفهم رحمة .
التو�صيات أوال :دعوة األنظمة العربية إلى فتح حوار مع النخب الثقافية والفكرية والشباب. ثانيا :الدعوة إلى تضمني املقررات الدراسية واملناهج التعليمية في املدارس واجلامعات ما يكرس روح احلوار وقبول اآلخر, مع الدعوة على أن تكون هناك م��ادة دراسية في كل صف دراس��ي من املرحلة اإلعدادية حتى اجلامعة حتت مسمى " احلوار وقبول اآلخر" .
هناك ح��وار مفتوح س��واء بني املسلمني واملسلمني أوبني املسلمني والغرب طاملا في ذلك مصلحة محققة للمسلمني وللمجتمع البشري قاطبة ،فال بد أن يكون لدينا حوار داخلي بني النخب وبعضهم البعض وبني احلكام العرب واملسلمني وشعوبهم وبني املثقفني العرب والغرب ،واألخذ مبا لدى الغرب ثالثا :قيام األنظمة العربية بإيجاد منافذ دميقراطية للشباب من قيم ميكن أن تضيف للشعوب العربية واإلسالمية. يفرغون فيها طاقاتهم وإل��غ��اء القيود ال���واردة على اللوائح )6العقل والتجديد: الطالبية في اجلامعات العربية . إعمال العقل واالجتهاد عمل بشري وض��رورة إسالمية وهذا ما طالب به الرسول صلى الله عليه وسلم حني سأل رابعا :عقد لقاءات مع أساتذة اجلامعات من مختلف األقطار معاذ بن جبل قبل أن يسافر إلى اليمن لإلفتاء :ماذا تفعل في العربية لوضع خطة متكاملة للحوار مع شباب اجلامعات. قضية لم جتد حكمها في كتاب الله؟ فأجاب معاذ :أرجع إلى سنة الرسول فإن لم أجدها أجتهد رأي وال آلو ،وهذا يعني أن خامسا :تشكيل هيئة عليا من علماء ومثقفني عرب لوضع هناك قضايا ستجد للفقيه ال يكون القرآن والسنة قد تعرضا مشروع تنويري واضح ينطلق من النسق احلضاري لإلسالم لها وي��ك��ون على املسلم الفقيه أن يستخدم العقل ليفصل يعلي قيمة العقل ويعيد له االحترام الواجب.
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
31
وسطيتنا
الغلووالتطرف يف الدين
�أ.د� .أحمد نوفل لقد أمر الله جل جالله عباده باالستقامة واالعتدال ،ونهاهم سبحانه عن الغلووالتطرف ،فاالستقامة مطلب أول من ربنا في القرآن ،وأنه إذا استقام اإلنسان على املنهج حاز على املنهج كله ،واالستقامة نوعان :استقامة سلوك دون االنحراف ميين ًا وشما ًال ،واستقامة على املنهج .واستقامة الفهم اعتبرها األهم من استقامة السلوك ،ألنَّ السلوك ما هوإال نبع من مخزون الفهم الذي هوأول ما نحرص على استقامته بال إفراط وال تفريط ،وال تشنج وال غلو. الغلوفي الدين يعتبر خطر ًا كبير ًا على األمة والدين ،ويؤدي إلى التهلكة ،وأنَّ الغلوال ينتهي إال بالتطرف ،وميكن أن تدفع األمة ثمن هذا الغلوبالنزعة إلى التطرف الذي سيأتي على األخضر واليابس على هذه األمة ،إن لم يتم تدارك األمور ،وكثير من املسلمني الذين غلوا في دينهم استباحوا الدماء ،فاإلسالم ال يوجد فيه غلو ،فالغلومرض فكري وثقافي ،وحمل الناس على مذهب معني يعتبر خطيئة ،وال يوجد في اإلسالم رهبانية. وإذا كنا نقرأ في كتابنا نهي أهل الكتب السابقة عن الغلو، أفال ننتبه نحن إلى أ َّنه ظاهرة يأباها الله وال يرضاها ال لهذه األمة وال ألمة من األمم السابقة ،ولذلك كرر القرآن مرتني: َاب لاَ تَ ْغلُوا ِفي دِ ي ِن ُك ْم } (النساء ،171 :واملائدة: { يَا أَ ْه َل الْكِ ت ِ .)77 وم��ن ص��ور الغلوواالنحراف نقل املعركة من معركة مع العدوإلى معركة بني فصائل اجلهاد ،معركة وقودها الشعب إن هذا العدوقد تسلل إلى أدق أماكننا بنعومة املدني األعزلَّ ، وت���درج ،فأحكم قبضته ،والتطرف والغلوسيحشد األعداء ويجند األجناد ضدنا. والوسطية في اإلسالم ليست توليفة أوتوافقية بني مذاهب وانتقاء منها ،وال هي املتوسط بني تطرفني أونقيضني ،وإمنا فكر أصيل وطبيعة عميقة في هذا الدين ،بل إنها هو ،ولوقلنا إن الدين هواليسر لقلنا حقاً وصدقاً (ونيسرك لليسرى)، َّ أن الوسطية هي البحبوحة والسعة (ونيسره لليسرى) .ولوقلنا َّ 32
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
والتيسير ،ونفي التشدد والتخلص من التطرف ،والبُعد عن الغلووالتنطع في الدين ،والتخفف من حرفية الفهم ومواربة العقل ،ومطابقة الفطرة ،والفطرة هي الدين فالوسطية هي الدين والفطرة ،وحسن التطبيق وحسن التعامل معهما ،إنها بحبوحة الطريق والتطبيق والفسحة التي تتسع لكل السالكني: السابقني وأصحاب اليمني وحتى الذين هم ألنفسهم يظلمون، أخ��ذاً بيدهم إلى التغيير والتحسني ،فالوسطية ممتدة في الزمن ،الغاية منها إصالح األرض التي هي املسجد الكبير لعبادة الله. إن مشروع النهوض ينبغي أن يكون شام ً ال للدين كله ولألمة َّ كلها ،وطاقات الفرد برمتها ،وعلى الصعد كلها :السياسية والعسكرية والثقافية واألدبية واالجتماعية ،وإن أُسيء فهمه وحكم عليه باألحكام اجلائرة ،كل ذلك ج ّره تخلفنا فكان لزاماً وجوب اخلروج من هذا التعطل احلضاري وبأسرع املستطاع. وقد عانت البشرية من الغلووالتطرف ما عانت ،والغلوليس
أن الداللة واضحة على حكراً على أحد وليس أحد من األمم منه مبنجاة ،فهومرض كتاب األدب املفرد .. )823 :وأظن َّ وإن ما أن ه��ذا النبي الكرمي ال يُريد أن يُسمى أحفاده بـ "حرب"، يصيب األمم كلها ،كما تصيب األمراض الناس جميعاًَّ ، َّ تعيشه األمة من ظرف استثنائي قد يوحي بفعل متطرف كحل وإمنا باسم يدل على اجلمال واللطف واحلسن فكان االسمان ملشكلتنا ،والعكس هوالصحيح. احلسن واحلسني. إ َّنه ال جناح للمشروع النهضوي إال مع الوسطية ،ونتساءل: كم من محاوالت للنهوض ،أواجلهاد أوطرد املستعمر ،انتهجت الغلووالتطرف فما حققت إال مزيداً من انتكاس األمة وجتذر املستعمر؟!
وأمتنا منذ قرنني وهي في انتكاس تعاني أزمات وويالت، فهل ثمة مشروع عقدت عليه العزم لتعاود نهضتها ،ويقظتها، وإفاقتها م��ن كبوتها أوغفلتها وغفوتها؟ أق��ول هناك شبه مشاريع ،ولكن كل مشاريع النهوض قومية ودينية وقطرية، لم حتقق املأمول حتى اآلن ،بل هي نفسها في عثرة أوقل مختصراً :فشلت في إجناز الهدف وحتقيق الغاية.
يُخطئون ويُصيبون ،يقتربون ويبتعدون ،يسددون ويتوسطون، يبددون ويتشددون.
فموضوع العنف في العالقة مع الداخل ،والذي أعني به كل مشاريع التمزيق واالقتتال والصراع الداخلي ،آن األوان أن وأن مثل هذه احلركات نتبرأ من كل هذه بال تردد وال جللجةَّ ، أرجعت املشروع اإلسالمي نصف قرن إلى الوراء ،وإن حسب عن لهم أنهم يقتربون صنعاً) ،ورمبا َّ أصحابها أ َّنهم (يُحسنون ُ ��إن مثل ه��ذه النظرات والعقليات ال من النصر والتمكني ،ف َّ تقود السفينة إال إلى االرتطام بالصخور ،ومعاذ الله أن يكتب النهوض إال على أيد تشربت رحمة اإلسالم وسماحته.
وإذا ما قيل إنَّ أوطاننا استعمرت ،وإنَّ ثرواتنا قد نُهبت ،وإنَّ حقوقنا قد ُغصبت ،وإنَّ مقدساتنا قد ُهددت هوقول صحيح وحق ،ومع كل هذا فإنَّ اجلراحة املطلوب منَّا إجراؤها ما هي ولهذا التعثر أوالفشل أسباب موضوعية داخلية وأسباب إال جزء من رحمتنا بهذه اإلنسانية. خ��ارج��ي��ة ،وأس��ب��اب ي��ش��ت��رك فيها ال��داخ��ل واخل�����ارج ،فأما أ َّما طبيعة اإلنسان فهوإن َمل َ َك القوة طغى ،هكذا حدثتنا الداخلية فكثيرة متنوعة مشتبكة ،ولعل من أسباب انتكاس آي��ات الوحي النازلة األول��ى من السماءَ { :ك�َّل�َّاّ ِإ ّ َن الإْ ِ ن َْسانَ م�ش��روع النهوض املنطلق م��ن ت �ص��ورات تنتمي إل��ى الرؤية وإن تَ َو ُه َم الدينية :تفشي ظواهر الغلووالتطرف والتعصب. اس َتغْ نَى } (سورة العلقَّ ،)7/6 : َل َي ْطغَى أَ ْن َرآَ ُه ْ القوة كفيل بالدفع للعدوان فكيف بتملكها على احلقيقة؟ أن بعض وال نبالغ ولسنا جنرح -معاذ الله -ولكن نذكر كيف َّ َ ِ {إنَّا َع َر ْضنَا الأْ َ َما َن َة َع َلى َّ الس َما َو ِات َوالأْ ْر ِض َوالجْ ِ َب ِال َفأَبَينْ َ املتكلمني في الفضائيات من مساجد لندن كانوا يعكسون عن َ َ ُ َ ً َ لإْ َ ا ا ه ل م ح و ا ه ن م َق ف ش أ و ا ه ن ل ْ م ح ي ن ا وم ل ظ ن ا ك ن إ ْس ن ِ انُ َ َ َ ْ ْ نَ ِ ْ َ َ َ َ َ ِ َ ِ َّهُ أَ ْ َ ْ اإلسالم صورة مشوهة منفرة ال متت إليه وال تنتمي جلماله، َج ُهو ًال}(سورة األحزاب ،)72 :الظلم إحدى آفات اإلنسان ،بل وليست الصورة في داخل العالم اإلسالمي بعيدة عن طروحات إحدى آفات احلياة. غالية تقابلها طروحات متفلتة .ومن التصورات التي شوهت الف ْرقة الناجية ،هذا التصور الذي ومنذ البدء كان سفك الدماءَ { :و َي ْس ِف ُك ِ ّ الد َماء} هكذا صورة اإلسالم الصافيةِ : قالت املالئكة واخلشية متلؤها وقد صدق حدسها ،فها ابن جعل كل مجموعة ال تبلغ حمولة ميكروباص تظن نفسها دون آدم يقتل أخ���اه ،ومل��ا مي��ض على نزولنا إل��ى األرض سنوات سائر األمة هي الفِ ْر َقة الناجية وكل ما تبقى من األمة هم من معدودات والبشر لكل نفر قارة. الهلكى واجلهنميني ،ومن عوامل عدم النجاح كذلك عدم وجود كما يجب علينا أن نُف ِّرق بني اجلهاد كفريضة وسياج يحمي خطاب ناضج مركز واع واضح يخاطب الواقع بال جللجة حول األمة وبني املمارسات التي هي فعل البشر واجتهادهم ،فهم املشتبهات.
وأي فن وعلم َّ إن تنزيل التنزيل على الواقع ف ٌن أصيلُّ ، يحتاج إلى دقة وتقوى ومراقبة خللجات النفس ومنعرجاتها، وإلى تف ّكر وتد ّبر ..فكم في النفس من دهاليز رمبا تنكسر فيها اآلراء وتنثني لتُرضي أه��واء داخلية رمب��ا ال تبدولغير املدقق املتعمق. وج��اء في احلديث النبوي الشريف َع�� ْن َعل ٍِّي رضي الله عنه َق��ا َل " :لمَ َّا ُو ِل� َد الحْ َ َسنُ َ ،جا َء َر ُس� ُ الله صلى الله عليه �ول ِ وسلمَ ،فق َ َال :أَ ُر ِوني ا ْب ِنيَ ،ما َس َّم ْيتُ ُمو ُه؟ ُقل ُْتَ :س َّم ْيتُ هُ َح ْر ًبا، َق� َ �الَ :بلْ ُه َو َح َس ٌنَ ،ف َل َّما ُو ِل� َد الحْ ُ َسينْ ُ َ ،ق� َ �ال :أَ ُر ِون��ي ا ْب ِنيَ ،ما َس َّم ْيتُ ُمو ُه؟ ُقل ُْتَ :س َّم ْيتُ هُ َح ْر ًباَ ،ق َ الَ :بلْ ُه َو ُح َسينْ ٌ َ ،ف َل َّما َو َل ْد ُت الثَّ ِالثَ َ ،جا َء الن َِّب ُّي صلى الله عليه وسلمَ ،فق َ َال :أَ ُر ِوني ا ْب ِني، َما َس َّم ْيتُ ُمو ُه؟ ُقلْت َُ :ح ْر ًباَ ،ق َ الَ :بلْ ُه َو ُم َح ِّس ٌن ( "...البُ َخارِ ي،
إن اإلسالم العظيم والقرآن الكرمي الذي جاء به جاء لتحرير َّ اإلنسانية من الشرك والظلم وال��ع��دوان ،وما جاء لإلرهاب وال لإلكراه ،وال نقول هذا بدافع ردة فعل ،ولكنها احلقيقة املوضوعية ،وما استعداد األمة املسلمة إال ألجل إقرار العدل والسلم العاملي ،فالسالم العاملي ،هومطمحنا وسعينا الدائب، وهل يوجد مثل دين اإلسالم دين سماحة وندى.
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
33
وسطيتنا
الوسطية واالعتدال يف النظام القانوني اإلسالمي
( التشريعات) الجزء األول املحامي مازن الفاعوري متهيد إن من أهم العوامل املؤثرة في تكامل املجتمعات وازدهار احلضارات ،االلتزام العملي بالعدالة ،ألن اخلروج عن جادة العدل ،واالنحياز إلى الظلم واجلور واالستبداد من أهم عوامل سقوط األمم وانهيار احلضارات. وإذا كانت الوسطية متثّل االعتدال والتوازن؛ فإنها كذلك تشريع قانوني جاء به اإلسالم حماية للفرد واملجتمع وهوالشدة بغير عنف ،ولني بغير ضعف .ولذلك أكد ولإلنسانية جمعاء .فالعدل اإلسالمي سلطان الله على األرض؛ ّ اإلسالم على املسلمني أن ال يعتدوا على أحد ،ودعا إلى احلرية والعدل واخلير والصالح والتعاون والشورى واملساواة، وإلى احترام الروح اإلنسانية في الفرد واجلماعة واألمة .واإلسالم ينظر إلى الناس أنهم أمة واحدة؛ ال يفرقها لون أوجنس أوأصل أووطن ،ولم يكره أحد ًا على اعتناق اإلسالم جبراً ،بل ترك لهم حرية االختيار بني اإلسالم والبقاء ٌ كل على دينه. الوسطية في اللغـة بناء صحيح يـدل على العدل واإلنصاف ،مذموم .والعدل الوسط مشتق من املعادلة بني شيئني؛ بحيث وأعدل الشيء أوسطه ووسطه .والوسط هوالعدل ،وهوالذي ال يقتضي شيئاً ثالثاً وسطاً؛ بني طرفني لذلك كان اسم الوسط مييل إلى أحد الطرفني من اخلصماء ،وإذا قيل رجل أوسطنا يستعمل في كالم العرب مرادفاً ملعنى العدل. نسباً ،فاملعنى أكثرهم فض ً ال كواسطة القالدة .وأص��ل هذا لقد ج��اءت الشريعة اإلسالمية بالعدل واإلح��س��ان في أن األتباع يحيطون بالرئيس فهو وسطهم وهم حوله ،وا ُ خللق استيفاء احلقوق وممارسة الواجبات ،وليس أدل على ذلك من الفاضل إمنا سمي وسطاً ليس ألنه خُ لق فاضل فحسب بل آية القصاص؛ التي ذكر فيها جزاء قتل النفس بغير حق؛ وهو ألنه متوسط بني طرفني هما اإلفراط والتفريط ،فالشجاعة من أعظم احلقوق وأبينها ،وجميع الدواعي متوفرة لإلساءة خُ لق بني اجلنب والتهور .قال :خير األمور أوسطها في في استيفائه ومع ذلك يأمر الله املؤمنني باملعروف في الطلب تفسير قوله تعإلى { َو َكذ َِل َك َج َع ْلن َُاك ْم ُأ َّم ًة َو َس ًطا } (البقرة :واإلحسان في األداء. .)143 إن ال��ق��رآن ال��ك��رمي ج��اء بنظام تشريعي ش��ام��ل؛ حتقيقاً إن ال��وس��ط ه��وال��ع��دل واخل��ي��ار ،وذل���ك أن ال��زي��ادة على املطلوب في األمر إفراط ،والنقص عنه تقصير وتفريط ،وكل من اإلف��راط والتفريط ميل عن اجل��ادة القومية ،وهما ش ٌر
34
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ألغراض العدالة واملساواة وحفظ احلقوق ،كما قرر التوفيق بني سلطة احلاكم وحرية احملكوم ،واحترام امللكية الفردية دون أن يكون ذل��ك سبي ً ال لالعتداء أوال��ت��ج��اوز على حقوق
اآلخ��ري��ن ،فمث ً ال دع��ا اإلس�ل�ام إل��ى القصاص حقناً للدماء وضماناً لسالمة املجتمع ،فمن استطاع أن يعفو فبها ونعمت، ولكن احلكم العادل الذي يتناسب مع واقع اإلنسان كما هو يفترض أن يكون هناك قصاص. والقرآن الكرمي يركز على قضية العدل ،وينهى عن الظلم واجل��ور أشد النهي ،ويكافح أسبابه املدمرة ،التي تقود إلى االنحطاط بكل الوسائل املناسبة ،ويجاهد بكل السبل إلنقاذ األمة من هذا املرض اخلطير الذي يهلك املجتمعات ويهدم احلضارات.
القدسي { :يا عبادي إني ح ّرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرم ًا فال تظاملوا} وأبواب السماء مفتوحة أمام اإلمام العادل وأمام املظلوم على حد سواء ،قال ( :ثالثة ال تر ّد دعوتهم :اإلمام العادل ،والصائم حتى يفطر ،ودعوة املظلوم) فالله سبحانه يجيب دعوته ،وينصف من يستغيث به ،ويدفع عنه مظلمته .بل أباح الله تبارك وتعإلى للمظلوم فوق ذلك الدعاء على الظالم والتشهير به وقول السوء في حقه حتى يرجع عن ظلمه ،مصداقاً لقول الله تعإلى{ لاَ ُي ِح ُّب ال َّلهُ السوءِ ِمنَ ا ْل َق ْو ِل ِإلاَّ َم ْن ُظ ِل َم } ( النساء.) 148 : الجْ َ ْه َر ِب ُّ لقد دعا اإلس�لام إلى عدالة اجتماعية شاملة ترسيخاً لفكرة العدل كمبدأ ،وتنمية لها كسلوك ألن العدل هو أهم الدعائم التي يقوم عليها كل مجتمع صالح .فاملجتمع الذي ال يقوم على أساس متني من العدل واإلنصاف،هومجتمع مهدد بالفساد مصيره الزوال والهالك.
نظرة شاملة وسريعة إلى القرآن الكرمي وعلومه توضح لنا بجالء أهمية العدالة ،فالعدل هدف التشريع اإللهي والرساالت السماوية الربانية ،واعتبر اإلس�لام العدل كالتوحيد متاماً، متتد ج��ذوره في كل ف��روع الدين وأصوله وكلياته وجزئياته "األخالقية واإلنسانية والسياسية واالجتماعية واحلقوقية والقضائية فردية كانت أوعائلية أواجتماعية فكما أن الدين ال وعلى ه��ذا ،ف��إن ع��دال��ة اإلس�ل�ام تتناول جميع مظاهر ينفك عن التوحيد فهو كذلك ال يحيى إال بروح العدل فكل شيء احلياة وج��وان��ب النشاط فيها ،فالظلم ض�� ّد العدل والعدل أقامه القرآن الكرمي أقامه على أساس العدل والقسط. اإلسالمي قاعدة سلوكية في األخ��وة والقول والعمل واألمر ولقد حذر اإلسالم من أمهات الرذائل أشد التحذير ،مثل :باملعروف والنهي عن املنكر ،وفي النساء وفي األقارب واألوالد والضعفاء حتى في اجلوارح فض ً ال عن العدل في االقتصاد القتل ،والسرقة ،والزنى ،والشذوذ اجلنسي ،وشرب اخلمر، وأكل الربا ،وأكل مال اليتيم ،وشهادة الزور ،والكذب والغيبة ،وفي الشهادة وفي احلكم الذي هو فرع من فروع املسؤولية، والنميمة ،واخليانة ،وس��وء الظن ،والغدر ،والشح ،والظلم ،أما احلكم فينبغي أن يقوم على أساس العدل املطلق .وهذا واعتبر هذه الرذائل من أكبر احملرمات عند الله ،وقد وردت يتحقق مبعرفة كل مسؤول ما له وما عليه. أحاديث كثيرة تبني هذا نذكر منها حديث احلسن بن بشر
حيث قال حدثنا احلكم بن عبد امللك عن قتادة عن احلسن -2العدل يف احلكم:
لقد أمر الله رسوله أن يحكم بالعدل ،كما أمر الله عن عمران بن حصني قال قال رسول الله :ما تقولون في الزنى وشرب اخلمر والسرقة قلنا الله ورسوله أعلم قال هن تعإلى َمن يأتي من بعد رسول الله من احلكام املسلمني أن َّاس أَ ْن الفواحش وفيهن العقوبة أال أنبئكم بأكبر الكبائر الشرك بالله يحكموا بالعدل بقوله سبحانهَ { :و ِإ َذا َح َك ْمتُ ْم بَينْ َ الن ِ ت ُك ُموا ِبا ْل َع ْد ِل} ( النساء.)58 : حَ ْ عز وجل وعقوق الوالدين وكان متكئا فاحتفز وقال والزور.
املطلب الأول :الت�شريع يف الإ�سالم �أو ًال :خ�صائ�ص الت�شريع الإ�سالمي: -1العدل يف الت�شريع: بحب أوبغض ،فال يفرق إن العدل في اإلس�لام ال يتأثر ّ َ بني مسلم وغير مسلم ،كما ال يفرق بني َح َسب ون َسب ،وال بني صاحب جاه ومال وبني فقير بل يتمتع بالعدل جميع املقيمني على أرض اإلسالم من املسلمني وغير املسلمني مهما كان بني هؤالء وأولئك من مودة أوشنآن. فالعدل ف��ي اإلس�ل�ام م��ي��زان الله على األرض ،ب��ه يؤخذ للضعيف حقه وينصف املظلوم مم��ن ظلمه ،وف��ي احلديث
واحل��ك��م بالعدل يعني احلكم مب��ا أن��زل الله تعإلى ،أي احل��ك��م مبقتضى ال��ق��رآن ال��ك��رمي وال��س��ن��ة النبوية .فهما: املصدران األساسيان للتشريع في اإلسالم وتفرعت عن هذين املصدرين مصادر متنوعة للتشريع في مذاهب أهل السنة، منها :اإلجماع والقياس فاإلجماع هوما أجمعت عليه األمة من األحكام للحديث النبوي الشريف ( :ما رآه املسلمون حسن ًا فهو عند الله حسن) ،وحلديث آخر( :ال جتتمع أمتي على ضاللة) والقياس هوإحلاق أمر بأمر لعلة مشتركة بينهما وقد أق ّر رسول الله القياس وامتدحه إذا صدر من أهله حني ال يجد للحادثة حكماً منصوصاً عليه في كتاب الله أو في سنة نبيه ،وذلك في قوله ملعاذ بن جبل ملا بعثه إلى اليمن: (كيف تصنع إن عرض لك قضاء) ؟ قال :أقضي مبا في كتاب الله تعإلى ،قال ( :فإن لم يكن في كتاب الله) ؟ قال :فبسنّة السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
35
رسول الله قال (:فإن لم يكن في سنة رسول الله )؟ قال ( :اجتهد رأيي وال آلو) أي :ال أقصر عن جهد فضرب رسول الله بيده صدر معاذ ثم قال ( :احلمد لله الذي وفق رسول رسول الله ملا يرضي رسول الله).
{ ِإنَّ ال َّل َه َي ْأ ُم ُر ِبا ْل َع ْد ِل َوالإْ ِ ْح َس ِان } (النحل.)90: { َو ُأ ِم ْر ُت لأِ َ ْع ِد َل َب ْين َُك ُم } (الشورى.)15:
ني { َفأَ ْص ِل ُحوا َب ْين َُه َما ِبا ْل َع ْد ِل َوأَقْ ِس ُطوا ِإنَّ ال َّل َه ُي ِح ُّب المْ ُ ْق ِس ِط َ } (احلجرات.)9:
إن هدف القرآن الكرمي في إقامة العدل والقسط ،ومنع ّ الظلم واجلور ال يتحقق إ ّال إذا كان العدل حاكماً في التشريعات ويحذر سبحانه وتعإلى من مغبة االنحراف عن جادة العدل والقوانني ،والقرآن ينص على هذه الكلية في قوله تعإلىُ {:قلْ كما في قوله : ّ ني ِل َّل ِه ُش َه َدا َء ِبال ِْق ْس ِط َولاَ { َيا أَ ُّي َها ال َِّذينَ آَ َمنُوا ُكونُوا َق َّو ِام َ أَ َم َر َر ِّبي ِبال ِْق ْس ِط }(األعراف.)29: لتَّق َوى اع ِد ُلوا ُه َو أَقْ َر ُب ِل ْ ويعقب بعض تشريعاته االقتصادية واالجتماعية واألسرية َي ْج ِر َمن َُّك ْم شَ َنآَنُ َق ْو ٍم َع َلى أَلاَّ َت ْع ِد ُلوا ْ ير بمِ َ ا َت ْع َم ُلونَ} (املائدة.)8: �ط ِع� � ْن� � َد ال َّل ِه} َواتَّقُ وا ال َّل َه ِإنَّ ال َّل َه خَ ِب ٌ �س � ُ واحل��ق��وق��ي��ة ب��ق��ول��ه ت��ع��إل��ىَ { :ذ ِل� � ُ�ك� � ْ�م أَقْ � َ (البقرة.)282: ني ِبال ِْق ْس ِط ُش َه َدا َء ِل َّل ِه َو َل ْو { َيا أَ ُّي َها ال َِّذينَ آَ َمنُوا ُكونُوا َق َّو ِام َ َ لأْ َ َ َ َ َ َ ويقرر الهدف من بعثة األنبياء القاعدة األساسية في احلركة َعلى أ ْنفُ ِس ُك ْم أ ِو ا ْل َو ِال َد ْي ِن َوا قْ َر ِب َ يرا فال َّلهُ ني ِإ ْن َي ُك ْن َغ ِن ًّيا أ ْو ف ِق ً َ االجتماعية التوحيدية في قوله تعإلىَ { :لق َْد أَر َس ْلنَا ُر ُس َلنَا أَ ْو َلى ِب ِه َما َف اَل َت َّت ِب ُعوا ا ْل َه َوى أَ ْن َت ْع ِد ُلوا َو ِإ ْن َتل ُْووا أ ْو ُت ْع ِر ُضوا ْ يرا } (النساء.)135: َّاس ِبال ِْق ْس ِط} َف ِإنَّ ال َّل َه َكا َن بمِ َ ا َت ْع َم ُلونَ خَ ِب ً َات َوأَ ْن َز ْلنَا َم َع ُه ُم ال ِْكت َ ِبا ْل َب ِّين ِ َاب َوالمْ ِيزَانَ ِل َيقُ و َم الن ُ (احلديد.)25: وميدح األمم التي أقامت العدل في حياتها واستقامت عليه كما في قوله تعإلى:
-3العدل يف التنفيذ :
إن وجود التشريع العادل ال يكفي وحده لبسط العدالة سياسياً ّ ً ً وإداريا وتنفيذيا ما لم ينبر له أئمة العدل املخلصون. ولهذا يهتم القرآن أيمّ ا اهتمام بالعدل والقسط في مرحلة التنفيذ فالعدالة من شروط القائد {لاَ َين ُ َال َع ْه ِدي َّ الظالمِ ِ نيَ} (البقرة.)124:
م ْن خَ َل ْقنَا ُأ َّم ٌة َي ْه ُدونَ ِبالحْ َقِّ } (األعراف.)181: { َو مِ َّ ويجعل عاقبة النجاح والفالح والنجاة لهذه األمم للقلوب الباحثة ع��ن احلقيقة ،على م��رأى م��ن ال��ت��اري��خ ،كما يرسم املصير املشؤوم لألمم الظاملة ،التي كتب لها الهالك والدمار، في آيات تهز السامع ،ليعتبر بها كل ذي قلب حي نابض ،يتطلع إلى املعرفة واالتعاظ كما في قوله سبحانه وتعإلى:
وال��ش��اه��د وال��ق��اض��ي { َي� ْ�ح� ُ�ك� ُ�م ِب� � ِ�ه َذ َوا َع�� � ْ�د ٍل ِم�� ْن� ُ�ك� ْ�م } { َو َلق َْد أَ ْه َلكْ نَا الْقُ ُرو َن ِم ْن َق ْب ِل ُك ْم لمَ َّا َظ َل ُموا َو َجا َءت ُْه ْم ُر ُس ُل ُه ْم (املائدة.)95: َات } وآيات أخر (يونس.)13: ِبا ْل َب ِّين ِ -4ال �ع��دل ف��ي ال �ش �ه��ادة { َوأَ ْش�� ِ�ه�� ُ�دوا َذ َو ْي َع� � ْ�د ٍل ِم � ْن� ُ�ك� ْ�م } ويضرب القرآن أروع األمثلة احملسوسة في صور متحركة (الطالق.)2: واضحة رائعة تبني مفهومي العدل والظلم بشكل محسوس العدل في كتابة العهود والعقود َ { :فل ُْي ْم ِللْ َو ِل ُّيهُ ِبا ْل َع ْد ِل } ملموس كما في قوله سبحانه وتعإلى: (البقرة.)282: { َو َض َر َب ال َّلهُ َم َث اًل َر ُج َلينْ ِ أَ َح ُد ُه َما أَ ْب َك ُم لاَ َي ْق ِد ُر َع َلى شَ ْيءٍ -5العدل في احلكم والقضاء في قوله تعإلى { َِإ َذا َح َك ْمتُ ْم َو ُه َو َك ٌّل َع َلى َم ْولاَ ُه أَ ْين ََما ُي َو ِّج ْههُ لاَ َي ْأ ِت ِبخَ ْي ٍر َهلْ َي ْست َِوي ُه َو يم }(النحل.)76: ت ُك ُموا ِبا ْل َع ْد ِل } (النساء.)58: َو َم ْن َي ْأ ُم ُر ِبا ْل َع ْد ِل َو ُه َو َع َلى ِص َر ٍ َّاس أَ ْن حَ ْ اط ُم ْست َِق ٍ بَينْ َ الن ِ إن الله سبحانه وتعإلى مبدع الوجود وخالق الكون املدبر املوحدة املتنازعةَ { :فأَ ْص ِل ُحوا -6العدل في الصلح بني الفئات ّ احلكيم .قائم بالعدل كما في قوله تبارك وتعإلى: َب ْين َُه َما ِبا ْل َع ْد ِل } (احلجرات.)9: يورد القرآن الكرمي العديد من اآليات التي حتث على العدل { شَ ِه َد ال َّلهُ أَ َّن ُ��ه لاَ ِإ َل � َه ِإلاَّ ُه� َو َوالمْ َ�َل�اَ ِئ� َك� ُ�ة َو ُأو ُل��وا ْل� ِ�ع� ْل� ِ�م َق ِائ ًما يم }(آل عمران.)17: ال فرق في ذلك بني مؤمن وكافر أومسلم وغيره .ومن أمثلة ِبال ِْق ْس ِط لاَ ِإ َل َه ِإلاَّ ُه َو ا ْل َع ِزيزُ الحْ َ ِك ُ ذلك ما يأتي: والقرآن يدعو املوحدين لنبذ ميزان الطغيان وإقامة ميزان َات ِإ َلى أَ ْه ِل َها َو ِإ َذا َح َك ْمتُ ْم العدل الذي هوميزان اخلالق في خلقه كما في قوله سبحانه ِ { إنَّ ال َّل َه َي ْأ ُم ُر ُك ْم أَ ْن ُت َؤ ُّدوا الأْ َ َمان ِ وتعإلى. ت ُك ُموا ِبا ْل َع ْد ِل } (النساء.)58: َّاس أَ ْن حَ ْ بَينْ َ الن ِ يموا الس َما َء َر َف َع َها َو َو َض َع المْ ِيزَانَ أَلاَّ َت ْط َغ ْوا ِفي المْ ِيز َِان َوأَ ِق ُ { َولاَ َي ْج ِر َمن َُّك ْم شَ َنآَنُ َق ْو ٍم َع َلى أَلاَّ َت ْع ِد ُلوا ْ اع ِد ُلوا ُه َو أَقْ َر ُب { َو َّ ِللت َّْق َوى } (املائدة.)8: ا ْل َو ْزنَ ِبال ِْق ْس ِط َولاَ ُت ْخ ِس ُروا المْ ِيزَانَ } (الرحمن.)9/7: 36
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ويدعوهم إلى التفكر في خلق السماوات واألرض باحلق َ { - والمْ ُ ُ اه ُدوا }(البقرة.)177: وفو َن ِب َع ْه ِد ِه ْم ِإ َذا َع َ املالزم للعدل كما في قوله سبحانه وتعإلى: { َو ِب َع ْه ِد ال َّل ِه أَ ْو ُفوا} (األنعام.)152:الس َما َو ِات َوالأْ َ ْر َ َ{ َو َل ْم َي َتفَكَّ ُروا ِفي أَ ْنفُ ِس ِه ْم َما خَ َلقَ ال َّلهُ َّ ت َولاَ َت ْنقُ ُضوا الأْ َيمْ َ ��انَ َب ْع َد اه ْد مُ ْ ض َو َما َ { -وأَ ْو ُف��وا ِب َع ْه ِد ال َّل ِه ِإ َذا َع َ َب ْين َُه َما ِإلاَّ ِبالحْ َقِّ } (الروم.)8: يد َها َو َق ْد َج َعلْتُ ُم ال َّل َه َع َل ْي ُك ْم َك ِف اً يل } (النحل.)91: َت ْو ِك ِ وينفي الظلم بكل أشكاله ومستوياته عن ساحة القدس َ { -وأَ ْو ُفوا ِبا ْل َع ْه ِد ِإنَّ ا ْل َع ْه َد َكا َن َم ْسئُول} (اإلسراء.)34: ال�� ّرب��ان��ي وإمن��ا هلكت األمم وحلقها ال��دم��ار نتيجة ر ّد فعل طبيعي ألفعالها وظلمها وفقاً لسنة الله التي ال تقبل التغيير َ { -وال َِّذينَ ُه ْم لأِ َ َمان َِات ِه ْم َو َع ْه ِد ِه ْم َر ُاعونَ } (املؤمنون.)8: ه��ذا أم��ر م��ن ال��ل��ه تعإلى لعباده امل��ؤم��ن�ين ،مب��ا يقتضيه وليس الله بظالم للعبيد كما في قوله سبحانه وتعإلى. اصبا َو ِمن ُْهم اإلميان بالوفاء بالعقود :أي بإكمالها ،وامتامها ،وعدم نقضهِ ا { َف ُك اًّل أَخَ ذْ نَا ِب َذن ِْب ِه َف ِمن ُْه ْم َم ْن أَ ْر َس ْلنَا َع َل ْي ِه َح ِ ً ْ ض َو ِمن ُْهم َم ْن ونقِ صها وهذا شامل للعقود ،التي بني العبد وربه من التزام الص ْي َح ُة َو ِمن ُْه ْم َم ْن خَ َسفْ نَا ِب ِه الأْ َ ْر َ َم ْن أَخَ َذتْهُ َّ ْ أَغْ َرقْ نَا َو َما َكا َن ال َّلهُ ِل َي ْظ ِل َم ُهم َو َل ِك ْن َكانُوا أَ ْنفُ َس ُهم َي ْظ ِل ُمونَ } عبوديته ،والقيام بها أمت قيام ،وعدم اإلنقاص من حقوقها ْ ْ شيئاً ،والتي بينه وبني الرسول بطاعته واتباعه ،والتي (العنكبوت.)40: بينه وبني الوالدين واألقارب ،ببرهم ووصلهم ،وعدم قطيعته مظاهر االعتدال يف الت�شريع الإ�سالمي : من التي بينه وبني أصحابه املتقني من القيام بحقوق الصحبة أ -شمولية نصوص القرآن :في شرح التشريع اإلسالمي في الغني والفقر ،واليسر والعسر ،والتي بينه وبني اخللق من فإن اتساع املفاهيم يعني استيعاب جميع اجلزئيات التي ترجع عقود املعامالت كالبيع واإلج��ارة ،ونحوها .وعقود التبرعات بدورها إلى الكليات؛ في عمومية املعنى املقصود .فالنصوص كالهبة ونحوها ،والقيام بحقوق املسلمني ،التي عقدها الله ً القرآنية لم تترك كبيرة وال صغيرة إال وأملت بها أصال كانت سبحانه وتعإلى بينهم ،بل التناصر على احلق ،والتعاون عليه، أم فرعاً. والتآلف بني املسلمني ،وعدم التقاطع ،فهذا أمر شامل ألصول ب -شمولية مقاصد الشريعة الدنيوية واألخروية :فهي تذهب الدين وفروعه ،فكلها داخلة في العقود التي أمر الله القيام نحوالتوزان والتكامل سواء للفرد أم للجماعة . بها . ج -تفصيل احمللل واحمل ّرم :ومعنى ذلك إطالق املباح. أما بالنسبة إلثبات الدين ورمب��ا انعقاده أيضا ،وهو ما د -االجتهاد في تأويل النص :ملا هو مباح وحسب مقتضى يسمى في القوانني احلديثة بعقد القرض ،جنتزئ األحكام الشريعة دون اخلروج عن املقصد الكلي وبعيداً عن التعصب اآلتية الواردة في اآلية الكرمية ( )282من سورة البقرة: املنافي واجلمود املناقض بني احلكم واالجتهاد اجلزئي مع َ { - يا أَ ُّي َها ال َِّذينَ آَ َمنُوا ِإ َذا َت َدا َي ْنتُ ْم ِب َد ْي ٍن ِإ َلى أَ َج ٍل ُم َس ًّمى األصل الكلي في الشريعة ألن في ذلك هدما للحكم الشرعي َفاكْ تُ ُبو ُه } الصحيح فاالجتهاد والفتوى مسموحة في كل عصر ملواجهة { َو ْل َيكْ تُ ْب َب ْين َُك ْم َك ِات ٌب ِبا ْل َع ْد ِل }.األحداث . َ { -ول ُْي ْم ِل ِل ال َِّذي َع َل ْي ِه الحْ َ ُّق } .
�أمثلة على الأحكام القانونية يف ال�شريعة :
است َْش ِه ُدوا شَ ِهي َد ْي ِن ِم ْن ِر َج ِال ُك ْم }. َ {-و ْ
ورد في الشريعة اإلسالمية مبصادرها املختلفة ،من كتاب م ْن َت ْر َض ْونَ ِمنَ ام َرأَ َت ِان مِ َّ وسنة وإجماع واجتهاد فردي ،العديد من األحكام لبيان الرأي َ { -ف ِإ ْن َل ْم َي ُكونَا َر ُج َلينْ ِ َف َر ُج ٌل َو ْ ُّ اه َما الأْ ُ ْخ َرى }. اه َما َفتُ ذ َِّك َر ِإ ْح َد ُ الش َهدَاءِ أَ ْن َت ِض َّل ِإ ْح َد ُ واحلكم الشرعي في املشاكل العملية التي كانت تواجه أو ميكن أن تواجه املجتمع في يوم من األيام ونشير فيما يأتي - وفيما يتعلق بامليراث ،جاء في اآلية الكرمية ( )58من سورة لبعض األمثلة من القرآن الكرمي على ذلك. النساء ما يلي: أ -الوفاء بالعقود: َات ِإ َلى أَ ْه ِل َها َو ِإ َذا َح َك ْمتُ ْم { ِإنَّ ال َّل َه َي ْأ ُم ُر ُك ْم أَ ْن ُت َؤ ُّدوا الأْ َ َمان ِت ُك ُموا ِبا ْل َع ْد ِل ِإنَّ ال َّل َه ِن ِع َّما َي ِع ُظ ُك ْم ِب��ه } َّاس أَ ْن حَ ْ بالنسبة للعقود والعهد عموماً ،فرض الله سبحانه وتعإلى َب�َْي�نْ الن ِ ال��وف��اء بهما كما يتضح من كثير من اآلي��ات ومثال ذل��ك ما (النساء .)58: يلي: ن ِب��ا ْل� ِ�ق� ْ�س� ِ�ط } { َي ��ا أَ ُّي� � َه ��ا ا َّل � ِ�ذي ��نَ آَ َم� � ُن ��وا ُك ��و ُن ��وا َق � َّ�و ِام�ي� َود } (املائدة.)1: (النساء.)135: َ { - يا أَ ُّي َها ال َِّذينَ آَ َمنُوا أَ ْو ُفوا ِبال ُْعقُ ِ السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
37
ب_ اليسر أوالتيسير: { ِإ ْن ُت ْب ُدوا خَ ْي ًرا أَ ْو ُت ْخفُ و ُه أَ ْو َت ْعفُ وا َع ْن ُسوءٍ َف ِإنَّ ال َّل َه َكانَيرا} (النساء.)149: كما ي��ورد القرآن الكرمي آي��ات عديدة حتث على اليسر َعفُ ًّوا َق ِد ً والتيسير على الناس ،ومن ذلك قوله سبحانه وتعإلى: الس َع ِة أَ ْن ُي ْؤ ُتوا ُأ ِولي الْقُ ْر َبى { َولاَ َي ْأ َت ِل ُأو ُلوا ْلف َْض ِل ِمن ُْك ْم َو َّ َ ُيل ال َّل ِه َو ْل َي ْعفُ وا َو ْل َي ْصف َُحوا أَلاَ {ي�� ِ�ري�� ُ�د ال� � َّل ��هُ ِب � ُ�ك � ُ�م ا ْل � ُ�ي � ْ�س� � َر َولاَ ُي � ِ�ري � ُ�د ِب � ُ�ك � ُ�م ال ُْع ْسر} َوالمْ َ َس ِاك َ اج ِرينَ ِفي َس ِب ِ ني َوالمْ ُ َه ِ (البقرة.)185: يم } (النور.)22: حُ ِ ور َر ِح ٌ ت ُّبونَ أَ ْن َيغْ ِف َر ال َّلهُ َل ُك ْم َوال َّلهُ َغفُ ٌ اها َس َي ْج َع ُل ال َّلهُ َب ْع َد ُع ْس ٍر { لاَ ُي َك ِّل ُف ال َّلهُ َنفْ ًسا ِإلاَّ َما آَ َت َاص � � َف�� ُ�ح���وا َح ��تَّ ��ى َي � � ْأ ِت� � َ�ي ال� � َّل ��هُ ِب� � �أَ ْم � � ِ�ر ِه } { ف��اع �ف��وا َو ُْي ْس ًرا }(الطالق.)7: (البقرة.)109: { َو ُن َي ِّس ُر َك ِلل ُْي ْس َرى } (األعلى.)8:َ َ َ َ �اَ ُ �س � � ْوف َي � ْ�ع� �ل � ُ�م ��ونَ } �اص� � َف � ْ�ح َع� � ْن � ُ�ه � ْ�م َوق� � ��لْ َس� �َل� ٌم ف� � َ { َف� � � ِ�إنَّ َم � � َع ا ْل � ُ�ع � ْ�س � ِ�ر ُي� � ْ�س� � ً�را ِإنَّ َم � � َع ا ْل � ُ�ع � ْ�س � ِ�ر ُي�� ْ�س�� ً�را } {-ف � ْ(الزخرف.)89: (االنشراح.)6/5: ج-التسامح والعفو:
اس َتغْ ِف ْر َل ُه ْم } (آل عمران.)159: { َف ْاع ُف َعن ُْه ْم َو ْ
قال الله تعإلى { َف َم ْن ُع ِف َي َلهُ ِم ْن أَ ِخ ِيه شَ ْي ٌء َفا ِّت َب ٌاع ِبالمْ َ ْع ُر ِ وف د -املساواة : َوأَ َد ٌاء ِإ َل ْي ِه ِب ِإ ْح َس ٍان َذ ِل َك َت ْخ ِف ٌ يف ِم ْن َر ِّب ُك ْم َو َر ْح َم ٌة }(البقرة: يتضح من القرآن الكرمي أن الناس كلهم خلقوا من نفس )178ف��إذا كان الله تعإلى؛ يطالب ولي املقتول ال��ذي رضي بالدية ,ب��أن يطلبها باملعروف ويطالب القاتل ب��أداء الدية واح���دة ،وإنهم متساوون في اإلنسانية ال ف��رق بني شخص بإحسان إلى ولي الدم فكيف باحلقوق والواجبات التي دون وآخر ،مؤمنآ كان أم كافرآ ،ذكرآ كان أم أنثى إال مبقدار عمله ذلك ،فض ً ال عن املباحات واملشروعات. وإنتاجه .ومن األمثلة على ذلك قوله سبحانه وتعإلى:
اح َد ٍة َّاس اتَّقُ وا َر َّب ُك ُم ال َِّذي خَ َلق َُك ْم ِم ْن َنفْ ٍس َو ِ ومن هذا الهدي القرآني الكرمي يتضح لنا أن من يتعسفون َ {-يا أَ ُّي َها الن ُ في استعمال احلق اجلائز له ويحملون اآلخرين تبعات ذلك يرا َو ِن َس ًاء }(النساء َوخَ َلقَ ِم ْن َها َز ْو َج َها َو َب َّث ِمن ُْه َما ِر َجالاً َك ِث ً أنهم مخطئون من حيث ظنوا أنهم مصيبون. .)1: وال بد من اإلشارة إلى أن عمر بن اخلطاب لم يقم احلدود َ َ ُ َ َ اح َد ٍة }(األنعام .)98: و س ن ن م م ك أ ْش ن أ ي َّذ ل ا و ه و { َُ َ ِ ْ ِ ْ فْ ٍ َ ِ على الناس في عام الرمادة حيث أنه عام قحط فمن سولت له اح َد ٍة َو َج َع َل ِم ْن َها َز ْو َج َها } نفسه بالسرقة فقد كان له ما يبرره وقد عفا عمر عمن ارتكب ُ { -ه َو ال َِّذي خَ َلق َُك ْم ِم ْن َنفْ ٍس َو ِ معصية فيها ح ٌد من احل��دود اإلسالمية وخصوصاً حوادث (األعراف.)189: السرقات ،ومن أمثلة ذلك في القرآن الكرمي ما يأتي: اح َد ٍة َّاس اتَّقُ وا َر َّب ُك ُم ال َِّذي خَ َلق َُك ْم ِم ْن َنفْ ٍس َو ِ ين } َ { -يا أَ ُّي َها الن ُ �اه� ِ�ل� َ ُ { - خ� ِ�ذ ا ْل� َع��فْ � َو َوأ ُْم � ْ�ر ِب��ا ْل� ُ�ع� ْ�ر ِف َوأَ ْع� � ِ�ر ْ ض َع� ِ�ن الجْ َ � ِ َوخَ َلقَ ِم ْن َها َز ْو َج َها } (احلجرات.)13: (األعراف.)199: { َو ِإ َذا خَ ََاه ْم اط َب ُه ُم الجْ َ ِاه ُلونَ َقا ُلوا َس اَل ًما }(الفرقان.)63: َاه ْم ِفي ا ْل َب ِّر َوا ْل َب ْح ِر َو َرزَقْ ن ُ { َو َلق َْد َك َّر ْمنَا َب ِني آَ َد َم َو َح َم ْلن ُم ْن خَ َل ْقنَا َتفْ ِض اً { ِإلاَّ أَ ْن َي ْعفُ ونَ أَ ْو َي ْعفُ َو ال َِّذي ِب َي ِد ِه ُع ْق َد ُة ال ِّن َكاح َوأَ ْن َت ْعفُ وا ِمنَ َّيل } الط ِّي َب ِات َو َف َّض ْلن ُ َاه ْم َع َلى َك ِث ٍير مِ َّ ِ أَقْ َر ُب ِللتَّ ْق َوى } (البقرة.)237/ (اإلسراء.)70:
38
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
وسطيتنا
ضرورات الحوار مع اآلخر د .عبد الرحمن �سعود �إبداح وزارة الأوقاف وال�ش�ؤون واملقد�سات الإ�سالمية /الأردن ال يخفى على ذي بصر تنامي اإلح�س��اس بأهمية هذا املوضوع على مستوى عاملي بسبب االنفتاح احلضاري الذي أتاحته وسائل االتصال احلديثة ,وضرورات التبادل الثقافي التي تقتضي حتديد مساحة مشتركة للحوار اإلنساني تقوم على االع �ت��راف ب��اآلخ��ر ليس إللغائه ولكن للتواصل معه واالستفادة منه .ومما يؤسف له أن بعض أطراف احلوار في بحثها عن ال��ذات الجتد ذاتها إال من خالل اإلس��اءة لآلخر ومحاولة إقصائه وتشويه صورته ,أما نحن معشر املسلمني فإن االعتراف باآلخر وكرامته واحترامه وحماية حقه جزء م��ن عقيدتنا ودي�ن�ن��ا ،ويستفاد م��ن نصوص قرآنية كرمية أن احلوار مع اآلخر ليس مطلوب ًا فحسب ،ولكننا مطالبون بالدعوة إليه واحلث عليه ،يقول املولى سبحانه وتعإلى: {اذ َْه َبا ِإ َلى ِف ْر َع ْونَ ِإنَّهُ َطغَى َفقُ ولاَ َلهُ َق ْولاً َل ِّينًا َل َع َّلهُ َي َتذَكَّ ُر أَ ْو َي ْخ َشى} (طه)44 -43 :
اإلسالم من خالل معاملة املسلمني ألهل الكتاب ،حيث سمحت الشريعة مبصاهرتهم {ا ْل � َي � ْو َم ُأ ِح� َّ�ل َل ُك ُم َّ الط ِّي َب ُ ات َو َط َع ُام ام ُك ْم ِح ٌّل َل ُه ْم َو مْحُ ْصن ُ َات َاب ِح ٌّل َل ُك ْم َو َط َع ُ ال َِّذينَ ُأو ُتوا ال ِْكت َ ال َ َات َو مْحُ ْصن ُ َاب ِم ْن َق ْب ِل ُك ْم َات ِمنَ ال َِّذينَ ُأو ُتوا ال ِْكت َ ِمنَ المْ ُؤ ِْمن ِ ال َ ني َولاَ ُمتَّ ِخ ِذي ني َغ ْي َر ُم َس ِاف ِح َ وه َّن ُأ ُجو َر ُه َّن ُم ْح ِص ِن َ ِإ َذا آ َت ْيتُ ُم ُ مي ِان َفق َْد َح ِب َط َع َم ُلهُ َو ُه َو ِفي الآْ ِخ َر ِة أَ ْخ َد ٍان َو َم ْن َيكْ فُ ْر ِبالإْ ِ َ اس ِرينَ } (املائ ــدة )5:وأك ــل طعامهم { َو َط َع ُام ال َِّذينَ ِمنَ الخْ َ ِ ام ُك ْم ِح ٌّل َل ُه ْم} (املائدة )5:وتأمني َاب ِح ٌّل َل ُك ْم َو َط َع ُ ُأو ُتوا ال ِْكت َ حمايتهم في أبدانهم وأعراضهم ،ونستذكر في هذا الباب موقف ابن تيمية رحمه الله في وجه التتار حينما أرادوا إطالق سراح أسرى املسلمني فلم يرض إال بافتكاك أسرى النصارى، حيث قال (وإنهم أهل ذمتنا والندع أسيرا من أهل الذمة وال من أهل املال ) .وهذا كله من شأنه أن يوفر أرضية للحوار تقوم على حسن الظن باآلخر وتقبله ،ويشير إلى أنك ال تقابله مبقررات مسبقة ،أوأن حتمله أخطاء غيره عبر التاريخ .
هذا االعتراف غير املسبوق ،وغير احمللوق باآلخر يتحول في احلياة اإلسالمية إلى ممارسة واقعية ،تنطلق من كرامة ً احلوار لغة وا�صطالح ًا العنصر اإلنساني ووحدة اجلنس البشري ،كما بدا ذلك واضحا احل��وار لغة :نقول ح��اوره م��ح��اورة وح���واراً أي جاوبه , في الدولة اإلسالمية التي ساس بنيانها الرسول الكرمي محمد صلى الله عليه وسلم ،حيث أنها لم تلغ التعددية والتنوع ،بل وحت��اوروا :أي تراجعوا الكالم بينهم ,واحل��ور هوالرجوع، وسعت الفارسي واحلبشي والرومي ،متاماً مثلما ضمت القرشي واحلوار حديث يجري بني شخصني. دون أن يرى أحد لنفسه ميزة على اآلخر إال بالتقوى. احلوار اصطالح ًا :حديث يجري بني طرفني ،يسوق لكل واستطاعت نظرية احلوار في اإلسالم أن تؤالف كبار العتاة منهما مايراه ويقتنع به ،ويراجع الطرف اآلخ��ر في منطقه واملعارضني واملناوئني ،على مستوى األفراد والقبائل والدول ،وفكره بنية إظهار احلق ،وتقريره . وذل��ك عن طريق استلطاف النفوس باملياسرة واملسامحة، وتأليفها ب��امل��ق��ارب��ة وامل��س��اه��ل��ة ب��ع��ي��داً ع��ن الكلمة القاسية �أهمية احلوار مع الآخر وثمرته وغايته اجلارحة ،أواللفظة النابية ،يزين ذلك كلَه العفوعن الهفوات، يغدواحلوار في هذا الزمان من ضروريات احلياة وضمان واملسامحة باحلقوق ،واالبتعاد عن احلماسة الفائرة ،وردود استمرارها ألن به ت��زول احلواجز وتنكشف الطريق ،ويسهل الفعل الغاضبة ،وإحكام السيطرة على العاطفة لكي تظل مع الوصول مع اآلخر إلى قاعدة ثقافية مشتركة الستيعاب الواقع، احلق وللحق. وال��ت��ط��ل��ع نحواملستقبل م��ن خ�ل�ال تنمية ال��ق��واس��م املشتركة وميكن التعرف على جانب مشرق للحوار مع اآلخ��ر في واجلوانب اإليجابية بعيداً عن الهيمنة أواإلقصاء واالختراق . السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
39
واملتأمل في بعض النصوص القرآنية املباركة يجد فيها مشهداً متكام ً ال لكل أساليب احلوار وموضوعاته على مستوى حوار الذات وحوار اآلخر ،بغية الوصول باإلنسان إلى احلق، وم��ا يتبع ذل��ك م��ن تزكية للنفس ،وصقل للمواهب وشحذ للهمم ،وتوسيع دائ��رة التفاهم وتنمية اخل��ب��رات ،وترسيخ االجتاه نحوالشفافية واالنسجام ،إضافة إلى حتقيق الوفاق بني أبناء األمة الواحدة والتفاهم املشترك بني الشعوب على قاعدة الكرامة والعدالة واملساواة.
