العدد السابع والعشرين

Page 1



‫افتتاحية العدد‪. . .‬‬ ‫ي ��أت��ي � �ص��دور ه ��ذا ال �ع��دد ال���س��اب��ع وال�ع���ش��ري��ن والأم ��ة‬ ‫الإ�سالمية تتفي�أ يف ظالل �شهر رم�ضان املبارك‪ ،‬هذا ال�شهر‬ ‫ال��ذي حمل دالالت عميقة يف العقيدة الإ�سالمية باعتباره‬ ‫رك�ن�اً م��ن �أرك ��ان الإ� �س�ل�ام‪ ،‬مثلما يحتل م�ساحة ك�ب�يرة يف‬ ‫ال��ذاك��رة الإ�سالمية ع�بر ت��اري��خ الأم��ة الطويل‪ ،‬فهو �شهر‬ ‫الفتح امل�ب�ين والإن�ت���ص��ارات ال�ع��دي��دة‪ ،‬وه��و مدر�سة لإع��داد‬ ‫اجليل الذي �سينه�ض بالأمة بعد حني ب�إذن اهلل‪.‬‬ ‫�إن ال��واق��ع ال��ذي نعي�ش يفر�ض علينا ا�ستحقاقات ذات‬ ‫�أبعاد عدة‪ ،‬لعل �أهمها دعوة الأمة �إلى �إعادة احلياة يف بواعث‬ ‫وحدتها وقوتها و�سر دميومتها ووج��وده��ا‪ ،‬ويف ذل��ك �ش�أن‬ ‫كبري لها يف حا�ضرها وم�ستقبلها‪ ،‬مثلما ي�شكل �سبيال من‬ ‫�أجل اخلال�ص مما تعانيه‪ :‬فقراً وظلماً وقهراً وانح�ساراً يف‬ ‫دوره��ا الثقايف والفكري وال��ري��ادي ال��ذي عا�شته ذات زمان‪،‬‬ ‫املهند�س مروان الفاعوري‬ ‫ومن �أهم ما ندعو �إليه العمل على جتديد اخلطاب الدعوي‪،‬‬ ‫لتكون م�ن��ارة فكرية ت�شكل مرجعية �أخالقية وقيمية يف اجلوانب اخللقية والقيمية‪ ،‬ومبا يجعل من املنتدى‬ ‫متقدمة ت�سهم ب�شكل كبري يف تقدمي الإ�سالم على �أنه مرجعية ت��دع��و لف�ضائل الأخ �ل�اق و�أح���س�ن�ه��ا‪ ،‬وبحيث‬ ‫منظومة قيمية و�أخالقية ا�ستوعبت املوروث الأخالقي ي�ؤ�س�س حلالة وطنية وقومية وان�سانية جامعة مانعة يف‬ ‫الإن�ساين املمتد عرب التاريخ الب�شري‪ ،‬وجعلت منه �أ�سا�ساً اجلوانب الأخالقية ذات املرجعية الدينية والإن�سانية‬ ‫لو�ضع قيمة م�ضافة يف هذا اجلانب‪.‬‬ ‫النبيلة‪.‬‬ ‫�إن ال�ب�ع��د الأخ�ل�اق��ي ال ��ذي ن��ري��د �أن تت�سع دائ��رت��ه‬ ‫لتكون الدائرة الأو�سع فيه م�ستوعبة للأخالق الإن�سانية‬ ‫ال �ع��امل �ي��ة‪ ،‬وم ��ا ي�ن�ب�ث��ق ع�ن�ه��ا م��ن � �ص��ور م �ت �ع��ددة ت�ت�ن��اول‬ ‫�أخ�لاق ال��دول والأف ��راد معاً‪� ،‬إذ ال معنى لوجودها عند‬ ‫الأ�شخا�ص‪ ،‬وغيابها عند امل�ؤ�س�سات والقادة ومراكز �صنع‬ ‫القرار‪� ،‬إذ املخرجات ذات طابع �إن�ساين‪ ،‬وي�ستلزم الأمر‬ ‫ات�صاف تلك املخرجات بالنافع من الأخالق التي ت�ؤ�س�س‬ ‫لعالقة تبادلية‪ ،‬لي�س ب�ين العبد وخالقه فح�سب‪ ،‬بل‬ ‫بينه وبني نف�سه واملحيطني من حوله‪ ،‬يف �صورة تكاملية‬ ‫ت�ترك لعنوان امل�صالح امل�شرتكة بالربوز على ال�سطح‪،‬‬ ‫وقد جند لزاماً على الدول والأمم مبنظماتها الدولية‬ ‫ولكن وفق قاعدة العمل ال�صالح على �إطالقه والإحرتام‬ ‫املتبادل والتزام املبادئ الأخالقية وحتى بني الدول‪ ،‬ومبا والإقليمية واملحلية �أن تعمل على �إيجاد قانون �أخالقي‬ ‫يحقق �إجنازاً للمواثيق والعهود ذات امل�ضامني ال�سيا�سية �إن�ساين م�ستمد من مرجعيات دينية‪ ،‬بحيث ي�شكل هذا‬ ‫القانون جامعاً �أعظم للمبادئ والأ�س�س الأخالقية التي‬ ‫والع�سكرية والإقت�صادية والفكرية وغريها‪.‬‬ ‫يجب ال�سري عليها والهدي بها‪ ،‬و�صو ًال �إل��ى جمتمعات‬ ‫ويف ذات ال�سياق‪ ،‬فقد �آمن املنتدى العاملي للو�سطية دول�ي��ة و�إن�سانية تتكامل وال تت�صارع‪ ،‬وت� ��ؤدي �أدواره ��ا‬ ‫بدور الأخالق يف تكوين املجتمعات الرا�شدة التي تن�شد جمتمعة يف �سبيل خري الب�شرية وا�سعادها‪ ،‬وهذا �إن مت‬ ‫الأمن واال�ستقرار والدميومة‪� ،‬إذ عمل على عقد م�ؤمترات �سريتقي ب��ال��دول والأف ��راد واحل��رك��ات واجلماعات على‬ ‫وندوات وحما�ضرات ومطبوعات وملتقيات عدة تتناول ح��د ��س��واء‪ :‬ف�ك��راً و�سلوكاً‪ ،‬الأم��ر ال��ذي يلغي �أو يخفف‬ ‫يف حماورها وتو�صياتها وخمرجاتها ونتائجها‪ ،‬البحث �أ�سباب ال�صراع الدائر بني بني الب�شر ولو �إلى حني‪.‬‬

‫ان اجلانب الأخالقي للأمة ال ينف�صل عن غريها من‬ ‫اجلوانب ال�سيا�سية والع�سكرية والفكرية واالقت�صادية‪،‬‬ ‫وذلك لأن الرباط الوثيق الذي يربطها معاً هو اجلانب‬ ‫الأخالقي‪ ،‬فلو مت تفعيل الأخالق كمنظومة قيمية يف تلك‬ ‫اجلوانب جمتمعة لآتت �أُ ُكلها عد ًال ونظاماً وقو ًة ومنع ًة‬ ‫و�أدباً واحرتاماً متباد ًال بني الأمة ب�أفرادها وم�ؤ�س�ساتها‪،‬‬ ‫ومن يتعاملون معها وفق كل م�ستوى‪ ،‬الأمر الذي يدفع‬ ‫ب��اجت��اه �إع ��ادة تفعيل الأخ�ل�اق يف املجتمعات الإن�سانية‬ ‫عموماً‪ ،‬واملجتمعات الإ�سالمية والعربية خ�صو�صاً‪.‬‬


‫محتويات العدد‬ ‫االفتتاحية‬

‫درا�سات الو�سطية‬

‫مقاالت الو�سطية‬

‫واحة الو�سطية‬

‫ن�شاطات الو�سطية‬

‫م‪ .‬مروان الفاعوري‬

‫‪1‬‬

‫الت�ضامن الإ�سالمي يف مواجهة التحديات الراهنة‬

‫الأ�ستاذ الدكتور حممد علي �إبراهيم الزغول‬

‫‪4‬‬

‫الإرهاب و�آثاره االقت�صادية على الأردن‬ ‫الوحي بني اليهودية والن�صرانية والإ�سالم‬

‫الدكتورة هيام الزيدانيني ال�سعودي‬

‫‪11‬‬

‫الدكتور فائق بني ار�شيد‬ ‫الدكتور بركات بني ملحم‬ ‫ح�سن حممود حمه كرمي‬ ‫الدكتورة �أدب مبارك ال�سعود‬

‫‪18‬‬

‫امل�ساواة بني الرجل واملر�أة‬ ‫�صالح الدين االيوبي‪. .‬بني من قدحه فى ال�شرق ومن دافع عنه فى الغرب‬ ‫من حقوق املر�أة يف النظام الإ�سالمي املعا�صر‬

‫‪23‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪42‬‬

‫الإمام �أبو حنيفة النعمان ودور العقل‬ ‫الورقة النقا�شية ال�سابعة‪� ...‬سابعة احل�ضور‬ ‫خلق الإن�صاف‬ ‫العدل والظلم‬ ‫�إ َّن َ‬ ‫اهلل معنا‪...‬‬ ‫�أثر الو�سطية يف بناء املجتمع الإ�سالمي‬ ‫الأقليات‬ ‫حقوق العمال يف الإ�سالم‬ ‫ظاهرة التوترات املجتمعية‬ ‫ودور الدولة واالعالم وم�ؤ�س�سات املجتمع الوطني‬ ‫ت�أمالت يف الزمن‪!...‬‬

‫املهند�س مروان الفاعوري‬ ‫الدكتور ح�سن علي املبي�ضني‬ ‫�شريوان ال�شمرياين‬ ‫املحامي حممود الداودية‬ ‫ال�شيخ عالء الدين احلايك‬

‫‪44‬‬

‫ال�شيخ حممد خري الطر�شان‬ ‫الأ�ستاذ الدكتور حممد حب�ش‬ ‫الدكتور �سليمان ح�سن الرطروط‬

‫‪46‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪50‬‬

‫ال�شيخ الدكتور عبد املجيد �أبو �سل‬

‫‪53‬‬

‫م‪� .‬سامر حيدر املجايل‬

‫‪57‬‬

‫مباهج الأفكار يف وحي الأ�سحار‬ ‫غياهب‬ ‫هو وهي‪...‬‬

‫ابراهيم العجلوين‬ ‫ال�شاعر علي فهيم زيد الكيالين‬ ‫د‪� .‬إن�صاف مومني‬

‫‪59‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪65‬‬

‫امل�ؤمتر الدويل‪" ..‬امل�سلمون والعامل‪ :‬من امل�أزق �إلى املخرج"‬ ‫املنتدى العاملي للو�سطيه يقيم افطاره ال�سنوي‬ ‫ندوة حول اخطار املخدرات وطرق الوقايه منها‬ ‫ندوة اال�شاعة واالمن املجتمعي‬ ‫قطاع املر�أة يف املنتدى العاملي للو�سطية �أن�شطة وح�ضور‬ ‫الأمني العام ي�ستقبل وفداً باك�ستانياً‬ ‫اجتماع الهيئة االدارية ملنتدى الو�سطيه للفكر والثقافة‬ ‫اجلذور االجتماعية للنكبة‬ ‫وفد تركي يزور املنتدى العاملي للو�سطية‬ ‫املنتدى العاملي للو�سطية ي�شارك يف م�ؤمتر �إ�سالم �آباد‬ ‫�إعالن نتائج امل�سابقة القر�آنية ال�سنوية ال�ساد�سة للعام ‪1438‬هـ ‪2017 -‬م‬ ‫�أبو زيد املقرىء االدري�سي يزور املنتدى العاملي للو�سطية‬ ‫(م�شاريع مكافحة الغلو والتطرف بني النظريه والتطبيق)‬

‫‪66‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪79‬‬


‫الهيئة االستش�ارية للمجلة‬ ‫الإمام ال�صادق املهدي‪/‬ال�سودان‬ ‫دولة الدكتور �سعد الدين العثماين‪ /‬املغرب‬ ‫معايل الدكتور عبد الرحيم العكور‪ /‬الأردن‬ ‫معايل الدكتور عبد ال�سالم العبادي‪ /‬الأردن‬ ‫الدكتور حممد طالبي‪/‬املغرب‬ ‫الدكتور م�صطفى عثمان �إ�سماعيل‪/‬ال�سودان‬ ‫الدكتور عبد الإله ميقاتي‪ /‬لبنان‬ ‫الأ�ستاذ الدكتور �أبو جرة ال�سلطاين‪ /‬اجلزائر‬ ‫ال�شيخ عبد الفتاح مورو‪ /‬تون�س‬

‫السنة التاسعة‪ :‬العدد السابع والعشرون ‪ -‬رمضان ‪1438‬هـ ‪ /‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫إسالمية ‪ -‬وسطية ‪ -‬فصلية ‪ -‬مستقلة‬

‫الأ�ستاذ منت�صر الزيات‪/‬م�صر‬ ‫الأ�ستاذ الدكتور حممد حب�ش‪�/‬سوريا‬ ‫الدكتور زيد املحي�سن‪/‬الأردن‬

‫هيـئـة التـحريـر‬ ‫املهند�س مروان الفاعوري‬ ‫النائب الدكتور علي احلجاحجة‬ ‫الدكتور زهاء الدين عبيدات‬ ‫الدكتور �سليمان الرطروط‬ ‫الدكتور زيد املحي�سن‬

‫المشرف العام على المجلة‬ ‫الدكتور ح�سن علي املبي�ضني‬

‫تصدر عن‬

‫تصميم وإخراج‬ ‫ب�����ل�����ال امل����ل���اح‬

‫المنتدى العالمي للوسطية‬

‫‪0799160136‬‬

‫عمان‬ ‫المملكة األردنية الهاشمية ‪ّ -‬‬

‫المراسالت‬ ‫املوا�ضيع املن�شورة ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املنتدى‬ ‫العاملي للو�سطية وحق الرد مكفول للجميع‬

‫عمان ‪ 11941‬األردن‬ ‫هاتف‪ - 5356329 :‬فاكس‪ - 5356349:‬ص‪.‬ب‪ّ 1241 :‬‬ ‫‪E-mail: mod.inter@yahoo.com - Web Site: www.wasatyea.net‬‬


‫دراسات‬

‫التضامن اإلسالمي‬

‫في مواجهة التحديات الراهنة‬

‫األستاذ الدكتور‬ ‫محمد علي إبراهيم الزغول‬

‫‪6‬‬

‫عانت الأمة الإ�سالمية من هجمات ع�سكرية ظاملة ا�ستهدفت وجودها‬ ‫ودينها منذ القدم‪ ،‬فمن احل��روب ال�صليبية ال�شر�سة التي ان�شغلت بها‬ ‫الأم ��ة على م��دى ق��رن�ين م��ن ال��زم��ان ال��ى الهجمات ال�ت�تري��ة الهمجية‬ ‫على ال�شام والعراق و�إ�سقاط اخلالفة وتدمري الكتب وقتل العلماء‪ ،‬ثم‬ ‫اال�ستعمار االوروب��ي للبلدان اال�سالمية يف القرنني املا�ضيني وحماولته‬ ‫تذويب الهوية الإ�سالمية وا�ستنزاف خريات الأمة‪.‬‬ ‫وملا مل تفلح حماوالتهم يف اجتثاث الأمة وتركيعها عمدوا الى غزو‬ ‫العقول والأفكار لتحقيق �أهدافهم‪ .‬فقد �سخر ال�شرق والغرب كل الو�سائل‬ ‫واخلطط ووظ��ف �إمكانياته و�أجهزته املتطورة‪� ،‬سرية وعلنية‪ ،‬حكومية‬ ‫و�أهلية‪ ،‬دينية واحلادية‪ ،‬فوقع العامل اال�سالمي ب�صورة �أو ب�أخرى حتت‬ ‫ت�أثري هذا الغزو‪.‬‬ ‫ظن كثريون �أن هذا �أق�صى ما ت�ستطيعه او تطلبه القوى اال�ستعمارية‪،‬‬ ‫غري �أن �أع��داء الإ��س�لام يعمدون �إل��ى تطوير خمططاتهم من زم��ن الى‬ ‫�آخر‪ ،‬فلم يكتفوا ب�إثارة ال�شبهات املعادية للإ�سالم من غري �سند او برهان‪،‬‬ ‫ون�شر الأفكار الغريبة عن امل�سلمني‪ ،‬والتزوير يف حتليل الوقائع‪ .‬فعمدوا‬ ‫الى الغزو الع�سكري امل�سلح‪ ،‬ونرى اليوم احتالل اكرث من بلد �إ�سالمي‬ ‫بحجج واهية‪.‬‬ ‫و�أ�صبح ل��زام�اً على الأم��ة وه��ي ال�ي��وم ت�سام �أل ��وان ال�ع��ذاب والتقتيل‬ ‫والتذبيح على م��ر�أى وم�سمع من املجتمع ال��دويل وم�ؤ�س�ساته الر�سمية‬ ‫والأه�ل�ي��ة �أن ت�ع��ود لر�شدها‪ ،‬وتتبني ط��ري��ق خال�صها‪ .‬ف�ب�لاد امل�سلمني‬ ‫ي�سطو عليها الأعداء من كل حدب و�صوب‪ ،‬ويحتلونها احتالال �أرعن وك�أن‬ ‫العامل يعي�ش يف ع�صور �شريعة الغاب‪ ،‬فلم يكتفوا ب�سلب لقمة عي�شهم‪،‬‬


‫و�أر�ضهم و �أوطانهم‪ ،‬بل �سلبوهم حقهم يف احلياة ب�صورة‬ ‫مل يعرف لها التاريخ مثي ً‬ ‫ال‪ .‬وه��ا هم امل�سلمون يف بقاع‬ ‫املحور الأول‪ :‬مفهوم الت�ضامن الإ�سالمي والتح ّديات‬ ‫الأر�ض ي�ضطهدون يف و�ضح النهار‪ ،‬دون �أي جريرة منهم‬ ‫الراهنة‪.‬‬ ‫وال جرم‪.‬‬ ‫لقد ارتفعت الأ�صوات تخاطب ال�ضمري االن�ساين يف املحور الثاين‪ :‬التحديات التي تواجه العامل الإ�سالمي‪.‬‬ ‫كل مكان‪ ،‬لأنه ال يجوز ال�سكوت عن �أب�سط حقوق الإن�سان‪ ،‬املحور الثالث‪ :‬حماوالت الهيمنة على العامل الإ�سالمي‪.‬‬ ‫وم��ن واج��ب القادة وال�سا�سة والعلماء والكتاب والدعاة‬ ‫وغ�يره��م التنبه جل�سامة اخل�ط��ب العظيم‪ ،‬وعظيم ما املحور الرابع‪� :‬أهمية الت�ضامن الإ�سالمي وجماالته‪.‬‬ ‫يلحق الأم��ة من ج��راء وقوفها مكتوفة الأي��دي �أم��ام ما امل �ح��ور اخل��ام ����س‪ :‬م��واج �ه��ة حت��دي��ات االح �ت�ل�ال لبيت‬ ‫يجري يف العامل الإ�سالمي‪.‬‬ ‫املقد�س وامل�سجد الأق�صى‪.‬‬ ‫ويف مثل ه��ذه ال �ظ��روف القلقة غ�ير امل�ستقرة التي املحور الأول‪ :‬مفهوم الت�ضامن اال�سالمي والتح ّديات‬ ‫تعي�شها الأم��ة من ي��وم لآخ��ر‪ ،‬جند �أنف�سنا �أم��ام م�شكلة الراهنة‬ ‫تتطلب احلل‪ ،‬يِ‬ ‫وف هذا الإطار جاءت هذه امل�شاركة لتلقي‬ ‫ال�ضوء على حقيقة ال جمال لتجاهلها �أال وهي الك�شف‬ ‫�أو ًال‪ :‬الت�ضامن‪:‬‬ ‫عن حقيقة املحتل امل�ستعمر و�أه��داف��ه والتحديات التي‬ ‫ه�ن��ال��ك ظ��اه��رة يف ال�ل�غ��ة ال�ع��رب�ي��ة ج��دي��رة ب��ال�ت��أم��ل‬ ‫تواجهها الأم��ة داخلية وخارجية‪ ،‬والو�سائل التي ت�سهم‬ ‫يف حماية وجودها و�صيانة دينها‪ ،‬وطبيعي �أن ال �سبيل والدرا�سة‪ ،‬وهي �أن املعاين اللغوية تكون معربة عن املعاين‬ ‫ال��ى الإح��اط��ة بكل ما يجب علينا عمله‪ ،‬اذ يجد العامل اال��ص�ط�لاح�ي��ة يف ك�ث�ير م��ن الأح �ي ��ان‪ ،‬او ان�ه��ا تت�ضمن‬ ‫اال�سالمي نف�سه اليوم امام تيارات متعددة امل�صادر بع�ضها املفردات املكونة للم�صطلح بحيث ت�سهل �صياغة امل�صطلح‬ ‫من ال�غ��رب‪ ،‬وبع�ضها من ال�شرق‪ ،‬وبع�ضها من اال�سالم تقنياً‪ ،‬وال ريب فاملعنى اللغوي هو اجلذر والأ�سا�س الذي‬ ‫ال�صحيح‪ ،‬وبع�ضها من اال��س�لام امل�شوه‪ ،‬ولكل من هذه ي�ؤخذ منه املعنى اال�صطالحي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التيارات �أتباعها‪ ،‬ويظهر �أن �أ�شدهم حما�سة الجتاهه‪،‬‬ ‫والت�ضامن كما ج��اء يف ل�سان ال�ع��رب م��ن ال�ضمانة‪،‬‬ ‫واحتياال لتحقيقه‪� ،‬أبعدهم عن حقيقة الإ�سالم‪ .‬و�س�أطرح وتعني الكفالة‪ ،‬فنقول‪� :‬ضمن فالن ال�شيء‪ ،‬و�ضمن به‬ ‫ب�إيجاز جانباً ال �سبيل لإغفاله‪ ،‬يف �أية حماولة للت�صحيح‪� ،‬ضمنا و�ضمانا‪ :‬كفل ب��ه فهو �ضامن و�ضمني‪ .‬وف�سرت‬ ‫هذا اجلانب هو املناداة والدعوة �إلى الت�ضامن الإ�سالمي‪ .‬امل�صادر اللغوية الكفالة يف �أحد معانيها‪ ،‬ب�أنها ال�ضمان يف‬ ‫�إنها دعوة لتحقيق �أ�سمى مقا�صد اال�سالم و�أهدافه‪ ،‬وهي املال والرعاية له‪.‬‬ ‫دع��وة ال تخرج ع��ن �صميم الغاية التي ج��اء ه��ذا الدين‬ ‫وق��د ا�شتق الأق��دم��ون م��ن ال�ضمان مبعنى الكفالة‬ ‫لتحقيقها‪ .‬لقد انت�شر اال�سالم يف ثالثة �أرب��اع املعمورة‪،‬‬ ‫يف نحو ثالثة �أرباع قرن من الزّمن‪ ،‬لأنه اعتمد يف دعوته وال��رع��اي��ة م�ع��اين لغوية وفقهية ودينية �أ��ض��اف��وه��ا الى‬ ‫مالم�سة ال�ف�ط��رة‪ ،‬فخاطب ال�ع�ق��ول والأف �ك��ار‪ ،‬واعتنى ثروتنا اللغوية‪ ،‬كلفظ الت�ضمني الذي من معانيه �إيقاع‬ ‫بالأرواح‪ ،‬وحر�ص على �إقامة الدليل على احلق‪ ،‬و�أنه �أحق لفظ موقع غريه‪ ،‬ومعاملته كمعاملته‪ ،‬بالنظر لت�ضمنه‬ ‫�أن ي َتّبع‪ ،‬ودح�ض الباطل بالدليل �أي�ضا حتى يثبت �أنه ملعناه وال�شتماله عليه‪� ...‬إلى غري ذلك من اال�شتقاقات‬ ‫الكثرية‪.‬‬ ‫باطل و�أنه �أحق �أن يجتنب‪.‬‬ ‫و�س�أب�سط املو�ضوع يف ايجاز يف املحاور الآتية‪:‬‬

‫�أم��ا امل�ح��دث��ون فقد ا�شتقوا م��ن �أ��ص��ل املعنى اللغوي‬ ‫لل�ضمان م�شتقات ح��دي�ث��ة مل ي�ك��ن ل�ل�ق��دم��اء ع�ه��د بها‪،‬‬ ‫ومنها �صيغة “ ال�ضمان االجتماعي” الذي يدور معناه‬ ‫حول قيام الدولة برعاية املحتاجني ومعاونتهم‪ ،‬وهو يف‬ ‫حقيقة �أم��ره م�شتق ومقتب�س من الكفالة والرعاية‪ ،‬اي‬ ‫�أ�سا�س معنى ال�ضمان لغوياً‪.‬‬

‫�إن التدبر فيما افرت�ضه اهلل تعالى من فرائ�ض‪ ،‬يجلي‬ ‫بو�ضوح �أنه هدف من ورائها �إلى حتقيق الغاية الكربى‪،‬‬ ‫وهي بناء املجتمع الإ�سالمي املوحد‪� ،‬إن الوحدة املن�شودة‬ ‫يف الإ��س�لام‪ ،‬والتي �شرعت فرائ�ضه من �أج��ل حتقيقها‪،‬‬ ‫هي التي تربط بني امل�سلمني يف م�شارق الأر�ض ومغاربها‪،‬‬ ‫في�شعر ك��ل ف��رد فيه ب�شعور بقية �أف ��راده‪ ،‬ويحر�ص يف‬ ‫كما ا�شتق املحدثون �صيغة ومعنى �آخر لل�ضمان ميت‬ ‫جمموعه على �صيانة الكيان الإ�سالمي واحلفاظ عليه الى معناه الأ�صلي يف اللغة ب�سبب وثيق‪ ،‬وهذه ال�صيغة‬ ‫�سليماً قوياً متما�سكاً‪.‬‬ ‫هي (الت�ضامن)‪ ،‬ومعناه‪ :‬التزام كل طرف من الأطراف‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪7‬‬


‫املعنية بان ي��ؤدي عن الآخ��ر ما يق�صر عن �أدائ��ه‪ .‬وعليه‬ ‫ف ��إن معنى الت�ضامن االج�ت�م��اع��ي م�شتق خ�ير ا�شتقاق‬ ‫و�أن�سبه من �صيغة ال�ضمان ذاتها‪� ،‬إذ �أن مفهوم الت�ضامن‬ ‫الإ�سالمي هو التعاون املثمر‪ ،‬والت�آزر البناء‪ ،‬والتنا�صر‬ ‫ال��را��ش��د ب�ين ك��اف��ة امل�سلمني‪ ،‬مهما اختلفت �أق�ط��اره��م‬ ‫وت�ب��اع��دت دي��اره��م‪ ،‬يف �إط ��ار اال� �س�لام احل�ن�ي��ف‪ ،‬و�ضمن‬ ‫تعاليمه وتوجيهاته و�إر�شاداته ال�سامية‪ ،‬ل�ضمان وحفظ‬ ‫دينهم القومي‪ ،‬و�صيانة �أوطانهم �أن ت�صدعها التيارات‬ ‫والقوى املعادية الوافدة من غرب �أو �شرق‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫ •‬ ‫• ‬ ‫• ‬ ‫• ‬ ‫• ‬

‫التحديات االقت�صادية‪.‬‬ ‫التحديات املعلوماتية‪.‬‬ ‫التحديات االجتماعية‪.‬‬ ‫التحديات البيئية‪.‬‬ ‫التحديات التكنولوجية‪.‬‬

‫املحور الثاين‪ :‬التحديات التي تواجه العامل الإ�سالمي‬

‫لي�س من ال�سهل ح�صر التحديات التي تواجه العامل‬ ‫ثانيا‪ :‬التحديات الراهنة‪:‬‬ ‫الإ�سالمي لكن ميكن ت�صور �أبعادها مبراجعة ما كتبه‬ ‫عدد من الباحثني يف هذا املجال‪ ،‬من رابطة اجلامعات‬ ‫وا�صطالحا‪:‬‬ ‫معنى التحدي لغ ًة‬ ‫ً‬ ‫الإ�سالمية وغريها ح��ول التحديات التي تواجه الأم��ة‬ ‫التحدي لغ ًة مبعنى املباراة واملبارزة‪.‬‬ ‫الإ�سالمية خالل القرن احلادي والع�شرين‪� ،‬سواء �أكانت‬ ‫حتديات �سيا�سية �أم اقت�صادية �أم �إعالمية �أم اجتماعية �أم‬ ‫جاء يف ل�سان العرب‪ “ :‬حتديت فالنًا �إذا با َر ْيتَه يف فعل قانونية‪.‬‬ ‫وناز َْعتَه الغلبة”‪ ،‬وهي ا ُ‬ ‫حل َد َّيا”‪.‬‬ ‫ومن �أخطر التحديات الداخلية التي تواجه العامل‬ ‫قال عمرو بن كلثوم يف معلقته متحد ًيا النا�س جمي ًعا الإ�سالمي ظاهرة الإرهاب‪ .‬وقد �شهدت الأعوام الأخرية‬ ‫مبجد قومه و�شرفهم‪:‬‬ ‫على وجه اخل�صو�ص تطور هذه الظاهرة ب�شكل خميف‪،‬‬ ‫ُمقا َر َع ًة َب ِنيه ْم عن َبنيِنا �إذ اجته الإرهاب �إلى الفتك والتدمري وقتل الأبرياء دون‬ ‫ُح َد ّيا النا�سِ ك ِّله ِ​ِم َجمي ًعا‬ ‫متييز بني طفل وام��ر�أة و�شيخ و�شاب‪ ،‬وتعدى ذل��ك �إلى‬ ‫ا�صطالحا؛ يت�صل ات�صا ًال وثيقًا التمثيل بالقتلى دون �سبب مفهوم‪ ،‬ويف كثري من الأحيان‬ ‫�أم��ا معنى التحدي‬ ‫ً‬ ‫ب��امل�ع�ن��ى ال �ل �غ��وي‪ ،‬ف�ه��و ط�ل��ب الإت �ي��ان ب��امل�ث��ل ع�ل��ى �سبيل حتت �شعار �إ�سالمي‪ ،‬وب�صيحات اهلل �أكرب !!‬ ‫املنازعة والغلبة‪ ،‬ويتحدد املثل تبعا ملا يتحدى به‪.‬‬ ‫‪ ‬ومن التحديات الداخلية الفهم اخلاطئ للإ�سالم‪،‬‬ ‫�إذا التحدي هو ذلك الو�ضع الذي ميثل وجوده �أو عدم الذي يرجع �إما �إلى جهل �أ�صحابه بجوهر تعاليم الدين‬ ‫وجوده تهديداً �أو �إ�ضعافاً‪� ،‬أو ت�شويها‪ ،‬كلياً �أو جزئياً‪ ،‬دائماً كما هو حال الذين يف�سرون الدين بتف�سريات خاطئة‪،‬‬ ‫كان �أو م�ؤقتاً‪ ،‬لوجود و�ضع �آخ��ر ُي��راد له الثبات والقوة جتعل منه �إما ديناً جامداً متقوقعاً ال يقوى على م�سايرة‬ ‫واال�ستمرار” فمث ً‬ ‫ال التحدى الثقافى ميثل تهديداً �أو الزمن‪ ،‬وال يراعي متغريات احلياة‪ ،‬وبذلك ي�شدونه �إلى‬ ‫خطراً �أو �إ�ضعافاً �أو ت�شويهاً‪ ،‬لو�ضع �أو منظومة ثقافية فهمهم ال�سقيم وي�ضيقون رحمة اهلل الوا�سعة‪� .‬أو خداع‬ ‫معينة‪ ،‬في�صح �أن ُيطلق عليه لهذا ال�سبب "التحدي اجلماهري برفع �شعارات دينية لتحقيق �أغرا�ض دنيوية‬ ‫كما ه��و احل��ال عند م��ن ي�صورونه دي�ن�اً دم��وي�اً عدوانياً‬ ‫الثقايف”‪.‬‬ ‫متعط�شاً ل�سفك الدماء‪.‬‬ ‫وهناك تعريف �آخر للتحديات مفاده �أن “ التحديات‬ ‫�أم ��ا ال �ت �ح��دي��ات اخل��ارج �ي��ة فتتمثل يف اخل ��وف من‬ ‫هى تطورات �أو متغريات �أو م�شكالت �أو �صعوبات �أو عوائق‬ ‫الإ�سالم يف الغرب‪ ،‬وهذا التوجه الغربي يعني عدم ال�سماح‬ ‫نابعة من البيئة املحلية �أو الإقليمية �أو الدولية “‪.‬‬ ‫بتطوير قدرات العامل الإ�سالمي الع�سكرية‪ ،‬ال بل وحتى‬ ‫ولكن نوعية التحديات هي التي حتدد حجم‬ ‫اخلطر االقت�صادية والعلمية‪ ،‬رغم ما يغدقه الغرب من �إمكانات‬ ‫التي تتعر�ض ل��ه ه��ذه ال��دول��ة �أو ذاك املجتمع‪ ،‬فبع�ض‬ ‫التحديات ت�ؤثر يف كيان الدولة �أو املجتمع يف ال�صميم‪ ،‬هائلة على �إ�سرائيل التي زرعها خنجرا م�سموما يف �صدر‬ ‫ال ولي�س ذا بعد واحد‪ ،‬الأم��ة‪ ،‬لتعيق �أي طموحات يف تطوير قدراتهم‪ ،‬وتنمية‬ ‫بحيث يكون ت�أثري التحدي �شام ً‬ ‫وهنا الب��د �أن تكون املواجهة �شاملة‪� ،‬أي تكون املواجهة بالدهم‪ .‬ويعني �أي�ضاً عدم ال�سماح للعامل الإ�سالمي ب�أي‬ ‫بحجم التحديات و�إال ف�إن النتيجة �سوف تكون اكت�ساحاً ن�صيب من امل�شاركة يف ر�سم �سيا�سة العامل‪ ،‬ولو عن طريق‬ ‫�شام ً‬ ‫ال‪ ،‬وتتخذ التحديات عدة �أ�شكال‪ ،‬و�أهمها‪:‬‬ ‫متثيل العامل الإ�سالمي مبقعد دائم يف جمل�س الأمن‪.‬‬ ‫• التحديات ال�سيا�سية والأمنية‪.‬‬ ‫‪ ‬ويرتبط بق�ضية اخل��وف م��ن الإ� �س�لام ال�تروي��ج يف‬ ‫• التحديات الفكرية والثقافية‪.‬‬ ‫ال �غ��رب ل�ن�ظ��ري��ة � �ص��دام احل �� �ض��ارات‪ ،‬و�أن ه��ذا ال���ص��دام‬


‫�أم ��ر ح�ت�م��ي‪ .‬وبطبيعية احل ��ال ي��و��ض��ع يف احل���س�ب��ان يف‬ ‫ه��ذا التفكري ب��ال��درج��ة الأول ��ى ال���ص��دام ب�ين احل���ض��ارة‬ ‫الإ�سالمية واحل�ضارة الغربية‪ ،‬وي�ستعيد البع�ض ذكريات‬ ‫املا�ضي القريب والبعيد لهذا ال�صدام‪.‬‬ ‫وال �ه��دف يف ال�ن�ه��اي��ة ه��و � �ض��رورة ه��زمي��ة احل���ض��ارة‬ ‫الإ��س�لام�ي��ة حتى تتمكن ح���ض��ارة واح ��دة ه��ي احل�ضارة‬ ‫الغربية ب�أن تكون لها اليد الطولى وال�سيطرة على العامل‬ ‫كله‪ ،‬وتت�أكد ب�صورة قاطعة فكرة العوملة‪ ،‬التي تتمثل يف‬ ‫الرتويج للقيم واملعايري التي تعتمدها احل�ضارة الغربية‪،‬‬ ‫و�أن على اجلميع يف ال�ع��امل �أن ي�ت��واءم معها و�أن يعتنق‬ ‫مبادئها ونظمها �إذا �أراد لنف�سه مكاناً يف م�سرية العامل‬ ‫املعا�صر‪.‬‬ ‫وه��ذا يعني �أي���ض��ا �أن ت�سود ح���ض��ارة واح ��دة بقيمها‬ ‫ومثلها‪ ،‬و�أن يرت�سخ مفهوم العوملة �أو القطب الواحد‬ ‫يف الأذه��ان‪ .‬وبذلك يختفي مفهوم التعددية احل�ضارية‬ ‫املتعارف عليه منذ فجر التاريخ‪ .‬ومن ثم ي�صبح اخل�ضوع‬ ‫لنظام العوملة �أم��راً ال مفر منه‪ ،‬وال فكاك لأي دول��ة يف‬ ‫ال �ع��امل م��ن �أن ت�ن���ض��وي حت��ت ل��وائ��ه‪ ،‬و�إال ف� ��إن ال��زم��ن‬ ‫والأحداث �سوف تتجاوزها‪.‬‬

‫�إن ما ت�شهده املنطقة لي�س وليد ال�ساعة‪ ،‬و�إمن��ا هي‬ ‫خ�ط��ط م��ر��س��وم��ة م�سبقاً ت �ه��دف �إل ��ى جت��زئ��ة املنطقة‪،‬‬ ‫ودعم نظم حكم الأقلية‪ ،‬واال�ستخفاف مبطلب ال�شعوب‬ ‫وتطلعاتها‪ ،‬وم ��ؤام��رات ام �ت��داداً ل�سايك�س بيكو‪ ،‬ولكن‬ ‫بطعم �شيعي وكردي وعلوي‪ ،‬خدمة للم�شروع ال�صهيوين‬ ‫يف تق�سيم املنطقة ودوام ال�سيطرة الإ��س�ت�ع�م��اري��ة على‬ ‫البالد العربية والإ�سالمية‪.‬‬ ‫وم��ن ال�سبل التي اتبعوها للو�صول لأهدافهم طرح‬ ‫م�صطلحات ج��دي��دة يف ال���س��اح��ة ال�ع��امل�ي��ة ك��الأ��ص��ول�ي��ة‬ ‫الإ�سالمية‪ ،‬والإرهاب الإ�سالمي‪ ،‬والذي و�صفه الرئي�س‬ ‫االمريكي الأ�سبق ريت�شرد نيك�سون ب�أن من يحملون هذه‬ ‫ال�صفات م�صممون على �إ�سرتجاع احل�ضارة الإ�سالمية‬ ‫عن طريق بعث املا�ضي‪ ،‬و�إن الذين يهدفون الى تطبيق‬ ‫ال�شريعة الإ�سالمية وي�ن��ادون ب ��أن الإ��س�لام دي��ن ودول��ة‬ ‫ف�إنهم لي�سوا حمافظني ولكنهم ث��وار‪ .‬وتبعه الرئي�س‬ ‫بو�ش بو�صفه احلرب على العراق ب�أنها حرب �صليبية‪ ،‬ثم‬ ‫تبعه ال�سيناتور االمريكي جوزيف ليربمان بقوله‪� “ :‬إنه‬ ‫ال حل مع الدول العربية والإ�سالمية �إال �أن تفر�ض عليها‬ ‫�أمريكا القيم والنظم وال�سيا�سات التي تراها �ضرورية‪،‬‬ ‫فال�شعارات التي �أعلنتها �أمريكا عند ا�ستقاللها ال تنتهي‬ ‫عند احلدود االمريكية بل تتعداها �إلى الدول الأخرى‪.‬‬

‫وينتج عن ذلك بال�ضرورة �أن العداوة بني اال�ستعمار‬ ‫والإ�سالم ‪ -‬كما يقول العقاد ‪ -‬عداوة تاريخية جغرافية‬ ‫�إن املتتبع للمواقف الغربية يجد بان �أمريكا و�أوروبا‬ ‫نف�سية‪ ،‬وتلك هي �أ�صعب ال�ع��داوات و�أعمقها و�أع�صاها يقومون منذ �سنوات بتغذية ٍ‬ ‫االره��اب‪ ،‬وقتل الأبرياء يف‬ ‫على التوفيق والن�سيان‪ ،‬وقد تتلخ�ص العداوة بينهما يف العراق و�سوريا وال�سودان و�أفغان�ستان‪ ..‬وغريها‪ ،‬تارة‬ ‫كلمات قليلة‪:‬‬ ‫با�سم القاعدة‪ ،‬وت��ارة با�سم داع�ش‪ .‬يقتلون امل�سلمني يف‬ ‫فاال�ستعمار الأوروب ��ي يطمع يف القارتني الآ�سيوية �أرج��اء املعمورة‪ ،‬والإع�لام ي�شيع �أنهم يف معركة حماربة‬ ‫والأفريقية‪ ،‬ويف هاتني القارتني ي�سكن امل�سلمون مبئات الإرهابيني‪ .‬وه��ذا وذاك يعك�س وجهة النظر الأمريكية‬ ‫املاليني‪ ...‬ولو كان ه�ؤالء قوة �سيا�سية فقط لهان خطبهم �أن العامل الإ�سالمي فيه فائ�ض من الب�شر‪ ،‬وفائ�ض من‬ ‫على اال�ستعمار بجميع �أنواعه‪ ،‬ولكنهم قوة روحية تندفع التدين الإ�سالمي‪ ،‬يجب تقلي�صه ب�أية و�سيلة‪.‬‬ ‫كال�سيل �إذا اندفعت‪ ،‬وت�ستقر كال�صخر �إذا �سكنت‪ ،‬و�إن‬ ‫وما جرى يف �أفغان�ستان من دمار‪ ،‬وما يجري يف �سوريا‬ ‫تفارقها قدرتها على الغلبة وال�سيادة حيناً‪ ،‬فال تفارقها وال�ع��راق من تفنن بقتل ال�شعوب وذب��ح الأط�ف��ال وحرق‬ ‫قدرتها على ال�صمود والثبات‪.‬‬ ‫الأخ�ضر والياب�س‪ ،‬و�سحق كل من عار�ضهم او وق��ف يف‬ ‫و� �ش��اء ال �ق��در ل�ل�إ� �س�لام �أن ي�ك��ون ح��ار���س الإن���س��ان�ي��ة وجههم �أكرب �شاهد على هذه املخططات‪.‬‬ ‫واحل��ري��ة يف وج��ه اال�ستعمار‪ ،‬فلم يكن لال�ستعمار منذ‬ ‫وم��ن ال���ش��واه��د الأخ� ��رى ال�ع�م��ل ع�ل��ى ا��س�ت�ن��زاف كل‬ ‫ن�ش�أته طريق �إلى ال�شرق �إال من خالل بالد �إ�سالمية‪ .‬الأط��راف غري امل��رغ��وب فيها من الأع��داء واحللفاء من‬ ‫املحور الثالث‪ :‬حماوالت الهيمنة على العامل الإ�سالمي اي��ران ال��ى تركيا‪ ،‬وم��ن ال�سلفية اجل�ه��ادي��ة ال�سنية الى‬ ‫امللي�شيات ال�شيعية‪ ،‬ومن دول اخلليج الى رو�سيا‪.‬‬ ‫ت �ع��اين الأم � ��ة الإ� �س�لام �ي��ة يف ال��وق��ت احل��ا� �ض��ر من‬ ‫�إنها حجج الإره��اب امل�صنوع �أ�صال من بروتوكوالت‬ ‫حتديات م�صريية ت�سعى �إلى اقتحام عقل الأمة وعقيدتها‬ ‫وثوابتها و�سماتها الأ��س��ا���س‪ ،‬بطرائق و�أ�ساليب عديدة‪ ،‬وف�تن حكماء �صهيون‪ ،‬م��ع ان ال�ع��امل ينظر �إل�ي�ه��ا على‬ ‫ال ت��زال تلحق ال��دم��ار مبقومات ال�شخ�صية الإ�سالمية �أنها حرب م�صالح �أمريكية‪ ،‬رو�سية‪ ،‬فرن�سية‪ ،‬اجنليزية‬ ‫وتقودها �إل��ى اخل��روج م��ن �ساحة االحتكاك احل�ضاري‪ ،‬و�إيرانية‪ ،‬لكنها يف حقيقتها ت�صب يف خدمة ال�صهيونية‬ ‫ودولة �إ�سرائيل‪.‬‬ ‫حتى �أو�شكت �أن تفقد ذاتها و�أن تذوب يف فلك الآخر‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪9‬‬


‫ومع ما قد يبدو للمتابع للم�شهد من �أن هناك اتفاقا‬ ‫بني الرو�س والأمريكان على عموميات امل�شهد‪ ،‬مع بع�ض‬ ‫االختالف يف تفا�صيله‪� .‬إال �أن ما هو م�ؤكد �أن هذه الدول‬ ‫الظاهرة يف امل�شهد جميعاً هي التي �صنعت الإرهاب وغذته‪،‬‬ ‫وقد �صنعوا داع�ش واعتربوها ح�صان ط��روادة‪ ،‬الذي من‬ ‫خ�لال االدع��اء بقتالها يحققون �أه��داف�ه��م حت��ت �شرعية‬ ‫مكافحة الإرهاب‪ ،‬وما هذا �إال دليل وا�ضح على َذ ِلك‪.‬‬ ‫املحور الرابع‪� :‬أهمية الت�ضامن الإ�سالمي وجماالته‬ ‫�إن الت�ضامن من �أهم الأ�س�س واملبادئ التي يقوم عليها‬ ‫الدين الإ�سالمي احلنيف‪ ،‬وذلك انطالقا من مقا�صده‬ ‫و�أهدافه يف املحافظة على امل�صالح العامة واخلا�صة‪ ،‬ودفع‬ ‫املفا�سد والأ�ضرار املادية واملعنوية‪ .‬بل �إن الإ�سالم ينظر‬ ‫�إل��ى الت�ضامن كمطلب �إن���س��اين للمجتمعات الب�شرية‪،‬‬ ‫َّا�س �إِنَّا خَ لَ ْقنَا ُك ْم ِمنْ َذ َك ٍر َو�أُ ْن َثى‬ ‫قال تعالى‪َ }:‬يا �أَ ُّي َها الن ُ‬ ‫َو َج َع ْلنَا ُك ْم �شُ ُعو ًبا َو َق َبا ِئ َل ِل َت َعا َر ُفوا �إِ َّن �أَ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد اللهَِّ‬ ‫ري{ احلجرات‪ .13 ،‬فهذه الآية‬ ‫�أَ ْتقَا ُك ْم �إِ َّن اللهَّ َ َع ِلي ٌم خَ ِب ٌ‬ ‫تعلن مبادئ ت�ضامن دويل مبوجبه تنتظم كافة املجتمعات‬ ‫الإن�سانية يف رباط عاملي‪ ،‬هدفه النهائي واحلقيقي �إقامة‬ ‫م�صالح العاملني ودفع املفا�سد عنهم‪ ،‬وتبادل املنافع فيما‬ ‫بينهم‪ ،‬مادية ومعنوية‪ ،‬علمية وثقافية واقت�صادية‪ ،‬مع‬ ‫احلفاظ على خ�صو�صيات وكيان كل جمتمع‪ ،‬دون تهديد‬ ‫لتلك اخل�صو�صيات مبا يهدمها �أو يلغيها‪ ،‬و�أ�سا�س ذلك‬ ‫�إح�سا�س اجلميع بوحدة �أ�صلهم ومن�ش�أهم وم�صريهم‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫وقد ت�ضافرت الأدلة يف احلث على الت�ضامن والتكافل‬ ‫والتعاون بني الأفراد والأمم واملجتمعات ‪ -‬ال يت�سع املقام‬ ‫لذكرها‪ -‬ويكفينا منها حديث ال ُّن ْع َم ِان ْب��نِ َب ِ�ش ٍ‬ ‫ري َق��ا َل‪:‬‬ ‫َقا َل َر ُ�س ُ‬ ‫ِني يِف‬ ‫ول اللهَِّ َ�ص َّلى اللهَّ ُ َعلَ ْي ِه َو َ�س َّل َم ‪َ ”:‬م َث ُل المْ ُ�ؤ ِْمن َ‬ ‫اح ِم ِه ْم َو َت َع ُ‬ ‫اط ِف ِه ْم َم َث ُل الجْ َ َ�س ِد �إِ َذا ا�شْ َتكَى ِم ْن ُه‬ ‫َت َوا ِّد ِه ْم َو َت َر ُ‬ ‫ِال�س َه ِر َوالحْ ُ َّمى”‪.‬‬ ‫ُع ْ�ض ٌو َت َدا َعى َل ُه َ�سا ِئ ُر الجْ َ َ�س ِد ب َّ‬ ‫و�سى الأ�شعري َعنْ ال َّنب ِِّي َ�ص َّلى اللهَّ ُ َعلَ ْي ِه‬ ‫وحديث َ�أبِي ُم َ‬ ‫َو َ�س َّل َم َقا َل‪�ِ ”:‬إ َّن المْ ُ��ؤ ِْم��نَ ِل ْل ُم�ؤ ِْمنِ َكا ْل ُب ْن َي ِان َي ُ�ش ُّد َب ْع ُ�ض ُه‬ ‫َب ْع ً�ضا‪َ ،‬و�شَ َّب َك َبينْ َ �أَ َ�صا ِب ِع ِه‪( ”.‬متفق عليه)؛ وهنا ت�صوير‬ ‫بالغي للت�ضامن بني �أفراد املجتمع �صوره لنا النبي �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم‪.‬‬ ‫والت�ضامن املن�شود ي�شمل جميع جماالت احلياة ابتدا ًء‬ ‫من حرا�سة العقيدة واملبادىء والقيم‪� ،‬إلى حماية املجتمع‬ ‫من الفو�ضى والف�ساد واالنحالل‪.‬‬ ‫ف�ك��ل م��ا ي�ف�ي��د اجل�م��اع��ة م��ن ع�م��ل دن �ي��وي �أو دي�ن��ي‪،‬‬ ‫�سيا�سي �أو اقت�صادي‪ ،‬زراع��ي �أو جت��اري‪ ،‬علمي �أو �أدب��ي‪،‬‬ ‫هو من الت�ضامن الذي يحبه اهلل لعباده‪ ،‬ويرغب لهم �أن‬ ‫يتعاونوا عليه من �أجل قيام ح�ضارة �إ�سالمية عريقة‪.‬‬

‫�إن امل�سلمني يف ال�شرق وال�غ��رب يتجهون يف ال�صلوات‬ ‫اخلم�س اليومية‪ ،‬ويف فري�ضة احلج �إلى بيت اهلل احلرام‪،‬‬ ‫رغم اختالف الأل�سنة واجلن�سيات والألوان‪ ،‬يجمعهم الدين‬ ‫الإ�سالمي احلنيف‪ ،‬وهذا ليعلم امل�سلم �أنه لبنة يف بناء كبري‬ ‫واحد مر�صو�ص‪ ،‬فامل�سلمون يتعلمون وحدة القبلة‪ ،‬ووحدة‬ ‫الأمة يف الهدف والغاية‪ ،‬و�أن الوحدة واالحتاد والت�ضامن‬ ‫��ض��رورة يف ك��ل �شئون حياتهم الدينية وال��دن�ي��وي��ة‪ .‬وه��ذا‬ ‫ال ��ذي ح�م��ل ال�ي�ه��ود ع�ل��ى ح�ق��ده��م وح���س��ده��م وتخوفهم‬ ‫من اجتماع امل�سلمني وتعاونهم‪ ،‬ف�سعوا �إل��ى متزيق وحدة‬ ‫امل�سلمني بكل ما لديهم من �سبل وط��رق؛ وه��ذا ما �سلكه‬ ‫اليهود م��ع ال��ر��س��ول يف امل��دي�ن��ة‪ ،‬حيث جمع اهلل ب��ه �شتات‬ ‫امل�ؤمنني‪ ،‬ووحدهم بعد تفرقهم امتثاال لقوله تعالى‪} :‬‬ ‫َو ْاع َت�صِ ُموا ب َِح ْبلِ اللهَِّ َج ِمي ًعا َو اَل َت َف َّر ُقوا َوا ْذ ُك ُروا ِن ْع َمتَ اللهَِّ‬ ‫َعلَ ْي ُك ْم �إِ ْذ ُك ْن ُت ْم �أَ ْع َدا ًء َف�أَ َّلفَ َبينْ َ ُق ُلو ِب ُك ْم َف َ�أ ْ�ص َب ْح ُت ْم ِب ِن ْع َم ِت ِه‬ ‫�إِخْ َوانًا َو ُك ْن ُت ْم َعلَى �شَ فَا ُح ْف َر ٍة ِمنَ النَّا ِر َف َ�أ ْن َق َذ ُك ْم ِم ْن َها َك َذ ِل َك‬ ‫ُي َبينِّ ُ اللهَّ ُ َل ُك ْم �آ َيا ِت ِه َل َع َّل ُك ْم َت ْه َت ُدونَ{ �آل عمران‪.103 ،‬‬ ‫وقال �سبحانه‪َ } :‬و َع َد هَّ ُ‬ ‫الل ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا ِم ْن ُك ْم َو َع ِم ُلوا‬ ‫ال�صالحِ َ ِات َل َي ْ�ستَخْ ِل َف َّن ُه ْم يِف ْ أ‬ ‫الَ ْر��ضِ َك َما ْا�ستَخْ لَفَ ا َّل ِذينَ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِم��نْ ق� ْب�ل�ه� ْم َول � ُي � َم �كّ�َن�نَ ل � ُه � ْم دي� َن� ُه� ُم ال ��ذي ا ْرت�� َ��ض��ى ل� ُه� ْم‬ ‫َو َل ُي َب ِّد َل َّن ُه ْم ِمنْ َب ْع ِد خَ ْو ِف ِه ْم �أَ ْمنًا َي ْع ُب ُدو َن ِني ال ُي�شْ ِر ُكو َن‬ ‫بِي �شَ ْيئًا(‪ ،‬وقال تعالى‪َ } :‬و�إِنْ ت َْ�صبرِ ُ وا َو َت َّتقُوا ال َي ُ�ض ُّر ُك ْم‬ ‫َك� ْي� ُد ُه� ْم �شَ ْيئًا إِ� َّن هَّ َ‬ ‫الل بمِ َ ��ا َي ْع َم ُلو َن محُِ �ي� ٌ�ط{‪ ،‬ففي هذه‬ ‫الآيات الكرميات حث امل�سلمني وت�شجيعهم على التم�سك‬ ‫بدينهم‪ ،‬والقيام بن�صره‪ ،‬وذلك هو ن�صر اهلل‪ ،‬ف�إنه �سبحانه‬ ‫وتعالى يف غاية الغنى عن عباده‪ ،‬و�إمنا املراد بن�صره هو‬ ‫ن�صر دينه و�شريعته و�أول�ي��ائ��ه‪ ،‬واهلل نا�صر م��ن ن�صره‪،‬‬ ‫وخاذل من خذله‪ ،‬وهو القوي العزيز‪.‬‬ ‫ويف ه��ذه الآي��ات �أي�ضاً الب�شارة العظيمة ب��أن اهلل عز‬ ‫وج��ل ين�صر م��ن ن�صره‪ ،‬وي�ستخلفه يف الأر� ��ض‪ ،‬وميكن‬ ‫له‪ ،‬ويحفظه من مكايد الأعداء‪ .‬فالواجب على امل�سلمني‬ ‫جميعاً �أينما كانوا هو االعت�صام بدين اهلل‪ ،‬والتم�سك به‪،‬‬ ‫والت�ضامن فيما بينهم‪ ،‬وال�ت�ع��اون على ال�بر والتقوى‪،‬‬ ‫وم�ن��ا��ص�ح��ة م��ن واله اهلل �أم��ره��م‪ ،‬واحل ��ذر م��ن �أ��س�ب��اب‬ ‫ال�شقاق واخل�ل�اف‪ ،‬وال��رج��وع يف ح��ل امل�شاكل �إل��ى كتاب‬ ‫ربهم و�سنة نبيهم �صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬والتوا�صي يف‬ ‫ذلك باحلق وال�صرب عليه‪ ،‬مع احل��ذر من طاعة النف�س‬ ‫وال�شيطان‪ ،‬وبذلك يفلحون وينجحون‪ ،‬وي�سلمون من‬ ‫كيد �أعدائهم‪ ،‬ويكتب اهلل لهم العز والن�صر‪ ،‬والتمكني يف‬ ‫الأر���ض‪ ،‬والعاقبة احلميدة‪ ،‬وي�ؤلف بني قلوبهم‪ ،‬وينزع‬ ‫منها الغل وال�شحناء‪ ،‬وينجيهم من عذابه يوم القيامة‪،‬‬ ‫ويف ه��ذا امل�ع�ن��ى ي �ق��ول ال�ن�ب��ي ��ص�ل��ى اهلل ع�ل�ي��ه و��س�ل��م يف‬ ‫احلديث ال�صحيح‪�( :‬إن اهلل ير�ضى لكم ثالثاً‪� :‬أن تعبدوه‬ ‫وال ت�شركوا به �شيئاً‪ ،‬و�أن تعت�صموا بحبل اهلل جميعاً وال‬ ‫تفرقوا‪ ،‬و�أن تنا�صحوا من واله اهلل �أمركم)‪.‬‬


‫ومم��ا ورد يف الت�ضامن الإ��س�لام��ي قوله ج��ل وع�لا‪ :‬مبثابة الإع�لان عن ال ّ�صِ لة الوثيقة التي تربط هذه الأمة‬ ‫ال ْث� ِ�م بهذا املكان‪ ،‬و�أ�صبح الإ�سراء ج��زءاً من العقيدة الإ�سالمية‪،‬‬ ‫} َو َت� َع��ا َو ُن��وا َعلَى ا ْل�ِب�رِ​ِّ َوال� َّت� ْق� َوى َوال َت� َع��ا َو ُن��وا َعلَى ْ إِ‬ ‫الل �إِ َّن هَّ َ‬ ‫َوا ْل ُع ْد َو ِان َوا َّتقُوا هَّ َ‬ ‫الل �شَ ِدي ُد ا ْل ِعقَابِ {‪ ،‬وهذه الآية و�أ�صبحت القد�س قبلة امل�سلمني يف مكة املكرمة‪.‬‬

‫الكرمية من �أ�صرح الآيات يف وجوب الت�ضامن الإ�سالمي‪،‬‬ ‫ال��ذي حقيقته ومعناه التعاون على ال�بر والتقوى كما‬ ‫�سلف بيان ذلك‪ ،‬وفيها حتذير امل�سلمني من التعاون على‬ ‫الإثم والعدوان؛ ملا يف ذلك من الف�ساد الكبري‪ ،‬والعواقب‬ ‫ال��وخ�ي�م��ة‪ ،‬وال�ت�ع��ر���ض لغ�ضب اهلل ��س�ب�ح��ان��ه‪ ،‬وت�سليط‬ ‫الأع��داء وتفريق الكلمة‪ ،‬واختالف ال�صفوف‪ ،‬وح�صول‬ ‫التنازع املف�ضي �إلى الف�شل واخلذالن‪ .‬ن�س�أل اهلل العافية‬ ‫من ذلك‪.‬‬

‫ومن الآيات الواردة يف الت�ضامن �أي�ضاً قوله عز وجل‪:‬‬ ‫} َوالمْ ُ��ؤ ِْم � ُن��و َن َوالمْ ُ��ؤ ِْم � َن��اتُ َب ْع ُ�ض ُه ْم �أَ ْو ِل � َي��ا ُء َب ْع ٍ�ض َي ��أْ ُم � ُرو َن‬ ‫ِبالمْ َ ْع ُر ِ‬ ‫ال�صال َة َو ُي�ؤْتُو َن‬ ‫وف َو َي ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُ ْن َك ِر َو ُي ِقي ُمو َن َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هّ‬ ‫ال َّز َكا َة َو ُي ِطي ُعو َن الل َو َر ُ�سو َلهُ{‪ ،‬وهذه ال�صفات العظيمة‬ ‫ه��ي ج�م��اع اخل�ي�ر‪ ،‬وع�ن��وان ال���س�ع��ادة‪ ،‬و�سبب ��ص�لاح �أم��ر‬ ‫الدنيا والآخرة‪.‬‬ ‫فهذه الآيات والأحاديث وما جاء يف معناها تدل داللة‬ ‫ظاهرة على وج��وب الت�ضامن بني امل�سلمني‪ ،‬والرتاحم‬ ‫والتعاطف‪ ،‬والتعاون على كل خري‪ ،‬ويف ت�شبيههم بالبناء‬ ‫الواحد‪ ،‬واجل�سد الواحد‪ ،‬ما يدل على �أنهم بت�ضامنهم‬ ‫وتعاونهم وتراحمهم جتتمع كلمتهم‪ ،‬وينتظم �صفهم‪،‬‬ ‫وي�سلمون م��ن �شر ع��دوه��م‪ ،‬وق��د ق��ال تعالى‪َ } :‬و ْل� َت� ُك��نْ‬ ‫ِم ْن ُك ْم �أُ َّم ٌة َي ْد ُعو َن �إِ َلى الخْ َيرِْ َو َي�أْ ُم ُرو َن ِبالمْ َ ْع ُر ِ‬ ‫وف َو َي ْن َه ْو َن‬ ‫َعنِ المْ ُ ْن َك ِر َو�أُو َل ِئ َك ُه ُم المْ ُ ْف ِل ُحونَ{‪ ،‬و�إمام اجلميع يف هذه‬ ‫ال��دع��وة اخل�ي�رة وق��دوت �ه��م يف ه��ذا ال�سبيل ال�ق�ي��م‪ ،‬هو‬ ‫نبيهم و�سيدهم وقائدهم الأع�ظ��م‪ ،‬نبينا حممد ر�سول‬ ‫اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬فهو �أول من دع��ا ه��ذه الأم��ة‬ ‫�إلى توحيد ربها‪ ،‬واالعت�صام بحبله‪ ،‬وجمع كلمتها على‬ ‫احلق‪ ،‬والوقوف �صفاً واحداً يف وجه عدوها امل�شرتك‪ ،‬ويف‬ ‫حتقيق م�صاحلها وق�ضاياها العادلة‪.‬‬

‫�إن ف���ض��ائ��ل ب�ي��ت امل�ق��د���س وم��زاي��اه ع�ب�رت ع�ن��ه امل���ص��ادر‬ ‫اال�سالمية الكثرية التي تناولت تاريخ املدينة‪ ،‬ولمَ يكن هذا‬ ‫خافياً على �صحابة ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬ففي‬ ‫�سنة ‪ ١٧‬للهجرة ‪ ٦٣٨ /‬ميالدي قدم اخلليفة الثاين عمر بن‬ ‫اخلطاب ودخلها يف كوكبة من ال�صحابة ورجال الفتح ‪ -‬ر�ضي‬ ‫اهلل تعالى عنهم‪ -‬لي�صلوا حا�ضر املوحدين مبا�ضيهم‪ ،‬وكان‬ ‫�أول عمل قام به الفاروق �أن �أعطى �أه��ل بيت املقد�س العهد‬ ‫التاريخي املعروف بالعهدة العمرية‪.‬‬ ‫وبقيت القد�س يف حماية الإ�سالم ورعاية امل�سلمني حتى‬ ‫جاءت احلمالت ال�صليبية الغا�شمة‪ ،‬فتعر�ضت‪� ،‬إلى ما يزيد‬ ‫ع��ن ث�م��اين ح�م�لات متتابعة يف ف�ت�رات م�ت�لاح�ق��ة‪ ،‬وبقيت‬ ‫ال�ق��د���س حت��ت ح ��راب االح �ت�ل�ال‪� ،‬إل ��ى �أن قي�ض اهلل تعالى‬ ‫لها من يخل�صها من دن�سه ويعيدها �إل��ى حظرية الإ�سالم‪،‬‬ ‫فحررها البطل امل�سلم �صالح الدين الأيوبي ر�ضي اهلل عنه يف‬ ‫ليلة املعراج يوم ‪ ٢٧‬رجب �سنة ‪ ٥٨٣‬هجري‪ ،‬وابتهج امل�سلمون‬ ‫ابتهاجاً عظيماً بعودة القد�س �إل��ى رب��وع الإ�سالم واخلالفة‬ ‫الإ�سالمية‪.‬‬

‫رح��م اهلل ت�ع��ال��ى � �ص�لاح ال��دي��ن‪ ،‬وال �ي��وم ي�ع�ي��د ال�ت��اري��خ‬ ‫نف�سه فقد ا�ستغل اليهود ت�سامح امل�سلمني حيناً‪ ،‬وغفلتهم‬ ‫حيناً �أخ��ر‪ ،‬ومب ��ؤازرة قوى اال�ستعمار من بريطانيا وفرن�سا‬ ‫و�سائر �أوروب ��ا ث��م �أمريكا وال�غ��رب عامة وال���ش��رق‪ ،‬فت�سللوا‬ ‫�إلى فل�سطني والقد�س‪ ،‬وما زال اال�ستعمار جاثماً على �صدر‬ ‫الأم ��ة‪ ،‬يِ‬ ‫وف �سبيل تثبيت �أق��دام�ه��م وبقائهم وا�ستمرارهم‬ ‫بذلوا جهودهم يف العاملني العربي والإ�سالمي لكي ال يلتئم‬ ‫لهم ج��رح�اً‪ ،‬وليبقى نزيف ال��دم بكل �أر���ض �إ�سالمية‪ ،‬وها‬ ‫نحن ن�شهد اليوم �إراقة الدم الإ�سالمي يف �صقاع الأر�ض ويف‬ ‫املحور اخلام�س‪ :‬مواجهة حتديات االحتالل لبيت فل�سطني والعراق وبالد ال�شام يِ‬ ‫وف اليمن وليبيا وغريها‪،...‬‬ ‫املقد�س وامل�سجد الأق�صى‬ ‫وكلها ترمي �إلى هدف واحد‪� ،‬أن تبقى الأمة �ضعيفة‪ ،‬عاجزة‪،‬‬ ‫القد�س مدينة الإ�سالم وال�سالم‪ ،‬ومركز الإ�شعاع الروحي و�أن تبقى �إ�سرائيل ومن ورائها امل�ستعمرين مهيمنني على‬ ‫للديانات ال�سماوية‪ ،‬مدينة ت�ضرب يف �أعماق التاريخ‪ ،‬بناها الرثوة والأر�ض والإن�سان‪.‬‬ ‫ال�ع��رب اليبو�سيون‪ ،‬وتعر�ضت ع�بر م�سرية ال�ت��اري��خ لكثري‬ ‫�إن املتتبع ل�ل�أح��داث ب��وع��ي ي�ج��زم ب ��أن ال�ع��دو الرئي�سي‬ ‫من احل��روب والغزوات‪ ،‬لقد اجتهت �إليها �أنظار بني الب�شر‬ ‫عرب �آالف ال�سنني‪ ،‬وخفقت قلوبهم بحبها‪ ،‬وتعلقت �أفئدتهم للأمة هو الكيان الإ�سرائيلي و�أن التهديد الأول والأك�بر‬ ‫بها‪ ،‬وبكوا حزناً كلما امل بها خطب‪� ،‬أو �شوقاً كلما طال عنها ال��ذي تواجهه الأم��ة ه��و التهديد الإ�سرائيلي‪ ،‬فقد حالت‬ ‫الن�أي‪.‬‬ ‫التهديدات الإ�سرائيلية منذ قيام دولة �إ�سرائيل �إلى يومنا‬ ‫لقد كانت العالقة بني الإ�سالم والقد�س عالقة مبكرة‪،‬‬ ‫فمنذ �أ� �س��ري ب��ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و��س�ل��م م��ن مكة‬ ‫اليها‪ ،‬وعرج به منها �إلى ال�سماوات ال ُعلى‪ ،‬كان ذلك يف مكة‬ ‫قبل �أن يهاجر �صلى اهلل عليه و�سلم ال��ى املدينة‪ ،‬ك��ان ذلك‬

