افتتاحية العدد. . . ي ��أت��ي � �ص��دور ه ��ذا ال �ع��دد ال���س��اب��ع وال�ع���ش��ري��ن والأم ��ة الإ�سالمية تتفي�أ يف ظالل �شهر رم�ضان املبارك ،هذا ال�شهر ال��ذي حمل دالالت عميقة يف العقيدة الإ�سالمية باعتباره رك�ن�اً م��ن �أرك ��ان الإ� �س�ل�ام ،مثلما يحتل م�ساحة ك�ب�يرة يف ال��ذاك��رة الإ�سالمية ع�بر ت��اري��خ الأم��ة الطويل ،فهو �شهر الفتح امل�ب�ين والإن�ت���ص��ارات ال�ع��دي��دة ،وه��و مدر�سة لإع��داد اجليل الذي �سينه�ض بالأمة بعد حني ب�إذن اهلل. �إن ال��واق��ع ال��ذي نعي�ش يفر�ض علينا ا�ستحقاقات ذات �أبعاد عدة ،لعل �أهمها دعوة الأمة �إلى �إعادة احلياة يف بواعث وحدتها وقوتها و�سر دميومتها ووج��وده��ا ،ويف ذل��ك �ش�أن كبري لها يف حا�ضرها وم�ستقبلها ،مثلما ي�شكل �سبيال من �أجل اخلال�ص مما تعانيه :فقراً وظلماً وقهراً وانح�ساراً يف دوره��ا الثقايف والفكري وال��ري��ادي ال��ذي عا�شته ذات زمان، املهند�س مروان الفاعوري ومن �أهم ما ندعو �إليه العمل على جتديد اخلطاب الدعوي، لتكون م�ن��ارة فكرية ت�شكل مرجعية �أخالقية وقيمية يف اجلوانب اخللقية والقيمية ،ومبا يجعل من املنتدى متقدمة ت�سهم ب�شكل كبري يف تقدمي الإ�سالم على �أنه مرجعية ت��دع��و لف�ضائل الأخ �ل�اق و�أح���س�ن�ه��ا ،وبحيث منظومة قيمية و�أخالقية ا�ستوعبت املوروث الأخالقي ي�ؤ�س�س حلالة وطنية وقومية وان�سانية جامعة مانعة يف الإن�ساين املمتد عرب التاريخ الب�شري ،وجعلت منه �أ�سا�ساً اجلوانب الأخالقية ذات املرجعية الدينية والإن�سانية لو�ضع قيمة م�ضافة يف هذا اجلانب. النبيلة. �إن ال�ب�ع��د الأخ�ل�اق��ي ال ��ذي ن��ري��د �أن تت�سع دائ��رت��ه لتكون الدائرة الأو�سع فيه م�ستوعبة للأخالق الإن�سانية ال �ع��امل �ي��ة ،وم ��ا ي�ن�ب�ث��ق ع�ن�ه��ا م��ن � �ص��ور م �ت �ع��ددة ت�ت�ن��اول �أخ�لاق ال��دول والأف ��راد معاً� ،إذ ال معنى لوجودها عند الأ�شخا�ص ،وغيابها عند امل�ؤ�س�سات والقادة ومراكز �صنع القرار� ،إذ املخرجات ذات طابع �إن�ساين ،وي�ستلزم الأمر ات�صاف تلك املخرجات بالنافع من الأخالق التي ت�ؤ�س�س لعالقة تبادلية ،لي�س ب�ين العبد وخالقه فح�سب ،بل بينه وبني نف�سه واملحيطني من حوله ،يف �صورة تكاملية ت�ترك لعنوان امل�صالح امل�شرتكة بالربوز على ال�سطح، وقد جند لزاماً على الدول والأمم مبنظماتها الدولية ولكن وفق قاعدة العمل ال�صالح على �إطالقه والإحرتام املتبادل والتزام املبادئ الأخالقية وحتى بني الدول ،ومبا والإقليمية واملحلية �أن تعمل على �إيجاد قانون �أخالقي يحقق �إجنازاً للمواثيق والعهود ذات امل�ضامني ال�سيا�سية �إن�ساين م�ستمد من مرجعيات دينية ،بحيث ي�شكل هذا القانون جامعاً �أعظم للمبادئ والأ�س�س الأخالقية التي والع�سكرية والإقت�صادية والفكرية وغريها. يجب ال�سري عليها والهدي بها ،و�صو ًال �إل��ى جمتمعات ويف ذات ال�سياق ،فقد �آمن املنتدى العاملي للو�سطية دول�ي��ة و�إن�سانية تتكامل وال تت�صارع ،وت� ��ؤدي �أدواره ��ا بدور الأخالق يف تكوين املجتمعات الرا�شدة التي تن�شد جمتمعة يف �سبيل خري الب�شرية وا�سعادها ،وهذا �إن مت الأمن واال�ستقرار والدميومة� ،إذ عمل على عقد م�ؤمترات �سريتقي ب��ال��دول والأف ��راد واحل��رك��ات واجلماعات على وندوات وحما�ضرات ومطبوعات وملتقيات عدة تتناول ح��د ��س��واء :ف�ك��راً و�سلوكاً ،الأم��ر ال��ذي يلغي �أو يخفف يف حماورها وتو�صياتها وخمرجاتها ونتائجها ،البحث �أ�سباب ال�صراع الدائر بني بني الب�شر ولو �إلى حني.
ان اجلانب الأخالقي للأمة ال ينف�صل عن غريها من اجلوانب ال�سيا�سية والع�سكرية والفكرية واالقت�صادية، وذلك لأن الرباط الوثيق الذي يربطها معاً هو اجلانب الأخالقي ،فلو مت تفعيل الأخالق كمنظومة قيمية يف تلك اجلوانب جمتمعة لآتت �أُ ُكلها عد ًال ونظاماً وقو ًة ومنع ًة و�أدباً واحرتاماً متباد ًال بني الأمة ب�أفرادها وم�ؤ�س�ساتها، ومن يتعاملون معها وفق كل م�ستوى ،الأمر الذي يدفع ب��اجت��اه �إع ��ادة تفعيل الأخ�ل�اق يف املجتمعات الإن�سانية عموماً ،واملجتمعات الإ�سالمية والعربية خ�صو�صاً.
محتويات العدد االفتتاحية
درا�سات الو�سطية
مقاالت الو�سطية
واحة الو�سطية
ن�شاطات الو�سطية
م .مروان الفاعوري
1
الت�ضامن الإ�سالمي يف مواجهة التحديات الراهنة
الأ�ستاذ الدكتور حممد علي �إبراهيم الزغول
4
الإرهاب و�آثاره االقت�صادية على الأردن الوحي بني اليهودية والن�صرانية والإ�سالم
الدكتورة هيام الزيدانيني ال�سعودي
11
الدكتور فائق بني ار�شيد الدكتور بركات بني ملحم ح�سن حممود حمه كرمي الدكتورة �أدب مبارك ال�سعود
18
امل�ساواة بني الرجل واملر�أة �صالح الدين االيوبي. .بني من قدحه فى ال�شرق ومن دافع عنه فى الغرب من حقوق املر�أة يف النظام الإ�سالمي املعا�صر
23 27 31 36 38 40 42
الإمام �أبو حنيفة النعمان ودور العقل الورقة النقا�شية ال�سابعة� ...سابعة احل�ضور خلق الإن�صاف العدل والظلم �إ َّن َ اهلل معنا... �أثر الو�سطية يف بناء املجتمع الإ�سالمي الأقليات حقوق العمال يف الإ�سالم ظاهرة التوترات املجتمعية ودور الدولة واالعالم وم�ؤ�س�سات املجتمع الوطني ت�أمالت يف الزمن!...
املهند�س مروان الفاعوري الدكتور ح�سن علي املبي�ضني �شريوان ال�شمرياين املحامي حممود الداودية ال�شيخ عالء الدين احلايك
44
ال�شيخ حممد خري الطر�شان الأ�ستاذ الدكتور حممد حب�ش الدكتور �سليمان ح�سن الرطروط
46 48 50
ال�شيخ الدكتور عبد املجيد �أبو �سل
53
م� .سامر حيدر املجايل
57
مباهج الأفكار يف وحي الأ�سحار غياهب هو وهي...
ابراهيم العجلوين ال�شاعر علي فهيم زيد الكيالين د� .إن�صاف مومني
59 64 65
امل�ؤمتر الدويل" ..امل�سلمون والعامل :من امل�أزق �إلى املخرج" املنتدى العاملي للو�سطيه يقيم افطاره ال�سنوي ندوة حول اخطار املخدرات وطرق الوقايه منها ندوة اال�شاعة واالمن املجتمعي قطاع املر�أة يف املنتدى العاملي للو�سطية �أن�شطة وح�ضور الأمني العام ي�ستقبل وفداً باك�ستانياً اجتماع الهيئة االدارية ملنتدى الو�سطيه للفكر والثقافة اجلذور االجتماعية للنكبة وفد تركي يزور املنتدى العاملي للو�سطية املنتدى العاملي للو�سطية ي�شارك يف م�ؤمتر �إ�سالم �آباد �إعالن نتائج امل�سابقة القر�آنية ال�سنوية ال�ساد�سة للعام 1438هـ 2017 -م �أبو زيد املقرىء االدري�سي يزور املنتدى العاملي للو�سطية (م�شاريع مكافحة الغلو والتطرف بني النظريه والتطبيق)
66 68 70 71 72 74 75 76 76 77 77 78 79
الهيئة االستش�ارية للمجلة الإمام ال�صادق املهدي/ال�سودان دولة الدكتور �سعد الدين العثماين /املغرب معايل الدكتور عبد الرحيم العكور /الأردن معايل الدكتور عبد ال�سالم العبادي /الأردن الدكتور حممد طالبي/املغرب الدكتور م�صطفى عثمان �إ�سماعيل/ال�سودان الدكتور عبد الإله ميقاتي /لبنان الأ�ستاذ الدكتور �أبو جرة ال�سلطاين /اجلزائر ال�شيخ عبد الفتاح مورو /تون�س
السنة التاسعة :العدد السابع والعشرون -رمضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الأ�ستاذ منت�صر الزيات/م�صر الأ�ستاذ الدكتور حممد حب�ش�/سوريا الدكتور زيد املحي�سن/الأردن
هيـئـة التـحريـر املهند�س مروان الفاعوري النائب الدكتور علي احلجاحجة الدكتور زهاء الدين عبيدات الدكتور �سليمان الرطروط الدكتور زيد املحي�سن
المشرف العام على المجلة الدكتور ح�سن علي املبي�ضني
تصدر عن
تصميم وإخراج ب�����ل�����ال امل����ل���اح
المنتدى العالمي للوسطية
0799160136
عمان المملكة األردنية الهاشمية ّ -
المراسالت املوا�ضيع املن�شورة ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املنتدى العاملي للو�سطية وحق الرد مكفول للجميع
عمان 11941األردن هاتف - 5356329 :فاكس - 5356349:ص.بّ 1241 : E-mail: mod.inter@yahoo.com - Web Site: www.wasatyea.net
دراسات
التضامن اإلسالمي
في مواجهة التحديات الراهنة
األستاذ الدكتور محمد علي إبراهيم الزغول
6
عانت الأمة الإ�سالمية من هجمات ع�سكرية ظاملة ا�ستهدفت وجودها ودينها منذ القدم ،فمن احل��روب ال�صليبية ال�شر�سة التي ان�شغلت بها الأم ��ة على م��دى ق��رن�ين م��ن ال��زم��ان ال��ى الهجمات ال�ت�تري��ة الهمجية على ال�شام والعراق و�إ�سقاط اخلالفة وتدمري الكتب وقتل العلماء ،ثم اال�ستعمار االوروب��ي للبلدان اال�سالمية يف القرنني املا�ضيني وحماولته تذويب الهوية الإ�سالمية وا�ستنزاف خريات الأمة. وملا مل تفلح حماوالتهم يف اجتثاث الأمة وتركيعها عمدوا الى غزو العقول والأفكار لتحقيق �أهدافهم .فقد �سخر ال�شرق والغرب كل الو�سائل واخلطط ووظ��ف �إمكانياته و�أجهزته املتطورة� ،سرية وعلنية ،حكومية و�أهلية ،دينية واحلادية ،فوقع العامل اال�سالمي ب�صورة �أو ب�أخرى حتت ت�أثري هذا الغزو. ظن كثريون �أن هذا �أق�صى ما ت�ستطيعه او تطلبه القوى اال�ستعمارية، غري �أن �أع��داء الإ��س�لام يعمدون �إل��ى تطوير خمططاتهم من زم��ن الى �آخر ،فلم يكتفوا ب�إثارة ال�شبهات املعادية للإ�سالم من غري �سند او برهان، ون�شر الأفكار الغريبة عن امل�سلمني ،والتزوير يف حتليل الوقائع .فعمدوا الى الغزو الع�سكري امل�سلح ،ونرى اليوم احتالل اكرث من بلد �إ�سالمي بحجج واهية. و�أ�صبح ل��زام�اً على الأم��ة وه��ي ال�ي��وم ت�سام �أل ��وان ال�ع��ذاب والتقتيل والتذبيح على م��ر�أى وم�سمع من املجتمع ال��دويل وم�ؤ�س�ساته الر�سمية والأه�ل�ي��ة �أن ت�ع��ود لر�شدها ،وتتبني ط��ري��ق خال�صها .ف�ب�لاد امل�سلمني ي�سطو عليها الأعداء من كل حدب و�صوب ،ويحتلونها احتالال �أرعن وك�أن العامل يعي�ش يف ع�صور �شريعة الغاب ،فلم يكتفوا ب�سلب لقمة عي�شهم،
و�أر�ضهم و �أوطانهم ،بل �سلبوهم حقهم يف احلياة ب�صورة مل يعرف لها التاريخ مثي ً ال .وه��ا هم امل�سلمون يف بقاع املحور الأول :مفهوم الت�ضامن الإ�سالمي والتح ّديات الأر�ض ي�ضطهدون يف و�ضح النهار ،دون �أي جريرة منهم الراهنة. وال جرم. لقد ارتفعت الأ�صوات تخاطب ال�ضمري االن�ساين يف املحور الثاين :التحديات التي تواجه العامل الإ�سالمي. كل مكان ،لأنه ال يجوز ال�سكوت عن �أب�سط حقوق الإن�سان ،املحور الثالث :حماوالت الهيمنة على العامل الإ�سالمي. وم��ن واج��ب القادة وال�سا�سة والعلماء والكتاب والدعاة وغ�يره��م التنبه جل�سامة اخل�ط��ب العظيم ،وعظيم ما املحور الرابع� :أهمية الت�ضامن الإ�سالمي وجماالته. يلحق الأم��ة من ج��راء وقوفها مكتوفة الأي��دي �أم��ام ما امل �ح��ور اخل��ام ����س :م��واج �ه��ة حت��دي��ات االح �ت�ل�ال لبيت يجري يف العامل الإ�سالمي. املقد�س وامل�سجد الأق�صى. ويف مثل ه��ذه ال �ظ��روف القلقة غ�ير امل�ستقرة التي املحور الأول :مفهوم الت�ضامن اال�سالمي والتح ّديات تعي�شها الأم��ة من ي��وم لآخ��ر ،جند �أنف�سنا �أم��ام م�شكلة الراهنة تتطلب احلل ،يِ وف هذا الإطار جاءت هذه امل�شاركة لتلقي ال�ضوء على حقيقة ال جمال لتجاهلها �أال وهي الك�شف �أو ًال :الت�ضامن: عن حقيقة املحتل امل�ستعمر و�أه��داف��ه والتحديات التي ه�ن��ال��ك ظ��اه��رة يف ال�ل�غ��ة ال�ع��رب�ي��ة ج��دي��رة ب��ال�ت��أم��ل تواجهها الأم��ة داخلية وخارجية ،والو�سائل التي ت�سهم يف حماية وجودها و�صيانة دينها ،وطبيعي �أن ال �سبيل والدرا�سة ،وهي �أن املعاين اللغوية تكون معربة عن املعاين ال��ى الإح��اط��ة بكل ما يجب علينا عمله ،اذ يجد العامل اال��ص�ط�لاح�ي��ة يف ك�ث�ير م��ن الأح �ي ��ان ،او ان�ه��ا تت�ضمن اال�سالمي نف�سه اليوم امام تيارات متعددة امل�صادر بع�ضها املفردات املكونة للم�صطلح بحيث ت�سهل �صياغة امل�صطلح من ال�غ��رب ،وبع�ضها من ال�شرق ،وبع�ضها من اال�سالم تقنياً ،وال ريب فاملعنى اللغوي هو اجلذر والأ�سا�س الذي ال�صحيح ،وبع�ضها من اال��س�لام امل�شوه ،ولكل من هذه ي�ؤخذ منه املعنى اال�صطالحي. ّ التيارات �أتباعها ،ويظهر �أن �أ�شدهم حما�سة الجتاهه، والت�ضامن كما ج��اء يف ل�سان ال�ع��رب م��ن ال�ضمانة، واحتياال لتحقيقه� ،أبعدهم عن حقيقة الإ�سالم .و�س�أطرح وتعني الكفالة ،فنقول� :ضمن فالن ال�شيء ،و�ضمن به ب�إيجاز جانباً ال �سبيل لإغفاله ،يف �أية حماولة للت�صحيح� ،ضمنا و�ضمانا :كفل ب��ه فهو �ضامن و�ضمني .وف�سرت هذا اجلانب هو املناداة والدعوة �إلى الت�ضامن الإ�سالمي .امل�صادر اللغوية الكفالة يف �أحد معانيها ،ب�أنها ال�ضمان يف �إنها دعوة لتحقيق �أ�سمى مقا�صد اال�سالم و�أهدافه ،وهي املال والرعاية له. دع��وة ال تخرج ع��ن �صميم الغاية التي ج��اء ه��ذا الدين وق��د ا�شتق الأق��دم��ون م��ن ال�ضمان مبعنى الكفالة لتحقيقها .لقد انت�شر اال�سالم يف ثالثة �أرب��اع املعمورة، يف نحو ثالثة �أرباع قرن من الزّمن ،لأنه اعتمد يف دعوته وال��رع��اي��ة م�ع��اين لغوية وفقهية ودينية �أ��ض��اف��وه��ا الى مالم�سة ال�ف�ط��رة ،فخاطب ال�ع�ق��ول والأف �ك��ار ،واعتنى ثروتنا اللغوية ،كلفظ الت�ضمني الذي من معانيه �إيقاع بالأرواح ،وحر�ص على �إقامة الدليل على احلق ،و�أنه �أحق لفظ موقع غريه ،ومعاملته كمعاملته ،بالنظر لت�ضمنه �أن ي َتّبع ،ودح�ض الباطل بالدليل �أي�ضا حتى يثبت �أنه ملعناه وال�شتماله عليه� ...إلى غري ذلك من اال�شتقاقات الكثرية. باطل و�أنه �أحق �أن يجتنب. و�س�أب�سط املو�ضوع يف ايجاز يف املحاور الآتية:
�أم��ا امل�ح��دث��ون فقد ا�شتقوا م��ن �أ��ص��ل املعنى اللغوي لل�ضمان م�شتقات ح��دي�ث��ة مل ي�ك��ن ل�ل�ق��دم��اء ع�ه��د بها، ومنها �صيغة “ ال�ضمان االجتماعي” الذي يدور معناه حول قيام الدولة برعاية املحتاجني ومعاونتهم ،وهو يف حقيقة �أم��ره م�شتق ومقتب�س من الكفالة والرعاية ،اي �أ�سا�س معنى ال�ضمان لغوياً.
�إن التدبر فيما افرت�ضه اهلل تعالى من فرائ�ض ،يجلي بو�ضوح �أنه هدف من ورائها �إلى حتقيق الغاية الكربى، وهي بناء املجتمع الإ�سالمي املوحد� ،إن الوحدة املن�شودة يف الإ��س�لام ،والتي �شرعت فرائ�ضه من �أج��ل حتقيقها، هي التي تربط بني امل�سلمني يف م�شارق الأر�ض ومغاربها، في�شعر ك��ل ف��رد فيه ب�شعور بقية �أف ��راده ،ويحر�ص يف كما ا�شتق املحدثون �صيغة ومعنى �آخر لل�ضمان ميت جمموعه على �صيانة الكيان الإ�سالمي واحلفاظ عليه الى معناه الأ�صلي يف اللغة ب�سبب وثيق ،وهذه ال�صيغة �سليماً قوياً متما�سكاً. هي (الت�ضامن) ،ومعناه :التزام كل طرف من الأطراف ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
7
املعنية بان ي��ؤدي عن الآخ��ر ما يق�صر عن �أدائ��ه .وعليه ف ��إن معنى الت�ضامن االج�ت�م��اع��ي م�شتق خ�ير ا�شتقاق و�أن�سبه من �صيغة ال�ضمان ذاتها� ،إذ �أن مفهوم الت�ضامن الإ�سالمي هو التعاون املثمر ،والت�آزر البناء ،والتنا�صر ال��را��ش��د ب�ين ك��اف��ة امل�سلمني ،مهما اختلفت �أق�ط��اره��م وت�ب��اع��دت دي��اره��م ،يف �إط ��ار اال� �س�لام احل�ن�ي��ف ،و�ضمن تعاليمه وتوجيهاته و�إر�شاداته ال�سامية ،ل�ضمان وحفظ دينهم القومي ،و�صيانة �أوطانهم �أن ت�صدعها التيارات والقوى املعادية الوافدة من غرب �أو �شرق.
8
• • • • •
التحديات االقت�صادية. التحديات املعلوماتية. التحديات االجتماعية. التحديات البيئية. التحديات التكنولوجية.
املحور الثاين :التحديات التي تواجه العامل الإ�سالمي
لي�س من ال�سهل ح�صر التحديات التي تواجه العامل ثانيا :التحديات الراهنة: الإ�سالمي لكن ميكن ت�صور �أبعادها مبراجعة ما كتبه عدد من الباحثني يف هذا املجال ،من رابطة اجلامعات وا�صطالحا: معنى التحدي لغ ًة ً الإ�سالمية وغريها ح��ول التحديات التي تواجه الأم��ة التحدي لغ ًة مبعنى املباراة واملبارزة. الإ�سالمية خالل القرن احلادي والع�شرين� ،سواء �أكانت حتديات �سيا�سية �أم اقت�صادية �أم �إعالمية �أم اجتماعية �أم جاء يف ل�سان العرب “ :حتديت فالنًا �إذا با َر ْيتَه يف فعل قانونية. وناز َْعتَه الغلبة” ،وهي ا ُ حل َد َّيا”. ومن �أخطر التحديات الداخلية التي تواجه العامل قال عمرو بن كلثوم يف معلقته متحد ًيا النا�س جمي ًعا الإ�سالمي ظاهرة الإرهاب .وقد �شهدت الأعوام الأخرية مبجد قومه و�شرفهم: على وجه اخل�صو�ص تطور هذه الظاهرة ب�شكل خميف، ُمقا َر َع ًة َب ِنيه ْم عن َبنيِنا �إذ اجته الإرهاب �إلى الفتك والتدمري وقتل الأبرياء دون ُح َد ّيا النا�سِ ك ِّله ِِم َجمي ًعا متييز بني طفل وام��ر�أة و�شيخ و�شاب ،وتعدى ذل��ك �إلى ا�صطالحا؛ يت�صل ات�صا ًال وثيقًا التمثيل بالقتلى دون �سبب مفهوم ،ويف كثري من الأحيان �أم��ا معنى التحدي ً ب��امل�ع�ن��ى ال �ل �غ��وي ،ف�ه��و ط�ل��ب الإت �ي��ان ب��امل�ث��ل ع�ل��ى �سبيل حتت �شعار �إ�سالمي ،وب�صيحات اهلل �أكرب !! املنازعة والغلبة ،ويتحدد املثل تبعا ملا يتحدى به. ومن التحديات الداخلية الفهم اخلاطئ للإ�سالم، �إذا التحدي هو ذلك الو�ضع الذي ميثل وجوده �أو عدم الذي يرجع �إما �إلى جهل �أ�صحابه بجوهر تعاليم الدين وجوده تهديداً �أو �إ�ضعافاً� ،أو ت�شويها ،كلياً �أو جزئياً ،دائماً كما هو حال الذين يف�سرون الدين بتف�سريات خاطئة، كان �أو م�ؤقتاً ،لوجود و�ضع �آخ��ر ُي��راد له الثبات والقوة جتعل منه �إما ديناً جامداً متقوقعاً ال يقوى على م�سايرة واال�ستمرار” فمث ً ال التحدى الثقافى ميثل تهديداً �أو الزمن ،وال يراعي متغريات احلياة ،وبذلك ي�شدونه �إلى خطراً �أو �إ�ضعافاً �أو ت�شويهاً ،لو�ضع �أو منظومة ثقافية فهمهم ال�سقيم وي�ضيقون رحمة اهلل الوا�سعة� .أو خداع معينة ،في�صح �أن ُيطلق عليه لهذا ال�سبب "التحدي اجلماهري برفع �شعارات دينية لتحقيق �أغرا�ض دنيوية كما ه��و احل��ال عند م��ن ي�صورونه دي�ن�اً دم��وي�اً عدوانياً الثقايف”. متعط�شاً ل�سفك الدماء. وهناك تعريف �آخر للتحديات مفاده �أن “ التحديات �أم ��ا ال �ت �ح��دي��ات اخل��ارج �ي��ة فتتمثل يف اخل ��وف من هى تطورات �أو متغريات �أو م�شكالت �أو �صعوبات �أو عوائق الإ�سالم يف الغرب ،وهذا التوجه الغربي يعني عدم ال�سماح نابعة من البيئة املحلية �أو الإقليمية �أو الدولية “. بتطوير قدرات العامل الإ�سالمي الع�سكرية ،ال بل وحتى ولكن نوعية التحديات هي التي حتدد حجم اخلطر االقت�صادية والعلمية ،رغم ما يغدقه الغرب من �إمكانات التي تتعر�ض ل��ه ه��ذه ال��دول��ة �أو ذاك املجتمع ،فبع�ض التحديات ت�ؤثر يف كيان الدولة �أو املجتمع يف ال�صميم ،هائلة على �إ�سرائيل التي زرعها خنجرا م�سموما يف �صدر ال ولي�س ذا بعد واحد ،الأم��ة ،لتعيق �أي طموحات يف تطوير قدراتهم ،وتنمية بحيث يكون ت�أثري التحدي �شام ً وهنا الب��د �أن تكون املواجهة �شاملة� ،أي تكون املواجهة بالدهم .ويعني �أي�ضاً عدم ال�سماح للعامل الإ�سالمي ب�أي بحجم التحديات و�إال ف�إن النتيجة �سوف تكون اكت�ساحاً ن�صيب من امل�شاركة يف ر�سم �سيا�سة العامل ،ولو عن طريق �شام ً ال ،وتتخذ التحديات عدة �أ�شكال ،و�أهمها: متثيل العامل الإ�سالمي مبقعد دائم يف جمل�س الأمن. • التحديات ال�سيا�سية والأمنية. ويرتبط بق�ضية اخل��وف م��ن الإ� �س�لام ال�تروي��ج يف • التحديات الفكرية والثقافية. ال �غ��رب ل�ن�ظ��ري��ة � �ص��دام احل �� �ض��ارات ،و�أن ه��ذا ال���ص��دام
�أم ��ر ح�ت�م��ي .وبطبيعية احل ��ال ي��و��ض��ع يف احل���س�ب��ان يف ه��ذا التفكري ب��ال��درج��ة الأول ��ى ال���ص��دام ب�ين احل���ض��ارة الإ�سالمية واحل�ضارة الغربية ،وي�ستعيد البع�ض ذكريات املا�ضي القريب والبعيد لهذا ال�صدام. وال �ه��دف يف ال�ن�ه��اي��ة ه��و � �ض��رورة ه��زمي��ة احل���ض��ارة الإ��س�لام�ي��ة حتى تتمكن ح���ض��ارة واح ��دة ه��ي احل�ضارة الغربية ب�أن تكون لها اليد الطولى وال�سيطرة على العامل كله ،وتت�أكد ب�صورة قاطعة فكرة العوملة ،التي تتمثل يف الرتويج للقيم واملعايري التي تعتمدها احل�ضارة الغربية، و�أن على اجلميع يف ال�ع��امل �أن ي�ت��واءم معها و�أن يعتنق مبادئها ونظمها �إذا �أراد لنف�سه مكاناً يف م�سرية العامل املعا�صر. وه��ذا يعني �أي���ض��ا �أن ت�سود ح���ض��ارة واح ��دة بقيمها ومثلها ،و�أن يرت�سخ مفهوم العوملة �أو القطب الواحد يف الأذه��ان .وبذلك يختفي مفهوم التعددية احل�ضارية املتعارف عليه منذ فجر التاريخ .ومن ثم ي�صبح اخل�ضوع لنظام العوملة �أم��راً ال مفر منه ،وال فكاك لأي دول��ة يف ال �ع��امل م��ن �أن ت�ن���ض��وي حت��ت ل��وائ��ه ،و�إال ف� ��إن ال��زم��ن والأحداث �سوف تتجاوزها.
�إن ما ت�شهده املنطقة لي�س وليد ال�ساعة ،و�إمن��ا هي خ�ط��ط م��ر��س��وم��ة م�سبقاً ت �ه��دف �إل ��ى جت��زئ��ة املنطقة، ودعم نظم حكم الأقلية ،واال�ستخفاف مبطلب ال�شعوب وتطلعاتها ،وم ��ؤام��رات ام �ت��داداً ل�سايك�س بيكو ،ولكن بطعم �شيعي وكردي وعلوي ،خدمة للم�شروع ال�صهيوين يف تق�سيم املنطقة ودوام ال�سيطرة الإ��س�ت�ع�م��اري��ة على البالد العربية والإ�سالمية. وم��ن ال�سبل التي اتبعوها للو�صول لأهدافهم طرح م�صطلحات ج��دي��دة يف ال���س��اح��ة ال�ع��امل�ي��ة ك��الأ��ص��ول�ي��ة الإ�سالمية ،والإرهاب الإ�سالمي ،والذي و�صفه الرئي�س االمريكي الأ�سبق ريت�شرد نيك�سون ب�أن من يحملون هذه ال�صفات م�صممون على �إ�سرتجاع احل�ضارة الإ�سالمية عن طريق بعث املا�ضي ،و�إن الذين يهدفون الى تطبيق ال�شريعة الإ�سالمية وي�ن��ادون ب ��أن الإ��س�لام دي��ن ودول��ة ف�إنهم لي�سوا حمافظني ولكنهم ث��وار .وتبعه الرئي�س بو�ش بو�صفه احلرب على العراق ب�أنها حرب �صليبية ،ثم تبعه ال�سيناتور االمريكي جوزيف ليربمان بقوله� “ :إنه ال حل مع الدول العربية والإ�سالمية �إال �أن تفر�ض عليها �أمريكا القيم والنظم وال�سيا�سات التي تراها �ضرورية، فال�شعارات التي �أعلنتها �أمريكا عند ا�ستقاللها ال تنتهي عند احلدود االمريكية بل تتعداها �إلى الدول الأخرى.
وينتج عن ذلك بال�ضرورة �أن العداوة بني اال�ستعمار والإ�سالم -كما يقول العقاد -عداوة تاريخية جغرافية �إن املتتبع للمواقف الغربية يجد بان �أمريكا و�أوروبا نف�سية ،وتلك هي �أ�صعب ال�ع��داوات و�أعمقها و�أع�صاها يقومون منذ �سنوات بتغذية ٍ االره��اب ،وقتل الأبرياء يف على التوفيق والن�سيان ،وقد تتلخ�ص العداوة بينهما يف العراق و�سوريا وال�سودان و�أفغان�ستان ..وغريها ،تارة كلمات قليلة: با�سم القاعدة ،وت��ارة با�سم داع�ش .يقتلون امل�سلمني يف فاال�ستعمار الأوروب ��ي يطمع يف القارتني الآ�سيوية �أرج��اء املعمورة ،والإع�لام ي�شيع �أنهم يف معركة حماربة والأفريقية ،ويف هاتني القارتني ي�سكن امل�سلمون مبئات الإرهابيني .وه��ذا وذاك يعك�س وجهة النظر الأمريكية املاليني ...ولو كان ه�ؤالء قوة �سيا�سية فقط لهان خطبهم �أن العامل الإ�سالمي فيه فائ�ض من الب�شر ،وفائ�ض من على اال�ستعمار بجميع �أنواعه ،ولكنهم قوة روحية تندفع التدين الإ�سالمي ،يجب تقلي�صه ب�أية و�سيلة. كال�سيل �إذا اندفعت ،وت�ستقر كال�صخر �إذا �سكنت ،و�إن وما جرى يف �أفغان�ستان من دمار ،وما يجري يف �سوريا تفارقها قدرتها على الغلبة وال�سيادة حيناً ،فال تفارقها وال�ع��راق من تفنن بقتل ال�شعوب وذب��ح الأط�ف��ال وحرق قدرتها على ال�صمود والثبات. الأخ�ضر والياب�س ،و�سحق كل من عار�ضهم او وق��ف يف و� �ش��اء ال �ق��در ل�ل�إ� �س�لام �أن ي�ك��ون ح��ار���س الإن���س��ان�ي��ة وجههم �أكرب �شاهد على هذه املخططات. واحل��ري��ة يف وج��ه اال�ستعمار ،فلم يكن لال�ستعمار منذ وم��ن ال���ش��واه��د الأخ� ��رى ال�ع�م��ل ع�ل��ى ا��س�ت�ن��زاف كل ن�ش�أته طريق �إلى ال�شرق �إال من خالل بالد �إ�سالمية .الأط��راف غري امل��رغ��وب فيها من الأع��داء واحللفاء من املحور الثالث :حماوالت الهيمنة على العامل الإ�سالمي اي��ران ال��ى تركيا ،وم��ن ال�سلفية اجل�ه��ادي��ة ال�سنية الى امللي�شيات ال�شيعية ،ومن دول اخلليج الى رو�سيا. ت �ع��اين الأم � ��ة الإ� �س�لام �ي��ة يف ال��وق��ت احل��ا� �ض��ر من �إنها حجج الإره��اب امل�صنوع �أ�صال من بروتوكوالت حتديات م�صريية ت�سعى �إلى اقتحام عقل الأمة وعقيدتها وثوابتها و�سماتها الأ��س��ا���س ،بطرائق و�أ�ساليب عديدة ،وف�تن حكماء �صهيون ،م��ع ان ال�ع��امل ينظر �إل�ي�ه��ا على ال ت��زال تلحق ال��دم��ار مبقومات ال�شخ�صية الإ�سالمية �أنها حرب م�صالح �أمريكية ،رو�سية ،فرن�سية ،اجنليزية وتقودها �إل��ى اخل��روج م��ن �ساحة االحتكاك احل�ضاري ،و�إيرانية ،لكنها يف حقيقتها ت�صب يف خدمة ال�صهيونية ودولة �إ�سرائيل. حتى �أو�شكت �أن تفقد ذاتها و�أن تذوب يف فلك الآخر. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
9
ومع ما قد يبدو للمتابع للم�شهد من �أن هناك اتفاقا بني الرو�س والأمريكان على عموميات امل�شهد ،مع بع�ض االختالف يف تفا�صيله� .إال �أن ما هو م�ؤكد �أن هذه الدول الظاهرة يف امل�شهد جميعاً هي التي �صنعت الإرهاب وغذته، وقد �صنعوا داع�ش واعتربوها ح�صان ط��روادة ،الذي من خ�لال االدع��اء بقتالها يحققون �أه��داف�ه��م حت��ت �شرعية مكافحة الإرهاب ،وما هذا �إال دليل وا�ضح على َذ ِلك. املحور الرابع� :أهمية الت�ضامن الإ�سالمي وجماالته �إن الت�ضامن من �أهم الأ�س�س واملبادئ التي يقوم عليها الدين الإ�سالمي احلنيف ،وذلك انطالقا من مقا�صده و�أهدافه يف املحافظة على امل�صالح العامة واخلا�صة ،ودفع املفا�سد والأ�ضرار املادية واملعنوية .بل �إن الإ�سالم ينظر �إل��ى الت�ضامن كمطلب �إن���س��اين للمجتمعات الب�شرية، َّا�س �إِنَّا خَ لَ ْقنَا ُك ْم ِمنْ َذ َك ٍر َو�أُ ْن َثى قال تعالىَ }:يا �أَ ُّي َها الن ُ َو َج َع ْلنَا ُك ْم �شُ ُعو ًبا َو َق َبا ِئ َل ِل َت َعا َر ُفوا �إِ َّن �أَ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد اللهَِّ ري{ احلجرات .13 ،فهذه الآية �أَ ْتقَا ُك ْم �إِ َّن اللهَّ َ َع ِلي ٌم خَ ِب ٌ تعلن مبادئ ت�ضامن دويل مبوجبه تنتظم كافة املجتمعات الإن�سانية يف رباط عاملي ،هدفه النهائي واحلقيقي �إقامة م�صالح العاملني ودفع املفا�سد عنهم ،وتبادل املنافع فيما بينهم ،مادية ومعنوية ،علمية وثقافية واقت�صادية ،مع احلفاظ على خ�صو�صيات وكيان كل جمتمع ،دون تهديد لتلك اخل�صو�صيات مبا يهدمها �أو يلغيها ،و�أ�سا�س ذلك �إح�سا�س اجلميع بوحدة �أ�صلهم ومن�ش�أهم وم�صريهم.
10
وقد ت�ضافرت الأدلة يف احلث على الت�ضامن والتكافل والتعاون بني الأفراد والأمم واملجتمعات -ال يت�سع املقام لذكرها -ويكفينا منها حديث ال ُّن ْع َم ِان ْب��نِ َب ِ�ش ٍ ري َق��ا َل: َقا َل َر ُ�س ُ ِني يِف ول اللهَِّ َ�ص َّلى اللهَّ ُ َعلَ ْي ِه َو َ�س َّل َم َ ”:م َث ُل المْ ُ�ؤ ِْمن َ اح ِم ِه ْم َو َت َع ُ اط ِف ِه ْم َم َث ُل الجْ َ َ�س ِد �إِ َذا ا�شْ َتكَى ِم ْن ُه َت َوا ِّد ِه ْم َو َت َر ُ ِال�س َه ِر َوالحْ ُ َّمى”. ُع ْ�ض ٌو َت َدا َعى َل ُه َ�سا ِئ ُر الجْ َ َ�س ِد ب َّ و�سى الأ�شعري َعنْ ال َّنب ِِّي َ�ص َّلى اللهَّ ُ َعلَ ْي ِه وحديث َ�أبِي ُم َ َو َ�س َّل َم َقا َل�ِ ”:إ َّن المْ ُ��ؤ ِْم��نَ ِل ْل ُم�ؤ ِْمنِ َكا ْل ُب ْن َي ِان َي ُ�ش ُّد َب ْع ُ�ض ُه َب ْع ً�ضاَ ،و�شَ َّب َك َبينْ َ �أَ َ�صا ِب ِع ِه( ”.متفق عليه)؛ وهنا ت�صوير بالغي للت�ضامن بني �أفراد املجتمع �صوره لنا النبي �صلى اهلل عليه و�سلم. والت�ضامن املن�شود ي�شمل جميع جماالت احلياة ابتدا ًء من حرا�سة العقيدة واملبادىء والقيم� ،إلى حماية املجتمع من الفو�ضى والف�ساد واالنحالل. ف�ك��ل م��ا ي�ف�ي��د اجل�م��اع��ة م��ن ع�م��ل دن �ي��وي �أو دي�ن��ي، �سيا�سي �أو اقت�صادي ،زراع��ي �أو جت��اري ،علمي �أو �أدب��ي، هو من الت�ضامن الذي يحبه اهلل لعباده ،ويرغب لهم �أن يتعاونوا عليه من �أجل قيام ح�ضارة �إ�سالمية عريقة.
�إن امل�سلمني يف ال�شرق وال�غ��رب يتجهون يف ال�صلوات اخلم�س اليومية ،ويف فري�ضة احلج �إلى بيت اهلل احلرام، رغم اختالف الأل�سنة واجلن�سيات والألوان ،يجمعهم الدين الإ�سالمي احلنيف ،وهذا ليعلم امل�سلم �أنه لبنة يف بناء كبري واحد مر�صو�ص ،فامل�سلمون يتعلمون وحدة القبلة ،ووحدة الأمة يف الهدف والغاية ،و�أن الوحدة واالحتاد والت�ضامن ��ض��رورة يف ك��ل �شئون حياتهم الدينية وال��دن�ي��وي��ة .وه��ذا ال ��ذي ح�م��ل ال�ي�ه��ود ع�ل��ى ح�ق��ده��م وح���س��ده��م وتخوفهم من اجتماع امل�سلمني وتعاونهم ،ف�سعوا �إل��ى متزيق وحدة امل�سلمني بكل ما لديهم من �سبل وط��رق؛ وه��ذا ما �سلكه اليهود م��ع ال��ر��س��ول يف امل��دي�ن��ة ،حيث جمع اهلل ب��ه �شتات امل�ؤمنني ،ووحدهم بعد تفرقهم امتثاال لقوله تعالى} : َو ْاع َت�صِ ُموا ب َِح ْبلِ اللهَِّ َج ِمي ًعا َو اَل َت َف َّر ُقوا َوا ْذ ُك ُروا ِن ْع َمتَ اللهَِّ َعلَ ْي ُك ْم �إِ ْذ ُك ْن ُت ْم �أَ ْع َدا ًء َف�أَ َّلفَ َبينْ َ ُق ُلو ِب ُك ْم َف َ�أ ْ�ص َب ْح ُت ْم ِب ِن ْع َم ِت ِه �إِخْ َوانًا َو ُك ْن ُت ْم َعلَى �شَ فَا ُح ْف َر ٍة ِمنَ النَّا ِر َف َ�أ ْن َق َذ ُك ْم ِم ْن َها َك َذ ِل َك ُي َبينِّ ُ اللهَّ ُ َل ُك ْم �آ َيا ِت ِه َل َع َّل ُك ْم َت ْه َت ُدونَ{ �آل عمران.103 ، وقال �سبحانهَ } :و َع َد هَّ ُ الل ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا ِم ْن ُك ْم َو َع ِم ُلوا ال�صالحِ َ ِات َل َي ْ�ستَخْ ِل َف َّن ُه ْم يِف ْ أ الَ ْر��ضِ َك َما ْا�ستَخْ لَفَ ا َّل ِذينَ َّ ِ ِ ِ ِ َ َ َ َ َ َ ّ ّ ِ َ ِم��نْ ق� ْب�ل�ه� ْم َول � ُي � َم �كّ�َن�نَ ل � ُه � ْم دي� َن� ُه� ُم ال ��ذي ا ْرت�� َ��ض��ى ل� ُه� ْم َو َل ُي َب ِّد َل َّن ُه ْم ِمنْ َب ْع ِد خَ ْو ِف ِه ْم �أَ ْمنًا َي ْع ُب ُدو َن ِني ال ُي�شْ ِر ُكو َن بِي �شَ ْيئًا( ،وقال تعالىَ } :و�إِنْ ت َْ�صبرِ ُ وا َو َت َّتقُوا ال َي ُ�ض ُّر ُك ْم َك� ْي� ُد ُه� ْم �شَ ْيئًا إِ� َّن هَّ َ الل بمِ َ ��ا َي ْع َم ُلو َن محُِ �ي� ٌ�ط{ ،ففي هذه الآيات الكرميات حث امل�سلمني وت�شجيعهم على التم�سك بدينهم ،والقيام بن�صره ،وذلك هو ن�صر اهلل ،ف�إنه �سبحانه وتعالى يف غاية الغنى عن عباده ،و�إمنا املراد بن�صره هو ن�صر دينه و�شريعته و�أول�ي��ائ��ه ،واهلل نا�صر م��ن ن�صره، وخاذل من خذله ،وهو القوي العزيز. ويف ه��ذه الآي��ات �أي�ضاً الب�شارة العظيمة ب��أن اهلل عز وج��ل ين�صر م��ن ن�صره ،وي�ستخلفه يف الأر� ��ض ،وميكن له ،ويحفظه من مكايد الأعداء .فالواجب على امل�سلمني جميعاً �أينما كانوا هو االعت�صام بدين اهلل ،والتم�سك به، والت�ضامن فيما بينهم ،وال�ت�ع��اون على ال�بر والتقوى، وم�ن��ا��ص�ح��ة م��ن واله اهلل �أم��ره��م ،واحل ��ذر م��ن �أ��س�ب��اب ال�شقاق واخل�ل�اف ،وال��رج��وع يف ح��ل امل�شاكل �إل��ى كتاب ربهم و�سنة نبيهم �صلى اهلل عليه و�سلم ،والتوا�صي يف ذلك باحلق وال�صرب عليه ،مع احل��ذر من طاعة النف�س وال�شيطان ،وبذلك يفلحون وينجحون ،وي�سلمون من كيد �أعدائهم ،ويكتب اهلل لهم العز والن�صر ،والتمكني يف الأر���ض ،والعاقبة احلميدة ،وي�ؤلف بني قلوبهم ،وينزع منها الغل وال�شحناء ،وينجيهم من عذابه يوم القيامة، ويف ه��ذا امل�ع�ن��ى ي �ق��ول ال�ن�ب��ي ��ص�ل��ى اهلل ع�ل�ي��ه و��س�ل��م يف احلديث ال�صحيح�( :إن اهلل ير�ضى لكم ثالثاً� :أن تعبدوه وال ت�شركوا به �شيئاً ،و�أن تعت�صموا بحبل اهلل جميعاً وال تفرقوا ،و�أن تنا�صحوا من واله اهلل �أمركم).
ومم��ا ورد يف الت�ضامن الإ��س�لام��ي قوله ج��ل وع�لا :مبثابة الإع�لان عن ال ّ�صِ لة الوثيقة التي تربط هذه الأمة ال ْث� ِ�م بهذا املكان ،و�أ�صبح الإ�سراء ج��زءاً من العقيدة الإ�سالمية، } َو َت� َع��ا َو ُن��وا َعلَى ا ْل�ِب�رِِّ َوال� َّت� ْق� َوى َوال َت� َع��ا َو ُن��وا َعلَى ْ إِ الل �إِ َّن هَّ َ َوا ْل ُع ْد َو ِان َوا َّتقُوا هَّ َ الل �شَ ِدي ُد ا ْل ِعقَابِ { ،وهذه الآية و�أ�صبحت القد�س قبلة امل�سلمني يف مكة املكرمة.
الكرمية من �أ�صرح الآيات يف وجوب الت�ضامن الإ�سالمي، ال��ذي حقيقته ومعناه التعاون على ال�بر والتقوى كما �سلف بيان ذلك ،وفيها حتذير امل�سلمني من التعاون على الإثم والعدوان؛ ملا يف ذلك من الف�ساد الكبري ،والعواقب ال��وخ�ي�م��ة ،وال�ت�ع��ر���ض لغ�ضب اهلل ��س�ب�ح��ان��ه ،وت�سليط الأع��داء وتفريق الكلمة ،واختالف ال�صفوف ،وح�صول التنازع املف�ضي �إلى الف�شل واخلذالن .ن�س�أل اهلل العافية من ذلك.
ومن الآيات الواردة يف الت�ضامن �أي�ضاً قوله عز وجل: } َوالمْ ُ��ؤ ِْم � ُن��و َن َوالمْ ُ��ؤ ِْم � َن��اتُ َب ْع ُ�ض ُه ْم �أَ ْو ِل � َي��ا ُء َب ْع ٍ�ض َي ��أْ ُم � ُرو َن ِبالمْ َ ْع ُر ِ ال�صال َة َو ُي�ؤْتُو َن وف َو َي ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُ ْن َك ِر َو ُي ِقي ُمو َن َّ َ َ هّ ال َّز َكا َة َو ُي ِطي ُعو َن الل َو َر ُ�سو َلهُ{ ،وهذه ال�صفات العظيمة ه��ي ج�م��اع اخل�ي�ر ،وع�ن��وان ال���س�ع��ادة ،و�سبب ��ص�لاح �أم��ر الدنيا والآخرة. فهذه الآيات والأحاديث وما جاء يف معناها تدل داللة ظاهرة على وج��وب الت�ضامن بني امل�سلمني ،والرتاحم والتعاطف ،والتعاون على كل خري ،ويف ت�شبيههم بالبناء الواحد ،واجل�سد الواحد ،ما يدل على �أنهم بت�ضامنهم وتعاونهم وتراحمهم جتتمع كلمتهم ،وينتظم �صفهم، وي�سلمون م��ن �شر ع��دوه��م ،وق��د ق��ال تعالىَ } :و ْل� َت� ُك��نْ ِم ْن ُك ْم �أُ َّم ٌة َي ْد ُعو َن �إِ َلى الخْ َيرِْ َو َي�أْ ُم ُرو َن ِبالمْ َ ْع ُر ِ وف َو َي ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُ ْن َك ِر َو�أُو َل ِئ َك ُه ُم المْ ُ ْف ِل ُحونَ{ ،و�إمام اجلميع يف هذه ال��دع��وة اخل�ي�رة وق��دوت �ه��م يف ه��ذا ال�سبيل ال�ق�ي��م ،هو نبيهم و�سيدهم وقائدهم الأع�ظ��م ،نبينا حممد ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ،فهو �أول من دع��ا ه��ذه الأم��ة �إلى توحيد ربها ،واالعت�صام بحبله ،وجمع كلمتها على احلق ،والوقوف �صفاً واحداً يف وجه عدوها امل�شرتك ،ويف حتقيق م�صاحلها وق�ضاياها العادلة.
�إن ف���ض��ائ��ل ب�ي��ت امل�ق��د���س وم��زاي��اه ع�ب�رت ع�ن��ه امل���ص��ادر اال�سالمية الكثرية التي تناولت تاريخ املدينة ،ولمَ يكن هذا خافياً على �صحابة ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ،ففي �سنة ١٧للهجرة ٦٣٨ /ميالدي قدم اخلليفة الثاين عمر بن اخلطاب ودخلها يف كوكبة من ال�صحابة ورجال الفتح -ر�ضي اهلل تعالى عنهم -لي�صلوا حا�ضر املوحدين مبا�ضيهم ،وكان �أول عمل قام به الفاروق �أن �أعطى �أه��ل بيت املقد�س العهد التاريخي املعروف بالعهدة العمرية. وبقيت القد�س يف حماية الإ�سالم ورعاية امل�سلمني حتى جاءت احلمالت ال�صليبية الغا�شمة ،فتعر�ضت� ،إلى ما يزيد ع��ن ث�م��اين ح�م�لات متتابعة يف ف�ت�رات م�ت�لاح�ق��ة ،وبقيت ال�ق��د���س حت��ت ح ��راب االح �ت�ل�ال� ،إل ��ى �أن قي�ض اهلل تعالى لها من يخل�صها من دن�سه ويعيدها �إل��ى حظرية الإ�سالم، فحررها البطل امل�سلم �صالح الدين الأيوبي ر�ضي اهلل عنه يف ليلة املعراج يوم ٢٧رجب �سنة ٥٨٣هجري ،وابتهج امل�سلمون ابتهاجاً عظيماً بعودة القد�س �إل��ى رب��وع الإ�سالم واخلالفة الإ�سالمية.
رح��م اهلل ت�ع��ال��ى � �ص�لاح ال��دي��ن ،وال �ي��وم ي�ع�ي��د ال�ت��اري��خ نف�سه فقد ا�ستغل اليهود ت�سامح امل�سلمني حيناً ،وغفلتهم حيناً �أخ��ر ،ومب ��ؤازرة قوى اال�ستعمار من بريطانيا وفرن�سا و�سائر �أوروب ��ا ث��م �أمريكا وال�غ��رب عامة وال���ش��رق ،فت�سللوا �إلى فل�سطني والقد�س ،وما زال اال�ستعمار جاثماً على �صدر الأم ��ة ،يِ وف �سبيل تثبيت �أق��دام�ه��م وبقائهم وا�ستمرارهم بذلوا جهودهم يف العاملني العربي والإ�سالمي لكي ال يلتئم لهم ج��رح�اً ،وليبقى نزيف ال��دم بكل �أر���ض �إ�سالمية ،وها نحن ن�شهد اليوم �إراقة الدم الإ�سالمي يف �صقاع الأر�ض ويف املحور اخلام�س :مواجهة حتديات االحتالل لبيت فل�سطني والعراق وبالد ال�شام يِ وف اليمن وليبيا وغريها،... املقد�س وامل�سجد الأق�صى وكلها ترمي �إلى هدف واحد� ،أن تبقى الأمة �ضعيفة ،عاجزة، القد�س مدينة الإ�سالم وال�سالم ،ومركز الإ�شعاع الروحي و�أن تبقى �إ�سرائيل ومن ورائها امل�ستعمرين مهيمنني على للديانات ال�سماوية ،مدينة ت�ضرب يف �أعماق التاريخ ،بناها الرثوة والأر�ض والإن�سان. ال�ع��رب اليبو�سيون ،وتعر�ضت ع�بر م�سرية ال�ت��اري��خ لكثري �إن املتتبع ل�ل�أح��داث ب��وع��ي ي�ج��زم ب ��أن ال�ع��دو الرئي�سي من احل��روب والغزوات ،لقد اجتهت �إليها �أنظار بني الب�شر عرب �آالف ال�سنني ،وخفقت قلوبهم بحبها ،وتعلقت �أفئدتهم للأمة هو الكيان الإ�سرائيلي و�أن التهديد الأول والأك�بر بها ،وبكوا حزناً كلما امل بها خطب� ،أو �شوقاً كلما طال عنها ال��ذي تواجهه الأم��ة ه��و التهديد الإ�سرائيلي ،فقد حالت الن�أي. التهديدات الإ�سرائيلية منذ قيام دولة �إ�سرائيل �إلى يومنا لقد كانت العالقة بني الإ�سالم والقد�س عالقة مبكرة، فمنذ �أ� �س��ري ب��ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و��س�ل��م م��ن مكة اليها ،وعرج به منها �إلى ال�سماوات ال ُعلى ،كان ذلك يف مكة قبل �أن يهاجر �صلى اهلل عليه و�سلم ال��ى املدينة ،ك��ان ذلك
هذا دون ال�سماح لأي �شكل من �أ�شكال التعاون الإ�سالمي احلقيقي ،كما عملت على جتيي�ش العامل �ضد امل�سلمني، فاختلقت الأك��اذي��ب و�أل���ص�ق��ت ب�ه��م ال�ت�ه��م ال�ك�ث�يرة من الأ�صولية والإرهاب وغريها.