حتكمها وحتكم عالقاتها مع من حولها من اجليران واألرحام وص��والً إلى مجتمع األصحاب واملدرسة واجلامعة والناس أجمعني .ذلك أن التعايش يقتضي شعوراً بأن ك ً ال منا يكمل اآلخر وليس نقيضاً وال ضداً له بالضرورة .وبهذا نستطيع الوصول إلى اآلخر والتفاهم معه إذا رغبنا في االتفاق على وسائل ضبط اجتماعي وت��راك��م معرفي ،وت��ب��ادل للخبرات وبلورة للقيم اخللقية واكتشاف وسائل تنمية مستدامة . على أن االعتراف باآلخر ضرورة البد منها إذا رغبنا في االنفتاح عليه واالستفادة منه ،والوصول معه إلى خير يرفع حياتنا ويباركها ويزكيها بعيداً عن االستكبار عليه أوالذوبان فيه ،وذلك إتباعاً وانسجاماً مع نصوص القرآن الكرمي والتي منها قوله تعإلى :
ولقد حتملت ال��ن��ب��وات ك��ل أص��ن��اف األذى واإلس����اءة في سبيل حماية احل��وار وتأمني أجوائه وفتح قنواته ،حتى أن امل��واج��ه��ة إمن��ا ش��رع��ت ف��ي اإلس�ل�ام لتأمني ح��ري��ة احلوار وحماية العقيدة ،وليس إلكراه أحد على اإلميان والدين ،ذلكم ين} (الكافرون{ ،)6:ال َّلهُ َر ُّبنَا أن املواجهة العمياء هي عودة إلى حياة الغاب وشريعة املخلب { َل ُك ْم ِدين ُُك ْم َو ِل َي ِد ِ والناب . َو َر ُّب ُك ْم} (الشورى َ { )15:و ِإنَّا أَ ْو ِإ َّي ُاك ْم َل َع َلى ُه ًدى أَ ْو ِفي َض اَل ٍل ني} (سبأ ،)24:وقوله تعإلى{ َو َج َع ْلن َُاك ْم ُش ُعو ًبا َو َق َب ِائ َل ولقد أدرك خصوم اإلس�لام ه��ذه احلقيقة ،وأيقنوا أن ُم ِب ٍ احلرية واحلوار هما املناخ السليم المتداد اإلسالم وانتشاره ِل� َت� َع��ا َر ُف��وا} (احل��ج��رات { ،)13 :ا َّل� ِ�ذي��نَ َي ْست َِم ُعونَ ا ْل َق ْو َل فعملوا على ت���أزمي احل��ي��اة اإلس�لام��ي��ة مبختلف األساليب َف َي َّت ِب ُعونَ أَ ْح َس َنهُ } (الزمر. )18 : والوسائل إلغالق الطريق أمام احلوار ،ثم استفزازنا بعد ذلك ونحن بهذا ال نعادي الثقافات ولكننا نناقشها وجنادلها ودفعنا إلى االنفعال والغضب والعنف ،ليقال وراء ذلك ها هم ونحاورها في محاولة معها للوصول إلى نقاط مشتركة ميكن املسلمون وهذه هي طريقهم في احلوار . أن ترسخ احل��وار وت��زي��ده ألقاً ,وذل��ك لكي يتنامى الشعور ومما يؤسف له أن تقع بعض مؤسسات العمل اإلسالمي بأننا على ه��ذه األرض لسنا مجموعة أض��داد ولكننا بشر في هذا الشرك متوهمة أن املواجهة هي السبيل األمثل الذي نألف ونؤلف ومنضي نحواألفضل انطالقاً من هذه العوامل يختصر املسافة ويحقق الغاية لتكشف فيما بعد أنها لم حتقق املشتركة . غاية ولم تختصر مسافة وأنها بهذا أساءت إلى نفسها وإلى اإلسالم الذي حتمله وتذب عنه .
مقت�ضيات احلوار
يقتضي احل��وار مع اآلخ��ر إضافة إلى املعرفة بلغته كما أسلفت معرفة بخلفيته والبيئة التي شكلت ثقافته وفكره، منطلقات احلوار والتجارب التي مر بها واملؤثرات اجلانبية التي أسهمت في اللغة هي الركيزة األساس في احلوار والتفاهم والتواصل تكوين نظرته للكون واحلياة واإلنسان ،فكل هذه األشياء تعد اإلنساني ،ولهذا البد في احلوار مع اآلخر من مكنة في اللغة عوامل مساعدة في توجيه احلوار وحتديد مساراته. ومعرفة بأساليب البيان والبالغة فيها ،وما يتضمن ذلك من وال يجوز أن نتعامل مع من نحاوره على انه وعاء يتلقى تشبيه واستعارة وكناية وغير ذلك . املعلومات مستسلماً ،وإمن��ا نعامله على أن��ه شريك محاور والبد من معرفة لغة اآلخر لنتمكن من فهم وجهة نظره ،معني على إنضاج الفكرة والوصول بها إلى كمالها ،بعيداً عن وإيصاله ما ن��راه نحن ،وه��ذا يقتضي أن جنتهد في ترجمة التعصب لغير احلق. الكتب اإلسالمية إلى اللغات األخرى وترجمة كتب الثقافات واحل��وار مع اآلخ��ر يقتضي حضوره ،ال أن يكون احلوار األخرى إلى لغتنا .وفي احلقيقة جتدنا بحاجة إلى حوار مع بغيابه أوبالوكالة عنه أوالوصاية عليه أوالتحاور معه من خالل الذات قبل احلوار مع اآلخر لتجاوز حالة اجلمود والتعصب ،خصومه ،وذل��ك من ب��اب انصافه وإتاحة فرصة له مكافئة وعدم املباالة باآلخر ظناً منا أنه ليس عنده شيء ،وليس له لفرصة غيره لكي ال يوسم احلوار بالهيمنة والتسلط واإلذعان، وجود . الذي يعد نوعاً من اإلرهاب اخلفي الذي يتم من خالله مترير واحلوار مع الذات البد أن يسلم اإلنسان إلى خير ،وهوبحد مايريد الطرف القوي في احلوار. ذاته مفتاح احلوار مع اآلخر بدءاً من األسرة والعالقات التي وقد يكون احل��وار مع اآلخر ح��واراً مع ال��ذات حني يغيب 40
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ُ وموا ِل َّل ِه َم ْثنَى َو ُف َ��را َدى ُث َّم اح َد ٍة أَ ْن تَقُ ُ {قلْ ِإ مَّنَا أَ ِع ُظ ُك ْم ِب َو ِ ير َل ُك ْم بَينْ َ َي َد ْي َت َتفَكَّ ُروا َما ِب َص ِ اح ِب ُك ْم ِم ْن ِجن ٍَّة ِإ ْن ُه َو ِإلاَّ ن َِذ ٌ يد } (سبأ )46:وال يصح أن نأتي للحوار مبقررات َاب شَ ِد ٍ َعذ ٍ سابقة ً ألن في هذا نوعاً من املراوغة واخلداع ،والبد أن نسلك في احل��وار املنهج العلمي القائم على صحة النقل وتقدمي الدليل واملعلومة الصحيحة.
اآلخ��ر ويستدعي للحوار من ال ميثلونه ،وهنا يفقد احلوار هدفه وطعمه ،وينتهي األمر إلى ما يريده القوي في املعادلة، ثم تتحول النتائج إلى هيمنة تزيد املشاكل تعقيداً ،وتستجر الطرفني نحواملواجهة والصراع . وإن���ك لتجد ك��ث��ي��راً م��ن احل����وارات إمن��ا ي��ح��دده��ا اآلخر حسب أجندته السياسية أوالفكرية وأولوياته االستراتيجية، فتراها حافلة بالشكل واملظهر ولكنها خالية من مضمون احلوار ومحدداته ,حيث تبدووكأنها مناسبات فقط للدفاع �آداب احلوار عن النفس ،وكأننا في قفص االتهام والناس حولنا حمائم سبق احل��دي��ث ع��ن بعض ه��ذه اآلداب ف��ي ثنايا البحث وحمالن بريئة . ولكنني أضيف إليها هنا مايلي:
ولهذا البد أن يتم حتديد عناوين احلوار ومحاوره وأهدافه .1عفة اللسان وحفظه عن الطعن أوالغمز أواإلساءة ولوبكلمة باتفاق الطرفني لئال يستدعى اآلخر فقط مللء املربع املرسوم إلى اآلخر ,وحفظ سائر اجلوارح عن ابداء أية حركة يفهم له مسبقاً ،يدفعه إلى ذلك تأثره بهالة الطرف اآلخر أوقوته منها الهمز أواللمز الظاهر أواملبطن تصريحاً أوكناية. أواخلوف منه . .2حسن االستماع واإلصغاء يقول الله تعإلى{ال َِّذينَ َي ْست َِم ُعونَ والب��د للمحاور أن يشعر باحلرية واألم��ن ليكون كالمه ا ْل َق ْو َل َف َيت َِّب ُعونَ أَ ْح َس َنهُ }(الزمر )18 :وقد كان عليه السالم وموقفه نابعني من صميم قناعاته ووجدانه وليس من املؤثرات قدوتنا في هذا الشأن وغيره يقول تعإلى { َق� ْ�د َس ِم َع ال َّلهُ اجلانبية احمليطة به . َق ْو َل ال َِّتي جُت َِاد ُل َك ِفي َز ْو ِج َها َو َت ْشت َِكي ِإ َلى ال َّل ِه َوال َّلهُ َي ْس َم ُع َاو َر ُك َما } (املجادلة)1: وكذلك البد أن يشعر احمل��اور باالحترام فال يصح ألحد حَت ُ طرفي احلوار أن يغتال شخصية اآلخر أويسيء إليها أوأن يتجه .3التواضع ولني اجلانب وجتنب احلديث عن النفس ،حيث باحلوار نحوالشخصنة إلظهار فضله على غيره كأنه يتحدث يحاول بعضهم وضع هالة حول نفسه ليأخذ بها غيره ،وهذا عن نفسه أوعن مزاجه أومؤهالته وخبراته الشخصية. نوع انسحاب مبطن من ميدان احلوار وعالمة إفالس. على أن احلوار إمنا يكون بني طرفني تدفعهما نية صادقة .4االنتباه للحديث وعدم حتقيره أوالتقليل من شأنه ومواجهة {ه��ل ُأ َن ِّبئ ُُك ْم ل��ل��وص��ول إل���ى احل���ق وت��ب�ين ال���واق���ع ،وم���ن ه��ن��ا ف�لا يحسن اآلخر باملودة واالحترام يقول سبحانه وتعإلى َْ باملتحاورين أن يكونا يائسني أحدهما أوكالهما من نتائج هذا َع َلى َم ْن َتنَزَّ ُل َّ يم ُيلْقُ ونَ اطنيُ َتنَزَّ ُل َع َلى ُك ِّل أَ َّف� ٍ الش َي ِ �اك أَ ِث ٍ احل��وار ،ألن اليأس املسبق سيترك ظالالً كئيبة على احلوار الس ْم َع َوأَكْ َث ُر ُه ْم َك ِاذ ُبونَ }(الشعراء.)223 -222-221: َّ ولن يساعد على التقدم خطوة واحدة إلى األمام. .5إفساح املجال لآلخر ليعرض حجته ووجهة نظره ودليله والبد للحوار من مرجعية يتفق عليها الطرفان ويرجعان إمياناً مببدأ تكافؤ الفرص والعدالة واملساواة . إليها للفصل فيما تشابه والتبس من األمر،ولقد تكون أعلى املرجعيات وأغالها عند احلوار مع الذات في احلياة اإلسالمية منهجية احلوار أن نرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،أما إن اختالف وجهات النظر ليست عيباً علمياً ،وال خطأ في احلوار مع اآلخر فإنه إن كان فاقداً لإلميان بهذه املرجعية فيمكن الرجوع به إلى مقررات العقل واملنطق وما أجمع عليه منهجياً ب��ل هوخطوة ج��ادة ف��ي الطريق لتصحيح املفاهيم والوصول إلى احلقيقة ،لذلك البد أن يكون احملاور مستعداً الناس دون نكير ما لم يتعارض ذلك مع نص شرعي. لالقتناع بالنتائج ولوخالفت رأيه ،ألن التعصب املسبق للفكرة وفي احلوار مع اآلخر البد من املرونة واملسايرة فقد سمح يجعل احلوار عدمي اجلدوى فاقد األهمية .البد للمحاور من النبي عليه السالم لوفد نصارى جنران أن يصلوا في املسجد النبوي الشريف صالتهم وعندما هم قوم مبنعهم قال دعوهم .احترام العقل واملنطق وعدم املكابرة بإنكار مايتوصل إليه من نتائج محسوسة التقبل امل��راء وليحذر صاحبنا احمل��اور من وما من شك أن الشدة والقسوة في احل��وار يخلقان في الوقوع في التناقض كما وقع مشركومكة عندما وصفوا النبي النفس ضيقاً وتوتراً ،وتقمعان الرغبة في مواصلة احلوار صلى الله عليه وسلم مرة بالسحر ومرة باجلنون ألن التناقض واالستزادة منه،ويحسن أن ينعقد احلوار في جوهادئ يعني ف��ي ه��ذا واض���ح .وه��وأي��ض��اً واض��ح ف��ي قولهم كما ج��اء في على التفكير السليم بعيداً عن الصخب والضجيج الذي تضيع القرآن الكرمي { َو ِإ ْن َي َر ْوا آ َي ًة ُي ْع ِر ُضوا َو َيقُ و ُلوا ِس ْح ٌر ُم ْست َِم ٌّر} معه الفكرة في زحمة التهويش واالنفعال يقول تعإلى: (القمر )2:ألن السحر اليستمر . السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
41
ومن منهجية احل��وار أن يبنى على خطة واضحة تتحدد على نحويؤهلها للثبات في وجه التحديات وإثبات وجودها فيها معالم احلوار وأهدافه ،وآلياته التي منها :صحة املعلومة ،والقيام بدورها اإلنساني الرفيع. واالستعانة بذوي اخلبرة ،واعتماد املنهج العلمي املبني على .2تشخيص أزمة اإلنسان املعاصر وبيان عجز احلضارة املادية التفكير والتحليل واالستنباط وجتنب القفز على املراحل في حل الكثير من املشكالت اإلنسانية ,وأنه البد في سبيل النقاشية وذلك بهدف الوصول الهادئ السليم إلى الهدف. الوصول إلى سالم عاملي شامل من اتباع منهج الله تعإلى الذي تظهر فضائله ومزاياه في كل باب من أبواب احلياة .
�شروط احلوار
البد أن بعض هذه الشروط مضى في ثنايا البحث ولكنني .3احل��وار بني أهل الديانات رغبة في التعاون على املشترك أؤك��د هنا على بعض الشروط التي البد من مراعاتها فمن بينهما مم��ا جتمع عليه أط���راف احل���وار س���واء ف��ي األمور ذلك: األخالقية والقيم املشتركة والقضايا اإلنسانية والتي منها احترام امل��رأة ،ورعاية الطفل ،ومساعدة املنكوبني ،وحماية .1التخلي عن األنانية. املستضعفني ،وإق��ام��ة م��ؤس��س��ات البحث العلمي والتعاون .2أن يكون احملاور صاحب نظر مستقل ،ال أن يردد مواقف التكنولوجي مع ترك خصوصيات كل ديانة إلى املختصني من وكلمات غيره دون فهم . أتباعها . .3احترام التخصص العلمي واخلبرة. وهذا خير من التباعد والتجافي ،ومواجهة اآلخر مبقررات .4أن يكون احملاور طالباً للحق متجرداً من الهوى. جاهزة والتأثر السلبي باحلقب التاريخية السابقة .
.5أن يكون سريع البديهة ,حسن االستشهاد باآليات واألدلة .التو�صيات املقرتحة لت�أهيل فكر تنويري يحرتم احلوار
.6احملاورة تكون مع أهل العلم فال يحاور اجلهالء فالله تعإلى .1اإلميان بأهمية النقد الهادف ،وتقبله بكل رحابة صدر. أغناكم عن محاورة اجلهالء بإميان العلماء. .2تقدير واحترام اآلخر مهما كانت حدة االختالف في وجهات النظر.
معوقات احلوار
.3احلرص على تلقي املعلومة الصحيحة ،وعدم اتخاذ مواقف معوقات احلوار كثيرة ولكن أهم هذه املعوقات ما يلي: .1املعوقات الشخصية :مثل الثرثرة واإلطناب واللف والدوران مبنية على أوهام أوأخبار ومعلومات غير دقيقة . وعدم الوضوح في العرض وغياب األدلة والبراهني وإخفاء .4االس��ت��م��اع إل���ى اآلخ���ر م��ه��ارة م��ث��ل م��ه��ارة احل��دي��ث إليه، فتنبه... احلقيقة وسرعة الغضب والتعصب الشديد .
.2املعوقات املوضوعية :ومنها الضوضاء والتشويش ،تباين .5حاول أن تركز على املشترك بينك وبني اآلخر ،فهذه اجلوامع املفاهيم ،واختالف األجيال ،وهذه معوقات عامة ولكن هناك قد تفيدك في يوم ما وبخالف ذلك فإنك ستخسره. معوقات أخرى تبرز عند احلوار في املوضوعات ذات الصبغة .6احذر من االستفزاز وسرعة الغضب ،فهذه عالمة ضعف. الدينية ضمن ذلك : .7حاول جاهداً أن تتقن لغة ثانية غير لغتك األم ،وهذا مفتاح .1اتباع منهج حر في تفسير النصوص الشرعية ،مبا يتضمنه لك للدخول إلى عالم اآلخر. ذلك من انتقائية وجهل بأصول االستنباط وأدواته . .8احذر من االنطواء واالنغالق ،وحاول أن تتعرف على ثقافات .2أخذ املعرفة عن طريق السماع ،مع جهل باألدلة والبراهني غيرك من األمم فذلك مدخل حملاورته. حتى أوصلت مثل هذه املعارف أصحابها إلى التقليل من شأن .9كن عفيف اللسان ،حسن االستماع ،لني اجلانب. األئمة إلعالم حتت مظلة (هم رجال ونحن رجال). .3العزلة عن املجتمع فالذي يعتزل املجتمع كأنه يعلن احلرب .10وأه���م ما نوحي به أن تنطلق في ح��وارات��ك من ثقافتك عليه والكراهية له ،وعدم القدرة على التعايش معه والتأثير العربية اإلسالمية وان متثلها في كل شؤونك وجميع أمرك، فهذه هي التي تفرز شخصيتك ،وتعطي اآلخرين النموذج لهذه به بقول عليه السالم : الثقافة املتوازنة الشاملة العاملية التي حتترم اإلنسان وتؤمن (ال���ذي يخالط ال��ن��اس ويصبر على أذاه���م خير م��ن الذي بالتعددية دون أن تذوب بغيرها . اليخالطهم واليصبر على أذاهم)
�أولويات احلوار مع الآخر يف هذه املرحلة .1رغبة في حماية األمة من مخاطر التبعية فيحسن باحلوار أن يتجه نحومصالح األمة السياسية واالجتماعية واالقتصادية 42
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ورقه عمل مقدمة �إىل امل�ؤمتر الوطني الثاين لت�أ�صيل الفكر التنويري عند ال�شباب الأردين (ال�شباب واحلوار مع الآخر )
وسطيتنا
عالقة تيار الوسطية بالقوى الفاعلة بالغرب نهاد عو�ض املدير العام ملجل�س العالقات الإ�سالمية الأمريكية /كري حتد إيجابي خاص ،فهي تتطلب إن احلديث عن "عالقة تيار الوسطية بالقوى الفاعلة بالغرب" مهمة ذات ّ تبني منهجا غير تقليدي ميزج بني الفكر اإلسالمي وفهم واقع العالقات الدولية املعاصرة وخبرة مسلمي الغرب وغيرهم من املعنيني بقضية احلوار بني املسلمني في العالم اإلسالمي وخارجه واملجتمعات الغربية. لذا ال بد البدء باحلديث عن عاملية اخلطاب اإلسالمي ودعائم الوسطية اإلسالمية ،على أن نتحول بعد ذلك للحديث عن واقع العالقات الدولية املعاصرة وصورة اإلسالم واملسلمني بالغرب عموما وفي والواليات املتحدة خصوصا وعن جتارب مسلمي أمريكا في التعامل مع اآلخر من خالل خطاب إعالمي جديد ومن خالل تعريف قوى الوسطية بالغرب والتعاون معها من خالل الوسائل اإلعالمية والسياسية املناسبة ،على أن نختتم هذه الورقة البحثية املختصرة باحلديث عن بعض العناصر الضرورية باخلطاب اإلعالمي اإلسالمي الوسطي املنتظر.
عاملية اخلطاب الإ�سالمي �اس ِإ ِّن���ي َر ُس� � ُ يعا} �ول ال � َّل� ِ�ه ِإ َل � ْي� ُ�ك� ْ�م َج ِم ً { ُق ��لْ َي��ا أَ ُّي�� َه��ا ال�� َّن� ُ َّاس ِإنَّا خَ َل ْقن َُاك ْم ِم ْن َذ ٍ َك��ر َو ُأ ْن َثى َو َج َع ْلن َُاك ْم (األعراف)158: { َيا أَ ُّي َها الن ُ ُش� ُ�ع��و ًب��ا َو َق � َب� ِ�ائ� َ�ل ِل� َت� َع��ا َر ُف��وا ِإنَّ أَكْ � َر َم� ُ�ك� ْ�م ِع� ْن� َد ال� َّل� ِ�ه أَ ْت � َق� ُ �اك� ْ�م } ويتطلب ذلك من املسلمني أن ينظروا نظرة خاصة جتاه ً (احل���ج���رات ،)13:اآلي���ة الكرمية السابقة حت��دد كثيرا من اآلخر املسلم وغير املسلم على حد سواء تقوم على االهتمام خصائص الدعوة اإلسالمية ،فهي توضح أن اإلس�لام دين ب��اآلخ��ر وبقضاياه ومساعدته على ح��ل مشاكله ،ومعاملته يشمل البشرية جميعها ،فهوموجه للبشر جميعا على اختالف مبساواة وعدم التفريق ضده ألي سبب. ألوانهم وأعراقهم وألسنتهم ناهيك عن توجهاتهم الفكرية ،كما هذا يعني أن عاملية اإلسالم تفرض على املسلمني استيعاب يدعواإلسالم املسلمني إلدراك تلك احلقيقة والتصرف على أساس منها ،فاإلسالم ال مييز بني أي مجموعة بشرية ،كما اآلخر ،كما تفرض عليهم حماية حقوق وحريات البشر ،وذلك أنه يهدف خلير البشر جميعا ،وإلى توفير بيئة مناسبة يتنافس انطالقا من ثوابت الدين اإلسالمي نفسه ال من أي ثوابت أخرى . فيها الناس في اخلير والتقوى ال في الشر واملعصية. ه��ذا يعني أن ه��دف اإلس�لام هوالتعايش والتدافع من دعائم الو�سطية يف اخلطاب الإ�سالمي
َّاس أجل اخلير ،وأن قانون اإلسالم هوتبادل املصالح ال احتكارها، { َو َكذ َِل َك َج َع ْلن َُاك ْم ُأ َّم ًة َو َس ًطا ِلت َُكونُوا ُش َه َدا َء َع َلى الن ِ ُ َ ُ ُ شَ يدا} (البقرة)143: ه م ك ي ل ع ول س الر ك ي و وإدراك خير البشرية ال إحلاق الضرر بها. ونَ َ ْ ْ ِ ً ََ َّ ُ السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
43
على أمل أن يرتكز هذا الفكر /اخلطاب على ركائز العاملية عاملية اإلس�ل�ام ترتبط ب��إح��دى أه��م خصائص الدعوة اإلس�لام��ي��ة وه���ي طبيعتها ال��وس��ط��ي��ة م��ن ح��ي��ث العبادات والوسطية التي طرحناها في بداية هذه الورقة ،وعلى أمل أن واملعامالت على حد س��واء ،فقد أم��ر الرسول محمد صلى تتبناه قوى مسلمة معتدلة تطوره وحتظى بالدعم الكافي. الله عليه وسلم أصحابه باالعتدال في العبادة وعدم اإلفراط خماطر تراجع قوى /خطاب الو�سطية الإ�سالمي أوالغلوفي تنفيذ الفرائض اإلسالمية مؤكدا على أنه يصوم وقبل حتديد معالم هذا اخلطاب نحتاج أن نسلط الضوء ويفطر ،وي��ق��وم بعض الليل وي��ن��ام بعضه ،وي��ت��زوج ،ويخالط سريعا على تأثير خطاب فئة متشددة على ص��ورة اإلسالم الناس. واملسلمني في الغرب وعلى عالقتهم باآلخر الغربي. كما جتمع الفرائض اإلسالمية نفسها بني ما هوخاص وفي البداية يجب التأكيد على أن رؤية الرأي العام الغربي وعام ،بني الصالة وهي صلة بني العبد وربه وبني الزكاة وهي دعامة للعدالة االجتماعية باملجتمع ،كما يجمع احلج بني صلة لإلسالم واملسلمني تتأثر بعدد من العوامل املختلفة من بينها الصور النمطية السلبية املتجذرة في الثقافة الغربية ضد العبد وربه ومنافع الناس في العبادة ذاتها. اإلس�لام واملسلمني والتي تعود إلى العصور الوسطى وفترة وفيما يتعلق بالوسطية في املعامالت فقد عرف الرسول املد االستعماري األوروبي ،ونشاط بعض اجلماعات الغربية صلى الله عليه وسلم بأمانته وموضوعيته مما أهله للوساطة امل��ع��اص��رة ف��ي نشر مثل تلك ال��ص��ور كاملنظمات اليمينية بني الناس وحل النزاعات بينهم ،كما حدث في حادثة احلجر واجلماعات املوالية إلسرائيل ،وبعض األحوال السلبية بدول األسود ،حني اختلفت القبائل حول أحقية كل منهم في إعادة العالم اإلسالمي مثل تراجع معدالت التنمية والدميقراطية. احلجر األسود ملوضعه حتى كادت تنشب احلرب بينهم ،فلما أضف إلى ما سبق تزايد الدور الذي تلعبه فئات متشددة احتكموا للرسول أتى لهم بحل أرضاهم جميعا. في تشويه صورة اإلسالم واملسلمني لدى اآلخر الغربي وغير كما عرف عن الرسول صلى الله عليه وسلم رغبته في الغربي -ف��ي اآلون���ة األخ��ي��رة – وذل��ك بسبب خطاب تلك بناء التحالفات الساعية للخير ومساعدة اآلخرين وحتقيق اجلماعات املتشددة وأفعالها العنيفة وانتسابها لإلسالم. السالم كما هواحلال في حلف الفضول قبل اإلس�لام ،وكما ومي��ك��ن هنا اإلش���ارة إل��ى استطالع ص��در ع��ن صحيفة هواحلال في التحالفات التي بناها الرسول مع القبائل غير واشنطن بوست ووكالة ABCاإلخبارية– في التاسع من املسلمة باملدينة املنورة بعد الهجرة ،كما دعا الرسول صلى م��ارس – 2006حيث وج��د أن واح��د من كل أربعة أمريكيني الله عليه وسلم املسلمني للتيسير على أنفسهم وإل��ى رفض “يقر ب��ام�ت�لاك رؤى متحيزة ض��د املسلمني” ،كما توصل االستعالء والكبر وإلى البحث عن احلكمة وتبنيها وهي جميعا االستطالع نفسه إل��ى أن %46م��ن األمريكيني لديهم رؤى من أعمدة الوسطية املهمة في اإلسالم. سلبية ضد اإلسالم ،مما يعادل زيادة قدرها %7مقارنة مبوقف الو�سطية كمنهج عمل دويل؟ األمريكيني من اإلسالم واملسلمني في الشهور التالية ألحداث وال يخفى على أح��د م��ا مي��ر ب��ه العالم اإلس�لام��ي اليوم احلادي عشر من سبتمبر .2001 في عالقاته الدولية من مرحلة تاريخية حرجة على أصعدة كما أشار االستطالع األخير إلى أن نسبة األمريكيني الذي مختلفة ال تقتصر على الصعيد السياسي فقط ،وإمنا متتد يعتقدون بأن اإلسالم يحض على العنف تضاعفت منذ عام إلى األصعدة الثقافية والدينية. ،2002وأشار تقرير لصحيفة واشنطن بوست عن االستطالع ف��ي امل��ق��اب��ل ميتلك ال��ع��ال��م اإلس�لام��ي كثيرا م��ن املوارد إلى قول بعض اخلبراء املعنيني بصورة اإلس�لام في أمريكا واملؤهالت التي تؤهله للعب دور قيادي في العالقات الدولية أن التوجهات السلبية ضد اإلس�لام “أوقدت جزئيا نتيجة املعاصرة ،وعلى رأس تلك املؤهالت م��وارد الطاقة ،وموقع لتصريحات سياسية وتقارير إعالمية تركز بشكل كلي تقريبا املسلمني اجلغرافي ،وموقع العالم اإلسالمي في السياسات على تصرفات املسلمني املتطرفني”. الدولية احلالية ،وكونه محل اهتمام القوى العظمى املختلفة، كما أعلن مجلس العالقات اإلسالمية األمريكية (كير) إضافة إلى امتالك املسلمني لألسس العقائدية والثقافية التي خ�ل�ال ال �ف �ت��رة ذات �ه��ا ن �ت��ائ��ج اس �ت �ط�لاع أج� ��راه ح ��ول نظرة حتثهم على لعب دور قيادي في العالم. األمريكيني ل�لإس�لام واملسلمني توضح أن رب��ع األمريكيني وللتعامل مع املفارقة السابقة – مبا تتضمنه من حتديات ( )%27-23يؤمنون بشكل متسق بصور منطية سلبية عن وفرص -نطرح -في هذه الورقة البحثية املختصرة – أهمية اإلسالم واملسلمني مثل القول بأن "املسلمني يقدرون احلياة جت��دي��د الفكر اإلس�لام��ي ان��ط�لاق��ا م��ن ال��ث��واب��ت اإلسالمية بدرجة أقل من اآلخرين" ،وأن "الدين اإلسالمي يعلم العنف الرئيسية على أن ينطلق من هذه املراجعة خطاب سياسي والكراهية". جديد يعكسها وي��ق��وده��ا ف��ي مواجهة التحديات الداخلية كما كشف االستطالع ذاته أن األمريكيني أصحاب الرؤى السلبية ضد اإلس�لام واملسلمني مييلون في ال�ع��ادة إل��ى أن واخلارجية التي تواجه أمتنا اإلسالمية.
44
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
يكونوا من كبار السن وم��ن غير املتعلمني وم��ن احملافظني سياسيا ،وهي نتائج تتشابه إلى حد كبير مع خالصة استطالع أجراه مجلس كير في عام .2004 كما أوضح استطالع كير أن %6فقط من الشعب األمريكي لديهم انطباعات إيجابية تلقائية عن اإلسالم في الوقت الذي ال تتعدى فيه نسبة األمريكيني الذين يشعرون بأنهم "يعرفون اإلسالم جيدا" نسبة %2من الشعب األمريكي ،كما ذكر %60من األمريكيني املشاركني في االستطالع أنهم "ال يعرفون الكثير عن اإلس�لام" أوأنهم "ال يعرفون شيئا عن اإلس�لام" ،وتعليقا على هذه النتائج ذكر مسؤولون بكير أنها "توضح أن التوعية هي مفتاح حتسني الرؤى العامة لإلسالم بأمريكا". كما ذكر غالبية من املشاركني في االستطالع أنهم راغبون
املشتركة ،والتأكيد على عاملية القيم اإلنسانية الكبرى والتي ينادي بها اإلسالم واحلضارات املختلفة كقيم العدالة واحلرية واملساواة وحقوق اإلنسان والسالم ،ومن ثم تصبح حماية القيم السابقة املشتركة هدفا رئيسيا من أهداف اخلطاب اإلسالمي والدبلوماسية اإلسالمية الوسطية ،يجب أيضا التأكيد على أهمية الوعي باآلخر الغربي وعيا دقيقا من حيث ثقافته وج��وان��ب تلك الثقافة االجتماعية والنفسية ،مم��ا يؤهل املسلم على التفاعل اإليجابي مع نظيره الغربي بشكل يسوده الفهم والتعاون احلقيقي وأخيرا الرغبة في احلوار هي إحدى دعائم الوسطية األساسية ،والتي يجب تأكيدها من خالل التأكيد على مفاهيم التعايش وتبادل املصالح وإعالء احللول السلمية للنزاعات.
في تغيير رؤاه��م جت��اه اإلس�لام واملسلمني إذا شعروا بأربعة دور الأقليات امل�سلمة بالدول الغربية
عوامل رئيسية:
أولها :أن املسلمني يدينون اإلرهاب بقوة.
ينبغي أيضا التأكيد على الدور احملوري لألقليات املسلمة بالغرب في تفعيل اخلطاب الوسطي اجلديد على مستويات مختلفة نلخصها هنا في ثالثة مستويات رئيسية-:
وثانيها :أن املسلمني معنيون بقضايا امل��واط��ن األمريكي أول ه��ذه امل��س��ت��وي��ات حت��دي��د عناصر اخل �ط��اب املسلم العادي. الوسطي بحكم معايشة تلك األق�ل�ي��ات للحوار اإلسالمي وثالثها :أن املسلمني يعملون على حتسني وضع املرأة داخل الغربي معايشة يومية وتطوير تلك األقليات خلطاب وسطي مجتمعاتهم. مجرب في التواصل مع مجتمعاتها احمليطة ،وسوف نحاول ورابعها :أن املسلمني يعملون على حتسني صورة أمريكا في ال�ت�ع��رض لبعض عناصر ذل��ك اخل�ط��اب ف��ي اجل��زء التالي العالم اإلسالمي. من هذه الورقة البحثية انطالقا من خبرة األقلية املسلمة نتائج االستطالعات السابقة تؤكد احلاجة لنشر خطاب األمريكية. وس�ط��ي إس�لام��ي ج��دي��د ي�ن��أى ب��اإلس�لام ع��ن أف �ع��ال األقلية ثانيا :ميكن لألقليات املسلمة باملجتمعات الغربية لعب دور املتطرفة ويعيد تقدمي صورته للمسلم وغير املسلم انطالقا شديد األهمية في إجناح احلوار اإلسالمي الغربي من خالل من عاملية اإلس�لام ووسطيته ،لذا نهدف – في بقية ورقتنا نشاط تلك األقليات في حتديد قوى الوسطية باملجتمعات هذه – الوقوف على بعض جوانب ذلك اخلطاب املنشود. الغربية.
عنا�صر �أ�سا�سية للفكر /اخلطاب اجلديد
ومي�ك��ن هنا تسليط ال�ض��وء على أرب��ع ج�م��اع��ات مدنية أمريكية واسعة تعاون معها مسلموأمريكا بشكل ملحوظ خ�لال السنوات األخ �ي��رة ،وميكن لهذه اجلماعات – إذا مت تعريفها وحتديدها تعريفا دقيقا – أن تلعب دورا متميزا كنواة للقوى الوسطية الغربية املتعاونة مع نظيرتها املسلمة.
كل طرف عن اآلخر ،وإلى أهمية الوعي واملعرفة في حتسني العالقات بني الطرفني.
اجلماعة الثانية ه��ي منظمات احل��ق��وق واحل��ري��ات املدنية التي تدافع عن حقوق وحريات مسلمي وعرب أمريكا والدول األوروبية في وجه ما يتعرضون له مؤخرا من موجة متييز على املستويني الشعبي والرسمي خاصة منذ أعقاب أحداث احلادي عشر من سبتمبر .2001
بناء خطاب إسالمي معتدل موجه إل��ى اآلخ��ر الغربي ينبغي أن ينطلق من الوعي باملسؤولية املشتركة الواقعة على أبناء احلضارتني اإلسالمية والغربية جت��اه ه��ذا اخلطاب، وهي مسؤولية ترفض النظرة السطحية جتاه اإلسالم أوجتاه الغرب ،كما أنها حتث على معرفة اآلخ��ر ،وترفض نظريات أول هذه اجلماعات هي جماعات السالم األمريكية والغربية املؤامرة والصور املشوهة عن اآلخر. التي ت�ن��ادي بسياسات غربية أفضل جت��اه العاملني العربي ويجدر اإلشارة إلى ضحالة مستوى املعرفة التي ميتلكها واإلسالمي.
كما يجب أن يرتكز ه��ذا اخل�ط��اب على مفهوم املبادرة الساعي لنشر املعرفة وللوقاية ولبناء العالقات اإليجابية تفاديا ألزمات املستقبل وعدم االنتظار حتى تقع األزمات ثم الرد عليها ،كما ينبغي أيضا رفض الرؤية الثنائية لألمور التي اجلماعة الثالثة دور ع��دد متزايد م��ن اجلماعات الدينية تضع الغرب في مقابل اإلس�لام أوتنادي بصدام احلضارات الغربية ذات التوجه الليبرالي املنفتح على اآلخر والتي تبذل وتصارعها ،في املقابل يجب اإلميان بتراث احلضارة البشرية جهودا متواصلة لتوعية أعضائها باألديان األخ��رى ولبناء السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
45
جسور التعاون بينهم وبني أبناء تلك األديان.
واحلوار بني املسلمني وغير املسلمني بالواليات املتحدة.
اجلماعة الرابعة متثل بعض األقليات األمريكية والغربية نواة بناء شبكة عالقات شخصية وإلكترونية بأكبر عدد من صناع مهمة لقوى التوسط واالعتدال بالغرب ،ومتثل هذه اجلماعات القرار والرأي العام بالواليات املتحدة. في الواليات املتحدة حتالفا مهما وكبيرا نسبيا منفتحا على م�سلمو�أمريكا واخلطاب امل�سلم الأمريكي الإعالمي التعامل مع مسلمي وعرب الواليات املتحدة. يتبنى كير ومسلموأمريكا ومنظماتهم منهجا متكامال للعمل فيما يتعلق بالركيزة الثالثة لدور مسلمي الغرب بصفة على توعية الرأي العام وصناع القرار بالواليات املتحدة بصورة عامة ومسلمي أمريكا بصفة خاصة في بناء ونشر اخلطاب اإلسالم واملسلمني الصحيحة وبحقيقة قضاياهم يبدأ برصد اإلسالمي املعتدل جتاه اآلخر الغربي فيجب اإلشارة إلى أن ما ينشر عن اإلس�لام واملسلمني بوسائل اإلع�لام األمريكي األقليات املسلمة تلعب دورا محوريا في تنفيذ هذا اخلطاب بصفة يومية وينتهي بتنظيم احلمالت الكبرى لتوعية الرأي ونشره بحكم معايشتها للمجتمعات الغربية ولقضية احلوار العام األمريكي بصورة اإلسالم الصحيحة ،وفيما يلي شرح مع اآلخر الغربي. موجز ألهم عناصر هذا املنهج: ويجب هنا اإلش��ارة إل��ى أن نشر اخلطاب املسلم املعتدل .1رصد ما يصدر عن وسائل اإلعالم األمريكي من كتابات باملجتمعات الغربية ليس عملية سهلة إذ يتطلب جهدا وبرامج إذاعية وتلفزيونية عن اإلس�لام واملسلمني – بصفة متكامال وواسعا ،وميكننا االستدالل مبنهج مجلس العالقات يومية من خالل االستعانة على ذلك بعدد من أهم وأفضل اإلس�لام�ي��ة األمريكية (ك�ي��ر) وغ�ي��ره م��ن املنظمات املسلمة شبكات البحث اإللكترونية املتخصصة مثل Lexis Nexisو األمريكية – العاملة في مجاالت العالقات العامة والسياسية ،Factivaوكذلك مبكاتب وفروع كير وشبكة تربطها بأفضل في التعامل مع تغطية وسائل اإلع�لام األمريكي لقضايا الناشطني املسلمني باملجال اإلعالمي بالواليات املتحدة.اإلسالم واملسلمني كمثال مهم يبرهن على النقطة السابقة. .2إصدار نشرات يومية إلكترونية وعلى شبكة اإلنترنت بأهم مقدمة عن كري. ما ينشر عن اإلسالم واملسلمني بوسائل اإلعالم األمريكي في أسس مجلس العالقات اإلسالمية األمريكية (كير) في ذات اليوم. عام 1994للعمل على زيادة فهم املجتمع األمريكي لإلسالم .3 ،الرد على الكتابات اإليجابية واملسيئة بالكتابة ملصدر هذه وتشجيع احل��وار ،وحماية احلريات املدنية ،وتقوية املسلمني الكتابات ،وتشجيع مسلمي أمريكا ومسانديهم على الرد على األمريكيني ،وبناء التحالفات املعنية بنشر العدالة والفهم الكتابات املسيئة. املتبادل ،وميتلك املجلس حاليا 31فرعا ومكتبا إقليميا عبر .4إصدار بيانات رسمية مبواقف مسلمي أمريكا جتاه أهم الواليات املتحدة ،ويعكف كير وغيره من املؤسسات املسلمة قضاياهم. األمريكية املعنية على القيام بالرسالة السابقة من خالل عدة .5ت��وزع بيانات ونشرات مسلمي أمريكا على شبكة هائلة أنشطة رئيسية ،تشمل: من وسائل اإلع�لام وصناع القرار وال��رأي العام األمريكي، مراقبة ما تنشره وسائل اإلعالم األمريكي يوميا عن اإلسالم وهي شبكة بناها مسلموأمريكا ومنظماتهم على مدى سنوات واملسلمني والرد على اإليجابي والسلبي منها. عملها. رص��د ح��وادث التمييز ضد مسلمي أمريكا والتعامل معها .6تزويد وسائل اإلعالم األمريكية والكندية مبقاالت مجانية بالسبل القانونية واإلعالمية والسياسية املناسبة. يكتبها مسؤولون مسلمون أمريكيون لتوضيح رؤى املسلمني مراقبة م��ا يصدر ع��ن الكوجنرس األمريكي م��ن تشريعات جتاه أهم قضاياهم. وتوعية مسلمي أمريكا بها وتعبئتهم للتأثير على التشريعات .7عقد مؤمترات إعالمية كل عام لإلعالن عن أهم مواقف التي تعنيهم ،وتشجيعهم على املشاركة السياسية بشكل عام .وأنشطة مسلمي أمريكا ،وتزويد وسائل اإلع�لام األمريكية ب��ن��اء ع�لاق��ات ح���وار وت��ع��اون إي��ج��اب��ي��ة ب�ين مسلمي أمريكا ب��اخل��ب��راء واملتحدثني املسلمني األمريكيني ال��ق��ادري��ن على ومؤسسات الدولة األمريكية ومتثيل مسلمي أمريكا أمام تلك تقدمي ال��رؤى املسلمة املوضوعية أم��ام أكبر وسائل اإلعالم املؤسسات. األمريكية. إص�����دار ال��ب��ح��وث وال����دراس����ات واس��ت��ط�لاع��ات ال�����رأي عن .8اللقاء مع ممثلي وسائل اإلعالم األمريكي بصفة مستمرة مسلمي أمريكا وعن موقف اإلعالم األمريكي جتاه اإلسالم على مدار العام لبناء عالقات شخصية إيجابية معهم. واملسلمني. .9توفير معلومات ونصائح أساسية لوسائل اإلعالم األمريكي عقد املؤمترات وحلقات النقاش ودورات التوعية حول قضايا حول سبل تغطية الفعاليات واألنشطة اإلسالمية الكبرى وعلى اإلس�لام ومسلمي أمريكا وح��ول أنشطة التعريف باإلسالم رأسها األعياد اإلسالمية.
46
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
.10تشجيع املؤسسات وامل��راك��ز اإلسالمية عبر الواليات والتحرك من على املستوى اجلماهيري املسلم وغير املسلم املتحدة على التفاعل اإليجابي مع وسائل اإلعالم األمريكية ،باملجتمعات الغربية ،والتزام املوضوعية واحليادية واحلقائق وتزويد تلك املؤسسات اإلسالمية بنصائح مباشرة ومكتوبة العلمية. حول سبل حتقيق هذا التفاعل. عنا�صر اخلطاب الإ�سالمي الو�سطي املوجه للغرب .11امتالك واستغالل القدرة على تعبئة مواردها اإلعالمية من متحدثني وخبرات وشبكة عالقات بشكل سريع ووضعها في خدمة مسلمي أمريكا وقضاياهم خالل األزمات واملناسبات اإلعالمية التي تتطلب استجابة مسلمة سريعة وحاسمة.
نأتي هنا لواحدة من أهم النقاط املتعلقة بعناصر اخلطاب اإلسالمي املوجه للغرب والقابل للنجاح وفقا لتجربة مسلمي الواليات املتحدة ومسلمي الغرب بصفة عامة وجتربة مسلمي أمريكا ف��ي التعاطي م��ع وس��ائ��ل اإلع�ل�ام األمريكية بصفة خاصة ،ويأتي على رأس هذه العوامل ما يلي:
.12التعاون بشكل دوري مع مؤسسات إعالنية أمريكية مختلفة لتصميم اإلعالنات الصحفية والتلفزيونية واإلعالنية لترويج أوال :تبني خطاب شامل عند احلديث عن اإلسالم والعالقة مواقف مسلمي أمريكا لدى وسائل اإلعالم األمريكية. ب�ين اإلس�ل�ام وال �غ��رب ال يقتصر على اجل��وان��ب السياسية .13إط�لاق عدد من احلمالت الكبرى لتوعية ال��رأي العام واالقتصادية من تلك العالقة ،ويجب هنا اإلشارة إلى أهمية األمريكي بصورة اإلسالم واملسلمني الصحيحة مبا في ذلك إب��راز األبعاد االجتماعية والثقافية للحياة املسلمة ،وإبراز حملة لتوفير 16200مكتبة أمريكية عامة مبصادر تعليمية أب �ع��اد احل �ي��اة داخ ��ل املجتمعات املسلمة ف��ي جوانبها غير موضوعية عن اإلسالم واملسلمني ،وحملة لتوفير نسخ مجانية السياسية ،وهي أبعاد يندر التركيز عليها في وسائل اإلعالم من الترجمة اإلجنليزية ملعاني ال��ق��رآن الكرمي لألمريكيني األمريكية والغربية ،حيث تتراجع تلك األبعاد وراء العناوين ال��راغ��ب�ين ف��ي ق���راءة ال��ق��رآن ،وحملة لتوفير م��واد تعريفية السياسية السلبية الصاخبة. مجانية لألمريكيني الراغبني في التعرف على حياة وتعاليم ثانيا :يجب أيضا التركيز على اجلانب الروحي من اإلسالم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. ودور اإلس�لام في تقومي حياة الفرد واملجتمع على املستوى .14إصدار استطالعات سنوية عن نظرة األمريكيني لإلسالم األخالقي وفيما يتعلق بعالقة اإلنسان مبجتمعه وخالقه، واملسلمني. وإبراز الهدوء الروحي الذي يجلبه اإلسالم للمؤمنني به. .15العمل على إعداد تقرير سنوي عن ظاهرة اإلسالموفوبيا ثالثا :هناك حاجة إلب��راز موقف اإلس�لام من قضية العنف ب��ال��والي��ات املتحدة م��ن حيث م��ص��ادره��ا ومستوياتها وسبل من خالل التأكيد على إبراز اهتمام اإلسالم بالعدالة ورفضه عالجها. للعدوان ولترويع اآلمنني األبرياء بغض النظر عن مرتكبي .16تنظيم مؤمتر سنوي عن ظاهرة اإلسالموفوبيا يشارك العدوان أومكان وقوعه. فيه أكادمييون وخبراء ونشطاء ومؤسسات معنية باألمر. رابعا :يجب أيضا التركيز على املصالح املادية املشتركة التي .17ال��ع��م��ل م��ع م��ؤس��س��ات ع�لاق��ات ع��ام��ة أم��ري��ك��ي��ة كبرى ت��رب��ط املسلمني ف��ي ال�ع��ال��م اإلس�لام��ي وخ��ارج��ه بالواليات إلع��داد خطة دعاية وإع�لان وعالقات عامة كبرى لتحسني امل�ت�ح��دة ،وال�ت��أك�ي��د على ال �ص��ور ال�ع��دي��دة ل�ت�ب��ادل املصالح صورة اإلسالم لدى الرأي العام األمريكي على املديني البعيد والتعاون اإليجابي بني الطرفني. واملتوسط. خامسا :ال يعلم الكثير من أهل الغرب ما يحتويه اإلسالم في خامتة هذه النقطة يجدر اإلش��ارة لبعض القواعد التي من احترام وتقدير لألديان املختلفة وألنبياء تلك األديان يلتزم بها كير ومسلموأمريكا ومنظماتهم في عملهم مع وسائل ولقيمهم ،ومن هذا املنطلق يجب التأكيد على القيم املشتركة اإلعالم األمريكية من أجل إجناح جهودهم ،وعلى رأس هذه التي تربط اإلسالم واملسلمني بأبناء األديان األخرى. العوامل التعاون مع أصحاب اخلبرات اإلعالمية والدعائية باملجتمعات الغربية ،ووض��ع برامج علمية متكاملة للتعامل الواليات املتحدة ،واشنطن دي سي ،أبريل 2006 مع الظاهرة ورعاية تلك البرامج ،وبناء العالقات الشخصية
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
47
وسطيتنا
فقه الجهاد وبؤس الفتنة قراءة يف موقف اإلسالم من التطرف والتكفري والعنف د .حممد حب�ش
يناقش هذا البحث واحدة من أخطر األزمات التي مير بها العالم اإلسالمي ،وهي أزمة العنف التي أصبحت ولألسف مرتبطة إلى حد كبير بالعالم اإلسالمي وذلك بعد سلسلة من الكوارث واحلروب واملواجهات التي لم تخمد حرائقها بعد. لقد ظل العنف إلى عهد قريب يرتبط بالغرب الطامع في خيرات املنطقة ،وقد وجد هذا التطرف وقوده وناره في ثقافة اإلحل��اد التي تبناها قسم كبير من الغربيني حيث بدا اإلنسان مجرد عضوفي س�لاالت الطبيعة وله أس��وة بزمالئه من احليتان والوحوش والقرود والطيور فكما يأكل السمك الكبير السمك الصغير غير آسف وال نادم ،وكما يأكل الوحش الكبير الدابة الصغيرة وتأكل اجلوارح دواجن األرض فقد بدا أن اإلنسان ال يشذ عن هذه القاعدة وأكلت القوى املستكبرة الشعوب الصغيرة وأكل القوي الضعيف ثم مضى الغرب إلى متجيد البطش والقوة ،وأعلن نيتشه موت اإلله وأوصى بوضع رفاته في املتحف ،وأعلن اإلنسان سوبرمانا ووحش ًا ،وأن ال مانع أخالقيا أبد ًا من إبادة نصف الناس ليعيش النصف الباقي من األقوياء واجلبارين واملستبدين. وفي الغرب بدأت احلروب الصليبية املدمرة واحلروب االستعمارية املتوحشة ثم أحرق الغرب ذاته في حربني عامليتني ونحومائة حرب إقليمية أخرى خلفت نحوتسعني مليون قتيل ومعاق ،ولم يكن املجتمع اإلسالمي في أول هذه احلروب وال في وسطها وال في آخرها ،فلماذا أصبح املسلمون اليوم هم هدف اإلع�لام العاملي كلما حتدث عن العنف أواإلرهاب أوالفوضى؟
العنف واملوت والفقه
من حروب ويسحقه من جثث فهذا سياق الطبيعة ،وإن هي إال أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إال الدهر!! إن امل��س��أل��ة تتطلب ع���دداً م��ن امل��واج��ه��ات اجل��ري��ئ��ة في سبيل كشف احلقيقة املستورة وبالتالي أيضاً مراجعة الذات وتصحيح معارفنا باإلسالم والشأن الدولي.