‫هذا دون ال�سماح لأي �شكل من �أ�شكال التعاون الإ�سالمي‬ ‫احلقيقي‪ ،‬كما عملت على جتيي�ش العامل �ضد امل�سلمني‪،‬‬ ‫فاختلقت الأك��اذي��ب و�أل���ص�ق��ت ب�ه��م ال�ت�ه��م ال�ك�ث�يرة من‬ ‫الأ�صولية والإرهاب وغريها‪.‬‬

‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪11‬‬


‫كل ذلك حال دون حتقيق اال�ستقرار‪ ،‬وتعزيز مفاهيم‬ ‫الأخوة والتكافل والتعاون‪ ،‬والعمل �ضمن منظومة حتقق‬ ‫النه�ضة لل�شعوب الإ��س�لام�ي��ة وتطلعها �إل ��ى �أن تكون‬ ‫�أم��ة واح ��دة م�صريها واح ��د‪ ،‬ق ��ادرة على حماية نف�سها‬ ‫واملحافظة على �أمنها و�أر�ضها وخرياتها‪.‬‬ ‫وع �ي��ون الأم� ��ة ال �ي��وم ت�ت�ج��ه �إل� ��ى ال �ق��د���س وامل���س�ج��د‬ ‫الأق�صى‪ ،‬فاملمار�سات الإ�سرائيلية واالع�ت��داءات املتكررة‬ ‫على القد�س و�أق�صاها وعلى املعامل والآث��ار الإ�سالمية‬ ‫تنذر باخلطر‪.‬‬ ‫فاملخططات ال�صهيونية ت�ه��دف �إل��ى تهويد املدينة‬ ‫املقد�سة‪ ،‬ويتم ذل��ك من خ�لال جملة �إج��راءات تتلخ�ص‬ ‫يف القوانني املتتالية التي ت�صدرها �سلطات الإح�ت�لال‬ ‫مل�صادرة الأرا�ضي والعقارات الفل�سطينية‪ ،‬وعدم ال�سماح‬ ‫للفل�سطينني بالبناء اجلديد �أو التو�سع يف البناء القائم‪،‬‬ ‫وهدم الأبنية وطرد �أ�صحابها بذرائع خمتلفة‪ ،‬ويف مقابل‬ ‫ذلك تن�شط �سلطات الإحتالل يف بناء امل�ستوطنات داخل‬ ‫حدود املدينة وما حولها �سعياً �إلى التغيري الدميوغرايف‪،‬‬ ‫فكل ممار�سات �إ�سرائيل ت�شري �إلى ذلك‪ ،‬ك�إقامة اجلدار‬ ‫ال �ع��ازل ل�ع��زل ع��دد ك�ب�ير م��ن ��س�ك��ان امل��دي�ن��ة والت�ضييق‬ ‫عليهم و�إجبارهم على الهجرة‪ ،‬و�سحب هويات املقد�سيني‬ ‫بحجج واهية‪� ،‬إ�ضافة �إل��ى �سيا�سة جتهيل الأجيال التي‬ ‫تتبعها ال�سلطات‪ ،‬والعمل امل�ستمر على �إ�شاعة الف�ساد‬ ‫ب���ص��وره املختلفة‪ ،‬ون�شر امل�سكرات وامل �خ��درات‪ ،‬وطم�س‬ ‫معامل الثقافة الإ�سالمية‪ ،‬وا�ستبدالها مبفاهيم بعيدة‬ ‫عن ثقافة الأمة ومبادئها و�أخالقها‪ ،‬كل ذلك خللق جيل‬ ‫يقبل باالحتالل وي�ستكني له‪.‬‬

‫ويتبني من هذه املعطيات �أن القد�س وامل�سجد الأق�صى‬ ‫و�سائر املقد�سات والآثار الإ�سالمية يف خطر حمدق‪ ،‬ومل‬ ‫يعد هذا خافياً على ذي ب�صرية‪ ،‬ف�إجراءات الإحتالل يف‬ ‫هذا الإجتاه كثرية و�شهرية‪ ،‬منها املحاوالت املتكررة حلرق‬ ‫امل�سجد الأق�صى‪ ،‬واحلفريات امل�ستمرة‪ ،‬و�شق االنفاق �أ�سفل‬ ‫امل�سجد‪ ،‬واال�ستيالء على حائط الرباق و�إقامة طقو�سهم‬ ‫و�شعائرهم الدينية اليهودية بعد �أن �أطلقوا عليه زوراً‬ ‫حائط املبكى‪ ،‬ومنع امل�سلمني من حني لآخر من الدخول‬ ‫�إلى امل�سجد الأق�صى وال�صالة فيه‪ ،‬واالعتداء على حرا�سه‬ ‫بال�ضرب‪ ،‬و�إطالق النار داخل امل�سجد و�ساحاته وباحاته‬ ‫م ��رات وم � ��رات‪ ،‬ومت �ك�ين امل���س�ت��وط�ن�ين وامل �ت �ط��رف�ين من‬ ‫الدخول �إليه و�إقامة �شعائرهم فيه‪.‬‬ ‫�إن �إ�سرائيل ‪ -‬كما ال يخفى‪ -‬متعن يف حتدي الإرادة‬ ‫العربية والإ�سالمية‪ ،‬حيث ال يخفى �أن العامل الإ�سالمي‬ ‫ال�ي��وم يف �أخ�ط��ر مرحلة م��ن م��راح��ل �ضعفه يف مواجهة‬ ‫ال �ت �ح��دي ال���ص�ه�ي��وين‪ ،‬يف ح�ين �أن ال �ي �ه��ود ي �� �س�يرون يف‬ ‫�أع �م��ال �ه��م ه ��ذه ��ض�م��ن ��س�ي��ا��س��ات وخم �ط �ط��ات ر��س�م��وه��ا‬ ‫لال�ستيالء على الأق�صى وتهويد املدينة املقد�سة‪.‬‬ ‫و�أم� ��ام ه ��ذه ال�ت�ح��دي��ات ال�ك�ب�يرة ف� ��إن ال��واج��ب على‬ ‫امل���س�ل�م�ين �أن ي� �ب ��ادروا للحيلولة ب�ين ال �ي �ه��ود وحتقيق‬ ‫�أطماعهم‪ ،‬وهذه امل�س�ؤولية ال تقع على عاتق الفل�سطنيني‬ ‫وح��ده��م‪ ،‬ب��ل على ال�ع��امل الإ��س�لام��ي ك�ل��ه‪ ،‬على م�ستوى‬ ‫الأفراد واجلماعات وامل�ؤ�س�سات والدول‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫دع��م �صمود ال�شعب الفل�سطيني بكل الو�سائل وال�سبل‬ ‫امل�م�ك�ن��ة‪ ،‬وت��وف�ير ال��دع��م امل ��ادي وامل �ع �ن��وي لتمكينه من‬ ‫ال�صمود يف �أر� �ض��ه‪ ،‬وم�ق��اوم��ة الإح �ت�لال وال �ع��دوان على‬ ‫املقد�سات واحلقوق الفل�سطينية‪.‬‬

‫امل�صادر واملراجع‬ ‫‪12‬‬

‫‪� 1‬أح �م��د ف�ت�ح��ي ال � ��راوي‪ ،‬امل�ن�ظ�م��ات الإ� �س�لام �ي��ة وال �ت �ح��دي��ات التي ‪ 9‬الإ�سالم واال�ستعمار‪ ،‬املجلد الثامن من جمموعة العقاد‪.‬‬ ‫تواجهها يف ع�صر العوملة‪ ،‬قدم يف اجلمعية العمومية لهيئة التن�سيق‬ ‫‪ 10‬حممد البهي‪ ،‬الفكر الإ�سالمي و�صلته باال�ستعمار الغربي‪ ،‬مكتبة‬ ‫للمنظمات الإ�سالمية املنعقد يف مكة املكرمة‪.2006 ،‬‬ ‫وهبة‪.1963 ،‬‬ ‫‪ 2‬عدنان بن خليل با�شا‪ ،‬م�ؤمتر مكة املكرمة الرابع املنعقد يف مكة‬ ‫‪ 11‬عبداملق�صود عبدالغني‪ ،‬درا� �س��ات يف الفكر الإ��س�لام��ي احل��دي��ث‪،‬‬ ‫املكرمة بعنوان‪ :‬الأمة اال�سالمية يف مواجهة التحديات‪.2004 ،‬‬ ‫مكتبة الزهراء‪-‬م�صر‪.‬‬ ‫‪� 3‬أنور ماجد ع�شقي‪ ،‬جهود علماء امل�سلمني يف تنبيه الأمة للأخطار‬ ‫‪ 12‬حممود حمدي زقزوق‪ ،‬هموم الأمة الإ�سالمية‪ ،‬دار الر�شاد للن�شر‬ ‫التي تواجهها و�ضرورة وحدتها‪.2006 ،‬‬ ‫والتوزيع‪.1998 ،‬‬ ‫‪ 4‬حممود حمدي زق��زوق‪ ،‬الإ�سالم يف ع�صر العوملة‪ ،‬مكتبة ال�شروق‪،‬‬ ‫‪ 13‬نا�صر على �أحمد ب�شيه‪" :‬التحديات املعا�صرة التي جتابه املجتمع‬ ‫‪.2001‬‬ ‫الإ�سالمي؛ كما يراها مفكرو الإ��س�لام‪ ،‬ودور الرتبية الإ�سالمية‬ ‫يف مواجهتها"‪ ،‬ر�سالة دكتوراه غري من�شورة‪ ،‬كلية الرتبية‪ ،‬جامعة‬ ‫‪ 5‬ال���ش�ي��خ ع�ب��دال�ع��زي��ز اب ��ن ب ��از‪ ،‬ال�ت���ض��ام��ن الإ� �س�ل�ام��ي‪http:// ،‬‬ ‫طنطا‪1987 ،‬م‪.‬‬ ‫‪374/www.binbaz.org.sa/article‬‬ ‫‪ 6‬جمموعة باحثني‪“ .‬العرب وحتديات امل�ستقبل‪� :‬أبحاث‪� 14 .2003 ،”.‬أخرت زيتي بنت عبد العزيز وحممد الطاهر املي�ساوي‪“ .‬ندوة عاملية‬ ‫عن الفقه الإ�سالمي وحتديات القرن احلادي والع�شرون‪ ،‬مقا�صد‬ ‫‪ 7‬نعيم �أ�سعد ال�صفدي و�أحمد �إدري�س عودة‪“ .‬احل َُّجة و�أثرها يف قوة‬ ‫ال�شريعة و�سبل حتقيقها يف املجتمعات امل�ع��ا��ص��رة‪ 16-14 ،‬رجب‬ ‫اخلطاب الإ�سالمي‪.2014 ،”.‬‬ ‫‪� 10-8/1427‬أغ�سط�س ‪”.2006‬‬ ‫‪ 8‬حوا�ش‪ ،‬حممد بلعربي‪“ .‬قيم الت�ضامن بني ال�شعوب الإ�سالمية‪ 15 :‬عمار الطالبي‪ ،‬مقا�صد ال�شريعة يف املجتمع الإ�سالمي‪ ،‬ثقافتنا ‪-‬‬ ‫اخل�ط��اب ال�ن�ظ��ري و ال��واق��ع ال�ت��اري�خ��ي‪ :‬م�ق��ارب��ة ت��اري�خ�ي��ة‪ :‬حالة‬ ‫العدد ‪.2006 ،9‬‬ ‫املغرب‪.2011 ،‬‬


‫دراسات‬

‫اإلرهاب‬

‫دراسات‬

‫ وآثاره االقتصادية على األردن‬ ‫عالقة الإرهاب باالقت�صاد‬ ‫�إن الأم��ن واال�ستقرار من �أه��م مقومات التنمية االقت�صادية‪،‬‬ ‫وال��رخ��اء االقت�صادي ي��دور مع الأم��ن وج��وداً وع��دم�اً‪ ،‬فمتى وجد‬ ‫الأمن وجد الرخاء االقت�صادي‪ ،‬ومتى انعدم وحل حمله الإرهاب‬ ‫انعدم الرخاء االقت�صادي‪ ،‬فالإرهاب عدو لالقت�صاد والتنمية وهو‬ ‫متغري مثبط لالقت�صاد‪ ،‬وهناك تالزم مت�صل بني الأمن والرغد‬ ‫واخلوف واجلوع فال يتحقق للإن�سان وللمجتمع طيب احلياة يف‬ ‫غياب �أي منهما‪ ،‬والإره��اب بكافة �صوره و�أ�ساليبه هو اعتداء على‬ ‫احلاجات الأ�صلية للإن�سان‪ ،‬وعلى مرتكزات التنمية االقت�صادية‪،1‬‬ ‫وبناء على درا�سات �أجراها البنك املركزي الأردين منذ عام ‪� 2011‬إلى‬ ‫عام ‪ 2016‬لوحظ فيها تذبذب و�ضع الأردن اقت�صادياً ب�سبب اقرتاب‬ ‫ت�صنيف الأردن من ال��دول الأك�ثر خطورة حول العامل‪ ،‬ففي عام‬ ‫‪ 2011‬احتل الأردن املرتبة ‪ 86‬عاملياً بني ال��دول الأك�ثر خطورة يف الدكتورة هيام الزيدانيين السعودي‬ ‫العامل وهي مرتبة جيدة نوعاً ما لبعدها عن املركز الأول‪� ،‬أما يف عام رئيس قسم المصارف ‪ -‬الجامعة األردنية‬ ‫‪ 2013‬فقد اقرتبت الأردن من الدول الأكرث خطورة لتحتل املرتبة‬ ‫‪� ،70‬أما يف عام ‪ 2014‬وهي من �أف�ضل الأعوام احتل الأردن املرتبة ‪85‬‬ ‫عاملياً مما انعك�س �إيجاباً على اقت�صاد الأردن‪� ،‬أما يف عام ‪ 2016‬وهو‬ ‫الأ�سو�أ يف تاريخ الأردن فقد احتلت املرتبة ‪ 58‬عامليا‪ ،‬فكلما اقرتب‬ ‫الرقم من ‪ 1‬كان ذلك م�ؤ�شراً خطريا على خرق النظام الأمني يف‬ ‫الأردن مما انعك�س �سلباً على الو�ضع االقت�صادي يف الأردن‪ ،‬وقد‬ ‫احتلت العراق املرتبة الأولى بعدد العمليات الإرهابية على م�ستوى‬ ‫العامل‪� ،‬أما املركز الثاين فقد ذهب �إلى �أفغان�ستان التي تعاين من‬ ‫خروقات �أمنية عديدة �أدت �إلى زيادة ن�شاط الإرهاب فيها‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪13‬‬


‫�أ�سباب الإرهاب االقت�صادية‬

‫‪14‬‬

‫‌ب‪ -‬البطالة‪ :‬ا�ستكماال ل ما تقدم �أعاله‪ ،‬مع مالحظة �أن‬ ‫ف�صل هذه العوامل عن بع�ضها البع�ض هو لأغرا�ض‬ ‫الدرا�سة الأكادميية يف حني �أنها يف الواقع مرتابطة‬ ‫ومتداخلة‪ ،‬فالبطالة وانت�شارها ب�صورة وا�سعة لدى‬ ‫ف�ئ��ة ال���ش�ب��اب خ��ا��ص��ة � �س��واء ك��ان��ت ب�ط��ال��ة حقيقية �أم‬ ‫بطالة مقنعة‪ ،‬ف�إنها تولد �شعورا بالعجز والي�أ�س من‬ ‫ناحية‪ ،‬و�شعورهم ب��الإح�ب��اط م��ن ناحية �أخ��رى �إل��ى‬ ‫ج��ان��ب �شعور ه� ��ؤالء ال�شباب امل��رت�ب��ط ب��واق��ع احلياة‬ ‫املرير ب�أنهم لي�س لديهم ما يغريوه �أو يحافظون عليه‬ ‫باال�ستمرار باحلياة‪ ،‬ه��ذا الواقع مرتابط مع جهات‬ ‫�أو جماعات م�ستعدة لتقدمي �أموال كبرية لقاء �أعمال‬ ‫�صغرية ي�ست�شعر معها ال�شباب �أنهم يقومون بعمل‬ ‫ما و�إن ك��ان ذا طابع عنيف �أو دم��وي ولكنه بالن�سبة‬ ‫�إليهم عمل هادف ي�ستحق اجلهد املبذول فيه‪ ،‬فال�شاب‬ ‫الذي ال يجد له فر�صة عمل يكون هدفا �سهال ملختلف‬ ‫االجت��اه��ات امل�ت�ط��رف��ة دي�ن�ي��ا �أو �سيا�سيا �أو ع�صابات‬ ‫الن�صب واالحتيال وال�سطو امل�سلح‪.‬‬

‫يعد االقت�صاد بتقلباته وما يلحقها من تغريات م�ؤثرة‬ ‫يف املجتمعات الفقرية م��ن الأ��س�ب��اب اخل�ط�يرة املحركة‬ ‫مل��وج��ات الإره ��اب يف ال�ع��امل‪ ،‬وتب�شر العوملة ال�ت��ي جتتاح‬ ‫العامل يف الأعوام املقبلة مبزيد من الأزمات االقت�صادية‬ ‫ل �ل��دول وامل�ج�ت�م�ع��ات امل�ط�ح��ون��ة‪ ،‬مم��ا ي��زي��د ال�ف�ج��وة بني‬ ‫ال��دول الغنية‪ ،‬وال��دول الفقرية‪ ،‬ويتوقع بع�ض املفكرين‬ ‫واملحللني االجتماعيني زي��ادة املكانة والأهمية والنفوذ‬ ‫لرجال املال والتجارة‪ ،‬وباملقابل انح�سار نفوذ ودور �أهل‬ ‫ال�سيا�سة‪ ،‬و�سيكون الإره��اب رد الفعل املقابل للمتغريات‬ ‫االق�ت���ص��ادي��ة اخل �ط�يرة‪ ،‬ت�ع�ب�يرا ع��ن �سخط املجتمعات‬ ‫وال �ف �ئ��ات امل �ط �ح��ون��ة‪ ،‬وي �ت��وق��ع �أن ي���س�ت�غ��ل الإره��اب �ي��ون‬ ‫ال�ت�ق��دم ال�ع�ل�م��ي وال�ت�ق�ن��ي يف ال �ق��رن ال �ق��ادم‪ ،‬يف حتويل‬ ‫الأم��وال والأفكار والتعليمات بني مواقعهم‪ ،‬من �أق�صى‬ ‫الأر���ض �إل��ى �أدناها‪ ،‬بوا�سطة الأنظمة امل�صرفية العاملية‬ ‫و�شبكات الإنرتنت‪ ..2‬وي�أتي هذا يف خ�ضم انت�شار امل�صالح‬ ‫ال�شخ�صية وفر�ض �سيطرة التجارة وامل��ال وغياب القيم‬ ‫والأخالق التي حتكم املجتمعات‪ ،‬ويعد املال من العوامل ‌ج‪� -‬سوء توزيع الرثوة وامل��وارد الالزمة للتنمية وتوفري‬ ‫الرئي�سة يف خلق اال�ستقرار النف�سي لدى الإن�سان فكلما احلاجات الأ�سا�سية للنا�س‪ :‬وعلى نحو غري متوازن‬ ‫كان دخل الفرد م�ضطرباً كان ر�ضاه وا�ستقراره غري ثابت بعبارة �أخرى وجود خلل يف العدالة االجتماعية تفرز‬ ‫بل قد يتحول هذا اال�ضطراب وعدم الر�ضا �إلى كراهية ق ��درا م�ت�ع��اظ�م��ا م��ن ال�ظ�ل��م وال�ت���ض�ج��ر االج�ت�م��اع��ي‬ ‫تقوده �إلى نقمة على املجتمع‪ .‬وهذا احلال من الإحباط اجلماعي واحلرمان الن�سبي لدى قطاعات متزايدة‬ ‫يولد �شعوراً �سلبياً جتاه املجتمع‪ ،‬ومن �آثاره عدم انتمائه من ال�سكان‪ ،‬وهنا احلرمان الن�سبي لي�س بال�ضرورة‬ ‫لوطنه ونبذ ال�شعور بامل�س�ؤولية الوطنية ولهذا يتكون ن��اجت��ا م��ن ال�ف�ق��ر واالف �ت �ق��ار ع�ل��ى امل���س�ت��وى ال �ف��ردي‪،‬‬ ‫لديه �شعوراً باالنتقام وق��د ي�ستثمر ه��ذا ال�شعور بع�ض وذلك �أن الأفراد القائمني بالإرهاب قد يكونون �أغنياء‬ ‫املغر�ضني واملثبطني فيزينون له قدرتهم على حت�سني بذاتهم ولكنهم انطالقا م��ن الإح�سا�س بالتهمي�ش‬ ‫و�ضعه االقت�صادي دون النظر �إلى عواقب ذلك وما يرتتب والدونية من قبل الدولة مما يخلق حالة من الغ�ضب‬ ‫عليها من مفا�سد و�أ�ضرار‪ ،3‬وميكن ح�صر بع�ض الأ�سباب والنقمة لدى فئة معينة جتاه فئات �أخ��رى ورد فعل‬ ‫والعوامل االقت�صادية النا�شئة عن تنامي ظاهرة الإرهاب متطرف م�صحوب بعمل �إرهابي‪.‬‬ ‫على �صعيدين داخلي وخارجي على النحو التايل‪:‬‬ ‫‌د‪ -‬عمليات الف�ساد الإداري احلكومي‪ :‬التي ت�سهم بها‬ ‫‪ -1‬عوامل داخلية‪ :‬تكمن يف بع�ض امل�شاكل الرئي�سية التي معظم البلدان والأزم��ات االقت�صادية امل�ستمرة ابتداء‬ ‫من الت�ضخم والك�ساد االقت�صادي �إلى حاالت الك�سب‬ ‫يفرزها املجتمع ومنها‪:‬‬ ‫غ�ي�ر امل �� �ش��روع يف ال �� �ص �ف �ق��ات ال �ت��ي ت �ت��م ب���ش�ك��ل غري‬ ‫‌�أ‪ -‬ال�ت�خ�ل��ف‪ :‬وال �ن��اجت ب���ص��ورة رئي�سية ع��ن ال�سيا�سات قانوين مع رجال الدولة �أو الدخول يف �صفقات غري‬ ‫االق�ت���ص��ادي��ة غ�ير امل�ت�لائ�م��ة م��ع ال��واق��ع االجتماعي قانونية لتمرير الع�شرات من �أنواع الب�ضائع الفا�سدة‬ ‫للدولة‪ ،‬بحيث تتكون فجوة تت�سع تدريجا بني الفقراء ب �ج �ه��ود �أ� �ش �خ��ا���ص ذوي ن �ف��وذ يف ال ��دول ��ة‪ ،‬وظ��اه��رة‬ ‫والأغنياء وب�ين املتعلمني وغ�ير املتعلمني وب�ين ذوي الر�شوة وع��دم متابعة �أك�ل��ة امل��ال ال�ع��ام م��ن املوظفني‬ ‫امل�صالح االقت�صادية الوا�سعة وب�ين فئات اقت�صادية مهما كانت مرتباتهم الثقافية ووزن�ه��م االجتماعي‬ ‫مهم�شة‪ ،‬باخت�صار بني من ميلك ويحاول زيادة هذه و القبلي‪،‬وغياب برنامج (م��ن �أي��ن لك ه��ذا ؟)‪،‬حيث‬ ‫امللكية ب�أي �صورة كانت‪ ،‬حتى وان �أدى ذلك �إلى �إفقار غالبا ما ي�ستغني العامل �أو ال�شاب �أو حتى الفتاة يف‬ ‫وتهمي�ش �شرائح وا�سعة من املجتمع وبني من ال ميلك غم�ضة �أعني دون ان ي�س�أل �أو ت�س�أل من �أين لك هذا‬ ‫وم��ن هو م�ستعد للت�ضحية بحياته يف �سبيل حتقيق ؟‪)،‬مثل هذه املمار�سات تولد لدى ال�شباب �أو النا�س‬ ‫مكانة �أو التخل�ص من واقع احلياة خا�صة بني فئات املحرومني �سلوكا عدوانيا عنيفا من الكبت �سرعان‬ ‫ال�شباب‪.‬‬


‫ما ينفجر بعمل عدواين منظم ي�ستهدف الأ�شخا�ص ‌ب‪ -‬اال��س�ت�غ�لال الأج�ن�ب��ي ل�ل�م��وارد الطبيعية الوطنية‬ ‫وامل��ؤ��س���س��ات �أو ال��دول��ة ذات�ه��ا مم��ا ي� ��ؤدي �إل��ى تدهور والذي ميكن �أن ينتج بفعل ظاهرة التبعية‪.‬‬ ‫الأب �ن �ي��ة االق�ت���ص��ادي��ة ‪ -‬االج�ت�م��اع�ي��ة ل �ل��دول��ة‪ ،‬وهنا‬ ‫يتخذ الإره� ��اب ��ص��ورا ع��دي��دة منها (ح ��االت ال�سلب ‌ج‪ -‬ت��دم�ير م��ا ل��دى بع�ض ال�ب�ل��دان م��ن �سكان و�أح�ي��اء‬ ‫والنهب وعمليات االختطاف املنظمة امل�صحوبة بدفع وو�سائط نقل وهياكل اقت�صادية‪.‬‬ ‫فدية مالية معينة ت�ستخدم لتمويل عمليات �إرهابية ‌د‪ -‬ال �ظ �ل ��م واال�� �س� �ت� �غ�ل�ال ال �� �س �ي��ا� �س��ي واالق� �ت� ��� �ص ��ادي‬ ‫على ال�صعيد ال�سيا�سي من تنظيم حمالت م�سلحة واالجتماعي‪.‬‬ ‫وغريها)‪.‬‬ ‫‌هـ‪ -‬الفقر واجلوع وال�شقاء وخيبة الأمل �أو الإحباط‬ ‫‌هـ‪ -‬ارتفاع م�ستوى ال�ضريبة مبا ال يتنا�سب مع دخل‬ ‫ال�ف��رد‪ ،‬وقلة الفر�ص املتاحة �إ��ض��اف��ة �إل��ى �ضعف ال��وازع ‌و‪ -‬تدهور البيئة االقت�صادية الدولية وهيمنة ال��دول‬ ‫الديني الذي قد يجرب �ضعاف النفو�س �إلى البحث عن الكربى على االقت�صاد العاملي‪.‬‬ ‫البدائل املادية و�إن كانت خمالفة لل�شريعة الإ�سالمية‬ ‫ه��ذه العوامل جمتمعة ت�شكل حم��ور �أ�سباب انت�شار‬ ‫وع�ل��ى �أ� �س��ا���س م��ا ت �ق��دم‪ ،‬مي�ك��ن ��ص�ي��اغ��ة م�ع��ادل��ة تف�سر‬ ‫ب � � ��أن‪ :‬اجل �ه ��ل ‪ +‬ال �ف �ق��ر واالف� �ت� �ق ��ار ‪ +‬ال �ق �م��ع وال �ك �ب��ت ظ��اه��رة الإره� ��اب ع��امل�ي��ا وم��ن الطبيعي ب�ح��ث وتفح�ص‬ ‫والإق� ��� �ص ��اء وال�ت�ه�م�ي����ش ‪+‬غ �ي��اب ال �ع��دال��ة = الإره� � ��اب‪ .‬ع��وام��ل �أخ��رى تقف وراء ه��ذه ال�ظ��اه��رة‪� .‬أب��رزه��ا ح��االت‬ ‫وه��ذه املعادلة ال تنفي �أو تلغي دور العوامل اخلارجية ال�ت�ن��اف����س وال �� �ص��راع ال ��ذي ت���ش�ه��ده ال���س��اح��ة ال�سيا�سية‬ ‫امل�سببة لظاهرة الإرهاب بل ميكن �أن ت�ساعد على تغذيتها الدولية‪ ،‬فقد �أكدت الأحداث �أن التطور الالمتكافئ بني‬ ‫وبال�شكل ال��ذي ي�ق��وده��ا �إل��ى ح��رب �أو ��ص��راع اجتماعي الدول املتقدمة والدول التي ت�سعى �إلى النمو وما متثله‬ ‫ظاهرة التبعية املت�سمة ب�سيطرة الدول املتقدمة وانت�شار‬ ‫م�ستمر‪.‬‬ ‫الأمن ��اط والأ��س��ال�ي��ب امل�ت�ع��ددة للجرمية املنظمة والتي‬ ‫‪ -2‬ال �ع��وام��ل اخل��ارج �ي��ة‪ :‬ت��رت �ب��ط ال�ب�ي�ئ��ة اخل��ارج �ي��ة تعترب نتيجة مترد على الواقع املعا�ش بات�ساع تلك الهوة‬ ‫و�صلتها بظاهرة (الإره��اب) �أ�سا�سا ببعدي ال�سيا�سات بني عامل ال�شمال املتطور‪ ‬واجلنوب‪ ‬ال�ساعي �إلى التطور‪،‬‬ ‫وال� �ق ��وى اخل ��ارج �ي ��ة ال �ت��ي مت ��ار� ��س ب���ش�ك��ل م�ب��ا��ش��ر �أدت �إل��ى ب��روز �أ�ساليب متعددة الرت�ك��اب �أع�م��ال �إرهابية‬ ‫�أو غ�ي�ر م�ب��ا��ش��ر ��ض�غ��وط��ا ع �ل��ى دول� ��ة م��ا لإرغ��ام �ه��ا تعرب عن حالة الرف�ض للتبعية ولال�ستعمار واال�ستغالل‬ ‫لإت� �ب ��اع ن �ه��ج �أو � �س �ي��ا� �س��ة م� ��ا‪ ،‬مم ��ا ي��ول��د ح��ال��ة من على امل�ستوى الدويل‪.‬‬ ‫ال�ع��دائ�ي��ة وال �� �ص��راع ل��دى ط�ب�ق��ات وا��س�ع��ة مي�ك��ن �أن‬ ‫ي�ضاف �إلى تلك العوامل اخلارجية املتمثلة ب�سيا�سات‬ ‫ت�ستغل يف ت�أجيج ال�صراعات الداخلية واخلارجية‪.‬‬ ‫�إن بحث ودرا�سة العوامل اخلارجية امل�سببة لظاهرة ال��دول املتقدمة‪ ،‬ال�سيا�سات املتبعة م��ن قبل امل�ؤ�س�سات‬ ‫الإره��اب ال تقل �أهمية عن العوامل الداخلية كونها املالية الدولية وبالذات �صندوق النقد والبنك الدوليني‬ ‫ت�ؤ�شر خمرجات فعل الإره��اب وحم�صلتها (واح��دة) عرب براجمهما املتمثلة بالإ�صالح االقت�صادي والتكييف‬ ‫ه��ي �إ��ش��اع��ة روح اخل��وف والتهديد يف جماعة معينة الهيكلي امل�شروطة ب�إتباع �سيا�سات معينة من قبل البلدان‬ ‫بق�صد حتقيق �أه ��داف معينة ق��د ت�ك��ون �سيا�سية �أو املطبقة لتلك الربامج‪� ،‬إذ �إن تطبيق هذه البلدان لتلك‬ ‫الربامج قد �أدى �إلى �سوء توزيع الدخل وتدهور القدرة‬ ‫اقت�صادية �أو اجتماعية‪..‬الخ‪.‬‬ ‫ال�شرائية وات�ساع رقعة الفقر والتهمي�ش هذا ف�ضال عن‬ ‫وبالنظر لتعدد املداخل التي ميكن من خاللها معرفة جتلي ان�ت�ه��اك��ات احل�ق��وق االق�ت���ص��ادي��ة واالج�ت�م��اع�ي��ة يف‬ ‫وت�شخي�ص ظاهرة الإره ��اب اقت�صاديا على امل�ستوى النمو الكبري ال��ذي ح��دث يف �أرق ��ام البطالة �إل��ى جانب‬ ‫اخل��ارج��ي مي�ك��ن الإ�� �ش ��ارة �إل ��ى �أن اجل�م�ع�ي��ة ال�ع��ام��ة ت�خ�ل��ي ال ��دول ��ة ع��ن االل� �ت ��زام ب�ت�ع�ي�ين خ��ري�ج��ي امل�ع��اه��د‬ ‫للأمم‪ ‬املتحدةعام ‪ 1972‬ك��ان��ت ق ��د ��ش�ك�ل��ت جلنة واجلامعات التي تولد معها ارتفاع يف معدالت اجلرمية‬ ‫متخ�ص�صة لدرا�سة الدوافع والأ�سباب التي تقف وراء والإرهاب يف تلك الدول‪ ،‬ذلك انه كلما زادت فرتة بطالة‬ ‫�شيوع ظاهرة الإرهاب اقت�صاديا‪ ،‬واجتماعيا و�سيا�سيا‪ ،‬ال �ف��رد زادت اح �ت �م��االت اجن��راف��ه ب�سبب ت ��ردي �أح��وال��ه‬ ‫وكان ت�شخي�صها للأ�سباب االقت�صادية واالجتماعية النف�سية واالجتماعية واالقت�صادية‪.‬‬ ‫كما يلي‪:‬‬ ‫من جهة �أخرى هناك �إرهاب اقت�صادي وهو (الإرهاب‬‫‌�أ‪ -‬ا�ستمرار وجود نظام اقت�صادي دويل جائر ميكن �أن املعلوماتي) املتمثل با�ستخدام املوارد املعلوماتية واملتمثلة‬ ‫يقود �إلى خلق حالة من الغ�ضب والعداء امل�ستمر بني يف �شبكات املعلومات و�أج�ه��زة الكمبيوتر واالن�ترن��ت من‬ ‫�أج��ل �أغ��را���ض التخويف �أو الإرغ ��ام لأغ��را���ض �سيا�سية‬ ‫خمتلف �شعوب العامل‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪15‬‬


‫الآتي‪:‬‬

‫ويرتبط هذا الإرهاب املعلوماتية �إلى حد كبري بامل�ستوى‬ ‫املتقدم للغاية الذي باتت تكنولوجيا املعلومات تلعبه يف‬ ‫كافة جماالت احلياة يف العامل‪ ،‬وميكن �أن ت�سبب الإرهاب ‌�أ‪� -‬إ�ضعاف �سلطة احلكومة‪� ،‬أو �إظهارها بالعجز؛ نظ ًرا‬ ‫املعلوماتي يف �إحل��اق ال�شلل ب�أنظمة القيادة وال�سيطرة ل �ع��دم جن��اح احل�ك��وم��ة يف ال�ك���ش��ف ع��ن العملية قبل‬ ‫واالت���ص��االت �أو قطع �شبكات االت���ص��االت ب�ين ال��وح��دات تنفيذها‪ ،‬وع��دم القدرة على جمابهة املوقف الناجم‬ ‫وال�ق�ي��ادات امل��رك��زي��ة وتعطيل �أن�ظ�م��ة ال��دف��اع اجل��وي �أو عن العملية الإرهابية‪.‬‬ ‫اخرتاق النظام امل�صريف �أو �إرب��اك حركة الطريان املدين ‌ب‪ -‬احل�صول على اع�ت�راف ر�سمي م��ن ال��دول��ة بوجود‬ ‫�أو �شل حمطات الطاقة الكربى‪.‬‬ ‫املنظمة‪� ،‬أو احل���ص��ول على اع�ت�راف دويل بوجودها‬ ‫كما �ساعد ال�ت�ط��ور العلمي والتكنولوجي يف و�ضع نتيجة؛ لإع�ل�ان ب�ي��ان��ات ت�ف��ر���ض املنظمة الإره��اب�ي��ة‬ ‫و�سائل ع�صرية �أكرث فاعلية يف حتقيق الأهداف املتوخاة �إعالنها‪ ،‬و�إذاعتها‪.‬‬ ‫ب�ين �أي ��دي مرتكبي الأف �ع��ال الإره��اب �ي��ة مثل امل�سد�سات ‌ج‪� -‬إج �ب��ار ال��دول��ة ع�ل��ى الإت �ي��ان ب ��أع �م��ال م��وج�ه��ة �ضد‬ ‫وال �ب �ن��ادق ال���ص�غ�يرة ذات امل��دوي��ات ال�ب�ع�ي��دة‪ .‬ك�م��ا ميكن املواطنني‪ ،‬مبا ي ��ؤدي �إل��ى فقدان الثقة يف احلكومة‪،‬‬ ‫للإرهاب ب�صورته االقت�صادية �أن يتجلى ب�صور و�أ�شكال نظ ًرا لعدم قدرتها على حتقيق الأم��ان للمواطنني‪،‬‬ ‫خم�ت�ل�ف��ة وم �ت �ع��ددة مت�ث�ل�ه��ا جم �م��وع��ات م�ن�ظ�م��ة ت��دي��ر ومواجهة املنظمة الإرهابية‪ ،‬والق�ضاء عليها‪.‬‬ ‫خمتلف العمليات الإره��اب �ي��ة وه��دف�ه��ا اق�ت���ص��ادي بحت‬ ‫ب��ال��درج��ة الأ� �س��ا���س‪ ،‬وم�ن�ه��ا م��ا يتمثل بع�صابات جت��ارة ‌د‪ -‬خ�ل��ق م�ت�ع��اط�ف�ين م��ع امل�ن�ظ�م��ة الإره��اب �ي��ة م��ن رع��اي��ا‬ ‫املخدرات واملافيا الإيطالية �إلى جانب ع�صابات اجلرائم الدولة‪.‬‬ ‫االقت�صادية الكربى املتمثلة بع�صابات غ�سيل الأم��وال‬ ‫‌هـ‪� -‬ضرب ال�سياحة‪ ،‬واقت�صاديات ال��دول‪ ،‬والأم��ن فيها‪،‬‬ ‫العاملية التي متار�س �إرهابا اقت�صاديا �ضخما‪.‬‬ ‫وميتد �إلى مرتكزات القوة‪ ،‬وعواملها لدى الدول التي‬ ‫متنحها ال�شرعية‪ ،‬كالدين‪ ،‬واالقت�صاد‪ ،‬والأمن‪.‬‬ ‫�أهداف الإرهاب االقت�صادية‬ ‫اتفق معظم الباحثني والكتاب يف جمال الإرهاب على‬ ‫حتديد نوعني من الأه��داف‪ ،‬ت�سعى لتحقيقهما القوى‬ ‫الإرهابية‪ ،‬ويتمثالن يف الآتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬الأهداف املبا�شرة‪ ،‬وهي التي تعلنها املنظمة الإرهابية‬ ‫�أثناء تنفيذ العملية الإرهابية وتتمثل يف‪:‬‬ ‫‌�أ‪ -‬احل �� �ص��ول ع�ل��ى الأم� � ��وال؛ ل�ت�م��وي��ل ن���ش��اط املنظمة‪،‬‬ ‫وجتنيد �أفراد جدد للعمل فيها‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫‌ب‪� -‬إطالق �سراح املعتقلني من ال�سجون‪� - ،‬سواء ‪ -‬كانوا‬ ‫�سيا�سيني‪� ،‬أو �أفراد املنظمة الذين �ألقي القب�ض عليهم‬ ‫يف عمليات �سابقة‪.‬‬ ‫‌ج‪ -‬اغتيال اخل�صوم بعمليات مك�شوفة‪� ،‬أو م�سترتة‪.‬‬

‫�آليات معاجلة الإرهاب من منظور اقت�صادي �إ�سالمي‬ ‫غ��ر���س ال�ن�ب��ي �صلى اهلل عليه و��س�ل��م اح�ت�رام حقوق‬ ‫الآخرين وعدم �إهدار احلقوق الإن�سانية يف نفو�س جميع‬ ‫ال�ع�ب��اد‪ ،‬وذل��ك لئال ينحرفوا يف طلب احل�ق��وق بالعنف‬ ‫والإره��اب‪ ،‬كما جعل �سيا�سة الدولة الإ�سالمية و�شعارها‬ ‫نبذ كل �أ�شكال العنف والإره��اب للنا�س‪ ،‬وك��ان �صلى اهلل‬ ‫عليه و�سلم يح�صر الطاقات ويوجهها الوجهة ال�صحية‬ ‫لتعبئة ف��راغ �أ�صحابها وليعطيهم املكانة الالئقة التي‬ ‫ي�ستحقونها‪ ،‬مم��ا ك��ان ل��ه �أك�ب�ر الأث ��ر يف ال�ق���ض��اء على‬ ‫الإره� ��اب ال ��ذي ي�ق��ود �إل �ي��ه ال �ف��راغ وال���ش�ه��وة وح��ب امل��ال‬ ‫والتفكري ال�سلبي وا�ستغالل �أع��داء الإ�سالم‪ ،‬والناظر يف‬ ‫�أحكام ال�شريعة الإ�سالمية يجد فيها احللول الالزمة‬ ‫للق�ضاء على هذه الظاهرة ومن هذه احللول‪:‬‬

‫‌د‪ -‬ت ��أم�ي�ن خ� ��روج الأف� � ��راد ال �ق��ائ �م�ين ب�ت�ن�ف�ي��ذ العملية ‪� -1‬إع ��ادة ت��وزي��ع ال��دخ��ل وال�ث�روة وم��ا ي�ترت��ب عليه من‬ ‫الإرهابية بعد االنتهاء من التنفيذ‪ ،‬وذل��ك؛ لتحقيق عدالة توزيعية ي�سهم يف منع وقوع الإرهاب من خالل‬ ‫�آخر املراحل التي ت�ؤدي �إلى جناح العملية الإرهابية‪.‬‬ ‫تخفيفه م��ن ح��دة ال�ت�ف��اوت الطبقي وم��ا ي�ف��رزه من‬ ‫�شعور بالإحباط قد يقود ل�سلوك الإرهاب‪ ،‬كما ي�سهم‬ ‫‌هـ ‪ -‬عملية الدعاية الالزمة للمنظمة الإرهابية‪.‬‬ ‫يف معاجلة ما يرتتب على التفاوت الطبقي من تخلف‬ ‫‪ -2‬الأه��داف غري املبا�شرة‪ ،‬هي الأه��داف التي ال تعلنها وبطالة‪7.‬‬ ‫امل�ن�ظ�م��ات الإره��اب �ي��ة‪ ،‬ولكنها ت�سعى �إل ��ى حتقيقها‪ -2 .‬التكافل االجتماعي الذي يحث على التواد والرتاحم‬ ‫وميكن �أن تكون �أهميتها للمنظمة �أك�ب�ر‪ ،‬و�أه��م من وال�ت�ع��اون‪ ،‬و�إي�ج��اد جمتمع متما�سك متكافل يحمل‬ ‫الأه��داف املبا�شرة‪ .‬وتتمثل الأه��داف غري املبا�شرة يف‬


‫�أف��راده بع�ضهم بع�ضا‪ ،‬ويعني القادر فيهم ال�ضعيف‪،‬‬ ‫ليعي�ش ال�ف��رد يف كفالة اجل�م��اع��ة‪ ،‬وتعي�ش اجلماعة‬ ‫مب�ؤازرة الفرد‪ ،‬مما ي�سهم يف وجود جمتمع الف�ضيلة‪8.‬‬ ‫‪ -3‬الإدارة ال�ف��اع�ل��ة الق�ت���ص��اد ال��دول��ة‪ ،‬وذل ��ك مب��راع��اة‬ ‫االع �ت��دال يف الإن �ف��اق وجت �ن��ب الإ�� �س ��راف وال�ت�ب��ذي��ر‪،‬‬ ‫وم��راع��اة �سلم الأول��وي��ات الإ�سالمية يف الإن�ف��اق على‬ ‫ال���ض��روري��ات واالب�ت�ع��اد ع��ن الإن �ف��اق على الكماليات‪،‬‬ ‫والرتكيز على النفقات اجلارية وتنمية املوارد الذاتية‬ ‫وم��راق �ب��ة الأ�� �س ��واق جت�ن�ب��ا ل��وق��وع اال� �ض �ط��راب��ات يف‬ ‫الأ�سعار وجتنب اللجوء لالقرتا�ض‪9.‬‬ ‫�أثر الإرهاب على التنمیة االقت�صادیة‬ ‫الإرهاب �أخطر م�شكالت القرن احلايل وله �آثار �سلبية‬ ‫يف �سبيل تقدم الأم��م‪ ،‬والإره��اب ظاهرة عاملية‪� ،‬أهدافها‬ ‫ال�سيا�سية الدمار واخلراب وتدمري االقت�صاد‪ ،‬والإرهاب‬ ‫له �آثار داهمة على التنمية االقت�صادية من خالل ت�أثريه‬ ‫على ال�سياحة وزيادة البطالة‪ ،‬فالإرهاب له ت�أثريات على‬ ‫ميزان املدفوعات وعلى التمويل واال�ستثمار‪ ،‬ونرى �أن من‬ ‫�أه��م �أ�سباب التخلف االقت�صادي يف ال��دول النامية يعود‬ ‫لال�ضطرابات ال�سيا�سية واالجتماعية وانت�شار الإرهاب‪.‬‬

‫�أثر الإرهاب على اال�ستثمار والتمويل‬ ‫فالإرهاب ي�ؤدي لرتاجع املناخ اال�ستثماري وعدم جذب‬ ‫اال�ستثمار والتمويل ال�لازم للتنمية االقت�صادية ويفقد‬ ‫االقت�صاد الوطني ر�ؤو�س الأموال املحلية الأجنبية فر�أ�س‬ ‫املال يفر من �أي مكان ال يوفر الأمن والأمان‪ ،‬وينتج عن‬ ‫ذلك خ�سائر ب�شرية واجتماعية ونف�سية نتيجة احلوادث‬ ‫الإرهابية الإجرامية‪ ،‬كما ي�ؤدي �إلى تدهور معدالت النمو‬ ‫االقت�صادي وانخفا�ض معدالت اال�ستثمار وزيادة الإنفاق‬ ‫على الأمن على ح�ساب قطاعات تنموية �أخ��رى‪ ،‬و�ضعف‬ ‫اال�ستثمارات االجنبية‪.‬‬ ‫�أثر الإرهاب على البطالة‬

‫ي�ؤدي الإرهاب �إلى زيادة معدل البطالة نظرا ل�ضعف‬ ‫اال��س�ت�ث�م��ارات و��ض�ع��ف التنمية االق�ت���ص��ادي��ة مم��ا ي ��ؤدي‬ ‫النخفا�ض الإنفاق نتيجة قلة الطلب وتباط�ؤ االقت�صاد‬ ‫ال��ذي ي ��ؤدي ل�ل��رك��ود‪ ،‬نظرا لأن توقف التنمية وه��روب‬ ‫ر�ؤو�س الأموال ي�ؤدي لت�سريح العمالة‪ ،‬وعدم وجود فر�ص‬ ‫عمل ج��دي��دة‪ ،‬وه��ذا ما يهدف له الإره ��اب‪ ،‬وه��و �إحباط‬ ‫امل�ج�ت�م��ع وت�ع�ط�ي��ل ح��رك��ة التنمية االق�ت���ص��ادي��ة ب��زي��ادة‬ ‫وه��و ع��دو للتنمية‪ ،‬وخطر الإره ��اب وا��ض��ح يف �ضرب‬ ‫االق �ت �� �ص��اد ال��وط �ن��ي ف�ه��و ي �ح��اول زرع ال�ف��و��ض��ى وع��دم البطالة‪.‬‬ ‫اال��س�ت�ق��رار م��ن خ�ل�ال ��ض��رب ال���س�ي��اح��ة و�إي �ق��اف عجلة‬ ‫�أثر الإرهاب على الت�ضخم‬ ‫التنمية فهو ي�ؤثر على االقت�صاد كالآتي‪:‬‬ ‫الإره� ��اب ي ��ؤث��ر �سلبا يف زي ��ادة الت�ضخم نتيجة قلة‬ ‫‪ -1‬البطالة والت�ضخم والتمويل واال�ستثمار والأ��س��واق‬ ‫امل��ال�ي��ة و�إف�ل�ا���س ال���ش��رك��ات وق �ط��اع ال �ت ��أم�ين وق�ط��اع الطلب‪ ،‬ف��زي��ادة الإن�ف��اق ي ��ؤدي الرت�ف��اع الأ��س�ع��ار ويحفز‬ ‫اال�ستثمار وقلة الإنفاق ي�ؤدي لآثار �سلبية على االقت�صاد‬ ‫ال�سياحة وميزان املدفوعات و�سعر ال�صرف‪.‬‬ ‫وامل�ج�ت�م��ع ف�ف��ي ظ��ل الإره� ��اب ي�ت���ض��اءل ال�ط�ل��ب ويظهر‬ ‫‪ -2‬ي�ح��ول م��وارد ال��دول��ة ملحاربة الإره ��اب حتى يتحقق ال ��رك ��ود يف الأ� � �س ��واق وك �� �س��اد امل �ن �ت �ج��ات ن�ت�ي�ج��ة ت��راج��ع‬ ‫الأم ��ن واال��س�ت�ق��رار ف�ي��ؤث��ر على م���ش��روع��ات التنمية اال�ستثمار وينتج عن ذلك زيادة معدل الت�ضخم‪.‬‬ ‫االق�ت���ص��ادي��ة وال�ب�ن�ي��ة التحتية واخل��دم��ات امل�ق��دم��ة‬ ‫للمواطنني لعدم ت��واف��ر املبالغ ال�لازم��ة يف امليزانية‬ ‫�أثر الإرهاب على امليزانية العامة وميزان‬ ‫ل�صرف مبالغ كبرية على مكافحة الإره��اب وتوفري‬ ‫املدفوعات و�سعر ال�صرف‬ ‫احلماية ال�لازم��ة للم�ؤ�س�سات وامل��واط�ن�ين‪ ،‬فنظرية‬ ‫االقت�صاد احلديثة ال تغفل عن�صر اال�ستقرار ال�سيا�سي‬ ‫ي��ؤث��ر الإره ��اب على الت�ضخم ال��ذي ب ��دوره ي��ؤث��ر يف‬ ‫واالقت�صادي‪.‬‬ ‫امل�ي��زان�ي��ة ال�ع��ام��ة نتيجة قلة ف��ر���ض النمو االقت�صادي‬ ‫‪ -3‬ي�ؤثر الإرهاب على �إقامة امل�شروعات‪ ،‬فتحجم ال�شركات ومتويل العجز يف امليزانية‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى خلل يف ميزان‬ ‫الكربى عن اال�ستثمار يف الدول التي بها �إرهاب خوفا املدفوعات‪ ،‬وي��ؤدي ذلك �إلى الت�أثري على �سعر ال�صرف‪،‬‬ ‫على �أموالها‪.‬فالإرهاب يوفر بيئة طاردة لال�ستثمارات كما �أن امليزانية تت�أثر نتيجة حم��اول��ة توفري الأم��وال‬ ‫لأنه يفرغ اخلطط وال�سيا�سات االقت�صادية والتنموية الالزمة ملكافحة الإرهاب‪ .‬وجتاوز عجز امليزانية ‪ % 10‬من‬ ‫م��ن م���ض�م��ون�ه��ا وت�ت�ع��ر���ض ل �ت ��أث�ي�رات ع�ل��ى التنمية �إجمايل الناجت املحلي عام ‪ ،2011‬وبلغ الدين العام ‪% 90.5‬‬ ‫االقت�صادية املتمثلة يف ت�أثريه على الآتي‪:‬‬ ‫من �إجمايل الناجت املحلي والإجمايل يف منت�صف ‪.2014‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪17‬‬


‫�أثر الإرهاب على الأ�سواق املالية و�إفال�س‬ ‫ال�شركات و�شركات الت�أمني‬

‫‪18‬‬

‫• ارتفاع تكلفة الأمن ب�سبب النفري العام لكافة �أجهزة‬ ‫ال��دول��ة املعنية ب��ه‪ ،‬وال �ت��ى ك��ان مي�ك��ن توجيهها �إل��ى‬ ‫التنمية‪ ،‬ولرفع م�ستوى دخول الأفراد‪.‬‬

‫الأ�سواق املالية تتمتع ب�أهمية اقت�صادية نظرا لدورها‬ ‫يف تنقل ر�ؤو���س الأم��وال والتحكم يف ال�سندات والأ�سهم • اخل�سائر املالية فى املرافق الرئي�سية التى �أ�صيبت‬ ‫والإره� ��اب ي ��ؤدي لقلق امل�ستثمرين م��ن الآث ��ار ال�سلبية ب�سبب �أح� ��داث الإره � ��اب م��ن ط ��رق وم �ي��اه وك�ه��رب��اء‬ ‫مم��ا ي ��ؤدي لت�أثر معظم الأ� �س��واق املالية العاملية‪ ،‬ومن وتكلفة �إعادة �إعمارها �أو �إن�شائها من جديد‪.‬‬ ‫ثم ت�أثر �أ�سهم �شركات الت�أمني و�إف�لا���س ال�شركات فقد‬ ‫تنهار �شركات مثل ما ح��دث يف ف�ترة ‪� 11‬سبتمرب ‪ • 2001‬تكلفة عالج امل�صابني ب�سبب العمليات الإرهابية فى‬ ‫فقد �أفل�ست ‪�60‬ألف �شركة ومت ت�سريح ما ال يقل عن ‪ 140‬امل�ست�شفيات وغريها‪ ،‬والتى كان من املمكن توجيهها‬ ‫�ألف �أمريكي‪ ،‬وذلك كان ميثل تهديدا خطريا مل�ؤ�س�سات �إل ��ى حت�سني اخل��دم��ات ال�ط�ب�ي��ة وال ��ى تنمية م��وارد‬ ‫الرعاية ال�صحية و�شركات الت�أمني و�أدى �إف�لا���س تلك الدولة‪.‬‬ ‫ال�شركات �إلى تراجع �أ�سعار الأوراق املالية يف البور�صات • و ُي�ضاف �إلى ما �سبق اخل�سائر فى الأنف�س التى تعترب‬ ‫العاملية وزيادة البطالة‪ ،‬لذلك تلج�أ البنوك املركزية الآن �أغلى و�أعظم خلق اهلل‪ ،‬والتى كرمها اهلل‪ ،‬وحرم االعتداء‬ ‫�إل��ى زي��ادة احتياطها من الذهب للحفاظ على ا�ستقرار عليها‪ ،‬وكذلك تكلفة الأمل النف�سى واملعنوى فى قلوب‬ ‫الأ�سواق املالية من خالل اتباع �سيا�سة نقدية مرنة‪.‬‬ ‫النا�س‪ ...‬وهذا كله ال ميكن ترجمته �إلى مال‪.‬‬ ‫البعد االقت�صادى للإرهاب من منظور �إ�سالمى‬ ‫و�أدى �سوء الأو��ض��اع الأمنية يف �سوريا وال�ع��راق �إلى‬ ‫ومهما تعددت الر�ؤى واملفاهيم حول مدلول الإرهاب‪� ،‬إغ�ل�اق الأ� �س��واق امل��ال�ي��ة فيهما‪ ،‬مم��ا �أث ��ر بال�سلب على‬ ‫فهو م��ن املنظور الإ��س�لام��ى‪ :‬اع�ت��داء غ�ير م�شروع على الأ�سواق املالية الأردنية وعلى حجم الإنفاق احلكومي‪،‬‬ ‫احل��اج��ات الأ�صلية للإن�سان التى �أم��ر ال���ش��ارع احلكيم و�أغلق �أبواب التجارة الربية مع هذه البلدان‪ ،‬مما ا�ضطر‬ ‫بحفظها‪ ،‬ول��ه �آث��ار �سلبية عديدة ‪،‬وم��ن بني ه��ذه الآث��ار التجار �إلى �إيجاد �أ�سواق بديلة لتلبية احتياجات ال�سوق‬ ‫االعتداء على الإن�سان‪ ،‬الذى هو مناط التنمية‪ ،‬كما �أنه املحلي‪ ،‬ما �أدى �إلى ارتفاع التكلفة على التجار وامل�ستهلكني‬ ‫اعتداء على املال الذى هو قوام احلياة والتنمية‪ ،‬و�إ�ضافة على حد �سواء‪ ،‬وتلك نتيجة حتمية للركود االقت�صادي يف‬ ‫�إلى ما �سبق ف�إنه اعتداء على البنية الأ�سا�سية التى هي البالد‪.‬‬ ‫من مقومات التنمية‪ ،‬كما �أنه اعتداء على القواعد واملبادئ‬ ‫امل�س�ؤولية جتاه �إزالة الآثار االقت�صادية للإرهاب‬ ‫والأحكام والأ�س�س التى حتكم وت�ضبط املعامالت وحتقق‬ ‫يجب حت��وي��ل ال�ع��واط��ف والآالم النف�سية والتعبري‬ ‫التنمية ال�شاملة للمجتمع‪ ،‬وت��أ��س�ي���س�اً ع�ل��ى ذل��ك ف ��إن‬ ‫الإرهاب ي�سبب خ�سائر اقت�صادية ت�صيب الفرد والأ�سرة عن الإدان��ة ال�شديدة للإرهاب و�إلى �أفعال و�أعمال جادة‬ ‫��ص��ادق��ة وخم�ل���ص��ة ل�ل��وط��ن ح�ت��ى مي�ك��ن ال�ت���ص��دي بحق‬ ‫واملجتمع والدولة بالإ�ضافة �إلى اخل�سائر املعنوية‪.‬‬ ‫للإرهاب بعزمية قوية‪ ،‬وبت�ضحية عزيزة‪ ،‬وبجهاد حتى‬ ‫خ�سائر الإرهاب االقت�صادية‬ ‫ننت�صر عليه‪ ،‬ونزيل �آث��اره املختلفة ومنها االقت�صادية‬ ‫للإرهاب خ�سائر �شتى ومن �أبرز تلك اخل�سائر والتي ال�سابق بيانها‪ ،‬وهذه لي�ست م�سئولية احلكومة فقط‪ ،‬بل‬ ‫هى مناط ه��ذه الدرا�سة‪ :‬اخل�سائر االقت�صادية‪ ،‬والتى م�سئولية كل مواطن عنده والء وانتماء لبلده‪ ،11‬فقد‬ ‫ق��ال الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم‪) :‬كلكم راع‪ ،‬وكلكم‬ ‫تتمثل ب�صفة �أ�سا�سية فى الآتى‪:‬‬ ‫م�سئول عن رعيته)‪.‬‬ ‫• اخل �� �س��ائ��ر امل��ال �ي��ة ال �ن��اج �م��ة م ��ن ت��دم�ي�ر الأب �ن �ي��ة‬ ‫�إن االنحرافات النا�شئة عن الف�ساد املايل واالداري يف‬ ‫وال �� �س �ي��ارات وال �ف �ن��ادق وامل �ح�لات وامل �ت��اج��ر‪ ...‬ب�سبب‬ ‫املجتمع ت�ساهم يف الكثري من مظاهر الكبت والإح�سا�س‬ ‫العمليات الإرهابية وتكلفة �إعادة �إعمارها‪.‬‬ ‫بالظلم والقهر لدى الطبقات ال�ضعيفة مما يدفعهم �إلى‬ ‫• ن�ق����ص ف��ى امل� ��وارد ال���س�ي��اح�ي��ة ب�سبب ه ��روب ال�سياح اللجوء �إلى التيارات املتطرفة‪ ،‬وفئة ال�شباب هي �أكرث فئة‬ ‫الناجم من العمليات �إره��اب�ي��ة‪ ،‬وتعترب ال�سياحة‬ ‫فى معر�ضة للوقوع يف قيد هذا الفكر املنحرف‪ ،‬مما يرتب‬ ‫معظم الأحيان مورداً رئي�سياً للعمالت الأجنبية التى‬ ‫حتتاج �إليها الدولة فى متويل التنمية‪ ،‬كم من الأموال علينا م��زي��داً م��ن االه�ت�م��ام بهم وا�ستيعابهم وتربيتهم‬ ‫الرتبية ال�صحيحة وملء �أوقات فراغهم‪.‬‬ ‫ال�سياحية تُفقد ب�سبب الإرهاب؟‪.‬‬


‫تو�صلت هذه الدرا�سة �إلى النتائج التالية‪:‬‬

‫ك�ب�يراً و�أن الن��دع�ه��م �ضحية للفكر امل�ن�ح��رف وذل��ك‬ ‫مبلء وقت فراغهم وتربيتهم الرتبية ال�صحيحة‪.‬‬

‫‪ -1‬حرمت ال�شريعة الإ�سالمية الإره ��اب بكافة �أ�شكاله‬ ‫و��ص��وره‪ ،‬فهو ي ��ؤدي �إل��ى نتائج خطرية ومي��زق وحدة �أما عن �أهم التو�صيات فهي كالتايل‪:‬‬ ‫املجتمع وي�ستنزف موارده‪.‬‬ ‫‪� -1‬ضرورة الإيعاز للجهات املعنية بتحقيق العدل وتكاف�ؤ‬ ‫‪� -2‬أن ظهور هذا التيار املنحرف له �أ�سبابه ومربراته من الفر�ص ورد املظامل واالهتمام بفئة ال�شباب‪.‬‬ ‫الناحية االقت�صادية‪ ،‬وله �آثاره ال�سلبية على جملة من‬ ‫املتغريات االقت�صادية‪ ،‬مما يحتم علينا امل�سارعة يف ‪ -2‬العمل على �إن�شاء م�شروعات تركز على فئة ال�شباب‬ ‫ومتلأ فراغهم‪ ،‬وت�سهم يف حل م�شكلة البطالة‪.‬‬ ‫عالجها‪.‬‬ ‫‪� -3‬إن فئة ال�شباب هي �أكرث فئة معر�ضة للوقوع يف قيد هذا ‪�� -3‬ض��رورة االه�ت�م��ام ب��الأب�ح��اث العلمية ال�ت��ي ت�سهم يف‬ ‫الفكر املنحرف‪ ،‬مما يحتم علينا �أن نوليهم اهتماماً تقدمي حلول عملية ت�ساهم يف التخل�ص من ظاهرة‬ ‫الإرهاب بالكلية‪.‬‬ ‫هوام�ش‬ ‫ ‪ 1‬الكيالين‪ ،‬ر�شيد �صالح‪ ،‬الأمن االجتماعي يف الت�صور‬ ‫الإ�سالمي‪ ،‬بحث مقدم مل�ؤمتر الأم��ن االجتماعي يف‬ ‫الت�صور الإ�سالمي‪ ،‬جامعة �آل البيت‪ ،‬الأردن‪-4-3 ،‬‬ ‫‪ar4.htm/20130817/http://www.al-jazirah.com/2013 6‬‬ ‫‪� ،2012‬ص ‪.4‬‬ ‫‪ 2‬ال�سدالن‪� ،‬صالح بن غ��امن‪� ،‬أ�سباب االره��اب والعنف ‪ 7‬ال�سبهاين‪ ،‬عبداجلبار‪ ،‬الوجيز يف الفكر االقت�صادي‬ ‫والتطرف‪ ،‬جامعة االمام حممد بن �سعود اال�سالمية‪ ،‬ال��و� �ض �ع��ي والإ� � �س �ل�ام ��ي‪�� � ،‬ص ‪ .203-201‬وان �ظ��ر‪:‬‬ ‫اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬امل�ؤمتر العاملي عن موقف ال�سبهاين‪ ،‬عدالة التوزيع والكفاءة االقت�صادية يف‬ ‫النظم الو�ضعية والإ�سالم‪ ،‬جملة ال�شريعة والقانون‪،‬‬ ‫الإ�سالم من الإرهاب‪2004 ،‬م‪� ،‬ص‪6-5‬‬ ‫جامعة الإم��ارات العربية املتحدة‪ ،‬العدد ‪2001 ،14‬م‪،‬‬ ‫‪ 3‬احل�سني‪� ،‬أ��س�م��اء بنت عبدالعزيز‪� ،‬أ��س�ب��اب االره��اب �ص‪.227‬‬ ‫وال�ع�ن��ف وال�ت�ط��رف درا� �س��ة حتليلية‪ ،‬جامعة االم�‬ ‫�ام ‪ 8‬ال�سبهاين‪ ،‬ع�ب��داجل�ب��ار‪� ،‬شبكات الأم ��ان وال�ضمان‬ ‫حم �م��د ب ��ن � �س �ع��ود اال� �س�ل�ام �ي ��ة‪ ،‬امل �م �ل �ك��ة ال �ع��رب �ي��ة االجتماعي يف الإ�سالم درا�سة تقديرية‪ ،‬جملة جامعة‬ ‫ال�سعودية‪ ،‬امل��ؤمت��ر العاملي ع��ن موقف الإ��س�لام من امللك عبدالعزيز‪ ،‬جملد ‪ ،23‬ع‪2010 ،1‬م‪� ،‬ص‪.10-5‬‬ ‫الإرهاب‪2004 ،‬م‪� ،‬ص‪11-10‬‬ ‫‪� 9‬أبوالفتوح‪ ،‬جن��اح عبدالعليم‪ ،‬االقت�صاد الإ�سالمي‬ ‫‪ 4‬حم �م��د‪ ،‬ه�ي�ث��م ع �ب��دال �� �س�لام‪ ،‬م �ف �ه��وم الإره � � ��اب يف النظام والنظرية‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬اربد‪ ،‬الأردن‪،‬‬ ‫ال�شريعة الإ��س�لام�ي��ة‪�� � ،‬ص‪ ،81‬ب��ن ب�ي��ه‪ ،‬ع �ب��داهلل بن ط‪2011 ،1‬م‪� ،‬ص‪.437-429‬‬ ‫ال�شيخ حمفوظ‪ ،‬الإرهاب الت�شخي�ص واحللول‪� ،‬ص‪،69‬‬ ‫الربكات‪ ،‬يا�سر خالد‪ ،‬الإرهاب يف املنظور االقت�صادي ‪ 10‬عثمان‪ ،‬عثمان �أحمد‪ ،‬الإره��اب و�أث��ره على التنمية‬ ‫التداعيات واحللول‪ ،‬مقال من�شور على االنرتنت‬ ‫االقت�صادية يف م�صر‪ ،‬املركز امل�صري ملكافحة الإرهاب‪،‬‬ ‫‪.13-10‬‬ ‫‪� 5‬أيوب‪� ،‬سمري �إبراهيم‪� ،‬صندوق النقد الدويل وق�ضية‬ ‫الإ�صالح االقت�صادي واملايل‪ ،‬درا�سة حتليلية تقييمية‪� 11 ،‬شحاته‪ ،‬ح�سني ح�سني‪ ،‬الإرهاب و�أبعاده االقت�صادية‬ ‫مركز اال�سكندرية للكتاب‪2000 ،‬م‪� ،‬ص‪ ،70-66‬وانظر‪ :‬والعالج اال�سالمي‪� ،‬ص‪.5-3‬‬ ‫زك��ي‪ ،‬رم��زي‪� ،‬أزم��ة القرو�ض ال��دول�ي��ة‪ ،‬دار امل�ستقبل‬ ‫العربي‪ ،‬ط‪1978 ،1‬م‪� ،‬ص‪.191-187‬‬

‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪19‬‬


‫دراسات‬

‫الوحي بين‬ ‫ اليهودية والنصرانية واإلسالم‬ ‫احلمد هلل حمد ال�شاكرين‪ ،‬والعاقبة للمتقني‪ ،‬و�أ�شهد �أن ال �إله �إال اهلل‬ ‫وح��ده ال �شريك له و�أ�شهد �أن حممداً عبده ور�سوله و�صفيه من خلقه‬ ‫وخليله وبعد‪،، ،‬‬ ‫ف�إن الوحي من �أهم و�أرقى و�أ�صدق �أنواع املعرفة على الإطالق‪� ،‬إذ �أنه‬ ‫يتجاوز املعرفة احل�سية واملعرفة العقلية التي ال ميكن يف يوم من الأيام �أن‬ ‫ت�صل �إلى الع�صمة يف معارفها‪ ،‬كما هو ال�ش�أن يف املعرفة احلا�صلة بطريق‬ ‫الوحي الإلهي‪.‬‬ ‫ومن هنا فقد تفاخرت الأديان ال�سماوية املرتكزة على الوحي الإلهي‬ ‫على غريها من الأدي��ان الو�ضعية‪ ،‬مبا لديها من معارف �سامية تت�صف‬ ‫بالع�صمة ال �سبيل �إلى احل�س والعقل �أن يقرتب منها‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫الدكتور فائق بني ارشيد‬

‫ولهذا فقد تركزت جهود الأنبياء ابتدا ًء على �إثبات �أن الذي يقولونه‬ ‫لي�س من عند �أنف�سهم‪ ،‬و�إمنا هو من عند اهلل تعالى‪.‬‬ ‫وال��وح��ي ه��و الأ��س��ا���س ال��ذي يبنى عليه ك��ل ��ش��يء والت�شكيك ب��ه هو‬ ‫باخت�صار قطع لل�صلة بني ال�سماء والأر�ض لذلك ان�صبت جهود امللحدين‬ ‫دائماً على هذه الظاهرة باعتبار �أن النجاح يف ذلك ي�ؤدي �إلى هدم كل ما‬ ‫جاء به الأنبياء‪.‬‬ ‫غ�ير �أن ه��ذه امل�ع��ارف ال�سامية ق��د تفقد ع�صمتها �إن مل حت��ظ عند‬ ‫�أتباعها باحلفظ وال�صون والرعاية والإهتمام والأمانة فتطالها �أيادي‬ ‫التحريف والتبديل والتغيري ويختلط عندها ال��وح��ي الإل�ه��ي بغريه‪،‬‬


‫وبالتايل تفقد هذه املعارف قيمتها وقدا�ستها ومكانتها‪،‬‬ ‫وهو ما حدث بالفعل لبع�ض الديانات ال�سماوية‪.‬‬ ‫�إننا كم�سلمني ن�ؤمن �إمياناً را�سخاً �أن اهلل تعالى �أنزل‬ ‫على النبي مو�سى عليه ال�سالم كتاباً �إ�سمه التوراة‪ ،‬كما‬ ‫ن�ؤمن �إمياناً را�سخاً ال �شك فيه �أن اهلل تعالى �أن��زل على‬ ‫النبي عي�سى عليه ال�سالم كتاباً ا�سمه الإجنيل‪ ،‬واليق ُل‬ ‫هذا عن �إمياننا بنزول القر�آن الكرمي على ر�سولنا الكرمي‬ ‫حممد �صلى اهلل عليه و�سلم‪.‬‬

‫وم��ن هنا فقد ر�أى البع�ض �أن ال��وح��ي ع�بر الظهور‬ ‫الإلهي يرتبط بالفكر اليهودي القدمي الذي كان ينظر‬ ‫للإله ب�أنه يعي�ش وي�سكن مع �شعب ا�سرائيل ويرحتل‬ ‫معهم �أينما رحلوا‪ ،‬وال ي�ستطيع مفارقتهم‪ ،‬ولهذا ملا �أراد‬ ‫داوود عليه ال�سالم �أن يبني بيتاً للرب قال له الرب‪� :‬أ�أنت‬ ‫تبني يل بيتاً ل�سكناي؟ ما �سكنت بيتاً من يوم �أخرجت بني‬ ‫�إ�سرائيل من م�صر حتى الآن‪ ،‬بل يف خيمة انتقل معهم‬ ‫على الدوام‪)4(.‬‬ ‫وه��ي ن�ظ��رة تختلف مت��ام �اً ع��ن امل��رح�ل��ة امل �ت ��أخ��رة يف‬ ‫الفكر اليهودي‪ ،‬والتي كانت ترى �أنه لي�س من الالئق �أن‬ ‫ينزل اهلل بنف�سه ليقرتب من الإن�سان ويت�صل معه بهذه‬ ‫ال�صورة‪ ،‬ف�أعادوا كتابة كل ما يت�صل باهلل على �أ�سا�س فكرة‬ ‫الو�سيط املالئكي‪)5(.‬‬

‫كما ن�ؤمن يف الوقت نف�سه – مبا ي�ؤمن به الكثري من‬ ‫العلماء والباحثني والنقاد من جميع الأدي��ان ال�سماوية‬ ‫– �أن هذه الكتب التي بني ايدينا اليوم وامل�سماة بالكتاب‬ ‫املقد�س لي�ست كلها على �أقل تقدير وحياً خال�صاً بخالف‬ ‫ما يدعيه البع�ض �أن هذه الكتب و�صلت �إلينا �ساملة من �أي‬ ‫حتريف �أو تبديل‪ ،‬و�أنها ال حتتوي �إال على النامو�س الذي‬ ‫ويف هذا اعرتاف �صريح ب�أن الكَتبة مل يقت�صر دورهم‬ ‫جاء به مو�سى وعي�سى عليه ال�سالم‪.‬‬ ‫على الن�سخ‪ ،‬بل كان لهم دور فاعل يف التبديل والتغيري‬ ‫واملحو والإث�ب��ات‪ ،‬ومع ذلك ف��إن ه��ؤالء الكتبة �سهوا عن‬ ‫�أو ًال‪ :‬مفهوم الوحي عند اليهود‪:‬‬ ‫تعديل موا�ضع كثرية يتحدث فيها املخاطب للنبي على‬ ‫مل ي�ق��ف � �ش��راح ال�ع�ه��د ال �ق��دمي يف تعريفهم للوحي �أنه ر�سول مالئكي‪ ،‬وتارة يتحدث فيها على �أنه اهلل ذاته‪،‬‬ ‫عند مفهوم واح��د‪ ،‬بل تنوعت املفاهيم وتعددت ‪ ،‬وذلك حتى �أنك جتد ذلك يف الفقرة الواحدة‪.‬‬ ‫العتبارات متعددة‪.‬‬ ‫ومنهم من نظر �إلى الوحي باعتبار املوحى به‪ ،‬فع ّرف‬ ‫فمنهم من نظر �إليه من جهة الع�صمة‪ ،‬فع ّرف الوحي الوحي ب�أنه هو كالم اهلل تعالى املنزل على �أفواه �أنبيائه‬ ‫بهذا الإعتبار ب�أنه املعرفة اليقينية التي يوحى اهلل بها القدي�سني ور�سله املكرمني‪)6(.‬‬ ‫عن �شيء ما‪)1(.‬‬ ‫والأج� �م ��ل يف حت��دي��د ه ��ذا امل �ع �ن��ى ا� �س �ت �خ��دام ال�ع�ه��د‬ ‫ومنهم من ع ّرف الوحي ب�أنه النظر �إلى �أنواعه‪ ،‬والتي القدمي لكلمة (ن�أم – ‪ )naam‬والتي تعني “نطق الهي”‬ ‫من ابرزها ما ي�سمى بالظهورات الإلهية‪ ،‬نع ّرف الوحي وا�ستخدمت ب�صفة خا�صة للتعبري عن �صوت اهلل و�أقواله‬ ‫بهذا الإع�ت�ب��ار‪ ،‬ب��أن��ه "�إعالن اهلل ل��ذات��ه و�إرادت ��ه وغايته التي �أعلنت بوا�سطة الأنبياء‪.‬‬ ‫وك�شف �أ�سراره لأنبيائه وا�ستعالن جمده"(‪)2‬‬ ‫كما ا�ستخدم العهد القدمي الإ�سم ( َدبر) م�ضافاً �إلى‬ ‫والأ�صل يف حتديد هذا املعنى ا�ستخدام العهد القدمي اهلل مبعنى “كالم اهلل” وقد تكررت هذه الكلمة (‪)390‬‬ ‫للفعل ال�ع�بري (ج��اال – ‪ ) gala‬وال ��ذي يعني‪ :‬يك�شف مرة‪)7(.‬‬ ‫الغطاء �أويعلن‪)3(.‬‬ ‫ومما ي�ؤكد هذا املعنى للوحي عندهم تعريفهم للنبوة‬ ‫ويالحظ على ه��ذا التعريف �أن��ه يرتكز على م�س�ألة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوحي �أنها‪ :‬الأخبار عن اهلل‬ ‫الإعالن‪� ،‬أي الظهور الإلهي‪ ،‬والتي هي �أبرز �أنواع وطرق وخ�ف��اي��ا مقا�صده ب��وح��ي خ��ا���ص م�ن��زل م��ن اهلل على فم‬ ‫ال��وح��ي الإل �ه��ي يف ال�ع�ه��د ال �ق��دمي – ح�ي��ث ظ�ه��ر ال��رب انبيائه‪)8(.‬‬ ‫للأنبياء ب�أ�شكال وهيئات ج�سمية م�ؤقتة‪.‬‬ ‫وتعريف الوحي بهذا الإعتبار ال يعني البتة �أن النبي‬ ‫وعلى الرغم من �شيوع فكرة الظهور الإلهي باعتبارها لي�س ل��ه ح��ظ م��ن ال��وح��ي ّ‬ ‫اال ا�ستقبال ال �ك�لام الإل�ه��ي‬ ‫الأب��رز ب�ين ط��رق ال��وح��ي‪� ،‬إال �أن الغمو�ض يحيط بهذه وترديده‪ ،‬بل الوحي عندهم عمل م�شرتك وتعاون عملي‬ ‫الفكرة‪ ،‬فتارة يقولون �أن ال��رب ظهر يف هيئات ج�سمية بني اهلل والنبي‪ ،‬و�شخ�صية النبي حا�ضرة وفاعلة وعاملة‬ ‫مرئية للعني‪ ،‬ثم ي�ستدركون بالقول “ ولكن دون �أن يروه فيه‪ ،‬وه��ذا م��ا �أك��ده �سبينوزا ح�ين ذك��ر‪� ،‬أن كلمة ( َد َب � َر)‬ ‫بالهوته وجوهره الذي ال يرى‪ ،‬وهو ا�ستدراك يدل على وال�ت��ي تعني كلمة اهلل “ ال تعني ك��م يعتقد البع�ض �أن‬ ‫غمو�ض الفكرة وت�ضاربها وعدم و�ضوحها عندهم‪.‬‬ ‫العهد القدمي كالم اهلل احل��ريف بالفاظه (‪ )9‬بدليل �أن‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪21‬‬


‫ن�ص الو�صايا الع�شرة يف �سفر اخل��روج يختلف عنه يف‬ ‫�سفر التثنية‪ ،‬فثبت �أن كلمات اهلل مل تنقل بعينها وحرفها‬ ‫بل عربت عن معناها فقط‪.‬‬ ‫ومن الأدلة على �أن الوحي يف العهد القدمي لي�س هو‬ ‫كالم اهلل احلريف‪ ،‬و�أنه عمل م�شرتك بني اهلل و الر�سول‪،‬‬ ‫�أن ال��وح��ي يف العهد ال�ق��دمي اختلف ب��اخ�ت�لاف �أم��زج��ة‬ ‫االنبياء والبيئة املحيطة بهم‪ ،‬بحيث �أن��ك ت�ستطيع �أن‬ ‫ترى بو�ضوح �صاحب املزاج املرح واملزاج احلزين و�صاحب‬ ‫املزاج الغا�ضب واملزاج املرهف‪.‬‬

‫ولعل هذه النظرة تبني لنا بو�ضوح الفارق اجلوهري‬ ‫بني هذا االعالن واالعالنات ال�سابقه‪ ،‬فالظهورات االلهية‬ ‫والهيئات اجل�سمية التي ظهر بها يف العهد القدمي كانت‬ ‫عبارة عن "هيئات ج�سمية رمزية وقتية " انتهت ب�إنتهاء‬ ‫مهمة الظهورات التي ظهرت لأجلها‪� ،‬أما التج�سد االلهي‬ ‫فقد كان جت�سداًحقيقياً فيه اتخذ (اهلل الكلمة ) ج�سداً‬ ‫حقيقياً من روح ونف�س وحل��م ودم وع�ظ��ام‪ ،‬وفيه احتد‬ ‫الالهوت بالنا�سوت احتاداً ابدياً ال ينف�صل(‪.)16‬‬

‫وخال�صة القول‪� :‬إن الوحي يف امل�سيحية ميكن فهمه‬ ‫على �أنه جتلي هلل يف وحيه فهو املوحي والوحي واملوحى‬ ‫فدل على �أن دور النبي مل يقت�صر على جمرد التلقي‪ ،‬به على ال�سواء‪ ،‬وبهذا ترى �أن امل�سيحية اختلفت اختالفاً‬ ‫بل كان له دور فاعل يف �صياغة مراد اهلل ب�ألفاظ تتنا�سب كلياً يف مفهوم الوحي مما هو عليه عند اليهود‪ ،‬واعطت‬ ‫مع م�ستوى منهج العامة والبيئة‪.‬‬ ‫بعد مفهوماً ج��دي��داً للوحي مل يكن م�ع��روف�اً م��ن قبل‬ ‫وهو بهذا املعنى ي�شبه وحي ال�سنة النبوية يف اال�سالم‪ .‬ح�سب اعتقادهم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الوحي بعد �صعود امل�سيح‪:‬‬ ‫ثانياً‪ :‬مفهوم الوحي عند الن�صارى‪:‬‬ ‫وهي املرحلة الثانية يف التاريخ امل�سيحي حيث �أ�صبح‬ ‫ان ال��دار� �س�ي�ن ل �ل��وح��ي يف ال �ف �ك��ر امل���س�ي�ح��ي ي�صعب‬ ‫عليه حتديد مفهوم دقيق للوحي من دون الف�صل بني الوحي يف هذه املرحلة يتمثل بالكلمة النبوية التي ينطق‬ ‫بها الأنبياء القدي�سون بت�أثري الروح القد�س‪.‬‬ ‫مرحلتني هامتني يف التاريخ امل�سيحي وهما ‪:‬‬

‫وق��د ع�بر القدي�س بطر�س ع��ن ه��ذا املعنى بقوله "‬ ‫�أ‪-‬الوحي يف حياة امل�سيح‪:‬‬ ‫وعندنا الكلمة النبوية " �إن انتبهتم �إليها كما �إلى �سراج‬ ‫وقد عرف الوحي يف هذه ملرحلة ب�أنه ‪ ،‬اعالن اهلل عن منري يف مو�ضع مظلم‪ ،‬لأن��ه مل ت ��أت نبوة ق��ط مب�شيئة‬ ‫ذاته و ارادته يف الكون والتاريخ ( ‪ ،)10‬وذلك من خالل ان�سان بل تكلم �أنا�س اهلل القدي�سون م�س ّوقني من الروح‬ ‫القد�س‪.‬‬ ‫جت�سد ي�سوع الذي �أظهر االب للعامل (‪.)11‬‬

‫‪22‬‬

‫وق��د ع��رف ال��وح��ي ع�ن��ده��م ب�ه��ذا الإع �ت �ب��ار ع�ل��ى �أن��ه‬ ‫وقد اكد هذا املعنى عندهم جممع الفاتيكان الثاين‬ ‫الذي �صرح ب�أن جوهر الوحي يف امل�سيحية يتمثل ب�أن اهلل �إبالغ احلق الإلهي للب�شر بوا�سطة ب�شر‪ ،‬وهو عمل الروح‬ ‫القد�س‪ ،‬فالروح القد�س يعمل يف �أفكار �أ�شخا�ص خمتارين‬ ‫�أر�سل ابنه الكلمة االزيل‪ . .‬ليقيم بني الب�شر (‪)12‬‬ ‫ويف قلوبهم ويجعلهم �أداة للوحي الإلهي‪)18(.‬‬ ‫ويقول القدي�س بول�س م�ؤكداً على هذا املفهوم "اهلل‬ ‫وم��ن هنا ف��إن الفكر امل�سيحي ي��رى ب�أنه على الرغم‬ ‫بعدما كلم الآب��اء باالنبياء قدمياً ب��أن��واع وط��رق كثرية‪،‬‬ ‫كلمنا يف هذه االيام الأخرية يف ابنه الذي جعله وارثاً لكل من اكتمال الوحي ب�شخ�ص (امل�سيح) �إال �إن ذلك مل يكن‬ ‫كافياً‪ ،‬فبحث اهلل ع��ن و�سيلة يتوا�صل بها م��ع الإن�سان‬ ‫�شيء (‪.)13‬‬ ‫مقام الروح القد�س بهذه املهمة‪.‬‬ ‫فهذا الن�ص وان ك��ان ي�سلم بطرق ال��وح��ي ال�سابقة‪،‬‬ ‫وي�ؤكد الفكر امل�سيحي �أن العهد اجلديد كان نتيجة‬ ‫ف�أنه يتحدث عن ميزة الوحي امل�سيحي يف العهد اجلديد‬ ‫عن غريه من خالل جت�سد العلم االلهي والكلمة االلهية ه ��ذا ال �ع��ون ال��روح��ي م��ن ق�ب��ل ال� ��روح ال �ق��د���س ل�ل�ك� ّت��اب‬ ‫يف �شخ�ص امل�سيح متاماً‪ ،‬كما قال يو�صينا‪ :‬والكلمة �صار وامل�ؤلفني‪ ،‬حيث يعرب الكاتب بلغته اخلا�صة عن مراد اهلل‬ ‫وعن احلقائق الدينية حتت هذا الت�أثري‪.‬‬ ‫ج�سداً وحل بيننا ور�أينا جمده‪)14( ،،،‬‬ ‫ومن هنا ف��إن العهد اجلديد – كما ي��راه امل�سيحيون‬ ‫وينظر الفكر امل�سيحي الى هذا الوحي على �أنه االكرث‬ ‫و�ضوحاً من طرق الوحي ال�سابقة‪ ،‬حيث ك�شف االب عن لي�س عم ً‬ ‫ال �إن�سانياً حم�ضاً بل هو عمل م�شرتك بينهما‬ ‫حقيقته وارادته وهدفه وغايته‪ ،‬كما ينظر �إليه باعتباره يتمثل مبجموعة من الإلهامات‪.‬‬ ‫االع�لان النهائي والأخ�ي�ر فقد اكتمل بامل�سيح‪ ،‬بل هو‬ ‫التي �أفا�ض بها الروح القد�س على الر�سل والتالميذ‬ ‫هدف وغاية الأعالنات ال�سابقة (‪)15‬‬


‫مع احتفاظهم باخل�صائ�ص الب�شرية التي يتميز بها كل يف تعريفه ل�ل��وح��ي ف �ق��ال‪ :‬ه��و �أن يعلم اهلل ت�ع��ال��ى من‬ ‫ا�صطفاه من عباده كل ما �أراد �إطالعه عليه من �أل��وان‬ ‫م�ؤلف عن غريه من جهة ال�صياغة والتعبري‪.‬‬ ‫الهداية والعلم‪ ،‬ولكن بطريقة �سرية خفية غري معتادة‬ ‫ومنذ ذلك اليوم وامل�سيحيون يرون �أن الروح القد�س للب�شر(‪)21‬‬ ‫ال ي��زال ه��و ال��ذي يعمل يف ال��ر��س��ل والأن�ب�ي��اء واملعلمني‬ ‫ً‬ ‫ومن خالل هذه التعريفات ملفهوم الوحي يتينب لنا‬ ‫واخلدام والكن�سة و�إلى الأبد‪ ،‬حتى �أ�صبح له�ؤالء �سلطانا‬ ‫�إلهياً يحكمون فيه با�سم الرب بل و�صل الأمر بالكني�سة الفارق اجلوهري بني مفهوم الوحي عند امل�سلمني وبني‬ ‫�أن حتتكر لنف�سها مهمة تف�سري ك�ل�ام اهلل باعتبارها مفهوم الوحي عند غريهم‪.‬‬ ‫ال�ن��اط�ق��ة ب��ا��س��م ال ��رب‪ ،‬ح�ي��ث �أع�ل�ن��ت ب� ��أن مهمة تف�سري‬ ‫ف��ال��وح��ي عند ال�ي�ه��ود وال�ن���ص��ارى ي�ق��وم على �أ�سا�س‬ ‫كالم اهلل املكتوب او املنقول تف�سرياً �صحيحاً �أوكلت �إلى‬ ‫�سلطة الكني�سة التعليمية وهي وحدها التي متار�س با�سم الإع�لان �أي الظهور الإلهي مع اختالف فيما بينهم يف‬ ‫طبيعة ه��ذا ال�ظ�ه��ور‪ ،‬وال ��ذي و��ص��ل غ��اي�ت��ه وك�م��ال��ه من‬ ‫(ي�سوع)‪)19(.‬‬ ‫خ�لال التج�سيد الإل�ه��ي يف �شخ�ص امل�سيح‪ ،‬حيث �أ�صبح‬ ‫ال��رب يعي�ش بني النا�س من دون و�ساطة املالئكة ح�سب‬ ‫ثالثاً‪ :‬مفهوم الوحي عند امل�سلمني‪:‬‬ ‫اعتقادهم‪.‬‬ ‫ي��رت�ك��ز م�ف�ه��وم ال��وح��ي ع�ن��د امل�سلمني ع�ل��ى معنيني‬ ‫�أما الوحي يف الإ�سالم فهو يقوم على الإعالم بخفاء‪،‬‬ ‫�أ�سا�سيني هما‪( :‬الإعالم واخلفاء)‪.‬‬ ‫والإع�لام ال ي�ستلزم ظهور املوحي وانك�شافه وهو الأليق‬ ‫ومن هنا ج��اءت تعريفات العلماء للوحي ت��دور حول بذات اهلل العلية‪.‬‬ ‫هذين املعنيني مع �إ�ضافة يف بع�ض القيود‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬خال�صة وتعقيب‪:‬‬ ‫فقد ع��رف ال�شيخ دراز ال��وح��ي ب��أن��ه التعليم ال�سري‬ ‫بعد الوقوف على مفهوم الوحي عند الأديان الثالثة‬ ‫ال���ص��ادر م��ن اهلل ت�ع��ال��ى �إل ��ى �أن�ب�ي��ائ��ه ب��وا��س�ط��ة �أو بغري‬ ‫ف�إنه ميكن املقابلة بني هذه املفاهيم من خالل النقاط‬ ‫وا�سطة‪)20(.‬‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫وعرفه ال�شيخ الطو�سي ب�أنه‪� :‬إلقاء معنى يف النف�س‬ ‫على وجه يخفى‪ ،‬وهو ما يجيء به امللك �إلى النبي عن اهلل • اتفقت الأديان الثالثة على �أن م�صدر الوحي هو اهلل‬ ‫فيلقيه �إليه ويخ�صه به من غري �أن يرى ذلك اخللق(‪ )20‬مع اختالف فيما بينهم يف طرق وو�سائل اي�صال هذا‬ ‫الوحي للنا�س‪.‬‬ ‫وق��د �أك��د ال�شيخ ال��زرق��اين على خ�صو�صية اخلفاء‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪23‬‬


‫ • مفهوم الوحي يف اليهودية وكذلك الن�صرانية غري‬ ‫حم��دود وغ�ير وث�ي��ق وف�ي��ه م��ن الغمو�ض والت�ضارب‬ ‫م��ا ف�ي��ه‪ ،‬وي��رج��ع ذل��ك ل�ع��دم ال�ت�ف��ري��ق ب�ين احلقيقة‬ ‫التاريخية لهاتني الديانتني باعتبارها ديانات �سماوية‬ ‫مرتبطة بالوحي ال�سماوي‪ ،‬وبني احلقيقة التاريخية • اختلفت ال��دي��ان��ات ال�ث�لاث��ة يف ن��وع ال��وح��ي الإل�ه��ي‬ ‫للكتاب امل�ق��د���س امل�ح��اط��ة بكثري م��ن ال�شكوك وع��دم للكتب املقد�سة عندهم‪ ،‬فوحي العهد القدمي ا�شتمل‬ ‫على جميع �أنواع الوحي الإلهي‪ ،‬وانح�صر وحي العهد‬ ‫الثقة‪.‬‬ ‫اجلديد يف ن��وع واح��د فقط وه��و الإل�ه��ام‪� ،‬أم��ا القر�آن‬ ‫�أم��ا مفهوم الوحي يف الإ�سالم فقد بدا ب�شكل وا�ضح الكرمي فقد اتفق امل�سلمون على �أن��ه ج��اء عن طريق‬ ‫حمدد املعامل متناغماً مع الن�ص وال يتعار�ض معه‪ ،‬بل هو الر�سول املالئكي (جربيل) يف اليقظة فقط‪.‬‬ ‫م�ستمد من داللة الن�ص نف�سه‪.‬‬ ‫• ُيعد القر�آن الكرمي الكتاب ال�سماوي الوحيد امل�شتمل‬ ‫• يقدم الوحي يف اليهودية والن�صرانية على �أ�سا�س على ال��وح��ي الإل�ه��ي اخلال�ص وال�سامل م��ن التبديل‬ ‫الإعالن‪� ،‬أما الوحي يف الإ�سالم فهو يقوم على �أ�سا�س والتغيري والتناق�ض والت�ضارب‪ ،‬وذلك ب�سبب كتابته‬ ‫الإعالم‪ ،‬وت�شكل هذه النقطة اخلالف الأ�سا�سي بيننا وح�ف�ظ��ه م�ن��ذ اب �ت��داء ن��زول��ه‪ ،‬واح �ت �ف��اظ��ه بالن�سخة‬ ‫وبني �أهل الكتاب يف مفهوم الوحي‪ ،‬والتي �شكلت �أ�سا�ساً الأ� �ص �ل �ي��ة وان �ت �ق��ال��ه ع�ب�ر الأج� �ي ��ال ب��ال���س�ن��د املت�صل‬ ‫لالختالف معهم يف م�سائل عقدية �أ�سا�سية تتعلق املتواتر‪ ،‬وحتقيقه لكل ال�شروط الواجب توفرها يف‬ ‫بالنظرة �إل��ى الإل��ه من حيث ج��واز ال��ر�ؤي��ة الدنيوية الكتاب ال�سماوي واملتفق عليها بني العقالء‪ ،‬والتي من‬ ‫�أب��رزه��ا ات�صال ال�سند والتواتر‪ ،‬وه��ذا ما يفتقر اليه‬ ‫والت�شبيه والتج�سيم والتمثيل والتج�سد‪.‬‬ ‫الكتاب املقد�س بعهديه اجلديد والقدمي حيث تعر�ض‬ ‫• �إن املوحى �إليه يف الن�صرانية واليهودية له �أثر فاعل للتحريف والتبديل وال�ضياع باعرتاف الأحبار وعلماء‬ ‫يف �صياغة املعنى املراد‪ ،‬فهو وحي باملعنى دون اللفظ‪ ،‬ال�ل�اه��وت‪ ،‬وذل ��ك ب�سبب ع��دم حفظه وع ��دم ت��وات��ره‬ ‫وه ��م ب �ه��ذا ي�ت�ف�ق��ون م��ع م�ف�ه��وم ال��وح��ي الإ� �س�لام��ي و�ضياع ن�سخته الأ�صلية‪.‬‬ ‫لل�سنة النبوية‪ ،‬دون الوحي القر�آين الذي من �أخ�ص‬ ‫خ�صائ�صه �أنه وحي حريف اللفظ لي�س للر�سول فيه �أي‬ ‫دور �سوى التلقي والبالغ‪.‬‬

‫الهوام�ش‪:‬‬

‫(‪� :)1‬سبينوزا‪ :‬ر�سالة يف علم الالهوت وال�سيا�سة �ص‪123‬‬

‫امل�سيحية‪ :‬ج‪�/6‬ص‪7‬‬

‫(‪ :)2‬عبد امل�سيح ب�سيط �أبو اخلري‪ :‬الإعالن الإلهي وكيف علم (‪ :)12‬جممع الفاتيكان الثاين‪ :‬الد�ستور العقائدي يف الوحي‬ ‫الإلهي العدد ‪ 40‬نق ً‬ ‫اهلل الإن�سان �ص‪11‬‬ ‫ال عن مور�س بورمان�س‪ :‬الوحي الإلهي‬ ‫وم�شاكله يف نظر الفكر امل�سيحي �ص‪329‬‬ ‫(‪ :)3‬انظر �سفر جموئيل الأول‪ ،21/3 :‬جموئيل الثاين‪،27/7:‬‬ ‫التكوين‪7/12:‬‬ ‫(‪ :)13‬الر�سالة الى العربانيني‪301/1 :‬‬ ‫‪24‬‬

‫(‪ :)4‬جموئيل الثاين‪6-5/7:‬‬

‫(‪ :)14‬يوحنا‪14/1 :‬‬

‫(‪ :)5‬انظر جريهارد فو�س‪ :‬علم الالهوت الكتابي‪� :‬ص ‪ :)15( -121‬انظر ع�بر امل�سيح ب�سيط �أب��و اخل�ير‪ :‬الأن�ب�ي��اء والنبوة‬ ‫‪122‬‬ ‫وال�ت�ن�ب��ؤ‪���:‬ص‪ 153‬وك��ذل��ك الإجن�ي��ل كيف كتب وكيف و�صل‬ ‫الينا ‪�:‬ص‪20‬‬ ‫(‪ :)6‬القم�ص �سبينوزا مينا‪ :‬كتاب علم الالهوت بح�سب معتقد‬ ‫الكني�سة‪ ...... .‬الأرثوذوك�سية �ص‪19‬‬ ‫(‪ :)16‬عرب امل�سيح ابو اخلري‪ :‬الإعالن الإلهي �ص‪21:‬‬ ‫(‪ :)7‬انظر �سبينوزا‪ :‬ر�سالة يف علم الالهوت وال�سيا�سة �ص ‪ :)17( 41‬بطر�س ‪21-19/1‬‬ ‫وانظر فهيم عزيز‪ :‬علم التف�سري �ص ‪10‬‬ ‫(‪ :)18‬عبد امل�سيح ابو اخلري‪ :‬الإجنيل كيف كتب وكيف و�صل‬ ‫(‪ :)8‬بطر�س عبد امللك و�آخرون‪ ،‬قامو�س الكتاب املقد�س �ص ‪349‬‬ ‫الينا �ص‪138:‬‬ ‫(‪� :)9‬سبينوزا‪ :‬ر�سالة يف الالهوت وال�سيا�سة �ص‪342‬‬

‫(‪ :)19‬حممد عبد اهلل دراز‪ :‬املختار من كنوز ال�سنة �ص‪1‬‬

‫(‪ :)10‬عبد امل�سيح ب�سيط �أبو اخلري‪ ،‬الوحي الإلهي �ص‪23‬‬

‫(‪ :)20‬الطو�سي‪ :‬التباين يف تف�سري القر�آن‪142/4 :‬‬

‫(‪ :)11‬الأب ��ص�لاح الي�سوعي اب��و ج ��ودة‪ :‬م��و��س��وع��ة املعرفة (‪ :)21‬حممد عبد العظيم الزرقاين‪ :‬مناهل العرفان ‪63/1‬‬


‫دراسات‬

‫المساواة بين الرجل والمرأة‬ ‫د‪ .‬بركات بني ملحم‬

‫مما يخطئ النا�س يف فهمه قولهم‪ :‬الإ�سالم دين امل�ساواة‪.‬‬ ‫والذي يدلل على بطالن‪ ‬هذا املفهوم؛ �أن �أكرث ما جاء يف القر�آن‬ ‫ه��و نفي امل���س��اواة ع��ن امل�ت���ض��ادات‪} :‬ق��ل ه��ل ي�ستوي ال��ذي��ن يعلمون‬ ‫والذين ال يعلمون{ (‪ :9‬الزمر) }قل هل ي�ستوي الأعمى والب�صري‬ ‫�أم هل ت�ستوي الظلمات والنور{ (‪:16‬الرعد) }ال ي�ستوي القاعدون‬ ‫من امل�ؤمنني غري �أويل ال�ضرر واملجاهدون يف �سبيل اهلل ب�أموالهم‬ ‫و�أنف�سهم{ (‪:95‬الن�ساء)‪.‬‬ ‫وال�صحيح �أن ُيقال‪ :‬الإ�سالم دين العدل‪ ,‬وهو اجلمع بني املت�ساويني‬ ‫والتفريق بني املفرتقني‪.‬‬ ‫�إن املتمعن يف كتاب اهلل ليجد �أن القر�آن مل ي�أمر بامل�ساواة �أب��داً‪,‬‬ ‫�إمنا جاء �أمره بالعدل‪ ,‬فمن ذلك قوله تعالى‪� " :‬إِ َّن اللهَّ َ َي�أْ ُم ُر بِا ْل َع ْد ِل‬ ‫َوال ْإح َ�س ِان" (‪:90‬النحل)‪ .‬وقوله تعالى‪َ " :‬و ِ�إ َذا َح َك ْم ُت ْم َبينْ َ النَّا�سِ �أَنْ‬ ‫تحَ ْ ُك ُموا بِا ْل َع ْد ِل" (‪:58‬الن�ساء)‪ ،‬و كلمة العدل جند �أثرها يف النفو�س‬ ‫�أبلغ من كلمة امل�ساواة‪ ,‬حيث تتقبلها النفو�س‪ ,‬وت�سكن �إليها مهما كانت‬ ‫الفوارق‪ ,‬والتمايزات‪ ,‬وكلمة امل�ساواة جندها ثقيلة على النفو�س‪ ,‬والتي‬ ‫توحي يف طياتها املماثلة وامل�شابهة دون اعتبار للفوارق والتمايزات‪,‬‬ ‫في�ستوي من خاللها العامل واجل��اه��ل‪ ,‬وال�صالح والطالح‪ ,‬والغني‬ ‫والفقري‪ ,‬وهو الظلم بعينه‪ ,‬وق�س على ذلك‪.‬‬ ‫فامل�ساواة لي�س لها �أ�صل يف ال�شرع مبعناها اللغوي؛ لأن امل�ساواة يف‬ ‫اللغة هي‪ :‬التماثل والت�ساوي والت�شابه كماً ونوعاً وقدراً‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪25‬‬


‫‪26‬‬

‫وعليه‪ :‬فالإ�سالم مل ي�ساو بني الرجل واملر�أة يف الأمور ال �ط�بري‪ ,‬ج��ام��ع ال �ب �ي��ان‪,‬ج‪�� � � ,8‬ص‪ (.)290‬تف�سري امل�ن��ار‪,‬‬ ‫التي لو �ساوى بينهما لظلم �أحدهما ؛ لأن امل�ساواة يف غري حممد ر�شيد ر�ضا‪ ,‬ج‪� ,4‬ص‪.)251‬‬ ‫مكانها ظلم‪.‬‬ ‫وم��ن ذل��ك ال�شهادة‪� :‬إذ جعل ال�ق��رءان �شهادة الرجل‬ ‫فالقر�آن �أمر املر�أة �أن تلب�س غري الذي �أمر به الرجل‪ ،‬ب�شهادة امر�أتني‪ .‬قال اهلل تعالى ‪ ":‬وا�ست�شهدوا �شهيدين‬ ‫للفارق يف فتنة كل من اجلن�سني بالآخر فالفتنة بالرجل من رجالكم ف�إن مل يكونا رجلني فرجل وامر�أتان ممن‬ ‫�أقل من الفتنة باملر�أة‪ ,‬فكان لبا�سها غري لبا�سه‪� ،‬إذ لي�س تر�ضون من ال�شهداء �أن ت�ضل �إحداهما فتذكر �إحداهما‬ ‫من العدل �أن ي�أمر امل��ر�أة �أن تك�شف من بدنها ما يك�شف الأخ��رى "(‪:282‬البقرة)‪ .‬ق��ال اب��ن كثري‪ :‬و�إمن��ا �أقيمت‬ ‫امل��ر�أت��ان مقام ال��رج��ل لنق�صان عقل امل ��ر�أة( تف�سري ابن‬ ‫الرجل الختالف الفتنة يف بدنها وبدنه‪.‬‬ ‫ك�ث�ير‪ ,‬ج‪��� ,1‬ص‪()561‬م �ق��ا� �ص��د ال�شريعة اال��س�لام�ي��ة يف‬ ‫وم�ف�ه��وم امل���س��اواة باملعنى اال��ص�ط�لاح��ي ه��و‪ :‬العدل ال�شهادات‪ ,‬بركات بني ملحم‪� ,‬ص‪.)156‬‬ ‫ب�إعطاء كل ذي حق حقه طبقا العتبارات خمتلفة‪.‬‬ ‫العالقة التناف�سية بني الرجل واملر�أة يف‬ ‫وعليه كل عدل م�ساواة ولي�ست كل م�ساواة عدل‪.‬‬ ‫النظرة الإ�سالمية‬ ‫فالرجل يختلف عن امل��ر�أة؛ لأن الذكر لي�س كالأنثى‪،‬‬ ‫�إن حقيقة العالقة بني الرجل واملر�أة يف الإ�سالم �أنها‬ ‫فقد ق��ال اهلل تعالى‪ ":‬ولي�س ال��ذك��ر كالأنثى"(‪� :36‬آل عالقة تكاملية ولي�ست عالقة تناف�سية كما هي عند غري‬ ‫عمران)‪ ،‬فالذكر يفارق الأنثى يف �أمور كثرية يف قوته‪ ،‬ويف امل�سلمني‪ ,‬مبعنى �أن ك� ً‬ ‫لا منهما يكمل الآخ��ر‪ ,‬فالإ�سالم‬ ‫بدنه‪ ،‬و�صالبته‪ ،‬وخ�شونته‪ ،‬واملر�أة ناعمة لينة رقيقة‪.‬‬ ‫ي�ن�ظ��ر �إل ��ى ال��رج��ل وامل � ��ر�أة ع�ل��ى �أن�ه�م��ا � �ش��يء واح ��د هو‬ ‫ويختلف عنها يف �أم��ور كثرية منها العقل‪� ،‬إذ ُع��رف الإن�سان‪ ،‬و�أن هذا الإن�سان جز�آن متكامالن هما الرجل‬ ‫الرجل بقوة �إدراكه‪ ‬وذاكرته بالن�سبة �إليها‪ ،‬وهي �أ�ضعف وامل ��ر�أة‪ ،‬و�أنهما لي�سا مت�ساويني يف التكوين وال�ق��درات‪،‬‬ ‫منه ذاكرة وتن�سى �أكرث منه‪ ،‬ويوجد بع�ض الن�ساء �أذكى وبالتايل في�ستحيل �أن يت�ساويا يف احلقوق والواجبات؛‬ ‫من بع�ض الرجال و�أقوى منهم ذاكرة‪ ،‬ولكن هذا ال ُيلغي لأن امل�ساواة يف �أي �شيء بني املختلفني نق�ص يف العقل‪،‬‬ ‫الأ�صل والأك�ثر‪ ,‬فحتم �أن نقول‪ :‬ولي�ست �أحكام الرجل وظلم يف احلكم‪ ,‬و�إن من حكمة اخلالق �سبحانه وتعالى‬ ‫�أن��ه مل يجعل االختالف بني الرجل و امل��ر�أة يف التكوين‬ ‫ك�أحكام الأنثى‪.‬‬ ‫اجل�سمي والنف�سي اخ�ت�لاف ت���ض��اد‪ ،‬ب��ل جعله اختالف‬ ‫فامل�ساواة بني الرجل وامل��ر�أة يق�صد بها‪ :‬العدل بني ت�ك��ام��ل‪ ،‬فطبيعة ال��رج��ل اجل�سمانية مكملة لطبيعة‬ ‫ال��رج��ل وامل� ��ر�أة ب��إع�ط��ائ�ه��م حقوقهما وواج�ب��ات�ه�م��ا مبا املر�أة‪ ،‬وكل منهما ال ي�ستغني عن �أن يك ّمل نف�سه بالآخر‪.‬‬ ‫قال تعالى‪ ":‬يا �أيها النا�س اتقوا ربكم الذي خلقكم من‬ ‫ينا�سب اعتباراتهم اخلا�صة؟‬ ‫نف�س واحدة “ ) يعني‪� :‬آدم عليه ال�سالم)" وخلق منها‬ ‫ٌ‬ ‫كل ملا خلق له مف�ضل به على الآخر‪.‬‬ ‫زوجها”(‪ :1‬الن�ساء)‪) .‬يعني‪ :‬حواء)‪ ,‬ولذلك �أ�صبح الزواج‬ ‫فمن ذلك القوامة‪ :‬قال اهلل تعالى‪ " :‬الرجال قوامون �ضرورة �إن�سانية‪ ،‬نظراً لأن اجلن�سني ال ميكن �أن ي�ستقل‬ ‫على الن�ساء مبا ف�ضل اهلل بع�ضهم على بع�ض ومبا �أنفقوا �أح��ده�م��ا ع��ن الآخ ��ر‪ ,‬كذلك ف ��إن بقاء اجلن�سني يف هذه‬ ‫احلياة ال يكون �إ ّال عن طريق هذا التكامل‪ ،‬ولو ا�ستقل كل‬ ‫من �أموالهم " (‪ :34‬الن�ساء)‪.‬‬ ‫منهما عن الآخر ليكون مناف�ساً له – كما ت�صوره النظرة‬ ‫ق��ال اب��ن كثري – رحمه اهلل تعالى ‪� :-‬أي‪ :‬الرجل التناف�سية العلمانية التي تدعي امل�ساواة – ال�ستحالت‬ ‫ق ِّيم على املر�أة‪� ،‬أي‪ :‬هو رئي�سها وكبريها واحلاكم عليها‪ ,‬احلياة‪.‬‬ ‫مبا ف�ضل اهلل بع�ضهم على بع�ض لأن الرجال �أف�ضل من‬ ‫�إن ق ��وة ال��رج��ل اجل���س�م��ان�ي��ة وال�ن�ف���س��ان�ي��ة ت�ن��ا��س��ب‬ ‫الن�ساء مبا خ�صهم به ك��رج��ال‪ ،‬وامل��ر�أة خري من الرجل‬ ‫فيما خ�صها ب��ه‪ ،‬ولهذا كانت النبوة خمت�صة بالرجال‪ .‬م��واج�ه��ة ظ��روف احل �ي��اة اخل��ارج�ي��ة ل�ل�أ��س��رة حلمايتها‬ ‫ومتوينها‪ ,‬و�إن �ضعف املر�أة اجل�سماين والنف�ساين ينا�سب‬ ‫(تف�سري ابن كثري‪,‬ج‪� ,2‬ص‪.)256‬‬ ‫الطم�أنينة وال�سكينة ال�ت��ي حتتاجها الأ� �س��رة يف جوها‬ ‫"ومبا �أنفقوا من �أموالهم " �أي‪ :‬من املهور والنفقات الأ�سري الداخلي‪ ,‬ولذلك فالعالقة التكاملية بني الرجل‬ ‫والكلف التي �أوجبها اهلل عليهم لهن يف كتابه و�سنة نبيه واملر�أة حتيط الأ�سرة ب�سياج �أمني حلياتها املعي�شية‪ ،‬وج ّو‬ ‫�صلى اهلل عليه و�سلم فالرجل �أف�ضل من امل��ر�أة يف نف�سه خمملي لطيف حلياتها النف�سية واالجتماعية‪ ,‬و كال من‬ ‫وله الف�ضل عليها والإف�ضال فنا�سب �أن يكون ق ِّيماً عليها الرجل واملر�أة �إن�سان مكلف يف الإ�سالم‪ ،‬ولكن وظيفة كل‬ ‫كما ق��ال اهلل تعالى " للرجال عليهن درج��ة " (تف�سري منهما يف احلياة تختلف باختالف طبيعته اجل�سمانية‬


‫والنف�سانية‪ ،‬واختالف �إمكاناته الفطرية التي فطره اهلل‬ ‫عليها‪ ,‬هذا هو عدل الإ�سالم ورحمته‪ ,‬وحكمته‪ ,‬فالرجل‬ ‫وامل��ر�أة لكل منهما يف الأ��س��رة امل�سلمة‪ ,‬واملجتمع امل�سلم‪,‬‬ ‫دوره ال��ذي يكمل دور الآخ��ر‪ ،‬ووظيفته التي ال تتعار�ض‬ ‫مع وظيفة الآخر‪( .‬حممد بن حامد �آل عثمان الغامدي‪:‬‬ ‫مقارنة ب�ين النظرة التكاملية الإ��س�لام�ي��ة ب�ين الرجل‬ ‫واملر�أة والنظرة التناف�سية العلمانية‪ ,‬ال�شبكة العنكبوتية)‬ ‫العالقة التناف�سية بني الرجل واملر�أة يف‬ ‫النظرة العلمانية‬ ‫�إن العالقة التناف�سية بني الرجل واملر�أة القائمة على‬ ‫دعوى امل�ساواة بينهما عالقة تناف�سية‪ ،‬ف�إن من �صفاتها‪:‬‬ ‫�أنها تق ّو�ض الأ�سرة التي هي نواة املجتمع الأول��ى ب�إبعاد‬ ‫املر�أة عن دورها الأ�سا�سي يف الأ�سرة وهو الأمومة ورعاية‬ ‫الأ��س��رة‪ ،‬وحت��رم الطفولة من رعاية الأمومة وحنانها‪،‬‬ ‫وجتعل مليئا بالفو�ضى واملتاعب‪ ,‬بالإ�ضافة �أنها تق ّو�ض‬ ‫احل �ي��اة التنموية واالق�ت���ص��ادي��ة ح�ين ت�خ��رج امل� ��ر�أة �إل��ى‬ ‫م�ي��ادي��ن ال��رج��ل لتناف�سه‪ ،‬وحت��رم��ه ك �ث�يراً م��ن فر�صه‬ ‫الوظيفية‪ ،‬و�أدواره التنموية‪ ،‬مع ق�صورها عن �أداء دوره‪،‬‬ ‫والقيام مبهمته‪ ،‬وال يخفى �أن معظم معاناة كثري من‬ ‫دول ال�ع��امل مل�شكلة ال�ب�ط��ال��ة‪� ،‬إمن��ا ك��ان �سببه مزاحمة‬ ‫الن�ساء للرجال يف وظائفهم‪ ،‬مع ت��رك البيوت �شاغرة‬ ‫عمن ي�شغل وظيفة الأمومة والرعاية الأ�سرية‪ ,‬بالإ�ضافة‬ ‫ال��ى �أن خ ��روج امل� ��ر�أة للعمل �أو غ�ي�ره م �ق��رون �اً ب��دع��وى‬ ‫احلرية – كما يف النظرة العلمانية – يق ّو�ض الأخالق‪،‬‬ ‫ويدفع باملر�أة �إلى االنحالل والتبذل‪ ،‬ويع ِّر�ضها لالبتزاز‪،‬‬ ‫وي�شيع الفواح�ش والف�ضائح يف املجتمعات‪ ،‬ويبدد معاين‬ ‫العفة والف�ضيلة واالح�ت���ش��ام‪ ,‬ون�ت��ائ��ج ذل��ك م�سجلة يف‬ ‫الإح�صاءات الغربية حيث تت�ضاعف فيها معدالت الزنا‬ ‫واالغت�صاب واجلرائم الأخالقية املتنوعة مئات الأ�ضعاف‬ ‫ع��ن غريها م��ن البلدان امللتزمة بالقواعد الأخالقية‪،‬‬ ‫واحلياة الطبيعية للإن�سان‪.‬‬

‫�إن ال �ع�لاق��ة ال�ت�ن��اف���س�ي��ة وف ��ق ن�ظ��ري��ة امل �� �س��اواة بني‬ ‫ال��رج��ل وامل� � � ��ر�أة‪ ،‬ت���ش�ي��ع روح ال� �ع ��داء و ال�ت���س�خ��ط بني‬ ‫اجل �ن �� �س�ي�ن‪ ،‬ك �م��ا حت �ي��ل ال �ع�ل�اق��ة ب�ي�ن اجل �ن �� �س�ين م��ن‬ ‫ع�ل�اق ��ة م � ��ودة ورح� �م ��ة �إل � ��ى ع�ل�اق ��ة حت� � ٍ�د وا� �س �ت �ع�ل�اء‪,‬‬ ‫وهذا معروف يف �صرخات التحدي واملطالبات وال�شكوى‬ ‫املرة التي ترتفع يف اجلمعيات الن�سائية امل�شحونة بالكره‬ ‫واحلقد على �سلطة الرجل ال�سائدة يف املجتمع‪ ,‬و�أك�ثر‬ ‫م��ا ت �ك��ون يف امل�ج�ت�م�ع��ات ال�غ��رب�ي��ة ال �ت��ي ت��دع��ي امل �� �س��اواة‬ ‫بني الرجل وامل ��ر�أة‪ ،‬وذل��ك لأنها يف نف�س الوقت ت�شحن‬ ‫امل ��ر�أة مب�شاعر القهر وال�ظ�ل��م وروح ال�ت�ح��دي وال �ع��داء‪.‬‬ ‫(حم �م��د ب��ن ح��ام��د �آل ع�ث�م��ان ال �غ��ام��دي‪ :‬م�ق��ارن��ة بني‬ ‫النظرة التكاملية الإ�سالمية بني الرجل واملر�أة والنظرة‬ ‫التناف�سية العلمانية‪ ,‬ال�شبكة العنكبوتية )‬ ‫�إن ه ��ذه ال � ��روح ال �ع��دائ �ي��ة ل �ل �م��ر�أة � �ض��د ال��رج��ل يف‬ ‫املجتمعات الغربية وغ�يره��ا م��ن املجتمعات العلمانية‪،‬‬ ‫وه��ذه املطالبات الن�سائية احلقوقية للم�ساواة بالرجل‪،‬‬ ‫لن جتدي �شيئاً‪ ،‬ولن تغيرّ من طبيعة الإن�سان وفطرته‬ ‫التي فطره اهلل عليها‪ ,‬ف�ستظل املر�أة امر�أة والرجل رج ً‬ ‫ال‪,‬‬ ‫و�ستظل ال�سيادة خارج املنزل للرجل يف �أي جمتمع كان‪،‬‬ ‫و�إن جرمية �إبعاد امل��ر�أة عن دوره��ا الأ�سري ال��ذي يتمثل‬ ‫يف الأمومة ورعاية الأ�سرة‪ ،‬والزج بها يف ال�شارع املزدحم‬ ‫ب�شتى املناف�سات‪ ،‬هي جرمية الع�صر الذي نعي�شه‪.‬‬ ‫والعجيب �أن يوجد يف عاملنا الإ�سالمي اليوم من ينادي‬ ‫بهذه الأفكار‪ ،‬ويعمل على ن�شرها وتطبيقها يف جمتمعنا‬ ‫الإ�سالمي‪ ،‬على الرغم مما ظهر وات�ضح من نتائجها‪،‬‬ ‫و�آثارها ال�سيئة املدمرة‪ ،‬ون�سي �أولئك �أو تنا�سوا �أن لدينا‬ ‫من مبادئ ديننا ومقومات جمتمعنا وموروثات ما�ضينا‬ ‫ما يجعلنا يف غنى عن �أن ن�ستورد مبادئ وتقاليد و�أنظمة‬ ‫ال متت �إلى جمتمعنا امل�سلم ب�صلة‪ ،‬وال ت�شده �إليها �آ�صرة‪،‬‬ ‫وال ميكن �أن ينجح تطبيقها فيه‪ ،‬لأن للمجتمع امل�سلم‬ ‫من الأ�صالة واملقومات‪ ،‬وحر�صه عليها ما يقف حائ ً‬ ‫ال‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪27‬‬


‫فهيكل امل ��ر�أة ون�ظ��ام ج�سمها‪ ،‬يركب تركيباً ت�ستعد به‬ ‫لوالدة الولد وتربيته‪ ،‬ومن التكوين البدائي يف الرحم‬ ‫�إل��ى �سن البلوغ‪ ،‬ينمو ج�سم امل��ر�أة‪ ،‬وين�ش�أ لتكميل ذلك‬ ‫اال�ستعداد فيها‪ ،‬وه��ذا هو ال��ذي يحدد لها طريقها يف‬ ‫�أيامها امل�ستقبلة" (موقع الآل��وك��ة‪ ,‬جمال امل��ر�أة وجمال‬ ‫الرجل‪ ,‬احلجاب للمودودي �ص ‪.185‬‬

‫‪28‬‬

‫دون ذلك التطبيق‪� ،‬أو على الأقل كمال جناحه‪ ،‬كما ن�سي‬ ‫�أولئك املنادون با�سترياد هذه النظم والنظريات‪ ،‬ون�سي‬ ‫معهم �أول�ئ��ك الوا�ضعون لهذه النظم م��ن الغربيني �أو‬ ‫تنا�سوا الفروق اجلوهرية الدقيقة العميقة التي �أوجدها‬ ‫اخلالق �سبحانه بني الذكر والأنثى من بني الب�شر مما‬ ‫يتعذر بل ي�ستحيل تطبيق نظرية امل�ساواة الكاملة بني‬ ‫الذكر والأنثى يف جميع احلقوق والواجبات وااللتزامات‬ ‫و�إذا ت�ق��رر ه��ذا االخ �ت�لاف ال��دق�ي��ق يف ال�ت�ك��وي��ن بني‬ ‫وامل���س��ؤول�ي��ات‪( .‬حم�م��د ب��ن ح��ام��د �آل عثمان الغامدي‪:‬‬ ‫مقارنة ب�ين النظرة التكاملية الإ��س�لام�ي��ة ب�ين الرجل الذكر والأنثى‪ ،‬فمن الطبيعي والبديهي �أن يكون هناك‬ ‫واملر�أة والنظرة التناف�سية العلمانية‪ ,‬ال�شبكة العنكبوتية) اختالف يف اخت�صا�ص كل منهما يف هذه احلياة‪ ،‬ينا�سب‬ ‫تكوينه وخ�صائ�صه التي ركبت فيه‪ ،‬وهذا ما قرره الإ�سالم‬ ‫واحلقيقة �أن املر�أة خمتلفة اختالفاً عميقاً عن الرجل‪ ،‬وراع ��اه‪ ،‬عندما وزع االخت�صا�صات على كل من الرجل‬ ‫فكل ُح� َ�ج�يرة يف ج�سمها حتمل ط��اب��ع جن�سها‪ ،‬وكذلك وامل � ��ر�أة‪ ،‬فجعل ل�ل��رج��ل ال�ق��وام��ة ع�ل��ى ال�ب�ي��ت‪ ،‬وال�ق�ي��ام‬ ‫احلال بالن�سبة �إلى �أجهزتها الع�ضوية‪ ،‬وال �سيما اجلهاز بالك�سب والإن �ف��اق‪ ،‬وال ��ذود ع��ن احل�م��ى‪ ,‬وج�ع��ل للمر�أة‬ ‫ال�ع���ص�ب��ي‪ ،‬و�إن ال�ق��وان�ين الع�ضوية (ال�ف�ي��زي��ول��وج�ي��ة) البيت‪ ،‬تدبر �شئونه‪ ،‬وترعى �أطفاله‪ ،‬وتوفر فيه ال�سكينة‬ ‫كقوانني ال�ع��امل الفلكي‪ ،‬وال �سبيل �إل��ى خ��رق�ه��ا‪ ،‬ومن والطم�أنينة‪ ،‬هذا مع تقريره �أن الرجل واملر�أة من حيث‬ ‫امل�ستحيل �أن ن�ستبدل بها ال��رغ�ب��ات الإن�سانية‪ ،‬ونحن �إن�سانيتها على حد �سواء‪ ،‬فهما �شطران مت�ساويان للنوع‬ ‫م�ضطرون لقبولها كما هي يف الن�ساء‪ ،‬ويجب �أن ينمني الإن�ساين‪ ،‬م�شرتكان بال�سوية يف تعمري الكون‪ ،‬وت�أ�سي�س‬ ‫ا��س�ت�ع��دادات�ه��ن يف اجت ��اه طبيعتهن اخل��ا� �ص��ة‪ ،‬ودون �أن احل�ضارة‪ ،‬وخدمة الإن�سانية‪ ،‬كل يف جمال اخت�صا�صه‪،‬‬ ‫يحاولن تقليد ال��ذك��ور‪ ،‬ف��دوره��ن يف تقدم املدنية �أعلى فالقول بامل�ساواة من هذه اجلهات �صواب ال غبار عليه‪،‬‬ ‫من دور الرجل‪ ،‬فال ينبغي لهن �أن يتخلني عنه‪( ..‬املر�أة ومن واجب كل مدنية �صاحلة �أن تعني بالن�ساء عنايتها‬ ‫وثقافة الالعنف‪ ,‬حقوق املر�أة وم�ساواتها الكاملة يف كافة ب��ال��رج��ال‪ ،‬يف �إيتائهن ف��ر���ص االرت �ق��اء وال�ت�ق��دم‪ ،‬وفقاً‬ ‫ملواهبهن وكفاءتهن الفطرية‪(.‬املر�أة وثقافة الالعنف‪,‬‬ ‫املجاالت‪ :‬عامر ابو زيد‪ ,‬ال�شبكة العنكبوتية)‪.‬‬ ‫حقوق امل��ر�أة وم�ساواتها الكاملة يف كافة املجاالت‪ :‬عامر‬ ‫يقول الأ�ستاذ امل��ودودي‪ ...( :‬فهذا علم الأحياء‪ ،‬قد ابو زيد‪ ,‬ال�شبكة العنكبوتية)‪.‬‬ ‫�أثبتت بحوثه وحتقيقاته �أن املر�أة تختلف عن الرجل يف‬ ‫وك �م��ا ي �ق��ال‪� :‬إن ال �ع��امل ط�ير ل��ه ج �ن��اح��ان �أح��ده�م��ا‬ ‫كل �شيء‪ ،‬من ال�صورة وال�سمت‪ ،‬والأع�ضاء اخلارجية‪،‬‬ ‫�إل��ى ذرات اجل�سم واجل��واه��ر الهيولينية (الربوتينية) ال� ّرج��ال والآخ��ر النّ�ساء‪ ،‬وم��ا مل يكن اجلناحان قويني‬ ‫خلالياه الن�سيجية‪ ،‬فمن لدن ح�صول التكوين اجلن�سي ت�ؤيدهما ق� ّوة واح��دة ف��إنّ هذا ّ‬ ‫الطري ال ميكن �أنْ يطري‬ ‫ال�سماء‪.‬‬ ‫يف اجلنني يرتقي الرتكيب يف ال�صنفني يف �صورة خمتلفة‪ ،‬نحو ّ‬


‫صالح الدين االيوبي‪. .‬‬ ‫بين من قدحه فى الشرق ومن دافع عنه فى الغرب‬ ‫مقدمة‬

‫دراسات‬

‫ثمة مقولة بانه‪ :‬اذا اردت ان تهدم ح�ضارة‪ ,‬فهناك ثالث و�سائل‪ :‬هدم‬ ‫اال�سر‪ ,‬هدم التعليم‪ ,‬ا�سقاط القدوة‪ ,‬كى تهدم ا�سرة عليك بهدم دور االم‪,‬‬ ‫كى تهدم التعليم‪ ,‬عليك بتقليل مكانة املعلم‪ ,‬كى ت�سقط القدوات‪ ,‬عليك‬ ‫بتقليل �ش�أن القادة و العلماء واملفكرين‪ ,‬اطعنهم‪ ,‬و�شكك يف دورهم‪ ,‬حتى‬ ‫لن ي�سمع ويقتدى بهم‪ ,‬فاذا اختفت االم الواعية‪ ,‬واختفى املعلم املخل�ص‪,‬‬ ‫و �سقط القدوة‪ ,‬فمن يربى الن�شء على القيم‪ . .‬هذه �سيا�سة بع�ض الذين‬ ‫يظهرون عداوتهم �ضد اال�سالم وامل�سلمني‪..‬‬ ‫حول يو�سف زيدان وكتاب غربيني‬

‫حسن محمود حمه كريم‬ ‫مؤرخ كردى‬

‫ه��ذه امل�ق��دم��ة اري��د بها ق��ول ال�ك��ات��ب ال�ع��رب��ى (ي��و��س��ف زي� ��دان)‪ ,‬فى‬ ‫ظهوره االخ�ير املليء بال�شك والكلمات الرديئة بالهجوم على (�صالح‬ ‫الدين االيوبى)‪ ,‬اكرب واعظم �شخ�صية قيادية تاريخية ا�سالمية‪ ,‬وو�صفه‬ ‫ب��ان (��ص�لاح ال��دي��ن اح�ق��ر �شخ�صية ف��ى ال�ت��اري��خ)‪ ,‬وق��ال ف��ى م�ك��ان اخر‬ ‫باكذوبة جديدة مل يقلها احد من قبله‪ ,‬حيث يقول (ان امل�سجد �ألأق�صى‬ ‫ال��ذى ح��رره �صالح الدين واملذكور يف القر�آن‪ ,‬لي�س االق�صى يف القد�س‬ ‫عا�صمة فل�سطني‪ ,‬امنا مدينة فى احلجاز‪ ,‬تقع بني مكة و املدينة)‪ ,‬هذا‬ ‫الكاتب العربى ي�شوه ما�ضيه ويطعن تاريخ اج��داده‪ ,‬وحاقد للم�سلمني‬ ‫وعظمائهم‪ . .‬ه��ذا ق��ول كاتب فى العامل اال�سالمى‪ ,‬ولكن كتاب الغرب‬ ‫وعباقرته وامل�ست�شرقني امل�سيحيني يرون فى حياة �صالح الدين و �سريته‬ ‫غري هذا‪ ,‬ي�ؤلفون ع�شرات الكتب فى و�صفه وت�ساحمه ومنجزاته‪� ,‬إذ يقول‬ ‫امل�ؤرخ الفرن�سى (كلود كاهن)‪( :‬ان �صالح الدين‪ ,‬كان ال�شخ�صية ال�شعبية‬ ‫االك�ث�ر ت�ق��دي��را ل��دى ع��ام��ة امل�سلمني خ�لال ع�صر احل ��روب ال�صليبية‪,‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪29‬‬


‫‪30‬‬

‫وهي املكانة التى مل ينلها نور الدين حممود‪ ,‬وهو ا�ستاذ‬ ‫�صالح الدين‪ ,‬وممهد الطريق ملا حقق من اجنازات‪ ،‬وعن‬ ‫مكانة �صالح ال��دي��ن اال�سطورية ف��ى اوروب ��ا)‪� .‬أ��ص��درت‬ ‫جم�ل��ة (ت��امي ����س) ف��ى ‪1999/3/31‬م ع� ��ددا خ��ا��ص��ا عن‬ ‫عظماء و م�شاهري االلفية الثانية‪ ,‬وكان (�صالح الدين‬ ‫االيوبى) الوحيد من العرب وامل�سلمني‪ ,‬فقد خ�ص الكاتب‬ ‫(ديفيد فان بيما) �صالح الدين مبقال‪ ,‬يقول فيه‪ :‬ولد‬ ‫�صالح الدين الكردى اال�صل فى عام ‪1138‬م فى تكريت‬ ‫العراق‪ ,‬ثم ن�ش�أ وترعرع حتى ا�صبح قائدا و�سلطانا مل�صر‬ ‫و�سوريا و �شمال العراق‪ ,‬وكان ال�صليبيون (االفرجن)‪ ,‬قد‬ ‫احتلوا القد�س‪ ,‬ويقول الكاتب‪ :‬عند احتاللهم القد�س‪,‬‬ ‫ق��ام��وا مبذبحة ك�برى للمواطنني ال�ع��رب م��ن م�سلمني‬ ‫وم�سيحيني و يهود‪ ,‬وقاموا بالنهب وال�سلب والتدمري‪,‬‬ ‫وا�ستقروا فى بالد ال�شام‪ ,‬و�أ�س�سوا عدة �أم��ارات �ساحلية‪,‬‬ ‫�أي�ق��ن �صالح ال��دي��ن ان ط��رد املحتلني يحتاج ال��ى حرب‬ ‫مقد�سة‪ ,‬وهذا ما حدث‪ ,‬حيث توجه �صالح الدين بجي�شه‬ ‫املنظم من ‪ 12000‬فار�س مبحاذاة بحرية طربيا‪ ,‬فتقابل‬ ‫الطرفان فى حطني‪ ,‬التى تقع غربى طربيا‪ ,‬حيث دمر‬ ‫�صالح الدين جيو�شهم‪ ,‬وبعد انت�صاره الت�أريخى‪ ,‬التف‬ ‫نحو القد�س واحتلها‪ ,‬يقول الكاتب‪( :‬انه مل ترق نقطة‬ ‫دم واح ��دة‪ ,‬وام��ر جيو�شه ب�ع��دم قتل اى �شخ�ص‪ ,‬وع��دم‬ ‫النهب وال�سلب)‪( ,‬كما فعل ال�صليبيون بدخولهم االول‬ ‫للقد�س وذبحهم �سكانها)‪. .‬‬ ‫ويقول‪( :‬ان امل�سيحيني فى اوروبا والعامل‪ ,‬يتذكرون‬ ‫ويقدرون كرم و �شهامة وان�سانية �صالح الدين وجي�شه‪. .‬‬ ‫بعد انت�صار �صالح الدين املذهل وحترر القد�س‪ ,‬ا�صيبت‬ ‫اوروبا ب�صدمة‪ ,‬مما دعا البابا الر�سال حملة ثالثة بقيادة‬ ‫ريت�شارد االول ملك انكلرتا ‪1167‬ـ‪1199‬م‪ ,‬امللقب بقلب‬ ‫اال� �س��د‪ ,‬و ب�ع��د م �ع��ارك ط��اح�ن��ة مل يتمكن م��ن اح�ت�لال‬