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
11
كل ذلك حال دون حتقيق اال�ستقرار ،وتعزيز مفاهيم الأخوة والتكافل والتعاون ،والعمل �ضمن منظومة حتقق النه�ضة لل�شعوب الإ��س�لام�ي��ة وتطلعها �إل ��ى �أن تكون �أم��ة واح ��دة م�صريها واح ��د ،ق ��ادرة على حماية نف�سها واملحافظة على �أمنها و�أر�ضها وخرياتها. وع �ي��ون الأم� ��ة ال �ي��وم ت�ت�ج��ه �إل� ��ى ال �ق��د���س وامل���س�ج��د الأق�صى ،فاملمار�سات الإ�سرائيلية واالع�ت��داءات املتكررة على القد�س و�أق�صاها وعلى املعامل والآث��ار الإ�سالمية تنذر باخلطر. فاملخططات ال�صهيونية ت�ه��دف �إل��ى تهويد املدينة املقد�سة ،ويتم ذل��ك من خ�لال جملة �إج��راءات تتلخ�ص يف القوانني املتتالية التي ت�صدرها �سلطات الإح�ت�لال مل�صادرة الأرا�ضي والعقارات الفل�سطينية ،وعدم ال�سماح للفل�سطينني بالبناء اجلديد �أو التو�سع يف البناء القائم، وهدم الأبنية وطرد �أ�صحابها بذرائع خمتلفة ،ويف مقابل ذلك تن�شط �سلطات الإحتالل يف بناء امل�ستوطنات داخل حدود املدينة وما حولها �سعياً �إلى التغيري الدميوغرايف، فكل ممار�سات �إ�سرائيل ت�شري �إلى ذلك ،ك�إقامة اجلدار ال �ع��ازل ل�ع��زل ع��دد ك�ب�ير م��ن ��س�ك��ان امل��دي�ن��ة والت�ضييق عليهم و�إجبارهم على الهجرة ،و�سحب هويات املقد�سيني بحجج واهية� ،إ�ضافة �إل��ى �سيا�سة جتهيل الأجيال التي تتبعها ال�سلطات ،والعمل امل�ستمر على �إ�شاعة الف�ساد ب���ص��وره املختلفة ،ون�شر امل�سكرات وامل �خ��درات ،وطم�س معامل الثقافة الإ�سالمية ،وا�ستبدالها مبفاهيم بعيدة عن ثقافة الأمة ومبادئها و�أخالقها ،كل ذلك خللق جيل يقبل باالحتالل وي�ستكني له.
ويتبني من هذه املعطيات �أن القد�س وامل�سجد الأق�صى و�سائر املقد�سات والآثار الإ�سالمية يف خطر حمدق ،ومل يعد هذا خافياً على ذي ب�صرية ،ف�إجراءات الإحتالل يف هذا الإجتاه كثرية و�شهرية ،منها املحاوالت املتكررة حلرق امل�سجد الأق�صى ،واحلفريات امل�ستمرة ،و�شق االنفاق �أ�سفل امل�سجد ،واال�ستيالء على حائط الرباق و�إقامة طقو�سهم و�شعائرهم الدينية اليهودية بعد �أن �أطلقوا عليه زوراً حائط املبكى ،ومنع امل�سلمني من حني لآخر من الدخول �إلى امل�سجد الأق�صى وال�صالة فيه ،واالعتداء على حرا�سه بال�ضرب ،و�إطالق النار داخل امل�سجد و�ساحاته وباحاته م ��رات وم � ��رات ،ومت �ك�ين امل���س�ت��وط�ن�ين وامل �ت �ط��رف�ين من الدخول �إليه و�إقامة �شعائرهم فيه. �إن �إ�سرائيل -كما ال يخفى -متعن يف حتدي الإرادة العربية والإ�سالمية ،حيث ال يخفى �أن العامل الإ�سالمي ال�ي��وم يف �أخ�ط��ر مرحلة م��ن م��راح��ل �ضعفه يف مواجهة ال �ت �ح��دي ال���ص�ه�ي��وين ،يف ح�ين �أن ال �ي �ه��ود ي �� �س�يرون يف �أع �م��ال �ه��م ه ��ذه ��ض�م��ن ��س�ي��ا��س��ات وخم �ط �ط��ات ر��س�م��وه��ا لال�ستيالء على الأق�صى وتهويد املدينة املقد�سة. و�أم� ��ام ه ��ذه ال�ت�ح��دي��ات ال�ك�ب�يرة ف� ��إن ال��واج��ب على امل���س�ل�م�ين �أن ي� �ب ��ادروا للحيلولة ب�ين ال �ي �ه��ود وحتقيق �أطماعهم ،وهذه امل�س�ؤولية ال تقع على عاتق الفل�سطنيني وح��ده��م ،ب��ل على ال�ع��امل الإ��س�لام��ي ك�ل��ه ،على م�ستوى الأفراد واجلماعات وامل�ؤ�س�سات والدول ،وذلك من خالل دع��م �صمود ال�شعب الفل�سطيني بكل الو�سائل وال�سبل امل�م�ك�ن��ة ،وت��وف�ير ال��دع��م امل ��ادي وامل �ع �ن��وي لتمكينه من ال�صمود يف �أر� �ض��ه ،وم�ق��اوم��ة الإح �ت�لال وال �ع��دوان على املقد�سات واحلقوق الفل�سطينية.
امل�صادر واملراجع 12
� 1أح �م��د ف�ت�ح��ي ال � ��راوي ،امل�ن�ظ�م��ات الإ� �س�لام �ي��ة وال �ت �ح��دي��ات التي 9الإ�سالم واال�ستعمار ،املجلد الثامن من جمموعة العقاد. تواجهها يف ع�صر العوملة ،قدم يف اجلمعية العمومية لهيئة التن�سيق 10حممد البهي ،الفكر الإ�سالمي و�صلته باال�ستعمار الغربي ،مكتبة للمنظمات الإ�سالمية املنعقد يف مكة املكرمة.2006 ، وهبة.1963 ، 2عدنان بن خليل با�شا ،م�ؤمتر مكة املكرمة الرابع املنعقد يف مكة 11عبداملق�صود عبدالغني ،درا� �س��ات يف الفكر الإ��س�لام��ي احل��دي��ث، املكرمة بعنوان :الأمة اال�سالمية يف مواجهة التحديات.2004 ، مكتبة الزهراء-م�صر. � 3أنور ماجد ع�شقي ،جهود علماء امل�سلمني يف تنبيه الأمة للأخطار 12حممود حمدي زقزوق ،هموم الأمة الإ�سالمية ،دار الر�شاد للن�شر التي تواجهها و�ضرورة وحدتها.2006 ، والتوزيع.1998 ، 4حممود حمدي زق��زوق ،الإ�سالم يف ع�صر العوملة ،مكتبة ال�شروق، 13نا�صر على �أحمد ب�شيه" :التحديات املعا�صرة التي جتابه املجتمع .2001 الإ�سالمي؛ كما يراها مفكرو الإ��س�لام ،ودور الرتبية الإ�سالمية يف مواجهتها" ،ر�سالة دكتوراه غري من�شورة ،كلية الرتبية ،جامعة 5ال���ش�ي��خ ع�ب��دال�ع��زي��ز اب ��ن ب ��از ،ال�ت���ض��ام��ن الإ� �س�ل�ام��يhttp:// ، طنطا1987 ،م. 374/www.binbaz.org.sa/article 6جمموعة باحثني“ .العرب وحتديات امل�ستقبل� :أبحاث� 14 .2003 ،”.أخرت زيتي بنت عبد العزيز وحممد الطاهر املي�ساوي“ .ندوة عاملية عن الفقه الإ�سالمي وحتديات القرن احلادي والع�شرون ،مقا�صد 7نعيم �أ�سعد ال�صفدي و�أحمد �إدري�س عودة“ .احل َُّجة و�أثرها يف قوة ال�شريعة و�سبل حتقيقها يف املجتمعات امل�ع��ا��ص��رة 16-14 ،رجب اخلطاب الإ�سالمي.2014 ،”. � 10-8/1427أغ�سط�س ”.2006 8حوا�ش ،حممد بلعربي“ .قيم الت�ضامن بني ال�شعوب الإ�سالمية 15 :عمار الطالبي ،مقا�صد ال�شريعة يف املجتمع الإ�سالمي ،ثقافتنا - اخل�ط��اب ال�ن�ظ��ري و ال��واق��ع ال�ت��اري�خ��ي :م�ق��ارب��ة ت��اري�خ�ي��ة :حالة العدد .2006 ،9 املغرب.2011 ،
دراسات
اإلرهاب
دراسات
وآثاره االقتصادية على األردن عالقة الإرهاب باالقت�صاد �إن الأم��ن واال�ستقرار من �أه��م مقومات التنمية االقت�صادية، وال��رخ��اء االقت�صادي ي��دور مع الأم��ن وج��وداً وع��دم�اً ،فمتى وجد الأمن وجد الرخاء االقت�صادي ،ومتى انعدم وحل حمله الإرهاب انعدم الرخاء االقت�صادي ،فالإرهاب عدو لالقت�صاد والتنمية وهو متغري مثبط لالقت�صاد ،وهناك تالزم مت�صل بني الأمن والرغد واخلوف واجلوع فال يتحقق للإن�سان وللمجتمع طيب احلياة يف غياب �أي منهما ،والإره��اب بكافة �صوره و�أ�ساليبه هو اعتداء على احلاجات الأ�صلية للإن�سان ،وعلى مرتكزات التنمية االقت�صادية،1 وبناء على درا�سات �أجراها البنك املركزي الأردين منذ عام � 2011إلى عام 2016لوحظ فيها تذبذب و�ضع الأردن اقت�صادياً ب�سبب اقرتاب ت�صنيف الأردن من ال��دول الأك�ثر خطورة حول العامل ،ففي عام 2011احتل الأردن املرتبة 86عاملياً بني ال��دول الأك�ثر خطورة يف الدكتورة هيام الزيدانيين السعودي العامل وهي مرتبة جيدة نوعاً ما لبعدها عن املركز الأول� ،أما يف عام رئيس قسم المصارف -الجامعة األردنية 2013فقد اقرتبت الأردن من الدول الأكرث خطورة لتحتل املرتبة � ،70أما يف عام 2014وهي من �أف�ضل الأعوام احتل الأردن املرتبة 85 عاملياً مما انعك�س �إيجاباً على اقت�صاد الأردن� ،أما يف عام 2016وهو الأ�سو�أ يف تاريخ الأردن فقد احتلت املرتبة 58عامليا ،فكلما اقرتب الرقم من 1كان ذلك م�ؤ�شراً خطريا على خرق النظام الأمني يف الأردن مما انعك�س �سلباً على الو�ضع االقت�صادي يف الأردن ،وقد احتلت العراق املرتبة الأولى بعدد العمليات الإرهابية على م�ستوى العامل� ،أما املركز الثاين فقد ذهب �إلى �أفغان�ستان التي تعاين من خروقات �أمنية عديدة �أدت �إلى زيادة ن�شاط الإرهاب فيها. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
13
�أ�سباب الإرهاب االقت�صادية
14
ب -البطالة :ا�ستكماال ل ما تقدم �أعاله ،مع مالحظة �أن ف�صل هذه العوامل عن بع�ضها البع�ض هو لأغرا�ض الدرا�سة الأكادميية يف حني �أنها يف الواقع مرتابطة ومتداخلة ،فالبطالة وانت�شارها ب�صورة وا�سعة لدى ف�ئ��ة ال���ش�ب��اب خ��ا��ص��ة � �س��واء ك��ان��ت ب�ط��ال��ة حقيقية �أم بطالة مقنعة ،ف�إنها تولد �شعورا بالعجز والي�أ�س من ناحية ،و�شعورهم ب��الإح�ب��اط م��ن ناحية �أخ��رى �إل��ى ج��ان��ب �شعور ه� ��ؤالء ال�شباب امل��رت�ب��ط ب��واق��ع احلياة املرير ب�أنهم لي�س لديهم ما يغريوه �أو يحافظون عليه باال�ستمرار باحلياة ،ه��ذا الواقع مرتابط مع جهات �أو جماعات م�ستعدة لتقدمي �أموال كبرية لقاء �أعمال �صغرية ي�ست�شعر معها ال�شباب �أنهم يقومون بعمل ما و�إن ك��ان ذا طابع عنيف �أو دم��وي ولكنه بالن�سبة �إليهم عمل هادف ي�ستحق اجلهد املبذول فيه ،فال�شاب الذي ال يجد له فر�صة عمل يكون هدفا �سهال ملختلف االجت��اه��ات امل�ت�ط��رف��ة دي�ن�ي��ا �أو �سيا�سيا �أو ع�صابات الن�صب واالحتيال وال�سطو امل�سلح.
يعد االقت�صاد بتقلباته وما يلحقها من تغريات م�ؤثرة يف املجتمعات الفقرية م��ن الأ��س�ب��اب اخل�ط�يرة املحركة مل��وج��ات الإره ��اب يف ال�ع��امل ،وتب�شر العوملة ال�ت��ي جتتاح العامل يف الأعوام املقبلة مبزيد من الأزمات االقت�صادية ل �ل��دول وامل�ج�ت�م�ع��ات امل�ط�ح��ون��ة ،مم��ا ي��زي��د ال�ف�ج��وة بني ال��دول الغنية ،وال��دول الفقرية ،ويتوقع بع�ض املفكرين واملحللني االجتماعيني زي��ادة املكانة والأهمية والنفوذ لرجال املال والتجارة ،وباملقابل انح�سار نفوذ ودور �أهل ال�سيا�سة ،و�سيكون الإره��اب رد الفعل املقابل للمتغريات االق�ت���ص��ادي��ة اخل �ط�يرة ،ت�ع�ب�يرا ع��ن �سخط املجتمعات وال �ف �ئ��ات امل �ط �ح��ون��ة ،وي �ت��وق��ع �أن ي���س�ت�غ��ل الإره��اب �ي��ون ال�ت�ق��دم ال�ع�ل�م��ي وال�ت�ق�ن��ي يف ال �ق��رن ال �ق��ادم ،يف حتويل الأم��وال والأفكار والتعليمات بني مواقعهم ،من �أق�صى الأر���ض �إل��ى �أدناها ،بوا�سطة الأنظمة امل�صرفية العاملية و�شبكات الإنرتنت ..2وي�أتي هذا يف خ�ضم انت�شار امل�صالح ال�شخ�صية وفر�ض �سيطرة التجارة وامل��ال وغياب القيم والأخالق التي حتكم املجتمعات ،ويعد املال من العوامل ج� -سوء توزيع الرثوة وامل��وارد الالزمة للتنمية وتوفري الرئي�سة يف خلق اال�ستقرار النف�سي لدى الإن�سان فكلما احلاجات الأ�سا�سية للنا�س :وعلى نحو غري متوازن كان دخل الفرد م�ضطرباً كان ر�ضاه وا�ستقراره غري ثابت بعبارة �أخرى وجود خلل يف العدالة االجتماعية تفرز بل قد يتحول هذا اال�ضطراب وعدم الر�ضا �إلى كراهية ق ��درا م�ت�ع��اظ�م��ا م��ن ال�ظ�ل��م وال�ت���ض�ج��ر االج�ت�م��اع��ي تقوده �إلى نقمة على املجتمع .وهذا احلال من الإحباط اجلماعي واحلرمان الن�سبي لدى قطاعات متزايدة يولد �شعوراً �سلبياً جتاه املجتمع ،ومن �آثاره عدم انتمائه من ال�سكان ،وهنا احلرمان الن�سبي لي�س بال�ضرورة لوطنه ونبذ ال�شعور بامل�س�ؤولية الوطنية ولهذا يتكون ن��اجت��ا م��ن ال�ف�ق��ر واالف �ت �ق��ار ع�ل��ى امل���س�ت��وى ال �ف��ردي، لديه �شعوراً باالنتقام وق��د ي�ستثمر ه��ذا ال�شعور بع�ض وذلك �أن الأفراد القائمني بالإرهاب قد يكونون �أغنياء املغر�ضني واملثبطني فيزينون له قدرتهم على حت�سني بذاتهم ولكنهم انطالقا م��ن الإح�سا�س بالتهمي�ش و�ضعه االقت�صادي دون النظر �إلى عواقب ذلك وما يرتتب والدونية من قبل الدولة مما يخلق حالة من الغ�ضب عليها من مفا�سد و�أ�ضرار ،3وميكن ح�صر بع�ض الأ�سباب والنقمة لدى فئة معينة جتاه فئات �أخ��رى ورد فعل والعوامل االقت�صادية النا�شئة عن تنامي ظاهرة الإرهاب متطرف م�صحوب بعمل �إرهابي. على �صعيدين داخلي وخارجي على النحو التايل: د -عمليات الف�ساد الإداري احلكومي :التي ت�سهم بها -1عوامل داخلية :تكمن يف بع�ض امل�شاكل الرئي�سية التي معظم البلدان والأزم��ات االقت�صادية امل�ستمرة ابتداء من الت�ضخم والك�ساد االقت�صادي �إلى حاالت الك�سب يفرزها املجتمع ومنها: غ�ي�ر امل �� �ش��روع يف ال �� �ص �ف �ق��ات ال �ت��ي ت �ت��م ب���ش�ك��ل غري �أ -ال�ت�خ�ل��ف :وال �ن��اجت ب���ص��ورة رئي�سية ع��ن ال�سيا�سات قانوين مع رجال الدولة �أو الدخول يف �صفقات غري االق�ت���ص��ادي��ة غ�ير امل�ت�لائ�م��ة م��ع ال��واق��ع االجتماعي قانونية لتمرير الع�شرات من �أنواع الب�ضائع الفا�سدة للدولة ،بحيث تتكون فجوة تت�سع تدريجا بني الفقراء ب �ج �ه��ود �أ� �ش �خ��ا���ص ذوي ن �ف��وذ يف ال ��دول ��ة ،وظ��اه��رة والأغنياء وب�ين املتعلمني وغ�ير املتعلمني وب�ين ذوي الر�شوة وع��دم متابعة �أك�ل��ة امل��ال ال�ع��ام م��ن املوظفني امل�صالح االقت�صادية الوا�سعة وب�ين فئات اقت�صادية مهما كانت مرتباتهم الثقافية ووزن�ه��م االجتماعي مهم�شة ،باخت�صار بني من ميلك ويحاول زيادة هذه و القبلي،وغياب برنامج (م��ن �أي��ن لك ه��ذا ؟)،حيث امللكية ب�أي �صورة كانت ،حتى وان �أدى ذلك �إلى �إفقار غالبا ما ي�ستغني العامل �أو ال�شاب �أو حتى الفتاة يف وتهمي�ش �شرائح وا�سعة من املجتمع وبني من ال ميلك غم�ضة �أعني دون ان ي�س�أل �أو ت�س�أل من �أين لك هذا وم��ن هو م�ستعد للت�ضحية بحياته يف �سبيل حتقيق ؟)،مثل هذه املمار�سات تولد لدى ال�شباب �أو النا�س مكانة �أو التخل�ص من واقع احلياة خا�صة بني فئات املحرومني �سلوكا عدوانيا عنيفا من الكبت �سرعان ال�شباب.
ما ينفجر بعمل عدواين منظم ي�ستهدف الأ�شخا�ص ب -اال��س�ت�غ�لال الأج�ن�ب��ي ل�ل�م��وارد الطبيعية الوطنية وامل��ؤ��س���س��ات �أو ال��دول��ة ذات�ه��ا مم��ا ي� ��ؤدي �إل��ى تدهور والذي ميكن �أن ينتج بفعل ظاهرة التبعية. الأب �ن �ي��ة االق�ت���ص��ادي��ة -االج�ت�م��اع�ي��ة ل �ل��دول��ة ،وهنا يتخذ الإره� ��اب ��ص��ورا ع��دي��دة منها (ح ��االت ال�سلب ج -ت��دم�ير م��ا ل��دى بع�ض ال�ب�ل��دان م��ن �سكان و�أح�ي��اء والنهب وعمليات االختطاف املنظمة امل�صحوبة بدفع وو�سائط نقل وهياكل اقت�صادية. فدية مالية معينة ت�ستخدم لتمويل عمليات �إرهابية د -ال �ظ �ل ��م واال�� �س� �ت� �غ�ل�ال ال �� �س �ي��ا� �س��ي واالق� �ت� ��� �ص ��ادي على ال�صعيد ال�سيا�سي من تنظيم حمالت م�سلحة واالجتماعي. وغريها). هـ -الفقر واجلوع وال�شقاء وخيبة الأمل �أو الإحباط هـ -ارتفاع م�ستوى ال�ضريبة مبا ال يتنا�سب مع دخل ال�ف��رد ،وقلة الفر�ص املتاحة �إ��ض��اف��ة �إل��ى �ضعف ال��وازع و -تدهور البيئة االقت�صادية الدولية وهيمنة ال��دول الديني الذي قد يجرب �ضعاف النفو�س �إلى البحث عن الكربى على االقت�صاد العاملي. البدائل املادية و�إن كانت خمالفة لل�شريعة الإ�سالمية ه��ذه العوامل جمتمعة ت�شكل حم��ور �أ�سباب انت�شار وع�ل��ى �أ� �س��ا���س م��ا ت �ق��دم ،مي�ك��ن ��ص�ي��اغ��ة م�ع��ادل��ة تف�سر ب � � ��أن :اجل �ه ��ل +ال �ف �ق��ر واالف� �ت� �ق ��ار +ال �ق �م��ع وال �ك �ب��ت ظ��اه��رة الإره� ��اب ع��امل�ي��ا وم��ن الطبيعي ب�ح��ث وتفح�ص والإق� ��� �ص ��اء وال�ت�ه�م�ي����ش +غ �ي��اب ال �ع��دال��ة = الإره� � ��اب .ع��وام��ل �أخ��رى تقف وراء ه��ذه ال�ظ��اه��رة� .أب��رزه��ا ح��االت وه��ذه املعادلة ال تنفي �أو تلغي دور العوامل اخلارجية ال�ت�ن��اف����س وال �� �ص��راع ال ��ذي ت���ش�ه��ده ال���س��اح��ة ال�سيا�سية امل�سببة لظاهرة الإرهاب بل ميكن �أن ت�ساعد على تغذيتها الدولية ،فقد �أكدت الأحداث �أن التطور الالمتكافئ بني وبال�شكل ال��ذي ي�ق��وده��ا �إل��ى ح��رب �أو ��ص��راع اجتماعي الدول املتقدمة والدول التي ت�سعى �إلى النمو وما متثله ظاهرة التبعية املت�سمة ب�سيطرة الدول املتقدمة وانت�شار م�ستمر. الأمن ��اط والأ��س��ال�ي��ب امل�ت�ع��ددة للجرمية املنظمة والتي -2ال �ع��وام��ل اخل��ارج �ي��ة :ت��رت �ب��ط ال�ب�ي�ئ��ة اخل��ارج �ي��ة تعترب نتيجة مترد على الواقع املعا�ش بات�ساع تلك الهوة و�صلتها بظاهرة (الإره��اب) �أ�سا�سا ببعدي ال�سيا�سات بني عامل ال�شمال املتطور واجلنوب ال�ساعي �إلى التطور، وال� �ق ��وى اخل ��ارج �ي ��ة ال �ت��ي مت ��ار� ��س ب���ش�ك��ل م�ب��ا��ش��ر �أدت �إل��ى ب��روز �أ�ساليب متعددة الرت�ك��اب �أع�م��ال �إرهابية �أو غ�ي�ر م�ب��ا��ش��ر ��ض�غ��وط��ا ع �ل��ى دول� ��ة م��ا لإرغ��ام �ه��ا تعرب عن حالة الرف�ض للتبعية ولال�ستعمار واال�ستغالل لإت� �ب ��اع ن �ه��ج �أو � �س �ي��ا� �س��ة م� ��ا ،مم ��ا ي��ول��د ح��ال��ة من على امل�ستوى الدويل. ال�ع��دائ�ي��ة وال �� �ص��راع ل��دى ط�ب�ق��ات وا��س�ع��ة مي�ك��ن �أن ي�ضاف �إلى تلك العوامل اخلارجية املتمثلة ب�سيا�سات ت�ستغل يف ت�أجيج ال�صراعات الداخلية واخلارجية. �إن بحث ودرا�سة العوامل اخلارجية امل�سببة لظاهرة ال��دول املتقدمة ،ال�سيا�سات املتبعة م��ن قبل امل�ؤ�س�سات الإره��اب ال تقل �أهمية عن العوامل الداخلية كونها املالية الدولية وبالذات �صندوق النقد والبنك الدوليني ت�ؤ�شر خمرجات فعل الإره��اب وحم�صلتها (واح��دة) عرب براجمهما املتمثلة بالإ�صالح االقت�صادي والتكييف ه��ي �إ��ش��اع��ة روح اخل��وف والتهديد يف جماعة معينة الهيكلي امل�شروطة ب�إتباع �سيا�سات معينة من قبل البلدان بق�صد حتقيق �أه ��داف معينة ق��د ت�ك��ون �سيا�سية �أو املطبقة لتلك الربامج� ،إذ �إن تطبيق هذه البلدان لتلك الربامج قد �أدى �إلى �سوء توزيع الدخل وتدهور القدرة اقت�صادية �أو اجتماعية..الخ. ال�شرائية وات�ساع رقعة الفقر والتهمي�ش هذا ف�ضال عن وبالنظر لتعدد املداخل التي ميكن من خاللها معرفة جتلي ان�ت�ه��اك��ات احل�ق��وق االق�ت���ص��ادي��ة واالج�ت�م��اع�ي��ة يف وت�شخي�ص ظاهرة الإره ��اب اقت�صاديا على امل�ستوى النمو الكبري ال��ذي ح��دث يف �أرق ��ام البطالة �إل��ى جانب اخل��ارج��ي مي�ك��ن الإ�� �ش ��ارة �إل ��ى �أن اجل�م�ع�ي��ة ال�ع��ام��ة ت�خ�ل��ي ال ��دول ��ة ع��ن االل� �ت ��زام ب�ت�ع�ي�ين خ��ري�ج��ي امل�ع��اه��د للأمم املتحدةعام 1972ك��ان��ت ق ��د ��ش�ك�ل��ت جلنة واجلامعات التي تولد معها ارتفاع يف معدالت اجلرمية متخ�ص�صة لدرا�سة الدوافع والأ�سباب التي تقف وراء والإرهاب يف تلك الدول ،ذلك انه كلما زادت فرتة بطالة �شيوع ظاهرة الإرهاب اقت�صاديا ،واجتماعيا و�سيا�سيا ،ال �ف��رد زادت اح �ت �م��االت اجن��راف��ه ب�سبب ت ��ردي �أح��وال��ه وكان ت�شخي�صها للأ�سباب االقت�صادية واالجتماعية النف�سية واالجتماعية واالقت�صادية. كما يلي: من جهة �أخرى هناك �إرهاب اقت�صادي وهو (الإرهاب�أ -ا�ستمرار وجود نظام اقت�صادي دويل جائر ميكن �أن املعلوماتي) املتمثل با�ستخدام املوارد املعلوماتية واملتمثلة يقود �إلى خلق حالة من الغ�ضب والعداء امل�ستمر بني يف �شبكات املعلومات و�أج�ه��زة الكمبيوتر واالن�ترن��ت من �أج��ل �أغ��را���ض التخويف �أو الإرغ ��ام لأغ��را���ض �سيا�سية خمتلف �شعوب العامل. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
15
الآتي:
ويرتبط هذا الإرهاب املعلوماتية �إلى حد كبري بامل�ستوى املتقدم للغاية الذي باتت تكنولوجيا املعلومات تلعبه يف كافة جماالت احلياة يف العامل ،وميكن �أن ت�سبب الإرهاب �أ� -إ�ضعاف �سلطة احلكومة� ،أو �إظهارها بالعجز؛ نظ ًرا املعلوماتي يف �إحل��اق ال�شلل ب�أنظمة القيادة وال�سيطرة ل �ع��دم جن��اح احل�ك��وم��ة يف ال�ك���ش��ف ع��ن العملية قبل واالت���ص��االت �أو قطع �شبكات االت���ص��االت ب�ين ال��وح��دات تنفيذها ،وع��دم القدرة على جمابهة املوقف الناجم وال�ق�ي��ادات امل��رك��زي��ة وتعطيل �أن�ظ�م��ة ال��دف��اع اجل��وي �أو عن العملية الإرهابية. اخرتاق النظام امل�صريف �أو �إرب��اك حركة الطريان املدين ب -احل�صول على اع�ت�راف ر�سمي م��ن ال��دول��ة بوجود �أو �شل حمطات الطاقة الكربى. املنظمة� ،أو احل���ص��ول على اع�ت�راف دويل بوجودها كما �ساعد ال�ت�ط��ور العلمي والتكنولوجي يف و�ضع نتيجة؛ لإع�ل�ان ب�ي��ان��ات ت�ف��ر���ض املنظمة الإره��اب�ي��ة و�سائل ع�صرية �أكرث فاعلية يف حتقيق الأهداف املتوخاة �إعالنها ،و�إذاعتها. ب�ين �أي ��دي مرتكبي الأف �ع��ال الإره��اب �ي��ة مثل امل�سد�سات ج� -إج �ب��ار ال��دول��ة ع�ل��ى الإت �ي��ان ب ��أع �م��ال م��وج�ه��ة �ضد وال �ب �ن��ادق ال���ص�غ�يرة ذات امل��دوي��ات ال�ب�ع�ي��دة .ك�م��ا ميكن املواطنني ،مبا ي ��ؤدي �إل��ى فقدان الثقة يف احلكومة، للإرهاب ب�صورته االقت�صادية �أن يتجلى ب�صور و�أ�شكال نظ ًرا لعدم قدرتها على حتقيق الأم��ان للمواطنني، خم�ت�ل�ف��ة وم �ت �ع��ددة مت�ث�ل�ه��ا جم �م��وع��ات م�ن�ظ�م��ة ت��دي��ر ومواجهة املنظمة الإرهابية ،والق�ضاء عليها. خمتلف العمليات الإره��اب �ي��ة وه��دف�ه��ا اق�ت���ص��ادي بحت ب��ال��درج��ة الأ� �س��ا���س ،وم�ن�ه��ا م��ا يتمثل بع�صابات جت��ارة د -خ�ل��ق م�ت�ع��اط�ف�ين م��ع امل�ن�ظ�م��ة الإره��اب �ي��ة م��ن رع��اي��ا املخدرات واملافيا الإيطالية �إلى جانب ع�صابات اجلرائم الدولة. االقت�صادية الكربى املتمثلة بع�صابات غ�سيل الأم��وال هـ� -ضرب ال�سياحة ،واقت�صاديات ال��دول ،والأم��ن فيها، العاملية التي متار�س �إرهابا اقت�صاديا �ضخما. وميتد �إلى مرتكزات القوة ،وعواملها لدى الدول التي متنحها ال�شرعية ،كالدين ،واالقت�صاد ،والأمن. �أهداف الإرهاب االقت�صادية اتفق معظم الباحثني والكتاب يف جمال الإرهاب على حتديد نوعني من الأه��داف ،ت�سعى لتحقيقهما القوى الإرهابية ،ويتمثالن يف الآتي: -1الأهداف املبا�شرة ،وهي التي تعلنها املنظمة الإرهابية �أثناء تنفيذ العملية الإرهابية وتتمثل يف: �أ -احل �� �ص��ول ع�ل��ى الأم� � ��وال؛ ل�ت�م��وي��ل ن���ش��اط املنظمة، وجتنيد �أفراد جدد للعمل فيها. 16
ب� -إطالق �سراح املعتقلني من ال�سجون� - ،سواء -كانوا �سيا�سيني� ،أو �أفراد املنظمة الذين �ألقي القب�ض عليهم يف عمليات �سابقة. ج -اغتيال اخل�صوم بعمليات مك�شوفة� ،أو م�سترتة.
�آليات معاجلة الإرهاب من منظور اقت�صادي �إ�سالمي غ��ر���س ال�ن�ب��ي �صلى اهلل عليه و��س�ل��م اح�ت�رام حقوق الآخرين وعدم �إهدار احلقوق الإن�سانية يف نفو�س جميع ال�ع�ب��اد ،وذل��ك لئال ينحرفوا يف طلب احل�ق��وق بالعنف والإره��اب ،كما جعل �سيا�سة الدولة الإ�سالمية و�شعارها نبذ كل �أ�شكال العنف والإره��اب للنا�س ،وك��ان �صلى اهلل عليه و�سلم يح�صر الطاقات ويوجهها الوجهة ال�صحية لتعبئة ف��راغ �أ�صحابها وليعطيهم املكانة الالئقة التي ي�ستحقونها ،مم��ا ك��ان ل��ه �أك�ب�ر الأث ��ر يف ال�ق���ض��اء على الإره� ��اب ال ��ذي ي�ق��ود �إل �ي��ه ال �ف��راغ وال���ش�ه��وة وح��ب امل��ال والتفكري ال�سلبي وا�ستغالل �أع��داء الإ�سالم ،والناظر يف �أحكام ال�شريعة الإ�سالمية يجد فيها احللول الالزمة للق�ضاء على هذه الظاهرة ومن هذه احللول:
د -ت ��أم�ي�ن خ� ��روج الأف� � ��راد ال �ق��ائ �م�ين ب�ت�ن�ف�ي��ذ العملية � -1إع ��ادة ت��وزي��ع ال��دخ��ل وال�ث�روة وم��ا ي�ترت��ب عليه من الإرهابية بعد االنتهاء من التنفيذ ،وذل��ك؛ لتحقيق عدالة توزيعية ي�سهم يف منع وقوع الإرهاب من خالل �آخر املراحل التي ت�ؤدي �إلى جناح العملية الإرهابية. تخفيفه م��ن ح��دة ال�ت�ف��اوت الطبقي وم��ا ي�ف��رزه من �شعور بالإحباط قد يقود ل�سلوك الإرهاب ،كما ي�سهم هـ -عملية الدعاية الالزمة للمنظمة الإرهابية. يف معاجلة ما يرتتب على التفاوت الطبقي من تخلف -2الأه��داف غري املبا�شرة ،هي الأه��داف التي ال تعلنها وبطالة7. امل�ن�ظ�م��ات الإره��اب �ي��ة ،ولكنها ت�سعى �إل ��ى حتقيقها -2 .التكافل االجتماعي الذي يحث على التواد والرتاحم وميكن �أن تكون �أهميتها للمنظمة �أك�ب�ر ،و�أه��م من وال�ت�ع��اون ،و�إي�ج��اد جمتمع متما�سك متكافل يحمل الأه��داف املبا�شرة .وتتمثل الأه��داف غري املبا�شرة يف
�أف��راده بع�ضهم بع�ضا ،ويعني القادر فيهم ال�ضعيف، ليعي�ش ال�ف��رد يف كفالة اجل�م��اع��ة ،وتعي�ش اجلماعة مب�ؤازرة الفرد ،مما ي�سهم يف وجود جمتمع الف�ضيلة8. -3الإدارة ال�ف��اع�ل��ة الق�ت���ص��اد ال��دول��ة ،وذل ��ك مب��راع��اة االع �ت��دال يف الإن �ف��اق وجت �ن��ب الإ�� �س ��راف وال�ت�ب��ذي��ر، وم��راع��اة �سلم الأول��وي��ات الإ�سالمية يف الإن�ف��اق على ال���ض��روري��ات واالب�ت�ع��اد ع��ن الإن �ف��اق على الكماليات، والرتكيز على النفقات اجلارية وتنمية املوارد الذاتية وم��راق �ب��ة الأ�� �س ��واق جت�ن�ب��ا ل��وق��وع اال� �ض �ط��راب��ات يف الأ�سعار وجتنب اللجوء لالقرتا�ض9. �أثر الإرهاب على التنمیة االقت�صادیة الإرهاب �أخطر م�شكالت القرن احلايل وله �آثار �سلبية يف �سبيل تقدم الأم��م ،والإره��اب ظاهرة عاملية� ،أهدافها ال�سيا�سية الدمار واخلراب وتدمري االقت�صاد ،والإرهاب له �آثار داهمة على التنمية االقت�صادية من خالل ت�أثريه على ال�سياحة وزيادة البطالة ،فالإرهاب له ت�أثريات على ميزان املدفوعات وعلى التمويل واال�ستثمار ،ونرى �أن من �أه��م �أ�سباب التخلف االقت�صادي يف ال��دول النامية يعود لال�ضطرابات ال�سيا�سية واالجتماعية وانت�شار الإرهاب.
�أثر الإرهاب على اال�ستثمار والتمويل فالإرهاب ي�ؤدي لرتاجع املناخ اال�ستثماري وعدم جذب اال�ستثمار والتمويل ال�لازم للتنمية االقت�صادية ويفقد االقت�صاد الوطني ر�ؤو�س الأموال املحلية الأجنبية فر�أ�س املال يفر من �أي مكان ال يوفر الأمن والأمان ،وينتج عن ذلك خ�سائر ب�شرية واجتماعية ونف�سية نتيجة احلوادث الإرهابية الإجرامية ،كما ي�ؤدي �إلى تدهور معدالت النمو االقت�صادي وانخفا�ض معدالت اال�ستثمار وزيادة الإنفاق على الأمن على ح�ساب قطاعات تنموية �أخ��رى ،و�ضعف اال�ستثمارات االجنبية. �أثر الإرهاب على البطالة
ي�ؤدي الإرهاب �إلى زيادة معدل البطالة نظرا ل�ضعف اال��س�ت�ث�م��ارات و��ض�ع��ف التنمية االق�ت���ص��ادي��ة مم��ا ي ��ؤدي النخفا�ض الإنفاق نتيجة قلة الطلب وتباط�ؤ االقت�صاد ال��ذي ي ��ؤدي ل�ل��رك��ود ،نظرا لأن توقف التنمية وه��روب ر�ؤو�س الأموال ي�ؤدي لت�سريح العمالة ،وعدم وجود فر�ص عمل ج��دي��دة ،وه��ذا ما يهدف له الإره ��اب ،وه��و �إحباط امل�ج�ت�م��ع وت�ع�ط�ي��ل ح��رك��ة التنمية االق�ت���ص��ادي��ة ب��زي��ادة وه��و ع��دو للتنمية ،وخطر الإره ��اب وا��ض��ح يف �ضرب االق �ت �� �ص��اد ال��وط �ن��ي ف�ه��و ي �ح��اول زرع ال�ف��و��ض��ى وع��دم البطالة. اال��س�ت�ق��رار م��ن خ�ل�ال ��ض��رب ال���س�ي��اح��ة و�إي �ق��اف عجلة �أثر الإرهاب على الت�ضخم التنمية فهو ي�ؤثر على االقت�صاد كالآتي: الإره� ��اب ي ��ؤث��ر �سلبا يف زي ��ادة الت�ضخم نتيجة قلة -1البطالة والت�ضخم والتمويل واال�ستثمار والأ��س��واق امل��ال�ي��ة و�إف�ل�ا���س ال���ش��رك��ات وق �ط��اع ال �ت ��أم�ين وق�ط��اع الطلب ،ف��زي��ادة الإن�ف��اق ي ��ؤدي الرت�ف��اع الأ��س�ع��ار ويحفز اال�ستثمار وقلة الإنفاق ي�ؤدي لآثار �سلبية على االقت�صاد ال�سياحة وميزان املدفوعات و�سعر ال�صرف. وامل�ج�ت�م��ع ف�ف��ي ظ��ل الإره� ��اب ي�ت���ض��اءل ال�ط�ل��ب ويظهر -2ي�ح��ول م��وارد ال��دول��ة ملحاربة الإره ��اب حتى يتحقق ال ��رك ��ود يف الأ� � �س ��واق وك �� �س��اد امل �ن �ت �ج��ات ن�ت�ي�ج��ة ت��راج��ع الأم ��ن واال��س�ت�ق��رار ف�ي��ؤث��ر على م���ش��روع��ات التنمية اال�ستثمار وينتج عن ذلك زيادة معدل الت�ضخم. االق�ت���ص��ادي��ة وال�ب�ن�ي��ة التحتية واخل��دم��ات امل�ق��دم��ة للمواطنني لعدم ت��واف��ر املبالغ ال�لازم��ة يف امليزانية �أثر الإرهاب على امليزانية العامة وميزان ل�صرف مبالغ كبرية على مكافحة الإره��اب وتوفري املدفوعات و�سعر ال�صرف احلماية ال�لازم��ة للم�ؤ�س�سات وامل��واط�ن�ين ،فنظرية االقت�صاد احلديثة ال تغفل عن�صر اال�ستقرار ال�سيا�سي ي��ؤث��ر الإره ��اب على الت�ضخم ال��ذي ب ��دوره ي��ؤث��ر يف واالقت�صادي. امل�ي��زان�ي��ة ال�ع��ام��ة نتيجة قلة ف��ر���ض النمو االقت�صادي -3ي�ؤثر الإرهاب على �إقامة امل�شروعات ،فتحجم ال�شركات ومتويل العجز يف امليزانية ،مما ي�ؤدي �إلى خلل يف ميزان الكربى عن اال�ستثمار يف الدول التي بها �إرهاب خوفا املدفوعات ،وي��ؤدي ذلك �إلى الت�أثري على �سعر ال�صرف، على �أموالها.فالإرهاب يوفر بيئة طاردة لال�ستثمارات كما �أن امليزانية تت�أثر نتيجة حم��اول��ة توفري الأم��وال لأنه يفرغ اخلطط وال�سيا�سات االقت�صادية والتنموية الالزمة ملكافحة الإرهاب .وجتاوز عجز امليزانية % 10من م��ن م���ض�م��ون�ه��ا وت�ت�ع��ر���ض ل �ت ��أث�ي�رات ع�ل��ى التنمية �إجمايل الناجت املحلي عام ،2011وبلغ الدين العام % 90.5 االقت�صادية املتمثلة يف ت�أثريه على الآتي: من �إجمايل الناجت املحلي والإجمايل يف منت�صف .2014 ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
17
�أثر الإرهاب على الأ�سواق املالية و�إفال�س ال�شركات و�شركات الت�أمني
18
• ارتفاع تكلفة الأمن ب�سبب النفري العام لكافة �أجهزة ال��دول��ة املعنية ب��ه ،وال �ت��ى ك��ان مي�ك��ن توجيهها �إل��ى التنمية ،ولرفع م�ستوى دخول الأفراد.
الأ�سواق املالية تتمتع ب�أهمية اقت�صادية نظرا لدورها يف تنقل ر�ؤو���س الأم��وال والتحكم يف ال�سندات والأ�سهم • اخل�سائر املالية فى املرافق الرئي�سية التى �أ�صيبت والإره� ��اب ي ��ؤدي لقلق امل�ستثمرين م��ن الآث ��ار ال�سلبية ب�سبب �أح� ��داث الإره � ��اب م��ن ط ��رق وم �ي��اه وك�ه��رب��اء مم��ا ي ��ؤدي لت�أثر معظم الأ� �س��واق املالية العاملية ،ومن وتكلفة �إعادة �إعمارها �أو �إن�شائها من جديد. ثم ت�أثر �أ�سهم �شركات الت�أمني و�إف�لا���س ال�شركات فقد تنهار �شركات مثل ما ح��دث يف ف�ترة � 11سبتمرب • 2001تكلفة عالج امل�صابني ب�سبب العمليات الإرهابية فى فقد �أفل�ست �60ألف �شركة ومت ت�سريح ما ال يقل عن 140امل�ست�شفيات وغريها ،والتى كان من املمكن توجيهها �ألف �أمريكي ،وذلك كان ميثل تهديدا خطريا مل�ؤ�س�سات �إل ��ى حت�سني اخل��دم��ات ال�ط�ب�ي��ة وال ��ى تنمية م��وارد الرعاية ال�صحية و�شركات الت�أمني و�أدى �إف�لا���س تلك الدولة. ال�شركات �إلى تراجع �أ�سعار الأوراق املالية يف البور�صات • و ُي�ضاف �إلى ما �سبق اخل�سائر فى الأنف�س التى تعترب العاملية وزيادة البطالة ،لذلك تلج�أ البنوك املركزية الآن �أغلى و�أعظم خلق اهلل ،والتى كرمها اهلل ،وحرم االعتداء �إل��ى زي��ادة احتياطها من الذهب للحفاظ على ا�ستقرار عليها ،وكذلك تكلفة الأمل النف�سى واملعنوى فى قلوب الأ�سواق املالية من خالل اتباع �سيا�سة نقدية مرنة. النا�س ...وهذا كله ال ميكن ترجمته �إلى مال. البعد االقت�صادى للإرهاب من منظور �إ�سالمى و�أدى �سوء الأو��ض��اع الأمنية يف �سوريا وال�ع��راق �إلى ومهما تعددت الر�ؤى واملفاهيم حول مدلول الإرهاب� ،إغ�ل�اق الأ� �س��واق امل��ال�ي��ة فيهما ،مم��ا �أث ��ر بال�سلب على فهو م��ن املنظور الإ��س�لام��ى :اع�ت��داء غ�ير م�شروع على الأ�سواق املالية الأردنية وعلى حجم الإنفاق احلكومي، احل��اج��ات الأ�صلية للإن�سان التى �أم��ر ال���ش��ارع احلكيم و�أغلق �أبواب التجارة الربية مع هذه البلدان ،مما ا�ضطر بحفظها ،ول��ه �آث��ار �سلبية عديدة ،وم��ن بني ه��ذه الآث��ار التجار �إلى �إيجاد �أ�سواق بديلة لتلبية احتياجات ال�سوق االعتداء على الإن�سان ،الذى هو مناط التنمية ،كما �أنه املحلي ،ما �أدى �إلى ارتفاع التكلفة على التجار وامل�ستهلكني اعتداء على املال الذى هو قوام احلياة والتنمية ،و�إ�ضافة على حد �سواء ،وتلك نتيجة حتمية للركود االقت�صادي يف �إلى ما �سبق ف�إنه اعتداء على البنية الأ�سا�سية التى هي البالد. من مقومات التنمية ،كما �أنه اعتداء على القواعد واملبادئ امل�س�ؤولية جتاه �إزالة الآثار االقت�صادية للإرهاب والأحكام والأ�س�س التى حتكم وت�ضبط املعامالت وحتقق يجب حت��وي��ل ال�ع��واط��ف والآالم النف�سية والتعبري التنمية ال�شاملة للمجتمع ،وت��أ��س�ي���س�اً ع�ل��ى ذل��ك ف ��إن الإرهاب ي�سبب خ�سائر اقت�صادية ت�صيب الفرد والأ�سرة عن الإدان��ة ال�شديدة للإرهاب و�إلى �أفعال و�أعمال جادة ��ص��ادق��ة وخم�ل���ص��ة ل�ل��وط��ن ح�ت��ى مي�ك��ن ال�ت���ص��دي بحق واملجتمع والدولة بالإ�ضافة �إلى اخل�سائر املعنوية. للإرهاب بعزمية قوية ،وبت�ضحية عزيزة ،وبجهاد حتى خ�سائر الإرهاب االقت�صادية ننت�صر عليه ،ونزيل �آث��اره املختلفة ومنها االقت�صادية للإرهاب خ�سائر �شتى ومن �أبرز تلك اخل�سائر والتي ال�سابق بيانها ،وهذه لي�ست م�سئولية احلكومة فقط ،بل هى مناط ه��ذه الدرا�سة :اخل�سائر االقت�صادية ،والتى م�سئولية كل مواطن عنده والء وانتماء لبلده ،11فقد ق��ال الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم) :كلكم راع ،وكلكم تتمثل ب�صفة �أ�سا�سية فى الآتى: م�سئول عن رعيته). • اخل �� �س��ائ��ر امل��ال �ي��ة ال �ن��اج �م��ة م ��ن ت��دم�ي�ر الأب �ن �ي��ة �إن االنحرافات النا�شئة عن الف�ساد املايل واالداري يف وال �� �س �ي��ارات وال �ف �ن��ادق وامل �ح�لات وامل �ت��اج��ر ...ب�سبب املجتمع ت�ساهم يف الكثري من مظاهر الكبت والإح�سا�س العمليات الإرهابية وتكلفة �إعادة �إعمارها. بالظلم والقهر لدى الطبقات ال�ضعيفة مما يدفعهم �إلى • ن�ق����ص ف��ى امل� ��وارد ال���س�ي��اح�ي��ة ب�سبب ه ��روب ال�سياح اللجوء �إلى التيارات املتطرفة ،وفئة ال�شباب هي �أكرث فئة الناجم من العمليات �إره��اب�ي��ة ،وتعترب ال�سياحة فى معر�ضة للوقوع يف قيد هذا الفكر املنحرف ،مما يرتب معظم الأحيان مورداً رئي�سياً للعمالت الأجنبية التى حتتاج �إليها الدولة فى متويل التنمية ،كم من الأموال علينا م��زي��داً م��ن االه�ت�م��ام بهم وا�ستيعابهم وتربيتهم الرتبية ال�صحيحة وملء �أوقات فراغهم. ال�سياحية تُفقد ب�سبب الإرهاب؟.
تو�صلت هذه الدرا�سة �إلى النتائج التالية:
ك�ب�يراً و�أن الن��دع�ه��م �ضحية للفكر امل�ن�ح��رف وذل��ك مبلء وقت فراغهم وتربيتهم الرتبية ال�صحيحة.
-1حرمت ال�شريعة الإ�سالمية الإره ��اب بكافة �أ�شكاله و��ص��وره ،فهو ي ��ؤدي �إل��ى نتائج خطرية ومي��زق وحدة �أما عن �أهم التو�صيات فهي كالتايل: املجتمع وي�ستنزف موارده. � -1ضرورة الإيعاز للجهات املعنية بتحقيق العدل وتكاف�ؤ � -2أن ظهور هذا التيار املنحرف له �أ�سبابه ومربراته من الفر�ص ورد املظامل واالهتمام بفئة ال�شباب. الناحية االقت�صادية ،وله �آثاره ال�سلبية على جملة من املتغريات االقت�صادية ،مما يحتم علينا امل�سارعة يف -2العمل على �إن�شاء م�شروعات تركز على فئة ال�شباب ومتلأ فراغهم ،وت�سهم يف حل م�شكلة البطالة. عالجها. � -3إن فئة ال�شباب هي �أكرث فئة معر�ضة للوقوع يف قيد هذا �� -3ض��رورة االه�ت�م��ام ب��الأب�ح��اث العلمية ال�ت��ي ت�سهم يف الفكر املنحرف ،مما يحتم علينا �أن نوليهم اهتماماً تقدمي حلول عملية ت�ساهم يف التخل�ص من ظاهرة الإرهاب بالكلية. هوام�ش 1الكيالين ،ر�شيد �صالح ،الأمن االجتماعي يف الت�صور الإ�سالمي ،بحث مقدم مل�ؤمتر الأم��ن االجتماعي يف الت�صور الإ�سالمي ،جامعة �آل البيت ،الأردن-4-3 ، ar4.htm/20130817/http://www.al-jazirah.com/2013 6 � ،2012ص .4 2ال�سدالن� ،صالح بن غ��امن� ،أ�سباب االره��اب والعنف 7ال�سبهاين ،عبداجلبار ،الوجيز يف الفكر االقت�صادي والتطرف ،جامعة االمام حممد بن �سعود اال�سالمية ،ال��و� �ض �ع��ي والإ� � �س �ل�ام ��ي�� � ،ص .203-201وان �ظ��ر: اململكة العربية ال�سعودية ،امل�ؤمتر العاملي عن موقف ال�سبهاين ،عدالة التوزيع والكفاءة االقت�صادية يف النظم الو�ضعية والإ�سالم ،جملة ال�شريعة والقانون، الإ�سالم من الإرهاب2004 ،م� ،ص6-5 جامعة الإم��ارات العربية املتحدة ،العدد 2001 ،14م، 3احل�سني� ،أ��س�م��اء بنت عبدالعزيز� ،أ��س�ب��اب االره��اب �ص.227 وال�ع�ن��ف وال�ت�ط��رف درا� �س��ة حتليلية ،جامعة االم� �ام 8ال�سبهاين ،ع�ب��داجل�ب��ار� ،شبكات الأم ��ان وال�ضمان حم �م��د ب ��ن � �س �ع��ود اال� �س�ل�ام �ي ��ة ،امل �م �ل �ك��ة ال �ع��رب �ي��ة االجتماعي يف الإ�سالم درا�سة تقديرية ،جملة جامعة ال�سعودية ،امل��ؤمت��ر العاملي ع��ن موقف الإ��س�لام من امللك عبدالعزيز ،جملد ،23ع2010 ،1م� ،ص.10-5 الإرهاب2004 ،م� ،ص11-10 � 9أبوالفتوح ،جن��اح عبدالعليم ،االقت�صاد الإ�سالمي 4حم �م��د ،ه�ي�ث��م ع �ب��دال �� �س�لام ،م �ف �ه��وم الإره � � ��اب يف النظام والنظرية ،عامل الكتب احلديث ،اربد ،الأردن، ال�شريعة الإ��س�لام�ي��ة�� � ،ص ،81ب��ن ب�ي��ه ،ع �ب��داهلل بن ط2011 ،1م� ،ص.437-429 ال�شيخ حمفوظ ،الإرهاب الت�شخي�ص واحللول� ،ص،69 الربكات ،يا�سر خالد ،الإرهاب يف املنظور االقت�صادي 10عثمان ،عثمان �أحمد ،الإره��اب و�أث��ره على التنمية التداعيات واحللول ،مقال من�شور على االنرتنت االقت�صادية يف م�صر ،املركز امل�صري ملكافحة الإرهاب، .13-10 � 5أيوب� ،سمري �إبراهيم� ،صندوق النقد الدويل وق�ضية الإ�صالح االقت�صادي واملايل ،درا�سة حتليلية تقييمية� 11 ،شحاته ،ح�سني ح�سني ،الإرهاب و�أبعاده االقت�صادية مركز اال�سكندرية للكتاب2000 ،م� ،ص ،70-66وانظر :والعالج اال�سالمي� ،ص.5-3 زك��ي ،رم��زي� ،أزم��ة القرو�ض ال��دول�ي��ة ،دار امل�ستقبل العربي ،ط1978 ،1م� ،ص.191-187
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
19
دراسات
الوحي بين اليهودية والنصرانية واإلسالم احلمد هلل حمد ال�شاكرين ،والعاقبة للمتقني ،و�أ�شهد �أن ال �إله �إال اهلل وح��ده ال �شريك له و�أ�شهد �أن حممداً عبده ور�سوله و�صفيه من خلقه وخليله وبعد،، ، ف�إن الوحي من �أهم و�أرقى و�أ�صدق �أنواع املعرفة على الإطالق� ،إذ �أنه يتجاوز املعرفة احل�سية واملعرفة العقلية التي ال ميكن يف يوم من الأيام �أن ت�صل �إلى الع�صمة يف معارفها ،كما هو ال�ش�أن يف املعرفة احلا�صلة بطريق الوحي الإلهي. ومن هنا فقد تفاخرت الأديان ال�سماوية املرتكزة على الوحي الإلهي على غريها من الأدي��ان الو�ضعية ،مبا لديها من معارف �سامية تت�صف بالع�صمة ال �سبيل �إلى احل�س والعقل �أن يقرتب منها.