دأب قابيل مذ أصبح في العالم سعار وذهب ،وقد دفع هابيل حياته ثمناً ألطماع قابيل ،وقد يكون العالم كله اليوم من نسل قابيل ،ولكن القرن اجلديد قد على أسوأ من مثال قابيل ،من نسج داروي��ن ال��ذي أع��اد لصق اإلنسان بزمالئه البيولوجيني في الطبيعة ،بحيث ميضي في سياق صراع البقاء إن ما يعنينا بوجه خ��اص تقدمي رؤي��ة إسالمية للعالقة الذي ال ينتهي ،حوتاً أوسمكة ،ذئباً أوحم ً ال ،أفعى أوحمامة ،بني اجلهاد واإلرهاب وواجب األمة في إحياء ثقافة اجلهاد، يأكل أويؤكل ،يقتل أويُقتل ،وال داعي للدهشة في ما يشعله وواجبها أيضاً في نشر السالم واألمن في األرض. 48
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
فقه اجلهاد وب�ؤ�س الفتنة
اه ُدوا ِفينَا َلن َْه ِد َين َُّه ْم ُس ُب َلنَا َو ِإنَّ يقول الله تعإلى{ َوال َِّذينَ َج َ ال َّل َه لمَ َ َع مْحُ ال ِْس ِننيَ}(العنكبوت.)69: واجلهاد الذي كان مشروعاً في مكة كان في الواقع يختص بجهاد النفس والهوى ويتناول أيضاً أشكال اجلهاد املختلفة، وقد عددنا منه تسعة أنواع ،وهي مطلوبة من املسلمني بحسب أحوالهم وإمكاناتهم ،وهي:
تشتد احلاجة إلى حترير فقه اجلهاد خاصة عندما نرى أن األمة تقع فيما حذر منه الرسول األكرم من الدخول في الفتنة والتشدد في الدين ،األمر الذي أدى بالغالة إلى تكفير املسلم ألخيه املسلم واستباحة دمه وماله وعرضه ،وهي كارثة مؤملة سبق إلى التحذير منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله لذي اخلويصرة التميمي سيخرج من ضئضئ هذا أقوام جهاد النفس وال�ه��وى واجل�ه��اد باملال واجل�ه��اد بالتعليم أحداث األسنان سفهاء األحالم ال يجاوز إميان أحدهم ترقوته واجلهاد باإلغاثة واجلهاد بالطبابة واجلهاد بالكلمة واجلهاد يقولون بقول خير البرية وميرقون من الدين كما ميرق السهم بالدعاء واجلهاد بالنصرة واجلهاد باإلعالم. من الرمية. أم��ا اجلهاد بالقتال فهوالذي تأخر إل��ى ما بعد الهجرة وحني ظهر التشدد في األمة لم يبال املتشددون في إراقة النبوية حيث قال الله تعإلى { ُأ ِذنَ ِل َّل ِذينَ ُيقَا َت ُلو َن ِبأَن َُّه ْم ُظ ِل ُموا ً دم املسلم وه���در دم���ه ،ودف���ع خ��ي��ار الصحابة حياتهم ثمنا َو ِإنَّ ال َّل َه َع َلى ن َْص ِر ِه ْم َلق َِد ٌ ير} (احلج.)39: ملواجهة ه��ذا الفهم السقيم للجهاد ال��ذي تبناه املتشددون، وف��ي مراجعة سريعة آلي��ات اجلهاد فإنه من املمكن أن وهنا ال نستطيع البدء دون اإلش��ارة باحترام وإج�لال وإكبار إلى الشهيدين السعيدين الكبيرين اللذين اغتالهما التشدد ترى نحوسبعة عشر مستوى من اآليات القرآنية التي تتحدث ُ املنحرف عن هدى اإلسالم وهما صاحبا رسول الله صلى الله عن اجل��ه��اد ،وه��ي آي��ات تبدأ من مثل ق��ول الله تعإلى{قلْ آمنُوا َيغْ ِف ُروا ِل َّل ِذينَ لاَ َي ْر ُجونَ أَ َّيا َم ال َّل ِه ِل َي ْج ِز َي َق ْو ًما عليه وسلم وخليفتاه وصهراه عثمان بن عفان وعلي بن أبي ِل َّل ِذينَ َ بمِ َ ا َكانُوا َيكْ ِس ُبو َن }(اجلاثية ،)14:ثم ترد آيات كثيرة تنهى طالب عليهما رضوان الله. ني َو َد ْع عن القتال كقوله تعإلى{ َولاَ ُت ِط ِع ا ْل َك ِاف ِرينَ َوالمْ ُن َِاف ِق َ فقد استشهد عثمان رضي الله عنه على يد أبناء طائفة اه� ْ�م َو َت َوكَّ لْ َع َلى ال َّل ِه َو َكفَى ِبال َّل ِه َو ِك اً يل} (األحزاب،)48: أَ َذ ُ يزعمون أنهم مسلمني وقد اندفعوا في ارتكاب جرميتهم بعد اصف َْح} (املائدة ،)13:وثم يرتقي وقوله تعإلى{ َف ْ اع ُف َعن ُْه ْم َو ْ أن أفتاهم املنحرفون اقتلوا نعال فقد كفر ،أما علي بن أبي األم��ر إل��ى ح��د اإلذن باملواجهة كما ف��ي قوله تعإلى{ ُأ ِذنَ طالب فقد قتله عبد الرحمن بن ملجم اخلوارجي بسيف لئيم ير ِل َّل ِذينَ ُيقَا َت ُلو َن ِبأَن َُّه ْم ُظ ِل ُموا َو ِإنَّ ال َّل َه َع َلى ن َْص ِر ِه ْم َلق َِد ٌ غادر وهويقول اللهم تقبل مني جهادي ،فإنني ما قتلته إال فيك ال َِّذينَ ُأ ْخ ِر ُجوا ِم ْن ِد َي ِار ِه ْم ِب َغ ْي ِر َحقٍّ ِإلاَّ أَ ْن َيقُ و ُلوا َر ُّبنَا ال َّلهُ وفي سبيلك!! َّاس َب ْع َض ُه ْم ِب َب ْع ٍض َل ُه ِّد َم ْت َص َو ِام ُع َو ِب َي ٌع َو َل� ْولاَ َدفْ ُع ال َّل ِه الن َ إن ما عرفته األمة املسلمة في عصر الفتنة األولى هونفسه َو َص َل َو ٌ ْص َرنَّ ال َّلهُ يرا َو َل َين ُ ات َو َم َس ِ اس ُم ال َّل ِه َك ِث ً اج ُد ُيذْ َك ُر ِفي َها ْ ْص ُر ُه ِإنَّ ال َّل َه َلق َِو ٌّي َع ِزيزٌ }(احلج .)40/39:ويرتفع إلى ما نكابده اليوم من خالل انتشار التشدد الذي حذر منه النبي َم ْن َين ُ صلى الله عليه وسلم ،وهوما يفرض على قادة األمة البحث حد اإلذن برد ال��ع��دوان ،وكذلك قوله تعإلى{ َو َج� �ز َُاء َس ِّيئ ٍَة عن األدلة الشرعية التي حتدد فقه اجلهاد ومتيز بني مسؤولية َس ِّيئ ٌَة ِم ْث ُل َها َف َم ْن َعفَا َوأَ ْص َل َح َفأَ ْج ُر ُه َع َلى ال َّل ِه ِإنَّهُ لاَ ُي ِح ُّب َّ املسلم في اجلهاد ومسؤوليته في اجتناب الفتنة ،وإن اإلسالم الظالمِ ِ نيَ}(الشورى ،)40:ثم تأتي آيات بينات في صريح األمر ُ َ يل ال��ذي أم��ر بسل السيف ساعة اجلهاد أم��رك بكسر السيف بالقتال ضد املعتدين كما في سورة البقرة{ َوق ِاتلوا ِفي َس ِب ِ يوم الفتنة ،وهذا ما يدعونا لدراسة األمر على وفق األدلة ال َّل ِه ال َِّذينَ ُيق َِات ُلون َُك ْم َولاَ َت ْعت َُدوا ِإنَّ ال َّل َه لاَ ُي ِح ُّب المْ ُ ْعت َِدينَ } (البقرة ،)190:ويزداد األمر وضوحاً حتى يؤمر النبي بالقتال الشرعية احملكمة ،وهوما آمل أن تؤديه هذه الورقة. َ يل ال َّل ِه والتحريض عليه كما في قوله تعإلى{ فق َِاتلْ ِفي َس ِب ِ ْ معامل فقه اجلهاد يف الإ�سالم س لاَ ُت َك َّل ُف ِإلاَّ َنفْ َس َك َو َح ِّر ِض المْ ُؤ ِْم ِن َ ني َع َسى ال َّلهُ أَ ْن َي ُك َّف َبأ َ َ ْ َ اجلهاد أحد دعائم اإلسالم الكبرى وهوإرادة الله حلماية ال َِّذينَ َكف َُروا َوال َّلهُ أشَ ُّد َبأ ًسا َوأشَ ُّد َتن ِْكيل} (النساء.)84: احلق في مواجهة الباطل ،وقد شرع اجلهاد مع أيام اإلسالم ولكن هذا األمر اإللهي يأخذ أبعاداً أخرى حني يأمر القرآن األولى ويجب التنبيه إلى أن األمر باجلهاد قد ورد في مطلع الكرمي بصريح العبارة بالقتال ضد الكافرين واملشركني حيث اآليات املكية وليس صواباً أن يقال إنه فرض في السنة الثانية يقول الله سبحانه {ان ِْف ُروا ِخف ً َافا َو ِث َقالاً َو َج ِاه ُدوا ِبأَ ْم َو ِال ُك ْم يل ال َّل ِه َذ ِل ُك ْم خَ ْي ٌر َل ُك ْم ِإ ْن ُك ْنتُ ْم َت ْع َل ُمونَ} للهجرة كما اشتهر ل��دى الناس ،ففي س��ورة العنكبوت على َوأَ ْنفُ ِس ُك ْم ِفي َس ِب ِ اه َد َف ِإ مَّنَا ُي َج ِاه ُد ِل َنفْ ِس ِه (التوبة ،)41:وبعد ذلك تنزل آيات شديدة في حق املتقاعسني سبيل املثال قول الله تعإلى { َو َم ْن َج َ ِإنَّ ال َّل َه َلغ َِن ٌّي َع ِن ا ْل َعالمَ ِ َ ني }(العنكبوت ،)6:وفي آخر العنكبوت عن القتال { َو َجا َء المْ ُ َعذِّ ُرو َن ِمنَ الأْ َ ْع َر ِاب ِل ُي ْؤ َذ َن َل ُه ْم َو َق َع َد ال َِّذينَ السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
49
يم} اخلمسة من الدين والنفس والعرض والعقل واملال ،وهذا اللون يب ال َِّذينَ َكف َُروا ِمن ُْه ْم َعذ ٌ َك َذ ُبوا ال َّل َه َو َر ُسو َلهُ َس ُي ِص ُ َاب أَ ِل ٌ (التوبة ،)90:ويؤمر املسلمون بقتال املشركني كافة{ َو َق ِات ُلوا من اجلهاد تدركه اليوم األنظمة احلديثة على اختالفها وفي اع َل ُموا أَنَّ ال َّل َه َم َع المْ ُتَّ ِق َ المْ ُ ْش ِر ِك َ ني كل دولة في العالم وزارة دفاع معنية ومسؤولة عن جهاد الدفع ني َك َّاف ًة َك َما ُيق َِات ُلون َُك ْم َك َّاف ًة َو ْ }(التوبة.)36: حلماية األوطان واإلنسان ورد كيد الطغيان وهوأمر ال خالف وفي آيات أكثر وضوحاً يرد األمر اإللهي بالنص{ َفإ َذا ان َْس َلخَ فيه وال مزيد عليه. ِ وه ْم الأْ َ ْش ُه ُر الحْ ُ ُ ��ر ُم َفاقْ تُ ُلوا المْ ُ ْش ِر ِك َ وه ْم َو ُخذُ ُ ني َح ْي ُث َو َج ْدتمُ ُ ُ أما جهاد الطلب وهوما يتمسك به عادة دعاة الصدام مع اح ُص ُر ُ وه ْم َواقْ ُع ُدوا َل ُه ْم ُك َّل َم ْر َص ٍد} (التوبة ،)5:وكذلك في العالم فيتم تفسيره عادة على أنه قتال الناس إلدخالهم في َو ْ اب َحتَّ ى ِإ َذا الدين احلق ،ويستند ذلك التعريف مباشرة إلى ما نقله الفقيه قوله تعإلى{ َف ِإ َذا َل ِقيتُ ُم ال َِّذينَ َكف َُروا َف َض ْر َب ال ِّر َق ِ وه ْم َف ُش ُّدوا ا ْل َوثَاقَ َف ِإ َّما َم ّنًا َب ْع ُد َو ِإ َّما ِف َد ًاء َح َّتى َت َض َع احلنبلي ابن قدامه من أن اجلهاد هوقتال الناس إلدخالهم أَثْ خَ ْنتُ ُم ُ الحْ َ ْر ُب أَ ْوزَا َر َها}(محمد.)4: في الدين احل��ق ،ومقتضى ذل��ك ف��إن من رسالة اجلهاد أن تكمن املشكلة في أن التيار التكفيري يرى في هذه اآليات يطارد غير املسلمني إلجبارهم على اإلسالم ،وال يشير هؤالء ناسخاً ملا تقدمها من اآليات البينات ،وتشتهر عندهم عبارة :إلى اخليارات الثالثة املعروفة من اإلسالم أواجلزية أوالسيف األمر على ما مات عليه الرسول وبهذا املعنى فإن هذه اآليات على أس��اس أن الدعوة قد بلغت الناس وال حجة ألحد في تبدوناسخة لكل ما تقدمها من نصوص القرآن الكرمي ،وال اإلع��راض عن اإلس�لام وأم��ا اجلزية فهي خاصة بالنصارى مكان بعد ذلك آليات الرحمة والسالم واحملبة بعد أن فرض واليهود من غير العرب ،أما العرب فال يقبل منهم إال اإلسالم أوالسيف. الله على املسلمني جهاد املشركني كافة. واحلق أن هذا الفهم غير مقبول على اإلطالق وهويتناقض واحلقيقة أن القول بالنسخ في هذه اآليات ال ميكن قبوله ال وشرعاً يشترط شروطاً ثالثة وهي تناقضاً ح��اداً مع قيم اإلس�لام الكبرى في العدل والرحمة ذلك أن القول بالنسخ عق ً أن يتعذر اجلمع بني النصني وأن يكون الناسخ في قوة املنسوخ واإلحسان ويتناقض مباشرة مع قول الله عز وجل{ لاَ ِإكْ َرا َه ِفي الر ْش ُد ِمنَ ا ْلغ َّيِ} (البقرة ) 256 :وقوله{ أَ َفأَنْتَ ِّ ين َق ْد َت َبينَّ َ ُّ الد ِ أوأقوى وأن يعلم املتقدم واملتأخر ،وفي هذه اآليات الكرمية َّاس َحتَّى َي ُكونُوا ُمؤ ِْم ِننيَ} (يونس )99:وقوله { َفذ َِّك ْر فال وجه للقول بالنسخ ألن اجلمع بني النصوص ممكن ،ويجب ُتكْ ِر ُه الن َ ق��راءة كل نص في سياقه فلكل حديث سبب ورود كما في ِإ مَّنَا أَنْتَ ُم َذ ِّك ٌر َل ْستَ َع َل ْي ِه ْم بمِ ُ َص ْي ِط ٍر } (الغاشية،)22/21: القرآن الكرمي أسباب ن��زول ،وق��د بسط العلماء القول في وقوله { َف� َ�م� ْ�ن شَ ��ا َء َفل ُْيؤ ِْم ْن َو َم� ْ�ن شَ ��ا َء َف ْل َيكْ فُ ْر ِإ َّن��ا أَ ْعت َْدنَا ني نَا ًرا أَ َح َ ذلك.غاية األمر أن آيات اجلهاد باقية محكمة ومكانها ساحة ِل َّ اط ِب ِه ْم ُس َر ِاد ُق َها} (الكهف ،)29:وغيرها من لظالمِ ِ َ املعركة ،وال يوجد أي سبب للقول ب��أن ه��ذه اآلي��ات ناسخة النصوص التي تدعوإلى اإلميان باحلكمة واملوعظة احلسنة أومنسوخة ،فحيث نقرأ األمر بالغفران عن الذين ال يرجون وتوكل أمر احلساب إلى الله سبحانه في الدار اآلخرة. وفي قراءة واعية لسنة الرسول الكرمي تكشف لك املوضع أيام الله من الكافرين فاملقصود هم أولئك الذين لم يحاربوننا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا ولم يظاهروا على إخراجنا الذي تعثرت فيه فهم هؤالء وانحرفت عن السياق الصحيح متاماً كما أخبر القرآن الكرمي{لاَ َي ْن َه ُاك ُم ال َّلهُ َع ِن ال َِّذينَ َل ْم للوعي اإلسالمي بالرسالة اخلامتة ،فقد كان الرسول الكرمي ين َو َل� ْ�م ُي ْخ ِر ُج ُ ُيق َِات ُل ُ وه ْم يرسل دع��ات��ه ف��ي اآلف���اق ليقوموا ب��واج��ب ال��دع��وة إل��ى الله وك ْم ِفي ِّ وك ْم ِم ْن ِد َي� ِ�ار ُك� ْ�م أَ ْن َت َب ُّر ُ الد ِ ني ِإ مَّنَا َي ْن َه ُاك ُم ال َّلهُ باحلكمة واملوعظة احلسنة ،ولكن ذلك كان يصطدم مباشرة َو ُت ْق ِس ُطوا ِإ َل ْي ِه ْم ِإنَّ ال َّل َه ُي ِح ُّب المْ ُ ْق ِس ِط َ اه ُروا مب��واق��ف أع���داء اإلس�ل�ام ال��ذي��ن ك��ان��وا يحرمون على الناس ين َوأَ ْخ َر ُج ُ َع ِن ال َِّذينَ َقا َت ُل ُ وك ْم ِفي ِّ وك ْم ِم ْن ِد َي ِار ُك ْم َو َظ َ الد ِ اج ُك ْم أَ ْن َت َو َّل ْو ُه ْم َو َم ْن َي َت َول َُّه ْم َف ُأو َل ِئ َك ُه ُم َّ الظالمِ ُونَ} مخالفة امللوك في الدين فالناس على دين ملوكها ،وهذا ما َع َلى ِإ ْخ َر ِ قام به كسرى واحلارث الغساني حني قاما بقتل رسول النبي (املمتحنة.)9/8: وهكذا فإن آيات اجلهاد محكمة متينة وال وجه للقول بإلغاء الكرمي على الرغم من أن الرسل ال تقتل ،بل على مستوى أي منها بل املقصود أن ندرك املكان والزمان الذي ينبغي أن اجلزيرة العربية فإن عدداً من قوافل الدعوة قتلوا بالكامل منارس فيه القتال ،وهومواجهه العدواحملارب ،وليس مجرد على يد القراصنة واللصوص والصعاليك ،ففي يوم الرجيع قتل الدعاة الثمانية الذين أرسلهم النبي الكرمي على يد أشرار االختالف في الرأي أوالدين أوالعقيدة. من العرب وف��ي ي��وم بئر معونة أرس��ل النبي الكرمي ثمانية جهاد الدفع وجهاد الطلب وثالثني من خيار الصحابة ولكنهم قتلوا عن بكرة أبيهم على والفقهاء يقسمون اجلهاد وفق أدلة الشرع إلى نوعني :جهاد يد عضل والقارة وما جنا إال عمروبن أمية الضمري الذي الدفع وجهاد الطلب ،فجهاد الدفع هوالدفاع عن املقاصد تظاهر أنه بني األم��وات ،وأمام هذا الواقع فمن املنطقي أن 50
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
يكون لقوافل الدعاة قوة حتميها من احل��رس واجلند وهذا السيف يوم الفتنة ،لئال تكون وقوداً جديداً لنار الكراهية في بالضبط ما حصل حني توجهت جيوش الفتح مع الدعاة الذين األرض. كانوا يصدون عن أداء رسالتهم ومتكنوا من توفير احلماية إنها حقيقة من البداهة مبكان ،ولكنني أعتقد أن ترك الكافية للدعاة واملهتدين اجلدد الذين كانوا يستظلون بهم في القتال ف��ي الفنت ق��د يكون أقسى م��ن اقتحام املعركة يوم رحلة الدعوة والهداية. اجلهاد ،وهي حقائق أترك شرحها هنا للنبي األكرم صلى الله ولكن هذه احلقائق تغيرت متاماً مع الزمن ولم يعد يحال بني عليه وسلم :إنها ستكون فتنة يكون املضطجع فيها خيرا من الناس وبني أديانهم التي يريدون ،وأجمعت شعوب األرض على اجلالس واجلالس خيرا من القائم والقائم خيرا من املاشي مواثيق حازمة حتمي حرية التدين ،واليوم يتحرك الدعاة في واملاشي خيرا من الساعي قال يا رسول الله ما تأمرني قال القارات اخلمس ،ليبلغوا رسالة الله ،ومينحوا الفيز من الدول من كانت له إبل فليلحق بإبله ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه املختلفة للدخول وفق شروط مقدور عليها ،وتبنى املساجد في ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه قال فمن لم يكن له شيء كل مكان في العالم ،وميكن ألي منظمة أن تستأجر ما شاءت من ذلك قال فليعمد إلى سيفه فليضرب بحده على حرة ثم من العقارات والفنادق والقاعات إلقامة الشعائر اإلسالمية لينجوما استطاع النجاة. في كل مكان في األرض ،ولهذا األمر بالطبع استثناءات ولكنها وف��ي رواي��ة أخ��رى ق��ال :إن ب�ين ي��دي الساعة فتنا كقطع م��ح��دودة وال تغير شيئاً م��ن طبيعة احل��ري��ة املمنوحة اليوم للدعاة واملبشرين املسيحيني على السواء على األقل في الدول الليل املظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا وميسي كافرا وميسي الدميقراطية في أوروبا وأمريكا وأفريقيا للتبشير باإلسالم ،مؤمنا ويصبح كافرا القاعد فيها خير من القائم واملاشي فيها وال يوجد أي سبب ليكون برفقة كل داعية بندقية إلقناع خير من الساعي فكسروا قسيكم وقطعوا أوتاركم واضربوا الناس أوحلماية الدعاة ،فحماية الدعاة هنا ال تتم ببنادق سيوفكم باحلجارة فإن دخل على أحد منكم فليكن كخير ابني املجاهدين بل تتم باحترام األنظمة والقوانني السائدة في آدم ،ثم تال ق��ول الله :لئن بسطت إل��ي ي��دك لتقتلني ما أنا بلدان العالم املختلفة والتي توفر للزائر حق النشاط الثقافي بباسط يدي إليك ألقتلك إني أخاف الله رب العاملني!! والديني والدعوة إلى الله باحلكمة واملوعظة احلسنة. من املؤكد أن هذا اللون من اخلطاب لن مير بدون نقد، وحتى ال نتورط بالتعميم فهذا على األقل هوشكل الدعوة وسيبدولبعض الناس متاهياً في االستخذاء ورمبا فراراً من اإلسالمية في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأملانيا وهي أكبر دول ال��زح��ف ،وسيتم تفسيره على أن��ه س��ذاج��ة سياسية ،ورمبا العالم احلر اليوم وفي كل هذه البالد دعاة وواعظون ومرشدون مؤامرة لتمرير مشاريع التقسيم والتفتيت ،وطرح الوهن في يعملون في ظل حماية ال��دول التي هم فيها ،ويستخدمون عزمية أتباع املذهب أوالطائفة ،ولكن قراءة في العمق خلطاب امل��س��اج��د واجل��ام��ع��ات واإلذاع������ات واحمل���ط���ات التلفزيونية النبي األكرم جتعلك تدرك أنه لون من أشرف اجلهاد الذي والصحافة ويطبعون الكتب ومنهم من يحمل جنسية البلد جاء به الكتاب وأكدته السنة املطهرة ،ومما ال شك فيه أبداً الذي هوفيه ومنهم من هوسوري أوسعودي أوأردني أومصري أن حمام ال��دم العراقي ال��ذي انفجر في ال��ع��راق لن يندمل يعمل وفق أنظمة هذه البلدان وال ميكن القول إن أحداً منهم بصيحات مثل :هيهات منا الذلة ،ويا لثارات احلسني!! وال أجبر على دين غير دينه أومنع من نشر رسالته وفق القوانني تقحم لعنت أزيز الرصاص وجرب من املوت بشعارات من مثلّ : التي حتكم تلك البلدان في اإلقامة والعمل. ما يقسم!! وسيمضي القتل يجر القتل حتى تتثلم السيوف وت��ف��رغ امل��خ��ازن ،وه��وم��ا ل��ن يسمح ب��ه احمل��ت��ل أب���داً ،فالقوم اجلهاد والفتنة أسخياء باذلون ،وخزائنهم مألى بصناعة املوت ،وسينفقون ال يوجد رس��ال��ة أش��رف ف��ي الضمير اإلنساني وأقدس من نشر الوعي باحلجة والبرهان للتفريق بني اجلهاد في من موازناتهم لتبقى شعلة املوت موقودة ،وسينفقونها ثم تكون سبيل الرحمن وبني الفتنة في سبيل الشيطان ،وأن الوعي عليهم حسرة ،ولن يحسم أمر الدم في العراق إال حني منلك وحده ميكنه أن يجنب الناس جنون احلرب األهلية ،ويفرق اجلرأة واإلرادة لتطبيق مذهب ابن آدم األول ،قال سعد بن بني رسالة اجلهاد ووب��ال الفتنة ،ويشرح لك متى يكون سل أبي وقاص :يا رسول الله أرأيت إن دخل علي بيتي وبسط يده السيف جهاداً ومتى يكون غمده جهاداً ،فالشريعة التي كلفتنا ليقتلني قال فقال رسول الله كن كخير ابني آدم وتال يزيد " مبشقة النفس سل السيف لقتال البغاة واملعتدين ،وكتب عليكم لئن بسطت إلي ي��دك :لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا القتال وهوكره لكم ،هي نفسها الشريعة التي كلفتك أن تكسر بباسط يدي إليك ألقتلك إني أخاف الله رب العاملني. السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
51
قراءة فقهية يف �أحكام اجلهاد وال�صيال واضحة صريحة في ذلك ،حني جاء حذيفة بن اليمان يسأل ال شك أن اجلهاد ال يصح حتت راية عمية وال بد له من النبي الكرمي عن موقف املؤمن أيام الفنت: راية بصيرة ويجب أن يكون حتت راية من بايعه املسلمون بيعة قال حذيفة :كان الناس يسألون رسول الله عن اخلير وكنت صحيحة ،وال يحق ألحد مهما كان فقيهاً أوعاملاً أن يأخذ بيعة أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ،فقلت :يا رسول الله إ ّنا اجلهاد من الناس ،فبيعة اجلهاد هي حق ولي األم��ر وحده كنا في جاهلية وشر ،فأكرمنا الله مببعثك فهدانا إلى هذا الذي انعقدت بيعته بوجه صحيح على األمة. اخلير فهل بعد هذا اخلير من شر؟ قال :نعم ،دعاة على أبواب وعلى سبيل التوضيح فإن اإلمام أبا حنيفة مث ً ال كان يعلم جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. اجلهاد وله فيه فقه محكم متني ،واإلمام الشافعي كان يعلم قلت :فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟ قال :تلزم اجلهاد وله فيه فقه محكم متني ولكن بيعة اجلهاد لم تكن جماعة املسلمني وإمامهم. لهما وأولى من الرجلني ببيعة اجلهاد احلاكم ولوكان فاسقاً، وكانت بيعة اجلهاد للوليد بن يزيد ومل���روان احلمار وألبي قلت :ف��إن لم يكن لهم جماعة وال إم��ام؟ ق��ال :تعتزل تلك العباس السفاح وأمثال هؤالء أيام أبي حنيفة على الرغم من الفرق كلها ،ولوأن تعض بأصل شجرة حتى يأتيك املوت وأنت أن أبا حنيفة أتقى وأبر وأورع وأحكم ،ولكن بيعة اجلهاد لولي على ذلك. واألمر هنا صريح وواضح في وجوب اعتزال الفتنة كلها أمر األمة دون سواه ،واألمر نفسه في سائر علماء اإلسالم األجالء ،وال نعرف أن أحداً منهم أخذ على الناس بيعة اجلهاد ،مهما بدا لك هذا اخليار مرهقاً باألوهام فإن األمر الذي ال وإمنا كانوا يعلمون اجلهاد ويدعون الناس إلى الطاعة ألولياء شك فيه أن املسلم مأمور بالهرب من الفنت ،وقد قال صلى األمر باملعروف واإلحسان. الله عليه وسلم :يوشك أن يكون خير مال املسلم غنماً يتتبع ولكن بعض املتشددين يذهبون إل��ى ال��ق��ول ب��أن القتال بها شغف اجلبال يفر بدينه من الفنت. اليوم الذي يخوضونه ضد املخالفني من املسلمني هوما قرره إن اخلروج من مستنقع الفتنة وإن بدا مطلباً سلبياً ولكنه الفقهاء حتت باب دفع الصائل ،واملقصود هنا هوالدفاع عن في العمق أكثر من إيجابي ،وهويكشف لك عن إرادة واضحة النفس فال خالف أن من تعرض للعدوان فهومعذور في القتال للرسول األعظم حلقن الدماء مهما كانت املبررات واألهداف، ولوكان ب��دون إذن اإلم��ام أوتفويض العلماء ألن الصائل قد ولوكان ذلك على حساب الكرامة الشخصية لألفراد وهواألمر يباغتك في أي مكان ومن غير املعقول أن تنتظر إذناً للدفاع الذي اقتحمه البيان القرآني إلى الغاية بالتعبير الصريح{ آمنُوا َْم��ن َي ْر َت َّد ِمن ُْك ْم َع� ْ�ن ِد ِين ِه َف َس ْو َف َي ْأ ِتي عن نفسك ،بل تقاتل الصائل بأي سالح توفر لك فإن قتلته َيا أَ ُّي َها ال َِّذينَ َ فأنت بريء وإن قتلك فأنت شهيد. ين أَ ِع��زَّ ٍة َع َلى ال َّلهُ ِب� َق� ْو ٍم ُي ِح ُّب ُه ْم َو ُي ِح ُّبو َنهُ أَ ِذ َّل� ٍ�ة َع َلى المْ ُ�ؤ ِْم� ِ�ن� َ يل ال َّل ِه َولاَ َيخَ ُافو َن َل ْو َم َة لاَ ِئ ٍم} األصل الذي يرسم واجب املسلم في الفنت هوقوله صلى ا ْل َك ِاف ِرينَ ُي َج ِاه ُدونَ ِفي َس ِب ِ الله عليه وسلم :إذا التقى املسلمان بسيفيهما فالقاتل واملقتول (املائدة!!)54: في النار ،وأمام نص صريح صادم كهذا ال يحتمل أي تأويل ،الفرق بني اعتزال الفنت ور ّد ال�صائل وقتال البغاة ثارت سلسلة من التساؤالت الكبيرة ،وتناوب األصحاب على ولكن دليلني آخرين ينهضان مقابل ه��ذا الدليل اجللي استيضاح األمر من الرسول نفسه ،وقال قائلهم :يا رسول الله ويؤدي كل منهما إلى االرتباك في منهج التصرف وقت الفنت، هذا القاتل فماذا ذنب املقتول؟؟؟ واجلواب النبوي لم يتأخر ني اقْ َت َت ُلوا األول :هوقول الله تعإلى{ َو ِإ ْن َط ِائ َفت َِان ِمنَ المْ ُؤ ِْم ِن َ عن البيان وكشف النبي الكرمي :إنه كان حريصاً على قتل اه َما َع َلى الأْ ُ ْخ� َرى َفق َِات ُلوا َفأَ ْص ِل ُحوا َب ْين َُه َما َف ِإ ْن َبغ َْت ِإ ْح َد ُ صاحبه!! ال َِّتي َت ْب ِغي َحتَّى َت ِفي َء ِإ َلى أَ ْم ِر ال َّل ِه َف ِإ ْن َفا َء ْت َفأَ ْص ِل ُحوا َب ْين َُه َما ني }(احلجرات.)9: وهكذا فقد وقفت الشريعة موقفاً ص��ارم��اً قاسياً في ِبا ْل َع ْد ِل َوأَقْ ِس ُطوا ِإنَّ ال َّل َه ُي ِح ُّب المْ ُ ْق ِس ِط َ رف��ض االقتتال الداخلي ،واستخدمت أقسى عبارة تهديد واآلخ��ر قوله {م��ن قتل دون ماله فهوشهيد وم��ن قتل دون ووعيد في حق املنغمسني في القتال الداخلي :الوعيد بجهنم للقاتل واملقتول جميعاً ،وكان ينبغي ألمة تؤمن بربانية مصدر عرضه فهوشهيد ومن قتل دون دينه فهوشهيد} ،وواضح أن التشريع أن يصعقها هول الوعيد هذا فتكسر السيوف حال األمر هنا يشتمل على دعوة للدفاع عن النفس في مواجهة الباغي ،ولوأدى ذلك إلى إراقة الدماء!! الفنت ،وتعتزل الناس!! ً وي��ب��دوألول وهلة أن ك�لا من النصني ك��اف لنسف مقولة ليس التكليف بترك السيف في الفنت أمراً سه ً ال بل هوبكل تأكيد أقسى من األم��ر بامتشاق السيف ي��وم املعركة ،أوقل املقاومة السلبية من أساسها وإلغ��راء األم��ة باقتحام سبيل إن شئت إن األمرين في الشدة والعناء سواء ،ولكن علينا أن امل��ق��اوم��ة املسلحة م��ع ك��ل معتد ب���دون تفريق ب�ين الصديق نتذكر أن الشريعة التي أمرت بسل السيف يوم اجلهاد أمرت والعدو!! ول��ك��ن ب��اآلل��ة األص��ول��ي��ة نفسها ف��إن علينا أن ن��ق��رر من بكسر السيف ي��وم الفتنة ،وق��د ج��اءت بيانات النبي الكرمي 52
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ه��وال��ب��اغ��ي؟ وك��ي��ف ل��ن��ا أن جن���زم أي ال��ف��ري��ق�ين ه��وم��ن أمر القرآن بقتاله على أساس أنه من البغاة ،ولكن قراءة متأنية لنصوص الشريعة جتعلك تدرك أن اخلطاب هنا موجه لألمة مبجموعها عندما تكون موحدة ولها إمام انعقدت بيعته بوجه صحيح وليس له معارض ،فهاهنا فإن األمر القرآني موجه إلى القيادة التي حظيت ببيعة تامة ال نزاع فيها ،وأصبح لها مؤسسة قضائية حتظى باحترام اجلميع ،وفي اآلية نفسها يك ْم َر ُس َ اع َل ُموا أَنَّ ِف ُ ول النص الصريح بذلك وهوقوله تعإلى{ َو ْ َ َّ يع ُك ْم ِفي َك ِث ٍير ِمنَ الأْ َ ِْم��ر َل َع ِنتُّ ْم َول ِك َّن الل َه َح َّب َب ال َّل ِه َل ْو ُي ِط ُ ميا َن َو َز َّي َنهُ ِفي ُق ُل ِوب ُك ْم َو َك َّر َه ِإ َل ْي ُك ُم ال ُْكفْ َر َوا ْلفُ ُسوقَ ِإ َل ْي ُك ُم الإْ ِ َ َوال ِْع ْص َيانَ} (احلجرات،.)7:ومقتضى ذلك أن النبي الكرمي بوصفه ق��ائ��داً إجماعياً ل�لأم��ة ه��وم��ن ي��ح��دد البغاة ويأمر بقتالهم ،وهنا نفترض ب��أن ال��دول��ة م��وح��دة مستقرة فوقع نزاع بني قبيلتني أوقريتني أوحزبني أوحركتني فهاهنا يتعني على قيادة األمة التي حظيت باإلجماع أن تبدأ بالصلح بني املتقاتلني فإن أبت إحداهما فتقاتل التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل.
م��راده من الضحية قبل أن يصل الغوث من الدولة ،فيجب التقيد بشروط صارمة في ذلك ومنها أن الصائل إذا أمكن دفع شره بالصياح واالستغاثة لم يجز ضربه بالعصا وإن أمكن دفعه بالعصا لم يجز ضربه بالسالح وإن رده ضربه في رجليه لم يجز ضرب رأسه ،وهذه كلها يقدرها املدافع الذي يتعرض لالعتداء!!
ومع ذلك كله فلنتأمل في معنى ثناء النبي األك��رم على الشهيد املقتول وعدم ثنائه على املدافع القاتل ،مع أنه معذور وال حرج عليه ،ولكن رسول الله ذكر املقتول هنا الذي ميوت في دفاعه عن عرضه وماله ودينه!! وهكذا فإن أحكام دفع الصائل ال يجوز أب��داً أن تكون تبريراً ملا يحصل اليوم من الترصد واالغتيال والثأر واالنتقام على أس��اس أنه رد للصائل ،وهي الدعوى التي يستخدمها اليوم بالتساوي طرفا النزاع من املتورطني في القتال الداخلي الفلسطيني.
أعتقد أنه بعد حترير هذه املسائل في الشريعة لم يعد من حق أحد أن يقول في تبرير الفتنة الطاحنة إنها حق شرعي في وه��ك��ذا ف�لا ميكن على اإلط�ل�اق إع��م��ال ه��ذا النص في الدفاع عن النفس يبيح له الترصد واالغتيال والثأر ملخالفيه ظروف االنقسام والفتنة حني ال يكون لألمة رأس واحد محل مهما زين ذلك بأعذار ظاملة أوفاجرة. إجماع الكافة ،وهنا بالضبط أجاب النبي الكرمي على سؤال حذيفة حني قال :فإن لم يكن لهم جماعة وال إمام؟ قال تعتزل التكفري وهدر الدم تلك الفرق كلها ،فليس ملن لم يحظ بإجماع األم��ة أن يكون ليست املشكلة في التكفير بل املشكلة فيما يستتبع ذلك من حكماً في حتديد الباغي من الفريقني ،وهنا نستأنس مبوقف تهديد حلياة الناس ،فلوكانت املشكلة في إعالن اآلخر غير الصحابي اجلليل سعد بن أبي وقاص الذي اعتزل الفنت كلها مقبول دينياً لكان األمر في غاية اليسر والسهولة ،فليست على الرغم من أن الباغي كان محدداً مبا يشبه النص ،حني ل��دي شخصياً مشكلة أن يقال لي أن��ت كافر بصلب املسيح قال الرسول الكرمي لعمار بن ياسر :تقتلك الفئة الباغية ،ومع أوكافر بطبيعته الالهوتية فهذه مسألة ال أنكرها وال تزعجني ذلك فإن سعداً لم ير اجلهة املرجعية التي ميكنها تطبيق نص ألنني أعلم أنه لن يكون لذلك تبعات أخرى ،ولدي جوابي الذي كهذا فاختار اعتزال الكل وكان أكثر الصحابة حكمة وجناحاً يفهم منه صديقي املسيحي أنني أختار موقفي الفكري دون وتوفيقاً. أي إس��اءة للسيد املسيح أوملن يتبعونه بل هي طريقة أخرى أما النص اآلخر في أن من قتل دون ماله أوعرضه فهوشهيد في تفسير محبتي للسيد املسيح وبيان عناية الله تعإلى به فهوما درسه الفقهاء الكرام حتت عنوان :دفع الصائل والصائل وحمايته له. هواملعتدي الذي يبلغ فناء دارك ويهم باالعتداء عليك فهنا ليست املسألة إذن في التكفير بل فيما شاع لدى الناس يشرع لك الدفاع عن نفسك ،ولكن هذا الدفاع مقيد أيضاً أن الكفر يهدر عصمة ال��دم ،وبالتالي فإن من يختار موقفاً بأدلة الشرع ،فهوأوالً خاص مبهاجمة الصائل نفسه ،وهومن آخر يختلف في االعتقاد فإنه يقامر بعنقه ويبيح للسلطان أن يتحرك مباشرة لالعتداء عليك ،والتعبير بالصائل دقيق يستتيبه ثالثاً ومن ثم أن يأمر بضرب عنقه ،وهوكالم جد وضروري وال يجوز أن يشمل أكثر من الصائل نفسه فال يجوز خطير ولولم يكن هناك سلطان وال والي وال إمام ،إذ ما أسهل هنا قتال أه��ل الصائل أوفصيل الصائل أوش��ري��ك الصائل أن تنتج الثقافة التكفيرية محتسبني مأجورين لتنفيذ هذه أوح���زب الصائل ،وال حتى اآلم��ر بالصيال ،وذل��ك ألن دفع األحكام بالبسالة املطلوبة ويحصلون على آالت القتل مأجورة الصائل استثناء من األًصل وضرورة ينبغي أن تقدر بقدرها ،أوغير مأجورة ،فإلى أي حد يصح القول بأن الكفر يستلزم وال يجوز التزيد عليها. هدر الدم ،وبالتالي إقامة حد القتل على الكافر؟؟ وزي���ادة على ذل��ك ف��إن الفقهاء نصوا هنا على ع��دد من األحكام لضبط سلوك األفراد ،ألن دفع الصائل استثناء من األص��ل فاألصل أن الدولة هي من يقيم األحكام والعقاب، ولكن هنا ج��از ل�لأف��راد ذل��ك ض���رورة ،ألن الصائل قد يبلغ
وحتى ال نغرق في األوهام فإن الكفر الذي قررت الشريعة أن���ه يستوجب ال��ق��ت��ل وال��ق��ت��ال ه��وال��ك��ف��ر امل��ت��ص��ل باحلرابة والعدوان ،وهوحالة مفهومة متاماً حني كانت األمة في حرب مع كفار قريش ،وحني يخرج رجل كعبد الله بن خطل فيعلن السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
53
خروجه من اإلس�لام ويلحق مبعسكر قريش ويغري قريشاً بحرب اإلس�لام ويكرس نفسه ع��دواً لألمة مينح أسرارها لعدوها ،وحد الردة هنا الذي قررته الشريعة وطبقه الفقهاء ميكن فهمه متاماً إذا تذكرنا الطيار السوري املرتد بسام عدل الذي ركب طائرته قبل عشر سنوات وحلق بإسرائيل وخان دينه ووطنه وهوميضي اليوم أيامه في السجون اإلسرائيلية بعد سلسلة من اجلرائم ارتكبها جتاوزت ما يقبله الصهاينة أنفسهم من خائن محترف. أعتقد أنه بهذا املعنى يجب أن نفهم كل ما قالته نصوص الشريعة في حد الردة ،وهنا ستجد أنك مؤيد بالنقل والعقل والشرعة الدولية وحقوق اإلنسان في معاقبة مجرم من هذا الطراز.
ولكن حترير حكم ال��ردة على أس��اس أن��ه االختالف في امل��وق��ف ال��ف��ك��ري يعتبر م��ن وج��ه��ة ن��ظ��ري أب��ل��غ إس���اءة لقيم اإلسالم في احلرية والرحمة والعدالة ،وهويتناقض بالكلية مع سلوك املسلمني إبان صعودهم احلضاري يوم كان املخالف في الرأي يحظى بعناية الدولة املسلمة وحمايتها مهما كان اختالفه حاداً إذا لم يتجاوز اجلانب الفكري والنظري ،وهنا فمن املناسب أن نتذكر جهد خلفاء اإلسالم الكبار كأبي جعفر املنصور واملأمون في تنظيم الندوات الصريحة مع الدهريني الذين أن��ك��روا باملطلق وج��ود إل��ه وق��ال��وا العالم م���ادة!! حني كانوا يعقدون املناظرات على شواطئ دجلة بإشراف وحضور مباشر منهم ليستمعوا إل��ى فقهاء اإلس�ل�ام وه��م يحاورون املخالفني باحلجة والبرهان دون أي آلة قهر أوقمع ،وبعد ذلك كان املخالفون يعودون إلى بيوتهم وميارسون حياتهم ويكتبون مزيداً من كتبهم وأفكارهم ،وكان اخللفاء يشترون بالذهب ما يترجم من كتب اليونان والرومان مع أن الثقافة الوافدة هذه كانت ال تخفي وجهها املادي في كثير من األحيان وتتحدث لغة مناقضة في الصميم جلوهر العقيدة اإلسالمية!!
وهي حقائق دلت لها اآليات القرآنية املتضافرة في الكتاب يعا أَ َفأَنْتَ العزيز{ َو َل ْو شَ ا َء َر ُّب َك لآَ َمنَ َم ْن ِفي الأْ َ ْر ِض ُك ُّل ُه ْم َج ِم ً ني }(يونس )99:؟؟ {لاَ ِإ ْك َرا َه َّاس َحتَّ ى َي ُكونُوا ُمؤ ِْم ِن َ ُتكْ ِر ُه الن َ الر ْش ُد ِمنَ ا ْلغ َّيِ} (البقرة ،)256 :وعليه ِفي ِّ ين َق ْد َت َبينَّ َ ُّ الد ِ فإنه ال إك��راه في التقوى وال إك��راه في العبادة ،ولوشاء ربك آلمن من في األرض كلهم جميعاً. ولكن هذه ال��روح من إع��ذار املخالف في الفكر ومعاقبة املخالف ال��ذي يستخدم العنف توشك أن تنطمس في غبار الفكر التكفيري الذي يستبيح اليوم دماء املجتمع بأسره على أساس ظواهر نصوص تقتطع من سياقها ومواردها ،وسيتم االكتفاء بتقدمي بعض األمثلة السريعة مما ميكن قراءته كل يوم لفهم كيف حتولت مسائل حكم الردة من مسؤولية قانونية حلماية أمن األمة إلى راديكالية متطرفة تبرر بسهولة استباحة الدماء واألعراض. عادة ما يتم االستشهاد باحلديث املشهور وفيه أن أسامة
54
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
بن زيد واجه رج ً ال من املشركني فلما متكن منه قال الرجل أشهد أن ال إله إال الله ،فكف عنه أسامة ولكنه عاود بعد ذاك القتال حتى متكن منه أسامة فنطق الشهادتني ثانياً ولكن أسامة لم يكف عنه بل قتله بالسيف وح�ين ع��اد إل��ى النبي الكرمي فأخبره مبا ج��رى ،غضب النبي الكرمي وق��ال أقتلته بعد أن قالها!! قال إمنا قالها تعوذاً من املوت ،فغضب الرسول وقال وهل شققت عن قلبه؟ وهل شققت عن قلبه؟ كيف تصنع إذا جاءتك ال إله إال الله حتاجك يوم القيامة؟؟ ولكن حني ورود عادة هذا احلديث نواجه سؤاالً طبيعياً بعد ذلك وهوماذا لولم يقل هذه العبارة؟ فهناك باليني البشر اليوم ال ينطقون بالشهادتني من أهل كتاب وبوذيني وهندوس وعلمانيني وال دينيني ،فهل هؤالء مهدوروالدم ،يجب قتلهم وسلب أموالهم ،وهل يؤسس اإلسالم لعالقات دموية مع أمم األرض بحيث ال يكون التعايش إال على مبدأ أسلم تسلم وإال ضربناك بالسيف؟ واض���ح أن ه��ذا احل��دي��ث ورد ف��ي غ��ب��ار املعركة وهناك يتعني أن يكون األصل التهمة وال خيار للعسكري وهوفي موقع احلراسة في أن يكون مشرع البندقية جتاه كل قادم وأن يكون األصل هواالتهام والريبة واالستثناء هوحسن الظن ،ولكن ال يسوغ على اإلطالق أن يكون هذا اللون من اخلطاب هواألصل الذي يحكم سائر عالقات املسلمني بغيرهم ،ومن السذاجة تصور أننا نحتاج إلى هذه الكلمة لعصمة دم اآلخر املخالف، بل إن القرآن الكرمي ذهب هنا إلى أبعد من ذلك حني قالت يل ال َّل ِه اآلية الكرمية { َيا أَ ُّي َها ال َِّذينَ َ آمنُوا ِإ َذا َض َر ْبتُ ْم ِفي َس ِب ِ الس اَل َم َل ْستَ ُمؤ ِْمنًا َت ْبتَغُ ونَ َف َت َب َّينُوا َولاَ تَقُ و ُلوا لمِ َ ْن أَ ْلقَى ِإ َل ْي ُك ُم َّ َ الد ْن َيا َف ِع ْن َد ال َّل ِه َمغ مِ ُ َع َر َ َان َك ِثي َرةٌ َكذ َِلك ُك ْنتُ ْم ِم ْن ض الحْ َ َي ِاة ُّ َ َ ُ َ َّ َّ ُ َ َ َ خَ ك ه ل ال إ ُوا ن ي ب ت ف م ك ي ل ع ل ال ن م ف َق ْب ُل يرا ب ل م ع ت ا انَ ونَ نَّ هُ َ َّ َ َ َ َ َ ِ َّ ِ ً بمِ ْ ْ ْ }(النساء ،)94:فاحلديث هنا عن إميانه أوعدم إميانه وليس عن عصمة دمه أواستبقاء حياته. إن خطاب النبي ال��ك��رمي ف��ي عصمة ال��دم ك��ان واضحاً وجلياً في آخر أيام حياته ولقائه مع الناس حني وجه خطابه بوضوح للعالم في حجة الوداع :أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام حرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ،أيها الناس كلكم آلدم وآدم من تراب!! لم يقل يومها يا أيها الذين آمنوا وال يا أيها املهاجرون وال يا أيها األنصار وال يا أهل بدر وأحد واخلندق وبيعة الرضوان وإمن��ا ك��ان قوله :يا أيها ال��ن��اس ،وهوتأييد خلطاب القرآن {م ْن أَ ْج ِل َذ ِل َك َك َت ْبنَا َع َلى َب ِني ِإ ْس َر ِائ َ يل أَنَّهُ َم ْن َقت ََل الكرمي ِ َ َ لأْ يعا َّاس َج ِم ً َنفْ ًسا ِب َغ ْي ِر َنفْ ٍس أَ ْو َف َس ٍاد ِفي ا ْر ِض َف َكأ مَّنَا َقت ََل الن َ يعا }(املائدة ،)32:وهنا َو َم ْن أَ ْح َي َ َّاس َج ِم ً اها َف َكأَ مَّنَا أَ ْح َيا الن َ نالحظ أنه لم يقل من قتل مؤمناً أومسلماً أوسنياً أوشيعياً وإمنا قال من قتل نفساً. وهكذا ف��إن الفكرة الشائعة من ت�لازم الكفر أوالشرك بضرب الرقاب ليست منطقاً إسالمياً بأي وجه من الوجوه وإمنا هي حصيلة قراءة غبية ملقاصد الشريعة وخلط فاضح بني أحكام احلرب وأحكام السالم.
مقاالت الوسطية
األدب اإلسالمي: إىل أين يمضي؟ د .م�أمون فريز جرار األدب اإلسالمي ظاهرة جديدة قدمية :جديدة؛ ألنها وجدت من ير ّوج هذا املصطلح «األدب اإلسالمي» ويتبنّاه ،فيكتب فيه املقاالت والبحوث والكتب ،وينشئ له رابطة عاملية لها مكاتبها اإلقليمية وال��ف��روع ،وتعقد له امل��ؤمت��رات وال��ن��دوات ،وأصبح األدب اإلسالمي مادة تدرس في جامعات في املشرق واملغرب، بل صار تخصصاً تُنال فيه الدرجات العلمية العالية. وهوظاهرة قدمية في الفعل ،وإن لم ينتشر مصطلحاً ،فاألدب الذي نشـأ في ظـالل العهد النبوي ،نصر ًة لله ورسوله ،ودفعاً عن الدين ،كان أدباً إسالمياً امتد من بع ُد في القرون يحمل ّ الرؤية اإلسالمية للوجود واحلياة ،ويع ِّبر عنها تعبيراً فنياً ،مع وجود انحرافات هنا وهناك متثلت في الرؤية الدنيوية املنبتّة ِ العالقات مع اآلخـرة ،املبنية على عالم الشهادة ،واملنغلقة عن عالم الغيب.
في الشعر والقصة والرواية واملسرحية واخلاطرة والسيرة وأدب الرحلة ،وفي النقد التنظيري لفنون األدب املختلفة، وفي النقد التطبيقي لشعر وشعراء ،ونصوص قصصية وأدباء، وفي إعادة النظر في تاريخ األدب ،وفي ترجمة نصوص أدبية من العربية إلى اللغات األخرى ،ومنها إلى العربية. يضاف إلى ذلك كله ،وهوشيء كثير ،هذه الدوريات التي تتبنّى األدب اإلسالمي وتنطق باسمه ،وهي دوريات لعلها تبلغ العشر ،في طليعتها مجلة (األدب اإلسالمي) التي تصدر عن رابطة األدب اإلسالمي ،ومجلتا (قافلة األدب) في باكستان والهند ،ومجلة (املشكاة) التي تصدر في املغرب. وقد استطاع عدد غير كبير من األدباء اإلسالميني احتالل مكان مرموق في خريطة اإلب��داع األدب��ي في ع��دد من بالد العرب ،ولن يكون ذلك األدب دون املأمول إن شاء الله.
لقي التجاهل حيناً هذا األدب اإلسالمي القدمي اجلديد َ من رواد األدب الذين نَ�� َأ ْوا به في تصورهم عن قيود الدين؛ والآن ماذا عن م�ستقبل الأدب الإ�سالمي؟ ألن��ه��م رأوا ف��ي األدب املنطلق أوامل��ن��ف��ل��ت إب��داع��اً ال ميلكه ولإلجابة عن هذا السؤال ال بد من حتديد مرادنا لهذا األدب اإلسالمي ،وجعلوا موازينهم موازين الغربيني ال القيم املستقبل وتص ّورنا له ،األدب اإلسالمي أدب رسالي ،هوجزء اإلميانية. من أدوات الدعوة؛ يهدف إلى نشر الرؤية اإلسالمية والتصور ولقي األدب اإلسالمي الرفض من طرف أولئك ،فهاجمه اإلمياني ،وإمتاع املؤمنني بفنون األدب املختلفة من غير إخالل من هاجمه ونفى أن يكون هناك أدب مرتبط بالدين :أدب بالضوابط الشرعية .وحتى يحقق هذا األدب رسالته ال بد أن ينتشر بني الناس ال املؤمنني وحدهم؛ ألنه وسيلة إلى نشر إسالمي أومسيحي أويهودي. ومع ذلك استطاع رواد األدب اإلسالمي في العصر احلديث اإلسالم بأسلوب فني مح ّبب رشيق ،وهذا يقتضي مواصفات جتاوز العقبات والتجاهل واملعارضة ،وها هي مكتبة األدب فيه جتعله رائجاً مقبوالً ال محصوراً باملتدينني وحدهم. في ضوء هذا التصور ومن خالل مراجعة مسيرة رابطة اإلسالمي تنمووتكبر ،وكم صارت احلاجة ملحة إلصدار طبعة جديدة من دليل مكتبة األدب اإلس�لام��ي! ليرى املعارضون األدب اإلسالمي العاملية خالل سنوات وجودها ميكن أن أقول: واملتجاهلون ثمرات هذا األدب في اإلبداع والدراسات النقدية :إننـي غـيـر متـفائل مبسـتقبل األدب اإلسـالمـي ،وهـذا األمـر ال السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
55
يقتضي التشاؤم بل يدفع إلى العمل إلصالح اخللل.
ولعل هذه املكاتب تبلغ عند كتابة هذا املقال أحد عشر مكتباً
إن لم تكن أكثر من ذلك ،ويتبع بعض املكاتب فروع .وللرابطة مجالتها وإصداراتها من الكتب ،وللمكاتب أنشطة في لقاءات أدبية أسبوعية أونصف شهرية ،ولها مسابقاتها ومواسمها األدبية ،وكل ذلك عالمة عافية طيبة ،لكن الذي يقلق أن هناك «اعتماداً» مالياً من الفروع على املركز يجعل أكثرها مع ّرضاً لهزّة عنيفة إن حدث أمر ما قطع هذا املدد؛ فميزانية أكثر املكاتب تعتمد في نصفها أوأكثر من ذلك على املدد املركزي، وال يخفى ما في هذا األمر من اخللل واإلشكال.