‫ال�ق��د���س‪ ,‬وع ��اد ادراج ��ه ل�ب�ل��ده خ��ا��س��را‪ ,‬وي �ق��ول ال�ك��ات��ب‪:‬‬ ‫ا�صبحت القد�س ثالث موقع ا�سالمى مقد�س‪ ,‬ومركزا‬ ‫رئي�سا للم�ؤمنني من كل االدي��ان‪ ,‬وا�صبح �صالح الدين‬ ‫قائدا‪ ,‬ذا �صفة الت�سامح الكبري ومنوذجا عظيما يحتذى‬ ‫ب��ه‪ ,‬فلقد �سمح مل�سيحيي العامل باحلج ال��ى القد�س بكل‬ ‫حرية واحرتام)‪ . .‬يقول الكاتب (ديفيد فان بيما)‪( :‬انه‬ ‫مل يخرج فى التاريخ قائد ي�شبه �صالح الدين‪ ,‬لقدرته‬ ‫الع�سكرية‪ ,‬الى جانب عدله ور�أفته بال�ضعفاء‪ ,‬وقد �أعطى‬ ‫مثال غري م�سبوق لقادة التاريخ‪ ,‬بانه مل يقتل �أى �شخ�ص‬ ‫عندما انت�صر وحرر القد�س من الغزاة و حافظ عليها‪,‬‬ ‫ونحن اليوم ا�شد ما نكون بحاجة ل�صالح الدين ونحن‬ ‫ن��رى ط��رد اه��ل ال �ق��د���س‪ ,‬ال�ت��ى وج ��دوا فيها م�ن��د �آالف‬ ‫ال�سنني)‪.‬‬ ‫كتب (دانتى اليغريى) ‪1265‬ـ‪1321‬م �صاحب ملحمة‬ ‫الكوميديا االلهية‪ ,‬والتى تعترب من اف�ضل االعمال االدبية‬ ‫العاملية‪ ,‬كتب عن (�صالح الدين االيوبى) وحده‪ ,‬من بني‬ ‫كل عظماء ال�شرق والغرب وامل�سلمني‪ ,‬حيث و�ضع ا�سمه‬ ‫مع عظماء حقبة القرون الو�سطى‪ ,‬مثل (هومريو�س)‬ ‫ال�شاعر اليونانى و �صاحب ملحمتى االلياذة واودي�سة‪,‬‬ ‫و(اف�لاط��ون)‪ ,‬الفيل�سوف اليونانى‪ ,‬م�ؤلف اجلمهورية‪,‬‬ ‫و(ي��ول �ي��و���س) قي�صر روم� ��ا‪ ,‬و (ف�ي�رج��ل) ك�ب�ير ��ش�ع��راء‬ ‫الرومان‪ ,‬و �صاحب ملحمة االنيادة‪ ,‬فلقد كتب (دانتي)‬ ‫ع��ن القائد امل�سلم �صالح ال��دي��ن االي��وب��ى ‪1138‬ـ‪1193‬م‪,‬‬ ‫وبعد وفاته مبائة عام‪ ,‬وو�صفه ك�أعظم ابطال امل�سلمني‬ ‫وم�ؤ�س�س الدولة االيوبية عام ‪1171‬م‪ ,‬والذى هزم االفرجن‬ ‫ال�صليبيني ف��ى موقعة (ح�ط�ين) الفا�صلة ع��ام ‪1187‬م‪,‬‬ ‫لقد �شمل (دانتي) �صالح الدين مع العظماء‪ ,‬وو�ضعه فى‬ ‫منزلة رفيعة فى كتابه (الكوميديا االلهية)‪ ,‬التى كتبها‬ ‫عام ‪1308‬ـ‪1320‬م‪ ,‬واكرمه رغم ان �شهرته التى اتت من‬


‫انت�صاراته على االفرجن ال�صليبيني‪ ,‬ويقول‪ :‬ولد �صالح‬ ‫ال��دي��ن ف��ى تكريت ال�ع��راق ع��ام ‪1138‬م م��ن �أ��ص��ل ك��ردي‪,‬‬ ‫لكنه ن�ش�أ عربيا و ترعرع فى بعلبك‪ ,‬ثم دم�شق‪ ,‬و تدرب‬ ‫على الفرو�سية واحلرب‪ ,‬وا�صبح قائدا ق�ضى على الغزاة‪,‬‬ ‫و�أ�صبح �سيد م�صر بعد وفاة اخلليفة الفاطمي العا�ضد‬ ‫عام ‪1173‬م‪ ,‬ثم �أمريا على دم�شق ‪1174‬م‪ ,‬وحقق الوحدة‬ ‫اال�سالمية ب�ين ال�شام وم�صر ومناطق ك��ردي��ة واليمن‬ ‫و�سواحل افريقيا ال�شمالية‪ ,‬حيث �أ�صبح �سلطانا عليها‪.‬‬ ‫والعجيب ان كتاب املع�سكر الغربى‪ ,‬ي��رون كثريا من‬ ‫ال���ش�ه��ادات النا�صعة امل�شيدة بال�سلطان ��ص�لاح ال��دي��ن‪,‬‬ ‫خ�صو�صا ف��ى ق�ضية اال��س��رى وت�ساحمه معهم‪ ,‬اكراما‬ ‫لن�سائهم وذراريهم‪ ,‬ومن ذلك ما ذكره امل�ؤرخ الفيل�سوف‬ ‫ال�صليبي (ارن ��ول ��د) امل�ع��ا��ص��ر ل���ص�لاح ال��دي��ن‪ ،‬اذ ق��ال‪:‬‬ ‫(اجتمع كثري من الن�ساء اللواتى دفعن اجلزية و ذهنب‬ ‫لل�سلطان يت�ساءلن ق��ائ�لات انهن ام��ا زوج��ات او امهات‬ ‫او بنات لبع�ض من ا�سر او قتل من الفر�سان واجلنود‪,‬‬ ‫وال عائل وال �سند لهن الآن وال م ��أوى‪ ,‬و ر�آه��ن يبكني‪,‬‬ ‫فبكى معهن �صالح الدين ت�أثرا و �شفقة‪ ,‬وامر بالبحث‬ ‫عن اال�سرى من رجالهن‪ ,‬واطلق الذين وجدهم منهم‬ ‫وردهم لن�سائهم‪ ,‬اما اللواتى مات اوليا�ؤهن‪ ,‬فقد منحهن‬ ‫ماال كثريا‪ ,‬جعلهن يلهجن بالثناء عليه اينما �سِ رن‪ ,‬ثم‬ ‫�سمح ال�سلطان ل�ه��ؤالء الذين منحهم احلياة واحلرية‬ ‫واغدق عليهم نعمه‪ ,‬بان يتوجهوا مع ن�سائهم واوالدهم‬ ‫الى �سائر اخوانهم الالجئني فى مدينة �صور‪ . .‬كما جند‬ ‫ان امل ��ؤرخ البيزنطى (نيكتا�س خونيات�س) ال��ذى �شاهد‬ ‫ب��أم عينيه �سقوط الق�سطنطنية فى يد ال�صليبيني عام‬ ‫‪1204‬م‪ ,‬وما فعلوه بهذه املدينة العريقة من �سلب و نهب‬ ‫وهتك اعرا�ض ن�سائها‪ ,‬حتى راهبات االدي��رة مل ي�سلمن‬ ‫م��ن ه��ذا ال�ف�ع��ل ال�ف�ظ�ي��ع‪ ,‬ه��ذا امل � ��ؤرخ ح�ين ي�ت�ح��دث عن‬ ‫�صالح الدين ودخوله على ر�أ�س امل�سلمني القد�س‪ ,‬تختلف‬ ‫نربته وتعتدل لهجته ويقول‪( :‬امل�سلمون اكرث رحمة من‬ ‫ال�صليبيني‪ ,‬فعندما ا�ستعادوا بيت املقد�س عاملوا الالتني‬ ‫بلطف و رقة‪ ,‬وحافظوا على حرميهم‪ ,‬ومل ينتهكوا ومل‬ ‫يدن�سوا على االطالق قرب امل�سيح‪ ,‬وحر�صوا على عدم دفن‬ ‫موتاهم بجواره)‪ ,‬هذه ال�شهادة الغربية ت�ؤكد ما ذكرناه‬ ‫من نبالة و طهارة مق�صد امل�سلمني حني دخلوا القد�س‬ ‫بقيادة �صالح الدين‪ ,‬ال هم لهم اال ا�ستعادة مقد�ساتهم‬ ‫من دون االعتداء على املحتلني‪ ,‬ولو فعلوا ما المهم احد‪,‬‬ ‫فال تن�سى �صفحات التاريخ حمامات ال��دم التى امتلأت‬ ‫ب��دم��اء امل�سلمني ح�ين اقتحم ال�صليبيون ال�ق��د���س عام‬ ‫‪1099‬م‪ ,‬و بالتالى‪� ,‬شكل فعل �صالح الدين حني ا�ستعاد‬ ‫املدينة‪� ,‬صدمة نف�سية عميقة لالوروبيني جميعا‪ ,‬وهو‬ ‫ما جعل م�ؤرخ �سقوط االمرباطورية الرومانية (ادوارد‬ ‫جيبون) ي�شيد ب�صالح الدين‪ ,‬وميتدح توا�ضعه و تق�شفه‬ ‫حني يقول‪( :‬كان متوا�ضعا‪ ,‬ال يعرف البذخ وال يرتدي‬

‫اال ال�ع�ب��اءة امل�صنوعة م��ن ال�صوف اخل�شن‪ ,‬ومل يعرف‬ ‫اال املاء �شراباً‪ ,‬وكان متدينا قوال و فعال‪ ,‬ي�شعر باحلزن‬ ‫لعدم متكنه من اداء فري�ضة احلج‪ ,‬النه كان منهمكا فى‬ ‫الدفاع عن دين اال�سالم)‪ ,‬وهذه ال�شهادة ت�شري الى جانب‬ ‫رائ��ع فى حياة �صالح الدين‪ ,‬وهو تقدمي م�صالح االمة‬ ‫على م�صاحله ال�شخ�صية‪ ,‬فعلى رغم تدينه و تقواه‪ ,‬اال‬ ‫ان م�صلحة االم��ة تغلب على م�صلحته ال�شخ�صية‪ ,‬فلم‬ ‫يتمكن من اداء فري�ضة احلج ب�سبب خوفه على ما حقق‬ ‫من اجنازات‪ ,‬منها توحيد م�صر و ال�شام فى دولة واحدة‪..‬‬ ‫و يعجب امل�ؤرخ الربيطانى (هاملتون جب) ب�صالح الدين‬ ‫امي��ا اع�ج��اب‪ ,‬اذ ي��رى ف��ى عهده نقطة ف��ارق��ة ف��ى تاريخ‬ ‫العالقات بني ال�شرق و الغرب‪ ,‬حني يقول‪( :‬ي�شكل عهد‬ ‫��ص�لاح ال��دي��ن اك�ثر م��ن جم��رد ح��ادث��ة ع��اب��رة ف��ى تاريخ‬ ‫احلروب ال�صليبة‪ ,‬فهو ميثل احدى تلك اللحظات النادرة‬ ‫و املثرية فى تاريخ الب�شرية)‪ . .‬ا�ستطاع �صالح الدين ان‬ ‫يتغلب على جميع العقبات‪ ,‬لكى يخلق وح��دة معنوية‪,‬‬ ‫برهنت ان لها من القوة ما يكفي القول للوقوف بوجه‬ ‫التحديات يف ع�صره‪. .‬‬ ‫يقول امل�ؤرخ الرو�سي (ميخائيل زاب��وروف)‪ ,‬ان الرقة‬ ‫الن�سبية ال�ت��ى اب��داه��ا ال�ق��ائ��د الع�سكري ��ص�لاح ال��دي��ن‬ ‫االيوبي‪ ,‬بعد اال�ستيالء على القد�س‪ ,‬كانت فى ما كانت‪,‬‬ ‫�سببا لتزيني ت��اري��خ �صالح ال��دي��ن يف ال�غ��رب يف م��ا بعد‪,‬‬ ‫ب�شتى اال�ساطري التى تطرى �شهامته غري العادية‪ ,‬اما فى‬ ‫الواقع‪ ,‬فان اعتدال �صالح املته االعتبارات ال�سيا�سية‪,‬‬ ‫ذلك انه كان عليه ان ي�ضم ارا�ضى دول ال�صليبيني الى‬ ‫قوام الدولة امل�صرية‪ ,‬ومل يكن من �شان �شرا�سة الظافر‬ ‫اال ان ت�سيء الى هذه الق�ضية‪ ,‬وعلى رغم ان (زابوروف)‬ ‫ي�سعى ال��ى اظ�ه��ار ان ��ص�لاح ال��دي��ن ت�سامح الع�ت�ب��ارات‬ ‫�سيا�سية‪ ,‬ولكن هذا تف�سري �ضعيف بق�ضية مبادرة �صالح‬ ‫الدين بار�سال الفاكهة والثلج وطبيبه اخلا�ص لريت�شارد‬ ‫قلب اال�سد‪ ,‬حني جرح فى قتاله مع امل�سلمني اثناء احلملة‬ ‫ال�صليبية الثالثة‪ . .‬هل هذا اعتدال ام ان�سانية بحتة‪ . .‬؟‬ ‫وخ�ير �شاهد ك��ذل��ك ه��و ذل��ك ال�ضريح امل�صنوع من‬ ‫املرمر الثمني والنادر‪ ,‬الذى اهداه ملك املانيا قبل اكرث‬ ‫من مئة وخم�سني عاما‪ ,‬الى مرقد �صالح الدين اال�صلي‬ ‫امل��وج��ود ف��ى ب��اح��ة اجل��ام��ع االم� ��وى ف��ى دم �� �ش��ق‪ ,‬وه��ذا‬ ‫ال�ضريح مثبت بجانب قربه اال�صلى‪ ,‬تقديرا ل�شجاعته‬ ‫ورافته و مروئته ايام �صوالته من احلروب ال�صليبية‪.‬‬ ‫م�ؤرخون �شرقيون‬ ‫ام ��ا ��ش�ي��خ م� ��ؤرخ ��ي م���ص��ر واال�� �س�ل�ام (ت �ق��ي ال��دي��ن‬ ‫املقريزي)‪ ,‬فقد مدح فى �صالح الدين كثريا من ال�صفات‪,‬‬ ‫مثل التوا�ضع و ال�صرب و قوة االحتمال والورع‪ ,‬وقبل كل‬ ‫ذالك الكرم الذى فاق مبراحل كرم حامت الطائي‪ ,‬اذ يقول‪:‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪31‬‬


‫مل يكن له فر�س يركبه‪ ,‬وك��ان ورع��ا‪ ,‬ر�أى يوما (العماد‬ ‫الكاتب) يكتب من دواة حمالة بالف�ضة فانكرها‪ ,‬وقال‬ ‫هذا حرام‪ ,‬وكان الي�صلي اال فى جماعة‪ ,‬وكان ي�سوي فى‬ ‫املحكمة بني اكرب النا�س و بني خ�صمه‪ ,‬وكان �شجاعا فى‬ ‫احلروب‪ ,‬مير فى ال�صفوف ولي�س معه اال و�صى‪ ,‬و ن�شري‬ ‫الى ما جاء فى العبارة االخرية من جتواله بني �صفوف‬ ‫قواته‪ ,‬وهو امر بالغ اخلطورة‪ ,‬من حيث انه القائد العام‬ ‫للجيو�ش اال��س�لام�ي��ة‪ ,‬وم��ع ذال��ك مل يكن ينف�صل عن‬ ‫ا�صغر جنوده‪ ,‬وال ي�ضع بينه و بينهم حواجز‪ ,‬بحيث انه‬ ‫كان يتفقد اجلي�ش من دون حرا�س‪ ,‬وهذه �شجاعة تقرتب‬ ‫من حد التهور‪ ,‬النه كان من ال�سهل ان يتنكر اى جا�سو�س‬ ‫او من يريد لل�سلطان ب�سوء بني ال�صفوف وي�صيبه اذا‬ ‫اراد‪ ,‬لكن اميان �صالح الدين اجلازم بانه لن ي�صيبه اال‬ ‫ماكتب اهلل له‪ ,‬جعله يتحرك بني جنوده الذين يثق بهم‬ ‫م��ن دون خ��وف او وج��ل‪ . .‬وتتفق امل ��ؤرخ��ة الفل�سطينية‬ ‫(ه��ادي��ة دج��ان��ى �شكيل) م��ع م��ن �شبه فتح �صالح الدين‬ ‫القد�س بالفتح العمرى حني تقول‪ :‬قابل امل�ؤرخون فتحه‬ ‫هذا بالفتح العمرى‪ ,‬كما قابلوا فتحه مبعجزة اال�سراء‬ ‫واملعراج‪ ,‬وعدوه الفتح الثانى للقد�س اجلغرافية‪ ,‬والفتح‬ ‫الثالث للقد�س اجلغرافية والروحية معا‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫(ال�ع�م��اد اال��ص�ف�ه��اين) ال ��ذى ك��ان م��ن امل�ق��رب�ين من‬ ‫�صالح الدين وتولى ديوان املن�ش�أ فى عهده‪ ,‬وهذا الديوان‬ ‫يعادل وزارة اخلارجية فى انظمة احلكم املعا�صرة‪ ,‬ا�شاد‬ ‫اال�صفهاين فى �شهادته عن �صالح الدين بانه ترك كثريا‬ ‫من االوالد‪� ,‬سبعة ع�شر ولدا وبنتا واح��دة‪ ,‬ومع ذلك مل‬ ‫ي�شغل باله بجمع امل��ال لهم‪ ,‬بدليل انه ترك فى خزانته‬ ‫م��ن ام��وال مملكته الوا�سعة ال�ت��ى �ضمت م�صر وال�شام‬ ‫واليمن واحلجاز‪ ,‬فقد انفقها جميعا فى اجلهاد واقامة‬ ‫دولة ا�سالمية موحدة‪ ,‬وهذه ال�شهادة در�س قا�س حلكام‬ ‫ع���ص��رن��ا ال��ذي��ن ا��س�ت�ح�ل��وا ام� ��وال ��ش�ع��وب�ه��م‪ ,‬فحجزوها‬ ‫النف�سهم فى خزائن البنوك‪ ,‬ون�سوا ان التاريخ يحكم على‬ ‫احلكام باالعمال ال مبا جمعوه من االموال‪ ,‬وهذا الدر�س‬ ‫تع�ضده �شهادة االدي��ب املعا�صر (ام�ين معلوف) �صاحب‬ ‫امل�صادر‪:‬‬ ‫‪.1‬الدولة الزنكية‪ ,‬د‪.‬على حممد ال�صالبى‪ ,‬دار املعرفة‪,‬‬ ‫بريوت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة االولى‪.2007 ,‬‬

‫كتاب (احل��روب ال�صليبية كما ر�آه��ا العرب)‪ ,‬الذى قال‪:‬‬ ‫(واذا ك��ان �صالح الدين قد فتح القد�س فما ذاك الجل‬ ‫املال وال حتى االنتقام‪ ,‬لقد �سعى على االخ�ص الى القيام‬ ‫مبا يفر�ضه عليه ربه ودينه‪ ,‬وانت�صاره انه حرر املدينة‬ ‫املقد�سة من نري الغزاة من غري حمام دم وال تدمري وال‬ ‫حقد‪ ,‬و�سعادته هى ان ي�ستطيع ال�سجود فى هذه االمكنة‬ ‫ال�ت��ى ل��واله��ا مل��ا ا�ستطاع م�سلم ان ي�صلي فيها‪ ,‬وكانت‬ ‫ح��روب �صالح الدين ذات اه��داف �سامية و غايات رفيعة‬ ‫ج��دي��رة بالتقدير‪ ,‬وه��ذا االم��ر مل يتناطح فيه عنزان‪,‬‬ ‫اال م��ن حقد على �صالح ال��دي��ن ب�سبب ت�صفية الدولة‬ ‫الفاطمية املتداعية فى ذلك الوقت)‪. .‬‬ ‫من الطبيعى ان يهتم امل�ؤرخون بالقامات الكبرية فى‬ ‫تاريخ االمم املا�ضية و الكتابة عنها‪ ,‬حر�صا على تخليد‬ ‫ذكراها‪ ,‬و تكون قدوة لالجيال االتية‪ ,‬وهناك كاتب مثل‬ ‫(ال��دك �ت��ور حم�م��د م ��ؤن ����س)‪ ,‬ال��ف �ستة ك�ت��ب ع��ن �صالح‬ ‫الدين‪ ,‬مثل (�صالح الدين بني احلقيقة واال�سطورة)‪,‬‬ ‫(رح �ل �ت��ى ال ��ى � �ص�لاح ال ��دي ��ن)‪� � ,‬ص�لاح ال��دي��ن االي��وب��ى‬ ‫ب�ي�ل��وغ��راف�ي��ا ك��رون��ول��وج �ي��ة)‪� �( ,‬ص�ل�اح ال��دي��ن االي��وب��ى‬ ‫�شهادات من ال�شرق والغرب)‪ ,‬وكتب عنه الدكتور حممد‬ ‫على ال�صالبى‪ ,‬و كاتب كردي الربوفي�سور حم�سن حممد‬ ‫ح�سني‪ ,‬والدكتور نا�صر علوان‪� ,‬صفحات رائعة فى حياة‬ ‫القائد ال�ف��ذ‪ ,‬وان��ا ادري ان م�ستقبل الكتابة ع��ن �صالح‬ ‫الدين م�شرقة ووا�سعة وكثرية‪ ,‬ويبحثون اكرث واكرث عن‬ ‫وثائق مفقودة و غري من�شورة حول هذا الرجل الذي حرر‬ ‫االر���ض ووح��د االم��ة وح��ول التاريخ وانقذ احلياة وطرد‬ ‫ال�شر عن اوطاننا مرة اخرى‪.‬‬ ‫ل�ع��ل م�ط��ال�ع��ة و م�ت��اب�ع��ة ه ��ذه ال �� �ش �ه��ادات ال�شرقية‬ ‫وال�غ��رب�ي��ة ع��ن ��ص�لاح ال��دي��ن‪ ,‬تك�شف لنا ع��ن �سر جناح‬ ‫�صالح الدين‪ ,‬الذي كتبت عنه الكثري‪ ,‬واتوقع ان يكتب‬ ‫عنه فى امل�ستقبل ابحاث علمية اكادميية اكرث‪ ,‬لعل هذه‬ ‫الكتابات جت��د م��ن ح�ك��ام ال�ك��رد وال �ع��رب وامل�سلمني من‬ ‫ي�ق��دره��ا وي�ق�ت��دي ب�ه��ا‪ ,‬فيهيمون اع�ج��اب��ا ب��ه و باخالقه‬ ‫العظيمة التى مثلت قمة العبودية و الفرو�سية اال�سالمية‬ ‫فى ع�صر احلروب ال�صليبية‪.‬‬ ‫العربى‪ ,‬القاهرة‪.1994 ,‬‬

‫‪ .5‬ت��اري�خ�ن��ا امل �ف�ترى ع�ل�ي��ه‪ ,‬د‪.‬ي��و� �س��ف ال �ق��ر� �ض��اوي‪ ,‬دار‬ ‫‪.2‬دول� ��ة ال���س�لاج�ق��ة‪ ,‬د‪ .‬حم�م��د ع�ل��ى ال���ص�لاب��ى‪ ,‬م�صر‪ ,‬ال�شروق‪ ,‬لبنان‪.1998 ,‬‬ ‫م�ؤ�س�سة اقرا‪ ,‬القاهرة‪.2006 ,‬‬ ‫‪ .3‬اجلي�ش االي��وب��ى ف��ى عهد ��ص�لاح ال��دي��ن‪ ,‬د‪ .‬حم�سن ‪�.6‬صالح الدين بطل حطني وحمرر القد�س‪ ,‬د‪ .‬عبداهلل‬ ‫حممد ح�سني ال �ك��ردى‪ ،‬م�ؤ�س�سة الر�سالة‪ ,‬الطبعة نا�صر علوان‪ ,‬دار ال�سالم للن�شر‪ ,‬عمان‪.2002 ,‬‬ ‫االولى‪.1994 ,‬‬ ‫‪ .7‬م �ق��االت ف��ى االن�ترن �ي��ت ل�ل�ك�ت��اب‪ :‬د‪.‬ع�م�ي����ش يو�سف‬ ‫‪ .4‬ن��ورال��دي��ن و ال�صليبيون‪ ,‬ح�سن حب�شى‪ ,‬دار الفكر عمي�ش‪ ,‬حممد م�ؤن�س‪ .‬حممد فورزى رحيل‪..‬‬


‫دراسات‬

‫من حقوق المرأة‬

‫في النظام اإلسالمي المعاصر‬ ‫مقدمة‬ ‫َّا�س ا َّتقُواْ َر َّب ُك ُم ا َّل ِذي خَ لَ َقكُم‬ ‫يقول اهلل تعالى يف كتابه " َيا �أَ ُّي َها الن ُ‬ ‫ِّمن َّنف ٍْ�س َو ِاح � َد ٍة َوخَ لَ َق ِم ْن َها َز ْو َج َها َو َب��ثَّ ِم ْن ُه َما ِر َج��ا ًال َك ِثرياً َو ِن َ�ساء‬ ‫َوا َّتقُواْ اللهّ َ ا َّل ِذي ت َ​َ�ساء ُلو َن ِب ِه َوالأَ ْر َح��ا َم �إِ َّن اللهّ َ َكا َن َعلَ ْي ُك ْم َر ِقيباً(‪-)1‬‬ ‫الن�ساء‪.‬‬ ‫وم��ن تكرمي الإ��س�لام ل�ل�م��ر�أة �أن جعلها �أ��ص� َل ال� رََّّت ةب�ي��ة القَومية‪،‬‬ ‫و َم�صنع ال� ِّرج��ال والأب�ط��ال؛ فقد رب��ط الإ��س�لام بني تَن�شئة الأبطال‬ ‫وال � ِّرج ��ال الأف � ��ذاذ‪ ،‬و� �ص�لاح امل�ج�ت�م��ع‪ ،‬وا��س�ت�ق��ام��ة ح��ال��ه وب�ي�ن امل ��ر�أة‪،‬‬ ‫مقيا�س للأُ ّمة‪.‬‬ ‫ف�صالحها وعلمها وا�ستقامتها‬ ‫ٌ‬ ‫�أوال ‪:‬حقوق املر�أة يف الإ�سالم‬

‫الدكتورة أدب مبارك السعود‬ ‫جامعة العلوم اإلسالمية العالمية‪-‬األردن‬

‫• مفهوم حقوق املر�أة (ت�أ�صيل املفهوم �شرعيا)‬ ‫قبل احلديث عن حقوق امل��ر�أة التي جاء بها الإ�سالم ال بد من‬ ‫تو�ضيح معنى م�صطلح حقوق امل��ر�أة من الناحية ال�شرعية‪ ،‬ذل��ك �أن‬ ‫هذا املفهوم ميكن فهمه على �أكرث من وجه بح�سب من ي�ستخدمه‪� ،‬أو‬ ‫ال�سياق الذي ي�ستخدم فيه‪.‬‬ ‫احلق ‪:‬‬ ‫يف اللغة يعني �ضد الباطل‪ ،‬ووردت كلمة احلق بعدة معان منها‪:‬‬ ‫الثبوت‪،‬الوجود‪،‬ال�صدق‪،‬اليقني‪،‬الأمر القطعي‪،‬العدل‪ ،‬ال�صحيح‪ ،‬امل�ستقيم‪،‬‬ ‫الواجب‪ ،‬والعمل الذي يحدث حتما‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪33‬‬


‫‪34‬‬

‫ويف اال�صطالح ‪:‬عرف الفقهاء والأ�صوليون احلق بتعريفات كل منهما البيولوجية‪ ،‬فقد �ساوت ال�شريعة بني الرجل واملر�أة‬ ‫ال تخرج عن معانيه اللغوية‪ ،‬وله عندهم معنيان ‪:‬‬ ‫يف واجبات الإمي��ان‪ ،‬والعبادات (ال�صالة‪،‬ال�صيام‪ ،‬الزكاة‪ ،‬احلج‬ ‫)‪ ،‬وح��ق امللكية‪ ،‬وال��ذم��ة املالية‪ ،‬يف حني �أعطت حق احل�ضانة‬ ‫الأول‪ :‬ما كان احلكم مطابق للواقع‪ ،‬فالدين حق وعك�سه للمر�أة‪ ،‬وجعلت اجلهاد على الرجل (العيد)‪.‬‬ ‫الباطل‪.‬‬ ‫• حقوق املر�أة يف الإ�سالم‬ ‫ال�ث��اين‪ :‬ويعني ال��واج��ب الثابت‪ ،‬مثل حق اهلل على عباده‪،‬‬ ‫وحقوق العباد‪.‬‬ ‫ االعرتاف بامل�ساواة يف �أ�صل اخللقة‬‫وتق�سم احلقوق وفقا العتبارين رئي�سني هما ‪:‬‬ ‫فالرجل واملر�أة خلقا من نف�س واحدة قال اهلل تعالى‪َ “ :‬يا‬ ‫ا�س ا َّت ُقوا َر َّب ُك ُم ا َّل ِذي َخلَ َق ُك ْم ِمنْ َن ْف ٍ�س َو ِاح َد ٍة َو َخلَ َق ِم ْن َها‬ ‫�أَ ُّي َها ال َّن ُ‬ ‫الأول‪ :‬اعتبار �صاحب احلق‪ ،‬وي�شمل هذا االعتبار ‪:‬‬ ‫اً‬ ‫ريا َو ِن َ�سا ًء” (‪ -)1‬الن�ساء‪.‬‬ ‫َز ْو َج َها َو َب َّث ِم ْن ُه َما ر َِجال َك ِث ً‬ ‫ حق اهلل تعالى اخلال�ص ‪:‬كحقه يف العبادة‪ ،‬واتباع حكمه "�إن‬‫• احلق يف احلياة‬ ‫احلكم �إال هلل" يو�سف(‪.)41‬‬ ‫��س��اوى الإ� �س�لام ب�ين ال��رج��ل وامل ��ر�أة يف ح��ق احل�ي��اة واعترب‬ ‫ حق العباد اخلال�ص‪ :‬وهو ما كان نفعه‬‫خمت�ص ب�شيء معني‪ ،‬التعدي على هذا احلق من �أعظم الذنوب(الكبائر) التي تعادل‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ونحو‬ ‫كحق امللكية‪ ،‬وحق النفقة للزوجه‪،‬‬ ‫قتل النف�س بغري حق‪.‬‬ ‫وال�ف��رق ب�ين احل��ق اخلال�ص هلل‪ ،‬وح��ق العبد �أن��ه ال يجوز‬ ‫وق��د ا�ستنكر الإ� �س�ل�ام وذ ّم ع��ادة و�أد ال�ب�ن��ات ال�ت��ي كانت‬ ‫التنازل عن حقوق‬ ‫اهلل اخلال�صة‪ ،‬يف حني ميكن للفرد التنازل مت��ار��س�ه��ا ب�ع����ض ال�ق�ب��ائ��ل ال�ع��رب�ي��ة ق�ب��ل الإ�� �س�ل�ام وو��ص�ف�ه��ا‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫عن حقه اذا �شاء‬ ‫الُن َثى َظ َّل َو ْج ُه ُه ُم ْ�س َو ًّدا َو ُه َو‬ ‫بالب�شاعة‪َ “ .‬و ِ�إ َذا ُب ِّ�ش َر َ�أ َح ُدهُم ِب ْ أ‬ ‫ ما اجتمع فيه احلقان‪ :‬وحق اهلل هو الغالب‪ ،‬كحد القذف َك ِظي ٌم (‪َ )58‬ي َت َوا َر ِ‬‫ىم َن ا ْل َق ْو ِم ِمن ُ�سو ِء َما ُب ِّ�ش َر ِب ِه �أَيمُ ْ �سِ ُك ُه َعلَى‬ ‫َ‬ ‫ُهونٍ �أَ ْم َيد ُُّ�س ُه يِف الترُّ َ ابِ �أ اَل َ�سا َء َما َي ْح ُك ُمو َن" (‪-)59‬النحل‪ .‬كما‬ ‫بعد رفع الأمر الى احلاكم‪ ،‬وحق الزوجة يف املهر‪.‬‬ ‫حرم قتل النف�س " بغ�ض النظر عن اجلن�س" خوفا من الرزق �أو‬ ‫ ما اجتمع فيه احلقان‪ :‬وحق العبد هو الغالب‪ ،‬كحق الزوجة بعد جرمية الزنا كما وردتفي �سورة الإ�سراء‪.‬‬‫يف العدل عند التعدد‪ ،‬وحقها يف الق�سم ولها احلق يف التنازل‬ ‫كما �ساوى بني الرجل واملر�أة يف الأحكام ال�شرعية كالق�صا�ص‬ ‫عنه كما فعلت �أم امل�ؤمنني “�سودة بنت زمعة “ ر�ضي اهلل‬ ‫عنها بالتنازل عن يومها لل�سيدة عائ�شة ر�ضي اهلل عنها‪ . .‬والدية �إذ جعل دم املر�أة م�ساويا لدم الرجل‪.‬‬ ‫•احلق يف يف الت�صرفات املالية( الذمة املالية امل�ستقلة)‪.‬‬ ‫الثاين ‪:‬اعتبار حمل احلق‪ ،‬وي�شمل ‪:‬‬ ‫�إذا بلغ الإن���س��ان ف�صار ع��اق�لا ر��ش�ي��دا ك��ان��ت ل��ه �شخ�صيته‬ ‫ احلق املايل‪ ،‬والذي ي�شتمل على نوعني‪ :‬احلق الذي يتعلق‬‫ب�أموال التي ميكن اال�ستعا�ضة عنها مبال �أو �أعيان م�ساوية القانونية الكاملة يف �أن يت�صرف فيما ميلكه كما ي�شاء بالبيع‬ ‫لها باملقدار‪ ،‬واحلق املايل املتعلق بالعالقات الزوجية كالزواج والهبة‪ ،‬والو�صية‪ ،‬والإجارة وغري ذلك‪ ،‬وهذا ينطبق على املر�أة‬ ‫يف حال كانت متلك جتارة او عقار �أو مال �أو م�صالح اقت�صادية‪،‬‬ ‫والدخول‪ ،‬وحب�س الزوجة نف�سها مل�صلحة الزوج ‪.‬‬ ‫ولي�س للرجل مهما كانت �صفته �أن يجربها على التنازل عن‬ ‫ احل��ق غ�ير امل ��ايل‪ ،‬وه��و م��ا ك��ان متعلقا ب ��أم��ور غ�ير مالية اموالها او حتديد �آلية ت�صرفها بها‪ ،‬بل لها احلق يف الت�صرف‬‫الكرامة‪ ،‬والعزة‪ ،‬واملعاملة احل�سنة‪.‬‬ ‫باموالها كما ت�شاء �ضمن ال�ضوابط ال�شرعية‪.‬‬ ‫بتحليل م��ا �سبق يت�ضح �أن جميع ه��ذه احل�ق��وق م��ن عند‬ ‫• احلق حرية التفكري والر�أي‬ ‫اهلل تعالى‪ ،‬وتهدف �إل��ى حتقيق م�صالح العباد(ذكورا و�إناثا)‪،‬‬ ‫وحماية الفرد امل�سلم من ال�ضرر‪ .‬فال�شريعة الإ�سالمية �إما‬ ‫ما دامت املر�أة كالرجل يف م�س�ؤولية التكليف واجلزاء ف�إنها‬ ‫جلب منافع‪� ،‬أو درء مفا�سد (�ضرر)‪ ،‬لذا ف�إن ال�شرع �أكد على تت�ساوى معه يف ح��ق التفكري وح��ري��ة ال ��ر�أي ووج ��وب النظر‬ ‫حماية ه��ذه احلقوق‪ ،‬وع��دم منع �أ�صحابها من التمتع بها‪� ،‬أو والتدبر لت�صل �إلى الر�أي القومي و �أعطى الإ�سالم للمر�أة حق‬ ‫حرمانهم منها‪� ،‬أو انتقا�صها‪ ،‬ورتب على ذلك عقوبات حمددة‪ .‬طلب العلم والتعلم‬ ‫وت�ت�ن��وع احل�ق��وق وال��واج �ب��ات ب�ين ال��رج��ال وال�ن���س��اء‪ ،‬حيث‬ ‫فقد روى البخاري وم�سلم عن �أبي �سعيد اخلدري‪" :‬جاءت‬ ‫مراعاة‬ ‫يقوم تق�سيمها على �أ�سا�س خ�صائ�ص اخللق والتكوين‪،‬‬ ‫امر�أة �إلى ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم فقالت‪ :‬يا ر�سول اهلل!‬ ‫للتمايز والفروق يف اخللق‪ ،‬وما تبعه من ق��درات‬ ‫واحتياجات‪ ،‬ذهب الرجال بحديثك‪ ،‬فاجعل لنا من نف�سك يو ًما ن�أتيك فيه‪،‬‬ ‫وه��ذه الفروق ت�شمل االختالف يف الرتكيب اجل�سمي للمر�أة‪،‬‬ ‫والطبيعة النف�سية �أي�ضا‪ ،‬لذا جند �أن ال�شريعة الإ�سالمية قد تعلمنا مما علمك اهلل‪ .‬قال‪ :‬اجتمعن يوم كذا وكذا‪ ،‬فاجتمعن‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫�ضمنت امل�ساواة بني الرجل وامل��ر�أة يف النواحي الإن�سانية مع ف��أت��اه� َّ�ن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‪،‬‬ ‫فعلمهن مم��ا علمه اهلل‬ ‫بع�ض اخل�صو�صية يف بع�ض الأح�ك��ام ال�شرعية ح�سب طبيعة (العي�سوي)‪.‬‬


‫•احلق يف اختيارالزوج‬ ‫ال يجوز تزويج املر�أة بدون ر�ضاها ولها حق الرف�ض وحق‬ ‫الإي�ج��اب كما فر�ض لها ال���ص��داق (امل�ه��ر) وجعله م��ن �شروط‬ ‫الزواج وهو حق للمر�أة حتى بعد وفاة الزوج‪ ،‬كما �أعطاها احلق‬ ‫يف ط�ل��ب ال �ط�لاق يف ح��ال ع��دم ال �ق��درة ع�ل��ى ا��س�ت�م��رار احل�ي��اة‬ ‫ال��زوج�ي��ة ب��ل منحها ح��ق اف �ت��داء نف�سها يف ح��ال خ��اف��ت على‬ ‫حياتها‪� ،‬أو خ�شيت عدم القدرة على تطبيق �شرع اهلل وهو ما درج‬ ‫على ت�سميته “باخللع “‪.‬‬ ‫وحتى بعد الطالق ف�إنه من حق الزوجة املطلقة �أن تبقى‬ ‫يف بيتها ملدة ال�شهور الثالثة ح ّتى تنق�ضي هذه املدة‪ ،‬وال يحق‬ ‫للزوج �إخراجها من بيته‪ ،‬وذلك لقول اهلل تعالى "ال تخرجوهن‬ ‫من بيوتهن وال يخرجن"‪ ،‬ويف الفرتة التي تلتزم بها بالبيت‪،‬‬ ‫يجب على زوجها �أن ي�صرف عليها وينفق‪.‬‬ ‫وبعد انق�ضاء عدة الثالثة �شهور‪ ،‬يجب على الزوج �أن يقوم‬ ‫بتوثيق الطالق من املحكمة ال�شرعية مع �إ�شعار ويل �أمر زوجته‬ ‫املطلقة بذلك‪.‬‬ ‫وم��ن ح��ق امل ��ر�أة املطلقة بعد ال�ط�لاق � اّأل حت��رم م��ن ر�ؤي��ة‬ ‫�أطفالها‪� ،‬أو احت�ضانهم بح�سب الطريقة التي حتددها املحكمة‪،‬‬ ‫والإ� �س�ل�ام منح الأم ك��ام��ل احل��ق يف رع��اي��ة �أب�ن��ائ�ه��ا ح��ال وق��وع‬ ‫الطالق‪،‬بينما يتكفل والدهم بالنفقة عليهم‪.‬‬ ‫ويف املجتمع احلايل يرتتب على الدولة حق امل��ر�أة املطلقة‬ ‫باحل�صول على املعونة املالية التي توفر لها احلد املنا�سب ل�سد‬ ‫حاجاتها الأ�سا�سية‪.‬‬ ‫على املجتمع تغيري النظرة ال�سلبية للمطلقة من منطلق‬ ‫ال�شفقة �أو الدونية �أو �أنها ال�سبب يف الطالق‪ ،‬واعتبار الطالق‬ ‫�أمرا ال ينق�ص من قيمتها االجتماعية �أو كرامتها الإن�سانية‪.‬‬ ‫• احلق يف النفقة‬ ‫جعل لها حق النفقة �سواء كانت زوجة �أو كانت بنتاً �أو �أماً‬ ‫�أو �أختاً فلم يكلفها الإنفاق على نف�سها وحتمل امل�شاق من �أجل‬ ‫احل�صول على النفقة بل �أوجبها على الرجل يف كل الأح��وال‪،‬‬ ‫وه��ذا من �أج��ل �صونها واحلفاظ عليها‪ ،‬و�أن��اط النفقة بالويل‬ ‫مبا ي�ضمن لها معي�شة كرمية‪ ،‬ف�إذا كانت زوجة وجب الإنفاق‬ ‫عليها من ال��زوج لقوله تعالى‪� “ :‬أَ ْ�س ِك ُنو ُهنَّ ِم��نْ َح ْي ُث َ�س َك ْن ُت ْم‬ ‫ِمنْ ُو ْج ِد ُك ْم َو اَل ُت َ�ضا ُّرو ُهنَّ ِل ُت َ�ض ِّي ُقوا َعلَ ْيهِنَّ َو�إِ ْن ُكنَّ �أُ اَول ِت َح ْملٍ‬ ‫َف�أَ ْن ِف ُقوا َعلَ ْيهِنَّ َح َّتى َي َ�ض ْع َن َح ْملَ ُهنَّ َف�إِ ْن �أَ ْر َ�ض ْع َن َل ُك ْم َف�آ ُتو ُهنَّ‬ ‫�أُ ُجو َر ُهنَّ َو�أْتمَِ � ُروا َب ْي َن ُك ْم بمِ َ ْع ُر ٍ‬ ‫وف َو ِ�إ ْن َت َع َا�س ْرتمُ ْ َف َ�سترُ ْ �ضِ ُع َل ُه‬ ‫�أُ ْخ� َرى ِل ُي ْن ِف ْق ُذو َ�س َع ٍة ِمنْ َ�س َع ِت ِه َو َم��نْ ُق� ِد َر َعلَ ْي ِه ِر ْز ُق� ُه َف ْل ُي ْن ِف ْق‬ ‫ممِ َّ ا �آ َتا ُه اللهَّ ُ اَل ُي َك ِّل ُف اللهَّ ُ َن ْف ً�سا �إِ اَّل َما �آ َتاهَا َ�س َي ْج َع ُل اللهَّ ُ َب ْع َد ُع ْ�س ٍر‬ ‫ُي ْ�س ًرا"‪.‬‬ ‫•احلق يف احلماية من العنف بكافة �أ�شكاله‬ ‫من الظواهر املنت�شرة يف املجتمعات املعا�صرة هو العنف �ضد‬ ‫املر�أة والذي ي�أخذ �أ�شكاال عديدة منها ‪:‬‬ ‫• العنف اجل�سدي‪� :‬أي ال�ضرب والتعذيب بطرق خمتلفة مما‬

‫يوقع �ضررا مبا�شرا عليها‪ ،‬وقد ي�ؤدي �إلى ت�شوهات خا�صة‬ ‫�إذا ا�ستخدم �آالت حادة او مواد كيماوية �أو حارقة‪� ،‬أو ما �شابه‪.‬‬ ‫• العنف املعنوي‪ :‬ا�ستخدام الألفاظ امل�ؤذية واجلارحة و�إطالق‬ ‫الأو��ص��اف القبيحة على امل��ر�أة‪ ،‬وا�ستفزازها مبقارنتها مع‬ ‫االخرين و�إظهار ال�سلبيات فقط‪ ،‬واحيانا التهديد امل�ستمر‬ ‫بالطالق �أو ال��زواج من اخرى مناكفة �أو ازدراء لها‪ ،‬وعدم‬ ‫�إ�شراكها يف القرار الأ�سري‪.‬‬ ‫• العنف االقت�صادي‪ :‬بعدم االنفاق عليها وعلى الأ�سرة مبا‬ ‫يلبي احلاجات الأ�سا�سية لها‪ ،‬او اجبارها على العمل وعدم‬ ‫اعطائها احلق يف اال�ستقاللية املالية واحلرية يف الت�صرف‬ ‫ب�أموالها‪� ،‬أو اجبارها على ترك العمل دون رغبتها‪.‬‬ ‫• احلق يف املرياث‬ ‫ت�ضمن ال�ق��ر�آن الكرمي العديد من الآي��ات القر�آنية التي‬ ‫بينت ح�صة املر�أة يف املرياث وفقا حلاالت معينة ولي�س �صحيحا‬ ‫�أن ن�صيب املر�أة ن�صف املقدارالذي ي�أخذه الرجل من املرياث يف‬ ‫كل احلاالت بل انها احيانا ت�أخذ اكرث منه و�أحياناً تت�ساوى معه‬ ‫و�أحيانا �أقل‪ ،‬وهذا معمول به يف القوانني اخلا�صة بهذا الأمر‪.‬‬ ‫و مل يعمم التفاوت بني الذكر والأنثى يف عموم الوارثني‬ ‫و�إمن��ا ح�صره يف هذه احلالة بالذات يف حالة الأبناء‪ ،‬واحلكمة‬ ‫هنا ان الذكر مكلف ب�إعالة الزوجة والأخت غري املتزوجة‪ ,‬اما‬ ‫لو كانت متزوجة ف�إعالتها على زوجها وبذلك تكون املر�أة �أكرث‬ ‫حظا‪ ،‬فالإعالة يف اال�سالم منوطة بالأب او الأخ �أو الزوج‪ ,‬وبذلك‬ ‫يكون مرياثها ‪-‬مع �إعفائها من الإنفاق الواجب ‪ -‬هو ذمة مالية‬ ‫خال�صة لها لت�أمني حياتها �ضد التقلبات واملخاطر‪،‬وميكن‬ ‫اي�ضاح ذلك على النحو الآتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬هناك �أربع حاالت فقط ترث فيها املر�أة ن�صف الرجل‬ ‫‪ -2‬ه�ن��اك �أ��ض�ع��اف ه��ذه احل��االت الأرب ��ع ت��رث فيها امل ��ر�أة مثل‬ ‫الرجل متاما‪.‬‬ ‫‪ -3‬هناك �أكرث من ع�شر حاالت ترث فيها املر�أة �أكرث من الرجل‪.‬‬ ‫‪ -4‬هناك حاالت ترث فيها املر�أة وال يرث نظريها من الرجال‪� .‬أي‬ ‫ان هناك �أكرث من ثالثني حالة ت�أخذ فيها املر�أة مثل الرجل �أو‬ ‫�أكرث منه او ترث هي وال يرث نظريها من الرجال يف مقابلة‬ ‫�أربع حاالت حمددة ترث فيها املر�أة ن�صف الرجل‪ ،‬وهذا ح�سب‬ ‫علم الفرائ�ض (املواريث) التي حكمتها املعايري الإ�سالمية‪.‬‬ ‫• احلق يف التعليم‬ ‫كانت الن�ساء يف عهد الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم يتعلمن‬ ‫من �أزواج�ه��ن و�أبنائهن �أم��ور دينهن كما �أن الر�سول �صلىاهلل‬ ‫عليه و�سلم يخ�ص�ص لهن يوماً ليعلمهن فيه �أمور الدين وكن‬ ‫ي�س�ألنه ما يخفى عليهن حتى �أن ال�سيدة عائ�شة ر�ضي اهلل عنها‬ ‫قالت ‪ ”:‬نعم الن�ساء ن�ساء الأن�صار مل يكن مينعهن احلياء �أن‬ ‫يتفقهن يف الدين" وذلك عندما جاءت �أ�سماء ت�س�أل عن غ�سل‬ ‫املحي�ض‪ ،‬وللن�ساء احلق يف الذهاب للم�سجد والتفقه يف الدين‪،‬‬ ‫ق��ال ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و��س�ل��م‪“ :‬ال متنعوا �إم ��اء اهلل‬ ‫م�ساجد اهلل “‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪35‬‬


‫وقد حدد الإ�سالم تعليم املر�أة ب�ضوابط و�آداب �أهمها‪:‬‬ ‫االلتزام بال�ضوابط الأخالقية يف الأماكن العامة‪ ،‬و�أن تتميز‬ ‫الن�ساء ب�أماكن تعليمية منف�صلة عن الرجال وذلك منعاً للف�ساد‬ ‫ال ��ذي ن ��راه �أح �ي��ان �اً يف خمتلف �أم��اك��ن ال�ع�ل��م املختلط وال��ذي‬ ‫ن�شاهد عواقبه املدمرة على الأخ�لاق والف�ضائل ب�سبب البعد‬ ‫ع��ن الإ��س�لام وتربيته و�ضوابطه‪ ،‬بالإ�ضافة �إل��ى �أه��م �ضابط‬ ‫وهو اللبا�س ال�شرعي‪ ،‬قال تعالى‪َ ( :‬يا �أَ ُّي َها ال َّنب ُِّي ُق ْل لأَ ْز َواجِ َك‬ ‫ِني ُيدْن َ‬ ‫َو َب َنا ِت َك َو ِن َ�سا ِء المْ ُ�ؤ ِْمن َ‬ ‫ِني َعلَ ْيهِنَّ ِمنْ َجالبِي ِبهِنَّ َذ ِل َك �أَ ْد َنى‬ ‫ُ‬ ‫اللهَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫�أَ ْن ُي ْع َر ْف َن َفال ُي�ؤْ َذ ْي َن َوكا َن غ ُفو ًرا َر ِحي ًما)‪-‬الأحزاب(‪.)59‬‬ ‫ولكن‪.... .‬‬ ‫ما هي �أولو ّيات التع ّلم بالن�سبة للمر�أة؟‬ ‫يرى البع�ض �أن هناك �أولويات بغ�ض عن النظر �إلى م�س�ألة‬ ‫تعليم املر�أة‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:‬‬ ‫‪ -1‬املعارف الأ�سا�س ّية كالعقائد والفقه والأخالق‪ :‬ورد يف رواية‬ ‫النبي �صلى اهلل عليه و�آل��ه و�سلم‪�" :‬إنمّ ا العلم ثالثة‪:‬‬ ‫عن ّ‬ ‫�آي��ة حمكمة �أو فري�ضة عادلة �أو �س ّنة قائمة‪ ،‬وم��ا خالهنّ‬ ‫فهو ف�ضل"‪ .‬وه��ذه العلوم �ضرور ّية ج� ّداً لك ّل ام��ر�أة يف �أيّ‬ ‫موقع كانت‪ ،‬فهي قبل ك ّل �شيء م�أمورة ب�إ�صالح نف�سها على‬ ‫وامل�سلكي‬ ‫والقلبي الأخ�لاق� ّ�ي‪،‬‬ ‫امل�ستوى امل�ع��ر ّيف العقائديّ ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفقهي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪� -2‬أ�ساليب تدبري �ش�ؤون الأ�سرة‪ :‬حيث تتعدد �أدوار املر�أة يف‬ ‫الأ�سرة ك�إبنة �أو �أخت �أو زوجة �أو �أم‪ ،‬وهذه الأدوار ك ّلها لها‬ ‫اخلا�صة وت�أثريها على العائلة وخ�صو�صاً الأ ّم التي‬ ‫�أهم ّيتها ّ‬ ‫تربي الأبناء‪ ،‬وعليه فعلى الأ ّم تع ّلم و�سائل الرتبية‪ ،‬والتع ّرف‬ ‫علىاخل�صائ�صالنمائيةللأطفالومتغيرّاتهموفقاللمرحلة‬ ‫يح�سن من م�ستوى تربيتها ورعايتها للأبناء‪.‬‬ ‫العمرية‪ ،‬مما ّ‬

‫‪36‬‬

‫ب ـ �أن ي�ك��ون ال�ع�م��ل ب�ع�ي��دا ع��ن ج��و االخ �ت�ل�اط‪ ..‬وذل ��ك منعا‬ ‫لل�شبهات وحفاظا على الأخالق الطيبة‪..‬‬ ‫ج ـ �أال يتعار�ض عمل املر�أة مع ر�سالتها احلقيقية‪ .‬وهي الأمومة‬ ‫ورعاية �ش�ؤون الأ�سرة‬ ‫ح‪� -‬أن تكون امل��ر�أة اخلارجة للعمل يف حاجة له‪ ،‬وو�ضع �أ�سرتها‬ ‫االقت�صادي يفر�ض عليها خروجها للعمل‪.‬‬ ‫خ‪� -‬أن تخرج املر�أة من بيتها حمجبة م�ستورة‪.‬‬ ‫د‪� -‬أن ال تبدي املر�أة �أي زينة �أثناء خروجها من بيتها‪.‬‬ ‫ذ‪� -‬أن حت�صل على موافقة وليها‪ ،‬وال��ده��ا ك��ان �أو زوجها لكي‬ ‫تخرج للعمل‪.‬‬ ‫• احلق يف ال�شهادة‬ ‫لقد جاء مبد�أُ توثيق احلقوق و�إثباتها عن طريق الكتابة‬ ‫وال�شهادة يف �آية املداينة‪ ،‬فقال تعالى‪َ " :‬و ْا�س َت ْ�ش ِهدُوا َ�شهِي َد ْينِ‬ ‫ِمنْ ِر َجا ِل ُك ْم َف�إِ ْن لمَ ْ َي ُكو َنا َر ُجلَينِْ َف َر ُج ٌل َوا ْم َر�أَ َتانِ ممِ َّ نْ َت ْر َ�ض ْو َن‬ ‫ِم� َ�ن ُّ‬ ‫الُ ْخ� � َرى "‬ ‫ال�ش َهدَا ِء َ�أ ْن َت�ضِ َّل �إ ِْح�دَا ُه� َم��ا َف ُت َذ ِّك َر �إ ِْح�دَا ُه� َم��ا ْ أ‬ ‫ال�ب�ق��رة‪ ،282 :‬وت��دل الآي ��ة على توثيق احل�ق��وق لئال ت�ضيع‪،‬‬ ‫وال عالقة العتبار �شهادة ام��ر�أت�ين مقابل �شهادة رج��ل واحد‬ ‫ب�إن�سانية امل ��ر�أة وكرامتها و�أهليتها‪،‬كما �أن الأم ��ر ال ينطبق‬ ‫على جميع احل��االت ويف هذا ال�سياق ال بد من تو�ضيح االتي‪:‬‬ ‫ �أن امل��ر�أة يف �أغلب الأوق��ات تلزم البيت‪ ،‬ويقت�صر عملها على‬‫ير مهتمة باملعامالت املالية وما‬ ‫��ش��ؤون البيت مما يجع ُلها غ� َ‬ ‫�شابهها‪ ،‬بل تكون ممار�س ُتها لها �أو ح�ضورها ملجال�سها ال يقع �إال‬ ‫قلي ًال؛ لذلك تكون ذاكرتها يف هذه اجلهة �ضعيف ًة‪ ،‬بعك�سها يف‬ ‫الأمور املنزلية‪ ،‬ف�إنها تكون فيها �أقوى من ذاكرة الرجل؛ ذلك‬ ‫�أن من طبيعة الب�شر ذكو ًرا و�إنا ًثا �أن َي ْق َوى تذ ُّكرهم للأمور التي‬ ‫تهمهم‪ ،‬ويكرث ا�شتغا ُلهم بها‪ ،‬وال تنخرم تلك القاعدة مبمار�سة‬ ‫عدد من الن�ساء للأعمال املالية؛ لأنها قليلة‪ ،‬والأحكام العامة‬ ‫�إمنا ُتناط بالأكرث يف الأ�شياء وب�أ�صلها‪ ،‬دون ال�شاذ منها‪.‬‬ ‫ ان امل��ر�أة تتم َّيز بقوة العاطفة‪ ،‬ور َّق��ة القلب‪،‬نظرا لوظيفتها‬‫الأ�سا�سية من احل�ضانة والأم��وم��ة لذلك ج��اءت عاطف ُتها‬ ‫�أقوى من تفكريِها‪ ،‬وتطغى عليه يف كث ٍري من الأحيان‪ ،‬لذا‬ ‫جاء ا�ستبعا ُد �شهاد ِتها يف الق�ضايا اخلطرة كاحلدود والدماء‪،‬‬ ‫وفيما عداهما قبلت مع �شهادة رجلٍ ‪ ،‬ب�شرط �أن تكون معها‬ ‫واحدة �أخرى‪ ،‬حتى �إذا ن�سيت �إحداهما ذ َّكر ْتها الأخرى‪ ،‬ثم‬ ‫�أخذ ب�شهادتها وحدَها يف الأمور التي مل َّ‬ ‫يطلع عليها غريها‪.‬‬

‫‪ -3‬اخل� � � ��دم� � � ��ات‪ :‬حت� � �ت � ��اج امل� � � � � � ��ر�أة ال� � � ��ى ال � �ع � ��دي � ��د م��ن‬ ‫اخلدمات(اجتماع ّية‪ ،‬ونف�س ّية‪ ،‬و�صحية‪ .. .‬الخ)‪ ،‬مما يربز‬ ‫احل��اج��ة �إل ��ى وج ��ود ن���س��اء ي�ق��دم��ن ت�ل��ك اخل��دم��ات ح�ت��ى ال‬ ‫ت�ضطر املراة امل�سلمة �إلى احل�صول عليها من قبل الرجال‪.‬‬ ‫‪ -4‬حاجات املجتمع‪ :‬ت�شكل الن�ساء ن�صف املجتمع تقريبا من‬ ‫الناحية ال��رق�م�ي��ة‪ ،‬كما ان�ه��ا تتولى رع��اي��ة الن�صف االخ��ر‬ ‫عمليا‪ ،‬وبالتايل ف�إن املر�أة املتعلمة ت�ستطيع بناء جيل متميز‪،‬‬ ‫مما ي�ساعد يف نه�ضة الأمة‪ ،‬فاملر�أة املتعلمة هي �أ�سا�س نه�ضة‬ ‫ال�شعوب وتقدمها‪.‬‬ ‫وي�ق��ول �أح��د الك َّتاب امل�سلمني‪" :‬لي�س اعتبار �شهادة ام��ر�أت�ين‬ ‫• احلق يف العمل‬ ‫ب�شهادة رجل واحد دلي ًال كذلك على �أن املر�أة ت�ساوي ن�صف‬ ‫و�أب� ��اح اال� �س�لام ل�ل�م��راة �أن تعمل وذل ��ك وف��ق ال���ش��روط “ رج��ل‪� ،‬إمن��ا ه��ي �إج��راء ُر ِ‬ ‫وع � َي فيه توفري ك��ل ال�ضمانات يف‬ ‫ال�ضوابط “ التالية ‪:‬‬ ‫ال�شهادة‪� ،‬سواء كانت ال�شهادة مل�صلحة املتهم �أم �ضده‪ ،‬وملا‬ ‫�أـ �أن ين�سجم العمل وطبيعة امل��ر�أة كالتعليم واملهن والوظائف كانت بطبيعتها العاطفية املتدفقة ال�سريعة االنفعال مظ َّن َة‬ ‫اخلا�صة بالن�ساء‪ ..‬وتن�سجم وطبيعتهن‪� ..‬أما الأعمال التي �أن تت�أ َّثر مبالب�سات الق�ضية‪ ،‬فت�ضل عن احلقيقة؛ ُر ِ‬ ‫وعي �أن‬ ‫ال ينجح يف القيام بها �إال الرجال فقد منعها الإ�سالم من تكون معها امر�أ ٌة �أخرى؛ �أن ت�ضل �إحداهما فتذ َّكر �إحداهما‬ ‫ممار�ستها‪..‬‬ ‫الأخرى‪ ،‬فتظهر احلقيقة"‪.‬‬


‫ �أجاز الإ�سالم الأخذ ب�شهادة امر�أة واحدة �أو امر�أتني من دون‬‫ال��رج��ل يف احل ��وادث الفجائية‪� ،‬أو يف احل��االت ال�ت��ي �إن مل‬ ‫ت�ؤخذ ب�شهادتها �ضاعت احلقوق‪ ،‬وكذلك ي�ؤخذ ب�شهادتها‬ ‫دون الرجل يف احل��وادث التي ال ت�ش َهدُها �إال الن�ساء‪ ،‬وقد‬ ‫د َّل القر�آن على َقبول �شهادة اثنني من الك َّفار على و�صية‬ ‫امل�سلم الذي يدركه املوت فيو�صي وال يجد �أحدًا غري الكفار‬ ‫للإ�شهاد عليها‪ ،‬وذلك بقوله تعالى‪َ “ :‬يا �أَ ُّي َها ا َّل ِذ َ‬ ‫ين �آ َم ُنوا‬ ‫َ�ش َها َد ُة َب ْي ِن ُك ْم �إِ َذا َح َ�ض َر �أَ َح� َد ُك� ُم المْ َ� ْو ُت ِح�ي َ‬ ‫ن ا ْل َو�صِ َّي ِة ا ْث َنانِ‬ ‫َ‬ ‫َذ َوا َع � ْدلٍ ِم ْن ُك ْم َ�أ ْو � َآخ � َرانِ ِم��نْ َغ�ْيِرِْ ُك� ْم �إِ ْن �أ ْن� ُت� ْم َ�ض َر ْب ُت ْم يِف‬ ‫ال ْر� �ضِ َف َ�أ َ�صا َب ْت ُك ْم ُم�صِ ي َب ُة المْ َ� ْو ِت " املائدة‪ ،106 :‬ف�إذا كانت‬ ‫ْ َأ‬ ‫�شهادة الكفار على و�صية امل�سلم نافذ ًة‪ ،‬كما قال بذلك عدد‬ ‫م��ن ال�صحابة وال�ف�ق�ه��اء‪ ،‬و�أح �م��د ب��ن حنبل‪ ،‬واب��ن تيمية‪،‬‬ ‫والقرطبي‪ ،‬فمما ال �شك فيه �أن �شهادة امل�سلم رج ًال كان �أم‬ ‫امر�أ ًة َ�أ ْولى بالأخذ من �شهادة الكافر‪.‬‬ ‫وق��د ذه��ب ال�ظ��اه��ري��ة‪ ،‬واب ��ن تيمية‪ ،‬واب ��ن ال�ق�ي��م‪ ،‬وبع�ض‬ ‫املحدثني من فقهاء الع�صر؛ كالعالمة حممد جليزادة‪ ،‬وحممد‬ ‫ع��زة دروزة‪� ،‬إل��ى َق�ب��ولِ �شهادة امل��ر�أة يف جميع امل�سائل حتى يف‬ ‫احلدود والدماء والعقود كالنكاح وما �شابهه؛ ا�ستنا ًدا �إلى الآيات‬ ‫املتعلقة با�ست�شهاد ال�شهداء ب�صفة عامة دون متييز بني �أن يكون‬ ‫ال�شاهد ذك ًرا �أم �أنثى؛ ومن ذلك قوله تعالى‪َ “ :‬و�أَ ْ�ش ِهدُوا َذ َو ْي‬ ‫َع � ْدلٍ ِم ْن ُك ْم " ال �ط�لاق‪ ،)2(:‬وقوله تعالى‪َ " :‬وال�َّل�اَّ ِت��ي َي��أْ ِت�ي َ‬ ‫ن‬ ‫ا ْل َف ِاح َ�ش َة ِم��نْ ِن َ�سا ِئ ُك ْم َف ْا�س َت ْ�ش ِهدُوا َعلَ ْيهِنَّ �أَ ْر َب � َع � ًة ِم ْن ُك ْم َف � إِ� ْن‬ ‫َ�ش ِهدُوا َف َ�أ ْم�سِ ُكو ُهنَّ يِف ا ْل ُب ُي ِ‬ ‫وت َح َّتى َي َت َو َّفا ُهنَّ المْ َ� ْو ُت �أَ ْو َي ْج َع َل‬ ‫ْ‬ ‫اللهَّ ُ َل ُهنَّ َ�سبِيل" الن�ساء‪ ،)15( :‬وقوله ‪-‬تعالى‪ُ } :-‬ث َّم لمَ ْ َي�أ ُتوا‬ ‫بِ�أَ ْر َب َع ِة ُ�ش َهدَا َء { النور‪ ،4 :‬فقد ق�صد بال�شهداء يف هذه الآيات‬ ‫الرجال والن�ساء؛ لعدم وجود قرينة تدل على �أن امل��راد �شهادة‬ ‫الرجل فقط دون املر�أة‪.‬‬ ‫وم��ن املتفق عليه �أن �شهادة امل��ر�أة وحدها ُتق َبل يف �أم��ور‬ ‫اخ�ت���ص��ا��ص�ه��ا؛ ك���ش�ه��ادت�ه��ا يف ال��ر� �ض��اع‪ ،‬وال �ب �ك��ارة‪ ،‬وال�ث�ي��وب��ة‪،‬‬ ‫واحلي�ض‪ ،‬وال��والدة‪ ،‬وكذلك جماعات الن�ساء والأعرا�س‪ ،‬ونحو‬ ‫ذلك مما كان تخت�ص مبعرفته الن�ساء‪ ،‬بل هي يف هذه الأم��ور‬ ‫تع ُّد �شهادتها �أحق من �شهادة الرجل‪.‬‬ ‫كما ن����ص ال �ق��ر�آن على امل���س��اواة يف ال���ش�ه��ادة ب�ين امل��ر�أة‬ ‫والرجل �إذا ا َّتهم الرجل زوج َته بال�سوء ب��أن ي�شهد ٌّ‬ ‫كل منهما‬ ‫�أربع �شهادات‪ ،‬قال تعالى‪َ }:‬وا َّل ِذ َ‬ ‫ين َي ْر ُمو َن �أَ ْز َو َاج ُه ْم َولمَ ْ َي ُكنْ‬ ‫َل ُه ْم ُ�ش َهدَا ُء �إ اَِّل �أَ ْن ُف ُ�س ُه ْم َف َ�ش َها َد ُة �أَ َح ِد ِه ْم َ�أ ْر َب ُع َ�ش َها َد ٍات ِباللهَِّ ِ �إ َّن ُه لمَِ َن‬ ‫ِني * َوالخْ َ ِام َ�س ُة �أَ َّن َل ْع َنتَ اللهَِّ َعلَ ْي ِه �إِ ْن َكا َن ِم َن ا ْل َكا ِذب َ‬ ‫ال�صا ِدق َ‬ ‫ِني *‬ ‫َّ‬ ‫َو َي ْد َر ُ�أ َع ْن َها ا ْل َع َذ َاب َ�أ ْن َت ْ�ش َه َد َ�أ ْر َب َع َ�ش َها َد ٍات ِباللهَِّ ِ�إ َّن ُه لمَِ َن ا ْل َكا ِذب َ‬ ‫ِني‬ ‫* َوالخْ َ � ِ�ام��� َ�س� َة �أَ َّن َغ َ�ض َب اللهَِّ َعلَ ْي َها �إِ ْن َك��ا َن ِم� َ�ن ال��َّ��ص��ا ِد ِق�ي َ‬ ‫ن{‬ ‫النور‪()9 - 6(:‬بدران‪.)2013،‬‬ ‫• احلق يف امل�شاركة يف احلياة ال�سيا�سية‬ ‫تعر�ضت م�شاركة امل��ر�أة يف احل�ي��اة ال�سيا�سية �إل��ى جدل‬ ‫كبري‪� ،‬سواء كان ذلك على �صعيد اخلطاب ال�سيا�سي احلديث‪،‬‬ ‫�أو ما ت�ضمنه الرتاث املتعلق بتاريخ املر�أة ال�سيا�سي عرب القرون‬ ‫ال�سابقة‪ ،‬وقد خ�ضعت م�شاركة امل��ر�أة يف احلياة ال�سيا�سية �إلى‬ ‫نقا�ش من نوع خا�ص‪ ،‬متيز باحلدّة ن�سبيا �سواء من املعار�ضني �أو‬ ‫من امل�ؤيدين للم�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة‪ ،‬ولأ�سباب عديدة لدى‬ ‫الطرفني املت�ضاربني‪ ،،‬ويعود ال�سبب يف ح��دة اجل��دل الدائر‬