20
الدكتور فائق بني ارشيد
ولهذا فقد تركزت جهود الأنبياء ابتدا ًء على �إثبات �أن الذي يقولونه لي�س من عند �أنف�سهم ،و�إمنا هو من عند اهلل تعالى. وال��وح��ي ه��و الأ��س��ا���س ال��ذي يبنى عليه ك��ل ��ش��يء والت�شكيك ب��ه هو باخت�صار قطع لل�صلة بني ال�سماء والأر�ض لذلك ان�صبت جهود امللحدين دائماً على هذه الظاهرة باعتبار �أن النجاح يف ذلك ي�ؤدي �إلى هدم كل ما جاء به الأنبياء. غ�ير �أن ه��ذه امل�ع��ارف ال�سامية ق��د تفقد ع�صمتها �إن مل حت��ظ عند �أتباعها باحلفظ وال�صون والرعاية والإهتمام والأمانة فتطالها �أيادي التحريف والتبديل والتغيري ويختلط عندها ال��وح��ي الإل�ه��ي بغريه،
وبالتايل تفقد هذه املعارف قيمتها وقدا�ستها ومكانتها، وهو ما حدث بالفعل لبع�ض الديانات ال�سماوية. �إننا كم�سلمني ن�ؤمن �إمياناً را�سخاً �أن اهلل تعالى �أنزل على النبي مو�سى عليه ال�سالم كتاباً �إ�سمه التوراة ،كما ن�ؤمن �إمياناً را�سخاً ال �شك فيه �أن اهلل تعالى �أن��زل على النبي عي�سى عليه ال�سالم كتاباً ا�سمه الإجنيل ،واليق ُل هذا عن �إمياننا بنزول القر�آن الكرمي على ر�سولنا الكرمي حممد �صلى اهلل عليه و�سلم.
وم��ن هنا فقد ر�أى البع�ض �أن ال��وح��ي ع�بر الظهور الإلهي يرتبط بالفكر اليهودي القدمي الذي كان ينظر للإله ب�أنه يعي�ش وي�سكن مع �شعب ا�سرائيل ويرحتل معهم �أينما رحلوا ،وال ي�ستطيع مفارقتهم ،ولهذا ملا �أراد داوود عليه ال�سالم �أن يبني بيتاً للرب قال له الرب� :أ�أنت تبني يل بيتاً ل�سكناي؟ ما �سكنت بيتاً من يوم �أخرجت بني �إ�سرائيل من م�صر حتى الآن ،بل يف خيمة انتقل معهم على الدوام)4(. وه��ي ن�ظ��رة تختلف مت��ام �اً ع��ن امل��رح�ل��ة امل �ت ��أخ��رة يف الفكر اليهودي ،والتي كانت ترى �أنه لي�س من الالئق �أن ينزل اهلل بنف�سه ليقرتب من الإن�سان ويت�صل معه بهذه ال�صورة ،ف�أعادوا كتابة كل ما يت�صل باهلل على �أ�سا�س فكرة الو�سيط املالئكي)5(.
كما ن�ؤمن يف الوقت نف�سه – مبا ي�ؤمن به الكثري من العلماء والباحثني والنقاد من جميع الأدي��ان ال�سماوية – �أن هذه الكتب التي بني ايدينا اليوم وامل�سماة بالكتاب املقد�س لي�ست كلها على �أقل تقدير وحياً خال�صاً بخالف ما يدعيه البع�ض �أن هذه الكتب و�صلت �إلينا �ساملة من �أي حتريف �أو تبديل ،و�أنها ال حتتوي �إال على النامو�س الذي ويف هذا اعرتاف �صريح ب�أن الكَتبة مل يقت�صر دورهم جاء به مو�سى وعي�سى عليه ال�سالم. على الن�سخ ،بل كان لهم دور فاعل يف التبديل والتغيري واملحو والإث�ب��ات ،ومع ذلك ف��إن ه��ؤالء الكتبة �سهوا عن �أو ًال :مفهوم الوحي عند اليهود: تعديل موا�ضع كثرية يتحدث فيها املخاطب للنبي على مل ي�ق��ف � �ش��راح ال�ع�ه��د ال �ق��دمي يف تعريفهم للوحي �أنه ر�سول مالئكي ،وتارة يتحدث فيها على �أنه اهلل ذاته، عند مفهوم واح��د ،بل تنوعت املفاهيم وتعددت ،وذلك حتى �أنك جتد ذلك يف الفقرة الواحدة. العتبارات متعددة. ومنهم من نظر �إلى الوحي باعتبار املوحى به ،فع ّرف فمنهم من نظر �إليه من جهة الع�صمة ،فع ّرف الوحي الوحي ب�أنه هو كالم اهلل تعالى املنزل على �أفواه �أنبيائه بهذا الإعتبار ب�أنه املعرفة اليقينية التي يوحى اهلل بها القدي�سني ور�سله املكرمني)6(. عن �شيء ما)1(. والأج� �م ��ل يف حت��دي��د ه ��ذا امل �ع �ن��ى ا� �س �ت �خ��دام ال�ع�ه��د ومنهم من ع ّرف الوحي ب�أنه النظر �إلى �أنواعه ،والتي القدمي لكلمة (ن�أم – )naamوالتي تعني “نطق الهي” من ابرزها ما ي�سمى بالظهورات الإلهية ،نع ّرف الوحي وا�ستخدمت ب�صفة خا�صة للتعبري عن �صوت اهلل و�أقواله بهذا الإع�ت�ب��ار ،ب��أن��ه "�إعالن اهلل ل��ذات��ه و�إرادت ��ه وغايته التي �أعلنت بوا�سطة الأنبياء. وك�شف �أ�سراره لأنبيائه وا�ستعالن جمده"()2 كما ا�ستخدم العهد القدمي الإ�سم ( َدبر) م�ضافاً �إلى والأ�صل يف حتديد هذا املعنى ا�ستخدام العهد القدمي اهلل مبعنى “كالم اهلل” وقد تكررت هذه الكلمة ()390 للفعل ال�ع�بري (ج��اال – ) galaوال ��ذي يعني :يك�شف مرة)7(. الغطاء �أويعلن)3(. ومما ي�ؤكد هذا املعنى للوحي عندهم تعريفهم للنبوة ويالحظ على ه��ذا التعريف �أن��ه يرتكز على م�س�ألة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوحي �أنها :الأخبار عن اهلل الإعالن� ،أي الظهور الإلهي ،والتي هي �أبرز �أنواع وطرق وخ�ف��اي��ا مقا�صده ب��وح��ي خ��ا���ص م�ن��زل م��ن اهلل على فم ال��وح��ي الإل �ه��ي يف ال�ع�ه��د ال �ق��دمي – ح�ي��ث ظ�ه��ر ال��رب انبيائه)8(. للأنبياء ب�أ�شكال وهيئات ج�سمية م�ؤقتة. وتعريف الوحي بهذا الإعتبار ال يعني البتة �أن النبي وعلى الرغم من �شيوع فكرة الظهور الإلهي باعتبارها لي�س ل��ه ح��ظ م��ن ال��وح��ي ّ اال ا�ستقبال ال �ك�لام الإل�ه��ي الأب��رز ب�ين ط��رق ال��وح��ي� ،إال �أن الغمو�ض يحيط بهذه وترديده ،بل الوحي عندهم عمل م�شرتك وتعاون عملي الفكرة ،فتارة يقولون �أن ال��رب ظهر يف هيئات ج�سمية بني اهلل والنبي ،و�شخ�صية النبي حا�ضرة وفاعلة وعاملة مرئية للعني ،ثم ي�ستدركون بالقول “ ولكن دون �أن يروه فيه ،وه��ذا م��ا �أك��ده �سبينوزا ح�ين ذك��ر� ،أن كلمة ( َد َب � َر) بالهوته وجوهره الذي ال يرى ،وهو ا�ستدراك يدل على وال�ت��ي تعني كلمة اهلل “ ال تعني ك��م يعتقد البع�ض �أن غمو�ض الفكرة وت�ضاربها وعدم و�ضوحها عندهم. العهد القدمي كالم اهلل احل��ريف بالفاظه ( )9بدليل �أن ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
21
ن�ص الو�صايا الع�شرة يف �سفر اخل��روج يختلف عنه يف �سفر التثنية ،فثبت �أن كلمات اهلل مل تنقل بعينها وحرفها بل عربت عن معناها فقط. ومن الأدلة على �أن الوحي يف العهد القدمي لي�س هو كالم اهلل احلريف ،و�أنه عمل م�شرتك بني اهلل و الر�سول، �أن ال��وح��ي يف العهد ال�ق��دمي اختلف ب��اخ�ت�لاف �أم��زج��ة االنبياء والبيئة املحيطة بهم ،بحيث �أن��ك ت�ستطيع �أن ترى بو�ضوح �صاحب املزاج املرح واملزاج احلزين و�صاحب املزاج الغا�ضب واملزاج املرهف.
ولعل هذه النظرة تبني لنا بو�ضوح الفارق اجلوهري بني هذا االعالن واالعالنات ال�سابقه ،فالظهورات االلهية والهيئات اجل�سمية التي ظهر بها يف العهد القدمي كانت عبارة عن "هيئات ج�سمية رمزية وقتية " انتهت ب�إنتهاء مهمة الظهورات التي ظهرت لأجلها� ،أما التج�سد االلهي فقد كان جت�سداًحقيقياً فيه اتخذ (اهلل الكلمة ) ج�سداً حقيقياً من روح ونف�س وحل��م ودم وع�ظ��ام ،وفيه احتد الالهوت بالنا�سوت احتاداً ابدياً ال ينف�صل(.)16
وخال�صة القول� :إن الوحي يف امل�سيحية ميكن فهمه على �أنه جتلي هلل يف وحيه فهو املوحي والوحي واملوحى فدل على �أن دور النبي مل يقت�صر على جمرد التلقي ،به على ال�سواء ،وبهذا ترى �أن امل�سيحية اختلفت اختالفاً بل كان له دور فاعل يف �صياغة مراد اهلل ب�ألفاظ تتنا�سب كلياً يف مفهوم الوحي مما هو عليه عند اليهود ،واعطت مع م�ستوى منهج العامة والبيئة. بعد مفهوماً ج��دي��داً للوحي مل يكن م�ع��روف�اً م��ن قبل وهو بهذا املعنى ي�شبه وحي ال�سنة النبوية يف اال�سالم .ح�سب اعتقادهم. ب -الوحي بعد �صعود امل�سيح: ثانياً :مفهوم الوحي عند الن�صارى: وهي املرحلة الثانية يف التاريخ امل�سيحي حيث �أ�صبح ان ال��دار� �س�ي�ن ل �ل��وح��ي يف ال �ف �ك��ر امل���س�ي�ح��ي ي�صعب عليه حتديد مفهوم دقيق للوحي من دون الف�صل بني الوحي يف هذه املرحلة يتمثل بالكلمة النبوية التي ينطق بها الأنبياء القدي�سون بت�أثري الروح القد�س. مرحلتني هامتني يف التاريخ امل�سيحي وهما :
وق��د ع�بر القدي�س بطر�س ع��ن ه��ذا املعنى بقوله " �أ-الوحي يف حياة امل�سيح: وعندنا الكلمة النبوية " �إن انتبهتم �إليها كما �إلى �سراج وقد عرف الوحي يف هذه ملرحلة ب�أنه ،اعالن اهلل عن منري يف مو�ضع مظلم ،لأن��ه مل ت ��أت نبوة ق��ط مب�شيئة ذاته و ارادته يف الكون والتاريخ ( ،)10وذلك من خالل ان�سان بل تكلم �أنا�س اهلل القدي�سون م�س ّوقني من الروح القد�س. جت�سد ي�سوع الذي �أظهر االب للعامل (.)11
22
وق��د ع��رف ال��وح��ي ع�ن��ده��م ب�ه��ذا الإع �ت �ب��ار ع�ل��ى �أن��ه وقد اكد هذا املعنى عندهم جممع الفاتيكان الثاين الذي �صرح ب�أن جوهر الوحي يف امل�سيحية يتمثل ب�أن اهلل �إبالغ احلق الإلهي للب�شر بوا�سطة ب�شر ،وهو عمل الروح القد�س ،فالروح القد�س يعمل يف �أفكار �أ�شخا�ص خمتارين �أر�سل ابنه الكلمة االزيل . .ليقيم بني الب�شر ()12 ويف قلوبهم ويجعلهم �أداة للوحي الإلهي)18(. ويقول القدي�س بول�س م�ؤكداً على هذا املفهوم "اهلل وم��ن هنا ف��إن الفكر امل�سيحي ي��رى ب�أنه على الرغم بعدما كلم الآب��اء باالنبياء قدمياً ب��أن��واع وط��رق كثرية، كلمنا يف هذه االيام الأخرية يف ابنه الذي جعله وارثاً لكل من اكتمال الوحي ب�شخ�ص (امل�سيح) �إال �إن ذلك مل يكن كافياً ،فبحث اهلل ع��ن و�سيلة يتوا�صل بها م��ع الإن�سان �شيء (.)13 مقام الروح القد�س بهذه املهمة. فهذا الن�ص وان ك��ان ي�سلم بطرق ال��وح��ي ال�سابقة، وي�ؤكد الفكر امل�سيحي �أن العهد اجلديد كان نتيجة ف�أنه يتحدث عن ميزة الوحي امل�سيحي يف العهد اجلديد عن غريه من خالل جت�سد العلم االلهي والكلمة االلهية ه ��ذا ال �ع��ون ال��روح��ي م��ن ق�ب��ل ال� ��روح ال �ق��د���س ل�ل�ك� ّت��اب يف �شخ�ص امل�سيح متاماً ،كما قال يو�صينا :والكلمة �صار وامل�ؤلفني ،حيث يعرب الكاتب بلغته اخلا�صة عن مراد اهلل وعن احلقائق الدينية حتت هذا الت�أثري. ج�سداً وحل بيننا ور�أينا جمده)14( ،،، ومن هنا ف��إن العهد اجلديد – كما ي��راه امل�سيحيون وينظر الفكر امل�سيحي الى هذا الوحي على �أنه االكرث و�ضوحاً من طرق الوحي ال�سابقة ،حيث ك�شف االب عن لي�س عم ً ال �إن�سانياً حم�ضاً بل هو عمل م�شرتك بينهما حقيقته وارادته وهدفه وغايته ،كما ينظر �إليه باعتباره يتمثل مبجموعة من الإلهامات. االع�لان النهائي والأخ�ي�ر فقد اكتمل بامل�سيح ،بل هو التي �أفا�ض بها الروح القد�س على الر�سل والتالميذ هدف وغاية الأعالنات ال�سابقة ()15
مع احتفاظهم باخل�صائ�ص الب�شرية التي يتميز بها كل يف تعريفه ل�ل��وح��ي ف �ق��ال :ه��و �أن يعلم اهلل ت�ع��ال��ى من ا�صطفاه من عباده كل ما �أراد �إطالعه عليه من �أل��وان م�ؤلف عن غريه من جهة ال�صياغة والتعبري. الهداية والعلم ،ولكن بطريقة �سرية خفية غري معتادة ومنذ ذلك اليوم وامل�سيحيون يرون �أن الروح القد�س للب�شر()21 ال ي��زال ه��و ال��ذي يعمل يف ال��ر��س��ل والأن�ب�ي��اء واملعلمني ً ومن خالل هذه التعريفات ملفهوم الوحي يتينب لنا واخلدام والكن�سة و�إلى الأبد ،حتى �أ�صبح له�ؤالء �سلطانا �إلهياً يحكمون فيه با�سم الرب بل و�صل الأمر بالكني�سة الفارق اجلوهري بني مفهوم الوحي عند امل�سلمني وبني �أن حتتكر لنف�سها مهمة تف�سري ك�ل�ام اهلل باعتبارها مفهوم الوحي عند غريهم. ال�ن��اط�ق��ة ب��ا��س��م ال ��رب ،ح�ي��ث �أع�ل�ن��ت ب� ��أن مهمة تف�سري ف��ال��وح��ي عند ال�ي�ه��ود وال�ن���ص��ارى ي�ق��وم على �أ�سا�س كالم اهلل املكتوب او املنقول تف�سرياً �صحيحاً �أوكلت �إلى �سلطة الكني�سة التعليمية وهي وحدها التي متار�س با�سم الإع�لان �أي الظهور الإلهي مع اختالف فيما بينهم يف طبيعة ه��ذا ال�ظ�ه��ور ،وال ��ذي و��ص��ل غ��اي�ت��ه وك�م��ال��ه من (ي�سوع))19(. خ�لال التج�سيد الإل�ه��ي يف �شخ�ص امل�سيح ،حيث �أ�صبح ال��رب يعي�ش بني النا�س من دون و�ساطة املالئكة ح�سب ثالثاً :مفهوم الوحي عند امل�سلمني: اعتقادهم. ي��رت�ك��ز م�ف�ه��وم ال��وح��ي ع�ن��د امل�سلمني ع�ل��ى معنيني �أما الوحي يف الإ�سالم فهو يقوم على الإعالم بخفاء، �أ�سا�سيني هما( :الإعالم واخلفاء). والإع�لام ال ي�ستلزم ظهور املوحي وانك�شافه وهو الأليق ومن هنا ج��اءت تعريفات العلماء للوحي ت��دور حول بذات اهلل العلية. هذين املعنيني مع �إ�ضافة يف بع�ض القيود. رابعاً :خال�صة وتعقيب: فقد ع��رف ال�شيخ دراز ال��وح��ي ب��أن��ه التعليم ال�سري بعد الوقوف على مفهوم الوحي عند الأديان الثالثة ال���ص��ادر م��ن اهلل ت�ع��ال��ى �إل ��ى �أن�ب�ي��ائ��ه ب��وا��س�ط��ة �أو بغري ف�إنه ميكن املقابلة بني هذه املفاهيم من خالل النقاط وا�سطة)20(. التالية: وعرفه ال�شيخ الطو�سي ب�أنه� :إلقاء معنى يف النف�س على وجه يخفى ،وهو ما يجيء به امللك �إلى النبي عن اهلل • اتفقت الأديان الثالثة على �أن م�صدر الوحي هو اهلل فيلقيه �إليه ويخ�صه به من غري �أن يرى ذلك اخللق( )20مع اختالف فيما بينهم يف طرق وو�سائل اي�صال هذا الوحي للنا�س. وق��د �أك��د ال�شيخ ال��زرق��اين على خ�صو�صية اخلفاء ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
23
• مفهوم الوحي يف اليهودية وكذلك الن�صرانية غري حم��دود وغ�ير وث�ي��ق وف�ي��ه م��ن الغمو�ض والت�ضارب م��ا ف�ي��ه ،وي��رج��ع ذل��ك ل�ع��دم ال�ت�ف��ري��ق ب�ين احلقيقة التاريخية لهاتني الديانتني باعتبارها ديانات �سماوية مرتبطة بالوحي ال�سماوي ،وبني احلقيقة التاريخية • اختلفت ال��دي��ان��ات ال�ث�لاث��ة يف ن��وع ال��وح��ي الإل�ه��ي للكتاب امل�ق��د���س امل�ح��اط��ة بكثري م��ن ال�شكوك وع��دم للكتب املقد�سة عندهم ،فوحي العهد القدمي ا�شتمل على جميع �أنواع الوحي الإلهي ،وانح�صر وحي العهد الثقة. اجلديد يف ن��وع واح��د فقط وه��و الإل�ه��ام� ،أم��ا القر�آن �أم��ا مفهوم الوحي يف الإ�سالم فقد بدا ب�شكل وا�ضح الكرمي فقد اتفق امل�سلمون على �أن��ه ج��اء عن طريق حمدد املعامل متناغماً مع الن�ص وال يتعار�ض معه ،بل هو الر�سول املالئكي (جربيل) يف اليقظة فقط. م�ستمد من داللة الن�ص نف�سه. • ُيعد القر�آن الكرمي الكتاب ال�سماوي الوحيد امل�شتمل • يقدم الوحي يف اليهودية والن�صرانية على �أ�سا�س على ال��وح��ي الإل�ه��ي اخلال�ص وال�سامل م��ن التبديل الإعالن� ،أما الوحي يف الإ�سالم فهو يقوم على �أ�سا�س والتغيري والتناق�ض والت�ضارب ،وذلك ب�سبب كتابته الإعالم ،وت�شكل هذه النقطة اخلالف الأ�سا�سي بيننا وح�ف�ظ��ه م�ن��ذ اب �ت��داء ن��زول��ه ،واح �ت �ف��اظ��ه بالن�سخة وبني �أهل الكتاب يف مفهوم الوحي ،والتي �شكلت �أ�سا�ساً الأ� �ص �ل �ي��ة وان �ت �ق��ال��ه ع�ب�ر الأج� �ي ��ال ب��ال���س�ن��د املت�صل لالختالف معهم يف م�سائل عقدية �أ�سا�سية تتعلق املتواتر ،وحتقيقه لكل ال�شروط الواجب توفرها يف بالنظرة �إل��ى الإل��ه من حيث ج��واز ال��ر�ؤي��ة الدنيوية الكتاب ال�سماوي واملتفق عليها بني العقالء ،والتي من �أب��رزه��ا ات�صال ال�سند والتواتر ،وه��ذا ما يفتقر اليه والت�شبيه والتج�سيم والتمثيل والتج�سد. الكتاب املقد�س بعهديه اجلديد والقدمي حيث تعر�ض • �إن املوحى �إليه يف الن�صرانية واليهودية له �أثر فاعل للتحريف والتبديل وال�ضياع باعرتاف الأحبار وعلماء يف �صياغة املعنى املراد ،فهو وحي باملعنى دون اللفظ ،ال�ل�اه��وت ،وذل ��ك ب�سبب ع��دم حفظه وع ��دم ت��وات��ره وه ��م ب �ه��ذا ي�ت�ف�ق��ون م��ع م�ف�ه��وم ال��وح��ي الإ� �س�لام��ي و�ضياع ن�سخته الأ�صلية. لل�سنة النبوية ،دون الوحي القر�آين الذي من �أخ�ص خ�صائ�صه �أنه وحي حريف اللفظ لي�س للر�سول فيه �أي دور �سوى التلقي والبالغ.
الهوام�ش:
(� :)1سبينوزا :ر�سالة يف علم الالهوت وال�سيا�سة �ص123
امل�سيحية :ج�/6ص7
( :)2عبد امل�سيح ب�سيط �أبو اخلري :الإعالن الإلهي وكيف علم ( :)12جممع الفاتيكان الثاين :الد�ستور العقائدي يف الوحي الإلهي العدد 40نق ً اهلل الإن�سان �ص11 ال عن مور�س بورمان�س :الوحي الإلهي وم�شاكله يف نظر الفكر امل�سيحي �ص329 ( :)3انظر �سفر جموئيل الأول ،21/3 :جموئيل الثاين،27/7: التكوين7/12: ( :)13الر�سالة الى العربانيني301/1 : 24
( :)4جموئيل الثاين6-5/7:
( :)14يوحنا14/1 :
( :)5انظر جريهارد فو�س :علم الالهوت الكتابي� :ص :)15( -121انظر ع�بر امل�سيح ب�سيط �أب��و اخل�ير :الأن�ب�ي��اء والنبوة 122 وال�ت�ن�ب��ؤ���:ص 153وك��ذل��ك الإجن�ي��ل كيف كتب وكيف و�صل الينا �:ص20 ( :)6القم�ص �سبينوزا مينا :كتاب علم الالهوت بح�سب معتقد الكني�سة ...... .الأرثوذوك�سية �ص19 ( :)16عرب امل�سيح ابو اخلري :الإعالن الإلهي �ص21: ( :)7انظر �سبينوزا :ر�سالة يف علم الالهوت وال�سيا�سة �ص :)17( 41بطر�س 21-19/1 وانظر فهيم عزيز :علم التف�سري �ص 10 ( :)18عبد امل�سيح ابو اخلري :الإجنيل كيف كتب وكيف و�صل ( :)8بطر�س عبد امللك و�آخرون ،قامو�س الكتاب املقد�س �ص 349 الينا �ص138: (� :)9سبينوزا :ر�سالة يف الالهوت وال�سيا�سة �ص342
( :)19حممد عبد اهلل دراز :املختار من كنوز ال�سنة �ص1
( :)10عبد امل�سيح ب�سيط �أبو اخلري ،الوحي الإلهي �ص23
( :)20الطو�سي :التباين يف تف�سري القر�آن142/4 :
( :)11الأب ��ص�لاح الي�سوعي اب��و ج ��ودة :م��و��س��وع��ة املعرفة ( :)21حممد عبد العظيم الزرقاين :مناهل العرفان 63/1
دراسات
المساواة بين الرجل والمرأة د .بركات بني ملحم
مما يخطئ النا�س يف فهمه قولهم :الإ�سالم دين امل�ساواة. والذي يدلل على بطالن هذا املفهوم؛ �أن �أكرث ما جاء يف القر�آن ه��و نفي امل���س��اواة ع��ن امل�ت���ض��ادات} :ق��ل ه��ل ي�ستوي ال��ذي��ن يعلمون والذين ال يعلمون{ ( :9الزمر) }قل هل ي�ستوي الأعمى والب�صري �أم هل ت�ستوي الظلمات والنور{ (:16الرعد) }ال ي�ستوي القاعدون من امل�ؤمنني غري �أويل ال�ضرر واملجاهدون يف �سبيل اهلل ب�أموالهم و�أنف�سهم{ (:95الن�ساء). وال�صحيح �أن ُيقال :الإ�سالم دين العدل ,وهو اجلمع بني املت�ساويني والتفريق بني املفرتقني. �إن املتمعن يف كتاب اهلل ليجد �أن القر�آن مل ي�أمر بامل�ساواة �أب��داً, �إمنا جاء �أمره بالعدل ,فمن ذلك قوله تعالى� " :إِ َّن اللهَّ َ َي�أْ ُم ُر بِا ْل َع ْد ِل َوال ْإح َ�س ِان" (:90النحل) .وقوله تعالىَ " :و ِ�إ َذا َح َك ْم ُت ْم َبينْ َ النَّا�سِ �أَنْ تحَ ْ ُك ُموا بِا ْل َع ْد ِل" (:58الن�ساء) ،و كلمة العدل جند �أثرها يف النفو�س �أبلغ من كلمة امل�ساواة ,حيث تتقبلها النفو�س ,وت�سكن �إليها مهما كانت الفوارق ,والتمايزات ,وكلمة امل�ساواة جندها ثقيلة على النفو�س ,والتي توحي يف طياتها املماثلة وامل�شابهة دون اعتبار للفوارق والتمايزات, في�ستوي من خاللها العامل واجل��اه��ل ,وال�صالح والطالح ,والغني والفقري ,وهو الظلم بعينه ,وق�س على ذلك. فامل�ساواة لي�س لها �أ�صل يف ال�شرع مبعناها اللغوي؛ لأن امل�ساواة يف اللغة هي :التماثل والت�ساوي والت�شابه كماً ونوعاً وقدراً. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
25
26
وعليه :فالإ�سالم مل ي�ساو بني الرجل واملر�أة يف الأمور ال �ط�بري ,ج��ام��ع ال �ب �ي��ان,ج�� � � ,8ص (.)290تف�سري امل�ن��ار, التي لو �ساوى بينهما لظلم �أحدهما ؛ لأن امل�ساواة يف غري حممد ر�شيد ر�ضا ,ج� ,4ص.)251 مكانها ظلم. وم��ن ذل��ك ال�شهادة� :إذ جعل ال�ق��رءان �شهادة الرجل فالقر�آن �أمر املر�أة �أن تلب�س غري الذي �أمر به الرجل ،ب�شهادة امر�أتني .قال اهلل تعالى ":وا�ست�شهدوا �شهيدين للفارق يف فتنة كل من اجلن�سني بالآخر فالفتنة بالرجل من رجالكم ف�إن مل يكونا رجلني فرجل وامر�أتان ممن �أقل من الفتنة باملر�أة ,فكان لبا�سها غري لبا�سه� ،إذ لي�س تر�ضون من ال�شهداء �أن ت�ضل �إحداهما فتذكر �إحداهما من العدل �أن ي�أمر امل��ر�أة �أن تك�شف من بدنها ما يك�شف الأخ��رى "(:282البقرة) .ق��ال اب��ن كثري :و�إمن��ا �أقيمت امل��ر�أت��ان مقام ال��رج��ل لنق�صان عقل امل ��ر�أة( تف�سري ابن الرجل الختالف الفتنة يف بدنها وبدنه. ك�ث�ير ,ج��� ,1ص()561م �ق��ا� �ص��د ال�شريعة اال��س�لام�ي��ة يف وم�ف�ه��وم امل���س��اواة باملعنى اال��ص�ط�لاح��ي ه��و :العدل ال�شهادات ,بركات بني ملحم� ,ص.)156 ب�إعطاء كل ذي حق حقه طبقا العتبارات خمتلفة. العالقة التناف�سية بني الرجل واملر�أة يف وعليه كل عدل م�ساواة ولي�ست كل م�ساواة عدل. النظرة الإ�سالمية فالرجل يختلف عن امل��ر�أة؛ لأن الذكر لي�س كالأنثى، �إن حقيقة العالقة بني الرجل واملر�أة يف الإ�سالم �أنها فقد ق��ال اهلل تعالى ":ولي�س ال��ذك��ر كالأنثى"(� :36آل عالقة تكاملية ولي�ست عالقة تناف�سية كما هي عند غري عمران) ،فالذكر يفارق الأنثى يف �أمور كثرية يف قوته ،ويف امل�سلمني ,مبعنى �أن ك� ً لا منهما يكمل الآخ��ر ,فالإ�سالم بدنه ،و�صالبته ،وخ�شونته ،واملر�أة ناعمة لينة رقيقة. ي�ن�ظ��ر �إل ��ى ال��رج��ل وامل � ��ر�أة ع�ل��ى �أن�ه�م��ا � �ش��يء واح ��د هو ويختلف عنها يف �أم��ور كثرية منها العقل� ،إذ ُع��رف الإن�سان ،و�أن هذا الإن�سان جز�آن متكامالن هما الرجل الرجل بقوة �إدراكه وذاكرته بالن�سبة �إليها ،وهي �أ�ضعف وامل ��ر�أة ،و�أنهما لي�سا مت�ساويني يف التكوين وال�ق��درات، منه ذاكرة وتن�سى �أكرث منه ،ويوجد بع�ض الن�ساء �أذكى وبالتايل في�ستحيل �أن يت�ساويا يف احلقوق والواجبات؛ من بع�ض الرجال و�أقوى منهم ذاكرة ،ولكن هذا ال ُيلغي لأن امل�ساواة يف �أي �شيء بني املختلفني نق�ص يف العقل، الأ�صل والأك�ثر ,فحتم �أن نقول :ولي�ست �أحكام الرجل وظلم يف احلكم ,و�إن من حكمة اخلالق �سبحانه وتعالى �أن��ه مل يجعل االختالف بني الرجل و امل��ر�أة يف التكوين ك�أحكام الأنثى. اجل�سمي والنف�سي اخ�ت�لاف ت���ض��اد ،ب��ل جعله اختالف فامل�ساواة بني الرجل وامل��ر�أة يق�صد بها :العدل بني ت�ك��ام��ل ،فطبيعة ال��رج��ل اجل�سمانية مكملة لطبيعة ال��رج��ل وامل� ��ر�أة ب��إع�ط��ائ�ه��م حقوقهما وواج�ب��ات�ه�م��ا مبا املر�أة ،وكل منهما ال ي�ستغني عن �أن يك ّمل نف�سه بالآخر. قال تعالى ":يا �أيها النا�س اتقوا ربكم الذي خلقكم من ينا�سب اعتباراتهم اخلا�صة؟ نف�س واحدة “ ) يعني� :آدم عليه ال�سالم)" وخلق منها ٌ كل ملا خلق له مف�ضل به على الآخر. زوجها”( :1الن�ساء)) .يعني :حواء) ,ولذلك �أ�صبح الزواج فمن ذلك القوامة :قال اهلل تعالى " :الرجال قوامون �ضرورة �إن�سانية ،نظراً لأن اجلن�سني ال ميكن �أن ي�ستقل على الن�ساء مبا ف�ضل اهلل بع�ضهم على بع�ض ومبا �أنفقوا �أح��ده�م��ا ع��ن الآخ ��ر ,كذلك ف ��إن بقاء اجلن�سني يف هذه احلياة ال يكون �إ ّال عن طريق هذا التكامل ،ولو ا�ستقل كل من �أموالهم " ( :34الن�ساء). منهما عن الآخر ليكون مناف�ساً له – كما ت�صوره النظرة ق��ال اب��ن كثري – رحمه اهلل تعالى � :-أي :الرجل التناف�سية العلمانية التي تدعي امل�ساواة – ال�ستحالت ق ِّيم على املر�أة� ،أي :هو رئي�سها وكبريها واحلاكم عليها ,احلياة. مبا ف�ضل اهلل بع�ضهم على بع�ض لأن الرجال �أف�ضل من �إن ق ��وة ال��رج��ل اجل���س�م��ان�ي��ة وال�ن�ف���س��ان�ي��ة ت�ن��ا��س��ب الن�ساء مبا خ�صهم به ك��رج��ال ،وامل��ر�أة خري من الرجل فيما خ�صها ب��ه ،ولهذا كانت النبوة خمت�صة بالرجال .م��واج�ه��ة ظ��روف احل �ي��اة اخل��ارج�ي��ة ل�ل�أ��س��رة حلمايتها ومتوينها ,و�إن �ضعف املر�أة اجل�سماين والنف�ساين ينا�سب (تف�سري ابن كثري,ج� ,2ص.)256 الطم�أنينة وال�سكينة ال�ت��ي حتتاجها الأ� �س��رة يف جوها "ومبا �أنفقوا من �أموالهم " �أي :من املهور والنفقات الأ�سري الداخلي ,ولذلك فالعالقة التكاملية بني الرجل والكلف التي �أوجبها اهلل عليهم لهن يف كتابه و�سنة نبيه واملر�أة حتيط الأ�سرة ب�سياج �أمني حلياتها املعي�شية ،وج ّو �صلى اهلل عليه و�سلم فالرجل �أف�ضل من امل��ر�أة يف نف�سه خمملي لطيف حلياتها النف�سية واالجتماعية ,و كال من وله الف�ضل عليها والإف�ضال فنا�سب �أن يكون ق ِّيماً عليها الرجل واملر�أة �إن�سان مكلف يف الإ�سالم ،ولكن وظيفة كل كما ق��ال اهلل تعالى " للرجال عليهن درج��ة " (تف�سري منهما يف احلياة تختلف باختالف طبيعته اجل�سمانية
والنف�سانية ،واختالف �إمكاناته الفطرية التي فطره اهلل عليها ,هذا هو عدل الإ�سالم ورحمته ,وحكمته ,فالرجل وامل��ر�أة لكل منهما يف الأ��س��رة امل�سلمة ,واملجتمع امل�سلم, دوره ال��ذي يكمل دور الآخ��ر ،ووظيفته التي ال تتعار�ض مع وظيفة الآخر( .حممد بن حامد �آل عثمان الغامدي: مقارنة ب�ين النظرة التكاملية الإ��س�لام�ي��ة ب�ين الرجل واملر�أة والنظرة التناف�سية العلمانية ,ال�شبكة العنكبوتية) العالقة التناف�سية بني الرجل واملر�أة يف النظرة العلمانية �إن العالقة التناف�سية بني الرجل واملر�أة القائمة على دعوى امل�ساواة بينهما عالقة تناف�سية ،ف�إن من �صفاتها: �أنها تق ّو�ض الأ�سرة التي هي نواة املجتمع الأول��ى ب�إبعاد املر�أة عن دورها الأ�سا�سي يف الأ�سرة وهو الأمومة ورعاية الأ��س��رة ،وحت��رم الطفولة من رعاية الأمومة وحنانها، وجتعل مليئا بالفو�ضى واملتاعب ,بالإ�ضافة �أنها تق ّو�ض احل �ي��اة التنموية واالق�ت���ص��ادي��ة ح�ين ت�خ��رج امل� ��ر�أة �إل��ى م�ي��ادي��ن ال��رج��ل لتناف�سه ،وحت��رم��ه ك �ث�يراً م��ن فر�صه الوظيفية ،و�أدواره التنموية ،مع ق�صورها عن �أداء دوره، والقيام مبهمته ،وال يخفى �أن معظم معاناة كثري من دول ال�ع��امل مل�شكلة ال�ب�ط��ال��ة� ،إمن��ا ك��ان �سببه مزاحمة الن�ساء للرجال يف وظائفهم ،مع ت��رك البيوت �شاغرة عمن ي�شغل وظيفة الأمومة والرعاية الأ�سرية ,بالإ�ضافة ال��ى �أن خ ��روج امل� ��ر�أة للعمل �أو غ�ي�ره م �ق��رون �اً ب��دع��وى احلرية – كما يف النظرة العلمانية – يق ّو�ض الأخالق، ويدفع باملر�أة �إلى االنحالل والتبذل ،ويع ِّر�ضها لالبتزاز، وي�شيع الفواح�ش والف�ضائح يف املجتمعات ،ويبدد معاين العفة والف�ضيلة واالح�ت���ش��ام ,ون�ت��ائ��ج ذل��ك م�سجلة يف الإح�صاءات الغربية حيث تت�ضاعف فيها معدالت الزنا واالغت�صاب واجلرائم الأخالقية املتنوعة مئات الأ�ضعاف ع��ن غريها م��ن البلدان امللتزمة بالقواعد الأخالقية، واحلياة الطبيعية للإن�سان.
�إن ال �ع�لاق��ة ال�ت�ن��اف���س�ي��ة وف ��ق ن�ظ��ري��ة امل �� �س��اواة بني ال��رج��ل وامل� � � ��ر�أة ،ت���ش�ي��ع روح ال� �ع ��داء و ال�ت���س�خ��ط بني اجل �ن �� �س�ي�ن ،ك �م��ا حت �ي��ل ال �ع�ل�اق��ة ب�ي�ن اجل �ن �� �س�ين م��ن ع�ل�اق ��ة م � ��ودة ورح� �م ��ة �إل � ��ى ع�ل�اق ��ة حت� � ٍ�د وا� �س �ت �ع�ل�اء, وهذا معروف يف �صرخات التحدي واملطالبات وال�شكوى املرة التي ترتفع يف اجلمعيات الن�سائية امل�شحونة بالكره واحلقد على �سلطة الرجل ال�سائدة يف املجتمع ,و�أك�ثر م��ا ت �ك��ون يف امل�ج�ت�م�ع��ات ال�غ��رب�ي��ة ال �ت��ي ت��دع��ي امل �� �س��اواة بني الرجل وامل ��ر�أة ،وذل��ك لأنها يف نف�س الوقت ت�شحن امل ��ر�أة مب�شاعر القهر وال�ظ�ل��م وروح ال�ت�ح��دي وال �ع��داء. (حم �م��د ب��ن ح��ام��د �آل ع�ث�م��ان ال �غ��ام��دي :م�ق��ارن��ة بني النظرة التكاملية الإ�سالمية بني الرجل واملر�أة والنظرة التناف�سية العلمانية ,ال�شبكة العنكبوتية ) �إن ه ��ذه ال � ��روح ال �ع��دائ �ي��ة ل �ل �م��ر�أة � �ض��د ال��رج��ل يف املجتمعات الغربية وغ�يره��ا م��ن املجتمعات العلمانية، وه��ذه املطالبات الن�سائية احلقوقية للم�ساواة بالرجل، لن جتدي �شيئاً ،ولن تغيرّ من طبيعة الإن�سان وفطرته التي فطره اهلل عليها ,ف�ستظل املر�أة امر�أة والرجل رج ً ال, و�ستظل ال�سيادة خارج املنزل للرجل يف �أي جمتمع كان، و�إن جرمية �إبعاد امل��ر�أة عن دوره��ا الأ�سري ال��ذي يتمثل يف الأمومة ورعاية الأ�سرة ،والزج بها يف ال�شارع املزدحم ب�شتى املناف�سات ،هي جرمية الع�صر الذي نعي�شه. والعجيب �أن يوجد يف عاملنا الإ�سالمي اليوم من ينادي بهذه الأفكار ،ويعمل على ن�شرها وتطبيقها يف جمتمعنا الإ�سالمي ،على الرغم مما ظهر وات�ضح من نتائجها، و�آثارها ال�سيئة املدمرة ،ون�سي �أولئك �أو تنا�سوا �أن لدينا من مبادئ ديننا ومقومات جمتمعنا وموروثات ما�ضينا ما يجعلنا يف غنى عن �أن ن�ستورد مبادئ وتقاليد و�أنظمة ال متت �إلى جمتمعنا امل�سلم ب�صلة ،وال ت�شده �إليها �آ�صرة، وال ميكن �أن ينجح تطبيقها فيه ،لأن للمجتمع امل�سلم من الأ�صالة واملقومات ،وحر�صه عليها ما يقف حائ ً ال ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
27
فهيكل امل ��ر�أة ون�ظ��ام ج�سمها ،يركب تركيباً ت�ستعد به لوالدة الولد وتربيته ،ومن التكوين البدائي يف الرحم �إل��ى �سن البلوغ ،ينمو ج�سم امل��ر�أة ،وين�ش�أ لتكميل ذلك اال�ستعداد فيها ،وه��ذا هو ال��ذي يحدد لها طريقها يف �أيامها امل�ستقبلة" (موقع الآل��وك��ة ,جمال امل��ر�أة وجمال الرجل ,احلجاب للمودودي �ص .185
28
دون ذلك التطبيق� ،أو على الأقل كمال جناحه ،كما ن�سي �أولئك املنادون با�سترياد هذه النظم والنظريات ،ون�سي معهم �أول�ئ��ك الوا�ضعون لهذه النظم م��ن الغربيني �أو تنا�سوا الفروق اجلوهرية الدقيقة العميقة التي �أوجدها اخلالق �سبحانه بني الذكر والأنثى من بني الب�شر مما يتعذر بل ي�ستحيل تطبيق نظرية امل�ساواة الكاملة بني الذكر والأنثى يف جميع احلقوق والواجبات وااللتزامات و�إذا ت�ق��رر ه��ذا االخ �ت�لاف ال��دق�ي��ق يف ال�ت�ك��وي��ن بني وامل���س��ؤول�ي��ات( .حم�م��د ب��ن ح��ام��د �آل عثمان الغامدي: مقارنة ب�ين النظرة التكاملية الإ��س�لام�ي��ة ب�ين الرجل الذكر والأنثى ،فمن الطبيعي والبديهي �أن يكون هناك واملر�أة والنظرة التناف�سية العلمانية ,ال�شبكة العنكبوتية) اختالف يف اخت�صا�ص كل منهما يف هذه احلياة ،ينا�سب تكوينه وخ�صائ�صه التي ركبت فيه ،وهذا ما قرره الإ�سالم واحلقيقة �أن املر�أة خمتلفة اختالفاً عميقاً عن الرجل ،وراع ��اه ،عندما وزع االخت�صا�صات على كل من الرجل فكل ُح� َ�ج�يرة يف ج�سمها حتمل ط��اب��ع جن�سها ،وكذلك وامل � ��ر�أة ،فجعل ل�ل��رج��ل ال�ق��وام��ة ع�ل��ى ال�ب�ي��ت ،وال�ق�ي��ام احلال بالن�سبة �إلى �أجهزتها الع�ضوية ،وال �سيما اجلهاز بالك�سب والإن �ف��اق ،وال ��ذود ع��ن احل�م��ى ,وج�ع��ل للمر�أة ال�ع���ص�ب��ي ،و�إن ال�ق��وان�ين الع�ضوية (ال�ف�ي��زي��ول��وج�ي��ة) البيت ،تدبر �شئونه ،وترعى �أطفاله ،وتوفر فيه ال�سكينة كقوانني ال�ع��امل الفلكي ،وال �سبيل �إل��ى خ��رق�ه��ا ،ومن والطم�أنينة ،هذا مع تقريره �أن الرجل واملر�أة من حيث امل�ستحيل �أن ن�ستبدل بها ال��رغ�ب��ات الإن�سانية ،ونحن �إن�سانيتها على حد �سواء ،فهما �شطران مت�ساويان للنوع م�ضطرون لقبولها كما هي يف الن�ساء ،ويجب �أن ينمني الإن�ساين ،م�شرتكان بال�سوية يف تعمري الكون ،وت�أ�سي�س ا��س�ت�ع��دادات�ه��ن يف اجت ��اه طبيعتهن اخل��ا� �ص��ة ،ودون �أن احل�ضارة ،وخدمة الإن�سانية ،كل يف جمال اخت�صا�صه، يحاولن تقليد ال��ذك��ور ،ف��دوره��ن يف تقدم املدنية �أعلى فالقول بامل�ساواة من هذه اجلهات �صواب ال غبار عليه، من دور الرجل ،فال ينبغي لهن �أن يتخلني عنه( ..املر�أة ومن واجب كل مدنية �صاحلة �أن تعني بالن�ساء عنايتها وثقافة الالعنف ,حقوق املر�أة وم�ساواتها الكاملة يف كافة ب��ال��رج��ال ،يف �إيتائهن ف��ر���ص االرت �ق��اء وال�ت�ق��دم ،وفقاً ملواهبهن وكفاءتهن الفطرية(.املر�أة وثقافة الالعنف, املجاالت :عامر ابو زيد ,ال�شبكة العنكبوتية). حقوق امل��ر�أة وم�ساواتها الكاملة يف كافة املجاالت :عامر يقول الأ�ستاذ امل��ودودي ...( :فهذا علم الأحياء ،قد ابو زيد ,ال�شبكة العنكبوتية). �أثبتت بحوثه وحتقيقاته �أن املر�أة تختلف عن الرجل يف وك �م��ا ي �ق��ال� :إن ال �ع��امل ط�ير ل��ه ج �ن��اح��ان �أح��ده�م��ا كل �شيء ،من ال�صورة وال�سمت ،والأع�ضاء اخلارجية، �إل��ى ذرات اجل�سم واجل��واه��ر الهيولينية (الربوتينية) ال� ّرج��ال والآخ��ر النّ�ساء ،وم��ا مل يكن اجلناحان قويني خلالياه الن�سيجية ،فمن لدن ح�صول التكوين اجلن�سي ت�ؤيدهما ق� ّوة واح��دة ف��إنّ هذا ّ الطري ال ميكن �أنْ يطري ال�سماء. يف اجلنني يرتقي الرتكيب يف ال�صنفني يف �صورة خمتلفة ،نحو ّ
صالح الدين االيوبي. . بين من قدحه فى الشرق ومن دافع عنه فى الغرب مقدمة
دراسات
ثمة مقولة بانه :اذا اردت ان تهدم ح�ضارة ,فهناك ثالث و�سائل :هدم اال�سر ,هدم التعليم ,ا�سقاط القدوة ,كى تهدم ا�سرة عليك بهدم دور االم, كى تهدم التعليم ,عليك بتقليل مكانة املعلم ,كى ت�سقط القدوات ,عليك بتقليل �ش�أن القادة و العلماء واملفكرين ,اطعنهم ,و�شكك يف دورهم ,حتى لن ي�سمع ويقتدى بهم ,فاذا اختفت االم الواعية ,واختفى املعلم املخل�ص, و �سقط القدوة ,فمن يربى الن�شء على القيم . .هذه �سيا�سة بع�ض الذين يظهرون عداوتهم �ضد اال�سالم وامل�سلمني.. حول يو�سف زيدان وكتاب غربيني
حسن محمود حمه كريم مؤرخ كردى
ه��ذه امل�ق��دم��ة اري��د بها ق��ول ال�ك��ات��ب ال�ع��رب��ى (ي��و��س��ف زي� ��دان) ,فى ظهوره االخ�ير املليء بال�شك والكلمات الرديئة بالهجوم على (�صالح الدين االيوبى) ,اكرب واعظم �شخ�صية قيادية تاريخية ا�سالمية ,وو�صفه ب��ان (��ص�لاح ال��دي��ن اح�ق��ر �شخ�صية ف��ى ال�ت��اري��خ) ,وق��ال ف��ى م�ك��ان اخر باكذوبة جديدة مل يقلها احد من قبله ,حيث يقول (ان امل�سجد �ألأق�صى ال��ذى ح��رره �صالح الدين واملذكور يف القر�آن ,لي�س االق�صى يف القد�س عا�صمة فل�سطني ,امنا مدينة فى احلجاز ,تقع بني مكة و املدينة) ,هذا الكاتب العربى ي�شوه ما�ضيه ويطعن تاريخ اج��داده ,وحاقد للم�سلمني وعظمائهم . .ه��ذا ق��ول كاتب فى العامل اال�سالمى ,ولكن كتاب الغرب وعباقرته وامل�ست�شرقني امل�سيحيني يرون فى حياة �صالح الدين و �سريته غري هذا ,ي�ؤلفون ع�شرات الكتب فى و�صفه وت�ساحمه ومنجزاته� ,إذ يقول امل�ؤرخ الفرن�سى (كلود كاهن)( :ان �صالح الدين ,كان ال�شخ�صية ال�شعبية االك�ث�ر ت�ق��دي��را ل��دى ع��ام��ة امل�سلمني خ�لال ع�صر احل ��روب ال�صليبية, ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
29
30
وهي املكانة التى مل ينلها نور الدين حممود ,وهو ا�ستاذ �صالح الدين ,وممهد الطريق ملا حقق من اجنازات ،وعن مكانة �صالح ال��دي��ن اال�سطورية ف��ى اوروب ��ا)� .أ��ص��درت جم�ل��ة (ت��امي ����س) ف��ى 1999/3/31م ع� ��ددا خ��ا��ص��ا عن عظماء و م�شاهري االلفية الثانية ,وكان (�صالح الدين االيوبى) الوحيد من العرب وامل�سلمني ,فقد خ�ص الكاتب (ديفيد فان بيما) �صالح الدين مبقال ,يقول فيه :ولد �صالح الدين الكردى اال�صل فى عام 1138م فى تكريت العراق ,ثم ن�ش�أ وترعرع حتى ا�صبح قائدا و�سلطانا مل�صر و�سوريا و �شمال العراق ,وكان ال�صليبيون (االفرجن) ,قد احتلوا القد�س ,ويقول الكاتب :عند احتاللهم القد�س, ق��ام��وا مبذبحة ك�برى للمواطنني ال�ع��رب م��ن م�سلمني وم�سيحيني و يهود ,وقاموا بالنهب وال�سلب والتدمري, وا�ستقروا فى بالد ال�شام ,و�أ�س�سوا عدة �أم��ارات �ساحلية, �أي�ق��ن �صالح ال��دي��ن ان ط��رد املحتلني يحتاج ال��ى حرب مقد�سة ,وهذا ما حدث ,حيث توجه �صالح الدين بجي�شه املنظم من 12000فار�س مبحاذاة بحرية طربيا ,فتقابل الطرفان فى حطني ,التى تقع غربى طربيا ,حيث دمر �صالح الدين جيو�شهم ,وبعد انت�صاره الت�أريخى ,التف نحو القد�س واحتلها ,يقول الكاتب( :انه مل ترق نقطة دم واح ��دة ,وام��ر جيو�شه ب�ع��دم قتل اى �شخ�ص ,وع��دم النهب وال�سلب)( ,كما فعل ال�صليبيون بدخولهم االول للقد�س وذبحهم �سكانها). . ويقول( :ان امل�سيحيني فى اوروبا والعامل ,يتذكرون ويقدرون كرم و �شهامة وان�سانية �صالح الدين وجي�شه. . بعد انت�صار �صالح الدين املذهل وحترر القد�س ,ا�صيبت اوروبا ب�صدمة ,مما دعا البابا الر�سال حملة ثالثة بقيادة ريت�شارد االول ملك انكلرتا 1167ـ1199م ,امللقب بقلب اال� �س��د ,و ب�ع��د م �ع��ارك ط��اح�ن��ة مل يتمكن م��ن اح�ت�لال
ال�ق��د���س ,وع ��اد ادراج ��ه ل�ب�ل��ده خ��ا��س��را ,وي �ق��ول ال�ك��ات��ب: ا�صبحت القد�س ثالث موقع ا�سالمى مقد�س ,ومركزا رئي�سا للم�ؤمنني من كل االدي��ان ,وا�صبح �صالح الدين قائدا ,ذا �صفة الت�سامح الكبري ومنوذجا عظيما يحتذى ب��ه ,فلقد �سمح مل�سيحيي العامل باحلج ال��ى القد�س بكل حرية واحرتام) . .يقول الكاتب (ديفيد فان بيما)( :انه مل يخرج فى التاريخ قائد ي�شبه �صالح الدين ,لقدرته الع�سكرية ,الى جانب عدله ور�أفته بال�ضعفاء ,وقد �أعطى مثال غري م�سبوق لقادة التاريخ ,بانه مل يقتل �أى �شخ�ص عندما انت�صر وحرر القد�س من الغزاة و حافظ عليها, ونحن اليوم ا�شد ما نكون بحاجة ل�صالح الدين ونحن ن��رى ط��رد اه��ل ال �ق��د���س ,ال�ت��ى وج ��دوا فيها م�ن��د �آالف ال�سنني). كتب (دانتى اليغريى) 1265ـ1321م �صاحب ملحمة الكوميديا االلهية ,والتى تعترب من اف�ضل االعمال االدبية العاملية ,كتب عن (�صالح الدين االيوبى) وحده ,من بني كل عظماء ال�شرق والغرب وامل�سلمني ,حيث و�ضع ا�سمه مع عظماء حقبة القرون الو�سطى ,مثل (هومريو�س) ال�شاعر اليونانى و �صاحب ملحمتى االلياذة واودي�سة, و(اف�لاط��ون) ,الفيل�سوف اليونانى ,م�ؤلف اجلمهورية, و(ي��ول �ي��و���س) قي�صر روم� ��ا ,و (ف�ي�رج��ل) ك�ب�ير ��ش�ع��راء الرومان ,و �صاحب ملحمة االنيادة ,فلقد كتب (دانتي) ع��ن القائد امل�سلم �صالح ال��دي��ن االي��وب��ى 1138ـ1193م, وبعد وفاته مبائة عام ,وو�صفه ك�أعظم ابطال امل�سلمني وم�ؤ�س�س الدولة االيوبية عام 1171م ,والذى هزم االفرجن ال�صليبيني ف��ى موقعة (ح�ط�ين) الفا�صلة ع��ام 1187م, لقد �شمل (دانتي) �صالح الدين مع العظماء ,وو�ضعه فى منزلة رفيعة فى كتابه (الكوميديا االلهية) ,التى كتبها عام 1308ـ1320م ,واكرمه رغم ان �شهرته التى اتت من
انت�صاراته على االفرجن ال�صليبيني ,ويقول :ولد �صالح ال��دي��ن ف��ى تكريت ال�ع��راق ع��ام 1138م م��ن �أ��ص��ل ك��ردي, لكنه ن�ش�أ عربيا و ترعرع فى بعلبك ,ثم دم�شق ,و تدرب على الفرو�سية واحلرب ,وا�صبح قائدا ق�ضى على الغزاة, و�أ�صبح �سيد م�صر بعد وفاة اخلليفة الفاطمي العا�ضد عام 1173م ,ثم �أمريا على دم�شق 1174م ,وحقق الوحدة اال�سالمية ب�ين ال�شام وم�صر ومناطق ك��ردي��ة واليمن و�سواحل افريقيا ال�شمالية ,حيث �أ�صبح �سلطانا عليها. والعجيب ان كتاب املع�سكر الغربى ,ي��رون كثريا من ال���ش�ه��ادات النا�صعة امل�شيدة بال�سلطان ��ص�لاح ال��دي��ن, خ�صو�صا ف��ى ق�ضية اال��س��رى وت�ساحمه معهم ,اكراما لن�سائهم وذراريهم ,ومن ذلك ما ذكره امل�ؤرخ الفيل�سوف ال�صليبي (ارن ��ول ��د) امل�ع��ا��ص��ر ل���ص�لاح ال��دي��ن ،اذ ق��ال: (اجتمع كثري من الن�ساء اللواتى دفعن اجلزية و ذهنب لل�سلطان يت�ساءلن ق��ائ�لات انهن ام��ا زوج��ات او امهات او بنات لبع�ض من ا�سر او قتل من الفر�سان واجلنود, وال عائل وال �سند لهن الآن وال م ��أوى ,و ر�آه��ن يبكني, فبكى معهن �صالح الدين ت�أثرا و �شفقة ,وامر بالبحث عن اال�سرى من رجالهن ,واطلق الذين وجدهم منهم وردهم لن�سائهم ,اما اللواتى مات اوليا�ؤهن ,فقد منحهن ماال كثريا ,جعلهن يلهجن بالثناء عليه اينما �سِ رن ,ثم �سمح ال�سلطان ل�ه��ؤالء الذين منحهم احلياة واحلرية واغدق عليهم نعمه ,بان يتوجهوا مع ن�سائهم واوالدهم الى �سائر اخوانهم الالجئني فى مدينة �صور . .كما جند ان امل ��ؤرخ البيزنطى (نيكتا�س خونيات�س) ال��ذى �شاهد ب��أم عينيه �سقوط الق�سطنطنية فى يد ال�صليبيني عام 1204م ,وما فعلوه بهذه املدينة العريقة من �سلب و نهب وهتك اعرا�ض ن�سائها ,حتى راهبات االدي��رة مل ي�سلمن م��ن ه��ذا ال�ف�ع��ل ال�ف�ظ�ي��ع ,ه��ذا امل � ��ؤرخ ح�ين ي�ت�ح��دث عن �صالح الدين ودخوله على ر�أ�س امل�سلمني القد�س ,تختلف نربته وتعتدل لهجته ويقول( :امل�سلمون اكرث رحمة من ال�صليبيني ,فعندما ا�ستعادوا بيت املقد�س عاملوا الالتني بلطف و رقة ,وحافظوا على حرميهم ,ومل ينتهكوا ومل يدن�سوا على االطالق قرب امل�سيح ,وحر�صوا على عدم دفن موتاهم بجواره) ,هذه ال�شهادة الغربية ت�ؤكد ما ذكرناه من نبالة و طهارة مق�صد امل�سلمني حني دخلوا القد�س بقيادة �صالح الدين ,ال هم لهم اال ا�ستعادة مقد�ساتهم من دون االعتداء على املحتلني ,ولو فعلوا ما المهم احد, فال تن�سى �صفحات التاريخ حمامات ال��دم التى امتلأت ب��دم��اء امل�سلمني ح�ين اقتحم ال�صليبيون ال�ق��د���س عام 1099م ,و بالتالى� ,شكل فعل �صالح الدين حني ا�ستعاد املدينة� ,صدمة نف�سية عميقة لالوروبيني جميعا ,وهو ما جعل م�ؤرخ �سقوط االمرباطورية الرومانية (ادوارد جيبون) ي�شيد ب�صالح الدين ,وميتدح توا�ضعه و تق�شفه حني يقول( :كان متوا�ضعا ,ال يعرف البذخ وال يرتدي
اال ال�ع�ب��اءة امل�صنوعة م��ن ال�صوف اخل�شن ,ومل يعرف اال املاء �شراباً ,وكان متدينا قوال و فعال ,ي�شعر باحلزن لعدم متكنه من اداء فري�ضة احلج ,النه كان منهمكا فى الدفاع عن دين اال�سالم) ,وهذه ال�شهادة ت�شري الى جانب رائ��ع فى حياة �صالح الدين ,وهو تقدمي م�صالح االمة على م�صاحله ال�شخ�صية ,فعلى رغم تدينه و تقواه ,اال ان م�صلحة االم��ة تغلب على م�صلحته ال�شخ�صية ,فلم يتمكن من اداء فري�ضة احلج ب�سبب خوفه على ما حقق من اجنازات ,منها توحيد م�صر و ال�شام فى دولة واحدة.. و يعجب امل�ؤرخ الربيطانى (هاملتون جب) ب�صالح الدين امي��ا اع�ج��اب ,اذ ي��رى ف��ى عهده نقطة ف��ارق��ة ف��ى تاريخ العالقات بني ال�شرق و الغرب ,حني يقول( :ي�شكل عهد ��ص�لاح ال��دي��ن اك�ثر م��ن جم��رد ح��ادث��ة ع��اب��رة ف��ى تاريخ احلروب ال�صليبة ,فهو ميثل احدى تلك اللحظات النادرة و املثرية فى تاريخ الب�شرية) . .ا�ستطاع �صالح الدين ان يتغلب على جميع العقبات ,لكى يخلق وح��دة معنوية, برهنت ان لها من القوة ما يكفي القول للوقوف بوجه التحديات يف ع�صره. . يقول امل�ؤرخ الرو�سي (ميخائيل زاب��وروف) ,ان الرقة الن�سبية ال�ت��ى اب��داه��ا ال�ق��ائ��د الع�سكري ��ص�لاح ال��دي��ن االيوبي ,بعد اال�ستيالء على القد�س ,كانت فى ما كانت, �سببا لتزيني ت��اري��خ �صالح ال��دي��ن يف ال�غ��رب يف م��ا بعد, ب�شتى اال�ساطري التى تطرى �شهامته غري العادية ,اما فى الواقع ,فان اعتدال �صالح املته االعتبارات ال�سيا�سية, ذلك انه كان عليه ان ي�ضم ارا�ضى دول ال�صليبيني الى قوام الدولة امل�صرية ,ومل يكن من �شان �شرا�سة الظافر اال ان ت�سيء الى هذه الق�ضية ,وعلى رغم ان (زابوروف) ي�سعى ال��ى اظ�ه��ار ان ��ص�لاح ال��دي��ن ت�سامح الع�ت�ب��ارات �سيا�سية ,ولكن هذا تف�سري �ضعيف بق�ضية مبادرة �صالح الدين بار�سال الفاكهة والثلج وطبيبه اخلا�ص لريت�شارد قلب اال�سد ,حني جرح فى قتاله مع امل�سلمني اثناء احلملة ال�صليبية الثالثة . .هل هذا اعتدال ام ان�سانية بحتة . .؟ وخ�ير �شاهد ك��ذل��ك ه��و ذل��ك ال�ضريح امل�صنوع من املرمر الثمني والنادر ,الذى اهداه ملك املانيا قبل اكرث من مئة وخم�سني عاما ,الى مرقد �صالح الدين اال�صلي امل��وج��ود ف��ى ب��اح��ة اجل��ام��ع االم� ��وى ف��ى دم �� �ش��ق ,وه��ذا ال�ضريح مثبت بجانب قربه اال�صلى ,تقديرا ل�شجاعته ورافته و مروئته ايام �صوالته من احلروب ال�صليبية. م�ؤرخون �شرقيون ام ��ا ��ش�ي��خ م� ��ؤرخ ��ي م���ص��ر واال�� �س�ل�ام (ت �ق��ي ال��دي��ن املقريزي) ,فقد مدح فى �صالح الدين كثريا من ال�صفات, مثل التوا�ضع و ال�صرب و قوة االحتمال والورع ,وقبل كل ذالك الكرم الذى فاق مبراحل كرم حامت الطائي ,اذ يقول: ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
31
مل يكن له فر�س يركبه ,وك��ان ورع��ا ,ر�أى يوما (العماد الكاتب) يكتب من دواة حمالة بالف�ضة فانكرها ,وقال هذا حرام ,وكان الي�صلي اال فى جماعة ,وكان ي�سوي فى املحكمة بني اكرب النا�س و بني خ�صمه ,وكان �شجاعا فى احلروب ,مير فى ال�صفوف ولي�س معه اال و�صى ,و ن�شري الى ما جاء فى العبارة االخرية من جتواله بني �صفوف قواته ,وهو امر بالغ اخلطورة ,من حيث انه القائد العام للجيو�ش اال��س�لام�ي��ة ,وم��ع ذال��ك مل يكن ينف�صل عن ا�صغر جنوده ,وال ي�ضع بينه و بينهم حواجز ,بحيث انه كان يتفقد اجلي�ش من دون حرا�س ,وهذه �شجاعة تقرتب من حد التهور ,النه كان من ال�سهل ان يتنكر اى جا�سو�س او من يريد لل�سلطان ب�سوء بني ال�صفوف وي�صيبه اذا اراد ,لكن اميان �صالح الدين اجلازم بانه لن ي�صيبه اال ماكتب اهلل له ,جعله يتحرك بني جنوده الذين يثق بهم م��ن دون خ��وف او وج��ل . .وتتفق امل ��ؤرخ��ة الفل�سطينية (ه��ادي��ة دج��ان��ى �شكيل) م��ع م��ن �شبه فتح �صالح الدين القد�س بالفتح العمرى حني تقول :قابل امل�ؤرخون فتحه هذا بالفتح العمرى ,كما قابلوا فتحه مبعجزة اال�سراء واملعراج ,وعدوه الفتح الثانى للقد�س اجلغرافية ,والفتح الثالث للقد�س اجلغرافية والروحية معا.