إن��ن��ي غ��ي��ر م��ت��ف��ائ��ل؛ ألن ال��ع��ام��ل�ين ل�ل�أدب اإلس�لام��ي لم يستطيعوا اخ��ت��راق أس����وار احل��ص��ار ف��ي وس��ائ��ل اإلع�ل�ام، وأخص منها املطبوعة من جرائد ومجالت؛ فال تزال أسماء أكثرهم مجهولة لدى اجلمهور على كثرة إنتاج عدد غير قليل منهم ،فليس لألدباء اإلسالميني حضور إعالمي جماهيري، مقصرون في حق أنفسهم في والعاملون ل�لأدب اإلسالمي ِّ التعريف باألدب اإلسالمي ونقده ،وهوأمر أتقنه اآلخرون أكثر وقاصني من اإلسالميني ،ولهذا جند رموز األدب من شعراء ّ و ُكتّاب رواية ،بل أعالم الكـتابة الصحفـية ،من ذوي االجتـاه غيـر اإلسـالمي؛ مما يجعل في أيديهم أدوات التأثير وصناعة وأمر آخر مهم وهوأن العمل في الرابطة في أكثر األحيان الرأي العام والتوجيه األدبي. لم يرتقِ إلى «املؤسسية» بل يعتمد على «اجلهد الفردي» الذي وم��ن ال��ع��وام��ل ال��ت��ي ال ت��دع��وإل��ى ال��ت��ف��اؤل ضيق مساحة يصل بصاحبه إلى درجة اإلرهاق؛ فقد وهب عدد قليل وقتهم م��ن��ش��ورات األدب اإلس�لام��ي م��ن كتب وم��ج�لات ،وانحصار للرابطة وشؤونها ،واستنام كثير من األعضاء بدعوى أن األمور ق ّرائها في املتدينني .وأضرب على ذلك مث ً ال :مجلة (األدب تسير على ما يرام ،وإن يكن آخرون من املتفرجني قد يتهمون اإلسالمي) التي كان يصل إلى األردن منها ثالثمائة نسخة تُوزّع من خالل إحدى وكاالت التوزيع ،وكان املرجتع منها كبيراً «العاملني إلى ح ِّد اإلرهاق» بالدكتاتورية واالستئثار بالعمل! ال ،وقد كان العدد أول األمر خمسمائة ،ثم توقفت فإلى الله املشتكى وح��ده ،وبخاصة أن رضا الناس غاية ال واملباع قلي ً الوكالة عن توزيع املجلة ،وقد سعى اإلخوة في املكتب اإلقليمي تدرك. في األردن لدى وزارة التربية والتعليم لشراء املجلة للمكتبات املدرسية ،وهي خطوة جيدة لكنها قليلة األثر؛ ألن املكتبات وأختم بالسؤال� :إىل �أين مي�ضي الأدب الإ�سالمي؟ املدرسية شبه ّ معطلة؛ الفتـقاد احلصـة املكتـبية وقلّـة الوقـت هذا السؤال يلقي مبسؤولية كبيرة على كل من يؤمن باألدب املـتاح للطلـبة لالنتفاع مبا فيها. وسيلة دعوة؛ ليدرك الواقع ويستطلع املستقبل ،ولِيزر َع اليوم ولك ْن هناك نقاط مضيئة في هذا اجلواملعتم جتعل األمل ما يكون حصاداً طيباً في املستقبل بتوفيق الله تعإلى. في املستقبل يأخذ مساحة أكبر؛ فوجود اإلذاعات اإلسالمية واحملطات الفضائية (اإلسالمية) مع حتفّظ بعض اإلسالميني املطلوب من األدباء اإلسالميني ،ليحققوا واقعاً طيباً ومستقبالً على بعضها ،هذا األمر إن أحسن األدباء اإلسالميون التعامل مشرقاً لألدب اإلسالمي ،أن ينتقلوا من مرحلة الهواية إلى معه ميكنهم أن ير ِّوجوا األدب اإلسالمي من خالل الوسائل مرحلة االحتراف. املتاحة بالبرامج األدب��ي��ة املتنوعة ،وه��ذا يتيح للمشاهدين واملطلوب من الباحثني في األدب اإلسالمي أن يرتقوا إلى واملستمعني املجال ملعرفة األدب اإلسالمي واالنتفاع به. مرحلة النقد املنهجي لهذا األدب؛ لفرز الغثِّ من السمني، وم��ث��ل ذل���ك م��واق��ع اإلن��ت��رن��ت ،وأض����رب عليها م��ث ً �لا طيباً، ووض��ع األم���ور ف��ي نصابها بعيداً ع��ن املجاملة وب��ع��ي��داً عن هو(رابطة أدباء الشام) التي استطاعت استقطاب أدباء من مختلف أنحاء العالم اإلسالمي ،وصارت مرجعاً مهماً لألدب التجريح الذي ميزج بني الشخص والنص. اإلسالمي؛ ألن هذا املوقع يحتفظ مبواده ،ويستطيع القارئ كما أنه مطلوب من األدب��اء اإلسالميني أن يتحلّوا بالروح الرجوع إليه لالطالع على ألوان من األدب اإلسالمي. اإلميانية التي تقبل النقد /النصيحة ـ كما س ّماه الدكتور
وقفة مع رابطة الأدب الإ�سالمي
عدنان النحوي ـ ومن لم يستطع شيئاً ولم يصلح ملجال من األدب فله مجاالت أخرى قد يصلح لها.
هذه الرابطة األدبية العاملية التي ميكن أن نع ّدها «اإلطار واملطلوب أيضا احتضان البراعم األدبية الناشئة وتنميتها العام» اجلامع لدعاة األدب اإلسالمي ومنتجيه .لقد منت الرابطة من ّواً َع ْرضياً أوأفقياً طيباً ،فافتتحت مكاتب إقليمية فنياً وحتصينها إميانياً؛ لتكون أشجاراً طيبة تؤتي الثمرات شملت مواقع كثيرة من املغرب غرباً حتى بنغالديش شرقاً ،النافعة في الدنيا واآلخرة.
56
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
مقاالت الوسطية
اإلسالم والغرب املمانعة شرط املقاربة هاين الفح�ص اإلسالم والغرب ،ثنائية احتدم اجلدل حول مسألة القطع وال��وص��ل بني طرفيها في ما دع��ي عصر النهضة ،وم��ا زال هذا اجلدل يتجدد ويحتدم مع كل مستجد معرفي أوعملي، قد يعني ذلك أن اإلس�لام والغرب ،في مقام التقابل ،ليسا مفهومني نهائيني ،بل هما تاريخيان ،وعليه فإن املتغيرات تتيح أوتلزم مبقاربة مستمرة لهذه الثنائية ،آخذين في اعتبارنا أن العالقة بني اإلسالم والغرب تراوح بني التوتر النسبي -العالي النسبة أحياناً -وبني التصالح الذي ال يخلومن االلتباس. أما من أين تبدأ املقاربة؟ فاملفروض أن تبدأ في كل مفصل، من نقطة النهاية أواألخيرة ،حتى ال نقع فريسة للكم الهائل من االلتباسات التي تراكمت على مدى زمني وصراعي طويل، وحتى يكون بإمكاننا أن نعالج ال��راه��ن وامللموس م��ن أجل استشراف املستقبل ،بدل أن نبقى أس��رى الذاكرة البعيدة. خاصة وأن الغرب – اآلن -ورغم سعة مساحة املشتركات، ليس غرباً واحداً وتاماً ،أما اإلسالم فهواآلن في طريقه إلى تظهير عسير ومؤلم لتعدديته التي ترتسم في مشهد لرزمة من التقابالت احلادة ،مما يدعوأهل االعتدال والرؤية والتقوى، إلى استدراك املخاطر وإع��ادة التعدد الطبيعي إلى نصاب الوحدة ،هذه املماثلة متكننا من حتقيق رغبة مشروعة في رؤية أوجعل العالقة بني اإلسالم والغرب أكثر واقعية وجتنباً لسلبيات التحوير الذهني احمل��ض ،وال��ذي يغري بافتراض الغربة الكاملة بني الطرفني. ف��ي ح�ين أننا ال نستطيع أن ننكر أن هناك تداخالت وتقاطعات قد تصل إلى حد العالقات الطبيعية بني حركة احلياة والناس في الغرب والعالم اإلسالمي ،وقد شهدنا لها ص��وراً على كثير من البهاء في جتربة األندلس التي كانت
ثمرة اختيار املسلمني لإلميان الكبير والتوحيد اإلبراهيمي جامعاً على ورشة علمية واجتماعية وعمرانية معروفة ،ولم نعدم هذه الثمرة في احلروب الصليبية التي مهدت بتأثيرات املسلمني على الغربيني أثناءها في التأسيس لعصر األنوار، وحتى العهود االستعمارية املباشرة وغير املباشرة الحقاً ،كان لها بعض التأثيرات اإليجابية في هذا املجال...ومن املؤسف أن قلة منا ت��وف��روا على ق��راءة ه��ذه الوقائع ،بينما تكررت القراءات لها في الغرب وما زالت تتجدد..قد يعني هذا أننا أصبحنا أشد مي ً ال إلى الشراكة الثقافية أواحلضارية ،التي ميكن أن تكون من أهم الشروط أواملؤهالت التي متكننا من تفادي سلبيات التغريب باملعنى االستيالئي أواالستحواذي. لوأردنا أن نرد اإليجابي واحليوي من تأثيراتنا املتبادلة إلى أصولها املعرفية والتاريخية ،لوجدنا أن احلضارة الغربية التي تقر بأصولها اليونانية (الهلينية) والرومانية ،ال تنكر أن هذه األصول قد مرت بالقنوات اإلسالمية العربية ،ما جعل االجتماع الغربي بكل ألوانه وحساسياته ،غير غريب أوبعيد عن النمط العربي واإلسالمي. وعليه...فهل بإمكاننا أن نتوقع ونعمل ونشهد حالة من التفاعل وال��ت��واص��ل ب�ين ال��ع��ال��م اإلس�لام��ي وال��غ��رب م��ع أن الظروف الراهنة تشير إلى عكس ذلك متاماً؟ قبل عقد ونيف من السنني ،وقبل إعادة تأسيس القطيعة في احلادي عشر من أيلول ،بناء على حالة من التوتر والتوتير املتبادل وعلى إيقاع العوملة وأح��ادي��ة القطب الغربي عامة واألم��ري��ك��ي خاصة بعد حسم احل��رب ال��ب��اردة ،وعلى إيقاع العوملة وسعي الرأسمالية لتجديد ذاتها وأنظمة مصاحلها موصوالً باملتحوالت العلمية ،كان من املمكن الكالم عن أن السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
57
يكاد اآلن يبدووكأنه شأن غربي محض...هذا االنتباه...من شأنه أن يجعل املسلمني أوهوقد جعلهم مضطرين إلى جتريد املنجز التاريخي من بعده األيدلوجي احلاجز ليروا فيه مشتركاً إنسانياً يدفعهم إلى إزالة احلساسية جتاه الغرب...بعد ما مت االنتباه إلى خطورة بناء الدولة كضرورة اجتماعية ونهضوية، واالنتباه إلى دور املجتمع في حتقيق النهوض املطلوب. ح��س��ن��اً ...ولكن العالقة م��ع ال��غ��رب ،س��وف تظل أسيرة لألطماع االستعمارية بعدما متظهرت بصورة جديدة هي ص��ورة الغرب اآلن ،ال سيما ال��والي��ات املتحدة ،من دون أن نقلل من قيمة ودالالت التعددية الغربية احملفوظة بالقانون، والتي أتاحت أن يتبلور حيز يتسع تدريجياً في ال��رأي العام الغربي ،يتصدى اآلن ملسيرة التغول الغربي عامة واألمريكي خاصة ،ويقف في وجه العوملة في ما يعود إلى احتمال حتولها إلى حالة من إعادة االستحواذ وجتديد الرهن على اجلنوب عامة وعلينا خاصة ،مع إعادة قراءة للفروق الدينية واإلثنية وتظهيرها وتشغيلها ،وتوليد فوارق أخرى منها ،بغية تعطيل أومنع أي عملية تنمية ناجحة في العالم العربي واإلسالمي تدفعه إل��ى حتقيق شروطه الذاتية للمشاركة في أطروحة حضارية أكثر عدالً وإنسانية.
جتربة الغرب ال مفر من استحضارها ،مع التطلع العربي واإلسالمي إلى إح��داث حتوالت حقيقية في الواقع العربي واإلسالمي ،وكانت في تراجع وإلى تراجع الضغوط التي كانت تعيق أومتنع التماس قوى فكرية واجتماعية عربية وإسالمية وال تشكومن نقص في وع��ي هويتها ،وال تشكومن أعراض مرض الهوية للتجربة الغربية بغية التفاعل معها ،على أساس االقتراب من التسليم بأنه ينبغي التسامح مع الغرب نسبياً بوصفه جتربة إنسانية ،وإن كانت إشكالية ،وعلى أساس التمييز اإلسالمي بني املنجز التاريخي اجلاري وبني الثوابت الدينية من دون أن يؤدي ذلك التسامح أويقتضي التنصل من املكونات اإلسالمية والذاكرة اإلسالمية التي ميكن تنقيتها بداعي حسن االستقبال ،وال ميكن وال يفيد إلغاؤها...أي انه من املمكن واملشروع عدم حتكيم العصب الديني الصرف في التعامل مع الغرب وعلى ه��ذا ش��رع املفكرون املسلمون وحتى من داخل األح��زاب اإلسالمية التقليدية ،في التعامل من دون حساسية مفرطة أوقبْليات نابذة ،مع عملية إنتاج السلطة أوالدولة في الغرب على أساس دميقراطي ،بقبول أش��د من امل��اض��ي ،ذاك��ري��ن أن ال��ث��ورة الدستورية في املقلب العثماني ،ورديفها ،املشروطة في إيران ،قد اعتمدت إلى حد كبير على مدونات دستورية غربية في وضع الدستورين اللذين وعليه وإذا كان من غير املنطقي أوغير املفيد إهمال البحث طالب بهما وألح على تطبيقهما علماء ومفكرون إسالميون عن عالقة تالق مع الغرب فإنه ال بد من االنتباه إلى ضرورة ال استهانة بعيدهم وال مبواقعهم وأهليتهم العلمية والدينية حماية هذا النزوع بنوع آخر من العالقة ،هوعالقة االمتناع مع العالية. الغرب ،والتي قد تصل إلى حد املقاومة ،إذا لم يأخذ الغرب إن ذلك يعني أن الفكر اإلسالمي يتغير في اجت��اه رؤية في اعتباره أن الشراكة املتكافئة ضرورة له ولنا...هذا وفي املساحات املشتركة ف��ي العالم كله ،واث��ق��اً م��ن أن املصادر البنية اإلسالمية أي في ثوابت العقيدة والشريعة – املقاصد- احل��ق��ي��ق��ي��ة إلي���ج���اد م��ج��ال ل��ت��ط��ور إس�ل�ام���ي ع��م��ي��ق وفاعل ما ميكن االجتماع اإلسالمي من ممارسة املمانعة ،حفاظاً واستقاللي ،متوفرة في النص اإلسالمي والثقافة والتربية على الهوية بالتوازي مع التواصل املتوازن مع الغرب. والتقاليد اإلسالمية العلمية العريقة ،وهي كذلك متوفرة في إن العالقة مع الغرب مركبة من السلبي واإليجابي ،مع الواقع التاريخي لدى الغرب....إن االنتباه العربي واإلسالمي رجحان للسلبي على اإليجابي مرة ولإليجابي على السلبي ملسألة املجتمع املدني أي املجتمع األصلي املترقي حتت سقف مرة أخرى. القانون في اجت��اه رؤي��ة املساحات املشتركة في العالم كله، وال بد هنا من النسبية في النظر إلى الغرب بشأن العالقة واثقاً من أن املصادر احلقيقية إليجاد مجال لتطور إسالمي بغية االتفاق على متايز أوروبي تزداد في أوروبا الرغبة في عميق وف��اع��ل واس��ت��ق�لال��ي ،م��ت��وف��رة ف��ي ال��ن��ص اإلسالمي تغذيته وتنشيطه في مقابل عدم ظهور أي نية أمريكية الستثناء والثقافة والتربية والتقاليد اإلسالمية العلمية العريقة ،وهي أوروبا من مخاطر التغول األمريكي. كذلك متوفرة في الواقع التاريخي لدى ال��غ��رب..إن االنتباه هل بإمكاننا أن نتفق على أننا غير مضطرين ألن نبقى أسرى العربي واإلسالمي ملسألة املجتمع املدني أي املجتمع األصلي املترقي حتت سقف القانون إلى حالة تنظيمية تتعاطى الشأن رؤية حركة التحرر العربية إلشكاليتنا مع الغرب ،حيث سيطر العام بعد تقليص أوتقلص دور ال��دول��ة ،إل��ى جانب الدولة اإلط�لاق والتعميم على عقلنا بعد سقوط الدولة العثمانية، ومعها ،هي مسألة أنضج الغرب البحث فيها مبكراً ،من دون ومع تراكم االنتكاسات واحلماقات في إدارة الصراع ،تسرب أن تخلواألدبيات والوقائع اإلسالمية من تطبيقات مالئمة في أهل الشعارات القاطعة إلى حالة من التبعية والذيلية ،بعدما فترات تاريخية متعددة ،من حتقيق ما ميكن أن يعتبر نواة أجنزوا مزيداً من تخلفنا وجتزئتنا وتبعيتنا؟. مجتمع مدني ،غير أن التكييف النظري والعملي لهذه املسالة، أال ميكن أن ندير الصراع أواحلوار مع الغرب ،ومع الواليات 58
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
املتحدة مبنطق مختلف وأكثر جدوى بعد أن لم يثمر لنا املاضي القريب سوى املزيد من اخلسائر والكوارث؟ واخلالصة أن من يراقب املشهد السجالي الساخن يرى ويتوقع نشوء أصوليات على اجلانبني الغربي واإلسالمي ،وإذا ما ك��ان بعض من الغرب يعول على ال��ق��وة ،فهومضطر إلى استفزاز العداء التاريخي والفكر ،طاملا أن العالقة ذات طابع صدامي ،وإذا ما كان تعويل الغرب على القوة منحصراً في القوة املادية غالباً ،فإن اجلانب اإلسالمي الذي يفتقر إلى القوة املادية يعول على العقيدة والهوية أكثر...وإذا ما كان اخلطاب الشعبي العربي يتعإلى من أجل إحداث تغيير في بنية الدولة املنفصلة ،والتي أدى بها انفصالها عن اجتماعها ،إلى ضعفها واقترابها من حالة الدولة ،ما أفضى إلى استضعافها من جهة الغرب ،واالستقواء عليها من قبل املجتمع الذي استقوت عليه، ما يهدد بتحول املركز املهتز إلى مركزيات متعددة ومتناحرة تذهب باالجتماع إلى ما قبل االجتماع ،وتستدعي االستعمار مرة ثانية في صيغة املعوملة ،فإن هذا اخلطاب ال يجد في غير النموذج الغربي مثاالً ،بحيث نبدووكأننا بقدر ما نعادي الغرب نسعى إلى التماثل معه ،هذا يستدعي درءاً للمخاطر واملفاسد ،أن نلتمس معرفياً ونظرياً وعملياً وبشكل منهجي غير مأزوم الشروط الثقافية اخلاصة التي متر عبرها املفاهيم العامة ،الدميقراطية ،الدولة املدنية ،املجتمع املدني ،اقتصاد السوق ،من أن يؤدي هذا االلتماس إلى اخلروج من العموميات النظرية واملعرفية ذات النصاب الكوني بحيث يستحكم فينا فكر وسلوك القطيعة مع كل شيء ،حتى لوكنا بأمس احلاجة إليه وك��ان بأمس احلاجة ألن نكيفه أونسهل له أن يتكيف مع مكوناتنا وحاجاتنا...وإذا ما كان اإلصالح والدميقراطية ذريعة أمريكية ،فإنها حاجة وض��رورة من ضروراتنا....مبا يعنيان من حق وحرية ومؤسسات ودول��ة حاضنة وقوية مبا هي عادلة وعادلة مبا هي قوية.
الإ�سالمية والعلمان ّية الت�أ�صل املجتمعي للتعدد ّية لعل أه��م مستويات العالقة ب�ين الفكر وال��واق��ع ،أوبني الذهني واخلارجي ،املستوى الذي تتركب عليه معادلة األفكار والتقييم. وإذا ما كانت األفكار هي نتاج النَّظر العلمي في عملية املعرفة من مصادرها ومراجعها الذهنية ،أي التي ينتجها ذهن أهل املعرفة بقوانينها املوضوعية ،مضافاً إليه ،أي إلى ذلك النظر العلمي ،ما تفرزه احليويات املجتمعية من أسئلة ومطالب اجتماعية ال تلبث أن تتحول ،مجردة من مشخصاتها ،إلى إلزام بالبحث عن التكييف املعرفي لها ،إذا كان األمر كذلك، ��إن منظومة أومنظومات القيم املجتمعية ،هي التي تشكل ف ّ احلاضن واحلافظ ملسار األفكار في حتققها االجتماعي ،أي
أن القيم بالتالي هي ضمانة األفكار في حركة حتققها في َّ الواقع ،أوحركة إنتاجها وإعادة إنتاجها على موجب املتغيرات في هذا الواقع. من هنا قد يصبح ضاراً أوغير ٍ مجد ،البحث في شرطية األفكار وحدها ،ألي نهوض اجتماعي ضروري دائماً ،حيث أ َّن���ه ن���اجت ضمني جل���دل ال��ث��اب��ت وامل��ت��غ��ي��ر ف��ي ح��ي��اة ووعي املجتمع وما يليله التغير من ضرورة التغيير ،أي التكييف مع املستجد كشرط التساق املسار من حيث تواصله مع الثابت أوامل��وروث أواحملمول الثقافي والقيمي ،من دون الوقوع في إشكالية استقبال املاضي بدي ً ال للمستقبل .ويصبح واقياً من الضرر ومجدياً ،أن نكتشف باستمرار مساحات التماس بني الفكري والقيمي ،ونحولها إلى حيز إلنتاج املعرفة املشتركة والعالئق املتبادلة واحليوية املجتمعية التي تقوم على حتقيق احتماالت اإلبداع في جدل الفكرة والقيمة ،حيث ينتهي ك ّل إجن��از حضاري أوم��دن��ي إل��ى تعريفه األخ�لاق��ي “إمنا بعثت ألتمِّ��م م��ك��ارم األخالق” وه��ذه “اإلمنا” احلصرية تأبى أن تكون األخالق املقصودة في املنطوق النبوي ،إ َّال ذلك املعادل معنى احلضاري ،املادي واملعنوي والروحي ،النهوضي املستدام، ً ومضموناَ ،للمسألة األخالقية ،وفي املستوى غير األخالقي منها ،بصرف النظر عن أنظمة املعارف وأدواتها واملشروعات املتركبة عليها ،في األديان والفلسفات املختلفة. وإذا ما كان يصح لنا أن نضع أونؤطر احلركات الناشطة سياسياً ،في عاملنا العربي واإلسالمي اآلن ،في مجموعتني، ع��ل��ى ك��� ّل منهما م��ن مت���اي���زات جت��ع��ل ً ك�ل�ا منهما س��ل��ة من املجموعات الفرعية ،أع��ن��ي احل��رك��ة اإلس�لام��ي��ة م��ن جهة، واحلركة العلمانية من جهة ثانية ،فإ َّننا نسهل علينا قراءة أولية كافية لنصابي التمايز أوالتفارق والتواصل بني أرصدة القيم وأصولها .وذلك من أجل التأسيس لعالقة حوارية محكومة بهواجس التباين على فهم متبادل أوتعارف متبادل ،ميسي املؤصل من دون استبعاد لآلخر ،لثقافة التعدد، مبثابة األصل ِّ أووع��ي التعدد من أجل إدارت��ه واإلشغال عليه كسبيل وحيد للشراكة في حمل أعباء النهضة التي أصبح اخليار اآلخر البديل لها هوالسقوط النهائي لالحتمال العربي واإلسالمي، مبا هواحتمال حياة وبقاء ومستقبل شراكة كونية ،ال بُ َّد من حتقيق مستلزماته الداخلية ،وفي املعرفة أوالً ،والسياسة ثانياً، وإن كانت السياسة دائماً شرطاً إلنتاج املعرفة مبا توفر من حرية ،أونقيضها مبا متنع من حرية في الفكر والنظر والتعبير والعمل ،وهذا ال يتم إ َّال من خالل تورط املثقف أوالعالم في إنتاج معرفة تغري السياسي بالتورط فيها ،على غرار ما كاد أن يستوي ساطعاً في عهد املأمون ،ثُ�� َّم استوى ساطعاً في التجربة اليابانية ،فحول الهزمية إلى نصر دائم من دون أن يخلومن إشكاليات وحتديات ،من شأنها أن تزيد من حيويته، السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
59
في مقابل مشروعنا النهضوي العربي ،الذي تزيده التحديات، بسبب قصوره املعرفي ،تعقيداً وارتباكا وإصراراً على حتويل التخلف إلى تخليف ،ألسباب عديدة ،منها مكابرة السياسي في التنصل من إلزامات املعرفة. إن شرط التعايش أوالتفاهم أوالتساكن بني املشروعني َّ املجتمعني ،اإلسالمي والعلماني ،في ما يعود إل��ى موضوع القيم ٍّ لكل منهما ،وحتَّى ال ينقطع احلوار بينهما ويتحول إلى احتراب دوري مدمر. الشرط ....هودينامية االجتماع احلاضن لهما ،على متايز وتداخل بني اجلماعات املكونة احلاملة للقيم املختلفة ،والبت العملي في ذلك موكول إلى احلراك االجتماعي الذي يبلور احلكم األخير ...غير النهائي بالطبع ولكنه املعبر للوصول إلى قناعة بعد االختبار ،بأي املشروعني هواألمثل واألقوى على استقطاب املواطنني وحتقيق رجائهم ،وحل إشكاالت هويتهم، من خالل تخفيف التوتر في البحث عن محدداتها ،ما يدفع على الوقوع في إغراء حصرية هذه احملددات (دينياً أوعرقياً ال���خ )..ال��ذي ال بديل ل��ه منهجياً ،إ َّال الكف ع��ن التبسيط واالخ��ت��زال ،واجت���اه ال��رؤي��ة نحوالتركيب ،ال��ذي يجعل وعي الهوية وعياً حيوياً ،في مقابل الوعي األح��ادي أواحلصري عموماً ،والذي يقتل الهوية وصاحبها.
شديد اإلغراء واالستفزاز ،إلى االندماج أواملشاركة الكاملة في أمناط عائقيه وقيم حداثة يتبناها ويدعوإليها العلماني. ما قد يعني تخطي النظم الوطنية والقومية والدينية وغيرها بعد إضعافها ،وهنا تتم النقلة ،بدافع الهيمنة أوالغلبة ،أونقل املنظومة القيمة من مستواها النظري إلى امليدان العملي، أي تطبيقها على احلياة واالجتماع ،تتم النقلة إلى النصاب القانوني الناظم للحقوق والواجبات فيعطي التيار اإلسالمي األولوية أواألحقية ملقتضيات القانون التي تعتني بضرورة احلد أواملنع من ت��داول أوتظهير كل ما يتنافى مع ما تعتبره ثابتاً أويتعارض مع األخالق العا َّمة املتباني عليها لدى املسلمني، بينما يذهب الطرف العلماني إلى املوجبات القانونية التي تلزم بحرية الفكر واإلبداع ،ووضع القيود التي متنع من الوقوع في شرك الطائفية والفتنة ،ويتحول في سلوك توظيفي مدعم وقت احلاجة مبسلك تأويلي تتعاظم فيه عالمات التعسف كلما احتدم الصراع واحتاج إلى التعبئة. ل ّعل م��ا قلناه اآلن يشكل ملخصاً إلشكاليات التعددية في مستوى إدارتها من قبل أطراف متعددة املناشئ الفكرية والغايات االجتماعية ،وهذا يدعوإلى التفكير اجلاد في مخرج فكري للتعددية الفكرية والسياسية ،منعاً من حتولها إلى حالة فصالية أومستقطبة باالنفصال والفصال ال��ذي يصل إلى تعطيل أي مسار نهضوي مشروط باملشاركة أوالشراكة ،ومن دون استمراره حتى حتقيق غاياته املنطقية أوالنهائية ،ويصبح التخلف أساساً في البنيان االجتماعي ،ما يجعل االستتباع أواالس��ت��ل��ح��اق أواالس��ت��ح��واذ أم���راً سه ً ال وم��ف��روغ��اً منه ،مع انخفاض مستوى املناعة وتراجع منسوب املمانعة.
إن احلرمة أواحل��رك��ات اإلسالم ّية ،تنطوي على رصيد َّ أوأرصدة من القيم ،ذات مشتركات فسيحة واختالفات غير متناظرة ،وكلها منسوبة إلى أصول مرجعية واحدة أومشتركة، يأتي التغاير في االستنتاج وتعدد املعرفة وع��دم إلزاميتها، ملكوناتها التأسيسية ،أي مكونات املعرفة أواملعارف املتعددة، إن املطب الذي يقع فيه العلمانيون في عالجهم لألسئلة َّ من النصوص وحركتها في االجتماع والتاريخ ،وجدليتها مع والتحديات الناجتة عن هذا املشهد هوالضرب على الدين السياسة والدولة تفويضاً وتدبيراً. وبنيته العقدية وتسفيه األسس املعيارية للنظام االجتماعي. وللتيار أوالتيارات العلمانية ،التي يصل التمايز أوالتباين ما يدفع اإلسالميني إلى مطب مقابل ،من تكفير العلمانية فيما بني مناذجها إلى حافة التناقض أوالتناقض الفعلي ،لهذه ورف��ض الدميقراطية واستخدامها كذريعة من أجل حتقيق كلها منظومة من القيم مستنبطة أومستخلصة من مجموع املتراكم الفكري الذي اشترك البشر في مراكمته من خالل النصر أوالغلبة ريئما يتم االنقالب عليها واجتثاثها.
فضاء كوني مفتوح ،ال تتخلله احل���دود الصارمة ب�ين جهة وج��ه��ة ،أوع���رق وع���رق ،أودي���ن ودي��ن أوم��ذه��ب وم��ذه��ب ،وإن كانت تتسرب إليه بعض مخرجات املسار التاريخي للجماعات املختلفة ،بلحظ عموميتها البشرية أوال��ك��ون��ي��ة ،ال بلحظ خصوصية املنشأ الذي أنتجها.
وهذا األمر أدى إلى تكوين ضمير كوني يقف في وجهه ملنعه، ويضمن عدم مصادرة األفكار وتداولها ،حتى لوكانت تنهج نهج املساءلة مع الفكر الديني أومحاورته .وبغير ذلك ،تبقى البُ َؤر االجتماعية املهددة للسلم االجتماعي واإلبداع الفكري، ناشطة ومتكاثرة .وميكن للوعي بالدميقراطية واالنحياز لها ،من دون تشويه أواختزال ،أن يصل بكل تيار إلى تعديل املوجبات واملقتضيات القانونية ،لصالح القيم التي يحملها، مبا هي الدميقراطية حاصل اإلقناع السلمي للمواطنني.
وبني هذا وذاك ،أي اإلسالمي والعلماني ،في ديار العرب واملسلمني ،مجتمع متحرك ي���راوح ،وإن حسم أحياناً ،بني األص���ول واخل��ص��وص��ي��ات ال��ت��ي تستقطبه ،وت��دع��وه احلركة إذن ف��األص��ل ،أوامل��ن��اخ امل�لائ��م للتعددية ،ه��وأن نؤصلها اإلس�لام�� ّي��ة إل��ى القيم املطابقة لها أواملنبثقة عنها ،أعني األص��ول واخلصوصيات ،في حني متلي عليه العولمَ ة بشكل اجتماعياً ،بحيث نتمكن بناءاً على ذلك ،من التأصل اجتماعياً 60
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أيضاً ،للتعددية الفكرية ،بحيث تصبح ك ّل األفكار وحامليها ،مبرجعيتها الفكرية والقيمة في اإلسالم الذي ال تختزله ثقافة ق��ادر ًة على العمل من فضاء رحب يتسع للجميع ،مع ترجيح مفارقة ومأزومة عابرة وإن طالت إقامتها وكثرت ممارستها الطرق املثلى إليصال األفكار والقيم إلى املدعوين إليها .ومع التدميرية ألسباب منها: االل��ت��زام الكامل مبوجبات الدميقراطية ونتائجها ،وإعادة تقصيرنا وقصور النظام العربي واإلسالمي ،عن التوفيق التجربة بني محطة دميقراطية وأخ��رى ،على أس��اس النقد املنهجي ال االنتقائي أواالنتهازي ،بني احلداثة واملوروث ،بعد ال��ذي يكشف النظام األمثل لألولويات وط��رق إيصالها إلى مما كان صاحلا ولَم يعد كذلك ،وتنقية احلداثة تنقية املوروث َّ املواطنني. من العموميات التي ال تقيم وزناً للخصوصيات ،ومنها وفي ال بُ َّ��د أن يالحظ القارئ َّ أن هذا الكالم على مقدار من مقدمتها املكون اإلسالمي على خصوصيات فرعية تختلف في ال��ب��رودة ،وك��أ َّن��ه مكتوب خ��ارج اللحظة الراهنة التي تشهد لبنان مث ً ال عنها في أفغانستان ...ما يعني كذلك لزوم وضع تصاعداً وانتشاراً متسارعاً للعنف اإلسالمي من احمليط إلى حد سلمي للعقائدية والغلوالعلماني ال��ذي يالبس متعمداً، ّ اخلليج عربياً ،ومن طنجة إلى جاكرتا ،كما كان يقول املرحوم ب�ين اإلس�ل�ام واإلس�لام��ي�ين ،متخذاً م��ن تطرف اإلسالميني مالك ابن بني. ذريعة إلى استيعاد اإلسالم بعد إدانته مبا ليس مسؤوالً عنه، ف��ي ال��واق��ع ال أميل إل��ى جتاهل ه��ذه املشكلة اخلطيرة وإن كان بحاجة إلى قراءة اعتدالية منظمة وهادفة وتعاونية ِّ واملعقدة ،كما ال أريد أن أكتب بحبر ساخن حتى ال يبدوأني وتكاملية لس ِّد الذرائع أمام هذا الغلووذاك التطرف. في هلع منها ،مع توفير دواعيه ،وإنمَّ ا أحاول أن أضع املسألة أن التطرف وإن ك��ان يكاد يستأثر منطلقاً في ذل��ك من َّ للحظة جانباً ،ألقول بأ َّنه ال تزال هناك حاالت متفرقة ،وإن َّ كانت غير متبلورةٍ ،م��ن االع��ت��دال في الصفوف اإلسالم ّية باملشهد ،فإنه مأزوم ومحكوم بنهاية فاجعة له ،بعدما يكون وأن االع��ت��دال مبعناه ال عن صفوف املسلمني عموماً ،بإمكانها ،بل قد راك��م علينا اخلسائر واإلع��اق��اتَّ ، احلركية ،فض ً ال ،أن تلتقي وتفتح القنوات بني عقولها اإليجابي ،غير احليادي عملياً ،بل املوضوعي واملبادر على املطلوب منها وعاج ً وأقالمها وألسنتها ،وأن تكشف عن عضالتها القوية أوالتي تفاهم وتكامل ،ما زال هواملناخ الذي يتيح لنا أن نتدبر حلالنا بقي فيها مقدار كاف من القوة واحملكومة بتوجهات وتوجيهات ح ً ال ،شرط أن يتواصل ويتثاقف ويتعارف ويتناصر من أجل من العقل والقلب ،لتكشف للجميع مدى قوتها وحكمتها وثقتها احلق واحلقيقة.
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
61
مقاالت الوسطية
األمر باملعروف والنهي عن املنكر (.سورة العصر). فال جناة للمسلم من خسر الدنيا واآلخرة ،إال بهذا التواصي باحلق والصبر ،الذي قد يعبر عنه باألمر باملعروف والنهي عن املنكر ،فهوحارس من حراس احلق واخلير في األمة ،فكل منكر يقع في املجتمع املسلم ،ال يقع إال في غفلة من املجتمع املسلم، أوضعف وتفكك منه ،ولهذا ال يستقر وال يستمر ،وال يشعر باألمان ،وال يتمتع بالشرعية بحال. املنكر ،أي منكر يعيش “مطاردا” في البيئة املسلمة ،كاملجرم احملكــوم عليه باإلعدام أوالسـجن املؤبد ،إنه قد يعيش ويتنقـل، ولكن من وراء ظهر العدالة ،وبالرغم من املجتمع. واملسلم إذن مطالب مبقاومة املنكر ومطاردته ،حتى ال يكتب له د .يو�سف القر�ضاوي البقاء بغير حق في أرض ليست أرضه ،ودار ليست داره ،وقوم من الفرائض األساسية في اإلسالم ،فريضة األمر باملعروف ،ليسوا أهله. والنهي عن املنكر ،وهي الفريضة التي جعلها اللّه تعإلى أحد احلديث ال�صحيح يف تغيري املنكر ومراتبه عنصرين رئيسيني في تفضيل هذه األمة وخيرتهاُ : {ك ْنتُ ْم خَ ْي َر من هنا جاء احلديث الصحيح الذي رواه أبوسـعيد اخلـدري وف َو َت ْن َه ْو َن َع ِن المْ ُ ْن َك ِر َو ُتؤ ِْمنُو َن َّاس َت ْأ ُم ُرو َن ِبالمْ َ ْع ُر ِ ُأ َّم ٍة ُأ ْخ ِر َج ْت ِللن ِ منكرا عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال “ :من رأى منكم ً ِبال َّل ِه}(.آل عمران.)110 : فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه، ومن الصفات األساسية للمؤمنني في نظر القرآن{الت َِّائ ُبو َن وذل��ك أض�ع��ف اإلمي� ��ان"( .رواه مسلم ف��ي ك��ت��اب اإلمي���ان من اج ُدو َن الآْ ِم ُرو َن صحيحه عن أبي سعيد اخلدري). الس ِ الر ِاك ُعو َن َّ ا ْل َع ِاب ُدو َن الحْ َ ِام ُدو َن َّ الس ِائ ُحو َن َّ َّاهو َن َع ِن المْ ُ ْن َك ِر َوالحْ َ ِاف ُظو َن لحِ ُ ُد ِود ال َّل ِه}(.التوبة: وف َوالن ُ ِبالمْ َ ْع ُر ِ واحلديث واضح الداللة في أن تغيير املنكر من حق كل من رآه .)112 من املسلمني ،بل من واجبه. وكما م��دح القرآن اآلمرين الناهني ،ذم الذين ال يأمرون باملعروف ،وال يتناهون عن املنكر كما قال تعإلىُ { :ل ِعنَ ال َِّذينَ َكف َُروا ِم ْن َب ِني ِإ ْس َر ِائ َ يسى ا ْب� ِ�ن َم ْريمَ َ يل َع َلى ِل َس ِان َد ُاوو َد َو ِع َ َاه ْو َن َع ْن ُم ْن َك ٍر َف َع ُلو ُه َذ ِل َك بمِ َ ا َع َص ْوا َو َكانُوا َي ْعت َُدو َن َكانُوا لاَ َي َتن َ س َما َكانُوا َيفْ َع ُلو َن }(.املائدة.)79 ،78 : َل ِب ْئ َ واملسلم بهذا ليس مجرد إنسان صالح في نفسه ،يفعل اخلير ويدع الشر ويعيش في دائرته اخلاصة ،ال يبالي باخلير، وه��وي��راه ينزوي ويتحطم أم��ام��ه ،وال بالشر وه��وي��راه يُ ِّ عشش ويفرخ من حوله ،بل املسلم كل مسلم إنسان صالح في نفسه، حريص على أن يصلح غيره ،وه��وال��ذي صورته تلك السورة املوجزة من القرآنَ { ،وا ْل َع ْص ِر ِإنَّ الإْ ِ ن َْسا َن َل ِفي ُخ ْس ٍر ِإلاَّ ال َِّذينَ ر} الص ْب ِ اص ْوا ِبالحْ َقِّ َو َت َو َ الصالحِ َ ِات َو َت َو َ اص ْوا ِب َّ آ َمنُوا َو َع ِم ُلوا َّ
62
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ودليل ذلك أن “من” في احلديث “من رأى” من ألفاظ العموم، كما يقول األصوليون ،فهي عامة تشمل كل من رأى املنكر، حاك ًما كان أومحكو ًما ،وقد خاطب الرسول الكرمي بها املسلمني كافة (من رأى منكم) لم يستثن منهم أح ًدا ،ابتداء من الصحابة فمن بعدهم من أجيال األمة إلى يوم القيامة. وقد كان هواإلمام والرئيس واحلاكم لألمة ،ومع هذا أمر من رأى منهم ـ وهم احملكومون ـ منك ًرا أن يغيروه بأيديهم ،متى منكرا". استطاعوا ،حني قال“ :من رأى منكم ً
�شروط تغيري املنكر كل ما هومطلوب من الفرد املسلم،أوالفئة املسلمة ،عند التغيير :أن يراعي الشروط التي البد منها ،والتي تدل عليها
ألفاظ احلديث. حتى رأي اجلمهور واألكثرية ،ال يسقط رأي األقل ،وال يلغي محرما مجمعا عليه :أي أن يكون اعتباره ،حتى لوكان املخالف واح ًدا ،مادام من أهل االجتهاد، ال�ش��رط األول :أن يكون ً ً "منكرا" ح ًقا ،ونعني هنا :املنكر الذي يطلب تغييره باليد أوالً ،وكم من رأي مهجور في عصر ما ،أصبح مشهو ًرا في عصر ثم باللسان ،ثم بالقلب عند العجز .وال يطلق "املنكر" إال على آخر. ض ِّعف رأي لفقيه ،ثم جاء من صححه ونصره وقواه، وكم ُ "احلرام" الذي طلب الشارع تركه طل ًبا جاز ًما ،بحيث يستحق عقاب اللّه من ارتكبه ..وسواء أكان هذا احلرام فعل محظور ،فأصبح هواملعتمد واملفتى به. أم ترك مأمور. وهذه آراء شيخ اإلسالم ابن تيمية ،في الطالق وأحوال األسرة، وس���واء أك���ان احل���رام م��ن الصغائر أم م��ن الكبائر ،وإن قد لقي من أجلها ما لقي في حياته ،وظلت تقاوم قرو ًنا عدة كانت الصغائر قد يتساهل فيها ما ال يتساهل في الكبائر ،بعد وفاته ،ثم هيأ اللّه لها من نشرها وأيدها ،حتى غدت عمدة تت َِن ُبوا َك َب ِائ َر اإلفتاء والقضاء والتقنني في كثير من األقطار اإلسالمية. والسيما إذا لم يواظب عليها ،وقد قال تعإلى{إ ْن جَ ْ ِ ميا } َما ُت ْن َه ْو َن َعنْهُ ُنكَفِّ ْر َعن ُْك ْم َس ِّيئ َِات ُك ْم َون ُْد ِخل ُْك ْم ُم ْدخَ اًل َك ِر ً إن املنكر الذي يجب تغييره بالقوة البد أن يكون منك ًرا ب ِّينًا (النساء.)31 : ثابتًا ،اتفق أئمة املسلمني على أنه منكر ،وبدون ذلك يفتح باب وقال -صلى الله عليه وسلم“ :الصلــوات اخلمـس ،واجلمعـة شر ال آخر له ،فكل من يرى رأ ًيا يريد أن يحمل الناس عليه إل��ى اجلمعـة ،ورم�ض��ان إل��ى رم�ض��ان ،مكفرات مل��ا بينهن ،إذا بالقوة! اجتنبت الكبائر"( .رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة). ف��ي بعض األق��ط��ار اإلسالمية ق��ام مجموعة م��ن الفتيان فال يدخل في املنكر إذن املكروهات ،أوترك السنن واملستحبات ،املتحمسني لتحطيم احمل�ل�ات ال��ت��ي تبيع ال��دم��ى (العرائس وقد صح في أكثر من حديث أن رجال سأل النبي -صلى الله واللعب) لألطفال؛ ألنها أصنام ،وصور مجسمة تعتبر من أكبر عليه وسلم -عما فرض اللّه عليه في اإلسالم فذكر له الفرائض الكبائر! من الصالة والزكاة ،والصيام وهويسأل بعد كل منها :هل على وملا قيل لهم :إن العلماء من قدمي أجازوا لعب األطفال ،ملا فيها غيرها؟ فيجيبه الرسول الكرمي“ :إال أن تطوع” حتى إذا فرغ من امتهان الصورة ،وانتفاء تعظيمها..الخ ،قالوا :كان هذا في منها ق��ال الرجل :واللّه يا رس��ول اللّه ،ال أزي��د على ه��ذا وال صور غير هذه الصور املتقنة التي تفتح عينيها وتغلقها. أنقص منه فقال عليه الصالة والسالم“ :أفلح إن صدق ،أودخل قيل لهم :ولكن الطفل يرمي بها ميينًا وشماالً ،ويخلع ذراعها اجلنة إن صدق”( .متفق عليه عن طلحة بن عبيد الله). ورجلها ،وال مينحها أي قدر من التعظيم أوالتقديس .لم يجدوا وف��ي حديث آخ��ر“ :من س��ره أن ينظر إل��ى رج��ل من أهل جوابا! اجلنة ،فلينظر إلى هذا"( .متفق عليه عن أبي هريرة). وف��ي ب�لاد إسالمية أخ��رى ق��ام بعض الشباب ي��ح��اول أن الب��د إذن أن يكون املنكر في درج��ة “احلرام” ،وأن يكون يغلق املطاعم ومحالت العصير والقهوة ونحوها بالقوة ،حني منك ًرا شرع ًيا حقيق ًيا ،أي ثبت إنكاره بنصوص الشرع احملكمة ،أعلنت بعض األقطار اإلسالمية بدء الصيام ،ورؤي��ة الهالل، أوقواعده القاطعة ،التي دل عليها استقراء جزئيات الشريعة .فرأى هؤالء املتحمسون أن رمضان قد ثبت ،فال يجوز املجاهرة وليس إنكاره مبجرد رأي أواجتهاد ،قد يصيب ويخطئ ،وقد باإلفطار. يتغير بتغير الزمان واملكان والعرف واحلال. ومثل ذلك ما قام به بعض الشباب املسلم الغيور في مصر وكذلك يجب أن يكون مجم ًعا على أنه منكر ،فأما ما اختلف في أحد أعياد الفطر حيث ترجح لدى اجلهات الشرعية في ميا أوحدي ًثا ،بني مجيز ومانع ،فال مصر عدم ثبوت شوال العتبارات شتى ،منها قطع الفلك أن فيه العلماء املجتهدون قد ً وخصوصا من املستحيل رؤية الهالل تلك الليلة .ولم ير الهالل في مصر، يدخل دائ���رة “املنكر” ال��ذي يجب تغييره باليد، ً ولكن بعض األقطار أعلنت رؤية الهالل ،فأصر هؤالء على أن لألفراد. يفطروا ويقيموا شعائر العيد وحدهم ،ضد الدولة ،وأغلبية فإذا اختلف الفقهاء في حكم التصوير ،أوالغناء بآلة ،وبغير األم��ة ،وحدث من جراء ذلك صدام مع أجهزة األمن ال مبرر آلة ،أوفي كشف وجه املرأة وكفيها ،أوفي تولي املرأة القضاء له. ونحوه ،أوفي إثبات الصيام والفطر برؤية الهالل في ُقطر آخر، بالعني املجردة ،أوباملرصد أوباحلساب أوغير ذلك من القضايا ورأيي أن هؤالء وأولئك أخطأوا من جملة أوجه: ميا وحدي ًثا ..لم يجز إلنسان مسلم ،األول :أن الفقهاء مختلفون في طريق إثبات الهالل ،فمنهم من التي طال فيها اخلالف قد ً أولطائفة مسلمة أن تتبنى رأ ًيا من الرأيني ،أواآلراء املختلف اكتفى بشاهد واحد ،ومنهم من طلب شاهدين ،ومنهم من اشترط في حالة الصحوشهادة اجلمع الغفير ،ولكل أدلته ووجهته. فيها ،وحتمل اآلخرين عليه بالعنف. السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
63
فال يجوز إجبار الناس على مذهب واحد ،من غير ذي سلطة.
الثاني :أنهم اختلفوا كذلك في مسألة اعتبار اختالف املطالع أوعدم اعتبارها ،وفي عدد من املذاهب أن لكل بلد رؤيته ،وال يلزم بلد برؤية بلد آخر ،وهومذهب ابن عباس ومن وافقه ،كما هومعروف من حديث كريب في صحيح مسلم.
ا ْل ُب ُيوتَ ِم ْن أَ ْب َو ِاب َها} (البقرة ،)189 :وقد تسـورت من السطح، وقال تعإلى َ { :يا أَ ُّي َها ال َِّذينَ آ َمنُوا لاَ َت ْد ُخ ُلوا ُب ُيوتًا َغ ْي َر ُب ُي ِوت ُك ْم َحتَّى َت ْس َت ْأ ِن ُسوا َو ُت َس ِّل ُموا َع َلى أَ ْه ِل َها َذ ِل ُك ْم خَ ْي ٌر َل ُك ْم َل َع َّل ُك ْم َت�ذَكَّ � ُ�رو َن }(النور )27 :وما سلمت.،فتركه عمر ،وشرط عليه التوبة( .اإلحياء 1218 / 7ط.الشعب ،القاهرة).
والشرط الثالث لتغيير املنكر بالقوة :القدرة الفعلية على الثالث :أن حكم اإلمام أوالقاضي في األمور اخلالفية يرفع التغيير :أي أن يكون مريد التغيير قاد ًرا بالفعل ـ بنفسه أومبن اخلالف ،ويلزم األمة اتباعه. معه من أعوان ـ على التغيير بالقوة .مبعنى أن يكون لديه قوة ولهذا إذا أخذت السلطات الشرعية بقول إمام أواجتهاد مذهب مادية أومعنوية متكنه من إزالة املنكر بسهولة. في هذه القضايا فالواجب اتباعها ،وعدم تفريق الصف. وهذا الشرط مأخوذ من حديث أبي سعيد أيضا؛ ألنه قال: وقد قلت في بعض ما أفتيت به :إذا لم نصل إلى وحدة “فإن لم يستطع فبلسانه” أي :فمن لم يستطع التغيير باليد، املسلمني جميعا في الصيام والفطر ،فعلى األقل يجب أن يتحد فليدع ذلك ألهل القدرة ،وليكتف هوبالتغيير باللسان والبيان، أهل البلد الواحد في شعائرهم ،فال يقبل بحال أن ينقسم أهل إن كان في استطاعته. البلد الواحد إلى فريقني :فريق صائم وفريق مفطر ،ولكن هذا وه��ذا ف��ي الغالب إمن��ا يكون لكل ذي سلطان ف��ي دائرة اخلطأ في االجتهاد من شباب مخلصني ال يقاوم بالرصاص، سلطانه ،ك��ال��زوج مع زوج��ت��ه ،واألب مع أبنائه وبناته ،الذين بل باإلقناع . يعولهم ويلي عليهم ،وصاحب املؤسسة في داخ��ل مؤسسته، الشرط الثاني :ظهور املنكر أي أن يكون املنكر ظاه ًرا مرئ ًيا ،واألمير املطاع في حدود إمارته أوسلطته ،وحدود استطاعته. فأما م��ا استخفى ب��ه صاحبه ع��ن أع�ين ال��ن��اس وأغ��ل��ق عليه (أعني أن من األم��راء من يعجز عن بعض األشياء في إمارته بابه ،فال يجوز ألحد التجسس عليه ،بوضع أجهزة التصنت نفسها ،وقد رأينا عمر بن عبد العزيز يعجز عن رد األمر شورى عليه ،أوكاميرات التصوير اخلفية ،أواقتحام داره عليه لضبطه بني املسلمني ،بعي ًدا عن نظام الوراثة) ..وهكذا. متلبسا باملنكر. ً وإمنا قلنا :القوة املادية أواملعنوية؛ ألن سلطة ال��زوج على وهذا ما يدل عليه لفظ احلديث“ :من “رأى” منكم منك ًرا زوجته أواألب على أوالده ،ليست مبا ميلك من قوة مادية ،بل مطاعا. فليغيره ”...فقد ناط التغيير برؤية املنكر ومشاهدته ،ولم ينطه مبا له من احترام وهيبة جتعل كلمته نافذة ،وأمره ً بالسماع عن املنكر من غيره. إذا كان املنكر من جانب احلكومة: وهذا ألن اإلس�لام يدع عقوبة من استتر بفعل املنكر ولم هنا تظهر مشكلة ما إذا ك��ان املنكر من جانب احلكومة يتبجح به ،إلى اللّه تعإلى يحاسبه في اآلخرة ،ولم يجعل ألحد عليه سبيال في الدنيا ،حتى يبدي صفحته ويكشف ستره ،حتى أوال��دول��ة ،التي متلك مقاليد القوة املادية والعسكرية ،ماذا إن العقاب اإللهي ليخفف كثيرا على من استتر بستر اللّه ،ولم لألفراد والفئات أوعليهم أن يعملوا لتغيير املنكر الذي ترتكبه ً يظهر املعصية كما في احلديث الصحيح( :كل أمتي معافى إال السلطة أوحتميه؟ املجاهرين). واجلواب :أن عليهم أن ميلكوا القوة التي تستطيع التغيير، لهذا لم يكن ألحد سلطان على املنكرات اخلفية ،وفي مقدمتها وهي في عصرنا إحدى ثالث: معاصي القلوب من ال��ري��اء والنفاق والكبر واحلسد والشح والغرور ونحوها..وإن اعتبرها الدين من أكبر الكبائر ،ما لم تتجسد في عمل ظاهر ،وذلك ألننا أمرنا أن نحكم بالظواهر، ونكل إلى اللّه تعإلى السرائر.
ومن الوقائع الطريفة التي لها داللتها في هذا املقام ما وقع ألمير املؤمنني عمر بن اخلطاب رضي اللّه عنه ،وهوما حكاه الغزالي في كتاب “األمر باملعروف والنهي عن املنكر” من “اإلحياء” :أن عمر تسلق دار رجل ،فرآه على حالة مكروهة فأنكر عليه ،فقال :يا أمير املؤمنني ،إن كنت أنا قد عصيت اللّه من وجه واحد ،فأنت قد عصيته من ثالثة أوجه ،فقال :وما هي؟ قال :قد قال اللّه تعإلى{ َولاَ جَت ََّس ُسوا َولاَ َيغْ ت َْب َب ْع ُض ُك ْم َب ْع ًضا} (احلجرات ،)12 :وقد جتسست ،وقال تعإلى َ { :و ْأ ُتوا 64
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
األولى :القوات املسلحة التي يستند إليها كثير من الدول في عصرنا ـ وال سيما في العالم الثالث ـ في إقامة حكمها ،وتنفيذ سياستها ،وإسكات خصومها باحلديد والنار ،فالعمدة لدى هذه احلكومات ليس قوة املنطق ،بل منطق القوة ،فمن كان معه هذه القوات استطاع أن يضرب بها كل حترك شعبي يريد التغيير، كما رأينا ذلك في بالد شتى آخرها في الصني ،وإخماد ثورة الطلبة املطالبني باحلرية.