‫حول هذا الأمر‪ -‬من وجهة نظري‪� -‬إلى ‪-:‬‬ ‫ الفهم غري ال�صحيح للن�صو�ص ال�شرعية ‪ -‬الواردة يف م�صادر‬‫الت�شريع ‪ -‬اخلا�صة بالأدوار الإجتماعية للمر�أة‪ ،‬والتي تبني‬ ‫الت�صور الإ�سالمي ونظرته للمر�أة‪ ،‬واملقا�صد ال�شرعية لهذا‬ ‫ّ‬ ‫الت�صور‪.‬‬ ‫ املمار�سات املخالفة للدين – حتت غطاء الدين ‪ -‬جتاه املر�أة‬‫يف املجتمعات اال�سالمية‪ ،‬ما �أدى �إلى بروز �إ�شكاليات كثرية‬ ‫ح��ول م�شاركة امل��ر�أة ال�سيا�سية‪ ،‬ف�ضال عن قيامها ب ��أدوار‬ ‫اجتماعية �أخرى‪.‬‬ ‫ ال�صورة غري ال�صحيحة التي تكونت عند �أ�صحاب الثقافات‬‫الأخ��رى ح��ول �صورة امل��ر�أة يف الإ��س�لام‪ ،‬وذل��ك ب�سبب عدم‬ ‫قيام �أبناء الأم��ة اال�سالمية باجلهد الكايف لبيان ال�صورة‬ ‫ال�صحيحة مل�شاركة املر�أة (نظريا وعمليا) من جهة‪ ،‬والهجمة‬ ‫املق�صودة على امل��ر�أة امل�سلمة و�إظهارها ب�صورة دونية و�أقل‬ ‫�أه�م�ي��ة م��ن ال��رج��ل بحجة ال�ظ�ل��م ال��دي�ن��ي ل�ه��ا م��ن خ�لال‬ ‫العر�ض لبع�ض الن�صو�ص ال�شرعية املت�ضمنة �أحكاما خا�صة‬ ‫باملر�أة‪ ،‬او تنظم عالقات حمددة بني املر�أة والرجل يف حاالت‬ ‫ع��دي��دة‪ ،‬والرتكيز على الق�ضايا اخلالفية وع��دم الوقوف‬ ‫على احلكم االلهية �أو الفوائد االجتماعية للمجتمع‪ " :‬وال‬ ‫يظلم ربك �أحدا " “�أ�أنتم �أعلم �أم اهلل "‪.‬‬ ‫ الهجمة ال�شر�سة من قبل �أع��داء الأم��ة الإ�سالمية – وقد‬‫ينكر البع�ض ه��ذا ال�سبب بحجة نظرية امل ��ؤام��رة ‪ -‬على‬ ‫املجتمعات امل�سلمة‪ ،‬ب�ه��دف �إ��ض�ع��اف�ه��ا لت�سهيل ال�سيطرة‬ ‫عليها‪ ،‬من خالل مدخل احلقوق الإن�سانية وبع�ض املفاهيم‬ ‫االن���س��ان�ي��ة ال�ع��ام��ة م�ث��ل‪ :‬امل �� �س��اواة‪ ،‬ال�ع��دال��ة الإج�ت�م��اع�ي��ة‪،‬‬ ‫واحلقوق الإن�سانية الواردة يف امليثاق العاملي حلقوق الإن�سان‬ ‫(‪،)1948‬وتتخذ من هذه مداخال لتفكيك املجتمعات علما �أن‬ ‫جملة احلقوق الواردة يف امليثاق العاملي حلقوق الإن�سان جاء‬ ‫بها الإ�سالم قبل اربعة ع�شر قرنا ونيف‪.. .‬و�أن ال�سائد من‬ ‫ممار�سات خاطئة ما هي �إال ممار�سات جمتمعية ال يتحمل‬ ‫وزرها الدين بل من ميار�سها‪.‬‬ ‫ومي � �ك ��ن ت� �ع ��ري ��ف امل� ��� �ش ��ارك ��ة ال �� �س �ي��ا� �س �ي��ة ع� �ل ��ى �أن � �ه ��ا‪:‬‬ ‫"تعزيز دور املر�أة يف �إطار النظام ال�سيا�سي‪ ،‬ل�ضمان م�ساهمتها‬ ‫يف عملية �صنع ال�سيا�سات العامة‪ ،‬والقرارات ال�سيا�سية‪ ،‬والت�أثري‬ ‫فيها‪ ،‬واختيار القادة ال�سيا�سيني"(العزب‪.)2012،‬‬ ‫و يعرف كل من ين وفريابا (‪ ) Nie and Verba‬امل�شاركة‬ ‫ال�سيا�سية ب�أنها جمموعة م��ن االن�شطة القانونية ميار�سها‬ ‫امل��واط�ن��ون بهدف ال�ت��أث�ير يف اختيار امل�س�ؤولني والت�أثريعلى‬ ‫�سلوكهم و�أفعالهم وعلى ال�ق��رارات التي يتخذونها‪ .‬وترتكز‬ ‫�أهمية امل�شاركة ال�سيا�سية يف ق��درة املواطنني على الت�أثري يف‬ ‫القرارات احلكومية(العثمان )‪.‬‬ ‫وم��ن اجل��دي��ر ذك��ره �أن امل�شاركة ال�سيا�سية ال تعني فقط‬ ‫امل�شاركة يف االنتخابات بل �أنها ت�شمل التمتع بكافة احلقوق على‬ ‫�أ�سا�س املواطنة‪ ،‬كاحلق يف تويل املنا�صب يف ال�سلطة التنفيذية‬ ‫والت�شريعية والق�ضائية‪ ،‬وامل�شاركة يف قيادة الأحزاب وجماعات‬ ‫ال�ضغط واملنظمات غري احلكومية‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪37‬‬


‫مقاالت‬

‫اإلمام أبو حنيفة النعمان‬ ‫ ‬

‫ودور العقل‬ ‫نقف ال�ي��وم عند ح��دود �شخ�صية فكرية �شغلت الدنيا بع�صرها مبا‬ ‫منحته من معرفة قابلة للقيا�س والتجديد يف بناء الأم��ة الفكري‪� ،‬إذ‬ ‫انق�سم العامل الإ�سالمي �إلى مذاهب معدودة‪ ،‬احتل �صاحبنا الإم��ام �أبو‬ ‫حنيفة م�ساحة ال ُي�ستهان بها يف العقول على ات�ساع تواجدها‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫المهندس مروان الفاعوري‬ ‫أمين عام المنتدى العالمي للوسطية‬

‫�إن املنهج العلمي الر�صني ال��ذي ارت���ض��اه �سبي ً‬ ‫ال ملقارباته الفكرية‬ ‫والعقلية جتاه كل م�س�ألة طارئة على البحث‪ ،‬قد �أ�سهم ب�إيجاد مدر�سة‬ ‫عقلية فكرية حترتم دور العقل يف بيان مفا�صل احلالل واحلرام‪ ،‬واملندوب‬ ‫وامل�ك��روه‪ ،‬وغ�يره‪ ،‬ومب��ا ين�سجم مع احلكم ال�شرعي امل�ستند �إل��ى القر�آن‬ ‫الكرمي وال�سنة املطهرة والقيا�س والإجماع املف�ضي �إلى تهذيب الأحكام‬ ‫وتنقيتها من كل �شبهة‪ ،‬فكلما ارتقى با�ستح�ضار العقل كان ذلك �أدعى �إلى‬ ‫ا�ستكمال الر�أي ال�صائب يف �أي م�س�ألة كانت‪.‬‬ ‫ولعل ما �سبق من قول �أفاد املذهب الذي ارت�ضاه الإمام لنف�سه‪ ،‬وهو‬ ‫املذهب العقلي يف تناول كل م�س�ألة‪ ،‬حتى غدا مذهبه بوابة عقلية ملن �أراد‬ ‫�أن يحكم على موقف الإ�سالم من الق�ضايا املعا�صرة والأحكام امل�ستنبطة‬ ‫حولها‪.‬‬ ‫ويرى الدار�س يف الفقه الإ�سالمي ما اليراه يف الأديان الأخرى‪ ،‬و�سبب‬ ‫ذل��ك م��ا ج��اءت ب��ه ال�شريعة الإ��س�لام�ي��ة م��ن ت��وازن��ات حقيقية مطلوبة‬ ‫ي�ستقيم معها حال الفرد واجلماعة معاً يف �أمري الدنيا والآخرة‪ ،‬فال هي‬ ‫تركت العنان للروح لت�سمو فوق كل �شيء‪ ،‬في�صري الإن�سان مالكاً يدب على‬ ‫الأر���ض‪ ،‬وال تركت احلالة ال�شهوانية حتكم ج�سده في�صري حيوانياً على‬


‫الإطالق‪ ،‬ولكن وازنت بني املادة والروح‪ ،‬فكان مزيجاً بني‬ ‫حالة �إميانية ترتقي بتقواها وورعها �إلى م�صاف الأتقياء‬ ‫الأنقياء الذين يزهدون يف كثري من �أمور الدنيا‪ ،‬وحالة‬ ‫يقينية تعود بالإن�سان �إلى حاجاته املادية والغرائزية التي‬ ‫ي�ستقيم معها النظر �إليه ك�إن�سان متكامل – ج�سداً ونف�ساً‬ ‫وروحاً‪.‬‬

‫العلم الذي � ّأهله ليكون فقيهاً عاملاً ورمبا ال ي�صدر ر�أيه �إ ّال‬ ‫عن حكمة ودراية‪ ،‬يحيث يكون الر�أي ال�صادر عنه م�ستنداً‬ ‫�إلى مراجع الت�شريع الإ�سالمي وم�صادره ويف مقدمتها‬ ‫القر�آن الكرمي‪ ،‬وال�سنة النبوية و�إجماع العلماء والقيا�س‬ ‫والإ�ستح�سان والعرف والعادة‪.‬‬

‫وقد كان لدور العقل احل�ضور الذي ي�ستحق يف ذهن‬ ‫وه��ذا الأم��ر ي�ستدعي ا�ستح�ضار العقل ال��ذي ي��وازن الإمام الذي حتدث يف �أمور جدلية كانت مثار جدل كبري‬ ‫بني متطلبات الوجود تلك‪ ،‬واحلاجات التي تنبثق عنها‪ ،‬بني علماء ع�صره مثل‪ :‬القول بخلق القر�آن‪ ،‬و�صفات اهلل‬ ‫و�إق��ام��ة معادلة حياتية ت�أخذ ب�أمر العقل ليكون حكماً �سبحانه وتعالى‪ ،‬من �سمع وب�صر – �إلى غري ذلك‪.‬‬ ‫على فعل الإن�سان وقوله وحتى خياله‪ ،‬وم��رد ذل��ك �إلى‬ ‫ومل��ا كانت ر�سالة املنتدى العاملي للو�سطية تت�ضمن‬ ‫الكثري من الآيات الكرمية التي تدعه �إلى التفكّر والتد ّبر‬ ‫وال�ت�ب���ص��ر يف ك��ل �أم ��ر وحت�ت�رم ال�ع�ق��ل ب��اع�ت�ب��اره مناط يف بنودها ن�شر الثقافة والإعتناء مب�صادرها و�أعالمها‬ ‫التكليف‪ ،‬ومن جاوزه بفعله �أو جتاوزه �إنكاراً لدوره عا�ش ورموزها على م�ستوى الأمة والإن�سانية جمعاء‪ ،‬ف�إن الإمام‬ ‫�أب��ا حنيفة يحتل م�ساحة ذات �ش�أن يف الفقه الإ�سالمي‪،‬‬ ‫حيا ًة �صعبة ال ي�ستقيم احلال معها‪.‬‬ ‫الأمر الذي يدعونا للتقدم وفق املنطلقات الفقهية لذلك‬ ‫وك ��ان م��ن ف�ضل اهلل ع�ل��ى ع �ب��اده �أن ج�ع��ل يف الأم��ة الإم��ام‪ ،‬الذي راعى م�صلحة العقل وما انبثق عنه‪ ،‬وهذا‬ ‫ورثة لأنبيائه يعلمون النا�س �أم��ور دينهم‪ ،‬ومبا ينفعهم ين�سجم مع فل�سفة املنتدى التي حت�ترم ال��ر�أي وال��ر�أي‬ ‫يف دنياهم و�آخ��رت�ه��م ك��ذل��ك‪ ,‬ومم��ن �أ�سند �إليهم زعامة الآخر الذي ال بد �أن يح�ضر العقل يف ت�شكيل ذلك الر�أي‬ ‫العلم يف ع�صره الإم ��ام الأع�ظ��م (�أب��و حنيفة النعمان) وفق �سياقات معرفية تلتقي هنا وهناك مع فكر �أو طرح‬ ‫امل��ول��ود يف ال �ع��ام (‪ )80‬ل�ل�ه�ج��رة‪ ،‬يف م��دي�ن��ة ال�ك��وف��ة‬ ‫من �إ�سالمي ما‪ ،‬فن�ستقيد بذلك من املنجز العقلي الإن�ساين‬ ‫�أعمال العراق واملتوفى عام (‪ )150‬للهجرة يف بغداد‪،‬‬ ‫وما ب�شكل �أو ب�آخر‪.‬‬ ‫بني عامي ال��والدة والوفاة عا�ش الإم��ام �أب��و حنيفة حيا ًة‬ ‫مليئ ًة بالأطوار الفكرية والثقافية التي ت�سند دور العقل‬ ‫ويف ظ��ل رغبة املنتدى املتجددة ب��إي�لاء التجديد يف‬ ‫وحترتمه‪ ،‬حتى ا�شتهر بعلمه وتقواه وورع��ه الذي � ّأهله اخل �ط��اب ال��دع��وي الإ� �س�لام��ي ومب��ا ي�ت��واك��ب ومعطيات‬ ‫ليكون فقيهاً ُي�شار �إل�ي��ه م��ن علماء ك�ب��ار �أم�ث��ال الإم��ام الع�صر الذي نعي�ش‪ ،‬فقد �أرت�أينا حتريك الواقع الفكري‬ ‫ال�شافعي �إذ ق��ال فيه‪" :‬من �أراد �أن يتجر يف الفقه فهو الإ��س�لام��ي ب�صورة ح�ضارية‪ ،‬حت��اول �إظ�ه��ار فكر وجهد‬ ‫عالة على �أبي حنيفة"‪.‬‬ ‫و�أث ��ر ع�م�لاق م��ن عمالقة ال�ف�ك��ر الإ� �س�لام��ي خ�صو�صاً‬ ‫و�إذا ك��ان الإم� ��ام ق��د ع��ا���ش ح�ي��ات��ه متعلماً وجم ��اد ًال والإن�ساين عموماً هو الإم��ام �أب��و حنيفة النعمان‪ ،‬ومبا‬ ‫ومعلماً‪ ،‬فذلك عائ ٌد �إلى �شغفه بدرا�سة الفل�سفة اليونانية ميلك م��ن ر�ؤى ت�ستحق احل���ض��ور يف ك��ل م�شهد فكري‬ ‫وحكمة الفر�س والعقائد الن�صرانية واملجادلة حولها‪ ،‬مهما تباعدت به عنا�صر الزمان واملكان‪� ،‬إذ يلحظ اجلميع‬ ‫م�ستفيداً من التنوع يف الأفكار والأعراق والأجنا�س التي امتداد مذهبه رحمه اهلل على م�ساحة �شا�سعة يف العامل‬ ‫�شكلت عموم النا�س يف تلك الفرتة‪ ،‬وما انبثق عن ذلك الإ�سالمي وه��ذا ما يجعل قيم ًة م�ضافة متجدد ًة لفكر‬ ‫من �شيعة و�سنة وخ��وارج ومعتزلة‪ ،‬وم��ا �صدر عنها من الفقيه ال �ع��امل �أب ��ي حنيفة ال�ن�ع�م��ان‪ ،‬ال ��ذي ع��ال��ج وم��ن‬ ‫ت�ضارب يف الآراء فن�ضج عقله بعد خمالطة تلك الأجنا�س منظور عقلي متقدم م�سائل �شائكة يف ع�صره‪� ،‬أمتد الأثر‬ ‫والأف �ك��ار يف ��س��ن م�ب�ك��رة ف��اح�ت��ل م�ق�ع��ده ب�ين امل�ج��ادل�ين الإيجابي يف معاجلتها �إلى يومنا هذا‪.‬‬ ‫مقدماً حججه وبراهينه التي تدعم ر�أيه ومقولته‪.‬‬ ‫وم��ن هنا ارت� ��أى املنتدى �أن ي�ك��ون ل�ه��ذه ال�شخ�صية‬ ‫�إن اهتمامه بعلم الكالم واجلدل وان�صرافه عنه‪ ،‬ثم ال�ف�ك��ري��ة الفقهية احل���ض��ور ال ��ذي ي�ستحق يف م��ؤمت��ر‬ ‫تتبعه لأم��ر ال�شعر‪ ،‬ث��م ع��دول��ه ع��ن ال�سري ب��ه‪ ،‬ث��م تتبع م���س�ت�ق��ل ي �ت �ن��اول الأب� �ع ��اد ال �ف �ك��ري��ة وال �ث �ق��اف �ي��ة ل�ف�ك��ره‬ ‫�أم��ر الأدب والنحو وحتوله عنه‪ ،‬ورغبته بحفظ القر�آن وط��روح��ات��ه امل�ت�ع��ددة‪ ،‬ومب��ا ُي�ق��دم م��ادة علمية ح�ضارية‬ ‫الكرمي دون اجللو�س �إلى حتفيظه للأحداث‪ ،‬وكذلك �أمر ي�ست�شهد مبخرجاته على تطور الفكر الإ�سالمي وقابليته‬ ‫احلديث النبوي ال�شريف‪ ،‬قد �ساقه كل ذلك �إلى نتاج ذلك للتجديد يف كل ع�صر و�أوان‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪39‬‬


‫‪7‬‬ ‫مقاالت‬

‫الورقة النقاشية السابعة‪...‬‬

‫سابعة الحضور‬

‫‪40‬‬

‫الدكتور حسن علي المبيضين‬ ‫مدير الدراسات‬

‫ق��د ي�ك��ون للرقم (‪ )7‬وج ��وداً ك��ون�ي�اً يخفى على الكثري‬ ‫م��ن العلماء واملف�سرين وامل�ن�ظ��ري��ن‪ ،‬فال�سموات والأر� ��ض‪،‬‬ ‫و�أيام الأ�سبوع‪ ،‬و�أ�شواط الطواف‪ ،‬و�ألوان الطيف‪ ،‬والأبحر‪،‬‬ ‫وغريها‪ ،‬مما ورد ذكره يف القر�آن الكرمي واحلديث ونتاجات‬ ‫العلم واملعرفة للعلماء على مر التاريخ‪ ،‬ي�ستوقفنا ونحن نقر�أ‬ ‫كذلك يف الورقة النقا�شية ال�سابعة للملك عبداهلل الثاين‬ ‫ابن احل�سني‪ ،‬ذلك �أن ورودها بعد �ست ورقات �سبقت ي�ستدعي‬ ‫ا�ستح�ضاراً ملا مت اجن��ازه بعد ق��راءة تلك الورقات ال�سابقة‪،‬‬ ‫و�إذا ما اكتمل الفعل حولها �أدركنا حاجتنا لهذه الورقة بكل‬ ‫ما �أتى فيها من م�ضامني فكرية غاية يف الأهمية‪.‬‬ ‫�إن الورقة النقا�شية ال�سابعة ج��اءت م�ؤكدة على �أهمية‬ ‫بناء ال�ق��درات الب�شرية الفاعلة يف عملية تطوير العملية‬ ‫التعليمية والرتبوية باعتبارها جوهر نه�ضة الأم��ة‪ .‬الأمر‬ ‫الذي يربط بني كل نه�ضة مرتقبة ودرجة اال�ستعداد القبلي‬ ‫لها مبزيد من العلم واملعرفة والإبداع واالبتكار‪ ،‬وهذا ي�ؤكد‬ ‫�أن من يريد مواكبة حتديات الع�صر على تنوعها ودقتها‬ ‫و�إت�ساعها ال يتحقق له ذل��ك �إال مبزيد من امتالك �أدوات‬ ‫املعرفة اجلديدة‪ ،‬التي تفتح �آفاقاً نحو ر�ؤية ع�صرية ت�ستلهم‬ ‫كل ما هو مفيد ونافع‪.‬‬


‫كما �أن ذلك ي�ستدعي امي��ان �صاحب القرار و�صانعه فعليك بالعلم “‪ ،‬ونحن �أحوج ما نكون الآن �إلى العلم يف‬ ‫�أن ي �ك��ون م ��ؤم �ن��ا ح�ق�ي�ق�ي�اً ب��أه�م�ي��ة ام �ت�لاك ك��ل �أردين حا�ضرنا وم�ستقبلنا و�آخرتنا‪.‬‬ ‫للفر�صة التي يريد‪ ،‬حتى يتمكن من التعليم واالب��داع‬ ‫ولقد �أح�سن قو ًال جاللة امللك عندما نبه �إلى �ضرورة‬ ‫ب��دون قيود �أو �شروط‪ ،‬ففي وطننا الكثري من الطاقات‬ ‫التي مت ا�ستبعادها عن طريق �سيا�سات تربوية وتعليمية‪ ،‬ف�صل العملية التعليمية وم�ستقبل �أبنائنا وبناتنا عن �أي‬ ‫وق � ��رارات ا��س�ت�ن��دت �إل ��ى م�ع��اي�ير ال تتنا�سب ومعطيات مناكفات �سيا�سية تتبعها م�صالح �ضيقة من هذا الطرف‬ ‫االبتكار واالب ��داع‪ ،‬فحرم الأ�شخا�ص وح��رم ال��وط��ن من �أو ذاك‪� ،‬إذ املطلوب �أن ينظر �إل��ى البناء امل�ع��ريف املعتمد‬ ‫ال يف الأردن ليكون ب�ن��ا ًء �شاخماً بالنور وال�ه��داي��ة والعلم‬ ‫اجلديد املبتكر‪ ،‬وكانت تلك ال�سيا�سات والقرارات �سبي ً‬ ‫لدفع تلك الطاقات الناجحة �إل��ى خ��ارج الوطن يف دول واملعرفة التي تلبي حاجات النف�س والروح واجل�سد‪ ،‬وما‬ ‫مثل �أمريكا واوروبا وغريها‪� ،‬إذ كانت تلك الدول حا�ضنة زاد عن ذلك ف�ض ً‬ ‫ال يكون يف �صالح الوطن والأمة ب�شكل �أو‬ ‫ب�آخر‪ ،‬كما �أن احلاجة الوطنية لال�صالح ال�شامل ترتبط‬ ‫طبيعية وبيئة �صاحلة للباحثني عن التميز والنجاح‪.‬‬ ‫ارتباطاً وثيقاً بالنه�ضة التعليمية‪ ،‬مهما كانت الظروف‬ ‫ولعل من �أهم التحديات التي يواجهها قطاع التعليم وال �ت �ح��دي��ات‪ ،‬فكلما حت�ق��ق اال� �ص�لاح يف التعليم‪ ،‬زادت‬ ‫هو املحافظة على دميومة هذا الوطن وفق �صيغة (دولة) ن�سب النمو يف معدالت التنمية الوطنية على اختالف‬ ‫ل�ه��ا مقوماتها وارث �ه��ا وف�ك��ره��ا‪ ،‬وق���ض��اي��اه��ا وحميطها م�ستوياتها املحلية والوطنية والقومية‪ ،‬ويف ميادينها‬ ‫ال�سيا�سي واالقت�صادي‪ ،‬ولها دوره��ا االجتماعي‪ ،‬وعليها كافة‪ :‬ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫واجبات االهتمام بالفرد ليعي�ش فيها كرمياً م�صاناً يف‬ ‫ولذلك‪ ،‬ف�إن التعليم ركن �أ�سا�سي من �أركان �أي نه�ضة‬ ‫حقوقه جميعها‪ ،‬و�أهمها حق التعليم والعي�ش والتعبري‬ ‫والكرامة االن�سانية غري املنقو�صة‪� ،‬أ�سوة بالدولة التي من�شودة‪ ،‬به تبد�أ معادلة االجناز و�إليه تنتهي كمخرجات‬ ‫ترى �سر دميومتها مبدى اقرتابها من حاجات مواطنيها ت���ش�ك��ل ق�ي�م��ة م �� �ض��اف��ة يف م �ي��ادي��ن االب �ت �ك��ار واالب � ��داع‬ ‫واالخرتاع‪ ،‬فالبداية تعليم والنهاية خمرتعات ومنجزات‬ ‫وتلبيتها‪.‬‬ ‫اب��داع�ي��ة م�ستمرة‪ ،‬وه�ن��ا ن�ستطيع ال �ق��ول �إن اال��ص�لاح‬ ‫�إن �إ��ش��ارة جاللة امللك �إل��ى ��ض��رورة �إمي��ان امل�ؤ�س�سات ال�شامل �شمل مفا�صل احلياة جميعها بحيث يكون الأردن‬ ‫التعليمية بقدرات �أبناء ال�شعب وطاقاته‪ ،‬تت�ضمن دعوة حمجاً للمعرفة وطالبها من خمتلف الأقطار والأم�صار‬ ‫�إل��ى تلك امل�ؤ�س�سات ب�ضرورة االق�تراب �أك�ثر ف�أكرث من ويكون كذلك بوابة لولوج ع�صر التقنية بكل ثقة واقتدار‪،‬‬ ‫تلك الطاقات الفاعلة وتبنيها ورعايتها وتقدمي العون الأمر الذي يجعل من الأردن منارة عربية يف عامل املعرفة‬ ‫لها وت�سهيل مهمتها لتخرج �إل��ى ال�سطح معلنة حال ًة واالجنازات املرتبطة بها‪.‬‬ ‫من التميز لي�س على امل�ستوى ال�ف��ردي‪ ،‬و�إمن��ا امل�ؤ�س�سي‬ ‫وعليه‪ ،‬ف�إن ما ذكر �آنفاً ال يتحقق �إال باالعتماد على‬ ‫كذلك‪ ،‬ويف هذا ر�سالة �إيجابية للعامل �أجمع �أن م�ؤ�س�سات‬ ‫الرتبية والتعليم يف االردن ت�صنع التميز والعلماء‪ ،‬خا�صة مناهج درا�سية تلت�صق ب�تراث االم��ة‪ ،‬ومنه تنطلق �إلى‬ ‫�إذا علمنا �أن ال �سبيل لنه�ضة ال��دول والأم��م �إال مبزيد ميادين املعا�صرة‪ ،‬فالثبات على الهوية هو الطريق نحو‬ ‫من العلم واملعرفة والعلماء‪ ،‬وهم (�أي العلماء) ي�شكلون ال�ع��ومل��ة‪� ،‬إذ ال معنى ملناهج وطنية م�ب�ت��ورة ع��ن ق�ضايا‬ ‫الهدف االول لأي عدو حقيقي �أو حمتمل‪ ،‬فال يريدون الأمة امل�صريية‪ ،‬ويف مقدمتها ق�ضية فل�سطني وجوهرها‬ ‫بقا َءهم وال اجنازاتهم ماثلة بني �أيدينا‪ ،‬ل��ذا علينا �أن القد�س ال�شريف‪ ،‬بحيث يكت�سب املنهاج منعة الوطنية‬ ‫يكون �سالحنا الأول هو العلم واملعرفة ا�ستناداً �إلى مقولة احلقة التي متنحه االنتماء للذات الوطنية‪ ،‬فكل منهاج‬ ‫رائعة لالمام علي ك ّرم اهلل وجهه “ �إذا �أردت الدنيا فعليك ال يلتفت �إل��ى الق�ضايا الوطنية ه��و �أب�ت�ر ال يغني وال‬ ‫بالعلم‪ ،‬و�إذا �أردت الآخرة فعليك بالعلم‪ ،‬و�إذا �أردتهما معاً ي�سمن من جوع‪.‬‬

‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪41‬‬


‫خلق اإلنصاف‬ ‫مقاالت‬ ‫احل�ي��اة ع�ب��ارة ع��ن م�ي��دان مفتوح للتدافع‪ ،‬بجيمع جماالتها‪،‬‬ ‫نتيجة االخ�ت�لاف يف ال��دي��ن والفكر وامل��ذه��ب‪ ،‬او ال�صراع ال�سيا�سي‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬و عندما تغييب املوازين و يغلب الهوى العقول واالرادات‪،‬‬ ‫تغلب بخ�س النا�س ا�شياءهم‪ ،‬ونتيجة البحث عن امل�صالح ال�شخ�صية‬ ‫او اجلماعية‪ ،‬بغ�ش النظر عن مدى االحقية‪� ،‬أو عندما تغ�شى االب�صا َر‬ ‫الغيم‪ ،‬يحاول النا�س ان متيل الى ذاته الفردية او اجلمعية‪ ،‬و ان تنكر‬ ‫ما لدى الآخرين من الفكر النري او االجتهادات املفيدة‪ ،‬والنتيجة هو‬ ‫الظلم‪ ،‬ظلم احلقيقة يف اطار ب�شر جم�سد او نظرية علمية ثقافية‪..‬‬

‫‪42‬‬

‫شيروان الشميراني‬

‫من هنا ف�إن رب العاملني ووفقا للمنهج الو�سطي الذي ارت�ضاه للأمة‪،‬‬ ‫�ضرب �أمثلة يف القر�آن عند احلديث عن االخرين‪ ،‬االخ��رون املخالفون‬ ‫يف الدين يف وقت كانت احلرب الفكرية و احلجاج قائم بني امل�سلمني و‬ ‫ا�صحاب االديان االخرى من اجل تثبيت االحقية‪ ،‬فعند التقييم البد من‬ ‫االن�صاف‪ ،‬مبعنى لي�س هناك االبي�ض و اال�سود‪ ،‬من معك حم�ض خري و‬ ‫بيا�ض نا�صع‪ ،‬ومن لي�س معك حم�ض �ش ّر و �سواد كالح‪..‬‬ ‫عند احل��دي��ث ع��ن ال�ن���ص��ارى‪ ،‬يف ��س��ورة �آل ع �م��ران‪ ،‬ي�ق��ول اهلل‬ ‫�سبحانه‪َ }:‬و ِمنْ �أَ ْه ِل ا ْل ِكتَابِ َمنْ إِ�نْ َت�أْ َم ْن ُه ِب ِقن َْطا ٍر ُي َ�ؤ ِّد ِه ِ�إ َل ْي َك َو ِم ْن ُه ْم‬ ‫َمنْ �إِنْ َت ْ�أ َم ْن ُه ِب ِدينَا ٍر اَل ُي َ�ؤ ِّد ِه �إِ َل ْي َك إِ� اَّل َما ُد ْمتَ َعلَ ْي ِه َقا ِئ ًما َذ ِل َك ب َِ�أ َّن ُه ْم‬ ‫ن َ�سب ٌ‬ ‫ِيل َو َيقُو ُلو َن َعلَى اللهَِّ ا ْل� َك� ِ�ذ َب َو ُه� ْم‬ ‫َقا ُلوا َل ْي َ�س َعلَ ْينَا يِف ْ أ‬ ‫الُ ِّم� ِّي�ي َ‬ ‫َي ْعلَ ُمو َن {‪.75:‬‬


‫يتحدث اهلل هنا عن �أمانة اه��ل الكتاب‪� ،‬إذا �أودعته‬ ‫مبلغا من املال زهيدا كان او كثريا‪ ،‬فال يعمم‪ ،‬مع انهم‬ ‫م�شركون باهلل باملعيار القر�آين‪ ،‬بل ي�ضع املوازين بالق�سط‪،‬‬ ‫ي�صف كل جمموعة منهم يف مكانها الالئق‪ ،‬ثم الي�ستعجل‬ ‫باحلديث عن ال�سيئني منهم‪ ،‬بل يقدم اخلريين‪ ،‬ي�ضعهم‬ ‫يف االمام‪ ،‬وي�ضع ال�سيئني منهم يف االخري‪ ،‬فمنهم من ان‬ ‫ت�أمنه بقنطار ي�ؤده اليك‪ ،‬ه�ؤالء هم اهل الثقة يف التعامل‬ ‫حتى و لو كانوا خمالفني يف الدين و العقيدة‪ ،‬هم �أولى‬ ‫باحلديث و ان ي�سبق ذكرهم من �سواهم‪ ،‬ثم بعدهم ي�أتي‬ ‫بذكر اخلائنني الذين يخونون االمانات‪ ،‬من الذين �إن‬ ‫ت�أمنه بدينار الي ��ؤده ال�ي��ك‪�..‬أث�ن��اء التقييم غ��اب املعيار‬ ‫ال�شخ�صي و ال��ذات��ي‪ ،‬بل ك��ان املعيار مو�ضوعيا‪ ،‬تقريراً‬ ‫للحقيقة‪. .‬‬

‫االحتالل الفرن�سي‪ ،‬و ان ابن بادي�س كان من رواد احلركة‬ ‫اال�صالحية الدينية وال�ت�ح��رري��ة اجل��زائ��ري��ة‪ ،‬اال ان��ه و‬ ‫اثناء احلديث مل يت�شدد يف �إ�صدار االحكام ومل ينكر ما‬ ‫للفرن�سيني من علم و ح�ضارة و نظام عام بارع‪ ،‬فعندما‬ ‫يتحدث عن عامل ال�صحافة‪ ،‬وعن حرية ال�صحافة حيث‬ ‫ان��ه ك��ان �صحفياً �أ��ص��در ارب��ع �صحف و جملة واح��دة‪ ،‬يف‬ ‫هذا املجال ال ي�ستح�ضر ظلم املحتل على بلده‪ ،‬بل ي�صف‬ ‫احل��ال كما ه��و‪ ،‬ان للفرن�سيني �صحفا كبرية فيها (�أننا‬ ‫مع املعجبني بال�صحافة الفرن�سية الكربى‪ ،‬وما لها من‬ ‫بديع نظام‪ ،‬و مهرة �أقالم‪ ،‬و جر�أة و�إقدام)‪ ،‬و مل ينكر ما‬ ‫للفرن�سيني من ح�ضارة‪ ،‬و كثريا ما ا�ستدل بعلمائهم يف‬ ‫معر�ض حماججة امل�سلكات الفرن�سية املحتلة‪. .‬‬

‫بع�ض املف�سرين غ��اب عنهم ه��ذه االلتفاتة الرتبوية‬ ‫الربانية‪ ،‬يقولون حتى الذين ي ��ؤدون الأم��ان��ات ي�ؤدونها‬ ‫لأنهم لي�س لهم من حمل او ملج�أ يذهبوا اليه‪ ،‬و لي�س‬ ‫لهم من مكر �سوى ارجاع االمانات �إ�ضطرارا و لي�س خلقاً‪..‬‬

‫و مع ان اجلزائر كانت ت�صارع فرن�سا لنيل احلرية‬ ‫واال�ستقالل‪ ،‬كان يعرتف ب��أن الثورة الفرن�سية ( بداية‬ ‫ا�شعال احلرية يف اوروب��ا)‪ ،‬مطالبا بانه جدير ان يحتفل‬ ‫�شعوب العامل كله بيوم انت�صار الثورة الفرن�سية وك�سر‬ ‫�أ�سوار �سجن بات�سيل – قرب االح��رار – و�سط باري�س يف‬ ‫‪ 14‬يوليو ‪ ،1789‬ابن بادي�س يعرتف ب�أن الثورة الفرن�سية‬ ‫ج ��اءت ب�ق�ي��م �إن���س��ان�ي��ة ج��دي��دة ت���ش�ك��ل منطلقا جلميع‬ ‫ال�شعوب الباحثة عن احلرية‪ ..‬م�ؤكدا يف مو�ضع �آخر ب�أن‬ ‫االن�سان ال�سجني مادام ميلك ال�شرف فهو يفرح بحرية‬ ‫الآخ��ري��ن الذين هم خ��ارج ال�سجن حتى ول��و هو يق�ضي‬ ‫حياته �سجينا‪..‬‬

‫هذه ال�صفة اال�سالمية االن�سانية‪ ،‬كانت متبعة من‬ ‫طرف امل�سلمني العلماء او العامة‪ ،‬مل يجانبوا ال�صواب‪،‬‬ ‫كانوا من�صفني يف التعامل‪ ،‬فهو خلق قر�آين‪ ،‬ال يت�صف به‬ ‫اال من ا�ستلهم املنهج الو�سطي يف الفهم و الرتبية‪. .‬‬ ‫�أ� �ض ��رب ه�ن��ا م �ث��اال واح� ��دا م��ن ال �ت��اري��خ احل��دي��ث‪،‬‬ ‫ب��االم��ام عبداحلميد بن بادي�س‪ ،‬م�ؤ�س�س جمعية علماء‬ ‫امل�سلمني يف اجل��زائ��ر‪ ،‬فمع وق��وع اجل��وائ��ر حت��ت �سلطة‬

‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪43‬‬


‫مقاالت‬

‫العدل والظلم‬ ‫}‪ ...‬و�سيعلم الذين ظلموا �أي منقلب ينقلبون{(ال�شعراء �أية‬ ‫‪� )227‬صدق اهلل العظيم‪.‬‬ ‫اقت�ضت حكمة اهلل �سبحانه وتعالى ان يكون االن�سان مدنيا بطبعه‬ ‫وهذه املدنية حتتم على االن�سان ان يتوا�صل مع اخيه االن�سان �أخذا‬ ‫وعطاء‪ ،‬وبدون ذلك ال ميكن ان تدور عجلة احلياة وبالتايل ي�صيب‬ ‫احلياة خلل ال بل �شلل‪ ،‬فالإن�سان مبفرده ي�ستحيل ان يكون لديه من‬ ‫املهارات والقدرات واملواهب واالخت�صا�صات يف جميع جماالت احلياه‪,‬‬ ‫فال ميكن ان نت�صور ان يكون الفرد نف�سه مهند�سا وطبيبا وجنارا‬ ‫وحدادا ومزارعا ‪ .. .‬الخ‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫المحامي محمود الداودية‬

‫وحتى ت�ستمر عجلة احلياه ويتم اعمار الكون فال بد ان يتعامل‬ ‫النا�س م��ع بع�ضهم البع�ض‪ ،‬وه��ذا الو�ضع يفر�ض على ك��ل ان�سان‬ ‫م�س�ؤولية مهما كان موقعه يف املجتمع‪ ،‬فهو م�س�ؤول‪ ،‬واق�صد بذلك‬ ‫االن�سان ال��ذي انعم اهلل عليه بنعمة العقل ال��ذي هو مناط التكليف‬ ‫وما دام االمر كذلك والكل م�س�ؤول ولكن مب�ستويات ودرجات خمتلفة‬ ‫ومتفاوتة فال بد من القيام برعاية هذه امل�س�ؤولية وفق ما اراد اهلل‬ ‫ال��ذي خلق االن�سان وخلق االر���ض‪ ،‬وكلف االن�سان ب�إعمارها وه��ذا ال‬ ‫يتم اال بالإخال�ص والعدل‪ ،‬لذلك امرنا اهلل عز وجل بالعدل �أوال‪،‬‬ ‫لأنه هو القاعدة الأ�صيلة يف بناء االمم ورفعتها وقوتها‪ ،‬فالعدل هو‬ ‫و�ضع ال�شيء يف مو�ضعه‪ ،‬واعطاء كل ذي حق حقه‪ ،‬بعيدا عن هوى‬ ‫النف�س‪ ،‬وملا كان العدل هو الذي يبني االمة بقوة ويعلي �ش�أنها ف�إن‬ ‫الظلم يدمرها ويهلكها‪ ,‬قال تعالى } ولقد اهلكنا القرون من قبلكم‬


‫ملا ظلموا { يون�س �آي��ة ‪ ،13‬وق��ال تعالى } وتلك القرى‬ ‫اهلكناهم ملا ظلموا { الكهف اية ‪ ،59‬قال تعالى } وك�أين‬ ‫من قرية امليت لها وهي ظاملة ثم اخذتها و�إيل امل�صري{‬ ‫(احلج ‪ )48‬ويقول تبارك وتعالى خماطبا امل�ؤمنني }يا‬ ‫�أيها الذين �آمنوا كونوا قوامني هلل �شهداء بالق�سط وال‬ ‫يجرمنكم �شن�آن ق��وم على اال تعدلوا اع��دل��وا ه��و �أق��رب‬ ‫ل�ل�ت�ق��وى{ (امل��ائ��دة �أي ��ة ‪ .)8‬ف�ب��ال�ع��دل ق��ام��ت ال���س�م��اوات‬ ‫واالر�ض وبالعدل تقوم احلياه الهادئة املطمئنة‪ ،‬وبالعدل‬ ‫تطمئن النفو�س وتن�شرح ال�صدور وي��أم��ن االف��راد على‬ ‫حقوقهم‪ ،‬وي��أم��ن ال��رع��اة على انف�سهم‪ ،‬وان اي جمتمع‬ ‫ينت�شر ب��ه ال�ظ�ل��م ي��دب ب��ه ال�ضعف وال�ف��و��ض��ى واحل�ق��د‬ ‫واالنانية‪ ،‬فالظلم – والعياذ باهلل – يدمر املجتمع كما‬ ‫يدمر ال�سرطان اجل�سد‪ .‬قال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه‬ ‫و�سلم "ال تقد�س �أم��ة ال يق�ضى فيها ب��احل��ق وال ي�أخذ‬ ‫هذه ثمار العدل واالخال�ص ال تقت�صر على االن�سان‬ ‫ال�ضعيف حقه من القوي"‪.‬‬ ‫بل تتعداه الى احليوان‪ .‬هدوء واطمئنان وامان وقناعة‬ ‫فالعاقل من حفظ نف�سه من اجلور‪ ،‬وخاف ربه وخالقه وايثار وتقدم وجناح ورفعة وقوة و�سيادة‪.‬‬ ‫ورازق ��ه ال��ذي ا��س�ترع��اه وحمله ه��ذه امل�س�ؤولية فيعمل‬ ‫واذا زال العدل وحل حمله الظلم ون�سيان اهلل و�ساد‬ ‫ما ير�ضي رب��ه‪ ،‬وقد توعد اهلل كل من �أخ��ل مب�س�ؤوليته هوى النف�س فالعاقبة – والعياذ باهلل – وخيمة وليتذكر‬ ‫واع��ر���ض عن �أم��ر رب��ه واتبع الهوى و�آث��ر الدنيا توعده من ابتلي مب�س�ؤولية انه �سي�س�أل عنها‪ ،‬وليتذكر اي�ضا ان‬ ‫باجلحيم‪ ،‬قال تعالى } ف�أما من طغى و�آثر احلياة الدنيا اهلل الذي اعزه بهذه امل�س�ؤولية قادر على ان يذله‪ ،‬فاهلل‬ ‫ف�إن اجلحيم هي امل�أوى {وباملقابل فكل من يقوم برعاية عز وجل هو املعز وهو امل��ذل واذا كانت امل�س�ؤولية رفيعة‬ ‫م�س�ؤوليته ال�ت��ي كلف بها ب�ضمري ح��ي وت�ق��وى وخ��وف امل�ستوى وفق م�سميات هذه الدنيا وليتذكر �صاحبها ان‬ ‫من اهلل بعيدا عن هوى النف�س وامل��ؤث��رات االخ��رى فقد اهلل ال��ذي رفعه بهذه امل�س�ؤولية ق��ادر على ان يخف�ضه‪،‬‬ ‫ب�شره اهلل عز وجل باجلنة‪ ،‬قال تعالى } و�أما من خاف ف��اهلل ع��ز وج��ل ه��و ال��راف��ع وه��و اخلاف�ض وجمتمعنا يف‬ ‫مقام ربه ونهى النف�س عن الهوىف�إن اجلنة هي امل�أوى { هذه االي��ام فيه من ال�شواهد العملية الكثرية على ذلك‬ ‫(النازعات‪ :‬الآيتان ‪ 40‬و ‪.)41‬‬ ‫وان��ا اج��زم ان ك��ل م��ن ي�ق��ر�أ ال�ع�ب��ارات ال�سابقة �سيتذكر‬ ‫ونقف هنا ب��إج�لال ووق��ار ال��ى تلك ال�صورة امل�شرقة وي�ستح�ضر من ذاكرته مثاال لذلك و�سيقول بينه وبني‬ ‫من العدل التي �سطر �صفحتها الفاروق عمر بن اخلطاب نف�سه هذا �صحيح فالن كان كذا وا�صبح كذا والعياذ باهلل‬ ‫ولنتذكر جميعنا قوله تعالى} و�سيعلم الذين ظلموا اي‬ ‫ر�ضي اهلل عنه‪ ،‬فقد ر�آه رجل من الفر�س وهو م�ستغرق منقلب ينقلبون { (ال�شعراء اية ‪ .)227‬ولنعلم يقينا كما‬ ‫يف ن��وم��ه حت��ت �شجرة م�ن�ف��ردا ال ح��ر���س ح��ول��ه فيعجب ان للعدل ثمارا ونتائج طيبة ف�إن للظلم عواقب وخيمة‬ ‫الفار�سي ويقول قولته امل�شهورة ( حكمت فعدلت ف�أمنت (والعاقل تكفيه اال�شارة )‪.‬‬ ‫فنمت يا عمر ) وه��ذا علي كرم اهلل وجهه يقلد الفاروق‬ ‫و�ساما رفيع امل�ستوى عندما قال له ملا جيء بتاج ك�سرى‬ ‫�أ��س��أل اهلل العظيم ان يعيننا على �شكره وذك��ره وح�سن‬ ‫و�سواريه الى عمر‪ ،‬فقال عمر ان الذي ادى هذا لأمني عبادته وان يثبتنا على ق��ول احل��ق وعمل احل��ق وان ينعم‬ ‫علينا بدوام مراقبته وخ�شيته واخلوف منه يف ال�سر والعلن‪.‬‬ ‫فقال له علي { عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا {‪.‬‬ ‫ان ال�ضمري هو ال�سلطة التي تدفع النف�س الى مراقبة‬ ‫ربها وخالقها واال�ست�شعار بعظمته وهيمنته و�سلطانه‬ ‫وم ��ن ك ��ان ح��ي ال���ض�م�ير ك ��ان خم�ل���ص��ا يف م��وق�ع��ه وم��ن‬ ‫اخل�ص فقد ع��دل وف��از وه��ذا من��وذج رائ��ع م��ن تاريخنا‬ ‫النا�صع اخلليفة ال�ع��ادل عمر بن عبدالعزيز ر�ضي اهلل‬ ‫عنه يوم موته قال رعاة الغنم وهم يف قمم اجلبال‪ :‬اليوم‬ ‫مات عمر‪ ،‬قيل ما ادراكم مبوته ؟ قالوا‪ :‬الن الذئب عدا‬ ‫على الغنم وم��ا عهدناه كذلك يف حياة عمر‪ .‬ومل��ا حتقق‬ ‫النا�س من اخلرب وجدوه قد مات فعال‪ ،‬وقد �سئل عمر‬ ‫بن عبدالعزيز – يف حياته – عن هذه الظاهرة العجيبة‬ ‫وهي ان الذئب ا�صبح يرعى الغنم ك�أنه كلبها وحار�سها‬ ‫فقال عمر‪" :‬اخل�صت ما بيني وبني ربي فاخل�ص اهلل ما‬ ‫بني الذئب والغنم "‪.‬‬

‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪45‬‬


‫مقاالت‬

‫إن ا َ‬ ‫َّ‬ ‫هلل معنا‪...‬‬ ‫كيف يعي�ش امل�ؤمن مبعية اهلل �سبحانه وتعالى؟ وما هي الأ�سباب‬ ‫ال�ت��ي تو�صله لكي يعي�ش يف ه��ذه امل�ع�ي��ة‪ ،‬وي�شعر بطم�أنينة القلب‪،‬‬ ‫ويعي�ش مرتاحاً �آمناً مطمئنا ؟‬ ‫يعي�ش امل�ؤمن حياته يف رحاب اهلل متّ�ص ً‬ ‫ال به‪ ،‬ي�ؤمن ب�أن اهلل تعالى‬ ‫معه حيثما كان‪ ،‬وي�شعر ب�أنه يحفظه يف كل الأوقات‪ ،‬ال يغفُل عنه وال‬ ‫ينام‪.‬‬ ‫‪46‬‬

‫الشيخ عالء الدين الحايك‬

‫�إن �شعور امل�ؤمن مبعية اهلل تعالى و�صحبته يجعله يف �أن�س دائم‬ ‫مع ربه‪ ،‬ونعيم مت�صل بقربه‪ ،‬يح�س �أبداً بالنور يغمر قلبه ولو كان يف‬ ‫ظالم الليل‪ ،‬ميلأ عليه حياته و�إن كان يف وح�شة �أو ق�سوة من النا�س‪.‬‬ ‫امل��ؤم��ن ال�صادق ي�شعر مبا �شعر به �سيدنا مو�سى عليه ال�صالة‬ ‫وال�سالم عندما قال لبني �إ�سرائيل ملا ر�أوا فرعون وجنده يلحقون‬ ‫بهم‪ ،‬قال لهم‪}:‬كَلاَّ �إِ َّن َم ِع َي َر ِّب��ي َ�س َي ْه ِدينِ { �سورة ال�شعراء (‪.)62‬‬ ‫وي�شعر �أي�ضاً مبا �شعر به �سيدنا ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم عندما‬ ‫كان يف الغار حينما قال ل�صاحبه‪َ }:‬و َما �أَ ْر َ�س ْلن َ‬ ‫َاك إِ� اَّل َر ْح َم ًة ِّل ْل َعالمَِنيَ{‬ ‫�سورة الأنبياء (‪.)107‬‬ ‫نقف �أم��ام هذا الن�ص الذي �أورده اهلل �سبحانه وتعالى يف القر�آن‬ ‫ال �ك��رمي ع�ن��دم��ا ك ��ان ي�ت�ح��دث ع��ن ��س�ي��دن��ا �أب ��ي ب�ك��ر ر� �ض��ي اهلل عنه‬ ‫م��ع �سيدنا ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم يف غ��ار ث��ور حيث ق��ال‪:‬‬


‫َن�ص ُرو ُه َف َق ْد ن َ​َ�ص َر ُه اللهّ ُ‪� {...‬سورة التوبة (‪ .)40‬فيا ر�ضي اهلل عنه الذي �سخّ ر نف�سه‪ ،‬وولده عبد اهلل‪ ،‬وابنتيه‬ ‫}�إ َِّال ت ُ‬ ‫�أه��ل مكة! وي��ا قري�ش! وي��ا �أيها العرب! �إذا مل جتتمعوا �أ�سماء وعائ�شة‪ ،‬ومواله عامر بن فهرية ليكونوا جميعاً يف‬ ‫على ن�صرة حممد �صلى اهلل عليه و�سلم ف��إن اهلل تعالى خدمة الإ�سالم ورعاية �سيدنا ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه‬ ‫ن�صره‪ ،‬و�أ ّيده‪ ،‬ومل يتخ َّل عنه ولن يتخلى عنه �أبدا‪.‬‬ ‫و�سلم‪.‬‬ ‫حكى لنا ربنا �سبحانه وتعالى ق�صة ن�صره وت�أييده‬ ‫يف ه��ذه الأث�ن��اء كانت قري�ش قد �أعلنت عن اجلائزة‬ ‫ورعايته ل�سيدنا حممد �صلى اهلل عليه و�سلم فقال‪�}:‬إِ ْذ‬ ‫ان ا ْثنَينِْ �إِ ْذ ُه َما يِف ا ْلغَا ِر �إِ ْذ َيق ُ‬ ‫�أَخْ َر َج ُه ا َّل ِذينَ َك َف ُرواْ َث يِ َ‬ ‫ُول الكربى ملن ي�أتي مبحمد عليه ال�صالة وال�سالم و�صاحبه‬ ‫اللهّ َ‬ ‫ِل َ�ص ِاح ِب ِه َال تحَ ْ زَنْ �إِ َّن َم َعنَا{‪� ..‬سورة التوبة (‪ .)40‬لقد �أحياء �أو ميتني‪ ،‬وهذه اجلائزة كانت مئة ناقة من كرام‬ ‫�أخرجه �أهل مكة بعد جهاد طويل معهم‪ ،‬وعرو�ض‬ ‫مغرية‪ ،‬نوق العرب‪ ،‬فطمع بها الطامعون‪ ،‬و�سعى �إليها ال�ساعون‪،‬‬ ‫عر�ضوا عليه امل��ال والن�ساء واجل��اه وال�سيادة عن طريق‬ ‫عمه �أب��ي طالب‪ ،‬لكن النبي عليه ال�صالة وال�سالم كان و�أم ��ر طبيعي �أن ي�سعى ال�ن��ا���س �إل ��ى ج��ائ��زة‪ ،‬لكنهم مل‬ ‫ُيعلن عن ثبات موقفه ومبدئه فيقول‪“ :‬واهلل يا ع ّم! لو يدركوا �أن اهلل تعالى يحمي ذلك املطا َرد الذي يالحقونه‪،‬‬ ‫و�ضعوا ال�شم�س يف مييني والقمر يف ي�ساري على �أن �أترك و�أنه �سيجعل معجزة عظيمة عندما ي�صلون �إلى فم الغار‪.‬‬ ‫هذا الأمر ما تركته حتى ُيظهِره اهلل �أو �أه ِل َك دونه"‪.‬‬ ‫و�صلوا فع ً‬ ‫ال �إل��ى �أ�سفل اجلبل حيث ق��ال متت ِّبع الأث��ر‪:‬‬ ‫هكذا حت ّدث النبي عليه ال�صالة وال�سالم عن مبدئه �إلى هنا انقطع الأثر‪ .‬ف�صعدوا اجلبل لعلهم يجدونهما‬ ‫وعقيدته ويقينه بقلبٍ ثابت‪ ،‬ويقني را�سخ مل يتزعزع ومل هناك‪ ،‬فلما �أن و�صلوا �إل��ى فم الغار وب��د�ؤوا يبحثون يف‬ ‫يتبدل ومل يرتاجع �إلى الوراء‪ ،‬رغم ال�ضغوطات الكثرية قمة اجلبل ا�ضطرب قلب �أبي بكر ر�ضي اهلل عنه‪ ،‬وخ�شي‬ ‫التي تعر�ض لها‪ ،‬كاحل�صار يف ِّ‬ ‫ال�شعب‪ ،‬فقد حو�صر ثالث‬ ‫�سنوات ّحتى �أكل ورق ال�شجر هو و�أ�صحابه‪� ،‬أوذي يف ج�سده �أن يظفر �أولئك القوم بر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪،‬‬ ‫و�أ�صحابه‪ ،‬ومع ذلك �صرب و�أح�سن �إلى �أهله وقومه‪ ،‬فكان فقال‪ :‬يا ر�سول اهلل! لو �أن �أحدهم نظر �إلى �أ�سفل قدميه‬ ‫النا�س يطلبون منه �أن يدعو عليهم‪ ،‬لكنه ك��ان يقول‪ :‬لر�آنا‪ .‬فقال النبي عليه ال�صالة وال�سالم‪“ :‬يا �أبا بكر! ما‬ ‫“اللهم ِ‬ ‫اهد قومي ف�إنهم ال يعلمون”‪ .‬وكان يقول يف ظنُّك باثنني ُ‬ ‫اهلل ثالثهما؟!”‪� .‬صحيح م�سلم‪.‬‬ ‫مو�ضع �آخر‪“ :‬بل �أرجو �أن ُيخرج اهلل من �أ�صالبهم من‬ ‫يعبد اهلل وحده ال ي�شرك به �شيئا”‪ .‬متفق عليه‪.‬‬ ‫ثم �أن��زل اهلل �سبحانه وتعالى على قلب ر�سوله �صلى‬ ‫فالنبي عليه ال�صالة وال�سالم كان �صاحب مبد�أ ثبت اهلل عليه و�سلم ما ي�ؤكد هذا املعنى‪�}:‬إِ ْذ َيق ُ‬ ‫ُول ِل َ�ص ِاح ِب ِه َال‬ ‫عليه‪ ،‬وحافظ عليه‪ ،‬وك��ان قلبه مطمئناً ب��اهلل �سبحانه تحَ ْ زَنْ �إِ َّن اللهّ َ َم َعنَا{ �سورة التوبة (‪.)40‬‬ ‫وتعالى‪ ،‬واثقاً وحم�سناً الظن به‪ .‬واهلل تعالى يقول كما‬ ‫من كان مع اهلل فال يبايل ب�أحد يف الدنيا كلها‪ .‬كن‬ ‫ورد يف احلديث القد�سي‪�“ :‬أنا عند ظن عبدي بي‪ ،‬فليظنَّ‬ ‫مع اهلل وال ِ‬ ‫بي ما �شاء"‪.‬‬ ‫تبال‪ .‬ماذا وجد من فقد اهلل؟ وماذا فقد من‬ ‫فالنبي عليه ال���ص�لاة وال���س�لام ك��ان يعتقد �أن اهلل وجده؟! لقد خاب وخ�سر من ر�ضي بغري اهلل بد ًال!‬ ‫�سين�صره‪ ،‬وي��ؤي��ده‪ ،‬ومينعه‪ ،‬ويدافع عنه يف كل املواقف‬ ‫�أولئك الذين يظنون �أن قدراتهم الذهنية‪ ،‬و�إمكاناتهم‬ ‫التي �سيخو�ضها يف امل�ستقبل‪.‬‬ ‫ال�ب��دن�ي��ة‪ ،‬وممتلكاتهم امل��ادي��ة �ستحميهم م��ن دون اهلل‪،‬‬ ‫يف غار ثور �أ�صاب �سي َدنا �أبا بكر ر�ضي اهلل عنه �شيء و�ستكون لهم ح�صناً منيعاً عن عقاب اهلل تعالى �إن هم‬ ‫من اخلوف واال�ضطراب‪ ،‬ال على نف�سه‪� ،‬إمنا على الإ�سالم‪،‬‬ ‫ق�صروا �أو ف ّرطوا يف حق اهلل‪ .‬خاب‬ ‫وعلى ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم؛ لأن حماية �أبي �أخط�ؤوا �أو �أ�سا�ؤوا �أو ّ‬ ‫بكر ر�ضي اهلل عنه ودفاعه وت�أييده للنبي عليه ال�صالة �سعيهم ومل َي�ص ُدق ظنهم �أنهم الأقوياء والقادرون على‬ ‫وال�سالم �إمنا هي حماية للإ�سالم‪ ،‬ودف��اع عن ال�شريعة‪ ،‬حماية �أنف�سهم؛ لأن اهلل تعالى ه��و وح��ده ال�ق��ادر على‬ ‫ودعم لهذا الدين العظيم الذي �سخّ ر اهلل تعالى له جنوداً حمايتنا وحفظنا من �أي �سوء ميكن �أن نقع به‪.‬‬ ‫كثريين‪ ،‬منهم من كان يعمل �سراً ب�أمر من اهلل تعالى‪،‬‬ ‫واهلل املوفق والهادي �إلى �سواء ال�سبيل‬ ‫ومنهم م��ن ك��ان يعمل ج�ه��راً ك�سيدنا �أب��ي بكر ال�صديق‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪47‬‬


‫مقاالت‬

‫ ‬

‫أثر الوسطية‬

‫في بناء المجتمع اإلسالمي‬

‫‪48‬‬

‫ال�شريعة الإ��س�لام�ي��ة ه��ي ال�ت��ي �صنعت املجتمع امل�سلم‪ ،‬ولي�س املجتمع‬ ‫امل�سلم هو الذي �صنع ال�شريعة الإ�سالمية‪ ،‬وهي التي و�ضعت �أ�س�سه و�سماته‬ ‫ومقوماته وقي َمه و�أعرافه‪.‬‬ ‫ومل تكن ال�شريعة جم��رد ا�ستجابة للحاجات الب�شرية‪ ،‬كما ه��و ال�ش�أن‬ ‫يف الت�شريعات الأر�ضية الو�ضعية‪ ،‬و�إمن��ا كانت منهاجاً �إلهياً للب�شرية كلها‪،‬‬ ‫تناولت كل �شيء يف حياة الإن�سان واملجتمع‪ ،‬وح��ددت عالقة الإن�سان بربه‬ ‫وبنف�سه وب�أ�سرته وبجريانه وب�أفراد جمتمعه‪.‬‬ ‫ـ تفرد املجتمع امل�سلم ِ‪:‬‬ ‫وم��ن هنا ج��اء متيز املجتمع امل�سلم وت�ف��رده ع��ن غ�يره م��ن املجتمعات‪،‬‬ ‫ذلك �أن �صانعه ومن�شئه وبانيه �أعلم مبا ي�صلح للب�شر من �أنظمة الفال�سفة‬ ‫واملفكرين وعلماء االجتماع‪.‬‬ ‫ـ ثبات �أحكام ال�شريعة‪:‬‬ ‫مهما ج َّد يف احلياة من حاجات‪ ،‬ودعت عوامل النمو والتطور �إلى االجتهاد‬ ‫يف َ�س ِّن القوانني و�إ�صدار الت�شريعات الالزمة ملواكبة احلياة املتجددة‪ ،‬ف�إن‬ ‫ذلك االجتهاد يبقى م�شدوداً �إل��ى �أ�صل ثابت ومبادئ �أ�سا�سية‪� ،‬أراد اهلل لها‬ ‫الدوام يف املجتمع امل�سلم‪ ،‬ليبقى حمافظاً على تفرده‪.‬‬ ‫وبذلك تقوم ال�شريعة مقام ال�سياج الواقي ال��ذي ي�سمح لعوامل النمو‬ ‫والتجدد �أن تفعل فعلها يف املجتمع امل�سلم‪ ،‬ولكن داخل هذا ال�سياج الواقي‬ ‫الشيخ محمد خير الطرشان‬ ‫الذي يحافظ على الأ�صالة وي�صون التفرد ويحمي التميز‪.‬‬ ‫�إن ال�شريعة الإ�سالمية التي �أن�ش�أت ه��ذا املجتمع لرتتكز على عدة‬ ‫أستاذ القضايا الفكرية المعاصرة في جامعة بالد الشام‬ ‫خ�صائ�ص جتعل املجتمع امل�سلم قاب ًال للنمو والتطور والتجدد‪ ،‬قادراً على‬ ‫معاون مدير معهد الفتح اإلسالمي بدمشق تلبية مطالب الب�شرية املتجددة‪ ،‬ومن �أهمها‪:‬‬ ‫(‪ )1‬موافقة الفطرة التي فطر اهلل النا�س عليها‪.‬‬ ‫(‪� )2‬شموليتها وعامليتها‪ :‬قال تعالى} وما �أر�سلناك �إال رحمة للعاملني{‪.‬‬ ‫(‪ )3‬كمالها ومتامها‪ :‬قال تعالى‪ } :‬اليوم �أكملت لكم دينكم{‪.‬‬ ‫(‪ )4‬و�سطيتها‪ :‬وهذا مو�ضوع بحثنا‪.‬‬ ‫ـ مفهوم الو�سطية‪:‬‬ ‫الو�سطية لغ ًة‪ :‬و�سط ال�شيء خريه و�أعدله و�أجوده‪ ،‬يقال‪ :‬قري�ش �أو�سط‬ ‫العرب ن�سباً وداراً‪� ،‬أي‪ :‬خريها‪ ،‬وكان ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم و�سطاً يف‬ ‫قومه �أي‪� :‬أ�شرفهم ن�سباً‪.‬‬


‫ويف امل�صطلح ال���ش��رع��ي‪ :‬ه��ي منهج �أ��ص�ي��ل وو��ص��ف جميل‬ ‫ومفهوم جامع ملعاين العدل واخل�ير واال�ستقامة فهي‪} :‬حق‬ ‫بني باطلني‪ ،‬واعتدال بني تطرفني‪ ،‬وعدل بني ظلمني {‪.‬‬ ‫ـ و�سطية الدين الإ�سالمي‪:‬‬ ‫ـ و�صف اهلل هذه الأم��ة الإ�سالمية بالو�سطية يف قوله جل‬ ‫وعال‪ } :‬وكذلك جعلناكم �أمة و�سطاً لتكونوا �شهداء على النا�س‬ ‫ويكون الر�سول عليكم �شهيداً { (‪.)2‬‬ ‫ـ وجاء و�صفها يف احلديث ال�شريف‪ :‬فعن ر�سول اهلل �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم �أنه قال‪ } :‬يدعى نوح يوم القيامة فيقال له‪:‬‬ ‫هل بلغت ؟ فيقول‪ :‬نعم‪ ،‬فيدعى قومه فيقال لهم‪ :‬هل بلغـكم؟‬ ‫فيقولـون‪ :‬ما �أتـانـا من نذير‪ ،‬فيقال لـنوح‪ :‬من ي�شـهد لك؟‬ ‫فيقول‪ :‬حممد و�أم �ت��ه‪ ،‬ق��ال‪ :‬ف��ذل��ك ق��ول��ه تعالى‪ } :‬وكذلك‬ ‫جعلناكم �أمة و�سطاً{‪ .‬والو�سط‪ :‬العدل‪ ،‬فتدعون فت�شهدون له‬ ‫بالبالغ ثم �أ�شهد عليكم { (‪.)3‬‬ ‫ـ دعوة القر�آن �إلى الو�سطية ال�شاملة يف الدنيا والآخرة‪:‬‬ ‫ـ قوله جل وعال‪ } :‬وابتغ فيما �آتاك اهلل الدار الآخ��رة و ال‬ ‫تن�س ن�صيبك من الدنيا { (‪.)4‬‬ ‫ـ وقوله عز من قائل‪ } :‬ربنا �آتنا يف الدنيا ح�سنة ويف الآخرة‬ ‫ح�سنة { (‪.)5‬‬ ‫ـ وقوله تعالى‪ } :‬والذين �إذا انفقوا مل ي�سرفوا ومل يقرتوا‬ ‫وكان بني ذلك قواماً { (‪.)6‬‬ ‫وكان من دعاء النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‪ } :‬اللهم �أ�صلح‬ ‫يل ديني ال��ذي هو ع�صمة �أم��ري‪ ،‬و�أ�صلح يل دنياي التي فيها‬ ‫معا�شي‪ ،‬و�أ�صلح يل �آخرتي التي فيها معادي{‪.‬‬ ‫ـ من��اذج م��ن دع��وة ال �ق��ر�آن �إل��ى الو�سطية لإق��ام��ة جمتمع‬ ‫االعتدال والتوازن‪:‬‬ ‫(‪ )1‬ـ دعوته �إلى االعتدال يف الإنفاق‪ :‬قال تعالى‪ } :‬وال جتعل‬ ‫ي��دك مغلولة �إل��ى عنقك وال تب�سطها ك��ل الب�سط فتقعد‬ ‫ملوماً حم�سوراً { (‪.)7‬‬ ‫(‪ )2‬ـ دعوته �إل��ى االعتدال يف تناول الطيبات‪ :‬فقال تعالى‪} :‬‬ ‫يا بني �آدم خذوا زينتـكم عند كل م�سـجد وكلوا وا�شربوا وال‬ ‫ت�سرفوا �إنه ال يحب امل�سـرفني{ (‪.)8‬‬ ‫(‪ )3‬ـ دعوته �إل��ى االعتدال والتوازن يف املعامالت املالية‪ :‬ومن‬ ‫ذلك الآيات التالية‪:‬‬ ‫ـ قوله تعالى‪ } :‬ويف �أموالهم حق لل�سائل واملحروم{ (‪.)9‬‬ ‫ـ وقوله تعالى‪ } :‬وال��ذي��ن يف �أموالهم حق معلوم لل�سائل‬ ‫واملحروم { (‪.)10‬‬ ‫ـ وقوله تعالى‪ } :‬و�آتوهم من مال اهلل الذي �آتاكم { (‪.)11‬‬ ‫الهوام�ش‪:‬‬