32
(ال�ع�م��اد اال��ص�ف�ه��اين) ال ��ذى ك��ان م��ن امل�ق��رب�ين من �صالح الدين وتولى ديوان املن�ش�أ فى عهده ,وهذا الديوان يعادل وزارة اخلارجية فى انظمة احلكم املعا�صرة ,ا�شاد اال�صفهاين فى �شهادته عن �صالح الدين بانه ترك كثريا من االوالد� ,سبعة ع�شر ولدا وبنتا واح��دة ,ومع ذلك مل ي�شغل باله بجمع امل��ال لهم ,بدليل انه ترك فى خزانته م��ن ام��وال مملكته الوا�سعة ال�ت��ى �ضمت م�صر وال�شام واليمن واحلجاز ,فقد انفقها جميعا فى اجلهاد واقامة دولة ا�سالمية موحدة ,وهذه ال�شهادة در�س قا�س حلكام ع���ص��رن��ا ال��ذي��ن ا��س�ت�ح�ل��وا ام� ��وال ��ش�ع��وب�ه��م ,فحجزوها النف�سهم فى خزائن البنوك ,ون�سوا ان التاريخ يحكم على احلكام باالعمال ال مبا جمعوه من االموال ,وهذا الدر�س تع�ضده �شهادة االدي��ب املعا�صر (ام�ين معلوف) �صاحب امل�صادر: .1الدولة الزنكية ,د.على حممد ال�صالبى ,دار املعرفة, بريوت ,لبنان ,الطبعة االولى.2007 ,
كتاب (احل��روب ال�صليبية كما ر�آه��ا العرب) ,الذى قال: (واذا ك��ان �صالح الدين قد فتح القد�س فما ذاك الجل املال وال حتى االنتقام ,لقد �سعى على االخ�ص الى القيام مبا يفر�ضه عليه ربه ودينه ,وانت�صاره انه حرر املدينة املقد�سة من نري الغزاة من غري حمام دم وال تدمري وال حقد ,و�سعادته هى ان ي�ستطيع ال�سجود فى هذه االمكنة ال�ت��ى ل��واله��ا مل��ا ا�ستطاع م�سلم ان ي�صلي فيها ,وكانت ح��روب �صالح الدين ذات اه��داف �سامية و غايات رفيعة ج��دي��رة بالتقدير ,وه��ذا االم��ر مل يتناطح فيه عنزان, اال م��ن حقد على �صالح ال��دي��ن ب�سبب ت�صفية الدولة الفاطمية املتداعية فى ذلك الوقت). . من الطبيعى ان يهتم امل�ؤرخون بالقامات الكبرية فى تاريخ االمم املا�ضية و الكتابة عنها ,حر�صا على تخليد ذكراها ,و تكون قدوة لالجيال االتية ,وهناك كاتب مثل (ال��دك �ت��ور حم�م��د م ��ؤن ����س) ,ال��ف �ستة ك�ت��ب ع��ن �صالح الدين ,مثل (�صالح الدين بني احلقيقة واال�سطورة), (رح �ل �ت��ى ال ��ى � �ص�لاح ال ��دي ��ن)� � ,ص�لاح ال��دي��ن االي��وب��ى ب�ي�ل��وغ��راف�ي��ا ك��رون��ول��وج �ي��ة)� �( ,ص�ل�اح ال��دي��ن االي��وب��ى �شهادات من ال�شرق والغرب) ,وكتب عنه الدكتور حممد على ال�صالبى ,و كاتب كردي الربوفي�سور حم�سن حممد ح�سني ,والدكتور نا�صر علوان� ,صفحات رائعة فى حياة القائد ال�ف��ذ ,وان��ا ادري ان م�ستقبل الكتابة ع��ن �صالح الدين م�شرقة ووا�سعة وكثرية ,ويبحثون اكرث واكرث عن وثائق مفقودة و غري من�شورة حول هذا الرجل الذي حرر االر���ض ووح��د االم��ة وح��ول التاريخ وانقذ احلياة وطرد ال�شر عن اوطاننا مرة اخرى. ل�ع��ل م�ط��ال�ع��ة و م�ت��اب�ع��ة ه ��ذه ال �� �ش �ه��ادات ال�شرقية وال�غ��رب�ي��ة ع��ن ��ص�لاح ال��دي��ن ,تك�شف لنا ع��ن �سر جناح �صالح الدين ,الذي كتبت عنه الكثري ,واتوقع ان يكتب عنه فى امل�ستقبل ابحاث علمية اكادميية اكرث ,لعل هذه الكتابات جت��د م��ن ح�ك��ام ال�ك��رد وال �ع��رب وامل�سلمني من ي�ق��دره��ا وي�ق�ت��دي ب�ه��ا ,فيهيمون اع�ج��اب��ا ب��ه و باخالقه العظيمة التى مثلت قمة العبودية و الفرو�سية اال�سالمية فى ع�صر احلروب ال�صليبية. العربى ,القاهرة.1994 ,
.5ت��اري�خ�ن��ا امل �ف�ترى ع�ل�ي��ه ,د.ي��و� �س��ف ال �ق��ر� �ض��اوي ,دار .2دول� ��ة ال���س�لاج�ق��ة ,د .حم�م��د ع�ل��ى ال���ص�لاب��ى ,م�صر ,ال�شروق ,لبنان.1998 , م�ؤ�س�سة اقرا ,القاهرة.2006 , .3اجلي�ش االي��وب��ى ف��ى عهد ��ص�لاح ال��دي��ن ,د .حم�سن �.6صالح الدين بطل حطني وحمرر القد�س ,د .عبداهلل حممد ح�سني ال �ك��ردى ،م�ؤ�س�سة الر�سالة ,الطبعة نا�صر علوان ,دار ال�سالم للن�شر ,عمان.2002 , االولى.1994 , .7م �ق��االت ف��ى االن�ترن �ي��ت ل�ل�ك�ت��اب :د.ع�م�ي����ش يو�سف .4ن��ورال��دي��ن و ال�صليبيون ,ح�سن حب�شى ,دار الفكر عمي�ش ,حممد م�ؤن�س .حممد فورزى رحيل..
دراسات
من حقوق المرأة
في النظام اإلسالمي المعاصر مقدمة َّا�س ا َّتقُواْ َر َّب ُك ُم ا َّل ِذي خَ لَ َقكُم يقول اهلل تعالى يف كتابه " َيا �أَ ُّي َها الن ُ ِّمن َّنف ٍْ�س َو ِاح � َد ٍة َوخَ لَ َق ِم ْن َها َز ْو َج َها َو َب��ثَّ ِم ْن ُه َما ِر َج��ا ًال َك ِثرياً َو ِن َ�ساء َوا َّتقُواْ اللهّ َ ا َّل ِذي ت ََ�ساء ُلو َن ِب ِه َوالأَ ْر َح��ا َم �إِ َّن اللهّ َ َكا َن َعلَ ْي ُك ْم َر ِقيباً(-)1 الن�ساء. وم��ن تكرمي الإ��س�لام ل�ل�م��ر�أة �أن جعلها �أ��ص� َل ال� رََّّت ةب�ي��ة القَومية، و َم�صنع ال� ِّرج��ال والأب�ط��ال؛ فقد رب��ط الإ��س�لام بني تَن�شئة الأبطال وال � ِّرج ��ال الأف � ��ذاذ ،و� �ص�لاح امل�ج�ت�م��ع ،وا��س�ت�ق��ام��ة ح��ال��ه وب�ي�ن امل ��ر�أة، مقيا�س للأُ ّمة. ف�صالحها وعلمها وا�ستقامتها ٌ �أوال :حقوق املر�أة يف الإ�سالم
الدكتورة أدب مبارك السعود جامعة العلوم اإلسالمية العالمية-األردن
• مفهوم حقوق املر�أة (ت�أ�صيل املفهوم �شرعيا) قبل احلديث عن حقوق امل��ر�أة التي جاء بها الإ�سالم ال بد من تو�ضيح معنى م�صطلح حقوق امل��ر�أة من الناحية ال�شرعية ،ذل��ك �أن هذا املفهوم ميكن فهمه على �أكرث من وجه بح�سب من ي�ستخدمه� ،أو ال�سياق الذي ي�ستخدم فيه. احلق : يف اللغة يعني �ضد الباطل ،ووردت كلمة احلق بعدة معان منها: الثبوت،الوجود،ال�صدق،اليقني،الأمر القطعي،العدل ،ال�صحيح ،امل�ستقيم، الواجب ،والعمل الذي يحدث حتما. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
33
34
ويف اال�صطالح :عرف الفقهاء والأ�صوليون احلق بتعريفات كل منهما البيولوجية ،فقد �ساوت ال�شريعة بني الرجل واملر�أة ال تخرج عن معانيه اللغوية ،وله عندهم معنيان : يف واجبات الإمي��ان ،والعبادات (ال�صالة،ال�صيام ،الزكاة ،احلج ) ،وح��ق امللكية ،وال��ذم��ة املالية ،يف حني �أعطت حق احل�ضانة الأول :ما كان احلكم مطابق للواقع ،فالدين حق وعك�سه للمر�أة ،وجعلت اجلهاد على الرجل (العيد). الباطل. • حقوق املر�أة يف الإ�سالم ال�ث��اين :ويعني ال��واج��ب الثابت ،مثل حق اهلل على عباده، وحقوق العباد. االعرتاف بامل�ساواة يف �أ�صل اخللقةوتق�سم احلقوق وفقا العتبارين رئي�سني هما : فالرجل واملر�أة خلقا من نف�س واحدة قال اهلل تعالىَ “ :يا ا�س ا َّت ُقوا َر َّب ُك ُم ا َّل ِذي َخلَ َق ُك ْم ِمنْ َن ْف ٍ�س َو ِاح َد ٍة َو َخلَ َق ِم ْن َها �أَ ُّي َها ال َّن ُ الأول :اعتبار �صاحب احلق ،وي�شمل هذا االعتبار : اً ريا َو ِن َ�سا ًء” ( -)1الن�ساء. َز ْو َج َها َو َب َّث ِم ْن ُه َما ر َِجال َك ِث ً حق اهلل تعالى اخلال�ص :كحقه يف العبادة ،واتباع حكمه "�إن• احلق يف احلياة احلكم �إال هلل" يو�سف(.)41 ��س��اوى الإ� �س�لام ب�ين ال��رج��ل وامل ��ر�أة يف ح��ق احل�ي��اة واعترب حق العباد اخلال�ص :وهو ما كان نفعهخمت�ص ب�شيء معني ،التعدي على هذا احلق من �أعظم الذنوب(الكبائر) التي تعادل ذلك. ونحو كحق امللكية ،وحق النفقة للزوجه، قتل النف�س بغري حق. وال�ف��رق ب�ين احل��ق اخلال�ص هلل ،وح��ق العبد �أن��ه ال يجوز وق��د ا�ستنكر الإ� �س�ل�ام وذ ّم ع��ادة و�أد ال�ب�ن��ات ال�ت��ي كانت التنازل عن حقوق اهلل اخلال�صة ،يف حني ميكن للفرد التنازل مت��ار��س�ه��ا ب�ع����ض ال�ق�ب��ائ��ل ال�ع��رب�ي��ة ق�ب��ل الإ�� �س�ل�ام وو��ص�ف�ه��ا ذلك. عن حقه اذا �شاء الُن َثى َظ َّل َو ْج ُه ُه ُم ْ�س َو ًّدا َو ُه َو بالب�شاعةَ “ .و ِ�إ َذا ُب ِّ�ش َر َ�أ َح ُدهُم ِب ْ أ ما اجتمع فيه احلقان :وحق اهلل هو الغالب ،كحد القذف َك ِظي ٌم (َ )58ي َت َوا َر ِىم َن ا ْل َق ْو ِم ِمن ُ�سو ِء َما ُب ِّ�ش َر ِب ِه �أَيمُ ْ �سِ ُك ُه َعلَى َ ُهونٍ �أَ ْم َيد ُُّ�س ُه يِف الترُّ َ ابِ �أ اَل َ�سا َء َما َي ْح ُك ُمو َن" (-)59النحل .كما بعد رفع الأمر الى احلاكم ،وحق الزوجة يف املهر. حرم قتل النف�س " بغ�ض النظر عن اجلن�س" خوفا من الرزق �أو ما اجتمع فيه احلقان :وحق العبد هو الغالب ،كحق الزوجة بعد جرمية الزنا كما وردتفي �سورة الإ�سراء.يف العدل عند التعدد ،وحقها يف الق�سم ولها احلق يف التنازل كما �ساوى بني الرجل واملر�أة يف الأحكام ال�شرعية كالق�صا�ص عنه كما فعلت �أم امل�ؤمنني “�سودة بنت زمعة “ ر�ضي اهلل عنها بالتنازل عن يومها لل�سيدة عائ�شة ر�ضي اهلل عنها . .والدية �إذ جعل دم املر�أة م�ساويا لدم الرجل. •احلق يف يف الت�صرفات املالية( الذمة املالية امل�ستقلة). الثاين :اعتبار حمل احلق ،وي�شمل : �إذا بلغ الإن���س��ان ف�صار ع��اق�لا ر��ش�ي��دا ك��ان��ت ل��ه �شخ�صيته احلق املايل ،والذي ي�شتمل على نوعني :احلق الذي يتعلقب�أموال التي ميكن اال�ستعا�ضة عنها مبال �أو �أعيان م�ساوية القانونية الكاملة يف �أن يت�صرف فيما ميلكه كما ي�شاء بالبيع لها باملقدار ،واحلق املايل املتعلق بالعالقات الزوجية كالزواج والهبة ،والو�صية ،والإجارة وغري ذلك ،وهذا ينطبق على املر�أة يف حال كانت متلك جتارة او عقار �أو مال �أو م�صالح اقت�صادية، والدخول ،وحب�س الزوجة نف�سها مل�صلحة الزوج . ولي�س للرجل مهما كانت �صفته �أن يجربها على التنازل عن احل��ق غ�ير امل ��ايل ،وه��و م��ا ك��ان متعلقا ب ��أم��ور غ�ير مالية اموالها او حتديد �آلية ت�صرفها بها ،بل لها احلق يف الت�صرفالكرامة ،والعزة ،واملعاملة احل�سنة. باموالها كما ت�شاء �ضمن ال�ضوابط ال�شرعية. بتحليل م��ا �سبق يت�ضح �أن جميع ه��ذه احل�ق��وق م��ن عند • احلق حرية التفكري والر�أي اهلل تعالى ،وتهدف �إل��ى حتقيق م�صالح العباد(ذكورا و�إناثا)، وحماية الفرد امل�سلم من ال�ضرر .فال�شريعة الإ�سالمية �إما ما دامت املر�أة كالرجل يف م�س�ؤولية التكليف واجلزاء ف�إنها جلب منافع� ،أو درء مفا�سد (�ضرر) ،لذا ف�إن ال�شرع �أكد على تت�ساوى معه يف ح��ق التفكري وح��ري��ة ال ��ر�أي ووج ��وب النظر حماية ه��ذه احلقوق ،وع��دم منع �أ�صحابها من التمتع بها� ،أو والتدبر لت�صل �إلى الر�أي القومي و �أعطى الإ�سالم للمر�أة حق حرمانهم منها� ،أو انتقا�صها ،ورتب على ذلك عقوبات حمددة .طلب العلم والتعلم وت�ت�ن��وع احل�ق��وق وال��واج �ب��ات ب�ين ال��رج��ال وال�ن���س��اء ،حيث فقد روى البخاري وم�سلم عن �أبي �سعيد اخلدري" :جاءت مراعاة يقوم تق�سيمها على �أ�سا�س خ�صائ�ص اخللق والتكوين، امر�أة �إلى ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم فقالت :يا ر�سول اهلل! للتمايز والفروق يف اخللق ،وما تبعه من ق��درات واحتياجات ،ذهب الرجال بحديثك ،فاجعل لنا من نف�سك يو ًما ن�أتيك فيه، وه��ذه الفروق ت�شمل االختالف يف الرتكيب اجل�سمي للمر�أة، والطبيعة النف�سية �أي�ضا ،لذا جند �أن ال�شريعة الإ�سالمية قد تعلمنا مما علمك اهلل .قال :اجتمعن يوم كذا وكذا ،فاجتمعن، َّ �ضمنت امل�ساواة بني الرجل وامل��ر�أة يف النواحي الإن�سانية مع ف��أت��اه� َّ�ن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم، فعلمهن مم��ا علمه اهلل بع�ض اخل�صو�صية يف بع�ض الأح�ك��ام ال�شرعية ح�سب طبيعة (العي�سوي).
•احلق يف اختيارالزوج ال يجوز تزويج املر�أة بدون ر�ضاها ولها حق الرف�ض وحق الإي�ج��اب كما فر�ض لها ال���ص��داق (امل�ه��ر) وجعله م��ن �شروط الزواج وهو حق للمر�أة حتى بعد وفاة الزوج ،كما �أعطاها احلق يف ط�ل��ب ال �ط�لاق يف ح��ال ع��دم ال �ق��درة ع�ل��ى ا��س�ت�م��رار احل�ي��اة ال��زوج�ي��ة ب��ل منحها ح��ق اف �ت��داء نف�سها يف ح��ال خ��اف��ت على حياتها� ،أو خ�شيت عدم القدرة على تطبيق �شرع اهلل وهو ما درج على ت�سميته “باخللع “. وحتى بعد الطالق ف�إنه من حق الزوجة املطلقة �أن تبقى يف بيتها ملدة ال�شهور الثالثة ح ّتى تنق�ضي هذه املدة ،وال يحق للزوج �إخراجها من بيته ،وذلك لقول اهلل تعالى "ال تخرجوهن من بيوتهن وال يخرجن" ،ويف الفرتة التي تلتزم بها بالبيت، يجب على زوجها �أن ي�صرف عليها وينفق. وبعد انق�ضاء عدة الثالثة �شهور ،يجب على الزوج �أن يقوم بتوثيق الطالق من املحكمة ال�شرعية مع �إ�شعار ويل �أمر زوجته املطلقة بذلك. وم��ن ح��ق امل ��ر�أة املطلقة بعد ال�ط�لاق � اّأل حت��رم م��ن ر�ؤي��ة �أطفالها� ،أو احت�ضانهم بح�سب الطريقة التي حتددها املحكمة، والإ� �س�ل�ام منح الأم ك��ام��ل احل��ق يف رع��اي��ة �أب�ن��ائ�ه��ا ح��ال وق��وع الطالق،بينما يتكفل والدهم بالنفقة عليهم. ويف املجتمع احلايل يرتتب على الدولة حق امل��ر�أة املطلقة باحل�صول على املعونة املالية التي توفر لها احلد املنا�سب ل�سد حاجاتها الأ�سا�سية. على املجتمع تغيري النظرة ال�سلبية للمطلقة من منطلق ال�شفقة �أو الدونية �أو �أنها ال�سبب يف الطالق ،واعتبار الطالق �أمرا ال ينق�ص من قيمتها االجتماعية �أو كرامتها الإن�سانية. • احلق يف النفقة جعل لها حق النفقة �سواء كانت زوجة �أو كانت بنتاً �أو �أماً �أو �أختاً فلم يكلفها الإنفاق على نف�سها وحتمل امل�شاق من �أجل احل�صول على النفقة بل �أوجبها على الرجل يف كل الأح��وال، وه��ذا من �أج��ل �صونها واحلفاظ عليها ،و�أن��اط النفقة بالويل مبا ي�ضمن لها معي�شة كرمية ،ف�إذا كانت زوجة وجب الإنفاق عليها من ال��زوج لقوله تعالى� “ :أَ ْ�س ِك ُنو ُهنَّ ِم��نْ َح ْي ُث َ�س َك ْن ُت ْم ِمنْ ُو ْج ِد ُك ْم َو اَل ُت َ�ضا ُّرو ُهنَّ ِل ُت َ�ض ِّي ُقوا َعلَ ْيهِنَّ َو�إِ ْن ُكنَّ �أُ اَول ِت َح ْملٍ َف�أَ ْن ِف ُقوا َعلَ ْيهِنَّ َح َّتى َي َ�ض ْع َن َح ْملَ ُهنَّ َف�إِ ْن �أَ ْر َ�ض ْع َن َل ُك ْم َف�آ ُتو ُهنَّ �أُ ُجو َر ُهنَّ َو�أْتمَِ � ُروا َب ْي َن ُك ْم بمِ َ ْع ُر ٍ وف َو ِ�إ ْن َت َع َا�س ْرتمُ ْ َف َ�سترُ ْ �ضِ ُع َل ُه �أُ ْخ� َرى ِل ُي ْن ِف ْق ُذو َ�س َع ٍة ِمنْ َ�س َع ِت ِه َو َم��نْ ُق� ِد َر َعلَ ْي ِه ِر ْز ُق� ُه َف ْل ُي ْن ِف ْق ممِ َّ ا �آ َتا ُه اللهَّ ُ اَل ُي َك ِّل ُف اللهَّ ُ َن ْف ً�سا �إِ اَّل َما �آ َتاهَا َ�س َي ْج َع ُل اللهَّ ُ َب ْع َد ُع ْ�س ٍر ُي ْ�س ًرا". •احلق يف احلماية من العنف بكافة �أ�شكاله من الظواهر املنت�شرة يف املجتمعات املعا�صرة هو العنف �ضد املر�أة والذي ي�أخذ �أ�شكاال عديدة منها : • العنف اجل�سدي� :أي ال�ضرب والتعذيب بطرق خمتلفة مما
يوقع �ضررا مبا�شرا عليها ،وقد ي�ؤدي �إلى ت�شوهات خا�صة �إذا ا�ستخدم �آالت حادة او مواد كيماوية �أو حارقة� ،أو ما �شابه. • العنف املعنوي :ا�ستخدام الألفاظ امل�ؤذية واجلارحة و�إطالق الأو��ص��اف القبيحة على امل��ر�أة ،وا�ستفزازها مبقارنتها مع االخرين و�إظهار ال�سلبيات فقط ،واحيانا التهديد امل�ستمر بالطالق �أو ال��زواج من اخرى مناكفة �أو ازدراء لها ،وعدم �إ�شراكها يف القرار الأ�سري. • العنف االقت�صادي :بعدم االنفاق عليها وعلى الأ�سرة مبا يلبي احلاجات الأ�سا�سية لها ،او اجبارها على العمل وعدم اعطائها احلق يف اال�ستقاللية املالية واحلرية يف الت�صرف ب�أموالها� ،أو اجبارها على ترك العمل دون رغبتها. • احلق يف املرياث ت�ضمن ال�ق��ر�آن الكرمي العديد من الآي��ات القر�آنية التي بينت ح�صة املر�أة يف املرياث وفقا حلاالت معينة ولي�س �صحيحا �أن ن�صيب املر�أة ن�صف املقدارالذي ي�أخذه الرجل من املرياث يف كل احلاالت بل انها احيانا ت�أخذ اكرث منه و�أحياناً تت�ساوى معه و�أحيانا �أقل ،وهذا معمول به يف القوانني اخلا�صة بهذا الأمر. و مل يعمم التفاوت بني الذكر والأنثى يف عموم الوارثني و�إمن��ا ح�صره يف هذه احلالة بالذات يف حالة الأبناء ،واحلكمة هنا ان الذكر مكلف ب�إعالة الزوجة والأخت غري املتزوجة ,اما لو كانت متزوجة ف�إعالتها على زوجها وبذلك تكون املر�أة �أكرث حظا ،فالإعالة يف اال�سالم منوطة بالأب او الأخ �أو الزوج ,وبذلك يكون مرياثها -مع �إعفائها من الإنفاق الواجب -هو ذمة مالية خال�صة لها لت�أمني حياتها �ضد التقلبات واملخاطر،وميكن اي�ضاح ذلك على النحو الآتي: -1هناك �أربع حاالت فقط ترث فيها املر�أة ن�صف الرجل -2ه�ن��اك �أ��ض�ع��اف ه��ذه احل��االت الأرب ��ع ت��رث فيها امل ��ر�أة مثل الرجل متاما. -3هناك �أكرث من ع�شر حاالت ترث فيها املر�أة �أكرث من الرجل. -4هناك حاالت ترث فيها املر�أة وال يرث نظريها من الرجال� .أي ان هناك �أكرث من ثالثني حالة ت�أخذ فيها املر�أة مثل الرجل �أو �أكرث منه او ترث هي وال يرث نظريها من الرجال يف مقابلة �أربع حاالت حمددة ترث فيها املر�أة ن�صف الرجل ،وهذا ح�سب علم الفرائ�ض (املواريث) التي حكمتها املعايري الإ�سالمية. • احلق يف التعليم كانت الن�ساء يف عهد الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم يتعلمن من �أزواج�ه��ن و�أبنائهن �أم��ور دينهن كما �أن الر�سول �صلىاهلل عليه و�سلم يخ�ص�ص لهن يوماً ليعلمهن فيه �أمور الدين وكن ي�س�ألنه ما يخفى عليهن حتى �أن ال�سيدة عائ�شة ر�ضي اهلل عنها قالت ”:نعم الن�ساء ن�ساء الأن�صار مل يكن مينعهن احلياء �أن يتفقهن يف الدين" وذلك عندما جاءت �أ�سماء ت�س�أل عن غ�سل املحي�ض ،وللن�ساء احلق يف الذهاب للم�سجد والتفقه يف الدين، ق��ال ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و��س�ل��م“ :ال متنعوا �إم ��اء اهلل م�ساجد اهلل “. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
35
وقد حدد الإ�سالم تعليم املر�أة ب�ضوابط و�آداب �أهمها: االلتزام بال�ضوابط الأخالقية يف الأماكن العامة ،و�أن تتميز الن�ساء ب�أماكن تعليمية منف�صلة عن الرجال وذلك منعاً للف�ساد ال ��ذي ن ��راه �أح �ي��ان �اً يف خمتلف �أم��اك��ن ال�ع�ل��م املختلط وال��ذي ن�شاهد عواقبه املدمرة على الأخ�لاق والف�ضائل ب�سبب البعد ع��ن الإ��س�لام وتربيته و�ضوابطه ،بالإ�ضافة �إل��ى �أه��م �ضابط وهو اللبا�س ال�شرعي ،قال تعالىَ ( :يا �أَ ُّي َها ال َّنب ُِّي ُق ْل لأَ ْز َواجِ َك ِني ُيدْن َ َو َب َنا ِت َك َو ِن َ�سا ِء المْ ُ�ؤ ِْمن َ ِني َعلَ ْيهِنَّ ِمنْ َجالبِي ِبهِنَّ َذ ِل َك �أَ ْد َنى ُ اللهَّ َ َ �أَ ْن ُي ْع َر ْف َن َفال ُي�ؤْ َذ ْي َن َوكا َن غ ُفو ًرا َر ِحي ًما)-الأحزاب(.)59 ولكن.... . ما هي �أولو ّيات التع ّلم بالن�سبة للمر�أة؟ يرى البع�ض �أن هناك �أولويات بغ�ض عن النظر �إلى م�س�ألة تعليم املر�أة ،وذلك على النحو التايل: -1املعارف الأ�سا�س ّية كالعقائد والفقه والأخالق :ورد يف رواية النبي �صلى اهلل عليه و�آل��ه و�سلم�" :إنمّ ا العلم ثالثة: عن ّ �آي��ة حمكمة �أو فري�ضة عادلة �أو �س ّنة قائمة ،وم��ا خالهنّ فهو ف�ضل" .وه��ذه العلوم �ضرور ّية ج� ّداً لك ّل ام��ر�أة يف �أيّ موقع كانت ،فهي قبل ك ّل �شيء م�أمورة ب�إ�صالح نف�سها على وامل�سلكي والقلبي الأخ�لاق� ّ�ي، امل�ستوى امل�ع��ر ّيف العقائديّ ، ّ ّ الفقهي. ّ � -2أ�ساليب تدبري �ش�ؤون الأ�سرة :حيث تتعدد �أدوار املر�أة يف الأ�سرة ك�إبنة �أو �أخت �أو زوجة �أو �أم ،وهذه الأدوار ك ّلها لها اخلا�صة وت�أثريها على العائلة وخ�صو�صاً الأ ّم التي �أهم ّيتها ّ تربي الأبناء ،وعليه فعلى الأ ّم تع ّلم و�سائل الرتبية ،والتع ّرف علىاخل�صائ�صالنمائيةللأطفالومتغيرّاتهموفقاللمرحلة يح�سن من م�ستوى تربيتها ورعايتها للأبناء. العمرية ،مما ّ
36
ب ـ �أن ي�ك��ون ال�ع�م��ل ب�ع�ي��دا ع��ن ج��و االخ �ت�ل�اط ..وذل ��ك منعا لل�شبهات وحفاظا على الأخالق الطيبة.. ج ـ �أال يتعار�ض عمل املر�أة مع ر�سالتها احلقيقية .وهي الأمومة ورعاية �ش�ؤون الأ�سرة ح� -أن تكون امل��ر�أة اخلارجة للعمل يف حاجة له ،وو�ضع �أ�سرتها االقت�صادي يفر�ض عليها خروجها للعمل. خ� -أن تخرج املر�أة من بيتها حمجبة م�ستورة. د� -أن ال تبدي املر�أة �أي زينة �أثناء خروجها من بيتها. ذ� -أن حت�صل على موافقة وليها ،وال��ده��ا ك��ان �أو زوجها لكي تخرج للعمل. • احلق يف ال�شهادة لقد جاء مبد�أُ توثيق احلقوق و�إثباتها عن طريق الكتابة وال�شهادة يف �آية املداينة ،فقال تعالىَ " :و ْا�س َت ْ�ش ِهدُوا َ�شهِي َد ْينِ ِمنْ ِر َجا ِل ُك ْم َف�إِ ْن لمَ ْ َي ُكو َنا َر ُجلَينِْ َف َر ُج ٌل َوا ْم َر�أَ َتانِ ممِ َّ نْ َت ْر َ�ض ْو َن ِم� َ�ن ُّ الُ ْخ� � َرى " ال�ش َهدَا ِء َ�أ ْن َت�ضِ َّل �إ ِْح�دَا ُه� َم��ا َف ُت َذ ِّك َر �إ ِْح�دَا ُه� َم��ا ْ أ ال�ب�ق��رة ،282 :وت��دل الآي ��ة على توثيق احل�ق��وق لئال ت�ضيع، وال عالقة العتبار �شهادة ام��ر�أت�ين مقابل �شهادة رج��ل واحد ب�إن�سانية امل ��ر�أة وكرامتها و�أهليتها،كما �أن الأم ��ر ال ينطبق على جميع احل��االت ويف هذا ال�سياق ال بد من تو�ضيح االتي: �أن امل��ر�أة يف �أغلب الأوق��ات تلزم البيت ،ويقت�صر عملها علىير مهتمة باملعامالت املالية وما ��ش��ؤون البيت مما يجع ُلها غ� َ �شابهها ،بل تكون ممار�س ُتها لها �أو ح�ضورها ملجال�سها ال يقع �إال قلي ًال؛ لذلك تكون ذاكرتها يف هذه اجلهة �ضعيف ًة ،بعك�سها يف الأمور املنزلية ،ف�إنها تكون فيها �أقوى من ذاكرة الرجل؛ ذلك �أن من طبيعة الب�شر ذكو ًرا و�إنا ًثا �أن َي ْق َوى تذ ُّكرهم للأمور التي تهمهم ،ويكرث ا�شتغا ُلهم بها ،وال تنخرم تلك القاعدة مبمار�سة عدد من الن�ساء للأعمال املالية؛ لأنها قليلة ،والأحكام العامة �إمنا ُتناط بالأكرث يف الأ�شياء وب�أ�صلها ،دون ال�شاذ منها. ان امل��ر�أة تتم َّيز بقوة العاطفة ،ور َّق��ة القلب،نظرا لوظيفتهاالأ�سا�سية من احل�ضانة والأم��وم��ة لذلك ج��اءت عاطف ُتها �أقوى من تفكريِها ،وتطغى عليه يف كث ٍري من الأحيان ،لذا جاء ا�ستبعا ُد �شهاد ِتها يف الق�ضايا اخلطرة كاحلدود والدماء، وفيما عداهما قبلت مع �شهادة رجلٍ ،ب�شرط �أن تكون معها واحدة �أخرى ،حتى �إذا ن�سيت �إحداهما ذ َّكر ْتها الأخرى ،ثم �أخذ ب�شهادتها وحدَها يف الأمور التي مل َّ يطلع عليها غريها.
-3اخل� � � ��دم� � � ��ات :حت� � �ت � ��اج امل� � � � � � ��ر�أة ال� � � ��ى ال � �ع � ��دي � ��د م��ن اخلدمات(اجتماع ّية ،ونف�س ّية ،و�صحية .. .الخ) ،مما يربز احل��اج��ة �إل ��ى وج ��ود ن���س��اء ي�ق��دم��ن ت�ل��ك اخل��دم��ات ح�ت��ى ال ت�ضطر املراة امل�سلمة �إلى احل�صول عليها من قبل الرجال. -4حاجات املجتمع :ت�شكل الن�ساء ن�صف املجتمع تقريبا من الناحية ال��رق�م�ي��ة ،كما ان�ه��ا تتولى رع��اي��ة الن�صف االخ��ر عمليا ،وبالتايل ف�إن املر�أة املتعلمة ت�ستطيع بناء جيل متميز، مما ي�ساعد يف نه�ضة الأمة ،فاملر�أة املتعلمة هي �أ�سا�س نه�ضة ال�شعوب وتقدمها. وي�ق��ول �أح��د الك َّتاب امل�سلمني" :لي�س اعتبار �شهادة ام��ر�أت�ين • احلق يف العمل ب�شهادة رجل واحد دلي ًال كذلك على �أن املر�أة ت�ساوي ن�صف و�أب� ��اح اال� �س�لام ل�ل�م��راة �أن تعمل وذل ��ك وف��ق ال���ش��روط “ رج��ل� ،إمن��ا ه��ي �إج��راء ُر ِ وع � َي فيه توفري ك��ل ال�ضمانات يف ال�ضوابط “ التالية : ال�شهادة� ،سواء كانت ال�شهادة مل�صلحة املتهم �أم �ضده ،وملا �أـ �أن ين�سجم العمل وطبيعة امل��ر�أة كالتعليم واملهن والوظائف كانت بطبيعتها العاطفية املتدفقة ال�سريعة االنفعال مظ َّن َة اخلا�صة بالن�ساء ..وتن�سجم وطبيعتهن� ..أما الأعمال التي �أن تت�أ َّثر مبالب�سات الق�ضية ،فت�ضل عن احلقيقة؛ ُر ِ وعي �أن ال ينجح يف القيام بها �إال الرجال فقد منعها الإ�سالم من تكون معها امر�أ ٌة �أخرى؛ �أن ت�ضل �إحداهما فتذ َّكر �إحداهما ممار�ستها.. الأخرى ،فتظهر احلقيقة".
�أجاز الإ�سالم الأخذ ب�شهادة امر�أة واحدة �أو امر�أتني من دونال��رج��ل يف احل ��وادث الفجائية� ،أو يف احل��االت ال�ت��ي �إن مل ت�ؤخذ ب�شهادتها �ضاعت احلقوق ،وكذلك ي�ؤخذ ب�شهادتها دون الرجل يف احل��وادث التي ال ت�ش َهدُها �إال الن�ساء ،وقد د َّل القر�آن على َقبول �شهادة اثنني من الك َّفار على و�صية امل�سلم الذي يدركه املوت فيو�صي وال يجد �أحدًا غري الكفار للإ�شهاد عليها ،وذلك بقوله تعالىَ “ :يا �أَ ُّي َها ا َّل ِذ َ ين �آ َم ُنوا َ�ش َها َد ُة َب ْي ِن ُك ْم �إِ َذا َح َ�ض َر �أَ َح� َد ُك� ُم المْ َ� ْو ُت ِح�ي َ ن ا ْل َو�صِ َّي ِة ا ْث َنانِ َ َذ َوا َع � ْدلٍ ِم ْن ُك ْم َ�أ ْو � َآخ � َرانِ ِم��نْ َغ�ْيِرِْ ُك� ْم �إِ ْن �أ ْن� ُت� ْم َ�ض َر ْب ُت ْم يِف ال ْر� �ضِ َف َ�أ َ�صا َب ْت ُك ْم ُم�صِ ي َب ُة المْ َ� ْو ِت " املائدة ،106 :ف�إذا كانت ْ َأ �شهادة الكفار على و�صية امل�سلم نافذ ًة ،كما قال بذلك عدد م��ن ال�صحابة وال�ف�ق�ه��اء ،و�أح �م��د ب��ن حنبل ،واب��ن تيمية، والقرطبي ،فمما ال �شك فيه �أن �شهادة امل�سلم رج ًال كان �أم امر�أ ًة َ�أ ْولى بالأخذ من �شهادة الكافر. وق��د ذه��ب ال�ظ��اه��ري��ة ،واب ��ن تيمية ،واب ��ن ال�ق�ي��م ،وبع�ض املحدثني من فقهاء الع�صر؛ كالعالمة حممد جليزادة ،وحممد ع��زة دروزة� ،إل��ى َق�ب��ولِ �شهادة امل��ر�أة يف جميع امل�سائل حتى يف احلدود والدماء والعقود كالنكاح وما �شابهه؛ ا�ستنا ًدا �إلى الآيات املتعلقة با�ست�شهاد ال�شهداء ب�صفة عامة دون متييز بني �أن يكون ال�شاهد ذك ًرا �أم �أنثى؛ ومن ذلك قوله تعالىَ “ :و�أَ ْ�ش ِهدُوا َذ َو ْي َع � ْدلٍ ِم ْن ُك ْم " ال �ط�لاق ،)2(:وقوله تعالىَ " :وال�َّل�اَّ ِت��ي َي��أْ ِت�ي َ ن ا ْل َف ِاح َ�ش َة ِم��نْ ِن َ�سا ِئ ُك ْم َف ْا�س َت ْ�ش ِهدُوا َعلَ ْيهِنَّ �أَ ْر َب � َع � ًة ِم ْن ُك ْم َف � إِ� ْن َ�ش ِهدُوا َف َ�أ ْم�سِ ُكو ُهنَّ يِف ا ْل ُب ُي ِ وت َح َّتى َي َت َو َّفا ُهنَّ المْ َ� ْو ُت �أَ ْو َي ْج َع َل ْ اللهَّ ُ َل ُهنَّ َ�سبِيل" الن�ساء ،)15( :وقوله -تعالىُ } :-ث َّم لمَ ْ َي�أ ُتوا بِ�أَ ْر َب َع ِة ُ�ش َهدَا َء { النور ،4 :فقد ق�صد بال�شهداء يف هذه الآيات الرجال والن�ساء؛ لعدم وجود قرينة تدل على �أن امل��راد �شهادة الرجل فقط دون املر�أة. وم��ن املتفق عليه �أن �شهادة امل��ر�أة وحدها ُتق َبل يف �أم��ور اخ�ت���ص��ا��ص�ه��ا؛ ك���ش�ه��ادت�ه��ا يف ال��ر� �ض��اع ،وال �ب �ك��ارة ،وال�ث�ي��وب��ة، واحلي�ض ،وال��والدة ،وكذلك جماعات الن�ساء والأعرا�س ،ونحو ذلك مما كان تخت�ص مبعرفته الن�ساء ،بل هي يف هذه الأم��ور تع ُّد �شهادتها �أحق من �شهادة الرجل. كما ن����ص ال �ق��ر�آن على امل���س��اواة يف ال���ش�ه��ادة ب�ين امل��ر�أة والرجل �إذا ا َّتهم الرجل زوج َته بال�سوء ب��أن ي�شهد ٌّ كل منهما �أربع �شهادات ،قال تعالىَ }:وا َّل ِذ َ ين َي ْر ُمو َن �أَ ْز َو َاج ُه ْم َولمَ ْ َي ُكنْ َل ُه ْم ُ�ش َهدَا ُء �إ اَِّل �أَ ْن ُف ُ�س ُه ْم َف َ�ش َها َد ُة �أَ َح ِد ِه ْم َ�أ ْر َب ُع َ�ش َها َد ٍات ِباللهَِّ ِ �إ َّن ُه لمَِ َن ِني * َوالخْ َ ِام َ�س ُة �أَ َّن َل ْع َنتَ اللهَِّ َعلَ ْي ِه �إِ ْن َكا َن ِم َن ا ْل َكا ِذب َ ال�صا ِدق َ ِني * َّ َو َي ْد َر ُ�أ َع ْن َها ا ْل َع َذ َاب َ�أ ْن َت ْ�ش َه َد َ�أ ْر َب َع َ�ش َها َد ٍات ِباللهَِّ ِ�إ َّن ُه لمَِ َن ا ْل َكا ِذب َ ِني * َوالخْ َ � ِ�ام��� َ�س� َة �أَ َّن َغ َ�ض َب اللهَِّ َعلَ ْي َها �إِ ْن َك��ا َن ِم� َ�ن ال��َّ��ص��ا ِد ِق�ي َ ن{ النور()9 - 6(:بدران.)2013، • احلق يف امل�شاركة يف احلياة ال�سيا�سية تعر�ضت م�شاركة امل��ر�أة يف احل�ي��اة ال�سيا�سية �إل��ى جدل كبري� ،سواء كان ذلك على �صعيد اخلطاب ال�سيا�سي احلديث، �أو ما ت�ضمنه الرتاث املتعلق بتاريخ املر�أة ال�سيا�سي عرب القرون ال�سابقة ،وقد خ�ضعت م�شاركة امل��ر�أة يف احلياة ال�سيا�سية �إلى نقا�ش من نوع خا�ص ،متيز باحلدّة ن�سبيا �سواء من املعار�ضني �أو من امل�ؤيدين للم�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة ،ولأ�سباب عديدة لدى الطرفني املت�ضاربني ،،ويعود ال�سبب يف ح��دة اجل��دل الدائر
حول هذا الأمر -من وجهة نظري� -إلى -: الفهم غري ال�صحيح للن�صو�ص ال�شرعية -الواردة يف م�صادرالت�شريع -اخلا�صة بالأدوار الإجتماعية للمر�أة ،والتي تبني الت�صور الإ�سالمي ونظرته للمر�أة ،واملقا�صد ال�شرعية لهذا ّ الت�صور. املمار�سات املخالفة للدين – حتت غطاء الدين -جتاه املر�أةيف املجتمعات اال�سالمية ،ما �أدى �إلى بروز �إ�شكاليات كثرية ح��ول م�شاركة امل��ر�أة ال�سيا�سية ،ف�ضال عن قيامها ب ��أدوار اجتماعية �أخرى. ال�صورة غري ال�صحيحة التي تكونت عند �أ�صحاب الثقافاتالأخ��رى ح��ول �صورة امل��ر�أة يف الإ��س�لام ،وذل��ك ب�سبب عدم قيام �أبناء الأم��ة اال�سالمية باجلهد الكايف لبيان ال�صورة ال�صحيحة مل�شاركة املر�أة (نظريا وعمليا) من جهة ،والهجمة املق�صودة على امل��ر�أة امل�سلمة و�إظهارها ب�صورة دونية و�أقل �أه�م�ي��ة م��ن ال��رج��ل بحجة ال�ظ�ل��م ال��دي�ن��ي ل�ه��ا م��ن خ�لال العر�ض لبع�ض الن�صو�ص ال�شرعية املت�ضمنة �أحكاما خا�صة باملر�أة ،او تنظم عالقات حمددة بني املر�أة والرجل يف حاالت ع��دي��دة ،والرتكيز على الق�ضايا اخلالفية وع��دم الوقوف على احلكم االلهية �أو الفوائد االجتماعية للمجتمع " :وال يظلم ربك �أحدا " “�أ�أنتم �أعلم �أم اهلل ". الهجمة ال�شر�سة من قبل �أع��داء الأم��ة الإ�سالمية – وقدينكر البع�ض ه��ذا ال�سبب بحجة نظرية امل ��ؤام��رة -على املجتمعات امل�سلمة ،ب�ه��دف �إ��ض�ع��اف�ه��ا لت�سهيل ال�سيطرة عليها ،من خالل مدخل احلقوق الإن�سانية وبع�ض املفاهيم االن���س��ان�ي��ة ال�ع��ام��ة م�ث��ل :امل �� �س��اواة ،ال�ع��دال��ة الإج�ت�م��اع�ي��ة، واحلقوق الإن�سانية الواردة يف امليثاق العاملي حلقوق الإن�سان (،)1948وتتخذ من هذه مداخال لتفكيك املجتمعات علما �أن جملة احلقوق الواردة يف امليثاق العاملي حلقوق الإن�سان جاء بها الإ�سالم قبل اربعة ع�شر قرنا ونيف.. .و�أن ال�سائد من ممار�سات خاطئة ما هي �إال ممار�سات جمتمعية ال يتحمل وزرها الدين بل من ميار�سها. ومي � �ك ��ن ت� �ع ��ري ��ف امل� ��� �ش ��ارك ��ة ال �� �س �ي��ا� �س �ي��ة ع� �ل ��ى �أن � �ه ��ا: "تعزيز دور املر�أة يف �إطار النظام ال�سيا�سي ،ل�ضمان م�ساهمتها يف عملية �صنع ال�سيا�سات العامة ،والقرارات ال�سيا�سية ،والت�أثري فيها ،واختيار القادة ال�سيا�سيني"(العزب.)2012، و يعرف كل من ين وفريابا ( ) Nie and Verbaامل�شاركة ال�سيا�سية ب�أنها جمموعة م��ن االن�شطة القانونية ميار�سها امل��واط�ن��ون بهدف ال�ت��أث�ير يف اختيار امل�س�ؤولني والت�أثريعلى �سلوكهم و�أفعالهم وعلى ال�ق��رارات التي يتخذونها .وترتكز �أهمية امل�شاركة ال�سيا�سية يف ق��درة املواطنني على الت�أثري يف القرارات احلكومية(العثمان ). وم��ن اجل��دي��ر ذك��ره �أن امل�شاركة ال�سيا�سية ال تعني فقط امل�شاركة يف االنتخابات بل �أنها ت�شمل التمتع بكافة احلقوق على �أ�سا�س املواطنة ،كاحلق يف تويل املنا�صب يف ال�سلطة التنفيذية والت�شريعية والق�ضائية ،وامل�شاركة يف قيادة الأحزاب وجماعات ال�ضغط واملنظمات غري احلكومية. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
37
مقاالت
اإلمام أبو حنيفة النعمان
ودور العقل نقف ال�ي��وم عند ح��دود �شخ�صية فكرية �شغلت الدنيا بع�صرها مبا منحته من معرفة قابلة للقيا�س والتجديد يف بناء الأم��ة الفكري� ،إذ انق�سم العامل الإ�سالمي �إلى مذاهب معدودة ،احتل �صاحبنا الإم��ام �أبو حنيفة م�ساحة ال ُي�ستهان بها يف العقول على ات�ساع تواجدها.