الثانية :املجلس النيابي ال���ذي ميلك السلطة التشريعية، وإص��دار القوانني وتغييرها ،وفقا لقرار األغلبية ،املعمول به في النظام الدميقراطي ،فمن ملك هذه األغلبية في ظل نظام دميقراطي حقيقي غير مزيف ،أمكنه تغيير كل ما ي��رى من منكرات بوساطة التشريع امللزم ،الذي ال يستطيع وزي��ر ،وال
رئيس حكومة ،وال رئيس دولة أن يقول أمامه :ال. الثالثة :قوة اجلماهير الشعبية العارمة التي تشبه اإلجماع، والتي إذا حتركت ال يستطيع أحد أن يواجهها ،أويصد مسيرتها؛ ألنها كموج البحر الهادر أوالسيل العرم ،ال يقف أمامه شيء، حتى القوات املسلحة نفسها؛ ألنها في النهاية جزء منها ،وهذه اجلماهير ليسوا إال أهليهم وآباءهم وأبناءهم وإخوانهم. فمن لم ميلك إحدى هذه القوى الثالث ،فما عليه إال أن يصبر، ويصابر ويرابط ،حتى ميلكها ،وعليه أن يغير باللسان ،والقلم، والدعوة والتوعية والتوجيه ،حتى يوجد رأ ًيا عا ًما قو ًيا يطالب بتغيير املنكر ،وأن يعمل على تربية جيل طليعي مؤمن يتحمل تبعة التغيير .وهذا ما يشير إليه حديث أبي ثعلبة اخلشني حني سأل النبي -صلى الله عليه وسلم -عن قوله تعإلىَ { :يا أَ ُّي َها اه َت َد ْيتُ ْم ال َِّذينَ آ َمنُوا َع َل ْي ُك ْم أَ ْنفُ َس ُك ْم لاَ َي ُض ُّر ُك ْم َم ْن َض َّل ِإ َذا ْ يعا َف ُي َن ِّبئ ُُك ْم بمِ َ ا ُك ْنتُ ْم َت ْع َم ُلونَ} (املائدة: ِإ َلى ال َّل ِه َم ْر ِج ُع ُك ْم َج ِم ً ،)105فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم" : -بل ائتمروا وه ًوى باملعروف وتناهوا عن املنكر ،حتى إذا رأيت ُش ًّـحا مطاعاَ ، ً متبعا ،ودنيا مؤثرة ،وإعجاب كل ذي رأي برأيه ،فعليك بخاصة ً أياما ،الصـابر فيهن مثل نفسك ودع العوام ،فإن من ورائكم ً القابض على اجلمـر ،للعامـل فيهن مثل أجر خمسـني رجالً يعملون كعملكم" (رواه الترمذي وق��ال :حديث حسن غريب صحيح ،وكذا رواه أب��وداود من طريق ابن املبارك .ورواه ابن ماجة ،وابن جرير ،وابن أبي حامت عن عتبة بن أبي حكيم).وفي بعض الروايات (:ورأيت أم ًرا ال يدان ـ أي ال طاقة ـ لك به). الشرط الرابع :عدم خشية منكر أكبر :أي أال يخشى من أن
.)94 - 92 : ومعنى هذا :أن هارون قدم احلفاظ على وحدة اجلماعة في غيبة أخيه األكبر ،حتى يحضر ،ويتفاهما م ًعا كيف يواجهان املوقف اخلطير مبا يتطلبه من حزم وحكمة. هذه هي الشروط األربعة التي يجب أن تتوافر ملن يريد تغيير املنكر بيده ،وبتعبير آخر :بالقوة املادية املرغمة.
عالجا تغيري املنكرات اجلزئية لي�س ً أود أن أنبه هنا على قضية في غاية األهمية ملن يشتغلون ب��إص�لاح ح���ال امل��س��ل��م�ين ،وه���ي أن ال��ت��خ��ري��ب ال����ذي أصاب مجتمعاتنا ،وخ�لال عصور التخلف ،وخ�لال عهود االستعمار الغربي ،وخالل عهود الطغيان واحلكم العلماني ،تخريب عميق ممتد ،ال يكفي إلزال��ت��ه تغيير منكرات جزئية ،كحفلة غناء، أوتبرج امرأة في الطريق ،أوبيع أشرطة “كاسيت” أو“فيديو” تتضمن ما ال يليق أوما ال يجوز ،إن األمر أكبر من ذلك وأعظم، البد من تغيير أشمل وأوسع وأعمق. تغيير يشمل األفكار واملفاهيم ،ويشمل القيم واملوازين ،ويشمل األخالق واألعمال ،ويشمل اآلداب والتقاليد ،ويشمل األنظمة والتشريعات. وقبل ذلك البد أن يتغير الناس من داخلهم بالتوجيه الدائم، والتربية املستمرة ،واألسوة احلسنة ،فإذا غير الناس ما بأنفسهم كانوا أهال ألن يغير اللّه ما بهم وفق السنة الثابتة { ِإنَّ ال َّل َه لاَ ُي َغ ِّي ُر َما ِب َق ْو ٍم َحتَّى ُي َغ ِّي ُروا َما ِبأَ ْنفُ ِس ِه ْم } (الرعد .)11 :
يترتب على إزالة املنكر بالقوة منكر أكبر منه ،كأن يكون سببا �ضرورة الرفق يف تغيري املنكــر ً
لفتنة تسفك فيها دم��اء األب��ري��اء ،وتنتهك احل��رم��ات ،وتنتهب األموال ،وتكون العاقبة أن يزداد املنكر متكنا ،ويزداد املتجبرون جتب ًرا وفسا ًدا في األرض. ولهذا قرر العلماء مشروعية السكوت على املنكر مخافة ما هوأنكر منه وأعظم ،ارتكا ًبا ألخف الضررين ،واحتماال ألهون الشرين.
وفي هذا جاء احلديث الصحيح ،أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال لعائشة“ :لوال أن قومك حديثوعهد بشرك ،لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم" ،وفي القرآن الكرمي ما يؤيد ذلك في قصة موسى عليه السالم مع بني إسرائيل ،حني ذهب إلى موعده مع ربه ،الذي بلغ أربعني ليلة ،وفي هذه الغيبة فتنهم السامري بعجله الذهبي ،حتى عبده القوم ،ونصحهم أخوه ني ه��ارون ،فلم ينتصحوا وقالوا { َقا ُلوا َل ْن َن ْب َر َح َع َل ْي ِه َع ِاك ِف َ وسى } (طه .)91 : َحتَّى َي ْر ِج َع ِإ َل ْينَا ُم َ وبعد رجوع موسى ورؤيته لهذا املنكر البشع ـ عبادة العجل ـ اشتد على أخيه في اإلنكار ،وأخذ بلحيته يجره إليه من شدة الغضبَ { ،ق َ ال َيا َها ُرونُ َما َم َن َع َك ِإ ْذ َرأَ ْيت َُه ْم َض ُّلوا أَلاَّ َتت َِّب َع ِن أَ َف َع َص ْيتَ أَ ْم ِري َق َ ال َيا ا ْبنَ ُأ َّم لاَ َت ْأ ُخذْ ِب ِل ْح َي ِتي َولاَ ِب َرأ ِْسي ِإنِّي يت أَ ْن تَقُ َ ول َف َّرقْ تَ بَينْ َ َب ِني ِإ ْس َر ِائ َ يل َو َل ْم َت ْر ُق ْب َق ْو ِلي}(طه خَ ِش ُ
وقضية أخرى ال ينبغي أن ننساها هنا ،وهي ضرورة الرفق ف��ي معاجلة املنكر ،ودع���وة أهله إل��ى امل��ع��روف ،فقد أوصانا الرسول -صلى الله عليه وسلم -بالرفق ،وبينّ لنا أن اللّه يحبه في األمر كله ،وأنه ما دخل في شيء إال زانه ،وما نزع من شيء إال شانه. ومن القصص التي تروى هنا ما ذكره الغزالي في “اإلحياء” أن رجال دخل على املأمون ليأمره وينهاه ،فأغلظ عليه القول، وقال له :يا ظالم ،يا فاجر..إلخ .وكان املأمون على فقه وحلم، فلم يعاجله بالعقاب ،كما يفعل كثيرون من األمراء بل قال له: يا هذا ،ارف��ق ،فإن اللّه بعث من هوخير منك إلى من هوشر مني..وأمره بالرفق ،بعث موسى وهارون ،وهما خير منك ،إلى فرعون وهوشر مني ،فقال لهما{ :اذ َْه َبا ِإ َلى ِف ْر َع ْو َن ِإنَّهُ َطغَى َفقُ ولاَ َلهُ َق ْولاً َل ِّينًا َل َع َّلهُ َي َتذَكَّ ُر أَ ْو َي ْخ َشى} (طه .)44 ،43 :
وهذا التعليل بحرف الترجي (لعله يتذكر أويخشى) برغم ما ذكره اللّه تعإلى من طغيان فرعون (إنه طغى) دليل على أن الداعية ال ينبغي أن يفقد األمل فيمن يدعوه مهما يكن كفره وظلمه ،ما دام مستخد ًما طريق اللني والرفق ،ال طريق اخلرق والعنف. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
65
مقاالت الوسطية
التصور اإلسالمي لحقيقة الحياة الدنيا
�أ.عبداهلل حممد �سامل �أبوزيد الدنيا مزرعة الآخرة اإلنسان في هذه احلياة وجعله إنسانا فاعال منتجا مؤثرا،ال إن اإلسالم إذ يدعوإلى اإلميان بالغيب ،ويدعوإلى اإلميان إنسانا عاجزا كما يدعى . باآلخرة واإلقبال عليها ،فإنه ال يعطل العمل للدنيا ،والكفاح من أجل ترقيتها ،ذلك أن الدنيا في املنظور اإلسالمي هي اقرتان الإميان بالعمل مزرعة اآلخرة ومقدمتها ،واملزرعة بحاجة إلى عمل وسعي وإن مم��ا ي��ؤك��د ه��ذا االرت��ب��اط ب�ين اإلمي���ان وال��ع��م��ل ،أن وجهد وب��ذل ،ومرتبة املسلم في اآلخ��رة ,هي بقدر ما يقدم القرآےن الكرمي قد ذكر اإلميان في أكثر من سبعني آية من في الدنيا من عمل صالح ،وه��ذا العمل الصالح ال يقتصر آياته مقرونة بالعمل،ولم يكتف مبجرد العمل ،بل اشترط على أعمال العبادات من الصالة ،والصيام واحلج بل يشمل أن يكون من الصاحلات ،وهي كلمة جامعة تشمل كل جهد كل نشاط وفاعلية يقوم بها املسلم في الدنيا إذا كانت اآلخرة إنساني تصلح به الدنيا،وينتفع به الفرد واملجتمع ،وتصلح به س احلياة الروحية واملادية معا ،قال تعإلى { َوا ْل َع ْص ِر ِإنَّ الإْ ِ ن َْسا َن همه وغايته ،وهذا ما تنطق به آيات الكتاب الكرمي { َل ْي َ اص ْوا ِبالحْ َقِّ آمنَ َل ِفي ُخ ْس ٍر ِإلاَّ ال َِّذينَ َ الصالحِ َ ِات َو َت َو َ آمنُوا َو َع ِم ُلوا َّ ال ِْب َّر أَ ْن ُت َولُّ وا ُو ُج َ وه ُك ْم ِق َب َل المْ َ ْش ِر ِق َوالمْ َغْ ِر ِب َو َل ِك َّن ال ِْب َّر َم ْن َ ()2 الص ْب ِر } . ني َوآ َتى المْ َ َ ال َع َلى َو َت َو َ اص ْوا ِب َّ َاب َوالن َِّب ِّي َ ِبال َّل ِه َوا ْل َي ْو ِم الآْ ِخ ِر َوالمْ َ اَل ِئ َك ِة َوال ِْكت ِ ني الس ِائ ِل َ َامى َوالمْ َ َس ِاك َ ُح ِّب ِه َذ ِوي الْقُ ْر َبى َوا ْل َيت َ الس ِب ِ يل َو َّ ني َوا ْبنَ َّ واملسلم عندما ميارس عمله الدنيوي ال ينساق إليه بحافز الص اَل َة َوآ َتى الزَّ َكا َة َوالمْ ُ ُ اب َوأَ َق��ا َم َّ َو ِفي ال ِّر َق ِ وفونَ ِب َع ْه ِد ِه ْم ِإ َذا من قهر خارجي،أوسلطان سياسي ،أوسلطة تنفيذية تشهر الض َّراءِ َو ِح َ الص ِاب ِرينَ ِفي ا ْل َب ْأ َساءِ َو َّ َع َ اه ُدوا َو َّ ني ا ْل َب ْأ ِس ُأو َل ِئ َك عليه سوطها وسيفها ليعمل ،وإمنا يندفع إلى العمل الصالح ال َِّذينَ َص َد ُقوا َو ُأو َل ِئ َك ُه ُم المْ ُتَّقُ ونَ} (. )1 بحافز من نفسه التي ارتوت من معاني اإلميان ،وبإيحاء من وأنت جتد في هذه اآلية ،كيف ربط الله تعإلى بني اإلميان ذاته التي أدركت أن حسن العمل في الدنيا( ،)3هومفتاح بوابات به وكتبه ورسله واملالئكة واليوم اآلخر من جهة ،وبني إيتاء املال اجلنة { َو ِتل َ وها بمِ َ ا ُك ْنتُ ْم َت ْع َم ُلو َن }(،)4 ْك الجْ َ ن َُّة ال َِّتي ُأ ِورثْ تُ ُم َ للفقراء واملساكني وأصحاب احلاجة ،والصبر عند املصائب { َف اَل َت ْع َل ُم َنفْ ٌس َما ُأ ْخ ِف َي َل ُه ْم ِم ْن ُق َّر ِة أَ ْعينُ ٍ َجز ًَاء بمِ َ ا َكانُوا والشدائد والشجاعة عند لقاء العدومن جهة أخرى،األمر َي ْع َم ُلونَ }(َ { ،)5ف َم ْن َي ْع َملْ ِم ْثق َ َال َذ َّر ٍة خَ ْي ًرا َي َر ُه }(.)6 وهذه اجلاهزية اإلميانية التي حتفز اإلنسان إلى العمل في ال��ذي يرشد إلى أن اإلمي��ان بالغيب ارت��د إيجابا على حركة 66
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الدنيا تطالبه أيضا بإتقان هذا العمل وإحسانه ،والوصول إلى أرقى درج��ات احلسن والكمال ،وذلك لشعور املسلم العميق واعتقاده اجلازم ,بأن الله يراقبه ويراه في مصنعه ،ومزرعته، ومتجره ،وفي جميع أحواله ،ويقينــه بأن الله الذي يؤمن املسلم بوجوده ,يأمر بإحسان العمل "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عمال أن يتقنه"(.)7
يخلد فيه املسلم للعبادة،وينقطع عن الناس وينعزل عن أعمال احلياة ،ذلك أن األيام جميعها في اإلسالم أيام عمل ،والعمل الدنيوي ،ميكن أن يكون عبادة بحد ذاته إذا كان صادق النية ( )9حتى يوم اجلمعة الذي يعتبر عيد املسلمني األسبوعي ،يبني الص اَل ُة َفا ْنت َِش ُروا الله ضرورة العمل فيه فيقول { َف ِإ َذا ُق ِض َي ِت َّ يرا َل َع َّل ُك ْم ِفي الأْ َ ْر ِض َوا ْبتَغُ وا ِم ْن َف ْض ِل ال َّل ِه َواذ ُْكُ��روا ال َّل َه َك ِث ً ُتفْ ِل ُحونَ } (.)10
وعليه فإن اإلميان بالغيب من أعظم وسائل ودوافع اإلنتاج، بل وإتقان املنتج ،وال��وص��ول به إل��ى أقصى درج��ات احلسن فحياة املسلم حتى في يوم عيده ،عمل وبيع وجتارة قبل واإلبداع . الصالة ثم انتشار في األرض وابتغاء من رزق الله بعد انقضاء وهذا العطاء في احلياة الدنيا الذي يعززه اإلميان بالغيب الصالة (.)11 ويقويه ويعمقه،ال يعرف حدا ،وال مدا ،بل يستمر حتى آخر ولذلك كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم صناعا حلظة في احلياة ,وهوما يعبر عنه رسول الله صلى الله عليه وزراعا وجتارا ومجاهدين ،ولم يقعد بهم إميانهم عن العمل وسلم "إذا قامت الساعة وفي يد()8أحدكم فسيلة فإن استطاع إال والعطاء والتضحية ،بل كانوا ينهون القوم الذين يظنون أن تقوم حتى يغرسها فليغرسها " . اإلميان يقتضي االنقطاع عن إصالح الدنيا ،وقد حدثوا أن ولعلنا ندرك أنه ال أمل من االنتفاع من هذه الفسيلة ما عمر بن اخلطاب رأى قوما قابعني في ركن من املسجد بعد دامت الساعة قد قامت ،ولكنه تكرمي العمل ،ومواصلة اإلنتاج ،صالة اجلمعة ,فسألهم من أنتم ؟ فقالوا نحن املتوكلون على واالستمرار في العطاء والبذل ،الذي يحرص عليه املؤمنون الله ،فعالهم عمر بدرته ونهرهم ،وقال :ال يقعدن أحدكم عن بربهم املنتظرون لثوابه ولعطائه ،ج��زاء وفاقا ملا قدموا من طلب الرزق ،ويقول اللهم ارزقني ،وقد علم أن السماء ال متطر عمل صالح في الدنيا. ذهبا وال فضة ،وإن الله يقول " :فإذا قضيت الصالة فانتشروا بل إن عقيدة املسلم ال تعرف البتة يوما من أيام األسبوع في األرض" .
املراجع: البقرة177/ سورة العصر اإلميان واحلياة /د.يوسف القرضاوي الزخرف72/ السجدة17/ الزلزلة7/ أخرجه أبويعلى في املسند(349/7)4316 سبق تخريجه اإلميان واحلياة /د.يوسف القرضاوي ()10اجلمعة10 / ()11املرجع السابق ط294/1
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
67
مقاالت الوسطية
بناء اإلنسان
ف�ضيلة ال�شيخ احلبيب اجلفري تسعى كل الفلسفات والنظم إلى بناء اإلنسان أواملواطن الصالح -باعتباره محور البناء ومرتكز أي إجن��از حضاري حسب رؤيتها للوجود ومبا يتفق والقيمة العليا التي تتبوأرأس الهرم لديها ،فهي -وإن اختلفت في الرؤية أواملنهج - تتفق على أن بناء اإلنسان هوجوهر بناء احلضارة ذاتها.
احلضاري املميز ،فهي رؤي��ة تنطلق من قيم ثابتة لها صفة اإلط�ل�اق املستمدة م��ن التوحيد ،رؤي���ة ال ت��دف��ع نحوتأكيد املصالح األنانية وال صراع الطبقات والفئات ،في الوقت نفسه ال تسعى إلى حتويل كل البشر إلى قوالب جامدة متكررة ضمن فلسفة احلزب الواحد أوالدولة الواحدة.
فكل حضارة وفلسفة ونظام يسعى إلى بناء اإلنسان ،الذي يستطيع استيعاب تلك الرؤية وحتقيقها على أرض الواقع ورعايتها وضمان استمرارها وفاعليتها ،وال شك أن مسألة بناء اإلنسان لها صلة وثيقة بطبيعة القيم السائدة أواملراد إنتاجها في كل حضارة ونظام ،على نحونشهد فيه نوعاً من التسابق وحتقق املصالح الفردية واخلاصة ،وتغليب املنجزات امل��ادي��ة ،واالص��ط��ب��اغ بقيم احل��ري��ة ف��ي ك��ل سلوك وتوجهات اإلنسان الذي يحيا في ظل الثقافة الليبرالية.
إن فلسفات بناء اإلنسان قد أدت إلى إنتاج إنسان احلضارة الراهنة ،ال��ذي يتسم بالضياع والفشل في استيعاب طبيعة وجوده الكوني ،فيدخل في صراع ضد كل ما يشكل استكماالً وحتققاً لوجوده احلق ،وما تزايد حاالت االنتحار واجلرائم التي تتسم بالبشاعة والوحشية وتغييب الوعي والعقول ،إال مظاهر لفشل املجتمع احلضاري ،الذي حقق أعلى معدالت اإلجناز املادي في تأكيد جوهر اإلنسان وطبيعته.
على حني أن السعي إلى بناء اإلنسان وفق فلسفة تؤكد امل��س��اواة كقيمة عليا ،قد أدى إل��ى تغليب سيطرة اجلماعة ولوعلى حساب حرية وكرامة األف��راد ومصاحلهم ،وحتولهم إل��ى ق��وال��ب ج��ام��دة ف��ق��دت ال��رغ��ب��ة ف��ي اإلن��ت��اج ف��ض ً �لا عن اإلب��داع ،على نحوأفقدها الهدف من املساواة تلك ،ومن ثم انهيار الفلسفة واألنظمة التي قامت عليها. إال أن سيادة العدالة كأساس تنطلق منه الرؤية اإلسالمية ف��ي بناء اإلن��س��ان ال��ص��ال��ح ،كانت لها خصائصها ومذاقها 68
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
فاإلنسان املسلم يتبني -كاإلنسان في الثقافة الليبرالية- مفهوم امل��س��ارع��ة وال��س��ب��ق وامل��س��اب��ق��ة ،م��ع اخ��ت�لاف م��ا يتم التسابق ن��ح��وه أوامل��س��ارع��ة إل��ي��ه ،وه��وي��ؤك��د أن ي��د ال��ل��ه مع اجلماعة دون أن يتحول إلى قوالب جامدة مرصوصة فقدت اإلحساس والوجود ،فاملؤمنون ليسوا بالقوالب اجلامدة ،وإمنا هم «كاجلسد ال��واح��د» و«كالبنيان امل��رص��وص» ،مبا لها من دالالت الفاعلية واحلركة والتعبير عن جماعة متسقة تسعى إلى حتقيق غايتها ،ولوفي أشد املواطن وأقساها ..اجلهاد في سبيل الله تعإلى..التداعي بالسهر واحلمى.
مجمل القول ،أن اإلنسان هومحور البناء ومرتكز الوجود مصنعه ،حتى يصير العمل ضرباً من العبادة والتقرب إلى الله احل��ض��اري ،وأن بناء اإلن��س��ان يتحقق عبر اكتمال عناصر تعإلى باإلحسان واإلتقان. ثالثة :الرؤية الواضحة والقيم الثابتة ،واألداة الفاعلة ،فالرؤية فاإلتقان هواملنهج املطلوب في بناء اإلنسان ،ألن سعي اإلنسان الواضحة تقوم على التوحيد اخلالص الذي يرتقي باإلنسان إلى مرتبة التحقق بالعبودية ،فيستحضر في كل تعامالته مع إلى حتقق اإلحسان متوقف على مهارته وقدرته على إحسان نفسه ومع الكون حقيقة عبوديته لله تعإلى ،على حني أن القيم ما هوموكول إليه من أعمال ،وإتقان ما هومكلف به من أشغال الثابتة هي التي حتفظ عليه خط السير باعتدال ،فهوإنسان ومهن ،على نحويحقق دالالت حب الله «إن الله يحب إذا عمل مستخلف في األرض ،يحمل أمانة الهداية ،ومكلف بإعمار أحدكم عم ًال أن يتقنه». األرض وف��ق عناصر تلك األم��ان��ة ،ثم يتحقق الربط ما بني إن م��ج��م��وع ه���ذه ال�����دالالت ال��ث�لاث ل�لإح��س��ان ليعطينا الرؤية الواضحة والقيم الثابتة عبر األداة الفاعلة ،التي تعني مواصفات بناء اإلنسان في نفسه وخلقه وتعامله مع املجتمع، ربط العلم بالعمل ،ومداومة اإلجناز واإلتقان. ويعطينا الوصف املرغوب لعالقات اإلنسان بربه وبالناس فهل لتلك املرتكزات أساس فيما حتدثنا عنه في مقاالت وبالكون ،فيرتقي في عالقته بربه إلى إحسان العبودية ؛ إن سابقة عن اإلح��س��ان ،وه��ل ميكن بناء اإلنسان عبر التخلق استحضر مراقبة الله تعإلى في كل وقت وعمل ؛ وإن أتى في باإلحسان؟ في حقيقة األمر إن السعي إلى بناء اإلنسان يتم كل أعماله على أكمل وجه وأمته ،فيحقق في نفسه الطمأنينة عبر حتقق اإلحسان مبفاهيمه ودالالت��ه الثالث ،فاإلحسان والثقة مبعية الله تعإلى ؛ فيكون للناس رحمة يعم نفعه الكون كما عرفناه سابقاً :أن تعبد الله كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه فإنه يراك ،واإلحسان ثانياً تعبير عن حركة املسلم عبر دوائر بأسره ،وهونفع ال يتوقف على حدود النية أوسالمة القصد، البذل والعطاء في دوائر متتابعة ،األقرب فاألقرب كالوالدين بقدر ما يتوقف أيضاً على القدرة على إتقان ما وكل إليه من واألق��رب�ين وال��ي��ت��ام��ى وامل��س��اك�ين وس��ائ��ر اإلن��س��ان واحليوان أعمال ،فاإلحسان احلق ليس إحسان صالة وال صيام ،بل هومنهج حياة ،وهوعبادة ومعاملة ،وهوطاعة وأداء احلقوق واجلماد ،واإلحسان ثالثاً مبعنى إتقان العمل وإحسانه. ذلك ألن اكتمال دوائ��ر اإلحسان الثالث تلك ،يعني كمال إلى أهلها. بناء اإلنسان ،حتى تصير عملية البناء تعبيراً عن منطني من كذلك ميكننا الوصول إلى ذات منهجية بناء اإلنسان عبر العالقات ..عالقة معراج باإلحسان إلى رب السموات واألرض التسامي من مرتبة اإلس�لام إل��ى مرتبة اإلمي��ان إل��ى مرتبة تتحقق بصدق املراقبة ،وجتد ثمرتها في منط عالقاته بالكون اإلحسان ،فاإلحسان يشمل معنى اإلسالم من جهة كونه أداء وما يحيط به عبر من��اذج العطاء والبذل واإلحسان في كل للفرائض والسنن على أكمل وج��ه وأمت��ه ،واإلح��س��ان يشمل امليادين ،فهي عالقة ترقى باإلنسان إل��ى التخلق بإحسان معنى اإلميان من جهة شعب اإلميان ،ف َع ْن أَبِي ُه َري َرةَ َقا َلَ :قا َل الربوبية لله تعإلى (الرؤية الواضحة) ،على نحويجد حالوته مي��انُ ِب ْض ٌع َو َس ْب ُعونَ أَ ْو صلَّى اللَّ ُه َعلَيهِ َو َسلَّ َم« :الإْ ِ َ َر ُسو ُل اللَّهِ َ في صدق معاملته مع الناس (القيم الثابتة). َاها ِإ َم َ اط ُة ِب ْض ٌع َو ِستُّ و َن ُش ْع َب ًةَ ،فأَفْ َض ُل َها َق ْو ُل لاَ ِإ َل َه ِإلاَّ ال َّلهُ َ ،وأَ ْدن َ واإلنسان املسلم في معراجه باإلحسان أوفي صالته عبر األذى َع ْن َّ مي ِان» (صحيح مسلم)، ياء ُش ْع َب ٌة ِم ْن الإْ ِ َ يقَ ،والحْ َ ُ الط ِر ِ دوائر العطاء إمنا يتحقق من خالل املعنى الثالث لإلحسان وهواإلتقان ،فال حتقق ملعراجه ،وال يقبل منه في عالقاته فمجموع هذه الشعب التي يتحقق بها كمال اإلميان مما يدخل اإلنسانية والكونية إال ما هوأحسن وأنفع وأتقن ،فال تكتمل في معاني اإلحسان ،فيعني لنا هذا احلديث املجاالت الفعلية دوائ��ر اإلح��س��ان إال باملعنى الثالث أوالضلع الثالث للمثلث حلركة املؤمن وتقلبه في شعب اإلميان ،وهوباب واسع للبذل الذي يكمله ويحقق كمال صورته وهواإلتقان ،فهويتقن العبادة والعطاء والرقي في معاملة اخللق واخل�لاق ،أعاله التحقق مثلما يتقن املعاملة ،وهومحسن في صالته كما هومحسن في مبعنى ال إله إال الله ،وأدناه إماطة األذى عن الطريق.
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
69
مقاالت الوسطية
دور العلماء يف رعاية الشباب
�أ.د.حممد �أحمد ح�سن الق�ضاة اجلامعة الأردنية/كلية ال�شريعة ُ واخللقُ ية والروحية :يجب أن -2االهتمام بالرعاية العقلية حتظى الرعاية العقلية وا ُ خللقية والروحية بقدر كبير من العناية ،ألنها ستجر إلى الرعاية البدنية ،وهي صمام أمن يقي الشباب املخاطر ،ونور كاشف يضيء له الطريق ،وفي احلديث ال��ذي رواه الترمذي "م��ا نحل وال��د ول��ده من نحل أفضل م��ن أدب حسن" وال��ش��اب املستقيم ف��ي ظ��ل العرش يوم ال ظل إال ظله ،كما في حديث البخاري ومسلم .ولذلك كانت استقامة السلوك لألوالد هي موضع طلب األنبياء من الله عندما سألوه الذرية ،كما قال إبراهيم { َر ِّب َه ْب ِلي ِمنَ الصالحِ ِ نيَ} (الصافات ) 100 :وكما قال زكريا{ َر ِّب َه ْب ِلي َّ َ َ ً ً َ ُ ِم ْن ل ُدنْك ذ ِّر َّية ط ِّي َبة } (آل عمران.)38:
مرحلة الشباب تتميز بالتفتح الذهني والقوة البدنية وخصب العاطفة ،واألم��ل الواسع واحل��رص الشديد على األخ��ذ من كل ألوان احلياة بأكبر نصيب .والشباب بهذه امليزات قوة ال تعدلها قوة في إخصاب احلياة ومنوها إذا أحسن استغالله، والشبان في كل العصور والبيئات موضع الفخر واالعتزاز لألفراد واجلماعات. ومن هنا كان من أوجب الواجبات أن يستغل استغالالً طيباً، فتنبه العقالء إلى ذلك وجاءت األديان مشجعة على اإلفادة من هذه القوة الكبيرة ،وكان لإلسالم القدح املعلى في هذا امليدان ،ووضعت كتب في التربية من أجل ذلك ،ويهمنا أن نبني القواعد األساسية لهذه التربية ونلخصها في النقاط -3ضرورة التبكير بالتربية :يجب أن تبدأ الرعاية من وقت التالية: - 1شمولية التربية :ال بد أن تكون تربية الشباب أورعايتهم مبكر ليتعودها الطفل ويشب عليها ،فمن أدب ولده صغيرا شاملة للجسم والعقل واخللق وال��روح ،فهي كلها متضامنة سر به كبيرا كما قال ابن عباس.
في حتديد معالم الشخصية للشباب وتوجيه السلوك .وفي احلديث "إن لربك عليك حقاً ولبدنك عليك حقاً" والذي يرجع إلى موضوع الرياضة في اإلسالم يتبني له ذلك بوضوح ،وخير منوذج لتكامل الرعاية وصية لقمان البنه التي سجلها القرآن الكرمي ،فهي شاملة للعقيدة التي ال تشرك مع الله شيئاً ،وبر الوالدين كرمز لشكر املنعم ،وكذلك العالقة بني الناس بنشر العلم ،مع التذرع بالصبر في مجال الكفاح ،واملعاملة بالتواضع ولني اجلانب واألدب واحلياء والسكينة والوقار. 70
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
-4أهمية التعاون ف��ي تربية الشباب :والتعاون على هذه الرعاية واج��ب ،فهي ع��بء ثقيل ينوء به ف��رد واح��د أوجهة خ��اص��ة ،وأل��وان��ه��ا الكثيرة حت��ت��اج إل��ى تخصصات ودرايات كاملة ،وهي كلها متضافرة في التأثير على السلوك ،فالبيت واملدرسة والنوادي والساحات واملنظمات والصحافة واملناهج كل ه��ؤالء ال بدمن تعاونهم على هذه املهمة ،والتقصير في بعضها سيؤثر حتما على النتيجة املرجوة ،والبد من أمرين مهمني في هذه املهمة اجلماعية :أولهما إخالص كل جهة في
تنفيذ ما يخصها ،وثانيهما :الشعور بالروح اجلماعية وانعدام وهوفي بداية رجولة الشباب قيل له عن سلمة بن األكوع رضي األنانية والالمباالة. الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألعطني الراية ه��ذه ه��ي اخل��ط��وط األس��اس��ي��ة ل��رع��اي��ة ال��ش��ب��اب على ضوء أوقال ليأخذن غدا رجل يحبه الله ورسوله أوقال يحب الله اإلسالم ،فهل يسير على نهجها كل من يتشوق أويسارع إلى ورسوله يفتح الله عليه ف��إذا نحن بعلي وما نرجوه فقالوا هذا علي فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الله االشتراك في هذه املهمة اجلليلة. عليه" (رواه البخاري) ،وبعضهم أواله مهمة عظيمة وهي فتح بالد الشام كأسامة بن زيد ،وبعضهم كان أول سفير لألمة اهتمام الإ�سالم بال�شباب وهوشاب وأي شاب وهومصعب بن عمير رضي الله عنه. الشباب مرحلة القوة بني ضعفني ،ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة ،كما أش���ار إل��ى ذل��ك ال��ق��رآن حيث ي��ق��ول الله واجبات ال�شاب امل�سلم اليوم تعإلى{ال َّلهُ ال َِّذي خَ َلق َُك ْم ِم ْن َض ْع ٍف ُث َّم َج َع َل ِم ْن َب ْع ِد َض ْع ٍف الواجبات امللقاة على عاتق شباب األمة اليوم أكثر بكثير ُق َّو ًة ُث َّم َج َع َل ِم ْن َب ْع ِد ُق َّو ٍة َض ْعفً ا َوشَ ْي َب ًة َي ْخ ُلقُ َما َي َش ُاء َو ُه َو ا ْل َع ِليم ا ْلق َِدير} (ال���روم )54:هذه القوة بني الضعفني هي من أي وقت ،فاألمة اليوم تعيش حالة من الضعف والهوان، ُ ُ مرحلة الشباب املمتلئة باحليوية والنشاط ،ولذلك جاءت وقد أذعن الكثير من الناس لإلمالءات اخلارجية حتى ما عاد األحاديث تعظم من شأن هذه املرحلة اخلطيرة ،وتبني كبير يفكر في استنهاض األمة وال صناعة احلياة وال تعمير هذه الدنيا ،ونشأ كم من الشباب ال يجيد إال فنا واح��دا ،هوفن أهميتها. صناعة املوت ،وبهؤالء وحدهم ال تستقيم احلياة ،ونحن اليوم الشباب مسؤولون عن عمرهم مرتني ،مرة عن العمر جملة بحاجة لشباب يجيدون فن صناعة احلياة. وم��رة ثانية عن وق��ت شبابهم تفصيال ،عن اب��ن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ق��ال "ال ت��زول ق��دم اب��ن آدم يوم ومن هذه الواجبات امللقاة على عاتق شباب األمة اليوم: القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس ،عن عمره فيم • الشعور باملسؤولية. أفناه وعن شبابه فيم أباله وماله من أين اكتسيه وفيم أنفقه • االعتزاز باإلسالم. وماذا عمل فيما علم" (رواه الترمذي) وهوحديث حسن . • حسن فهم اإلسالم. والشباب من ضمن الذين ينعمون بظل الله لهم يوم تقترب • العمل خلدمة املجتمع. الشمس من رؤوس العباد يوم القيامة . عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" سبعة • الدعوة إلى اإلسالم. يظلهم الله في ظله يوم ال ظل إال ظله اإلمام العادل وشاب ووجوب رعاية الشباب اليوم من خالل ما يلي: نشأ في عبادة ربه ورجل قلبه معلق في املساجد ورجالن حتابا • تيسير سبل حتصيل العلم للشباب حتى يخرجوا من دائرة في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورج��ل طلبته ام��رأة ذات اجلهل. منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق أخفى حتى • توفير فرص عمل للشباب ليقتلوا الفراغ. ال تعلم شماله ما تنفقه ميينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت • ضرورة مشاركة الشباب في صنع القرار. عيناه" (رواه البخاري وغيره). والشباب يتعجب منهم إن نشأوا بال صبوات ونزوات عن • حتديث مناهج التعليم مبا يتناسب مع التطور الهائل في عقبة بن عامر قال ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن العالم. الله عز وجل ليعجب من الشاب ليست له صبوة" رواه اإلمام • توفير اإلمكانيات الالزمة لعملية نهوض الشباب باألمة. أحمد كل ه��ذا وغيره جعل من الشباب العمدة في حتقيق إنه بقدر اتساع مشاكل الشباب ،وهمومهم ،وواجباتهم يكون النصر لألمة ،واملعتمد عليهم بعد الله تعإلى في األزمات ،فهم موضوع رعاية الشباب واالهتمام بهم ورعايتهم. الذين آتاهم الله تعإلى القوة في كل شيء والفتوة في كل أمر، إن أولى البشائر التي نبشر بها إخواننا الشباب،أن هذه فبالشباب حتيى األمم وبهم ترتفع الرايات وبهم تصنع احلياة األمة أمة شابة في واقعها الذي تعيشه اآلن وفي هذه الظروف، وتعمر الدنيا........ فأكثر أمم األرض شبابا هي األمة اإلسالمية واحلمدلله. فاإلسالم العظيم أولى الشباب أهمية كبيرة ،فبعضهم قيل وقد أوصى رسولنا الكرمي برعاية الشباب قال :واالهتمام له( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه احلكم صبيا) وبعضهم السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
71
بهم والتوسيع لهم في املجالس وتعليمهم احلديث ،عن أبي سعيد اخلدري أنه كان إذا رأى الشباب قال :مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه داللة على أن رسول الله اهتم بالشباب واهتم برعايتهم وأوص����ى ب��ال��ت��وس��ي��ع ل��ه��م ف��ي امل��ج��ال��س وتعليمهم احلديث الشريف.
إلى التطلع واألمل واالندفاع نحواجلنة عبر ممرات احلياة، إلى مجرد مطيات تنزلق فيها األق��دام وتتعثر األفكار ،وفي النتيجة تتحطم رغبات التوجه نحوالبناء والتعمير من خالل االشتباك مع التحديات التي تنتصب حائلة دون ول��وج باب املستقبل بثقة وأمل ،وقد وقع هذا اللبس ،ألن مفهوم الغيب القرآني قد ص��رف عن مساره ،باعتباره س��داً منيعاً يسيج العقل ويحميه من الضياع.
ثم إن الشباب هم عماد األم��ة ومستقبلها واالهتمام بهم خ��ام�س� ًا :ال��وف��اء بشرط فقه ال��واق��ع احلسن التعامل مع ورعايتهم من أسس بناء الدولة ،فيجب العمل والتركيز على املستقبل ،ثمة شرطان متالزمان هنا لفهم الواقع والقدرة على نشر الوعي اإلسالمي واملفاهيم اإلسالمية بينهم.. التأثير في مجرياته ثم االنطالق من ذلك إلى التفكير السليم، وحتى نعنى بتشكيل أفكار الشباب وصقل مفاهيمهم ال بد من والتخطيط الدقيق لبناء املستقبل على أسس راسخة. االهتمام بالقضايا املهمة في حياة الشباب وهي: أ-فقه العالقة بني األسباب (الدوافع) واملسببات بحيث جنعل أوال :التعامل مع ظاهرة الوعد اإللهي وهي أن نسعى لتحقيق من فعلنا ستاراً لقدر الله النافذ في الكون. الوعد اإللهي ،بدل االنتظار والترقب واملراهنة على تأييد لسنا ب-ش��رح حسن لألحداث القادمة أن ندفع بالشباب املسلم أهال له لعدم اإليفاء بضوابطه ،وبالتأمل في أغلب النصوص إلى اإليقان بأن حديث اإلس�لام عن األح��داث احلسام التي التي حتمل الوعد اإللهي بالنصر والتمكني ،نلحظ اقتران ذلك ستعصف باألمة ،ليس للتيئيس ،وإمنا لتحميس والزج باملسلم بشروط في غاية الوضوح واحلسم ،من حتقيق العبودية لله في أتون الصراع ،وقد هيأ نفسه وأعدها ملواجهة املعوقات واستكمال الصالح ،مع االلتزام باملنهج املرسوم بحيث يبرز التي تعترض الطريق. فيه الوالء والثقة بالله وحده. س��ادس � ًا :تنمية عاطفتي الثقة واجل��دي��ة وبهما يستطيع ثانيا :التخلص من عوامل التيئيس وتتمثل في املفاهيم الشباب التعاطي في املسائل املتحركة ،بجدية من يسعى إلى املنتشرة ف��ي األدب��ي��ات اإلس�لام��ي��ة الناجتة ع��ن س��وء قراءة انتزاع نصيبه من الدنيا مع التطلع بثغر باسم وتصل درجة النصوص مثل " بدأ الدين غريبا وسيعود مع بتر اجلزء الذي الثقة في النظر إلى املستقبل إلى حد املراهنة على طريقة ميثل عمدة من أعمدة البناء " فطوبى للغرباء الذين يصلحون الصديق رضي الله عنه. ما أفسد الناس". سابع ًا :تخليص الشباب من علة اجلنوح إلى خيار الهدم : ثالثا :القدرة على قراءة التاريخ وحسن استخالص واستثمار شبابنا رغم كثرة اإليجابيات لديه إال أن بعضهم أقوى على التجارب فالتاريخ في تصورات كثير من شبابنا مجرد كومة الهدم منه على البناء لقصور في التثقيف واملعرفة والتفكير من األنقاض ،وملعاجلة مثل هذا القصور الفكري علينا أن الصحيح ،لذا علينا إذا أردنا اإلجناز أن نزيل الشوائب الفكرية ن��زرع مفهوم التاريخ م��رآة عاكسة للحقائق ما علينا إال أن املعرقلة التي رانت على عقول الشباب حول قضايا جوهرية نحسن تسليط الضوء في اجتاه املستقبل. منها الغيب القدر الطاعة اجلماعة ،النصر ،فبناء املستقبل رابعا :إع��ادة ضبط الغيب :وذل��ك من خ�لال ق��راءة قرآنية عمل شاف ومشوار طويل ال يقدر عليه إال أولوالعزائم القوية جادة ومعمقة ،ألنه بسبب قراءات قاصرة أومعكوسة أومبتورة ولهذا فلند ّرب شبابنا املسلم املرشح الستعادة زمام املبادرة حتول مفهوم الغيب في املنهجية اإلسالمية ،من دافع حافز احلضارية عبر قناة املساهمة في صنع املستقبل.
72
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
مقاالت الوسطية
ما زلنا مؤهلني لنكون خري أمة منذ أكثر من نصف قرن ظهر كتاب سماحة الشيخ أبي احلسن الندوي ( ت2001م) " م��اذا خسر العالم بانحطاط املسلمني " ،وعنوان الكتاب يكشف بوضوح عن حالة االنحطاط التي تعيشها األمة اإلسالمية ،وهي حالة متر بها كل األمم؛ فقد كانت أوروبا في عصورها الوسطى لعشرة قرون كاملة هي القارة التي تتمتع بأكبر نسبة من االنحطاط ،وملا عرفت كيف تأخذ ما عندنا وتكيفه تكييفا أوروب�� ًي��ا ،وتزيل عقبات النهضة ،وعلى رأسها مصادرة العقل باسم الدين ،ومصادرة احلرية باسم االستبداد احلاكم ،حتققت لها النهضة !!. ونحن في عاملنا اإلسالمي ،أصدرنا عشرات الكتب عن تخلف املسلمني ووسائل نهضتهم ،وعقدنا عشرات املؤمترات ملناقشة أسباب التخلُّف وعوامل التقدم ،وبدأنا نفقه سنة الله الكونية من خ�لال ما ورد في كتاب الله الكرمي ،وأصبحنا نؤمن بعلم السنة الكونية ،وفقه احلضارات ..لكننا – مع ذلك كله – مازلنا نعيش الواقع األليم .ومازال الذين زعموا أنهم سينهضون بنا ،ومتكنوا من السيطرة علينا باسم الشيوعية أواالشتراكية أوالقومية أوالبعثية أوالليبرالية ،يتحدثون عن (أزمة الفكر العربي) الذي قاد االنقالبات والثورات واألحزاب الوطنية على أساس أن هذا الفكر قد أصبح عاجزًا أمام أزمة الوضع العام ،وقد فقد نفسه ،وفقد االجتاه ،وسمى هونفسه وزمانه (بزمن االنحطاط العربي) ،وقد نسوا أنهم هم أبطال االنحطاط العربي وصانعوالرداءة ،وبدالً من أن يعودوا إلى الله ،ويواجهوا أنفسهم ؛ حتولوا إل��ى ش��راذم مفككة؛ يبيع بعضهم نفسه للشرق ،وبعضهم للغرب ..ومازال بعض العبيد يصرون على االجتاه شر ًقا ،ويصر بعضهم على االجتاه غربا، مع اعترافهم الكامل جمي ًعا بعمق األزم��ة التي تتردى األمة إليها في كل يوم بتأثير هذه االجتاهات الشرقية أوالغربية!!
ال��ن��اس ع��ن م��ج��رد احللم بأن نعقد مؤمترا حقيقياً (للفِ ْعل وال��ق��ول) ،ومازلنا ن��ع��ي��د ع��ص��ر املؤمتـرات ال��ت��ي ت��ش��ب��ـ��ه امل���ـ���وال���د ،ال ي��ف��ك��ر أح�����د ف����ي تفعيل �أ.د.عبد احلليم عوي�س قراراتها أوتوصياتها ... مت��ام��اً مثلما ن��ط��رب عند سماع املقرئ وهويقرأ القرآن بصوت جميل ؛ فتجذِ بُنا نداوةُ أن هذا كالم الله الذي الصوت ،وحالوةُ النغم ،وال نفكر في َّ يجب أن تُصاغ احلياة على أساسه !! ونحن – املسلمني – كنا ومازلنا م��ع ك��ل ذل��ك خير أمة أخرجت للناس ،ولقد مررنا عبْر تاريخنا بأزمات كاحلة ؛ ال تقل عن أزمة عصرنا ؛ بل إن لدينا من أسباب التمكني اآلن مالم يتوافر ألسالفنا وهم يقاومون احلرب العاملية التتارية، واحل��رب العاملية الصليبية .ولكننا في حاجة إلى عدد من ال��رج��ال الكبار املؤمنني ؛ ال يزيد عددهم عن ع��دد أصابع اليد الواحدة ،يعقدون العزم على إنقاذ األمة ،وعلى معاملتها بالعدل واإلحسان ،وعلى إيثار اآلخرة على الدنيا ،واملصالح العامة ،واملقاصد الشرعية على املصالح اخلاصة الفانية .
ولسوف يجد هذا النفر القليل العدد ،الكبير القيمة ،الذي عقد الصفقة مع الله عق ًدا مبر ًما ،سوف يجد األمة كلها وراءه {إنَّ ال َّل َه ْ اش َت َرى ِمنَ تعطيه ما يريد من األنفس واألم��وال ِ : ني أَ ْنفُ َس ُه ْم َوأَ ْم َوا َل ُه ْم ِبأَنَّ َل ُه ُم الجْ َ َّن َة } (التوبة.)111: المْ ُؤ ِْم ِن َ وم��ع��روف أن��ه الب��د من التكامل بني القائد واألم���ة ،حتى يقع التناغم ،وليس التصادم ،وصوالً إلى األهداف املشتركة، مع ضرورة التركيز على منطلقات أساسية مستقاة من ديننا وهذا باختصار هوحصاد قرن كامل تقريباً من التشرذم وثوابتنا ،ومصاحلنا اإلسالمية العليا ،يلتقي عليها القائد وال��ت��س��ول احل��ض��اري ،والتنكر ل�لإس�لام ،بينما تقف األمم واألمة ،واملعلمون واملتعلمون ..فبدون هذه املنطلقات الثابتة الناهضة في مثل هذه احملن مع نفسها وقفة جا ّدة بعد ما يتأكد سنظل نعاني من الفوضى كما عانينا طيلة القرن املنصرم . للجميع على اختالف مشاربهم أن هناك (حالة انحطاط)، املصدر :مجلة دار العلوم -ديوبند (الهند) وأن هناك أزمة ..فمازلنا نحن – املسلمني والعرب – أبعد السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
73
مقاالت الوسطية
مالمح عامة حول أسلوب الدعوة يف القرن الواحد والعشرين نوزاد �صوا�ش – تركيا الدعوة علم وفن
الدعوة والعقل اجلماعي
الدعوة إلى الله ليست مسألة مزاجية يزاولها الداعي قبل أن يعبأ لها فكريا ونفسيا وروحيا .ومن دون ذلك ميكن أن يؤدي عمله العشوائي واملزاجي إلى العكس من املرجومن هذه املهمة النبيلة .فالدعوة “علم وفن” )1(.فما لم يكن الداعية على علم معمق بالذي يريد قوله ،وم��ا لم يكن على دراية بأقصر الطرق املوصلة إلى روح اإلنسان فإن اإلخفاق سيكون من نصيبه .وإن آماداً بعيدة ما زالت تفصل بني الدعاة وجوهر اإلنسان ،وإلى هذا يعزى فشل الداعية في كسب املخاطب إلى صف دعوته .فما لم يكن بوسع الدعاة الوصول إلى هذا اجلوهر الذي يقوم عليه كيان اإلنسان ،ثم إزالة ما تراكم عليه من صدأ كي يتألق من جديد ويتبني معدنه النقي النفيس فإن اإلخفاقات ستتوإلى بدون انقطاع.
في عصر العوملة هذا ،أصبح للعقل اجلماعي قوة تأثيرية أوسع وأسرع مما تستطيعه العقول بجهدها الفردي .فقيادة العالم وإح��داث التغيير فيه نحواألسوأ أواألفضل ،ميكن أن يكون أكثر فاعلية إذا م��ارس��ت العقول نشاطاتها الذهنية واملعرفية من خالل املؤسسات ،سواء كانت هذه املؤسسات علمية أواجتماعية أواقتصادية أوثقافية أوأخرى.
نعم“ ،إذا كان اإلنسان جز ًءا مهما من هذا الكون فينبغي أال نسمح له بتدمير نفسه وسحق روحه ،ألن دمار هذا اجلزء املهم من الكون قد يسبب دمارا للكون كله .فنحن مسؤولون كونيا وأخالقيا عن ه��ذا اجل��زء وصيانته من االنهيار ،ولن نسمح له بأن يخرج على التوافق الكوني املدين بدين الله”. ( )2فقضية اإلمي��ان قضية تتعلق بالكون كتعلقها باإلنسان، وإن صالح الكون بصالح اإلنسان ،وفساده بفساد اإلنسان. ومن ثم على الدعاة أن يعوا هذه القضية كل الوعي بأبعادها الكونية واإلنسانية ،وأن يرتفعوا إلى مستوى املسؤولية .وذلك بإخصاب أرواحهم وإذك��اء أفئدتهم وشحن أذهانهم وموازنة حياتهم وتعميق رؤاهم اإلميانية .وأن يدوروا مع الزمن حيثما دار ،ويجروا مع احلياة حيثما جرت ،ويركضوا وراء اإلنسان حيثما مضى ،وإل��ى أي عالم كان انتماؤه ،وأي ثقافة كانت ثقافته ولغته. 74
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الدعوة ذات طابع حركي ليس هناك شيء أكثر خطورة على املسلمني من السكون واالسترخاء واالستسالم للنوم واألحالم“ .فالسكونية عفونة روحية تقتل املواهب وحتطم اإلب��داع وتخنق البطولة وتكتم أنفاس العبقرية .ومنذ م��ات ال��ن��ازع احلركي في املسلمني، وتوقفوا عن الهجرة وساحوا في أرجاء األرض حاملني دعوتهم إلى العالم ...منذ ذلك الوقت توقفت إبداعاتهم وغاب فهمهم وجنمت في أوساطهم إشكاالت فكرية موهومة وخصومات مذهبية جدلية ،وانشغل بعضهم ببعض ،ورمبا قاتل بعضهم بعضا ،متناسني مهمتهم الدعوية األس��اس التي ندبهم الله تعإلى إليها .إن دعاة اإلميان إذا ما ساحوا وهاجروا إلى أي مكان في العالم وضربوا جذورهم فيه ،فإن الشجرة ال بد أن تنبت عن قريب ،وأن تورق وتثمر ،وإن تاريخا جديدا لإلسالم سيبدأ يتشكل في املكان الذي زرعوا أنفسهم فيه)3( ”. وهذه طبيعة اإلسالم ،فاإلسالم يأبى السكونية والهمودية ويأبى احملدودية ،وقد هاجر املسلمون األوائل وهم يجرون في العالم حيث يجري بهم اإلسالم .ومن ثم حث العالمة الداعية فتح الله كولن على إنشاء امل��دارس واجلامعات في مختلف أرجاء املعمورة ،وجعلها مراكز للتربية والتعليم ،تدعوإلى احلب
والسالم ،واحل��وار والتسامح ،وم��زج العلم بحقائق اإلميان ،الدعوة والرتكيز على جوهر الإن�سان
ومواكبة العصر من حيث التطورات العلمية والتكنولوجية ،مع أخ�لاق سامية يشار إليها بالبنان .ورمب��ا يكون هذا أسلوبا جديدا غير مسبوق في تعريف الشعوب باإلسالم .وقد أثبت جناحه حيث استطاع أن يوصل ص��وت اإلمي��ان إل��ى أصقاع َ قصية لم تكن قد سمعت باإلسالم في شرق العالم وغربه َ وشماله وجنوبه وكافة قاراته.
الدعوة واالنفتاح على معطيات الع�صر إن الدعوة إلى الله منفتحة على معطيات العصر في العلوم والفنون واألفكار املتنوعة والثقافات املختلفة .وذلك إلكسابها مزيدا من االحترام في أوساط واسعة من املثقفني واملفكرين في شتى أنحاء العالم .ينبغي على املسلم أن يكون هواألرقى واألفضل بني العقول ،وأن يحتل كرسي األستاذية التي يرجع إليها في أم��ور الثقافة واحلياة واإلمي��ان ،وأال يكون منكفئا ومنغلقا وبعيدا عن الواقع.
إن م��ع��اجل��ة اجل��ف��اف ال��روح��ي واجل����دب ال��ف��ك��ري لدى املسلمني هومن أبرز مهماتنا .وجهلنا باإلنسان يجعلنا نقف حائرين جتاهه ،ومن ثم علينا أن نهتم بالدراسات التي تعمل على كشف أس��رار اإلنسان ظاهرا وباطنا ،ونشجع الدعاة على التخصص بها لكي تتوفر للدعوة معلومات عن كينونة اإلنسان وكيفية التعامل دعويا معها ،والتعمق في حقيقتها. ألن الفوضوية الروحية جتتاح العالم اليوم وتستدر العطف واإلشفاق من أصحاب الغيرة على اإلنسان. إن س��ر ق��وة ال��دع��وة هوفي تطابقها م��ع ق��وان�ين النفس ال��ب��ش��ري��ة .وال��ذي��ن سئموا م��ن التحليق ح��ول جيف الدنيا سيجدون ف��ي أجوائها م��ا يتوقون إليه م��ن الطهر والنقاء، وأصحاب الذهنيات ِّ املعذبة والنفوس احملترقة سيرون واحتهم البرود في إقليمها .أما أولئك الذين يتهيبون اإلسالم ويخافون منه فسيلمسون أال شيء أكثر أمنا وأمانا وسالما من االلتجاء إلى حماه ،وأن املعرفة كل املعرفة فيه ،وأن من ال يعرفه فإنه ال يعرف في احلقيقة شيئا .وسكارى األحزان ومسحوقواألوجاع سيجدون في صيدلية هذه الدعوة البلسم والشفاء.