‫(‪ )4‬ـ دعوته �إلى التوازن بني التكاليف واال�ستطاعة‪ :‬قال‬ ‫تعالى‪} :‬ال يكلف اهلل نف�ساً �إال و�سعها لها ما ك�سبت‬ ‫وعليها ما اكت�سبت{ (‪.)12‬‬ ‫ـ وخري من��وذج لدعوة ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �إلى‬ ‫الو�سطية واالع�ت��دال يف العالقات االجتماعية‪ ،‬وال�ت��وازن بني‬ ‫مطالب ال�ب��دن وح��اج��ات��ه‪ ،‬ومطالب القلب وتفرغه للعبادة‪،‬‬ ‫حديث الرهط الثالثة الذين �س�ألوا عن عبادة ر�سول اهلل �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم فك�أنهم تقالوها‪ ،‬ف�أجابهم �صلى اهلل عليه و�سلم‪:‬‬ ‫( �أم��ا واهلل �إين لأخ�شاكم هلل و�أت�ق��اك��م ل��ه‪ ،‬لكني �أ�صلي و�أن��ام‪،‬‬ ‫و�أ�صوم و�أفطر‪ ،‬و�أتزوج الن�ساء‪ ،‬فمن رغب عن �سنتي فلي�س مني‬ ‫) (‪.)13‬‬ ‫ـ املجتمع امل�سلم ي�ق��وم ع�ل��ى ق��اع��دة‪ } :‬رف��ع احل ��رج ودف��ع‬ ‫ال�ضرر {‬ ‫ـ انطالقاً من قوله جل يف عاله‪ } :‬وما �أر�سلناك �إال رحمة‬ ‫للعاملني { (‪.)14‬‬ ‫وعم ًال ب��الآي��ة الكرمية‪ } :‬ما جعل عليكم يف الدين من‬ ‫حرج { (‪.)15‬‬ ‫ف�إن املجتمع امل�سلم يوازن يف عالقة �أفراده مع خالقهم ومع‬ ‫النا�س �أجمعني بني هذين املعنيني‪ ،‬فاهلل تعالى �أر�سل ر�سوله‬ ‫حممداً �صلى اهلل عليه و�سلم رحمة للأمة‪ ،‬حيث قال �صلى اهلل‬ ‫عليه و�سلم‪� ( :‬إن اهلل مل يبعثني معنتاً وال متعنتاً‪ ،‬ولكن بعثني‬ ‫معلماً ومي�سراً ) (‪.)16‬‬ ‫وقال تعالى يف و�صفه‪ } :‬بامل�ؤمنني ر�ؤوف رحيم { (‪.)17‬‬ ‫لذلك قام املجتمع امل�سلم �ضمن �ضوابط حمددة‪ ،‬من �أبرزها‬ ‫قوله �صلى اهلل عليه و�سلم‪ ( :‬لن ي�شا َّد الدين �أح��د �إال غلبه‪،‬‬ ‫ف�سددوا وقاربوا) (‪.)18‬‬ ‫وكان من توجيه النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ملعاذ بن جبل‬ ‫تع�سرا‪ِّ ،‬‬ ‫وب�شرا وال تن ِّفرا {‪.‬‬ ‫ي�سرا وال ِّ‬ ‫ولأبي مو�سى الأ�شعري‪ِّ } :‬‬ ‫ـ النهي عن الغلو يف الدين‪:‬‬ ‫ويف املقابل نهى ال�ق��ر�آن الكرمي عن الغلو يف الدين‪ ،‬فقال‬ ‫ت�ع��ال��ى يف حم�ك��م ك�ت��اب��ه ال�ع��زي��ز‪} :‬ي��ا �أه��ل ال�ك�ت��اب ال ت�غ�ل��وا يف‬ ‫دينكم{ (‪.)19‬‬ ‫وق��ال النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‪� ( :‬إي��اك��م والغل َّو‪ ،‬ف�إمنا‬ ‫�أه�ل��ك م��ن ك��ان قبلكم ال�غ�ل� ُّو يف ال��دي��ن)‪ .‬وال�غ�ل��و‪ :‬ه��و املبالغة‬ ‫والت�شدد وجتاوز احلد‪.‬‬ ‫جعلنا اهلل و�إي��اك��م م��ن ال��ذي��ن ي�ستمعون ال�ق��ول فيتبعون‬ ‫�أح�سنه‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪....‬‬

‫(‪ )1‬املائدة ‪/‬الآي��ة ‪ )2( 3‬البقرة ‪ )8( /‬الأعراف ‪/‬الآية ‪31‬‬ ‫(‪ )9‬الذاريات ‪/‬الآية ‪19‬‬ ‫الآية‪143‬‬ ‫(‪� )3‬أخرجه البخاري يف �صحيحه (‪ )10‬املعارج ‪/‬الآيات‪25-24‬‬ ‫(‪ )11‬النور ‪/‬الآية ‪33‬‬ ‫(‪ )4‬الق�ص�ص ‪/‬الآية ‪77‬‬ ‫(‪ )12‬البقرة ‪/‬الآية‪276‬‬ ‫(‪ )5‬البقرة ‪/‬الآية ‪201‬‬ ‫(‪� )13‬أخرجه البخاري وم�سلم‬ ‫(‪ )6‬الفرقان ‪/‬الآية ‪67‬‬ ‫(‪ )14‬الأنبياء ‪/‬الآية ‪107‬‬ ‫(‪ )7‬الإ�سراء ‪/‬الآية‪29‬‬

‫(‪ )15‬احلج ‪/‬الآية ‪76‬‬ ‫(‪� )16‬أخرجه م�سلم يف �صحيحه‬ ‫(‪ )17‬التوبة ‪/‬الآية ‪129‬‬ ‫(‪� )18‬أخرجه البخاري يف �صحيحه‬ ‫(‪ )19‬الن�ساء ‪ /‬الآية ‪171‬‬

‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪49‬‬


‫مقاالت‬

‫األقليات‬ ‫�إن الفهم املغلوط لقواعد ال�شرع العامة يرتك �إفرازاته‬ ‫ال�سلبية على �سلوكية الفرد واملجتمع‪ ،‬خ�صو�صاً عند تنزيل‬ ‫ت�ل��ك ال �ق��واع��د ع�ل��ى ج��زئ�ي��ات احل �ي��اة العلمية �أو التعاملية‬ ‫وه��ذا يعترب طامة عظمى وكارثة فيما �إذا وقع يف تعامالت‬ ‫وت�صرفات امل�سلمني فيما بينهم‪.‬‬ ‫‪50‬‬

‫األستاذ الدكتور محمد حبش‬

‫�أما �إذا كان من امل�سلمني مع غري امل�سلمني من الأقليات‬ ‫وال��دي��ان��ات الأخ ��رى ف ��إن ال�ط��ام��ة �أك�ب�ر ومت�ث��ل ال�ك�ب��وة التي‬ ‫تق�صم ظهر الفار�س وي��ؤي��د م��ا ذهبنا �إل�ي��ه يف ت�أ�صيلنا هذا‬ ‫ال�سلوك النبوي املطهر مع الأقليات التي عا�شت حتت كنف‬ ‫رعايته وحمايته يف املدينة املطهرة حني و�ضع ميثاق املدينة‪،‬‬ ‫ف��أن��ه �صلى اهلل عليه و�سلم عمل يف ك��ل خ�ط��وة خطاها على‬ ‫بناء جمتمع متما�سك يتحمل م�س�ؤولية احلفاظ على جميع‬ ‫�أجنا�س و�أعراق و�أديان الأمة‪.‬‬ ‫وذل��ك بناء علی فل�سفته يف تكرمی الإن�سان من حیث هو‬ ‫�إن�سان‪ .‬ا�ستخلفه اهلل يف ‏ الأر���ض‪ ،‬و�سخّ ر له ما يف ال�سموات‬ ‫وما يف الأر���ض‪ ،‬و�أ�سبغ علیه نعم ‏ه ظاهرة وباطنة‪ ،‬وخلقه يف‬ ‫�أح�سن تقومی‪ ،‬و�صوره ف�أح�سن �صورته‪ ،‬ومنحه العقل‏ والإرادة‪،‬‬ ‫وع ّلمه البیان‪ ،‬وانزل علیه الكتب‪ ،‬وبعث �إليه الر�سل مب�شرین‬ ‫ومنذرین‪ ،‬لیهديه �إلى �صراط ربه العزیز احلمید‪.‬‬


‫كما �إن هناك قلة من بع�ض ال�شباب‪ ،‬من غری َّ‬ ‫املطلعنی‬ ‫علی الفقه‪ ،‬یح�سبون �أن م��ال غ�یر امل�سلم‪ ،‬ورمب��ا دم��ه‪،‬‬ ‫مباح يف الإ�سالم!وهذا خط�أ عظیم‪ ،‬وخطر ج�سیم‪.‬‬

‫وماتت �أم احلارث بن �أبی ربیعة وهی‏ ن�صرانیة‪ ،‬ف�ش َّیعها‬ ‫�أ�صحاب ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬وك��ان بع�ض‬ ‫�أجالء التابعنی یعطون ن�صیباً من‏ �صدقة الفطر لرهبان‬ ‫ك ح��رج�اً‪ ،‬بل ذه��ب بع�ضهم‪-‬‬ ‫الن�صاری وال ی��رون يف ذل ‏‬ ‫كعكرمة وابن �سریین‏ والزهری ‪�-‬إلى جواز �إعطائهم من‬ ‫الزكاة نف�سها‪.‬‬

‫حتى �أن القر�آن لریتفع ب��أدب احل��وار مع �أهل‏ الكتاب‬ ‫�إل��ى �أف��ق رفیع‪ ،‬حنی یقول‪َ } :‬و اَل تجُ َ ��ا ِد ُل��وا �أَ ْه � َل ال ِكتَابِ‬ ‫�إ اَِّل بِا َّل ِتي ِه َي �أَ ْح َ�سنُ إِ� اَّل ا َّل ِذينَ َظلَ ُموا ِم ْن ُه ْم َو ُقو ُلوا �آَ َم َنّا‬ ‫بِا َّل ِذي �أُ ْن ِز َل �إِ َل ْينَا َو�أُ ْن ِز َل �إِ َل ْي ُك ْم َو ِ�إ َل ُهنَا َو ِ�إ َل ُه ُك ْم َو ِاح ٌد َون َْحنُ‬ ‫وهناك وثيقة و�ضعها النبي يف املدينة ميكن تلخي�صها‬ ‫َل ُه ُم ْ�س ِل ُمو َن {العنكبوت‪46:‬‬ ‫كالآتي‪:‬‬ ‫وی��رك��ز ال �ق��ر�آن ه�ن��ا ع�ل��ی ذك��ر م��وا��ض��ع االتفا ‏ق بنی‬ ‫واالختالف‪ -1 :‬ت�أ�سي�س مبد�أ امل�ساواة بني النا�س والذي من �ش�أنه �أن‬ ‫امل�سلمنی و�أهل الكتاب‪ ،‬ال علی نقاط التمایز‬ ‫[و ُقو ُلوا �آَم َنّا بِا َّل ِذي �أُ ْن ِز َل ِ�إ َلينَا و�أُ ْن ِز َل ِ�إ َلي ُكم و�إِ َل ُهنَا و�إِ َل ُه ُكم يذيب جدار اخلوف املبني يف عقلية الأقلية املخالطة‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫للمجتمع الإ�سالمي‪.‬‬ ‫َو ِاح ٌد َون َْحنُ َل ُه ُم ْ�س ِل ُمونَ{(العنكبوت‪)46:‬‬ ‫واحل �ق��وق ال�ت��ی ق��رره��ا الإ� �س�ل�ام لی�ست جم��رد حرب ‪ -2‬الت�أكيد على الوفاء بالعهد والإيفاء بالوعد يف م�س�ألة‬ ‫علی ورق‪ ،‬بل هی حقوق مقد�سة قررتها �شریعة اهلل‪ ،‬فال �إع �ط��اء الأم ��ان ل�ل�أق�ل�ي��ات وه��ذا م��ن ��ش��أن��ه �أن يعطي‬ ‫میلك �أحد من النا�س �أن یبطلها‪ ،‬وهي حقوق حتوطها م���س��اح��ة وق�ت�ي��ة �أو� �س��ع لتح�صيل ال�ق�ن��اع��ة يف ال��دي��ن‬ ‫وحتر�سها �ضمانات متعددة‪� :‬ضمانة العقیدة يف �ضمری اجلديد ومن ثم اعتناقه وهذا ما ح�صل فع ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫كل فرد م�سلم‪ ،‬یتع َّبد بامتثال �أم��ر اهلل‪ ،‬واجتناب نهیه‪،‬‬ ‫‪ -3‬الثابت يف ال�سرية النبوية العبقة �أن النبي �صلى اهلل‬ ‫و�ضمان ال�ضمری الإ�سالمي العام‪.‬‬ ‫عليه و�سلم مل يجرب �شخ�صاً منهم على ال�ن��زوح من‬ ‫و�أ�صیب عمر ب�ضربة رجل من �أهل الذمة ‪�-‬أبي ل�ؤل�ؤة وطنه �إلى بالد �أخرى وهذه ال�سلوكية �ألغت الإعتقاد‬ ‫املجو�سی‪ -‬فلم مینعه ذلك �أن یو�صي اخللیفة من بعده ال�سائد �أو اخل��روج �إل��ى �أن الإ��س�لام دي��ن م��ادي يخرج‬ ‫وه��و علی ف��را���ش امل��وت يف ق��ول��ه‪�« :‬أو� �ص��ي اخللیفة من النا�س من بيوتها لي�ستويل عليها هو‪ ،‬ولعل �أكرث ما‬ ‫بعدي ب�أهل الذمة خریاً‪� ،‬أن يويف بعهدهم‪ ،‬و�أن یقاتل من �أثري يف هذا اجلانب على الإ�سالم هو �أخذ اجلزية على‬ ‫ورائهم‪ ،‬و�أال یكلفهم فوق طاقتهم»‪.‬‬ ‫�أه��ل الأقليات وقد قام عرب التاريخ مر�ضى النفو�س‬ ‫وعبد اهلل بن عمر ر�ضي اهلل عنهما یو�صي غالمه �أن بالتطبيل حول هذه الق�ضية وادخالها يف غري �إطارها‬ ‫یعطي جاره اليهودی من الأ�ضحیة‪ ،‬ویكرر الو�صیة مرة مع �أنها ما فر�ضت �إال لأجل دفع التقاتل بني النا�س‬ ‫بعد مرة‪ ،‬حتى ده�ش الغالم و�س�أله عن �سر هذه‏ العنایة وحلقن الدماء ولتكون عو�ضاً حلماية املتعاي�شني حتت‬ ‫باجلار یهودي؟ قال ابن عمر‪� :‬إ ‏ن النبي �صلى اهلل عليه ظل دولة الإ�سالم‪ ،‬فال بد من فهم الن�صو�ص �صحيحاً‬ ‫لئال يتهم الإ�سالم بفرية �أو ي�ؤتى على قمي�صه بدم‬ ‫و�سلم قال‪« :‬م��ازال جربیل یو�صینی باجلار حتى ظننتُ‬ ‫كذب‪.‬‬ ‫�أنه �سیورثه»‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪51‬‬


‫مقاالت‬

‫حقوق العمال في اإلسالم‬ ‫مقدمة‪:‬‬

‫‪52‬‬

‫الدكتور سليمان حسن الرطروط‬

‫جاء الإ�سالم مبكارم الأخالق‪ ،‬وحث على التحلي بها؛ ولعل‬ ‫من �أبرز القيم اخللقية للب�شر هي‪ :‬العدالة والرحمة والر�أفة‬ ‫جلميع املخلوقات وخا�صة الإن�سان‪ ،‬وارتقى ر�سول اهلل _�صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم للدرجة اخللقية الرفيعة‪ ،‬ولقد و�صفه اهلل‬ ‫ومدحه‪ ،‬فقال‪ (( :‬و�إنك لعلى خلق عظيم )) (‪ ،) 1‬ولقد حث‬ ‫النبي �صلى اهلل عليه و�سلم على مكارم الأخالق العالية‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫( �إن خياركم �أح�سنكم �أخالقاً )) (‪ .)2‬ومن اجلدير ذكره �أن‬ ‫ح�سن معاملة العمال ب�شكل عام وخا�صة خدم البيوت تعترب‬ ‫من مكارم الأخالق التي يت�صف بها العرب عموماً‪.‬‬ ‫تعريف العمل لغة‪:‬‬ ‫هي املهنة والفعل‪ ،‬واجلمع �أعمال‪) 3( .‬‬ ‫والعمل ا�صطالحاً‪ :‬ما يقوم به الإن�سان فعل لغريه مقابل‬ ‫الأجر‪.‬‬ ‫حث الإ�سالم على العمل‪:‬‬ ‫نهى الإ�سالم عن الت�سول و�س�ؤال النا�س ؛ و�أ�شاد باملتعفف‬ ‫الفقري ال��ذي يحفظ كرامته رغ��م فاقته وحاجته ولكنه ال‬


‫ي�س�أل النا�س‪ (( ،‬وال ي�س�ألون النا�س �إحلافا ٌ )) (‪ ) 4‬بل‬ ‫مدح املتعففني من الفقراء‪ ،‬وجعل من م�س�ؤولية املجتمع‬ ‫عامة _ �أف��راد وجماعات _ البحث عن الفقراء و�سد‬ ‫حاجتهم (( يح�سبهم اجلاهل �أغنياء من التعفف )) (‪.)5‬‬ ‫ويف مقابل ذلك �أي�ضاً فقد حث الإ�سالم على العمل‪ ،‬و�أعلى‬ ‫من �ش�أن العامل‪ ،‬فقال عليه ال�صالة وال�سالم‪ ( :‬ما �أكل‬ ‫�أح��د طعاماً قط خري من �أن ي�أكل من عمل ي��ده) (‪) 6‬‬ ‫وقد �أمر النبي �صلى عليه �سلم �أحد �أ�صحابه بالتحطيب‬ ‫وك�سب رزقه منه‪ ،‬فلما ر�أى يده �أم�سكها وقال‪� ( :‬إن هذه‬ ‫يد يحبها اهلل ور�سوله ) (‪)7‬‬ ‫وللداللة على �شرف العمل والعامل ف��إن �أنبياء اهلل‬ ‫عليهم ال�سالم _ وهم خرية خلقه _ كانت لهم حرف‬ ‫يك�سبون الرزق منها؛ ف�آدم عمل بالزراعة‪ ،‬ونوح بالتجارة‪،‬‬ ‫وداود ب��احل��دادة‪ ،‬وم��و��س��ى وحم�م��د ب��رع��ي ال�غ�ن��م‪ ،‬فقال‬ ‫عليه ال�صالة وال�سالم‪ ( :‬ما من نبي �إال ورع��ى الغنم)‬ ‫(‪ ) 8‬وح�ض الإ�سالم كذلك على �إتقان العمل والإخال�ص‬ ‫ل�صاحبه‪ ،‬وحمل العامل امل�س�ؤولية عن عمله‪ ،‬فقال عليه‬ ‫ال�صالة وال�سالم‪� (( :‬إن اهلل يحب من �أحدكم �إذا عمل‬ ‫عم ً‬ ‫ال �أن يتقنه ) ( ‪)9‬‬ ‫حقوق العامل يف الإ�سالم‪:‬‬

‫َر ْح َمتَ َر ِّب َك ن َْحنُ َق َ�س ْمنَا َب ْي َن ُهم َّم ِع َ‬ ‫الد ْن َيا‬ ‫ي�ش َت ُه ْم يِف الحْ َ َيا ِة ُّ‬ ‫َو َر َف ْعنَا َب ْع َ�ض ُه ْم َف ْو َق َب ْع ٍ�ض َد َر َج ٍات ِّل َيت َِّخ َذ َب ْع ُ�ض ُهم َب ْع ً�ضا‬ ‫ُ�سخْ ِر ًّيا َو َر ْح َمتُ َر ِّب َك خَ يرْ ٌ ممِّ َّ ا َي ْج َم ُعون)) (‪) 11‬‬ ‫وقد جعل الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم العمال �إخواناً‬ ‫لأ�صحاب العمل‪ ،‬فقال‪ (( :‬اخْ َوا ُن ُك ْم خَ َو ُل ُك ْم ‪َ ،‬ج َعلَ ُه ُم هَّ ُ‬ ‫الل‬ ‫تحَ ْ ��تَ �أَ ْي� ِ�دي� ُك� ْم‪َ ،‬ف َمنْ َك��ا َن َ�أخُ ��و ُه تحَ ْ ��تَ َي� ِ�د ِه َف ْل ُي ْط ِع ْم ُه ممِ َّ ا‬ ‫ُوه ْم َما َي ْغ ِل ُب ُه ْم‪َ ،‬ف�إِنْ‬ ‫َي�أْ ُك ُل‪َ ،‬و ْل ُي ْل ِب ْ�س ُه ممِ َّ ا َي ْل َب ُ�س‪َ ،‬و َال ُت َك ِّلف ُ‬ ‫ُوه ْم )) (‪ ) 12‬وخولكم‪� :‬أي خدمكم‪،‬‬ ‫وه ْم َف�أَ ِعين ُ‬ ‫َك ّلَ ْف ُت ُم ُ‬ ‫ف�ه��م �إخ ��وة ل�ن��ا �سخرهم اهلل خلدمتنا وال�ق�ي��ام ببع�ض‬ ‫�ش�ؤوننا و�أعمالنا‪ .‬ويف ذلك ت�أكيد على كرامة العامل‪.‬‬ ‫ومن حقوق العامل يف الإ�سالم‪:‬‬ ‫‪ .1‬حق العامل يف الأجر‪:‬‬ ‫حث الإ�سالم على الوفاء بالعقود جميعاً‪ ،‬ومنها عقد‬ ‫العمل‪ ،‬فقال تعالى‪ (( :‬يا �أيها الذين �آمنوا �أوفوا بالعقود‬ ‫)) (‪ ،) 13‬وقد ذكر اهلل �أن �شعيباً ا�ستدعى مو�سى عليهما‬ ‫ال�سالم ليدفع له �أجره فجاء على ل�سان ابنته‪� (( :‬إن �أبي‬ ‫يدعوك ليجزيك �أجر ما �سقيت لنا )) (‪ )14‬و�ألزم كذلك‬ ‫�صاحب العمل �أن ُي � � َوفِيّ َ للعامل واخل ��ادم �أج ��ره املكافئ‬ ‫ُ‬ ‫جلهده دون ظلم �أو مماطلة‪ ،‬فقال ر�سول اهلل‪� (( :‬أَ ْع ُطوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ري �أ ْج َر ُه َق ْب َل �أنْ َيجِ َّف َع َر ُقهُ)) (‪ ) 15‬و�أمر الإ�سالم‬ ‫الأَجِ َ‬ ‫�أن حت�ف��ظ ح�ق��وق ال�ع�م��ال امل��ال� َّي��ة م��ن ال�غ�بن‪ ،‬والظلم‪،‬‬ ‫واال�ستغالل؛ لذلك قال ر�سول اهلل يف احلديث القد�سي‬ ‫رب الع َزّة‪َ (( :‬قا َل هَّ ُ‬ ‫الل َت َعا َلى‪َ :‬ث َ‬ ‫ال َث ٌة �أَنَا خَ ْ�ص ُم ُه ْم َي ْو َم‬ ‫عن ِّ‬ ‫ا�س َت ْو َفى ِم ْن ُه َولمَ ْ ُي ْع ِط‬ ‫ا ْل ِق َيا َم ِة‪َ ...‬و َر ُج ٌل ْا�س َت ْ�أ َج َر َ�أجِ ً‬ ‫ريا َف ْ‬ ‫�أَ ْج َر ُه )) ( ‪) 16‬‬

‫اعترب الإ��س�لام النا�س جميعاً �سوا�سية يف الإن�سانية‬ ‫والكرامة ؛ فقال تعالى‪ (( :‬ولقد كرمنا بني �آدم )) (‪)10‬‬ ‫فالب�شر كلهم مكرمون على اختالف �ألوانهم و�أجنا�سهم‬ ‫ولغاتهم‪ ،‬وعلى اختالف درجاتهم وم�ستوياتهم العلمية‬ ‫والثقافية واالجتماعة واملادية‪ .‬ولكن اهلل �سبحانه جعل‬ ‫ال�ن��ا���س درج� ��ات م�ت�ف��اوت��ة؛ ل�ك��ي ي �خ��دم بع�ضهم بع�ضاً‪،‬‬ ‫وحتى ت�ستمر احلياة‪ ،‬فال ميكن �أن يكون كل النا�س يف‬ ‫‪ .2‬ح�صول العمل على حقوقه امل�شروطة‪:‬‬ ‫مهنة واح ��دة‪ ،‬و�إال لتعطلت احل �ي��اة؛ ف�ه��ذا ع��ام��ل بناء‪،‬‬ ‫وذاك مهن�س‪ ،‬و�آخر مدر�س و�آخر طبيب‪�.. .،‬ألخ‪ ،‬وعندئذ‬ ‫يجب على �صاحب العمل الوفاء بكل ال�شروط التي‬ ‫تتكامل الأعمال وتنمو وتزدهر احلياة (( �أَ ُه ْم َي ْق�سِ ُمو َن التزم بها للعامل ب�صورة �شخ�صية‪� ،‬سواء كانت مكتوبة‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪53‬‬


‫�أم كانت اتفاقاً �شفوياً‪ ،‬و�سواء بوجود ال�شهود �أم بدونهم‪ ،‬حتمل امل�س�ؤولية الكاملة عن الأذى وال�ضرر الواقع على‬ ‫فاهلل خري �شاهداً‪ .‬ومن �ضمن احلقوق الواجب الوفاء بها العامل‪.‬‬ ‫ما تن�ص عليه القوانني والأنظمة والتعليمات املطبقة يف‬ ‫واهلل �سبحانه ي�أمر النا�س بالعدل؛ فقال‪� (( :‬إن اهلل‬ ‫بلد العمل‪ ،‬فهي مبثابة �شروط ملزمة لكال الطرفني‬ ‫عند ر�ضاهما بالعمل؛ مثل �ساعات العمل‪ ،‬واحلد الأدنى ي�أمر بالعدل والإح�سان )) (‪ ) 18‬ونهى اهلل عن الظلم‪،‬‬ ‫للأجرة‪ ،‬و�أيام الإجازة‪�.. .‬ألخ‪ .‬فيجب على كال الطرفني فقد جاء يف احلديث القد�سي‪ (( :‬يا عبادي �إين حرمت‬ ‫الظلم على نف�سي وجعلته بينكم حمرماً فال تظاملوا ))‬ ‫الوفاء وااللتزام بها‪.‬‬ ‫(‪) 19‬‬ ‫‪ .3‬عدم �إرهاق العامل‪:‬‬ ‫‪ .5‬حق العامل يف �أداء العبادات وال�شعائر الدينية‪:‬‬ ‫العمال هم ب�شر لهم ق��درات وط��اق��ات وح��اج��ات‪ ،‬فال‬ ‫م��ن ح�ق��وق العامل الثابتة حقه يف �أداء ال�صالة �إن‬ ‫يجوز ل�صاحب العمل �إره ��اق ال�ع��ام��ل‪� ،‬أو حتميله م��ا ال‬ ‫يطيق‪ ،‬وال ينبغي له �أن ي�أمره بعمل ي�ضر ب�صحته حاال �أو كان موعدها يف فرتة العمل‪ ،‬وحقه يف ال�صيام‪ ،‬وحقه يف‬ ‫ال‪� ،‬أو مبا �سيعود عليه بال�ضرر الباطن‪ ،‬وال يجوز �أداء احلج‪ ،‬ويجب مراعاة �أن ت�ؤدى العبادات يف الأوقات‬ ‫م�ستقب ً‬ ‫له �أن ي�ستعمله يف عمل مل يتفقا عليه‪ .‬قال تعالى‪(( :‬وما املنا�سبة واملدة املالئمة ودون ت�أثري على العمل ومهامه‪.‬‬ ‫�أريد �أن �أ�شق عليك )) ( ‪ ) 17‬ويجب على �صاحب العمل �أن وينبغي على �صاحب العمل حث العمال على �أداء واجباتهم‬ ‫يراعي االنتاج املمكن من العامل‪ ،‬فال يطلب منه انتاجاً ال��دي�ن�ي��ة_ � �س��واء ك��ان��وا م�سلمن �أو غ�ير م�سلمني _‪.‬‬ ‫يفوق طاقته وقدرته‪ ،‬و�أن يراعي العمر الزمني للعامل‪ ،‬فمثال يخ�ص�ص وق��ت حم��دد لل�صالة‪ ،‬ويخفف عنهم‬ ‫و�أن يحفظ له �شيخوخته‪ ،‬فكما �أكل ثمرة �شبابه فيجب ع��دد �ساعات العمل يف رم�ضان‪.. .‬ال��خ‪ ،‬ويحدد ذل��ك كله‬ ‫طبيعة العمل وباالتفاق ما بني �صاحب العمل والعامل‪.‬‬ ‫عليه �إكرام �شيخوخته‪.‬‬ ‫‪ .6‬حق العامل يف الراتب التقاعدي‪:‬‬ ‫‪ .4‬عدم االعتداء اجل�سدي واللفظي‪:‬‬ ‫من حقوق العامل منع االعتداء اجل�سدي واللفظي‬ ‫عليه من �صاحب العمل �أو ممن يعلونه رتبة �إدارية؛ لأنه‬ ‫�إن�سان مكرم وحمرتم‪ ،‬فال يجوز �إيذاء العامل ب�أي �شكل‬ ‫من الأ�شكال‪ ،‬وال ينبغي �إهانته �أو ال�سخرية منه‪� ،‬أو �إذالله‪.‬‬ ‫ف�إن مت االعتداء عليه ج�سدياً �أو معنوياً‪ ،‬فعلى املعتدي‬

‫‪54‬‬

‫م��ن ح��ق ال�ع��ام��ل مطالبة �صاحب العمل االن�ضمام‬ ‫مل�ؤ�س�سة ال�ضمان االجتماعي وح�سب القوانني واالنظمة‬ ‫املتبعة‪ ،‬بل على �صاحب العمل امل�سارعة لت�سجيل العامل‬ ‫بتلك امل�ؤ�س�سات حتى يحفظ ل��ه ك��رام�ت��ه ولقمة عي�ش‬ ‫ك��رمي��ة ع�ن��د ��ش�ي�خ��وخ�ت��ه‪ ،‬وي�ع�ت�بر ذل ��ك م��ن ب ��اب ح�سن‬ ‫املعاملة والع�شرة والوفاء من �صاحب العمل للعامل‪.‬‬

‫الهوام�ش‪:‬‬ ‫( ‪ ) 1‬القلم �آية ‪4‬‬ ‫( ‪� ) 2‬صحيح البخاري احلديث رقم ‪6033‬‬ ‫( ‪ ) 3‬خمتار ال�صحاح �ص ‪191‬‬ ‫(‪ ) 4‬البقرة �آية ‪273‬‬ ‫( ‪ ) 5‬البقرة �آية ‪273‬‬ ‫( ‪ ) 6‬البخاري حديث رقم ‪272‬‬ ‫(‪ ) 7‬ال�سل�سلة ال�صحيحة الألباين ‪11/1‬‬ ‫( ‪� ) 8‬صحيح البخاري حديث رقم ‪2262‬‬ ‫( ‪ ) 9‬ال�سل�سلة ال�صحيحة الألباين ‪11/1‬‬ ‫( ‪ ) 10‬الإ�سراء �آية ‪70‬‬

‫( ‪ ) 11‬الزخرف �آية ‪32‬‬ ‫( ‪� ) 12‬صحيح م�سلم ‪ /‬حديث رقم ‪1661‬‬ ‫( ‪ ) 13‬املائدة �آية ‪1‬‬ ‫( ‪ ) 14‬الق�ص�ص �آية ‪25‬‬ ‫( ‪ ) 15‬رواه ابن ماجة حديث رقم ‪2443‬‬ ‫( ‪� ) 16‬صحيح البخاري حديث رقم ‪2227‬‬ ‫( ‪ ) 17‬الق�ص�ص �آية ‪27‬‬ ‫( ‪ ) 18‬النحل �آية ‪90‬‬ ‫(‪� )19‬صحيح م�سلم حديث رقم ‪2577‬‬


‫مقاالت‬

‫ظاهرة التوترات المجتمعية‬ ‫ودور الدولة واالعالم ومؤسسات المجتمع الوطني‬ ‫ي�شهد االردن والعامل العربي منذ �سنوات ا�ضطرابات وتوترات جمتمعية‬ ‫متزايدة ومت�سارعة وا�صبحت ت�ؤرق امن املواطن وا�ستقراره يف ظل حميط‬ ‫تع�صف به اخطار و�إحداث ج�سام ت�ؤثر على امنه وحياة املواطن وا�ستقراره‪.‬‬ ‫وقد قامت احلكومة االردنية بعقد امل�ؤمترات واملبادرات واللقاءات الكثرية‬ ‫على م�ساحة الوطن من �شماله الى جنوبه من اجل درا�سة ميدانية حقيقية‬ ‫للتعرف على دوافع وا�سباب هذه التوترات من اجل اخلروج بوثيقة وتو�صيات‬ ‫وقائية ناجعة ملنعها او احلد منها‪ ....‬وبالتايل اتخاذ االجراءات التي تكفل‬ ‫عدم تكرارها علما ان هذه الظاهرة مل تكن يف جمتمعنا االردين املحافظ‬ ‫من قبل وامنا جاءت جراء تراكمات واحداث مت�سارعة يف ال�سنوات االخرية‪.‬‬ ‫�س�أحتدث عن املق�صود بالتوترات وا�سبابها ودوافعها وعالجها‪.‬‬ ‫املق�صود بالتوترات‪ :‬هي اف��رازات ظروف اجتماعية م�سلكية خاطئة مع‬ ‫ظروف اقت�صادية �سيئة �شملت جميع فئات املجتمع‪.‬‬ ‫الشيخ الدكتور عبد المجيد أبو سل‬ ‫واهم ا�سبابها ودوافعها‪:‬‬ ‫‪ )1‬انعدام الوازع الديني والقيم االخالقية والفهم اخلاطئ ملفهوم العقيدة‬ ‫اال��س�لام�ي��ة ث��م تعطيل وتهمي�ش ال��دع��اة واخل�ط�ب��اء وا��ص�ح��اب الفكر‬ ‫وال�ضغوط عليهم وحتجيمهم وتعطيل دوره ��م ال��ري��ادي احلقيقي يف‬ ‫جمتمعهم‪.‬‬ ‫‪ )2‬و��س��ائ��ل االع�ل�ام امل�ف�ت��وح��ة وغ�ي�ر امل���ض�ب��وط��ة وال �ت��ي اه��داف �ه��ا الت�شهري‬ ‫والت�ضليل وبث ال�سموم وتغيري احلقائق من اجل اف�ساد اخالق املجتمع‬ ‫مما ي ��ؤدي �إل��ى وق��وع اجل��رائ��م وامل�صائب وامل�آ�سي وتفتيت اال�سر ب�سبب‬ ‫هذا االعالم ال�سيئ املمنهج واملوجه الى ابناء االمة كاملة لت�شكيكهم يف‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪55‬‬


‫‪56‬‬

‫عقيدتهم ب�ك�ثرة االف �ت��اءات وال�ت�ن��اق���ض��ات وك��ذل��ك بث على ذل��ك نحن يف االردن ه��ذا البلد العربي اال�صيل على‬ ‫اف�لام اجلن�س والإباحية وت�شكيك النا�س يف موروثهم هدي ومبادئ اال�سالم احلنيف وامتدادا لل�شرعية الدينية‬ ‫احل�ضاري وعقيدتهم اال�سالمية ال�سمحة‪.‬‬ ‫والتاريخية التي حمل لوا َءها ال�صيد من بني ها�شم فكان‬ ‫ك��ل ذل��ك م��ن ت�أ�سي�س وتر�سيخ ال�ق��واع��د للمحافظة على‬ ‫‪ )3‬الو�ضع االقت�صادي ال�سيئ‪ :‬وان َكانت هذه م�شكلة عامة الهوية والذات والرتاث والقيم واملبادئ واالخالق‪ .‬ولهذا‬ ‫تعاين منها معظم املجتمعات اال ان جمتمعنا االردين‬ ‫اك�ثر معاناة ب�سبب ال�غ�لاء الفاح�ش وال��دخ��ل املتدين‪،‬‬ ‫فال بد من نبذ العنف والتهمي�ش وال�ضغط واحلرمان‬ ‫ال�ضابط‬ ‫وب��ال�ت��ايل ان�ع��دم��ت الفئة الو�سطى ال�ت��ي ه��ي‬ ‫والق�ضاء على الر�شوة والوا�سطة والتحايل على القانون‪ .‬ال‬ ‫امل �ع �ي��اري يف امل�ج�ت�م��ع‪ ،‬ح�ي��ث ظ�ه��رت ف�ئ�ت��ان ف�ئ��ة تتمتع بد من عالج م�سببات امل�شكالت املجتمعية كالآتي‬ ‫بالرثاء والغنى وفئة اخرى تعي�ش الفقر املدقع ون�سبتها‬ ‫�أ) �ضعف الوازع الديني‪:‬‬ ‫‪%75‬ت �ق��ري �ب��ا وك � ��أن ت ��أث�ي�ر ذل ��ك م��ن ج ��راء االج � ��راءات‬ ‫االقت�صادية التي قامت بها احلكومة يف االونة االخرية‬ ‫يكون عالجه باتباع املنهج النبوي يف اال�صالح حيث ان‬ ‫�لاء‬ ‫وال�ت��ي م�ست جميع فئات املجتمع م��ن �ضرائب وغ‬ ‫ويقا�سي النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ح��ارب ال�صنمية قبل تك�سريه‬ ‫معي�شة وازدياد البطالة وا�صبح املجتمع يعاين‬ ‫للأ�صنام �صنمية املعتقد واملنهج وال�سلوك والقيم من اجل‬ ‫ويت�أمل وحدث وال حرج‪.‬‬ ‫حفظ االم��ة يف عقيدتها و�سلوكياتها واخالقياتها وكانت‬ ‫‪ )4‬الواقع ال�سيا�سي االقليمي ‪:‬انه واقع م�ؤمل جدا ومفجع طريقة النبي �صلى اهلل عليه و�سلم يف التغيري واال�صالح‬ ‫تعي�شه املجتمعات يف دول امل�ح�ي��ط االق�ل�ي�م��ي وخا�صة باحلكمة وامل��وع�ظ��ة احل�سنة وال���ص�بر وال�ث�ب��ات حيث قال‬ ‫الدول العربية ال�شقيقة والتي تعي�ش حالة مل ي�شهد لها النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ‪(:‬ان املنبتَ ال ار�ضاً قطع وال‬ ‫تاريخ االن�سانية من اجرام وظلم وف�ساد واهلل تعالى حرم ظ�ه��را اب�ق��ى) واالم ��ة العظيمة ه��ي ال�ت��ي حت�ترم علماءها‬ ‫الظلم على نف�سه وجعله بني عباده حمرماً فهذا امل�شهد وح�ك�م��اءه��ا الن�ه��م ه��م اه��ل اال� �ص�لاح وال�ت��وج�ي��ه والتعليم‬ ‫ينعك�س تلقائيا على جمتمعنا االردين ال��ذي هو ا�صال والتغيري للأف�ضل قال اهلل تعالى ‪(:‬وم��ا كان ربك ليهلك‬ ‫ينتمي لتلك املجتمعات ت�ضاري�سا وعقيدة ولغة وح�ضارة ال�ق��رى واه�ل�ه��ا م�صلحون)(هود ‪ )117‬وق��ال ك��ذل��ك(وع��د‬ ‫اهلل ال��ذي��ن ام�ن��وا منكم وعملوا ال�صاحلات لي�ستحلفنهم‬ ‫ون�سباً و�صهرا‪.‬‬ ‫يف االر���ض كما ا�ستخلف ال��ذي��ن م��ن قبلهم وليمكنن لهم‬ ‫‪ )5‬وم��ن ا�شكال امل�شكالت املجتمعية ‪:‬ال�ن��زاع��ات ال�شريرة دينهم الذي ارت�ضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا‬ ‫ال�ظ��امل��ة م��ن ع�صبية قبلية وان �ت �م��اءات حزبية م�ضللة يعبدونني وال ي�شركون بي �شيئا ومن كفر بعد ذلك ف�أولئك‬ ‫وم�شتته‪ ،‬اكانت علمانية او عقدية اتخذت من الدين هم الفا�سقون)(النور‪.) 55 :‬‬ ‫و�سيلة من اجل حتقيق م�صاحلها ال�شخ�صية او الرتباطات‬ ‫داخلية او خارجية ال يهمها م�صلحة الوطن وال �أمنه‬ ‫ويجب تفعيل الوازع الديني عن طريق امل�سجد والدعاة‬ ‫وال ا�ستقراره بقدر ما يهمها م�صاحلها ال�شخ�صية او والعلماء بخطاب ا�سالمي بعيدا عن الت�شنجات واملغاالة‬ ‫الرتباطاتها اخلارجية واما النزاعات القبلية الع�صبية قال عمر ر�ضي اهلل عنه ‪(:‬من ا�صلح اهلل �سريرته ا�صلح اهلل‬ ‫البغي�ضة مل�صالح �ضيقة مقيته فقد حاربها اال��س�لام على نيته) ان �صاحب العقيدة ال�سليمة قوة هائلة و�سالح‬ ‫وحرمها النها من مفا�سد املجتمع اجلاهلي قال الر�سول فتاك من اجل اال�صالح ولهم ت�أثري كبريعلى تربية و�سلوك‬ ‫�صلى اهلل عليه و�سلم (دعوها ف�أنها منتنة)‪.‬‬ ‫ابناء املجتمع وبذلك يكون ابناء االمة احل�صن املنيع امام‬ ‫التيارات الفكرية الهدامة والدعوات امل�ضللة وبها ت�صفوا‬ ‫احل �ل��ول احل�ق�ي�ق�ي��ة احل��ال �ي��ة وامل���س�ت�ق�ب�ل�ي��ة‪ :‬م��ن اج�‬ ‫االردين�ل النفو�س وتطمئن القلوب وراح��ة لالبدان وبذلك يتحقق‬ ‫جتفيف منابع هذه امل�شكالت التي ت�ؤرق‬ ‫جمتمعنانفاخر به قول النبي �صلى اهلل عليه و�سلم‪(:‬من ا�صبح امنا يف �سربه‬ ‫الذي‬ ‫العظيم‬ ‫�صاحب االرث احل�ضاري اال�سالمي‬ ‫طبيعية تعي�ش االمن واالمان معافى يف ج�سده عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا)‪.‬‬ ‫الدنيا من اجل حياة اعتيادية‬ ‫من ر�ؤى املغفور له ب�أذن اهلل امللك رواه البخاري‬ ‫وال�سالم‪ .‬وال ادل على ذلك‬ ‫احل�سني بن طالل حيث ق��ال‪:‬واذا كنا قد تفرقت �صفوفنا‬ ‫ب)و�سائل االعالم ‪:‬االعالم يبني‪ ...‬ويهدم‪...‬‬ ‫ب��ددا ف ��أن االردن �سيظل على عهده وفيا لر�سالته يدعوا‬ ‫واالع�لام يف وقتنا هذا منفلت متقلب لي�س له �ضوابط‬ ‫ال��ى التحرير وا�ستخال�ص احلقوق ومواجهة التحديات‪،‬‬ ‫و�سيظل داعما بكل قوة اهلنا واخواننا والوقوف مع احلق وال منهجية �صحيحة وبراجمه معظمها �سلبي على �سلوك‬ ‫�ضد الباطل‪....‬و�سنظل نواجه التحديات بالعزمية واالعداد ابناء املجتمع‪ ،‬وذل��ك لعدم املراقبة وان�ع��دام ال�ضمائر الن‬ ‫واالميان موقنني ان الن�صر مع ال�صرب وان الفرج بعد ال�شدة معظم الف�ضائيات مهمتها الت�شهري والت�ضليل والدعوة‬ ‫ثم قال ‪:‬بعون اهلل الطريق التي �سار عليها �آبائي واجدادي ال��ى اث ��ارة ال�ف�تن ون���ش��ر ال�ف���س��اد الأخ�ل�اق��ي ب�ب��ث ال�برام��ج‬ ‫�س�أ�سري عليها دائما و�سي�سري عليها هذا البلد العربي‪.‬وبناء الال�أخالقية ال��داع��رة املعيبة‪ ،‬ومنها م��ن ي�ضع املو�سيقى‬


‫وال��دع��اي��ة م��ع ت�ل�اوة ك�ت��اب اهلل وه��ذه كلها ب��رام��ج منافية ‪ -2‬ت�شغيل املال يف امل�شاريع واالعمال التي تعود على املجتمع‬ ‫لأخ�لاق�ن��ا وعقيدتنا وح�ضارتنا ال�ت��ي ورث�ن��اه��ا ع��ن الآب��اء باملنفعة‪.‬‬ ‫واالجداد ومنها بث الربامج اخليالة الكاذبة واملروعة والتي‬ ‫تد�س ال�سم يف الد�سم وتقلب احلقائق وراء ال�شهرة وجمع ‪-3‬معرفة حق اهلل فيه املق�صود بذلك (الزكاة‪،‬وال�صدقة)‬ ‫املال او الجندات ت�ستهدف امل�سلمني يف عقيدتهم وح�ضارتهم ل�سد حاجة الفقراء وامل�سالكني وااليتام وم�شاريع اخلري‬ ‫واخ�لاق�ه��م‪ .‬ل��ذا يجب على امل�س�ؤولني ا�صحاب ال�ق��رار ان ل�صالح املجتمع‪.‬‬ ‫يراقبوا الف�ضائيات وم��ا يبث م��ن ب��رام��ج وو��ض��ع �ضوابط ‪-4‬ع � � � ��دم ت� �ب ��ذي ��ر امل � � ��ال ل� �ق ��ول ��ه ت� �ع ��ال ��ى }ان امل� �ب ��ذري ��ن‬ ‫ومعايري اخالقية ملراقبتها وبيان �ضررها ومفا�سدها على ك� � ��ان� � ��وا اخ � � � � � ��وان ال � �� � �ش � �ي� ��اط �ي�ن وك � � � � ��ان ال� ��� �ش� �ي� �ط ��ان‬ ‫جمتمعنا‪ ،‬علما لي�س ك��ل م��ا يبث ون�شاهده على �شا�شات ل� ��رب� ��ه ك� � �ف � ��ورا { (اال� � � � �س� � � ��راء‪ )27 :‬ق � � ��ال ت� �ع ��ال ��ى‪:‬‬ ‫التلفاز �صحيح‪ ،‬ث��م دع��وة امل���س��ؤول�ين ع��ن و�سائل االع�لام } والذين اذا انفقوا مل ي�سرفوا ومل يقرتوا وك��ان بني‬ ‫االه�ت�م��ام بتنمية ثقافة ف�ئ��ات املجتمع وا��س�ت�ه��داف جميع ذلك قواما{ (الفرقان‪.)27:‬‬ ‫�شرائحها باحلكمة واملوعظة واالر��ش��اد من اج��ل اال�صالح‬ ‫دور العرف الع�شائري يف عالج امل�شكالت‬ ‫ونبذ العنف و�سالمة لوطن‪.‬‬ ‫املجتمعية‪:‬‬ ‫الو�ضع االقت�صادي وال�سيا�سية املالية‪-:‬‬ ‫ق��ال ت�ع��ال��ى(ال��ذي��ن ام�ن��وا ومل يلب�سوا امي��ان�ه��م بظلم‬ ‫ان من ظلم االن�سان لالن�سان االع�ت��داء على مقومات اولئك لهم االم��ن وه��م مهتدون )االن�ع��ام ‪ 82‬اوال الق�ضاء‬ ‫الع�شائري من االع��راف والعادات الع�شائرية املتوارثة عن‬ ‫حياته و�سعادته ال�ت��ي كفلها ل��ه اال��س�لام وجعلها ��ض��رورة االباء واالج��داد وجذوره عميقة يف تريخنا وقيمنا وتراثنا‬ ‫مهمة وهي (حفظ النف�س والعقل والدين واملال والعر�ض) وين�سجم مع روح العقيدة اال�سالمية ال�سمحة من اجل وئد‬ ‫ق��ال النبي �صلى اهلل عليه و�سلم الت ��زول ق��دم��ا عبد يوم امل�شاكل وخل�لاف��ات وال�ن��زاع��ات املجتمعية او حلها بطريق‬ ‫ال�ق�ي��ام��ة ح�ت��ى ي �� �س ��أل ع��ن ارب ��ع‪(:‬ع ��ن ع �م��ره ف�ي�م��ا اف �ن��اه‪� ،‬سهل توافقي من خالل تقريب وجهات النظر‪.‬‬ ‫وع ��ن ��ش�ب��اب��ه ف�ي�م��ا اب�ل��اه‪ ،‬وع ��ن ع�ل�م��ه م��اذاع �م��ل ب��ه وع��ن‬ ‫الق�ضاء الع�شائري �صمام امان يف املجتمع‬ ‫م��ال��ه م��ن اي��ن اكت�سبه وفيما ان�ف�ق��ه) رواه ال�ترم��ذي لذا‬ ‫ال�ستتباب االمن واال�ستقرار‪-:‬‬ ‫الي�ج��وز االع �ت��داء على امل��ال ال�ع��ام واخل��ا���ص مطلقا وك��ان‬ ‫كذلك هو ردي��ف للأجهزة االمنية من خ�لال التعاون‬ ‫اال��س�لام �سباقا يف اح�ت�رام ملكية امل��ال حيث ان��ه و��ض��ع له‬ ‫نظام وعقوبات رادع��ة الن يف ذل��ك ظلم و�سرقة واحتيال بينهما لف�ض املنازعات بني االفراد واجلمعات قال اهلل تعالى‬ ‫ب�ط��رق غ�ير م���ش��روع��ة ي�ع��اق��ب عليها ال�ق��ان��ون ق��ال تعالى (ولتكن منكم ام��ة يدعون ال��ى اخل�ير وي��أم��رون باملعروف‬ ‫وينهون عن املنكر) و�أجمل ذلك بالتو�صيات التالية‪:‬‬ ‫}وال ت�أكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى احلكام‬ ‫لت�أكلوا فريقا م��ن ام��وال النا�س ب��االث��م وان�ت��م تعلمون{ ‪� -1‬ضرورة تفعيل الوازع الديني (را�س احلكمة خمافة اهلل)‬ ‫(ال�ب�ق��رة ‪ )188‬وال ا��ض��ر على االق�ت���ص��اد و�سيا�سته املالية ‪ -2‬الربامج االر�شادية الرتبوية االخالقية الهادفة‬ ‫يف ال �ب�ل�اد ال�ن��ام�ي��ة م��ن ق��رو���ض ال�ب�ن��ك ال� ��دويل ال��رب��وي‬ ‫وان �ضحايا البنك ال ��دويل ت�ف��وق قتلى وج��رح��ى ميادين ‪-3‬ا�ستبعاد ا�ساليب القهر واالك��راه والعنف وال�ضغط الن‬ ‫القتال‪ ،‬وهذه الدول تعترب فري�سة للبنك الدويل من اجل ذلك يولد االحقاد وال�ضغائن ومعروف ان كل �شيء يزيد‬ ‫خف�ض عدد �سكانها من جراء جتويعها وارهاقها بالديون عن حده ينقلب الى �ضده‪.‬‬ ‫وبالتايل ال ت�ستطيع ت�سديد ال��دي��ون‪ .‬وم��ن الف�ساد املايل ‪-4‬رفع م�ستوى املعي�شة وتقدمي اخلدمات ال�ضرورية للمواطنني‪.‬‬ ‫غ�سيل االموال واملال املكت�سب بطرق غري م�شروعة كالربا ‪ -5‬ن�شر العدالة بني افراد املجتمع وذلك بت�شكيل احلكومة‬ ‫واالخ �ت�ل�ا���س وا� �س �ت �غ�لال ال�ف��ا��س��دي��ن مل�ن��ا��ص�ب�ه��م لتحقيق على ا�سا�س القدرة والكفاءة وم�صلحة الوطن ( الرجل‬ ‫م�صاحلهم ال�شخ�صية ب��ال��ر��ش��وة وال��وا��س�ط��ة واملح�سوبية املنا�سب يف املكان املنا�سب)‪.‬‬ ‫وبالتحايل على القانون(والفا�سدون هم املخربون)‪:‬قال ‪ -6‬ت��وج�ي��ه االع �ل�ام وم��راق�ب�ت��ه ب �ح��زم ل���س��د م�ن��اف��ذ ال�شر‬ ‫ال�شاعر اقيم لإ��ص�لاح ال��ورى وه��و فا�سد ‪ -‬متى ي�ستقيم والف�ساد وعدم ارهاق املواطنني بال�ضرائب‪.‬‬ ‫الظل والعود اعوج يكون ا�صالح الف�ساد املايل واالقت�صادي‬ ‫وي�ج��ب علينا جميعا ال�ت�ع��اون م��ن اج��ل املحافظة على‬ ‫مبا يلي‪:‬‬ ‫الوطن و�سالمته وامنه وا�ستقراره وان نكون جميعا جندا‬ ‫‪ -1‬اكت�ساب املال بطرق احلالل امل�شروعة واالبتعاد عن مال اوفياء للوطن وال�شدائد حمك الرجال (رب��ي اجعال هذا‬ ‫احلرام‪.‬‬ ‫البلد امنا وارزق اهله من الثمرات)‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪57‬‬


‫مقاالت‬

‫تأمالت في الزمن‪!...‬‬ ‫�س�أحب الزمن‪ ،‬لأنني ال �أ�ستطيع �أن �أت�صور نف�سي بال تاريخ‪.....‬‬ ‫كان ولرت �ستي�س قد طرح �إ�شكالية مرعبة‪� .‬إذ قال �إن بقاء الوعي‬ ‫بعد املوت يدخلنا يف �أ�سئلة مربكة؛ ف�أي وعي منا هو ذاك الذي ُيب َعث‬ ‫يف احلياة الآخ��رة‪� :‬أهو وعي الطفولة �إذ نكون مثل �صفحة بي�ضاء‪� ،‬أم‬ ‫وعي ال�شباب وطي�شه‪� ،‬أم وعي الكهولة ون�ضوجها‪� ،‬أم وعي ال�شيخوخة‬ ‫�إذ نقرتب من الأفول؟ كان هذا دليال �ساقه على �صعوبة اجلزم‪� ،‬أو حتى‬ ‫االعتقاد‪ ،‬ب�أننا �سنبعث على حالة غري احلالة التي كنا عليها يف جوهرنا‬ ‫اخلالد؛ "ذروة الروح"‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫م‪ .‬سامر حيدر المجالي‬

‫ما يعيب هذه الفكرة لي�س �أنها فقط تُ�سلم اخللق ملا ي�شبه العبثية‪،‬‬ ‫وال �أنها جترد الإن�سان من �شخ�صيته‪ .‬باملنا�سبة هذا لي�س هجوما على‬ ‫معتقدات يعتنقها ب�شر �آخرون‪ ،‬لكنه مت�سك بفرديتي ك�إن�سان حتى �آخر‬ ‫رم��ق‪� .‬أن��ا حر يف ذل��ك‪ .‬لكنّ ال��ذي يعيبها �شيء �أه��م‪ ،‬ذلك �أنها تزدري‬ ‫الزمن‪ ،‬وجت ّمد الوجود عند حلظة انطالقه‪ .‬فاجلوهر بالن�سبة لها هو‬ ‫فقط ما كان‪ .‬علما ب�أن اجلوهر عند فال�سفة �آخرين هو ما يكون؛ �أي‬ ‫�أنه تراكم التغيريات التي تعطي املوجود ماهيته‪.‬‬ ‫هناك ف��رق كبري بني جوهر ال�شيء وحقيقته‪ .‬جوهره هو �أ�صله‬ ‫الب�سيط‪" .‬ذروة الروح" مثال على هذا النوع من الأ�شياء‪� .‬أما حقيقته‬ ‫فهي ت�أثري الزمن فيه‪� .‬إنها الرتاكمات التي ت�صنع احلا�ضر وتقود‬ ‫�إل��ى امل�ستقبل‪� .‬إن �شئت �أن تخت�صرها بكلمة واح��دة فهي "التاريخ"‬ ‫ال�شخ�صي لكل كينونة‪ ،‬مع ما ميوج به التاريخ من �إيقاع وبدائل‪ .‬هذا‬


‫هو الذي ذهب �إليه زكي جنيب الذي كان ينهل من تراث حلظة اجتماعنا‪ .‬وج�سدي الذي ينمو وي�شيخ يروي �سرية‬ ‫الفل�سفة الو�ضعية‪ ،‬ولعله على حق‪...‬‬ ‫ال��زم��ن ال��ذي ع�شته ويجعلها احلقيقة الوحيدة املاثلة‬ ‫معي يف كل حلظة‪ .‬فكل �شيء مدون �أو منحوت �أو حمفور‬ ‫خذ الذرة مثاال‪ ،‬فنحن اليوم ال ن�ستطيع القب�ض على �أو زاد �أو نق�ص �أو م�سه تغري من �أي نوع ي�شهد‪� ،‬شهادة حق‪،‬‬ ‫جوهر ب�سيط لها‪ ،‬ذلك بعك�س الأقدمني الذين تخيلوها على وجود الزمن‪.‬‬ ‫ج�سما م�صمتا ال ينق�سم‪ .‬ثم �إننا ال ن�ستطيع اجلزم بحالة‬ ‫ج�سيماتها دون ال��ذري��ة �إال تخمينا‪ .‬حتدثنا كثريا عن‬ ‫�أما الذاكرة ف�ش�أنها �أعقد لأن عملها‪ ،‬من دون �آالتنا‬ ‫مبد�أ هايزنربغ وقطة �شرودنغر؛ فبع�ض الكينونات هي كلها‪� ،‬أن تعود �إلى الوراء‪ .‬ويرفد الذاكرة �إح�سا�س بالزمن‬ ‫ج�سيم وموجة يف �آن معا‪ ،‬والكل و�صل بنا �إلى �أوتار تعزف‪ .‬فيطول �أو يق�صر تبعا لإح�سا�سنا جتاهه‪ .‬الزمن يوحدنا‬ ‫وما زلنا دون �أن نحدد جوهرا ما ل�شيء ما ف�ضال عن �أن باملخلوقات ال م��ن جهة ا�شرتاكنا معها يف ن�صيب منه‬ ‫جن��زم بحالة خم�صو�صة ه��ي �أ�صله وف�صله‪ .‬فما بالك فقط‪ ،‬بل فيما يطالها ويطالنا من �آثاره‪ .‬هذا �شيء نف�سي‬ ‫بجوهر الكائن احلي الذي ال ي�ستطيع منهجنا التجريبي ال ن�ستطيع الفكاك منه‪ .‬يخربنا جا�ستون با�شالر عن‬ ‫�أن يحيط ب�شيء من طال�سمه‪ ،‬ومل ي�ش�أ الغيب �أن يك�شف "الزمن املفرو�ش" ويفرق بينه وبني الزمن الأجرد‪ .‬فما‬ ‫عنه حجابا‪ ،‬فالروح "من �أمر ربي"‪ ،‬وكفى‪....‬‬ ‫ال��ذي يفر�ش الزمن؟ �إن��ه الأح��داث التي جت��ري خالله‪،‬‬ ‫وكلما امتلأ بالزمن بالأحداث كان بالن�سبة لأحا�سي�سنا‬ ‫ال��زم��ن ي�شكلنا‪ ،‬ن�ح��ن م�ع��ه خ�ل��ق ب�ع��د خ�ل��ق‪ ،‬وينتهي �أ�سرع‪ .‬وكلما خال منها كان ثقيال على قلوبنا‪ .‬فالزمن‬ ‫اخللق فقط حني نخرج من الزمن‪.‬‬ ‫ُيقا�س نف�سيا بغناه وكثافته‪ ،‬وال ُيقا�س بوقته‪ .‬معنى ذلك‬ ‫�إذا كان الأمر كذلك فال بد من �أن نر�صد الزمن لنفهم �أن التغري ال��ذي يرافق الأ�شياء هو جوهر الزمن الذي‬ ‫�أي �شيء فيه عن قرب‪ .‬يبدو لنا الزمن �أول ما يبدو خطا نعي�شه نف�سيا‪ .‬هو جوهر حقيقتنا التي تنمو كما تنمو‬ ‫م�ستقيما ي�سري من نقطة البداية �إل��ى نقطة النهاية‪� .‬أج�سادنا‪ .‬ونحن من حيث ال ندري جزء من �إيقاع الوجود‪،‬‬ ‫يت�سق ه�ن��ا ف�ه��م ن�ي��وت��ن ل�ل��زم��ن م��ع ال�ن�ظ��ري��ة اخلطية ور�صدنا لتغرياته هو العمر احلقيقي الذي نعي�شه‪.‬‬ ‫للتاريخ ومع روايات الأديان‪ .‬لكنه بكل ت�أكيد يختلف عن‬ ‫ال بد �أن هذه جتربة �شعر بها كل �إن�سان‪ .‬فالرتابة جتعل‬ ‫نظرية العود الأبدي النت�شوية‪ ،‬ويختلف كذلك عن ت�صور �أيامنا �أطول‪ ،‬قارن يوم عطلتك الأ�سبوعية الذي تق�ضيه‬ ‫�أين�شتاين ال��ذي ر�أى �أن الزمن ق��ادر على االنف�صال عن يف البيت ب�أيام العمل‪� .‬أو حاول �أن تفهم ملاذا يطول الزمن‬ ‫بع�ضه‪ ،‬ك�أنه نهر ينف�صل عند نقطة معينة �إل��ى فرعني يف �ساعات االنتظار؟ حني ي�سيطر انتظارنا ل�شيء ما على‬ ‫�أو �أك�ثر‪ .‬مهما يكن من �أمر فللزمن جمرى‪ ،‬ي�ستوي يف اهتمامنا ف�إنه يلغي كل ما �سواه فال يعود لباقي الأحداث‬ ‫ذلك �أن يكون خطا ثابتا‪� ،‬أو خطا يتفرع �إل��ى خطني‪� ،‬أو �أهمية‪ .‬عندئذ ي�سيطر ذاك احلدث املنتظر على تفكريك‬ ‫حلقات مت�صلة‪ .‬ال�شيء امل�شرتك هنا هو ات�صاله‪ ،‬وارتباط ويجرد العامل من �أحداثه الأخرى (غري املهمة)‪.‬‬ ‫التغريات‪� ،‬أي نوع كان من التغريات‪ ،‬معه‪.‬‬ ‫�إن ُ�سنة الأ�شياء �أن تتغري‪ ،‬وكلما �أخذت ن�صيبها من‬ ‫ث��م وه��و الأه��م �أن ال��زم��ن ال��ذي يختفي م��ن الوجود التغري وافيا غري منقو�ص ا�ستهلكت من اخلزان الزمني‬ ‫يرتك لنا ذك��رى تدل عليه‪ .‬امل��ادة وال��ذاك��رة هما اخلزان ما يكافـيء درج��ة التغري ال��ذي ح�صل فيها‪ .‬وللمفارقة‬ ‫الذي يودع الزمن فيهما �إجنازاته‪ .‬ولوالهما ما ا�ستطعنا ف ��إن ال�ق��اع��دة نف�سها تنطبق على امل�ك��ان‪ .‬فقطعة �أر���ض‬ ‫�أن نربهن �أبدا على وجود الزمن‪ ،‬ف�ضال عن وجودنا‪ .‬يف خالية من البنيان تبدو يف عيوننا �أكرب من نف�س القطعة‬ ‫املادة يظهر لنا �أثراً ملمو�ساً‪ ،‬وبه ن�ستطيع �أن نقر�أ تاريخنا بعد ا�ستثمارها‪ .‬وق��د ح�صل يل موقف ي�شبه ه��ذا؛ فقد‬ ‫ونر�صد م�ستقبلنا‪ .‬ن�ستطيع با�ستخدام عمر الن�صف �أن ا�ست�أجرت يف �أح��د الأي��ام �شقة ب��دت يل وا�سعة ج��دا حني‬ ‫نعرف متى ن�ش�أت الأر�ض‪ ،‬ومتى ولدت هذه ال�صخرة‪ ،‬ويف عاينتها للمرة الأول��ى‪ ،‬فلما نقلت �أث��اث��ي �إليها وجدتها‬ ‫�أي ع�صر عا�شت الدينا�صورات‪ .‬ون�ستطيع بني جمموعة �أ�صغر بكثري مما ظننته‪ .‬فاملكان املفرو�ش �أي�ضا يتقل�ص‬ ‫من احلجارة املر�صوفة والأعمدة �أن نتتبع �آثار �أر�سطو يف بطريقة ما‪.‬‬ ‫اللوقيون‪� ،‬أو ن�شهد على ثمانية قرون ق�ضاها امل�سلمون يف‬ ‫الأندل�س بجولة خاطفة يف ق�صر احلمراء‪ .‬وعند �سماعنا‬ ‫هل يعني هذا �أن م�ضي الزمن �سريعا ينطوي على �أي‬ ‫لأغنية م��ن �أغ��اين �أم كلثوم نوقن �أن ال�سيدة العظيمة �شعور بالغنب؟ رمبا ال‪ ،‬فللزمن الر�شيق متعة ال ت�ضاهى‪.‬‬ ‫كانت فعال ت�صدح عرب �صوت العرب يف تلك الأيام اجلليلة يح�ضرين هنا كالم ميالن كونديرا عن جمال التكثيف‬ ‫طربيا‪ .‬بل �إن الربيد الألكرتوين الذي �أر�سلته لزميلي امل�ف��اج��يء للحياة يف "ال�ستارة"‪ .‬ي�ست�شهد هنا ب��رواي��ة‬ ‫يف العمل ه��ذا ال�صباح ي�شهد �أن �صباحي ك��ان حقيقيا‪" .‬الأبله" لدو�ستوف�سكي‪ ،‬حيث ا�ستهلك الروائي الكبري‬ ‫وال���ص��ورة التي التقطتها م��ع �صديقي قبل �شهر ت�ؤكد مائتني وخم�سني �صفحة ل�يروي عا�صفة من الأح��داث‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪59‬‬


‫ال �ت��ي وق �ع��ت خ�ل�ال خ�م���س��ة ع���ش��ر ��س��اع��ة ف �ق��ط‪� .‬أب �ط��ال‬ ‫ي�سافرون م��ع بع�ضهم ويتعرفون على �أ�شخا�ص ج��دد‪،‬‬ ‫وحب وغ��رام‪ ،‬واحتفاالت‪ .‬تكثيف غني لل�ساعات القليلة‬ ‫كما لو �أننا ع�شنا �شهورا متوا�صلة من التغريات‪� .‬شيء‬ ‫ي�شبه ال�سحر ح�سب ر�أي كونديرا "وعندما يحدث لنا‬ ‫يف حياتنا اخلا�صة‪ ،‬التي ميكنها �إنكاره‪ ،‬يده�شنا! ي�سرنا!‬ ‫يغدو ال ين�سى!"‬