38
المهندس مروان الفاعوري أمين عام المنتدى العالمي للوسطية
�إن املنهج العلمي الر�صني ال��ذي ارت���ض��اه �سبي ً ال ملقارباته الفكرية والعقلية جتاه كل م�س�ألة طارئة على البحث ،قد �أ�سهم ب�إيجاد مدر�سة عقلية فكرية حترتم دور العقل يف بيان مفا�صل احلالل واحلرام ،واملندوب وامل�ك��روه ،وغ�يره ،ومب��ا ين�سجم مع احلكم ال�شرعي امل�ستند �إل��ى القر�آن الكرمي وال�سنة املطهرة والقيا�س والإجماع املف�ضي �إلى تهذيب الأحكام وتنقيتها من كل �شبهة ،فكلما ارتقى با�ستح�ضار العقل كان ذلك �أدعى �إلى ا�ستكمال الر�أي ال�صائب يف �أي م�س�ألة كانت. ولعل ما �سبق من قول �أفاد املذهب الذي ارت�ضاه الإمام لنف�سه ،وهو املذهب العقلي يف تناول كل م�س�ألة ،حتى غدا مذهبه بوابة عقلية ملن �أراد �أن يحكم على موقف الإ�سالم من الق�ضايا املعا�صرة والأحكام امل�ستنبطة حولها. ويرى الدار�س يف الفقه الإ�سالمي ما اليراه يف الأديان الأخرى ،و�سبب ذل��ك م��ا ج��اءت ب��ه ال�شريعة الإ��س�لام�ي��ة م��ن ت��وازن��ات حقيقية مطلوبة ي�ستقيم معها حال الفرد واجلماعة معاً يف �أمري الدنيا والآخرة ،فال هي تركت العنان للروح لت�سمو فوق كل �شيء ،في�صري الإن�سان مالكاً يدب على الأر���ض ،وال تركت احلالة ال�شهوانية حتكم ج�سده في�صري حيوانياً على
الإطالق ،ولكن وازنت بني املادة والروح ،فكان مزيجاً بني حالة �إميانية ترتقي بتقواها وورعها �إلى م�صاف الأتقياء الأنقياء الذين يزهدون يف كثري من �أمور الدنيا ،وحالة يقينية تعود بالإن�سان �إلى حاجاته املادية والغرائزية التي ي�ستقيم معها النظر �إليه ك�إن�سان متكامل – ج�سداً ونف�ساً وروحاً.
العلم الذي � ّأهله ليكون فقيهاً عاملاً ورمبا ال ي�صدر ر�أيه �إ ّال عن حكمة ودراية ،يحيث يكون الر�أي ال�صادر عنه م�ستنداً �إلى مراجع الت�شريع الإ�سالمي وم�صادره ويف مقدمتها القر�آن الكرمي ،وال�سنة النبوية و�إجماع العلماء والقيا�س والإ�ستح�سان والعرف والعادة.
وقد كان لدور العقل احل�ضور الذي ي�ستحق يف ذهن وه��ذا الأم��ر ي�ستدعي ا�ستح�ضار العقل ال��ذي ي��وازن الإمام الذي حتدث يف �أمور جدلية كانت مثار جدل كبري بني متطلبات الوجود تلك ،واحلاجات التي تنبثق عنها ،بني علماء ع�صره مثل :القول بخلق القر�آن ،و�صفات اهلل و�إق��ام��ة معادلة حياتية ت�أخذ ب�أمر العقل ليكون حكماً �سبحانه وتعالى ،من �سمع وب�صر – �إلى غري ذلك. على فعل الإن�سان وقوله وحتى خياله ،وم��رد ذل��ك �إلى ومل��ا كانت ر�سالة املنتدى العاملي للو�سطية تت�ضمن الكثري من الآيات الكرمية التي تدعه �إلى التفكّر والتد ّبر وال�ت�ب���ص��ر يف ك��ل �أم ��ر وحت�ت�رم ال�ع�ق��ل ب��اع�ت�ب��اره مناط يف بنودها ن�شر الثقافة والإعتناء مب�صادرها و�أعالمها التكليف ،ومن جاوزه بفعله �أو جتاوزه �إنكاراً لدوره عا�ش ورموزها على م�ستوى الأمة والإن�سانية جمعاء ،ف�إن الإمام �أب��ا حنيفة يحتل م�ساحة ذات �ش�أن يف الفقه الإ�سالمي، حيا ًة �صعبة ال ي�ستقيم احلال معها. الأمر الذي يدعونا للتقدم وفق املنطلقات الفقهية لذلك وك ��ان م��ن ف�ضل اهلل ع�ل��ى ع �ب��اده �أن ج�ع��ل يف الأم��ة الإم��ام ،الذي راعى م�صلحة العقل وما انبثق عنه ،وهذا ورثة لأنبيائه يعلمون النا�س �أم��ور دينهم ،ومبا ينفعهم ين�سجم مع فل�سفة املنتدى التي حت�ترم ال��ر�أي وال��ر�أي يف دنياهم و�آخ��رت�ه��م ك��ذل��ك ,ومم��ن �أ�سند �إليهم زعامة الآخر الذي ال بد �أن يح�ضر العقل يف ت�شكيل ذلك الر�أي العلم يف ع�صره الإم ��ام الأع�ظ��م (�أب��و حنيفة النعمان) وفق �سياقات معرفية تلتقي هنا وهناك مع فكر �أو طرح امل��ول��ود يف ال �ع��ام ( )80ل�ل�ه�ج��رة ،يف م��دي�ن��ة ال�ك��وف��ة من �إ�سالمي ما ،فن�ستقيد بذلك من املنجز العقلي الإن�ساين �أعمال العراق واملتوفى عام ( )150للهجرة يف بغداد، وما ب�شكل �أو ب�آخر. بني عامي ال��والدة والوفاة عا�ش الإم��ام �أب��و حنيفة حيا ًة مليئ ًة بالأطوار الفكرية والثقافية التي ت�سند دور العقل ويف ظ��ل رغبة املنتدى املتجددة ب��إي�لاء التجديد يف وحترتمه ،حتى ا�شتهر بعلمه وتقواه وورع��ه الذي � ّأهله اخل �ط��اب ال��دع��وي الإ� �س�لام��ي ومب��ا ي�ت��واك��ب ومعطيات ليكون فقيهاً ُي�شار �إل�ي��ه م��ن علماء ك�ب��ار �أم�ث��ال الإم��ام الع�صر الذي نعي�ش ،فقد �أرت�أينا حتريك الواقع الفكري ال�شافعي �إذ ق��ال فيه" :من �أراد �أن يتجر يف الفقه فهو الإ��س�لام��ي ب�صورة ح�ضارية ،حت��اول �إظ�ه��ار فكر وجهد عالة على �أبي حنيفة". و�أث ��ر ع�م�لاق م��ن عمالقة ال�ف�ك��ر الإ� �س�لام��ي خ�صو�صاً و�إذا ك��ان الإم� ��ام ق��د ع��ا���ش ح�ي��ات��ه متعلماً وجم ��اد ًال والإن�ساين عموماً هو الإم��ام �أب��و حنيفة النعمان ،ومبا ومعلماً ،فذلك عائ ٌد �إلى �شغفه بدرا�سة الفل�سفة اليونانية ميلك م��ن ر�ؤى ت�ستحق احل���ض��ور يف ك��ل م�شهد فكري وحكمة الفر�س والعقائد الن�صرانية واملجادلة حولها ،مهما تباعدت به عنا�صر الزمان واملكان� ،إذ يلحظ اجلميع م�ستفيداً من التنوع يف الأفكار والأعراق والأجنا�س التي امتداد مذهبه رحمه اهلل على م�ساحة �شا�سعة يف العامل �شكلت عموم النا�س يف تلك الفرتة ،وما انبثق عن ذلك الإ�سالمي وه��ذا ما يجعل قيم ًة م�ضافة متجدد ًة لفكر من �شيعة و�سنة وخ��وارج ومعتزلة ،وم��ا �صدر عنها من الفقيه ال �ع��امل �أب ��ي حنيفة ال�ن�ع�م��ان ،ال ��ذي ع��ال��ج وم��ن ت�ضارب يف الآراء فن�ضج عقله بعد خمالطة تلك الأجنا�س منظور عقلي متقدم م�سائل �شائكة يف ع�صره� ،أمتد الأثر والأف �ك��ار يف ��س��ن م�ب�ك��رة ف��اح�ت��ل م�ق�ع��ده ب�ين امل�ج��ادل�ين الإيجابي يف معاجلتها �إلى يومنا هذا. مقدماً حججه وبراهينه التي تدعم ر�أيه ومقولته. وم��ن هنا ارت� ��أى املنتدى �أن ي�ك��ون ل�ه��ذه ال�شخ�صية �إن اهتمامه بعلم الكالم واجلدل وان�صرافه عنه ،ثم ال�ف�ك��ري��ة الفقهية احل���ض��ور ال ��ذي ي�ستحق يف م��ؤمت��ر تتبعه لأم��ر ال�شعر ،ث��م ع��دول��ه ع��ن ال�سري ب��ه ،ث��م تتبع م���س�ت�ق��ل ي �ت �ن��اول الأب� �ع ��اد ال �ف �ك��ري��ة وال �ث �ق��اف �ي��ة ل�ف�ك��ره �أم��ر الأدب والنحو وحتوله عنه ،ورغبته بحفظ القر�آن وط��روح��ات��ه امل�ت�ع��ددة ،ومب��ا ُي�ق��دم م��ادة علمية ح�ضارية الكرمي دون اجللو�س �إلى حتفيظه للأحداث ،وكذلك �أمر ي�ست�شهد مبخرجاته على تطور الفكر الإ�سالمي وقابليته احلديث النبوي ال�شريف ،قد �ساقه كل ذلك �إلى نتاج ذلك للتجديد يف كل ع�صر و�أوان. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
39
7 مقاالت
الورقة النقاشية السابعة...
سابعة الحضور
40
الدكتور حسن علي المبيضين مدير الدراسات
ق��د ي�ك��ون للرقم ( )7وج ��وداً ك��ون�ي�اً يخفى على الكثري م��ن العلماء واملف�سرين وامل�ن�ظ��ري��ن ،فال�سموات والأر� ��ض، و�أيام الأ�سبوع ،و�أ�شواط الطواف ،و�ألوان الطيف ،والأبحر، وغريها ،مما ورد ذكره يف القر�آن الكرمي واحلديث ونتاجات العلم واملعرفة للعلماء على مر التاريخ ،ي�ستوقفنا ونحن نقر�أ كذلك يف الورقة النقا�شية ال�سابعة للملك عبداهلل الثاين ابن احل�سني ،ذلك �أن ورودها بعد �ست ورقات �سبقت ي�ستدعي ا�ستح�ضاراً ملا مت اجن��ازه بعد ق��راءة تلك الورقات ال�سابقة، و�إذا ما اكتمل الفعل حولها �أدركنا حاجتنا لهذه الورقة بكل ما �أتى فيها من م�ضامني فكرية غاية يف الأهمية. �إن الورقة النقا�شية ال�سابعة ج��اءت م�ؤكدة على �أهمية بناء ال�ق��درات الب�شرية الفاعلة يف عملية تطوير العملية التعليمية والرتبوية باعتبارها جوهر نه�ضة الأم��ة .الأمر الذي يربط بني كل نه�ضة مرتقبة ودرجة اال�ستعداد القبلي لها مبزيد من العلم واملعرفة والإبداع واالبتكار ،وهذا ي�ؤكد �أن من يريد مواكبة حتديات الع�صر على تنوعها ودقتها و�إت�ساعها ال يتحقق له ذل��ك �إال مبزيد من امتالك �أدوات املعرفة اجلديدة ،التي تفتح �آفاقاً نحو ر�ؤية ع�صرية ت�ستلهم كل ما هو مفيد ونافع.
كما �أن ذلك ي�ستدعي امي��ان �صاحب القرار و�صانعه فعليك بالعلم “ ،ونحن �أحوج ما نكون الآن �إلى العلم يف �أن ي �ك��ون م ��ؤم �ن��ا ح�ق�ي�ق�ي�اً ب��أه�م�ي��ة ام �ت�لاك ك��ل �أردين حا�ضرنا وم�ستقبلنا و�آخرتنا. للفر�صة التي يريد ،حتى يتمكن من التعليم واالب��داع ولقد �أح�سن قو ًال جاللة امللك عندما نبه �إلى �ضرورة ب��دون قيود �أو �شروط ،ففي وطننا الكثري من الطاقات التي مت ا�ستبعادها عن طريق �سيا�سات تربوية وتعليمية ،ف�صل العملية التعليمية وم�ستقبل �أبنائنا وبناتنا عن �أي وق � ��رارات ا��س�ت�ن��دت �إل ��ى م�ع��اي�ير ال تتنا�سب ومعطيات مناكفات �سيا�سية تتبعها م�صالح �ضيقة من هذا الطرف االبتكار واالب ��داع ،فحرم الأ�شخا�ص وح��رم ال��وط��ن من �أو ذاك� ،إذ املطلوب �أن ينظر �إل��ى البناء امل�ع��ريف املعتمد ال يف الأردن ليكون ب�ن��ا ًء �شاخماً بالنور وال�ه��داي��ة والعلم اجلديد املبتكر ،وكانت تلك ال�سيا�سات والقرارات �سبي ً لدفع تلك الطاقات الناجحة �إل��ى خ��ارج الوطن يف دول واملعرفة التي تلبي حاجات النف�س والروح واجل�سد ،وما مثل �أمريكا واوروبا وغريها� ،إذ كانت تلك الدول حا�ضنة زاد عن ذلك ف�ض ً ال يكون يف �صالح الوطن والأمة ب�شكل �أو ب�آخر ،كما �أن احلاجة الوطنية لال�صالح ال�شامل ترتبط طبيعية وبيئة �صاحلة للباحثني عن التميز والنجاح. ارتباطاً وثيقاً بالنه�ضة التعليمية ،مهما كانت الظروف ولعل من �أهم التحديات التي يواجهها قطاع التعليم وال �ت �ح��دي��ات ،فكلما حت�ق��ق اال� �ص�لاح يف التعليم ،زادت هو املحافظة على دميومة هذا الوطن وفق �صيغة (دولة) ن�سب النمو يف معدالت التنمية الوطنية على اختالف ل�ه��ا مقوماتها وارث �ه��ا وف�ك��ره��ا ،وق���ض��اي��اه��ا وحميطها م�ستوياتها املحلية والوطنية والقومية ،ويف ميادينها ال�سيا�سي واالقت�صادي ،ولها دوره��ا االجتماعي ،وعليها كافة :ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية. واجبات االهتمام بالفرد ليعي�ش فيها كرمياً م�صاناً يف ولذلك ،ف�إن التعليم ركن �أ�سا�سي من �أركان �أي نه�ضة حقوقه جميعها ،و�أهمها حق التعليم والعي�ش والتعبري والكرامة االن�سانية غري املنقو�صة� ،أ�سوة بالدولة التي من�شودة ،به تبد�أ معادلة االجناز و�إليه تنتهي كمخرجات ترى �سر دميومتها مبدى اقرتابها من حاجات مواطنيها ت���ش�ك��ل ق�ي�م��ة م �� �ض��اف��ة يف م �ي��ادي��ن االب �ت �ك��ار واالب � ��داع واالخرتاع ،فالبداية تعليم والنهاية خمرتعات ومنجزات وتلبيتها. اب��داع�ي��ة م�ستمرة ،وه�ن��ا ن�ستطيع ال �ق��ول �إن اال��ص�لاح �إن �إ��ش��ارة جاللة امللك �إل��ى ��ض��رورة �إمي��ان امل�ؤ�س�سات ال�شامل �شمل مفا�صل احلياة جميعها بحيث يكون الأردن التعليمية بقدرات �أبناء ال�شعب وطاقاته ،تت�ضمن دعوة حمجاً للمعرفة وطالبها من خمتلف الأقطار والأم�صار �إل��ى تلك امل�ؤ�س�سات ب�ضرورة االق�تراب �أك�ثر ف�أكرث من ويكون كذلك بوابة لولوج ع�صر التقنية بكل ثقة واقتدار، تلك الطاقات الفاعلة وتبنيها ورعايتها وتقدمي العون الأمر الذي يجعل من الأردن منارة عربية يف عامل املعرفة لها وت�سهيل مهمتها لتخرج �إل��ى ال�سطح معلنة حال ًة واالجنازات املرتبطة بها. من التميز لي�س على امل�ستوى ال�ف��ردي ،و�إمن��ا امل�ؤ�س�سي وعليه ،ف�إن ما ذكر �آنفاً ال يتحقق �إال باالعتماد على كذلك ،ويف هذا ر�سالة �إيجابية للعامل �أجمع �أن م�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم يف االردن ت�صنع التميز والعلماء ،خا�صة مناهج درا�سية تلت�صق ب�تراث االم��ة ،ومنه تنطلق �إلى �إذا علمنا �أن ال �سبيل لنه�ضة ال��دول والأم��م �إال مبزيد ميادين املعا�صرة ،فالثبات على الهوية هو الطريق نحو من العلم واملعرفة والعلماء ،وهم (�أي العلماء) ي�شكلون ال�ع��ومل��ة� ،إذ ال معنى ملناهج وطنية م�ب�ت��ورة ع��ن ق�ضايا الهدف االول لأي عدو حقيقي �أو حمتمل ،فال يريدون الأمة امل�صريية ،ويف مقدمتها ق�ضية فل�سطني وجوهرها بقا َءهم وال اجنازاتهم ماثلة بني �أيدينا ،ل��ذا علينا �أن القد�س ال�شريف ،بحيث يكت�سب املنهاج منعة الوطنية يكون �سالحنا الأول هو العلم واملعرفة ا�ستناداً �إلى مقولة احلقة التي متنحه االنتماء للذات الوطنية ،فكل منهاج رائعة لالمام علي ك ّرم اهلل وجهه “ �إذا �أردت الدنيا فعليك ال يلتفت �إل��ى الق�ضايا الوطنية ه��و �أب�ت�ر ال يغني وال بالعلم ،و�إذا �أردت الآخرة فعليك بالعلم ،و�إذا �أردتهما معاً ي�سمن من جوع.
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
41
خلق اإلنصاف مقاالت احل�ي��اة ع�ب��ارة ع��ن م�ي��دان مفتوح للتدافع ،بجيمع جماالتها، نتيجة االخ�ت�لاف يف ال��دي��ن والفكر وامل��ذه��ب ،او ال�صراع ال�سيا�سي واالجتماعي ،و عندما تغييب املوازين و يغلب الهوى العقول واالرادات، تغلب بخ�س النا�س ا�شياءهم ،ونتيجة البحث عن امل�صالح ال�شخ�صية او اجلماعية ،بغ�ش النظر عن مدى االحقية� ،أو عندما تغ�شى االب�صا َر الغيم ،يحاول النا�س ان متيل الى ذاته الفردية او اجلمعية ،و ان تنكر ما لدى الآخرين من الفكر النري او االجتهادات املفيدة ،والنتيجة هو الظلم ،ظلم احلقيقة يف اطار ب�شر جم�سد او نظرية علمية ثقافية..
42
شيروان الشميراني
من هنا ف�إن رب العاملني ووفقا للمنهج الو�سطي الذي ارت�ضاه للأمة، �ضرب �أمثلة يف القر�آن عند احلديث عن االخرين ،االخ��رون املخالفون يف الدين يف وقت كانت احلرب الفكرية و احلجاج قائم بني امل�سلمني و ا�صحاب االديان االخرى من اجل تثبيت االحقية ،فعند التقييم البد من االن�صاف ،مبعنى لي�س هناك االبي�ض و اال�سود ،من معك حم�ض خري و بيا�ض نا�صع ،ومن لي�س معك حم�ض �ش ّر و �سواد كالح.. عند احل��دي��ث ع��ن ال�ن���ص��ارى ،يف ��س��ورة �آل ع �م��ران ،ي�ق��ول اهلل �سبحانهَ }:و ِمنْ �أَ ْه ِل ا ْل ِكتَابِ َمنْ إِ�نْ َت�أْ َم ْن ُه ِب ِقن َْطا ٍر ُي َ�ؤ ِّد ِه ِ�إ َل ْي َك َو ِم ْن ُه ْم َمنْ �إِنْ َت ْ�أ َم ْن ُه ِب ِدينَا ٍر اَل ُي َ�ؤ ِّد ِه �إِ َل ْي َك إِ� اَّل َما ُد ْمتَ َعلَ ْي ِه َقا ِئ ًما َذ ِل َك ب َِ�أ َّن ُه ْم ن َ�سب ٌ ِيل َو َيقُو ُلو َن َعلَى اللهَِّ ا ْل� َك� ِ�ذ َب َو ُه� ْم َقا ُلوا َل ْي َ�س َعلَ ْينَا يِف ْ أ الُ ِّم� ِّي�ي َ َي ْعلَ ُمو َن {.75:
يتحدث اهلل هنا عن �أمانة اه��ل الكتاب� ،إذا �أودعته مبلغا من املال زهيدا كان او كثريا ،فال يعمم ،مع انهم م�شركون باهلل باملعيار القر�آين ،بل ي�ضع املوازين بالق�سط، ي�صف كل جمموعة منهم يف مكانها الالئق ،ثم الي�ستعجل باحلديث عن ال�سيئني منهم ،بل يقدم اخلريين ،ي�ضعهم يف االمام ،وي�ضع ال�سيئني منهم يف االخري ،فمنهم من ان ت�أمنه بقنطار ي�ؤده اليك ،ه�ؤالء هم اهل الثقة يف التعامل حتى و لو كانوا خمالفني يف الدين و العقيدة ،هم �أولى باحلديث و ان ي�سبق ذكرهم من �سواهم ،ثم بعدهم ي�أتي بذكر اخلائنني الذين يخونون االمانات ،من الذين �إن ت�أمنه بدينار الي ��ؤده ال�ي��ك�..أث�ن��اء التقييم غ��اب املعيار ال�شخ�صي و ال��ذات��ي ،بل ك��ان املعيار مو�ضوعيا ،تقريراً للحقيقة. .
االحتالل الفرن�سي ،و ان ابن بادي�س كان من رواد احلركة اال�صالحية الدينية وال�ت�ح��رري��ة اجل��زائ��ري��ة ،اال ان��ه و اثناء احلديث مل يت�شدد يف �إ�صدار االحكام ومل ينكر ما للفرن�سيني من علم و ح�ضارة و نظام عام بارع ،فعندما يتحدث عن عامل ال�صحافة ،وعن حرية ال�صحافة حيث ان��ه ك��ان �صحفياً �أ��ص��در ارب��ع �صحف و جملة واح��دة ،يف هذا املجال ال ي�ستح�ضر ظلم املحتل على بلده ،بل ي�صف احل��ال كما ه��و ،ان للفرن�سيني �صحفا كبرية فيها (�أننا مع املعجبني بال�صحافة الفرن�سية الكربى ،وما لها من بديع نظام ،و مهرة �أقالم ،و جر�أة و�إقدام) ،و مل ينكر ما للفرن�سيني من ح�ضارة ،و كثريا ما ا�ستدل بعلمائهم يف معر�ض حماججة امل�سلكات الفرن�سية املحتلة. .
بع�ض املف�سرين غ��اب عنهم ه��ذه االلتفاتة الرتبوية الربانية ،يقولون حتى الذين ي ��ؤدون الأم��ان��ات ي�ؤدونها لأنهم لي�س لهم من حمل او ملج�أ يذهبوا اليه ،و لي�س لهم من مكر �سوى ارجاع االمانات �إ�ضطرارا و لي�س خلقاً..
و مع ان اجلزائر كانت ت�صارع فرن�سا لنيل احلرية واال�ستقالل ،كان يعرتف ب��أن الثورة الفرن�سية ( بداية ا�شعال احلرية يف اوروب��ا) ،مطالبا بانه جدير ان يحتفل �شعوب العامل كله بيوم انت�صار الثورة الفرن�سية وك�سر �أ�سوار �سجن بات�سيل – قرب االح��رار – و�سط باري�س يف 14يوليو ،1789ابن بادي�س يعرتف ب�أن الثورة الفرن�سية ج ��اءت ب�ق�ي��م �إن���س��ان�ي��ة ج��دي��دة ت���ش�ك��ل منطلقا جلميع ال�شعوب الباحثة عن احلرية ..م�ؤكدا يف مو�ضع �آخر ب�أن االن�سان ال�سجني مادام ميلك ال�شرف فهو يفرح بحرية الآخ��ري��ن الذين هم خ��ارج ال�سجن حتى ول��و هو يق�ضي حياته �سجينا..
هذه ال�صفة اال�سالمية االن�سانية ،كانت متبعة من طرف امل�سلمني العلماء او العامة ،مل يجانبوا ال�صواب، كانوا من�صفني يف التعامل ،فهو خلق قر�آين ،ال يت�صف به اال من ا�ستلهم املنهج الو�سطي يف الفهم و الرتبية. . �أ� �ض ��رب ه�ن��ا م �ث��اال واح� ��دا م��ن ال �ت��اري��خ احل��دي��ث، ب��االم��ام عبداحلميد بن بادي�س ،م�ؤ�س�س جمعية علماء امل�سلمني يف اجل��زائ��ر ،فمع وق��وع اجل��وائ��ر حت��ت �سلطة
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
43
مقاالت
العدل والظلم } ...و�سيعلم الذين ظلموا �أي منقلب ينقلبون{(ال�شعراء �أية � )227صدق اهلل العظيم. اقت�ضت حكمة اهلل �سبحانه وتعالى ان يكون االن�سان مدنيا بطبعه وهذه املدنية حتتم على االن�سان ان يتوا�صل مع اخيه االن�سان �أخذا وعطاء ،وبدون ذلك ال ميكن ان تدور عجلة احلياة وبالتايل ي�صيب احلياة خلل ال بل �شلل ،فالإن�سان مبفرده ي�ستحيل ان يكون لديه من املهارات والقدرات واملواهب واالخت�صا�صات يف جميع جماالت احلياه, فال ميكن ان نت�صور ان يكون الفرد نف�سه مهند�سا وطبيبا وجنارا وحدادا ومزارعا .. .الخ.
44
المحامي محمود الداودية
وحتى ت�ستمر عجلة احلياه ويتم اعمار الكون فال بد ان يتعامل النا�س م��ع بع�ضهم البع�ض ،وه��ذا الو�ضع يفر�ض على ك��ل ان�سان م�س�ؤولية مهما كان موقعه يف املجتمع ،فهو م�س�ؤول ،واق�صد بذلك االن�سان ال��ذي انعم اهلل عليه بنعمة العقل ال��ذي هو مناط التكليف وما دام االمر كذلك والكل م�س�ؤول ولكن مب�ستويات ودرجات خمتلفة ومتفاوتة فال بد من القيام برعاية هذه امل�س�ؤولية وفق ما اراد اهلل ال��ذي خلق االن�سان وخلق االر���ض ،وكلف االن�سان ب�إعمارها وه��ذا ال يتم اال بالإخال�ص والعدل ،لذلك امرنا اهلل عز وجل بالعدل �أوال، لأنه هو القاعدة الأ�صيلة يف بناء االمم ورفعتها وقوتها ،فالعدل هو و�ضع ال�شيء يف مو�ضعه ،واعطاء كل ذي حق حقه ،بعيدا عن هوى النف�س ،وملا كان العدل هو الذي يبني االمة بقوة ويعلي �ش�أنها ف�إن الظلم يدمرها ويهلكها ,قال تعالى } ولقد اهلكنا القرون من قبلكم
ملا ظلموا { يون�س �آي��ة ،13وق��ال تعالى } وتلك القرى اهلكناهم ملا ظلموا { الكهف اية ،59قال تعالى } وك�أين من قرية امليت لها وهي ظاملة ثم اخذتها و�إيل امل�صري{ (احلج )48ويقول تبارك وتعالى خماطبا امل�ؤمنني }يا �أيها الذين �آمنوا كونوا قوامني هلل �شهداء بالق�سط وال يجرمنكم �شن�آن ق��وم على اال تعدلوا اع��دل��وا ه��و �أق��رب ل�ل�ت�ق��وى{ (امل��ائ��دة �أي ��ة .)8ف�ب��ال�ع��دل ق��ام��ت ال���س�م��اوات واالر�ض وبالعدل تقوم احلياه الهادئة املطمئنة ،وبالعدل تطمئن النفو�س وتن�شرح ال�صدور وي��أم��ن االف��راد على حقوقهم ،وي��أم��ن ال��رع��اة على انف�سهم ،وان اي جمتمع ينت�شر ب��ه ال�ظ�ل��م ي��دب ب��ه ال�ضعف وال�ف��و��ض��ى واحل�ق��د واالنانية ،فالظلم – والعياذ باهلل – يدمر املجتمع كما يدمر ال�سرطان اجل�سد .قال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم "ال تقد�س �أم��ة ال يق�ضى فيها ب��احل��ق وال ي�أخذ هذه ثمار العدل واالخال�ص ال تقت�صر على االن�سان ال�ضعيف حقه من القوي". بل تتعداه الى احليوان .هدوء واطمئنان وامان وقناعة فالعاقل من حفظ نف�سه من اجلور ،وخاف ربه وخالقه وايثار وتقدم وجناح ورفعة وقوة و�سيادة. ورازق ��ه ال��ذي ا��س�ترع��اه وحمله ه��ذه امل�س�ؤولية فيعمل واذا زال العدل وحل حمله الظلم ون�سيان اهلل و�ساد ما ير�ضي رب��ه ،وقد توعد اهلل كل من �أخ��ل مب�س�ؤوليته هوى النف�س فالعاقبة – والعياذ باهلل – وخيمة وليتذكر واع��ر���ض عن �أم��ر رب��ه واتبع الهوى و�آث��ر الدنيا توعده من ابتلي مب�س�ؤولية انه �سي�س�أل عنها ،وليتذكر اي�ضا ان باجلحيم ،قال تعالى } ف�أما من طغى و�آثر احلياة الدنيا اهلل الذي اعزه بهذه امل�س�ؤولية قادر على ان يذله ،فاهلل ف�إن اجلحيم هي امل�أوى {وباملقابل فكل من يقوم برعاية عز وجل هو املعز وهو امل��ذل واذا كانت امل�س�ؤولية رفيعة م�س�ؤوليته ال�ت��ي كلف بها ب�ضمري ح��ي وت�ق��وى وخ��وف امل�ستوى وفق م�سميات هذه الدنيا وليتذكر �صاحبها ان من اهلل بعيدا عن هوى النف�س وامل��ؤث��رات االخ��رى فقد اهلل ال��ذي رفعه بهذه امل�س�ؤولية ق��ادر على ان يخف�ضه، ب�شره اهلل عز وجل باجلنة ،قال تعالى } و�أما من خاف ف��اهلل ع��ز وج��ل ه��و ال��راف��ع وه��و اخلاف�ض وجمتمعنا يف مقام ربه ونهى النف�س عن الهوىف�إن اجلنة هي امل�أوى { هذه االي��ام فيه من ال�شواهد العملية الكثرية على ذلك (النازعات :الآيتان 40و .)41 وان��ا اج��زم ان ك��ل م��ن ي�ق��ر�أ ال�ع�ب��ارات ال�سابقة �سيتذكر ونقف هنا ب��إج�لال ووق��ار ال��ى تلك ال�صورة امل�شرقة وي�ستح�ضر من ذاكرته مثاال لذلك و�سيقول بينه وبني من العدل التي �سطر �صفحتها الفاروق عمر بن اخلطاب نف�سه هذا �صحيح فالن كان كذا وا�صبح كذا والعياذ باهلل ولنتذكر جميعنا قوله تعالى} و�سيعلم الذين ظلموا اي ر�ضي اهلل عنه ،فقد ر�آه رجل من الفر�س وهو م�ستغرق منقلب ينقلبون { (ال�شعراء اية .)227ولنعلم يقينا كما يف ن��وم��ه حت��ت �شجرة م�ن�ف��ردا ال ح��ر���س ح��ول��ه فيعجب ان للعدل ثمارا ونتائج طيبة ف�إن للظلم عواقب وخيمة الفار�سي ويقول قولته امل�شهورة ( حكمت فعدلت ف�أمنت (والعاقل تكفيه اال�شارة ). فنمت يا عمر ) وه��ذا علي كرم اهلل وجهه يقلد الفاروق و�ساما رفيع امل�ستوى عندما قال له ملا جيء بتاج ك�سرى �أ��س��أل اهلل العظيم ان يعيننا على �شكره وذك��ره وح�سن و�سواريه الى عمر ،فقال عمر ان الذي ادى هذا لأمني عبادته وان يثبتنا على ق��ول احل��ق وعمل احل��ق وان ينعم علينا بدوام مراقبته وخ�شيته واخلوف منه يف ال�سر والعلن. فقال له علي { عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا {. ان ال�ضمري هو ال�سلطة التي تدفع النف�س الى مراقبة ربها وخالقها واال�ست�شعار بعظمته وهيمنته و�سلطانه وم ��ن ك ��ان ح��ي ال���ض�م�ير ك ��ان خم�ل���ص��ا يف م��وق�ع��ه وم��ن اخل�ص فقد ع��دل وف��از وه��ذا من��وذج رائ��ع م��ن تاريخنا النا�صع اخلليفة ال�ع��ادل عمر بن عبدالعزيز ر�ضي اهلل عنه يوم موته قال رعاة الغنم وهم يف قمم اجلبال :اليوم مات عمر ،قيل ما ادراكم مبوته ؟ قالوا :الن الذئب عدا على الغنم وم��ا عهدناه كذلك يف حياة عمر .ومل��ا حتقق النا�س من اخلرب وجدوه قد مات فعال ،وقد �سئل عمر بن عبدالعزيز – يف حياته – عن هذه الظاهرة العجيبة وهي ان الذئب ا�صبح يرعى الغنم ك�أنه كلبها وحار�سها فقال عمر" :اخل�صت ما بيني وبني ربي فاخل�ص اهلل ما بني الذئب والغنم ".
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
45
مقاالت
إن ا َ َّ هلل معنا... كيف يعي�ش امل�ؤمن مبعية اهلل �سبحانه وتعالى؟ وما هي الأ�سباب ال�ت��ي تو�صله لكي يعي�ش يف ه��ذه امل�ع�ي��ة ،وي�شعر بطم�أنينة القلب، ويعي�ش مرتاحاً �آمناً مطمئنا ؟ يعي�ش امل�ؤمن حياته يف رحاب اهلل متّ�ص ً ال به ،ي�ؤمن ب�أن اهلل تعالى معه حيثما كان ،وي�شعر ب�أنه يحفظه يف كل الأوقات ،ال يغفُل عنه وال ينام. 46
الشيخ عالء الدين الحايك
�إن �شعور امل�ؤمن مبعية اهلل تعالى و�صحبته يجعله يف �أن�س دائم مع ربه ،ونعيم مت�صل بقربه ،يح�س �أبداً بالنور يغمر قلبه ولو كان يف ظالم الليل ،ميلأ عليه حياته و�إن كان يف وح�شة �أو ق�سوة من النا�س. امل��ؤم��ن ال�صادق ي�شعر مبا �شعر به �سيدنا مو�سى عليه ال�صالة وال�سالم عندما قال لبني �إ�سرائيل ملا ر�أوا فرعون وجنده يلحقون بهم ،قال لهم}:كَلاَّ �إِ َّن َم ِع َي َر ِّب��ي َ�س َي ْه ِدينِ { �سورة ال�شعراء (.)62 وي�شعر �أي�ضاً مبا �شعر به �سيدنا ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم عندما كان يف الغار حينما قال ل�صاحبهَ }:و َما �أَ ْر َ�س ْلن َ َاك إِ� اَّل َر ْح َم ًة ِّل ْل َعالمَِنيَ{ �سورة الأنبياء (.)107 نقف �أم��ام هذا الن�ص الذي �أورده اهلل �سبحانه وتعالى يف القر�آن ال �ك��رمي ع�ن��دم��ا ك ��ان ي�ت�ح��دث ع��ن ��س�ي��دن��ا �أب ��ي ب�ك��ر ر� �ض��ي اهلل عنه م��ع �سيدنا ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم يف غ��ار ث��ور حيث ق��ال:
َن�ص ُرو ُه َف َق ْد ن ََ�ص َر ُه اللهّ ُ� {...سورة التوبة ( .)40فيا ر�ضي اهلل عنه الذي �سخّ ر نف�سه ،وولده عبد اهلل ،وابنتيه }�إ َِّال ت ُ �أه��ل مكة! وي��ا قري�ش! وي��ا �أيها العرب! �إذا مل جتتمعوا �أ�سماء وعائ�شة ،ومواله عامر بن فهرية ليكونوا جميعاً يف على ن�صرة حممد �صلى اهلل عليه و�سلم ف��إن اهلل تعالى خدمة الإ�سالم ورعاية �سيدنا ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه ن�صره ،و�أ ّيده ،ومل يتخ َّل عنه ولن يتخلى عنه �أبدا. و�سلم. حكى لنا ربنا �سبحانه وتعالى ق�صة ن�صره وت�أييده يف ه��ذه الأث�ن��اء كانت قري�ش قد �أعلنت عن اجلائزة ورعايته ل�سيدنا حممد �صلى اهلل عليه و�سلم فقال�}:إِ ْذ ان ا ْثنَينِْ �إِ ْذ ُه َما يِف ا ْلغَا ِر �إِ ْذ َيق ُ �أَخْ َر َج ُه ا َّل ِذينَ َك َف ُرواْ َث يِ َ ُول الكربى ملن ي�أتي مبحمد عليه ال�صالة وال�سالم و�صاحبه اللهّ َ ِل َ�ص ِاح ِب ِه َال تحَ ْ زَنْ �إِ َّن َم َعنَا{� ..سورة التوبة ( .)40لقد �أحياء �أو ميتني ،وهذه اجلائزة كانت مئة ناقة من كرام �أخرجه �أهل مكة بعد جهاد طويل معهم ،وعرو�ض مغرية ،نوق العرب ،فطمع بها الطامعون ،و�سعى �إليها ال�ساعون، عر�ضوا عليه امل��ال والن�ساء واجل��اه وال�سيادة عن طريق عمه �أب��ي طالب ،لكن النبي عليه ال�صالة وال�سالم كان و�أم ��ر طبيعي �أن ي�سعى ال�ن��ا���س �إل ��ى ج��ائ��زة ،لكنهم مل ُيعلن عن ثبات موقفه ومبدئه فيقول“ :واهلل يا ع ّم! لو يدركوا �أن اهلل تعالى يحمي ذلك املطا َرد الذي يالحقونه، و�ضعوا ال�شم�س يف مييني والقمر يف ي�ساري على �أن �أترك و�أنه �سيجعل معجزة عظيمة عندما ي�صلون �إلى فم الغار. هذا الأمر ما تركته حتى ُيظهِره اهلل �أو �أه ِل َك دونه". و�صلوا فع ً ال �إل��ى �أ�سفل اجلبل حيث ق��ال متت ِّبع الأث��ر: هكذا حت ّدث النبي عليه ال�صالة وال�سالم عن مبدئه �إلى هنا انقطع الأثر .ف�صعدوا اجلبل لعلهم يجدونهما وعقيدته ويقينه بقلبٍ ثابت ،ويقني را�سخ مل يتزعزع ومل هناك ،فلما �أن و�صلوا �إل��ى فم الغار وب��د�ؤوا يبحثون يف يتبدل ومل يرتاجع �إلى الوراء ،رغم ال�ضغوطات الكثرية قمة اجلبل ا�ضطرب قلب �أبي بكر ر�ضي اهلل عنه ،وخ�شي التي تعر�ض لها ،كاحل�صار يف ِّ ال�شعب ،فقد حو�صر ثالث �سنوات ّحتى �أكل ورق ال�شجر هو و�أ�صحابه� ،أوذي يف ج�سده �أن يظفر �أولئك القوم بر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم، و�أ�صحابه ،ومع ذلك �صرب و�أح�سن �إلى �أهله وقومه ،فكان فقال :يا ر�سول اهلل! لو �أن �أحدهم نظر �إلى �أ�سفل قدميه النا�س يطلبون منه �أن يدعو عليهم ،لكنه ك��ان يقول :لر�آنا .فقال النبي عليه ال�صالة وال�سالم“ :يا �أبا بكر! ما “اللهم ِ اهد قومي ف�إنهم ال يعلمون” .وكان يقول يف ظنُّك باثنني ُ اهلل ثالثهما؟!”� .صحيح م�سلم. مو�ضع �آخر“ :بل �أرجو �أن ُيخرج اهلل من �أ�صالبهم من يعبد اهلل وحده ال ي�شرك به �شيئا” .متفق عليه. ثم �أن��زل اهلل �سبحانه وتعالى على قلب ر�سوله �صلى فالنبي عليه ال�صالة وال�سالم كان �صاحب مبد�أ ثبت اهلل عليه و�سلم ما ي�ؤكد هذا املعنى�}:إِ ْذ َيق ُ ُول ِل َ�ص ِاح ِب ِه َال عليه ،وحافظ عليه ،وك��ان قلبه مطمئناً ب��اهلل �سبحانه تحَ ْ زَنْ �إِ َّن اللهّ َ َم َعنَا{ �سورة التوبة (.)40 وتعالى ،واثقاً وحم�سناً الظن به .واهلل تعالى يقول كما من كان مع اهلل فال يبايل ب�أحد يف الدنيا كلها .كن ورد يف احلديث القد�سي�“ :أنا عند ظن عبدي بي ،فليظنَّ مع اهلل وال ِ بي ما �شاء". تبال .ماذا وجد من فقد اهلل؟ وماذا فقد من فالنبي عليه ال���ص�لاة وال���س�لام ك��ان يعتقد �أن اهلل وجده؟! لقد خاب وخ�سر من ر�ضي بغري اهلل بد ًال! �سين�صره ،وي��ؤي��ده ،ومينعه ،ويدافع عنه يف كل املواقف �أولئك الذين يظنون �أن قدراتهم الذهنية ،و�إمكاناتهم التي �سيخو�ضها يف امل�ستقبل. ال�ب��دن�ي��ة ،وممتلكاتهم امل��ادي��ة �ستحميهم م��ن دون اهلل، يف غار ثور �أ�صاب �سي َدنا �أبا بكر ر�ضي اهلل عنه �شيء و�ستكون لهم ح�صناً منيعاً عن عقاب اهلل تعالى �إن هم من اخلوف واال�ضطراب ،ال على نف�سه� ،إمنا على الإ�سالم، ق�صروا �أو ف ّرطوا يف حق اهلل .خاب وعلى ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم؛ لأن حماية �أبي �أخط�ؤوا �أو �أ�سا�ؤوا �أو ّ بكر ر�ضي اهلل عنه ودفاعه وت�أييده للنبي عليه ال�صالة �سعيهم ومل َي�ص ُدق ظنهم �أنهم الأقوياء والقادرون على وال�سالم �إمنا هي حماية للإ�سالم ،ودف��اع عن ال�شريعة ،حماية �أنف�سهم؛ لأن اهلل تعالى ه��و وح��ده ال�ق��ادر على ودعم لهذا الدين العظيم الذي �سخّ ر اهلل تعالى له جنوداً حمايتنا وحفظنا من �أي �سوء ميكن �أن نقع به. كثريين ،منهم من كان يعمل �سراً ب�أمر من اهلل تعالى، واهلل املوفق والهادي �إلى �سواء ال�سبيل ومنهم م��ن ك��ان يعمل ج�ه��راً ك�سيدنا �أب��ي بكر ال�صديق ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
47
مقاالت
أثر الوسطية
في بناء المجتمع اإلسالمي
48
ال�شريعة الإ��س�لام�ي��ة ه��ي ال�ت��ي �صنعت املجتمع امل�سلم ،ولي�س املجتمع امل�سلم هو الذي �صنع ال�شريعة الإ�سالمية ،وهي التي و�ضعت �أ�س�سه و�سماته ومقوماته وقي َمه و�أعرافه. ومل تكن ال�شريعة جم��رد ا�ستجابة للحاجات الب�شرية ،كما ه��و ال�ش�أن يف الت�شريعات الأر�ضية الو�ضعية ،و�إمن��ا كانت منهاجاً �إلهياً للب�شرية كلها، تناولت كل �شيء يف حياة الإن�سان واملجتمع ،وح��ددت عالقة الإن�سان بربه وبنف�سه وب�أ�سرته وبجريانه وب�أفراد جمتمعه. ـ تفرد املجتمع امل�سلم ِ: وم��ن هنا ج��اء متيز املجتمع امل�سلم وت�ف��رده ع��ن غ�يره م��ن املجتمعات، ذلك �أن �صانعه ومن�شئه وبانيه �أعلم مبا ي�صلح للب�شر من �أنظمة الفال�سفة واملفكرين وعلماء االجتماع. ـ ثبات �أحكام ال�شريعة: مهما ج َّد يف احلياة من حاجات ،ودعت عوامل النمو والتطور �إلى االجتهاد يف َ�س ِّن القوانني و�إ�صدار الت�شريعات الالزمة ملواكبة احلياة املتجددة ،ف�إن ذلك االجتهاد يبقى م�شدوداً �إل��ى �أ�صل ثابت ومبادئ �أ�سا�سية� ،أراد اهلل لها الدوام يف املجتمع امل�سلم ،ليبقى حمافظاً على تفرده. وبذلك تقوم ال�شريعة مقام ال�سياج الواقي ال��ذي ي�سمح لعوامل النمو والتجدد �أن تفعل فعلها يف املجتمع امل�سلم ،ولكن داخل هذا ال�سياج الواقي الشيخ محمد خير الطرشان الذي يحافظ على الأ�صالة وي�صون التفرد ويحمي التميز. �إن ال�شريعة الإ�سالمية التي �أن�ش�أت ه��ذا املجتمع لرتتكز على عدة أستاذ القضايا الفكرية المعاصرة في جامعة بالد الشام خ�صائ�ص جتعل املجتمع امل�سلم قاب ًال للنمو والتطور والتجدد ،قادراً على معاون مدير معهد الفتح اإلسالمي بدمشق تلبية مطالب الب�شرية املتجددة ،ومن �أهمها: ( )1موافقة الفطرة التي فطر اهلل النا�س عليها. (� )2شموليتها وعامليتها :قال تعالى} وما �أر�سلناك �إال رحمة للعاملني{. ( )3كمالها ومتامها :قال تعالى } :اليوم �أكملت لكم دينكم{. ( )4و�سطيتها :وهذا مو�ضوع بحثنا. ـ مفهوم الو�سطية: الو�سطية لغ ًة :و�سط ال�شيء خريه و�أعدله و�أجوده ،يقال :قري�ش �أو�سط العرب ن�سباً وداراً� ،أي :خريها ،وكان ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم و�سطاً يف قومه �أي� :أ�شرفهم ن�سباً.