أجل ال شك أن العقلية احلضرية رافد من روافد تشكيل العقل الدعوي ،إال أنها يجب أال تستعبد الداعية يوما ،وال يكون هوسجني نظريات وآراء ،بل حرا يقبل منها ما له ملمح الدعوة واجلانب الروحي إمياني ،ويترك ما ليس له مثل هذا امللمح ،وهوال يعرف هذا إن الدعوة كلها دعاء ،وليست شيئا آخر غير الدعاء .دعاء الصراع املؤلم بني ما يقرؤه فكرا ويحياه عمال .الفكر عنده بلسان احلال أوبلسان املقال .وبني احلال واملقال ترتفع الليالي هواحلياة ،واحلياة عنده هوالفكر. نضاحة بدمع مثقلة بالتهجدات ،موقورة السمع بالتضرعاتّ ، القلوب ،ص�� ّراخ��ه بوجد األرواح .ورك��ب ال��دع��وة ميضي في الدعوة والو�ضوح طريقه مشرقا أومغربا يقوده صواب املنطق ،وحتدوه فطنة وال��داع��ي��ة كتاب مفتوح ،ك��ل صفحاته وس��ط��وره مقروءة احلكمة ،ويأتيه امل��دد اإللهي من كل جانب ،وتواكبه العناية ومكشوفة ،ليس فيه صفحات مطوية عن العيون أوصفحات الربانية حيثما مضى وأنى ألقى عصا ترحاله. مكتوبة باحلبر السري .وكما كان رسولنا احلبيب صلى الله فالداعية يحذر من الهالك الروحي املخيف ،والسقوط في عليه وسلم سفرا مفتوحا يقرؤه من يريد ،من تاريخ ميالده إلى انتقاله إلى الرفيق األعلى ،هكذا تكون حياة أصحاب الدعوات هاوية االنحالل النفساني الداخلي .إنه ال ينفك يدعوأولئك وأفكارهم .حياة كلها نهار ال ليل فيها ،وضحى واضح ال لبس الذين يريدون اخلروج من مستنقع الوحل ولكنهم ال يعرفون السبيل إل��ى ذل��ك ،إن��ه يدعوهم إليه لينخرطوا في صفوف فيه ،وظاهر ال باطن له. اإلميان.
الدعوة و�إنقاذ الإميان
الدعوة واحلوار مع الآخر
الداعية إلى الله ال يزاحم أهل الدنيا على دنياهم ولن يزاحمهم .إن الدنيا نفسها لوجاءته تسعى لعزف عنها وأدار إليها ظهره .إنه مشغول بدعوته ،بإنقاذ إميان الناس .إن إنقاذ إنسان واحد من وهدة الضالل هوخير له من الدنيا وما فيها. وإعادة إميان غائب إلى قلب إنسان هوأعظم ما يطمح إليه، وإيصال صوت اإلمي��ان إلى أسماع من لم يسمع به هوغاية الغايات عنده .هذه هي دعوته يعلنها على رؤوس األشهاد ال إن الدعوة كائن روح��ي في إه��اب بشري ،شخص معنوي ذوذاتية مستقلة ،لكنها منفتحة على جميع الذوات ،وذوإدراك يكتم منها شيئا وال يخفي منها شيئا. إن سر الدعوة يكمن في عالنيتها ووضوحها وعموميتها، وفي املرونة التي تؤهلها حمل��اورة اآلراء واألدي��ان والثقافات املختلفة ،لتكشف لهم عن حقيقة رسالتها ،وتزيل التساؤالت التي تثار حولها ،وتعبر عن ذاتيتها بنفسها ،وال تدع ألحد مجاال لتشويه صورتها.
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
75
ع��ال ،غير أنه ملزم مبخاطبة جميع اإلدراك���ات“ .وإذا كانت دعوة اإلسالم قد غيرت وجه العالم القدمي ،ورسمت خريطة جديدة لفكره الديني ،فهي اليوم مرشحة كذلك للقيام بالدور ()4 نفسه إذا ما وجدت ممثليها احلقيقيني.
يقول العالمة الداعية فتح الله كولن في كتابه طرق اإلرشاد في الفكر واحلياة“ :اعلموا أن الغرب لن يستجيب لدعوتكم إال إذا وجد أمامه أناسا تنفطر قلوبهم حزنا من أجل خالص اإلنسانية ،وإشفاقا عليها ...أناسا يقضون لياليهم بالتهجد والقيام لله ،وألسنتهم رطبة بذكر الله ،ال ي��ه��درون الوقت عبثا ،بل يقضونه مبا يفيد البشرية وينفعها .أج��ل ،الغرب لن يسلّم روحه إال أناسا مشحونني مبثل هذه الطاقة .فإذا أصبح ممثلواإلسالم على هذه الشاكلة ،فسيهرع الغربيون إلى اإلس�لام ويدخلون في دين الله أفواجا .ولكن ،واحلالة ()5 معكوسة ،فقد جتلت النتيجة معكوسة أيضا".
الداعية فسيلة نور ،فإنه يبحث عن قلب يزرع فيه فسيلته قبل أن يغدوالعالم رمادا تذروه رياح العدم .وألن العطاء عنده صار طبيعة وسجية فهوال يستطيع أن يتوقف عن العطاء ،كما ال يرجوسوى مرضاة الله تعإلى أجرا .لذا فإن دائرة مستمعيه في اتساع ،وصوت دعوته في ارتفاع.
فهم ي��راق��ب��ون أنفسهم وي��س��ارع��ون ف��ي ترميم م��ا ينهار م��ن عزائمهم وم��ا ينصدع م��ن إرادات��ه��م باللجوء إل��ى كتاب الله واالستمداد من نور رس��ول الله صلى الله عليه وسلم. واغترابهم الروحي ميزة عالية ينجذب إليها من يرى فيها استعالء على تفاهات البشر .وعالقاتهم احلميمة مع “جنس اإلنسان” تفتح لهم منافذ االتصال بالعالم .وما يالقونه في سبيل الدعوة من عقبات صغير ًة كانت أوكبير ًة ال تثبط هممهم وال تقتل رجاءهم.
مالمح الداعية املرتقب
الداعية املرتقب كيان إنساني مشع ال يتوقف عن بث شعاعه. فكما أن بعضا من عناصر الطبيعة املشعة ال تستطيع أن تكف نفسها عن اإلشعاع ،وكما أن الشمس ال تستطيع التوقف عن إرس��ال ضوئها إل��ى األرض ،والقمر ال يقدر أن يحرم الليل من نوره ،هكذا اإلنسان الداعية ال ميكنه أن يحبس نوره عن إن عظماء الدعاة مشغولون دائما بأقدس األفكار وأطهرها. اآلخرين أويستر ضياءه عنهم ،ألن الدعوة لهب يشعل ذرات “فهم يعلمون جيدا أن املسلم عنصر أساس في نظام العالم، دمه ،وضياؤه ميوج في حنايا ضلوعه .فهويضيء في أي مكان فكما ال ميكن احلديث عن النظام في عالم خال من املسلمني، يحل فيه أويرحتل عنه. كذلك ال مجال ل�لإره��اب والفوضى ف��ي أم��اك��ن يوجد فيها فلوانهار الكون فجأة ،وتناثرت كواكبه ،واصطدمت أجرامه ،املسلمون .وهذا منوط بأداء املسلم وظيفة التبليغ والتمثيل ()6 وسقطت السماء على األرض ،وكادت القيامة تقوم وفي يد حق األداء”.
دعاة اإلس�لام احلق إخوة البشر وأشقاء اإلنسان ،ألنهم ميتون بنسب إلى كل قلب ،يرثون لألرواح السليبة من النور، وللقلوب املجدبة من فجر اليقني .إنهم أطباء القلوب ،وكما تنبجس احلياة من املوت ،هكذا وبلمسة منهم تنفجر احلياة في موتى القلوب .لذلك صاروا مثابة يؤمهم اجلم الغفير من أخيار الناس طلبا للنجاة والشفاء .هؤالء هم الدعاة العاملون العاملون ،أما أولئك الذين يعلمون وال يعملون فإنهم كالثقوب السوداء ال تعكس نورا إلى شيء.
إنهم أذكياء اللب شهماء األف��ئ��دة ،على قلوبهم مدونات نورانية من عالم الغيب .فقلوبهم في جيشان دائم ال يتوقف، وص��دوره��م تنطوي على رغبة في اعتناق كل البشر .إنهم بشريون حقا ولكنهم في قلوب مالئكية ،وآدميون ترابيون ،إال أن أرواحهم تسبح في املأل األعلى.
• باحث في مركز البحوث األكادميية /إسطنبول
الهوام�ش : -1طرق اإلرشاد في الفكر واحلياة ،تأليف :م .فتح الله كولن .ص .7-6 ترجمة :إحسان قاسم الصاحلي ،دار النيل للطباعة والنشر،
ص 103وما بعدها. -2املصدر السابق.
-4انظر طرق اإلرشاد في الفكر واحلياة ،ص .208-185 -5املصدر السابق ،ص.111 ،
-3نحوالفردوس املفقود ،فتح الله كولن ،كتاب لم يترجم بعد -6 ،املصدر السابق ،ص.111 ، 76
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
مقاالت الوسطية
وحدة األمة واتحادها... قراءة تاريخية ومعاصرة في ظل املتغيرات الدولية التي يشهدها العالم بأسره ،والتي تنعكس آثارها املباشرة على أمتنا العربية وعاملنا اإلسالمي، وباألخص ما تال أحداث احلادي عشر من سبتمبر من احتالل ألفغانستان والعراق ،وفي ضوء ما يشهده العالم من تكتالت وحتالفات يتساءل املسلمون اليوم عن موقعهم وعن طموحاتهم وأساليب حتقيقها.
د� .أحمد طويل
ولكن دروس التاريخ ،وب��األخ��ص املعاصر منه ،تثبت أنه ال ميكن الركون إلى العوامل املوضوعية لتفعل فعلها بشكل آلي خ��ارج إرادة الناس فتوجههم نحوجتسيد ما ترمي إليه تلك العوامل ،فمنذ نحوقرن واملشاريع الوحدوية املبنية على أس��اس القومية العربية تتعرض لإلجهاض واالنكفاء .فقد انتهى مشروع الشريف احلسني إلقامة دولة عربية موحدة إلى ما هوأسوأ من الفشل ،إلى وعد بلفور وجتزئة اجلزيرة العربية والهالل اخلصيب وغيرها.
إن ما تعيشه أمتنا اليوم من تفكك وتشرذم يشبه -إلى حد بعيد -حاالت عاشتها من قبل ،تقطعت فيها الراية الواحدة وت��ت��ال��ت م��ش��اري��ع ال��وح��دة الفاشلة ،وم��ن أهمها الوحدة إلى عدة راي��ات ..يقاتل بعضها بعضا ،ومت��زق فيها الشعب الواحد إلى شعوب ودول شتى ،وما أشبه الليلة بالبارحة ،تلك امل��ص��ري��ة ال��س��وري��ة ،واالحت����اد ال��ه��اش��م��ي،وال��وح��دة املصرية اليمنية ،واالحتاد الثالثي املصري العراقي السوري ،واحتاد احلالة تشابه كثيراً ما نقاسيه اليوم من شتات وضياع. اجلمهوريات العربية (املصرية السورية الليبية) ،والوحدة وال يكاد يختلف اثنان على أن الوحدة هي السبيل األمثل – السورية العراقية ،ووحدة الضفتني األردنية الفلسطينية جراء إن لم نقل األوحد -لتجاوز حتديات املرحلة ،والعودة باألمة احتالل إسرائيل للضفة الغربية ..ومجلس التعاون العربي إلى موقعها املعهود الذي ذكره الله تعإلى بقوله { ُك ْنتُ م خَ ير ْ ْ َ املصري اليمني األردن��ي العراقي ،واالحت��اد املغاربي (الذي َّاس} (آل عمران.)110: ُأ َّم ٍة ُأ ْخ ِر َج ْت ِللن ِ يراوح مكانه) . ولكن ما منط الوحدة املنشودة وما هويتها؟ أهي فيدرالية وعقب كل جتربة فاشلة تعلن العداوات ،وتشن احلمالت أم كونفيدرالية ،أم أن نظام اخلالفة املتبع في سالف األيام اإلعالمية ضد الطرف اآلخر املتواطئ والعميل والرجعي ،بل هوالنموذج األن��س��ب؟ وه��ل تكون نواتها وح��دة بني األقطار وتتعداها إلى قطيعة اقتصادية ودبلوماسية ،وتعطيل للتعاون العربية؟ ثم ،ما السبيل إلى حتقيقها في ظل الصورة السوداء على كافة األص��ع��دة ،وتآمر ودع��م للقوى املعارضة للطرف املأساوية للوضع العربي واإلسالمي الراهن؟ اآلخر. مما ال شك فيه أن مبدأ القومية هومن احلقائق األساسية وكانت الوحدات الناجحة قليلة أهمها :وحدة بعض أقاليم للعمران البشري ،وأن أمتنا متتلك كل مقومات الوجود القومي شبه اجلزيرة في اململكة العربية السعودية واحتاد اإلمارات من لغة وتاريخ وحضارة وقيم ...ولعل ابن خلدون كان محقا العربية ،ومجلس التعاون اخلليجي ،ووح��دة شطري اليمن، ً في التأكيد على ضرورة وجود عصبية تبني الدولة وحتافظ الذي ال تزال النوائب تتهدده. عليها وتطورها .فال بأس أن تكون نواة هذه الوحدة عربية. أم��ا حتقيق ه��ذا ال��ه��دف ،فمنوط بهمة ال��ش��رف��اء الغيورين جتربة اجلامعة العربية الن��ت��ش��ال األم���ة م��ن ب��راث��ن ال��ص��راع��ات الطائفية اإلقليمية كانت جتربة اجلامعة العربية إحدى احملاوالت الوحدوية في واملعارك املذهبية والنظرة القطرية القاصرة ،واالنتباه إلى العالم العربي ،فقد مت توقيع ميثاقها عام 1946في اإلسكندرية، األخطار احملدقة بوجود األمة ككل ،والنهوض للقيام باملهام وقبل عشر سنوات من انبثاق فكرة االحتاد األوروبي .إال أن اجلامعة العربية أخفقت وعلى جميع األصعدة ،ولم تتحرك اجلليلة التي تنتظرهم . السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
77
إلى األمام قيد أمنلة ،رغم الكثير من االجتماعات واملؤمترات العوامل االقتصادية: واللجان واملؤسسات والهياكل والقمم. كما ي��رى احملللون ان��ه إذا ل��م ترتبط ال��وح��دة مبشاريع وإن العاقل ليتواله اليأس واحلزن عندما ميعن فيما آلت اجتماعية ملموسة ،وإذا لم ترتبط الوحـدة باخلبز اليومي، والسلطات ،وإذا لم ترتبط برفع إليه األمور .فبعد مضي قرن من الزمن على أفول السلطنة وبتوزيع متعادل للثروات، ُّ العثمانية ،واحل��رب العاملية األول��ى وما تالها من محاوالت مستوى عيش املواطن ،فهي مجرد شعار استهالكي ووصولي، وحدوية ،ما زالت خيارات العالم العربي ميليها الغير ،ويقرر وبالتالي فهي وحدة ميتافيزيقية. الغريب مستقبله ،ويؤثر في صنع قراره. غياب التصور املوحد للوحدة العربية وآلية حتقيقها: في العقد األخير من القرن املاضي أف��اق املسلمون عامة والعرب بشكل خاص على جملة من املتغيرات الدولية التي ولدت واقعا مستجدا جعل من وحدتهم (أواحتادهم) أمرا ال مفر منه إذا أرادوا البقاء في عالم يحكمه األقوياء. ومن أهم تلك املتغيرات: • تفكك املعسكر االشتراكي ،وانتهاء احلرب الباردة ،والصراع األيديولوجي ،مما أدى إلى بروز ظاهرة العوملة وإعالن مولد نظام عاملي جديد يكرس الهيمنة األمريكية. • إع���ادة ترتيب البيت األوروب����ي ،وتشكل االحت���اد األوروبي كاستراتيجية مواجهة ملا بعد احلرب الباردة.
انقسم املفكرون العرب في مسألة حتقيق الوحدة إلى عدة فئات ،فمنهم من يعتقد بأن درب الوحـدة هودرب اللغة والتراث والتاريخ ،ومنهم من ينفي ذلك .وفريق آخر يذهب إلى أن درب الوحدة يعني درب حل كل املشاكل املعلقة واملستعصية .ويرى فريق آخر أن األسلوب العسكري هواألمثل واألس��رع لتحقيق الوحدة .ويعتقد آخ��رون أن طريق الوحــدة يكمن في التماثل السياسي والتكـامل االقتصادي .ومنهم من يعتبر أن سلوك درب احلرية والدميقراطية هوالطريق األمثل إلى الوحدة .وفريق يقول علينا أن نوجد صيغا جديدة للوحدة .وفريق آخر أكد على ضرورة النقد العقالني العلمي لتجارب الوحدة السابقة.
ك��م��ا ي��رف��ض ال��ك��ث��ي��رون “كالناصريني مثال” األسلوب • تولي مجموعة السبع التي تسيطر على ثالثة أرباع اإلنتاج الكونفدرالي ،ويرون أن دولة الوحدة يجب أن تكون ذات نظام سياسي واح��د وقائد واح��د ،بينما يرى العقيد القذافي أن العاملي إدارة الرأسمالية العاملية. رؤيته للوحدة العربية متثل النموذج األمثل للتطبيق. • ظهور الصني كقوة اقتصادية سريعة النمو ،وسعيها إلى غ��زوأس��واق ال���دول النامية ،م��ع إدارة ص��راع اق��ت��ص��ادي مع مناذج على توحيد الأمة من تاريخنا الإ�سالمي الواليات املتحدة. إذا عدنا إل��ى ت��اري��خ أمتنا املجيد ،لنقرأ ب�ين صفحاته ويسهب املثقفون واحملللون العرب في عرض أسباب فشل احملاوالت املضيئة ع��ن جت��ارب وح��دوي��ة ف��ري��دة ،ق��ام بها رج��ال أفذاذ متيزوا بصدق النية وإخ�لاص السريرة ،بعيدا عن التنظير املتكررة للوحدة العربية والتي ميكن تلخيص أهمها مبا يلي: والسفسطة واملؤمترات العقيمة واالنقالبات العسكرية ،وعلى األطماع االستعمارية في مقدرات األمة: رأس هؤالء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حول قبائل فهي أرض الديانات والتاريخ ،وفيها تتقاطع طرق التجارة العرب املتناحرة فيما بينها إلى خير أمة أخرجت للناس ،وبعثها واالتصال ،وحتتوي على مخزون هائل من النفط والفوسفات بعثا جديدا أقرب ما يكون إلى املعجزة ،فحملت لواء احلضارة وال��ي��وران��ي��وم ...لذلك ن��رى ق��وى الشر تتكالب عليها بغرض اإلنسانية ومشت في طليعة الركب البشري لقرون عدة. إبقائها على ما هي عليه من خالف وفرقة ومتزق وتناقض كانت احلياة العربية قبل اإلسالم تقوم أساساً على منطية يصل إلى حد القطيعة واحلرب. خاصة؛ فالقبيلة هي التنظيم االجتماعي والسياسي الذي يضم حياة الفرد في القبيلة ،فكان انتماء العربي اجلاهلي العوامل االجتماعية: يرى كثيرون أن الوحدة ما زالت قاصرة على السياسيني انتماءاً قبلياً ،وليس هناك أية رابطة عملية توحد القبائل واملثقفني ،ول��م تشترك فيها القاعدة اجلماهيرية صاحبة وجتمعها ،بل على النقيض؛ كانت القبائل متناحرة متحاربة، املصلحة األولى في الوحدة ،ومرد ذلك غياب علماء االقتصاد وإذا ما قامت أحالف قبلية ،ف ِل ُمنَاصرة قبيلة على أخرى. واالجتماع وخبراء التعليم عن الدعوة للوحدة ،وهم من يقع ومن هنا كان االنقالب الذي أحدثه رسول الله صلى الله عليه على عاتقهم وضع أسس أية وحدة .فمنذ فترة طويلة غابت وسلم عميقاً في حياة اجلزيرة العربية؛ إذ استطاع بسياسته قضية الوحدة عن جداول املنتديات االجتماعية واالقتصادية والطالبية ،فرمبا نسمع في نشرات األخبار عن تظاهرة ضد التي تمُ ليها روح اإلس�ل�ام أن يحول ه��ذه ال��وح��دات القبلية االحتالل األمريكي للعراق ،أومسيرة لدعم صمود إخواننا في املستقلة ،ويرتقي بها لتظهر في إطار األمة اإلسالمية ،أمة فلسطني دون التطرق من قريب أوبعيد لقضية الوحدة ،ويرى ال فضل فيها لعربي على أعجمي ،أوألبيض على أس��ود إال ه��ؤالء أن بناء القاعدة الشعبية هواخلطوة األول��ى في بناء بالتقوى ،يصرح قائدها أمام املأل :لوأن فاطمة بنت محمد الصرح الوحدوي لألمة. سرقت لقطعت يدها ،أم��ة يتساوى فيها عمر بن اخلطاب 78
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
وهوأمير املؤمنني مع أضعف فرد مسلم وأقلهم شأنا. جسماً نامياً وإنساناً متصرفاً ،وكأمنا كان ميتاً ال يتحرك؛ ويؤكد ذلك املفكر األملاني رودي بارت بقوله“ :جاء محمد فعاد حياً ميلي على العالم إرادته ،وكأمنا كان أعمى ال يبصر بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم – يبشر العرب والناس الطريق فأصبح قائداً بصيراً يقود األمم. أجمعني ،بدين جديد ،ويدعوإلى القول بالله الواحد األحد، عمد إل��ى العرب التائهني ،فما لبث العالم أن رأى منهم كانت الشريعة في دعوته ال تختلف عن العقيدة أواإلميان ،نوابغ كانوا من عجائب الدهر وسوانح التاريخ ،فأصبح عمر وتتمتع مثلها بسلطة إلهية ملزمة ،ال تضبط األمور الدينية الذي كان يرعى اإلبل ألبيه اخلطاب ،وينهره وكان من أوساط فحسب ،ب��ل أي�ض� ًا األم ��ور ال��دن�ي��وي��ة ،وع�ن��دم��ا ُق�ب��ض النبي قريش ،ال يتبوأ منها املكانة العليا ،يفاجئ العالم بعبقريته العربي – صلى الله عليه وسلم ،-كان قد انتهى من وضع وعصاميته ،ويدحر كسرى وقيصر عن عروشهما ،ويؤسس ً نظام اجتماعي يسموكثيرا فوق النظام القبلي الذي كان عليه دولة إسالمية ،جتمع بني ممتلكاتهما ،وتفوقهما في اإلدارة العرب قبل اإلسالم ،وصهرهم في وحدة قوية ،ومتت للجزيرة وحسن النظام ،فض ً ال عن الورع والتقوى والعدل ،الذي ال يزال العربية وحدة دينية متماسكة ،لم تعرف مثلها من قبل".. فيه املثل السائر. ويتحدث الباحث األمريكي جورج دي تولدز( ،)1897-1815 هل كانت كلمة التوحيد السبب في توحيد الكلمة؟ عن فضل الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – على العرب ومتر السنون ،وتتوإلى النكبات على األمة اإلسالمية ،فتارة حني نقلهم من الهمجية إل��ى املدنية ،وع��ن دور الرسالة في تبديل أخالق عرب اجلاهلية ،حني عمر ضياء احلق واإلميان يهاجمها الصليبيون في جتمع لم يسبق له مثيل ،فاستباحوا قلوبهم ،فيقول ”:إن من الظلم الفادح أن نغمض اجلفن عن األعراض والدماء ،فهيأ الله لألمة قائدا مللم شتاتها ،وحدها حق محمد – صلى الله عليه وسلم -والعرب على ما علمناهم حتت راي��ة الدين والشريعة ،وق��ام بعملية بعث وإح��ي��اء على من التوحش قبل بعثته ،ثم كيف تبدلت احلالة بعد إعالن اجلبهتني اللتني ال ميكن لألمة املسلمة أن تستغني عنهما، نبوته ،وما أورته الديانة اإلسالمية من النور في قلوب املاليني جبهة العلماء وجبهة احلاكم والوزراء وأصحاب النفوذ الغيورين، من الذين اعتنقوها بكل شوق وإعجاب من الفضائل؛ لذا فإن فكان االحتاد بني جبهة العلماء وجبهة احلاكم له كبير األثر في الشك في بعثة محمد– صلى الله عليه وسلم -إمنا هوشك حترير املسجد األقصى من أيدي الصليبيني ،وهوالهدف الذي في القدرة اإللهية التي تشمل الكائنات جمعاء". حتركت له األمة وعملت من أجله على جميع اجلبهات. ويبني آرنولد توينبي أن النبي محمداً قد وقف حياته لتحقيق كان صالح الدين رجل يتمتع برجاحة العقل وإخالص النية، رسالته في كفالة مظهرين أساسيني في البيئة االجتماعية فبدأ بتوحيد املسلمني فأرسل حملة إلى جنوب مصر لتأمينها العربية؛ هما الوحدانية في الفكرة الدينية ،والقانون والنظام من اجلنوب بقيادة شقيقه شاه بن أي��وب ،وأرس��ل حملة إلى في احلكم ،ومت ذلك فع ً ال؛ فغدت لإلسالم بفضل ذلك قوة اليمن بقيادة شقيقه األمير شمس الدين توران شاه لتأمني دافعة جبارة لم تقتصر على كفالة احتياجات العرب ،ونقلهم من أمة جهالة إلى أمة متحضرة ،بل تدفق اإلسالم من حدود البالد في بحر العرب ومضيق باب املندب والبحر األحمر. شبه اجلزيرة ،واستولى على أجزاء كبيرة من العالم متتد من وملا توفي نور الدين محمود زنكي ،ضم صالح الدين دمشق بناء على طلب أهلها ،ثم زحف بعد ذلك إلى حمص وحماه سواحل األطلسي إلى شواطئ السهب األوراسي. وامل��وص��ل فتوحدت حت��ت إم��رت��ه .وك��ان ه��دف ص�لاح الدين كيف حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم – أمة العرب من توحيد األمة أوالً ثم جتنيد كل اإلمكانيات لقتال الصليبيني قبائل متناحرة إلى أمة محترمة؟ وإخ��راج��ه��م م��ن أرض اإلس�ل�ام ،وحت��ري��ر ال��ق��دس واسترداد بهذا اإلميان الواسع العميق ،والتعليم النبوي املتقن ،وبهذه الكرامة العربية واإلسالمية. التربية احلكيمة الدقيقة ،وبشخصيته الفذة ،وبفضل هذا وت��ارة يبهتها السيل املغولي املدمر الذي لم يبق ولم يذر، الكتاب السماوي املعجز الذي ال تنقضي عجائبه ،بعث رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم -في اإلنسانية احملتضرة ويكتسح الواليات اإلسالمية الواحدة تلواألخرى ،ويصل حلدود مصر ،فينبري له حكامها املماليك ،وال يكتفون بإبعاد اخلطر حياة جديدة. املغولي عن مصر وحدها ،فالقضية بالنسبة لهم قضية أمة، عمد إلى الذخائر البشرية وهي أكداس من املواد اخلام ال فيالحقون فلول اجليش املغولي املنهزم ،ليتم لهم توحيد الشام يعرف أحد مكامنها ،وقد أضاعتها اجلاهلية والكفر واإلخالد ومصر استعدادا لتطهير البالد من الصليبيني. إلى األرض ،فأوجد فيها بإذن الله اإلمي��ان والعقيدة ،وبعث نحن مطالبون اليوم – أكثر من أي وقت مضى -باالستفادة فيها روحا جديدة ،وأثار من دفائنها ،وأشعل من مواهبها ،ثم وضع كل شخص في محله فكأمنا خلق له ،وكأمنا كان املكان من تلك التجارب ودراستها بجدية ووعي ،كي نتعلم منها ونعمل شاغراً لم يزل ينتظره ويتطلع إليه ،وكأمنا كان جماداً؛ فتحول لتحقيق هدف الوحدة الذي تتوق إليه األمة.
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
79
مقابلة الوســطية يف لقاء خاص للوسطية
الدكت��ور زغل��ول النج��ار: العل��م ،وتوحي��د الأم��ة و�إن�ش��اء مرجعي��ة للم�سلم�ين� :أم��ور ثالث��ة �إن حتقق��ت �سهل��ت خ��روج الأمة من حالة الركود التي تعي�شها.
أك��د ال��دك�ت��ور زغ�ل��ول ال�ن�ج��ار أن��ه الب��د م��ن توحيد األمة يقوم بها بع�ض من ينت�سبون �إىل هذا الدين ،فهل هذه الدعوى اإلسالمية وبث الروح اإلسالمية فيها من جديد وإقناع الناس �صحيحة �أم �أنها تهمة باطلة �أل�صقت بالإ�سالم؟
أن اإلسالم هواملخرج مما تعيش فيه من حالة الركود. • ال يوجد في اإلسالم أي نوع من أنواع التشدد بل على وأض� ��اف ف��ي ل �ق��اء ل��ه ملجلة ال��وس�ط�ي��ة أن ع�ل�م��اء األمة العكس ديننا دين الوسطية واالعتدال ،فمنهج الوسطية منهج مطالبون بالتثقيف الديني الصحيح املبني على أساس من متأصل ف��ي اإلس�ل�ام وه��وأس��ل��وب حياة ألبنائه ف��ي عصرنا الكتاب والسنة مع معايشة العصر واألخذ باألسباب والوسائل احل��اض��ر وال��ع��ص��ور ال��ت��ي م���رت ب��ه��ا األم���ة اإلس�لام��ي��ة عبر التاريخ. التقنية وحسن عرض الدين على اآلخرين.
وفيما يلي ن�ص املقابلة بالتف�صيل.... الو�سطية :ما هوالدور املطلوب من علماء الأم��ة يف هذه الو�سطية :ما ال�سبيل لنهو�ض الأمة العربية الإ�سالمية من املرحلة ؟ حالة الركود والوهن التي تعي�شها؟ • املطلوب من علماء األمة التثقيف الديني الصحيح املبني
• هناك ثالثة أم��ور البد منها لكي تخرج األم��ة من احلالة على أس��اس من الكتاب والسنة مع معايشة العصر واألخذ التي تعيشها ،وهي العلم ،وتوحيد األمة ،والعمل على إنشاء ب��األس��ب��اب وال��وس��ائ��ل التقنية ،وح��س��ن ع��رض ال��دي��ن على مرجعية للمسلمني ،والبد من األخذ بأسباب العلم ألن املعارف اآلخرين. املكتسبة تتطور مب��ع��دالت متسارعة وجتعلنا عاجزين عن اللحاق مبجريات التقدم على مستوى العالم ،كما البد من الو�سطية :هل ن�ستطيع �أن نعترب املنهج الو�سطي الذي اتبعه نهضة علمية جتعلنا نعايش العصر ،خاصة وأن العالم اليوم يعيش مرحلة التكتالت لذا البد من توحيد األمة اإلسالمية امل�شرع عز وجل يف القر�آن من باب الإعجاز الت�شريعي؟ والعمل على إع��ادة بث ال��روح اإلسالمية من جديد وإقناع • هذا أمر مؤكد فال يوجد تشريع في الدين اإلسالمي إال الناس أن اإلسالم هواملخرج مما تعيش ،والعمل على إنشاء وهناك ما مييزه عن باقي التشريعات الوضعية. مرجعية للمسلمني ،وهذه الوسائل الثالث إن حتققت سهلت خروج األمة من احلالة التي تعيشها.
الو�سطية :كلمة �أخرية توجهونها لل�شباب امل�سلم تنريون له الدرب ؟
الو�سطية :يزعم البع�ض �أنه يوجد يف الدين الإ�سالمي • أوال عليهم تطبيق الثقافة اإلسالمية في حياتهم واألخذ ت�شدد وي��ح��اول �أن ي�ست�شهد على �صدق دع���واه بالفتاوى بأسباب التقدم العلمي ،وإذابة الفوارق العرقية والقبلية التي املتطرفة التي ت�صدر بني الفينة والأخ��رى ،والأفعال التي يثيرها أعداؤنا . 80
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
نشاطات الوسطية تقرير حول نشاطات المنتدى لشهر تموز 2010م الوسطية -قام وفد من املنتدى العاملي للوسطية برئاسة األم�ين العام املهندس م��روان الفاعوري ب��زي��ارة ل���وزارة التربية والتعليم وذلك يوم األربعاء املوافق ،2010/7/14التقوا فيها وزير التربية السابق الدكتور إبراهيم بدران ،وجرى خالل اللقاء بحث سبل التعاون املشترك ما بني املنتدى العاملي للوسطية ووزارة التربية والتعليم وذلك بهدف تعزيز مفاهيم الوسطية واالعتدال والتسامح من خالل مناهج وزارة التربية إلعداد أجيال جديدة . الوسطية -بالتعاون ما بني املنتدى العاملي للوسطية وفريق عمل ق��ارئ اليوم قائد الغد عقد ي��وم السبت امل��واف��ق 2010/7/17 اللقاء التحضيري حول ورشة العمل املتخصصة التي سيعقدها املنتدى العاملي للوسطية حول دور الشباب في العمل القيادي بحضور األمني العام للمنتدى املهندس مروان الفاعوري وأستاذ الشريعة في اجلامعة األردنية الدكتور أحمد الريان.
في اجلامعة األردن��ي��ة الدكتور محمد ال��ري��ان في مقر املنتدى برنامجا تدريبيا باللغة اإلجنليزية " gramslamicinglish ،”training proمدته ستون ساعة ،يهدف إلى التواصل مع غير املسلمني الناطقني بغير العربية والتعرف على أهم أساليب الدعوة إلى اإلس�لام ،كما تهدف ال��دورة التي يشارك فيها 20 طالبة من مختلف التخصصات اجلامعية إل��ى تغيير الصورة النمطية عن املسلمني وبناء جسور الثقة واحلوار مع اآلخر في محاولة لتأسيس مفهوم التعايش والسالم العاملي كما أراده الله تعإلى ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم. الوسطية -جرى مساء يوم السبت املوافق 2010/7/31 لقاء تعارفي مع أعضاء املنتدى العاملي للوسطية املقيمني في األردن ،وقد حضر اللقاء األمني العام للمنتدى املهندس مروان الفاعوري وأمني سر املكتب التنفيذي الدكتور محمد اخلطيب.
الوسطية -قام األم�ين العام للمنتدى العاملي للوسطية يرافقه الوسطية -مت تشكيل قطاع شبابي برئاسة وإش��راف الدكتور األستاذ الدكتور محمد القضاة بزيارة السيد باسم الروسان وزير محمد ريان حيث عقد خمس ورشات عمل خالل هذا الشهر . االتصاالت السابق ،وهدفت الزيارة إلى إب��راز رسالة املنتدى الوسطية -زار الدكتور داود احلدابي األردن بهدف التواصل العاملي للوسطية من خالل ترسيخ معالم االعتدال والسماحة وتقدمي خطة العمل لفرع اليمن حيث اجتمع مع األم�ين العام ف��ي احل��ي��اة العامة واخل��اص��ة وت��ق��دمي درع تقديري ل��ه تكرميا والدكتور محمد اخلطيب والدكتور هايل داود . جلهوده املشكورة في خدمة الوسطية باإلضافة لبعض الكتيبات الوسطية -ضمن نشاطات فرع جرش ألقى الدكتور أحمد واملطبوعات . الربابعة محاضرة بعنوان "املفاهيم األمنية ال���واردة في سورة الوسطية -قام وفد من املنتدى العاملي للوسطية برئاسة يوسف" وذلك يوم السبت 2010/7/17م ،في مقر املنتدى . األم�ي�ن ال��ع��ام املهندس م���روان ال��ف��اع��وري ي��وم ال��ث�لاث��اء املوافق 2010/7/13بزيارة للبنك األهلي األردن��ي ،وذلك لتقدمي درع الوسطية -عقد منتدى الوسطية فرع إربد يوم االثنني 2010/7/5م تقديري لرئيس مجلس إدارة البنك السيد رجائي املعشر نظرا ندوة عن قانون األحوال الشخصية اجلديد . للجهود امل��ادي��ة واملعنوية التي يقدمها البنك في دع��م املنتدى الوسطية -عقد منتدى الوسطية ف��رع إرب���د محاضرة وترسيخ الفكر الوسطي الذي ينادي به ،وقد تسلم الدرع نيابة يوم اخلميس 2010/7/15م عن املخدرات وأثرها على الفرد عنه نائب الرئيس التنفيذي ونائب املدير العام للبنك األهلي واملجتمع . األردني السيد هاني فراج . الوسطية -عقد منتدى الوسطية ف��رع إرب��د ي��وم السبت الوسطية -بتنظيم من املنتدى العاملي للوسطية عقد أستاذ الشريعة 2010/7/24م ،ندوة عن تنظيم األسرة وحكم اإلسالم بذلك . السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
81
نشاطات الوسطية تقرير حول نشاطات المنتدى لشهر أب 2010م الوسطية -ب��ع��ث األم��ي�ن ال���ع���ام ل�ل�احت���اد اإلسالمي أنه مت التباحث في العديد من النشاطات التي سيتم عقدها الكردستاني السيد صالح الدين محمد بهاء الدين برسالة في الشهر الفضيل. تهنئة لألمني العام للمنتدى العاملي للوسطية املهندس مروان الوسطية -بعث املنتدى العاملي للوسطية برقية شكر الفاعوري هنأه فيها مبناسبة حلول شهر رمضان املبارك ،وعرفان لألمني العام لألمم املتحدة ،عبر فيها عن شكر املنتدى داعيا في الوقت ذات��ه الله سبحانه وتعإلى أن يأخذ بأيدي وامتنانه للجهود التي بذلت من قبلهم ،في سبيل إطالق سراح املسلمني لكل خير خلدمة مشروع نهوض األم��ة اإلسالمية الضابطني األردنيني اللذين اختطفا أثناء تأديتهما للواجب وحترير املسلمني من أسارة اجلمود واجلحود ومواصلة مواكبة اإلنساني في إقليم دارفور حتت قيادة حفظ السالم الدولية ، العصر مع حفظ األصالة. وأضاف املنتدى في برقيته أن تقدمي املساعدة وحفظ األمن الوسطية -عقد املنتدى العاملي للوسطية محاضرة لألستاذ في كل بؤر الصراع في العالم واجب إنساني ،ورسالة سامية الدكتور زغلول النجار في املركز الثقافي امللكي الساعة الثانية أقرتها كل الشرائع السماوية والقوانني الوضعية ،وأكد املنتدى والنصف من ظهر يوم اخلميس املوافق ،2010/8/19وحتدث في نهاية البرقية على مؤازرته للجهود الهادفة في حتقيق د.زغلول النجار في احملاضرة التي حضرها كل من الدكتور السلم واألم��ن العاملي وجلميع البشر بغض النظر عن اللون عبد السالم العبادي وزي��ر األوق���اف واألم�ين العام الدكتور أوالدين أوالعرق. محمد ال��رع��ود وم��ا ي��زي��د ع��ن ( )300ش��خ��ص ،ع��ن األرض وطبقاتها وعن كيفية حدوث البراكني وال��زالزل وعن اجلبال الوسطية -بدعوة كرمية من وزارة الشؤون اإلسالمية قام عضواملنتدى العاملي للوسطية األستاذ الدكتور محمد القضاة واملطر وحتدث أيضاً عن الغالف اجلوي والفضاء. بزيارة إلى جزر املالديف إللقاء عدد من احملاضرات املتنوعة الوسطية -أق��ام املنتدى العاملي للوسطية ي��وم الثالثاء في املركز اإلسالمي واملساجد الكبرى في العاصمة مالي امل��واف��ق 2010/8/10لقاء تكرميي للدكتورة ألفت الدبعي وغيرها من اجلزر . وذلك مبناسبة حصولها على شهادة الدكتوراه من كلية العلوم اإلنسانية قسم علم اجتماع ،حيث قدمت الدكتورة رسالتها الوسطية -في امللتقى العلمي الذي عقده املجلس األعلى حول " مكانة امل��رأة في األح��زاب واجلماعات اإلسالمية في للشباب بالتعاون م��ع وزارة األوق���اف وال��ش��ؤون واملقدسات اليمن" ،وقد مت تقدمي درع تكرميي لها بهذه املناسبة . اإلسالمية شارك األستاذ الدكتور محمد القضاة عضواملنتدى
الوسطية -مندوبا عن جاللة امللك عبدالله الثاني ، رعى وزير األوقاف والشؤون واملقدسات اإلسالمية الدكتور عبد السالم العبادي أعمال املجلس العلمي الهاشمي السادس واخلمسني (الثاني لهذا العام) بعنوان "العنف املجتمعي.. أسبابه وآثاره وسبل عالجه" ،وشارك في أعمال املجلس كل من أستاذ مادة اإلعجاز العلمي في كلية أصول الدين بجامعة دمشق سماحة الدكتور محمد راتب النابلسي وأستاذ علوم األرض رئيس جلنة اإلع��ج��از العلمي ف��ي القاهرة الدكتور زغلول النجار وسماحة الشيخ علي بن زين العابدين احلبيب علي اجلفري وامل��درس في اجلامعة األردنية الدكتور أحمد نوفل ،وتولى رئاسة اجللسة املهندس مروان الفاعوري األمني العام للمنتدى العاملي للوسطية. الوسطية -اجتمعت يوم السبت املوافق 2010/8/7الهيئة اإلداري���ة ملنتدى الوسطية للفكر والثقافة مع رؤس��اء فروع منتدى الوسطية للفكر والثقافة واللجنة النسائية وذلك في مقر املنتدى ،حيث مت خالل االجتماع مناقشة كافة نشاطات املنتدى املنوي عقدها حتى نهاية العام احلالي باإلضافة إلى
82
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
العاملي للوسطية في محاضرة عقدت في بيت الشباب يوم الثالثاء املوافق 2010/8/17بعنوان" دور العلماء في رعاية الشباب" وملدة ساعتني حضرها عدد كبير من األئمة والوعاظ من مختلف مديريات األوقاف في محافظات وألوية وأقضية اململكة.
الوسطية -مبناسبة ذك��رى املولد النبوي الشريف أقام منتدى الوسطية للفكر والثقافة فرع السلط وبالتعاون مع م����دارس أك��ادمي��ي��ة ال��س��ل��ط م �ه��رج��ان األن��ش��ودة اإلسالمية الثاني ،وحت��دث في احلفل كل من السيد عوني الرحاحلة الذي أشاد في كلمته مبناقب الرسول الكرمي ،والسيد رشاد الكيالني الذي استذكر العبر املستوحاة من هذه الذكرى داعيا في الوقت ذاته إلى السماحة والسير على نهج رسول الله ، والسيدة حنان الفاعوري التي أكدت في كلمتها أنه ال بد من وقفة مع النفس لنتذكر ونتعظ من هذه الذكرى ،وبعد ذلك أنشدت فرقة البراء اإلسالمية األناشيد املعبرة إحياء لهذه الذكرى.
الوسطية -مبناسبة ق��دوم شهر رم��ض��ان امل��ب��ارك أقام منتدى الوسطية للفكر والثقافة /السلط يوم االثنني املوافق ، 2010/8/9أمسية دينية حاضر فيها األستاذ الدكتور محمد القضاة حتدث فيها عن املعاني العظيمة التي دعا إليها القرآن الكرمي من خالل احملافظة على الصيام احلقيقي الذي يقود الوسطية -نظم منتدى الوسطية للفكر والثقافة /فرع إربد املؤمن إلى معارج التقوى والتزام الفضائل الكبرى ،واألخالق ندوة بعنوان" كيف نستقبل شهر رمضان املبارك" ،حتدث فيها اإلسالمية. كل من الدكتور هشام بني خلف والدكتور وائل بني عيسى من الوسطية -نظم منتدى الوسطية للفكر والثقافة في إربد ندوة تربية إربد األولى ورئيس فرع املنتدى يوسف ملكاوي ،وأكد بعنوان ":معركة بدر دروس وعبر" .وحتدث في الندوة رئيس املشاركون على معاني الصيام وأخالقياته ،وأن شهر الصيام ف��رع املنتدى يوسف ملكاوي حيث أوض��ح أن ال��رس��ول عليه تربية للنفس من خ�لال صيام اجل��وارح واللسان والعني مع الصالة والسالم أخذ بكل أسباب النصر املتاحة واستكمل اإلمساك عن املفطرات وصوالً للتقوى. كافة االستعدادات مع التوكل على الله واليقني أن النصر من الوسطية -ضمن امل��وس��م الثقافي ملنتدى الوسطية للفكر عنده ،واخلطيب مصطفى هزامية الذي قال أن معركة بدر والثقافة في إرب��د خالل شهر رمضان املبارك عقدت ندوة غيرت مجرى التاريخ وكانت نوراً لإلسالم ،والواعظ عثمان بعنوان (الفتوحات اإلسالمية دروس وعبر) ،حتدث فيها رئيس أبوسرايا الذي بني أن معركة بدر سميت معركة الفرقان ألنها الفرع يوسف ملكاوي ورئيسة اللجنة النسائية في املنتدى فرقت بني احلق والباطل . عواطف الشوبكي والدكتور هشام بني خلف وسالمة العمارين ال��وس�ط�ي��ة -مبناسبة ذك���رى إح����راق امل��س��ج��د األق��ص��ى أكد حيث أكدوا أن اإلسالم دين الوسطية واالعتدال وان الفتوحات املتحدثون في ال��ن��دوة التي عقدها منتدى الوسطية للفكر اإلسالمية كانت متتاز بهذه الصفة العظيمة . والثقافة ف��رع إرب��د ي��وم االث��ن�ين امل��واف��ق 2010/8/23على الوسطية -أقام منتدى الوسطية فرع الكرك محاضرة عن ضرورة الوقوف صفا منيعا أمام االعتداءات اإلسرائيلية ،وإن فضائل شهر رمضان امل��ب��ارك حت��دث فيها كل من الدكتور كان ضمن اإلمكانات املتاحة وبخط متواز مع الدول العربية مفتاح مسعودة عضواملنتدى العاملي والشيخ أمني الكيالني واإلسالمية ،وذكر الدكتور أحمد بني سالمة صفات اليهود مفتي السلط حيث حتدثوا عن فضائل ومزايا هذا الشهر التي اتصفوا بها منذ وجودهم والتي منها اإلنكار واخلديعة الكرمي . والقتل وحتدث الدكتور تيسير سعيدين في كلمته عن الدور العظيم للجيش األردن��ي في احلفاظ على املسجد األقصى واملقدسات وذلك من خالل احلروب التي خاضها مع اليهود من عام .1948
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
83
نشاطات الوسطية تقرير حول نشاطات المنتدى لشهر أيلول 2010م الوسطية للفكر والثقافة ورش��ة عمل بعنوان "الضغط النفسي" ،وتهدف الورشة التي شارك فيها طالبات جامعيات من مختلف التخصصات ونساء من مختلف الفئات العمرية للبحث في أهم أسباب الضغط النفسي وطرق العالج منه والتعامل معه مبا يحفظ للمتدربة توازنها النفسي.
الوسطية -ش��ارك رئيس املنتدى العاملي للوسطية سماحة اإلمام ال��ص��ادق امل��ه��دي واألم�ي�ن ال��ع��ام للمنتدى العاملي للوسطية املهندس مروان الفاعوري والدكتور عبد الله فدعق بافتتاح املؤمتر العام ملؤسسة آل البيت امللكية للفكر اإلسالمي في دورته اخلامسة عشرة ،والذي عقد حتت رعاية صاحب اجلاللة الهاشمية امللك عبد الله الثاني بعنوان" البيئة في اإلسالم" ،الوسطية -أقام منتدى الوسطية للفكر والثقافة /إربد يوم األحد املوافق يوم االثنني املوافق 2010 /9/27في فندق الرويال ،بحضور نخبة من العلماء ، 2010/9/5احتفاال كبيرا مبناسبة ليلة القدر في مسجد سعد بن معاذ، واملفكرين من مختلف أنحاء العالم العربي واإلسالمي . وحتدث في االحتفال كل من الشيخ عثمان أبوسرايا والشيخ علي التميمي الوسطية -يعقد املنتدى العاملي للوسطية مؤمتره الدولي الثامن حتت والدكتور هيثم بني هاني ويوسف امللكاوي ود.أح��م��د بني سالمة والشيخ ع��ن��وان" دور الوسطية ف��ي نهضة واس�ت�ق��رار باكستان" وذل��ك ف��ي العاصمة عدنان أبوالعسل والشيخ محمود بني هاني والشيخ باسل الصبح والشيخ منير الباكستانية إسالم أباد ،في الفترة من الثامن ولغاية العاشر من شهر أكتوبر البشايرة ،حيث تطرقوا لعدة مواضيع مهمة ذات الصلة برمضان وفضائله . 2010م ،وسيشارك في املؤمتر الذي يفتتحه رئيس الوزراء الباكستاني نخبة الوسطية -أقام منتدى الوسطية للفكر والثقافة فرع إربد يوم السبت من العلماء واملفكرين من أبرز زعماء التيارات الدينية في الباكستان ممن املوافق 2010/9/4ندوة حول " فضل ليلة القدر ودالئل هذه الليلة" .وذلك لهم بصمات واضحة في ترسيخ مفاهيم الوسطية في املجتمع الباكستاني في مقر الفرع بإربد ،وحتدث في الندوة رئيس فرع إربد السيد يوسف ملكاوي وشخصيات مميزة من مختلف أنحاء العالم العربي واإلسالمي . حيث بني أهمية وفضل ليلة القدر ،مركزا على اإلعجاز العددي في القرآن
الوسطية -حتت رعاية عطوفة محافظ العاصمة وبدعوة من املجلس الكرمي . األع��ل��ى للشباب ش���ارك األس��ت��اذ ال��دك��ت��ور محمد ال��ق��ض��اة أس��ت��اذ الشريعة الوسطية -مبناسبة شهر رمضان املبارك ،شهر اخلير والعطاء وفي اإلسالمية باجلامعة األردنية وعضواملنتدى العاملي للوسطية في ندوة حول إطار تعزيز روح التكافل والتضامن لتعميق أواص��ر احملبة في املجتمع ،قام مبادرة متكني الشباب ملواجهة العنف املجتمعي والتي عقدت ببيت الشباب منتدى الوسطية للفكر والثقافة فرع إربد بتنفيذ حملة " طرود اخلير" من في عمان. خالل توزيع طرود اخلير على األسر الفقيرة في محافظة إربد والتي تتكون الوسطية -بدعم وتنظيم من املنتدى العاملي للوسطية نظمت هيئة ملتقى من وجبات طعام ومتور ومالبس مدرسية باإلضافة إلى الصدقات . الشباب في املنتدى العاملي للوسطية دورة تدريبية لتنمية القوى البشرية وبناء الوسطية -نظم منتدى الوسطية للفكر والثقافة فرع السلط محاضرة القدرات بعنوان" طموح بال حدود" ،وهدفت الدورة التي قدمها الدكتور محمد ملفتي البلقاء الشيخ هاني خليل عابد حتدث فيها عن حال املسلم في العشر الريان إلى تعزيز مفاهيم صناعة الهدف والتخطيط االستراتيجي وتعزيز األواخر من رمضان من حيث االعتكاف ومفهومه وأحكامه وليلة القدر وما لها الثقة بالذات ومهارات االتصال ،وامتازت الدورة التي استمرت مدة 15ساعة من فضائل وفرحة كبيرة لدى املسلم لالحتفال بها ،كما حتدث عن املستحبات تدريبية ومبشاركة 15طالبا وطالبة بالتفاعل ما بني املدرب والطلبة. في األواخر من رمضان متطرقا لبرنامج عمل املسلم في العشر األواخر وعن
الوسطية -في سياق العمل للتحضير ملؤمتر الشباب واإلعالم مت عقد جواز اعتكاف املرأة في البيت. عدد من االجتماعات اخلاصة بالشباب املتطوعني في هيئة ملتقى الشباب الوسطية -نظم منتدى الوسطية للفكر والثقافة /السلط بالتعاون مع ملناقشة عدد من محاور املؤمتر ،والتحضير له ،وقد مت توزيع املتطوعني في مديرية أوقاف البلقاء حفل تخريج الفوج األول من النادي القرآني الصيفي جلان وحتديد مهام كل جلنة وتوزيع املسؤوليات على الشباب ،ويذكر بأن في مسجد الهالل األحمر /نقب الدبور واشتمل االحتفال على تالوة آيات املؤمتر يهدف إلى توظيف واستثمار جهود الشباب في خدمة الشباب. من السور تالها مجموعة طالب من اخلريجني وقراءة مجموعة من األحاديث
الوسطية -مت في هيئة ملتقى الشباب التأسيس ملجلة شبابية تخدم القطاع الشبابي على مستوى اجلامعات للفئة العمرية الشبابية ما فوق 18 سنة .وقد انتسب عدد كبير من طلبة اجلامعات املختلفة إلى فريق املتطوعني في التحضير والتنسيق لهذه املجلة حيث مت توزيعهم في جلان للبدء بالكتابة، ويتوقع أن يتم إصدار العدد األول مع نهاية شهر أكتوبر ، 2010وقد مت االتفاق الوسطية -تستمر جلنة املرأة في منتدى الوسطية أيام االثنني من كل على تسمية املجلة" نوافذ" لتكون نافذة مطلة على احتياجات الشباب وأفكارهم أسبوع في عقد لقائها املتجدد مع فضيلة األستاذ الدكتور أحمد نوفل وتفسير في الوطن احلبيب. سورة النور ،حيث املوعظة احلسنة والكلمة الطيبة ،وذلك في متام الساعة الوسطية -عقد القطاع الشبابي بالتعاون مع القطاع النسائي في منتدى الرابعة والنصف عصرا في مقر املنتدى اجلديد والدعوة عامة للسيدات. النبوية الشريفة على مسامع احلاضرين وخطبة ألحد اخلريجني وأنشودة إسالمية وكلمة للشيخ سالم العطيات املشرف على النادي شكر فيها منتدى الوسطية على رعاية حفظة القرآن الكرمي ودعا اخلرجني إلى مواصلة حفظ كتاب الله ألنه ربيع قلب املسلم .
84
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ضـيوف الوســطية وف�������د ت�����رك�����ي يف زي����������ارة مل����ق����ر ال����ع����امل����ي ل��ل��وس��ط��ي��ة قام وفد من تركيا برئاسة السيد عزيز غالب وعضوية السيد مم��دوح يلدرم وفائق بكار ب��زي��ارة للمنتدى العاملي ل��ل��وس��ط��ي��ة ،ح��ي��ث ال��ت��ق��ى ب��األم�ين ال��ع��ام امل��ه��ن��دس مروان الفاعوري وكل من الدكتور محمد اخلطيب والدكتور هايل داود والدكتور محمد القضاة. وتطرق اللقاء إل��ى ح��وار شامل ح��ول أط��ر التعاون بني الطرفني ف��ي م��ج��ال الشباب وتفعيل ال��زي��ارات املشتركة وكذلك قطاع امل��رأة والقطاعات التعليمية وأوج��ه املشاركة في نشاطات املنتدى القادمة في اجلزائر والباكستان. وفي نهاية اللقاء مت تسليم السيد عزيز غالب درع املنتدى كما تسلم األمني العام هدية من السيد غالب.