‫‪60‬‬

‫وللذاكرة مع الزمن ما هو �أعجب من ذلك‪ .‬فالإن�سان‬ ‫منف�صل ع��ن ما�ضيه‪� ،‬أي�ضا بح�سب ك��ون��دي��را‪ ،‬بقوتني؛‬ ‫الن�سيان ال��ذي ميحو وال��ذاك��رة ال�ت��ي تحُ � � ّور‪ .‬ن�ع��ود �إل��ى‬ ‫با�شالر الذي �أقر منذ البداية �أن معرفتنا بالزمن لي�ست‬ ‫معرفة حد�سية‪ ،‬بل �إننا نتدخل فيها ون�شكلها تبعا لأ�شياء‬ ‫كثرية منها م��ا ذك��رن��اه قبل قليل ع��ن ال��زم��ن املفرو�ش‪.‬‬ ‫وم�ن�ه��ا ك��ذل��ك ان�ت�ق��ائ�ي�ت�ن��ا يف ت��ذك��ر الأح � ��داث ال �غ��اب��رة‪.‬‬ ‫فاملا�ضي بالن�سبة لذاكرتنا �شواخ�ص تنت�صب يف مراحله‪.‬‬ ‫�إنها جمرد خال�صات‪ .‬نتذكر من الزمن �أحداثا بعينها‪،‬‬ ‫رمبا كانت هي الأهم يف حياتنا‪ ،‬ونطرح ما �سواها‪ .‬بذلك‬ ‫ي�غ��دو ال��زم��ن مليئا ب��ال�ف��راغ��ات‪� .‬أي �أن�ن��ا نعيد ت�شكيله‬ ‫فن�صل ونقطع‪ ،‬ونن�ضج �أو نغ�ضب �أو ن�ف��رح تبعا لتلك‬ ‫ال�شواخ�ص وحدها دون غريها‪ .‬ال�شيء اخلطري هنا �أن‬ ‫م�شاعرنا تتدخل لتطبع فراغات الزمن بطابعها فتتوحد‬ ‫جدلية امل�شاعر بجدلية الزمن وتهيمن انطباعاتنا على‬ ‫�آماد طويلة‪ .‬بهذا املعنى ينحل الزمن �إلى خربة �أو �شعور‬ ‫عندئذ ندرك كم هو الزمن م�ؤثر فينا‪ ،‬وكيف هو �ضالع يف‬ ‫كل �ش�أن من �ش�ؤون حا�ضرنا‪ .‬الزمن ي�أخذ ويعطي‪ .‬هذه‬ ‫هي الفكرة التي ت�ستقر يف وجداننا فن�أ�سف على �أزمنة‬ ‫م�ضت ومل ت�ستغل‪ ،‬ونعلم علم يقني �أن كل تغري �أ�صابنا‬ ‫هو مرحلة نقطعها باجتاه املوت‪ .‬والزمن هناك كما هو‬ ‫هنا كما هو دائما يقودنا �إل��ى ذاك امل�صري املحتوم‪ .‬ولو‬ ‫ُعدل الزمن باملال لبذلنا الغايل والنفي�س من مالنا لقاء‬ ‫ثانية واحدة ن�ضيفها �إلى �أعمارنا‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وهذا �س�ؤال م�شروع‪� ،‬أين تذهب تلك الفجوات؟‬ ‫هل تفنى؟ هل يتخلى الزمن يف �أغلب مراحله عن وظيفته‬ ‫الأ�سا�سية التي هي �إحداث تغيري الكائنات وت�شكيلها خلقا‬ ‫من بعد خلق؟ �إذا كان الأم��ر كذلك‪ ،‬فال مهرب لنا من‬ ‫�أن ن��رى �أنف�سنا كائنات ه�شة؛ لأن ك��ل فجوة يف الزمن‬ ‫هي فجوة يف تكويننا‪� .‬سن�ستبعد هذه الفكرة لأن الأقرب‬ ‫�إلى الظن �أننا نن�ضج على نار هادئة‪ ،‬ول�سنا ثمار �صليات‬ ‫ع�شوائية ت�سكن مراحل بعينها من الزمن‪.‬‬

‫انتظام فيها وال �سببية‪ ،‬ورمبا قربت بني �أبعد املتباعدات‪،‬‬ ‫�أو مزجت ما ال ميكن امتزاجه يف حياة اليقظة‪ .‬هذا �شيء‬ ‫يعرفه �أكرث النا�س‪ ،‬ولكل واحد منا من عجائب الأحالم‬ ‫ما ي�صلح مادة ملجلدات من التحليل النف�سي‪/‬الوجودي‪.‬‬ ‫على كل حال‪ ،‬ي�شري فرويد �إلى خا�صية عجيبة الحظها‬ ‫يف مر�ضاه‪ ،‬بل ويف �أحالم �أ�صدقائه و�أحالمه هو �شخ�صيا‪.‬‬ ‫فكثريا ما ترد يف الأحالم مادة يظن املرء �أنه مل ي�صادفها‬ ‫�أبدا يف حياته اخلا�صة‪ .‬قد يرى وجوه �أ�شخا�ص مل يرهم‬ ‫من قبل‪� ،‬أو ي��زور �أمكنة مل مير بها يف حياته‪� ،‬أو ي�سمع‬ ‫عن ا�سم �شيء مل ي�سكن �أب��دا ذاك��رت��ه‪ .‬املهم �أن كل حالة‬ ‫من هذا النوع �صادفها فرويد كانت تنتهي �إلى اكت�شاف‬ ‫�صلة جمعت حم�ت��وى احل�ل��م ال�غ��ري��ب ب�خ�برة �شخ�صية‬ ‫ُطمرت يف غياهب الال�شعور‪� .‬أي �أن حمتوى احللم كان‬ ‫جزءا من اخلربة لكنه �ضاع بني ال�شواخ�ص وغا�ص بعيدا‬ ‫يف �أعماقنا‪.‬‬ ‫ي�ؤكد فرويد نقال عن هيلد برانت هذه الفكرة بعبارة‬ ‫جازمة‪ ،‬ذلك "�أن يف مقدورنا �أن نتبني من�ش�أ كل �صورة‬ ‫من �صور احللم لو �أننا خ�ص�صنا ال�ستق�صاء م�صدرها‬ ‫وقتا وجهدا كافيني" فللأحالم "�سلطان" على ذكرياتنا‪،‬‬ ‫تنهل من القريب والبعيد‪ ،‬وكثريا ما ت�ستدعي ذكريات‬ ‫من �أزمنة غابرة كالطفولة‪� .‬إن �أحالمنا تختار "قطوفا"‬ ‫من الذكريات‪ .‬والأخطر من كل �شيء �أن التافه املن�سي من‬ ‫خرباتنا هو الأكرث ح�ضورا يف �أحالمنا‪ .‬ومنطق الأحالم‬ ‫ال ي�ستثني �شيئا؛ �إنه يغو�ص يف �أعماق املا�ضي‪ ،‬فيبحث فيه‬ ‫عن كل انطباع �أو خربة �صغرية‪ ،‬وحني ي�سرتجعها ف�إمنا‬ ‫ي�ؤكد لنا �أن �أقلها �ش�أنا يرتك فينا �أثرا ال يغادرنا‪.‬‬ ‫لعلنا مل نكن بحاجة �إلى حملل نف�سي �صغري �أو كبري‬ ‫كي ير�شدنا �إل��ى هذه الفكرة‪� .‬إذ يحدث �أحيانا �أن تفتح‬ ‫�أحالمنا فينا �آم��اال من�سية‪� .‬أو جتلب لنا �شيئا �صغريا‬ ‫فيحدث فينا زلزاال عظيما‪ .‬تعيدنا �إلى طريق م�شينا فيه‬ ‫من قبل‪� ،‬أو وجه �صديق من �أ�صدقاء الطفولة‪� ،‬أو وردة‬ ‫قدمناها حلبيبة قبل �أن نن�سى احلبيبة وال��وردة‪� .‬أ�شياء‬ ‫كثرية تُن�سى‪ ،‬لكن الأح�ل�ام تعيدها �إلينا بكامل حلتها‬ ‫الزمنية‪ .‬ورمبا �أ�ضافت �إليها عنا�صر �أخرى من زمن �آخر‪،‬‬ ‫فالزمن قدر يغلي‪ ،‬لكن النار هادئة‪ ،‬والو�شائج خفية‪.‬‬

‫الدليل على ذلك �أحالمنا‪ ،‬فللذاكرة فيها �شواخ�ص‬ ‫�إن ل�ل�أح�لام ن�ف��اذا يف ال��زم��ن‪ .‬فيها ��ش��يء م��ن نكهة‬ ‫غري �شواخ�ص اليقظة‪ .‬علما ب�أننا �سنكون يف الكالم القادم‬ ‫عالة على �أ�ستاذ تف�سري احلالم؛ فرويد‪ .‬ت�سري �أحالمنا اخللود‪ ،‬بل هي �صفة ت�شري بطريقة غام�ضة �إل��ى بع�ض‬ ‫ب��دون منطق؛ �إن�ه��ا ال ت�شبه حياتنا العادية ب�شيء‪ ،‬فال �صفات الألوهية‪.....‬‬


‫واحة الوسطية‬

‫مباهج األفكار‬ ‫في وحي األسحار‬ ‫ي�صعب ان يجعل امل��رء من زمانه قطعاً متجاورات‪ ,‬و�آن��ات‬ ‫متتاليات‪ ,‬وان مي�ضي فيه مثل �صاعد الدرج ومتو ّقل اجلبال‪,‬‬ ‫ينظر كل حني خلفه‪ ,‬ماذا قطع وماذا ابقى‪ ,‬ويت�ساءل اي ال�سبل‬ ‫ينتهج فيما انت�صب من م�سافة بينه وبني �آخر ال�شوط‪ ,‬و�أنّى له‬ ‫معرفة �شيء من ذلك‪ ,‬وقد حيل بينه وبني ر�ؤية ما هو ابعد من‬ ‫اخلطوة التالية!!‬ ‫ويظ ّل اقرب الى ح�سن العاقبة �أن يخت�صر يف كل حلظة من‬ ‫حلظات عمره ما كان عا�شه‪ ,‬وما �سيعي�شه بعد من اي��ام‪ ..‬وان‬ ‫يرى يف حلظته القائمة باباً م�شرعاً الى املا�ضي وامل�ستقبل يف‬ ‫�آن‪.‬‬

‫ابراهيم العجلوني‬

‫�إنه حينئذ يف م�أمن من ح�سرات ما فات‪ ,‬ومن فجاءات ما‬ ‫�سيكون‪ ,‬وهو حينئذ يف زمن مطلق ك�أنه االبدية‪ ,‬ال حواف له‪,‬‬ ‫وال نهايات‪ ,‬وال �ضفاف‪.‬‬ ‫يلتم�س النا�س‪ ,‬عادة‪ ,‬اوقاتاً بعينها‪� ,‬أو �أمكنة خم�صو�صة‪ ,‬كي‬ ‫تكون �شروطاً مو�ضوعية‪ ,‬او مناخات �صاحلة‪ ,‬ل�سكينة الف�ؤاد‪,‬‬ ‫وراحة النف�س‪ ,‬ويقني العقل الذي طال به الت�سا�ؤل‪.‬‬ ‫ويظل بع�ضهم يلوب ح��ائ��راً‪� ,‬أي �أوق��ات يومه يختار‪ ,‬والى‬ ‫�أي ركن يف االر���ض يلوذ‪ ,‬ليخل�ص حينئذ‪ ,‬او من ثم‪ ,‬الى هذه‬ ‫احلال‪ ,‬من هدوء اخلاطر وهد�أة البال‪.‬‬ ‫اال ان اي �شيء خ��ارج ال��ذات االن�سانية لن ي�ت��أدى بها الى‬ ‫هذا املطلب الع�سري‪ ,‬ولن يكون مرقاة الى بهجتها وحبورها‪,‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪61‬‬


‫على حني ميكن‪ ,‬ب�أي�سر مقرتب وادناه‪ ,‬الغو�ص الى قد�س‬ ‫اقدا�سها‪ ,‬وال��ى اجلوهري من كينونتها‪ ,‬وم��ا يعوز ذلك‬ ‫اح��دن��ا اال ال��ى ان يجلو م��ر�آت��ه م��ن �ضباب ال�سنني‪ ,‬و�أن‬ ‫يرى خالل ذلك الطفل القابع يف اعماقه‪ ,‬وان يطلب منه‬ ‫امل�شورة‪ ,‬وهو ظافر‪ ,‬ال ري��ب‪ ,‬بدليل ال يكذبه الطريق‪..‬‬ ‫الى حبور الزمان وزهو املكان‪..‬‬ ‫يقول �سبحانه وتعالى يف حمكم كتابه العزيز‪:‬‬ ‫(هل �أتى على االن�سان حني من الدهر مل يكن �شيئاً‬ ‫مذكوراً) و»هل» هنا مبعنى (قد)‪� .‬أي �أنه (قد) �أتى على‬ ‫االن�سان ازمان مل يكن فيها �شيئاً مذكوراً‪..‬‬ ‫وها هنا نتبني بو�ضوح كيف ان الزمان عن�صر رئي�س يف‬ ‫كينونة االن�سان‪ ,‬لأنه احد مق ّومات هذه الكينونة‪ ,‬والنه‬ ‫ظ��رف لها ‪ ،‬يحيط بها من اقطارها‪ ,‬وي�شتمل عليها‪,‬‬ ‫ويكون لها �أن ترى ا�سباب وجودها فيه‪ ,‬باذن ربها‪ ,‬وا�سباب‬ ‫فنائها فيه‪ ,‬ب�إذنه كذلك‪ ,‬فال يند �شيء منها عنه‪ ,‬وال عن‬ ‫املكان الذي هو مق ّومها الرئي�س الثاين‪ ,‬منه انبثقت باذن‬ ‫اهلل‪ ,‬واليه تعود‪ ,‬باذنه تعالى �أي�ضاً‪.‬‬ ‫• ويظل لالن�سان‪ ،‬على ال��رغ��م م��ن ه��ذه امل�ح��ددات‬ ‫ال�ت��ي تكتنفه‪ ،‬ان ي��زك��ي نف�سه وي�ع�ل��و ب��روح��ه‪ ،‬ف ��اذا هو‬ ‫يتناول االبدية‪ ،‬ويخرج من دائرة الفناء‪ ،‬بقوانني القُربى‬ ‫والعبودية‪ ،‬وبا�ستحقاق اخللود‪ ،‬كما وع��د ال��رب اخلالق‬ ‫املعبود‪�( ..‬إن للمتقني مفازاً)‪ ..‬و (و�إذا اجلنة �أُزلفت)‪..‬‬ ‫زُلفى جزاء وفاقا‪ ،‬مبا �صرب وزك��ى‪ ،‬ومبا اخل�ص و�ص ّدق‬ ‫واوفى‪.‬‬ ‫�إن اوهاما كثرية تنعقد اليوم حول مفاهيم التطور‪،‬‬ ‫وخا�صة يف القيم واالخالق‪ ،‬او فيما يجعل االن�سان ان�سانا‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫ويف �ضوء فهمنا ملعنى الرتقي‪ ،‬وربطنا اي��اه ب��االرادة‬ ‫واالخ �ل��اق‪ ،‬وب��ارت �ف��اع ال� ��وان ال �ع�لاق��ات االن���س��ان�ي��ة عن‬ ‫امل���س�ت��وى امل ��ادي اال� �ص��م‪ ،‬م���س�ت��وى ال�ت�ف��ري��غ واالم �ت�ل�اء‪،‬‬ ‫وم�ستوى ثنائيات ال�ظ��امل وامل�ظ�ل��وم‪ ،‬والقاتل واملقتول‪،‬‬ ‫ف�إننا نقول‪:‬انه ال �ضرورة تلزمنا بت�صديق ان ثمة تطورا‬ ‫�صاعدا لالن�سان من حيث هو كائن مادي م�شدود الب�صر‬ ‫الى الطني الالزب الذي خُ لق منه ابتداء‪.‬‬ ‫ب��ل ان م��ن � �ش ��أن ه��ذا ال�ط�ين ان ي��رت��د ال��ى ان يكون‬ ‫ا�سفل �سافلني‪� ،‬إال اذا كابد و�صابر وجاهد‪ ،‬وزكى وط ّهر‪،‬‬ ‫واتقى و�أن��اب‪ ،‬وتلك امور من امور ال��روح ُيلقاها كل ذي‬ ‫حظ عظيم‪ ،‬و ُيجنبها اال�شقى ال�غ��ارق يف وح��ول االر���ض‬ ‫واو�ضارها‪.‬‬ ‫• رب قائل‪ :‬وماذا تقول فيما و�صلت اليه التكنولوجيا‬ ‫امل�ت�ط��ورة‪ ،‬وع�ل��م ال�ف���ض��اء‪ ،‬وه��ذه ال���ش��رائ��ح االلكرتونية‬ ‫املُعجبة‪ ،‬وم��ا ال ح�صر ل��ه م��ن االخ�تراع��ات واالجن ��ازات‬ ‫العلمية‪� ..‬ألي�ست هذه تطورا؟‬

‫فنقول يف ذلك‪� :‬أجل‪ ،‬ذلك كله تطور‪ ،‬ولكن يف اال�شياء‬ ‫واالدوات التي ال تعدو ان تكون ام�ت��دادا الن�سان الطني‬ ‫االول‪ ،‬وات�ساعا لبط�شه وجربوته‪ ،‬وكل اولئك كان ادنى‬ ‫ِ‬ ‫النكو�ص منه الى الرتقي‪ ..‬لو كانوا يعلمون‪.‬‬ ‫الى‬ ‫• يقولون‪ :‬الوقت كال�سيف‪� ،‬إن مل تقطعه قطعك‪،‬‬ ‫ثم ننظر يف اخللق‪ ،‬فال نراهم يجتمعون على وقت واحد‬ ‫فيما ي ��أخ��ذون وي��دع��ون‪ ،‬وننظر يف االوق ��ات ف�لا نراها‬ ‫تت�سق على نهج واح��د للخلق‪ ،‬ونخل�ص من ذلك الى ان‬ ‫لكل منا وقته او اوقاته‪ ،‬والى ان يف الوجود اوقاتا‪ ،‬بعدد‬ ‫املوجودات‪.‬‬ ‫• وح�ين منعن يف حتليل معنى ال��وق��ت‪ ،‬نخل�ص بعد‬ ‫لأي‪ ،‬الى انه الزمن املحدد لفعل ما‪ ،‬والى ان التوقيت قد‬ ‫يحمل معنى تتبع م�سار الفعل‪ ،‬ماذا �أُجنز منه وماذا بقي‪،‬‬ ‫ف�ضال عن معانيه ودالالت��ه االخ��رى‪ ،‬فلئن ك��ان الزمان‬ ‫ظ��رف ال��وج��ود ف��ان ال��وق��ت ظ��رف العمل‪ ،‬ولعلنا هنا ان‬ ‫نكون اقرب الى فهم قول القائلني‪ :‬الوقت كال�سيف �إن مل‬ ‫تقطعه قطعك‪.‬‬ ‫• وكم ترتاخى باحدنا ال ِه َم ُم‪ ،‬وتقعد به العزائم‪ ،‬فاذا‬ ‫الوقت ينرث عمره نرثا‪ ،‬واذا هو ُينادى من مكان بعيد‪،‬‬ ‫وق��د �أدل ��ج ال�ن��ا���س‪ ،‬و� �س��ارت بهم رك��ائ��ب احل �ي��اة‪ ،‬ف��ان قام‬ ‫ي�ستدرك ما فاته �أيقن ان الجزاء الوقت َقطعا مثل حد‬ ‫ال�سيف‪ ،‬وانه كان لنف�سه من الظاملني‪.‬‬ ‫• كيف‪ ،‬اذن‪ ،‬نقطع وقتنا؟ وكيف ن�سود اج��زاءه وال‬ ‫ت�سودنا؟ وكيف ندفع عن ارواحنا �صد�أه‪ ،‬وعن نفو�سنا �أذاه؟‬ ‫ذلك ما �سن�ضيء جوانب منه يف املقالة القادمة‪.‬‬ ‫جاء يف اال�سطورة ان «الوقت» كان يف مبد�أ �أمره و�أول‬ ‫خ�ب�ره وح���ش�اً ه��ائ� ً‬ ‫لا ي��رب����ض ع�ل��ى �أب� ��واب م��دي�ن��ة مليئة‬ ‫بالب�ساتني والأ�شجار املثمرة واالنهار املكتظة بالأ�سماك‪،‬‬ ‫و�أنه كان يحرتم اعمار �أبناء هذه املدينة حني يبلغ الواحد‬ ‫منهم الع�شرين من عمره‪ ،‬و�أنهم �سلكوا كل �سبيل لوقف‬ ‫انق�صاف �أعمارهم‪ ،‬فما باءوا بغري اخليبة‪ ،‬حتى خرج لهم‬ ‫كاهن من غابة جم��اورة‪ ،‬و�أو�صاهم ب��أن مي�ل�أوا نهارهم‬ ‫بالعمل وليلهم بال�صلوات‪ ،‬فاذا بالوح�ش الهائل ي�ضم ُر‬ ‫�شيئاً ف�شيئاً حتى يغدو يف حجم قط �صغري‪ ،‬ميلك طفل‬ ‫وادع ان ي�ست�أن�سه‪..‬‬ ‫وجاء يف �أ�سطورة اخرى ان الوقت والعمل كانا ي�سكنان‬ ‫ك��وخ �اً ع�ل��ى اط ��راف اح ��دى ال �غ��اب��ات‪ ،‬وان اح��ده�م��ا ك��ان‬ ‫يرتب�ص بالآخر‪ ،‬فان نام (العمل) قام الوقت من فوره‪،‬‬ ‫ف�أخذ يقر�ض جوانب الكوخ‪ ،‬وان ا�ستيقظ العمل‪ ،‬الت�أمت‬ ‫ج��وان��ب ال�ك��وخ وق��وي��ت �أرك��ان��ه‪ ،‬وق��د ذه��ب مف�سرو هذه‬ ‫الأ�سطورة مذاهب �شتى يف تف�سريها‪ ،‬اال ان �أقربها الى‬ ‫منتق�ض‬ ‫القبول‪ ،‬ان الكوخ هو احلياة‪ ،‬و�أنه قائم بالفعل‬ ‫ّ‬ ‫بالك�سل‪ ،‬و�أن ال��وق��ت وح�ش يرتب�ص باالن�سان يريد ان‬ ‫يدمر حياته ويجعلها حطاماً‪ ،‬لوال انه يحاربه بالعمل‬ ‫الدائب‪ ،‬واليقظة امل�ستمرة‪.‬‬ ‫•••‬


‫ون�ق��ر�أ �آي��ة الكر�سي م��ن كتاب اهلل ال�ع��زي��ز‪ :‬ب�سم اهلل هم�س الكائنات وت�سابيحها‪ ،‬ويكون للنف�س ان تطمئن‬ ‫الرحمن ال��رح�ي��م‪}:‬اهلل ال ال��ه اال ه��و‪ ،‬احل��ي القيوم‪ ،‬ال ال� ��ى م��وق �ع �ه��ا م ��ن ال� �ك ��ون‪ ،‬وم� ��ن ت �ق��دي��ر رب �ه��ا يف �آن‪.‬‬ ‫ت�أخذه �سنة وال ن��وم‪ ،‬له ما يف ال�سماوات وما يف االر���ض‪،‬‬ ‫من ذا الذي ي�شفع عنده‪ ،‬اال باذنه‪ ،‬يعلم ما بني �أيديهم • وها انت ايها االن�سان‪ ،‬توفاك اهلل ثم ابتعثك لتبا�شر‬ ‫وما خلفهم‪ ،‬وال يحيطون ب�شيء من علمه ّ‬ ‫اال مبا �شاء‪ ،‬زمنا اخر من عمرك الذي يعلم العلي الباقي متى يقر‬ ‫و�سع كر�س ّيه ال�سماوات والأر�ض‪ ،‬وال ي�ؤوده حفظهما‪ ،‬وهو ب��ه ال �ق��رار‪ ،‬وان ��ك ل� ُت� ِ�ح��� ُّ�س يف اع�م��اق��ك معنى االنبثاقة‬ ‫العلي العظيم‪{...‬‬ ‫االول��ى لوجودك‪ ،‬ومعنى فجرك البهي ال�صادع‪ ،‬وتهيء‬ ‫نف�سك لتجديد ع��زائ�م�ه��ا‪ ،‬با�سم باعثها م��ن مرقدها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حي‪ ..‬وقيوم‪ :‬ا�سمان كرميان من �أ�سماء اهلل احل�سنى‪ ،‬وم�ت��وف�ي�ه��ا ع�ن��د م��وت �ه��ا‪ ،‬وت���س�ت�ي�ق��ن ك��ل ح�ي�ن ان ��ك ال��ى‬ ‫ال�صفات‬ ‫أم‬ ‫�‬ ‫الذات‬ ‫أ�سماء‬ ‫�‬ ‫من‬ ‫ا�سمني‬ ‫أكانا‬ ‫�‬ ‫لنبحث‬ ‫هنا‬ ‫ول�سنا‬ ‫رج ��وع‪ ،‬وع�ل��ى م��وع��د ل��ن ُت�خ�ل�ف�هُ‪ ،‬وان ال��ى اهلل امل�صري‪.‬‬ ‫�أم الأفعال‪ ،‬فلذلك موقف غري موقفنا هذا‪ ،‬ولكنّ توكيدنا‬ ‫هنا �إنمّ ا يكون على �ضرورة ان ن�ستلهم يف ظاللهما معاين‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫فاحلي من‬ ‫احلياة و�أ�سبابها‪ ،‬ومعاين الق ّيومية وجت ّلياتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هو‬ ‫منهم‬ ‫أمره‬ ‫بني االن�سان هو الفاعل املتحرك‪ ،‬والقائم ب�‬ ‫• رب ب �� َ��ص ��ر ُم� ��� �ش ��ر َع ع �ل ��ى م �� �ص��راع �ي��ه ال ي ��رى‬ ‫حامل امل�س�ؤولية‪ ،‬العامل‪ ،‬الذي ال يرتك للوقت ان مي‬ ‫لأ � �ص ��اح �ب ��ه � �ش �ي �ئ��ا اب � � � ��دا‪ ،‬ف� �ه ��و يف ظ� �ل� �م ��ات م �ت �ك��اث �ف��ة‪.‬‬ ‫املكان‪ ،‬ويظل قائماً مبهمات احلياة بج ّد واخال�ص ود�أب‪،‬‬ ‫ور�سوله ورب �سمع ملقى الى اجلهات دون ان يظفر بن�أم ٍة‪ ،‬فهو يف‬ ‫ويقول كل حني }وقل اعملوا ف�سريى اهلل عملكم‬ ‫�صمت راعب حميط‪.‬‬ ‫وامل�ؤمنون‪� {..‬صدق اهلل العظيم‪.‬‬ ‫ف���س�ب�ح��ان اهلل احل ��ي ال �ق �ي��وم ال� ��ذي ي�ع�ط��ي االع�ي�ن‬ ‫•••‬ ‫اب �� �ص��اره��ا‪ ،‬والآذان ��س�م�ع�ه��ا‪ ،‬و��س�ب�ح��ان م��ن ج�ع��ل وراء‬ ‫ويظل لنا ان نعترب الوقت مط ّية او �آل��ة ن�ستخدمها ذل ��ك ب���ص��ائ��ر م��ن ل��دن��ه‪ ،‬م��ن اب���ص��ره��ا ف�ل�ن�ف���س��ه‪ ،‬وم��ن‬ ‫�إن نحن عرفنا ماذا نريد‪ ،‬وما هي غاياتنا التي نرامقها‪ ،‬عمي عنها‪ :‬فذلك ه��و ال�شقي‪ ،‬مل ينك�شف عنه غطا�ؤه‬ ‫ويظل لنا ان نبارك �أيامنا بالعمل ال�صالح الذي ي�ؤتى �أُكله بعد‪ ،‬فهو يف �ضالله وعمايته و�إن ك��ان م��ن املب�صرين‪.‬‬ ‫ويلقى اجره‪ ،‬ويظل لنا ان نزكي قوانا وب�صائرنا بال�سعي‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫يف مناكبها‪ ،‬با�سم اهلل ربنا الذي ال ُي�ضيع اجر من اح�سن‬ ‫عمال‪.‬‬ ‫• ولقد ا�شتمل قر�آننا العظيم على دعوة كرمية دائمة‬ ‫لالب�صار والتب�صر‪ ..‬وها نحن اوالء نقر�أ فيه قوله تعالى‪:‬‬ ‫•••‬ ‫• يف ال��� ّ�س� َ�ح�رِ‪ ،‬ال يحول �شيء دون التفكر يف خلق "•}�أمل يروا �أنا جعلنا الليل لي�سكنوافيهوالنهار ُمب�صراً‪{..‬‬ ‫ال���س�م��اوات واالر�� ��ض‪ ،‬وال ح��اج��ب ب�ع�د‪ ،‬م��ن غ�ب��ار الدنيا‬ ‫ي �ح��ول دون ال ��دخ ��ول يف (ال ��ذي ��ن ي � ُ�ذك ��رون اهلل ق�ي��ام�اً • }فال �أُق�سم مبا تب�صرون وما ال تب�صرون �إنه لقول‬ ‫ٍ‬ ‫ر�سول كرمي‪{..‬‬ ‫وق �ع��وداً‪ ،‬وع�ل��ى ُج� ُن��وب�ه��م‪ ،‬ويتفكرون يف خلق ال�سماوات‬ ‫واالر�� � ��ض) وي �ق��ول��ون وق ��د خ���ش�ع��ت ق�ل��وب�ه��م �سبحانك‬ ‫• قد جاءكم ب�صائر من ربكم فمن �أب�صر فلنف�سه‪..‬‬ ‫اللهم‪ ،‬ال علم لنا �إال ما علمتنا‪� ،‬إن��ك انت عالم الغيوب‪.‬‬ ‫• ف��ارج��ع ال�ب���ص��ر ه��ل ت��رى م��ن ف �ط��ور‪ ،‬ث��م ارج��ع‬ ‫الب�صر كرتني ينقلب �إليك الب�صر خا�سئاً وه��و ح�سري‪.‬‬ ‫•••‬ ‫• ويف ال �� �س �ح��ر‪ ،‬ي �ت �ف �ك��ر امل� ��ؤم� �ن ��ون يف ان�ف���س�ه��م‪،‬‬ ‫• و�أب�صِ رهم ف�سوف ُيب�صرون‪�« .‬صدق اهلل العظيم»‪.‬‬ ‫وي ��رون ال��ى م��ا ي�ع�م��ره��ا م��ن ع ��وامل‪ ،‬وم��ا ينف�سح فيها‬ ‫م��ن اب �ع ��اد‪ ،‬ث��م ي �ق��وم��ون هلل م�ث�ن��ى وف� � ��رادى‪ ،‬وي�ق�ل�ب��ون‬ ‫على انه ال بد من االق��رار ان واقعة االب�صار وحدها‬ ‫ً‬ ‫وج � ��وه ال � � ��ر�أي يف ذل� ��ك ك �ل ��ه‪ ،‬ث ��م ي �� �س �ج��دون هلل‪ ،‬وق��د ال تكون دائما كافية‪ ,‬و�أنه ال بد من هدى مي�ضي بها الى‬ ‫ا�ستيقنوا ان��ه ه��و وح��ده اخل��ال��ق امل��د ّب��ر العليم اخلبري‪ .‬حيث يكون �سداد الوعي‪ ,‬و�صوابه‪ ,‬ور�شده‪ ,‬وها هنا نتبني‬ ‫معنى ان ي�ؤتي اهلل النفو�س تقواها‪ ,‬لأن التقى كالتمهيد‬ ‫للعلم ول�صحة اال�ستدالل‪ ,‬وهو يف الب�صر ب�صريته النافذة‬ ‫•••‬ ‫ودليله الهادي‪ .‬قال تعالى يف �سورة ال�صافات من كتابه‬ ‫• ويف ال�سحر‪ ،‬يكون القلب اكرث �صفاء‪ ،‬واقدر على العزيز‪« :‬واب�صر ف�سوف يب�صرون» فلو كان اب�صار الأعني‬ ‫التفكر فيما يب ّينه اهلل تعالى م��ن �آي��ات��ه ال�ت��ي ُيج ّليها كافياً ملا كان هذا االمر الكرمي ب�إب�صارهم وتب�صريهم‪ ,‬وملا‬ ‫للب�صائر‪ ،‬وامثاله التي ي�ضربها للنا�س‪ ،‬ومتلك م��ر�آة كان ذلك الوعيد ب�أنهم �سوف يب�صرون «يوم ال ينفع مال‬ ‫ال �ق �ل��ب‪ ،‬وق ��د م���س�ح��ت ع�ل�ي�ه��ا ي��د ال��رح �م��ن‪ ،‬ان تلتقط وال بنون‪ ,‬اال من اتى اهلل بقلب �سليم»‪� .‬إن احلوا�س هي‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪63‬‬


‫�ضيقها‪ ,‬حتى ميلأها ك�براً وزه��واً وخ��داع�اً وك�ي��داً‪ ,‬فاذا‬ ‫ه��ي ات�خ��ذت �سبيلها يف جم��رى االي ��ام ��س��رب�اً‪ ,‬ك��اد يبخع‬ ‫نف�سه على اث��اره��ا‪ ,‬ومل��أه الهم واكتنفه ال�ق�ن��وط‪ ,‬فهو‬ ‫اذن دهري يقول مع القائلني‪« :‬ما هي اال حياتنا الدنيا‪,‬‬ ‫من ��وت ون �ح �ي��ا‪ ,‬وم ��ا ي�ه�ل�ك�ن��ا اال ال ��ده ��ر» وال غ ��رو فقد‬ ‫تقطعت نف�سه ح���س��رات ع�ل��ى حل�ظ��ة ف��ان�ي��ة‪ ,‬ف�م��ا عمره‬ ‫الفاين اال ده��ره ال��ذي يهلكه‪ ,‬ما دع��ا�ؤه اال يف �ضالل!!‬

‫نوافذ الوعي على العامل اخلارجي‪ ,‬لكن للوعي نوافذه‬ ‫على العامل الداخلي لالن�سان اي�ضاً‪ .‬فاذا ا�ستغلقت هذه‬ ‫االخ�ي�رة دون ال��وع��ي غ��دا ع��اج��زاً ك�ل�ي� ً‬ ‫لا ال ي�لام����س اال‬ ‫�سطوح اال�شياء‪ ,‬وباتت ح�صيلته بع�ض ظاهر هذا العامل‪,‬‬ ‫ف�سرعان ما تذهب بدداً ويغمرها الن�سيان‪ ,‬اما اذا ظاهرت‬ ‫الب�صرية الب�صر‪ ,‬وعزز اليقني الداخلي احل�س اخلارجي‪,‬‬ ‫و� �ص � ّدق علم اجل��وان��ح علم اجل ��وارح‪ ,‬ف ��إن ذل��ك ه��و عني‬ ‫اليقني الذي تطمئن اليه االلباب‪ ,‬وتهد�أ عنده النفو�س‪.‬‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫ون�ف�ت��ح ك�ت��اب اهلل العظيم م��رة اخ ��رى‪ ,‬ون �ق��ر�أ قوله‬ ‫للم�ؤمن اذن ان ي�ستبدل باخل�سر ف ��وزاً مبينا‪ :‬اذا‬ ‫ت�ع��ال��ى م��ن � �س��ورة االع � ��راف «ول �ه��م �أع �ي�ن ال ي�ب���ص��رون ه��و ق��رن امي��ان��ه بالعمل ال�صالح‪ ,‬وج�ع��ل احل��ق ر�سالته‬ ‫ب�ه��ا‪ ,‬ول�ه��م �آذان ال ي�سمعون ب�ه��ا» ث��م ن��دع��وه ت�ع��ال��ى ان يف دن�ي��اه‪ ,‬و�صرب و�صابر وراب��ط ومل يجعل ه��ذه احلياة‬ ‫ال ن �ك��ون يف ه � ��ؤالء ال��ذي��ن ال ي�ب���ص��رون وال ي�سمعون‪ ,‬مناط همه‪ ,‬واخر علمه‪ ,‬بل جعلها �سلماً ومرقاة واتخذها‬ ‫وان ي � �ب� ��ارك ل� �ن ��ا يف � �س �م �ع �ن��ا وب� ��� �ص ��رن ��ا‪ ,‬وان ي�ج�ع��ل ال��ى ذي ال�ع��ر���ش ��س�ب�ي� ً‬ ‫لا‪ :‬غ �ف��ران��ه‪ ,‬وج�ن�ت��ه‪ ,‬ور� �ض��وان��ه‪.‬‬ ‫ق�ل��وب�ن��ا م�س ّبحة ب�ح�م��ده‪� ,‬آن ��اء ال�ل�ي��ل واط� ��راف ال�ن�ه��ار‪.‬‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫يف ال� �ل� �ح� �ظ ��ة‪ ..‬يف دائ� ��رت � �ه� ��ا امل� �غ� �ل� �ق ��ة‪ ..‬يف اف �ق �ه��ا‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫املح�صور‪ ,‬ال ميلك االن�سان ان ي��رى ال��ر�ؤي��ة ال�صائبة‪..‬‬ ‫ي� �ق ��ول اهلل ت �ع��ال��ى يف ك �ت��اب��ه ال� �ع ��زي ��ز‪« :‬وال �ع �� �ص��ر‪,‬‬ ‫�إن االن �� �س��ان ل�ف��ي خ���س��ر» وال�ع���ص��ر ه��و م��ا ب�ي�ن الظهر انه يف حاجة قائمة الى ان يغادر �ضيق ما هو فيه‪ ,‬والى‬ ‫وامل� �غ ��رب‪ ,‬وال �ع �� �ص��ر اي �� �ض �اً ه��و م�ط�ل��ق ال ��زم ��ان‪� ,‬أو هو ان ي��رى حلظته‪ ,‬ه��ذه ال�ت��ي �سبقها‪ ,‬يف �سياق ع��دد غري‬ ‫ح �ق �ب��ة م� �ن ��ه‪ ,‬ف�ك�ي�ف�م��ا ادرن� � ��ا امل �ع �ن��ى ه �ن��ا ف �ه��و م�ت�ع�ل��ق متناه من اللحظات‪ ,‬قد �سبقا ما ال ُيع ّد وال يح�صى منها‪,‬‬ ‫ب � ��آن م��ن زم� ��ان ب�ع�ي�ن��ه‪� ,‬أو ب�ك��ل زم� ��ان ك ��ان �أو ��س�ي�ك��ون‪ .‬و�سيتلوها ما ال يعد وال يح�صى منها كذلك‪ ,‬فهي نقطة‬ ‫يف خط ال يرى طرفاه‪ ,‬وهي لذلك اهون �ش�أنا من �أن يلقي‬ ‫واقرتان الزمان باخل�سر اكرث �شيء حتققاً يف هذه احلياة رحاله عندها‪� ,‬أو �أن ي�أخذه الزهو فيها وتتم ّلكه الكربياء‪..‬‬ ‫الدنيا‪ ,‬ولي�س ينفك امل��رء‪ ,‬على م��دار الليل والنهار من‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫خ�سران مبني يلم�سه ويف ماله ويف احبته‪ ,‬ال بل انه ومنذ‬ ‫يولد وهو منذور للموت يرتقبه على منعطفات عمره‪..‬‬ ‫ل �ل �� �ص�ب�ر‪ ,‬اذن‪ ,‬دوره امل� ��� �ش� �ه ��ود‪ ,‬يف اب � �ط� ��ال ��س�ح��ر‬ ‫فكيف اذن تكون جناة‪ ,‬وكيف يكون ك�سب وال يكون خ�سران!!‬ ‫ال �ل �ح �ظ��ة‪ ,‬ول ��ه دوره‪ ,‬ك��ذل��ك‪ ,‬يف اخل � ��روج ب ��أح��دن��ا من‬ ‫�ضيق االوان ال��ى �سعة ال��زم��ان‪ ,‬ويف ر�ؤي��ة ب�شائر الفرج‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫يف قلب الغمة‪ ,‬ف��اذا توا�صينا ب��ه‪ ,‬ف�إننا نكون قد �شددنا‬ ‫ازرن ��ا مب��دد حقيقي‪ ,‬ورف��د م��رف��ود‪ ,‬ون�ك��ون ق��د �صابرنا‬ ‫وم ��ع ت �ق��ري��ر ح�ق�ي�ق��ة اخل �� �س��ران ل�لان �� �س��ان يف ه��ذه اللحظة حتى اتخذت �سبيلها‪ ,‬يف بحر االب��دي��ة‪� ,‬سرباً‪..‬‬ ‫‪ 64‬الدنيا ف ��إن ثمة ا�ستثناء تب ّينه لنا االي��ات التاليات من‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫� �س��ورة الع�صر نف�سها‪ :‬اذ ي�ق��ول اهلل ت�ع��ال��ى ب�ع��د ق��ول��ه‪:‬‬ ‫«وال�ع���ص��ر �إن االن���س��ان ل�ف��ي خ���س��ر»‪« ..‬اال ال��ذي��ن �آم�ن��وا‬ ‫قيل لليل ما ان��ت وال�صمت؟ ق��ال‪ :‬هو رفيقي‪ ,‬وقيل‬ ‫وعملوا ال�صاحلات وتوا�صوا باحلق وتوا�صوا بال�صرب»‪,‬‬ ‫فال ينت�صر على اخل�سران يف حياة االن�سان اال االميان‪ ,‬ما �أنت والهم؟ قال‪ :‬م�سامري‪ ,‬وما انت وال�صرب؟ قال‪:‬‬ ‫والعمل ال�صالح‪ ,‬واي�ث��ار احل��ق‪ ,‬وان�ت�ه��اج ال�صرب‪ .‬اربعة خليلي وحامل اوجاعي‪ ,‬وقيل ما �أنت وال�سحر؟ قال‪ :‬مف ّرج‬ ‫ارك��ان تهزم اخل���س��ران‪ ,‬ف�لا ي�ستغرق االع�صر ويهت�ضم كربتي و�شفيع حبوتي ودليل الى الفجر‪ ,‬بورك من دليل‪..‬‬ ‫احل �ي��وات‪ ,‬وي�ظ��ل للمرء اذا ا�ستع�صم بها �أن ي�ك��ون من‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫الناجني يف ال��داري��ن‪ ,‬وان يبعثه اهلل مقاماً حم�م��وداً‪..‬‬ ‫لل�سحر وحيه‪ ,‬ول��ه حديثه امل�ستمر يف ثنايا الظالم‪,‬‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫ول��ه ت�سابيحه وتراتيله‪ ,‬ف��إن نحن اح�سنا اال�ستماع الى‬ ‫وم��ن ق�صرت ب��ه م��دارك��ه ع��ن فهم ت�صاريف الزمان ذلك كله‪ ,‬وجدناه بع�ض ما كان كامناً يف قلوبنا‪ ,‬وتعرفنا‬ ‫وتقادير االع�صر‪ ,‬و�شغلته اللحظة التي ت�ستغرقه عما به ال��ى عواملنا الداخلية‪ ,‬فك�أمنا ال�سحر م��ر�آة‪ ,‬وك ��أن ما‬ ‫ب�ين يديها وم��ا خلفها‪ ,‬فجعلها على ق�صرها وو�شيك يلقيه يف وعينا نور منبعث من اعماقنا الى �صفحتها‪..‬‬ ‫ف��وات �ه��ا اب� ��داً م��دي��داً �أو ك ��الأب ��د‪ ,‬ث��م مل ي ��زل ب �ه��ا‪ ,‬على‬ ‫•••‬ ‫ ‬


‫م� ��ع ال �� �س �ح ��ر‪ ,‬ت �ت ��وف ��ر ال� �ك ��ائ� �ن ��ات‪ ,‬وت � ��أخ� ��ذ ت��رق��ب‬ ‫اط�لال��ة ال �ن �ه��ار‪ ,‬وه��و ب�ع��د ف�ك��رة يف �ضمري ال �ك��ون‪ ,‬فيا‬ ‫للهاج�س الفتان كيف ي��أخ��ذ ب��أل�ب��اب اال��ش�ي��اء‪ ,‬وي��ا للنب�أ‬ ‫تتناقله ال�ن���س��ائ��م ح�ف�ي��ة ب��ه ك ��أن��ه اخل�لا��ص��ة م��ن عطر‬ ‫خ �ف��ي‪ ,‬مي�ن��ح ال��وج��ود ذاك� ��رة احل �ي��اة وا�� �س ��رار اخل �ل��ود‪..‬‬

‫الذين يقومون الليل‪ ,‬يف عبادة اهلل‪ ,‬وتزكية ال��روح‪.‬‬ ‫وال��ذي��ن ي �ق��ر�أون ك�ت��اب��ه ال �ك��رمي (�إن ق ��ر�آن ال�ف�ج��ر ك��ان‬ ‫م�شهودا)‪.‬‬ ‫وامل�ستغفرون يف اال�سحار‪.‬‬

‫•••‬ ‫ ‬ ‫اولئك جميعاً �شرح اهلل �صدورهم لالميان‪ ,‬وهداهم‪,‬‬ ‫بف�ضل منه تعالى‪ ,‬الى احلق املبني‪ ,‬وجعلهم رهبان ليل‬ ‫على م�شارفه وقفت‪ ,‬وكان ثم حديث هادئ ي�أخذ القلوب‪ .‬وفر�سان نهار‪ ,‬و�آتاهم تقواهم‪.‬‬ ‫هل تنق�ضون �ستائري �أنكاثاً؟‬ ‫ال بل �سنبني خيمة من نور‪..‬‬ ‫هل حتملون مواجعي مرياثاً؟‬

‫اولئك هم ملح االر�ض‪ ,‬هم زينتها‪ ,‬هم معناها االن�ساين‪,‬‬ ‫وبهم وحدهم يزهو الوجود‪ ,‬على حني قد ال تكون االلوف‬ ‫امل�ؤلفة فيه اال ن�سخاًمتكررة من قالب طيني م�صمت كئيب‪..‬‬ ‫ ‬

‫•••‬

‫ال بل ر�سي�س هوى وفي�ض حبور‪..‬‬ ‫ويطيب للنف�س امل�ؤمنة اال�ستغفار يف ال�سحر‪ ,‬لأنها‬ ‫ثم تف ّرقت ال�سبل‪ ,‬وم�ضى كل ملا ابتعث اليه‪ ,‬وكل يف فلك ت���ص�ح��و م��ن ��س�ب��ات�ه��ا ف �ي��ه‪ ,‬وق ��د ن��ام��ت ع�ن�ه��ا � �ش��روره��ا‪,‬‬ ‫ي�سبحون‪.‬‬ ‫وان �� �س �ح��ب م�ن�ه��ا ظ�ل�ام �ه��ا‪ ,‬وغ� ��دت ��ش�ف�ي�ف��ة ك��ال��زج��اج‪,‬‬ ‫ت���ص�ت��دع ب��ال �ن��ور وت�ن�ب��ي ع��ن ت�ع� ّل�ق�ه��ا ب��ال�ع�ل�ي��م اخل�ب�ير‪.‬‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫يقولون ان ال�سحر والهدوء وال�سكينة جتتمع كلها على‬ ‫ ‬ ‫معنى واحد‪ ,‬لكن �أحداً ال يت�صور‪ ,‬اال يف النادر القليل‪� ,‬أن‬ ‫يكون ال�سحر عا�صفاً ممتلئاً باالنواء‪ ,‬على الرغم من انه‬ ‫يا رب‪ ..‬يا واهب احلياة‪ ,‬يا وا�سع الرحمة‪ ,‬يا غفور‪..‬‬ ‫يكون كذلك فع ً‬ ‫ال طوال ال�شتاء‪ ,‬وزلفاً من اخلريف‪..‬‬ ‫يا ودود‪ ..‬اللهم �إين ابوء لك ب�إثمي‪ ,‬واف��زع اليك مثق ً‬ ‫ال‬ ‫بالذنوب‪ ..‬وما ثم اال رحابك يوم ت�ضيق الرحاب‪ ,‬وظلك‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫الظليل يوم تن�سحب الظالل‪..‬‬ ‫الب��ن ال��روم��ي ق�صيدة طريفة ي�ق��ول فيها �أن��ه ر�أى‬ ‫�أحدهم‪� ,‬سحراً‪ ,‬يقلي زالبية‪ ,‬ثم ي�صف كيف يكون ذلك‬ ‫يا رب‪ ..‬يا قابل التوب بعد �أن ا�ستيئ�س اخلاطئون‪ ,‬ويا‬ ‫و�صفاً عبقرياً‪ ,‬ولرب �سائل‪ :‬كيف �ضرب هذا ال�شاعر‬ ‫املبدع مقيل العرثة بعد ك ّبت �أنف�س على وجوهها‪ ,‬وا�ستيقنت‬ ‫�صفحاً عن مناجاة ال�سحر والطاف ما يكون فيه من معان‬ ‫ودالالت‪ ,‬ليجل�س مثل طفل جائع امام بائع الزالبية‪ ,‬وهو الهالك‪ ..‬لوالك‪..‬‬ ‫يخرجها كاالقمار؟! ويف اجلواب على هذا الت�سا�ؤل تت�سع‬ ‫�إن ال�ي��ك امل� ��آب‪ ,‬ي��ا رب‪ ,‬وال�ي��ك رج��وع�ن��ا االخ�ي�ر‪ ,‬بعد‬ ‫م�سافة الت�أمل والنظر يف ال�ضروري والكمايل من امور‬ ‫االن�سان‪ ,‬وجند انف�سنا م�ضطرين الى قدر من الواقعية تطواف هذه الدنيا وتيهها‪ ,‬فمن لدنك كان البدء يا اول‬ ‫يحول بيننا وبني الغلو يف الوهم‪� ,‬أو االمعان يف التهومي‪ ..‬ي��ا خ��ال��ق‪ ..‬وال�ي��ك‪ ,‬ب�ين يديك يكون اخل�ت��ام ي��ا �آخ ��ر‪ ..‬يا‬ ‫•••‬ ‫ ‬ ‫�سالم‪ ..‬يا مهيمن‪� ..‬سبحانك‪.‬‬ ‫•••‬

‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪65‬‬


‫واحة الوسطية‬

‫غياهب‬ ‫الشاعر علي فهيم زيد الكيالني‬

‫‪66‬‬

‫ط� � � ��ا َل‪ ‬اح � � � �ت � � � �ج� � � ��ا ُب� � � ��ك‪ ‬ف� � � ��ال� � � � ّ�ظ� �ل� ��ام‪ ‬محَ َ � � � ��اقُ‬ ‫ال� � � �ل� � � �ي� � � � ُل‪َ ‬ي� � � �ه � � ��دي‪ ‬امل� � � � ْدجل� �ي ��ن‪ ‬ب� � � �ن� � � �ج � � � ِ�م� � � � ِه‬ ‫ل � � � �ك� � � ��نّ ‪ ‬ه� � � ��ذا‪ ‬ال � � � �ل � � � �ي � � � � ُل‪�� ُ� � �� ‬س� � � � ْ�ح � � � � ٌم‪َ ‬ب � � � � ْرق � � � � ُه‬ ‫�أرخ � � � ��ى‪� � � � �� ‬س� � � � �ت � � � ��ائ � � � ��ر ُه‪ ‬ع� � � � �ل � � � ��ى‪� ‬آف � � � ��اق� � � � �ن � � � ��ا‬ ‫ف � � ��ال� � � �ع� � � �ت� � � �م � � ��ة‪ ‬ال� � � � َّده� � � �ي � � ��ا ُء‪ ‬جت� � � �ت � � ��ا ُح‪ ‬امل � � ��دى‬ ‫ت� � � � �غ� � � � �ت � � � � ُ‬ ‫�ال‪ ‬ك� � � � � َّل‪� � � � �� ‬س� � � � �ن � � � � ً�ى‪ ‬وك� � � � � َّل‪ ‬حم � � � � َّ�ج� � � � � ٍة‬ ‫ظ � � �ل � � �م� � ��اتُ ‪ ‬ه� � ��ذا‪ ‬ال � � �ل � � �ي� � ��ل‪ ‬م� � ��وح � � �� � � �ش � � � ُة‪ ‬ال � � � ُّر�ؤى‬ ‫ف � � � �ك � � � ��أمن� � � ��ا‪� ‬آف� � � ��ا ُق � � � �ن� � � ��ا‪ ‬ق� � � ��د‪َ � ‬أط � � � � َب � � � �ق� � � ��ت‬ ‫ول� � � � � � � � ُر َّب‪ ‬ق� � � �ب � � � ٍ�ر‪ ‬ك � � � � � � ��ان‪� ‬أ ْرح � � � � � � � َ�ب‪ ‬م� � � � � � � �ن � � � � � � � ٍ‬ ‫�زل‬ ‫* ‪* * ‬‬ ‫�ا‪ ‬رب‪ ‬م � � ��ا‪ ‬ل � � ��ون‪ ‬ال� � � ��� � � �ض� � � �ي � � ��اءِ‪ ‬وم � � ��ا‪ ‬ال� � � �� � � َّ��س� � � �ن � � ��ا‬ ‫ي � � � ِّ‬ ‫ط � � ��ا َل‪ ‬ان� � � �ت� � � �ظ � � ��ا ُر‪ُ ‬ع� � � �ي � � ��ون� � � �ن � � ��ا‪ ‬وق� � � �ل � � ��و ِب� � � �ن � � ��ا‬ ‫�� � � �ص� � � � َّدت‪ ‬ج� � � �ي � � ��و� � � �ُ�ش‪ ‬ال� � � �ل� � � �ي� � � �لِ‪� ‬أط� � � �ي � � � َ‬ ‫�اف‪ ‬املُ� � � �ن � � ��ى‬ ‫ه� � � � ��ذا‪ ‬ال� � � � � ُّ�دج� � � � ��ى‪ ‬امل � � � � � ْرك� � � � ��و ُم‪ ‬ه� � � � � ٌّ�م‪ ‬م� � � � ��وج � � � � � ٌع‬ ‫* ‪* * ‬‬ ‫ك� � � �ي � � ��ف‪ ‬ال� � � �� � ُّ� ��ص� � � �ع � � ��و ُد‪� ‬إل � � ��ى‪ ‬ال � � ��ذ ُّرى‪ ‬وط � � ��ري� � � � ُق � � ��ه‬ ‫وع � � �ي� � ��و ُن � � �ن� � ��ا‪َ ‬ع � � ��� � ِ��ش � � � َي� � � ْ�ت‪ ‬وغ� � ��ا�� � َ��ض‪ ‬ب� � ��ري � � � ُق � � �ه� � ��ا‬ ‫ر‪ ‬ال� � �ع� � �م � ��ى‬ ‫وا�� � �س� � �ت� � � ْف� � �ح� � �ل � � ْ�ت‪ ‬ف� � �ي� � �ن � ��ا‪ ‬دي � ��اج �ي � ُ‬ ‫�اق‪ ‬ج� � � ��� � � �س � � � ِ‬ ‫�وم� � � �ن � � ��ا‬ ‫ول� � � �ق � � ��د‪ُ ‬دف� � � � َّن � � ��ا‪ ‬يف‪ِ ‬ن� � � �ط � � � ُ‬ ‫حت� �ت� � ُ‬ ‫�رف‪ ‬ال � � � ��� � ُّ� ��س� � � ��رى‬ ‫م� � � ��ا‪ ‬ح � � � �ي � � � �ل � � � � ُة‪ ‬الأق� � � ��دامِ‪ْ ‬‬ ‫مل َّ� � ��ا‪ ‬ت � � �ن� � � � َّك� � � �ب� � � �ن � � ��ا‪ ‬ال� � � �ط � � ��ري� � � �قَ‪� ‬إل � � ��ى‪ ‬ال� � � � ُع� � � �ل � � ��ى‬ ‫ِ‪ ‬ح� � � � � َّدب� � � � �اً‬ ‫ُر ْح� � � � �ن � � � ��ا‪ ‬ن� � � � �ح� � � � � ِّدقُ ‪ ‬يف‪ ‬ال � � � � ُّ�دج� � � � � َّن� � � � �ة ُ‬ ‫ك � � � َّل� � ��ت‪ ‬ب � � �� � � �ص� � ��ا ِئ � � � ُرن� � ��ا‪ ‬ف � � ��أ ْوه � � �ن � � �ن� � ��ا‪ ‬ال � � �ع � � �م� � ��ى‬ ‫مل َّ� � � ��ا‪�� َ� � �� ‬س � � � � َد ّرن� � � ��ا‪ ‬يف‪ ‬ال � � � ��� � َّ� ��ض� �ل� ��ال � � � �ةِ‪ ‬وال� � � � ُّ�دج� � � ��ى‬ ‫يف‪ ‬ال � � � ُّ�ط � � ��خْ � � �ي � � ��ة‪ ‬ال � � �ع � � � ْم � � �ي � � ��اءِ‪ ‬ال‪ ‬ق � � �ل � � � ٌ�ب‪ ‬ي � � �ع � � ��ي‬ ‫راح � � � ْ�ت‪ ‬خ� � � �ف � � ��اف� � � �ي� � � �� � � �ُ�ش‪ ‬ال� � � �ظ� �ل ��امِ‪ ‬ت� � � �ق � � ��و ُدن � � ��ا‬

‫ح � � � � �ت� � � � ��ى‪ ‬م � � � � �ت� � � � ��ى‪ ‬ي � � � � �ت � � � � ��أخّ � � � � � ُر‪ ‬الإ� � � � � �ش� � � � ��راقُ‬ ‫وب � � � �� � � � �س� � � � ْ�ح � � � � ِرهِ‪ ‬ول � � � �� � � � �ش � � � �م � � � �� � � ��سِ � � � �هِ‪� ‬آف� � � ��اقُ‬ ‫ونجُ � � � � ��و ُم� � � � ��ه‪ ،‬م � � � � �ت � � � � �ج � � � � � ِّه � � � � � ٌم‪�� � َ� � �� ‬ص � � � � � ّع� � � � ��اقُ‬ ‫ه� � ��ل‪ ‬ي � � �� � � �س � � �ت � � �ف � � �ي� � ��قُ ‪ ‬ال � � �ف � � �ج � � � ُر‪ ‬وه� � � ِ‬ ‫�ي‪ ‬ط � � �ب� � ��اقُ‬ ‫و َت� � � �ط � � � ُ‬ ‫�ال‪ ‬ع� �ي� �نَ‪ ‬ال� � � ��� � � �ش� � � �م� � � �� � � ��سِ‪ ‬وه � � ��ي‪َ ‬ع� � � �ت � � ��اقُ‬ ‫�أع� � � � � � ��دا�ؤه� � � � � � ��ا‪ ‬الأن � � � � � � �� � � � � � � �س� � � � � � ��ا ُم‪ ‬والأح� � � � � � ��داقُ‬ ‫خم� � � �ن � � ��وق� � � � ُة‪ ‬الأن� � � �ف � � ��ا� � � ��سِ‪ ‬ل� � � �ي� � � �� � � ��س‪ُ ‬ت� � � �ط � � ��اقُ‬ ‫م � � ��ن‪ ‬ف � � ��و ِق� � � �ن � � ��ا‪ ‬ف � � ��ا�� � � �س� � � �ت� � � �ح� � � � ِك� � � � َم‪ ‬الإغ� �ل ��اقُ‬ ‫ف � � � � ��امل � � � � ��وتُ ‪� ‬أرح� � � � � � ُم‪ ‬وال� � � � � ��� � � � � �س� � � � � �ج � � � � ��ونُ ‪ِ ‬رف � � � � ��اقُ‬ ‫* ‪* * ‬‬ ‫�إنيِّ‪� ‬إل� � � ��ى‪ ‬ع � � � �ه � � � �دِ‪ ‬ال � � � ��� � ِّ� ��ض � � � �ي� � � ��ا‪ُ ‬م � � � �� � � � �ش � � � �ت� � � ��اقُ‬ ‫ك� � � �ي� � � �م � � ��ا‪ ‬ت� � � �ك� � � �ح� � � � ُل‪ ‬ب � � ��ال� � � �� � � ِّ��س� � � �ن � � ��ا‪ ‬الآم � � ��اقُ‬ ‫�أ َّن� � � � � ��ى‪ ‬ل � � � � � �ب� � � � � ��ارق � � � � � �ةِ‪ ‬امل ُ� � � � � �ن� � � � � ��ى‪� ‬إ� � � � � � �ش� � � � � ��راقُ‬ ‫ح� � � � َّت � � ��ا َم‪َ ‬ي� � � �ج� � � � ُث� � � � ُم‪ ‬ف� � � � ْوق� � � �ن � � ��ا‪ ‬ال� � � � ِع� � � � ْم� �ل ��اقُ‬ ‫* ‪* * ‬‬ ‫َو ْع � � � � � ُر‪ ‬امل � � � � �� � � � � �س � � � ��ا ِل � � � ��ك‪ ‬وال � � � � ُّ�دج � � � ��ى‪� ‬أط � � � � �ب � � � ��اقُ‬ ‫واغْ � � � � ��ر َور َق � � � � � ْ�ت‪ ‬ب � � � � ��دم � � � � � ِ‬ ‫�وع � � � � � �ه � � � � ��ا‪ ‬الأح � � � � ��داقُ‬ ‫ح� � � � �ت � � � ��ى‪ ‬ك� � � � ��أنَّ‪ ‬ن� � � � �ف � � � ��و� � � َ� ��س� � � � �ن � � � ��ا‪� ‬أن� � � � �ف � � � ��اقُ‬ ‫�أ َّن� � � � � ��ى‪ ‬تمَ َ � � � � � � ْل � � � � � � َم � � � � � � ُل‪ ‬يف‪ ‬ال � � �ث� � �رَّى‪ ‬الأ� � � � � � �ش� � � � � ��واقُ‬ ‫ح� �ي� ��ن‪ ‬ال � � � �ن � � � �ف� � � ��و�� � � ُ��س‪ ‬ت � � � �� � � � �ش� � � � ُّ�ده� � � ��ا‪ ‬الأط� � � ��واقُ‬ ‫راح � � � � ��ت‪ُ ‬ت� � � � � �ب � � � � ��اري‪ ‬خَ � � � � � �ط� � � � � � َون � � � � ��ا‪ ‬الأع� � � � � �م � � � � ��اقُ‬ ‫ك � � ��ي‪َ ‬ت � � �� � � �س � � �ت � � �ب �ي � َ�ن‪� � � � ‬س � � �ب � � �ي � � �لَ � � �ه � � ��ا‪ ‬الأ ْرم � � ��اقُ‬ ‫وت� � � � � �ع� � � � � � َّو َدتْ ‪� ‬أن‪ ‬ت� � � � � �ن� � � � � �ح� � � � � �ن � � � � ��ي‪ ‬الأع� � � � � �ن � � � � ��اقُ‬ ‫�ا‪ ‬دم� � � � � �ن � � � � ��ا‪ُ ‬ي� � � � � �ه � � � � ��راقُ‬ ‫�أ َّن � � � � ��ى‪ ‬خَ � � � � � �ط� � � � � � ْون � � � � � ُّ‬ ‫ب � � � � � � ��ل‪ ‬ح� � � �ي � � ��ر ٌة‪ ‬وت� � � � � � � �خ� � � � � � � � ُّب � � � � � � � ٌ�ط‪ ‬و ُف � � � � � � ��واقُ‬ ‫يف‪ ‬ك� � � � � � � ِّل‪ ‬ق� � � � � � �ل � � � � � ��بٍ ‪ ‬م� � � � � � � ْق� � � � � � � َو ٌد‪ ‬و ِوث � � � � � ��اقُ‬