ويف امل�صطلح ال���ش��رع��ي :ه��ي منهج �أ��ص�ي��ل وو��ص��ف جميل ومفهوم جامع ملعاين العدل واخل�ير واال�ستقامة فهي} :حق بني باطلني ،واعتدال بني تطرفني ،وعدل بني ظلمني {. ـ و�سطية الدين الإ�سالمي: ـ و�صف اهلل هذه الأم��ة الإ�سالمية بالو�سطية يف قوله جل وعال } :وكذلك جعلناكم �أمة و�سطاً لتكونوا �شهداء على النا�س ويكون الر�سول عليكم �شهيداً { (.)2 ـ وجاء و�صفها يف احلديث ال�شريف :فعن ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �أنه قال } :يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت ؟ فيقول :نعم ،فيدعى قومه فيقال لهم :هل بلغـكم؟ فيقولـون :ما �أتـانـا من نذير ،فيقال لـنوح :من ي�شـهد لك؟ فيقول :حممد و�أم �ت��ه ،ق��ال :ف��ذل��ك ق��ول��ه تعالى } :وكذلك جعلناكم �أمة و�سطاً{ .والو�سط :العدل ،فتدعون فت�شهدون له بالبالغ ثم �أ�شهد عليكم { (.)3 ـ دعوة القر�آن �إلى الو�سطية ال�شاملة يف الدنيا والآخرة: ـ قوله جل وعال } :وابتغ فيما �آتاك اهلل الدار الآخ��رة و ال تن�س ن�صيبك من الدنيا { (.)4 ـ وقوله عز من قائل } :ربنا �آتنا يف الدنيا ح�سنة ويف الآخرة ح�سنة { (.)5 ـ وقوله تعالى } :والذين �إذا انفقوا مل ي�سرفوا ومل يقرتوا وكان بني ذلك قواماً { (.)6 وكان من دعاء النبي �صلى اهلل عليه و�سلم } :اللهم �أ�صلح يل ديني ال��ذي هو ع�صمة �أم��ري ،و�أ�صلح يل دنياي التي فيها معا�شي ،و�أ�صلح يل �آخرتي التي فيها معادي{. ـ من��اذج م��ن دع��وة ال �ق��ر�آن �إل��ى الو�سطية لإق��ام��ة جمتمع االعتدال والتوازن: ( )1ـ دعوته �إلى االعتدال يف الإنفاق :قال تعالى } :وال جتعل ي��دك مغلولة �إل��ى عنقك وال تب�سطها ك��ل الب�سط فتقعد ملوماً حم�سوراً { (.)7 ( )2ـ دعوته �إل��ى االعتدال يف تناول الطيبات :فقال تعالى} : يا بني �آدم خذوا زينتـكم عند كل م�سـجد وكلوا وا�شربوا وال ت�سرفوا �إنه ال يحب امل�سـرفني{ (.)8 ( )3ـ دعوته �إل��ى االعتدال والتوازن يف املعامالت املالية :ومن ذلك الآيات التالية: ـ قوله تعالى } :ويف �أموالهم حق لل�سائل واملحروم{ (.)9 ـ وقوله تعالى } :وال��ذي��ن يف �أموالهم حق معلوم لل�سائل واملحروم { (.)10 ـ وقوله تعالى } :و�آتوهم من مال اهلل الذي �آتاكم { (.)11 الهوام�ش:
( )4ـ دعوته �إلى التوازن بني التكاليف واال�ستطاعة :قال تعالى} :ال يكلف اهلل نف�ساً �إال و�سعها لها ما ك�سبت وعليها ما اكت�سبت{ (.)12 ـ وخري من��وذج لدعوة ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �إلى الو�سطية واالع�ت��دال يف العالقات االجتماعية ،وال�ت��وازن بني مطالب ال�ب��دن وح��اج��ات��ه ،ومطالب القلب وتفرغه للعبادة، حديث الرهط الثالثة الذين �س�ألوا عن عبادة ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم فك�أنهم تقالوها ،ف�أجابهم �صلى اهلل عليه و�سلم: ( �أم��ا واهلل �إين لأخ�شاكم هلل و�أت�ق��اك��م ل��ه ،لكني �أ�صلي و�أن��ام، و�أ�صوم و�أفطر ،و�أتزوج الن�ساء ،فمن رغب عن �سنتي فلي�س مني ) (.)13 ـ املجتمع امل�سلم ي�ق��وم ع�ل��ى ق��اع��دة } :رف��ع احل ��رج ودف��ع ال�ضرر { ـ انطالقاً من قوله جل يف عاله } :وما �أر�سلناك �إال رحمة للعاملني { (.)14 وعم ًال ب��الآي��ة الكرمية } :ما جعل عليكم يف الدين من حرج { (.)15 ف�إن املجتمع امل�سلم يوازن يف عالقة �أفراده مع خالقهم ومع النا�س �أجمعني بني هذين املعنيني ،فاهلل تعالى �أر�سل ر�سوله حممداً �صلى اهلل عليه و�سلم رحمة للأمة ،حيث قال �صلى اهلل عليه و�سلم� ( :إن اهلل مل يبعثني معنتاً وال متعنتاً ،ولكن بعثني معلماً ومي�سراً ) (.)16 وقال تعالى يف و�صفه } :بامل�ؤمنني ر�ؤوف رحيم { (.)17 لذلك قام املجتمع امل�سلم �ضمن �ضوابط حمددة ،من �أبرزها قوله �صلى اهلل عليه و�سلم ( :لن ي�شا َّد الدين �أح��د �إال غلبه، ف�سددوا وقاربوا) (.)18 وكان من توجيه النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ملعاذ بن جبل تع�سراِّ ، وب�شرا وال تن ِّفرا {. ي�سرا وال ِّ ولأبي مو�سى الأ�شعريِّ } : ـ النهي عن الغلو يف الدين: ويف املقابل نهى ال�ق��ر�آن الكرمي عن الغلو يف الدين ،فقال ت�ع��ال��ى يف حم�ك��م ك�ت��اب��ه ال�ع��زي��ز} :ي��ا �أه��ل ال�ك�ت��اب ال ت�غ�ل��وا يف دينكم{ (.)19 وق��ال النبي �صلى اهلل عليه و�سلم� ( :إي��اك��م والغل َّو ،ف�إمنا �أه�ل��ك م��ن ك��ان قبلكم ال�غ�ل� ُّو يف ال��دي��ن) .وال�غ�ل��و :ه��و املبالغة والت�شدد وجتاوز احلد. جعلنا اهلل و�إي��اك��م م��ن ال��ذي��ن ي�ستمعون ال�ق��ول فيتبعون �أح�سنه ،واحلمد هلل رب العاملني....
( )1املائدة /الآي��ة )2( 3البقرة )8( /الأعراف /الآية 31 ( )9الذاريات /الآية 19 الآية143 (� )3أخرجه البخاري يف �صحيحه ( )10املعارج /الآيات25-24 ( )11النور /الآية 33 ( )4الق�ص�ص /الآية 77 ( )12البقرة /الآية276 ( )5البقرة /الآية 201 (� )13أخرجه البخاري وم�سلم ( )6الفرقان /الآية 67 ( )14الأنبياء /الآية 107 ( )7الإ�سراء /الآية29
( )15احلج /الآية 76 (� )16أخرجه م�سلم يف �صحيحه ( )17التوبة /الآية 129 (� )18أخرجه البخاري يف �صحيحه ( )19الن�ساء /الآية 171
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
49
مقاالت
األقليات �إن الفهم املغلوط لقواعد ال�شرع العامة يرتك �إفرازاته ال�سلبية على �سلوكية الفرد واملجتمع ،خ�صو�صاً عند تنزيل ت�ل��ك ال �ق��واع��د ع�ل��ى ج��زئ�ي��ات احل �ي��اة العلمية �أو التعاملية وه��ذا يعترب طامة عظمى وكارثة فيما �إذا وقع يف تعامالت وت�صرفات امل�سلمني فيما بينهم. 50
األستاذ الدكتور محمد حبش
�أما �إذا كان من امل�سلمني مع غري امل�سلمني من الأقليات وال��دي��ان��ات الأخ ��رى ف ��إن ال�ط��ام��ة �أك�ب�ر ومت�ث��ل ال�ك�ب��وة التي تق�صم ظهر الفار�س وي��ؤي��د م��ا ذهبنا �إل�ي��ه يف ت�أ�صيلنا هذا ال�سلوك النبوي املطهر مع الأقليات التي عا�شت حتت كنف رعايته وحمايته يف املدينة املطهرة حني و�ضع ميثاق املدينة، ف��أن��ه �صلى اهلل عليه و�سلم عمل يف ك��ل خ�ط��وة خطاها على بناء جمتمع متما�سك يتحمل م�س�ؤولية احلفاظ على جميع �أجنا�س و�أعراق و�أديان الأمة. وذل��ك بناء علی فل�سفته يف تكرمی الإن�سان من حیث هو �إن�سان .ا�ستخلفه اهلل يف الأر���ض ،و�سخّ ر له ما يف ال�سموات وما يف الأر���ض ،و�أ�سبغ علیه نعم ه ظاهرة وباطنة ،وخلقه يف �أح�سن تقومی ،و�صوره ف�أح�سن �صورته ،ومنحه العقل والإرادة، وع ّلمه البیان ،وانزل علیه الكتب ،وبعث �إليه الر�سل مب�شرین ومنذرین ،لیهديه �إلى �صراط ربه العزیز احلمید.
كما �إن هناك قلة من بع�ض ال�شباب ،من غری َّ املطلعنی علی الفقه ،یح�سبون �أن م��ال غ�یر امل�سلم ،ورمب��ا دم��ه، مباح يف الإ�سالم!وهذا خط�أ عظیم ،وخطر ج�سیم.
وماتت �أم احلارث بن �أبی ربیعة وهی ن�صرانیة ،ف�ش َّیعها �أ�صحاب ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ،وك��ان بع�ض �أجالء التابعنی یعطون ن�صیباً من �صدقة الفطر لرهبان ك ح��رج�اً ،بل ذه��ب بع�ضهم- الن�صاری وال ی��رون يف ذل كعكرمة وابن �سریین والزهری �-إلى جواز �إعطائهم من الزكاة نف�سها.
حتى �أن القر�آن لریتفع ب��أدب احل��وار مع �أهل الكتاب �إل��ى �أف��ق رفیع ،حنی یقولَ } :و اَل تجُ َ ��ا ِد ُل��وا �أَ ْه � َل ال ِكتَابِ �إ اَِّل بِا َّل ِتي ِه َي �أَ ْح َ�سنُ إِ� اَّل ا َّل ِذينَ َظلَ ُموا ِم ْن ُه ْم َو ُقو ُلوا �آَ َم َنّا بِا َّل ِذي �أُ ْن ِز َل �إِ َل ْينَا َو�أُ ْن ِز َل �إِ َل ْي ُك ْم َو ِ�إ َل ُهنَا َو ِ�إ َل ُه ُك ْم َو ِاح ٌد َون َْحنُ وهناك وثيقة و�ضعها النبي يف املدينة ميكن تلخي�صها َل ُه ُم ْ�س ِل ُمو َن {العنكبوت46: كالآتي: وی��رك��ز ال �ق��ر�آن ه�ن��ا ع�ل��ی ذك��ر م��وا��ض��ع االتفا ق بنی واالختالف -1 :ت�أ�سي�س مبد�أ امل�ساواة بني النا�س والذي من �ش�أنه �أن امل�سلمنی و�أهل الكتاب ،ال علی نقاط التمایز [و ُقو ُلوا �آَم َنّا بِا َّل ِذي �أُ ْن ِز َل ِ�إ َلينَا و�أُ ْن ِز َل ِ�إ َلي ُكم و�إِ َل ُهنَا و�إِ َل ُه ُكم يذيب جدار اخلوف املبني يف عقلية الأقلية املخالطة َ ْ ْ َ ْ َ َ َ ْ للمجتمع الإ�سالمي. َو ِاح ٌد َون َْحنُ َل ُه ُم ْ�س ِل ُمونَ{(العنكبوت)46: واحل �ق��وق ال�ت��ی ق��رره��ا الإ� �س�ل�ام لی�ست جم��رد حرب -2الت�أكيد على الوفاء بالعهد والإيفاء بالوعد يف م�س�ألة علی ورق ،بل هی حقوق مقد�سة قررتها �شریعة اهلل ،فال �إع �ط��اء الأم ��ان ل�ل�أق�ل�ي��ات وه��ذا م��ن ��ش��أن��ه �أن يعطي میلك �أحد من النا�س �أن یبطلها ،وهي حقوق حتوطها م���س��اح��ة وق�ت�ي��ة �أو� �س��ع لتح�صيل ال�ق�ن��اع��ة يف ال��دي��ن وحتر�سها �ضمانات متعددة� :ضمانة العقیدة يف �ضمری اجلديد ومن ثم اعتناقه وهذا ما ح�صل فع ً ال. كل فرد م�سلم ،یتع َّبد بامتثال �أم��ر اهلل ،واجتناب نهیه، -3الثابت يف ال�سرية النبوية العبقة �أن النبي �صلى اهلل و�ضمان ال�ضمری الإ�سالمي العام. عليه و�سلم مل يجرب �شخ�صاً منهم على ال�ن��زوح من و�أ�صیب عمر ب�ضربة رجل من �أهل الذمة �-أبي ل�ؤل�ؤة وطنه �إلى بالد �أخرى وهذه ال�سلوكية �ألغت الإعتقاد املجو�سی -فلم مینعه ذلك �أن یو�صي اخللیفة من بعده ال�سائد �أو اخل��روج �إل��ى �أن الإ��س�لام دي��ن م��ادي يخرج وه��و علی ف��را���ش امل��وت يف ق��ول��ه�« :أو� �ص��ي اخللیفة من النا�س من بيوتها لي�ستويل عليها هو ،ولعل �أكرث ما بعدي ب�أهل الذمة خریاً� ،أن يويف بعهدهم ،و�أن یقاتل من �أثري يف هذا اجلانب على الإ�سالم هو �أخذ اجلزية على ورائهم ،و�أال یكلفهم فوق طاقتهم». �أه��ل الأقليات وقد قام عرب التاريخ مر�ضى النفو�س وعبد اهلل بن عمر ر�ضي اهلل عنهما یو�صي غالمه �أن بالتطبيل حول هذه الق�ضية وادخالها يف غري �إطارها یعطي جاره اليهودی من الأ�ضحیة ،ویكرر الو�صیة مرة مع �أنها ما فر�ضت �إال لأجل دفع التقاتل بني النا�س بعد مرة ،حتى ده�ش الغالم و�س�أله عن �سر هذه العنایة وحلقن الدماء ولتكون عو�ضاً حلماية املتعاي�شني حتت باجلار یهودي؟ قال ابن عمر� :إ ن النبي �صلى اهلل عليه ظل دولة الإ�سالم ،فال بد من فهم الن�صو�ص �صحيحاً لئال يتهم الإ�سالم بفرية �أو ي�ؤتى على قمي�صه بدم و�سلم قال« :م��ازال جربیل یو�صینی باجلار حتى ظننتُ كذب. �أنه �سیورثه». ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
51
مقاالت
حقوق العمال في اإلسالم مقدمة:
52
الدكتور سليمان حسن الرطروط
جاء الإ�سالم مبكارم الأخالق ،وحث على التحلي بها؛ ولعل من �أبرز القيم اخللقية للب�شر هي :العدالة والرحمة والر�أفة جلميع املخلوقات وخا�صة الإن�سان ،وارتقى ر�سول اهلل _�صلى اهلل عليه و�سلم للدرجة اخللقية الرفيعة ،ولقد و�صفه اهلل ومدحه ،فقال (( :و�إنك لعلى خلق عظيم )) ( ،) 1ولقد حث النبي �صلى اهلل عليه و�سلم على مكارم الأخالق العالية ،فقال: ( �إن خياركم �أح�سنكم �أخالقاً )) ( .)2ومن اجلدير ذكره �أن ح�سن معاملة العمال ب�شكل عام وخا�صة خدم البيوت تعترب من مكارم الأخالق التي يت�صف بها العرب عموماً. تعريف العمل لغة: هي املهنة والفعل ،واجلمع �أعمال) 3( . والعمل ا�صطالحاً :ما يقوم به الإن�سان فعل لغريه مقابل الأجر. حث الإ�سالم على العمل: نهى الإ�سالم عن الت�سول و�س�ؤال النا�س ؛ و�أ�شاد باملتعفف الفقري ال��ذي يحفظ كرامته رغ��م فاقته وحاجته ولكنه ال
ي�س�أل النا�س (( ،وال ي�س�ألون النا�س �إحلافا ٌ )) ( ) 4بل مدح املتعففني من الفقراء ،وجعل من م�س�ؤولية املجتمع عامة _ �أف��راد وجماعات _ البحث عن الفقراء و�سد حاجتهم (( يح�سبهم اجلاهل �أغنياء من التعفف )) (.)5 ويف مقابل ذلك �أي�ضاً فقد حث الإ�سالم على العمل ،و�أعلى من �ش�أن العامل ،فقال عليه ال�صالة وال�سالم ( :ما �أكل �أح��د طعاماً قط خري من �أن ي�أكل من عمل ي��ده) () 6 وقد �أمر النبي �صلى عليه �سلم �أحد �أ�صحابه بالتحطيب وك�سب رزقه منه ،فلما ر�أى يده �أم�سكها وقال� ( :إن هذه يد يحبها اهلل ور�سوله ) ()7 وللداللة على �شرف العمل والعامل ف��إن �أنبياء اهلل عليهم ال�سالم _ وهم خرية خلقه _ كانت لهم حرف يك�سبون الرزق منها؛ ف�آدم عمل بالزراعة ،ونوح بالتجارة، وداود ب��احل��دادة ،وم��و��س��ى وحم�م��د ب��رع��ي ال�غ�ن��م ،فقال عليه ال�صالة وال�سالم ( :ما من نبي �إال ورع��ى الغنم) ( ) 8وح�ض الإ�سالم كذلك على �إتقان العمل والإخال�ص ل�صاحبه ،وحمل العامل امل�س�ؤولية عن عمله ،فقال عليه ال�صالة وال�سالم� (( :إن اهلل يحب من �أحدكم �إذا عمل عم ً ال �أن يتقنه ) ( )9 حقوق العامل يف الإ�سالم:
َر ْح َمتَ َر ِّب َك ن َْحنُ َق َ�س ْمنَا َب ْي َن ُهم َّم ِع َ الد ْن َيا ي�ش َت ُه ْم يِف الحْ َ َيا ِة ُّ َو َر َف ْعنَا َب ْع َ�ض ُه ْم َف ْو َق َب ْع ٍ�ض َد َر َج ٍات ِّل َيت َِّخ َذ َب ْع ُ�ض ُهم َب ْع ً�ضا ُ�سخْ ِر ًّيا َو َر ْح َمتُ َر ِّب َك خَ يرْ ٌ ممِّ َّ ا َي ْج َم ُعون)) () 11 وقد جعل الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم العمال �إخواناً لأ�صحاب العمل ،فقال (( :اخْ َوا ُن ُك ْم خَ َو ُل ُك ْم َ ،ج َعلَ ُه ُم هَّ ُ الل تحَ ْ ��تَ �أَ ْي� ِ�دي� ُك� ْمَ ،ف َمنْ َك��ا َن َ�أخُ ��و ُه تحَ ْ ��تَ َي� ِ�د ِه َف ْل ُي ْط ِع ْم ُه ممِ َّ ا ُوه ْم َما َي ْغ ِل ُب ُه ْمَ ،ف�إِنْ َي�أْ ُك ُلَ ،و ْل ُي ْل ِب ْ�س ُه ممِ َّ ا َي ْل َب ُ�سَ ،و َال ُت َك ِّلف ُ ُوه ْم )) ( ) 12وخولكم� :أي خدمكم، وه ْم َف�أَ ِعين ُ َك ّلَ ْف ُت ُم ُ ف�ه��م �إخ ��وة ل�ن��ا �سخرهم اهلل خلدمتنا وال�ق�ي��ام ببع�ض �ش�ؤوننا و�أعمالنا .ويف ذلك ت�أكيد على كرامة العامل. ومن حقوق العامل يف الإ�سالم: .1حق العامل يف الأجر: حث الإ�سالم على الوفاء بالعقود جميعاً ،ومنها عقد العمل ،فقال تعالى (( :يا �أيها الذين �آمنوا �أوفوا بالعقود )) ( ،) 13وقد ذكر اهلل �أن �شعيباً ا�ستدعى مو�سى عليهما ال�سالم ليدفع له �أجره فجاء على ل�سان ابنته� (( :إن �أبي يدعوك ليجزيك �أجر ما �سقيت لنا )) ( )14و�ألزم كذلك �صاحب العمل �أن ُي � � َوفِيّ َ للعامل واخل ��ادم �أج ��ره املكافئ ُ جلهده دون ظلم �أو مماطلة ،فقال ر�سول اهلل� (( :أَ ْع ُطوا َ َ ري �أ ْج َر ُه َق ْب َل �أنْ َيجِ َّف َع َر ُقهُ)) ( ) 15و�أمر الإ�سالم الأَجِ َ �أن حت�ف��ظ ح�ق��وق ال�ع�م��ال امل��ال� َّي��ة م��ن ال�غ�بن ،والظلم، واال�ستغالل؛ لذلك قال ر�سول اهلل يف احلديث القد�سي رب الع َزّةَ (( :قا َل هَّ ُ الل َت َعا َلىَ :ث َ ال َث ٌة �أَنَا خَ ْ�ص ُم ُه ْم َي ْو َم عن ِّ ا�س َت ْو َفى ِم ْن ُه َولمَ ْ ُي ْع ِط ا ْل ِق َيا َم ِةَ ...و َر ُج ٌل ْا�س َت ْ�أ َج َر َ�أجِ ً ريا َف ْ �أَ ْج َر ُه )) ( ) 16
اعترب الإ��س�لام النا�س جميعاً �سوا�سية يف الإن�سانية والكرامة ؛ فقال تعالى (( :ولقد كرمنا بني �آدم )) ()10 فالب�شر كلهم مكرمون على اختالف �ألوانهم و�أجنا�سهم ولغاتهم ،وعلى اختالف درجاتهم وم�ستوياتهم العلمية والثقافية واالجتماعة واملادية .ولكن اهلل �سبحانه جعل ال�ن��ا���س درج� ��ات م�ت�ف��اوت��ة؛ ل�ك��ي ي �خ��دم بع�ضهم بع�ضاً، وحتى ت�ستمر احلياة ،فال ميكن �أن يكون كل النا�س يف .2ح�صول العمل على حقوقه امل�شروطة: مهنة واح ��دة ،و�إال لتعطلت احل �ي��اة؛ ف�ه��ذا ع��ام��ل بناء، وذاك مهن�س ،و�آخر مدر�س و�آخر طبيب�.. .،ألخ ،وعندئذ يجب على �صاحب العمل الوفاء بكل ال�شروط التي تتكامل الأعمال وتنمو وتزدهر احلياة (( �أَ ُه ْم َي ْق�سِ ُمو َن التزم بها للعامل ب�صورة �شخ�صية� ،سواء كانت مكتوبة ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
53
�أم كانت اتفاقاً �شفوياً ،و�سواء بوجود ال�شهود �أم بدونهم ،حتمل امل�س�ؤولية الكاملة عن الأذى وال�ضرر الواقع على فاهلل خري �شاهداً .ومن �ضمن احلقوق الواجب الوفاء بها العامل. ما تن�ص عليه القوانني والأنظمة والتعليمات املطبقة يف واهلل �سبحانه ي�أمر النا�س بالعدل؛ فقال� (( :إن اهلل بلد العمل ،فهي مبثابة �شروط ملزمة لكال الطرفني عند ر�ضاهما بالعمل؛ مثل �ساعات العمل ،واحلد الأدنى ي�أمر بالعدل والإح�سان )) ( ) 18ونهى اهلل عن الظلم، للأجرة ،و�أيام الإجازة�.. .ألخ .فيجب على كال الطرفني فقد جاء يف احلديث القد�سي (( :يا عبادي �إين حرمت الظلم على نف�سي وجعلته بينكم حمرماً فال تظاملوا )) الوفاء وااللتزام بها. () 19 .3عدم �إرهاق العامل: .5حق العامل يف �أداء العبادات وال�شعائر الدينية: العمال هم ب�شر لهم ق��درات وط��اق��ات وح��اج��ات ،فال م��ن ح�ق��وق العامل الثابتة حقه يف �أداء ال�صالة �إن يجوز ل�صاحب العمل �إره ��اق ال�ع��ام��ل� ،أو حتميله م��ا ال يطيق ،وال ينبغي له �أن ي�أمره بعمل ي�ضر ب�صحته حاال �أو كان موعدها يف فرتة العمل ،وحقه يف ال�صيام ،وحقه يف ال� ،أو مبا �سيعود عليه بال�ضرر الباطن ،وال يجوز �أداء احلج ،ويجب مراعاة �أن ت�ؤدى العبادات يف الأوقات م�ستقب ً له �أن ي�ستعمله يف عمل مل يتفقا عليه .قال تعالى(( :وما املنا�سبة واملدة املالئمة ودون ت�أثري على العمل ومهامه. �أريد �أن �أ�شق عليك )) ( ) 17ويجب على �صاحب العمل �أن وينبغي على �صاحب العمل حث العمال على �أداء واجباتهم يراعي االنتاج املمكن من العامل ،فال يطلب منه انتاجاً ال��دي�ن�ي��ة_ � �س��واء ك��ان��وا م�سلمن �أو غ�ير م�سلمني _. يفوق طاقته وقدرته ،و�أن يراعي العمر الزمني للعامل ،فمثال يخ�ص�ص وق��ت حم��دد لل�صالة ،ويخفف عنهم و�أن يحفظ له �شيخوخته ،فكما �أكل ثمرة �شبابه فيجب ع��دد �ساعات العمل يف رم�ضان.. .ال��خ ،ويحدد ذل��ك كله طبيعة العمل وباالتفاق ما بني �صاحب العمل والعامل. عليه �إكرام �شيخوخته. .6حق العامل يف الراتب التقاعدي: .4عدم االعتداء اجل�سدي واللفظي: من حقوق العامل منع االعتداء اجل�سدي واللفظي عليه من �صاحب العمل �أو ممن يعلونه رتبة �إدارية؛ لأنه �إن�سان مكرم وحمرتم ،فال يجوز �إيذاء العامل ب�أي �شكل من الأ�شكال ،وال ينبغي �إهانته �أو ال�سخرية منه� ،أو �إذالله. ف�إن مت االعتداء عليه ج�سدياً �أو معنوياً ،فعلى املعتدي
54
م��ن ح��ق ال�ع��ام��ل مطالبة �صاحب العمل االن�ضمام مل�ؤ�س�سة ال�ضمان االجتماعي وح�سب القوانني واالنظمة املتبعة ،بل على �صاحب العمل امل�سارعة لت�سجيل العامل بتلك امل�ؤ�س�سات حتى يحفظ ل��ه ك��رام�ت��ه ولقمة عي�ش ك��رمي��ة ع�ن��د ��ش�ي�خ��وخ�ت��ه ،وي�ع�ت�بر ذل ��ك م��ن ب ��اب ح�سن املعاملة والع�شرة والوفاء من �صاحب العمل للعامل.
الهوام�ش: ( ) 1القلم �آية 4 ( � ) 2صحيح البخاري احلديث رقم 6033 ( ) 3خمتار ال�صحاح �ص 191 ( ) 4البقرة �آية 273 ( ) 5البقرة �آية 273 ( ) 6البخاري حديث رقم 272 ( ) 7ال�سل�سلة ال�صحيحة الألباين 11/1 ( � ) 8صحيح البخاري حديث رقم 2262 ( ) 9ال�سل�سلة ال�صحيحة الألباين 11/1 ( ) 10الإ�سراء �آية 70
( ) 11الزخرف �آية 32 ( � ) 12صحيح م�سلم /حديث رقم 1661 ( ) 13املائدة �آية 1 ( ) 14الق�ص�ص �آية 25 ( ) 15رواه ابن ماجة حديث رقم 2443 ( � ) 16صحيح البخاري حديث رقم 2227 ( ) 17الق�ص�ص �آية 27 ( ) 18النحل �آية 90 (� )19صحيح م�سلم حديث رقم 2577
مقاالت
ظاهرة التوترات المجتمعية ودور الدولة واالعالم ومؤسسات المجتمع الوطني ي�شهد االردن والعامل العربي منذ �سنوات ا�ضطرابات وتوترات جمتمعية متزايدة ومت�سارعة وا�صبحت ت�ؤرق امن املواطن وا�ستقراره يف ظل حميط تع�صف به اخطار و�إحداث ج�سام ت�ؤثر على امنه وحياة املواطن وا�ستقراره. وقد قامت احلكومة االردنية بعقد امل�ؤمترات واملبادرات واللقاءات الكثرية على م�ساحة الوطن من �شماله الى جنوبه من اجل درا�سة ميدانية حقيقية للتعرف على دوافع وا�سباب هذه التوترات من اجل اخلروج بوثيقة وتو�صيات وقائية ناجعة ملنعها او احلد منها ....وبالتايل اتخاذ االجراءات التي تكفل عدم تكرارها علما ان هذه الظاهرة مل تكن يف جمتمعنا االردين املحافظ من قبل وامنا جاءت جراء تراكمات واحداث مت�سارعة يف ال�سنوات االخرية. �س�أحتدث عن املق�صود بالتوترات وا�سبابها ودوافعها وعالجها. املق�صود بالتوترات :هي اف��رازات ظروف اجتماعية م�سلكية خاطئة مع ظروف اقت�صادية �سيئة �شملت جميع فئات املجتمع. الشيخ الدكتور عبد المجيد أبو سل واهم ا�سبابها ودوافعها: )1انعدام الوازع الديني والقيم االخالقية والفهم اخلاطئ ملفهوم العقيدة اال��س�لام�ي��ة ث��م تعطيل وتهمي�ش ال��دع��اة واخل�ط�ب��اء وا��ص�ح��اب الفكر وال�ضغوط عليهم وحتجيمهم وتعطيل دوره ��م ال��ري��ادي احلقيقي يف جمتمعهم. )2و��س��ائ��ل االع�ل�ام امل�ف�ت��وح��ة وغ�ي�ر امل���ض�ب��وط��ة وال �ت��ي اه��داف �ه��ا الت�شهري والت�ضليل وبث ال�سموم وتغيري احلقائق من اجل اف�ساد اخالق املجتمع مما ي ��ؤدي �إل��ى وق��وع اجل��رائ��م وامل�صائب وامل�آ�سي وتفتيت اال�سر ب�سبب هذا االعالم ال�سيئ املمنهج واملوجه الى ابناء االمة كاملة لت�شكيكهم يف ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
55
56
عقيدتهم ب�ك�ثرة االف �ت��اءات وال�ت�ن��اق���ض��ات وك��ذل��ك بث على ذل��ك نحن يف االردن ه��ذا البلد العربي اال�صيل على اف�لام اجلن�س والإباحية وت�شكيك النا�س يف موروثهم هدي ومبادئ اال�سالم احلنيف وامتدادا لل�شرعية الدينية احل�ضاري وعقيدتهم اال�سالمية ال�سمحة. والتاريخية التي حمل لوا َءها ال�صيد من بني ها�شم فكان ك��ل ذل��ك م��ن ت�أ�سي�س وتر�سيخ ال�ق��واع��د للمحافظة على )3الو�ضع االقت�صادي ال�سيئ :وان َكانت هذه م�شكلة عامة الهوية والذات والرتاث والقيم واملبادئ واالخالق .ولهذا تعاين منها معظم املجتمعات اال ان جمتمعنا االردين اك�ثر معاناة ب�سبب ال�غ�لاء الفاح�ش وال��دخ��ل املتدين، فال بد من نبذ العنف والتهمي�ش وال�ضغط واحلرمان ال�ضابط وب��ال�ت��ايل ان�ع��دم��ت الفئة الو�سطى ال�ت��ي ه��ي والق�ضاء على الر�شوة والوا�سطة والتحايل على القانون .ال امل �ع �ي��اري يف امل�ج�ت�م��ع ،ح�ي��ث ظ�ه��رت ف�ئ�ت��ان ف�ئ��ة تتمتع بد من عالج م�سببات امل�شكالت املجتمعية كالآتي بالرثاء والغنى وفئة اخرى تعي�ش الفقر املدقع ون�سبتها �أ) �ضعف الوازع الديني: %75ت �ق��ري �ب��ا وك � ��أن ت ��أث�ي�ر ذل ��ك م��ن ج ��راء االج � ��راءات االقت�صادية التي قامت بها احلكومة يف االونة االخرية يكون عالجه باتباع املنهج النبوي يف اال�صالح حيث ان �لاء وال�ت��ي م�ست جميع فئات املجتمع م��ن �ضرائب وغ ويقا�سي النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ح��ارب ال�صنمية قبل تك�سريه معي�شة وازدياد البطالة وا�صبح املجتمع يعاين للأ�صنام �صنمية املعتقد واملنهج وال�سلوك والقيم من اجل ويت�أمل وحدث وال حرج. حفظ االم��ة يف عقيدتها و�سلوكياتها واخالقياتها وكانت )4الواقع ال�سيا�سي االقليمي :انه واقع م�ؤمل جدا ومفجع طريقة النبي �صلى اهلل عليه و�سلم يف التغيري واال�صالح تعي�شه املجتمعات يف دول امل�ح�ي��ط االق�ل�ي�م��ي وخا�صة باحلكمة وامل��وع�ظ��ة احل�سنة وال���ص�بر وال�ث�ب��ات حيث قال الدول العربية ال�شقيقة والتي تعي�ش حالة مل ي�شهد لها النبي �صلى اهلل عليه و�سلم (:ان املنبتَ ال ار�ضاً قطع وال تاريخ االن�سانية من اجرام وظلم وف�ساد واهلل تعالى حرم ظ�ه��را اب�ق��ى) واالم ��ة العظيمة ه��ي ال�ت��ي حت�ترم علماءها الظلم على نف�سه وجعله بني عباده حمرماً فهذا امل�شهد وح�ك�م��اءه��ا الن�ه��م ه��م اه��ل اال� �ص�لاح وال�ت��وج�ي��ه والتعليم ينعك�س تلقائيا على جمتمعنا االردين ال��ذي هو ا�صال والتغيري للأف�ضل قال اهلل تعالى (:وم��ا كان ربك ليهلك ينتمي لتلك املجتمعات ت�ضاري�سا وعقيدة ولغة وح�ضارة ال�ق��رى واه�ل�ه��ا م�صلحون)(هود )117وق��ال ك��ذل��ك(وع��د اهلل ال��ذي��ن ام�ن��وا منكم وعملوا ال�صاحلات لي�ستحلفنهم ون�سباً و�صهرا. يف االر���ض كما ا�ستخلف ال��ذي��ن م��ن قبلهم وليمكنن لهم )5وم��ن ا�شكال امل�شكالت املجتمعية :ال�ن��زاع��ات ال�شريرة دينهم الذي ارت�ضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا ال�ظ��امل��ة م��ن ع�صبية قبلية وان �ت �م��اءات حزبية م�ضللة يعبدونني وال ي�شركون بي �شيئا ومن كفر بعد ذلك ف�أولئك وم�شتته ،اكانت علمانية او عقدية اتخذت من الدين هم الفا�سقون)(النور.) 55 : و�سيلة من اجل حتقيق م�صاحلها ال�شخ�صية او الرتباطات داخلية او خارجية ال يهمها م�صلحة الوطن وال �أمنه ويجب تفعيل الوازع الديني عن طريق امل�سجد والدعاة وال ا�ستقراره بقدر ما يهمها م�صاحلها ال�شخ�صية او والعلماء بخطاب ا�سالمي بعيدا عن الت�شنجات واملغاالة الرتباطاتها اخلارجية واما النزاعات القبلية الع�صبية قال عمر ر�ضي اهلل عنه (:من ا�صلح اهلل �سريرته ا�صلح اهلل البغي�ضة مل�صالح �ضيقة مقيته فقد حاربها اال��س�لام على نيته) ان �صاحب العقيدة ال�سليمة قوة هائلة و�سالح وحرمها النها من مفا�سد املجتمع اجلاهلي قال الر�سول فتاك من اجل اال�صالح ولهم ت�أثري كبريعلى تربية و�سلوك �صلى اهلل عليه و�سلم (دعوها ف�أنها منتنة). ابناء املجتمع وبذلك يكون ابناء االمة احل�صن املنيع امام التيارات الفكرية الهدامة والدعوات امل�ضللة وبها ت�صفوا احل �ل��ول احل�ق�ي�ق�ي��ة احل��ال �ي��ة وامل���س�ت�ق�ب�ل�ي��ة :م��ن اج� االردين�ل النفو�س وتطمئن القلوب وراح��ة لالبدان وبذلك يتحقق جتفيف منابع هذه امل�شكالت التي ت�ؤرق جمتمعنانفاخر به قول النبي �صلى اهلل عليه و�سلم(:من ا�صبح امنا يف �سربه الذي العظيم �صاحب االرث احل�ضاري اال�سالمي طبيعية تعي�ش االمن واالمان معافى يف ج�سده عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا). الدنيا من اجل حياة اعتيادية من ر�ؤى املغفور له ب�أذن اهلل امللك رواه البخاري وال�سالم .وال ادل على ذلك احل�سني بن طالل حيث ق��ال:واذا كنا قد تفرقت �صفوفنا ب)و�سائل االعالم :االعالم يبني ...ويهدم... ب��ددا ف ��أن االردن �سيظل على عهده وفيا لر�سالته يدعوا واالع�لام يف وقتنا هذا منفلت متقلب لي�س له �ضوابط ال��ى التحرير وا�ستخال�ص احلقوق ومواجهة التحديات، و�سيظل داعما بكل قوة اهلنا واخواننا والوقوف مع احلق وال منهجية �صحيحة وبراجمه معظمها �سلبي على �سلوك �ضد الباطل....و�سنظل نواجه التحديات بالعزمية واالعداد ابناء املجتمع ،وذل��ك لعدم املراقبة وان�ع��دام ال�ضمائر الن واالميان موقنني ان الن�صر مع ال�صرب وان الفرج بعد ال�شدة معظم الف�ضائيات مهمتها الت�شهري والت�ضليل والدعوة ثم قال :بعون اهلل الطريق التي �سار عليها �آبائي واجدادي ال��ى اث ��ارة ال�ف�تن ون���ش��ر ال�ف���س��اد الأخ�ل�اق��ي ب�ب��ث ال�برام��ج �س�أ�سري عليها دائما و�سي�سري عليها هذا البلد العربي.وبناء الال�أخالقية ال��داع��رة املعيبة ،ومنها م��ن ي�ضع املو�سيقى
وال��دع��اي��ة م��ع ت�ل�اوة ك�ت��اب اهلل وه��ذه كلها ب��رام��ج منافية -2ت�شغيل املال يف امل�شاريع واالعمال التي تعود على املجتمع لأخ�لاق�ن��ا وعقيدتنا وح�ضارتنا ال�ت��ي ورث�ن��اه��ا ع��ن الآب��اء باملنفعة. واالجداد ومنها بث الربامج اخليالة الكاذبة واملروعة والتي تد�س ال�سم يف الد�سم وتقلب احلقائق وراء ال�شهرة وجمع -3معرفة حق اهلل فيه املق�صود بذلك (الزكاة،وال�صدقة) املال او الجندات ت�ستهدف امل�سلمني يف عقيدتهم وح�ضارتهم ل�سد حاجة الفقراء وامل�سالكني وااليتام وم�شاريع اخلري واخ�لاق�ه��م .ل��ذا يجب على امل�س�ؤولني ا�صحاب ال�ق��رار ان ل�صالح املجتمع. يراقبوا الف�ضائيات وم��ا يبث م��ن ب��رام��ج وو��ض��ع �ضوابط -4ع � � � ��دم ت� �ب ��ذي ��ر امل � � ��ال ل� �ق ��ول ��ه ت� �ع ��ال ��ى }ان امل� �ب ��ذري ��ن ومعايري اخالقية ملراقبتها وبيان �ضررها ومفا�سدها على ك� � ��ان� � ��وا اخ � � � � � ��وان ال � �� � �ش � �ي� ��اط �ي�ن وك � � � � ��ان ال� ��� �ش� �ي� �ط ��ان جمتمعنا ،علما لي�س ك��ل م��ا يبث ون�شاهده على �شا�شات ل� ��رب� ��ه ك� � �ف � ��ورا { (اال� � � � �س� � � ��راء )27 :ق � � ��ال ت� �ع ��ال ��ى: التلفاز �صحيح ،ث��م دع��وة امل���س��ؤول�ين ع��ن و�سائل االع�لام } والذين اذا انفقوا مل ي�سرفوا ومل يقرتوا وك��ان بني االه�ت�م��ام بتنمية ثقافة ف�ئ��ات املجتمع وا��س�ت�ه��داف جميع ذلك قواما{ (الفرقان.)27: �شرائحها باحلكمة واملوعظة واالر��ش��اد من اج��ل اال�صالح دور العرف الع�شائري يف عالج امل�شكالت ونبذ العنف و�سالمة لوطن. املجتمعية: الو�ضع االقت�صادي وال�سيا�سية املالية-: ق��ال ت�ع��ال��ى(ال��ذي��ن ام�ن��وا ومل يلب�سوا امي��ان�ه��م بظلم ان من ظلم االن�سان لالن�سان االع�ت��داء على مقومات اولئك لهم االم��ن وه��م مهتدون )االن�ع��ام 82اوال الق�ضاء الع�شائري من االع��راف والعادات الع�شائرية املتوارثة عن حياته و�سعادته ال�ت��ي كفلها ل��ه اال��س�لام وجعلها ��ض��رورة االباء واالج��داد وجذوره عميقة يف تريخنا وقيمنا وتراثنا مهمة وهي (حفظ النف�س والعقل والدين واملال والعر�ض) وين�سجم مع روح العقيدة اال�سالمية ال�سمحة من اجل وئد ق��ال النبي �صلى اهلل عليه و�سلم الت ��زول ق��دم��ا عبد يوم امل�شاكل وخل�لاف��ات وال�ن��زاع��ات املجتمعية او حلها بطريق ال�ق�ي��ام��ة ح�ت��ى ي �� �س ��أل ع��ن ارب ��ع(:ع ��ن ع �م��ره ف�ي�م��ا اف �ن��اه� ،سهل توافقي من خالل تقريب وجهات النظر. وع ��ن ��ش�ب��اب��ه ف�ي�م��ا اب�ل��اه ،وع ��ن ع�ل�م��ه م��اذاع �م��ل ب��ه وع��ن الق�ضاء الع�شائري �صمام امان يف املجتمع م��ال��ه م��ن اي��ن اكت�سبه وفيما ان�ف�ق��ه) رواه ال�ترم��ذي لذا ال�ستتباب االمن واال�ستقرار-: الي�ج��وز االع �ت��داء على امل��ال ال�ع��ام واخل��ا���ص مطلقا وك��ان كذلك هو ردي��ف للأجهزة االمنية من خ�لال التعاون اال��س�لام �سباقا يف اح�ت�رام ملكية امل��ال حيث ان��ه و��ض��ع له نظام وعقوبات رادع��ة الن يف ذل��ك ظلم و�سرقة واحتيال بينهما لف�ض املنازعات بني االفراد واجلمعات قال اهلل تعالى ب�ط��رق غ�ير م���ش��روع��ة ي�ع��اق��ب عليها ال�ق��ان��ون ق��ال تعالى (ولتكن منكم ام��ة يدعون ال��ى اخل�ير وي��أم��رون باملعروف وينهون عن املنكر) و�أجمل ذلك بالتو�صيات التالية: }وال ت�أكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى احلكام لت�أكلوا فريقا م��ن ام��وال النا�س ب��االث��م وان�ت��م تعلمون{ � -1ضرورة تفعيل الوازع الديني (را�س احلكمة خمافة اهلل) (ال�ب�ق��رة )188وال ا��ض��ر على االق�ت���ص��اد و�سيا�سته املالية -2الربامج االر�شادية الرتبوية االخالقية الهادفة يف ال �ب�ل�اد ال�ن��ام�ي��ة م��ن ق��رو���ض ال�ب�ن��ك ال� ��دويل ال��رب��وي وان �ضحايا البنك ال ��دويل ت�ف��وق قتلى وج��رح��ى ميادين -3ا�ستبعاد ا�ساليب القهر واالك��راه والعنف وال�ضغط الن القتال ،وهذه الدول تعترب فري�سة للبنك الدويل من اجل ذلك يولد االحقاد وال�ضغائن ومعروف ان كل �شيء يزيد خف�ض عدد �سكانها من جراء جتويعها وارهاقها بالديون عن حده ينقلب الى �ضده. وبالتايل ال ت�ستطيع ت�سديد ال��دي��ون .وم��ن الف�ساد املايل -4رفع م�ستوى املعي�شة وتقدمي اخلدمات ال�ضرورية للمواطنني. غ�سيل االموال واملال املكت�سب بطرق غري م�شروعة كالربا -5ن�شر العدالة بني افراد املجتمع وذلك بت�شكيل احلكومة واالخ �ت�ل�ا���س وا� �س �ت �غ�لال ال�ف��ا��س��دي��ن مل�ن��ا��ص�ب�ه��م لتحقيق على ا�سا�س القدرة والكفاءة وم�صلحة الوطن ( الرجل م�صاحلهم ال�شخ�صية ب��ال��ر��ش��وة وال��وا��س�ط��ة واملح�سوبية املنا�سب يف املكان املنا�سب). وبالتحايل على القانون(والفا�سدون هم املخربون):قال -6ت��وج�ي��ه االع �ل�ام وم��راق�ب�ت��ه ب �ح��زم ل���س��د م�ن��اف��ذ ال�شر ال�شاعر اقيم لإ��ص�لاح ال��ورى وه��و فا�سد -متى ي�ستقيم والف�ساد وعدم ارهاق املواطنني بال�ضرائب. الظل والعود اعوج يكون ا�صالح الف�ساد املايل واالقت�صادي وي�ج��ب علينا جميعا ال�ت�ع��اون م��ن اج��ل املحافظة على مبا يلي: الوطن و�سالمته وامنه وا�ستقراره وان نكون جميعا جندا -1اكت�ساب املال بطرق احلالل امل�شروعة واالبتعاد عن مال اوفياء للوطن وال�شدائد حمك الرجال (رب��ي اجعال هذا احلرام. البلد امنا وارزق اهله من الثمرات) ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
57
مقاالت
تأمالت في الزمن!... �س�أحب الزمن ،لأنني ال �أ�ستطيع �أن �أت�صور نف�سي بال تاريخ..... كان ولرت �ستي�س قد طرح �إ�شكالية مرعبة� .إذ قال �إن بقاء الوعي بعد املوت يدخلنا يف �أ�سئلة مربكة؛ ف�أي وعي منا هو ذاك الذي ُيب َعث يف احلياة الآخ��رة� :أهو وعي الطفولة �إذ نكون مثل �صفحة بي�ضاء� ،أم وعي ال�شباب وطي�شه� ،أم وعي الكهولة ون�ضوجها� ،أم وعي ال�شيخوخة �إذ نقرتب من الأفول؟ كان هذا دليال �ساقه على �صعوبة اجلزم� ،أو حتى االعتقاد ،ب�أننا �سنبعث على حالة غري احلالة التي كنا عليها يف جوهرنا اخلالد؛ "ذروة الروح".
58
م .سامر حيدر المجالي
ما يعيب هذه الفكرة لي�س �أنها فقط تُ�سلم اخللق ملا ي�شبه العبثية، وال �أنها جترد الإن�سان من �شخ�صيته .باملنا�سبة هذا لي�س هجوما على معتقدات يعتنقها ب�شر �آخرون ،لكنه مت�سك بفرديتي ك�إن�سان حتى �آخر رم��ق� .أن��ا حر يف ذل��ك .لكنّ ال��ذي يعيبها �شيء �أه��م ،ذلك �أنها تزدري الزمن ،وجت ّمد الوجود عند حلظة انطالقه .فاجلوهر بالن�سبة لها هو فقط ما كان .علما ب�أن اجلوهر عند فال�سفة �آخرين هو ما يكون؛ �أي �أنه تراكم التغيريات التي تعطي املوجود ماهيته. هناك ف��رق كبري بني جوهر ال�شيء وحقيقته .جوهره هو �أ�صله الب�سيط" .ذروة الروح" مثال على هذا النوع من الأ�شياء� .أما حقيقته فهي ت�أثري الزمن فيه� .إنها الرتاكمات التي ت�صنع احلا�ضر وتقود �إل��ى امل�ستقبل� .إن �شئت �أن تخت�صرها بكلمة واح��دة فهي "التاريخ" ال�شخ�صي لكل كينونة ،مع ما ميوج به التاريخ من �إيقاع وبدائل .هذا
هو الذي ذهب �إليه زكي جنيب الذي كان ينهل من تراث حلظة اجتماعنا .وج�سدي الذي ينمو وي�شيخ يروي �سرية الفل�سفة الو�ضعية ،ولعله على حق... ال��زم��ن ال��ذي ع�شته ويجعلها احلقيقة الوحيدة املاثلة معي يف كل حلظة .فكل �شيء مدون �أو منحوت �أو حمفور خذ الذرة مثاال ،فنحن اليوم ال ن�ستطيع القب�ض على �أو زاد �أو نق�ص �أو م�سه تغري من �أي نوع ي�شهد� ،شهادة حق، جوهر ب�سيط لها ،ذلك بعك�س الأقدمني الذين تخيلوها على وجود الزمن. ج�سما م�صمتا ال ينق�سم .ثم �إننا ال ن�ستطيع اجلزم بحالة ج�سيماتها دون ال��ذري��ة �إال تخمينا .حتدثنا كثريا عن �أما الذاكرة ف�ش�أنها �أعقد لأن عملها ،من دون �آالتنا مبد�أ هايزنربغ وقطة �شرودنغر؛ فبع�ض الكينونات هي كلها� ،أن تعود �إلى الوراء .ويرفد الذاكرة �إح�سا�س بالزمن ج�سيم وموجة يف �آن معا ،والكل و�صل بنا �إلى �أوتار تعزف .فيطول �أو يق�صر تبعا لإح�سا�سنا جتاهه .الزمن يوحدنا وما زلنا دون �أن نحدد جوهرا ما ل�شيء ما ف�ضال عن �أن باملخلوقات ال م��ن جهة ا�شرتاكنا معها يف ن�صيب منه جن��زم بحالة خم�صو�صة ه��ي �أ�صله وف�صله .فما بالك فقط ،بل فيما يطالها ويطالنا من �آثاره .هذا �شيء نف�سي بجوهر الكائن احلي الذي ال ي�ستطيع منهجنا التجريبي ال ن�ستطيع الفكاك منه .يخربنا جا�ستون با�شالر عن �أن يحيط ب�شيء من طال�سمه ،ومل ي�ش�أ الغيب �أن يك�شف "الزمن املفرو�ش" ويفرق بينه وبني الزمن الأجرد .فما عنه حجابا ،فالروح "من �أمر ربي" ،وكفى.... ال��ذي يفر�ش الزمن؟ �إن��ه الأح��داث التي جت��ري خالله، وكلما امتلأ بالزمن بالأحداث كان بالن�سبة لأحا�سي�سنا ال��زم��ن ي�شكلنا ،ن�ح��ن م�ع��ه خ�ل��ق ب�ع��د خ�ل��ق ،وينتهي �أ�سرع .وكلما خال منها كان ثقيال على قلوبنا .فالزمن اخللق فقط حني نخرج من الزمن. ُيقا�س نف�سيا بغناه وكثافته ،وال ُيقا�س بوقته .معنى ذلك �إذا كان الأمر كذلك فال بد من �أن نر�صد الزمن لنفهم �أن التغري ال��ذي يرافق الأ�شياء هو جوهر الزمن الذي �أي �شيء فيه عن قرب .يبدو لنا الزمن �أول ما يبدو خطا نعي�شه نف�سيا .هو جوهر حقيقتنا التي تنمو كما تنمو م�ستقيما ي�سري من نقطة البداية �إل��ى نقطة النهاية� .أج�سادنا .ونحن من حيث ال ندري جزء من �إيقاع الوجود، يت�سق ه�ن��ا ف�ه��م ن�ي��وت��ن ل�ل��زم��ن م��ع ال�ن�ظ��ري��ة اخلطية ور�صدنا لتغرياته هو العمر احلقيقي الذي نعي�شه. للتاريخ ومع روايات الأديان .لكنه بكل ت�أكيد يختلف عن ال بد �أن هذه جتربة �شعر بها كل �إن�سان .فالرتابة جتعل نظرية العود الأبدي النت�شوية ،ويختلف كذلك عن ت�صور �أيامنا �أطول ،قارن يوم عطلتك الأ�سبوعية الذي تق�ضيه �أين�شتاين ال��ذي ر�أى �أن الزمن ق��ادر على االنف�صال عن يف البيت ب�أيام العمل� .أو حاول �أن تفهم ملاذا يطول الزمن بع�ضه ،ك�أنه نهر ينف�صل عند نقطة معينة �إل��ى فرعني يف �ساعات االنتظار؟ حني ي�سيطر انتظارنا ل�شيء ما على �أو �أك�ثر .مهما يكن من �أمر فللزمن جمرى ،ي�ستوي يف اهتمامنا ف�إنه يلغي كل ما �سواه فال يعود لباقي الأحداث ذلك �أن يكون خطا ثابتا� ،أو خطا يتفرع �إل��ى خطني� ،أو �أهمية .عندئذ ي�سيطر ذاك احلدث املنتظر على تفكريك حلقات مت�صلة .ال�شيء امل�شرتك هنا هو ات�صاله ،وارتباط ويجرد العامل من �أحداثه الأخرى (غري املهمة). التغريات� ،أي نوع كان من التغريات ،معه. �إن ُ�سنة الأ�شياء �أن تتغري ،وكلما �أخذت ن�صيبها من ث��م وه��و الأه��م �أن ال��زم��ن ال��ذي يختفي م��ن الوجود التغري وافيا غري منقو�ص ا�ستهلكت من اخلزان الزمني يرتك لنا ذك��رى تدل عليه .امل��ادة وال��ذاك��رة هما اخلزان ما يكافـيء درج��ة التغري ال��ذي ح�صل فيها .وللمفارقة الذي يودع الزمن فيهما �إجنازاته .ولوالهما ما ا�ستطعنا ف ��إن ال�ق��اع��دة نف�سها تنطبق على امل�ك��ان .فقطعة �أر���ض �أن نربهن �أبدا على وجود الزمن ،ف�ضال عن وجودنا .يف خالية من البنيان تبدو يف عيوننا �أكرب من نف�س القطعة املادة يظهر لنا �أثراً ملمو�ساً ،وبه ن�ستطيع �أن نقر�أ تاريخنا بعد ا�ستثمارها .وق��د ح�صل يل موقف ي�شبه ه��ذا؛ فقد ونر�صد م�ستقبلنا .ن�ستطيع با�ستخدام عمر الن�صف �أن ا�ست�أجرت يف �أح��د الأي��ام �شقة ب��دت يل وا�سعة ج��دا حني نعرف متى ن�ش�أت الأر�ض ،ومتى ولدت هذه ال�صخرة ،ويف عاينتها للمرة الأول��ى ،فلما نقلت �أث��اث��ي �إليها وجدتها �أي ع�صر عا�شت الدينا�صورات .ون�ستطيع بني جمموعة �أ�صغر بكثري مما ظننته .فاملكان املفرو�ش �أي�ضا يتقل�ص من احلجارة املر�صوفة والأعمدة �أن نتتبع �آثار �أر�سطو يف بطريقة ما. اللوقيون� ،أو ن�شهد على ثمانية قرون ق�ضاها امل�سلمون يف الأندل�س بجولة خاطفة يف ق�صر احلمراء .وعند �سماعنا هل يعني هذا �أن م�ضي الزمن �سريعا ينطوي على �أي لأغنية م��ن �أغ��اين �أم كلثوم نوقن �أن ال�سيدة العظيمة �شعور بالغنب؟ رمبا ال ،فللزمن الر�شيق متعة ال ت�ضاهى. كانت فعال ت�صدح عرب �صوت العرب يف تلك الأيام اجلليلة يح�ضرين هنا كالم ميالن كونديرا عن جمال التكثيف طربيا .بل �إن الربيد الألكرتوين الذي �أر�سلته لزميلي امل�ف��اج��يء للحياة يف "ال�ستارة" .ي�ست�شهد هنا ب��رواي��ة يف العمل ه��ذا ال�صباح ي�شهد �أن �صباحي ك��ان حقيقيا" .الأبله" لدو�ستوف�سكي ،حيث ا�ستهلك الروائي الكبري وال���ص��ورة التي التقطتها م��ع �صديقي قبل �شهر ت�ؤكد مائتني وخم�سني �صفحة ل�يروي عا�صفة من الأح��داث ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
59
ال �ت��ي وق �ع��ت خ�ل�ال خ�م���س��ة ع���ش��ر ��س��اع��ة ف �ق��ط� .أب �ط��ال ي�سافرون م��ع بع�ضهم ويتعرفون على �أ�شخا�ص ج��دد، وحب وغ��رام ،واحتفاالت .تكثيف غني لل�ساعات القليلة كما لو �أننا ع�شنا �شهورا متوا�صلة من التغريات� .شيء ي�شبه ال�سحر ح�سب ر�أي كونديرا "وعندما يحدث لنا يف حياتنا اخلا�صة ،التي ميكنها �إنكاره ،يده�شنا! ي�سرنا! يغدو ال ين�سى!"