املهندس مروان الفاعوري يسلم درع الوسطية لرئيس الوفد
وفد من وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد السعودية يف زيارة تعارف للعاملي للوسطية واإلرشاد السعودية برئاسة مدير عام العالقات اخلارجية في الوزارة األستاذ عبد الله بن علي العامري ،وعضوية األستاذ سلمان العثمان واألستاذعواد العنزي. وتهدف الزيارة للتعرف على املنتدى ونشاطاته ومدى اإلسهام الذي يحققه في تعزيز منهج الوسطية ونشره في البقاع.
األستاذ العامري يتسلم درع املنتدى من املهندس الفاعوري
وطرح الوفد خالل اللقاء مبادرات جادة تهدف إلى تعزيز سبل التعاون ما بني املنتدى والوزارة مؤكدين في الوقت ذاته على أن املنتدى العاملي يعد من املشاريع االستيراتيجية الدائمة والهامة لألمة اإلسالمية.
وتأتي زيارة الوفد للمنتدى ضمن زيارته لوزارة األوقاف زار يوم األربعاء املوافق 2010/8/4مقر املنتدى العاملي للوسطية وفد من وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف والدعوة والشؤون واملقدسات اإلسالمية في األردن.
وف���د ع��ن ال���دي���وان ال��ث��ق��ايف للوسطية واإلع���ت���دال يف زي����ارة مل��ق��ر ال��ع��امل��ي للوسطية زار وفد ممثل عن الديوان الثقافي للوسطية واالعتدال العراقي واملكون من رئيس فرع الوسطية في العراق محمد املطني والشيخ عبد القادر عفني ،مقر املنتدى العاملي للوسطية يوم االثنني املوافق . 2010/7/26
والتقى الوفد باألمني العام للمنتدى املهندس مروان الفاعوري حيث جرى خالل اللقاء تباحث سبل التعاون املشترك ما بني الديوان واملنتدى وتفعيل االتفاقية التي أبرمت بني الطرفني ح��ول نشر الفكر الوسطي في مختلف محافظات العراق، من خالل إقامة النشاطات كالندوات واحملاضرات وطباعة الكتب ونشرها وتوزيعها وذلك في إطار تعزيز الفكر الوسطي ومجابهة التطرف والغلوفي املنطقة.
الوفد الضيف وصورة تذكارية مع األمني العام املهندس الفاعوري
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
85
ضـيوف الوســطية وفد من كلية الدراسات اإلسالمية يف قطر يزور مقر العاملي للوسطية قام وفد من كلية الدراسات اإلسالمية في قطر " مركز يوسف القرضاوي" ،بزيارة للمنتدى العاملي للوسطية وذلك يوم الثالثاء املوافق ،2010/8/10حيث مت خالل اللقاء بحث سبل التعاون املشترك ما بني املنتدى العاملي للوسطية وكلية الدراسات اإلسالمية ،وإمكانية توقيع اتفاقية تعاون مشترك وتبادل الزيارات واألبحاث واجلهود العلمية في سبيل ترسيخ جانب من اللقاء
الفكر الوسطي وتعزيز قيم االعتدال في املجتمع.
مدير عام مجلس العالقات اإلسالمية األمريكية ي�����ل�����ت�����ق�����ي األم�������ي������ن ال���������ع���������ام ل�����ل�����ع�����امل�����ي ل����ل����وس����ط����ي����ة
املهندس مروان الفاعوري و السيد نهاد عوض
جانب من اللقاء
زار مدير ع��ام مجلس العالقات اإلسالمية األمريكية ال��ذي يقوم ب��ه مجلس ال��ع�لاق��ات اإلس�لام��ي��ة األمريكية في "كير" نهاد عوض يوم االثنني املوافق 2010 /7/19مقر املنتدى الدفاع عن الدين اإلسالمي وتقدميه بأفضل صورة ،مؤكدا العاملي للوسطية ،والتقى بأمني عام املنتدى املهندس مروان على أنه باإلمكان ترسيخ تلك الصورة في عقول وأذهان العالم الفاعوري. العربي واإلسالمي وتقدميها بالشكل املطلوب من خالل فتح وجرى خالل اللقاء تباحث سبل التعاون املشترك في نشر سبل التعاون بني املجلس واملنتدى نظرا لتقارب األهداف الفكر الوسطي وتعزيزه في العالم العربي واإلسالمي. والطموحات التي يسعى إليها كال اجلانبني في مجال احلفاظ كما ق��دم السيد ع��وض شرحا موجزا عن ال��دور الفعلي على الدين اإلسالمي ونشره بأسلوب معتدل وهادف. 86
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ضـيوف الوســطية عضوالعاملي للوسطية من الجماهريية الليبية مفتاح مسعودة يف زيارة ملقر املنتدى قام عضواملنتدى العاملي للوسطية من اجلماهيرية العربية الليبية السيد مفتاح مسعودة بزيارة للمنتدى العاملي للوسطية وذلك يوم االثنني املوافق ،2010/8/16حيث مت التباحث في العديد من القضايا فيما تتعلق بالفكر الوسطي ،باإلضافة للنشاطات التي قام بها في ليبيا في تعزيز منهج الوسطية وخاصة لطلبة اجلامعات. كما مت التباحث في برنامج احملاضرات التي سيلقيها في مختلف محافظات اململكة بتنظيم من املنتدى العاملي للوسطية والتي تتناول مواضيع الوسطية واالعتدال وكيفية محاربة الفكر التكفيري وتطبيق الوسطية في احلياة العملية واملستمدة من القرآن الكرمي والسنة النبوية وجتربته في هذا املجال في ليبيا.
السيد مفتاح مسعودة و املهندس مروان الفاعوري
وفد من العلماء املشاركني يف دورة "شرح مضامني رسالة عمان" يزور العاملي للوسطية واملقدسات اإلسالمية بزيارة ملقر املنتدى العاملي للوسطية وذلك يوم الثالثاء املوافق ،2010/7/27والتقى الوفد املؤلف في عضويته من كل من الباكستان واملغرب واليمن وأذربيجان وفلسطني ،باألمني العام للمنتدى املهندس مروان الفاعوري وكل من الدكتور هايل داود والدكتور محمد اخلطيب ،حيث دار نقاش موسع ح��ول أه��داف املنتدى وغاياته ،ودوره في الساحة اإلسالمية في مجال نشر الفكر الوسطي. وقد أبدى الوفد إعجابه باألردن واملستوى املتقدم الذي الوفد الضيف و اعضاء املنتدى في صورة تذكارية وصل إليه وباحلالة الدينية املوجودة فيه ،وباملنتدى ونشاطه ق��ام وف��د من العلماء واألئمة املشاركني في دورة "شرح احلقيقي في نشر الفكر الوسطي وتعزير مبدأ االعتدال من مضامني رسالة عمان" والتي تعقدها وزارة األوقاف والشؤون خالل النشاطات التي يقيمها.
وفد طالبي ممثل عن الحزب اإلسالمي الكردستاني يف زيارة ملقر العاملي للوسطية زار وفد كردستاني ممثل عن احلزب اإلسالمي الكردستاني للمنتدى تقديرا للمجهود الذي يبذله في خدمة الفكر الوسطي مقر املنتدى العاملي للوسطية وذل��ك ي��وم اخلميس املوافق وتعزيز قيم االعتدال في مجتمعاتنا العربية واإلسالمية. .2010/7/15 والتقى الوفد الذي يضم عدد من طلبة الدراسات العليا في عدد من اجلامعات األردنية باألمني العام للمنتدى العاملي للوسطية حيث مت خالل اللقاء بحث سبل التعاون املشترك ما بني املنتدى العاملي للوسطية واحلزب اإلسالمي الكردستاني، واإلط�ل�اع على نشاطات املنتدى وإسهامها احلقيقي في ترسيخ قيم ومعاني الفكر الوسطي. وفي نهاية اللقاء قدم الوفد الزائر عدد من الكتب والهدايا.
صورة تذكارية للوفد الضيف أثناء زيارته املقر الوسطية السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
87
بيـانـات الوســطية بيان حول جهود املنتدى العاملي للوسطية يف اإلفراج عن الضابطني األردنيني اللذين اختطفا يف دارفور /السودان أصدر املنتدى العاملي للوسطية بيانا أشاد فيه باجلهود التي بذلت من قبل رئيس املنتدى العاملي للوسطية اإلمام ال �ص��ادق امل �ه��دي واجل �ه��ات امل�ع�ن�ي��ة ف��ي سبيل اإلف� ��راج عن الضابطني األردنيني الذين اختطفا في دارف��ور أثناء تأدية عملهما ،وفيما يلي نص البيان... في إطار اجلهود التي تبذلها اململكة األردنية الهاشمية بقيادة العاهل األردني امللك عبد الله حفظه الله في دعم االستقرار الدولي واإلقليمي بإرساله قوات أمنية إلى السودان في إطار دعم العالقات األردنية السودانية وفي إط��ار العالقات بني حزب األمة القومي وكيان األنصار واململكة األردنية الهاشمية، ق��ام اإلم��ام الصادق املهدي رئيس املنتدى العاملي للوسطية باتصاالت مكثفة باجلهات ذات الصلة بدارفور للعمل على إطالق سراح األخوة الضابطني احملتجزين في دارفور حيث مت اختطافهما في أثناء تأديتهما لواجبهما اإلنساني واألمني ب��دارف��ور ،وش��ك��ل ف��ري��ق��اً ملتابعة االت��ص��االت يضم ع��دد من الفعاليات السياسية التي حتظى بقبول وصلة مع حركة العدل واملساواة.
بإذن الله ،وعليه نتقدم بالشكر اجلزيل للجهات التي جتاوبت وتفاعلت مع االتصاالت التي قام بها اإلمام الصادق املهدي آملني من الله العلي القدير أن ينعم على بالدنا باالستقرار والرخاء والسالم والتواصل بني الشعبني الشقيقني.
إن املنتدى العاملي للوسطية إذ يشكر كل من سعى إلطالق سراح الضابطني األردنيني ويتوجه بالشكر إلى حركة العدل واملساواة وكافة الفصائل التي راعت حرمة هذا الشهر الكرمي واستجابت لندائنا وكافة النداءات املخلصة بإطالق سراحهم هذه اجلهود املبذولة من اإلم��ام الصادق املهدي إلطالق متمنني ل��دارف��ور وأه��ل ال��س��ودان االستقرار والنماء .لقوله {إ ّ َن ِفي َذ ِل َك َل ِذكْ َرى لمِ َ ْن سراح الضابطني في هذا الشهر املبارك أعاده الله علينا وعلى سبحانه وتعإلى وهواصدق القائلني ِ يد}. الس ْم َع َو ُه َو شَ ِه ٌ األمة اإلسالمية والعربية باخلير واليمن واالستقرار املستدام َكا َن َلهُ َقل ٌْب أَ ْو أَ ْلقَى ّ َ
العاملي للوسطية يصدر بيانا حول قتل الرهينة الفرنسي
أصدر املنتدى العاملي للوسطية بيانا استنكر فيه نبأ مقتل الرهينة الفرنسي ميشال جيرمانوعلى يد عصابات مجرمة تطلق على نفسها بتنظيم القاعدة في بالد املغرب اإلسالمي ،مطالبا في الوقت 88
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ذات��ه ك��ل الهيئات اإلسالمية والعلماء يبرأ منه اإلس�لام واملسلمون ،وإن من برفض ه��ذا التصرف ورف��ض مرتكبيه فعلوا ه��ذا الفعل هم عصابة مجرمة، الذي يقومون مبثل تلك األفعال حتت ف��ع��ل��ه��ا م�����دان م��ه��م��ا ك���ان���ت مبرراتها شعار اإلسالم ،وفيما يلي نص البيان ...ودوافعها. تلقينا في املنتدى العاملي للوسطية وإننا نطالب كل الهيئات اإلسالمية بأسى بالغ واش��م��ئ��زاز كبير ،نبأ مقتل الرهينة الفرنسي ميشال جيرمانوعلى وال���ع���ل���م���اء وامل�����ؤث�����رون ع��ل��ى الساحة يد ما يسمى بتنظيم القاعدة في بالد اإلسالمية برفض هذا التصرف والبراءة منه وم��ن مرتكبيه ال��ذي ي���زورون هذه املغرب اإلسالمي. وإننا إذ نعزي ذويه والشعب الفرنسي األفعال باسم اإلس�لام ،مذكرين إياهم بأحر مشاعر العزاء لنعلن وبكل وضوح بقوله تعإلى { َم ْن َقت ََل َنفْ س ًا ِب َغ ْي ِر َنفْ ٍس ّاس وصراحة أن هذا الفعل اإلجرامي مدان أَ ْو َف َس ٍاد ِفي الأْ َ ْر ِض َف َكأَ مّ َنَا َقت ََل ال َن َ بكل املقاييس واالعتبارات وهوتصرف َج ِميع ًا} صدق الله العظيم.
بيـانـات الوســطية بيان صادر عن املنتدى العاملي للوسطية حول العمل اإلرهابي الذي استهدف مدينة العقبة إن املنتدى العاملي للوسطية راعه وأحزنه الهجوم الغادر، والعمل اإلرهابي اجلبان الذي استهدف األراض��ي األردنية، وأصاب مدينة العقبة الوادعة ،ثغر األردن الباسم ،مما أدى إلى سقوط شهيد أردني ،روى بدمه الزكي تراب الوطن ،وخلف وراءه كذلك إصابة مواطنني أبرياء يسعون ،إلى لقمة عيشهم، ليس لهم من ذنب سوى أنهم يسعون لبناء وطنهم ،ويكدون لنهضته ،هذا الوطن الذي لم يعرف إال احلب والنصرة ألمته، ولم يُعرف إ ّال بالوقوف إلى جانب أشقائه ومناصرة قضاياهم العادلة ،وعلى رأس هذه القضايا قضية فلسطني التي هي قضيته حيث أن نكبتها نكبته ،وآالمها آالمه. إن اليد اخلبيثة التي امتدت بالسوء والغدر ،هي يد أثيمة غ��ادرة ،عدوة لإلسالم واملسلمني ،وإن هذا العمل اإلرهابي يبني أن اإلره��اب ال دين له وال وطن له ،ويستهدف اجلميع خاصة قوى احلق واالعتدال والوسطية التي حتاجج باملنطق والعقل وتنصف املظلوم وحتقق العدالة ،بهدف إسكات ضمير األم��ة وال��ذي ميثله األردن قيادة ومؤسسات ،واملستمد من سماحة الدين احلنيف الذي به أرشدنا رسولنا الكرمي صلى الله عليه وسلم بأنه الطريق القومي ،وهؤالء القتلة واملجرمني ال هم لهم وال هدف إال نقل الصراع واالحتراب بني مكونات األمة بتمييع قضايانا وحرفها عن جادة الصواب.
نفوسهم املريضة التي تستسيغ سفك دم األبرياء الساعني لبناء أوطانهم ،ومهما كانت ذرائعهم ومنطلقاتهم وعليه فإن إدانتهم ومحاربتهم واج��ب اجلميع ونهيب بالقوى الوطنية وشرفاء األمة أن تقف صفا واحدا أمام الفتنة العمياء التي تستهدف األمن التي ينعم به األردن ،وهم ال يستطيعون أن يخدعوا إال أنفسهم ،وألن إسالمنا العظيم بقيمه احلقيقية سيبقى نبراسا لنا في نصرة املظلوم وكف يد الظالم بقطعها واستئصال من يقف ورائها ،داعني الله عز وجل أن يجعل هذا البلد بلدا آمنا ينعم باالستقرار والهناء وأن ينصره على كل قوى الظالم والغدر.
هؤالء املجرمون ال ميثلون إال احلقد األسود الذي يغذي قال تعإلىَ ( :و َس َي ْع َل ُم ال َِّذينَ َظ َل ُموا أَ َّي ُم ْن َق َل ٍب َي ْنق َِل ُبونَ).
بيان صادر عن املنتدى العاملي للوسطية حول تفجريات الهور أصدر املنتدى العاملي للوسطية بيانا استنكر فيه األحداث الدموية التي حتصل على أرض باكستان والتي إن دلت فهي ت��دل على تطرف وغلوفي الفكر واملمارسة ،وفيما يلي نص البيان بالتفصيل: إن املنتدى العاملي للوسطية وهويتابع ما يجري على أرض باكستان من قتل وسفك دم��اء لألبرياء ليعبر عن استنكاره الشديد لهذه العمليات اإلرهابية الدالة على تطرف وغلوفي الفكر واملمارسة. إن العملية اإلرهابية التي نفذت في اله��ور بحق أبرياء يتظاهرون نصرة للقدس واألقصى تدل دالل��ة واضحة على إن عقد مؤمتر تدعوإليه منظمة املؤمتر اإلسالمي على ٍ أننا أمام ظاهرة خطيرة ستؤدي – ال سمح الله – إلى مزيد أرض باكستان يحضره جميع الفرقاء قد يكون مخرجاً مهماً من التفتيت واالنهيار في املجتمعات اإلسالمية. من هذه األزمة التي تعيشها باكستان. ومن هذا املنطلق فإننا ندعواخل ّيرين من أبناء هذه األمة حمى الله باكستان من كل يد تريد النيل منها ومن قوتها مفكرين وعلماء إلى العمل الفوري إلخراج باكستان العزيزة من ووحدتها. عمليات تدميرية تؤدي إلى مزيد من سفك الدماء البريئة. السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
89
بيان صادر عن املنتدى العاملي للوسطية بشأن الهجوم املسلح على فندق يف العاصمة الصومالية دع��ا امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للوسطية ،األم��ة العربية ك��اف��ة إلى التمسك بوحدتها والدفاع عنها ومحاربة قوى املتطرفني التي تستهدف سرقة مستقبل هذه األمة ،كما استنكر في الوقت ذاته في بيان صدر عنه العمل اإلجرامي الذي ارتكب بحق األبرياء في العاصمة الصومالية خاصة وأنها حصلت في أيام مباركة، وفيما يلي نص البيان... لقد كانت اجلرمية النكراء التي ارتكبت بحق األبرياء في العاصمة الصومالية (مقديشو) مثار استنكار واستغراب لدى كل مسلم ،خاصة أنها وقعت في أيام الشهر املبارك والذي يجب أن يتحلى فيه املسلم بالعفوواملغفرة والرحمة لكل اخللق. إن املنتدى العاملي للوسطية وهويستنكر هذا العمل اإلجرامي الذي يدل على عقول جاهلة متطرفة تبيح مثل هذه األعمال والتي تتناقض متاما مع أسس هذا الدين والذي ينادي دوماً في احلفاظ على النفس اإلنسانية { َم ْن َقت ََل َنفْ ًسا ِب َغ ْي ِر َنفْ ٍس يعا} . َّاس َج ِم ً أَ ْو َف َس ٍاد ِفي الأْ َ ْر ِض َف َكأَ مَّنَا َقت ََل الن َ إن لغة العنف ال ميكن أن تبني املجتمعات ،وإن اخلروج على النظام العام للدولة لن يؤدي إال إلى ٍ مزيد من االنهيار والتمزق واس��ت��ن��زاف امل����وارد البشرية واالق��ت��ص��ادي��ة املستنزفة لألمة وإعادتها إلى مربع التخلف والعصبية واجلهل ،وأن هذا الهجوم ال��ذي قامت به ه��ذه الفئة ضالة تهدف إل��ى تعميق الفوضى واالنقسام وزعزعة أمن واستقرار ووحدة الصومال ،والتدمير وإضعاف النظام لدولة الصومال الشقيقة. إن ما يتم اليوم على أرض الصومال من أعمال متارس باسم الدين على أي��دي حفنة تتلقى أوامرها دون وعي مما يسمى تنظيم القاعدة لتحرير الصومال ليس لها أي حجة أوبرهان ال
من كتاب وال من سنة ،تبرر وتنفذ بفعل قوى اجلهل والتطرف والظالم التي تفهم الدين فهما خاطئاً على يد حفنة من اجلهلة واملنحرفني ،تشكل أكبر اخلطر على كيان دولة الصومال الشقيق وتهدد مصاحله واستقراره بل واستقرار املنطقة بأسرها ،وأننا نؤكد وباستمرار على أن هذه األعمال يرفضها الدين اإلسالمي ويدينها ،مهما لبست من شعارات ،مؤكدين على دعوة الفرقاء إلى مائدة احلوار ليعود الصومال إلى أمنه واستقراره. وكذلك فإننا ندعوأمتنا العربية كافة إلى ٍ مزيد من التمسك بوحدتها والدفاع عنها ومحاربة قوى املتطرفني التي تستهدف سرقة مستقبل هذه األمة ،والتي لن تثني العزمية عن السير في البناء والتطور ،ونرى أنها لن تؤدي إال إلى ٍ مزيد من سفك للدماء البريئة وإبعادنا عن اللحاق بركب احلضارة والتطور مع دعوانا إلى الله العلي القدير أن يحمي هذه األمة من كل كيد ومين عليها باألمن واألمان قال تعإلىَ { :وال َّلهُ َغ ِال ٌب َع َلى أَ ْم ِر ِه َّاس لاَ َي ْع َل ُمونَ}. َو َل ِك َّن أَ ْك َث َر الن ِ
بيان صادر عن املنتدى العاملي للوسطية/فرع اليمن حول الهجوم املسلح على مبنى األمن السياسي /بمحافظة عدن
يعلن املنتدى العاملي للوسطية شجبه واستنكاره للهجوم اإلرهابي املسلح الذي نفذته م��ؤخ��را فئة خ��ارج��ة ع��ن القانون على مبنى األم���ن السياسي مبحافظة عدن حيث أدى هذا الهجوم إلى سقوط قتلى أب��ري��اء وع��ددا من اجلرحى بينهم جنود ونساء وطفل. إن ه��ذا الهجوم ال��ذي قامت به فئة ضالة تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار ووح��دة اليمن ،ما ه��وإال نتيجة تخطيط عناصر خارجة عن القانون ،تهدف إلى االن��ف��ص��ال وتفتيت األم����ة ،وم��زي��دا من التدمير وتعطيل مهام جنود يعملون على حفظ ال��ن��ظ��ام ف��ي ال��وق��ت ال���ذي جتتمع 90
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
فيه اجلهود ملزيد من التآخي والتآلف والوحدة بني أبناء الشعب الواحد ،وإننا نطالب بالوقوف بقوة أمام هذه اجلهات اإلره��اب��ي��ة وم�لاح��ق��ة اجل��ن��اة لتقدميهم للعدالة لتقول كلمتها فيهم. إن ل��غ��ة ال��ع��ن��ف ال مي��ك��ن أن تبني امل��ج��ت��م��ع��ات ،وإن اخل����روج ع��ن السلطة والنظام العام للدولة لن يؤدي إال إلى مزيد من االنهيار والتمزق واستنزاف املوارد البشرية واالقتصادية لألمة وإرجاعها إلى التخلف والعصبية واجلهل. ونحن في املنتدى العاملي للوسطية نطالب شعبنا مبزيد من التمسك بوحدتهم والدفاع عنها ومحاربة املتطرفني للحفاظ
على مكتسباتنا الوطنية ،حيث لن تثني ه���ذه األع��م��ال م��ن عزميتنا ف��ي السير لبناء وتطور اليمن ،ونحن كذلك نرى أنها لن تؤدي إال إلى مزيد من سفك للدماء البريئة وتبعدنا عن التحضر والتطور، وأننا نؤكد وباستمرار أن هذه األعمال مهما كانت هوية الذين يقفون وراءها، أوالشعارات التي يرفعونها خارجة عن اإلس�لام ،ويرفضها هذا الدين ويدينها، مهما لبست من شعارات ومتسحت به من مسوح زائفة .
مؤتمر الوســطية بحضور نخبة من العلماء واملفكرين
املنتدى العاملي للوسطية يعقد مؤتمره الدولي الثامن "دور الوسطية يف نهضة واستقرار باكستان "يف إسالم أباد
جانب من املؤمتر
عقد املنتدى العاملي للو�سطية يف العا�صمة الباك�ستانية �إ�سالم �أباد م�ؤمتره الدويل الثامن حتت عنوان" دور الو�سطية يف نه�ضة وا�ستقرار باك�ستان " وذل��ك يوم اجلمعة املوافق . 2010/10/8 و�شارك يف امل�ؤمتر الذي ا�ستمر ملدة يومني نخبة من العلماء واملفكرين من �أبرز زعماء التيارات الدينية يف الباك�ستان ممن لهم ب�صمات وا�ضحة يف تر�سيخ مفاهيم الو�سطية يف املجتمع الباك�ستاين ،و�شخ�صيات مميزة من خمتلف �أنحاء العامل العربي والإ�سالمي. اجلل�سة االفتتاحية وبدأت اجللسة االفتتاحية بكلمة ترحيبية ألقاها األستاذ في كلية الشريعة األس��ت��اذ الدكتور محمد طاهر منصوري حيث رحب باحلضور باسم اجلامعة اإلسالمية ،ثم قام عريف احلفل الدكتور محمد ضياء احل��ق ف��ي كلمته التي ألقاها باستعراض األه���داف امل��رج��وة م��ن إق��ام��ة ه��ذا امل��ؤمت��ر ،من جهته تطرق األمني العام للمنتدى العاملي للوسطية املهندس مروان الفاعوري في كلمته للمنتدى العاملي للوسطية معرفا إياه وألهدافه والفكرة من تأسيسه ،وأضاف أن املنتدى قد أخ��ذ على عاتقه منذ انطالقه اإلسهام في مسيرة إصالح األم��ة من خالل املراجعات الفكرية والثقافية التي يتصدى لها العلماء واملفكرون وق��ادة ال��رأي الذين يع ّبرون عن الفكر املعتدل املتزن. واستذكر في كلمته الشاعر املسلم محمد إقبال ،املنطلق من شبه القارة الهندية واحمللق في كل قطر من أقطار العالم، والذي عاش في فترة عصيبة من حياة األمة اإلسالمية كالتي
م .مروان الفاعوري
نعيش ،وشهد ما تعرضت له أمتنا من هوان على يد االستعمار الغربي فكان رجل القدر في حياة األمة ،وملحمة إنسانية. وأك��د الفاعوري على أن اإلنسانية اليوم أح��وج إلى روح اإلسالم ،وإلى قيمه األخالقية ،وأحوج كأمة إلى التعرف على معالم الدين القيم وأح��وج إلى معرفة أن أمة اإلس�لام خير أمة أخرجت للناس ،وأيضا أح��وج ألن ن��درك أن العالم كان يعيش في جاهلية جهالء ،وفوضى عمياء ،وظلمات بعضها فوق بعض ،وأنه قد ظهر فضل هذه األمة ،وسهل فهم رسالتها في هذا العصر أكثر من كل عصر. ثم حتدث بعدها رئيس اجلامعة اإلسالمية العاملية مرحبا باحلضور ،ومن ثم عضواملكتب التنفيذي للمنتدى الدكتور محمد حبش ،تبعه نائب وزير احلج والشؤون الدينية حامد كاظمي ال��ذي ألقى كلمة ال����وزارة ،ث��م كلمة راع��ي اجلامعة الدكتور فتح الله ملك ،وكلمة مدير معهد إقبال الدولي للحوار والبحوث الدكتور طاب حسني سيال ،وأخيرا ألقى السيد آيدر أبوف من جمهورية كازاخستان كلمة عبر فيها عن شكره وامتنانه للمنتدى.
جل�سات امل�ؤمتر
وناقش املؤمترون في جلسات املؤمتر الذي عقد على مدار اليومني ع��دة أوراق عمل ذات الصلة ،ففي اجللسة األولى التي ترأسها الدكتور عز الدين بن زغيبة من اجلزائر ،تناول من خاللها عدة أوراق أولها ورقة عمل بعنوان " مدخل إلى الوسطية قراءة حضارية" قدمها الدكتور محمد حبش ،وورقة بعنوان "مفهوم الوسطية ومالمحها في الفكر اإلسالمي" السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
91
لقطات من املؤمتر
قدمها الدكتور محمد طالبي ،ثم قدم الدكتور محمد طاهر منصوري ورقة بعنوان " التطرف الفكري والديني وأثره على التنمية في املجتمعات املسلمة – باكستان منوذجا" . وفي اجللسة األولى من اليوم الثاني فقد تناولت عدة أوراق ومحاور ،حيث ناقشت اجللسة التي ترأسها األستاذ الدكتور محمد اخلطيب ،ورقة بعنوان " دور الوسطية في تعزيز وحدة األمة" قدمها األستاذ الدكتور أحمد نوفل ،وورقة عمل بعنوان" دور اإلعالم في تعزيز الفكر الوسطي" قدمها السيد حسني الرواشدة وأخيرا ورقة بعنوان " أثر الوسطية على التنمية " قدمها الدكتور عبد الباقي عبد الكبير. وف��ي اجللسة الثانية التي ترأسها الدكتور محمد طاهر منصوري قدمت فيها أربع أوراق عمل ،األولى قدمها الدكتور محمد ضياء احل��ق ب��ع��ن��وان" تطبيق اإلس�ل�ام الصحيح في املجتمعات اإلسالمية" ،والثانية للدكتور سعد الدين العثماني بعنوان " دور الوسطية في تعزيز األمن " والورقة الثالثة قدمها الدكتور عبد الله رزق بعنوان " دور تيار الوسطية في نهضة األمة" وأخيرا كانت ورقة عن املدارس الدينية في باكستان.
اجلل�سة اخلتامية و�إعالن �إ�سالم �أباد
وفي اجللسة اخلتامية التي ترأسها أمني عام املنتدى العاملي للوسطية املهندس مروان الفاعوري دعا املشاركون في بيان صدر عن املؤمتر بعنوان "إعالن إسالم أباد" إلى: -1ض��رورة العمل في احلفاظ على وح��دة األم��ة اإلسالمية بجميع مذاهبها وطوائفها وأقطارها ،باعتباره مسؤولية واجبة على العلماء واملفكرين والقادة وأبناء األمة. -2التأكيد على دور باكستان في نهضة األمة باعتبارها بلدا إسالميا رئيسياً ووجوب العمل على دعمه للحفاظ على وحدته واستقراره ونشر ثقافة التسامح والتعاون بني أبنائه. -3دع��وة املؤسسات العلمية والتربوية واألكادميية والثقافية للقيام بواجبها في التنمية والبناء احلضاري والتجديد في األفكار والرؤى واألساليب مسترشدين مبا قام به حكماؤهم وعلى األخص املفكر الكبير اإلسالمي محمد إقبال. -4دعوة جميع األطراف إلى استنكار ونبذ العنف والتطرف واملغاالة وااللتقاء على كلمة س��واء باحلوار املستمر والبناء كآلية حلل اخلالفات. -5ت��ع��زي��ز ال��ت��ع��اون ب�ين امل��ؤس��س��ات اإلس�لام��ي��ة ف��ي باكستان ون��ظ��ائ��ره��ا ف��ي ال��ع��ال��م اإلس�لام��ي لتشجيع منهج االعتدال والوسطية في خطابها وممارستها. 92
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
-6دعوة أبناء الشعب الباكستاني إلى التعاون والتآلف ملواجهة التحديات التي تتعرض لها باكستان من خالل اعتماد الفر الهادف ومنطق االحترام املتبادل. -7العمل على مواجهة تيارات التطرف واالنحراف الفكري التي تقوم بإذكاء العنف في العالم اإلسالمي ،وتأجيج العداوة بني املسلمني وغيرهم من الدول واألمم. -8دع��وة امل��دارس اإلسالمية في الباكستان للقيام بواجبها في التنمية والبناء احلضاري.وتطوير املناهج الدراسية مبا ينسجم مع علوم العصر واالنفتاح على العالم. -9التأكيد على الدور الذي تقوم به وسائل اإلعالم املختلفة في تعزيز قيم االعتدال واحلوار والتفاهم ومطالبتها بضرورة التزام املوضوعية واحليادية في نقل األخبار واآلراء وجتنب إثارة الصراعات والنزاعات بني أبناء األمة الواحدة. -10ال��������وق��������وف م���������ع ال����ش����ع����ب ال����ب����اك����س����ت����ان����ي ال����ش����ق����ي����ق في م���ح���ن���ت���ه ال���ت���ي واج����ه����ه����ا أثناء ال����ف����ي����ض����ان����ات األخ��ي��رة وتوجيه نداء إلى اخل ّيرين م����ن أب����ن����اء األم����ة اإلسالمية لتقدمي جميع أشكال العون واملساعدة إلخوانهم، واعتبار ذلك واجباً شرعياً وإنسانياً. كوكبة من املشاركني في املؤمتر
وقد �شارك يف امل�ؤمتر نخبة من العلماء من خمتلف �أنحاء العامل العربي والإ�سالمي ومنهم: املهند�س مروان الفاعوري /الأردن. الدكتور حممد اخلطيب /الأردن. الدكتور �أحمد نوفل /الأردن. الدكتور حممد حب�ش�/سوريا. الدكتور حممد طالبي/املغرب. الأ�ستاذ ح�سني الروا�شدة /الأردن. الدكتور �سعد الدين العثماين/املغرب. الدكتور �أيدر �أبووف /كازاخ�ستان. عز الدين بن زغيبة /اجلزائر.
أخــبار الوسطية
انتخ��اب هيئ��ة إداري��ة جدي��دة ملنت��دى الوس��طية للفك��ر والثقاف��ة عقدت الهيئة العامة ي��وم السبت املوافق 2010/7/17 اجتماعا عاديا أقرت فيه التقرير املالي واحلسابات اخلتامية لعام ،2009كما أق��رت التقرير اإلداري ونشاطات املنتدى لذات العام ،باإلضافة النتخاب الهيئة اإلدارية اجلديدة والذي مت بحضور السيد غسان طنش مدير الهيئات الثقافية بوزارة الثقافة ،وقد فاز بالتزكية كل من السادة:
م.م����روان ال��ف��اع��وري ...رئ��ي�����س��ا ملنتدى الو�سطية للفكر والثقافة. د.هايل الداود ...نائبا للرئي�س. د.حممد اخلطيب� ...أمينا لل�صندوق. د.يا�سني املقو�سي �...أمينا لل�سر. د.حممد الق�ضاة ...ع�ضوا. د.نوال �شرار ...ع�ضوا. د.خولة خوالدة...ع�ضوا. التقرير اإلداري للهيئة اإلدارية خالل عام 2009م عقدت الهيئة اإلدارية ( )38اجتماع خالل عام 2009م.
جانب من االجتماع
لبنان األسبق ورئيس اللجنة العربية لرفع احلصار عن غزة في سياق برامجه لدعم األهل في غزة الصمود. عقد في مقر املنتدى العاملي للوسطية وبالتعاون مع منتدىالوسطية في عمان يوم الثالثاء 2009/3/10محاضرة بعنوان (ال��رج��ل وامل��رأة في الشريعة اإلس�لام�ي��ة) ،وألقى احملاضرة الدكتور عودة أبو عودة (األستاذ في اجلامعة األردنية). أقام منتدى الوسطية فرع مادبا محاضرة بعنوان "حتدياتاألم��ة اإلسالمية في ذك��رى املولد النبوي" ،ألقاها الدكتور هايل عبد احلفيظ وذلك يوم اخلميس 2009/3/12م .
�أو ًال :امل�ؤمترات بدعوة من املنتدى العاملي للوسطية ألقى الدكتور محمد عقد منتدى الوسطية للفكر والثقافة وبالتعاون مع املنتدى راتب النابلسي الداعية اإلسالمي املعروف سلسة محاضراتالعاملي للوسطية امل��ؤمت��ر ال��دول��ي اخل��ام��س " قضايا املرأة في عدة مدن أردنية هي ( عمان ،السلط ،العقبة ) وذلك في املجتمعات اإلسالمية " ،وال��ذي استمر ملدة يومني -26خالل الفترة من 8إلى 10نيسان 2009م . 2009/7/27م مبشاركة واس��ع��ة م��ن الشخصيات الفكرية -عقد منتدى الوسطية فرع جرش محاضرة بعنوان "أزمة والسياسية العربية واألردنية. املياه في األردن التحديات وطرق مواجهتها" ألقاها معالي
ع��ق��د امل��ن��ت��دى ال��ع��امل��ي للوسطية وب��ال��ت��ع��اون م��ع منتدى الدكتور منذر حدادين وذلك يوم السبت 2009/4/4م .الوسطية مؤمتره الدولي السادس "القدس دين وتاريخ" في -عقد منتدى الوسطية فرع جرش محاضرة بعنوان "اكتشاف الفترة من 2009/11/12-11م في فندق ال��روي��ال /عمان اجلينات العربية" ألقاها الدكتور إحسان محاسنة ،يوم السبت مبشاركة واسعة من الشخصيات الفكرية والسياسية العربية 2009/4/25م . واألردنية. ضمن احتفاالت اململكة بعيد االستقالل وبدعوة من مديرمنطقة طارق ألقى املهندس مروان الفاعوري رئيس املنتدى ثاني ًا :املحا�ضرات محاضرة بعنوان "دور املواطنة الصاحلة في احملافظة على استضاف املنتدى العاملي للوسطية ومنتدى الوسطية للفكروالثقافة وبالتعاون مع جمعية صناع احلياة الداعية الدكتور االستقالل" يوم االثنني 2009/5/11م .
ع��م��رو خ��ال��د ضمن ن��ش��اط��ات امل��ن��ت��دى ل��ع��ام 2009م إللقاء -بدعوة من املنتدى العاملي للوسطية وبالتعاون مع جمعية صناع احلياة ألقى الدكتور أمجد قورشة محاضرة بعنوان محاضرات في عمان ومحافظتي الزرقاء وإربد . استضاف املنتدى العاملي للوسطية بالتعاون مع منتدى (االختالط وضوابطه في العمل التطوعي) .الوسطية للفكر والثقافة الدكتور سليم احلص رئيس وزراء -عقد منتدى الوسطية فرع السلط محاضرة بعنوان "ديوان السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
93
أخــبار الوسطية املظالم أحد أعمدة نظام النزاهة الوطني" ألقى احملاضرة معالي وزير الدولة للشؤون القانونية سالم اخلزاعلة . أقام املنتدى العاملي للوسطية بالتعاون مع منتدى الوسطيةل��ل��ف��ك��ر وال��ث��ق��اف��ة -ف���رع م���ادب���ا م��ح��اض��رة ل��ل��داع��ي��ة عمرو خالد ف��ي ساحة ف��ي محافظة م��ادب��ا ي��وم اخلميس املوافق 2009/06/04م. ضمـن نشاطـات منتدى الوسطية ،وبالتعاون مع املنتدىالعاملي للوسطية /جمعية السلط اإلسالمية اخليرية ،ألقى الداعية عمرو خالد محاضرة بعنوان " بناء األسرة املسلمة " يوم السبت املوافق 2009/06/06م.
م.مروان الفاعوري و د .محمد اخلطيب
عقد منتدى الوسطية فرع جرش محاضرة بعنوان (وسطية حتدث فيها الدكتور طالب عبابنة من جامعة إرب��د األهليةاإلس�ل�ام) حت��دث فيها ال��دك��ت��ور محمد اخلطيب أم�ين سر وذلك يوم الثالثاء 2009/12/29م . املنتدى والدكتور يحيي دخل الله من جامعة جرش وذلك يوم ثالث ًا :الندوات السبت 2009/6/13م . ألقى عضو منتدى الوسطية للفكر والثقافة األستاذ الدكتور -ش����ارك امل��ن��ت��دى ف��ي ال���ن���دوة ال��ت��ي ع��ق��ده��ا م��رك��ز الرأيمحمد القضاة محاضرة يوم الثالثاء ، 2009/8/18مبحافظة للدراسات حول "إشكاليات منهاجية في اإلصالح السياسي األردني" ،وذلك يوم السبت 2009/2/7م في قاعة مركز الرأي مادبا ،حتدث فيها عن أهمية الصيام في حياة املسلم. للدراسات . عقدت هيئة نادي شابات الوسطية أول أمس السبت املوافق 2009/8/8محاضرة علمية بعنوان "العالج اآلمن باستخدام نظم القطاع النسائي في منتدى الوسطية ندوة حول "تفنيد طاقة الريكي" ،وألقت احملاضرة ماستر ومعلم العالج بالطاقة شبهات حول املرأة في اإلسالم" في مقر املنتدى حاضر فيها ك ً ال من فضيلة األستاذ الدكتور محمود السرطاوي وفضيلة (الريكي األملاني) سهير فليفل . األس��ت��اذ ال��دك��ت��ور محمد عقله ،وذل���ك ي��وم السبت املوافق ع��ق��د امل��ن��ت��دى ال��ع��امل��ي ل��ل��وس��ط��ي��ة ي���وم اجل��م��ع��ة املوافق 2009/3/28م. 2009/11/13محاضرة فكرية لألستاذ احمل��ام��ي منتصر الزيات في نادي املعلمني في معان ،بحضور جمهور من أبناء أقام منتدى الوسطية فرع مادبا ندوة بعنوان "املخدرات وآثارها على التفكك األس ��ري" ف��ي قاعة بلدية ذي��ب��ان ي��وم االثنني محافظة معان . 2009/3/23م حتدث فيها كل من الدكتور محمد املساندة بدعوة من املجلس األعلى للشباب ،ألقى األستاذ الدكتور والسيد حكمت احلالملة والشيخ جمال السفرتي والسيد سالممحمد أحمد القضاة عضو منتدى الوسطية محاضرة في الهواوشة . نادي الوحدة في محافظة مادبا يوم اخلميس ،2009/12/24 نظم القطاع النسائي في منتدى الوسطية للفكر والثقافة بعنوان" التعايش الديني بني اإلسالم واملسيحية". ن��دوة حوارية حول اتفاقية سيداو وذل��ك يوم األح��د املوافق عقد املنتدى العاملي للوسطية ومنتدى الوسطية بالتعاون مع 2009/4/26م ،حتدثت فيها السيدة ميسون دراوش��ة حيثجمعية مجددون اخليرية التنموية ،محاضرة للطبيب واملستشار قامت بتوضيح العنوان الرئيسي التفاقية سيداو وهو املطابقة النفسي الدكتور عبد الرحمن ال��ذاك��ر ،بعنوان "املتدينون التامة بني الرجل واملرأة . واألمراض النفسية" وذلك يوم السبت . 2009/12/26 برعاية سعادة السيد سليمان السعد عقد منتدى الوسطية عقد منتدى الوسطية للفكر والثقافة فرع السلط محاضرة فرع جرش ندوة بعنوان "اتفاقية سيداو قراءة ما بني السطور"للدكتور بكر خ���ازر امل��ج��ال��ي ي��وم األرب��ع��اء 2009/12/23م شارك فيها كل من السيدة نبيلة عودة والسيدة هيام ضمرة بعنوان "مسيرة األردن عبر التاريخ املعاصر ووسطية النظام واألستاذ جمال السفرتي وذلك يوم السبت 2009/5/23م . السياسي" . في إطار الفعاليات التي يقوم بها منتدى الوسطية لنشر الوعي أق��ام منتدى الوسطية فرع جرش محاضرة بعنوان " دور ضد األخطار عن رف��ع التحفظات على بعض بنود اتفاقيةاملناهج املدرسية في تعميق مفهوم الوسطية لدى الطلبة" ،سيداو ،نظم فرع املنتدى في إربد وبرعاية رئيس بلدية إربد
94
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أخــبار الوسطية السيد عبد الرؤوف التل ندوة في القاعة الهاشمية ،شارك فيها كل من السيدة نبيلة عودة ،والسيدة وفاء البيطار ،واألستاذ جمال السفرتي وقد أدار الندوة الدكتورة أدب السعود . ع��ق��د م��ن��ت��دى ال��وس��ط��ي��ة ف���رع ج���رش ن���دوة ب��ع��ن��وان (قانون الضمان االجتماعي اجلديد ما له وما عليه) حتدث بالندوة الدكتور محمد القضاة ،والسيد فارس العتوم والسيدة غادة احلراحشة من دائرة الضمان االجتماعي وذلك يوم السبت 2009/6/27م. أق��ام منتدى الوسطية فرع السلط ن��دوة حتدث فيها معالي ال��دك��ت��ور ص��ب��ري إرب��ي��ح��ات وزي���ر الثقافة وامل��ه��ن��دس مروان ال��ف��اع��وري بعنوان (امل ��دن الثقافية األردن �ي��ة) ي��وم األربعاء 22شباط . 2009 2009/6/10م . نظم القطاع النسائي في منتدى الوسطية ورشة عمل بعنوان شارك كل من رئيس منتدى الوسطية للفكر والثقافة املهندس (قراءة في مؤمتر بكني و ما بعده) وذلك يوم السبت املوافق مروان الفاعوري والدكتور هايل داوود عضو الهيئة اإلدارية 2009/2/14 ،حتدثت فيها الدكتورة نوال شرار. في ندوة عقدت برعاية جامعة العلوم اإلسالمية ،وبتنظيم من عقد منتدى الوسطية للفكر والثقافة فرع إربد دورة تثقيفيةاللجنة الدولية للصليب األحمر ،حتت عنوان" املائدة املستديرة في مجال حقوق اإلنسان في الفترة من 2009/2/24-22م ، ح��ول ال �ق��ان��ون ال��دول��ي اإلن �س��ان��ي وال�ش��ري�ع��ة اإلسالمية"، وذلك بالتعاون مع مركز عمان لدراسات حقوق اإلنسان. وش��ارك الدكتور هايل داوود في الندوة التي عقدت في 17 2009/11/بورقة عمل حتدث فيها عن اإلس�لام والقانون -شارك املهندس مروان الفاعوري رئيس منتدى الوسطية للفكر والثقافة والدكتور هايل داوود عضو الهيئة اإلدارية الدولي واإلنساني . في املؤمتر ال��ذي نظمه املجلس األعلى للشباب وذل��ك يوم برعاية رئيس بلدية مادبا الكبرى السيد ع��ارف الرواجيح عقد منتدى الوسطية للفكر والثقافة/مادبا ندوة علمية عن ،2009/3/22 - 21بعنوان (املؤمتر الوطني الثاني لتأصيل امل�خ��درات وآث��اره��ا على املجتمع ،وذل��ك ي��وم السبت املوافق الفكر التنويري عند الشباب األردن��ي :الشباب واحل��وار مع اآلخر) ،وقد قدم املهندس مروان الفاعوري ورقة بعنوان " دور 2009/11/7م . املؤسسات الفكرية والثقافية في تعزيز قيم احلوار" ،كما قدم ن��ظ��م م��ن��ت��دى ال��وس��ط��ي��ة للفكر وال��ث��ق��اف��ة ف���رع إرب����د ندوة الدكتور هايل داود ورقة بعنوان "رسالة عمان أداة حضارية بعنوان "هبوا لنصرة األقصى" ،وذل��ك يوم اخلميس املوافق لتعزيز قيم احلوار مع اآلخر". 2009/10/15م. نظم منتدى الوسطية للفكر والثقافة في مقره في عمان احتفاء بذكرى الهجرة النبوية الشريفة أقام منتدى الوسطيةي���وم ال��س��ب��ت امل��واف��ق 2009/5/9م ورش���ة ع��م��ل ح���ول بنود للفكر والثقافة فرع إربد يوم اخلميس املوافق 2009/12/17 اتفاقية سيداو ،وشارك في ورشة العمل كل من احملامية نائلة ندوة بعنوان “في ظل الهجرة النبوية". الرشدان ،واألستاذ الدكتور محمد عقله ،واألستاذة ميسون ع��ق��د م��ن��ت��دى ال��وس��ط��ي��ة ف����رع ال��رم��ث��ا ن����دوة ي����وم األربعاء دراوشة ،واألستاذة نبيلة عودة. 2009/12/25م بقاعة مدينة احل��س��ن الصناعية بعنوان ضمن خطة جلنة املرأة في منتدى الوسطية للفكر و الثقافة"الوسطية في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم" حتدث نظمت في مقر املنتدى بعمان يوم األحد املوافق 2009/6/14 فيها ك��ل م��ن ال��دك��ت��ور محمد الكيالني وال��دك��ت��ور إبراهيم ورشة عمل بعنوان " املرأة و التغيير " حيث طرحت ثالث أوراق اليوسف والدكتور إبراهيم جت . عمل . رئيسة القطاع النسائي السيدة سوسن املومني وسيدات من جلنة املرأة
نظم منتدى الوسطية ف��رع إرب��د دورة تدريبية بعنوانرابع ًا :الدورات التدريبية وور�ش العمل ش��ارك وفد من منتدى الوسطي للفكر والثقافة في أعمال (أساسيات الوفاق األسري) خالل الفترة من 2009/6/4-1م مؤمتر بعنوان "دور وسائل اإلعالم في تعزيز ثقافة الوسطية" ،حاضر بالدورة كل من روان اخلضر ،ورانيا بني عيسى . الذي عقدت أعماله في مدينة طرابلس في لبنان ،من 20إلى -عقد منتدى الوسطية للفكر والثقافة /إربد جلسة حوارية للمحامية السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
95
أخــبار الوسطية شارك املهندس مروان الفاعوري رئيس املنتدى في حفل توقيعمنتهى الهنداوي بعنوان "املرأة في قانون األحوال الشخصية". ممثال عن منتدى الوسطية للفكر والثقافة ،وضمن خطة كتاب (شعراء آل الكيالني) والذي أقيم برعاية معالي الدكتوروزارة التربية والتعليم ل��وق��اي��ة طلبة امل����دارس م��ن أخطار صبري إربيحات وزير الثقافة يوم االثنني 2009/3/16م . املخدرات واملؤثرات العقلية ،شارك األستاذ الدكتور محمد -حتت رعاية معالي وزي��ر الثقافة معالي الدكتور صبري القضاة في ورش��ة عمل تدريبية لتدريب فريق محوري في إربيحات وب��دع��وة من اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية مجال وقاية الطلبة من أخطار املخدرات والتي عقدتها الوزارة والثقافة وال��ع��ل��وم ش���ارك امل��ن��ت��دى ف��ي حفل اف��ت��ت��اح امللتقى الثقافي الفلسطيني الثاني ،وذلك في مدرج احلسن بن طالل يوم األربعاء .2009/11/4 – اجلامعة األردنية يوم اخلميس 2009/3/26م .
ن�شاطات: شارك املنتدى وبدعوة من أسرة نادي أبو نصير الرياضي قام وفد برئاسة املهندس مروان الفاعوري رئيس املنتدى مبهرجان يوم الكرامة وال��ذي أقيم حتت رعاية معالي وزيروعضوية ع��دد م��ن أع��ض��اء املنتدى ف��ي األردن ي��وم السبت التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي وذلك يوم اخلميس 2009/1/10م ،بزيارة جرحى العدوان اإلسرائيلي الغاشم 2009/3/26م . على غزة والذين يعاجلون في عمان . أق��ام منتدى الوسطية ف��رع ج��رش احتفاال بذكرى املولد نظم القطاع النسائي في منتدى الوسطية للفكر والثقافة النبوي الشريف يوم السبت 2009/3/27م وبحضور مساعدل��ق��اء ثقافياً ي��وم االث��ن�ين 2009/1/26م بعنوان "القضايا محافظ جرش . الدولية التي تعنى ب��امل��رأة حملة تاريخية"حضرها ع��دد من -أقام منتدى الوسطية فرع السلط احتفاالً مبناسبة ذكرى سيدات النخبة املثقفة. املولد النبوي الشريف ،حت��دث في االحتفال الدكتور عبد -أطلق أم�ين عمان الكبرى املهندس عمر املعاني "مشروع الكرمي الوريكات والدكتورة مناء البنا .
إنسان" لدعم األسر الفقيرة ومساعدتها على اإلنتاج وعدم -أق��ام منتدى الوسطية ف��رع الكرك احتفاال بذكرى املولد تسريب أبنائها من املدارس ومواجهة اجلهل واألمية ،بالتعاون النبوي الشريف يوم السبت 2009/3/14م . مع املنتدى العاملي للوسطية والداعية عمرو خالد . أقام منتدى الوسطية فرع مادبا محاضرة بعنوان "حتديات ش��ارك املنتدى ف��ي م��ش��روع متكني النشطاء الشباب في األمة اإلسالمية في ذكرى املولد النبوي" ،ألقاها الدكتور هايلمنظمات املجتمع املدني والذي كان بدعوة من مركز األردن داود وذلك يوم اخلميس 2009/3/12م . اجلديد للدراسات وذلك يوم السبت 2009/1/31م -أقام منتدى الوسطية فرع إربد احتفاال بذكرى املولد النبوي
مبناسبة عيد ميالد جاللة امللك عبد الله الثاني بن احلسني الشريف يوم االثنني .2009/3/9عقد منتدى الوسطية ف��رع إرب��د أمسية شعرية وذل��ك يوم -أقام املنتدى العاملي للوسطية ومنتدى الوسطية بالتعاون السبت 2009/1/31م في مقر املنتدى . مع جمعية صناع احلياة ،حفال إنشاديا مبناسبة ذكرى املولد شارك منتدى الوسطية للفكر والثقافة في امللتقى الرابع النبوي الشريف ،وذل��ك ف��ي محافظة ال��زرق��اء ي��وم الثالثاءوالذي عقده مركز احلضارة للدراسات السياسية حول "القيم ،2009/3/17قدمته فرقة البراء اإلسالمية . والسياسات العامة" والذي حتدثت فيه الدكتورة بسمة عبد -أقام منتدى الوسطية للفكر والثقافة في نادي القادسية الغفار أستاذ السياسات العامة بكلية الدراسات اإلسالمية – في محافظة الطفيلة احتفاال بذكرى معركة الكرامة وذلك يوم قطر يوم األربعاء 2009/3/25م . األحد املوافق.2009/4/20
شارك منتدى الوسطية للفكر والثقافة في أعمال مؤمتر -ش��ارك املنتدى في حفل افتتاح فعاليات القدس عاصمةالدميقراطية احمللية في األردن وال��ذي عقده مركز األردن الثقافة العربية لعام 2009وذلك يوم السبت 2009/4/11في اجلديد ل��ل��دراس��ات ،ي��وم األرب��ع��اء 2009/3/11م في فندق مدرج احلسن بن طالل /اجلامعة األردنية . هوليدي إن – عمان . شارك املنتدى وبدعوة من الشبكة اإلقليمية العربية للمرأة بدعوة من املبادرة الشبابية العربية ومركز شباب العاصمة في اإلدارة احمللية اجليدة في حلقة نقاشية مبناسبة االحتفال(املجلس األعلى للشباب) شارك املنتدى في حضور امللتقى مبئوية أمانة عمان "عمان رحلة في ذاك��رة املكان واإلنسان" األول لألعضاء املؤسسني وذلك يوم السبت 2009/3/14م .وذلك يوم الثالثاء 2009/5/5م .