‫هو وهي‪...‬‬ ‫د‪ .‬إنصاف مومني‬ ‫تختلط الر�ؤى وتتعالى اال�صوات وتتداخل الأدوار يف ظل‬ ‫والفي�صل يف الأمر لي�س مهماً ‪ ،‬هو �أم هي‪ ،‬املهم من ينه�ض‬ ‫الإفرازات املعا�صرة والطوفان الإعالمي‪ ،‬فكثرياً ما ن�سمع هي ب��الأم��ة‪ ،‬ب��ل م��ن يتقن فل�سفة �صناعة احل�ي��اة وي��دف��ع بعجلة‬ ‫تقول وهو يقول‪.‬‬ ‫ال�شهود احل�ضاري وف��ق ال��ر�ؤي��ة الإ�سالمية‪ ،‬وال��ذي تت�ضاءل‬ ‫�أمامه الفوارق بني هو وهي‪.‬‬ ‫هي تقول‪ :‬القوامة امتداد لعقدة الذكورة وح�صيلة موروث‬ ‫�أما على ال�صعيد الأ�سري فمن الع�سري �أن ت�ستمر احلياة‬ ‫وتقاليد اجتماعية �سقيمة‪ ،‬وه��ي تعني الت�سلط واال�ستفراد‬ ‫بالر�أي والقرار‪ ،‬و�إلغاء �أي دور فاعل ل�شريكة احلياة‪،‬وقد تبلغ بعذوبتها �إذا اختلطت االدوار بني هو وهي‪ ،‬فال بد �أن يتعرث‬ ‫الأمور مبلغها وتخرتق اخلطوط احلمراء فتقول‪� :‬إن كان هذا امل�سري ويت�سرب الوهن وكبد احلياة‪ .‬الى املناخات الأ�سرية‪.‬‬ ‫�صدى‬ ‫هو الإ�سالم‪ ..‬فال انقاد له ‪،‬ومن املعلوم �أن �صوتها له ً‬ ‫�إن الأنوثة الإميانية الفطرية جتد الرغبة ملحة باحلاجة‬ ‫تيارات‬ ‫ورجعاً على ال�صعيد العاملي واملحلي‪ ،‬مل ال ونحن �أمام‬ ‫عاملية عاتية تريد �أن تنال وتهدم �أعظم ح�صن تربوي متبقي �إل��ى الرجل ال�سيما القوي } َي��ا َ�أ َب � ِ�ت ا�� ْ�س� َت��أْجِ � ْر ُه �إِ َّن َخ�ْيَرْ َ مَنِ‬ ‫الم ُ‬ ‫ِني{ (‪ ،26‬الق�ص�ص)‪.‬‬ ‫ْا�س َت ْ�أ َج ْر َت ا ْل َقوِيُّ َْ أ‬ ‫لنا‪.‬‬ ‫واالنوثة التي مل تلوث افرازات احلياة فطرتها‪ ،‬ت�ؤمن بان‬ ‫يف املقابل ه��و ي�ق��ول‪ :‬الأ� �ص��وات تتعالى وتتباكى لتحمي‬ ‫امل��ر�أة من ظلم كل ال��رج��ال‪ ،‬بل يتعا�ضد الإع�لام مع الأق�لام هناك عالقة حميمة بني الإمي��ان والفطرة‪ ،‬واحلاجة املا�سة‬ ‫وامل�ؤامرات وامل�ؤمترات املغر�ضة لإلغاء كل خ�صو�صية للرجل للرجل وتفريغ طاقات احلب يف منابعها ‪ ،‬واالنوثة التي تعني‬ ‫ال��دفء واحل��ب واحل�ن��ان املتدفق ه��ي مطلب ال��رج��ل �صاحب‬ ‫ورج��ول�ت��ه‪ ،‬حتى ك��ادت بع�ض ال �ن��داءات ت��ري��د اق���ص��اء‬ ‫�ضمري الإميان العميق والفطرة ال�سليمة‪ ،‬الذي يرى يف الأنوثة �سكناً‬ ‫الرجولة من قوامي�س اللغة وقوامي�س املنظومة الأ�سرية‪.‬‬ ‫لرجولته‪ ،‬فهو الذي يت�ألق ويتفرد برجولته والقيام ب��أدواره‬ ‫هو يقول لو كانت هناك جهات ان�سانية من�صفة حمايدة الوظيفية التي �أع��ده اهلل لها‪ ،‬كما �أن الأن�ث��ى تت�ألق وتنفرد‬ ‫لأوقفت مهزلة �شيطنة الرجال وانتهاك حقوق رجل احل�ضارة ب�أنوثتها و�أدوارها التي �أعدها اهلل لها‪.‬‬ ‫املعا�صرة �سيما يف ديار ال�شرق‪ ،‬وما يتعر�ض له الرجال من كبد‬ ‫ف��إذا ما تبادلنا الأدوار واختلطت الوظائف‪ ،‬فتلك اللعنة‬ ‫احلياة (ف��امل��ر�أة ال تطلب �إال ال��رج��ل‪ ،‬ف��اذا ج��اء الرجل طلبت التي ُت�صيب العقول والقلوب وال�ضمائر “ َلعن ُ‬ ‫اهلل املت�شبهني‬ ‫منه الدنيا وا�ضعافها) ف�أعباء احل�ي��اة املعا�صرة وكمالياتها‬ ‫الال منتهية‪ ،‬وثقافة اال�ستهالك التناف�سية وال�سباق الدنيوي م��ن ال��رج��ال ب��ال�ن���س��اء‪ ،‬وامل�ت���ش�ب�ه��ات م��ن ال�ن���س��اء بالرجال"‬ ‫امل�سعور بني معا�شر الن�ساء يجعل الرجل يوا�صل كبد الليل رواه ال�ب�خ��اري وغ�ي�ره‪ ،‬ب��ل �إن امل ��ر�أة ال�ت��ي ت�برع��ت ب�أنوثتها ‪،‬‬ ‫بكبد النهار‪ ،‬لينتهي به الأمر يف �أغلب االحايني �أن يغرد وحده و�أ�صبحت (م�سرتجلة) حتاكي ال��رج��ال بحركاتها وم�شيتها‬ ‫خ��ارج ال�سرب يف ظل (ح��زب الأم) �أو البيت العنكبوتي الذي وتفا�صيل حياتها‪ ،‬ه��ي م��ن �أف���س��دت على احل�ي��اة جمالياتها‬ ‫ينقاد افراده �إلى احلزب الأقوى اعالماً واالقدر على االقناع �إ�ضافة �إلى �أنها �أف�سدت على الرجل رجولته‪ ،‬فلم تلب له ما‬ ‫يف نف�سه من الظم�أ املتوقد نحو رقة الأنوثة وعذوبتها‪ ،‬بل �إن‬ ‫والت�أثري‪.‬‬ ‫عطر الأنوثة و�سحرها يرطب جفاف احلياة ويرفدها بعذوبة‬ ‫وهو يقول‪� :‬أخ�شى �أن ت�أتي �أي��ام على املعمورة فرناها قد الوجدانيات وجمالياتها‪ ،‬فمن املحال �أن تكتمل �أنوثة من غري‬ ‫خوت من الرجولة‪ ،‬و�أن دور الرجال يختزل من �أجل الن�ساء‪ ،‬رج��ول��ة �أو رج��ول��ة م��ن غ�ير �أن��وث��ة‪� ،‬أو حتلو احل�ي��اة م��ن غري‬ ‫�أو ال�سري خلف الن�ساء �سيما �إذا اطلعنا على الإع�لام ب�شقيه االلتحام والتناغم والتكامل بينهما‪ ،‬كما يحب ربنا جل جالله‬ ‫وير�ضى‪ ،‬لأن الذي يبني ذلك ويقرره لي�س �أ�صحاب الإدارات‬ ‫التقليدي واجلديد‪ ،‬ويف ذلك خلل يعكر �صفو احلياة الإن�سانية املغر�ضة امل�شوهة وال “الأنا وم�شتقاتها” عند بني االن�سان‬ ‫ويلقي بظالله على ع�لاق��ة العبد بخالقه “�أفح�سبتم �أمن��ا بل املقرر واحلاكم هو اهلل اللطيف اخلبري الذي بر�أ وخلق‬ ‫خلقناكم عبثا”‪ ،‬فك�أمنا حتمل الر�سائل املغر�ضة بني م�ضامينها و�أودع �أ�سرار وحكم يف النف�س الب�شرية }�أَ اَل َي ْعلَ ُم َمنْ َخلَ َق َو ُه َو‬ ‫ال َّل ِط ُ‬ ‫العبثية من خلق كوكب الأر�ض‪.‬‬ ‫ري{ (‪ ،14‬امللك)‪.‬‬ ‫يف الخْ َ ِب ُ‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪67‬‬


‫المؤتمر الدولي‪..‬‬ ‫"المسلمون والعالم‪ :‬من المأزق إلى المخرج"‬ ‫عقد يوم ال�سبت املوافق ‪ 2017/3/11‬امل�ؤمتر الدويل‬ ‫الرابع ع�شر للمنتدى العاملي للو�سطية يف عمان بعنوان‬ ‫"امل�سلمون والعامل‪ :‬من امل��أزق �إل��ى املخرج"‪ ،‬و�شارك يف‬ ‫هذا اللقاء الفكري الثقايف الإ�سالمي العاملي نخبة كبرية‬ ‫من املفكرين والعلماء‪ ،‬ورج��ال ال�سيا�سة والإعالميني‪،‬‬ ‫واملهتمني م��ن �أج��ل �صياغة ر�ؤي��ة فكرية جامعة‪ ،‬ت�شكّل‬ ‫مدخلاً و�إ�ضاء ًة يف دائرة الأمة‪ ،‬تبحث عن خمرج لأزمتها‬ ‫أم�س احلاجة �إلى حالة �إنقاذ مما هي‬ ‫املركبة؛ حيث باتت ب� ّ‬ ‫ ثقافة التجديد‪ ،‬ودورها يف النهو�ض باخلطاب الإ�سالمي‬‫فيه وعليه‪.‬‬ ‫املعا�صر‪.‬‬ ‫ون��اق ����ش امل ��ؤمت��ر وع �ل��ى م ��دى ي��وم�ين جم�م��وع��ة من‬ ‫امل�ح��اور الفكرية ال�ت��ي ت�صب يف �أه ��داف امل��ؤمت��ر ور�ؤي�ت��ه ‪ -‬ق��راءة نقدية وم�ستقبلية لتجارب حركات الإ�صالح يف‬ ‫ور�سالته‪ ،‬ومن هذه املحاور‪:‬‬ ‫العامل الإ�سالمي‪ ،‬ودوره��ا يف تقدمي خطاب �إ�سالمي‬ ‫ح�ضاري‪.‬‬ ‫ "�إ�شكالية الدولة والدين واحلكم‪ :‬ر�ؤية ت�أ�صيلية"‪.‬‬‫ ق � ��راءة ن �ق��دي��ة ل �ظ��اه��رة ان �ت �� �ش��ار الآف � � ��ات ال �ف �ك��ري��ة‪،‬‬‫ �أبرز حتديات القرن الواحد والع�شرين‪.‬‬‫واالن �ح��راف الفكري‪ ،‬والإره ��اب‪ ،‬والتع�صب املذهبي‪.‬‬ ‫وحت� ��دث يف ه ��ذه الأوراق ك ��ل م ��ن ال��دك �ت��ور حممد‬ ‫ خطاب الكراهية‪ ،‬ودور و�سائل الإعالم‪.‬‬‫يتيم ‪ -‬النائب الأول لرئي�س جمل�س النواب املغربي‪،‬‬ ‫ الأمة الإ�سالمية يف ع�صر العوملة‪.‬‬‫والدكتور �أبو جرة ال�سلطاين ‪ -‬رئي�س حركة جمتمع‬ ‫ �أهمية التجديد الثقايف والفكري يف بناء �أمة ال�شهود ال�سلم‪ ،‬وف�ضيلة الدكتور علي قرة داغي ‪ -‬الأمني العام‬‫لالحتاد العاملي لعلماء امل�سلمني‪.‬‬ ‫احل�ضاري‪.‬‬ ‫�أما اجلل�سة الثانية‪ ،‬فرت�أ�سها الدكتور داود احلدابي‬ ‫وج��اء انعقاد ه��ذا امل��ؤمت��ر يف غمرة احتفاالت اململكة من اليمن‪ .‬وناق�شت جمموعة من الأوراق منها‪:‬‬ ‫الأردن�ي��ة الها�شمية بعمان عا�صمة للثقافة الإ�سالمية‪،‬‬ ‫وتزامن مع موعد انعقاد م�ؤمتر القمة العربي يف عمان‪ - .‬الورقة الأولى‪ :‬بعنوان "حتديات الراديكالية والتطرف‬ ‫وتوزعت حماور امل�ؤمتر على �ست جل�سات على مدار يومي والإره��اب على الأم��ن القومي يف �شرق �آ�سيا"‪ .‬قدمها‬ ‫امل ��ؤمت��ر‪ ،‬ه��ذا ف���ض�ًل اً ع��ن جل�سة االف �ت �ت��اح‪ ،‬وال �ت��ي ب��د�أت الدكتور عبد اهلل الزين من ماليزيا ‪ -‬وزي��ر الدولة‪،‬‬ ‫بكلمة ترحيبية للمهند�س م ��روان ال �ف��اع��وري‪ ،‬الأم�ي�ن وم�ست�شار رئي�س الوزراء املاليزي‪.‬‬ ‫العام للمنتدى‪ ،‬وكلمة لف�ضيلة ال�شيخ عبد الفتاح مورو‬ ‫ م�ؤ�س�س حركة النه�ضة‪ ،‬ونائب رئي�س جمل�س النواب ‪ -‬الورقة الثانية‪ :‬بعنوان "دور املكونات الدينية والثقافية‬‫والعرقية يف البناء‪ ،‬ومواجهة ظواهر الهدم وال�ضعف"‪.‬‬ ‫التون�سي‪ ،‬وكلمة للدكتور عبد اللطيف الهميم ‪ -‬رئي�س‬ ‫دي ��وان ال��وق��ف ال�سني ال�ع��راق��ي‪ ،‬وق�صيدة لل�شاعر علي‬ ‫الهويريني‪.‬‬ ‫وتر�أ�س اجلل�سة الأول��ى دولة الأ�ستاذ في�صل الفايز ‪-‬‬ ‫رئي�س جمل�س الأع �ي��ان‪� ،‬إذ ناق�شت اجلل�سة ث�لاث �أوراق‬ ‫مهمة على التوايل‪:‬‬

‫‪68‬‬


‫قدمها الدكتور كامل �أبو جابر من الأردن‪.‬‬ ‫�أم��ا ال��ورق��ة الثالثة‪ :‬بعنوان "�شروط نه�ضة العامل‬ ‫الإ�سالمي"‪ .‬قدمها الدكتور �أحمد الكبي�سي‪.‬‬ ‫�أما اجلل�سة الثالثة لليوم الأول‪ ،‬فرت�أ�سها دولة طاهر‬ ‫امل�صري من الأردن‪ ،‬وناق�شت جمموعة من الأوراق منها‪:‬‬ ‫ ال��ورق��ة الأول ��ى‪ :‬فهي بعنوان "دور التجديد يف فهم‬‫الدين يف اخل��روج من امل�أزق"‪ .‬قدمها الدكتور جواد‬ ‫اخلال�صي‪.‬‬ ‫ ال��ورق��ة ال �ث��ان �ي��ة‪ :‬ب �ع �ن��وان "جتديد فل�سفة ال�ترب�ي��ة‬‫وال�ت�ع�ل�ي��م م��ن خ�ل�ال ت�صميم ب��رام��ج ت��رب��وي��ة ق��ادرة‬ ‫على بناء ال�شخ�صية الإ�سالمية الو�سطية"‪ .‬قدمها‬ ‫الدكتور عبد العزيز برغوث ‪ -‬نائب رئي�س اجلامعة‬ ‫الإ�سالمية يف ماليزيا‪.‬‬ ‫ ال��ورق��ة الثالثة‪ :‬دارت ح��ول دور املنظمات الأهلية يف‬‫التنمية والإعمار والت�أهيل االجتماعي‪.‬‬ ‫�أما اليوم الثاين من �أعمال امل�ؤمتر‪ ،‬فرت�أ�س اجلل�سة‬ ‫الأولى الدكتور عبد الر�ؤوف الروابدة‪ ،‬وناق�ش جمموعة‬ ‫من الأوراق على التوايل‪:‬‬ ‫ ال��ورق��ة الأول� ��ى‪ :‬ب�ع�ن��وان "خطاب ال�ك��راه�ي��ة والفتنة‬‫وال�صراع املذهبي وازدراء الأديان‪ ،‬ودور و�سائل الإعالم‬ ‫والف�ضاء املفتوح يف مواجهة ذلك"‪ .‬قدمها �سماحة‬ ‫علي ح�سني ف�ضل اهلل من لبنان‪.‬‬ ‫ ال ��ورق ��ة ال �ث��ان �ي��ة‪ :‬ب �ع �ن��وان "ات�ساع ال � ��دور ال��روح��ي‬‫والأخ�لاق��ي ل�ل�أدي��ان يف الألفية اجلديدة يف معاجلة‬ ‫مظاهر اختالل القيم وات�ساع دائرة العنف والتطرف"‪.‬‬ ‫قدمها الدكتور عبد ال ��رزاق ق�سوم ‪ -‬رئي�س جمعية‬ ‫العلماء امل�سلمني اجلزائريني‪.‬‬ ‫ الورقة الثالثة‪ :‬بعنوان "املنهج الإ�سالمي يف التعامل مع‬‫الفن واجلمال"‪ .‬قدمها املفكر املغربي حممد طالبي‪.‬‬ ‫�أم��ا اجلل�سة الثانية‪ ،‬فكانت برئا�سة النائب الدكتور‬ ‫علي احلجاحجة‪ ،‬وناق�شت الأوراق التالية‪:‬‬ ‫ الورقة الأولى‪ :‬بعنوان "�إ�شكالية النهو�ض احل�ضاري"‪.‬‬‫قدمها الدكتور يو�سف �صديق ‪ -‬عميد كلية ال�شريعة‬ ‫والدرا�سات الإ�سالمية ‪ /‬جامعة قطر‬ ‫‪ -‬الورقة الثانية‪ :‬بعنوان‪" :‬دور التجديد يف فهم الدين‬

‫يف اخلروج من امل�أزق"‪ .‬قدمها الدكتور �أحمد كايف من‬ ‫املغرب‪.‬‬ ‫ الورقة الثالثة‪ :‬دارت حول امل�شكالت البينية يف العامل‬‫الإ��س�لام��ي بالرتكيز على ال���ص��راع البيني وخطاب‬ ‫ال�ك��راه�ي��ة يف ال�سيا�سة والإع �ل��ام‪ .‬ق��دم�ه��ا ال��دك�ت��ورة‬ ‫فاطمة ال�صمادي من مركز اجلزيرة للدرا�سات‪.‬‬ ‫ الورقة الرابعة‪ :‬دارت حول الأ�س�س الفكرية للم�شروع‬‫احل�ضاري الو�سطي‪ ،‬للدكتور �شريوان ال�شمراين من‬ ‫كرد�ستان‪.‬‬ ‫�أم��ا اجلل�سة الثالثة والأخ�ي�رة لليوم ال�ث��اين‪ ،‬فكانت‬ ‫برئا�سة املهند�س مروان الفاعوري‪ ،‬الأمني العام للمنتدى‪.‬‬ ‫وناق�شت هذه اجلل�سة الأوراق التالية‪:‬‬ ‫ �إ�شكالية ال��دول��ة واحل�ك��م‪ :‬ر�ؤي��ة تاريخية ت�أ�صيلية ‪-‬‬‫�سماحة الإمام ال�صادق املهدي من ال�سودان‪.‬‬ ‫ دولة اخلالفة وحلم اال�ستقالل واملخرج ‪ -‬الدكتور عبد‬‫اللطيف الهميم من العراق‪.‬‬ ‫ العامل الإ�سالمي يف القرن احلادي والع�شرين ‪ -‬ال�شيخ‬‫عبد الفتاح مورو من تون�س‪.‬‬ ‫�أم��ا ال��ورق��ة الثالثة والأخ�ي�رة‪ :‬فهي بعنوان "الوعي‬ ‫اال�سرتاتيجي يف ب�ن��اء ال��وح��دة وتر�سيخ ال�ع�لاق��ات بني‬ ‫مكونات الأمة الإ�سالمية"‪ .‬قدمها عبد القادر الإدري�سي‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إل��ى الدكتور حار�س �سيالجيت�ش‪ ،‬رئي�س جمل�س‬ ‫رئا�سة دولة البو�سنة والهر�سك (�سابقًا)‪.‬‬ ‫ويف نهاية ه��ذا اللقاء الفكري الثقايف الكبري‪� ،‬ألقى‬ ‫ال�شيخ عبد ال��رح�ي��م ال�ع�ك��ور وزي��ر الأوق ��اف (الأ �سبق)‬ ‫قرارات البيان اخلتامي والتو�صيات‪.‬‬ ‫و��ش��ارك يف ه��ذا امل��ؤمت��ر �إ��ض��اف��ة �إل��ى الأردن‪ ،‬ك��ل من‬ ‫امل�م�ل�ك��ة ال�ع��رب�ي��ة ال���س�ع��ودي��ة‪ ،‬ال �ك��وي��ت‪ ،‬ق �ط��ر‪ ،‬الإم� ��ارات‬ ‫العربية امل�ت�ح��دة‪ ،‬باك�ستان‪ ،‬ت��رك�ي��ا‪ ،‬م��ال�ي��زي��ا‪ ،‬اجل��زائ��ر‪،‬‬ ‫ت��ون ����س‪ ،‬ك��رد� �س �ت��ان‪ ،‬ال �ع ��راق‪ ،‬ال �� �س��ودان‪ ،‬ال �ي �م��ن‪ ،‬ل�ب�ن��ان‪،‬‬ ‫البو�سنة‪� ،‬سوريا‪ .‬كما �شارك يف امل�ؤمتر منظمات فكرية‬ ‫وثقافية �إ�سالمية وعربية‪� ،‬إ�ضافة �إل��ى �أك��ادمي�ي�ين من‬ ‫اجلامعات الأردنية واخلارج‪ ،‬كما �أقيم على هام�ش امل�ؤمتر‬ ‫حفل كبري لتكرمي الفائزين بجائزة رابطة كتاب التجديد‬ ‫لعام ‪.2017‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪69‬‬


‫المنتدى العالمي للوسطيه‬

‫يقيم افطاره السنوي‬

‫‪70‬‬

‫�أقام املنتدى العاملي للو�سطيه افطاره ال�سنوي يوم م�ستوى الب�شرية جمعاء‪ ,‬وخا�صة يف ال�سنوات القليلة‬ ‫الثالثاء املوافق ‪ 2017/6/13‬يف قاعة جربي املركزي‪ ,‬املا�ضية‪ ،‬التي تطور فيها املنجز العلمي ب�شكل تراكمي‬ ‫وح �� �ض��ره ع ��دد ك�ب�ير م��ن رج� ��االت ال��دول��ة احل��ال�ي�ين الفت للأنظار‪.‬‬ ‫وال�سابقني م��ن وزراء ون��واب واع�ي��ان وعلماء وهيئات‬ ‫وبني الدكتور النجار �أن القر�آن متقدم على املنجز‬ ‫ر�سمية و�شعبية‪.‬‬ ‫العلمي ‪ ‬ر‪ ,‬لأن��ه ك�لام رب الب�شر واليحتاج ال��ى اثبات‬ ‫وا�شتمل حفل االفطار ال��ذي بدء ب�آيات من الذكر ��ص��دق��ه‪ ،‬ف�ه��و م�ت�ق��دم ع�ل��ى ك��ل ن�ظ��ري��ة علمية يف ه��ذا‬ ‫احلكيم تالها ال��دك�ت��ور عمر الزعبي‪ ‬على حما�ضرة امل�ي��دان ‪� ‬أو ذاك‪ ،‬ه��ذا ف�ض ً‬ ‫ال ان ال �ق��ر�آن فيه م��ا يزيد‬ ‫ع�ل�م�ي��ة ل�ل�ع�لام��ة ال��دك �ت��ور زغ �ل ��ول النجار‪ ‬ب�ع�ن��وان ع��ن (‪� )1500‬آي ��ة ت��دل ��ص��راح��ة وت���ش�ير ‪� ‬إل ��ى م�س�ألة‬ ‫(االع �ج��از يف ال�صيام ) ومل يتوقف عند ه��ذا املفهوم علمية معينة‪ ،‬مم��ا يدل‪ ‬ع��ن �أن ال �ق��ر�آن لي�س كتاب‬ ‫ف �ق��ط‪ ،‬ب��ل �أ� �س �ه��ب ب��احل��دي��ث ح ��ول االع �ج��از العلمي عبادة وت�شريع فقط‪ ،‬بل كتاب �أخ�لاق وعلم‪ ‬و�سيا�سة‬ ‫يف ال �ق��ر�آن الكرمي‪ ‬وا� �ش��ارات �آي��ات��ه الكرميه يف الكون واقت�صاد‪ ,‬فهو �شامل ملفاهيم احلياة كافة‪.‬‬ ‫الوا�سع‪ ،‬االمر الذي يفتح �آفاقاً علمية وا�سعة ت�ستند‬ ‫وكان املهند�س مروان الفاعوري �ألقى كلمة جامعة‬ ‫الى دليل قر�آين ال ي�أتيه الباطل من بني يديه والمن مانعه تناول فيها ‪ ‬ال�شكر والتقدير لل�ضيف الكبري على‬ ‫خلفه‪ ، ‬وه��ذا م��ا لفت �أن �ظ��ار امل�ئ��ات م��ن العلماء على ما �أجاد به من غزير العلم واملعرفة‪.‬‬


‫ث��م ق��دم املن�شد حممد �صبح جمموعة خم�ت��ارة من‬ ‫الأن��ا��ش�ي��د ذات الأف �ك��ار وامل �ع��اين اجلليلة ال�ت��ي تتنا�سب‬ ‫ال�شهر الف�ضيل‪.‬‬

‫مثلما‪� ‬أ�شار �إل��ى دور املنتدى يف تبني كل ر�أي علمي‬ ‫متفتح‪ ,‬ور�أى فكري كذلك‪ ،‬ومبا يخدم التوجه ال�سليم‬ ‫للدين اال�سالمي الذي يواجه اليوم الكثري من الت�شوهات‬ ‫الفكرية التي نالت منه وو�صمت �أتباعه بالغلو والتطرف‬ ‫واالرهاب‪ ،‬كما ا�شار كذلك �إلى املهمة اجلليلة التي يقوم‬ ‫ويف نهاية احلفل الذي �أداره الدكتور ح�سن املبي�ضني‪,‬‬ ‫بها امل�ن�ت��دى‪ ،‬وه��ي حم��اول��ة ت�ق��دمي ال�ن�م��وذج اال�سالمي‬ ‫املتقدم يف طروحاته احل�ضارية امل�ستندة الى عمق الرتاث ق ��دم ال��دك �ت��ورحم �م��د احل� ��اج �أدع �ي ��ة خم �ت��ارة ب�ي�ن ي��دي‬ ‫ال�سليم‪ ,‬وتتبنى روح املعا�صرة ومنهجها الذي نريد‪.‬‬ ‫احل�ضور‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪71‬‬


‫اقامها منتدى الوسطيه للفكر والثقافه فرع جرش‬

‫ندوة حول اخطار المخدرات وطرق الوقايه منها‬

‫‪72‬‬

‫اق��ام منتدى الو�سطية للفكر والثقافه ف��رع جر�ش‬ ‫بالتعاون مع مديرية ثقافة جر�ش الثالثاء ‪2017/3/21‬‬ ‫يف قاعة مدر�سة جر�ش الثانويه للبنني وبح�ضور مدير‬ ‫ثقافة جر�ش ورئي�س العالقات العامة يف مديرية �شرطة‬ ‫جر�ش ندوة حول اخطار املخدرات وطرق الوقايه منها‬ ‫للمحا�ضرين النقيب نادر البدور رئي�س ق�سم مكافحة‬ ‫املخدرات يف مديرية �شرطة جر�ش وف�ضيلة ال�شيخ علي‬ ‫القادري خطيب م�سجد يف مديرية اوقاف جر�ش حيث‬ ‫حت��دث فيها النقيب ن��ادر ال �ب��دور ع��ن ان ��واع امل�خ��درات‬ ‫وا�ضرارها وطرق املعاجلة وطرق التعامل مع املتعاطي‪،‬‬ ‫والعقوبات املرتتبة عليه وعلى االجتار بها والفرق بني‬ ‫العقوبتني‪ ،‬وع��رف املخدرات بانها من كلمة خدر وهي‬ ‫ال�غ�ط��اء وان �ه��ا ت�سبب غ�ط��اء للعقل في�صبح ال�ع�ق��ل ال‬ ‫مييز بني اخلري وال�شر‪ ،‬وقال ان االدم��ان حاجه قهريه‬ ‫لال�ستمرار بالتعاطي وزيادة اجلرعة ونوعيتها وقال انه‬ ‫مينع االجت��ار بها او ا�ستريادها وت�صديرها كما و�شرح‬ ‫االع��را���ض التي تظهر على املتعاطي من خ��ارج اجل�سم‬ ‫وفقدان ال��وزن وتلف يف خاليا الدماغ وتلف يف اجلهاز‬ ‫التنف�سي وت�شمع الكبد وت� ��ؤدي ال��ى م��ر���ض ال�سرطان‬ ‫و��ش��رح ظ��واه��ر ه��ذه احل ��االت وه��ي ال�ع��زل��ة واالك�ت�ئ��اب‪،‬‬ ‫وهذا ي�ؤدي للمر�ض النف�سي‪ ،‬كما وعدد انواع املخدرات‬ ‫بت�سميتها‪ ،‬و�آثار كل منها على ال�شخ�ص املتعاطي ويح�صل‬

‫عنها تعطيل �شعور وتهيئات غري حقيقية واخ�يرا ذكر‬ ‫ان ��واع ال�ع�ق��وب��ات‪ ،‬وم��ا ه��ي وم��دده��ا ب�سنني احلب�س ثم‬ ‫حت��دث ف�ضيلة ال�شيخ عن ال��ر�أي الديني بها فحرمها‬ ‫حرمة ابدية يف جميع االدي��ان ال�سماوية وان التعاطي‬ ‫ٍ‬ ‫مناف لالخالق وه��و من ال�ع��ادات وال�سلوكيات ال�سيئة‬ ‫يف املجتمع‪ ،‬وقال ان املخدرات اخطر من االرهاب النها‬ ‫تقتل االن�سان وهو مي�شي على االر�ض وان هدف االرهاب‬ ‫ادخ��ال امل�خ��درات الف�ساد ال�شعوب وا�ضعاف ال��دول وان‬ ‫االره��اب وامل�خ��درات يف بوتقة واح��دة وخطان متوازيان‬ ‫بخطرها على ال�شعوب لهذا حرم اال�سالم كل �شيء م�ضر‬ ‫بالنف�س فهي م�ضرة و�ضارة وم�ؤثرة وحمرمة �شرعا وال‬ ‫يجوز التعاطي بها ب ��أي �شكل م��ن اال��ش�ك��ال والتعاطي‬ ‫ه��و اع�ت��داء على النف�س والعقل واجل���س��د‪ ،‬وا� �س��راف يف‬ ‫امل��ال واالدم ��ان م��ؤث��ر على ال��دي��ن فاملتعاطي ال ي�صلي‬ ‫ويفقد جميع العبادات ب�سبب فقدان التفكري والعاطفه‬ ‫وق��ال ب�إتفاق جميع العلماء ب��ان جميع ان��واع املخدرات‬ ‫وامل�سكرات حرام حرمة قطعية واال�سباب كثرية ومنها ما‬ ‫ذكر �آنفا‪..‬ويف بداية اللقاء ونهايته رحب رئي�س املنتدى‬ ‫احمد ال�صمادي باملحا�ضرين وال�ضيوف و�شكر املدر�سة‬ ‫ومديرها اال�ستاذ احمد العقيلي على ح�سن اال�ستقبال‬ ‫وال �ت �ع��اون لأن ال�ف�ئ��ة امل���س�ت�ه��دف��ة ه��ي ط�ل�اب امل��دار���س‬ ‫الثانوية‪ ،‬و�أدار اللقاء مدير املدر�سة‪.‬‬


‫ندوة‬

‫االشاعة واالمن المجتمعي‬ ‫�أم ��ا الدكتور‪ ‬حم�م��د خ�ير عي�سى ف�ق��ال ان االم��م‬ ‫عرفت اال�شاعة تاريخيا‪ ،‬و هي تعد من اخطر اال�شياء‬ ‫على االم��ة لأنها ت�ضعف ال��روح املعنوية‪ ‬ل��دى النا�س‪،‬‬ ‫وا�شار الى حادثة االفك وبني‪ ‬مفهومها ‪ ‬اللغوي ‪. ‬‬

‫عقد املنتدى العاملي للو�سطيه بتاريخ ‪2017/4/8‬‬ ‫ندوة بعنوان اال�شاعة واالمن املجتمعي ويف بداية الندوة‬ ‫رحب املهند�س مروان الفاعوري االمني العام للمنتدى‬ ‫بال�سادة احل�ضور وكان من بينهم ‪ ‬ال�سيد رحيم ابو رغيف‬ ‫املو�سوي‪ ‬وال�سيد مهدي جا�سم‪ ،‬وقد اكد الفاعوري ‪ ‬على‬ ‫وقال �إن اال�شاعة‪ ،‬هي كل عبارة تعتمد على التهويل‬ ‫دور املنتدى يف متابعة ال�ش�أن الفكري وخا�صة‪ ‬مو�ضوع‬ ‫العجلوين لتحقيق غاية �سيا�سية او اقت�صادية‪... .‬‬ ‫اال�شاعة‪ ،‬ثم ترك املجال للأ�ستاذ ابراهيم‬ ‫لرئا�سة ‪ ‬الندوة وتقدمي املحا�ضرين‪.‬‬ ‫واال�شاعة تن�شر اخلرب بطريقة �سرية‪.‬‬ ‫وكان اول املحا�ضرين الدكتور حممد طالب عبيدات‪،‬‬ ‫ومن دوافع‪ ‬اال�شاعة الكراهية‪ ،‬والتوقع‪ ،‬والت�شكيك‪.‬‬ ‫ال ��ذي ب�ين خ�ط��ر اال��ش��اع��ة ع�ل��ى امل�ج�ت�م��ع‪ ،‬وذك ��ر بانها‬ ‫�أم� ��ا امل �ح��ا� �ض��ر اب��راه �ي��م �أب� ��و ع ��رق ��وب‪ ،‬ف �ق��ال لقد‬ ‫ذات تاثري �سلبي على الفرد‪ ،‬اذ تخلق حالة من القلق‪ ‬‬ ‫فتحطم املعنويات ل��دي��ه‪ ،‬وت��رب��ك الثقه ل��دى النا�س‪ ،‬ا�ستحدثت اال�شاعة يف كل احلروب وحتدث حول ‪:‬‬ ‫وت��ؤث��ر على روحية العطاء ل��دى النا�س وت�ساعد على‬ ‫‪ ‬مراحل‪ ‬انتقال اال�شاعة‪ ،‬وقال هي مرحلة الوالدة‪.‬‬ ‫انهيار قيم االخالق‪ ، ‬فهي �آفة من �آفات املجتمع‪.‬‬ ‫‪ ‬ومرحلة انت�شار اال�شاعة‪ ,‬يف ال�صحف‪ ‬واالذاعات‪.‬‬ ‫‪ ‬وقال ان ا�سرع و�سائل اال�شاعة هي و�سائل االعالم‪،‬‬ ‫‪ ‬ومرحلة موت اال�شاعة‪ ،‬ويكون مبعرفة م�صدرها‪.‬‬ ‫وان االدوات احلديثة ‪ ‬قادرة على حتقيق الت�شويه يف‬ ‫احلقائق‪ ،‬وان زيادة الوعي االمني لدى املواطنني وزيادة‬ ‫وقال �إن اال�شاعة يطلقها‪ ،‬افراد وم�ؤ�س�سات وجهات‬ ‫الوعي لدى اال�سرة‪ ،‬واي�ضا التجاهل لال�شاعة ‪ ‬وقيام ر�سمية‪.‬‬ ‫املثقفني بدورهم يف مكافحة اال�شاعة من خالل الرتبية‬ ‫واالع�ل�ام واخل�ط�ب��اء وغ�يره��م ‪ , ‬ك��ل ذل��ك ي�ضعف اثر‬ ‫وحتدث حول �صور من اال�شاعة التي غزت املحتمعات‬ ‫اال�شاعة ويلغيها‪.‬‬ ‫العربية‪ ،‬وقال للأ�سف �إن النا�س ي�صدقون اال�شاعة‪.‬‬ ‫وقال البد من حتليل نب�ض ال�شارع ب�شفافية ونزاهة‬ ‫ويف ن�ه��اي��ة ال �ن��دوة اج ��اب امل �ح��ا� �ض��رون ع�ل��ى �أ�سئلة‬ ‫احل�ضور ومداخالتهم التي تناولت مو�ضوع الندوة‪.‬‬ ‫من اجل الق�ضاء على اال�شاعة‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪73‬‬


‫قطاع المرأة في المنتدى العالمي للوسطية‬

‫أنشطة وحضور‬

‫ت�سهم جلنة امل��ر�أة يف املنتدى العاملي للو�سطية بدور‬ ‫رديف يف العمل العام للمنتدى‪ ،‬وذلك امياناً منها ب�أهمية‬ ‫ال��دور ال��ذي تلعبه امل��ر�أة يف البيت والعمل واملجتمع‪� ،‬إذ‬ ‫ال ي�ستطيع �أح � ٌد �إغفال ه��ذا ال��دور وتنحيته عن دائ��رة‬ ‫الت�أثري العام يف حركة املجتمع �سيا�سياً واقت�صادياً ف�ض ً‬ ‫ال‬ ‫عن دوره��ا املحوري وهو ال��دور الإجتماعي الذي يرتكز‬ ‫عليه بناء املجتمع ككل‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫فاز عن امل�ستوى الأول " ع�شرة �أجزاء "‪:‬‬ ‫‪� -1‬أماين م�صطفى ح�سن قويدر _ حمافظة الزرقاء‪.‬‬ ‫‪ -2‬عبلة عبد الرحيم عبد اجلليل �سالم _ حمافظة‬ ‫العا�صمة‪ /‬عمان‪.‬‬ ‫‪ -3‬نور م�صطفى ح�سن قويدر_ حمافظة الزرقاء‪.‬‬ ‫فاز عن امل�ستوى الثاين " خم�سة �أجزاء "‪:‬‬ ‫‪�-1‬أفنان حممد �سلمان �أبو مو�سى _ حمافظة جر�ش‪.‬‬ ‫‪-2‬هيفاء ر�ضوان حممد عي�سى _ حمافظة الزرقاء‪.‬‬ ‫‪�-3‬ساجدة مو�سى عبد الكرمي ح ّبو�ش – عني البا�شا‪.‬‬ ‫فاز عن امل�ستوى الثالث " ثالثة �أجزاء "‪:‬‬ ‫‪-1‬عبدالرحمن يو�سف �سعود بني �سلمان_ حمافظة‬ ‫عجلون‪.‬‬ ‫‪�-2‬أمل حممد �أحمد �أبو عمرة _ حمافظة جر�ش‪.‬‬ ‫‪�-3‬إبراهيم �صالح ابراهيم فريحات_ حمافظة عجلون‪.‬‬ ‫عم "‪:‬‬ ‫فاز عن امل�ستوى الرابع " جزء ّ‬ ‫‪-1‬عبد الرحمن حممد زهري اجلابري_عمان‪.‬‬ ‫‪-2‬عبد الرحمن عمر ق�صاب _ عمان‪.‬‬ ‫‪-3‬كرم عثمان يو�سف بني �سلمان _عجلون‪.‬‬

‫ولقد �آمنت جلنة امل��ر�أة يف املنتدى‪� ،‬أن امل��ر�أة القادرة‬ ‫على ال�ع�ط��اء وال�ب�ن��اء ه��ي نف�سها ال �ق��ادرة على ال��دع��وة‬ ‫واال�سهام فكرياً وثقافياً يف املجتمع‪ ،‬الأمر الذي يدفعها‬ ‫نحو مزيد من التفاعل يف ال�ش�أن الفكري والثقايف‪ ،‬فهي‬ ‫جديرة بامل�شاركة يف ال�ن��دوات واملحا�ضرات وامل��ؤمت��رات‬ ‫م�ستمعة ومتحدثة وحماورة‪ ،‬ولعل �أهم دور لها يف هذا‬ ‫اجلانب هو تبنيها لعمل م�سابقة �سنوية حلفظ القر�آن‬ ‫الكرمي وجتويده‪ ،‬ويف �سبيل ذلك �أطلق املركز القر�آين‬ ‫يف منتدى الو�سطية للفكر والثقافة م�سابقته القر�آنية‬ ‫ال�سنوية للعام ال�ساد�س على التوايل وبالتعاون مع وزارة‬ ‫الرتبية والتعليم وقد تقدم للمناف�سة (‪ )1040‬مت�سابقاً‬ ‫من اجلن�سني ولكافة الأعمار ومن خمتلف حمافظات‬ ‫اململكة‪ ،‬وقد كانت لهذا العام على �أربعة م�ستويات؛ ومت‬ ‫ت�شكيل جلان حتكيم من �شخ�صيات م�ؤهلة وعلى م�ستوى‬ ‫ٍ‬ ‫عال من الكفاءة واخلربة يف هذا املجال لإختيار الفائزين‬ ‫وا�ستكما ًال لهذه امل�سابقة �أقيم حفل تكرميي للفائزين‬ ‫برئا�سة الفا�ضلة �إمي��ان ال�صفدي بتاريخ ‪،2017/4/22‬‬ ‫وبعد فح�ص جميع املت�سابقني وف��ق �ضوابط ومعايري بها فقد ّ‬ ‫نظم املنتدى العاملي للو�سطية �صباح يوم ال�سبت‬ ‫حمددة ودقيقة؛ مت عمل ت�صفية نهائية للم�ؤهلني منهم‪ .‬امل��واف��ق ‪ 2017/5/13‬احتفالية ل�ت�ك��رمي ال�ف��ائ��زي��ن يف‬ ‫امل�سابقة القر�آنية ال�سنوية ال�ساد�سة لعام ‪1438‬ه ‪2017 /‬م‪.‬‬ ‫عقدت اللجنة �إجتماعاً بتاريخ ‪ 2017/4/29‬بح�ضور‬ ‫�إذ افتتح احل�ف��ل ب ��آي��ات م��ن ال��ذك��ر احلكيم تالها‬ ‫رئي�ستها ورئي�سة القطاع الن�سائي يف املنتدى ال�سيدة‬ ‫�سو�سن املومني وذلك من �أجل �إقرار النتائج وكانت على امل�ت���س��اب��ق مثنى ال�ق��واق�ن��ة؛ ث��م �أل �ق��ى امل�ه�ن��د���س م��روان‬ ‫الفاعوري رئي�س املنتدى‪ ،‬كلمة �أ ّكد فيها حر�ص املنتدى‬ ‫النحو التايل‪:‬‬


‫على االه�ت�م��ام ب��ال�ق��ر�آن ال�ك��رمي لأن ف�لاح �أم�ت�ن��ا ال ميكن �إال‬ ‫بالرجوع للكتاب الكرمي ول�س ّنة النبي احلبيب – �صلى اهلل عليه‬ ‫و�سلم – و�أ ّكد �أن نه�ضة الأمة ال تتم �إال من خالل العودة �إلى‬ ‫الأ�صل وهو كتاب اهلل و�س ّنة ر�سوله‪ .‬و�أ�شاد بجهود الوالدين يف‬ ‫تن�شئة الأبناء على حفظ كتاب اهلل؛ �أ�ضاف �أن الأمة بعون اهلل‬ ‫�ستنه�ض و�ستواجه كافة التحديات من خالل الرتبية القر�آنية‬ ‫والنهج النبوي‪.‬‬ ‫ث��م �أل�ق��ت من�سقة احل�ف��ل الأ��س�ت��اذة �إمي ��ان ال�صفدي كلمة‬ ‫تعريفية بامل�سابقة و��ش��روط�ه��ا‪ ،‬ت�لاه��ا ��س�ع��ادة ال��دك�ت��ور غ��ازي‬ ‫الربابعة _ ع�ضو املنتدى _ مبداخلة حول دور القر�آن الكرمي‬ ‫يف �إ��ص�لاح اجليل وتوجيهه مل��ا فيه نفع الأم��ة و�أب ��دى �سروره املنتدى برعاية الأ�ستاذة بثينة قراقع معلمة املركز القر�آين يف‬ ‫باحلفظة وذويهم وحثهم على التم�سك ب�أخالق القر�آن الكرمي‪ .‬منتدى الو�سطية للفكر والثقافة‪.‬‬ ‫وتخلل احلفل مقابلة �أجرتها الدكتورة �إمي��ان غ��زاوي _‬ ‫ع�ضو جلنة امل��ر�أة يف املنتدى _ مع �إح��دى العائالت القر�آنية‬ ‫التي يحفظ معظم �أفرادها القر�آن الكرمي وهي عائلة الأ�ستاذ‬ ‫�صالح فريحات حت�دّث فيها ال��وال��دان عن �أ�سلوبهما يف تربية‬ ‫عائلتهما على مائدة القر�آن الكرمي‪.‬‬

‫ث��م ق��ام راع��ي احلفل املهند�س م��روان ال�ف��اع��وري ‪-‬رئي�س‬ ‫منتدى الو�سطية للفكر وال�ث�ق��اف��ة‪ -‬بتوزيع اجل��وائ��ز امل�ق��ررة‬ ‫على الفائزين والفائزات وكانت عريفة احلفل الدكتورة فايزة‬ ‫ال�سكر_ ع�ضو جلنة املر�أة يف منتدى الو�سطية للفكر والثقافة‪.‬‬

‫علماً ب��أن امل�سابقة القر�آنية ال�سنوية ال�ساد�سة تتكون من‬ ‫وت�ضمن احل�ف��ل �أن��ا��ش�ي��د �إ��س�لام�ي��ة قدمتها ف��رق��ة مركز‬ ‫كفرجنة القر�آين برعاية ال�شيخ عمر ال�شو ّيات وفرقة �أطفال امل�ستويات الآتية‪:‬‬ ‫امل�ستوى‬

‫الأجزاء املطلوبة‬

‫الفئات العمرية‬

‫موعد امل�سابقة‬

‫امل�ستوى الأول‪:‬‬ ‫ع�شرة �أجزاء‬

‫مفتوح ح�سب اختيار املت�سابق‬ ‫�شرط تتابع الأجزاء الع�شرة‬

‫للجن�سني‬

‫ال�سبت ‪2017/4/22‬‬

‫امل�ستوى الثاين‪:‬‬ ‫خم�سة �أجزاء‬

‫مفتوح ح�سب اختيار املت�سابق‬ ‫�شرط تتابع الأجزاء اخلم�سة‬

‫امل�ستوى الثالث ‪:‬‬ ‫ثالثة �أجزاء‬

‫الأجزاء‪) 29-28-27( :‬‬

‫امل�ستوى الرابع‪:‬‬ ‫جزء واحد‬

‫ال‬ ‫اجلزء الثالثون كام ً‬

‫‪� 20‬سنة فما فوق‬ ‫للجن�سني‬ ‫‪� 20‬سنة فما دون‬ ‫للجن�سني‬ ‫‪� 15‬سنة فما دون‬ ‫للجن�سني‬ ‫‪� 10‬سنوات فما دون‬

‫الأحد ‪2017/4/23‬‬ ‫الإثنني‬ ‫‪2017/4/24‬‬ ‫الثالثاء‬ ‫‪2017/4/25‬‬

‫الت�صفية النهائية‬ ‫للم�شاركني �ستكون يوم‬ ‫ال�سبت ‪ 2017/4/29‬و�سيتم‬ ‫الإت�صال باملت�أهلني بعد‬ ‫املرحلة الأولى مبا�شرة‬ ‫عنا�صر التقييم‬ ‫للم�سابقة‬

‫احلفظ‬

‫ترتيل و�أحكام التجويد‬

‫معاين املفردات‬

‫‪%75‬‬

‫‪%20‬‬

‫‪%5‬‬

‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪75‬‬


‫األمين العام يستقبل وفد ًا باكستاني ًا‬

‫‪76‬‬

‫ا�ستقبل امل�ه�ن��د���س م ��روان ال �ف��اع��وري االم�ي�ن ال�ع��ام‬ ‫ل �ل �م �ن �ت��دى ال �ع��امل��ي ل�ل��و��س�ط�ي��ه ي� ��وم االرب � �ع� ��اء امل��واف��ق‬ ‫‪ 2017/4/19‬وف � ��داً م ��ن ال �ق �� �ض��اة وامل ��دع�ي�ن ال�ع��ام�ين‬ ‫وامل�ح��ام�ين ال��ذي��ن ميثلون خمتلف االدارات الق�ضائيه‬ ‫يف الدولة الباك�ستانية وقدم لهم معلومات عن املنتدى‬ ‫واالهداف التي ي�سعى املنتدى الى حتقيقها على ال�صعيد‬ ‫املحلي واالقليمي والدويل‪.‬‬ ‫‪ ‬كما ب�ين ان امل�ن�ت��دى يعمل ع�ل��ى ت�صويب املفاهيم‬ ‫اخلاطئة التي حلقت باال�سالم ون�شر ثقافة االع�ت��دال‬ ‫والو�سطيه وثقافة احلوار وقبول الآخر‪.‬‬ ‫كما ا�شار الى مكانة العالقات االخوية القائمة ما بني‪ ‬‬ ‫البلدين ال�شقيقني والى التعاون القائم ما بني املنتدى‬

‫وامل�ؤ�س�سات الثقافية والفكرية واجلامعات الباك�ستانية‬ ‫يف مكافحة االره��اب والتطرف‪ ‬وال�برام��ج امل�شرتكة يف‬ ‫ت��دري��ب ال��وع��اظ واالئ�م��ة ل��دى البلدين وت�ب��ادل الوفود‬ ‫وامل�شاركة يف اللقاءات العلمية والفكرية والثقافية التي‬ ‫تعقد يف الباك�ستان واالردن‪.‬‬ ‫بدوره ا�شاد رئي�س الوفد الباك�ستاين الدكتور �شم�س‬ ‫احلق حممد امني الى مكانة العالقات االخوية‪ ‬القائمة‬ ‫بني البلدين االردن وباك�ستان والتي تت�سم باخل�صو�صية‬ ‫واع � ��رب ع��ن ام �ت �ن��ان��ه ل�ل�م�ن�ت��دى ول �ل �ج �ه��ود ال �ت��ي ي�ق��وم‬ ‫بها‪ ،‬و�شكر املنتدى على حفاوة اال�ستقبال وكرم ال�ضيافة‬ ‫وهذه الزيارة تاتي يف �سياق التعاون القائم مابني املنتدى‬ ‫واجلامعة ‪ ‬اال�سالميه العاملية يف ا�سالم اباد‪.‬‬


‫اجتماع الهيئة االدارية‬

‫لمنتدى الوسطيه للفكر والثقافة‬

‫ع�ق��دت الهيئة االداري ��ه ملنتدى الو�سطية والفكريه التي يقوم بها املنتدى كما مت اقرار‬ ‫للفكر والثقافة اجتماعها الدوري يوم االربعاء التقرير االداري واملايل لعام ‪.2016‬‬ ‫امل��واف��ق ‪ 2017/4/5‬ب��رئ��ا��س��ة رئ�ي����س امل�ن�ت��دى‬ ‫ومتت اي�ضا املوافقه على اال�ستمرار يف عقد‬ ‫املهند�س م ��روان ال�ف��اع��وري وح���ض��ور اع�ضاء‬ ‫ال �ن��دوات التوعوية الفكريه و الثقافيه‪ ,‬ويف‬ ‫الهيئة االدارية‪.‬‬ ‫كافة املحافظات يف جم��ال مكافحة التطرف‬ ‫وج��رى خ�لال االج�ت�م��اع مناق�شة م�سرية واالره ��اب بالتعاون م��ع اجلامعات ومنظمات‬ ‫امل �ن �ت��دى وال�ن���ش��اط��ات وال�ف�ع��ال�ي��ات الثقافيه املجتمع املدين‪.‬‬

‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪77‬‬


‫الجذور االجتماعية للنكبة‬ ‫ا��س�ت���ض��اف امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي ل�ل��و��س�ط�ي��ه‪/‬ق�ط��اع امل ��ر�أة‬ ‫بالتعاون م��ع جلنة ن��ادي الكتاب �سعادة ال��دك�ت��ور غ��ازي‬ ‫رب��اب�ع��ة‪ ،‬ا�ستاذ العلوم ال�سيا�سية يف اجلامعة االردن�ي��ة‬ ‫وذلك ملناق�شة كتاب‪ ( ‬اجلذور االجتماعية للنكبة) وذلك‬ ‫يوم االحد املوافق ‪.2017/4/16‬‬

‫وال�ث�ق��اف�ي��ة م�ث��ل امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية وغ�ي�ره من‬ ‫الهيئات الثقافية يف اع��ادة ت�شكيل ال��وع��ي ال�ع��ام للأمة‬ ‫ب��دءاً م��ن مرحلة الرو�ضة وحتى اجل��ام�ع��ة‪ ،‬حتى ن�صل‬ ‫الى ثقافة عامة تدعونا حميعاً للوقوف �صفاً واحداً �أمام‬ ‫الهحمة ال�شر�سة التي ت�ستهدف الأمة‪.‬‬

‫ويف نهاية املحا�ضرة �أجاب الدكتور على ا�سئلة احل�ضور‬ ‫وقد اجاب الدكتور على ت�سا�ؤالت عدة �شكلت مفا�صل وا�ستف�ساراتهم التي تناولت حمتوى الكتاب املذكور‪ ،‬وما‬ ‫هامة يف الكتاب مثل بيع االرا�ضي لليهود‪ ،‬وكيف ا�ستطاع يتعلق ك��ذل��ك بالق�ضية الفل�سطينية ما�ضياً وحا�ضراً‬ ‫اليهود ال�سيطرة على االرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬ودور القيم وم�ستقب ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫يف �ضياعها‪ ،‬تلك القيم التي �أ�صابها ما �أ�صابها من اخللل‬ ‫‪ ‬هذا وقد �شكر االمني العام للمنتدى املهند�س مروان‬ ‫وال�ضعف وال�ضياع‪ ،‬مثلما حتدث حول دور بريطانيا يف‬ ‫الفاعوري الدكتور ربابعه على تلبية الدعوة والتف�ضل‬ ‫م�ساعدة اليهود لأقامة دولتهم‪.‬‬ ‫بالقاء‪ ‬حما�ضرة قيمة حول الق�ضية الفل�سطينية عموماً‪,‬‬ ‫وقد تطرق الدكتور ربابعة الى دور املنظمات ‪ ‬الفكرية كما قدم له درع املنتدى هدية ل�سعادته‪. ‬‬

‫وفد تركي يزور المنتدى العالمي للوسطية‬ ‫‪78‬‬

‫قام وفد من طلبة املدار�س الرتكية بزيارة الى املنتدى‬ ‫ال�ع��امل��ي للو�سطيه ب�ه��دف ال�ت�ع��رف ال��ى �أن�شطته ودوره‬ ‫يف احل�ي��اة املجتمعية الأ��س�لام�ي��ة‪ ،‬وخ��ا��ص��ة يف جم��االت‬ ‫الفكرية والثقافية‪.‬‬ ‫وك��ان الدكتور زي��د املحي�سن ق��د ق��دم نبذة تعريفية‬ ‫حول‪ ‬املنتدى‪ ،‬وقال‪� :‬إن املنتدى هيئة فكرية‪ ‬ا�سالمية‬ ‫ذات ط��اب��ع ف�ك��ري وث�ق��ايف تعمل‪ ‬م��ن �أج��ل �إب ��راز الوجه‬ ‫احل�ضاري للدين اال�سالمي خالياً من كل فكر م�شو�ش‪� .‬أهمية اللغة العربية لدى طلبة العلم عموماً باعتبارها‬ ‫وعا ًء للفكر واملعرفة‪ ،‬ومدخ ً‬ ‫ال نحو املزيد من الثقافة‪،‬‬ ‫وذل� � ��ك م� ��ن خ �ل��ال ع �ق ��د ‪ ‬امل � � ��ؤمت� � ��رات و ال � �ن� ��دوات االم��ر ال��ذي ي�ستدعي زي��ادة القراءة و الكتابة واملحادثة‬ ‫واملحا�ضرات و�إ�صدار املن�شورات املختلفة التي تبني ‪ ‬دور واال�ستماع لتطوير هذه املهارات اللغوية‪.‬‬ ‫اال�سالم يف النه�ضة والرقي‪.‬‬ ‫يذكر �أن ه�ؤالء الطلبة يقومون بزيارة الى االردن من‬ ‫‪ ‬من ج��ان �ب��ه ت �ط��رق ال��دك �ت��ور ح���س��ن م�ب�ي���ض�ين �إل��ى اجل درا�سة اللغة العربية‪.‬‬


‫المنتدى العالمي للوسطية يشارك في مؤتمر إسالم آباد‬ ‫حول" دور اإلعالم في مواجهة التطرف واإلرهاب"‬ ‫��ش��ارك امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية يف �أع �م��ال امل��ؤمت��ر‬ ‫ال �ع��امل��ي الأول (‪ ‬الإع �ل��ام ودوره يف حم��ارب��ة ال�ت�ط��رف‬ ‫والإره ��اب) ال��ذي عقد يف مدينة‪� ‬إ�سالم �أب��اد‪ -‬جمهورية‬ ‫باك�ستان الإ�سالمية خالل الفرتة من ‪2017/05/16-15‬م‪، ‬‬ ‫والذي نظمته اجلامعة العاملية الإ�سالمية يف �إ�سالم �أباد‬ ‫بالتعاون مع هيئة التعليم العايل الباك�ستانية حيث قدم‬ ‫الدكتور زيد املحي�سن املن�سق العام للعالقات اخلارجية‬ ‫وال �ت �ع��اون ال� ��دويل يف امل �ن �ت��دى ورق ��ة ع�م��ل ح ��ول “‪ ‬دور‬ ‫الإعالم يف تعزيز ثقافة احلوار وقبول الآخر” وقد �شارك‬ ‫يف هذا امللتقى الفكري الثقايف عدد كبري من وفود الدول‬ ‫العربية والإ�سالمية والعاملية (الأردن‪ ،‬م�صر‪ ،‬ال�سودان‪،‬‬ ‫اجلزائر‪ ،‬املالديف‪� ،‬أندوني�سيا‪ ،‬تايالند‪ ،‬بروناي‪ ،‬اململكة‬ ‫العربية ال�سعودية و�أفغان�ستان) �إ�ضافة الى باحثني من‬ ‫جمهورية الباك�ستان الإ�سالمية‪.‬‬

‫‪ ‬وعلى هام�ش امل�ؤمتر التقى الدكتور زيد املحي�سن برئي�س‬ ‫اجلامعة الأ�ستاذ الدكتور احمد يو�سف الدريوي�ش وجرى بحث‬ ‫تطوير ال�ع�لاق��ات القائمة م��ا ب�ين اجلامعة وامل�ن�ت��دى العاملي‬ ‫للو�سطية يف امل�ج��االت الفكرية والثقافية‪ ،‬وكما عقد اجتماع‬ ‫ملكتب فرع املنتدى يف ا�سالم �آباد وبحث معهم �سبل تعزيز العمل‬ ‫واخلطة العملية للفرع لعام ‪2017‬م‪.‬‬

‫إعالن نتائج المسابقة القرآنية السنوية السادسة‬ ‫للعام ‪1438‬هـ ‪2017 -‬م‬ ‫�أط �ل��ق امل��رك��ز ال �ق��ر�آين يف م�ن�ت��دى الو�سطية للفكر‬ ‫والثقافة م�سابقته القر�آنية ال�سنوية للعام ال�ساد�س على‬ ‫التوايل وبالتعاون مع وزارة الرتبية والتعليم وقد تقدم‬ ‫للمناف�سة (‪ )1040‬مت�سابقاً من اجلن�سني ولكافة الأعمار‬ ‫ومن خمتلف حمافظات اململكة‪ ،‬وقد كانت لهذا العام على‬ ‫�أربعة م�ستويات؛ ومت ت�شكيل جلان حتكيم من �شخ�صيات‬ ‫م�ؤهلة وعلى م�ستوى ع� ٍ‬ ‫�ال من الكفاءة واخل�برة يف هذا‬ ‫املجال لإختيار الفائزين برئا�سة الفا�ضلة �إميان ال�صفدي‬ ‫بتاريخ ‪ ،2017/4/22‬وبعد فح�ص جميع املت�سابقني وفق‬ ‫�ضوابط ومعايري حمددة ودقيقة؛ مت عمل ت�صفية نهائية‬ ‫للم�ؤهلني منهم‪.‬‬

‫‪ .3‬نور م�صطفى ح�سن قويدر_ حمافظة الزرقاء‪.‬‬ ‫فاز عن امل�ستوى الثاين " خم�سة �أجزاء "‪:‬‬ ‫‪�-1‬أفنان حممد �سلمان �أبو مو�سى _ حمافظة جر�ش‪.‬‬ ‫‪-2‬هيفاء ر�ضوان حممد عي�سى _ حمافظة الزرقاء‪.‬‬ ‫‪�-3‬ساجدة مو�سى عبد الكرمي ح ّبو�ش – عني البا�شا‪.‬‬ ‫فاز عن امل�ستوى الثالث " ثالثة �أجزاء "‪:‬‬ ‫‪-1‬عبدالرحمن يو�سف �سعود بني �سلمان_ حمافظة عجلون‪.‬‬ ‫‪�-2‬أمل حممد �أحمد �أبو عمرة _ حمافظة جر�ش‪.‬‬ ‫‪�-3‬إبراهيم �صالح ابراهيم فريحات_ حمافظة عجلون‪.‬‬ ‫فاز عن امل�ستوى الرابع " جزء ع ّم "‪:‬‬ ‫‪ .1‬عبد الرحمن حممد زهري اجلابري_عمان‪.‬‬ ‫‪-2‬عبد الرحمن عمر ق�صاب _ عمان‪.‬‬ ‫‪-3‬كرم عثمان يو�سف بني �سلمان _عجلون‪.‬‬

‫عقدت اللجنة �إجتماعاً بتاريخ ‪ 2017/4/29‬بح�ضور‬ ‫رئي�ستها ورئي�سة القطاع الن�سائي يف املنتدى ال�سيدة‬ ‫�سو�سن املومني وذلك من �أجل �إقرار النتائج وكانت على‬ ‫النحو التايل‪:‬‬ ‫فاز عن امل�ستوى الأول " ع�شرة �أجزاء "‪:‬‬ ‫و�سيتم تكرمي الفائزين يف حفل خا�ص يقام من �أجل ذلك‬ ‫‪� .1‬أماين م�صطفى ح�سن قويدر ‪ _ ‬حمافظة الزرقاء‪.‬‬ ‫يوم ‪� 16‬شعبان ال�سبت املوافق ‪.2017/5/13‬‬ ‫‪ .2‬عبلة عبد الرحيم عبد اجلليل �سالم _ حمافظة‬ ‫بالإ�ضافة �إلى توزيع جوائز تر�ضية للمتميزين الذين مل‬ ‫العا�صمة‪ /‬عمان‪.‬‬ ‫يحالفهم احلظ يف الفوز يف املراتب املقررة‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪79‬‬


‫أبو زيد المقرىء االدريسي‬ ‫يزور المنتدى العالمي للوسطية‬ ‫‪80‬‬

‫زار �صباح يوم االثنني ‪ 2017/5/8‬املفكر‬ ‫اال�سالمي ع�ضو جمل�س النواب املغربي �أبو‬ ‫زيد املقرىء االدري�سي‪ ,‬مقر املنتدى العاملي‬ ‫للو�سطية والتقى بعدد من اع�ضاء املنتدى‬ ‫وا�ستمع الى �إيجاز عن الن�شاطات الفكرية‬ ‫والثقافيه التي يقوم بها املنتدى واعرب عن‬ ‫اعجابه بامل�ستوى الرفيع ال��ذي و�صل اليه‬ ‫املنتدى يف ن�شر ثقافة االعتدال والو�سطية‪،‬‬ ‫و�سجل كلمة يف ال�سجل اخلا�ص بكبار الزوار ‪.‬‬ ‫ّ‬


‫(مشاريع مكافحة الغلو والتطرف بين‬ ‫النظريه والتطبيق)‬ ‫عقد املنتدى العاملي للو�سطيه ن��دوة يف مقر املنتدى‪‪‬‬ ‫م�ساء ال�سبت املوافق ‪ 2017/5/13‬حول( م�شاريع مكافحة‬ ‫الغلو والتطرف بني النظريه والتطبيق) ‪.‬‬ ‫ويف ب��داي��ة ال�ل�ق��اء رح��ب املهند�س م ��روان ال�ف��اع��وري‬ ‫الأمني العام للمنتدى باملحا�ضرين واحل�ضور ‪ ،‬ويف هذا‬ ‫املجال وب�ين الكاتب والباحث ب�ش�ؤون الفكر واحلركات‬ ‫اال�سالمية الدكتور ا�سامة �شحادة ان االرهاب والتطرف‬ ‫ا�صبحا يف حا�ضرنا م�صدر خطر وتهديد متعاظمني‪،‬‬ ‫وهما ال يخت�صان بدين �أو بلد �أو قومية او ايدلوجية‬ ‫حم ��ددة‪ ،‬وب��رغ��م ك��ل ج�ه��ود حم��ارب��ة االره ��اب اال ان��ه يف‬ ‫احلقيقة يتعاظم ويتفاقم ويتمدد‪.‬‬

‫وق��ال ا�ستاذ العلوم ال�سيا�سية وال�ع�لاق��ات الدولية‬ ‫يف اجلامعة االردن�ي��ة الدكتور غ��ازي ربابعة ان االره��اب‬ ‫اال�سالمي قليل مقارنة مع اره��اب الديانات واملعتقدات‬ ‫االخ��رى‪ ،‬وان اغلب امل�سلمني املهاجرين كانت هجرتهم‬ ‫ب�سبب االرهاب‪.‬‬

‫و�أدار احلوار واجلل�سة الدكتور حممد خري العي�سى‬ ‫مفتي االمن العام ال�سابق الذي قال �إن ظاهرة التطرف‬ ‫يف املجتمعات اال��س�لام�ي��ة ا�صبحت م��ن اك�ث�ر الق�ضايا‬ ‫التي ت�شغل اهتمام النا�س‪ ،‬نظرا لتنامي بروزها كظاهرة‬ ‫اجتماعية وخل�ط��ورة �آث��اره��ا على ال�صعيد االجتماعي‪،‬‬ ‫وبالرغم من امل�ح��اوالت اجل��ادة التي ا�ستهدفت تطويق‬ ‫الآثار ال�سلبية لهذه الظاهرة فان التطرف على اختالف‬ ‫واو�ضح ان االرهاب ا�صبح من اكرب التحديات لوجود ا�شكاله ال�سلوكية والفكرية ما زال يجد االر�ض اخل�صبة‬ ‫بالدنا وجمتمعاتنا‪ ،‬فاالرهاب اليهودي يت�صاعد‪ ،‬يف بلدان لنموه وامتداده‪.‬‬ ‫عربية‪ ،‬هدفها العبث يف بالدنا تخريبا وتفجريا وتفتيت‬ ‫وا�ضاف ان التطرف يف االفكار وال�سلوك الناجت عن‬ ‫الوحدة بني مناطقنا ومدننا وتهجري �سكانها‪.‬‬ ‫قناعة ال يعترب خطرا على املجتمع‪ ،‬اذا اقت�صر اثره على‬ ‫وا�شار مدير وحدة مكافحة التطرف يف وزارة الثقافة �صاحبه‪ ،‬ومل ي ��ؤد ال��ى عنف يف ال�سلوك او اع�ت��داء على‬ ‫اللواء املتقاعد �شريف العمري ال��ى ان االره��اب مرحلة حريات الآخرين‪ ،‬والتطرف يف جمال الفكر او ال�سلوك‬ ‫متقدمة للتطرف‪ ،‬واالره ��اب ي�ح��ارب ع�سكريا وامنيا‪ ،‬ظاهرة نف�سية تعرب عن �شخ�صية قلقة ذات قناعات ذاتية‬ ‫اما التطرف يكافح فكريا واجتماعيا وثقافيا للحد من متطرفة‪ ،‬اال ان ه��ذه القناعات ال تعطي ل�صاحبها اي‬ ‫انت�شاره وتناميه‪ ،‬وان التطرف على االغلب يبنى على حق يف ممار�سة و�صاية على �سلوكيات غريه‪ ،‬وقد جرى‬ ‫الدين وتكون اهدافه �سيا�سية واجتماعية واقت�صادية‪ .‬نقا�شات مو�سعه حول هذه املفاهيم‪.‬‬ ‫ول�ف��ت ال��ى ان االردن ي�ع��د ا��س�ترات�ي�ج�ي��ة ملحكافحة‬ ‫ال�ت�ط��رف وه��ي الآن يف نهاياتها وق��ري�ب��ا �ستعر�ض على‬ ‫احل �ك��وم��ة‪ ،‬ت �ه��دف ال ��ى ت��وزي��ع االدوار ع�ل��ى امل��ؤ��س���س��ات‬ ‫وال � ��وزارات ومنظمات املجتمع امل��دين وغ�يره��ا ملكافحة‬ ‫التطرف‪ ،‬اما مكافحة االرهاب فهي مهمة القوات امل�سلحة‬ ‫واالجهزة االمنية‪.‬‬

‫ويف اخل�ت��ام ق��دم املهند�س م��روان ال�ف��اع��وري جلميع‬ ‫احل �� �ض��ور ال �� �ش �ك��ر وال �ت �ق��دي��ر ع �ل��ى ت�ل�ب�ي�ت�ه��م ال ��دع ��وة‬ ‫وح���ض��وره��م‪ ،‬كما ق��دم ال�شكر للمحا�ضرين و�أك ��د بان‬ ‫املنتدى �سيبقى دائ�م��ا م�ن�براً ح��راً لكافة امل�شاريع التي‬ ‫تخدم االمة العربية واال�سالمية للمحافظة على نعمة‬ ‫االمن واالمان‪.‬‬ ‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪81‬‬


82


‫ال�سنة التا�سعة‪ :‬العدد ال�سابع والع�شرون ‪ -‬رم�ضان ‪1438‬هـ ‪/‬حزيران ‪٢٠١7‬م‬

‫‪83‬‬


84


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.