60
وللذاكرة مع الزمن ما هو �أعجب من ذلك .فالإن�سان منف�صل ع��ن ما�ضيه� ،أي�ضا بح�سب ك��ون��دي��را ،بقوتني؛ الن�سيان ال��ذي ميحو وال��ذاك��رة ال�ت��ي تحُ � � ّور .ن�ع��ود �إل��ى با�شالر الذي �أقر منذ البداية �أن معرفتنا بالزمن لي�ست معرفة حد�سية ،بل �إننا نتدخل فيها ون�شكلها تبعا لأ�شياء كثرية منها م��ا ذك��رن��اه قبل قليل ع��ن ال��زم��ن املفرو�ش. وم�ن�ه��ا ك��ذل��ك ان�ت�ق��ائ�ي�ت�ن��ا يف ت��ذك��ر الأح � ��داث ال �غ��اب��رة. فاملا�ضي بالن�سبة لذاكرتنا �شواخ�ص تنت�صب يف مراحله. �إنها جمرد خال�صات .نتذكر من الزمن �أحداثا بعينها، رمبا كانت هي الأهم يف حياتنا ،ونطرح ما �سواها .بذلك ي�غ��دو ال��زم��ن مليئا ب��ال�ف��راغ��ات� .أي �أن�ن��ا نعيد ت�شكيله فن�صل ونقطع ،ونن�ضج �أو نغ�ضب �أو ن�ف��رح تبعا لتلك ال�شواخ�ص وحدها دون غريها .ال�شيء اخلطري هنا �أن م�شاعرنا تتدخل لتطبع فراغات الزمن بطابعها فتتوحد جدلية امل�شاعر بجدلية الزمن وتهيمن انطباعاتنا على �آماد طويلة .بهذا املعنى ينحل الزمن �إلى خربة �أو �شعور عندئذ ندرك كم هو الزمن م�ؤثر فينا ،وكيف هو �ضالع يف كل �ش�أن من �ش�ؤون حا�ضرنا .الزمن ي�أخذ ويعطي .هذه هي الفكرة التي ت�ستقر يف وجداننا فن�أ�سف على �أزمنة م�ضت ومل ت�ستغل ،ونعلم علم يقني �أن كل تغري �أ�صابنا هو مرحلة نقطعها باجتاه املوت .والزمن هناك كما هو هنا كما هو دائما يقودنا �إل��ى ذاك امل�صري املحتوم .ولو ُعدل الزمن باملال لبذلنا الغايل والنفي�س من مالنا لقاء ثانية واحدة ن�ضيفها �إلى �أعمارنا. لكن ،وهذا �س�ؤال م�شروع� ،أين تذهب تلك الفجوات؟ هل تفنى؟ هل يتخلى الزمن يف �أغلب مراحله عن وظيفته الأ�سا�سية التي هي �إحداث تغيري الكائنات وت�شكيلها خلقا من بعد خلق؟ �إذا كان الأم��ر كذلك ،فال مهرب لنا من �أن ن��رى �أنف�سنا كائنات ه�شة؛ لأن ك��ل فجوة يف الزمن هي فجوة يف تكويننا� .سن�ستبعد هذه الفكرة لأن الأقرب �إلى الظن �أننا نن�ضج على نار هادئة ،ول�سنا ثمار �صليات ع�شوائية ت�سكن مراحل بعينها من الزمن.
انتظام فيها وال �سببية ،ورمبا قربت بني �أبعد املتباعدات، �أو مزجت ما ال ميكن امتزاجه يف حياة اليقظة .هذا �شيء يعرفه �أكرث النا�س ،ولكل واحد منا من عجائب الأحالم ما ي�صلح مادة ملجلدات من التحليل النف�سي/الوجودي. على كل حال ،ي�شري فرويد �إلى خا�صية عجيبة الحظها يف مر�ضاه ،بل ويف �أحالم �أ�صدقائه و�أحالمه هو �شخ�صيا. فكثريا ما ترد يف الأحالم مادة يظن املرء �أنه مل ي�صادفها �أبدا يف حياته اخلا�صة .قد يرى وجوه �أ�شخا�ص مل يرهم من قبل� ،أو ي��زور �أمكنة مل مير بها يف حياته� ،أو ي�سمع عن ا�سم �شيء مل ي�سكن �أب��دا ذاك��رت��ه .املهم �أن كل حالة من هذا النوع �صادفها فرويد كانت تنتهي �إلى اكت�شاف �صلة جمعت حم�ت��وى احل�ل��م ال�غ��ري��ب ب�خ�برة �شخ�صية ُطمرت يف غياهب الال�شعور� .أي �أن حمتوى احللم كان جزءا من اخلربة لكنه �ضاع بني ال�شواخ�ص وغا�ص بعيدا يف �أعماقنا. ي�ؤكد فرويد نقال عن هيلد برانت هذه الفكرة بعبارة جازمة ،ذلك "�أن يف مقدورنا �أن نتبني من�ش�أ كل �صورة من �صور احللم لو �أننا خ�ص�صنا ال�ستق�صاء م�صدرها وقتا وجهدا كافيني" فللأحالم "�سلطان" على ذكرياتنا، تنهل من القريب والبعيد ،وكثريا ما ت�ستدعي ذكريات من �أزمنة غابرة كالطفولة� .إن �أحالمنا تختار "قطوفا" من الذكريات .والأخطر من كل �شيء �أن التافه املن�سي من خرباتنا هو الأكرث ح�ضورا يف �أحالمنا .ومنطق الأحالم ال ي�ستثني �شيئا؛ �إنه يغو�ص يف �أعماق املا�ضي ،فيبحث فيه عن كل انطباع �أو خربة �صغرية ،وحني ي�سرتجعها ف�إمنا ي�ؤكد لنا �أن �أقلها �ش�أنا يرتك فينا �أثرا ال يغادرنا. لعلنا مل نكن بحاجة �إلى حملل نف�سي �صغري �أو كبري كي ير�شدنا �إل��ى هذه الفكرة� .إذ يحدث �أحيانا �أن تفتح �أحالمنا فينا �آم��اال من�سية� .أو جتلب لنا �شيئا �صغريا فيحدث فينا زلزاال عظيما .تعيدنا �إلى طريق م�شينا فيه من قبل� ،أو وجه �صديق من �أ�صدقاء الطفولة� ،أو وردة قدمناها حلبيبة قبل �أن نن�سى احلبيبة وال��وردة� .أ�شياء كثرية تُن�سى ،لكن الأح�ل�ام تعيدها �إلينا بكامل حلتها الزمنية .ورمبا �أ�ضافت �إليها عنا�صر �أخرى من زمن �آخر، فالزمن قدر يغلي ،لكن النار هادئة ،والو�شائج خفية.
الدليل على ذلك �أحالمنا ،فللذاكرة فيها �شواخ�ص �إن ل�ل�أح�لام ن�ف��اذا يف ال��زم��ن .فيها ��ش��يء م��ن نكهة غري �شواخ�ص اليقظة .علما ب�أننا �سنكون يف الكالم القادم عالة على �أ�ستاذ تف�سري احلالم؛ فرويد .ت�سري �أحالمنا اخللود ،بل هي �صفة ت�شري بطريقة غام�ضة �إل��ى بع�ض ب��دون منطق؛ �إن�ه��ا ال ت�شبه حياتنا العادية ب�شيء ،فال �صفات الألوهية.....
واحة الوسطية
مباهج األفكار في وحي األسحار ي�صعب ان يجعل امل��رء من زمانه قطعاً متجاورات ,و�آن��ات متتاليات ,وان مي�ضي فيه مثل �صاعد الدرج ومتو ّقل اجلبال, ينظر كل حني خلفه ,ماذا قطع وماذا ابقى ,ويت�ساءل اي ال�سبل ينتهج فيما انت�صب من م�سافة بينه وبني �آخر ال�شوط ,و�أنّى له معرفة �شيء من ذلك ,وقد حيل بينه وبني ر�ؤية ما هو ابعد من اخلطوة التالية!! ويظ ّل اقرب الى ح�سن العاقبة �أن يخت�صر يف كل حلظة من حلظات عمره ما كان عا�شه ,وما �سيعي�شه بعد من اي��ام ..وان يرى يف حلظته القائمة باباً م�شرعاً الى املا�ضي وامل�ستقبل يف �آن.
ابراهيم العجلوني
�إنه حينئذ يف م�أمن من ح�سرات ما فات ,ومن فجاءات ما �سيكون ,وهو حينئذ يف زمن مطلق ك�أنه االبدية ,ال حواف له, وال نهايات ,وال �ضفاف. يلتم�س النا�س ,عادة ,اوقاتاً بعينها� ,أو �أمكنة خم�صو�صة ,كي تكون �شروطاً مو�ضوعية ,او مناخات �صاحلة ,ل�سكينة الف�ؤاد, وراحة النف�س ,ويقني العقل الذي طال به الت�سا�ؤل. ويظل بع�ضهم يلوب ح��ائ��راً� ,أي �أوق��ات يومه يختار ,والى �أي ركن يف االر���ض يلوذ ,ليخل�ص حينئذ ,او من ثم ,الى هذه احلال ,من هدوء اخلاطر وهد�أة البال. اال ان اي �شيء خ��ارج ال��ذات االن�سانية لن ي�ت��أدى بها الى هذا املطلب الع�سري ,ولن يكون مرقاة الى بهجتها وحبورها, ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
61
على حني ميكن ,ب�أي�سر مقرتب وادناه ,الغو�ص الى قد�س اقدا�سها ,وال��ى اجلوهري من كينونتها ,وم��ا يعوز ذلك اح��دن��ا اال ال��ى ان يجلو م��ر�آت��ه م��ن �ضباب ال�سنني ,و�أن يرى خالل ذلك الطفل القابع يف اعماقه ,وان يطلب منه امل�شورة ,وهو ظافر ,ال ري��ب ,بدليل ال يكذبه الطريق.. الى حبور الزمان وزهو املكان.. يقول �سبحانه وتعالى يف حمكم كتابه العزيز: (هل �أتى على االن�سان حني من الدهر مل يكن �شيئاً مذكوراً) و»هل» هنا مبعنى (قد)� .أي �أنه (قد) �أتى على االن�سان ازمان مل يكن فيها �شيئاً مذكوراً.. وها هنا نتبني بو�ضوح كيف ان الزمان عن�صر رئي�س يف كينونة االن�سان ,لأنه احد مق ّومات هذه الكينونة ,والنه ظ��رف لها ،يحيط بها من اقطارها ,وي�شتمل عليها, ويكون لها �أن ترى ا�سباب وجودها فيه ,باذن ربها ,وا�سباب فنائها فيه ,ب�إذنه كذلك ,فال يند �شيء منها عنه ,وال عن املكان الذي هو مق ّومها الرئي�س الثاين ,منه انبثقت باذن اهلل ,واليه تعود ,باذنه تعالى �أي�ضاً. • ويظل لالن�سان ،على ال��رغ��م م��ن ه��ذه امل�ح��ددات ال�ت��ي تكتنفه ،ان ي��زك��ي نف�سه وي�ع�ل��و ب��روح��ه ،ف ��اذا هو يتناول االبدية ،ويخرج من دائرة الفناء ،بقوانني القُربى والعبودية ،وبا�ستحقاق اخللود ،كما وع��د ال��رب اخلالق املعبود�( ..إن للمتقني مفازاً) ..و (و�إذا اجلنة �أُزلفت).. زُلفى جزاء وفاقا ،مبا �صرب وزك��ى ،ومبا اخل�ص و�ص ّدق واوفى. �إن اوهاما كثرية تنعقد اليوم حول مفاهيم التطور، وخا�صة يف القيم واالخالق ،او فيما يجعل االن�سان ان�سانا.
62
ويف �ضوء فهمنا ملعنى الرتقي ،وربطنا اي��اه ب��االرادة واالخ �ل��اق ،وب��ارت �ف��اع ال� ��وان ال �ع�لاق��ات االن���س��ان�ي��ة عن امل���س�ت��وى امل ��ادي اال� �ص��م ،م���س�ت��وى ال�ت�ف��ري��غ واالم �ت�ل�اء، وم�ستوى ثنائيات ال�ظ��امل وامل�ظ�ل��وم ،والقاتل واملقتول، ف�إننا نقول:انه ال �ضرورة تلزمنا بت�صديق ان ثمة تطورا �صاعدا لالن�سان من حيث هو كائن مادي م�شدود الب�صر الى الطني الالزب الذي خُ لق منه ابتداء. ب��ل ان م��ن � �ش ��أن ه��ذا ال�ط�ين ان ي��رت��د ال��ى ان يكون ا�سفل �سافلني� ،إال اذا كابد و�صابر وجاهد ،وزكى وط ّهر، واتقى و�أن��اب ،وتلك امور من امور ال��روح ُيلقاها كل ذي حظ عظيم ،و ُيجنبها اال�شقى ال�غ��ارق يف وح��ول االر���ض واو�ضارها. • رب قائل :وماذا تقول فيما و�صلت اليه التكنولوجيا امل�ت�ط��ورة ،وع�ل��م ال�ف���ض��اء ،وه��ذه ال���ش��رائ��ح االلكرتونية املُعجبة ،وم��ا ال ح�صر ل��ه م��ن االخ�تراع��ات واالجن ��ازات العلمية� ..ألي�ست هذه تطورا؟
فنقول يف ذلك� :أجل ،ذلك كله تطور ،ولكن يف اال�شياء واالدوات التي ال تعدو ان تكون ام�ت��دادا الن�سان الطني االول ،وات�ساعا لبط�شه وجربوته ،وكل اولئك كان ادنى ِ النكو�ص منه الى الرتقي ..لو كانوا يعلمون. الى • يقولون :الوقت كال�سيف� ،إن مل تقطعه قطعك، ثم ننظر يف اخللق ،فال نراهم يجتمعون على وقت واحد فيما ي ��أخ��ذون وي��دع��ون ،وننظر يف االوق ��ات ف�لا نراها تت�سق على نهج واح��د للخلق ،ونخل�ص من ذلك الى ان لكل منا وقته او اوقاته ،والى ان يف الوجود اوقاتا ،بعدد املوجودات. • وح�ين منعن يف حتليل معنى ال��وق��ت ،نخل�ص بعد لأي ،الى انه الزمن املحدد لفعل ما ،والى ان التوقيت قد يحمل معنى تتبع م�سار الفعل ،ماذا �أُجنز منه وماذا بقي، ف�ضال عن معانيه ودالالت��ه االخ��رى ،فلئن ك��ان الزمان ظ��رف ال��وج��ود ف��ان ال��وق��ت ظ��رف العمل ،ولعلنا هنا ان نكون اقرب الى فهم قول القائلني :الوقت كال�سيف �إن مل تقطعه قطعك. • وكم ترتاخى باحدنا ال ِه َم ُم ،وتقعد به العزائم ،فاذا الوقت ينرث عمره نرثا ،واذا هو ُينادى من مكان بعيد، وق��د �أدل ��ج ال�ن��ا���س ،و� �س��ارت بهم رك��ائ��ب احل �ي��اة ،ف��ان قام ي�ستدرك ما فاته �أيقن ان الجزاء الوقت َقطعا مثل حد ال�سيف ،وانه كان لنف�سه من الظاملني. • كيف ،اذن ،نقطع وقتنا؟ وكيف ن�سود اج��زاءه وال ت�سودنا؟ وكيف ندفع عن ارواحنا �صد�أه ،وعن نفو�سنا �أذاه؟ ذلك ما �سن�ضيء جوانب منه يف املقالة القادمة. جاء يف اال�سطورة ان «الوقت» كان يف مبد�أ �أمره و�أول خ�ب�ره وح���ش�اً ه��ائ� ً لا ي��رب����ض ع�ل��ى �أب� ��واب م��دي�ن��ة مليئة بالب�ساتني والأ�شجار املثمرة واالنهار املكتظة بالأ�سماك، و�أنه كان يحرتم اعمار �أبناء هذه املدينة حني يبلغ الواحد منهم الع�شرين من عمره ،و�أنهم �سلكوا كل �سبيل لوقف انق�صاف �أعمارهم ،فما باءوا بغري اخليبة ،حتى خرج لهم كاهن من غابة جم��اورة ،و�أو�صاهم ب��أن مي�ل�أوا نهارهم بالعمل وليلهم بال�صلوات ،فاذا بالوح�ش الهائل ي�ضم ُر �شيئاً ف�شيئاً حتى يغدو يف حجم قط �صغري ،ميلك طفل وادع ان ي�ست�أن�سه.. وجاء يف �أ�سطورة اخرى ان الوقت والعمل كانا ي�سكنان ك��وخ �اً ع�ل��ى اط ��راف اح ��دى ال �غ��اب��ات ،وان اح��ده�م��ا ك��ان يرتب�ص بالآخر ،فان نام (العمل) قام الوقت من فوره، ف�أخذ يقر�ض جوانب الكوخ ،وان ا�ستيقظ العمل ،الت�أمت ج��وان��ب ال�ك��وخ وق��وي��ت �أرك��ان��ه ،وق��د ذه��ب مف�سرو هذه الأ�سطورة مذاهب �شتى يف تف�سريها ،اال ان �أقربها الى منتق�ض القبول ،ان الكوخ هو احلياة ،و�أنه قائم بالفعل ّ بالك�سل ،و�أن ال��وق��ت وح�ش يرتب�ص باالن�سان يريد ان يدمر حياته ويجعلها حطاماً ،لوال انه يحاربه بالعمل الدائب ،واليقظة امل�ستمرة. •••
ون�ق��ر�أ �آي��ة الكر�سي م��ن كتاب اهلل ال�ع��زي��ز :ب�سم اهلل هم�س الكائنات وت�سابيحها ،ويكون للنف�س ان تطمئن الرحمن ال��رح�ي��م}:اهلل ال ال��ه اال ه��و ،احل��ي القيوم ،ال ال� ��ى م��وق �ع �ه��ا م ��ن ال� �ك ��ون ،وم� ��ن ت �ق��دي��ر رب �ه��ا يف �آن. ت�أخذه �سنة وال ن��وم ،له ما يف ال�سماوات وما يف االر���ض، من ذا الذي ي�شفع عنده ،اال باذنه ،يعلم ما بني �أيديهم • وها انت ايها االن�سان ،توفاك اهلل ثم ابتعثك لتبا�شر وما خلفهم ،وال يحيطون ب�شيء من علمه ّ اال مبا �شاء ،زمنا اخر من عمرك الذي يعلم العلي الباقي متى يقر و�سع كر�س ّيه ال�سماوات والأر�ض ،وال ي�ؤوده حفظهما ،وهو ب��ه ال �ق��رار ،وان ��ك ل� ُت� ِ�ح��� ُّ�س يف اع�م��اق��ك معنى االنبثاقة العلي العظيم{... االول��ى لوجودك ،ومعنى فجرك البهي ال�صادع ،وتهيء نف�سك لتجديد ع��زائ�م�ه��ا ،با�سم باعثها م��ن مرقدها، ّ حي ..وقيوم :ا�سمان كرميان من �أ�سماء اهلل احل�سنى ،وم�ت��وف�ي�ه��ا ع�ن��د م��وت �ه��ا ،وت���س�ت�ي�ق��ن ك��ل ح�ي�ن ان ��ك ال��ى ال�صفات أم � الذات أ�سماء � من ا�سمني أكانا � لنبحث هنا ول�سنا رج ��وع ،وع�ل��ى م��وع��د ل��ن ُت�خ�ل�ف�هُ ،وان ال��ى اهلل امل�صري. �أم الأفعال ،فلذلك موقف غري موقفنا هذا ،ولكنّ توكيدنا هنا �إنمّ ا يكون على �ضرورة ان ن�ستلهم يف ظاللهما معاين ••• فاحلي من احلياة و�أ�سبابها ،ومعاين الق ّيومية وجت ّلياتها، ّ هو منهم أمره بني االن�سان هو الفاعل املتحرك ،والقائم ب� • رب ب �� َ��ص ��ر ُم� ��� �ش ��ر َع ع �ل ��ى م �� �ص��راع �ي��ه ال ي ��رى حامل امل�س�ؤولية ،العامل ،الذي ال يرتك للوقت ان مي لأ � �ص ��اح �ب ��ه � �ش �ي �ئ��ا اب � � � ��دا ،ف� �ه ��و يف ظ� �ل� �م ��ات م �ت �ك��اث �ف��ة. املكان ،ويظل قائماً مبهمات احلياة بج ّد واخال�ص ود�أب، ور�سوله ورب �سمع ملقى الى اجلهات دون ان يظفر بن�أم ٍة ،فهو يف ويقول كل حني }وقل اعملوا ف�سريى اهلل عملكم �صمت راعب حميط. وامل�ؤمنون� {..صدق اهلل العظيم. ف���س�ب�ح��ان اهلل احل ��ي ال �ق �ي��وم ال� ��ذي ي�ع�ط��ي االع�ي�ن ••• اب �� �ص��اره��ا ،والآذان ��س�م�ع�ه��ا ،و��س�ب�ح��ان م��ن ج�ع��ل وراء ويظل لنا ان نعترب الوقت مط ّية او �آل��ة ن�ستخدمها ذل ��ك ب���ص��ائ��ر م��ن ل��دن��ه ،م��ن اب���ص��ره��ا ف�ل�ن�ف���س��ه ،وم��ن �إن نحن عرفنا ماذا نريد ،وما هي غاياتنا التي نرامقها ،عمي عنها :فذلك ه��و ال�شقي ،مل ينك�شف عنه غطا�ؤه ويظل لنا ان نبارك �أيامنا بالعمل ال�صالح الذي ي�ؤتى �أُكله بعد ،فهو يف �ضالله وعمايته و�إن ك��ان م��ن املب�صرين. ويلقى اجره ،ويظل لنا ان نزكي قوانا وب�صائرنا بال�سعي ••• يف مناكبها ،با�سم اهلل ربنا الذي ال ُي�ضيع اجر من اح�سن عمال. • ولقد ا�شتمل قر�آننا العظيم على دعوة كرمية دائمة لالب�صار والتب�صر ..وها نحن اوالء نقر�أ فيه قوله تعالى: ••• • يف ال��� ّ�س� َ�ح�رِ ،ال يحول �شيء دون التفكر يف خلق "•}�أمل يروا �أنا جعلنا الليل لي�سكنوافيهوالنهار ُمب�صراً{.. ال���س�م��اوات واالر�� ��ض ،وال ح��اج��ب ب�ع�د ،م��ن غ�ب��ار الدنيا ي �ح��ول دون ال ��دخ ��ول يف (ال ��ذي ��ن ي � ُ�ذك ��رون اهلل ق�ي��ام�اً • }فال �أُق�سم مبا تب�صرون وما ال تب�صرون �إنه لقول ٍ ر�سول كرمي{.. وق �ع��وداً ،وع�ل��ى ُج� ُن��وب�ه��م ،ويتفكرون يف خلق ال�سماوات واالر�� � ��ض) وي �ق��ول��ون وق ��د خ���ش�ع��ت ق�ل��وب�ه��م �سبحانك • قد جاءكم ب�صائر من ربكم فمن �أب�صر فلنف�سه.. اللهم ،ال علم لنا �إال ما علمتنا� ،إن��ك انت عالم الغيوب. • ف��ارج��ع ال�ب���ص��ر ه��ل ت��رى م��ن ف �ط��ور ،ث��م ارج��ع الب�صر كرتني ينقلب �إليك الب�صر خا�سئاً وه��و ح�سري. ••• • ويف ال �� �س �ح��ر ،ي �ت �ف �ك��ر امل� ��ؤم� �ن ��ون يف ان�ف���س�ه��م، • و�أب�صِ رهم ف�سوف ُيب�صرون�« .صدق اهلل العظيم». وي ��رون ال��ى م��ا ي�ع�م��ره��ا م��ن ع ��وامل ،وم��ا ينف�سح فيها م��ن اب �ع ��اد ،ث��م ي �ق��وم��ون هلل م�ث�ن��ى وف� � ��رادى ،وي�ق�ل�ب��ون على انه ال بد من االق��رار ان واقعة االب�صار وحدها ً وج � ��وه ال � � ��ر�أي يف ذل� ��ك ك �ل ��ه ،ث ��م ي �� �س �ج��دون هلل ،وق��د ال تكون دائما كافية ,و�أنه ال بد من هدى مي�ضي بها الى ا�ستيقنوا ان��ه ه��و وح��ده اخل��ال��ق امل��د ّب��ر العليم اخلبري .حيث يكون �سداد الوعي ,و�صوابه ,ور�شده ,وها هنا نتبني معنى ان ي�ؤتي اهلل النفو�س تقواها ,لأن التقى كالتمهيد للعلم ول�صحة اال�ستدالل ,وهو يف الب�صر ب�صريته النافذة ••• ودليله الهادي .قال تعالى يف �سورة ال�صافات من كتابه • ويف ال�سحر ،يكون القلب اكرث �صفاء ،واقدر على العزيز« :واب�صر ف�سوف يب�صرون» فلو كان اب�صار الأعني التفكر فيما يب ّينه اهلل تعالى م��ن �آي��ات��ه ال�ت��ي ُيج ّليها كافياً ملا كان هذا االمر الكرمي ب�إب�صارهم وتب�صريهم ,وملا للب�صائر ،وامثاله التي ي�ضربها للنا�س ،ومتلك م��ر�آة كان ذلك الوعيد ب�أنهم �سوف يب�صرون «يوم ال ينفع مال ال �ق �ل��ب ،وق ��د م���س�ح��ت ع�ل�ي�ه��ا ي��د ال��رح �م��ن ،ان تلتقط وال بنون ,اال من اتى اهلل بقلب �سليم»� .إن احلوا�س هي ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
63
�ضيقها ,حتى ميلأها ك�براً وزه��واً وخ��داع�اً وك�ي��داً ,فاذا ه��ي ات�خ��ذت �سبيلها يف جم��رى االي ��ام ��س��رب�اً ,ك��اد يبخع نف�سه على اث��اره��ا ,ومل��أه الهم واكتنفه ال�ق�ن��وط ,فهو اذن دهري يقول مع القائلني« :ما هي اال حياتنا الدنيا, من ��وت ون �ح �ي��ا ,وم ��ا ي�ه�ل�ك�ن��ا اال ال ��ده ��ر» وال غ ��رو فقد تقطعت نف�سه ح���س��رات ع�ل��ى حل�ظ��ة ف��ان�ي��ة ,ف�م��ا عمره الفاين اال ده��ره ال��ذي يهلكه ,ما دع��ا�ؤه اال يف �ضالل!!
نوافذ الوعي على العامل اخلارجي ,لكن للوعي نوافذه على العامل الداخلي لالن�سان اي�ضاً .فاذا ا�ستغلقت هذه االخ�ي�رة دون ال��وع��ي غ��دا ع��اج��زاً ك�ل�ي� ً لا ال ي�لام����س اال �سطوح اال�شياء ,وباتت ح�صيلته بع�ض ظاهر هذا العامل, ف�سرعان ما تذهب بدداً ويغمرها الن�سيان ,اما اذا ظاهرت الب�صرية الب�صر ,وعزز اليقني الداخلي احل�س اخلارجي, و� �ص � ّدق علم اجل��وان��ح علم اجل ��وارح ,ف ��إن ذل��ك ه��و عني اليقني الذي تطمئن اليه االلباب ,وتهد�أ عنده النفو�س. ••• ••• ون�ف�ت��ح ك�ت��اب اهلل العظيم م��رة اخ ��رى ,ون �ق��ر�أ قوله للم�ؤمن اذن ان ي�ستبدل باخل�سر ف ��وزاً مبينا :اذا ت�ع��ال��ى م��ن � �س��ورة االع � ��راف «ول �ه��م �أع �ي�ن ال ي�ب���ص��رون ه��و ق��رن امي��ان��ه بالعمل ال�صالح ,وج�ع��ل احل��ق ر�سالته ب�ه��ا ,ول�ه��م �آذان ال ي�سمعون ب�ه��ا» ث��م ن��دع��وه ت�ع��ال��ى ان يف دن�ي��اه ,و�صرب و�صابر وراب��ط ومل يجعل ه��ذه احلياة ال ن �ك��ون يف ه � ��ؤالء ال��ذي��ن ال ي�ب���ص��رون وال ي�سمعون ,مناط همه ,واخر علمه ,بل جعلها �سلماً ومرقاة واتخذها وان ي � �ب� ��ارك ل� �ن ��ا يف � �س �م �ع �ن��ا وب� ��� �ص ��رن ��ا ,وان ي�ج�ع��ل ال��ى ذي ال�ع��ر���ش ��س�ب�ي� ً لا :غ �ف��ران��ه ,وج�ن�ت��ه ,ور� �ض��وان��ه. ق�ل��وب�ن��ا م�س ّبحة ب�ح�م��ده� ,آن ��اء ال�ل�ي��ل واط� ��راف ال�ن�ه��ار. ••• يف ال� �ل� �ح� �ظ ��ة ..يف دائ� ��رت � �ه� ��ا امل� �غ� �ل� �ق ��ة ..يف اف �ق �ه��ا ••• املح�صور ,ال ميلك االن�سان ان ي��رى ال��ر�ؤي��ة ال�صائبة.. ي� �ق ��ول اهلل ت �ع��ال��ى يف ك �ت��اب��ه ال� �ع ��زي ��ز« :وال �ع �� �ص��ر, �إن االن �� �س��ان ل�ف��ي خ���س��ر» وال�ع���ص��ر ه��و م��ا ب�ي�ن الظهر انه يف حاجة قائمة الى ان يغادر �ضيق ما هو فيه ,والى وامل� �غ ��رب ,وال �ع �� �ص��ر اي �� �ض �اً ه��و م�ط�ل��ق ال ��زم ��ان� ,أو هو ان ي��رى حلظته ,ه��ذه ال�ت��ي �سبقها ,يف �سياق ع��دد غري ح �ق �ب��ة م� �ن ��ه ,ف�ك�ي�ف�م��ا ادرن� � ��ا امل �ع �ن��ى ه �ن��ا ف �ه��و م�ت�ع�ل��ق متناه من اللحظات ,قد �سبقا ما ال ُيع ّد وال يح�صى منها, ب � ��آن م��ن زم� ��ان ب�ع�ي�ن��ه� ,أو ب�ك��ل زم� ��ان ك ��ان �أو ��س�ي�ك��ون .و�سيتلوها ما ال يعد وال يح�صى منها كذلك ,فهي نقطة يف خط ال يرى طرفاه ,وهي لذلك اهون �ش�أنا من �أن يلقي واقرتان الزمان باخل�سر اكرث �شيء حتققاً يف هذه احلياة رحاله عندها� ,أو �أن ي�أخذه الزهو فيها وتتم ّلكه الكربياء.. الدنيا ,ولي�س ينفك امل��رء ,على م��دار الليل والنهار من ••• خ�سران مبني يلم�سه ويف ماله ويف احبته ,ال بل انه ومنذ يولد وهو منذور للموت يرتقبه على منعطفات عمره.. ل �ل �� �ص�ب�ر ,اذن ,دوره امل� ��� �ش� �ه ��ود ,يف اب � �ط� ��ال ��س�ح��ر فكيف اذن تكون جناة ,وكيف يكون ك�سب وال يكون خ�سران!! ال �ل �ح �ظ��ة ,ول ��ه دوره ,ك��ذل��ك ,يف اخل � ��روج ب ��أح��دن��ا من �ضيق االوان ال��ى �سعة ال��زم��ان ,ويف ر�ؤي��ة ب�شائر الفرج ••• يف قلب الغمة ,ف��اذا توا�صينا ب��ه ,ف�إننا نكون قد �شددنا ازرن ��ا مب��دد حقيقي ,ورف��د م��رف��ود ,ون�ك��ون ق��د �صابرنا وم ��ع ت �ق��ري��ر ح�ق�ي�ق��ة اخل �� �س��ران ل�لان �� �س��ان يف ه��ذه اللحظة حتى اتخذت �سبيلها ,يف بحر االب��دي��ة� ,سرباً.. 64الدنيا ف ��إن ثمة ا�ستثناء تب ّينه لنا االي��ات التاليات من ••• � �س��ورة الع�صر نف�سها :اذ ي�ق��ول اهلل ت�ع��ال��ى ب�ع��د ق��ول��ه: «وال�ع���ص��ر �إن االن���س��ان ل�ف��ي خ���س��ر»« ..اال ال��ذي��ن �آم�ن��وا قيل لليل ما ان��ت وال�صمت؟ ق��ال :هو رفيقي ,وقيل وعملوا ال�صاحلات وتوا�صوا باحلق وتوا�صوا بال�صرب», فال ينت�صر على اخل�سران يف حياة االن�سان اال االميان ,ما �أنت والهم؟ قال :م�سامري ,وما انت وال�صرب؟ قال: والعمل ال�صالح ,واي�ث��ار احل��ق ,وان�ت�ه��اج ال�صرب .اربعة خليلي وحامل اوجاعي ,وقيل ما �أنت وال�سحر؟ قال :مف ّرج ارك��ان تهزم اخل���س��ران ,ف�لا ي�ستغرق االع�صر ويهت�ضم كربتي و�شفيع حبوتي ودليل الى الفجر ,بورك من دليل.. احل �ي��وات ,وي�ظ��ل للمرء اذا ا�ستع�صم بها �أن ي�ك��ون من ••• الناجني يف ال��داري��ن ,وان يبعثه اهلل مقاماً حم�م��وداً.. لل�سحر وحيه ,ول��ه حديثه امل�ستمر يف ثنايا الظالم, ••• ول��ه ت�سابيحه وتراتيله ,ف��إن نحن اح�سنا اال�ستماع الى وم��ن ق�صرت ب��ه م��دارك��ه ع��ن فهم ت�صاريف الزمان ذلك كله ,وجدناه بع�ض ما كان كامناً يف قلوبنا ,وتعرفنا وتقادير االع�صر ,و�شغلته اللحظة التي ت�ستغرقه عما به ال��ى عواملنا الداخلية ,فك�أمنا ال�سحر م��ر�آة ,وك ��أن ما ب�ين يديها وم��ا خلفها ,فجعلها على ق�صرها وو�شيك يلقيه يف وعينا نور منبعث من اعماقنا الى �صفحتها.. ف��وات �ه��ا اب� ��داً م��دي��داً �أو ك ��الأب ��د ,ث��م مل ي ��زل ب �ه��ا ,على •••
م� ��ع ال �� �س �ح ��ر ,ت �ت ��وف ��ر ال� �ك ��ائ� �ن ��ات ,وت � ��أخ� ��ذ ت��رق��ب اط�لال��ة ال �ن �ه��ار ,وه��و ب�ع��د ف�ك��رة يف �ضمري ال �ك��ون ,فيا للهاج�س الفتان كيف ي��أخ��ذ ب��أل�ب��اب اال��ش�ي��اء ,وي��ا للنب�أ تتناقله ال�ن���س��ائ��م ح�ف�ي��ة ب��ه ك ��أن��ه اخل�لا��ص��ة م��ن عطر خ �ف��ي ,مي�ن��ح ال��وج��ود ذاك� ��رة احل �ي��اة وا�� �س ��رار اخل �ل��ود..
الذين يقومون الليل ,يف عبادة اهلل ,وتزكية ال��روح. وال��ذي��ن ي �ق��ر�أون ك�ت��اب��ه ال �ك��رمي (�إن ق ��ر�آن ال�ف�ج��ر ك��ان م�شهودا). وامل�ستغفرون يف اال�سحار.
••• اولئك جميعاً �شرح اهلل �صدورهم لالميان ,وهداهم, بف�ضل منه تعالى ,الى احلق املبني ,وجعلهم رهبان ليل على م�شارفه وقفت ,وكان ثم حديث هادئ ي�أخذ القلوب .وفر�سان نهار ,و�آتاهم تقواهم. هل تنق�ضون �ستائري �أنكاثاً؟ ال بل �سنبني خيمة من نور.. هل حتملون مواجعي مرياثاً؟
اولئك هم ملح االر�ض ,هم زينتها ,هم معناها االن�ساين, وبهم وحدهم يزهو الوجود ,على حني قد ال تكون االلوف امل�ؤلفة فيه اال ن�سخاًمتكررة من قالب طيني م�صمت كئيب..
•••
ال بل ر�سي�س هوى وفي�ض حبور.. ويطيب للنف�س امل�ؤمنة اال�ستغفار يف ال�سحر ,لأنها ثم تف ّرقت ال�سبل ,وم�ضى كل ملا ابتعث اليه ,وكل يف فلك ت���ص�ح��و م��ن ��س�ب��ات�ه��ا ف �ي��ه ,وق ��د ن��ام��ت ع�ن�ه��ا � �ش��روره��ا, ي�سبحون. وان �� �س �ح��ب م�ن�ه��ا ظ�ل�ام �ه��ا ,وغ� ��دت ��ش�ف�ي�ف��ة ك��ال��زج��اج, ت���ص�ت��دع ب��ال �ن��ور وت�ن�ب��ي ع��ن ت�ع� ّل�ق�ه��ا ب��ال�ع�ل�ي��م اخل�ب�ير. ••• يقولون ان ال�سحر والهدوء وال�سكينة جتتمع كلها على معنى واحد ,لكن �أحداً ال يت�صور ,اال يف النادر القليل� ,أن يكون ال�سحر عا�صفاً ممتلئاً باالنواء ,على الرغم من انه يا رب ..يا واهب احلياة ,يا وا�سع الرحمة ,يا غفور.. يكون كذلك فع ً ال طوال ال�شتاء ,وزلفاً من اخلريف.. يا ودود ..اللهم �إين ابوء لك ب�إثمي ,واف��زع اليك مثق ً ال بالذنوب ..وما ثم اال رحابك يوم ت�ضيق الرحاب ,وظلك ••• الظليل يوم تن�سحب الظالل.. الب��ن ال��روم��ي ق�صيدة طريفة ي�ق��ول فيها �أن��ه ر�أى �أحدهم� ,سحراً ,يقلي زالبية ,ثم ي�صف كيف يكون ذلك يا رب ..يا قابل التوب بعد �أن ا�ستيئ�س اخلاطئون ,ويا و�صفاً عبقرياً ,ولرب �سائل :كيف �ضرب هذا ال�شاعر املبدع مقيل العرثة بعد ك ّبت �أنف�س على وجوهها ,وا�ستيقنت �صفحاً عن مناجاة ال�سحر والطاف ما يكون فيه من معان ودالالت ,ليجل�س مثل طفل جائع امام بائع الزالبية ,وهو الهالك ..لوالك.. يخرجها كاالقمار؟! ويف اجلواب على هذا الت�سا�ؤل تت�سع �إن ال�ي��ك امل� ��آب ,ي��ا رب ,وال�ي��ك رج��وع�ن��ا االخ�ي�ر ,بعد م�سافة الت�أمل والنظر يف ال�ضروري والكمايل من امور االن�سان ,وجند انف�سنا م�ضطرين الى قدر من الواقعية تطواف هذه الدنيا وتيهها ,فمن لدنك كان البدء يا اول يحول بيننا وبني الغلو يف الوهم� ,أو االمعان يف التهومي ..ي��ا خ��ال��ق ..وال�ي��ك ,ب�ين يديك يكون اخل�ت��ام ي��ا �آخ ��ر ..يا ••• �سالم ..يا مهيمن� ..سبحانك. •••
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
65
واحة الوسطية
غياهب الشاعر علي فهيم زيد الكيالني
66
ط� � � ��ا َل اح � � � �ت � � � �ج� � � ��ا ُب� � � ��ك ف� � � ��ال� � � � ّ�ظ� �ل� ��ام محَ َ � � � ��اقُ ال� � � �ل� � � �ي� � � � ُلَ ي� � � �ه � � ��دي امل� � � � ْدجل� �ي ��ن ب� � � �ن� � � �ج � � � ِ�م� � � � ِه ل � � � �ك� � � ��نّ ه� � � ��ذا ال � � � �ل � � � �ي � � � � ُل�� ُ� � �� س� � � � ْ�ح � � � � ٌمَ ب � � � � ْرق � � � � ُه �أرخ � � � ��ى� � � � �� س� � � � �ت � � � ��ائ � � � ��ر ُه ع� � � � �ل � � � ��ى� آف � � � ��اق� � � � �ن � � � ��ا ف � � ��ال� � � �ع� � � �ت� � � �م � � ��ة ال� � � � َّده� � � �ي � � ��ا ُء جت� � � �ت � � ��ا ُح امل � � ��دى ت� � � � �غ� � � � �ت � � � � ُ �ال ك� � � � � َّل� � � � �� س� � � � �ن � � � � ً�ى وك� � � � � َّل حم � � � � َّ�ج� � � � � ٍة ظ � � �ل � � �م� � ��اتُ ه� � ��ذا ال � � �ل � � �ي� � ��ل م� � ��وح � � �� � � �ش � � � ُة ال � � � ُّر�ؤى ف � � � �ك � � � ��أمن� � � ��ا� آف� � � ��ا ُق � � � �ن� � � ��ا ق� � � ��دَ � أط � � � � َب � � � �ق� � � ��ت ول� � � � � � � � ُر َّب ق� � � �ب � � � ٍ�ر ك � � � � � � ��ان� أ ْرح � � � � � � � َ�ب م� � � � � � � �ن � � � � � � � ٍ �زل * * * �ا رب م � � ��ا ل � � ��ون ال� � � ��� � � �ض� � � �ي � � ��اءِ وم � � ��ا ال� � � �� � � َّ��س� � � �ن � � ��ا ي � � � ِّ ط � � ��ا َل ان� � � �ت� � � �ظ � � ��ا ُرُ ع� � � �ي � � ��ون� � � �ن � � ��ا وق� � � �ل � � ��و ِب� � � �ن � � ��ا �� � � �ص� � � � َّدت ج� � � �ي � � ��و� � � �ُ�ش ال� � � �ل� � � �ي� � � �لِ� أط� � � �ي � � � َ �اف املُ� � � �ن � � ��ى ه� � � � ��ذا ال� � � � � ُّ�دج� � � � ��ى امل � � � � � ْرك� � � � ��و ُم ه� � � � � ٌّ�م م� � � � ��وج � � � � � ٌع * * * ك� � � �ي � � ��ف ال� � � �� � ُّ� ��ص� � � �ع � � ��و ُد� إل � � ��ى ال � � ��ذ ُّرى وط � � ��ري� � � � ُق � � ��ه وع � � �ي� � ��و ُن � � �ن� � ��اَ ع � � ��� � ِ��ش � � � َي� � � ْ�ت وغ� � ��ا�� � َ��ض ب� � ��ري � � � ُق � � �ه� � ��ا ر ال� � �ع� � �م � ��ى وا�� � �س� � �ت� � � ْف� � �ح� � �ل � � ْ�ت ف� � �ي� � �ن � ��ا دي � ��اج �ي � ُ �اق ج� � � ��� � � �س � � � ِ �وم� � � �ن � � ��ا ول� � � �ق � � ��دُ دف� � � � َّن � � ��ا يفِ ن� � � �ط � � � ُ حت� �ت� � ُ �رف ال � � � ��� � ُّ� ��س� � � ��رى م� � � ��ا ح � � � �ي � � � �ل � � � � ُة الأق� � � ��دامِْ مل َّ� � ��ا ت � � �ن� � � � َّك� � � �ب� � � �ن � � ��ا ال� � � �ط � � ��ري� � � �قَ� إل � � ��ى ال� � � � ُع� � � �ل � � ��ى ِ ح� � � � � َّدب� � � � �اً ُر ْح� � � � �ن � � � ��ا ن� � � � �ح� � � � � ِّدقُ يف ال � � � � ُّ�دج� � � � � َّن� � � � �ة ُ ك � � � َّل� � ��ت ب � � �� � � �ص� � ��ا ِئ � � � ُرن� � ��ا ف � � ��أ ْوه � � �ن � � �ن� � ��ا ال � � �ع � � �م� � ��ى مل َّ� � � ��ا�� َ� � �� س � � � � َد ّرن� � � ��ا يف ال � � � ��� � َّ� ��ض� �ل� ��ال � � � �ةِ وال� � � � ُّ�دج� � � ��ى يف ال � � � ُّ�ط � � ��خْ � � �ي � � ��ة ال � � �ع � � � ْم � � �ي � � ��اءِ ال ق � � �ل � � � ٌ�ب ي � � �ع � � ��ي راح � � � ْ�ت خ� � � �ف � � ��اف� � � �ي� � � �� � � �ُ�ش ال� � � �ظ� �ل ��امِ ت� � � �ق � � ��و ُدن � � ��ا
ح � � � � �ت� � � � ��ى م � � � � �ت� � � � ��ى ي � � � � �ت � � � � ��أخّ � � � � � ُر الإ� � � � � �ش� � � � ��راقُ وب � � � �� � � � �س� � � � ْ�ح � � � � ِرهِ ول � � � �� � � � �ش � � � �م � � � �� � � ��سِ � � � �هِ� آف� � � ��اقُ ونجُ � � � � ��و ُم� � � � ��ه ،م � � � � �ت � � � � �ج � � � � � ِّه � � � � � ٌم�� � َ� � �� ص � � � � � ّع� � � � ��اقُ ه� � ��ل ي � � �� � � �س � � �ت � � �ف � � �ي� � ��قُ ال � � �ف � � �ج � � � ُر وه� � � ِ �ي ط � � �ب� � ��اقُ و َت� � � �ط � � � ُ �ال ع� �ي� �نَ ال� � � ��� � � �ش� � � �م� � � �� � � ��سِ وه � � ��يَ ع� � � �ت � � ��اقُ �أع� � � � � � ��دا�ؤه� � � � � � ��ا الأن � � � � � � �� � � � � � � �س� � � � � � ��ا ُم والأح� � � � � � ��داقُ خم� � � �ن � � ��وق� � � � ُة الأن� � � �ف � � ��ا� � � ��سِ ل� � � �ي� � � �� � � ��سُ ت� � � �ط � � ��اقُ م � � ��ن ف � � ��و ِق� � � �ن � � ��ا ف � � ��ا�� � � �س� � � �ت� � � �ح� � � � ِك� � � � َم الإغ� �ل ��اقُ ف � � � � ��امل � � � � ��وتُ � أرح� � � � � � ُم وال� � � � � ��� � � � � �س� � � � � �ج � � � � ��ونُ ِ رف � � � � ��اقُ * * * �إنيِّ� إل� � � ��ى ع � � � �ه � � � �دِ ال � � � ��� � ِّ� ��ض � � � �ي� � � ��اُ م � � � �� � � � �ش � � � �ت� � � ��اقُ ك� � � �ي� � � �م � � ��ا ت� � � �ك� � � �ح� � � � ُل ب � � ��ال� � � �� � � ِّ��س� � � �ن � � ��ا الآم � � ��اقُ �أ َّن� � � � � ��ى ل � � � � � �ب� � � � � ��ارق � � � � � �ةِ امل ُ� � � � � �ن� � � � � ��ى� إ� � � � � � �ش� � � � � ��راقُ ح� � � � َّت � � ��ا َمَ ي� � � �ج� � � � ُث� � � � ُم ف� � � � ْوق� � � �ن � � ��ا ال� � � � ِع� � � � ْم� �ل ��اقُ * * * َو ْع � � � � � ُر امل � � � � �� � � � � �س � � � ��ا ِل � � � ��ك وال � � � � ُّ�دج � � � ��ى� أط � � � � �ب � � � ��اقُ واغْ � � � � ��ر َور َق � � � � � ْ�ت ب � � � � ��دم � � � � � ِ �وع � � � � � �ه � � � � ��ا الأح � � � � ��داقُ ح� � � � �ت � � � ��ى ك� � � � ��أنَّ ن� � � � �ف � � � ��و� � � َ� ��س� � � � �ن � � � ��ا� أن� � � � �ف � � � ��اقُ �أ َّن� � � � � ��ى تمَ َ � � � � � � ْل � � � � � � َم � � � � � � ُل يف ال � � �ث� � �رَّى الأ� � � � � � �ش� � � � � ��واقُ ح� �ي� ��ن ال � � � �ن � � � �ف� � � ��و�� � � ُ��س ت � � � �� � � � �ش� � � � ُّ�ده� � � ��ا الأط� � � ��واقُ راح � � � � ��تُ ت� � � � � �ب � � � � ��اري خَ � � � � � �ط� � � � � � َون � � � � ��ا الأع� � � � � �م � � � � ��اقُ ك � � ��يَ ت � � �� � � �س � � �ت � � �ب �ي � َ�ن� � � � س � � �ب � � �ي � � �لَ � � �ه � � ��ا الأ ْرم � � ��اقُ وت� � � � � �ع� � � � � � َّو َدتْ � أن ت� � � � � �ن� � � � � �ح� � � � � �ن � � � � ��ي الأع� � � � � �ن � � � � ��اقُ �ا دم� � � � � �ن � � � � ��اُ ي� � � � � �ه � � � � ��راقُ �أ َّن � � � � ��ى خَ � � � � � �ط� � � � � � ْون � � � � � ُّ ب � � � � � � ��ل ح� � � �ي � � ��ر ٌة وت� � � � � � � �خ� � � � � � � � ُّب � � � � � � � ٌ�ط و ُف � � � � � � ��واقُ يف ك� � � � � � � ِّل ق� � � � � � �ل � � � � � ��بٍ م� � � � � � � ْق� � � � � � � َو ٌد و ِوث � � � � � ��اقُ
هو وهي... د .إنصاف مومني تختلط الر�ؤى وتتعالى اال�صوات وتتداخل الأدوار يف ظل والفي�صل يف الأمر لي�س مهماً ،هو �أم هي ،املهم من ينه�ض الإفرازات املعا�صرة والطوفان الإعالمي ،فكثرياً ما ن�سمع هي ب��الأم��ة ،ب��ل م��ن يتقن فل�سفة �صناعة احل�ي��اة وي��دف��ع بعجلة تقول وهو يقول. ال�شهود احل�ضاري وف��ق ال��ر�ؤي��ة الإ�سالمية ،وال��ذي تت�ضاءل �أمامه الفوارق بني هو وهي. هي تقول :القوامة امتداد لعقدة الذكورة وح�صيلة موروث �أما على ال�صعيد الأ�سري فمن الع�سري �أن ت�ستمر احلياة وتقاليد اجتماعية �سقيمة ،وه��ي تعني الت�سلط واال�ستفراد بالر�أي والقرار ،و�إلغاء �أي دور فاعل ل�شريكة احلياة،وقد تبلغ بعذوبتها �إذا اختلطت االدوار بني هو وهي ،فال بد �أن يتعرث الأمور مبلغها وتخرتق اخلطوط احلمراء فتقول� :إن كان هذا امل�سري ويت�سرب الوهن وكبد احلياة .الى املناخات الأ�سرية. �صدى هو الإ�سالم ..فال انقاد له ،ومن املعلوم �أن �صوتها له ً �إن الأنوثة الإميانية الفطرية جتد الرغبة ملحة باحلاجة تيارات ورجعاً على ال�صعيد العاملي واملحلي ،مل ال ونحن �أمام عاملية عاتية تريد �أن تنال وتهدم �أعظم ح�صن تربوي متبقي �إل��ى الرجل ال�سيما القوي } َي��ا َ�أ َب � ِ�ت ا�� ْ�س� َت��أْجِ � ْر ُه �إِ َّن َخ�ْيَرْ َ مَنِ الم ُ ِني{ ( ،26الق�ص�ص). ْا�س َت ْ�أ َج ْر َت ا ْل َقوِيُّ َْ أ لنا. واالنوثة التي مل تلوث افرازات احلياة فطرتها ،ت�ؤمن بان يف املقابل ه��و ي�ق��ول :الأ� �ص��وات تتعالى وتتباكى لتحمي امل��ر�أة من ظلم كل ال��رج��ال ،بل يتعا�ضد الإع�لام مع الأق�لام هناك عالقة حميمة بني الإمي��ان والفطرة ،واحلاجة املا�سة وامل�ؤامرات وامل�ؤمترات املغر�ضة لإلغاء كل خ�صو�صية للرجل للرجل وتفريغ طاقات احلب يف منابعها ،واالنوثة التي تعني ال��دفء واحل��ب واحل�ن��ان املتدفق ه��ي مطلب ال��رج��ل �صاحب ورج��ول�ت��ه ،حتى ك��ادت بع�ض ال �ن��داءات ت��ري��د اق���ص��اء �ضمري الإميان العميق والفطرة ال�سليمة ،الذي يرى يف الأنوثة �سكناً الرجولة من قوامي�س اللغة وقوامي�س املنظومة الأ�سرية. لرجولته ،فهو الذي يت�ألق ويتفرد برجولته والقيام ب��أدواره هو يقول لو كانت هناك جهات ان�سانية من�صفة حمايدة الوظيفية التي �أع��ده اهلل لها ،كما �أن الأن�ث��ى تت�ألق وتنفرد لأوقفت مهزلة �شيطنة الرجال وانتهاك حقوق رجل احل�ضارة ب�أنوثتها و�أدوارها التي �أعدها اهلل لها. املعا�صرة �سيما يف ديار ال�شرق ،وما يتعر�ض له الرجال من كبد ف��إذا ما تبادلنا الأدوار واختلطت الوظائف ،فتلك اللعنة احلياة (ف��امل��ر�أة ال تطلب �إال ال��رج��ل ،ف��اذا ج��اء الرجل طلبت التي ُت�صيب العقول والقلوب وال�ضمائر “ َلعن ُ اهلل املت�شبهني منه الدنيا وا�ضعافها) ف�أعباء احل�ي��اة املعا�صرة وكمالياتها الال منتهية ،وثقافة اال�ستهالك التناف�سية وال�سباق الدنيوي م��ن ال��رج��ال ب��ال�ن���س��اء ،وامل�ت���ش�ب�ه��ات م��ن ال�ن���س��اء بالرجال" امل�سعور بني معا�شر الن�ساء يجعل الرجل يوا�صل كبد الليل رواه ال�ب�خ��اري وغ�ي�ره ،ب��ل �إن امل ��ر�أة ال�ت��ي ت�برع��ت ب�أنوثتها ، بكبد النهار ،لينتهي به الأمر يف �أغلب االحايني �أن يغرد وحده و�أ�صبحت (م�سرتجلة) حتاكي ال��رج��ال بحركاتها وم�شيتها خ��ارج ال�سرب يف ظل (ح��زب الأم) �أو البيت العنكبوتي الذي وتفا�صيل حياتها ،ه��ي م��ن �أف���س��دت على احل�ي��اة جمالياتها ينقاد افراده �إلى احلزب الأقوى اعالماً واالقدر على االقناع �إ�ضافة �إلى �أنها �أف�سدت على الرجل رجولته ،فلم تلب له ما يف نف�سه من الظم�أ املتوقد نحو رقة الأنوثة وعذوبتها ،بل �إن والت�أثري. عطر الأنوثة و�سحرها يرطب جفاف احلياة ويرفدها بعذوبة وهو يقول� :أخ�شى �أن ت�أتي �أي��ام على املعمورة فرناها قد الوجدانيات وجمالياتها ،فمن املحال �أن تكتمل �أنوثة من غري خوت من الرجولة ،و�أن دور الرجال يختزل من �أجل الن�ساء ،رج��ول��ة �أو رج��ول��ة م��ن غ�ير �أن��وث��ة� ،أو حتلو احل�ي��اة م��ن غري �أو ال�سري خلف الن�ساء �سيما �إذا اطلعنا على الإع�لام ب�شقيه االلتحام والتناغم والتكامل بينهما ،كما يحب ربنا جل جالله وير�ضى ،لأن الذي يبني ذلك ويقرره لي�س �أ�صحاب الإدارات التقليدي واجلديد ،ويف ذلك خلل يعكر �صفو احلياة الإن�سانية املغر�ضة امل�شوهة وال “الأنا وم�شتقاتها” عند بني االن�سان ويلقي بظالله على ع�لاق��ة العبد بخالقه “�أفح�سبتم �أمن��ا بل املقرر واحلاكم هو اهلل اللطيف اخلبري الذي بر�أ وخلق خلقناكم عبثا” ،فك�أمنا حتمل الر�سائل املغر�ضة بني م�ضامينها و�أودع �أ�سرار وحكم يف النف�س الب�شرية }�أَ اَل َي ْعلَ ُم َمنْ َخلَ َق َو ُه َو ال َّل ِط ُ العبثية من خلق كوكب الأر�ض. ري{ ( ،14امللك). يف الخْ َ ِب ُ ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
67
المؤتمر الدولي.. "المسلمون والعالم :من المأزق إلى المخرج" عقد يوم ال�سبت املوافق 2017/3/11امل�ؤمتر الدويل الرابع ع�شر للمنتدى العاملي للو�سطية يف عمان بعنوان "امل�سلمون والعامل :من امل��أزق �إل��ى املخرج" ،و�شارك يف هذا اللقاء الفكري الثقايف الإ�سالمي العاملي نخبة كبرية من املفكرين والعلماء ،ورج��ال ال�سيا�سة والإعالميني، واملهتمني م��ن �أج��ل �صياغة ر�ؤي��ة فكرية جامعة ،ت�شكّل مدخلاً و�إ�ضاء ًة يف دائرة الأمة ،تبحث عن خمرج لأزمتها أم�س احلاجة �إلى حالة �إنقاذ مما هي املركبة؛ حيث باتت ب� ّ ثقافة التجديد ،ودورها يف النهو�ض باخلطاب الإ�سالميفيه وعليه. املعا�صر. ون��اق ����ش امل ��ؤمت��ر وع �ل��ى م ��دى ي��وم�ين جم�م��وع��ة من امل�ح��اور الفكرية ال�ت��ي ت�صب يف �أه ��داف امل��ؤمت��ر ور�ؤي�ت��ه -ق��راءة نقدية وم�ستقبلية لتجارب حركات الإ�صالح يف ور�سالته ،ومن هذه املحاور: العامل الإ�سالمي ،ودوره��ا يف تقدمي خطاب �إ�سالمي ح�ضاري. "�إ�شكالية الدولة والدين واحلكم :ر�ؤية ت�أ�صيلية". ق � ��راءة ن �ق��دي��ة ل �ظ��اه��رة ان �ت �� �ش��ار الآف � � ��ات ال �ف �ك��ري��ة، �أبرز حتديات القرن الواحد والع�شرين.واالن �ح��راف الفكري ،والإره ��اب ،والتع�صب املذهبي. وحت� ��دث يف ه ��ذه الأوراق ك ��ل م ��ن ال��دك �ت��ور حممد خطاب الكراهية ،ودور و�سائل الإعالم.يتيم -النائب الأول لرئي�س جمل�س النواب املغربي، الأمة الإ�سالمية يف ع�صر العوملة.والدكتور �أبو جرة ال�سلطاين -رئي�س حركة جمتمع �أهمية التجديد الثقايف والفكري يف بناء �أمة ال�شهود ال�سلم ،وف�ضيلة الدكتور علي قرة داغي -الأمني العاملالحتاد العاملي لعلماء امل�سلمني. احل�ضاري. �أما اجلل�سة الثانية ،فرت�أ�سها الدكتور داود احلدابي وج��اء انعقاد ه��ذا امل��ؤمت��ر يف غمرة احتفاالت اململكة من اليمن .وناق�شت جمموعة من الأوراق منها: الأردن�ي��ة الها�شمية بعمان عا�صمة للثقافة الإ�سالمية، وتزامن مع موعد انعقاد م�ؤمتر القمة العربي يف عمان - .الورقة الأولى :بعنوان "حتديات الراديكالية والتطرف وتوزعت حماور امل�ؤمتر على �ست جل�سات على مدار يومي والإره��اب على الأم��ن القومي يف �شرق �آ�سيا" .قدمها امل ��ؤمت��ر ،ه��ذا ف���ض�ًل اً ع��ن جل�سة االف �ت �ت��اح ،وال �ت��ي ب��د�أت الدكتور عبد اهلل الزين من ماليزيا -وزي��ر الدولة، بكلمة ترحيبية للمهند�س م ��روان ال �ف��اع��وري ،الأم�ي�ن وم�ست�شار رئي�س الوزراء املاليزي. العام للمنتدى ،وكلمة لف�ضيلة ال�شيخ عبد الفتاح مورو م�ؤ�س�س حركة النه�ضة ،ونائب رئي�س جمل�س النواب -الورقة الثانية :بعنوان "دور املكونات الدينية والثقافيةوالعرقية يف البناء ،ومواجهة ظواهر الهدم وال�ضعف". التون�سي ،وكلمة للدكتور عبد اللطيف الهميم -رئي�س دي ��وان ال��وق��ف ال�سني ال�ع��راق��ي ،وق�صيدة لل�شاعر علي الهويريني. وتر�أ�س اجلل�سة الأول��ى دولة الأ�ستاذ في�صل الفايز - رئي�س جمل�س الأع �ي��ان� ،إذ ناق�شت اجلل�سة ث�لاث �أوراق مهمة على التوايل:
68
قدمها الدكتور كامل �أبو جابر من الأردن. �أم��ا ال��ورق��ة الثالثة :بعنوان "�شروط نه�ضة العامل الإ�سالمي" .قدمها الدكتور �أحمد الكبي�سي. �أما اجلل�سة الثالثة لليوم الأول ،فرت�أ�سها دولة طاهر امل�صري من الأردن ،وناق�شت جمموعة من الأوراق منها: ال��ورق��ة الأول ��ى :فهي بعنوان "دور التجديد يف فهمالدين يف اخل��روج من امل�أزق" .قدمها الدكتور جواد اخلال�صي. ال��ورق��ة ال �ث��ان �ي��ة :ب �ع �ن��وان "جتديد فل�سفة ال�ترب�ي��ةوال�ت�ع�ل�ي��م م��ن خ�ل�ال ت�صميم ب��رام��ج ت��رب��وي��ة ق��ادرة على بناء ال�شخ�صية الإ�سالمية الو�سطية" .قدمها الدكتور عبد العزيز برغوث -نائب رئي�س اجلامعة الإ�سالمية يف ماليزيا. ال��ورق��ة الثالثة :دارت ح��ول دور املنظمات الأهلية يفالتنمية والإعمار والت�أهيل االجتماعي. �أما اليوم الثاين من �أعمال امل�ؤمتر ،فرت�أ�س اجلل�سة الأولى الدكتور عبد الر�ؤوف الروابدة ،وناق�ش جمموعة من الأوراق على التوايل: ال��ورق��ة الأول� ��ى :ب�ع�ن��وان "خطاب ال�ك��راه�ي��ة والفتنةوال�صراع املذهبي وازدراء الأديان ،ودور و�سائل الإعالم والف�ضاء املفتوح يف مواجهة ذلك" .قدمها �سماحة علي ح�سني ف�ضل اهلل من لبنان. ال ��ورق ��ة ال �ث��ان �ي��ة :ب �ع �ن��وان "ات�ساع ال � ��دور ال��روح��يوالأخ�لاق��ي ل�ل�أدي��ان يف الألفية اجلديدة يف معاجلة مظاهر اختالل القيم وات�ساع دائرة العنف والتطرف". قدمها الدكتور عبد ال ��رزاق ق�سوم -رئي�س جمعية العلماء امل�سلمني اجلزائريني. الورقة الثالثة :بعنوان "املنهج الإ�سالمي يف التعامل معالفن واجلمال" .قدمها املفكر املغربي حممد طالبي. �أم��ا اجلل�سة الثانية ،فكانت برئا�سة النائب الدكتور علي احلجاحجة ،وناق�شت الأوراق التالية: الورقة الأولى :بعنوان "�إ�شكالية النهو�ض احل�ضاري".قدمها الدكتور يو�سف �صديق -عميد كلية ال�شريعة والدرا�سات الإ�سالمية /جامعة قطر -الورقة الثانية :بعنوان" :دور التجديد يف فهم الدين
يف اخلروج من امل�أزق" .قدمها الدكتور �أحمد كايف من املغرب. الورقة الثالثة :دارت حول امل�شكالت البينية يف العاملالإ��س�لام��ي بالرتكيز على ال���ص��راع البيني وخطاب ال�ك��راه�ي��ة يف ال�سيا�سة والإع �ل��ام .ق��دم�ه��ا ال��دك�ت��ورة فاطمة ال�صمادي من مركز اجلزيرة للدرا�سات. الورقة الرابعة :دارت حول الأ�س�س الفكرية للم�شروعاحل�ضاري الو�سطي ،للدكتور �شريوان ال�شمراين من كرد�ستان. �أم��ا اجلل�سة الثالثة والأخ�ي�رة لليوم ال�ث��اين ،فكانت برئا�سة املهند�س مروان الفاعوري ،الأمني العام للمنتدى. وناق�شت هذه اجلل�سة الأوراق التالية: �إ�شكالية ال��دول��ة واحل�ك��م :ر�ؤي��ة تاريخية ت�أ�صيلية -�سماحة الإمام ال�صادق املهدي من ال�سودان. دولة اخلالفة وحلم اال�ستقالل واملخرج -الدكتور عبداللطيف الهميم من العراق. العامل الإ�سالمي يف القرن احلادي والع�شرين -ال�شيخعبد الفتاح مورو من تون�س. �أم��ا ال��ورق��ة الثالثة والأخ�ي�رة :فهي بعنوان "الوعي اال�سرتاتيجي يف ب�ن��اء ال��وح��دة وتر�سيخ ال�ع�لاق��ات بني مكونات الأمة الإ�سالمية" .قدمها عبد القادر الإدري�سي، �إ�ضافة �إل��ى الدكتور حار�س �سيالجيت�ش ،رئي�س جمل�س رئا�سة دولة البو�سنة والهر�سك (�سابقًا). ويف نهاية ه��ذا اللقاء الفكري الثقايف الكبري� ،ألقى ال�شيخ عبد ال��رح�ي��م ال�ع�ك��ور وزي��ر الأوق ��اف (الأ �سبق) قرارات البيان اخلتامي والتو�صيات. و��ش��ارك يف ه��ذا امل��ؤمت��ر �إ��ض��اف��ة �إل��ى الأردن ،ك��ل من امل�م�ل�ك��ة ال�ع��رب�ي��ة ال���س�ع��ودي��ة ،ال �ك��وي��ت ،ق �ط��ر ،الإم� ��ارات العربية امل�ت�ح��دة ،باك�ستان ،ت��رك�ي��ا ،م��ال�ي��زي��ا ،اجل��زائ��ر، ت��ون ����س ،ك��رد� �س �ت��ان ،ال �ع ��راق ،ال �� �س��ودان ،ال �ي �م��ن ،ل�ب�ن��ان، البو�سنة� ،سوريا .كما �شارك يف امل�ؤمتر منظمات فكرية وثقافية �إ�سالمية وعربية� ،إ�ضافة �إل��ى �أك��ادمي�ي�ين من اجلامعات الأردنية واخلارج ،كما �أقيم على هام�ش امل�ؤمتر حفل كبري لتكرمي الفائزين بجائزة رابطة كتاب التجديد لعام .2017 ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
69
المنتدى العالمي للوسطيه
يقيم افطاره السنوي
70
�أقام املنتدى العاملي للو�سطيه افطاره ال�سنوي يوم م�ستوى الب�شرية جمعاء ,وخا�صة يف ال�سنوات القليلة الثالثاء املوافق 2017/6/13يف قاعة جربي املركزي ,املا�ضية ،التي تطور فيها املنجز العلمي ب�شكل تراكمي وح �� �ض��ره ع ��دد ك�ب�ير م��ن رج� ��االت ال��دول��ة احل��ال�ي�ين الفت للأنظار. وال�سابقني م��ن وزراء ون��واب واع�ي��ان وعلماء وهيئات وبني الدكتور النجار �أن القر�آن متقدم على املنجز ر�سمية و�شعبية. العلمي ر ,لأن��ه ك�لام رب الب�شر واليحتاج ال��ى اثبات وا�شتمل حفل االفطار ال��ذي بدء ب�آيات من الذكر ��ص��دق��ه ،ف�ه��و م�ت�ق��دم ع�ل��ى ك��ل ن�ظ��ري��ة علمية يف ه��ذا احلكيم تالها ال��دك�ت��ور عمر الزعبي على حما�ضرة امل�ي��دان � أو ذاك ،ه��ذا ف�ض ً ال ان ال �ق��ر�آن فيه م��ا يزيد ع�ل�م�ي��ة ل�ل�ع�لام��ة ال��دك �ت��ور زغ �ل ��ول النجار ب�ع�ن��وان ع��ن (� )1500آي ��ة ت��دل ��ص��راح��ة وت���ش�ير � إل ��ى م�س�ألة (االع �ج��از يف ال�صيام ) ومل يتوقف عند ه��ذا املفهوم علمية معينة ،مم��ا يدل ع��ن �أن ال �ق��ر�آن لي�س كتاب ف �ق��ط ،ب��ل �أ� �س �ه��ب ب��احل��دي��ث ح ��ول االع �ج��از العلمي عبادة وت�شريع فقط ،بل كتاب �أخ�لاق وعلم و�سيا�سة يف ال �ق��ر�آن الكرمي وا� �ش��ارات �آي��ات��ه الكرميه يف الكون واقت�صاد ,فهو �شامل ملفاهيم احلياة كافة. الوا�سع ،االمر الذي يفتح �آفاقاً علمية وا�سعة ت�ستند وكان املهند�س مروان الفاعوري �ألقى كلمة جامعة الى دليل قر�آين ال ي�أتيه الباطل من بني يديه والمن مانعه تناول فيها ال�شكر والتقدير لل�ضيف الكبري على خلفه ، وه��ذا م��ا لفت �أن �ظ��ار امل�ئ��ات م��ن العلماء على ما �أجاد به من غزير العلم واملعرفة.
ث��م ق��دم املن�شد حممد �صبح جمموعة خم�ت��ارة من الأن��ا��ش�ي��د ذات الأف �ك��ار وامل �ع��اين اجلليلة ال�ت��ي تتنا�سب ال�شهر الف�ضيل.
مثلما� أ�شار �إل��ى دور املنتدى يف تبني كل ر�أي علمي متفتح ,ور�أى فكري كذلك ،ومبا يخدم التوجه ال�سليم للدين اال�سالمي الذي يواجه اليوم الكثري من الت�شوهات الفكرية التي نالت منه وو�صمت �أتباعه بالغلو والتطرف واالرهاب ،كما ا�شار كذلك �إلى املهمة اجلليلة التي يقوم ويف نهاية احلفل الذي �أداره الدكتور ح�سن املبي�ضني, بها امل�ن�ت��دى ،وه��ي حم��اول��ة ت�ق��دمي ال�ن�م��وذج اال�سالمي املتقدم يف طروحاته احل�ضارية امل�ستندة الى عمق الرتاث ق ��دم ال��دك �ت��ورحم �م��د احل� ��اج �أدع �ي ��ة خم �ت��ارة ب�ي�ن ي��دي ال�سليم ,وتتبنى روح املعا�صرة ومنهجها الذي نريد. احل�ضور. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
71
اقامها منتدى الوسطيه للفكر والثقافه فرع جرش
ندوة حول اخطار المخدرات وطرق الوقايه منها
72
اق��ام منتدى الو�سطية للفكر والثقافه ف��رع جر�ش بالتعاون مع مديرية ثقافة جر�ش الثالثاء 2017/3/21 يف قاعة مدر�سة جر�ش الثانويه للبنني وبح�ضور مدير ثقافة جر�ش ورئي�س العالقات العامة يف مديرية �شرطة جر�ش ندوة حول اخطار املخدرات وطرق الوقايه منها للمحا�ضرين النقيب نادر البدور رئي�س ق�سم مكافحة املخدرات يف مديرية �شرطة جر�ش وف�ضيلة ال�شيخ علي القادري خطيب م�سجد يف مديرية اوقاف جر�ش حيث حت��دث فيها النقيب ن��ادر ال �ب��دور ع��ن ان ��واع امل�خ��درات وا�ضرارها وطرق املعاجلة وطرق التعامل مع املتعاطي، والعقوبات املرتتبة عليه وعلى االجتار بها والفرق بني العقوبتني ،وع��رف املخدرات بانها من كلمة خدر وهي ال�غ�ط��اء وان �ه��ا ت�سبب غ�ط��اء للعقل في�صبح ال�ع�ق��ل ال مييز بني اخلري وال�شر ،وقال ان االدم��ان حاجه قهريه لال�ستمرار بالتعاطي وزيادة اجلرعة ونوعيتها وقال انه مينع االجت��ار بها او ا�ستريادها وت�صديرها كما و�شرح االع��را���ض التي تظهر على املتعاطي من خ��ارج اجل�سم وفقدان ال��وزن وتلف يف خاليا الدماغ وتلف يف اجلهاز التنف�سي وت�شمع الكبد وت� ��ؤدي ال��ى م��ر���ض ال�سرطان و��ش��رح ظ��واه��ر ه��ذه احل ��االت وه��ي ال�ع��زل��ة واالك�ت�ئ��اب، وهذا ي�ؤدي للمر�ض النف�سي ،كما وعدد انواع املخدرات بت�سميتها ،و�آثار كل منها على ال�شخ�ص املتعاطي ويح�صل
عنها تعطيل �شعور وتهيئات غري حقيقية واخ�يرا ذكر ان ��واع ال�ع�ق��وب��ات ،وم��ا ه��ي وم��دده��ا ب�سنني احلب�س ثم حت��دث ف�ضيلة ال�شيخ عن ال��ر�أي الديني بها فحرمها حرمة ابدية يف جميع االدي��ان ال�سماوية وان التعاطي ٍ مناف لالخالق وه��و من ال�ع��ادات وال�سلوكيات ال�سيئة يف املجتمع ،وقال ان املخدرات اخطر من االرهاب النها تقتل االن�سان وهو مي�شي على االر�ض وان هدف االرهاب ادخ��ال امل�خ��درات الف�ساد ال�شعوب وا�ضعاف ال��دول وان االره��اب وامل�خ��درات يف بوتقة واح��دة وخطان متوازيان بخطرها على ال�شعوب لهذا حرم اال�سالم كل �شيء م�ضر بالنف�س فهي م�ضرة و�ضارة وم�ؤثرة وحمرمة �شرعا وال يجوز التعاطي بها ب ��أي �شكل م��ن اال��ش�ك��ال والتعاطي ه��و اع�ت��داء على النف�س والعقل واجل���س��د ،وا� �س��راف يف امل��ال واالدم ��ان م��ؤث��ر على ال��دي��ن فاملتعاطي ال ي�صلي ويفقد جميع العبادات ب�سبب فقدان التفكري والعاطفه وق��ال ب�إتفاق جميع العلماء ب��ان جميع ان��واع املخدرات وامل�سكرات حرام حرمة قطعية واال�سباب كثرية ومنها ما ذكر �آنفا..ويف بداية اللقاء ونهايته رحب رئي�س املنتدى احمد ال�صمادي باملحا�ضرين وال�ضيوف و�شكر املدر�سة ومديرها اال�ستاذ احمد العقيلي على ح�سن اال�ستقبال وال �ت �ع��اون لأن ال�ف�ئ��ة امل���س�ت�ه��دف��ة ه��ي ط�ل�اب امل��دار���س الثانوية ،و�أدار اللقاء مدير املدر�سة.
ندوة
االشاعة واالمن المجتمعي �أم ��ا الدكتور حم�م��د خ�ير عي�سى ف�ق��ال ان االم��م عرفت اال�شاعة تاريخيا ،و هي تعد من اخطر اال�شياء على االم��ة لأنها ت�ضعف ال��روح املعنوية ل��دى النا�س، وا�شار الى حادثة االفك وبني مفهومها اللغوي .
عقد املنتدى العاملي للو�سطيه بتاريخ 2017/4/8 ندوة بعنوان اال�شاعة واالمن املجتمعي ويف بداية الندوة رحب املهند�س مروان الفاعوري االمني العام للمنتدى بال�سادة احل�ضور وكان من بينهم ال�سيد رحيم ابو رغيف املو�سوي وال�سيد مهدي جا�سم ،وقد اكد الفاعوري على وقال �إن اال�شاعة ،هي كل عبارة تعتمد على التهويل دور املنتدى يف متابعة ال�ش�أن الفكري وخا�صة مو�ضوع العجلوين لتحقيق غاية �سيا�سية او اقت�صادية... . اال�شاعة ،ثم ترك املجال للأ�ستاذ ابراهيم لرئا�سة الندوة وتقدمي املحا�ضرين. واال�شاعة تن�شر اخلرب بطريقة �سرية. وكان اول املحا�ضرين الدكتور حممد طالب عبيدات، ومن دوافع اال�شاعة الكراهية ،والتوقع ،والت�شكيك. ال ��ذي ب�ين خ�ط��ر اال��ش��اع��ة ع�ل��ى امل�ج�ت�م��ع ،وذك ��ر بانها �أم� ��ا امل �ح��ا� �ض��ر اب��راه �ي��م �أب� ��و ع ��رق ��وب ،ف �ق��ال لقد ذات تاثري �سلبي على الفرد ،اذ تخلق حالة من القلق فتحطم املعنويات ل��دي��ه ،وت��رب��ك الثقه ل��دى النا�س ،ا�ستحدثت اال�شاعة يف كل احلروب وحتدث حول : وت��ؤث��ر على روحية العطاء ل��دى النا�س وت�ساعد على مراحل انتقال اال�شاعة ،وقال هي مرحلة الوالدة. انهيار قيم االخالق ، فهي �آفة من �آفات املجتمع. ومرحلة انت�شار اال�شاعة ,يف ال�صحف واالذاعات. وقال ان ا�سرع و�سائل اال�شاعة هي و�سائل االعالم، ومرحلة موت اال�شاعة ،ويكون مبعرفة م�صدرها. وان االدوات احلديثة قادرة على حتقيق الت�شويه يف احلقائق ،وان زيادة الوعي االمني لدى املواطنني وزيادة وقال �إن اال�شاعة يطلقها ،افراد وم�ؤ�س�سات وجهات الوعي لدى اال�سرة ،واي�ضا التجاهل لال�شاعة وقيام ر�سمية. املثقفني بدورهم يف مكافحة اال�شاعة من خالل الرتبية واالع�ل�ام واخل�ط�ب��اء وغ�يره��م , ك��ل ذل��ك ي�ضعف اثر وحتدث حول �صور من اال�شاعة التي غزت املحتمعات اال�شاعة ويلغيها. العربية ،وقال للأ�سف �إن النا�س ي�صدقون اال�شاعة. وقال البد من حتليل نب�ض ال�شارع ب�شفافية ونزاهة ويف ن�ه��اي��ة ال �ن��دوة اج ��اب امل �ح��ا� �ض��رون ع�ل��ى �أ�سئلة احل�ضور ومداخالتهم التي تناولت مو�ضوع الندوة. من اجل الق�ضاء على اال�شاعة. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
73
قطاع المرأة في المنتدى العالمي للوسطية
أنشطة وحضور
ت�سهم جلنة امل��ر�أة يف املنتدى العاملي للو�سطية بدور رديف يف العمل العام للمنتدى ،وذلك امياناً منها ب�أهمية ال��دور ال��ذي تلعبه امل��ر�أة يف البيت والعمل واملجتمع� ،إذ ال ي�ستطيع �أح � ٌد �إغفال ه��ذا ال��دور وتنحيته عن دائ��رة الت�أثري العام يف حركة املجتمع �سيا�سياً واقت�صادياً ف�ض ً ال عن دوره��ا املحوري وهو ال��دور الإجتماعي الذي يرتكز عليه بناء املجتمع ككل.
74
فاز عن امل�ستوى الأول " ع�شرة �أجزاء ": � -1أماين م�صطفى ح�سن قويدر _ حمافظة الزرقاء. -2عبلة عبد الرحيم عبد اجلليل �سالم _ حمافظة العا�صمة /عمان. -3نور م�صطفى ح�سن قويدر_ حمافظة الزرقاء. فاز عن امل�ستوى الثاين " خم�سة �أجزاء ": �-1أفنان حممد �سلمان �أبو مو�سى _ حمافظة جر�ش. -2هيفاء ر�ضوان حممد عي�سى _ حمافظة الزرقاء. �-3ساجدة مو�سى عبد الكرمي ح ّبو�ش – عني البا�شا. فاز عن امل�ستوى الثالث " ثالثة �أجزاء ": -1عبدالرحمن يو�سف �سعود بني �سلمان_ حمافظة عجلون. �-2أمل حممد �أحمد �أبو عمرة _ حمافظة جر�ش. �-3إبراهيم �صالح ابراهيم فريحات_ حمافظة عجلون. عم ": فاز عن امل�ستوى الرابع " جزء ّ -1عبد الرحمن حممد زهري اجلابري_عمان. -2عبد الرحمن عمر ق�صاب _ عمان. -3كرم عثمان يو�سف بني �سلمان _عجلون.
ولقد �آمنت جلنة امل��ر�أة يف املنتدى� ،أن امل��ر�أة القادرة على ال�ع�ط��اء وال�ب�ن��اء ه��ي نف�سها ال �ق��ادرة على ال��دع��وة واال�سهام فكرياً وثقافياً يف املجتمع ،الأمر الذي يدفعها نحو مزيد من التفاعل يف ال�ش�أن الفكري والثقايف ،فهي جديرة بامل�شاركة يف ال�ن��دوات واملحا�ضرات وامل��ؤمت��رات م�ستمعة ومتحدثة وحماورة ،ولعل �أهم دور لها يف هذا اجلانب هو تبنيها لعمل م�سابقة �سنوية حلفظ القر�آن الكرمي وجتويده ،ويف �سبيل ذلك �أطلق املركز القر�آين يف منتدى الو�سطية للفكر والثقافة م�سابقته القر�آنية ال�سنوية للعام ال�ساد�س على التوايل وبالتعاون مع وزارة الرتبية والتعليم وقد تقدم للمناف�سة ( )1040مت�سابقاً من اجلن�سني ولكافة الأعمار ومن خمتلف حمافظات اململكة ،وقد كانت لهذا العام على �أربعة م�ستويات؛ ومت ت�شكيل جلان حتكيم من �شخ�صيات م�ؤهلة وعلى م�ستوى ٍ عال من الكفاءة واخلربة يف هذا املجال لإختيار الفائزين وا�ستكما ًال لهذه امل�سابقة �أقيم حفل تكرميي للفائزين برئا�سة الفا�ضلة �إمي��ان ال�صفدي بتاريخ ،2017/4/22 وبعد فح�ص جميع املت�سابقني وف��ق �ضوابط ومعايري بها فقد ّ نظم املنتدى العاملي للو�سطية �صباح يوم ال�سبت حمددة ودقيقة؛ مت عمل ت�صفية نهائية للم�ؤهلني منهم .امل��واف��ق 2017/5/13احتفالية ل�ت�ك��رمي ال�ف��ائ��زي��ن يف امل�سابقة القر�آنية ال�سنوية ال�ساد�سة لعام 1438ه 2017 /م. عقدت اللجنة �إجتماعاً بتاريخ 2017/4/29بح�ضور �إذ افتتح احل�ف��ل ب ��آي��ات م��ن ال��ذك��ر احلكيم تالها رئي�ستها ورئي�سة القطاع الن�سائي يف املنتدى ال�سيدة �سو�سن املومني وذلك من �أجل �إقرار النتائج وكانت على امل�ت���س��اب��ق مثنى ال�ق��واق�ن��ة؛ ث��م �أل �ق��ى امل�ه�ن��د���س م��روان الفاعوري رئي�س املنتدى ،كلمة �أ ّكد فيها حر�ص املنتدى النحو التايل:
على االه�ت�م��ام ب��ال�ق��ر�آن ال�ك��رمي لأن ف�لاح �أم�ت�ن��ا ال ميكن �إال بالرجوع للكتاب الكرمي ول�س ّنة النبي احلبيب – �صلى اهلل عليه و�سلم – و�أ ّكد �أن نه�ضة الأمة ال تتم �إال من خالل العودة �إلى الأ�صل وهو كتاب اهلل و�س ّنة ر�سوله .و�أ�شاد بجهود الوالدين يف تن�شئة الأبناء على حفظ كتاب اهلل؛ �أ�ضاف �أن الأمة بعون اهلل �ستنه�ض و�ستواجه كافة التحديات من خالل الرتبية القر�آنية والنهج النبوي. ث��م �أل�ق��ت من�سقة احل�ف��ل الأ��س�ت��اذة �إمي ��ان ال�صفدي كلمة تعريفية بامل�سابقة و��ش��روط�ه��ا ،ت�لاه��ا ��س�ع��ادة ال��دك�ت��ور غ��ازي الربابعة _ ع�ضو املنتدى _ مبداخلة حول دور القر�آن الكرمي يف �إ��ص�لاح اجليل وتوجيهه مل��ا فيه نفع الأم��ة و�أب ��دى �سروره املنتدى برعاية الأ�ستاذة بثينة قراقع معلمة املركز القر�آين يف باحلفظة وذويهم وحثهم على التم�سك ب�أخالق القر�آن الكرمي .منتدى الو�سطية للفكر والثقافة. وتخلل احلفل مقابلة �أجرتها الدكتورة �إمي��ان غ��زاوي _ ع�ضو جلنة امل��ر�أة يف املنتدى _ مع �إح��دى العائالت القر�آنية التي يحفظ معظم �أفرادها القر�آن الكرمي وهي عائلة الأ�ستاذ �صالح فريحات حت�دّث فيها ال��وال��دان عن �أ�سلوبهما يف تربية عائلتهما على مائدة القر�آن الكرمي.
ث��م ق��ام راع��ي احلفل املهند�س م��روان ال�ف��اع��وري -رئي�س منتدى الو�سطية للفكر وال�ث�ق��اف��ة -بتوزيع اجل��وائ��ز امل�ق��ررة على الفائزين والفائزات وكانت عريفة احلفل الدكتورة فايزة ال�سكر_ ع�ضو جلنة املر�أة يف منتدى الو�سطية للفكر والثقافة.
علماً ب��أن امل�سابقة القر�آنية ال�سنوية ال�ساد�سة تتكون من وت�ضمن احل�ف��ل �أن��ا��ش�ي��د �إ��س�لام�ي��ة قدمتها ف��رق��ة مركز كفرجنة القر�آين برعاية ال�شيخ عمر ال�شو ّيات وفرقة �أطفال امل�ستويات الآتية: امل�ستوى
الأجزاء املطلوبة
الفئات العمرية
موعد امل�سابقة
امل�ستوى الأول: ع�شرة �أجزاء
مفتوح ح�سب اختيار املت�سابق �شرط تتابع الأجزاء الع�شرة
للجن�سني
ال�سبت 2017/4/22
امل�ستوى الثاين: خم�سة �أجزاء
مفتوح ح�سب اختيار املت�سابق �شرط تتابع الأجزاء اخلم�سة
امل�ستوى الثالث : ثالثة �أجزاء
الأجزاء) 29-28-27( :
امل�ستوى الرابع: جزء واحد
ال اجلزء الثالثون كام ً
� 20سنة فما فوق للجن�سني � 20سنة فما دون للجن�سني � 15سنة فما دون للجن�سني � 10سنوات فما دون
الأحد 2017/4/23 الإثنني 2017/4/24 الثالثاء 2017/4/25
الت�صفية النهائية للم�شاركني �ستكون يوم ال�سبت 2017/4/29و�سيتم الإت�صال باملت�أهلني بعد املرحلة الأولى مبا�شرة عنا�صر التقييم للم�سابقة
احلفظ
ترتيل و�أحكام التجويد
معاين املفردات
%75
%20
%5
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
75
األمين العام يستقبل وفد ًا باكستاني ًا
76
ا�ستقبل امل�ه�ن��د���س م ��روان ال �ف��اع��وري االم�ي�ن ال�ع��ام ل �ل �م �ن �ت��دى ال �ع��امل��ي ل�ل��و��س�ط�ي��ه ي� ��وم االرب � �ع� ��اء امل��واف��ق 2017/4/19وف � ��داً م ��ن ال �ق �� �ض��اة وامل ��دع�ي�ن ال�ع��ام�ين وامل�ح��ام�ين ال��ذي��ن ميثلون خمتلف االدارات الق�ضائيه يف الدولة الباك�ستانية وقدم لهم معلومات عن املنتدى واالهداف التي ي�سعى املنتدى الى حتقيقها على ال�صعيد املحلي واالقليمي والدويل. كما ب�ين ان امل�ن�ت��دى يعمل ع�ل��ى ت�صويب املفاهيم اخلاطئة التي حلقت باال�سالم ون�شر ثقافة االع�ت��دال والو�سطيه وثقافة احلوار وقبول الآخر. كما ا�شار الى مكانة العالقات االخوية القائمة ما بني البلدين ال�شقيقني والى التعاون القائم ما بني املنتدى
وامل�ؤ�س�سات الثقافية والفكرية واجلامعات الباك�ستانية يف مكافحة االره��اب والتطرف وال�برام��ج امل�شرتكة يف ت��دري��ب ال��وع��اظ واالئ�م��ة ل��دى البلدين وت�ب��ادل الوفود وامل�شاركة يف اللقاءات العلمية والفكرية والثقافية التي تعقد يف الباك�ستان واالردن. بدوره ا�شاد رئي�س الوفد الباك�ستاين الدكتور �شم�س احلق حممد امني الى مكانة العالقات االخوية القائمة بني البلدين االردن وباك�ستان والتي تت�سم باخل�صو�صية واع � ��رب ع��ن ام �ت �ن��ان��ه ل�ل�م�ن�ت��دى ول �ل �ج �ه��ود ال �ت��ي ي�ق��وم بها ،و�شكر املنتدى على حفاوة اال�ستقبال وكرم ال�ضيافة وهذه الزيارة تاتي يف �سياق التعاون القائم مابني املنتدى واجلامعة اال�سالميه العاملية يف ا�سالم اباد.
اجتماع الهيئة االدارية
لمنتدى الوسطيه للفكر والثقافة
ع�ق��دت الهيئة االداري ��ه ملنتدى الو�سطية والفكريه التي يقوم بها املنتدى كما مت اقرار للفكر والثقافة اجتماعها الدوري يوم االربعاء التقرير االداري واملايل لعام .2016 امل��واف��ق 2017/4/5ب��رئ��ا��س��ة رئ�ي����س امل�ن�ت��دى ومتت اي�ضا املوافقه على اال�ستمرار يف عقد املهند�س م ��روان ال�ف��اع��وري وح���ض��ور اع�ضاء ال �ن��دوات التوعوية الفكريه و الثقافيه ,ويف الهيئة االدارية. كافة املحافظات يف جم��ال مكافحة التطرف وج��رى خ�لال االج�ت�م��اع مناق�شة م�سرية واالره ��اب بالتعاون م��ع اجلامعات ومنظمات امل �ن �ت��دى وال�ن���ش��اط��ات وال�ف�ع��ال�ي��ات الثقافيه املجتمع املدين.
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
77
الجذور االجتماعية للنكبة ا��س�ت���ض��اف امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي ل�ل��و��س�ط�ي��ه/ق�ط��اع امل ��ر�أة بالتعاون م��ع جلنة ن��ادي الكتاب �سعادة ال��دك�ت��ور غ��ازي رب��اب�ع��ة ،ا�ستاذ العلوم ال�سيا�سية يف اجلامعة االردن�ي��ة وذلك ملناق�شة كتاب ( اجلذور االجتماعية للنكبة) وذلك يوم االحد املوافق .2017/4/16
وال�ث�ق��اف�ي��ة م�ث��ل امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية وغ�ي�ره من الهيئات الثقافية يف اع��ادة ت�شكيل ال��وع��ي ال�ع��ام للأمة ب��دءاً م��ن مرحلة الرو�ضة وحتى اجل��ام�ع��ة ،حتى ن�صل الى ثقافة عامة تدعونا حميعاً للوقوف �صفاً واحداً �أمام الهحمة ال�شر�سة التي ت�ستهدف الأمة.
ويف نهاية املحا�ضرة �أجاب الدكتور على ا�سئلة احل�ضور وقد اجاب الدكتور على ت�سا�ؤالت عدة �شكلت مفا�صل وا�ستف�ساراتهم التي تناولت حمتوى الكتاب املذكور ،وما هامة يف الكتاب مثل بيع االرا�ضي لليهود ،وكيف ا�ستطاع يتعلق ك��ذل��ك بالق�ضية الفل�سطينية ما�ضياً وحا�ضراً اليهود ال�سيطرة على االرا�ضي الفل�سطينية ،ودور القيم وم�ستقب ً ال. يف �ضياعها ،تلك القيم التي �أ�صابها ما �أ�صابها من اخللل هذا وقد �شكر االمني العام للمنتدى املهند�س مروان وال�ضعف وال�ضياع ،مثلما حتدث حول دور بريطانيا يف الفاعوري الدكتور ربابعه على تلبية الدعوة والتف�ضل م�ساعدة اليهود لأقامة دولتهم. بالقاء حما�ضرة قيمة حول الق�ضية الفل�سطينية عموماً, وقد تطرق الدكتور ربابعة الى دور املنظمات الفكرية كما قدم له درع املنتدى هدية ل�سعادته.
وفد تركي يزور المنتدى العالمي للوسطية 78
قام وفد من طلبة املدار�س الرتكية بزيارة الى املنتدى ال�ع��امل��ي للو�سطيه ب�ه��دف ال�ت�ع��رف ال��ى �أن�شطته ودوره يف احل�ي��اة املجتمعية الأ��س�لام�ي��ة ،وخ��ا��ص��ة يف جم��االت الفكرية والثقافية. وك��ان الدكتور زي��د املحي�سن ق��د ق��دم نبذة تعريفية حول املنتدى ،وقال� :إن املنتدى هيئة فكرية ا�سالمية ذات ط��اب��ع ف�ك��ري وث�ق��ايف تعمل م��ن �أج��ل �إب ��راز الوجه احل�ضاري للدين اال�سالمي خالياً من كل فكر م�شو�ش� .أهمية اللغة العربية لدى طلبة العلم عموماً باعتبارها وعا ًء للفكر واملعرفة ،ومدخ ً ال نحو املزيد من الثقافة، وذل� � ��ك م� ��ن خ �ل��ال ع �ق ��د امل � � ��ؤمت� � ��رات و ال � �ن� ��دوات االم��ر ال��ذي ي�ستدعي زي��ادة القراءة و الكتابة واملحادثة واملحا�ضرات و�إ�صدار املن�شورات املختلفة التي تبني دور واال�ستماع لتطوير هذه املهارات اللغوية. اال�سالم يف النه�ضة والرقي. يذكر �أن ه�ؤالء الطلبة يقومون بزيارة الى االردن من من ج��ان �ب��ه ت �ط��رق ال��دك �ت��ور ح���س��ن م�ب�ي���ض�ين �إل��ى اجل درا�سة اللغة العربية.
المنتدى العالمي للوسطية يشارك في مؤتمر إسالم آباد حول" دور اإلعالم في مواجهة التطرف واإلرهاب" ��ش��ارك امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية يف �أع �م��ال امل��ؤمت��ر ال �ع��امل��ي الأول ( الإع �ل��ام ودوره يف حم��ارب��ة ال�ت�ط��رف والإره ��اب) ال��ذي عقد يف مدينة� إ�سالم �أب��اد -جمهورية باك�ستان الإ�سالمية خالل الفرتة من 2017/05/16-15م، والذي نظمته اجلامعة العاملية الإ�سالمية يف �إ�سالم �أباد بالتعاون مع هيئة التعليم العايل الباك�ستانية حيث قدم الدكتور زيد املحي�سن املن�سق العام للعالقات اخلارجية وال �ت �ع��اون ال� ��دويل يف امل �ن �ت��دى ورق ��ة ع�م��ل ح ��ول “ دور الإعالم يف تعزيز ثقافة احلوار وقبول الآخر” وقد �شارك يف هذا امللتقى الفكري الثقايف عدد كبري من وفود الدول العربية والإ�سالمية والعاملية (الأردن ،م�صر ،ال�سودان، اجلزائر ،املالديف� ،أندوني�سيا ،تايالند ،بروناي ،اململكة العربية ال�سعودية و�أفغان�ستان) �إ�ضافة الى باحثني من جمهورية الباك�ستان الإ�سالمية.
وعلى هام�ش امل�ؤمتر التقى الدكتور زيد املحي�سن برئي�س اجلامعة الأ�ستاذ الدكتور احمد يو�سف الدريوي�ش وجرى بحث تطوير ال�ع�لاق��ات القائمة م��ا ب�ين اجلامعة وامل�ن�ت��دى العاملي للو�سطية يف امل�ج��االت الفكرية والثقافية ،وكما عقد اجتماع ملكتب فرع املنتدى يف ا�سالم �آباد وبحث معهم �سبل تعزيز العمل واخلطة العملية للفرع لعام 2017م.
إعالن نتائج المسابقة القرآنية السنوية السادسة للعام 1438هـ 2017 -م �أط �ل��ق امل��رك��ز ال �ق��ر�آين يف م�ن�ت��دى الو�سطية للفكر والثقافة م�سابقته القر�آنية ال�سنوية للعام ال�ساد�س على التوايل وبالتعاون مع وزارة الرتبية والتعليم وقد تقدم للمناف�سة ( )1040مت�سابقاً من اجلن�سني ولكافة الأعمار ومن خمتلف حمافظات اململكة ،وقد كانت لهذا العام على �أربعة م�ستويات؛ ومت ت�شكيل جلان حتكيم من �شخ�صيات م�ؤهلة وعلى م�ستوى ع� ٍ �ال من الكفاءة واخل�برة يف هذا املجال لإختيار الفائزين برئا�سة الفا�ضلة �إميان ال�صفدي بتاريخ ،2017/4/22وبعد فح�ص جميع املت�سابقني وفق �ضوابط ومعايري حمددة ودقيقة؛ مت عمل ت�صفية نهائية للم�ؤهلني منهم.
.3نور م�صطفى ح�سن قويدر_ حمافظة الزرقاء. فاز عن امل�ستوى الثاين " خم�سة �أجزاء ": �-1أفنان حممد �سلمان �أبو مو�سى _ حمافظة جر�ش. -2هيفاء ر�ضوان حممد عي�سى _ حمافظة الزرقاء. �-3ساجدة مو�سى عبد الكرمي ح ّبو�ش – عني البا�شا. فاز عن امل�ستوى الثالث " ثالثة �أجزاء ": -1عبدالرحمن يو�سف �سعود بني �سلمان_ حمافظة عجلون. �-2أمل حممد �أحمد �أبو عمرة _ حمافظة جر�ش. �-3إبراهيم �صالح ابراهيم فريحات_ حمافظة عجلون. فاز عن امل�ستوى الرابع " جزء ع ّم ": .1عبد الرحمن حممد زهري اجلابري_عمان. -2عبد الرحمن عمر ق�صاب _ عمان. -3كرم عثمان يو�سف بني �سلمان _عجلون.
عقدت اللجنة �إجتماعاً بتاريخ 2017/4/29بح�ضور رئي�ستها ورئي�سة القطاع الن�سائي يف املنتدى ال�سيدة �سو�سن املومني وذلك من �أجل �إقرار النتائج وكانت على النحو التايل: فاز عن امل�ستوى الأول " ع�شرة �أجزاء ": و�سيتم تكرمي الفائزين يف حفل خا�ص يقام من �أجل ذلك � .1أماين م�صطفى ح�سن قويدر _ حمافظة الزرقاء. يوم � 16شعبان ال�سبت املوافق .2017/5/13 .2عبلة عبد الرحيم عبد اجلليل �سالم _ حمافظة بالإ�ضافة �إلى توزيع جوائز تر�ضية للمتميزين الذين مل العا�صمة /عمان. يحالفهم احلظ يف الفوز يف املراتب املقررة. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
79
أبو زيد المقرىء االدريسي يزور المنتدى العالمي للوسطية 80
زار �صباح يوم االثنني 2017/5/8املفكر اال�سالمي ع�ضو جمل�س النواب املغربي �أبو زيد املقرىء االدري�سي ,مقر املنتدى العاملي للو�سطية والتقى بعدد من اع�ضاء املنتدى وا�ستمع الى �إيجاز عن الن�شاطات الفكرية والثقافيه التي يقوم بها املنتدى واعرب عن اعجابه بامل�ستوى الرفيع ال��ذي و�صل اليه املنتدى يف ن�شر ثقافة االعتدال والو�سطية، و�سجل كلمة يف ال�سجل اخلا�ص بكبار الزوار . ّ
(مشاريع مكافحة الغلو والتطرف بين النظريه والتطبيق) عقد املنتدى العاملي للو�سطيه ن��دوة يف مقر املنتدى م�ساء ال�سبت املوافق 2017/5/13حول( م�شاريع مكافحة الغلو والتطرف بني النظريه والتطبيق) . ويف ب��داي��ة ال�ل�ق��اء رح��ب املهند�س م ��روان ال�ف��اع��وري الأمني العام للمنتدى باملحا�ضرين واحل�ضور ،ويف هذا املجال وب�ين الكاتب والباحث ب�ش�ؤون الفكر واحلركات اال�سالمية الدكتور ا�سامة �شحادة ان االرهاب والتطرف ا�صبحا يف حا�ضرنا م�صدر خطر وتهديد متعاظمني، وهما ال يخت�صان بدين �أو بلد �أو قومية او ايدلوجية حم ��ددة ،وب��رغ��م ك��ل ج�ه��ود حم��ارب��ة االره ��اب اال ان��ه يف احلقيقة يتعاظم ويتفاقم ويتمدد.
وق��ال ا�ستاذ العلوم ال�سيا�سية وال�ع�لاق��ات الدولية يف اجلامعة االردن�ي��ة الدكتور غ��ازي ربابعة ان االره��اب اال�سالمي قليل مقارنة مع اره��اب الديانات واملعتقدات االخ��رى ،وان اغلب امل�سلمني املهاجرين كانت هجرتهم ب�سبب االرهاب.
و�أدار احلوار واجلل�سة الدكتور حممد خري العي�سى مفتي االمن العام ال�سابق الذي قال �إن ظاهرة التطرف يف املجتمعات اال��س�لام�ي��ة ا�صبحت م��ن اك�ث�ر الق�ضايا التي ت�شغل اهتمام النا�س ،نظرا لتنامي بروزها كظاهرة اجتماعية وخل�ط��ورة �آث��اره��ا على ال�صعيد االجتماعي، وبالرغم من امل�ح��اوالت اجل��ادة التي ا�ستهدفت تطويق الآثار ال�سلبية لهذه الظاهرة فان التطرف على اختالف واو�ضح ان االرهاب ا�صبح من اكرب التحديات لوجود ا�شكاله ال�سلوكية والفكرية ما زال يجد االر�ض اخل�صبة بالدنا وجمتمعاتنا ،فاالرهاب اليهودي يت�صاعد ،يف بلدان لنموه وامتداده. عربية ،هدفها العبث يف بالدنا تخريبا وتفجريا وتفتيت وا�ضاف ان التطرف يف االفكار وال�سلوك الناجت عن الوحدة بني مناطقنا ومدننا وتهجري �سكانها. قناعة ال يعترب خطرا على املجتمع ،اذا اقت�صر اثره على وا�شار مدير وحدة مكافحة التطرف يف وزارة الثقافة �صاحبه ،ومل ي ��ؤد ال��ى عنف يف ال�سلوك او اع�ت��داء على اللواء املتقاعد �شريف العمري ال��ى ان االره��اب مرحلة حريات الآخرين ،والتطرف يف جمال الفكر او ال�سلوك متقدمة للتطرف ،واالره ��اب ي�ح��ارب ع�سكريا وامنيا ،ظاهرة نف�سية تعرب عن �شخ�صية قلقة ذات قناعات ذاتية اما التطرف يكافح فكريا واجتماعيا وثقافيا للحد من متطرفة ،اال ان ه��ذه القناعات ال تعطي ل�صاحبها اي انت�شاره وتناميه ،وان التطرف على االغلب يبنى على حق يف ممار�سة و�صاية على �سلوكيات غريه ،وقد جرى الدين وتكون اهدافه �سيا�سية واجتماعية واقت�صادية .نقا�شات مو�سعه حول هذه املفاهيم. ول�ف��ت ال��ى ان االردن ي�ع��د ا��س�ترات�ي�ج�ي��ة ملحكافحة ال�ت�ط��رف وه��ي الآن يف نهاياتها وق��ري�ب��ا �ستعر�ض على احل �ك��وم��ة ،ت �ه��دف ال ��ى ت��وزي��ع االدوار ع�ل��ى امل��ؤ��س���س��ات وال � ��وزارات ومنظمات املجتمع امل��دين وغ�يره��ا ملكافحة التطرف ،اما مكافحة االرهاب فهي مهمة القوات امل�سلحة واالجهزة االمنية.
ويف اخل�ت��ام ق��دم املهند�س م��روان ال�ف��اع��وري جلميع احل �� �ض��ور ال �� �ش �ك��ر وال �ت �ق��دي��ر ع �ل��ى ت�ل�ب�ي�ت�ه��م ال ��دع ��وة وح���ض��وره��م ،كما ق��دم ال�شكر للمحا�ضرين و�أك ��د بان املنتدى �سيبقى دائ�م��ا م�ن�براً ح��راً لكافة امل�شاريع التي تخدم االمة العربية واال�سالمية للمحافظة على نعمة االمن واالمان. ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
81
82
ال�سنة التا�سعة :العدد ال�سابع والع�شرون -رم�ضان 1438هـ /حزيران ٢٠١7م
83
84