96
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أخــبار الوسطية حتت رعاية معالي وزير التربية والتعليم نظم املنتدى يوم مساء ي��وم الثالثاء امل��واف��ق ،2009/8/4ومت انتخاب هيئةاألربعاء 2009/6/17م حفل توزيع جوائز مسابقة أجمل ملصق تأسيسية ملدة عام . حلملة ( فلنحمي أبنائنا من املخدرات ) والتي أطلقها منتدى -استضاف منتدى الوسطية للفكر والثقافة في مقره الرئيسي الوسطية للفكر والثقافة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم .بعمان يوم السبت ،2009/8/15وفدا نسائيا من محافظة شاركت السيدة سوسن املومني رئيسة القطاع النسائي معان ضم ما يقارب ال 67شخصية من مختلف القطاعاتف��ي م��ن��ت��دى ال��وس��ط��ي��ة للفكر وال��ث��ق��اف��ة ف��ي جلسة نقاشية النسائية ،من تربويات وناشطات وحافظات للقرآن الكرمي من ح��ول (العالقة بني الهيئة التشريعية والسلطة التنفيذية مناطق املدينة والطيبة ووادي موسى . في األردن) والتي كانت بدعوة من شبكة امل��رأة لدعم املرأة -نظم منتدى الوسطية للفكر والثقافة ف��رع السلط حفل واملعهد الدميقراطي الوطني للشؤون الدولية ،يوم االثنني اختتام مهرجان الرمثا اخلامس عشر للشعر العربي حتت 2009/6/29م . رعاية محافظ البلقاء في مركز موسى الساكت الثقافي يوم
حتت رعاية صاحبة السمو امللكي األميرة بسمة بنت طالل األربعاء 2009/08/05م.املعظمة وضمن احتفاالت أمانة عمان مبئويتها وبدعوة من -استضاف منتدى الوسطية للفكر والثقافة ف��رع جرش الشبكة اإلقليمية العربية للمرأة في اإلدارة احمللية اجليدة األدي��ب وال��روائ��ي يوسف الغزو في ق��راءة ألدبياته ورواياته ش��ارك املنتدى في حفل تكرمي النساء القياديات في أمانة قدمها األدي��ب محمد سمحان والدكتور ع��ودة الله القيسي عمان الكبرى ،وذلك يوم األحد 2009/6/28م. وذلك يوم الثالثاء 2009/8/11م في مقر املنتدى . ً أقام منتدى الوسطية فرع إربد احتفاال مبناسبة األعياد -بحضور أع��ض��اء الهيئة اإلداري���ة ملنتدى الوسطية للفكرالوطنية التي احتفلت بها اململكة خالل شهر حزيران وذلك والثقافة ،مت يوم األحد املوافق ،2009/11/22سحب جوائز يوم األربعاء 2009/6/24م . مسابقة رمضان التي ينظمها املنتدى في شهر رمضان من عقد القطاع النسائي في منتدى الوسطية للفكر والثقافة ،كل عام.يوم السبت 2009/8/15في املقر الرئيسي للمنتدى محاضرة -ش��ارك رئيس منتدى الوسطية في محافظة إرب��د يوسف الدكتور ع��دن��ان زرزور بعنوان "دور األس��رة اإلسالمية في ملكاوي يوم األحد املوافق 2009/12/20في برنامج احلوارات مواجهة أخطار العوملة" . النادوية حتت عنوان “التعايش الديني اإلسالم دين الوسطية
مبناسبة حلول الشهر الفضيل وكما ج��رت ال��ع��ادة طيلة واالعتدال" .السنوات املاضية ،باشر املنتدى بتنفيذ حملة " طرود اخلير"، من خالل توزيع طرود اخلير التموينية على األسر احملتاجة املطبوعات في كافة احملافظات من خالل فروع املنتدى التابعة له . مبناسبة قرب حلول العام الدراسي قام منتدى الوسطية -مت االن��ت��ه��اء ه��ذا الشهر م��ن طباعة ك��ت��اب 1300صفحةللفكر والثقافة بحملة "احلقيبة املدرسية" ،حيث مت توزيع يتضمن أوراق عمل امل��ؤمت��ر ال��دول��ي ال��راب��ع ( نحو مشروع آالف احلقائب املدرسية متضمنة القرطاسية الالزمة من نهضوي إسالمي ) . دفاتر وأقالم على مختلف محافظات اململكة .
-مت طباعة كتابني جديدين للمنتدى بعنوان :
اجتمعت الهيئة العامة لهيئة شباب الوسطية مساء يوم أ -دور املراكز الثقافية في تعزيز قيم احلوار (املنتدى العاملياالث��ن�ين 2009/8/3ف��ي مقر الهيئة ،ومت ان��ت��خ��اب هيئة للوسطية منوذجاً) تأسيسية عامة . ب -امل���رأة ب�ين الشريعة اإلس�لام��ي��ة واالت��ف��اق��ي��ات الدولية -اجتمعت الهيئة التأسيسية لهيئة شابات الفكر الوسطي (اتفاقية سيداو ورؤية منتدى الوسطية) .
السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
97
أخــبار الوسطية
"د.نوفل وذكرى اإلسراء واملعراج " ل��ق��اء ل��ق��ط��اع امل����رأة يف م��ن��ت��دى الوسطية
أ.د .أحمد نوفل
جانب من اللقاء وحضور مميز للنساء
في اللقاء األسبوعي للدكتور أحمد نوفل مع القطاع النسائي وتعإلى كلها حكمة بابتالء أم��ة اإلس��راء بهذا السرطان تشريف في منتدى الوسطية للفكر والثقافة ،حتدث يوم االثنني املوافق لهذه األمة وهي تعني أنها األمة القادرة فقط في العالم أن تعالج 2010/7/26عن حادثة اإلس��راء واملعراج ،حيث بدأ حديثه عن البشرية من هذا السرطان. بيان أهمية سورة اإلسراء حيث أنها من أكثر السور التي حتدثت فيما يلي احملاضرة بالتفصيل: عن القرآن الكرمي ،فموضوع سورة اإلسراء الدستور واملنهج الذي يقول د.نوفل :متر بنا هذه األيام ذكرى حدث عظيم ،ومعجزة به تتحقق أمة اإلسراء الغلبة والنصر على بني إسرائيل ،فالسورة مرتبطة بهذا املعنى ارتباط محوري شديد ;آيات عن العقيدة في ضخمة ،ويوم أغر من أيام الله ،ذلكم هو حدث اإلسراء واملعراج. العبادات في األخالق وفي املال وإنفاقه . .... واأليام تتميز مبا احتوت من أحداث ،وإال فإن كل يوم ككل يوم. وتابع حديثه معلال السبب الذي جعل الله تعإلى حادثة اإلسراء ويوم حوى حدث اإلسراء ،وليلة هي ليلة هذه املعجزة ،ليست كباقي ليال وليست نهارا ليؤكد على أن الله يريد أن يسير اإلسالم ضمن الليالي ،وال يومها كسائر األيام .لقد غدت الليلة ويومها يوماً من منهج اإلقناع ال اإلخضاع ،ومنهج اإلكرام ال اإلكراه ،وحتى ال تكون أيام الله ينبغي استذكاره وتذكره والتذكير به ،كما هو أمر الله في املعجزات املادية طريقا لإلميان فيولد في النفوس ناقصا ،ومن هنا كتاب الله لرسول الله“ :وذكرهم بأيام الله” وهذه اآلية تريحنا من جدل عقيم حول قضية :هل يجوز االحتفاء واالحتفال باملناسبات كان اإلسراء ليال. وأشار الدكتور نوفل للثنائيات املوجودة في سورة اإلسراء والتي الدينية؟ وهل فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أما أن احتوت على ما يقارب الـ ( )20ثنائية ،منها أن مدة بعثة النبي صلى رسول الله لم يفعل فصحيح ،ولكن الظرف مختلف ،فهناك كان الله عليه وسلم ( )23سنة ،وحادثة اإلسراء قد تنصفت هذه املدة ،يصنع التاريخ ،وهنا تتجمد أوص��ال التاريخ ،وتنحط همم صناع وف��ي املقابل فسورة اإلس��راء قد ج��اءت في ترتيبها في منتصف ال��ت��اري��خ ،فنحتاج إل��ى رواف���ع ل��رف��ع ال��واق��ع ،ومنبهات لإليقاظ، القرآن الكرمي ،كما أن السورة قد حتدثت عن إفسادين ومسجدين ومناسبات إلحياء العزائم ،ومثالت وق���دوات ..ففي األم��ر سعة، ووعدين وعقابني وعن دخولني للمسجد وليس دخول واحد ،كما فأريحونا. أن القرآن ذكر مهمته بعد احلديث عن حادثة اإلس��راء مبهمتني األمر اآلخر :أن حدث اإلسراء معجزة هائلة بكل املقاييس .لكن وغيرها من الثنائيات . ال مبعنى أنها آية النبي صلى الله عليه وسلم ليؤمن به وبرسالته وعن سبب بدء سورة اإلسراء " بالتسبيح" فيقول أن السورة مليئة قومه .فهي بهذا املعنى ليست كذلك ،ولكنها مبعنى خرق الناموس، بآيات ربنا الكبرى فيناسب رؤية هذه اآليات بالتسبيح.وأول الذكر وكسر املألوف فبكل تأكيد هي كذلك. التسبيح ليأتي "احلمد " في أول سورة الكهف التي تليها. فأن تعبر أطباق السموات السبع إلى س��درة املنتهى ثم تعود وأض���اف ب��أن س���ورة اإلس����راء ق��د حت��دث��ت ع��ن س��رط��ان اسمه ف��ي ليلة ف��ي رح��ل��ة حت��ت��اج ب��س��رع��ة ال��ض��وء إل���ى م��ئ��ات أو آالف إسرائيل سوف تبتلي به أرض اإلسراء ليعلل للمتعجبني من حكمة باليني السنني ..فهذا أم��ر يفوق كل املعجزات املعروفة للبشر. هذا االبتالء بأن" سبحان الذي أس��رى" ،بأن أفعال الله سبحانه وأمر ثالث :هذا احلدث العظيم اجلليل يقع في منتصف مدة بعثة 98
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أخــبار الوسطية املصطفى صلى الله عليه وسلم ،أواخر العهد املكي ،وقبل الهجرة بيسير ،بعد معاناة فاقت التوصيف ،وبعد إعراض وإعنات ومشاقة وتهجير وحصار وجتويع وإشاعات وتسميم أج��واء ،وكيد يهودي عربي وانسداد آفاق ،وانعدام بدائل في القبائل واألمكنة ،فالطائف أسوأ رداً من أهل مكة ..بعد كل االنسداد ومنع النبي من دخول مكة بعد رحلة الطائف ،كان من لطف الله بنبيه صلى الله عليه وسلم أن هيأ له هذه الرحلة ،كأنه يقول له :إن ضاقت بك األرض ،اتسعت بك ول��ك السماء ،وإن لم يعرف ق��درك أه��ل األرض فتعال لترى ما قدرك عند باليني مالئكة الله من أهل السماء .إنها املكافأة على الصبر في ميدان الدعوة ،والتحمل والتجمل في البالغ وعدم االستيئاس من الناس ،وعدم القنوط ،وصدق قانون الله في ختام السورة السابقة لإلسراء“ :والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله ملع احملسنني”.
األقصى“ :وليدخلوا املسجد كما دخلوه أول مرة”. وسادساً :رفيقا الرحلة هما النبي صلى الله عليه وسلم ورفيقه جبريل. وسابعاً :س��ورة اإلس���راء كأنها بتنصيفها للقرآن وتوسطها له قسمت املصحف إلى قسمني ،هي واسطة عقده. وثامناً :هما وعدان :وعد األولى ووعد اآلخرة.
وتاسعاً :مهمة القرآن التي ذك��رت بعد االنتهاء من احلديث عن حدث اإلسراء متثلت في أمرين :يهدي ..ويبشر. وعاشراً :املرحلة األخيرة من إنهاء اإلفساد الثاني تتضمن شقني: ليسوءوا وجوهكم ..وليدخلوا املسجد.
واحلادي عشر:نوح عليه السالم مذكور في السورة مرتني وموسى األم��ر ال��راب��ع :أن الله ك��ان يستطيع نقل النبي بال واسطة ،عليه السالم ذكر معه كذلك. فال ي��رى نفسه إال وه��و في السموات العلى دون أس��ب��اب ،ولكن الثاني عشر :ورد في السورة ذكر أنواع اإلنفاق وهما نوعان مذموم موالنا يعلمنا أنه أقام نظام الكون على األسباب ،حتى ما يبدو في ومحمود. الظاهر أسباباً هو في احلقيقة ليس بأسباب .لكنه ال بد من قانون الثالث عشر في ال��س��ورة ذك��ر قوله تعال“ :إن أحسنتم أحسنتم األسباب .فمن قال إن ضرب البحر بالعصا يفلقه اثنتي عشرة فرقاً ألنفسكم وإن أسأمت ”..فذكر اإلحسان واإلساءة. أو فلقة..؟ ومن قال إن نفساء تهز جذع نخلة؟ ومن قال إن دابة الرابع عشر :في السورة ذكر آليتي الليل والنهار. تقطع هذه الباليني من السنني الضوئية في مثل ملح البصر؟ إنها قوانني الله ال بد من مراعاتها وإن كانت األسباب غير مكافئة كما األم��ر ال��س��ادس :كل كلمة ،بال مبالغة ،في حديث س��ورة اإلسراء عن ح��دث اإلس���راء ،تتضمن معجزة ،وتنطوي على معجزة .فأن في حسابات البشر. يخبرنا القرآن عن أن اإلفساد في األرض رسالة بني إسرائيل ،ثم األم��ر اخل��ام��س :حتدثت أح��ادي��ث كثيرة ع��ن ح��دث اإلسراء، يجسد ،وأن يخبرنا عن إفسادين :األول -فيما أرى- وذكرت تفاصيل ،ولكن منهج القرآن أجمل كل هذه التفاصيل وأكثر نرى الواقع ّ من حول املسجد األول ،وينهيه صاحب رحلة اإلسراء واملكرم في منها في كلمة “لنريه من آياتنا ”..ثم إن احلديث عن األحاديث السماء محمد صلى الله عليه وسلم ،والثاني من حول الثاني وينهيه يطول جداً ما بني تدقيق روايات ودراسة رواة ورفع خالفات ،ولكن أتباع محمد وأحباب محمد وجند محمد صلى الله على محمد. الذي ال يحتاج كل ذلك هو نص القرآن الكرمي ،ولذلك سنقتصر والذين ي��رون اإلفساد األول غير ال��ذي نقول منذ أكثر من ثالثة في احلديث عن حدث اإلس��راء على حديث سورة اإلس��راء بشكل عقود بفضل الله مخالفون لسياق السورة ،ولسياق الواقع ،ولسياق أس��اس ،ثم حديث س��ورة النجم بشكل ثانوي (إن بقي متسع من التاريخ .فمتى ُر َّد ْت الكرة لبني إسرائيل على نبوخذ نصر مث ً ال؟ املساحة وال��وق��ت).األم��ر ال��س��ادس :ثنائيات ف��ي ح��دث اإلسراء. صحيح أن اإلس���راء وامل��ع��راج يجري احل��دي��ث عنهما على أنهما وهل يوصف هذا املذكور بأنه من عباد الله؟ وهل يبشرنا القرآن حدث واحد ،ولكن بالتدقيق تستبني ثنائيات عديدة ،نحاول تتبعها: ف��������������أوالً :ه����م����ا ح�������ادث�������ان ورح�����ل�����ت�����ان ال رح�����ل�����ة واح����������دة ،بحدث في املاضي إمنا هو تخريب وتدمير؟ أو ق�������ل ث�����ن�����ت�����ان ف�������ي واح���������������دة :اإلس�����������������راء ،وامل��������ع��������راج .إن قول الله تعقيباً على األحداث“ :إن هذا القرآن يهدي للتي هي وث��ان��ي��اً :حت��دث ع��ن الرحلتني ال س��ورة واح���دة ب��ل س��ورت��ان هما :أقوم ويبشر املؤمنني” حاسم في توجيه املعنى إلى ما نقول. اإلس��راء والنجم (األول��ى في منتصف املصحف كما هو اإلسراء ،وأم�������ا م����ن ق�����ال إن اإلف�����س�����اد األول م���ح���اول���ة ق���ت���ل عيسى والثانية في اجلزء السابع والعشرين مثلما هي ليلة احلدث ليلة ف���ل��ا وج�������ه ل�������ه ،ف���م���ت���ى ك�����ان�����ت ل������ه ك��������� ّرة أو ل����ه����م عليه؟ السابع والعشرين ،ونقول للمختلفني في الليلة :إن القرآن وإشاراته ث���م إن ح��ص��ر اإلف���س���اد مب��رت�ين ي��ق��ط��ع مب���ا ن���ق���ول؛ ألن إفساد وإعجازه العددي يرفع اخلالف في كثير من األحيان واملناسبات ).ب��ن��ي إس���رائ���ي���ل امل��ط��ل��ق ال ي��ع��د ب��أل��ف�ين م���ن اإلف�����س�����ادات ..فال والثالث :هما مسجدان يشكالن طرفي رحلة اإلس���راء“ :من ت��ف��س��روا مب��ع��زل ع���ن ال��س��ي��اق ال��ق��رآن��ي وال��ت��اري��خ��ي الواقعي. املسجد احلرام إلى املسجد األقصى”. أم��ا التعبير باملاضي “بعثنا” فهذا إلف��ادة ق��رب الوقوع ووشوكه وراب��������ع��������اَ :ت����ت����ح����دث ال������س������ورة ع������ن إف�����س�����ادي�����ن لبني وحتققه ،كقوله تعإلى“ :أتى أمر الله فال تستعجلوه” فقيد “فال إس�������رائ�������ي�������ل ،ي���ع���ق���ب���ه���م���ا ع������ق������اب������ان م�������ن ال������ل������ه ت����ع����إل����ى .تستعجلوه” يفيد عدم الوقوع قطعاً. وخامساً :تتحدث السورة عن دخولني للمسجد الثاني :املسجد ومن أين يعلم اخللق هذه ال��دورة التاريخية؟ ومن كان يتنبأ بهذا السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
99
أخــبار الوسطية العلو الكبير الذي نلمس تفسيره واقعاً وتأوي ً ال عملياً ال اقتصاراً -2وأمر آخر ،أن الكالم بعد اإلسراء عن بني إسرائيل وإفسادهم، على اللغة واملعاني اللفظية .وهذا هو تأويل القرآن كما قال القرآن :رمبا يجعل البعض يظن أن األمر بال حكمة ،فقال الله في مطلع “هل ينظرون إال تأويله يوم يأتي تأويله”. هذه السورة ما ينفي هذا الوهم ،فكل أفعال الله حكمة وتنزه الله واألمر السابع“ :أن هذا القرآن املكي يحدثنا عن بني إسرائيل ولسنا أن يكون في أفعاله ما ليس حكمة. نساكنهم أو نعايشهم ،متهيداً ملا يأتي من مجاورتهم ومساكنتهم في -3أنسب كلمة تقال عند رؤية اآليات :سبحان الله . املدينة لنعرف عدونا قبل أن نلتقيه. وحديث القرآن َمعاذ الله أن يعني أن نستقبل األحداث التي ستقع -4افتتح النصف األول من ال��ق��رآن الكرمي بالتحميد فكان من استقبال من ّ وطن نفسه لتقبلها وكأنها قدر ال يُدا َفع .بل هو إخبار املناسب واجلميل أن يفتتح النصف الثاني بالتسبيح. لنأخذ أهبتنا وعدتنا للمدافعة واملنازلة واملصاولة بكل ما أوتينا، فإذا وقع ما وقع قيل قد بذلنا ما علينا .أما في حالتنا فيلخصها ال معجزة أعظم من القرآن: رابني بقوله“ :إني مشفق على إسرائيل” فقال له سائله في مقابلة قبل أن يهلك :ولكنا انتصرنا في كل حروبنا مع العرب ،فلم أنت يتابع د.نوفل ليقول :مع أن حدث اإلس��راء أعظم معجزة عرفها مشفق على “إسرائيل”؟ قال :لم تكن مواجهة حقيقية واحدة مع البشر ،فيما أرى ،ومع هذا فإن سورة اإلسراء تقطع بأن الله لن العرب ..ولو وقعت ما ندري ما تكون النتائج!” يرسل حملمد صلى الله عليه وسلم معجزة مادية ،فعنده أعظم األمر الثامن :هذا الربط احلكيم بني املسجدين ،وجعل األقصى املعجزات ال��ق��رآن ،ه��ذا أوالً ،وثانياً م��اذا أج��دت املعجزات التي قبلتنا األولى ،ومسرى نبينا ،وبوابة السماء ،ومركز البركة ،كل ذلك أرسلت ألنبياء األقوام السابقنيَ { :و َما َم َن َعنَا أَ ْن ن ُْر ِس َل ِبالآْ َي ِات ِإ اّ َل ليكون الدفاع عنه باستماتة ،وليهيئ املسلمون أنفسهم للمنازلة ال أَ ْن َك� ّ َذ َب ِب َها الأْ َ ّ َو ُل��و َن َوآ َت ْينَا َث ُمو َد ال َنّا َق َة ُم ْب ِص َر ًة َف َظ َل ُموا ِب َها َو َما للمساملة مع هؤالء املجرمني .ولئن لم يكن مسرى النبي احملرك ن ُْر ِس ُل ِبالآْ َي ِات ِإ اّ َل َت ْخ ِويفً ا} وثالثاً :فإن الله تعإلى يريد أن يفْطم للمسلمني فما يكون؟ األم����ر ال���ت���اس���ع :إن ن��ت��ائ��ج امل��ع��رك��ة م���ع امل��ج��رم�ين محسومة ،البشرية عن املعجزات امل��ادي��ة ،فكأن تلك املرحلة من املعجزات وه�����ذا ي��ع��ط��ي��ن��ا ال��ي��ق�ين وال���ث���ق���ة وامل���ع���ن���وي���ات ،وم���ع���اذ ال���ل���ه أن كانت في طفولة البشرية أما وقد رشدت هذه البشرية فقد جاءتها ي��خ��در أو ي��ث��ب��ط .ل��ك��ن ال��ت��خ��ل��ف ي��أت��ي بالنقيض م��ن ك��ل شيء .املعجزة املتناسبة مع رشدها .إن معجزة العصر ،وهي القرآن ،تقنع بناء عليه نقول :إن السالم مع بني إسرائيل كان مخالفة صريحة العقل ،وال تخضع العقل ،تكرم العقل وال تكره العقل. للقرآن ،ال��ذي يشير إل��ى دخ��ول للمسجد وتتبير وتدمير ملا عال املجرمون .ومن كان يتخيل هذا العلو في املباني الذي يخنقون به اإلسراء معجزة مادية لو أراد الله! األقصى الذي يعاني؟ كل هذا سيدمر ويعود األقصى طليقاً حراً كان الله الذي ال يعجزه شيء يستطيع أن يجعل اإلسراء يتم نهاراً عتيقاً مثل أخيه املسجد احلرام .إن تطهير بيت املقدس مهمتنا. ً وي��راه أه��ل مكة ،فينتهي أوال ج��دل أب��ال��روح أم باجلسد .وينتهي وسالم على من ينهضون إلجناز الوعد وحتقيق الوعد. {س ْب َحا َن ا َل ِّذي أَ ْس َرى ِب َع ْب ِد ِه َل ْي اًل ِمنَ المْ َ ْس ِج ِد ثانياً شغب أهل مكة في تطلب اآليات ،وتنتهي ثالثاً فتنة املؤمنني االفتتاح بالتسبيحُ : َ الحْ َ � َر ِام ِإ َل��ى المْ َ ْس ِج ِد الأْ قْ َصى ا ّ َل� ِ�ذي َبا َر ْكنَا َح ْو َلهُ } سورة اإلسراء وإعناتهم .هذه مكاسب متصورة .نعم .ولكن اخلسارة الكبيرة غير مفتتحة بالتسبيح مختتمة بالتحميد .وإن كان التسبيح ذكر في املنظورة أ ّنا كنّا سنفقد روح املنهج .املنهج الذي يقوم على اإلقناع ال اخل��ت��ام ك��ذل��ك“ :ويقولون سبحان الله” وذل��ك فيما أرى افتتاح اإلخضاع واإلكرام للعقل ال اإلكراه .كنا نفقد روح املنهج أيضاً في مناسب من وجوه: قيامه على التضحية والبذل والفتنة والتمحيص واالمتحان. -1إن هذا العبد العظيم عليه الصلوات والتسليم قد ارتقى مرتقى لم يتح ألحد من قبله ،ومع هذا فإنه يظل في مقام العبودية ال وكنا نفقد روح املنهج في الفرز والفصل بني الناس وامليز بني احلق يعدوه .فالعبد عبد وإن رقى ،وسبحان الله تعإلى أن يرقى إلى مقام والباطل وصوالً إلى إزهاق الباطل في ميدان الصراع ،ال أن ينقمع األلوهية أو أن ينازعه أحد إياه ..فما من إله إياه .ولئن غال البشر الباطل ظاهرياً ،وهو معشش في النفوس باطنياً .أما مبنهج القرآن في أنبيائهم لتحصيلهم بعض الفضل الذي حصله محمد صلى الله عليه وسلم ،فإن هذه األمة ال تغلو في نبيها وإن كان فاق األولني فقد اقتلع الباطل وانقمع باطناً وظاهراً ..وزهق إذ كان زهوقاً. واآلخرين من اخللْق فض ً ال.. واخلير واخليرة ما يدبر الله .والذي أراده ودبره هو الذي وقع.
100إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أخــبار الوسطية
العامل��ي للوس��طية وفري��ق عم��ل ق��ارئ الي��وم قائ��د الغ��د وورشة عمل متخصصة
م .مروان الفاعوري والدكتور محمد الريان
جانب من اللقاء
بالتعاون ما بني املنتدى العاملي للوسطية وفريق عمل قارئ والعلوم العسكرية والهيئات التدريسية في اجلامعة إلرشاد الطلبة اليوم قائد الغد عقد يوم السبت املوافق 2010/7/17اللقاء إلى القراءة وتشجيعهم عليها وإبراز دور املكتبات بشكل خاص التحضيري ح��ول ورش���ة العمل املتخصصة ال��ت��ي سيعقدها في صقل شخصية األفراد من خالل القراءة. املنتدى العاملي للوسطية حول دور الشباب في العمل القيادي وأما املدارس ،فألن الطفولة هي أهم مرحلة في حياة اإلنسان بحضور األمني العام للمنتدى املهندس مروان الفاعوري وأستاذ فال بد من غرس حب القراءة في النفوس منذ الصغر كي تصبح الشريعة في اجلامعة األردنية الدكتور أحمد الريان. دينهم ودليلهم ،ورسالتنا في املدارس رسالة قوية تندرج حتتها
ومت خالل اللقاء الذي حضره نخبة من الشباب من مختلف عدة نشاطات أهمها عقد معرض كتاب لكل مدرسة من مدارس اجل��ام��ع��ات األردن���ي���ة ت��ب��ادل احل����وار م��ع ال��ش��ب��اب ح���ول اآلراء القرى والبادية في محافظة املفرق ليعمم املشروع على كافة واملقترحات إلجناز عمل شبابي تنموي ذو فكر وسطي قائم على محافظات اململكة بإذن الله. االعتدال وبعيدا كل البعد عن التطرف واالنغالق ،حتت مسمى وأما املواصالت فمن الواضح أننا كأفراد أردنيني على مختلف املنتدى الفكري والذي يشمل نادي القراءة وكافيه القراءة إضافة املستويات يقضي الفرد الواحد فينا ما ال يقل عن ساعتني يومياً إلى تنمية مهارة املناظرات واحلوار مع اآلخر وفق رؤية إسالمية في التنقل في املواصالت ،فال بد من استغالل هذه األوقات بكل وسطية ،كما مت خالل اللقاء مناقشة العديد من احملاور حول مفيد وممتع ،حيث تشير اإلحصائيات إلى التالي: مشروع مؤمتر الشباب الدولي ال��ذي سيعقده املنتدى العاملي يهدف املشروع إلى أن يكون في كل مكان عام أفراد متسك كتباً للوسطية مطلع العام املقبل. في شتى املجاالت توسعها قراءة وشغفاً وحباً ،في احلافلة ..في م�شروع قارئ اليوم...قائد الغد احلديقة ..في اجلامعة وفي البيت. رسالة املشروع رسالة التغيير ،فالشباب فرسان التغيير وأصحاب �أهـداف امل�شروع املشروع القيادي ليكونوا هم ن��واة املشروع وليكون ق��ارئ اليوم إقامة مكتبة متنوعة داخل كل حافلة من حافالت جامعاتنا احلبيبة. قائد الغد ،قائد الغد بثقافته وشخصيته الغنية باملعارف والعلوم مواجهة االنغالق والتطرف من خالل القراءة والتعليم. واألدب بفعل القراءة إليجاد مجتمع ق��ارئ بكافة األطياف من عقد معرض كتاب خاص بالطفولة في مدارس املفرق وخاصة جامعيني وطلبة مدارس ومهنيني وعاملني في كافة أرجاء الوطن للمناطق البعيدة. الكبير من خالل عدة برامج متناسقة ومتوازنة. عقد معرض كتاب شامل لطلبة اجلامعة لتوفير املتطلبات ويهتم املشروع القيادي بعدة جوانب فهو يهتم مبوضوع اجلامعات اخلاصة لهم للقراءة. وامل����دارس وامل��واص�لات وم��ؤس��س��ات املجتمع امل��دن��ي حيث أن هذه رفع نسبة القراء داخل احلافالت إلى أكثر من %20على أقل تقدير. الرباعية تشكل دائرة كبيرة من املجتمع احمللي الذي نحن جزء منه. إط��ل�اق ح��م��ل��ة ق����ارئ ال���ي���وم ..ق��ائ��د ال��غ��د ف��ي ك��ل اجلامعات أم��ا بالنسبة للجامعات فسيكون بالتعاون مع ع��م��ادات شؤون األردنية. الطلبة في جامعاتنا لنشر التوعية بأهمية القراءة وما لها من دور توجيه الشباب نحو أدب االعتدال والبناء والبعد عن أدب العنف بارز في نهضة الشعوب من خالل محاضرات التربية والوطنية والهدم. السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
101
أخــبار الوسطية
العاملي للوسطية يقيم إفطاره الرمضاني على شرف الداعية راتب النابلسي
م .مروان الفاعوري
أ.د .راتب النابلسي
أقام املنتدى العاملي للوسطية يوم اخلميس املوافق 2010/8/19 إفطاره السنوي في قاعة جبري لالحتفاالت ،والذي حضره املئات من الشخصيات السياسية والدينية والفكرية واإلعالمية ،وقد ألقى خالله فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي محاضرة قيمة حول “كيفية حصول املسلم على السعادة في الدنيا واآلخرة".
وفي بداية اللقاء رحب عريف احلفل الدكتور هايل داوود بالضيوف الذين لبوا دعوة املنتدى العاملي للوسطية حيث أكد على أن تلبية هذه الدعوة هو تكرمي للمنتدى العاملي للوسطية الريادي الذي يتزايد يوما بعد يوم . من جهته تطرق األمني العام للمنتدى العاملي للوسطية املهندس مروان الفاعوري في كلمته عن نشأة وتطور املنتدى واتساعه أفقيا نحو دول العاملني العربي واإلسالمي ،مؤكدا في الوقت ذاته على أن الفكر الوسطي الذي يحمله املنتدى وينادي به ليس ردة فعل عكسية على الفكر املتطرف الذي ابتليت به أمة محمد عليه أفضل الصالة والسالم ،بل هو منهج متأصل في الدين اإلسالمي بدأه نبي الرحمة عليه أفضل الصالة والسالم ،وسار على نهجه السلف الصالح ليصبح نهج وطريقاً يسير عليه كل من فهم اإلسالم فهماً صحيحاً.
جانب من حفل اإلفطار
وأشار فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي في بداية احملاضرة على عدة أمور تهم املسلمني في الدارين ( الدنيا واآلخرة) ،أهمها املوازنة بني الروح واجلسم والعقل حيث اعتبر أن االهتمام بأي من هذه اجلوانب الثالث على حساب غيره هو التطرف بعينه فال بد من االهتمام بتغذية الروح من خالل تقوية الرابط مع الله سبحانه وتعإلى ومعرفة الله حق املعرفة ،واملبنية أساسا على النهج الصحيح والفهم القومي ،وهذا الفهم الذي يأتي من خالل االهتمام باجلانب الثاني وهو العقل ،حيث أن تغذية العقل بالفكر السليم وتطهيره من األفكار املتشددة واخلرافات هو السبيل الوحيد إلنتاج فكر قومي يعني املسلم على فهم أمور دينه ودنياه مبا يجعله سعيدا. وأض��اف النابلسي أن االهتمام بالروح والعقل ال يعني نسيان االهتمام باجلسم ،فاملسلم القوي خير وأح��ب إلى الله من املسلم الضعيف ،والبد من تغذية اجلسم مبا أحل الله من الطيبات. وعلى هامش احلفل ألقى املنشد يحيى ح��وى أن��ش��ودة أمتعت احلضور من جهة وأضفت املزيد من الطابع الروحاني على احلفل الذي تبعه إفطار رمضاني.
ال��ع��امل��ي ل��ل��وس��ط��ي��ة ي��ق��ي��م ل���ق���اء ت���ع���اريف ألع���ض���اء امل��ن��ت��دى جرى مساء السبت املوافق 2010/7/31لقاء تعارفي ألعضاء املنتدى العاملي للوسطية املقيمني ف��ي األردن ،وق��د حضر اللقاء األم�ين العام للمنتدى املهندس م��روان الفاعوري وأمني سر املكتب التنفيذي الدكتور محمد اخلطيب. وفي بداية اللقاء ألقى املهندس مروان الفاعوري كلمة استعرض فيها أعمال املنتدى وإجنازاته وم��دى إسهامها في نشر الفكر الوسطي منذ بداية تأسيسه ،ثم ج��رى بعد ذل��ك نقاش مستفيض ق��دم احلضور من خالله العديد من االقتراحات في سبيل ترسيخ الفكر الوسطي وتعزيزه في مختلف املدن احمللية والعربية واإلسالمية. 102إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أخــبار الوسطية
املنتدى العاملي للوسطية يشارك يف مؤتمر الفكر التنويري ال��ش��ب��اب وث��ق��اف��ة ال��ت��س��ام��ح يف م��واج��ه��ة ال��ع��ن��ف املجتمعي
ج � � � ��ان � � � ��ب م� ��ن ج�ل�س��ات املؤمتر
شارك املنتدى العاملي للوسطية في املؤمتر الدولي الثالث للفكر التنويري ال��ذي عقد حتت رعاية دول��ة رئيس الوزراء سمير الرفاعي ومبشاركة دول عربية وإسالمية وأجنبية بعنوان «الشباب وثقافة التسامح في مواجهة العنف املجتمعي». وحتدث األمني العام للمنتدى العاملي للوسطية املهندس مروان الفاعوري في ورقته التي قدمها في اجللسة التي ترأسها الدكتور هايل داود في ثاني أيام املؤمتر الذي نظمه املجلس األعلى للشباب خالل الفترة ما بني 2010/10/20-16في القصر الثقافي امللكي ،حول ض��رورة التفريق بني الديانات ومعتنقيها ،وبني الدور الكبير الذي يقوم به األردن في تأصيل مفاهيم الوسطية واالعتدال ،ومحاربة اإلرهاب والتطرف ،كما تطرق في الوقت ذاته خالل ورقته لرسالة عمان. من جهة أخرى شارك قطاع الشباب في املنتدى العاملي للوسطية في املؤمتر حيث كانت املشاركة فاعلة على عدة مستويات حيث شارك الدكتور محمد الريان مسؤول قطاع الشباب في إدارة إحدى اجللسات كما شارك مع فريق من قطاع الشباب في املنتدى العاملي للوسطية ،وبالتعاون مع جلنة التوصيات في املجلس األعلى ممثلة بعطوفة رئيس املجلس األعلى للشباب والدكتورة منتهى عبيدات في صياغة التوصيات اخلتامية للمؤمتر .وتالوتها.
اإلنساني فيه ملا في ذلك من تعزيز للبناء النفسي له ،والتركيز على الدور احلضاري لإلنسان و تفعيل النظرة الكلية للكون والوجود سعياً لتحقيق البعد الرسالي ضمن مفهوم اإلعمار في األرض كما أمر به القرآن وسائر األديان السماوية ،أضف إلى ذلك االهتمام بدور املؤسسة الدينية والعمل على تفعيله في دور العبادات ومنابر الوعظ واإلرشاد بكل مستوياتها ملا لها من تأثير في املجتمع إيالء علماء الدين االهتمام الكافي من التدريب وفتح الباب لهم للوصول إلى الشباب ،وضرورة التفريق بني مفاهيم العنف والتدين والعمل على فك الربط املوهوم والظالم بني الدين ومفاهيم العنف واإلرهاب ،والذي ساهم فيه اإلعالم بشكل أو بآخر خاصة فيما يخص الدين اإلسالمي احلنيف دين الرحمة والوسطية والتسامح والتعايش واالحترام لآلخر.
من التوصيات التي نادى بها املشاركون أيضا التأكيد على التفريق بني مفاهيم العنف والتدين وال بد من العمل على فك الربط املوهوم والظالم بني الدين ومفاهيم العنف واإلرهاب، والذي ساهم فيه اإلعالم بشكل أو بآخر خاصة فيما يخص الدين اإلسالمي احلنيف دين الرحمة والوسطية والتسامح والتعايش واالحترام لآلخر .واالهتمام بدور املؤسسة الدينية والعمل على تفعيله في دور العبادات ومنابر الوعظ واإلرشاد وخرج املؤمترون من مفكرين وشباب بعدد من التوصيات بكل مستوياتها ملا لها من تأثير في املجتمع إيالء علماء الدين االهتمام الكافي من التدريب وفتح الباب لهم للوصول إلى أهمها: الشباب. احلرص على غرس القيم وتعزيز قيمة النفس اإلنسانية وأك��د الشباب على ض��رورة التفريق بني مفهوم اإلرهاب واحل��ف��اظ عليها وتشريع القوانني التي تؤكد حت��رمي سفك الدماء واالعتداء بكل صوره وألوانه ،والتأكيد على تفعيل دور املمارس في العديد من احلاالت ومفهوم املقاومة املشروعة الدين والعودة إلى التدين الصحيح املنسجم مع النصوص ،ال��ت��ي كفلتها ال��دس��ات��ي��ر وال��ق��وان�ين ال��دول��ي��ة وال سيما في باإلضافة إلى ضرورة التركيز في املنابر التربوية واإلعالمية ح��ال تعرض الوطن إل��ى االع��ت��داء أو االح��ت�لال وغيرها من والدينية على قيمة اإلنسان كإنسان وأهمية مراعاة البعد التوصيات. السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
103
أخــبار الوسطية
دور املرأة يف تنمية املجتمع /ورشة عمل للقطاع النسائي يف العاملي للوسطية
لقطات للمشاركني في الورشة
عقدت جلنة املرأة في املنتدى العاملي للوسطية و بالتعاون مع جلنة املرأة واألسرة والطفل في املنظمة العربية حلقوق اإلنسان ورشة عمل بعنوان" دور امل��رأة في تنمية املجتمع" ،ش��ارك فيها نخبة من القيادات النسائية احلزبية والسياسية وأكادمييات ممثالت عن القطاع الرسمي ومؤسسات املجتمع املدني ،وقيادات شابة ذات بصمات واضحة في العمل التطوعي ،و ذلك يوم السبت املوافق 2010/10/2من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة الثانية ظهرا في فندق الريجنسي. وقال األمني العام للمنتدى العاملي للوسطية املهندس مروان الفاعوري في كلمته التي ألقاها في جلسة االفتتاح أن املنتدى أخذ على عاتقه مهمة اإلسهام في حترير املرأة من جميع املوروثات الظاملة منهجا متسقا مع روح اإلسالم إلفساح الطريق أمامها للعمل احلضاري واإلسهام في بناء األمة والدولة واإلنسان والعمران. وأضاف أن حترير املرأة من العادات والتقاليد البالية يجب أال يدفعها إلى التطرف واالندفاع نحو تقليد النموذج الغربي. ودعا رئيس املنظمة العربية حلقوق اإلنسان هاني الدحلة إلى العمل على ضمان حقوق امل��رأة لتمكينها من املساهمة في تنمية املجتمع عن طريق ربط احلد األدنى لألجور سنويا مبعدالت غالء املعيشة وضمان عدم تعرضها للفصل التعسفي. وأشارت الدكتورة خولة اخلوالدة عضو جلنة املرأة في املنتدى إلى أن قطاع املرأة في املنتدى عمل على تأهيل املرأة وتثقيفها وتوعيتها بكافة حقوقها الشرعية واملالية وتعزيز ثقتها بنفسها وبلورة الفكر الوسطي لدى املرأة وما يتعلق ببرامج بناء أسرة سليمة متوازنة .وعمل املنتدى على متكينها ثقافيا وتوعيتها بحقوقها ورفع كفاءتها القانونية وتأهيلها بتفعيل دورها في بناء مجتمعها. من جهتها أكدت رئيسة جلنة املرأة في املنظمة العربية حلقوق اإلنسان عايدة املصري أنه ولكي تنجح اجلهود املجتمعية ال بد أن يكون جوهرها احترام حقوق اإلنسان واالعتماد على مبدأ املشاركة والتمكني . وناقشت الورشة في جلستها التي ترأستها السيدة سوسن املومني ثالث أوراق عمل ،مت تسليط الضوء من خاللها على أهمية دور املرأة في التنمية االجتماعية واالقتصادية السياسية. 104إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
حيث أشارت السيدة نهى املعايطة في ورقة العمل التي قدمتها بعنوان (مشاركة املرأة في احلياة السياسية بني الطموح و التحديات) إلى أهم إجنازات احلركة النسائية في األردن ودورها في احلصول على العديد من املكاسب على املستوى السياسي واالجتماعي والتحديات التي تواجه مشاركتها في العمل السياسي منها ضعف مشاركتها في األحزاب وضعف التشبيك بني املنظمات النسائية. في حني أشارت د.ن��وال الفاعوري في ورقتها بعنوان(دور املرأة في متاسك األسرة والعنف املجتمعي) إلى اجلمود الذي تعاني منه قضية امل��رأة والواقع احلالي داعية إلى العمل على إزال��ة الظلم الواقع عليها ومؤكدة في الوقت ذاته أن عدم نهوض املرأة سبب من أسباب تأخر العالم العربي و اإلسالمي. ونوهت د.ن��وال شرار في الورقة التي قدمتها بعنوان(مابني الدين و العرف والشرعة الدولية حلقوق اإلنسان) إلى التأصيل الشرعي حلقوق املرأة والقضايا التي تعلق بهذا اجلانب من أهلية املرأة االقتصادية إلى حقها في التملك و الكسب و العمل مقارنة ذلك في العرف و الشرعة الدولية حلقوق اإلنسان. وفي نهاية الورشة خلص املشاركون إلى العديد من التوصيات منها:
.1ض��رورة تضافر جهود مؤسسات املجتمع الرسمي و املدني (املنتدى العاملي للوسطية /واملنظمة العربية حلقوق اإلنسان) لتأهيل و تدريب الشباب ملساعدتهم على تكوين حياة أسرية سوية ومتوازنة من خالل البرامج التدريبية. .2قيام اجلهات املختصة بعقد الندوات لرفع مستوى الوعي القانوني لدى امل��رأة بحقوقها خاصة فيما يتعلق باجلانب االقتصادي /عقود العمل حلمايتها من االستغالل. .3مخاطبة اجلهات املختصة لتعزيز وص��ول امل��رأة للمراكز العليا في األحزاب السياسية.
.4التعاون مع وسائل اإلعالم املختلفة لنشر الوعي حول أهمية مشاركة املرأة في التنمية وبيان اآلثار السلبية املترتبة على عدم مشاركتها.
أخــبار الوسطية
لجنة املرأة تنظم حفل استقبال بمناسبة قرب حلول شهر رمضان املبارك مل��زي��د م��ن التواصل وال���ت���ف���اع���ل م����ع سيدات امل���ج���ت���م���ع ،ن��ظ��م��ت جلنة امل���������رأة ح���ف���ل استقبال ص��ب��اح��ي مب��ن��اس��ب��ة قرب شهر رمضان امل��ب��ارك في مطاعم الفردوس ،حضره عدد كبير من السيدات من مختلف قطاعات املجتمع وذل��ك ي��وم االثنني املوافق .2010/7/5 ت��خ��ل��ل احل��ف��ل إفطار، حيث بدأ بالقرآن الكرمي، ث����م ك��ل��م��ة ت��رح��ي��ب��ي��ة من رئيسة جلنة املرأة السيدة سوسن املومني التي نوهت ف��ي��ه��ا إل���ى أع���م���ال اللجنة وبرامجها شاكرة احلضور ال��ك��رمي ع��ل��ى تفاعلهم مع ب���رام���ج امل�����رأة ف���ي منتدى الوسطية وداعية في الوقت ذاته إلى مزيدا من التفاعل، ومهنئة ب��ق��رب ح��ل��ول شهر رمضان املبارك.
من اليمني :السيدة سوسن املومني ،د .خولة اخلوالدة ،د .نوال شرار ،السيدة رويدة رياالت
ث����م حت���دث���ت السيدة اإلع��ل�ام����ي����ة آم����ن����ة ي���دك مبداخلة رقيقة "حول كيف بإمكاننا أن نتذوق رمضان" من خ�لال حسن استخدام احل���واس وك��ي��ف نصل إلى حالوة اإلميان. احلضور لنشيد من براعم املنتدى ثم كانت مسابقة ثقافية أما الدكتورة نوال شرار أس��ت��اذة الفقه امل��ق��ارن حت��دث��ت ع��ن أدب��ي��ات امل���رأة املسلمة رمضانية قدمتها الدكتورة خولة اخلوالدة حيث تفاعل معها الستقبال شهر رمضان وبعض األمور الفقهية التي تهم املرأة احلضور ،ومت تقدمي جوائز رمضانية للفائزات باإلضافة إلى هدية تذكارية من منتدى الوسطية للحاضرات. أثناء صومها. بعدها تناول احلضور طعام اإلفطار شاكرين ومطالبني وك��ان للترفيه نصيب ف��ي اللقاء ال��ذي أدارت���ه الناشطة عضو منتدى الوسطية السيدة رويداء الرياالت ،فقد استمع مبزيد من اللقاءات التفاعلية. السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
105
أخــبار الوسطية
ملتقى الشباب يف منتدى الوسطية يقيم لقاء تهنئة بعيد الفطر أقام ملتقى الشباب في منتدى الوسطية للفكر والثقافة يوم الثالثاء املوافق 2010/9/14لقاء تهنئة بعيد الفطر السعيد، ش���ارك فيه ع��دد م��ن الشباب املتطوعني ف��ي مشاريع ملتقى الشباب. وفي بداية اللقاء الذي شارك فيه القطاع النسائي بحضور رئيسة القطاع السيدة سوسن املومني وعضو منتدى الوسطية الدكتورة خولة اخلوالدة ،رحب رئيس ملتقى الشباب الدكتور م��ح��م��د ال���ري���ان ب��ال��ض��ي��وف ال��ش��ب��اب م��ن مختلف اجلامعات والتخصصات ،وأشار في كلمته التي ألقاها على أهمية الشباب املتوازن الذي يهدف إلى تغيير الواقع الذي يعيشه لألفضل دوما واملتفائل بتحقيق النهضة وحتقيق طموح الشباب.
م .مروان الفاعوري
وأكد رئيس منتدى الوسطية للفكر والثقافة املهندس مروان الفاعوري في مداخلة له على أهمية الشباب في بناء األمة ونهضتها ،مشيرا ف��ي ال��وق��ت ذات���ه على أن املنتدى على أمت االستعداد لتسخير كل الطاقات املوجودة في املنتدى خلدمة الشباب وطموحاتهم والساعي لتحقيق مشاريع النهضة. في حني حتدث أمني سر املنتدى الدكتور محمد اخلطيب الذي أكد على أن للشباب دور هام في قيادة املجتمع ،وإذا كانوا غير قادرين على معرفة هدفهم ،فالطريق سيكون غير واضح، داعيا ألن يكون هذا التجمع بداية لتجمعات كثيرة في داخل األردن وخارجه.
السيدة سوسن املومني والدكتورة خولة اخلوالدة
وقد مت التأكيد خالل اللقاء على الدور التفاعلي والذي بدا واضحا في مشاركات الشباب من خالل الكلمات التي حتدثوا فيها ومن خالل املناقشات التي دارت في اللقاء. فيما حتدث في اللقاء عدد من الشباب الذين عبروا فيه عن امتنانهم للمنتدى ملا يقوم به من مبادرات ومشاريع ،كان من ضمنهم الشاب ماهر شريف الذي عبر عن امتنانه من خالل خاطرة استوحى كلماتها ساعة اللقاء حيث قال:
د .محمد الريان
“ الفكرة برمتها ب��دأت هنا واآلن بقلوب جمع طيب يجمعهم اإلميان ،فليست الوسطية فكرة حتارب األدي��ان ،بل هي طريق صحيح ننول به رض��ا الرحمن ،قد نكون بدأنا هنا في بلدنا عمان ولكن نبل الفكرة سيوصلها لكل مكان ،فحدودنا السماء، وطموحنا ليس له عنان ،وديننا لم يوجد لزمن بل لكل األزمان، وإسالمنا وجد لنكرم به اإلنسان ،فرحت مبلقاكم هنا وأملي أن أراكم باجلنان ،بوجودي ووجودكم”. جانب من لقاء التهنئة
106إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أخــبار الوسطية
منتدى الوسطية يقيم إفطارا رمضانيا أليتام مركز الهاشمي الشمالي ب��ال��ت��ع��اون م��ا ب�ين ال��ق��ط��اع النسائي والقطاع الشبابي في منتدى الوسطية، ومبشاركة طالب " "IEEEفي اجلامعة الهاشمية ،أق��ي��م ي��وم األرب��ع��اء املوافق 2010/8/19في مقر املنتدى إفطار رم��ض��ان��ي ل�لأي��ت��ام ض��م 45ط��ال��ب��ا من مركز أيتام الهاشمي الشمالي. ورحب رئيس قطاع الشباب الدكتور محمد ال��ري��ان ف��ي كلمة ل��ه ألقاها في ب��داي��ة ال��ل��ق��اء ب��احل��ض��ور ،مبينا أهمية إدخ�����ال ال���س���رور ع��ل��ى ق��ل��ب اإلنسان املؤمن ،ومبينا رسالة املنتدى في العمل التطوعي وخدمة هذا القطاع. وتخلل اإلفطار عدة فقرات ترفيهية وت��رب��وي��ة ،كتقدمي امل��س��اب��ق��ات ،وعرض للمهرج ،وع���دد م��ن املقاطع التمثيلية والتي حتوي عدد من املواعظ الدينية، وذلك بهدف إدخال البهجة على قلوب أولئك األطفال وترك األثر الطيب في نفوسهم. واختتم اللقاء بتناول طعام اإلفطار في أج��واء تسودها الرحمة و التكافل وامل���ودة .م��ن اجل��دي��ر ذك��ره بأنه شارك في تقدمي الفقرات التي قدمت من قبل قطاع الشباب عدد من طالب اجلامعة ال��ه��اش��م��ي��ة وم���ن���ه���م ال���ط���ال���ب أحمد عطيات.
لقطة تذكارية لألطفال األيتام
األطفال األيتام وفي استقبالهم د .الريان
املواهب لديهن ،وعدد من املقاطع التمثيلية والتي حتوي عدد
وإف��ط��ارا رمضانيا ليتيمات م��رك��ز رع��اي��ة الفتيات لأليتام من املواعظ الدينية ،وذلك بهدف إدخال البهجة على قلوب بالرصيفة. أولئك األطفال وترك األثر الطيب في نفوسهم. كما أقيم وبالتعاون ما بني القطاع النسائي والقطاع الشبابي من اجلدير ذكره بأنه حضر اإلفطار من القطاع النسائي في منتدى الوسطية ،ومبشاركة طالبات كلية الشريعة في اجلامعة األردن��ي��ة ي��وم السبت املوافق 2010/8/21إفطار كل من السيدة خولة اخلوالدة والسيدة رويدة رياالت أعضاء رمضاني للطالبات اليتيمات من مركز رعاية الفتيات لأليتام في املنتدى والسيدة ميساء الفاعوري ،ومن قطاع الشباب بالرصيفة وضم 35طالبة. ممن قدموا الفقرات واملسابقات للفتيات كل من الطالبات وتخلل اإلفطار عدة فقرات ترفيهية وتربوية ،كتقدمي آية زعاويط وإميان الكيالني ومنال دويك وصفاء الشوبكي املسابقات ،وإلقاء األناشيد مبعية الطالبات بهدف خلق وتنمية وأسماء حسن ومريانا. السنة الثالثة :العدد الرابع -ذو احلجة ١٤٣١هـ /تشرين الثاني ٢٠١٠م
107
ق�سيمة ا�شرتاك �سنوية البلد
اال�سم /امل�ؤ�س�سة
الهاتف
املدينة
Email: كيفية الدفع نقدا
�شيك
حوالة بنكية
قيمة اال�شرتاك ال�سنوي ( 60دينار ) �أردين الأردن -عمان -اجلبيهة – تلفون - 5356329فاك�س +962 – 6 – 5356349 �ص ب 2149رمز بريدي 11941 P.O.BOX : 2149 AMMAN – 11941 – JORDAN TEL 536329-FAX 5356349-6-962 + Email: mod.inter@yahoo.com moderation_assembly@yahoo.com Website: www.wasatyea.org
قواعـد و�شـروط الن�شـر يف جملة الو�سطية يس ّر أسرة حترير مجلة الوسطية والتي تصدر عن املنتدى العاملي للوسطية أن تستقبل مساهمات أصحاب القلم من ال ُكتَّاب واملثقفني والباحثني في أقسام الفكر اإلسالمي والعلوم اإلنسانية واالجتماعية والسياسية والفكرية والتربوية ،واملوضوعات ذات الصلة باملشروع احلضاري اإلسالمي الراهن ،وكل ما له صلة بقضايا وشؤون الساحة الثقافية اإلسالمية املعاصرة على وجه العموم.. وترى أسرة التحرير أن تكون املواد املرسلة وفق الشروط التالية: أن تراعى في املادة املرسلة القواعد املتعارفة في البحث العلمي من نواحي توثيق املصادر واملراجع والنصوص ،واملوضوعية واملنهجية في الكتابة ،واالبتعاد عن األسلوب اخلطابي. تؤكد املجلة على االلتزام بالبحث املوضوعي احلر والهادئ ،البعيد عن كل أشكال التهجم أواملساس بالشخصيات. ضرورة وضوح لغة البحث وجتنب اتباع األسلوب املعقد واملصطلحات الغامضة وااللتزام بعمق املعنى ،مع مراعاة اجلوانب األدبية واجلمالية في الكتابة. تقترح املجلة أن تدور الكتابات والبحوث حول احملاور التالية: دراسات إسالمية ،الوسطية واالعتدال ،التطرف واإلرهاب ،العنف والالعنف ،احترام الرأي اآلخر ،حقوق اإلنسان ،العوملة، الفكر والفكر اإلسالمي ،اإلعالم في اإلسالم ،علوم قرآنية ،اإلسالم والسياسة....... الآراء الواردة يف املجلة متثل وجهة نظر �أ�صحابها ،وال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي هيئة التحرير. تر�سل الأعمال �إىل امل�شرف العام على املجلة. ترحب املجلة مبساهمات ومشاركات األخوة الكتاب والعلماء واملفكرين. ما ينشر في هذا العدد يعبر عن آراء الكتّاب أنفسهم وال يعكس بالضرورة آراء هيئة التحرير أوسياسة املنتدى. تصدر مبوجب املادة السادسة من النظام األساسي للمنتدى العاملي للوسطية.
108إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة