افتتاحية العدد . . املهند�س مروان الفاعوري
يكاد املر ُء يفقد �صوابه وهو ي�سمع وي�شاهد كل يوم مئات من احلاالت واملواقف التي جتعل فر�صة البحث عن خمرج لتلك الأزم ��ات التي نعاي�شها يف غاية ال�صعوبة ،وال��دق��ة، واحلذر ،ذلك �أن تو�صيف ٍ حل ما لأزمة ما ،يتطلب منك �إبعاد ذلك احلل عن دائرة الت�أثر والت�أثري ،مع �شبكة امل�صالح لهذا الطرف �أو ذاك ،فمتى ا�صطدم م�ؤ�شر احلل مع م�صلحة هنا �أو م�صلحة هناك ،كان التوقف عن الإ�ستمرار يف البحث هو تو�صل احلل الأمثل ،وهذا مرده �أن ال �أحد قد ا�ستهدى �أو ّ �إل��ى طريق الإ��ص�لاح احلقيقي العام وال�شامل� ،أو حتقيق العدالة املطلقة ،فهذا من �ش�أنه الإ��ض��رار ب�شكل جزئي �أو كلي يف م�صلحة هذا الطرف �أو ذاك. ولذلك تبقى عجلة الف�ساد ت�سري وتطحن كل �شيء هدى ويف كل اجت��اه ،ويف �أثناء �أتت عليه ،وت�سري على غري ً �سريها يكرب حجم الف�ساد ،وت�ك�بر معه احل�ي�رة والقلق، ح��ول م�ستقبل الأم��ة القريب والبعيد ،ال��ذي ننتظر فيه ح ً ال لق�ضايا معلقة منذ �أم��د بعيد ،ويف مقدمتها القد�س ال�شريف وفل�سطني. ويف ظل غياب املنهج الفكري القادر على ر�سم خريطة ط��ري��ق ملجمل امل�شاكل والأزم � ��ات ،يظهر املنهج الو�سطي مبا يتمتع به يف ات��زان واعتدال واقتدار على التوا�صل مع املختلف وامل�ؤتلف من التيارات الفكرية التي حتكم حترك النا�س على تعدد حكوماتهم وتياراتهم ومنابرهم الثقافية وال�ف�ك��ري��ة ،ول��ذل��ك ف� ��إن ال�ق��ائ�م�ين ع�ل��ى منهج الو�سطية والإعتدال يرون �أن كل فر�صة للتوافق والوئام بني جميع �أطراف املعادالت الوطنية والإقليمية والدولية ،البد معها من �إ�شراك تيار الو�سطية واحلكمة يف معادلة احللول لتلك الأزمات. ل��ذا ف� ��إن �إمي ��ان امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية ب��دوره كحلقة ح�ضارية جامعة ،يزيد ال�ع��بء على كاهل دعاته، وه ��و ي ��رى ��ش�ط�ط�اً وا� �ض �ح �اً ع �ن��د ه ��ذا ال �ط��رف �أو ذاك، �أو ع�ن��د �أرك ��ان ه��ذه ال��دول��ة �أو ت�ل��ك ،مم��ا ي��زي��د م��ن قلقه حيال تهمي�ش كل منرب ثقايف من لدن �صانع القرار على
م�ستوى الأمة ،وعلى تنوع ذلك القرار� :سيا�سياً �أم اقت�صادياً �أم اجتماعياً ،الأمر الذي يجعلنا يف هذا املنتدى نعمل كخلية ن�ح��ل ،ف�م��ؤمت��ر هنا ون ��دوة ه�ن��اك ،وحم��ا��ض��رة يف مدر�سة ك��ذا وجامعة ك��ذا ،حتى نقدم ال��ر�ؤي��ة التي ن��ؤم��ن بها ،ما و�سعنا اجلهد لذلك ،و�صو ًال الى الإ�سهام الذي تر�ضى عنه النفو�س ،وتطمئن �إليه القلوب ،ب�إعتباره جهداً يبتغي وحدة الأمة وكرامتها ،و�صون �أوطانها واحلفاظ على مقدراتها و�أمنها وا�ستقرارها. ول�ع��ل م��ن ي�ت��اب��ع �أن���ش�ط��ة امل�ن�ت��دى ع�ل��ى تنوعها ي��درك حجم الدعاء الذي نحتاج �إليه لبلوغ �أهدافنا ،وحجم الدعم ال��ذي ينبغي �أن ي�سندنا ،ونحن نقدم �أق�صى ما ن�ستطيع من جهد يف �سبيل �إيجاد �أر�ضية �صلبة ،ت�ؤ�س�س حلالة من الت�شاركية مع جميع امل�ؤ�س�سات الر�سمية وال�شعبية ،املحلية منها والإق�ل�ي�م�ي��ة وال��دول �ي��ة ،و� �ص��و ًال ال��ى حت��دي��د معامل ا�سرتاتيجية وا�ضحة الو�سائل والأه ��داف وال�غ��اي��ات ،ويف مقدمتها ،اقناع العامل ب�أن اجلميع �شركاء يف حتقيق رفعة الأوطان والأمة وفق ر�ؤية �إن�سانية م�شرتكة. وعليه ،ف�إن املنتدى �سيوا�صل م�سريته الفكرية ونهجه الثقايف حتى يتبني ل�ل�آخ��ري��ن �أن�ن��ا دع��اة ل�ل�إ��ص�لاح ال��ذي ي�ضمن حفظ الأوطان ومقدراتها ،والبناء على ما مت فيها من �إجنارات؛ لأن ما ينتظرنا من �أهداف ت�ستحق التحقيق �أ�سمى ،و�أج��ل م��ن البقاء يف حالة انتظار ال�ع��ون م��ن عدو حاقد �أو �صديق غادر. لذا ف�إن م�شروع النه�ضوي احل�ضاري العام الذي نطمح بامل�شاركة فيه كجزء �أ�صيل يجعلنا نعمل جاهدين و�صو ًال �إل ��ى حتقيق ذل��ك امل���ش��روع ال ��ذي يحقق ل�ل�أم��ة �أه��داف�ه��ا، وللأوطان �أمنها وا�ستقرارها ،وللإن�سانية جمعاء �صورتها احل�ضارية امل�شرقة. واهلل ن�س�أل �أن يحفظ �أمتنا وي�سند قوامها ،ويعيد �إليها عزتها؛ لتعود كما كانت �شامة بني الأمم� ،إنه �سميع جميب، واحلمد هلل رب العاملني من قبل ومن بعد.
االفتتاحية درا�سات
م�ستقبل العامل العربي :الأزمات واحللول
م .مروان الفاعوري دولة االمام ال�صادق املهدي
4
الو�سطية وحرية االجتهاد يف الإ�سالم
�أ .د.حممد حب�ش
11
افتتاح فرع املنتدى العاملي للو�سطية يف اجلزائر
�أ.د� .أبو جرة ال�سلطاين
17
من خطب عيد اال�ضحى
د .عبداملحمود اب ّو
19
من �أطاع اهلل يف �أوامره الت�شريعية ط ّوع اهلل له �آياته التكوينية
د .عبد املجيد �أبو �سل
28
احلكم ال�شرعي
�أ .ب�شرى �سعدي ها�شم اخلطاط د .حممد جمعة الوح�ش د .هناء حممد هالل احلنيطي �أ .حممد الع�ضايلة اللواء املتقاعد عدنان عبيدات �أ� .إبراهيم العجلوين د .ر�شاد الكيالين �أ .جمال ال�سفرتي د .ح�سن علي املبي�ضني �أ� .شريوان ال�شمرياين د .حممد احمد احلاج د .جلني عبداهلل حممود د .ذيب عبد اهلل خطاب
36
دور الرتبية والتعليم يف حتفيز املجتمع �أخالقيات الأعمال يف العمل امل�صريف الإ�سالمي ال�شباب واملبادرات
مقاالت
ِك َتا َب ٌات يف ا ِ حل ْك َم ِة احلق العربي يف " التم ّيز " الفل�سفي �أثر الت�صوف يف حفظ روح الأمة الإ�سالمية “دور الأئمة يف املجتمع املعا�صر” النه�ضة ..م�سار وطموح حرية التكنولوجيا امام االن�سان الر�ؤية املقا�صدية يف �سورة املاعون الكل طامع ولي�س للعرب جامع
واحة الو�سطية
�أخبار الو�سطية
عند احلبيب (�صلى اهلل عليه و�سلم)
1
42 45 53 54 57 59 61 64 68 70 72 73
املنتدى العاملي للو�سطية والبلقاء التطبيقية ..ينظمان ندوة دولية حول خطر الإرهاب
76
و�سطية الكرك ..ينظم ندوة فكرية يف مركز �شابات الق�صر
77
نظم فرع ال�سلط ..حما�ضرة للمفتي الدكتور هاين العابد حول احلج و�أحكامه (مفكرة احلاج)
78
فرع جر�ش يقيم حما�ضرة
78
مندوباً عن الأمني العام ..العجلوين يخرج دورة تدريبية
79
يف مدر�سة ن�سيبة املازنية ..املبي�ضني يحا�ضر حول التطرف واالرهاب
79
الهيئة االستش�ارية للمجلة الإمام ال�صادق املهدي/ال�سودان الدكتور �سعد الدين العثماين /املغرب معايل الدكتور عبد ال�سالم العبادي /الأردن معايل الدكتور عبد الرحيم العكور /الأردن الدكتور عبد الفتاح مورو/تون�س الدكتور م�صطفى عثمان �إ�سماعيل/ال�سودان الدكتور حممد طالبي/املغرب الدكتور حممد زاهد جول/تركيا الدكتور عبد الإله ميقاتي /لبنان الأ�ستاذ الدكتور �أبو جرة ال�سلطاين /اجلزائر
السنة العاشرة :العدد الثاني والثالثون -ذو الحجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الأ�ستاذ منت�صر الزيات/م�صر الدكتور حممد حب�ش�/سوريا الدكتور زيد املحي�سن/الأردن
هيـئـة التـحريـر املهند�س مروان الفاعوري الدكتور حممد احلاج الدكتور زهاء الدين عبيدات الدكتور �سليمان الرطروط الدكتور علي احلجاحجة الدكتور زيد املحي�سن
المشرف العام الدكتور ح�سن علي املبي�ضني
تصميم وإخراج ب�����ل�����ال امل����ل���اح 0799160136
تصدر عن المنتدى العالمي للوسطية تحت رقم ايداع
د2018/708/
عمان المملكة األردنية الهاشمية ّ -
المراسالت املوا�ضيع املن�شورة ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املنتدى العاملي للو�سطية وحق الرد مكفول للجميع
عمان 11941األردن هاتف - 5356329 :فاكس - 5356349:ص.بّ 1241 : E-mail: mod.inter@yahoo.com - Web Site: www.wasatyea.net
دراسات
كلمة االمام ال�صادق املهدي رئي�س املنتدى العاملي للو�سطية التي �ألقاها يف حما�ضرة "م�ستقبل العامل العربي" التي عقدتها جمعية ال�ش�ؤون الدولية بالتعاون مع املنتدى العاملى للو�سطية يوم الثالثاء املوافق 2018/8/7وفيما يلي ن�ص الكلمة:
مستقبل العالم العربي: األزمات والحلول
دولة اإلمام الصادق المهدي
6
مقدمة :احلالة الراهنة يف عاملنا العربي غري جمدية، ب��ل ه��ي ح��ال��ة اح�ت���ض��ار ت�صنع ح�ت�م�اً ث�لاث��ة اح�ت�م��االت للخروج منها :تطلع ث��وري مل�ستقبل ال وف��اء له ،وتطلع ث��وري ملا�ضي ال م�ستقبل ل��ه ،وث��ورة ناعمة مل�ستقبل له وفاء. قال غراهام فوللر يف جملة ال�سيا�سة اخلارجية عدد ي�ن��اي��ر /ف�براي��ر 2008م� :إذا حذفنا الإ� �س�لام م��ن م�سار ال �ت��اري��خ ،وع��وم��ل ��س�ك��ان منطقة ال���ش��رق الأو� �س��ط كما يعاملون الآن مع عدم وجود �إ�سالم ف�إن الو�ضع يف املنطقة �سوف ي�ؤول �إلى ما هو عليه الآن .يف غياب الإ�سالم ومع ال�سكان االفرتا�ضيني غ�ير امل�سلمني ف ��إن ال�ع��امل �سوف ي�شهد اخلالفات الدامية امل�ستمرة التي ال ت��زال تغطي ح��روب�ه��ا و��ص��راع��ات�ه��ا على ال�ساحة اجليو�سيا�سية .لو مل تتذرع املجموعات االفرتا�ضية غري امل�سلمة بالدين
لوجدت راي��ة �أخ��رى تعرب يف ظلها عن هويتها و�سعيها لال�ستقالل. الهيمنة ال��دول�ي��ة ال ت�سمح يف ب�أية �إرادة م�ستقلة وطنية� ،أو قومية� ،أو ا�شرتاكية� ،أو �إ�سالمية بل حتر�ص ع �ل��ى وج� ��ود ح �ك��ام �أوت ��وق ��راط �ي�ي�ن ك �م��ا ق��ال��ت ال���س�ي��دة ك��ون��دال�ي���س��ا راي ����س يف ال �ق��اه��رة ع��ام 2005م� :إن �ن��ا زه��اء �ستني عاماً دعمنا حكام املنطقة االوتقراطيني .ويف ظل مثل هذه احلكومات يوظفونهم خلدمة م�صاحلهم كما قال رئي�س وزراء قطر ال�سابق :ننفذ فيما يتعلق بحجم �إن�ت��اج وت�سويق النفط م��ا يطلبون م�ن��ا .وو�ضعت خطة �إع� ��ادة ت��دوي��ر �إي � ��رادات ال�ن�ف��ط ع��ن ط��ري��ق وج ��وه طلب غ�ير �ضرورية مدنية وع�سكرية لتغريب ث��روة النفط. واحلديث عن حقوق الإن�سان ي�ستخدم ب�صورة انتقائية، ف�ح�ك��وم�ت��ي ال��دمي �ق��راط �ي��ة (1989-1986م) م��ع ك��ام��ل
احرتام حقوق الإن�سان والربنامج الدميقراطي عوك�ست لأنها �أوقفت برنامج ترحيل الفال�شاوظاهرة ال�صحوة ال�شيعية يف املنطقة تعود مل�ؤثرات واف��دة .كانت الواليات املتحدة تعامل �إي��ران باعتبارها �شرطي املنطقة .وقال الرئي�س الأم��ري�ك��ي الأ��س�ب��ق ك��ارت��ر �إن �إي ��ران ه��ي واح��ة ا�ستقرار يف حميط م�ضطرب .ولكن ه��ذه العالقة وما �صحبها من نهج ا�ستالبي وتغريب للرثوة كانت من �أهم عوامل التعبئة امل�ضادة لنظام ال�شاه. حتاول �أو�ساط غربية حتميل الإ�سالم تبعة التطرف والإره ��اب يف املنطقة� .صحيح توجد ن�صو�ص ا�ستغلها الغالة حول الوالء والرباء ،و�أحاديث مثل ما رواه �أحمد يف م�سنده �أن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ق��الُ “ :ب ِع ْثتُ َب�ْي�نْ َ َي� � َد ْي ال���سَّ ��ا َع� ِة ِب��ال���سَّ � ْي� ِ�ف َح� َّت��ى ُي� ْع� َب� َد هَّ ُ الل َو ْح � � َد ُه لاَ �شَ ر َ ِيك َلهُ” .هذا يناق�ض القر�آن �إذ }لاَ �إِ ْك َرا َه فيِ ال ِّدينِ { ويناق�ض الواقع ف�أين ال�ساعة بعد �ألف وخم�سمائة عام؟ قال خاقان ال�صحافة الغربية روب��رت م�يردوخ :رمبا �أن �أغلب امل�سلمني م�ساملون .ولكن �إلى �أن يعرتفوا ب�سرطان اجل �ه��ادي�ين ال ��ذي ي�ت�ن��ام��ى ث��م ي�ق��وم��وا ب�ت��دم�يره يجب حتميلهم امل�س�ؤولية .ولكن من ينبغي �أن يتحمل ال��وزر الأك�بر؟ الغزو ال�سوفيتي لأفغان�ستان ح��رك �ضده نداء ج�ه��اد لتحرير ب�لاد امل�سلمني م��ن ه��ذا ال�غ��زو .القاعدة تكونت �ضمن التلبية لهذا النداء وحظيت بدعم عربي ودعم �أكرب توافر لها من الغرب :الدعم املايل ،والتدريب، والت�سليح حتى �صارت �آلية قتالية ال مثيل لها وحققت ما حققت يف �أفغان�ستان .جنود القاعدة مل يكونوا مرتزقة ب��ل ك��ان��ت عقيدتهم القتالية ال�ت��ي حظيت ب��دع��م غربي هي حترير بالد امل�سلمني من االحتالل الأجنبي لذلك رف�ضوا ا�ستن�صار دولهم ب��دول �أجنبية ما �أدى ملواجهة الواليات املتحدة تطرفاً وعنفاً� .إن للواليات املتحدة دوراً مهماً فيما بلغت القاعدة. هذه ثمانية عوامل وافدة �ساهمت فيما �أ�صاب الأمة من وهن. ولكن هنالك عوامل ذاتية: ت�ضافرت عوامل عدة غيبت العقل الربهاين وجعلت املا�ضي و�صياً على احلا�ضر وامل�ستقبل:
ال �ع �ل � ُم م ��ا ك � ��ا َن ف �ي��ه ق ��ال ح��دث�ن��ا ال�ش َي ِ َو َما ِ�سوى َذ َ ا�س َّ اطنيِ. اك َو ْ�س َو ُ فقه التزم منطقاً فقهياً تقليدياً ،ما جعل النقل و�صياً على الأحكام: وم� � � ��ال� � � � ٌ�ك و� � � َ��س � � ��ائ� � � � ُر الأ ِئ� � � � � َّم � � � ��ة و�أب � � � ��و ال� �ق ��ا�� �س� � ْم ُه � � � � ��دا ُة الأ َّم � � � ��ة ف � ��واج � � ٌ�ب َت� �ق� �ل� �ي� � ُد َح� �ْب� ��رٍْ ِم� �ن� � ُه� � ُم َك � �ذَا َق �� َ��ض��ى ال� � َق� � ْو ُم ِب� � َق � ٍ �ول ُي � ْف � َه � ُم نظم حكم قامت على التغلب با�سم اخل�لاف��ة ،وبعد ان�ت�ه��اء اخل�لاف��ة ��ص��ار ذك��ره��ا مطلب بعيد ع��ن ال��واق��ع، وكذلك التطلع ال�شيعي لإمام غاب منذ 12قرناً �أن يعود، يف جمافاة للواقع. وا�ستبدت باحلكم نظم غيبت امل���ش��ارك��ة ،وامل�ساءلة، وال�شفافية ،و�سيادة حكم القانون ما جعل نظم احلكم غ��ال �ب �اً ق��ائ�م��ة ع�ل��ى ال�ت�غ�ل��ب ومت ��ار� ��س اح �ت�ل�ا ًال داخ�ل�ي�اً لل�شعوب. و� �س��ادت غ��ال �ب �اً ن�ظ��م اق�ت���ص��اد حت�ق��ق من ��واً ال تنمية والرثوة فيها مغربة غالباً .وتوزيع الرثوة قائم على قلة منعمة و�أغلبية فقرية. والأم� ��ة م��وب��وءة ب�خ�لاف��ات طائفية ع��ائ��دة لأح ��داث ت��اري�خ�ي��ة ومل�ع�ت�ق��دات مذهبية م��وروث��ة ج�ي�ل ً ا ع��ن جيل وحم�صنة بالتكفري املبتادل. �شيوع عالقات خارجية �سمحت يف كثري من الأحيان لقوى الهيمنة الدولية بتحقيق م�آربها. امل�ف�ك��رون وال�ك�ت��اب ،وال���ش�ع��راء وه��م ق��رون ا�ست�شعار لقراءة الواقع الأليم ما برحوا يعربون عن �سخط ومرارة – مث ً ال -يف بردته يقول متيم الرغوثي: �روا واحل��اك �م��ون �أع��اج �ي� ٌ�ب �إذا َع �َب رَ ُ فيِ َج َّن ٍة �أَ ْ�ص َب َح ْت ِمنْ �ش�ؤمهم َج َر َدا �أَ ْن � َي��ا ُب � ُه � ْم فيِ َذوِي الأَ ْر َح � ��ا ِم ن ِ َا�ش َب ٌة َو ِلل��أَ َع��ا ِدي اْ ْب� ِت��� َ�س��ا ٌم ُي ْظ ِه ُر ال� � َّد َر َدا ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
7
8
وبكاء رو�ضة احلاج: يف ِّ ﻛﻞ ﻋﺎ�ﺻﻤﺔ �ﺃﺩﻭﺭ ﻣﻦ ﺍﻟ�ﺼﺒﺎﺡ �ﺇﻟﻰ ﺍﻤﻟ�ﺴﺎﺀ ﻋﻦ ﺑ� ٍ ﺴﻤﺔ ﻟﻠﻨ�ﺼﺮ ﺗﺪﺧﻞ ﻲﻓ ﺩﻣﻲ ﻓﺘﻌﻴﺪ ﺠﺗﺪﻳﺪ ﺍﺤﻟﻴﺎﺓ ﺟﻨﺪﻱ ﻋﻦ ﻭﺟﻪ ّ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻤﻟﻮﺕ ﻣﻦ �ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ّ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ �ﺻﺮﺧﺔ ً ﺗﺮ ُّ ُ ﺧﺎﺋﻔﺔ ﺍ�ﻷﺭ�ﺽ ﺞﺗ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺗﺮﺗﻌﺪ ﺍﻟ�ﺴﻤﺎﺀ ﻋﻦ ٍ ﻣﺎﺭﺩ ﻣﻦ ﻗﻤﻘﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍ�ﻷُ ِ ﺑﺎﺓ ﺼﺮﺥ ﺑﺎﻟﻨﺪﺍﺀ ﻳﺠﻲﺀ ﻳ� ُ �ﺃﻱ � ٍ ﺷﻲﺀ ﻗﺪ ﻳﻌﻴﺪ ﻋﻦ ِّ ﺗﻮﺍﺯﻲﻧ ﻟﻜﻨﻨﻲ ،ﻣﻦ ِّ ﻛﻞ ﻋﺎ�ﺻﻤﺔ �ﺃﻋﻮﺩ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ !! هذه حالة جعلت كثرياً من املعلقني الأجانب يتحدثون عن �أن هذه املنطقة العربية من العامل غري ق��ادرة على �إح��داث تغيري �إيجابي .بل �صار كثريون يتحدثون عن اال�ستثنائية العربية .ول�ك��ن كما ق��ال اب��ن خ�ل��دون :كل ظاهرة يف الوجود الطبيعي واالجتماعي خا�ضعة لقانون
تف�سرياً لقوله تعالى�( :إِنَّا ُك َّل �شَ ْي ٍء خَ لَ ْقنَا ُه ِب َق َدرٍ). هناك كما ر�أينا عوامل ذاتية وخارجية ت�سببت يف هذه احلالة املزرية. هذا الرف�ض للواقع يف�سر اندفاع ال�شباب يف ثورات الربيع العربي .ث��ورات ي�شدها التطلع لغد �أف�ضل ينعم بالكرامة ،واحلرية ،والعدالة ،واخلبز. ولكن ه��ذه ال�ث��ورات م��ع ت��واف��ر مربراتها غابت عنها ال�ق�ي��ادة امل��ؤه�ل��ة لتقدمي ال�ب��دي��ل بعد الإط��اح��ة باحلكم ال�ق��ائ��م ،وغ��اب عنها ال�برن��ام��ج امل�ستعد لبناء امل�ستقبل، ل��ذل��ك وم��ع ك��ل م��ا حققت م��ن �إر� �ض��اء بع�ض التطلعات احتوتها ثورة م�ضادة �إال قلي ً ال .ولكن مهما كان من �أمر الثورة امل�ضادة ف�إن الدوافع للربيع العربي ما زالت قائمة، �إنها تطلع لثورة ت�شدها �آمال امل�ستقبل. ال ينبغي اال�ستهانة ب�أجندة القاعدة وداع�ش فه�ؤالء مدفوعون كذلك برف�ض الواقع وت�شدهم �آم��ال املا�ضي كما ي�صورونه. النهج ال �ث��وري امل���ش��دود للم�ستقبل ،وال�ن�ه��ج ال�ث��وري امل���ش��دود للما�ضي ،لهما م�بررات�ه�م��ا ،وال��واق��ع البائ�س �سوف يوفر لهما �أرت ��ا ًال م��ن امل��ؤي��دي��ن واملجندين ،ومع اختالفهما اجلوهري يف تطلع للم�ستقبل وتطلع ملحاكاة املا�ضي ف�إنهما يرف�ضان الواقع الراهن ويرفعان �شعارات ثورية .ثورات الربيع العربي �إذا مل تتوافر القيادة امل�ؤهلة وال�ب�رام��ج ال�ب��دي�ل��ة ق��د تقفز ف��وق ال��واق��ع االج�ت�م��اع��ي. وث� ��ورات االن �ك �ف��اء ن�ح��و امل��ا��ض��ي � �س��وف ت��ذه��ب ك�م��ا دل��ت التجارب خارج التاريخ. اخليار الأف�ضل �أي الأو�سط هو ال��ذي يحقق �أهدافاً ثورية ب�أ�سلوب ناعم� ،أ�سلوب احلكمة. كل الدالئل ت�شري �إلى �أن الواقع املاثل مل يعد جمدياً
وال ي�سعف املنطقة �إال ن�ظ��ام ج��دي��د ي��داوي العلل التي ك�شف عنها الت�شخي�ص بال�صورة الآتي بيانها: ال�ع��ام��ل الأول :م�س�ألة امل�ع��رف��ة :ال�ع�ق��ل ،والتجربة، والوحي ،الإلهام؛ هي و�سائل املعرفة الإن�سانية .القر�آن ك��رر الإ� �ش��ارة للعقل وم�شتقاته ك��ال�بره��ان ق��ال تعالى } َك � � َذ ِل� � َ�ك ُي� � َب�ِّي�نِّ ُ هَّ ُ الل َل� � ُك� � ْم �آ َي� ��ا ِت � � ِه َل � َع � َّل � ُك � ْم َت � ْع � ِق � ُل��ونَ{. وق ��ول ��هُ }:ق � ْ�ل َه ��ا ُت ��وا ُب � ْر َه��ا َن � ُك � ْم �إِن ُك �ن � ُت � ْم � َ��ص��ا ِد ِق�ي َ�ن{، ني * َوفيِ َ �أنف ُِ�س ُك ْم والتجربةَ } :وفيِ ْ أ الَ ْر�� ِ�ض �آ َي��اتٌ ِّل ْل ُمو ِق ِن َ �أَ َف�َل اَ�ا ُت� ْب��ِ��ص� ُرونَ{ .العقل والتجربة يف جمالهما و�سائل ملعرفة احلقيقة امل��وج��ودة يف �سنن الطبيعة ،ويف النف�س الإن���س��ان�ي��ة ،ويف امل�سائل االجتماعية ف ��إن �سنن ال��وج��ود كا�شفة حلقائقها كما قال تعالىَ } :و َما خَ لَ ْقنَا ال�سَّ َما َو ِات الَ ْر َ �ض َو َما َب ْي َن ُه َما �إِلاَّ ِبالحْ َ قِّ{. َو ْ أ االنكفاء الفكري ال��ذي �أ��ص��اب �أمتنا هو ال��ذي عطل معارف العقل والتجربة ما يوجب �صحوة فكرية ت�سد هذا النق�ص. ولكن للعقل والتجربة ح��دود ما ميثل الغيب الذي مفاحته ال��وح��ي والإل �ه��ام .علة الفكر العلماين ه��و �أن��ه ينكر م �ع��ارف ال�غ�ي��ب .علمياً ث��اب��ت �أن ح��وا���س الإن���س��ان وعقله ال يحيطان بكل ما يف الوجود ،وال بالأ�سا�س غري النفعي ل�ل�أخ�لاق ،وال مبقايي�س اجلماليات الفطرية. ه��ذه امل �ج��االت ه��ي م�ي��ادي��ن ال��وح��ي والإل �ه��ام .ك��ان دع��اة الأ��ص��ول�ي��ة العلمانية ي�ق��ول��ون �إن العلمانية ه��ي �شرط للدميقراطية ولكن وجدوا �أن �أعتى الدكتاتوريات متت با�سم العلمانية يف �أملانيا ،و�إيطاليا ،و�أمريكا اجلنوبية، وحتى يف الإطار العربي ف�إن العلمانية �أقامت نظمها عن طريق االنقالبات الع�سكرية وقهر ال�شعوب .لذلك عدل علمانيون مرجعيون مثل بيرت بريقر و�شارل�س تيلور مقولتهم ليقولوا �إن �شرط الدميقراطية هو التعددية، وق��ال��وا يف �إط ��ار ال�ت�ع��ددي��ة ال مي�ك��ن �أن ن�ح��رم امل�ن��ادي��ن مبرجعية دينية من حقهم يف التناف�س ال�سيا�سي ما داموا يقبلون حرية العقيدة لغريهم وامل�ساواة يف املواطنة. م�ن��ذ ال��رب��ع الأخ�ي�ر م��ن ال �ق��رن الع�شرين ولأ��س�ب��اب اجل��وع الروحي والعاطفي ،و��ص��دوداً من �صخب العوملة انتع�شت الأ�صوليات الدينية يف كل مكان. وحتى يف ال��دول ذات الأغلبية الدينية غري الكتابية �شهدت متدداً يف الأحزاب ال�سيا�سية ذات املرجعية الدينية
كما ح��دث يف ال�ي��اب��ان ل�صالح ح��زب كوميتو ذوال�صبغة البوذية منذ مطلع الت�سعينيات ،وما حدث يف الهند حلزب بهاراتيا جاناتا ذي املرجعية الهندو�سية الذي ح�صل على %31من الأ�صوات يف انتخابات 2014م. القول ب��أن ق��درات الإن�سان هي العقلية والتجريبية فح�سب �إفقار للإن�سانية .والقول ب��أن معارف الإن�سان نقلية ف�سحب �إفقار �آخر للإن�سانية. حاكمية اهلل يف قوله }�إ ِِن الحْ ُ ْك ُم �إِلاَّ للِ هَّ ِ �أَ َم َر �أَلاَّ َت ْع ُب ُدوا �إِلاَّ �إِ َّي��ا ُه{ متعلقة باحلاكمية الكونية (الكوزمولوجية)، ونقلها للمجال ال�سيا�سي مبعنى الإمرة هلل خط�أ ج�سيم، ففي هذا املجال احلاكمية للب�شر على نحو ما قال �أبو بكر ال�صديق ر�ض اهلل عنهُ “ :و ِّليتُ َعلَ ْي ُك ْم َو َل ْ�ستُ بِخَ يرْ ِ ُك ْم َف�إِنْ �أَ ْح َ�سنْتُ َف�أَ ِعي ُنونيِ َو�إِنْ �أَ َ�س�أْتُ َف َق ِّو ُموين” .وما قال عمر ر�ضي اهلل عنهُ “ :و ّلينا عليكم لن�سد جوعتكم ونوفر لكم حرفتكم ف�إن عجزنا عن ذلك اعتزلناكم” .وهو تف�سري قوله تعالىَ } :و�أَ ْم � ُر ُه � ْم �شُ و َرى َب ْي َن ُه ْم{ .وحتى يف غري الإمرة ال يحق لأحد من النا�س �أن يتحدث با�سم اهلل .بل يقول ما يقوله باجتهاده هو ،لأن �إدعاء �أن لأحد احلق يف التحدث با�سم اهلل كهنوت يرف�ضه الإ�سالم. ال�ع��ام��ل ال �ث��اين :ال�ف�ق��ه وم�ف�ه��وم تطبيق ال�شريعة: ب��ال�ف�ه��م ال�ت�ق�ل�ي��دي ق ��ال ق� ��وم� :إن �أئ �م��ة االج �ت �ه��اد قد ا�ستنبطوا الأحكام من الن�صو�ص عرب القيا�س واالجماع. وم��ا على اخل�ل��ف �إال ات�ب��اع�ه��م� .أئ�م��ة االج�ت�ه��اد �أنف�سهم قدموا اجتهادهم مراعني ظ��روف الزمان وامل�ك��ان .وقد غ�يروه��ا عندما ت�غ�يرت تلك ال �ظ��روف كما فعل الإم��ام ال�شافعي .ظروف الع�صر احلديث مل تخطر على بالهم. ظ ��روف ال�ع���ص��ر احل��دي��ث ك��ال��دول��ة ال��وط�ن�ي��ة ،وال�ن�ظ��ام ال � ��دويل احل ��دي ��ث ،وال �ع��ومل��ة؛ غ��ري �ب��ة ع�ل�ي�ه��م .و�أح �ك��ام احل��دود يف الإ�سالم جزء من منظومة ثالثية :الرتبية الإميانية ،والإجراءات الوقائية ،والعقوبات؛ ولذلك ف�إن احلديث عنهما دون مراعاة الواقع اجلديد يجعل �شعار تطبيق ال�شريعة منافياً للعدالة ،وبالتايل منافياً ملقا�صد ال�شريعة وم�شوهاً لها. فكيف تقطع ي��د ال �� �س��ارق م��ع ن�سبة ال�ف�ق��ر العالية وتف�شي العطالة وهي �شبهات حتول دون ذل��ك؟ و�أحكام ال��زك��اة التقليدية قا�صرة فقد ا�ستحدثت �أن��واع جديدة من امل��ال ،و�صار الأغنياء يف كثري من الأح�ي��ان ي�ضعون �أموالهم يف بالد �أجنبية. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
9
10
ال �ع��دال��ة االج�ت�م��اع�ي��ة م��ن م�ق��ا��ص��د ال ��زك ��اة .ودول ��ة ال��رع��اي��ة االجتماعية امل�ستحدثة �أك �ف ��أ و�سيلة لتطوير �أحكام الزكاة .و�سعر الفائدة ن�سبة م�ضبوطة مب�ؤ�س�سات ويدفعها امل�ستثمر مل�ساهمني هم �أفقر منه وال تعتمد على م�ساومة فردية كما هو احلال يف الربا. واقت�صاد عامل اليوم متداخل ،و�سعر الفائدة ال يتعلق بالإقر�ض وحده بل بالكتلة النقدية .والنقود نف�سها مل تعد ذات قيمة ثابتة. ه��ذا م�ع�ن��اه �أن امل�ط�ل��وب يف ك��ل ه��ذه الأح� ��وال �إ� �ص��دار دليل ي��درك مقا�صد ال��واج��ب ،ويحيط بالواقع اجلديد، وي�ستفيد م��ن ال�ت�ط��ور ال�ق��ان��وين الو�ضعي ذي الأه ��داف املماثلة ،لي�صري �أ�سا�ساً مقا�صدياً لتطبيق ال�شريعة� .أما ما يحدث الآن مع هذا ال�شعار ف�إنه يهزم مقا�صد ال�شريعة. احللول العلمانية كالقومية العربية �سيطرت على امل�سرح ال�سيا�سي يف بع�ض بلداننا املهمة ،و�سجل التاريخ �إخفاقاتها ،هذا �ضمن عوامل �أخرى �أف�سح املجال ل�شعار الإ� �س�لام ه��و احل��ل .ه��ذا ال�شعار �أخ�ف��ق مت��ام�اً يف بع�ض البلدان كال�سودان وواجه عقبات هائلة كما يف م�صر. يف بع�ض ال�ب�ل��دان ك�ترك�ي��ا ،وامل �غ��رب ،وت��ون����س خ�ضع ملراجعات حقق مبوجبها بع�ض النجاح. املطلوب الآن �أن ي�أمتر كل الذين ي�ؤمنون بدور الإ�سالم يف احل�ي��اة العامة ل��درا��س��ة امل��و��ض��وع على ��ض��وء مطالب ال��واج��ب ،وحقائق ال��واق��ع ،ومعطيات التجارب لتحديد دور الإ�سالم يف احلياة العامة يف املجتمع احلديث. العامل الثالث :نظام احلكم: العدل هو �أهم مقا�صد ال�شريعة الإ�سالمية .جتربة اخللفاء الرا�شدين كانت عادلة ولكنها خلت من م�ؤ�س�سية اال��س�ت�خ�لاف ل��ذل��ك ك�ثر ف�ي�ه��ا اغ �ت �ي��ال اخل �ل �ف��اء ،وم��ن ظروف االغتياالت ن�ش�أت الفتنة الكربى ،بل ب�سبب غياب التقنني وامل�أ�س�سة ف�إن تاريخ اخلالفة يف كل عهودها كان خم�ضباً ب�سفك ال��دم��اء ،الع�صر احل��دي��ث ابتكر و�سائل م�ؤ�س�سة لتنظيم اال�ستخالف والف�صل ب�ين ال�سلطات لتحقيق العدالة ،هذه الو�سائل �أولى باال�ستنباط لتحقيق مقا�صد احلكم الرا�شد .قال �أبوبكر ر�ضى اهلل عنهُ :و ِّليتُ َعلَ ْي ُك ْم (ب�شرياً) َو َل ْ�ستُ بِخَ يرْ ِ ُك ْم (جواز والية املف�ضول)
َف��إِنْ �أَ ْح َ�سنْتُ َف�أَ ِعي ُنونيِ َو�إِنْ �أَ َ�س ْ�أتُ َف َق ِّو ُمونيِ (امل�ساءلة) ال�ص ْدقُ �أَ َم��ا َن � ٌةَ ،وا ْل � َك� ِ�ذ ُب ِخ َيا َن ٌة (ال�شفافية) وال�ضَّ عيف ِّ اللُ، أرج ��ع َع�لَ� ْي� ِه حقَّه �إِنْ ���شَ ��ا َء هَّ فيكم َق� �و ٌِّي عندي حتى � ِّ َوا ْل َقو ُِّي ِفي ُك ْم �ضعيف عندي َحتَّى �آخُ َذ الحْ َ َّق ِم ْن ُه �إِنْ �شَ ا َء هَّ ُ الل (�سيادة حكم القانون)� .إن نظام احلكم احلديث هو و�سيلة م�ؤ�س�سة لتحقيق العدل� ،أم��ا مقولة اتباع الإم��ام املع�صوم ف�صاحبها غري موجود ،ووالية الفقيه واردة يف امل�سائل ال�شعائرية �أما يف امل�سائل ال�سيا�سية واالقت�صادية والدولية فالوالية للأمة كما �صار يقول م�صلحون يف الفكر ال�شيعي. العامل ال��راب��ع :امل�س�ألة االقت�صادية� :إن �إزال ��ة احلاجة املعي�شية م��ن مقا�صد الإ� �س�لام .لذلك فا�ستمرار احلرمان تكذيب للدين�} :أَ َر َ�أ ْيتَ ا َّل ِذي ُي َك ِّذ ُب بِالدِّينِ * َف َذ ِل َك ا َّل ِذي َي ُد ُّع ا ْل َي ِتي َم * َولاَ َي ُح ُّ�ض َعلَى َط َعا ِم المْ ِ ْ�س ِكنيِ{ .وقال �إمام املتقني علي ر�ضى اهلل عنه :ما جاع فقري �إال مبا متع به غني. مقا�صد ال�شريعة يف العدالة االجتماعية تتطلب �أن تكون الدولة ملتزمة بالرعاية االجتماعية على نحو ما ي�شاهد اليوم يف بع�ض دول �أوربا ال�شمالية� ،إذا مل يحدث هذا ف�إن ال�سالم االجتماعي ي�ضطرب. ال�ن�ظ��م ال��دمي�ق��راط�ي��ة ال��ر�أ��س�م��ال�ي��ة ت�ع��اين م��ن �سوء توزيع ال�ث�روة ،قالت اك�سفام يف م�ؤمتر داف��و���س الأخ�ير �أن %1من �أثرياء العامل ميلكون ن�صف ثروة العامل ،هذا اخل�ل��ل يف ت��وزي��ع ال�ث�روة ه��و ال��ذي دف��ع ح��رك��ات �شبابية تقتحم ال�سيتي الحتاللها يف لندن وتقتحم وول �سرتيت يف وا�شنطن ،ه ��ؤالء جميعاً رف�ع��وا �شعار الدميقراطية االجتماعية ،هذا التجاوز بني ثراء م�سرف لأقلية وفقر مدقع لأغلبية وباء �سائد يف بلداننا ،وال ميكن معه حتقيق ال�سالم االجتماعي .اقت�صاد ال�سوق احل��ر ه��و الأن�سب لال�ستثمار والإن�ت��اج ،ولكن ينبغي �أن يكون للر�أ�سمالية وجه �إن�ساين واجتماعي ينقذها من جتاور اال�ستهالكية املرتفة للقلة واحلرمان املذل للكرثة. وفيما يتعلق بالعالقة بني البلدان الفقرية والغنية ف�إن التجارب احلديثة قدمت �أمثا ًال جيدة :بعد احلرب الأطل�سية الثانية �أنقذت �أمريكا �أوربا الغربية اقت�صادياً عن طريق م�شروع مار�شال حتى نه�ضت ،وتعاملت �أملانيا ال�غ��رب�ي��ة ال�غ�ن�ي��ة م��ع �أمل��ان �ي��ا ال���ش��رق�ي��ة ال�ف�ق�يرة ب�صورة
�أنه�ضتها تنموياً ،وكذلك فعل االحت��اد الأورب��ي بجنوب و�شرق �أوربا. �إن دولة الرعاية االجتماعية داخل البلدان ،والنجدة التنموية فيما بينها ه��ي الو�سائل الأف���ض��ل يف النظام اجلديد املن�شود. ال �ع��ام��ل اخل��ام ����س :ي�ن�ب�غ��ي ال�ع�م��ل ع�ل��ى �إ� �س �ك��ات كل النريان امل�شتعلة يف البلدان العربية واملقاطعات اخلليجية يف ظرف عام ،ف�إنها بطبيعة الظروف املتحكمة فيها لن حتقق ن�صراً نهائياً لأحد �أطرافها بل تعمق التوتر ،وت�ضر الأط ��راف امل�شرتكة فيها� .إن وج��ود �إمكانية ت��داخ�لات �إقليمية ودول�ي��ة عرب احل��دود القطرية جتعل االقتتال غري قابل للح�سم الع�سكري بل قابل ال�ستمرار بال نهاية و�أكرثها ي�ستمد دعماً من التباين ال�سني وال�شيعي. النزاع ال�سني ال�شيعي يتطلب معاجلة �إ�سرتاتيجية ملا يحتوي من طاقة تدمريية هائلة. االخ�ت�لاف ب�ين الب�شر �سنة اجتماعية .االختالفات املذهبية بني املذاهب الثمانية املعتمدة لدى �أهل ال�سنة واملذاهب ال�شيعية معلومة� .سمى الإمام �أحمد بن حنبل ه��ذه اخل�لاف��ات املذهبية �سعة للم�سلمني ،ولكن هنالك اخ�ت�لاف��ان هما م�صدر ال�ت��وت��ر احل ��اد :الأول :اختالف حول �أح��داث التاريخ ،وهي �أح��داث تتعلق ب�أمة خلت وال �سبيل حل�سمها بالإقناع وال بالقوة .وال�ث��اين :اختالف حول والية الأمر ..هذان اخلالفان ال �سبيل حل�سمهما، واحلكمة تتطلب �إرجاء �أمرهما كما قال تعالى�} :إِ َلى هَّ ِ الل َم ْرجِ ُع ُك ْم َج ِمي ًعا َف ُي َن ِّب ُئكُم بمِ َ ا ُكن ُت ْم ِفي ِه َتخْ َت ِلفُونَ{ . ولكن عملياً ال�ظ��روف املختلف عليها ح��ول اخلالفة والإم��ام��ة اختفت ،ف��أه��ل ال�سنة ل��ن يتفقوا على خالفة واحدة جتمع بينهم ،والإمام ال�شيعي �سوف يظل غائباً. وعملياً ف ��إن ال�شعوب الإ�سالمية تتطلع لنظم حكم جديدة تقوم على امل�شاركة ،وامل�ساءلة ،وال�شفافية ،و�سيادة حكم القانون ،نظم تطبق على دول وطنية. نعم ل�شرعية الدولة الوطنية ،ونعم لنظام حكم يقوم على امل�شاركة وامل�ساءلة وال�شفافية و�سيادة حكم القانون. وب��دل خالفة واح��دة مل ت�شهدها الأم��ة �إال يف %10من تاريخها ،ميكن يف الإط��ار العربي ويف الإط��ار الإ�سالمي
اجلامع �أن تقوم بني الدول الوطنية عالقات على �أ�سا�س التعاهد .لكن جت��اوز ال�شرخ ال�سني ال�شيعي ال��ذي نكب الأمة منذ الفتنة الكربى يتطلب االلتزام باملبادئ ال�ستة الآتية: االع �ت�راف امل�ت�ب��ادل �أن �ن��ا �أه ��ل قبلة واح� ��دة ،وعقيدة واح��دة؛ تقوم على التوحيد ،والنبوة ،ومكارم الأخ�لاق، وامل �ع ��اد ،والأرك� � ��ان اخل�م���س��ة ،وم ��ا ع ��دا ذل ��ك اخ�ت�لاف��ات مذهبية ندركها وال نرتب عليها خ�صومة �أو تكفري. �أهل ال�سنة يلتزمون مبكانة �آل النبي حممد �صلى اهلل عليه و�سلم كما هو د�أبهم يف حتيات ال�صالة وميحون �آثار لغة الرواف�ض. ال�شيعة يلتزمون مبكانة �صحابة النبي حممد �صلى اهلل عليه و�سلم �أبوبكر ،وعمر ،وعثمان ،وال�سيدة عائ�شة ر�ضى اهلل عنهم وميحون لغة النوا�صب. يحرتم ال�شيعة املجموعات ال�سنية يف �أو�ساط �أغلبيتهم بكامل حقوقهم الإميانية والإن�سانية واملواطنة. يحرتم �أه��ل ال�سنة املجموعات ال�شيعية يف �أو��س��اط �أغلبيتهم بكامل حقوقهم الإميانية والإن�سانية واملواطنة. االع�ت��راف امل �ت �ب��ادل مب��ذاه��ب �أه ��ل ال���س�ن��ة وم��ذه�ب��ي ال�شيعة باعتبارها اج�ت�ه��ادات ب�شرية ،ب�لا تع�صب وبال تكفري ،وبال قفل لباب االجتهاد ،فال قد�سية �إال للقطعيات وروداً وداللة. العامل ال�ساد�س :العالقة بالآخر :املدخل ال�صحيح للعالقة ب��الآخ��ر الديني ،وال�ث�ق��ايف ،وال�ق��وم��ي ،وال��دويل هو ت�أ�صيل عقيدة اجلهاد .اجلهاد مبد�أ عظيم ،وهو بذل اجلهد العالء كلمة اهلل ،ويبد�أ بجهاد النف�س ،وي�شمل كل الو�سائل املدنية �أو ما ي�سمى القوى الناعمة ،وال ي�صري قتا ًال �إال يف حالتي الدفاع عن النف�س وعن حرية العقيدة، كما قال تعالى�} :أُ ِذ َن ِل َّل ِذينَ ُيقَا َت ُلو َن ِب�أَ َّن ُه ْم ُظ ِل ُموا َو�إِ َّن هَّ َ الل َعلَى ن َْ�صر ِِه ْم َلق َِدي ٌر{ وقوله�} :أَلاَ ُتقَا ِت ُلو َن َق ْو ًما َّن َك ُثوا �أَيمْ َ ا َن ُه ْم َو َه ُّموا ِب�إِخْ َرا ِج ال َّر ُ�س ِ ول َو ُهم َب َد ُءو ُك ْم �أَ َّو َل َم � َّر ٍة{ .وحتى يف ظ��روف القتال الدفاعي امل�شروع ف�إنه يلتزم ب�ضوابط حمددة ت�ستثنى املدنيني ،وتكفل حقوقاً للأ�سرى واجلرحى. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
11
12
علة القتال يف الإ�سالم لي�ست اختالف امللة وال املذهب بل العدوان. العالقة ب��الآخ��ر امللي :الإ��س�لام �أك�ثر امللل ا�ستعداداً للتعاي�ش مع التعدد الديني من ب��اب } َل� ُك� ْم ِدي ُن ُك ْم وَليِ َ ِدي ��نِ { .والأك�ث�ر ا�ستعداداً للت�آخي م��ع �أه��ل الكتاب قال اهلل تعالىُ } :ق ْل �آ َمنَّا ب هَّ ِ ِالل َو َما �أُن ِز َل َعلَ ْينَا َو َما �أُن ِز َل َعلَى الَ ْ�س َب ِ اط َو َما �أُو ِت َي ُوب َو ْ أ �إِ ْب َر ِاهي َم َو�إ ِْ�س َم ِاعي َل َو�إ ِْ�س َحا َق َو َي ْعق َ ي�سى َوال َّن ِب ُّيو َن ِمن َّر ِّب ِه ْم لاَ ُن َف ِّرقُ َبينْ َ �أَ َح ٍد ِّم ْن ُه ْم و�سى َو ِع َ ُم َ َون َْحنُ َل ُه ُم ْ�س ِل ُمونَ{ .والإ�سالم يلزم امل�سلمني مببد�أ }لاَ �إِ ْك� َرا َه فيِ ال ِّدينِ { .والتعامل على �أ�سا�س}:ا ْد ُع ِ�إ َلى َ�سب ِ ِيل َر ِّب َك ِبالحْ ِ ْك َم ِة َوالمْ َ ْو ِع َظ ِة الحْ َ َ�س َن ِة{. ال�ع�لاق��ة ب��الآخ��ر ال�ث�ق��ايف وال�ق��وم��ي :ال�ت�ن��وع الثقايف واالثني وبالتايل القومي من �سنن احلياة .قال تعالى: ال ْر ِ�ض َواخْ ِتلاَ ُف �أَ ْل ِ�س َن ِت ُك ْم } َو ِمنْ �آ َيا ِت ِه خَ لْقُ ال�سَّ َما َو ِات َو َْ أ َو�أَ ْل َوا ِن ُك ْم �إِ َّن فيِ َذ ِل َك َ آل َي ٍات ِّل ْل َعالمِ ِنيَ{. العالقة باالخر ال��دويل :تاريخياً قامت على �أ�سا�س دار ��س�لام ودار ح��رب ،ول�ك��ن �أ��س��ا���س ال�ع�لاق��ات الدولية احلديث هو التعاهد على ال�سالم والتعاون الدويل ،وهذا ينطلق من م�شروعية �إ�سالمية .قال تعالى} :لاَّ َي ْن َها ُك ُم هَّ ُ الل َعنِ ا َّل ِذينَ لمَ ْ ُيقَا ِت ُلو ُك ْم فيِ ال ِّدينِ َولمَ ْ ُيخْ ر ُِجو ُكم ِّمن وه ْم َو ُتق ِْ�س ُطوا �إِ َل ْي ِه ْم{ .7ولكن ما ال يجوز ِد َيا ِر ُك ْم �أَن َتبرَ ُّ ُ �أبداً �إقامة العالقة مع الآخر الدويل على �أ�سا�س التبعية. ينبغي �أن تراجع العالقات مع الآخر الدويل مبا يحقق �أق�صى درجات التعاون يف جمال التنمية ،وب�سط العدل، ودع��م حقوق االن�سان ،وف�ض النزاعات �سلمياً ،وت�سكني التكنولوجيا احلديثة يف بلداننا. يكون التعامل مع العامل متعدد القطبية على �أ�سا�س خدمة تلك الأجندة. لقد �صار للم�سلمني وجود كبري يف كثري من البلدان كمجموعات تعي�ش م��ع �أغ�ل�ب�ي��ات �أخ� ��رى .ينبغي �إب ��رام م�ع��اه��دات معها على �أ��س��ا���س االح�ت�رام ال�ث�ق��ايف املتبادل وحرية العقيدة وكفالة احلقوق املدنية للكافة. الدولة الوطنية هي وحدة العالقات الدولية� ،إنها تنظيم �صالح ل�ل��إدارة والتنمية وت�ق��دمي اخل��دم��ات االجتماعية وحفظ الأمن .وجدير بنا اعتماد الوطنية �أ�سا�ساً لتحقيق
ذلك مع جتنب الع�صبية ف�إن احلنني للوطن واحلر�ص على عدم الطرد منه من وجوه الوالء احلميدة. �إن ل�ل�ان �ت �م��اء ال �ق��وم��ي ك ��ذل ��ك دواف � �ع ��ه ال�ث�ق��اف�ي��ة واالقت�صادية واالجتماعية ما يوجب يف �إط��ار منطقتنا االع�تراف باالنتماء القومي العربي ،على �أال يكون على ح�ساب قوميات �أخرى ذات انتماءات قومية. ال��واق��ع املعا�صر ي��وج��ب وج��ود �أرب ��ع حلقات انتماء: الوطنية ،وال�ق��وم�ي��ة ،والإ��س�لام�ي��ة ،وال��دول�ي��ة .ه��ذا مع جتنب الع�صبيات يف كل حلقة ،ما ي�سمح بحلقة عربية تتجاوز اجلامعة العربية التي �أثبتت التجربة ف�شلها، وحلقة �إ�سالمية تتجاوز ال�صيغة احلالية ل�ضعفها لإقامة تعاهد دول �إ�سالمية. ال تناق�ض ب�ين ال��وط�ن�ي��ة ،وال�ق��وم�ي��ة ،والإ��س�لام�ي��ة، والدولية بل تكامل توجبه هند�سة التعامل يف الع�صر احلديث ،وتتوافر فيه فر�ص التوافق بني الواجب الذي تقت�ضيه مبادئ الإ�سالم والواقع املعا�صر. ال �ع��ام��ل ال �� �س��اب��ع :ف�ل���س�ط�ين :خ �ط��ة ال��دول �ت�ي�ن قد جتاوزها الزمن، ،لذلك علينا دعم الوجود الفل�سطيني يف �أر�ض فل�سطني التاريخية من النهر �إلى البحر ،والعمل على عودة الالجئني لديارهم ،على �أن تكون دولة واحدة تتوافر فيها حقوق املواطنة الكاملة ،دول��ة ذات قومية مركبة وحقوق مواطنة مت�ساوية حتكم دميقراطياً. هذا النهج هو الثورة الناعمة البديلة للقفز الثوري نحو امل�ستقبل� ،أو القفز ال�ث��وري نحو املا�ضي؛ �إن��ه خَ �ْي رْ ُ الأ ُمو ِر �أ َو ِا�س ُط َها ،ولكن لنجاحه يتطلب ثالثة �أمور هي: �إرادة ق��وي��ة لتحقيقه ،جت��اوب والة الأم ��ر ،وم�ن��اخ دويل �صحي. وحتى �إذا مل تتوافر ه��ذه الأم��ور الثالثة الآن ف�إننا ن�ستطيع بلورة �صحيفة جناة الأمة ،ومببادرة من منتدى الو�سطية ت�ك��وي��ن هيئة ح�ك�م��اء تبا�شر ال��دع��وة للفجر اجلديد ،وت�سعى جلعل حالة االحت�ضار الذي تعاين منه الأمة حالة خما�ض لفجر جديد} .ال ُي َغيرِّ ُ َما ِب َق ْو ٍم َحتَّى ُي َغيرِّ ُ وا َما ِب�أَ ْنف ُِ�س ِه ْم{.
دراسات
الوسطية وحرية أ .د.محمد حبش االجتهاد بذل اجلهد يف �سبيل الو�صول �إلى احلقيقة، وم��ا ن�ق���ص��ده ه�ن��ا ه��و ذل��ك امل�ن�ه��ج ال��و��س�ط��ي يف الفقه الإ�سالمي الذي وفر جلمهور العلماء فر�صة االجتهاد و�إب� ��داء ال ��ر�أي واالخ �ت�لاف امل�ح�م��ود حتى وج��د النا�س بالفعل قدراً وافياً من احلرية الفكرية الواعية. وح�ي�ن ن�ت�ح��دث ع��ن ال��و��س�ط�ي��ة فنحن نق�صد ذل��ك اخلطاب الإ�سالمي الأ�صيل ال��ذي ع��زز ثقافة الوحدة الإ� �س�لام �ي��ة واالع� �ت ��دال وال �ت��و� �س��ط ،و�إع � ��ذار امل�خ��ال��ف والقبول بالر�أي وال��ر�أي الآخر واجتناب املواقف احلادة ال�غ��ا��ض�ب��ة ال �ت��ي مت ��زق وح ��دة الأم � ��ة ،ول���س��ت راغ �ب �اً يف ا�ستغراق البحث يف �شرح امل�صطلح وحت��دي��ده كما �أنني معني �أن تبقى الو�سطية ب�ستاناً مفتوحاً لكل �أب�ن��اء ال �إله �إال اهلل ،ول�ست من �أن�صار �إلقاء القيود واحلدود على الو�سطية �إذن لفقدت معناها مظلة جامعة للأمة تتبنى خطاب اهلل عز وجل :وال تقولوا ملن �ألقى عليكم ال�سالم ل�ست م�ؤمناً. لقد تركنا النبي �صلى اهلل عليه و�سلم على املحجة البي�ضاء ليلها كنهارها ال يزيغ عنها �إال هالك ،وب�إمكاننا �أن نالحظ �أن الأمة انطلقت كذلك حتت راية الرا�شدين على الرغم من وجود االختالف بني ال�صحابة ولكن ذلك االختالف مل يكن لي�صرف الأمة عن وحدتها وجماعتها، وظهر ال��ر�أي وال��ر�أي الآخ��ر ،وانت�صر كل �أ�صحاب ر�أي لر�أيهم مبختلف الو�سائل ولكن ظل املختلفون ي�ستظلون بروح الإ�سالم اجلامعة ،ويف موقف ذي داللة قال بع�ض �أ�صحاب علي خالل حرب اجلمل �أال تدعو عليهم فقال: ال� ..إن الذي بيننا مل يبلغ ديننا.
االجتهاد في اإلسالم ل�ق��د ك��ان��ت الأم� ��ة الإٍ� �س�لام �ي��ة �أم ��ة م��وح��دة وح�ين ظهر �أهل الأه��واء و�أعلنوا عن م�شاريعهم يف االنف�صال من الأم��ة وت�شكيل كياناتهم اخلا�صة ،وظهرت الفرق املختلفة من خ��وارج وجربية وقدرية وراف�ضة ونا�صبة ظل امل�سلمون �ضمن دائرة الوحدة واجلماعة ،وه�ؤالء هم من ن�سميهم ال�سواد الأعظم للأمة ،الذين ال يريدون ا�سماً �آخ��ر �إال الإ��س�لام وه��م يف ال��واق��ع التيار الو�سطي الذي نتحدث عنه. وباخت�صار فالو�سطية هي االعتدال ،والو�سطيون هم �سواد الأمة الأعظم. ان�سحاب الفرق املبتدعة من ب�ستان اجلماعة خالل التاريخ وعند انف�صال ه��ذه الفرق بقي ال�سواد الأعظم من الأمة ال يبتغي �إال ا�سماً واح��داً �سماه به القر�آن الكرمي ه��و �سماكم امل�سلمني م��ن قبل ويف ه��ذا ليكون الر�سول عليكم �شهيداً وتكونوا �شهداء على النا�س ،وكانت الأمة ت�ستكمل وحدتها وجماعتها ،وتظل �سائر �أبنائها بروح اجلماعة حتت عنوان ال�سواد الأعظم. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
13
14
وت�سمية �أهل اجلماعة با�سم ال�سواد الأعظم هو خيار نبوي حكيم �أعلنه ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم كما يف حديث حذيفة بن اليمان ال�شهري: ع��ن �أب ��ي �إدري ����س اخل��والن��ى ق��ال �سمعت ح��ذي�ف��ة بن اليمان يقول :كان النا�س ي�س�ألون ر�سول اهلل �-صلى اهلل عليه و�سلم -عن اخلري وكنت �أ�س�أله عن ال�شر خمافة �أن يدركنى فقلت :ي��ا ر��س��ول اهلل �إن��ا كنا ف��ى جاهلية و�شر فجاءنا اهلل بهذا اخلري فهل بعد هذا اخلري �شر؟ قال «: نعم » .فقلت :هل بعد ذلك ال�شر من خري ؟ قال «:نعم وفيه دخن » .قلت :وما دخنه؟ قال «:قوم ي�ستنون بغري �سنتى ويهدون بغري هديى تعرف منهم وتنكر » .فقلت : هل بعد ذلك اخلري من �شر؟ قال «:نعم دعاة على �أبواب جهنم من �أجابهم �إليها قذفوه فيها » .فقلت :يا ر�سول اهلل �صفهم ل�ن��ا .ق��ال «:نعم ه��م م��ن جلدتنا يتكلمون ب�أل�سنتنا » .قلت :يا ر�سول اهلل فما ت�أمرنى �إن �أدركنى ذلك؟ قال «:تلزم جماعة امل�سلمني و�إمامهم » .قلت :ف�إن مل يكن لهم جماعة وال �إمام؟ قال «:فاعتزل تلك الفرق كلها ول��و �أن تع�ض على �أ�صل �شجرة حتى يدركك املوت
و�أنت على ذلك »(((. وع��ن �أن����س ب��ن م��ال��ك ق��ال ق��ال ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �إن �أمتي لن جتتمع على �ضاللة ف��إذا ر�أيتم االختالف فعليكم بال�سواد الأعظم((( وه��ذه ال ��روح اجلماعية ال�ت��ي تتعزز يف الإ� �س�لام هي يف ال��واق��ع التي طبعت ت��اري��خ الأم��ة الإ�سالمية ووف��رت ل�ل�ن��ا���س ف��ر� �ص��ة االخ� �ت�ل�اف يف ال � ��ر�أي ��ض�م��ن اجل�م��اع��ة الواحدة ،ومنذ ذلك الوقت اكت�شف امل�سلمون يف وعيهم احل�ضاري تلك ال�شعارات الدميقراطية احل�ضارية التي ترفعها النخب املثقفة يف الع�صر احل��دي��ث ع��ن ال��ر�أي وال��ر�أي الآخ��ر و�أك�ثر من ر�أي واختالف ال��ر�أي ال يف�سد للود ق�ضية وب��وارق احلقائق ت�أتي من م�صادمة الأفكار، وروينا عن ال�سلف ال�صالح عبارات من ذهب كانت تعك�س ) 1رواه البخاري يف ال�صحيح ج �3ص 1319كما رواه م�سلم عن حممد بن املثنى ج � 6ص20 ) 2رواه ابن ماجه عن �أن�س ج � 4ص 83
موقفهم احل�ضاري يف فهم طبيعة االختالف ومتى يكون االختالف رحمة ومتى يكون نقمة وب�لاء ،و�أعلن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم القاعدة الذهبية يف �أدب االختالف للمجتهد �إن �أ�صاب �أجران اثنان و�إن �أخط�أ فله �أجر واحد، واع�ت��اد ال�سلف �أن يقولوا :ر�أي��ي ��ص��واب يحتمل اخلط�أ ور�أي غريي خط�أ يحتمل ال�صواب ،و�إن �أقول �إال اجتهادي ور�أي��ي ف ��إن يكن �صوابا فمن اهلل و�إن يكن خط�أ فمني، وحني كان ي�س�أل �أحدهم عن موقفه يف امل�سالة �أهو احلق الذي ال ريب فيه؟ كان يقول وما يدريك!! لعله الباطل ال��ذي ال حق فيه ،و�إمن��ا نحن جمتهدون ولكل ق��وم جد وعلى اهلل ق�صد ال�سبيل. وحني ظهرت املذاهب الفقهية بادر �أ�صحاب االجتاه ال�ظ��اه��ري املت�شدد �إل��ى �إن �ك��ار ه��ذه ال�ظ��اه��رة باعتبارها ت�شظياً للإ�سالم ،ورفعوا يف وجه الفقه الإ�سالمي عبارات حادة مثل قولهم :احلق ال يتعدد ،وال حكم �إال هلل ،ومن �أح�سن من اهلل حكماً لقوم ي�ؤمنون ،وال تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات� ،إلى غري ذل��ك م��ن ن�صو�ص يف ال�ك�ت��اب ال�ع��زي��ز وال���س�ن��ة امل�شرفة التي وردت يف اخل�لاف امل��ذم��وم ال��ذي ي�ضيق فيه �صدر املتخالفني ويتبادلون االتهام بالتكفري والزندقة ومن ثم ال�شقاق والكراهية واحل��روب وهو بكل ت�أكيد �أمر منبوذ مرفو�ض ال ي�شبه يف �شيء ما ق�صده الفقهاء الكرام من �إعمال الر�أي والعقل يف ا�ستنباط احلكم ال�شرعي للم�سائل امل�ستجده وما يفر�ضه تغري الأزمان من تغري الأحكام. وبعد �صدام �ضار بني االجتاه الظاهري وبني الفقهاء بدا �أن الأمر ح�سم ل�صالح الفقه الإ�سالمي و�أدرك العقالء �أن اختالف النا�س يف الت�أويل والتف�سري �أمر عادي وكتب �سائر علماء �أ� �ص��ول الفقه يف كتبهم �أب��واب �اً خا�صة عن �أ�سباب اختالف الفقهاء وع��ن حكمة اختالف الفقهاء، وا�سمحوا يل هنا �أن �أروي لكم طرفاً من منظومة املعتمد يف �أ�صول الفقه التي وفقني اهلل تعالى لنظمها يف �ألف بيت من ال�شعر ل�شرح �أ�صول الفقه الإ�سالمي. �أ�سباب اختالف الفقهاء ِح ْد عنْ كال ِم ٍ حاقد مغرورِ واف َه ْم من اختال ِف ِه ْم حتريري َ ف��اخل �ل� ُ�ف يف ال� َّت���ش��ري� ِع �أ ْم� � � ٌر ع ��ادي كالنقــــــ ِد والقانـــــــــونِ والأع � ��دا ِد واخل �ل� ُ�ف بي َنهم ع�ل��ى ال �ف��رو ِع م��ع ال��وف��اق يف �سوى ال�ف��روع وخلفهم منحنا املرونـــــــة ومدنـــــــــا ب�ثروة ثمينــــــــــة وخ�ل� ُف�ه��م ع�ل��ى ال �ف��رو ِع ت��و��ِ�س� َع� ْة َل � ْو �أَ َّن �ه��م م��ا اخ�ت�ل�ف��وا المتنعا ع�صبــــــــــاً �أو لل َهوى �أو ي�شتهو َن ال ُّر َت َبـــــــا ومل يكن خال ُفهم َت ُّ وانح�صر اخل�لاف يف املظنونِ كخبـــــــــ ِر الآحـــــــاد ال اليقيني فالوحي واحل��دي� ُ�ث فيه ُم َق ْد ومطلقاً مل يج ِر عه َد امل�صطفى ُ كفى و ُربمَّ ا حك َم يف ر�أ َي ْيــــــــــــنِ خمتلفنيِ ...ج َّو َز ال َو ْجهيــــــــــــنِ ((( ) 1نظم املعتمد يف �أ�صول الفقه ،نظم حممد حب�ش ط دار �أفنان – دم�شق 2002
وق��د ج��رى ه��ذا الأم��ر من الت�سامح و�إع��ذار املخالف يف تاريخ املعرفة يف الإ�سالم ،وال حتتاج لأدنى تردد حني تطالع ما كتبه �أئمة التف�سري واحل��دي��ث والفقه خالل ال�ت��اري��خ الإ��س�لام��ي لتجد �أن م��ا كتبوه ك��ان دوم �اً ي�ؤكد احلقيقة �إي��اه��ا وه��ي حق الأم��ة يف االخ�ت�لاف وال��ر�أي يف دائ��رة من االحت��رام واملحبة ،واع�ت��اد الفقه ال�شافعي �أن يقول ال��ر�أي عندنا ك��ذا وعند ال�سادة احلنفية بخالفه، واعتاد الفقيه املالكي ان يقول ال��ر�أي عندنا ك��ذا وعند ال �� �س��ادة احل�ن��اب�ل��ة ب �خ�لاف��ه((( يف ��س�ي��اق م��ن االح�ت�رام والتقدير ،وكان باحلري �أن تكون هذه هي لغة اخلالف اليوم بحيث يقول الفقيه ال�سلفي الر�أي عندنا كذا وعند ال�سادة ال�صوفية بخالفه ،و�أن يقول ال�صويف الر�أي عندنا كذا وعند ال�سادة ال�سلفية بخالفه و�أن يقول الفقيه ال�سني ال��ر�أي عندنا وعند ال�سادة اجلعفرية بخالفه و�أن يقول اجلعفرية الر�أي عندنا كذا وعند ال�سادة ال�سنة بخالفه، ولعلكم تدركون معي �أن �صورة اخلطاب ال�سائدة اليوم هي �أبعد ما تكون عن هذا الواقع ،و�إن متابعة يوم واحد للف�ضائيات املتخ�ص�صة بالفتنة و�شق الوحدة الإ�سالمية تكفي الكت�شاف الواقع املخجل الذي انتهت �إليه الأمة من ال�شقاق والأحقاد ،ب�أ�سهم بينهم �شديد حت�سبهم جميعاً وقلوبهم �شتى. لقد �أجريت عدداً من الإح�صائيات مب�ساعدة الكمبيوتر للوقوف على حجم احلرية الفكرية و�إعذار املخالف التي كانت �سائدة يف الع�صر الذهبي للفقه الإ�سالمي يوم كانت الأمة تدرك �أن اهلل هو من �شاء �أن يكون يف م�سائل الفقه واالع�ت�ق��اد ه��ذه ال�سعة م��ن االخ�ت�لاف وال ��ر�أي املحمود، و�س�أبداً هنا من علم ال�ق��راءات القر�آنية التي هي حمل اتفاق بني �أبناء الأمة الإ�سالمية. من املعروف �أن اهلل �أن��زل ال�ق��ر�آن الكرمي على �سبعة �أحرف وقد جرت العادة �أن نتلقى علوم القراءات القر�آنية عن ال�سادة احلفاظ دون �أن نت�أمل يف معنى نزول القر�آن على �سبعة �أحرف. لقد ك��ان ه��ذا املعنى غائباً ع��ن النا�س حتى �أو�ضحه لهم ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم و�أخرج البخاري يف ال�صحيح عن ه�شام بن حكيم �أن عمر بن اخلطاب قال: �سمعت يقر�أ �سورة الفرقان يف حياة ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و �سلم فا�ستمعت لقراءته ف�إذا هو يقر�أ على حروف كثرية مل يقرئنيها ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و �سلم فكدت �أ�ساوره يف ال�صالة فت�صربت حتى �سلم فلببته بردائه فقلت ) 2ينظر على �سبيل املثال :الفتاوى الكربى على مذهب �أبي حنيفة ج � 3ص 419وحتفة املحتاج �شرح املنهاج ج � 3ص 433 وحوا�شي ال�شرواين ج � 1ص 329وحا�شية البجريمي على اخلطيب ج � 6ص 490ونهاية الزين ج � 1ص 298 ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
15
16
من �أقر�أك هذه ال�سورة التي �سمعتك تقر�أ ؟ قال �أقر�أنيها ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و �سلم فقلت كذبت ف�إن ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و �سلم قد �أقر�أنيها على غري ما قر�أت فانطلقت به �أقوده �إلى ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و �سلم فقلت �إين �سمعت هذا يقر�أ ب�سورة الفرقان على حروف مل تقرئنيها فقال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و �سلم ( �أر�سله اقر�أ يا ه�شام) .فقر�أ عليه القراءة التي �سمعته يقر�أ فقال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و �سلم ( كذلك �أنزلت) .ثم قال ( اقر�أ يا عمر ) .فقر�أت القراءة التي �أقر�أين فقال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و �سلم ( كذلك �أنزلت �إن هذا القر�آن �أنزل على �سبعة �أحرف فاقر�ؤوا ما تي�سر منه )((( ثم قال لهم كلمة من ذهب� :إقر�ؤوا القر�آن ما ائتلفت عليه قلوبكم ف�إذا اختلفتم فيه فقوموا!!((( وع��ن �أب��ي جهيم الأن���ص��اري� :إن رجلني من �أ�صحاب ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم متاريا يف �آية من القر�آن, كالهما يزعم �أن��ه تلقاها من ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ,وكالهما ذكر لر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �آية �سمعها منه فقال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم: �إن هذا القر�آن �أن��زل على �سبعة �أح��رف فال مت��اروا يف القر�آن ف�إن مراء يف القر�آن كفر(((. وعن �أبي هريرة � ،أن ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم قال : �إن ه��ذا ال�ق��ر�آن �أن��زل على �سبعة �أح��رف ف��اق��ر�ؤوا وال ح��رج ولكن ال تختموا ذك��ر رحمة بعذاب وال ذك��ر عذاب برحمة و َعنْ �أبي بن كعب � ,أَ َّن ال َّنب َِّي � -صلى اهلل عليه و�سلم ك��ان َع� ْن��ده �أ��ض��اة بني غفار ف��أت��اه جربيل ,فقال � :إناهلل ي�أمرك �أن تقر�أ �أمتك القر�آن على حرف َ ,قا َل � :أ�س�أل اهلل معافاته ومغفرته ,و�إن �أمتي ال تطيق ذلك ثم �أتاه الثانية ,فقال � :إن اهلل ي�أمرك �أن تقر�أ �أمتك القر�آن على حرفني َ ,قا َل� :أ�س�أل اهلل معافاته ومغفرته ,و�إن �أمتي ال تطيق ذلك ثم �أتاه الثالثة ,فقال� :إن اهلل ي�أمرك �أن تقر�أ �أمتك القر�آن على ثالثة �أحرفَ ,قا َل� :أ�س�أل اهلل معافاته ومغفرته ,ف�إن �أمتي ال تطيق ذلك .ثم جاءه الرابعة ,فقال �إن اهلل ي�أمرك �أن تقر�أ �أمتك القر�آن على �سبعة �أحرف , ف�أميا حرف قر�ؤوا عليه ,فقد �أ�صابوا.
�إن��ه �إذن �صريح م��ن �صاحب الر�سالة �صلى اهلل عليه و�سلم بالقراءة ب�أكرث من وجه و�إعذار املخالف فيما يقر�أ على الرغم من �أنها م�س�ألة يف التنزيل ولي�ست يف الت�أويل!! وحني تطالع كتب ال�ق��راءات القر�آنية ف�إنه يده�شك الت�سامح الكبري بني القراء يف �إع��ذار املخالف يف قراءته وب�إمكانك �أن تطالع معي هذا الإح�صاء الرقمي الدقيق للكلمات التي وردفيها اخلالف يف القر�آن الكرمي: عدد الكلمات التي اختلف فيها القراء الأئمة يف فر�ش القر�آن الكرمي ،علماً �أن العدد الإجمايل لكلمات القر�آن الكرمي يبلغ 74950كلمة. وه�ك��ذا ف ��إن ع��دد الكلمات ال�ت��ي اختلف فيها ال�ق��راء فر�شاُ يف القر�آن الكرمي هي 1184كلمة من �أ�صل كلمات القر�آن الكرمي البالغ عددها 74950كلمة(((. ه ��ذا يف �إط� ��ار اخل�ل�اف ال�ف��ر��ش��ي وه ��و ه�ن��ا اخل�ل�اف يف �أ��ص��ل الكلمة يف بنيتها وح��روف�ه��ا ولي�س يف تالوتها واملق�صود بالفر�شيات ه��و اخل�لاف ال��ذي ال يتنزل على مثال وال ت�ضبطه قاعدة ومن الأمثلة على ذلك: مالك ي��وم ال��دي��ن ق��ر�أه��ا عا�صم والك�سائي (مالك) فيما قر�أها اخلم�سة الباقون (ملك) يوم الدين قر�أ عا�صم وما هو على الغيب (ب�ضنني) وقر�أ الباقون وما هو على الغيب (بظنينن) ق ��ر�أ ع��ا��ص��م وال ت�ق��رب��وه��ن ح�ت��ى (ي� ْ�ط �ه��رن) وق��رئ��ت بالتواتر وال تقربوهن حتى َّ (يطهرن) وق� ��ر�أ ع��ا��ص��م :ول �ك��ن ر� �س��ول اهلل (وخ � � َمَ �ات) النبيني وقر�أها الباقون (وخاتمِ ) النبيني وق��ر�أ عا�صم �إن ج��اءك��م فا�سق بنب�أ (فتبينوا) وق��ر�أ الباقون (فتثبتوا) وال �شك �أنه ينبني على ذلك اختالف الأحكام الفقهية النا�شئة م��ن ه��ذه ال �ق��راءات وه��ي كما �أح�صيتها اثنني وت�سعني حكماً �شرعياً ين�ش�أ من اختالف القراء. لقد وق��ع اخل�لاف يف فر�ش ال�ق��ر�آن الكرمي يف 1184 مو�ضعاً ومل ن�سمع �أن حف�صاً كفر ور�شاً� ،أو �أن قالون �أفتى بقتال �أب��ي عمرو� ،أو �أن اب��ن عامر حكم بكفر الك�سائي، على �أ�سا�س �أن ذلك خالف يف التنزيل والعقيدة ت�ستحل به الدماء ،بل ظل القراء يروون هذه القراءات على �أعلى درج من الت�سامح و�إع��ذار املخالف وات�ساع ال�صدر ،بل �إن �أئمة القراء ال زالوا يت�صدرون للنا�س يعلمونهم القراءات جميعاً بال نكري من �أحد على �أحد.
� ) 3أخ��رج��ه الإم ��ام �أح�م��د ج ��� 4ص 169وق��ال الهيثمي رجاله رجال ال�صحيح ،كما �أخرجه �أي�ضاً ابن �أبي �شيبة ج� 6ص142
) 4ينظر كتاب ال�شامل يف ال �ق��راءات امل�ت��وات��رة ت�أليف حممد حب�ش �ص 29
� ) 1صحيح البخاري ج� 4ص 1909باب �أنزل القر�آن على �سبعة �أحرف ،واحلديث مروي يف الكتب ال�ستة م�سلم والرتمذي و�أبو داود والن�سائي واملوط�أ. � ) 2صحيح ال �ب �خ��اري ج ��� 4ص 1929واحل��دي��ث رواه م�سلم والن�سائي و�أحمد بن حنبل عن جندب بن جنادة
وه��ذا ال��ذي �أ��ش��رن��ا �إل�ي��ه ه��و خالفهم يف ال�ف��ر���ش �أم��ا خالفهم يف الأ�صول فهو �أكرب بكثري واملق�صود بالأ�صول عند القراء :االختالف يف لهجة القراءة ،و�إمنا �سمي ذلك ب��الأ��ص��ول لأن��ه ي�ضبطه �أ��ص��ل واح��د ،وه��و اختالفهم يف املد والغنة وحتقيق الهمزات وت�سهيلها وترقيق ال��راءات وتفخيمها وم��د امليمات و�إ�سكانها وغ�ير ذل��ك وهنا ف��إن االختالف يف هذا املعنى يبلغ تقريباً ثلث الكلمات القر�آنية، وميكنك القول بدون نكري �أن �أكرث من ع�شرين �ألف كلمة يف القر�آن الكرمي تقر�أ لدى القراء ب�أكرث من وجه! خالف القراء الأئمة الكرام يف لهجة القراءة بكلمات القر�آن الكرمي كل ذل��ك يجري خ�لال ال�ق��رون اخلريية الأول��ى وما بعدها ب��دون نكري ،وتت�سع �صدور امل�سلمني هنا للقراءة وال�ق��راءة الأخ ��رى ،وال��رواي��ة وال��رواي��ة الأخ��رى وال��ر�أي والر�أي الآخر ،و�أعلم النا�س �أعلمهم بخالف النا�س. ومل يقف الأمر عند حد القراءات ال�سبع وهي قراءة نافع امل��دين واب��ن كثري املكي و�أب��ي عمرو الب�صري وابن عامر ال�شامي وعا�صم وحمزة والك�سائي الكوفيني ،بل �أ�ضاف ابن اجل��زري ال�ق��راءات الثالث تتمة الع�شر وهي ق ��راءات يعقوب احل�ضرمي و�أب ��ي جعفر امل��دين وخلف ال �ب��زار ،ولكل ق��ارئ م��ن ه ��ؤالء الأئ�م��ة راوي ��ان معتربان يختلف كل منهما عن �أخيه يف روايته �أ�صو ًال وفر�شاً ثم تبد�أ الطرق حتى تعد بالع�شرات ولكل طريق خيارات يف الفر�ش والأ�صول تختلف �أو تتفق مع الإم��ام الذي روى عنه كل ق��ارئ ،وقد ظل ذلك كله يتلى وي��روى بال �أدنى نكري. و�أظ� ��ن �أن ك �ث�يراً مم��ن � �ض��اق �أف �ق��ه ف �ج��زم بتحرمي االختالف من الغالة لو اطلع على ذلك ف�إنه �سريف�ض ال �ق��راءات وي��رده��ا على �أ�صحابها حت��ت ع�ن��اوي��ن براقة ت�شبه عنوان ال حكم �إال هلل و�أن احلق ال يتعدد واخلالف يف التنزيل كفر ،وغري ذلك ولكنني �أحمد اهلل �أن الأمة متفقة على اح�ت�رام م��ا �أجن ��زه ال �ق��راء ال �ك��رام يف رواي��ة التنزيل العزيز. وقد تو�سع قوم يف ذلك غاية ال ينبغي �أن نبلغها حتى قال �شيخ املف�سرين من �أهل اللغة الإمام الزخم�شري �إن اختالف القراءات يدور مع اجتهاد الف�صحاء وخيار �أهل اللغة (((،وهو ر�أي ال نتفق معه باملطلق ولكنه على كل حال ر�أي واح��د من �أك�بر �أئمة القراءة والتف�سري خالل التاريخ. فلماذا تعلمنا الت�سامح يف رواي��ة القر�آن الكرمي �إلى هذا احلد الذي ال مزيد عليه ثم عجزنا �أن يعذر بع�ضنا ) 1انظر الربهان للزرك�شي ج� 1ص 338
بع�ضاً يف خالف حول م�سائل من الر�أي مل تكن موجودة �أ� ً صال يف زمن التنزيل الأول؟ ويف التف�سري فقد تتبعت الأئمة اخلم�سة امل�شهورين م��ن املف�سرين وبحثت ع��ن كلمة (اختلف املف�سرون) �أو اختلفوا فكانت يف كتبهم على ال�شكل التايل: • كلمة :اختلف املف�سرون �أو اختلفوا • يف تف�سري القرطبي 363مرة • يف تف�سري ابن كثري 61مرة • يف تف�سري الفخر الرازي 930مرة • يف تف�سري روح املعاين 189مرة • يف تف�سري الطربي 215مرة كلمة اختلف املف�سرون يف كتب التف�سري اخلم�سة الكربى وه��و يعك�س ل��ك ال ��روح املت�ساحمة ال�ت��ي ك��ان يتحلى بها املف�سرون من �إع��ذار املخالف وحكاية ر�أي��ه ومذهبه وال��رد عليه ب��اح�ترام وع�ل��م ،ولعلك تتذكر هنا الهجمة ال�ضارية التي تعر�ض لها الإمام الفخر الرازي حني كان ي��ورد ب�إ�سهاب ر�أي الكرامية حتى اتهمه خ�صومه ب�أنه يورد ال�شبهة نقداً ويورد الرد ن�سيئة� ،إلى غري ذلك من االتهامات التي وجهها بع�ض من ق�صرت معارفهم عن بلوغ معنى التو�سط واالعتدال يف فهم اجتهادات العلماء وال�سعة التي �أرادها اهلل تعالى يف هذه ال�شريعة ويف تف�سري القر�آن الكرمي على وجه اخل�صو�ص. ويف ك�ت��ب ال�ف�ق��ه تتبعت كلمة (اخ�ت�ل��ف ال�ف�ق�ه��اء) يف الكتب الأربعة الكربى يف املذاهب الفقهية وهي املب�سوط لل�سرخ�سي احلنفي واملجموع للنووي ال�شافعي واملنتقى للباجي املالكي واملغني البن قدامة احلنفي وبالفعل فقد �أمكن الوقوف على حجم اخلالف امل��أذون به والذي كان الأئمة يروونه على غاية من االحرتام والتقدير. • املب�سوط �أكرب كتب احلنفية 85مرة • املجموع �أكرب كتب ال�شافعية 335مرة • �شرح املوط�أ للباجي املالكي 75مرة • املغني البن قدامة احلنبلي 81مرة كما تتبعت ما ورد يف هذه الكتب الأربعة من كلمة( :يف امل�س�ألة ق��والن) �أو مذهبان �أو ر�أي��ان فوجدتهم ي�شريون �إلى �آالف امل�سائل وهي كالتايل: • املب�سوط لل�سرخ�سي احلنفي 188مرة • املجموع للنووي ال�شافعي 2050مرة • املنتقى للباجي املالكي 1088مرة • املغني البن قدامة احلنبلي 1042مرة ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
17
18
من امل�ؤكد �أن هذه الأرق��ام حمايدة وهي تتبع منهجاً حا�سوبياً �أ�صم ال مكان فيه للعاطفة ،وب�إمكان كل باحث �أن يقف عليها بجهد مماثل ،كما ميكننا �أن نقف على كثري من هذه الإح�صائيات التي حتمل حقيقة واحدة وهي �أن الأم��ة كانت تعي�ش حالة م��ن االح�ت�رام املتبادل و�إع��ذار املخالف وقبول ال��ر�أي وال��ر�أي الآخ��ر و�أن هذه بال�ضبط هي �صورة املعرفة خالل فرتة الع�صر احل�ضاري الذهبي للإ�سالم. �إن م��ا حققه النبي �صلى اهلل عليه و�سلم م��ن و�ضع املعرفة يف �سياقها ال�صحيح وبناء الوحدة الإ�سالمية على �أ�سا�س من اح�ترام خ�صو�صية النا�س ولي�س على �أ�سا�س فر�ض قولبة �صارمة متنع على النا�س الر�أي واالجتهاد والفكر� ،إن ذلك الإجن��از كله هو الذي مكن النبي �صلى اهلل من �إطالق برامج التنمية والبناء يف جمتمعه الطاهر يف املدينة املنورة وه��و ما مكن من بعده ق��ادة الأم��ة من �إطالق م�شاريع البناء والتنمية يف كل البالد التي �سعدت بالفتح الإ�سالمي. �إن م��ا نتطلع �إل �ي��ه ب���ص��دق و�أم��ان��ة �أن ت�ت�ح��ول تلك الرتبية النبوية العظيمة �إلى �سلوكنا اليومي و�أن يتلقاها �شبابنا املتحم�س وال��ذي ال ي��رى للحق �إال ل��ون�اً واح��داً، وت�سود عنده ع�ب��ارات ظالمية خميفة ال ت�شبه يف �شيء روح الت�سامح الذي قر�أناه يف �صدر تاريخ هذه الأمة مثل: احل��ق ما قلناه وم��ن ق��ال بخالفه فقد كفر وارت��د وحل دمه وماله� ،أو القول ما قلناه ومن قال بخالفه فقد كفر ي�ستتاب و�إال قتل!! ((( �أو قولهم ال يحل خ�لاف يف ه��ذه امل���س��أل��ة وم��ن قال بخالف ذل��ك فقد ارت��د وحل��ق باليهود والن�صارى وهي عبارات ميكنك �أن تتبعها يف كتب املت�شددين بالطريقة �إياها التي ا�ستخرجنا بها من فقه الأئمة روح الت�سامح واملحبة. �إن ه��ذه الق�ضايا ال�ت��ي نناق�شها لي�ست ف���ض��و ًال من القول و�إمنا هي م�س�ألة فا�صلة حا�سمة ،وما مل ت�سد الروح الو�سطية املعتدلة املت�ساحمة يف الأمة ف�إننا لن ن�ستطيع امل�ضي قدماً يف التنمية والبناء وا�ستعادة دورنا احل�ضاري الذي كنا خالل التاريخ نقود فيه الإن�سانية بروح القر�آن الكرمي التي ب�شر بها الر�سول الأعظم :وما �أر�سلناك �إال رحمة للعاملني. ويف نهاية ورقتي ف�إنني �أوج��ز ما �شرحناه من خالل هذه اللوحة املخت�صرة بهدف املقارنة بني ما ذهب �إليه ال�ت�ي��ار ال�ع�ل�م��اين وم��ا ذه��ب �إل �ي��ه ال �غ�ل�اة ،وب �ي��ان منهج الو�سطية يف فهم ال�شريعة احلنيفية ال�سمحة: ) 1ينظر على �سبيل املثال الإحكام البن حزم ج � 1ص 373وج � 3ص 43
�إن الو�سطية امل�أمولة التي نبتغيها هي ثقافة الوحدة واجلماعة ،ثقافة �إع��ذار املخالف ،ثقافة �شرحها اهلل عز وج��ل بقوله :وال تقولوا مل��ن �أل�ق��ى �إليكم ال�سالم ل�ست م�ؤمناً((( ثبت امل�صادر واملراجع مت االع �ت �م��اد يف اجل� � ��داول امل��رف �ق��ة ع �ل��ى م�ق��اب�لات حا�سوبية دقيقة ب��إ��ش��راف مركز ال��درا��س��ات الإ�سالمية بدم�شق �أما امل�صادر الأخرى فهي: • �صحيح ال�ب�خ��اري ط دار اب��ن كثري ب�يروت 1987 تعليق م�صطفى البغا • �صحيح م�سلم ط دار �إحياء الرتاث العربي بريوت حتقيق حممد ف�ؤاد عبد الباقي • �سنن ابن ماجه ط دار الفكر بريوت حتقيق حممد ف�ؤاد عبد الباقي • املعتمد يف �أ�صول الفقه ط دار ندوة العلماء دم�شق 2002 • الفتاوى الكربى على مذهب الإمام �أبي حنيفة ط دار الرتاث العربي 1988 • مغني املحتاج للخطيب ال�شافعي مكتبة ومطبعة م�صطفى البابي احللبي 1958 • حوا�شي ال�شرواين مل نح�صل على ن�سخة مطبوعة واملرجع هو موقع يع�سوب • حا�شية البجريمي على اخلطيب دار �إحياء الرتاث العربي 1984 • نهاية ال��زي��ن ب�شرح ق��رة العني مل جن��د الن�سخة املطبوعة وهو موجود على موقع امل�شكاة الإ�سالمية • م�سند الإمام �أحمد بن حنبل ط م�ؤ�س�سة الر�سالة حتقيق �شعيب الأرنا�ؤوط الطبعة الثانية 1999 • ال�شامل يف القراءات للدكتور حممد حب�ش ط دار الكلم الطيب – دم�شق 1999 • الربهان يف علوم القر�آن للزرك�شي ط دار املعرفة بريوت 1971 • الإحكام يف ا�صول الأحكام البن حزم الظاهري ط دار املعرفة بريوت 1979
� ) 2سورة الن�ساء �آية 94
في حفل ترخيصه
ابو جرة السلطاني يوضح رسالة منتدى الوسطية في الجزائر ب�ي�ن ال��دك �ت��ور �أب ��و ج ��رة ال���س�ل�ط��اين رئ�ي����س منتدى الو�سطية اجلزائري الر�سالة ال�سامية التي ي�سعى املنتدى الى حتقيقها حيث قال: يتع ّر�ض العامل الإ�سالمي ،منذ �أكرث من ع�شريتينْ ، لغارة �شعــواء على قيمه ومبادئه وثوابته و�سيادة �أقطاره وث��روات��ه و�أم �ن��ه االق�ت���ص��ادي واالج�ت�م��اع��ي وا��س�ت�ق��راره ال�سيا�سي .وق��د جن�ح��ت ه��ذه ال �غ��ارة يف تفتيت وح��دت��ه وتعري�ض كثري من �أقطاره �إلى فنت داخل ّية �أف�ضت �إلى ذهاب هيبة ال ّدولة و�سقوط م�ؤ�س�ساتها وتهديد حدودها وتعطيل �آلة االنتاج فيها وتوقيف حركة التنمية وت�شريد جمتمعها الآمن ،وحتويل مواطنيها من �أبناء وطن �إلى الجئني وم�ش ّردين يف �أقطار العامل كله. بعد م ��رور امل��وج��ة الأول� � ��ى ،وم ��ا ت��رك�ت��ه م��ن دم ��ار. ب��د�أت الرتتيبات ملوجة ثان ّية �سوف ت�ستهدف موروثنا احل�ضاري وقيمنا الثقاف ّية ووح��دة �أمتنا ،بالعمل على تفكيك ال ّدولة ،و�ض ْرب الأ�سرة ،وتعطيل دور امل�ؤ�س�سات، ومتييع الن�شاط احل��زب��ي وال�ع�م��ل اجل�م�ع��وي ،وتيئي�س ال���ش�ب��اب م��ن احل��ا� �ض��ر وامل���س�ت�ق�ب��ل .ل�ت�ح�ق�ي��ق ه��دف�ْي.نْ . ـ ه��دف ق��ري��ب وا� �ض��ح :ه��و اال��س�ت�ي�لاء ع�ل��ى ث��روات�ن��ا وم �� �س��خ ه��وي�ت�ن��ا و�إحل��اق �ن��ا ب ��الأم ��م ال �ت��اب �ع��ة اق�ت���ص��ادي��ا و��س�ي��ا��س� ّي��ا لإرادة م��ن ح � ّررن��ا الأ� �س�ل�اف م��ن تبعيتهم. خفي :هو حتويل وجهة العامل الإ�سالمي ـ وهدف بعيد ّ كله تلقاء منظومة عومل ّية م�ص ّرة على �إعادة ر�سم اخلرائط ال�سيا�س ّية لل ّدول وفق منظور جغرايف ا�ستعماري قدمي: �شمال منتج وعامل ثالث م�ستهلك. م ّرت الهجمة الأولى على وطننا ب�سالم .ويف تقييمنا للو�ضع العام ت�أ ّكد لنا �أن اجلهود ال ّر�سم ّية مل تعد كاف ّية وح��ده��ا ل��ر ّد الهجمات املتوال ّية على �أ ّمتنا ب�سبب ث��ورة االت�صال التي فتحت �أمام الب�شر ّية قدرات غري م�سبوقة للتّوا�صل االجتماعي العابر للحدود والقا ّرات والثقافات
والقوانني والتّح�صينات ال ّداخلية .و�صار من واجب �أبناء هذا الوطن البحث عن تكتّالت �أكرث تنظيما ،وف�ضاءات �أك�ث��ر ح ��ر ّي ��ة وم �ن �ت��دي��ات ذات ف �ه��م ع��امل��ي مل ��ا ُي �� �ض � ّخ يف ال�سماوات املفتوحة من �أفكار وما ُيبثّ من �سموم ،تتولى ّ الغربلة والت�صف ّية والتّو�ضيح والتّوع ّية .وتنتج �أفكا ًرا مهيكلة ترفع بها التح ّدي يف وجه من يريد ب�أمتنا املهانة وال�صَّ غار. ـ ف � �ب � �ت � �ن � �ظ � �ي� ��م ال� � � � ّن� � � �خ � � ��ب ت � �ن � �ه � ��� ��ض الأم � � � � � � ��م. ـ وب ��الأف � �ك ��ار امل �م �ن �ه �ج��ة ت�ن�ت���ص��ر �إرادة ال �� �ش �ع��وب. ـ وب �ت �ن �� �س �ي ��ق ج � �ه� ��ود اخل� �ّي� �ررّ ي � � ��ن ،خ� � � ��ارج الأط � � ��ر ال �ت �ق �ل �ي��دي��ة ال �� ّ��ض �ي �ق��ة ،ت� ��واج� ��ه م ��ؤ� �س �� �س��ات ال � � ّدول� ��ة ال � � �ت � � �ح � � � ّدي � ��ات ال � �ق � ��ائ � �م � ��ة والأزم� � � � � � � � � ��ات ال� � �ق � ��ادم � ��ة. يف ظ��ل ه��ذا ال�ف�ه��مّ ، مت الإع�ل�ان ع��ن م�ي�لاد املنتدى العاملي للو�سط ّية ،يف هذا التوقيت بالذّات ،ليكون �إ�ضافة ال�ساحة ال��وط�ن� ّي��ة ،لكنْه مظلته نوع ّية مل��ا ه��و �سابق يف ّ وا�سعة ،وو�سطيته جامعة لأب�ن��اء اجل��زائ��ر وبناتها دون �إق���ص��اء وال تهمي�شز �إ ّال م��ا خ��ال��ف �أه��داف�ه��ا .فاملنتدى ف���ض��اء ع��ام م�ف�ت��وح للفكر وال � ّدع��وة وال�ث�ق��اف��ة واحل ��وار وال �ت �� �ش��اور ..يف جميع امل �ج��االت .ول�ك�ن��ه ف���ض��اء يحرتم ال�ت�خ��ّ��ص����ص ال��وظ�ي�ف��ي وي �ن ��آى بنف�سه ع��ن ال�ن���ش��اط��ات ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
19
20
ّبائني يف اال�صطفاف، املو�سم ّية .وال يقبل التّ�صنيف الز ّ وال اللون احلزبي يف االنتماء ،وال اخلطاب املتط ّرف يف التن�صل من امل�س�ؤولية وال من التعاطي مع الأحداث ،وال ّ الواجب الوطني وامل�صلحة امل�شرتكة .فهو ف�ضاء �أو�سع من ال�س ّيا�سة ،و�سقفه �أرفع من البيوت احلزب ّية ،وطموحه �أعلى من جم ّرد حمل بطاقة انت�ساب �إلى هياكله الوطن ّية وال��والئ� ّي��ة� ،أو على م�ستوى جاليتنا ب��اخل��ارج .ال يدير ظهره للواجب الوطني ،ولكنّ �أه��داف��ه �أبعد من موعد انتخابي � ضمن ال ّد�ستور �شروطه و�آجاله وكيف ّية تنظيمه. ف�ع�ين امل�ن�ت��دى مفتوحة ع�ل��ى ك��ل م��ا ي �ه � ّدد �أم ��ن وطننا وي�ستهدف هويتنا وثوابتنا و�سيادتنا وانتماءنا احل�ضاري. ُ ان�صراف �شرائح وا�سعة من الأجيال ا�ستوقفتنا ظاهرة ال�صاعدة عن تاريخها وعن ن�ضاالت احلركة الوطن ّية، ّ وتن�صلها عن مرجعيتها وانبهارها مبا وراء البحر ،واعتقاد ّ بع�ضها �أنّ امل�ستقبل مل يعد �آمنا يف �أوطانها ،وال ح ّل �إالّ الهجرة التي ال عودة بعدها ،وبدونها فال تفكري يف عمل وال يف بناء �أ�سرة وال يف م�ساهمة من � ّأي م�شروع لنه�ضة ال ّأم��ة وا�ستكمال بناء جمدها يف ظ ّل ال�سيادة الوطن ّية. وق ��د زادت م��وج��ة ال �ه �ج��رة اجل �ن��وب � ّي��ة �إل ��ى وط�ن�ن��ا من الأع�ب��اء االجتماع ّية على دولتنا ،و�صارت ت�شكل خطرا على �أمننا وا�ستقرارنا وهويتنا ون�سيجنا االجتماعي. وقد ب��د�أت انعكا�ساتها بالظهور على منظومتنا القيم ّية مما ي�ستدعي اتخاذ ما ينبغي من احتياطات لتاليف ما هو �أ�سو�أ على حا�ضر �أمتنا وعلى م�ستقبل الأجيال �إذا مل تنه�ض احلركة اجلمعو ّية بواجباتها يف دعم جهود ال ّدولة، وال�سيما على �صعيد مكافحة الإرهاب والت�ص ّدي للجرمية ّ املنظمة واحل��رك��ات املتطرفة وال � ّدع��وات االنف�صال ّية. تهب على � إنّ موجة جديدة من الغزو الثقايف ب��د�أت ّ اجلزائر من جهات كثرية ،و�إذا مل ننربي لها الآن �سوف جتتاح عقول �أبنائنا وت�ه� ّدد وحدتنا وثوابتنا وهويتنا. يف ظ��ل ن�ظ��ام دويل يعي�ش م ��أزق��ا م�ع� ّق��دا �أن�ت��ج ّ منظمات م�ت�ط� ّرف��ة ت�ع�م��ل خ� ��ارج الأط� ��ر ال �ق��ان��ون � ّي��ة واالت �ف��اق��ات ال� � ّدول� � ّي ��ة ،م��ن �أب ��رزه ��ا االجت � ��ار ب ��امل� �خ� � ّدرات وال � ّرق �ي��ق الأبي�ض وبالأع�ضاء الب�شر ّية ،وات�خ��اذ م�س ّمى الإره��اب واحل��رك��ات املتط ّرفة غطاء لتمرير م�شاريعها وتفكيك الأ�سر واملجتمعات والق�ضاء على الأنظمة التقليد ّية ،ال �سيما منها املالكة للطاقة املح ّركة القت�صاديات العامل. � أمام هذه الو�ضع ّية املعقّدة� ،صارت اجلهود ال ّر�سمية وحدها غري كاف ّية ،ومل تعد الطبقة ال�سيا�س ّية وحدها قادرة على املواجهة .و�أ�صبح من الواجب الوطني �إيجاد ف�ضاء �أو� �س��ع و�أك�ث�ر حت� � ّررا ي�ستوعب �أك�ب�ر ع��دد ممكن
من القدرات الفكر ّية والتخطيط ّية يف جميع املجاالت، داخ ��ل وط�ن�ن��ا ،لهيكلة ر��ص�ي��ده��ا ال��وا� �س��ع م��ن اخل�ب�رات وال�ت�ج��ارب امل�ت�ن� ّوع��ة وتوجيهها خل��دم��ة �أه ��داف �سام ّية تعيد ل�ل�أم��ة الأم ��ل يف ا�ستكمال ب�ن��اء ال � ّدول��ة الوطن ّية وتثمني منجزات الذين ح ّرروا اجلزائر والذين �سعوا �إلى ن�صت علية بيان �أول نوفمرب .فهدف �إقامة دولة وفق ما ّ تراكمي يكمل امل�سرية وال ينتف�ض عليها ،وذلك. املنتدى ّ ـ بتوع ّية �أمتنا باملخاطر املحدقة بها على جميع الأ�صعدة. ـ وم� ��� �س ��اع ��دة الأج � � �ي � ��ال ال � �� ّ��ص ��اع ��دة ع� �ل ��ى جت� ��اوز ال �ع �ق �ب��ات ال �ت��ي ت �� �ش � ّوه ح��ا� �ض��ره��ا وت� �ه� � ّدد م�ستقبلها. ـ و�إر�� �س ��اء م�ن�ظ��وم��ة ف�ك��ر و��س�ط� ّ�ي ي�ستم ّد ق��وت��ه من مرجعيتنا ال��وط�ن� ّي��ة وم��ن ت��اري��خ �أم�ت�ن��ا وم��ن ر�صيدنا امل� ��� �ش�ت�رك يف احل� ��رك� ��ة ال ��وط� �ن� � ّي ��ة وث � � ��ورة ال �ت �ح��ري��ر. ـ م � � �ق� � ��اوم� � ��ة ك � � ��ل �أ�� � � �ش� � � �ك � � ��ال ال � � � �غ � � ��زو ال � �ث � �ق� ��ايف وامل� ��� �س ��خ احل � �� � �ض� ��اري ال � � ��ذي ي� �ت� �ع� � ّر� ��ض ل� ��ه � �ش �ب��اب �ن��ا. ـ زرع الأم� � � � � ��ل يف ن � �ف� ��و�� ��س ال� � ��ذي� � ��ن �أره� �ق� �ت� �ه ��م اخل � �ط� ��اب� ��ات امل� �ت� �ط� � ّرف ��ة وامل � �م� ��ار� � �س� ��ات االق� ��� �ص ��ائ� � ّي ��ة. خال�صة الأهداف املد ّونة يف القانون الأ�سا�سي للمنتدى هي دع��وة كل جزائري وجزائر ّية �إل��ى احل��وار والت�سامح ون �ب��ذ ال�ع�ن��ف وال �ت �ط � ّرف ،وال �ت �ع��اون ل�ت�ع��زي��ز مكت�سبات اال�ستقالل وحماية الوحدة الوطن ّية واحرتام م�ؤ�س�سات دولتنا ودعم جهود اخليرّ ين فيها والتعاون معهم من �أجل �سيادتنا يف وطننا ،وترقية مك ّونات جمتمعنا ،ودعم عنا�صر الهو ّية ولحُ ْ �م��ة الأم��ة و�أمنها االقت�صادي واالجتماعي وال �ث �ق��ايف ،و� �ض �م��ان ت � ��وازن ن���س�ي�ج�ه��ا اجل �ه ��وي ح�ق��وق��ا وواجبات ،داخل الوطن وعلى م�ستوى جاليتنا باخلارج. � سع ًيا منّا �إل��ى حتقيق ه��ذه الأه��داف النّبيلةّ � ،أ�س�سنا ه��ذا الف�ضاء ال�ع��ام املفتوح على الفكر والثقافة والعلم واملعرفة واحلوار ..مبنظور و�سطي يحمي القيم ،وين�شر ثقافة املواطنة والتعاي�ش والتعاون من �أجل حا�ضر �آمـن وم�ستقبل م�شرتك ي�ستكمل فيه الأب�ن��اء ر�سالة الآب��اء. وم ��ن �أج ��ل جت���س�ي��د ه ��ذه ال �ط �م��وح��ات امل �� �ش��روع��ة يفتح املنتدى �صدره للر�أي والفكر واحل��وار ،لن�شر الوعي بني جميع فئات املجتمع .ويدعو جميع اخليرّ ين يف وطننا الغايل اجل��زائ��ر �إل��ى احت�ضان �أ��ش��واق احل��ر ّي��ة والعدالة �ضحى من �أجلها �شهدا�ؤنا الأبرار لنعي�ش من بعدهم التي ّ �أ�سيا ًدا يف وطننا اجلزائر.
دراسات
من خطب عيد االضحى.. الدكتور عبدالمحمود ابوّ �أحبابي يف اهلل و�أخواين يف الوطن العزيز َت َع َّو َد �أه� ُل ال�سودان منذ عقود� ،أن ي�ستمعوا من هذا املنرب حلكيم ال�سودان الإم��ام املجدد احلبيب :ال�صادق املهدي؛ الذي ابتكر �أ�سلوبا جديدا يف اخلطب الدينية، حم��ررا لها م��ن ال�ت�ك��رار ،والتغني ب��أجم��اد املا�ضي� ،إل��ى �أ�سلوب التفكر والتدبر واالعتبار وا�ست�شراف امل�ستقبل. ل�ق��د ف�صلت بيننا وب�ي�ن��ه امل���س��اف��ات ،ول�ك��ن ال��و��ص��ال ال��روح��ي ي��رب�ط�ن��ا ،وال�ع�ط��اء ال�ف�ك��ري يجمعنا ب��ه ،وه��و كالغيث حيثما ح��ل ن�ف��ع؛ ف ��إن �ضاقت ب��ه ��ص��دور �أويل القربى فقد انفتح �أمامه ف�ضاء �أو�سع. �إن الهجرة �سنة الأنبياء ودي��دن امل�صلحني ،ويعقبها الن�صر امل�ؤزر دائما ب�إذن اهلل؛ فل�سان حال احلبيب يقول: يا �أيها الوطن العزيز �أال ا�صطرب الب � � ��د �أن �أل � � �ق� � ��اك �أو ت �ل �ق��اين اهلل ي �ح �ك��م ال ُي � � � َب � � � ِّدل ُح� �ك� � َم� � ُه ُح � � � ْك � � � ٌم م � ��ع الأي � � � � ��ام والأزم � � � � ��ان ف��ال �ن �ف ����س �آم� � �ل� � � ٌة و�إين ن ��اظ� � ٌر ل� �ل� �ي ��وم ف� �ي ��ه �أع � � � ��ود ل �ل ��أوط � ��ان
خطبة عيد الأ�ضحى املبارك 1438هـ التاريخ 2018/8/21 اخلطبة الأولى ربُ .. ربُ .. ُ رب اهلل �أك ُ اهلل �أك ُ اهلل �أك ُ ول ا ِ احلم ُد ِ وال�صال ِة وال�سال ِم علَ َى َر ُ�س ِ هلل ،و َعلَى هلل ّ �آ ِل ِه َو َ�ص ْح ِب ِه و َمنْ َوالاَ ُه .و َب ْعد- � ْأح َبابي فيِ ا ِ ين ِيف الوطنِ العزيز، هلل و�أخوا ِ هلل ،و َب ��ا َر َك ُ ال��� ّ�س�لا ُم َعلَ ْي ُك ْم َو َر ْح � َم � ُة ا ِ اهلل فيِ ِع ْي ِدنَا َج ِم ْي َعاً ،و َب ْع ُد- نح َ�ض َر العي َد َلقَد َق َ�ضت �ضَ روراتُ اجلها ِد املدين �أن ْ خ��ارج ال َو َطن .ولكن ال َو َطنَ �إنْ لمَ ْ َن ُكنْ ِف ْي ِه َف ُه َو ِف ْينا. ِن َظا ُم ا ُ حلكم احلايل من ا�ستخفاف ِه ب�ش�أن مواطنيه �أنه مل ُي ْجر ح��واراً حقيقياً �إال بو�ساط ٍة �أجنبي ٍة ،ويف خارج الوطن ،لذلك �أ ْب َر َم كل اتفاقياته خارج الوطن :يف كينيا، يف �أوغ�ن��دا ،يف نيجرييا ،يف ا�سمرا ،يف قطر ،وهل َّم جراً. ٌ مت�صل �إنه نظام تغريب للق�ضي ِة الوطني ِة .غيا ُبنَا الآن بالق�ضية الوطنية كما تتابعون ،و�سوف ينتهي �إن �شاء اهلل عود ًة �إلى ال َو َطن. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
21
22
� ْأح َبا ُبنا، الوحي لل ِ إن�سان واح��د ٌةْ � .أح َياها �إ ْبراهي ُم �إ َّن ر َِ�سال َة ِ نخ�ص بالذك ِر َعلي ِه ال�سال ُم ،وبلغها الأنبياء فيما بعدُّ . ِمنهم مو�سى ،وعي�سى ،و حممد اخل��امت عليهم جميعاً ال�صَّال ُة وال�سالم. الوحي يف � ْأم ِر الثواب ِِت واحد ٌة ِه َي :التوحي ُد ِ هلل، ر�سال ُة ِ النبوةُ ،مكار ُم الأخالقِ ،وامل َعا ُد .قال تعالىُ }:ق ْل �آ َمنَّا ب هَّ ِ ِالل َو َما �أُن ِز َل َعلَ ْينَا َو َما �أُن ِز َل َعلَى �إِ ْب َر ِاهي َم َو�إ ِْ�س َم ِاعي َل َو�إ ِْ�س َحا َق الَ��ْ�س� َب� ِ ي�سى َوال َّن ِب ُّيو َن ُوب َو ْ أ َو َي ْعق َ و�سى َو ِع َ �اط َو َم��ا �أُو ِت� َ�ي ُم َ ِمن َّر ِّب ِه ْم لاَ ُن َف ِّرقُ َبينْ َ �أَ َح ٍد ِّم ْن ُه ْم َون َْحنُ َل ُه ُم ْ�س ِل ُمونَ{. وت��أك�ي��داً ل�ه��ذا املعنى ق��ال نبي ال��رح�م��ة �صلى اهلل عليه ال ْن ِب َيا ُء �إِخْ � � َو ٌة ِل� َع�َّلٍتاَّ ٍت ُ�أ َّم� َه��ا ُت� ُه� ْم �شَ تَّى َو ِدي� ُن� ُه� ْم و�سلم َْ "َ :أ َو ِاح ٌد". الر�سال ُة املحمدي ُة امتازَتْ على غريها بثالث ِة �أمورٍ: �أنَّها ا َ ِ مواهب للنا�س كاف ًة ،و�أنها اعتمدت خلامت ُة ،و�أن َّها َ ال ِ القب�س ال ُّروحي ،والعق ُل ،وحر ّي ُة االختيار. إن�سان: ُ ِ الر�ساالت ف�إ َّن امل�سائ َل االجتماعية ُمتحرك ٌة ،كما يف ك ِّل قال �أئمة االجتهاد بتغري الفتوى بتغري الزمان واملكان واحل��ال .املعنى الذي عرب عنه الإم��ام املهدي "لكل وقت ومقام حال ،ولكل زمان و�أوان رجال". ن�ح��نُ الآن يف م��و��س��م احل ��ج .ول�ل�ح��ج م�ق��ا��ص� َد ،ه��ي: ِ وا�ستنزال رحم ِة ا ِ ُ هلل ،ومناجا ُتهُ، التوحيد، تر�سي ُخ عقيد َة وال ��رم � ُز ل��وح��د ِة الأم� � � ِة ،وجت��ري � ُد ال �ن��ا�� ِ�س ِم ��ن مظاهر
َ ٍ لتعارف بين ُهم ،ولي�شهدوا جمال التفرقة بينهم ،و�إتاح ُة منا ِف َع َل ُهم .هنالك م�ستجدات توجب اجتهادات ،فعدد ا ،وق��د ك��ان��وا مليوناً امل�سلمني ا ْل � َي � ْو َم بليونني �إال ق�ل�ي�ل ً واح ��داً .ولتجنب ال��زح��ام ُيرجى �أن يكتفي امل�ستطيعون بحجة واحدة ،و ُيرجى تكوين �صندوق (بدل حج) ي�ساهم وج ُه يف متويله من نوى احلج منهم مرة ثاني ًة �أو ثالث ًة ،و ُي َّ ِ لتمويل ف ِر ْي َ�ض ٍة �أخْ َرى هي �إغاث ُة املحتاجني التي عائ ُد ُه �أوجبها اهلل بقولهَ }:لن َت� َن��ا ُل��وا ا ْل�ِب�رَِّ َحتَّى تُن ِفقُوا ممَِّ ا تحُ ِ ُّبو َن َو َما تُن ِفقُوا ِمن �شَ ْي ٍء َف�إِ َّن هَّ َ الل ِب ِه َع ِليم{ .وقوله: ِالدينِ * َف َذ ِل َك ا َّل ِذي َي ُد ُّع ا ْل َي ِتي َم * }�أَ َر َء ْيتَ ا َّل ِذي ُيك َِذ ُّب ب ِّ َولاَ َي ُح ُّ �ض َعلَى َط َعا ِم المْ ِ ْ�س ِكنيِ{. ُ املمول ِمن جِ َه ٍات احلج اال�ستطاع ُة املق�صود ُة ذاتي ٌة� ،أما ُّ ٍ عالقات عام ٍة ال ِع َبادة .وقيا�ساً على هذا املعنى �أُخْ َرى ف ُه َو عطل عمر بن عبد العزيز ،ر�ضى اهلل عنه،ك�سو َة احل� ِّج، وقال�:أولى بهذه النفقة �أن نطعم بها كباداً جائع ًة. �أعا َد ُ ني �إلى ِد َيارهم ،وتقبل َت ْق َواهم . احلجا َج �سامل َ اهلل َّ الأُ� ْ��ض� ِ�ح �ي � ُة �� ُ�س� َّن� ٌة م ��ؤك��د ٌة .وتحُ َ ��ا ِك��ي ِق �� َّ��ص � َة �إ ْب � َراه �ي � َم و�إ�سماعي َل علي ِه َما ال�سَّالمِ ، وه� َ�ي لل ُم�ستطيعني ،و َيجِ ْب خُ ُل ُّوها ِمن ال ُع ُيوبِ ،و َم ْعنَا َها َيت ََجا َو ُز َم ْبنَاهاَ }:لنْ َينَال هَّ الل لحُ ُ وم َها َولاَ ِد َما�ؤُ َها َو َل ِكنْ َينَال ُه ال َّت ْق َوى ِم ْن ُك ْم{. ِ ومنْ َبابِ التقوى �إغاثة املحتاجني ،فريجى �أن ي�ساهم امل�ستطيعون بثمن الأ�ضحية يف "�صندوق" لتمويل �إغاثات �إن�سانية واجتماعية .على �أن يتفق �أه��ل كل جماعة على ذبيحة واحدة رمزاً للقربان.
امل�ؤ�سف �أن هذه االجتهادات مع تطابقها مع مقا�صد ال�شريعة ،تعار�ضها تقاليد اجتماعية نقلتها من العبادة للعادة .ولكن يرجى �أن يدعمها املجتهدون الذين ت�شدهم املعاين ال املباين� ،إلى �أن ي�أتي يوم ينظمها القانون. �أحبا ُبنَا، لقد تع َّر�ضَ ت �أمتنا ملمار�سات ظاملة وافدة �شهد بذلك �شهود من �أهلها� ،أذكر من ه�ؤالء: قال مايكل اورن يف كتابه عن �سيا�سة �أمريكا يف ال�شرق الأو� �س��ط :ال ي��وج��د يف جم��ال الهند�سة االجتماعية يف العامل عمل �أكرث ا�ستفزازاً من ت�أييد �أمريكا لقيام دولة يهودية يف عامل عربي �شديد العداء لها. وق� � ��ال ب � ��ول ك �ي �ن �ي��دي يف وول � �س�ت�ري��ت ج ��ورن ��ال ( :)2001/10/5لو و�ضعنا �أنف�سنا يف مكان �سكان ال�شرق الأو�سط ،وو�ضعناهم يف مكاننا وفعلوا ِبنَا ما نفعل بهم الآن ،ف���س��وف ي�ك��ره الأم��ري�ك�ي��ون ه��ذا ال�ع�م�لاق ال�شرق �أو�سطي االفرتا�ضي ويحاولون �إيذاءه. وق��ال غ��راه��ام فوللر يف جملة ال�سيا�سة اخلارجية عدد يناير/فرباير � :2008إذا حذفنا الإ�سالم من م�سار ال �ت��اري��خ ،وع��وم��ل ��س�ك��ان منطقة ال���ش��رق الأو� �س��ط كما يعاملون الآن مع عدم وجود �إ�سالم ف�إن الو�ضع يف املنطقة �سوف ي�ؤول �إلى ما هو عليه الآن .يف غياب الإ�سالم ومع ال�سكان االفرتا�ضيني غ�ير امل�سلمني ف ��إن ال�ع��امل �سوف ي�شهد اخلالفات الدامية امل�ستمرة التي ال تزال حروبها و�صراعاتها على ال�ساحة اجليو�سيا�سية .ل��و مل تتذرع بالدين لوجدت راية املجموعات االفرتا�ضية غري امل�سلمة ِّ �أخرى تعرب يف ظلها عن هويتها و�سعيها لال�ستقالل. وكما قال مارك كريت�س يف كتابه مفارقات القوة:ما د ّبر �ضد حكومة حممد م�صدق الوطنية ،وما �صحب ذلك من تغريب الرثوة كان له دور مهم يف التعبئة التي �أدت للثورة الإ�سالمية يف �إيران. والتدخالت الوافدة تطول .فلوال امل�شهد الأفغاين ما كانت القاعدة ،ولوال احتالل العراق ما كانت داع�ش .وهم يتدخلون يف املنطقة حلماية م�صاحلهم النفطية كما قال رئي�س وزراء قطر ال�سابق :ننفذ فيما يتعلق بحجم �إنتاج وت�سويق النفط ما يطلبون منا. وي�ت��دخ�ل��ون حل�م��اي��ة �إ��س��رائ�ي��ل وت��و��س�ع��ات�ه��ا ك�م��ا ق��ال الأ��س�ت��اذان ج��ون م�ير �شامير وول��ت ا�ستيفن يف كتابهما عن اللوبي الإ�سرائيلي :منذ 1967ظلت ال�سمة املتكررة ل���س�ي��ا��س��ات ال ��والي ��ات امل �ت �ح��دة يف ال �� �ش��رق الأو�� �س ��ط هي عالقتها ب�إ�سرائيل دعماً وت�أييداً.
ه��ذه ال�ت��دخ�لات يف املنطقة جعلت ال�ق��وى املتدخلة حري�صة على تعميق اخلالفات بني �سكان منطقة ال�شرق الأو� �س��ط ال�ك�ب�ير ،كما ق��ال الرئي�س الأم��ري�ك��ي الأ�سبق ريت�شارد نيك�سون -م�شرياً للحرب العراقية الإيرانيةيف كتابه ن�صر بال حرب :هذه احلرب ما نتمنى ،ونتمنى كذلك �أال ينت�صر �أحد طرفيها. ال��واج��ب الإ��س�ترات�ي�ج��ي وال��دي �ن��ي الآن؛ �إدراك �أن احل � ��روب ال�ط��ائ�ف�ي��ة وال �ق��وم �ي��ة احل��ال �ي��ة � �س��وف ت��ره��ق �أطرافها ،ولن يكون فيها منت�صر لأنها ت�ستمد من جذور م��وروث��ة ،ولأن ك��ل ط��رف ي�ستطيع �أن ي�ستن�صر بجهة �إقليمية �أو دولية �إن �أراد. هناك خالفان بني �أهل ال�سنة وال�شيعة ،هما :خالف ح��ول �أح� ��داث ال �ت��اري��خ ،وخ�ل�اف ح��ول والي ��ة الأم� ��ر؛ ال ميكن ح�سمهما بالإقناع وال بالقوة .وينبغي �أن نقول يف �أمرهما�( :إِ َلى هَّ ِ الل َم ْرجِ ُع ُك ْم َج ِمي ًعا َف ُي َن ِّب ُئكُم بمِ َ ا ُكن ُت ْم ِفي ِه َتخْ َت ِلفُونَ) .ثم يتفق على "ميثاق املهتدين" الذي يقوم على �ستة مبادئ: • االع�تراف املتبادل �أننا �أه��ل قبلة واح��دة ،وعقيدة واح � ��دة .ت �ق��وم ع �ل��ى :ال �ت��وح �ي��د ،وال �ن �ب��وة ،وم �ك��ارم الأخالق ،واملعاد ،والأركان اخلم�سة. • �أهل ال�سنة يلتزمون مبكانة �آل بيت حممد �صلى اهلل عليه و�سلم كما ه��و د�أب�ه��م يف حت�ي��ات ال�صالة، وميحون �آثار لغة الرواف�ض. • ال�شيعة يلتزمون مبكانة �صحابة النبي �صلى اهلل عليه و�سلم �سيما �أبو بكر ،وعمر ،وعثمان ،وعائ�شة ر�ضي اهلل عنهم .وميحون لغة النوا�صب. • ي �ح�ترم ال���ش�ي�ع��ة امل�ج�م��وع��ات ال���س�ن�ي��ة يف �أو� �س��اط �أغلبيتهم ،بكامل حقوقهم الإمي��ان�ي��ة والإن�سانية واملواطنة. • يحرتم �أهل ال�سنة املجموعات ال�شيعية يف �أو�ساط �أغلبيتهم ،بكامل حقوقهم الإمي��ان�ي��ة والإن�سانية واملواطنة. • االع�ت�راف املتبادل مب��ذاه��ب �أه��ل ال�سنة الفقهية ومب��ذه�ب��ي ال�شيعة ب��اع�ت�ب��اره��ا اج �ت �ه��ادات ب�شرية، واخ �ت�لاف��ات يف ال �ف��روع ب�لا ت�ع���ص��ب ،وب�ل�ا تكفري، وبال قفل لباب االجتهاد. وعمليا فيما يتعلق ب�أمر والي��ة الأم��ر ف��إن الظروف املختلف عليها حول اخلالفة والإمامة قد اختفت .ف�أهل ال�سنة لن يتفقوا على قيادة واحدة .والإمام ال�شيعي �سوف يظل غائباً. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
23
24
وعملياً ف ��إن ال�شعوب الإ�سالمية تتطلع لنظم حكم جديدة حتقق العدالة كما ق��ال اب��ن القيم�" :إذا ظهرت �أم��ارات العدل و�أ�سفر وجهه ب ��أي طريق ك��ان فثم �شرع اهلل ودينه" .نظم حكم تقوم على :امل�شاركة ،وامل�ساءلة، وال�شفافية ،و�سيادة حكم القانون .نظم تطبق على دول قطرية حتقق -يف الإطار العربي -تعاهداً ،وكذلك تعاهد يف الإط��ار الإ�سالمي اجلامع� .أما احلروب امل�شتعلة الآن يف منطقتنا فريجى اتخاذ قرار قاطع بوقفها يف �أق�صر مدة ممكنة ،وتكوين �صندوق لإزالة الدمار الذي حققته. هذه مهمة يقوم بها حكماء ،ويرجى �أن يتجاوب معهم احلكام. ينبغي �أن توقف هذه احلروب .و�أن يو�ضع حد لتوتر دول جمل�س التعاون اخلليجي -على �ضوء الطيبات الع�شر التي اقرتحناها مل�ؤمتر القمة العربي الأخري بالريا�ض- للم�شاركة يف م��وق��ف ع��رب��ي م��وح��د ي�ب�رم م�ع��اه��دة �أم��ن وتعاي�ش ثالثي الأ�ضالع :عربي� ،إيراين ،تركي. هنالك م�صالح تتطلب متدداً نحو جنوب �شرق �آ�سيا، وم�صالح تتطلب تعاوناً تنموياً بني �ضفتي البحر الأحمر. وهما منطقة غرب �آ�سيا و�أفريقيا جنوب ال�صحراء. �أحبابنا، هنالك ت�ي��ارات م�ستجدة يف ال�غ��رب تقوم على �إث��ارة ال �ك��راه �ي��ة وامل� �خ ��اوف ،وت �ت��وج��ه ع��دائ �ي �اً � �ض��د الإ� �س�ل�ام وامل�سلمني .هذه التيارات خمربة .ومن �ش�أنها �أن تتجاوب م��ع �أط��روح��ات ال�ت�ط��رف وال�ع�ن��ف يف ب�ل��دان�ن��ا م��ا يوجب الت�صدي لها. هذا التيار الغربي امل�ؤ�س�س على الكراهية واملخاوف، حتالف مع تيار عن�صري يف �إ�سرائيل ،ما �أدى الآن العتبار القد�س موحدة عا�صمة لإ�سرائيل ،و�إجازة قانون يهودية الدولة .القانون الذي يجعل كل من لي�س يهودياً مواطناً م��ارق�اً ،ويقفل ال�ب��اب �أم��ام ال�ع��ودة� .أي ت�صفية الق�ضية الفل�سطينية ،وجعل �إ�سرائيل دولة ف�صل عن�صري. ه � ��ذه امل� � ��ؤام � ��رة ن �� �س ��أل اهلل �أن ت �ه��زم �ه��ا ال �ع��زمي��ة الفل�سطينية ،والعزمية العربية ،والعزمية الإ�سالمية، بل التيارات الدولية العادلة. �أحبابنا، ما نقول عن تيارات اال�ستكبار ال��دويل ،واالغت�صاب الإ�سرائيلي ال ينطبق على العالقة املطلوبة مع امل�سيحية واليهودية .لقد �أو�ضحنا يف �أبحاث �أخرى �أن توراة اليهود، و�إجن�ي��ل يوحنا ل��دى امل�سيحيني حافلة بن�صو�ص تب�شر بقدوم حممد �صلى اهلل عليه و�سلم ،كما ورد يف القر�آن� .إن
اتفاق الأديان الإبراهيمية الثالثة يتطلب �إبرام "ميثاق املهتدين" .وبالقيا�س ي�شمل الديانات الأخ��رى "ميثاق الإميانيني" ،لأن ال�سالم العاملي نف�سه يتطلب ال�سالم بني الأديان. ومع ذلك ،ف�إن للإ�سالم خوا�ص جتعله �صاحلاً لإعطاء �أ�سا�س روحي و�أخالقي للإن�سانية. هناك حاجة لنهج عاملي موحد يف الع�صر احلديث مطلوب يف كل املجاالت لتحقيق م�صلحة كوكب الأر�ض ،ال �سيما م�س�ألة البيئة الطبيعية� .أوردت الأكادميية العلمية درا�سة �أجراها 16من علماء البيئة جاء فيها� :إن كوكب الأر�ض يف الطريق لي�صري الفرن الأر�ضي .ويقدرون �أن ذلك �سوف ي�ؤثر �سلباً على �سكان الأر�ض بارتفاع احلرارة، وارتفاع منا�سيب البحار ،واختفاء الغابات ،و�ضمور الإنتاج الزراعي .بل يقدرون موت كثري من الب�شر �إذا مل تتخذ �إج ��راءات جذرية خلف�ض ال�غ��ازات الدفيئة ،وامت�صا�ص الكربون. كذلك ،تبني ،كما قالت �أوك�سفام يف م�ؤمتر دافو�س الأخ�ير� ،أن توزيع ال�ثروة والدخل داخ��ل الأقطار وفيما بينها ي ��ؤدي حتماً ال�ضطرابات اجتماعية� .إذ ميلك 62 �شخ�صاً ما ي�ساوي ن�صف ثروة �سكان الأر�ض. هنالك عوامل جتعل الإ�سالم ،بفهم التدبر واحلكمة، �صاحلاً لتزويد ق�ضايا ال�ساعة ببعد روح��ي و�أخ�لاق��ي. وهي: • االع �ت��راف ب��الإن �� �س��ان ك ��إن �� �س��ان ب�غ����ض ال �ن �ظ��ر عن اعتقاده. • االعرتاف بالتنوع الديني والثقايف كجزء من نظام الكون. • االع�ت�راف مب�صادر املعرفة العقلية والتجريبية، واعتماد َ�سننَ الطبيعة. • االعرتاف بالأ�سا�س املو�ضوعي للأخالق. • االع �ت�راف ب��أه�م�ي��ة البيئة الطبيعية وم�سئولية الإن�سان يف رعاية �سالمتها ،من واجبات التقوى. • التطلع لتجاوز املحلية نحو العاملية. • اخللو من �سلطة دينية متحكمة. حقاً ،الر�سالة املحمدية ت�صلح لكل الع�صور ال لع�صر واحد:
ل �ـ �ـ �ـ �م �ـ��ا �أراد اهلل ج � ��ل ج�ل�ال ��ه �أن ي �خ��رج ال� �ك ��ون م ��ن ال�ظ�ل�م��ات �أه � � � ��داك رب � ��ك ل �ل ��أن � ��ام ي� ��ا ح�ب�ن��ا ف �ي �� �ض �اً م ��ن الأن � � ��وار وال��رح �م��ات العيد منا�سبة �سرور لكل الأجيال ،ال �سيما الأطفال فلذات �أكبادنا مت�شي على الأر�ض .ومهما كانت الظروف حالكة يرجى �أال نحرم طفولتهم من البهجة وامل�سرة. بع�ض بناتنا و�أخواتنا يحر�صن على رونق املظهر كما ينبغي ،ولكن نرجو جتنب و�سائل التبيي�ض الكيماوية امل���ض��رة لل�صحة وامل�سرطنة .ف ��إن لل�سمار ج�م��ال��ه ،كما ل�سائر الأل��وان الطبيعية التي خلقها اهلل .ومع احلر�ص على ا�ستقبال العيد باحلناء الطبيعية ،ك��ذل��ك ينبغي جت�ن��ب ال�صبغة ب ��د ًال ع��ن احل �ن��اء لعظيم ��ض��رره��ا على ال�صحة . ي�أتي العيد ه��ذا العام وق��د فجعنا يف �أبنائنا وبناتنا ال�ط�لاب �شهداء البحرية م��ن املنا�صري ،وقبلهم بناتنا �شهيدات م��در��س��ة دار ال���س�لام .يف كتابي "�أيها اجليل" حتدثت عن حقوق الأطفال و�ضرورة �أن ين�شئوا يف ظروف تكرمي ،فرتاعى حقوقهم ويحاطون باملحبة واالهتمام امل�ستحق� .إن م�أ�ساة املنا�صري �أفزعتنا جميعاً وف�ضحت كيف مت عقاب الذين رف�ضوا االن�صياع خليار التهجري بحرمانهم م��ن اخل��دم��ات الأ�سا�سية وتعري�ض �أبنائهم وبناتهم للمخاطر من عقارب ح�صدت �أرواح الع�شرات منهم ،ثم ال��رح�لات املدر�سية اليومية املحفوفة باملوت املحقق� .إننا �إذ نتقدم بتعازينا احل��ارة لأهلنا املنا�صري ولأه��ايل دار ال�سالم ولل�شعب ال�سوداين ب�أجمعه والذي ده�ست قلبه تلك الأحداث ،و�إذ نعلن كذلك ت�ضامننا مع مت�ضرري ال�سيول والأم�ط��ار يف النهود وك�سال بل حتى يف العا�صمة اخلرطوم وغريها ،ف�إننا نرفع كل مظاهر االح �ت �ف��ال ب��ال�ع�ي��د ال �ت��ي درج �ن��ا ع�ل�ي�ه��ا :م��وك��ب اجل�ي��اد واملعايدات يف دار الهيئة ودار احلزب� ،سائلني اهلل �أن يربط على قلوبنا وقلوب ذوي ال�ضحايا املفجوعني ،ويرفع عن ب�لادن��ا ه��ذا ال�ب�لاء العظيم ويقيم عليها نظاماً رحيماً قميناً بحكم هذا ال�شعب الطيب الكرمي. اللهم اهدنا واهد �أبناءنا وبناتنا .وارحمنا وارحم �آباءنا و�أمهاتنا .وبارك يف بالدنا �أر�ض جدودنا ،ومنبت رزقنا. و�أهد �أمتنا بوعدك :هَّ ُ }الل وَليِ ُّ ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا ُيخْ ر ُِج ُه ْم ِمنَ ُّ الظ ُل َم ِات �إِ َلى ال ُنّورِ{� .آمني.
اخلطبة الثانية اهلل �أكرب ..اهلل �أكرب ..اهلل �أكرب ب ِْ�سم اهلل الرحمن الرحيم احل�م��د هلل ال ��وايل ال �ك��رمي ،وال���ص�لاة وال���س�لام على احلبيب حممد و�آله مع الت�سليم ،وبعد- �أحبابنا يف اهلل ،و�إخواننا يف الوطن العزيز، �أمتنا قد تداعت عليها الأم��م ،و�أثقلتها عيوب ذاتية ف�صار حالها كما و�صفه النبي �صلى اهلل عليه و�سلم �إذ قالُ « :ي ِ الَ َكلَ ُة ال َم� ُم �أَنْ َت َدا َعى َعلَ ْي ُك ْم َك َما َت َدا َعى ْ أ و�ش ُك ُْ أ �إِ َل ��ى َق��ْ��ص� َع� ِت� َه��ا»َ ،ف � َق��ا َل َق��ا ِئ� ٌ�لَ :و ِم ��نْ ِق� َّل� ٍة َن� ْ�ح��نُ َي� ْو َم� ِئ� ٍ�ذ؟ ريَ ،و َل ِك َّن ُك ْم غُ َثا ٌء َك ُغ َثا ِء ال�سَّ ْي ِل، َقا َلَ « :ب ْل �أَ ْن ُت ْم َي ْو َم ِئ ٍذ َك ِث ٌ َو َل َي ْن َز َعنَّ هَّ ُ الل ِمنْ ُ�ص ُدو ِر َع ُد ِّو ُك ُم المْ َ َها َب َة ِم ْن ُك ْمَ ،و َل َيق ِْذ َفنَّ هَّ ُ الل فيِ ُق ُلو ِب ُك ُم ا ْل� َو ْه��نَ »َ ،فقَا َل َقا ِئ ٌلَ :يا َر ُ�سو َل هَّ ِ اللَ ،و َما الد ْن َياَ ،و َك َر ِاه َي ُة المْ َ� ْو ِت» .هذا القعود «ح ُّب ُّ ا ْل َو ْهنُ ؟ َقا َلُ : �صوره ال�شاعر ال�سعودي غازي الق�صيبي بقوله: �أيها املخرتع العظيم يا من �صنعت بل�سماً ق�ضى على مواجع الكهولة و�أيقظ الفحولة �أما لديك بل�سم يعيد يف �أمتنا الرجولة؟ وبكى متيم الربغوثي: واحل��ا ِك �م��و َن ِب�ل�ا ِدي ��نٍ �إذا َع�َب�رَ ُ وا فيِ َج َّن ٍة �أَ ْ�ص َب َح ْت ِمنْ �ش�ؤمهم َج َر َدا �أَ ْن � َي��ا ُب � ُه � ْم فيِ َذوِي الأَ ْر َح � ��ا ِم ن ِ َا�ش َب ٌة َو ِلل��أَ َع��ا ِدي اْ ْب� ِت��� َ�س��ا ٌم ُي ْظ ِه ُر ال� � َّد َر َدا هناك بع�ض النظم يف ب�لاد م�سلمة يف �آ�سيا ،كما يف ماليزيا ،تظهر حوكمة ر�شيدة .ولكن يف العامل العربي، با�ستثناء قليل ،تظهر درج��ة عالية م��ن ال�سوء يف كافة م�ن��اح��ي احل �ي��اة ،واال��س�ت�ب��داد يف احل �ك��م ،ح�ت��ى �أن بع�ض املعلقني ��ص��اروا ي�سمونها "اال�ستثنائية العربية" التي وثق لها تقرير برنامج الأمم املتحدة للتنمية لعام ،2002 ما جعل كاتباً وه��و رال��ف بيرتز يقول :ينبغي �أن نعترب البلدان العربية من �سكان العامل الإ�سالمي عاجزة عن التحول البناء. ال�سودان مع انه الآن م�صنف من الدول الفا�شلة والفا�سدة باملقايي�س الدولية ،ف�إن به عدة عوامل جتعله واعداً من حيث القدرة على اخلروج من امل�ستنقع الذي يقبع به حالياً: ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
25
26
الإ��س�لام وال�ع��روب��ة مل تدخال ال���س��ودان يف ظ��ل دول��ة مركزية ،بل نتيجة حتول جمتمعي. التجربة الدميقراطية ان�ف��ردت يف املنطقة ب�صفاء ليربايل منت يف ح�ضنه منظمات �سيا�سية حقيقية. النظم اال�ستبدادية التي حكمته ،مهما طال عهدها، زعزعتها املطالب ال�شعبية الدميقراطية و�أجربتها على �سلخ جلدتها مرات حتى هوت. وخا�ضت البالد جتارب ُمرة� ،أثمرت وعياً عميقاً بدور �إدارة التنوع. وال�ن�ظ��ام القاب�ض احل��ايل حم��اط ب�ع��وام��ل احلاجة امللحة للتغيري ،و�أهمها: رف��ع �شعاراً �إ�سالمياً و�أف��رغ��ه م��ن مقا�صد الإ��س�لام العدلية يف الكرامة ،واحلر ّية ،والعدالة. ورف��ع �شعار �إن �ق��اذ ال�ب�لاد م��ن ال�ت�م��رد ولكنه انهزم �أمامه ،ف�ضاعت وحدة البالد. واتبع �سيا�سات انحياز �إثني ،ف�أ�شعل حرباً �أهلية يف دارفور م�ستمرة منذ 2002وحتى الآن. �أف �ل��ح يف اال� �س �ت �ف��ادة م��ن ات �ف��اق �أب��رم �ن��اه م��ع �شركة �شيفرون ا�ستخرج مبوجبه ال �ب�ترول .ولكنه ب��دد عائد البرتول بعد �أن جعل اقت�صاد البالد يعتمد عليه ،يف �أ�سو�أ ظاهرة ملتالزمة "املر�ض الهولندي" املر�ض االقت�صادي امل�ع�ل��وم (وي�ط�ل��ق على االع�ت�م��اد على م��ورد ري�ع��ي وحيد كالنفط و�إهمال املوارد املتجددة كالزراعة) ..ولمَ ي�ستعد النف�صال اجل�ن��وب املحتمل ،ف��دخ��ل منذ 2011يف �أزم��ة اقت�صادية متفاقمة. وزع��م �أن��ه ل��وال انقالبه على الدميقراطية يف 1989 لبلغ �سعر ال ��دوالر 20جنيهاً �سودانياً .ولكن ال�سيا�سات اخلاطئة التي اتبعها جعلت �سعر الدوالر الآن ما بني 40 �إلى � 50ألف جنيه �سوداين للدوالر الواحد! وعطل دول��ة الرعاية االجتماعية ل�صالح ال�صرف الدفاعي والأمني ،فزادت ن�سبة الفقر والعطالة وهجرة املواطنني �إلى خارج الوطن ب�صورة غري م�سبوقة. وادع� ��ى �أن ��ه ج ��اء ل��رف��ع امل �ع��ان��اة ع��ن ال���ش�ع��ب ،ولكن ال�سيا�سات التي اتبعها جعلت �أ�سعار كافة ال�سلع مبا فيها الأ�سا�سية باهظة التكاليف ب�صورة ال تطاق .ويف مقارنة عابرة بني �أ�سعار املواد الأ�سا�سية عام 1989و�أ�سعارها ا ْل َي ْو َم يف 2018جند �أن �سعر رطل ال�سكر ا ْل َي ْو َم ي�شرتي 50جوال �سكر عام .1989و�سعر الرغيفة الواحدة ا ْل َي ْو َم ي�ساوي 15 ٍ يومئذ. �ألف رغيفة
حطم م�ؤ�س�سات ال��دول��ة املنتجة مما �أفقر النا�س �إذ يقدر االقت�صاديون �أن ن�سبة الفقر تبلغ %80يف امل��دن و %90يف الريف ،ف�أ�صبحت املعي�شة جحيماً ال يطاق. �أحبابنا، احلرب يف جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق �سببها عيوب تطبيق اتفاقية �سالم نيفا�شا ،ما ترك قوى م�سلحة �شمالية :الفرقة التا�سعة والعا�شرة� ،شمال احلدود دون تنفيذ الربوتوكولني اخلا�صني باملنطقتني� .أما يف دارفور، فهناك غ�بن تاريخي يتمثل يف غياب التنمية وال�شعور بالتهمي�ش .ون�سبة لظروف بيئية معلومة حدث تناف�س على امل��وارد الطبيعية بني جمموعتني من املواطنني يف دارفور الكربى .انحازت احلكومة ملجموعة �ضد الأخرى، مما دفع بع�ض �أبناء املجموعة الأخ��رى ملقاومة م�سلحة �ضد النظام. قبل ان�ق�لاب 1989مل تكن هناك جماعة يف دارف��ور حتمل ال�سالح �ضد احلكومة املركزية .ولكن لأن النظام نف�سه ق��ام وا�ستولى على احلكم مبنطق ال�ق��وة ،و�أعلن انه ال يفاو�ض �إال حملة ال�سالح ،فقد اندفعت جماعات يف دارف��ور لتكوين حركتني ملقاومة النظام با�سم حركة حترير ال�سودان ،وحركة العدل وامل�ساواة. وجل�أ النظام خلطة ق�صرية النظر با�ستغالل التباين الإث �ن��ي يف دارف � ��ور ،وحت��ري����ض ال�ق�ب��ائ��ل ال�ع��رب�ي��ة لدعم حمالته الع�سكرية. يرجى �أن تت�صالح القبائل كلها وتتجنب اال�ستقطابات الإث �ن �ي��ة ،وه��و م��ا �سعينا ل��ه م��ع ك��ل ال �ن��زاع��ات القبلية و�أر�سلنا وف��وداً عديدة ت�سعى للم�صاحلات ووق��ف العنف بني القبائل يف دارفور وغريها� ،آخرها الوفد الذي �سعى للتو�سط بني �أهلنا اللحويني و�أهلنا الهو�سا يف الق�ضارف. فنحن يف ال�سودان كما قالت ال�شاعرة ال�سودانية: ه �ن��ا ال �ع��روب��ة يف ج ��ذر ال��زن��وج��ة يف ف � � ��رادة ج �م �ع��ت ك ��ل الأف ��ان�ي�ن ل�ق��د �أو� �ض �ح �ن��ا يف ك�ت��اب�ن��ا "الهوية ال �� �س��ودان �ي��ة بني الت�سبيك والتفكيك" ما تتطلبه مراعاة �شروط الت�سبيك جتنباً لعوامل التفكيك. �أحبابنا، وم�ه�م��ا ح��اول�ن��ا ن�صح ال�ن�ظ��ام �صعر خ��ده وا�ستكرب ا�ستكبارا: عزلنا مت��ام�اً م��ن �أي��ة م�شاركة يف احل��وار ال��ذي �أدى التفاقية يناير .2005ومنذ البداية در�سنا ما اتفق عليه،
و�أعلنا النتيجة يف مايو ،2005م�ؤكدين �أن بنية وبنود االتفاقية قا�صرة عن �إحالل �سالم وعن حتقيق الوحدة والتحول الدميقراطي .وللأ�سف قد كان. ولدى حمادثات �سالم دارف��ور يف �أبوجا � ،2006س�ألنا امل �ف��او���ض ب��ا��س��م ال�ن�ظ��ام امل��رح��وم د .جم ��ذوب اخلليفة، ف�أعطيناه ر�أي �اً قاطعاً .ه��ذا ال��ر�أي عندما عر�ضته على بع�ض ال��ذي��ن ك��ان��وا م��ن امل�شاركني يف ال�ت�ف��او���ض؛ قالوا �إن هذا ال��ر�أي لو كانت احلكومة عر�ضته علينا لأبرمت اتفاقية �سالم يف دارف ��ور ون�ف��ذت .ولكن امل��رح��وم رف�ض الر�أي الذي عر�ضته عليه بحجة �أنه يتعار�ض مع ثوابت النظام احلاكم. بعد تنفيذ اتفاقية نيفا�شا� ،أدت عيوبها النف�صال اجلنوب، واحتدمت احلرب يف دارفور ،والتخلف يف تنفيذ بروتوكويل جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ،ظهر لنا �أن حرب دارفور �سوف تتوا�صل و�أن احلرب يف املناطق اجلنوبية �سوف تتجدد با�سم اجلنوب اجل��دي��د .ويف اجتماع لنا برئي�س النظام يف 2011/3/24قلنا له :الحتواء هذه احلاالت احلربية ،وجتنباً لالنق�سام ال�سيا�سي يف البالد هاك برناجماً قومياً من 10 نقاط ،ونقرتح �أن تدعو � 8أ�شخا�ص حمددين ،و�أن تعر�ض عليهم النقاط للموافقة عليها �أو تعديلها ،لينفذها رئي�س وفاقي .وقدمت له هذا ال��ر�أي مكتوباً .ولكنه مل ي�ستجب، وبعد حني ا�شتعلت احلرب يف جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وات�صلت احلرب يف دار فور. �أحبابنا، نظام احلكم يف ال�سودان الآن يقف مواجهاً 63قراراً م�ضاداً �صادراً من جمل�س الأم��ن ال��دويل� ،أكرثها حتت الف�صل ال�سابع من ميثاق الأمم املتحدة .و�أخطرها القرار ،1593الذي مبوجبه قرر جمل�س الأمن بالإجماع �إحالة قيادات �سودانية للمحكمة اجلنائية الدولية ،و�أحلق بهم ات�ه��ام لرئي�س النظام بجرائم �ضد الإن�سانية وج��رائ��م حرب وجرمية الإبادة اجلماعية. ه ��ذه ال �ف �ظ��ائ��ع جم�ت�م�ع��ة ج�ع�ل��ت ال �ن �ظ��ام حم��ا� �ص��راً وي��ائ �� �س �اً ،م��ا ج�ع��ل ق �ي��ادت��ه ت�ن��ا��ش��د رئ�ي����س دول� ��ة ك�برى رو�سيا -حلمايته .وجعلته يخالف الأع ��راف متجاوزاً�أجهزة الدفاع النظامية لالعتماد على حماية جهات غري نظامية .لقد �صار اال�ستمرار يف احلكم هدفاً يف حد ذاته ب�لا �أيديولوجية �أو برنامج ،ب��ل اال�ستمرار يف ال�سلطة للمحافظة على مكا�سب ال�سلطة واحلماية من مالحقة املحكمة. وج��ود ق��وى �سيا�سية م�سلحة معار�ضة للنظام يعود مبا�شرة لأمرين:
الأول :التق�صري يف تنفيذ ات�ف��اق�ي��ة ��س�لام نيفا�شا ما �أبقى على فرقتني م�سلحتني يف ال�شمال دون تنفيذ االلتزام ال�سيا�سي املن�صو�ص عليه يف بروتوكولني. الثاين :االنحياز الإثني يف �إدارة دارف��ور ما �أدى منذ 2002لن�ش�أة حركتي مقاومة. ه�ؤالء جميعاً كونوا يف يونيو 2012م اجلبهة الثورية ال�سودانية .ويف يناير 2013عقدت هذه اجلبهة م�ؤمتراً يف كمباال .ذلك امل�ؤمتر �صدرت عنه "وثيقة الفجر اجلديد". ومع �أننا دعينا لهذا االجتماع� ،إال �أننا رف�ضنا ما ورد يف تلك الوثيقة من اعتبار العمل امل�سلح �أحد و�سائل �إقامة نظام جديد ،و�أي�ضاً ما ورد فيها من �إقرار تقرير امل�صري للمناطق املتظلمة .وبعد ت��داول الح��ق بيننا اتفقنا مع اجلبهة الثورية يف �أغ�سط�س 2014على "�إعالن باري�س" الذي اتفق فيه على �إقامة النظام اجلديد بو�سائل خالية من العنف ،والدعوة للمواطنة املت�ساوية �أ�سا�ساً للحقوق والواجبات ،والتخلي عن احلديث عن املطالبة بالدعوة لتقرير امل�صري .ثم ،ويف مرحلة الحقة يف دي�سمرب 2014 اتفق على تكوين �أك�بر با�سم "نداء ال�سودان" يف �أدي�س �أبابا. ��ص��ار ن��داء ال���س��ودان تكويناً ج��ام�ع�اً ل�ق��وى �سيا�سية مدنية ،وقوى اجلبهة الثورية ،ومنظمات جمتمع مدين. ك��ان��ت ال�ع�لاق��ة التنظيمية ب�ين م�ك��ون��ات ن��داء ال���س��ودان ف�ضفا�ضة ،ول�ك��ن يف م��ار���س 2018ت�ق��رر ت�ك��وي��ن هيكل تنظيمي موحد لها .واتفق �أن يكون عمل النداء ال�سيا�سي املوحد معار�ضة �سلمية ،مع ا�ستمرار القوى الثورية يف تكوينها اخلا�ص� .أي نظام واحد وم�سارانُ . و�ضمن هذا املعنى يف د�ستور النداء. وك��ان وا�ضحاً �أن بع�ض قواعد اجلبهة الثورية غري را�ضية على قيادة مدنية يف القمة ،وبع�ض قواعد القوى املدنية غري را�ضية على م�شاركة القوى امل�سلحة يف تنظيم واح��د و�إن اختلف امل �� �س��اران .ول�ك��ن الثقة املكت�سبة بني القيادات امت�صت �أية حتفظات. يف يوليو 2018دعت ف�صائل اجلبهة الثورية الجتماع يف باري�س وقررت �إعادة توحيد اجلبهة الثورية ،واتخذت ق ��رارات ذات م�ضمون �سيا�سي دون �أن ي�ك��ون للف�صائل الأخرى يف النداء �أية م�شاركة. معلوم �أن اجلبهة الثورية �سوف ت�ستمر يف تكويناتها امل�سلحة �إلى �أن يربم اتفاق �سالم عادل �شامل ،وتدخل يف هيكلة جديدة للقوات امل�سلحة ال�سودانية. وم�ع�ل��وم �أن ال �ق��وى امل�س ّي�سة امل�سلحة ال تنتهي �إال مبوجب ات�ف��اق �سيا�سي ،كما وثقت لذلك منظمة ران��د ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
27
28
الأمريكية بدرا�سة 684حركة م�سلحة يف العامل يف الفرتة ما بني 1983و 2008م .فعندما �أُبرم االتفاق الربيطاين مع اجلي�ش اجلمهوري الأيرلندي كان عدد جنوده 250 فرداً فقط. كان وال زال موقفنا املبدئي من العمل لنظام جديد ب��ال �ق��وة امل���س�ل�ح��ة م��رف��و���ض .لأن� ��ه � �س��وف ي�ج�برن��ا على اال�ستعانة بجهة �أجنبية ،وحتى �إذا حقق �إ�سقاط النظام بالقوة ف�إنه �سوف ي�ضطر لإقامة نظام حتميه القوة� ،أي �سيكون على ح�ساب حتقيق الدميقراطية. لإقامة تنظيم واحد لقوى مدنية و�أخ��رى م�سلحة، ينبغي �أن تكون القيادة كذلك موحدة مثلما كان احلال يف اجلبهة الوطنية التي حققت انتفا�ضة 1976م ،واحلركة ال�شعبية لتحرير ال�سودان وجي�شها امل�سلح� .أما العالقة التنظيمية بني مكونات تختلف يف طبيعتها بني مدنية وم�سلحة ع�سكرية تفر�ض عليها تن�سيقاً ال تقبله ظروف العمل امل�سلح .ومهما قيل عن م�سارين حتت قيادة موحدة ف�إن هذه العالقة ت�شل حركة القوى املدنية �سيا�سياً داخل ال�سودان ودبلوما�سياً خارج ال�سودان. لقد قلتُ لزمالئي يف ن��داء ال���س��ودان �إن تعاوننا قد �أ� �ض��اف للحركة ال�سيا�سية ال���س��ودان�ي��ة ر��ص�ي��داً ج��دي��داً بتوازن قوى جديد .ولكن الهيكل احلايل لنداء ال�سودان ق��د ت��داخ��ل ب�ين امل���س��اري��ن امل ��دين وال�ع���س�ك��ري .ل�ضمان ا�ستمرار ن��داء ال�سودان بال�صورة املن�شودة ينبغي تعديل هياكل النداء بحيث يتم الف�صل التام بني امل�سار املدين ال�سلمي وامل�سار الع�سكري ال��ذي يخ�ص اجلبهة الثورية وحدها .ويف اجتماع ر�ؤ�ساء ف�صائل ن��داء ال�سودان اتفق على تكوين جلنة تقرتح الهيكلة املطلوبة للف�صل الوا�ضح بني امل�سار املدين ال�سلمي وامل�سار الع�سكري الذي يخ�ص اجلبهة الثورية وحدها. املكون ال�سيا�سي للجبهة الثورية ي�ؤيد �أهداف وو�سائل ن��داء ال�سودان املتفق عليها ،وي��ؤي��د الو�سائل ال�سيا�سية لتحقيقها ،وتتحمل اجلبهة امل�س�ؤولية ع��ن �أي��ة �أعمال ع�سكرية ،وه��ي ال تخ�ص ن��داء ال���س��ودان .واحلقيقة �أن��ه منذ �إع�لان باري�س يف � 8أغ�سط�س 2014م درجت اجلبهة الثورية على جتدد متديد وقف العدائيات تقديراً مل�شروع احلل ال�سيا�سي. �إن�ن��ا نطالب ال��ذي��ن �أي ��دوا النظام احل��ايل يف مراحل ما�ضية واك�ت���ش�ف��وا ع�ي��وب ال�ت�ج��رب��ة ،وه��م ك �ث�يرون� ،أن
ي��وج �ه��وا ال��دع��وة مل ��ؤمت��ر ل�ل�ق�ي��ام ب�ن�ق��د ذات ��ي للتجربة و�إجراء مراجعة �شاملة لإعادة اكت�شاف الذات واال�ستعداد للم�شاركة يف امل�سار القومي اجلامع .فاحلق �أحق �أن يتبع. كما نرجو �أن يثوب �آخرون �إلى ر�شدهم. �أم��ا ال��ذي��ن م��ا زال��ت تربطهم م�صالح ذات�ي��ة فنقول لهم :اعلموا �أن امل�سرحية انتهت .و�إ�صراركم على نف�س املر�شح مع تكاليف ذلك الباهظة على ال�سودان دليل �آخر على الإفال�س وعدم احلر�ص على امل�صلحة الوطنية. تدعون النتخابات عامة� .إذا اتفق على قانونها ،وعلى مفو�ضية قومية لإدارت�ه��ا ،وعلى كفالة احلريات ،وعلى قومية م�ؤ�س�سات الإع�لام ،وعلى �ضبط حركة املال العام فال ي�ستغل حزبياً ،فنحن �أولى بخو�ضها .و�إال فخو�ضها �سيكون م�ساهمة يف حلقات تزوير �إرادة ال�شعب. وتدعون للم�شاركة يف كتابة د�ستور البالد� .إذا اتفق �أن يكون عرب م�ؤمتر قومي د�ستوري جامع ال يعزل �أح��داً، وحت��ت رئ��ا��س��ة متفق عليها م��ن قبل اجلميع يف احلكم واملعار�ضة ،ويف مناخ كفالة احلريات ،فهذا "عز الطلب". ول�ك��ن �أن ت�ضع ال��د��س�ت��ور مفو�ضية حت��ت �إم ��رة وق�ي��ادة احلزب احلاكم وليجيزها جمل�س "ب�صمجي" ،فال يقبل ذلك عاقل �أو وطني. �أما فيما يخ�ص �أهل ال�سلطة ،وكما حدث يف ظروف االنتقال للحزب الوطني الأفريقي يف جنوب �أفريقيا، وجلماعة فرانكو يف �أ�سبانيا ،وحلزب بينو�شي يف ت�شيلي وغريهم ،ف�إننا نعر�ض عليكم غ�صن زيتون مقابل ت�سليم البالد ورد الأمر لأهله؛ ال�شعب ال�سوداين ،وذلك باُ�سلوب ناعم عرب حوار با�ستحقاقاته. عندما حتدثنا عن اُ�سلوب م�ساءلة �آخ��ر عرب نظام روم��ا امل�ؤ�س�س للمحاكمة اجلنائية ومب��وج��ب البند 16 منه ،ومع مت�سكنا مببد�أ عدم الإفالت من العقوبة ،هب متعجلون للإدانة .البند 16متاح ملجل�س الأمن ،وجمل�س الأم��ن ال ميكنه �أن يعتمده �إال مبوجب موافقة �ضحايا التجاوزات .وحتى قبل ذلك ،ف�إن �ضحايا التجاوزات قد يقبلون جتاوز امل�ساءلة اجلنائية مقابل م�صلحة يرونها كما حدث �سابقا: • يف � 21أكتوبر قرر �ضحايا نظام 17نوفمرب قبول العفو عن م�ساءلة النظام مقابل تنحي نظام عبود عن ال�سلطة.
• ويف 1992قررت قيادة امل�ؤمتر الوطني الأفريقي يف ج�ن��وب �أفريقيا التخلي ع��ن م�ساءلة جنائية لنظام الف�صل العن�صري وحتقيق امل�صاحلة املطلوبة لل�سالم والإن�صاف واال�ستقرار عرب مفو�ضية احلقيقة وامل�صاحلة. • ويف 2005جت� ��اوزت احل��رك��ة ال�شعبية لتحرير ال�سودان بقيادة املرحوم د .ج��ون قرنق عن �أي��ة م�ساءلة جنائية لنظام الإنقاذ االنقالبي ،رغم ما ارتكب ،مقابل ما حتقق لها من مكا�سب يف اتفاقية ال�سالم. نقول بو�ضوح :نحن م��ع املحكمة اجلنائية الدولية وواليتها يف �إن�ه��اء ح�صانات احل�ك��ام ال��ذي��ن يجرمون يف حقوق �شعوبهم .ونرف�ض طلب �سفري كينيا للأمم املتحدة لإ�صدار فتوى من حمكمة العدل الدولية لإعطاء ح�صانة ل��ر�ؤ��س��اء ال ��دول ب���ص��ورة مطلقة .نف�س احل�صانة التي يعطيها الر�ؤ�ساء املعتدين ملوظفيهم املعتدين .ونقول� :إن احل�صانة جتايف العدالة وتعني الإفالت من العقوبة. �أحبابنا، ت�شهد �أف��ري�ق�ي��ا ا ْل� � َي� � ْو َم ت �ط��ورات �إي�ج��اب�ي��ة يف اجت��اه امل�صاحلات ،ويف اجت��اه التخلي عن تعديالت الد�ساتري مل�صالح ذاتية .ال�سودان �أول��ى بامل�صاحلات ،ولكن لتكون له م�صداقية يف ذلك ينبغي �أن يحقق ذلك يف �أو�ضاعه، حتى ال يقال كما قيل يف دور النظام يف م�صاحلة الإخوة اجلنوبيني :هذا كمن يريد ا�ستخراج ب�سكويتة من ال�شاي بب�سكويتة �أخرى .وقدمياً قيل: ي ��ا �أي� �ه ��ا ال ��رج ��ل امل �ع �ـ �ـ �ـ �ل��م غ�ي�ـ��ره هــــــــال لنف�سك ك ��ان َذا التعليم ت�صف الدواء لذي ال�سقام وذي ال�ضنى ك�ي�ـ�ـ�ـ�ـ�م��ا ي �ط �ي��ب ب ��ه و�أن� � ��ت �سقيم ل�ي���ص��دق ال �ن �ظ��ام يف اخل ��رط ��وم يف ن �ه��ج امل���ص��احل��ات فلي�صدق يف مواقفه .فقد �أر�سل لنا وفداً بقيادة الفريق الهادي عبد اهلل يف القاهرة �أواخر رم�ضان املا�ضي ،ووفداً �آخ��ر بعد عيد الفطر مم�ث�ل ً ا يف �شخ�ص ال�سيد في�صل ح�سن �إب��راه�ي��م .ك�لا الوفدين اتفقا معنا على �ضرورة �إجراء حوار با�ستحقاقاته مبوجب خريطة الطريق املوقع عليها ،ملتزمني باتخاذ �إجراءات تهيئة املناخ ولكن النظام �سكت عن ذلكَ } .ه ْل تحُ ِ ُّ�س ِم ْن ُهم ِّمنْ �أَ َح ٍد �أَ ْو ت َْ�س َم ُع َل ُه ْم ِر ْكزًا {.
�أحبابنا يف اهلل والوطن العزيز يف مرورنا على عوا�صم العامل جند �أرتا ًال من �شبابنا �ضاقت بهم ظروف الوطن .الظروف التي دفعت كثريين منهم داخل الوطن للغياب باملخدرات والغياب باالرمتاء يف التط ّرف وحم��ارب��ة املجتمع� .إنهم جيل �سرق النظام حا�ضرهم ،فلنعمل بجد لن�ؤمن لهم م�ستقبلهم .وليقبل ال�ن��اج�ح��ون و�أ� �س��ره��م م��ن بناتنا و�أب�ن��ائ�ن��ا يف امتحانات ال�شهادة ال�سودانية تهانينا. �أحبابي يف اهلل و�أخواين يف الوطن العزيز ، تبادلوا التعايف والت�صايف� .أعفوا عنا �صفحاً جمي ً ال، ونحن عنكم ب�إذن اهلل عافون .ومع بعد امل�سافات جغرافياً بيننا ف�إن املحبة تطوي امل�سافات: و� �س �ن��ة اهلل يف الأح � �ب� ��اب �أن لهم وج�ه�اً ي��زي��د و��ض��وح�اً كلما ابتعدا ولنبتهل ل��رب العاملني :اللهم �إن عفوك ع��ن ذنوبنا وجت� ��اوزك ع��ن خ�ط��اي��ان��ا و� �س�ترك ع�ل��ى ق�ب�ي��ح �أع�م��ال�ن��ا، �أط�م�ع�ن��ا �أن ن���س��أل��ك م��ا ال ن�ستوجبه مم��ا ق�صرنا فيه. ندعوك �آمنني ون�س�ألك م�ست�أن�سني .ف�إنك �أن��ت املح�سن �إلينا ونحن امل�سيئون �إلى �أنف�سنا فيما بيننا وبينك .تتودد �إلينا بنعمك ونتبغ�ض �إليك باملعا�صي ولكن الثقة بك حملتنا على اجلراءة عليك فعد بف�ضلك و�إح�سانك علينا �إنك �أنت التواب الرحيم. وثقتنا باهللَ }:و ُق ِل ْاع َم ُلوا َف َ�سيرَ َ ى هَّ ُ الل َع َملَ ُك ْمَ و َر ُ�سو ُل ُه َوالمْ ُ�ؤ ِْمنُونَ{. وثقتنا باهلل�} :إِ َّن هَّ َ الل ُي َدا ِف ُعَ عنِ ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا{. وثقتنا ب��اهللَ } :و َم��ا َك��ا َن َر ُّب� َ�ك ِل ُي ْه ِل َك ا ْل� ُق� َرى ب ُِظل ٍْم َو�أَ ْه ُل َها ُم ْ�ص ِل ُحونَ{ فابقوا يف حفظ اهلل �إلى �أن يجمع اهلل �شملنا قريباً: م��ا ب�ين غم�ضة ع�ي ٍ�ن وانتباهتها ي� �ب ��دل اهلل م ��ن ح� � � ٍ �ال �إل� � ��ى ح��ال وال�سالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
29
دراسات
من أطاع الله في أوامره التشريعية
د .عبد المجيد أبو سل
30
من ع��رف اهلل ب�أنه هو ال��ذي خلقه من العدم ورب��اه ب��ال�ن�ع��م ك�م��ا ي�ستحق دان ل��ه ب��ال�ع�ب��ادة ق��ال اهلل تعالى الن��� َ�س� ِ ين ِّم��نَ ال� َّد ْه� ِر لمَ ْ َيكُن �شَ ْيئًا } َه� ْ�ل َ�أ َت��ى َعلَى ْ إِ �ان ِح� ٌ ِن�سا َن ِمن ن ُّْط َف ٍة �أَ ْم َ�شا ٍج َّن ْب َت ِلي ِه َّم ْذ ُكو ًرا� ِ )1( إنَّا خَ لَ ْقنَا ْ إ ال َ ريا� )2( إِنَّا َه َد ْينَا ُه ال�سَّ بِي َل �إِ َّما �شَ ا ِك ًرا َف َج َع ْلنَا ُه َ�س ِمي ًعا َب ِ�ص ً َو�إِ َّما َكفُو ًرا { االن�سان .3و َع ِل َم ان الف�ضل كله وال�شكر الى اهلل املنعم املتف�ضل ال��ذي خلق اجل��ن واالن����س م��ن اجل عبادته و�أن الغاية من خلق االن�سان كما قال اهلل تعالى: الن��� َ�س �إِلاَّ ِل َي ْع ُب ُد ِ ون (َ )56ما �أُ ِري� ُد } َو َم��ا خَ لَقْتُ الجْ ِ ��نَّ َو ْ إِ ِم ْن ُهم ِّمن ِّر ْزقٍ َو َما �أُ ِري� ُد �أَن ُي ْط ِع ُم ِ ون{ الذاريات 57اي امنا خلقتهم لآمرهم بعبادتي ولي�س لأحتياجي اليهم قال ابن عبا�س :اي ليقروا بعبادتي طوعا او كرهاً وقال ابن م�سعود :اقر�أين ر�سول اهلل (�ص) (:اين انا الرزاق ذو القوة واملتني) رواه احمد والن�سائي وال�ترم��ذي انه اهلل تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده ال �شريك له فمن اطاعه جازاه امت اجلزاء ومن ع�صاه عذبه ا�شد العذاب وان��ه لي�س بحاجة لهم هم الفقراء بحاجة له، وجرت �سنة اهلل يف خلقه ب�أن تتعلم احكامه للنا�س ليكونوا خلفاء يف االر�ض قال اهلل تعالى } َو�إِ ْذ َقا َل َر ُّب َك ِل ْل َملاَ ِئ َك ِة الَ ْر ِ�ض خَ ِلي َف ًة َقا ُلوا �أَتجَ ْ َع ُل ِفي َها َمن ُيف ِْ�س ُد �إِنيِّ َج ِاع ٌل فيِ ْ أ ِفي َها َو َي ْ�س ِف ُك ال ِّد َما َء َون َْحنُ ن َُ�س ِّب ُح ب َِح ْم ِد َك َو ُن َق ِّد ُ�س َل َك َقا َل �إِنيِّ �أَ ْعلَ ُم َما لاَ َت ْعلَ ُمونَ{ كما جاء يف احلديث القد�سي ( َعنْ �أَبِي ُه َر ْي َر َة َعنْ ال َّنب ِِّي َ�ص َّلى هَّ ُ الل َعلَ ْي ِه َو َ�س َّل َم َقا َل� :إِ َّن هَّ َ الل َت َعا َلى َيق ُ لْ َ�ص ْد َر َك ُولَ :يا ا ْبنَ �آ َد َم َت َف َّر ْغ ِل ِع َبا َد ِتي �أَ ْم َ أ
طوع الله ّ له آياته
التكوينية لْتُ َي َد ْي َك �شُ ْغلاً َولمَ ْ �أَ ُ�س َّد ِغنًى َو�أَ ُ�س َّد َف ْق َر َك َو ِ�إلاَّ َت ْف َع ْل َم َ أ َف ْق َرك) .قال ابن كثري يف تف�سريه :ورد يف بع�ض الكتب االلهية :يقول اهلل تعالى (يا ِابنَ �آد َم خَ لَقت َُك ِلل ِع َباد َة َفال ق�سمتُ َل َك رِز ُق� َ�ك َفال تَت َعب َ ,ف��إِن َر ِ�ضيتَ بمِ َ ا تَل َعب َ ,و َ َق َ�سم ُت ُه َل َك �أَ َرحتَ َقل َب َك َو َبدن ََك ،و ُكنتَ ِع ِ ندي محَ ُموداً, و�إِن لمَ ت َ َر�ض بمِ َ ا َق َ�سم ُت ُه َل َك َف َو ِع َّز ِتي َو َجالليِ لأُ َ�س ِّل َطنَّ َعلَ َ �ض ِفي َها َر َ يك ال ُدن َيا تَر ُك ُ ك�ض ال ُوحو�ش فيِ ال�َبيرَ َّي� َة، ُث� َّم َال َيكُونُ َل� َ�ك ِفي َها �إِال َما َق َ�سم ُت ُه َل� َ�كَ ،و ُكنتَ ِع ِ ندي َمذ ُمو َما) وميزهم على �سائر خملوقاته وا�سجد املالئكة تكرميا له ال عبادة ،الن العبادة هلل وحده علما ان اهلل خلق االن�سان �ضعيفا وجاهال وقال اهلل تعالى}وخُ ِل َق االن�سان �ضعيفا{ وق��ال }واهلل اخرجكم من بطون امهاتكم ال تعلمون �شيئا{ لكن على �ضعفه وجهله عربة ملن اعترب، ومو�ضع العجب املتعجب الن��ه م��ع �ضعفه يت�صرف يف االقوياء ومع جهله يعلم جميع اال�سماء يت�صرف يف هذا الكون ال حد له ب ��أذن اهلل وت�صريفه ..فكيف نعبد اهلل حتى يتقبلنا علماً انه لي�س بحاجة لنا وال لعبادتنا؟ قال
اهلل يف احلديث القد�سي( :من عاد يل ولياً �آذنته باحلرب وما تقرب عبدي ب�شيء احب ايل مما افرت�ضته عليه ،وال يزال عبدي يتقرب ايل بالنوافل حتى احبه ،ف�إذا �أحببته كنت �سمعه الذي ي�سمع به ،وب�صره الذي يب�صر به ،ويده التي يبط�ش ب�ه��ا ،ورج�ل��ه التي مي�شي بها ،و�أن �س�ألني لأعطينه ولئن اعاذين لأعيذنه) وهذا الأمر يحتاج الى ال��زه��د يف ه��ذه احل�ي��اة الدنيا حتى االرت �ق��اء ال��ى حمبة اهلل تعالى وال يكون ذلك اال بالتوحيد اخلال�ص واتباع اوامره واجتناب نواهيه وتطهري القلوب من كل ما علق بها واالن��اب��ة واخل��وف والعبودية والت�سليم والتفوي�ض واالن�ق�ي��اد حلكمه وال�ترب�ي��ة الروحانية حتى ن�صل الى درجة االح�سان الذي هو لب االميان وروحه وكماله وهو اعلى وا�سمى املنازل كما قال النبي (�ص) ( :االح�سان هو ان تعبد اهلل ك�أنك تراه ف�إن مل تكن تراه ف�أنه يراك)... وه��ذا يحتاج الى اليقني بل الى عني اليقني وه��ذا اعلى املقامات عند اهلل تعالى ...وال يح�صل على ه��ذا املقام العظيم اال بجهاد النف�س وهو اجلهاد االكرب لتطويعها
وارغامها على االخال�ص لأ�صالح �ش�أنها لتكون مع الذين قال اهلل تعالى فيهم �}:أَلاَ �إِ َّن �أَ ْو ِل َيا َء هَّ ِ الل لاَ خَ ْو ٌف َعلَ ْي ِه ْم َولاَ ُه ْم َي ْح َزنُو َن 62ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا َو َكانُوا َي َّتقُونََ )63( ل ُه ُم الد ْن َيا َوفيِ ْال ِآخ � َر ِة لاَ َت ْب ِدي َل ِل َك ِل َم ِات ا ْل ُب�شْ َرى فيِ الحْ َ َيا ِة ُّ هَّ ِ الل َذ ِل َك ُه َو ا ْل َف ْو ُز ا ْل َع ِظي ُم{ يون�س .واالخال�ص هو �سر من ا��س��رار اهلل تعالى يقذفه اهلل يف قلب من اح��ب من عباده ومنزلة ال يرتقي اليها وال ي�صلها اال من ارتقى درجات �سلم اال�سالم اعالها درجة االح�سان. قطف املح�صول للو�صول الى القبول بعد االخال�ص يف املثول والو�صول الى القبول واهلل والر�ضى من اهلل تعالى وا�صبح امل�ؤمن يف �سياحة اميانية خال�صة متعلقة روح��ه بخالقها م�ستح�ضرة لعجائب ق��درة اهلل تعالى ودائمة الذكر والفكر يف اب��داع ال�صانع املبدع لهذا الكون فيكون ل�سانه رطباً بذكر هلل ،وحامدا �شاكرا مطمئنا �صابرا حمت�سبا لي�س له مق�صد اال الفوز بالنظر الى الرب �سبحانه قال اهلل تعالى ( :وجوه يومئذ نا�ضرة الى ربها ناظرة) 22 / 23القيامة م�ستح�ضراً ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
31
32
عظمة اخلالق �سبحانه وتعالى يف قلبه منعك�ساً ذلك على اجلوارح التي التغفل عن ربها حلظة واحدة ......تتذوق حالوة االميان وت�صبح ممن يحبهم اهلل ويظلهم يف ظله. جاء يف احلديث القد�سي � ( :إن اهلل يقول يوم القيامة: �أي��ن املتحابون ب�ج�لايل ؟ ال�ي��وم �أظلهم يف ظلي ي��وم ال ظ � َّل �إال ظ� ِّل��ي) رواه م�سلم، و�أخرج الرتمذي عن معاذ بن جبل ر�ضي اهلل عنه قال � :سمعت ر�سول اهلل � -صلى اهلل عليه و�سلم -يقول :قال اهلل عز وجل(:املتحابون يف جاليل لهم منابر من نور يغبطهم النبيون وال�شهداء) قال النبي (�ص)َ ( :ث�َل�اَ ثٌ َمنْ ُكنَّ ِفي ِهَ ،و َج� َد َح�َل�اَ َو َة مي ِان ؛ �أَنْ َيكُو َن هَّ ُ الل َو َر ُ�سو ُلهُ� ،أَ َح َّب �إِ َل ْي ِه ممَِّ ا ِ�س َو ُاه َما، ْ إِ ال َ هَّ َو�أَنْ ُي ِح َّب المْ َ ْر َء لاَ ُي ِح ُّب ُه �إِلاَّ للِ ِ َ ،و�أَنْ َي ْك َر َه �أَنْ َي ُعو َد فيِ ا ْل ُك ْف ِر َك َما َي ْك َر ُه �أَنْ ُي ْقذ ََف فيِ النَّا ِر ) رواه اني�س ابن مالك يف كتاب االميان وهذا ير�شدنا الى الطريق املو�صلة الى مر�ضاة اهلل �سبحانه وتعالى و معلوم ان اهلل تعالى ال يقبل من االعمال اال ما ك��ان خال�صاً �صوابا ق��ال اهلل تعالىَ } :و َما �أُ ِم� ُروا �إِلاَّ ِل َي ْع ُب ُدوا هَّ َ ني َل ُه ال ِّدينَ الل مخُ ْ ِل ِ�ص َ ُح َنفَا َء َو ُي ِقي ُموا ال�صَّلاَ َة َو ُي�ؤْتُوا ال َّز َكا َة َو َذ ِل َك ِدينُ ا ْل َق ِّي َم ِة{ البينة 5واملق�صود بذلك �أن يكون العمل اخلال�ص هلل وح��ده ال �شريك له تعظيماً للرب �سبحانه وتعالى كما اراد وب�ين ق��ال اهلل تعالى :هَّ ُ }الل لاَ �إِ َل� � َه ِ�إلاَّ ُه � َو الحْ َ � ُّ�ي ا ْل َق ُّيو ُم لاَ َت�أْخُ ُذ ُه ِ�س َن ٌة َولاَ َن ْو ٌم َّل ُه َما فيِ ال�سَّ َما َو ِات َو َما فيِ الَ ْر�� ِ�ض{ البقرة � 255أي ن�شهد بالوحدانية ب��أن اهلل هو ْأ الواحد االح��د ،الفرد ال�صمد ،ال��ذي مل يتخذ �صاحبة وال ولدا ،خلق ف�سوى ،وقدر فهدى ،رفع اجلبال بدون عمد ،واجلبال ار�ساها حلكمة بالغة ،واالر�ض دحاها ،له اال�سماء احل�سنى ،ذو الف�ضل العظيم على عباده اجمعني وان ن�ستح�ضر عظمته يف قلوبنا وان�ع�ك��ا���س ذل��ك على جوارحنا وج�لاء الغفلة من القلب والعقل وان ال يرانا اهلل حيث نهانا ،وال يفتقدنا حيث امرنا وان ال نغفل عن ذكر اهلل وان نرتقي ب�أنف�سنا عن ال�شهوات وبجوارحنا ع��ن ال���س�ي�ئ��ات ،ق��ال احل���س��ن ال�ب���ص��ري (لأه ��ل ال� َّت�ق��وى عالمات ُيع َرفون بها� :صدقُ احلديث ،وال��وف��ا ُء بالعهد، ِ ال�ضعفاء ،وقل ُة الفخر وا ُ خليالء، و�صل ُة ال ّرحم ،ورحم ُة ّ خللقِ ، ُ وح�سنُ ا ُ و�سع ُة وبذل املعروف ،و ِقل ُة املباهاة للنَّا�سُ ، ا َ وج � َّل) وق��ال اهلل تعالى خل�ل��ق؛ مم��ا ُي�ق� ِّر ُب �إل��ى اهلل َع � َّز َ الَ ْن َعا ِم َل ِعبرْ َ ًة ن ُّْ�س ِقيكُم ممَِّّ ا فيِ ُب ُطو ِن ِه ِمن } َو�إِ َّن َل ُك ْم فيِ ْ أ َبينْ ِ َف ْر ٍث َو َد ٍم َّل َبنًا خَ ا ِل ً�صا َ�سا ِئغًا ِّلل�شَّ ا ِر ِبنيَ{ النحل � 65أي ن�سقيكم م�ستخل�صاً من بني الفرث والدم اللنب االبي�ض اخلال�ص .وكذلك قال اهلل تعالى َ } :و ِمن َث َم َر ِات الن َِّخ ِ يل َو ْ أَ ال ْعنَابِ َتت َِّخذُو َن ِم ْن ُه َ�س َك ًرا{ �أي من م�ستخل�ص الثمار ومن النخيل واالعناب ما جتعلونه ُي�سكر والرزق ما �أُ ِح َل
وال�سكُر ما حرم من ثمرها وه��ذه �آي��ات تدل من ثمرها ُ على قدرة ووحدانية اهلل �سبحانه وتعالى واملعجزة يف قوله تعالى َ } :و�أَ ْو َحى َر ُّب َك �إِ َلى الن َّْح ِل �أَ ِن ات َِّخ ِذي ِمنَ الجْ ِ َب ِال ُب ُيوتًا َو ِم��نَ ال�شَّ َج ِر وَممَِّ ��ا َي ْعرِ�شُ ونَُ )68( ث َّم ُك ِلي ِمن ُك ِّل ا�س ُل ِكي ُ�س ُب َل َر ِّب ِك ُذلُلاً َيخْ ُر ُج ِمن ُب ُطو ِن َها �شَ َر ٌاب ال َّث َم َر ِات َف ْ مخُّ ْ َت ِلفٌ �أَ ْل� َوا ُن� ُه ِفي ِه ِ�شفَا ٌء ِّللن ِ َّا�س �إِ َّن فيِ َذ ِل� َ�ك َلآ َي � ًة ِّل َق ْو ٍم َي َت َف َّك ُرونَ{ النحل 69هذه احل�شرة ال�صغرية كيف جتني رحيق االزهار والثمار لي�ستخل�ص ع�سال فيه �شفاء للنا�س وكيف لها ان تبني م�ساكنها بطريقة هند�سية �سدا�سية اال�ضالع غاية يف الدقة واالب��داع من الذي امدها بكل ه��ذه ال�ق��درات� ،أ�إل��ه مع اهلل؟!! واالعجب من ذل��ك خلق النا�س ،فمنهم كافر و ملحد وم�شرك وا�ستخل�ص منهم عباده امل�ؤمنني الذين هم اال�صفياء ال�صاحلني واالولياء املتقني الذين اخت�صهم بالك�شف وارتفعت احلجب عن قلوبهم وبا�شرت بواطنهم روح اليقني و�صرف املعرفة لتقوية يقينهم ب��اهلل تعالى وم��ن ه ��ؤالء -1ال ��ويل وهو ال���ص� ّدي��ق والن�صري وال�ت��اب��ع وامل�ح��ب ال�ق��ري��ب وال��والي��ة ه��ي الن�صرة وال ��ويل ه��و امل ��وايل امل�ستمر يف طاعته هلل تعالى دون ع�صيان واهلل �سبحانه وتعالى يتواله دون ان يكله لنف�سه وامل��واالة �ضد امل�ع��اداة وه��ذه من اه��م �سمات ال�صاحلني وه��م يف ح��ال��ة م�شاهدة دائ�م��ة لعظمة ربهم �سبحانه وتعالى همهم ر�ضى اهلل تعالى ومراقبته �صادقا حمبا الداء حقوق اهلل �سبحانه وتعالى قال اهلل تعالى : }اال ان اولياء اهلل ال خوف عليهم وال هم يحزنون الذين ام�ن��وا وك��ان��وا يتقون{ يون�س 62وق��ال ت�ع��ال��ى}اهلل ويل الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور{النور .275 اف�ضل االولياء هم االنبياء والر�سل واف�ضلهم ( �أويل العزم )وهم :ونوح ،ومو�سى ،وابراهيم ،وعي�سى ،وحممد، عليهم �صلوات اهلل و�سالمه قال اهلل تعالى � } :شَ َر َع َلكُم ُوحا َوا َّل� ِ�ذي �أَ ْو َح� ْي� َن��ا �إِ َل� ْي� َ�ك َو َم��ا ِّم��نَ ال� ِّدي��نِ َم��ا َو�صَّ ى ِب� ِه ن ً ي�سى َ�أنْ َ�أ ِقي ُموا ال ِّدينَ َولاَ و�سى َو ِع َ َو�صَّ ْينَا ِب ِه �إِ ْب َر ِاهي َم َو ُم َ اللُ وه ْم �إِ َل� ْي� ِه هَّ َت َت َف َّر ُقوا ِفي ِه َك�ُب�رُ َ َعلَى المْ ُ�شْ ِر ِك َ ني َما َت ْد ُع ُ يب{ واف�ضل َي ْج َتبِي �إِ َل ْي ِه َمن َي َ�شا ُء َو َي ْه ِدي �إِ َل ْي ِه َمن ُي ِن ُ اويل ال�ع��زم حممد �صلى اهلل عليه و�سلم خ��امت النبني وامام املتقني و�سيد ولد ادام جعل اهلل امته ب�أف�ضل االمم ان اولياء اهلل الذين يعت�صمون بالكتاب وال�سنة ايدهم اهلل مبعجزاته ال�ت��ي ه��ي ك��ل ام��ر خ��ارق ل�ل�ع��ادة خمالف للم�ألوف وال تخالف العقل واالفكار واهلل تعالى ايد ر�سله مبعجزات تبني �صدق دععوتهم وتبني للنا�س ارتباطاهم باهلل تعالى .وما من نبي اال وكرمه اهلل عزوجل .بكرامة ت�أييداً وبرهاناًعلى �صدق دعوته عن ابي هريرة ر�ضي اهلل عنه ق��ال ق��ال ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عيله و�سلم (م��ا من
االنبياء اال و�أعطي ما مثله �آمن عليه الب�شر وامنا كان الذي اوتيت وحي اوحاه اهلل ايل ف�أرجو ان اكون اكرثهم تبعا يوم القيامة ) البخاري . وم��ن معجزات النبي (���ص) معجزة ال�ق��ر�آن الكرمي، وه��ذه اعظم املعجزات وابلغها لأنها معجزة باقية على م��ر ال��زم��ن ناطقة بنبوته يف ك��ل زم��ان وم�ك��ان علما ان امل�ع�ج��زات االخ ��رى ال�ت��ي اي��د اهلل بها انبيائه ق��د انتهت وذهبت بوفاة النبي وا�صبحت تاريخاً واخباراً تذكر .وقد حتدى اهلل �سبحانه وتعالى العرب بالقر�آن العظيم وهم اهل البالغة واللغة على ان ي�أتوا ب�آية مثله فكان حجة عليهم والعرب حجة على غريهم من النا�س وكذلك اكرم اهلل ع��زوج��ل �سيد اخللق حممد مبعجزات اخ��رى منها معجزة اال��س��راء وامل�ع��راج ،ان�شقاق القمر ،نبع امل��اء من ا�صابعه ،تكليم ال�شاة امل�صلية امل�سمومة له ،زيادة الطعام والربكة له ،حنني جذع ال�شجرة ،ابراء املر�ضى ،وغريه الكثري علما ان معجزة الر�سول حممد (�ص) يف ميزان العلم هي املعجزة يف ميزان الدين والقر�آن وكرامة اولياء اهلل من امة حممد (�ص) ح�صلت بربكة اتباع مبا جاء به الر�سول (�ص) ومن االمثلة على ذلك" �أ�سيد بن ح�ضري" ي�ق��ر�أ ��س��ورة الكهف ف�ن��زل م��ن ال�سماء مثل الظلة فيها �أمثال ال�سرج وهي املالئكة نزلت لقراءته وكانت املالئكة ت�سلم على عمران بن ح�صني ؛ وكان �سلمان و�أبو الدرداء ي��أك�لان يف �صحفة ف�سبحت ال�صحفة �أو �سبح م��ا فيها، وعباد بن ب�شر ،و�أ�سيد بن ح�ضري خرجا من عند ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم يف ليلة مظلمة ف�أ�ضاء لهما نور مثل ط��رف ال�سوط فلما افرتقا اف�ترق ال�ضوء معهما. رواه البخاري وغريه .وق�صة ال�صديق يف ال�صحيحني ملا ذهب بثالثة �أ�ضياف معه �إلى بيته وجعل ال �أكل لقمة �إال ربى من �أ�سفلها �أكرث منها ف�شبعوا و�صارت �أكرث مما هي قبل ذلك فنظر �إليها �أبو بكر وامر�أته ف�إذا هي �أكرث مما كانت فرفعها �إلى ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم وجاء �إليه �أقوام كثريون ف�أكلوا منها و�شبعوا. و"خبيب ب��ن عدي" ك��ان �أ��س�يرا عند امل�شركني مبكة �شرفها اهلل تعالى وك��ان ي�ؤتى بعنب ي�أكله ولي�س مبكة عنبة .و" عامر بن فهرية :قتل �شهيدا فالتم�سوا ج�سده فلم يقدروا عليه وكان ملا قتل رفع فر�آه عامر بن الطفيل وقد رفع وقال :عروة :فريون املالئكة رفعته .وخرجت" �أم �أمين"مهاجرة ولي�س معها زاد وال ماء فكادت متوت من العط�ش فلما كان وقت الفطر وكانت �صائمة �سمعت ح�سا على ر�أ�سها فرفعته ف�إذا دلو معلق ف�شربت منه حتى رويت وما عط�شت بقية عمرها .
و"�سفينة" مولى ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �أخرب الأ�سد ب�أنه ر�سول ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم فم�شى معه الأ�سد حتى �أو�صله مق�صده .و" ال�براء بن مالك" ك��ان �إذا �أق�سم على اهلل تعالى �أب��ر ق�سمه وك��ان احلرب �إذا ا�شتدت على امل�سلمني يف اجلهاد يقولون :يا ب��راء �أق�سم على رب��ك فيقول :ي��ا رب �أق�سمت عليك ملا منحتنا �أكتافهم فيهزم العدو ،فلما كان يوم" القاد�سية" ق��ال� :أق�سمت عليك يا رب ملا منحتنا �أكتافهم وجعلتني �أول �شهيد فمنحوا �أكتافهم وقتل الرباء �شهيدا. و" خالد بن الوليد" حا�صر ح�صنا منيعا فقالوا ال ن�سلم حتى ت�شرب ال�سم ف�شربه فلم ي�ضر و�سعد بن ابي وقا�ص" كان م�ستجاب الدعوة ما دعا قط �إال ا�ستجيب له وهو الذي هزم جنود ك�سرى وفتح العراق . و" عمر بن اخلطاب" ملا �أر�سل جي�شا �أّمر عليهم رجال ي�سمى" �سارية" فبينما عمر يخطب فجعل ي�صيح على امل�ن�بر ي��ا ��س��اري��ة اجل�ب��ل ،ي��ا ��س��اري��ة اجل�ب��ل ،ف�ق��دم ر�سول اجلي�ش ،ف�س�أل فقال :يا �أمري امل�ؤمنني لقينا عدوا فهزمونا ف�إذا ب�صائح :يا �سارية اجلبل يا �سارية اجلبل ،ف�أ�سندنا ظهورنا باجلبل فهزمهم اهلل .وملا ُعذبت" الزبرية" على الإ� �س�لام يف اهلل ف��أب��ت �إال الإ� �س�لام وذه��ب ب�صرها قال امل�شركون� :أ�صاب ب�صرها الالت والعزى قالت كال واهلل، فرد اهلل عليها ب�صرها .ودعا" �سعيد بن زيد" على �أروى بنت احلكم ف�أعمي ب�صرها ملا كذبت عليه فقال :اللهم �إن كانت كاذبة ف�أعم ب�صرها واقتلها يف �أر�ضها فعميت ووقعت يف حفرة من �أر�ضها فماتت . " وال �ع�لاء ب��ن احل�ضرمي" ك��ان ع��ام��ل ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم على البحرين ،وكان يقول يف دعائه: يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم في�ستجاب له ،ودعا اهلل ب�أن ي�سقوا ويتو�ضئوا ملا عدموا املاء والإ�سقاء ملا بعدهم ف�أجيب ،ودع��ا اهلل ملا اعرت�ضهم البحر ومل يقدروا على امل��رور بخيولهم ف�م��روا كلهم على امل��اء م��ا ابتلت �سروج خيولهم ؛ ودعا اهلل �أن ال يروا ج�سده �إذا مات فلم يجدوه يف اللحد . وجرى مثل ذلك" لأبي م�سلم اخلوالين" الذي �ألقي يف النار ف�إنه م�شى هو ومن معه من الع�سكر على دجلة وه��ي ترمى باخل�شب من مدها ثم التفت �إل��ى �أ�صحابه فقال :تفقدون من متاعكم �شيئا حتى �أدعو اهلل عز وجل فيه فقال بع�ضهم :فقدت خم�لاة فقال اتبعني فتبعه فوجدها قد تعلقت ب�شيء ف�أخذها ،وطلبه الأ�سود العن�سي ملا ادعى النبوة فقال له � :أت�شهد �أين ر�سول اهلل ؟ قال ما �أ�سمع قال �أت�شهد �أن حممدا ر�سول اهلل ؟ قال نعم .ف�أمر ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
33
34
بنار ف�ألقي فيها فوجدوه قائما ي�صلي فيها وقد �صارت عليه بردا و�سالما ؛ وقدم املدينة بعد موت النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ف�أجل�سه عمر بينه وبني �أبي بكر ال�صديق ر�ضي اهلل عنهما ،وق��ال احلمد هلل ال��ذي مل ميتني حتى �أرى م��ن �أم��ة حممد �صلى اهلل عليه و�سلم م��ن فعل به كما فعل ب�إبراهيم خليل اهلل .وو�ضعت له جارية ال�سم يف طعامه فلم ي�ضره .وخببت امر�أة عليه زوجته فدعا عليها فعميت وجاءت وتابت فدعا لها فرد اهلل عليها ب�صرها . وكان" عامر بن عبد قي�س" ي�أخذ عطاءه �ألفي درهم يف كمه وما يلقاه �سائل يف طريقه �إال �أعطاه بغري عدد ثم يجيء �إلى بيته فال يتغري عددها وال وزنها .ومر بقافلة قد حب�سهم الأ�سد فجاء حتى م�س بثيابه الأ�سد ثم و�ضع رجله على عنقه وقال � :إمنا �أنت كلب من كالب الرحمن و�إين �أ�ستحي �أن �أخ��اف �شيئا غ�يره وم��رت القافلة ودعا اهلل تعالى �أن يهون عليه الطهور يف ال�شتاء فكان ي�ؤتى باملاء له بخار ودعا ربه �أن مينع قلبه من ال�شيطان وهو يف ال�صالة فلم يقدر عليه .وتغيب" احل�سن الب�صري" عن احلجاج فدخلوا عليه �ست مرات فدعا اهلل عز وجل فلم يروه ودعا على بع�ض اخلوارج كان ي�ؤذيه فخر ميتا .و" �صلة بن �أ�شيم" مات فر�سه وهو يف الغزو فقال اللهم ال جتعل ملخلوق علي منة ودعا اهلل عز وجل ف�أحيا له. فر�سه .فلما و��ص��ل �إل��ى بيته ق��ال ي��ا بني خ��ذ �سرج الفر�س ف�إنه عارية ف�أخذ �سرجه فمات الفر�س وجاع مرة ب��الأه��واز ف��دع��ا اهلل ع��ز وج��ل وا�ستطعمه فوقعت خلفه دوخلة رطب يف ثوب حرير ف�أكل التمر وبقي الثوب عند زوجته زمانا .وجاء الأ�سد وهو ي�صلي يف غي�ضة بالليل فلما �سلم قال له اطلب الرزق من غري هذا املو�ضع فولى الأ�سد وله زئري .وكان " �سعيد بن امل�سيب " يف �أيام احلرة ي�سمع الأذان من قرب ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �أوق��ات ال�صلوات وك��ان امل�سجد قد خال فلم يبق غ�يره . ورجل من " النخع " كان له حمار فمات يف الطريق فقال له �أ�صحابه هلم نتوزع متاعك على رحالنا فقال لهم : �أمهلوين هنيهة ثم تو�ض�أ ف�أح�سن الو�ضوء و�صلى ركعتني ودعا اهلل تعالى ف�أحيا له حماره فحمل عليه متاعه .وملا مات " �أوي�س القرين " وجدوا يف ثيابه �أكفانا مل تكن معه قبل ووجدوا له قربا حمفورا فيه حلد يف �صخرة فدفنوه فيه وكفنوه يف تلك الأثواب .وكان " عمرو بن عقبة بن فرقد " ي�صلي يوما يف �شدة احلر ف�أظلته غمامة وكان ال�سبع يحميه وهو يرعى ركاب �أ�صحابه لأنه كان ي�شرتط على �أ�صحابه يف الغزو �أنه يخدمهم .وكان " مطرف بن عبد اهلل بن ال�شخري " �إذا دخ��ل بيته �سبحت معه �آنيته وكان هو و�صاحب له ي�سريان يف ظلمة ف�أ�ضاء لهما طرف ال�سوط .وملا مات الأحنف بن قي�س وقعت قلن�سوة رجل
يف قربه ف�أهوى لي�أخذها فوجد القرب قد ف�سح فيه مد الب�صر .وكان " �إبراهيم التيمي " يقيم ال�شهر وال�شهرين ال ي�أكل �شيئا وخ��رج ميتار لأهله طعاما فلم يقدر عليه فمر ب�سهلة حمراء ف�أخذ منها ثم رجع �إلى �أهله ففتحها ف�إذا هي حنطة حمراء فكان �إذا زرع منها تخرج ال�سنبلة من �أ�صلها �إلى فرعها حبا مرتاكبا .وكان " عتبة الغالم " ��س��أل رب��ه ث�لاث خ�صال �صوتا ح�سنا ودم�ع��ا غزيرا وطعاما من غري تكلف .فكان �إذا قر�أ بكى و�أبكى ودموعه جارية دهره وكان ي�أوي �إلى منزله في�صيب فيه قوته وال يدري من �أين ي�أتيه .وكان " عبد الواحد بن زيد " �أ�صابه الفالج ف�س�أل ربه �أن يطلق له �أع�ضاءه وقت الو�ضوء فكان وق��ت الو�ضوء تطلق ل��ه �أع���ض��ا�ؤه ث��م تعود بعده .وه��ذا الباب وا�سع على كرامات الأولياء يف غري هذا املو�ضع . و�أم��ا ما نعرفه عن �أعيان ونعرفه يف هذا الزمان فكثري .ومم��ا ينبغي �أن يعرف �أن ال�ك��رام��ات ق��د تكون بح�سب حاجة الرجل ف�إذا احتاج �إليها ال�ضعيف الإميان �أو املحتاج �أت��اه منها ما يقوي �إميانه وي�سد حاجته ويكون من هو �أكمل والية هلل منه م�ستغنيا عن ذلك فال ي�أتيه مثل ذلك لعلو درجته وغناه عنها ال لنق�ص واليته ؛ ولهذا كانت هذه الأمور يف التابعني �أكرث منها يف ال�صحابة ؛ بخالف من يجري على يديه اخل��وارق لهدي اخللق وحلاجتهم فه�ؤالء �أعظم درجة. نبي من �أنبياء ومن معجزات االنبياء والر�سل .:لك ّل ٍّ اهلل �أو ٍ ر�سول من ُر ُ�سله ُمعجزة على الأق ّل يتميز بها ،وقد جاء ذكر بع�ض ُمعجِ زات الأنبياء يف كتاب اهلل ،بينما ذكر النبي �-ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم -بع�ضها الآخ��ر يف �أقواله ّ �صحت ن�سبتها �إليهّ � ،أما باقي ُمعجِ زات الأنبياء التي التي ّ مل ي� ِأت لها ذك ٌر يف كتاب اهلل و�سنة ر�سوله ،فقد ُن ِقلت �إلينا عن �أنبياء اهلل بالتناقل والرواية حتى بلغت ح ّد ال�شهرة، �أما �أبرز امل ُعجِ زات التي تف َّرد بها بع�ض الأنبياء فمنها ما ال�سالم: �سي�أتي بيانه يف الفقرات الآتيةُ :معجِ زة نوح عليه ّ ال�سالم -قومه �إلى الإمي��ان باهلل بعد �أن دعا نوح -عليه ّ ومل ي�ؤمنوا به -رغم �أنّه �أطال العهد فيهم -حينها �أمره اهلل �-سبحانه وتعالى -ب�صنع �سفين ٍة ليحمل فيها َمن �آمن معه ،وقد كانت تلك ال�سفينة من امل ُعجِ زات التي �أعطاها ال�سالم؛ حيث كانت يف اهلل �سبحانه وتعالى لنوح عليه ّ حينها �سابق ًة مل ي�شهد لها النا�س مثي ً ال ،كما �أنّ لها من ال�سفن التي جاءت اخل�صائ�ص ما مي ّيزها عن غريها من ُّ بعدها ،فكيف ل�سفينة مثلها �أن ت�سري يف البحر تتالطمها ّ تتحطم �أو ت�غ��رق ،وتنجو مب��ن عليها الأم� ��واج دون �أن َ َ �اب من الب�شر وال � ّدواب! ق��ال تعالىَ }:ف�أنجْ َ ْينَا ُه َو�أ�ْ��ص� َ�ح� َ ال�س ِفي َن ِة َو َج َع ْلنَا َها �آ َي ًة ِل ْل َعالمَ ِنيَ{ومن �إعجاز تلك ال�سفينة َّ
كذلك �أنّ جميع من مل يركب فيها �أغرقه الطوفان حتّى لو التج�أ �إلى ٍ مكان بعيد اعتقد �أنه ُ�سينجيه من الطوفان، ممن �آمن من قوم نوح عليه فلم ين ُج �إال من ركب ال�سفينة ّ بحد ذاته �إعجا ٌز منقطع النظري ال ميكن ال�سالم ،وذلك ِّ ّ تخ ُّيله �أو حتى ت�ص ّور امليزات التي احتوتها تلك ال�سفينة، ّ للتحطم �أو ال �غ��رق ،م��ع �أ ّن�ه��ا ح� ّت��ى جعلتها غ�ير ق��اب�ل��ة ال�سالم م�صنوع ٌة من الأخ�شابُ )٣(.معجِ زة �صالح عليه ّ مبعجِ ز ٍة مل ُي َ عط ال�سالمُ - مت ّيز نبي اهلل �صالح -عليه ّ �أح ٌد غريه من النا�س مثلها ،كغريه من �أنبياء اهلل الذين مم��ا عنده من الأم��ور اخلارقة للعادات ،فقد �آتاهم اهلل ّ �أ ّيد اهلل �-سبحانه وتعالى -نب ّيه �صاحلاً بناقة؛ �أخرجها ال�صخر ،بعد �أن طلبوا منه ذلك اهلل ل�ق��وم �صالح م��ن ّ حتى ي�ص ّدق نب ّوته وما جاءهم به من عند اهلل ،ورغم �أنّ جمرد �إخراج الناقة من �صخرة �ص ّماء ُيع ّد ُمعجِ ز ًة بح ّد ذاتها �إال �إن تلك الناقة كانت يف جميع تفا�صيلها ُمعجزةً؛ حيث كان من �إعجازها �أن خُ ِّ�ص�ص لها �شرب يوم من النبع الذي ي�شرب منه قوم �صالح ،فت�شرب بقدر ما ي�شرب قوم �صالح جميعهم ،بينما كان لقومه �شرب يو ٍم �آخر غري يوم �شرب الناقة ،وك��ان من �إعجازها كذلك �أن تعطيهم يوم �شربها لبناً لي�شربوه بقدر ما �أخذت من نبعهم فيكفيهم ذلك اليوم ،حتّى عقرها �أحدهم بعد م�ؤامر ٍة د ّبرها القوم لأج��ل ذل��ك ،فعذّبهم اهلل بفعلتهمُ )٤(.م�ع��جِ ��زة �س ّيدنا ال�سالم بعد �أن دعا �س ّيدنا �إبراهيم -عليه �إبراهيم عليه ّ ال�سالم -قومه �إلى عبادة اهلل وترك ما كانوا يعبدون من ّ وال�سبل، الو�سائل بكل ذلك �ل � ج ل أ هم ج وحاج أ�صنام، ال َ َ ُّ كذّبوه و�آذوهّ ، فحطم �أ�صنامهم ل ُيثبت لهم �ضعفها وق ّلة حيلتها ،و�أن �ه��ا جم � ّرد ح �ج��ارة ال ت���ض� ّر وال ت�ن�ف��ع ،فل ّما عجز القوم عن دفع حجج �إبراهيم الكثرية والتي توافق جميعها املنطق وتخالف ما يعتقدون ،حينها �أجمعوا على حرقه بالنار حتى ال تت�ض ّرر �آلهتهم التي �أ�صبح �إبراهيم ُي�ه� ّدده��ا ب��دع��وت��ه احل�ق��ة ،ق��ال تعالى يف و��ص��ف حالهم: ان�ص ُروا �آ ِل َه َت ُك ْم �إِن ُكن ُت ْم َف ِاع ِلنيَ* ُق ْلنَا َيا } َقا ُلوا َح ِّر ُقو ُه َو ُ نَا ُر ُكونيِ َب ْر ًدا َو َ�سلاَ ًما َعلَى �إِ ْب َر ِاهي َم{ )٥(.وحلرق �س ّيدنا ال�سالم ،جمع قوم �إبراهيم حطباً كثرياً ،ث ّم �إبراهيم عليه ّ جعلوا ذلك احلطب يف حفرة عميق ٍة من الأر�ض ،و�أ�شعلوا النار فيها ،فكان لهيبها مرتفعاً جداً ،و�شر ُرها من ِعظمه ال�سالم -يف منجنيقٍ ؛ يتطاير ،ث ّم و�ضعوا �إبراهيم -عليه ّ خمافة �أن ي�صيبهم �شررها �أو ح ُّرها ال�شديد ،و�ألقوه يف النار ،فقال حينها} :ح�سبي اهلل ونعم الوكيل{ ،وقد �أتاه جربيل وه��و يف ال�ه��واء ،فقال ل��ه�( :أل��ك ح��اج��ة؟ فقال: �أ َّما �إليك فال ،و�أ ّما من اهلل فبلى) ،حينها جاءت امل ُعجِ زة الإله ّية لإبراهيم بقول اهلل تعالىُ } :ق ْلنَا َي��ا َن��ا ُر ُك�ونيِ َب� ْر ًدا َو َ�سلاَ ًما َعلَى �إِ ْب َر ِاهي َم{ )6(،فلم حترقه تلك النار
على ِع َظمها و�ش ّدة ح ِّرها ،ومل حترق �سوى َوثا ِقه الذي رب�ط��وه ب��ه ،فكانت تلك امل ُ�ع��جِ ��زة خ��رق�اً جلميع الأع��راف وال�ع��ادات؛ �إذ �إنّ من الطبيعي �أن حت��رق النار جميع ما تلم�سه �أو تقرتب منه ،لكنها مل ت�ؤ ِذ �إبراهيم جم ّرد �إيذاء ال�سالم -كثري ٌة متعددة، نبي اهلل مو�سى -عليه ّ ُمعجِ زات ّ بل �إنّها �أك�ثر من �أن تُذكر ،وذل��ك لكونه اُر�سل �إل��ى قو ٍم معروفني بق ّوة �سحرهم ،وال َتّحكم بالأب�صار ،والتالعب بعقول النا�س ،لذلك كانت ُمعجِ زاته تتالءم مع القوم ال�سالم، الذين اُر�سل �إليهم� ،أ ّما �أه ُّم ُمعجِ زات مو�سى عليه ّ فمنها ما ي��أت��يُ )٧(:معجِ زة الع�صا :هي �أب��رز ُمعجِ زاته على الإط�لاق؛ حيث كان فيها العديد من امليزات ،فقد حي، حت ّولت �إلى ح ّية ت�سعىّ ، فتوهم من يراها �أنّها كائنٌ ّ ع�صي قوم فرعون وحبالهم؛ كما حتولت �إلى ح ّية ابتلعت َّ مل ّا جرى بينهم وبني مو�سى التناف�سُ .معجِ زة يد مو�سى: ال�سالم� -إلى بي�ضاء ال �سوء كانت تنقلب يد مو�سى -عليه ّ فيها مبجرد �أن يدخلها يف جيبه ،وقد ح�صل ذلك عندما ذهب �إلى فرعون يدعوه �إلى الإميان باهللُ .معجِ زة انفالق البحر :ملا ف َّر مو�سى ومن معه من فرعون وجنده� ،ضرب مو�سى بع�صاه البحر فانفلق �إلى فلقتني ،وت�شكّل لهم فيه طريقٌ ،فا�ستطاعوا النجاة من فرعون وجندهُ .معجِ زة ال � ّرج��ز(ال �ع��ذاب)� :أن��زل اهلل �-سبحانه وت�ع��ال��ى -الرجز وال �ع��ذاب ب�شتّى الأ��ص�ن��اف على ق��وم ف��رع��ون؛ لي�ؤمنوا مبو�سى ،وق��د تن ّوعت ُم�ع��جِ ��زات ال��رج��ز ،ف�م� ّر ًة ي�أخذهم بالقحط واجلدب ،وم ّرة بال ّدم ،ومرة يبعث �إليهم اجلراد وال� ُق� َّم��ل وال�ضفادع ،وغ�ير ذل��ك م��ن الآي��ات وامل ُ�ع��جِ ��زات. ال�سالم ُمعجِ زات نبي اهلل ُمعجِ زات �س ّيدنا عي�سى عليه ّ عي�سى كذلك كثرية ،ولع َّل �أظهرها و�أه َّمها على الإطالق مولده بال �أبٍ وكالمه يف املهد ل ُيخرب النا�س ب�صدق قول نبي اهلل �إليهم ،ومن ُمعجِ زاته �أنّه �أ ّمه مرمي ،ويبلغهم �أنّه ّ ك��ان ي�صنع من الطني ط�يراً ث� ّم ينفخ فيه فيطري ب�أمر اهلل ،و�أن��ه ك��ان ُي�برئ الأكمه والأب��ر���ص ب ��إذن اهلل ،و ُينبئ النا�س مب��ا ي� ّدخ��رون يف بيوتهم ،كما ك��ان عي�سى -عليه ال�سالمُ -يحيي املوتى ب�أمر اهلل. ّ (املنهاج الرباين يف االمرالت�شريعي ال�سماوي) االوامر الت�شريعية :هي املتمثلة يف الناحية العملية م��ن ر��س��ال��ة اال� �س�ل�ام وت�ق���س��م االوام� ��ر الت�شريعية ال��ى ق�سمني -: -1املت�صل ب�أحكام العبادات - :مثل احكام ال�صالة , الزكاة ،ال�صوم ،احلج والعمرة والدعاء والذكر } َو�أَ ِق � �ي � � ُم� ��وا ال � �� ��صَّ �َلةاَ ةََ و�آ ُت� ��وا ال � � َّز َك� ��اةََ وا ْر َك � � ُع� ��واَ م � � َع ال َّرا ِك ِعنيَ{}ا ْذ ُك ُرونيِ� أَ ْذ ُك ْر ُك ْمَ وا�شْ ُك ُروا ليِ َولاَ َت ْك ُف ُر ِ ون{ ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
35
36
ال�ص َيا ُم َك َما ُك ِت َب َعلَى } َيا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا ُك ِت َب َعلَ ْي ُك ُم ِّ ا َّل ِذينَ ِمن َق ْب ِل ُك ْم َل َع َّل ُك ْم َت َّتقُونَ{ } َو�أَتمِ ُّوا الحْ َ َّج َوا ْل ُع ْم َر َة للِ هَّ ِ َف�إِنْ �أُ ْح ِ�ص ْرتمُ ْ َف َما ْا�س َت ْي َ�س َر ِمنَ ا ْل َه ْد ِي{ } َفا ْذ ُك ُرونيِ ون{ } َف�إِ َذا َق َ�ض ْيتُم َّمن ِ �أَ ْذ ُك ْر ُك ْم َوا�شْ ُك ُروا ليِ َولاَ َت ْك ُف ُر ِ َا�س َك ُك ْم َفا ْذ ُك ُروا هَّ َ الل َك ِذ ْك ِر ُك ْم �آ َبا َء ُك ْم �أَ ْو �أَ�شَ َّد ِذ ْك ًرا َف ِمنَ الن ِ َّا�س َمن َيق ُ الد ْن َيا َو َم��ا َل ُه فيِ ْال ِآخ � َر ِة ِمنْ خَ � اََلاقٍ { ُول َر َّبنَا �آ ِتنَا فيِ ُّ -2امل�ت���ص��ل ب��االح�ك��ام ال��دن�ي��وي��ة م��ن ق�ضائية و�سيا�سية وحرية واقت�صادية ،واملعامالت واالخالق. احكام اجلهاد يف �سبيل اهلل و�ش�ؤون اال�سرة ( الزواج،الطالق ،العدة ،النكاح ..الخ). اذا اطعنا اهلل يف اوامره الت�شريعية طوع اهلل لنا اوامره التكوينية – من االوامر الت�شريعية .1اال ت�شركوا باهلل �شيئا .2وبالوالدين �إح�سانا. .3وال تقتلوا �أوالدكم من �إمالق. .4وال تقربوا الفواح�ش ما ظهر منها وما بطن. .5وال تقتلوا النف�س التي حرم اهلل �إال باحلق. .6وال تقربوا مال اليتيم �إال بالتي هي �أح�سن. .7و�أوفوا الكيل وامليزان بالق�سط. .8و�إذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى. .9وبعهد اهلل �أوفوا ذلكم و�صاكم به. .10و�أن ه��ذا ��ص��راط��ي م�ستقيما ف��ات�ب�ع��وه وال تتبعوا ال�سبل فتفرق بكم عن �سبيله ذلكم و�صاكم به لعلكم تتقون. قال ر�سول اهلل عن الروح الأمني عن ربه: } ُق� ْ�ل َت َعا َل ْوا �أَ ْت� ُل َما َح� َّر َم َر ُّب ُك ْم َعلَ ْي ُك ْم� أَلاَّ تُ�شْ ِر ُكوا ِب ِه �شَ ْيئًا َوبِا ْل َوا ِل َد ْينِ �إ ِْح َ�سانًا َولاَ َت ْق ُت ُلوا �أَ ْولاَ َد ُك � ْم ِمنْ إِ� ْملاَ قٍ ن َْحنُ َن ْر ُز ُق ُك ْم َو�إِ َّي ُاه ْم َولاَ َت ْق َر ُبوا ا ْل َف َو ِاح َ�ش َما َظ َه َر ِم ْن َها ْ�س ا َّل ِتي َح َّر َم هَّ ُ الل �إِلاَّ ِبالحْ َ ِّق َذ ِل ُك ْم َو َما َب َطنَ َولاَ َت ْق ُت ُلوا ال َّنف َ يم �إِلاَّ َو�صَّ ا ُك ْم ِب ِه َل َع َّل ُك ْم َت ْع ِق ُلونَ(َ )151ولاَ َت ْق َر ُبوا َما َل ا ْل َي ِت ِ بِا َّل ِتي ِه َي �أَ ْح َ�سنُ َحتَّى َي ْب ُل َغ �أَ�شُ َّد ُه َو َ�أ ْو ُف��وا ا ْل َك ْي َل َوالمْ ِيزَا َن بِا ْل ِق ْ�س ِط لاَ ُن َك ِّلفُ َنف ًْ�سا �إِلاَّ ُو ْ�س َع َها َو�إِ َذا ُق ْل ُت ْم َف ْاع ِد ُلوا َو َل ْو َك��ا َن َذا ُق� ْر َب��ى َو ِب َع ْه ِد هَّ ِ الل َ �أ ْو ُف ��وا َذ ِل� ُك� ْم َو�صَّ ا ُك ْم ِب� ِه َل َع َّل ُك ْم َت � َذ َّك � ُرونَ(َ )152و�أَ َّن َه�ذَا ِ�ص َر ِاطي ُم ْ�س َت ِقي ًما َفا َّت ِب ُعو ُه َولاَ ال�س ُب َل َف َت َف َّر َق ِب ُك ْم َع��نْ َ�سبِي ِل ِه َذ ِل� ُك� ْم َو�صَّ ا ُك ْم ِب ِه َت َّت ِب ُعوا ُّ َل َع َّل ُك ْم َت َّتقُونَ{(.)153الأنعام
واذا اطعنا اهلل يف و اومره التي �شرعها لنا ول�صاحلنا و�سعادتنا طوع اهلل الكون يف خدمتنا وطاعتنا واذا ع�صينا اهلل تعالى وخالفنا اوامره الت�شريعية ي�سلط علينا الكون وي�صبح ع�صي علينا ثم انقلب علينا مثال على ذلك -: كما ذكر �سابقاً ابراهيم عليه ال�سالم اطاع اهلل واخل�ص يف توحيده .�سخر له النار املحرقة يف خدمته ومل ت�ضره مو�سى عليه ال�سالم :اط��اع اهلل واخل�ص يف عبادته�سخر البحر يف عبادته وجناه وقومه من عدوه يون�س عليه ال�سالم اط��اع اهلل وان��اب اليه جن��اه منالغرق و�سخر له احلوت ليكون حا�ضنة وحافظة له ومل ي�ضره وكان يف خدمته حممد �سيد اخللق �صلى اهلل عليه و�سلم اط��اع اهللاطاعة خال�صة �شاملة كاملة �سخر اهلل له كل �شيئ وال�شاهد على ذلك :جاءت االوامر يف احداث غزوة ب��در يف ��س��ورة االن�ف��ال ال �ن��داءات االلهية للم�ؤمنني �ست مرات ت�أمرهم وتخاطبهم للأمتثال لأمر اهلل يف املعركة �أ -ج��اء النداء االول التحذير من الفرار يف املعركة . قال اهلل تعالى }يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فال تولوهم االدبار { . ب -االم��ر بال�سمع والطاعة :ق��ال اهلل تعالى }ي��ا ايها ال��ذي��ن ام�ن��وا اطيعوا اهلل ور�سوله وال ت��ول��وا وانتم ت�سمعون { ج -جاء النداء يدعوهم الى ن�صرتهم وعزتهم و�سعادتهم يف الدنيا واالخ ��رة ق��ال اهلل تعالى }ي��ا ايها الذين امنوا ا�ستجيبوا هلل والر�سول اذا دعاكم ملا يحييكم{ د -ال �ن��داء ب��دع��وة ع��دم خيانة اهلل وال��ر� �س��ول ق��ال اهلل تعالى } يا ايها الذين امنوا ال تخونوا اهلل والر�سول وتخونوا �أماناتكم وانتم تعلمون{ هـ -وج��اء ال�ن��داء االخ��ر يذكرهم بثمرة التقوى قائال }يا ايها الذين امنوا ان تتقوا اهلل يجعل لكم فرقاًنا ويكفر عنكم �سيئاتكم ويغفر لكم واهلل ذو ف�ضل عظيم{ و -و� �ض��ح ل�ه��م ط��ري��ق ال �ع��زة وا� �س ����س ال�ن���ص��ر ب��ال�ث�ب��ات وال�صرب ق��ال اهلل تعالى }ي��ا اي�ه��ا ال��ذي��ن ام�ن��وا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا اهلل كثريا لعلكم تفلحون{ ل�ق��د ا��س�ت�ج��اب ال��ر��س��ول وامل ��ؤم �ن��ون ال��ى اوام ��ر اهلل الت�شريعية فط ّوع اهلل عزوجل لهم اوامره التكوينية التي كانت �سببا يف انت�صارهم يف غ��زوة ب��در ،وذلك
ب���س��ب ال �ت��زام �ه��م ال � �ن ��داءات االل �ه �ي��ة ال�ت���ش��ري�ع�ي��ة وه��ي:ام��ده��م اهلل ب��امل�لائ�ك��ة ت�ق��ات��ل م�ع�ه��م ،وال�ق��ى عليهم ال�ن��وم امنا وراح��ة الج�سامهم وق��ت اخل��وف وال���ش��دة ،وغ�شاهم النعا�س �أم�ن��ة منه ،وراح��ة لهم، وانزل عليهم من ال�سماء ما ًء من اجل ان يطهرهم، ودفع عنهم و�سو�سة ال�شيطان ،ومنحهم الثقة حيث ربط على قلوبهم ،وثبت مباء املطر االقدام حتى ال ت�سوخ بالرمال .ثم اوحى اهلل الى املالئكة لن�صرتهم والقى يف قلوب عدوهم الرعب وهذا م�شهد لتطويع اهلل اي��ات��ه ال �ك��ون �ي��ة وال �ت �ك��وي �ن �ي��ة ل �ل��ر� �س��ول (���ص) وا�صحابه يف ال �غ��زوات و يقول علي ر�ضي اهلل عنه ( م��ا ك��ان فينا ف��ار���س ي��وم ب��در غ�ير امل �ق��داد ولقد ر�أيتنا وما فينا اال نائم �إ ّال ر�سول اهلل (�ص) حتت �شجرة يدعوا اهلل ويبكى حتى ا�صبح ) تقاتل معهم املالئكة قال اهلل تعالى مبينا ذلك يف �سورة االنفال اب َل ُك ْم َ�أنيِّ ممُ ِ ُّد ُكم ِب�أَ ْل ٍف ا�ست ََج َ }�إِ ْذ ت َْ�س َت ِغي ُثو َن َر َّب ُك ْم َف ْ ُ هَّ ِّمنَ المْ َلاَ ِئ َك ِة ُم ْر ِد ِفنيََ )9( و َما َج َعلَ ُه الل �إِلاَّ ُب�شْ َرى َو ِلت َْط َم ِئنَّ ِب ِه ُق ُلو ُب ُك ْم َو َما الن َّْ�ص ُر �إِلاَّ ِمنْ ِع ِ ند هَّ ِ الل �إِ َّن هَّ َ ا�س �أَ َم َن ًة ِّم ْن ُه الل َعزِي ٌز َح ِكي ٌم (� )10إِ ْذ ُيغ َِّ�شي ُك ُم ال ُّن َع َ َو ُي َنز ُِّل َعلَ ْيكُم ِّمنَ ال�سَّ َما ِء َما ًء ِّل ُي َط ِّه َر ُكم ِب ِه َو ُيذ ِْه َب َعن ُك ْم ر ِْج َز ال�شَّ ْي َط ِان َو ِليرَ ْ ب َِط َعلَى ُق ُلو ِب ُك ْم َو ُي َث ِّبتَ ِب ِه الَ ْق� � َدا َم� )11( إِ ْذ ُي ِ وحي َر ُّب َك �إِ َلى المْ َلاَ ِئ َك ِة َ�أنيِّ َم َع ُك ْم ْأ َف َث ِّبتُوا ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا َ�س�أُ ْل ِقي فيِ ُق ُلوبِ ا َّل ِذينَ َك َف ُروا ا�ض ِر ُبوا ِم ْن ُه ْم ُك َّل ا�ض ِر ُبوا َف� ْو َق ْ أ الَ ْع� َن��اقِ َو ْ ال ُّر ْع َب َف ْ َبن ٍَانَ )12( ذ ِل َك ِب�أَ َّن ُه ْم �شَ ا ُّقوا هَّ َ الل َو َر ُ�سو َل ُه َو َمن ُي َ�شا ِققِ الل َو َر ُ�سو َل ُه َف�إِ َّن هَّ َ هَّ َ الل �شَ ِدي ُد ا ْل ِعقَابِ { .كانوا مع اهلل ب�إطاعة اوامره فكان معهم مبعيته ون�صرته وت�أييده ومرده كما كان مع مو�سى ان معي ربي �سيهدين. وه� ��ذا م���ش�ه��د لأ� �ص �ح��اب ال�ك�ه��ف ح�ي��ث اط ��اع ��وا اهلل واخ�ل���ص��وا ل��ه ف �ط � ّوع اهلل ل�ه��م ا��س�ب��اب احل�ف��ظ ل�سنوات ُ�ص عديدة وايقظهم من جديد قال اهلل تعالى} :نُحن َنق ُّ �اه � ْم َعلَ ْي َك َن َب�أَ ُهم ِب�الحْ َ � ِّق �إِ َّن� ُه� ْم ِف ْت َي ٌة �آ َم� ُن��وا ِب َر ِّب ِه ْم َو ِز ْد َن� ُ ُه � ًدى (َ )13و َر َب ْطنَا َعلَى ُق ُلو ِب ِه ْم ِ�إ ْذ َق��ا ُم��وا َفقَا ُلوا َر ُّبنَا الَ ْر�� ِ�ض َلن َّن ْد ُع َو ِمن ُدو ِن ِه �إِ َل ًها َّل َق ْد ُق ْلنَا َر ُّب ال�سَّ َما َو ِات َو ْ أ �إِذًا �شَ َط ًطا ( { )14الكهف وبعد ه��ذه ال�سنني الطوال قاموا وك�أنهم لبثوا ليلة او ونهارا وه��ذا ا�ستدالل على �صحة البعث ،ودالل��ة وا�ضحة على ان اهلل يبعث النا�س يوم القيامة ،وال�شاهد انهم اطاعوا اهلل تعالى واخل�صوا له التوحيد ،فطوع لهم ا�سباب احلفظ ل�سنوات طويلة وبعثهم من جديد ،وه��ذه اال�سباب كيف كانت ال�شم�س تقر�ضهم ذات اليمني وذات ال�شمال ،واملالئكة تقلبهم ح�ت��ى ال تفنى وت�ه�ل��ك اج���س��ام�ه��م ،وك�ي��ف ك��ان��ت احل�ي��اة م�ستمرة فيهم مل ت�ت��وق��ف ق�ل��وب�ه��م ،وه ��ذه ادل ��ة دام�غ��ة
وبراهني وا�ضحة على �أن من تواله اهلل تعالىَ :ط ّوع له اياته التكوينية التي ذكرنا بع�ضها . يتبني لنا من ذلك ان الكون مبني على امرين� :آيات اهلل املنظورة التي ن�شاهدها ،ونب�صرها ب�أعيننا ،الدالة ع�ل��ى وح��دان�ي��ة اهلل ت�ع��ال��ى ،ث��م امل���ش��اه��دات وامل�ك��ا��ش�ف��ات، ال�ت��ي يعطيها اهلل لأه ��ل ط��اع�ت��ه م��ن االن �ب �ي��اء وال��ر��س��ل والأول �ي��اء ال�صلحاء اخلل�صاء ا�صحاب االرادة القوية، التي تفتت ال�صخور بنفحات اميانها واخال�صها ،والن له احلديد ب�صالبته .وم�شت اقدامها وخيولها على املاء واط �ف ��أت ال �ن�يران امل�ح��رق��ة ،واذه�ب��ت ح��رارت�ه��اُ ، وط��وع��ت وركبت الوحو�ش الكا�سرة ،و�شفيت االج�سام املري�ضة من ا�سقامها ،والنفو�س م��ن و�سو�ستها ،والن��ت لها القلوب من ق�ساوتها ،وجعل اهلل لهم من كل هم خمرجا ،ومن ك��ل �ضيق ف��رج��ا وف�ت��ح لهم اب��واب اخل�ي�ر ،وان��ار قلوبهم بنور احلكمة واملعرفة ..ويف االخ��رة فتحت لهم اب��واب اجلنان وا�ستقبلتهم احلور العني وحفتهم املالئكة حيث انهم طوعوا انف�سهم ال��ى اهلل ونالوا �شرف الر�ضى من اهلل تعالى ق��ال اهلل تعالىَ } :وال���سَّ ��ا ِب� ُق��و َن ْ أ الَ َّو ُل � ��و َن ِم��نَ وهم ِب�إ ِْح َ�س ٍان َّر ِ�ض َي هَّ ُ الل المْ ُ َهاجِ رِينَ َو ْ أ ن�صا ِر َوا َّل ِذينَ ا َّت َب ُع ُ الَ َ الَ ْن َها ُر َع ْن ُه ْم َو َر ُ�ضوا َع ْن ُه َو َ�أ َع َّد َل ُه ْم َج َّن ٍات تجَ ْ رِي تحَ ْ َت َها ْ أ خَ ا ِل ِدينَ ِفي َها �أَ َب ًدا َذ ِل َك ا ْل َف ْو ُز ا ْل َع ِظي ُم{ التوبة - - - -
املراجع تف�سري القر�آن الكرمي لأبن كثري �صفوة التفا�سري – ال�شيخ حممد علي ال�صابوين م�سند االمام �أحمد كتاب االميان – البن تيمية موط�أ االمام مالك �سنن ابي داود التنوير يف مولد الب�شري النذير لأب��ي خطاب ابن وحية ال �ع �ج��ائ��ب وال� �غ ��رائ ��ب ال �� �ش �ي��خ حم �م��د اب� ��ن ح�م��زة الكرماين اخل�صائ�ص للحافظ جالل الدين ال�سيوطي جامع علوم االحكام للأمام ابن رجب احلنبلي ح �ي��اة ال���ص�ح��اب��ة ل�ل�ع�لام��ة ال���ش�ي��خ حم �م��د ي��و��س��ف الكاندهلوي يف رح��اب اهلل رك��ن االح�سان – احل��اج احمد ح�سني الردايدة ا�سباب النزول للأمام جالل الدين ال�سيوطي مباحث يف علوم القر�آن مناع القطان
ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
37
دراسات
الحكم أ .بشرى سعدي هاشم الخطاط
38
املقدمة �إن علم �أ�صول الفقه:هو علم يبحث يف االدلة الكلية اال�صلية والتبعية ام��ا اال�صلية املق�صود بها كتاب اهلل تعالى وال�سنة النبوية املطهرة واالجماع والقيا�س واما الفرعية فهي اال�ستح�سان واال�ست�صالح والعرف .كما ي�شمل علم ا�صول الفقه احلكم ال�شرعي من حيث بيان حقيقته وخ��وا��ص��ه وان��واع��ه واحل��اك��م ه��و اهلل �سبحانه وتعالى من حيث االدل��ة التي قامت ام��ارات على �صدور حكمه وي�شمل كذلك املحكوم عليه وهو املكلف من حيث اهليته وعوار�ضها امل�ؤثرة عليها كاجلنون وال�سفه وال�صغر واملحكوم فيه وهو افعال العباد من حيث التكليف علما ان علم ا�صول الفقه م�ستمد من ثالث علوم وهي: علم الكالم-:وهو علم العقيدة القائم على التوحيد وان الأدلة ال�شرعية متوقفة على معرفة اخلالق �سبحانه وتعالى يف العلوم التالية: علم اللغة:واملق�صود بذلك اللغة العربية حيث ان الكتاب وال�سنة جاءا باللغة العربية. علم الفقه:هو جمموع االح�ك��ام ال�شرعية العملية امل�ستنبطة من ادلتها التف�صيلية . • احلكم ال�شرعي :عند اال�صوليني هو خطاب اهلل تعالى ،اما عند الفقهاء هو العلم الذي يقت�ضيه خطاب ال�شارع احلكم يف العلم نف�سه من حيث احلرمة وغريهما مم��ا ه��و م��ن ��ص�ف��ات ف�ع��ل امل�ك�ل��ف .ف��احل�ك��م م��ا ح�ك��م به واخلطاب ما خوطب به للقرينة الفعلية مثل :قال اهلل تعالى(:اوفوا بالعقود)املائدة( )1هذا خطاب اهلل تعالى
الشرعي للمكلفني ف�ه��ي احل�ك��م ع�ن��د اال��ص��ول�ي��ة وع�ن��د الفقهاء وج��وب ال��وف��اء بالعقود ق��ال اهلل ت�ع��ال��ى(:اق��م ال�صالة لدلوك ال�شم�س) اال�سراء 87احلكم عند اال�صوليني هو ن�ص االي��ة وعند الفقهاء دل��وك ال�شم�س اي زوال�ه��ا هو �سبب وج��وب �صالة الظهر قال النبي(�ص)(:القاتل ال ي��رث ) رواه ال�ترم��ذي عند اال��ص��ول�ي�ين ن�ص احلديث وعند الفقهاء ه��و القتل العمد امل��ان��ع م��ن ارث ال��وارث الذي يرث بالفر�ض او الع�صبة . انواع احلكم ال�شرعي او ًال :احلكم التكليفي: ه��و ج��زء م��ن احلكم ال�شرعي وه��و م��ا طلب ال�شارع احلكيم من املكلف فعله او الكف عنه او خُ يرّ املكلف بني الفعل وال�ك��ف مثال :ق��ال تعالى}:وال�سارق وال�سارقة ف�أقطعوا ايديهما جزاء مبا ك�سبا نكاال من اهلل{املائدة 38 ال�شارع طلب العقوبة على ال�سارق وهي القطع كما طلب الكف عن ال�سرقة ورت��ب على عدم االلتزام القطع قال
ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ
ﺍﻟﺣﻛﻡ ﺍﻟﺗﻛﻠﻳﻔﻲ
ﺍﻟﻭﺍﺟﺏ
ﺍﻟﺣﺭﺍﻡ
ﺍﻟﻣﺑﺎﺡ
ﺍﻟﺣﻛﻡ ﺍﻟﻭﺿﻌﻲ
ﺍﻟﻣﻧﺩﻭﺏ
ﺍﻟﻣﻛﺭﻭﻩ
ﺍﻟﻭﺍﺟﺏ ﺣﻛﻣﻪ ﻭﺍﻗﺳﺎﻣﻪ ﻭﺍﺟﺏ ﻣﻁﻠﻕ-ﻭﺍﺟﺏ ﻣﺅﻗﺕ
ﺍﻗﺳﺎﻣﻪ
ﺍﻟﺳﺑﺏ ﺍﻟﺷﺭﻁ ﺍﻟﻣﺎﻧﻊ
ﻭﺍﺟﺏ ﻋﻳﻧﻲ-ﻭﺍﺟﺏ ﻛﻔﺎﺋﻲ
ﺍﻟﺻﺣﺔ
ﻭﺍﺟﺏ ﻣﻌﻳﻥ-ﻭﺍﺟﺏ ﻣﻬﻡ
ﺍﻟﻔﺳﺎﺩ
ﻭﺍﺟﺏ ﻣﺣﺩﺩ-ﻭﺍﺟﺏ ﻏﻳﺭ ﻣﺣﺩﺩ
تعالى(:قاتلوا الذين الي�ؤمنون ب��اهلل وال باليوم الآخ��ر وال يحرمون ما حرم اهلل ور�سوله وال يدينون دين احلق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا اجلزية عن يد وهم �صاغرون)التوبة ،29ال�شارع احلكيم هنا طلب من املكلفني فعل قتال اليهود والن�صارى حتى يدفعوا اجلزية ،وهي �أم��ارة على خ�ضوعهم لل�شريعة اال�سالمية والقتال هنا طلب. انواع احلكم التكليفي قد يكون واج��ب وق��د يكون مندوباً وطلب الكف عن الفعل قد يكون ح��رام�اً وق��د يكون مكروهاً وت�خ�يراً هو املباح .وهو خم�سة انواع -1ال��واج��ب وه��و ل�غ��ة :ال�ث�ب��وت ويف اال� �ص �ط�لاح هو ال��واج��ب ،وه��و م��ا طلب ال���ش��ارع فعله طلب ج��ازم يثاب فاعله ويعاقب ت��ارك��ه ،مثال ق��ال اهلل تعالى }قاتلوهم يعذبهم اهلل ب�أيديكم ويخزهم وين�صركم عليهم وي�شفي �صدور قوم م�ؤمنني{ التوبة 14وقال تعالى } َو َقا ِت ُلوا فيِ
ﺍﻟﺑﻁﻼﺕ
الل ا َّل ِذينَ ُيقَا ِت ُلو َن ُك ْم َولاَ َت ْع َت ُدوا �إِ َّن هَّ َ ِيل هَّ ِ َ�سب ِ الل لاَ ُي ِح ُّب المْ ُ� ْع� َت� ِ�دي��نَ {ال�ب�ق��رة 191-190وق��ال اهلل تعالى}:فكفارته �إطعام ع�شرة م�ساكني من او�سط ما تطعمون اهليكم او ك�سوتهم او حترير رقبة فمن مل يجد ف�صيام ثالثة ايام اذا حلفتم ذلك كفارة اميانكم واحفظوا امينكم{ ففي الآي��ة االول��ى يطلب ال�شارع احلكيم من املكلف طلباً جازماً وهو قتال الكافرين الذين حاربوا الدعوة اال�سالمية واخ��رج��وا امل�سلمني م��ن ار�ضهم ودي��اره��م . واالية الثانية تطلب من املكلفني قتال املعتدين كاليهود وغريهم ومطاردتهم وقتلهم عند الظفر بهم وتطلب فع ً ال �آخر هو �إخراجهم من بالد امل�سلمني التي احتلوها واخرجو اهلها منها ،كما هو االن يف فل�سطني ،اما الثالثة طلب ج��ازم املحافظة على االمي ��ان وال��وف��اء بها وحكم الوفاء بها� ،إذا حنث ،ويختار واحدة من ثالثة �إما االطعام والك�سوة لع�شرة م�ساكني او حترير رقبة ،ف ��أن مل يكن قادراً وجب عليه ال�صيام ( )3ايام . ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
39
40
اق�سام الواجب: -1بالن�سبة الى وقته :واجب مطلق الذي مل يحدد له ال�شارع احلكيم وقتا معيناً الدائه وفو�ض امللكف به يف اي وقت مثل(وانفقوا يف �سبيل اهلل ) واجب م�ؤقت:منه املو�سع ومنه امل�ضيق -2بالن�سبة �إلى املكلف به واجب عيني وواجب كفائي -3بالن�سبة �إلى تعينيه:هو واجب معني وواجب مبهم -4بالن�سبة الى حتديده وتقديره واجب حمدد وواجب غري حمدد 2املندوب :معناه لغة الدعاء الى الفعل وا�صطالحا ه��و م��ا ط�ل��ب ال �� �ش��ارع ف�ع�ل��ه ط�ل�ب�اً غ�ي�ر ج ��ازم فا�ستحق فاعله امل��دح وال�ث��واب مثل:كتابة ال��دي��ن ق��ال اهلل تعالى }�إذا تداينتم بدين �إلى اجل م�سمى فاكتبوه{ البقرة 282 ومكاتبة العبد لتحريره قال اهلل تعالى }فكاتبوهم اذا علمتم فيهم خريا{ وقال الر�سول (�ص)( :يا مع�شر ال�شباب من ا�ستطاع منكم الباءة فليتزوج) وردت قرينته ��ص��رف�ت�ه��ا م��ن االي �ج��اب ال ��ى ال �ن��دب ودل الأم� ��ر للندب وللوجوب اق�سام املندوب � -1سنة هدي وهي التي واظب عليها الر�سول(�ص) ومل يرتكها الى نادر حتى يفهم النا�س انها �سنة ولي�ست واج ��ب ك���ص�لاة اجل�م��اع��ة واالذان واالق��ام��ة وه��ذه ال�سنة يثاب فاعلها وال يعاقب تاركها ان كان فردا بل يالم على ذلك . � -2سنة زوائد وهي التي ت�صدر عن الر�سول على وجه العادة ال على وجه العبادة كلبا�سه وقيامه وقعوده والتطويل يف ال�صالة او التق�صري وهذه ال�سنة ح�سنة ان ي�أخذ بها املكلف وال يعاقب على تركها وال يالم . -3النفل:هو ما �شرعه الر�سول(�ص)من نوافل كال�سنن الراتبة يف ال�صلوات اخلم�س و�صالة التطوع وقيام الليل والتهجد وال�تراوي��ح وال�ضحى وي��وم ال�صيام ك��االي��ام البي�ض من كل �شهر و�صيام ي��وم عا�شوراء ويوم عرفة وللمندوب ا�سماء كثرية منها م�ستحبة وتطوع والنفل والقربة . احلرام: هو ما طلب ال�شارع من املكلف الكف عن فعله طلباً جازماً ،ف�أن كان الواجب طلب فعل ،فاحلرام طلب ترك الفعل وفاعله مذموم وي�ستحق العقوبة من االمثلة على ذلك :من كتاب اهلل تعالى قال اهلل تعالى(:وال تقربوا ال��زن��ى)اال��س��راء38وق��ال ت�ع��ال��ى(:وال تقتلوا
ال�ن�ف����س ال �ت��ي ح ��رم اهلل)اال�� � �س � ��راء 38ق ��ال ت�ع��ال��ى: }حرمت عليكم امليتتة{ املائدة ( )3قال اهلل تعالى: }اليحل لكم �أن ترثوا الن�ساء كرهاً{ الن�ساء ()19 وقال تعالى}:امنا اخلمر واملي�سر واالن�صاب واالزالم رج�س من عمل ال�شيطان ف�أجتنبوه{ االمثلة من ال�سنة قال (�ص)(:ال يحل مل�سلم ان يهجر اخاه فوق ثالث) رواه م�سلم وكذلك قال اهلل تعالى(لعن اهلل النام�صة واملتنم�صة) ودليل ثالث قال (�ص)(:من ادع��ى الى غري ابيه وهو يعلم انه غري ابيه فاجلنة عليه ح��رام) رواه م�سلم متفق عليه ق��ال(���ص)�(:إن دماءكم و�أموالكم و�أعرا�ضكم حرام عليكم) قال(�ص) (ال حتا�سدوا) لو ت�أملنا يف الآيات القر�آنية ال�سابقة جند انها يف الأولى نهت عن الزنا ،والثانية نهت عن قتل النف�س والثالثة حرمت اكل امليتتة والرابعة نفت ح��ل ارث الن�ساء ك��ره�اً ،واخلام�سة �أم��رت باجتناب اخلمر �إم��ا الأح��ادي��ث ال�سابقة حرمت هجران الأخ لأخ�ي��ه امل�سلم ف��وق ثالثة اي ��ام ،وال�ث��اين ح��رم على امل� ��ر�أة امل�سلمة من����ص �شعر احل��اج��ب لرتقيقه لها او لغريها وال�ث��ال��ث ح��رم ال���ش��ارع ان ين�سب الرجل لغري �أبيه ،والرابع حرم دماء امل�سلمني على بع�ضهم البع�ض واخلام�س حرم على امل�سلمني ان يتحا�سدوا . �صيغ التحرمي -:اوال النهي الذي يدل على التحرمي �أوال توجد قرينة �صارفة له .قال اهلل تعالى(ال ت�أكلوا اموالكم بينكم بالباطل) اي حرمت اكل االموال بالبطل . ثانياً -:لفظ التحرمي و�صيغته :قال اهلل تعالى(وحرم الربا) ثالثاً -:ال ت�ستحلوا حرمات اهلل وال تعتدوا ح��دوده �أي �شعائره التي حداها لعباده قال اهلل تعالى (:يا �أيها الذين امنوا ال حتلوا �شعائر اهلل وال ال�شهر احلرام) راب �ع��ا -:ترتيب العقوبة على الفعل او ال�ق��ول ق��ال اهلل تعالى( :ومن يظلم منكم يذق عذابا اليما) خ��ام �� �س �اً-:االم��ر ب��االج �ت �ن��اب ي�ف�ي��د ال �ت �ح��رمي ق ��ال اهلل تعالى(:واجتنبوا الطاغوت) ��س��اد��س�اً��-:ص�ي�غ��ة ال�ن�ف��ي ال �ت��ي ت�ف�ي��د ال�ن�ه��ي وال�ت�ح��رمي ق ��ال(� ��ص)(:ل ��ن ي�ف�ل��ح ق ��وم ول� ��وا ام��ره��م ام � ��ر�أة) البخاري . اق�سام احل ��رام-:او ًال احل��رام لذاته وهو ما طلب ال�شارع الكف عنه لذاته لقبحه وف�ساده . ثانياً -:وهو ما كان م�شروعا ب�أ�صله ،طر�أت عليه ظروف اثرت يف �شرعيته ،فحرمته كالثوب املغ�صوب واالر�ض املغ�صوبة .
املكروه -:وهو امل�أخوذ من الكريهة ،وهي ال�شدة يف احلرب وه��و �ضد املحبوب وتعريفه اال�صطالحي ما طلب ال�شارع من املكلف طلباً غري جازم ومن ذلك . اوال :ك��راه��ة التنف�س يف االن ��اء لنهي النبي (���ص) �إن يتنف�س يف الإناء. ثانيا :كراهة و�ضع اليد يف اخلا�صرة يف ال�صالة لأن النبي (�ص)نهى �أن ي�صلي الرجل متخ�صرا ) رواه م�سلم ثالثا :كراهة ان يطرق امل�سافر اهله ليال لأن النبي(�ص): (نهى �أن يطرق �أهله ليال) رابعا :كراهة التطوع بعد �صالة الع�صر نهى ر�سول اهلل (�ص) عن ال�صالة بعد الع�صر حتى تغرب ال�شم�س) رواه م�سلم خام�سا -:كراهة ال�ضرب يف الوجه �أق�سام املكروه� -:أوال :كراهية حترميية ثانيا :كراهة تنزيهية -:وه��و ما طلب ال�شارع الكف عنه طلباً غري جازم مثل لطم الوجه يف املاء يف الو�ضوء واكل حلم اخليل و�شرب البانهم وال�ضوء �س�ؤر ال�سباع املباح يف اللغة احلالل -:وهو ما خري ال�شارع املكلف ف�ع�ل��ه ب�ين ف�ع�ل��ه وت��رك��ه و� �س��وى ب�ين ال�ف�ع��ل وال �ت�رك ال ي�ستحق تاركه الذم والعقاب مثل قال اهلل تعالى(:واحل اهلل البيع)البقرة 275وق��ال تعالى }:اح�ل��ت لكم بهيمة االنعام{ املائدة 1قال (�ص) (:احلت لنا ميتتان ودمان) حديث �صحيح �صيغ املباح -:او ًال لفظ احلكم قال اهلل تعالى}:احل لكم الطيبات وما علمتم من اجلوارح مكلمني تعلمونهن مما علمكم اهلل{. ثانياً :رفع احلرج قال اهلل تعالى}:لي�س على الأعمى حرج وال على االعرج حرج وال على املري�ض حرج{ النور 13 ثالثا :رفع االث��م مثل قال اهلل تعالى}:فمن ا�ضطر لغري باغ وال عاد فال اثم عليه{ البقرة 173رابعا :رفع اجل�ن��اح ق��ال اهلل تعالى}:لي�س عليكم ج�ن��اح ان تبتغوا ف�ضل من ربكم{ البقرة 198 خام�ساً(:الأمر مع وجود قرينة ت�صرفه من الوجوب �إلى الإباحة قال اهلل تعالى}:وكلوا و�أ�شربوا حتى يتبني لكم اخليط االبي�ض من اخليط الأ��س��ود من الفجر ثم �أمتوا ال�صيام �إلى الليل{البقرة187 احلكم الو�ضعي: ه��و جعل ال�شارع احلكيم �شيئاً �سبباً ل�شيء �آخ��ر� ،أو �شرطاً له او علة او مانعاً او بيان �صحة الت�صرف للمكلف من ف�ساده وبطالنه
انواع احلكم الو�ضعي: اوال :ال�سبب يف اللغة احلبل قال تعالى }:فليمددب�سبب الى ال�سماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهنب كيده ما يغيظ{ احلج ،15وال�سبب ال�صلة احلميمة بني النا�س وجمعها ا�سباب تكون بني االخالء وبني ا�صحاب امل�صالح الدنيوية فتنقطع ي��وم القيامة وت��زول ق��ال اهلل تعالى: }�إذ ت�بر�أ الذين اتبعوا من الذين ات ُبعوا ور�أوا العذاب و ت �ق �ط �ع��ت ب �ه��م الأ� � �س � �ب ��اب{ ال � �ب � �ق ��رة 166والأ�� �س� �ب ��اب احل�ب��ال وك��ل م��ا ي�ستعمل لل�صعود ويف ا��س��ا���س البالغة الذوائب(اجلدائل)وامر�أة طويلة ال�سبائب . وال�سبب يف اال�صطالح هو الو�صف الظاهر املن�ضبط ال��ذي جعله ال���ش��ارع مناطاً حلكم �شرعي في�ستلزم من وج��وده الوجود ومن عدمه العدم مثل -1دخ��ول الوقت �سبب يف وج��وب ال�صالة و�صحتها ق��ال اهلل تعالى}:اقم ال�صالة لدلوك ال�شم�س{ اال�سراء 2- 78ملك الن�صاب �سبب وج ��وب ال��زك��اة -3ال��زن��ى �سبب يف اق��ام��ة العقوبة املقررة يف حد الزنى -4القتل العمد �سبب يف الق�صا�ص -5ال�سرقة يف اقامة احلد وهي قطع اليد . اق�سام ال�سبب : -1ال�سبب امل���ش��روع وه��و ال�سبب ال��ذي ي ��ؤدي يف ا�صله الى امل�صلحة العامة ،وان ت�ضرر منه بع�ض االفراد او احلق بهم العنف وامل�شقة قال اهلل تعالى}-:كتب عليكم القتال وهو كره لكم ،وع�سى ان تكرهوا �شيئاً وه��و خري لكم{ البقرة 216وكذلك املجاهد الذي يجاهد الظاملني في�أمر باملعروف وينهى عن املنكر قد يت�ضرر بال�سجن او التعذيب . -2غري امل�شروع:ال�سبب الذي ي�ؤدي يف ا�صله الى مف�سدة وان ترتب عليه بع�ض املنافع الفردية او ال�شخ�صية مثل النكاح الفا�سد ف�أنه ي�ؤدي الى املفا�سد وان ترتب عليه م�صلحة فردية يف حلوق الولد ب�أبيه ،واملرياث تق�سيم ال�سبب ب�أعتبار قدرة املكلف -1ال�سبب املقدور عليه وهوال�سبب ال��ذي حت��ت ق��درة املكلف وارادت��ه فله حرية االختيار واالخ��ذ بهذه اال�سباب او تركها مثل ال�سرقة �سبب يف ايقاع عقوبة القطع واملكلف لي�س جمرباً على ايقاع ال�سبب بل هو معطى حرية االخ�ت�ي��ار وحم��ا��س��ب على اخ�ت�ي��اره -2ال�سبب غري املقدور عليه وهناك ا�سباب خارجة عن قدرة املكلف وال دخل له فيها مثل دلوك ال�شم�س �سبب يف وجوب � �ص�لاة ال�ظ�ه��ر ق��ال اهلل ع��ز وج ��ل} :اق ��م ال�صالة لدلوك ال�شم�س{ اال�سراء 78 ال�شرط :الو�صف الظاهر املن�ضبط الذي يرتتب على انعدامه العدم وال يرتتب على وجود غريه . ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
41
42
مثال :احلول �شرط يف وجوب الزكاة �إذا بلغ الن�صاب االح�سان �شرط يف وج��وب ال��رج��م على ال��زاين الطهارة �شرط يف �صحة ال�صالة . انواع ال�شرط: �� -1ش��رط حم����ض وه��و ام��ا حقيقي ي�ت��وق��ف عليه �شئ بحكم العقل او بحكم ال�شارع حتى ال ي�صح احلكم بدونه ا�صال كال�شهود للنكاح . �� -2ش��رط يف حكم العلة في�ضاف احل�ك��م ال�ي��ه ك�شهود وجود ال�شرط كما اذا علق الرجل طالق زوجته على دخول ال��دار و�شهد على ذلك �شهود ف��أذا رجعوا عن ال�شهادة بعد ق�ضاء القا�ضي ي�ضمنون .. � -3شرط يف حكم ال�سبب وهو ح�صول فعل فاعل خمتار غري من�سوب ذلك ال�شرط مثل اذا حل قيد عبد ال متلكه بل ميلكه الغري ف�أبقاء العبد ي�ضمن الن حل القيد كان متقدما على الهروب الذي هو علة التلف. � -4شرط ا�سما ال حكما مثل اذا قال المر�أته ان دخلت ه ��ذه ال� ��دار ف ��أن��ت ط��ال��ق ف � ��أول ال���ش��رط�ين بح�سب الوجود �شرط ا�سم لتوقف احلكم عليه باجلملة ال حكم لعدم حتقق احلكم عنده � � -5ش��رط يف م�ع�ن��ى ال�ع�لام��ة ك��الإح �� �س��ان ف ��أن��ه �شرط لوجوب الرجم على الزاين فلي�س فيه معنى العلية وال�سببية. املانع -:ا�سم فاعل من الفعل منع فيقال منعته من االمر ومن االمر فهو ممنوع اي حمروم منه وامتنع من االمر كف عنه وما نعته ال�شيء نازعته الخ...ومعنى املانع ا�صطالحاَ هو و�صف ظاهر ف�ضبط ي�ستلزم وجوده حكمة ت�ستلزم عدم احلكم او عدم ال�سبب .االمثلة :االبوة منعت الق�صا�ص مع وج��ود ال�سبب وهو القتل عمدا كون االب �سببا لوجود االبن يق�ضي ان ال ي�صري االبن �سبببا لعدم ابيه • ال� َّدي��ن ال��ذي ي�ستوعب معظم الن�صاب او كله يكون مانعاً من وج��وب الزكاة اذ الزكاة جتب على الغني املالك للن�صاب الزائد عن حاجته. • اخ�ت�لاف ال� ِّدي��ن مانع م��ن االرث ان وج��د �سببه وهو القرابة لقوله(�ص)(:اليرث امل�سلم الكافر وال يرث الكافر امل�سلم)رواه م�سلم • والقاتل الي��رث م��ن قتله ،فالقتل مانع م��ن االرث مع وجود �سببه وهو القرابة والقاعدة (من ا�ستعجل ال�شيء قبل �أوانه عوقب بحرمانه) .
اق�سام املانع-: الق�سم االول :املانع للحكم :اذا وج��د ه��ذا الو�صف الظاهر املن�ضبط ف�أنه مينع وجود احلكم ويرفعه امثلة ذلك كثري منها • االبوة متنعه من الق�صا�ص • اختالف الدين منع من االرث • ال�ق�ت��ل ال �ع��دوان مي�ن��ع م��ن االرث ك�م��ا ب�ين ذل��ك يف االمثلة ال�سابقة الق�سم ال �ث��اين :م��ان��ع ل�سبب:قد ي�ك��ون امل��ان��ع رافعا لل�سبب ومبط ً ال له ،ومن ثم يكون رافعا للحكم بعد ذلك, ورف��ع احل�ك��م هنا ب�ن��اء على ان �ع��دام ال�سبب الن ارت�ب��اط امل�سبب بال�سبب وج��ودا او عدما ف ��إذا وج��د ال�سبب وجد امل�سبب وهو احلكم واذا انتفى ال�سبب انتفى امل�سبب وهو احلكم مثال الدين ال��ذي ا�ستغرق الن�صاب او ج��زء منه فهو يرفع ال�سبب وهو عدم ملك الن�صاب واذا رفع ال�سبب رفع امل�سبب وانعدم وهو عدم وجوب الزكاة. ال�صحة-:املق�صود بال�صحة هنا وق��وع الفعل كافيا يف �سقوط الق�ضاء فتكون ال���ص�لاة مثال �صحيحة اذا ا�ستوفت اركانها و�شرائطها وا�سبابها وانتفت موانعها فاذا وقعت كذلك �سقط الطلب بق�ضا�ؤها والزكاة تكون واجبة اذا ت��وف��رت ال�شرائط واال��س�ب��اب وانتفت امل��وان��ع .واحل��ج عبادة تقع �صحيحة اذا قام املكلف باركان احلج وواجباته و�شروطه وانتفت موانعه وعقد البيع يقع �صحيحا اذا ت��واف��رت ارك��ان��ه و��ش��رائ�ط��ه وك��ذل��ك �سائر ان ��واع العقود تكون �صحيحة �شرعا اذا توافرت اركانها و�شروطها ومل تقم املوانع على انتفائها وم��ن هنا لفظ ال�صحة يطلق على معنيني الأول:ح �� �ص��ول املق�صود بفعله يف الدنيا، الثاين:ما ترتب اثار العمل عليه يف االخرة ،وهنا الثواب وال�ع�ق��د ال�صحيح ه��و العقد امل���ش��روع با�صله وامل���ش��روع بو�صفه وتوافرت فيه اركانه. البطالن: هو كل ت�صرف مل ي�ستوف اركانه و�شرائطه فهو باطلال ترتتب عليه اث��اره يف الدنيا وال ترتتب عليه اث��اره يف االخرة ،وهو هنا جني الثواب ،امثلة على ذلك*:ال�صالة الباطلة هي التي مل ت�ستوف اركانها و�شرائطها وكذلك احل��ج ،وكذلك االج��ارة والكفالة واحلوالة و�سائر انواع العقود باطلة �إذا مل ت�ستوف �شرائطها. الف�ساد : كل ت�صرف �شرع با�صله دون و�صفه وعلماء اال�صول من ال�شافعي واملالكي واحلنفي يعدون الف�ساد والبطالن
م�ت�رادف�ي�ن وم �ع �ن��اه �م��ا واح � ��د ،ف��ال �ف �� �س��اد ه ��و ب�ط�لان وال�ب�ط�لان ه��و ف�ساد وال يفرقان بينهما .ام��ا احلنفية فيفرقون بني البطالن والف�ساد فيقولون البطالن هو ما كان غري م�شروع با�صله وو�صفه والف�ساد هو ما كان م�شروعاً با�صله غري و�صفه وبناء على ذلك فان العقد باطل مثال مل ينعقد ا�صال ،ومن ثم مل ترتتب عليه اي ثمرة من ثمار العقد ال�صحيح ،اما العقد الفا�سد فقد ترتتب عليه بع�ض االث��ار .ومثال العقد الفا�سد العقد املت�ضمن اركان العقد والبيع فانه ا�شتمل على ف�ضل خال من العو�ض وال��زائ��د ف��رع عن املزيد عليه فكان مبنزلة و�صف ،وهو مببادلة مال مبال ،وهو �أ�صل وال و�صف. ومبادلة املال باملال وهو م�شروع اما الزيادة يف مبادلة مال مبال من غري عو�ض فهو ربى وهو غري م�شروع. العزمية :هي احلكم الثابت من غري خمالفة دليل �شرعي �أو ما ل��زم باجاب اهلل تعالى او ما�شرع من االحكام ابتداء غري مبني على اع��ذار العباد يف الظروف العادية قال اهلل تعالى}:ولقد عهدنا �إلى ادم من قبل فن�سي ومل جند له عزما{ طه 115وعزمية اهلل فري�ضته التي افرت�ضها واجلمع عزائم وعزائم ال�سجود ما امر بال�سجود منها عن ابن عبا�س قال� :إن اهلل يحب ان ي�ؤتى رخ�صه كما يحب ان ي�ؤتى بعزائمه اي بفرائ�ضه التي عزم اهلل تعالى على العباد وجودها قال علي ر�ضي اهلل عنه:عزائم القر�آن �أربعة ويف اجلامع عزائم ال�سجود �إي ف��رائ���ض��ه وه��ي (امل ت�ن��زي��ل ) ،ال���س�ج��دة ،وال�ن�ج��م، و�أق��ر�أ با�سم رب��ك)وال�ع��زم هو الق�صد واطمئنان النف�س ق��ال اهلل ت �ع��ال��ى}:و�إذا عزمت فتوكل على اهلل{ و�أن��واع العزم (الواجب ،واملندوب،واحلرام،واملكروه)الأمثلة على العزمية منها �صوم رم�ضان وامتام ال�صالة وال�صرب على التعذيب وحرمة امليتة وحلم اخلنزير والدم عزائم. الرخ�صة :هو ما�شرع من االحكام يف الظروف الطارئة
وبني على اعذار العباد كاملر�ض وال�سفر واال�ضطرار مثل اكل امليتة عند اال�ضطرار :اكل امليتة حرام يف الظروف العادية قال اهلل تعالى }حرمت عليكم امليتتة{ ولكن اذا ج��اع االن�سان وا��ش��رف على الهالك ووج��د ميتة اذا اكل منها حفظت له حياته وجن��ا من الهالك فهذه رخ�صة من اهلل عزوجل لقوله تعالى}:فمن ا�ضطر يف خمم�صة غ�ير متجانف الث��م ف��ان اهلل غ�ف��ور رح �ي��م{ م �ث ��آل اخ��ر الفطر للم�سافر يف رم�ضان او املري�ض قال تعالىَ }:و َمن ِي�ضا �أَ ْو َعلَى َ�س َف ٍر َف ِع َّد ٌة ِّمنْ �أَ َّيا ٍم �أُخَ َر ُيرِي ُد هَّ ُ الل ِب ُك ُم َكا َن َمر ً ا ْل ُي ْ�س َر َولاَ ُيرِي ُد ِب ُك ُم ا ْل ُع ْ�س َر{ البقرة 185وكذلك ق�صر ال�صالة عند ال�سفر رخ�صة للم�سافر ق��ال اهلل تعالى: }و�إذا �ضربتم يف الأر���ض فلي�س عليكم جناح ان تق�صروا من ال�صالة{ الن�ساء101 احكام الرخ�صة ان الأخذ بالرخ�صة واجب وي�ؤثم تاركها و�أحيانا يكون الأخ��ذ بها اف�ضل من تركها واحيانا يكون تركها �أول��ى و�أحيانا ي�ستوي الأخذ بها او تركها . امل�صادر واملراجع -1االمدي �سيف الدين ابو احل�سن علي كتاب الأحكام يف �أ�صول الأحكام،م�ؤ�س�سة احللبي -2البي�ضاوي منهاج الو�صول �إلى علم الأ�صول مطبعة حممد علي �صبيح (القاهرة) -3ابن حجر الع�سقالين �شهاب الدين ،بلوغ املرام من �أدلة الأحكام . -4اجل��رج��اين حا�شية اجل��رج��اين ع�ل��ى ��ش��رح الع�ضد ملخت�صر اب��ن احل��اج��ب املطبعة ال �ك�برى الأم�يري��ة القاهرة -5الزحيلي ،وهبة ،الو�سيط يف �أ�صول الفقه
ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
43
دراسات
دور التربية والتعليم في تحفيز المجتمع د .محمد جمعة الوحش
44
ه��ذا ع �ن��وان م�ستفز ،م�ت�ع��دد ال� ��دالالت� ،إذ املق�صود بذلك هو �إث��ارة املجتمع نحو ق�ضية معينة �أو نحو عدة ق�ضايا� .أو غر�س قيم جديدة يف املجتمع �أو حفز املجتمع على الإب��داع والإن�ت��اج� .أو ا�ستثارة روح التناف�سية لدى �أبناء املجتمع وبناته مع بع�ضهم بع�ضاً� ،أو مع غريهم م��ن املجتمعات؟ �إث ��ارة املجتمع للت�صدي لقيم �سلبية ج��دي��دة حلت حم��ل منظومة قيم عا�ش عليها املجتمع عقوداً �أو قروناً عديدة؟ ال��ى غري ذل��ك من الت�سا�ؤالت والدالالت ومع ذلك ف�إن هذا العنوان يبقى عنواناً هاماً يدفع الناظر فيه الى التفكر والت�أمل ،واقرتاح احللول مل�شكالت املجتمع القائمة و�آفاته الفتاكة. الرتبية والتعليم عند الأوائل ك��ان ال�ع�ن��وان الأب ��رز عند ا�سالفنا ال�ق��دام��ى هو الت�أديب ،وامل�ؤدب وامل�ؤدب وق�صة هارون الر�شيد مع م�ؤدب �أوالده م�ع��روف��ة ،وك��ذل��ك غ�يره��ا مم��ا حت�ف��ل ب��ه بطون امل�صادر العربية القدمية ،فلم يكن الفارابي وال��رازي وال�ن�ظ��ام واب ��ن �سينا وال �غ��زايل وغ�يره��م الأالف �سوى م��ؤدب�ين معلمني ،وق��د كانت الأروق ��ة وحلقات الدر�س والأع �م��دة يف امل�ساجد معاهد علم وت��رب�ي��ة ،فيها تن�ش�أ الأجيال وتربي وتعلم وفق منظومة قيم معروفة لدى العامة واخلا�صة ،وك��ان ال�شيخ امل ��ؤدب �أو املعلم يحظى مبكانة ال يحظى بها كثري من علية القوم ،وكانت �إجازة ال�شيخ لتلميذه تكفي ليقوم بالدور الرتبوي التعليمي ذاته الذي قام به ال�شيخ مع تلميذه ،وكانت هذه االجازة
مبثابة ال�شهادة العليا التي متنحها اجلامعات لطلبتها يف ع�صرنا هذا. ولهذا كانت �سل�سلة ال�شيوخ او امل��ؤدب�ين الذين �أخذ عنهم ومنهم التلميذ ،وم��ازال��ت حتظى بعناية ق�صوى عند الباحثني والدار�سني الى اليوم. م��ن ه��ذه املقدمة امل��وج��زة ن�ستدل على ال��دور �أو االدوار ال �ت��ي ك ��ان ي �ق��وم ب�ه��ا امل� ��ؤدب ��ون (امل �ع �ل �م��ون) يف جمتمعاتنا العربية والإ�سالمية القدمية ،وق��د �سبقنا الإغ��ري��ق القدامى بذلك حني اطلقوا على فيل�سوفهم الأول �سقراط لقب املعلم ،وكذلك على تلميذه �أفالطون وغريهم من فال�سفة الغرب وعلمائه يف ع�صر النه�ضة الذي ت�أثروا فيه ب�إعرتافهم بالثقافة العربية الإ�سالمية وبعلماء ومعلمي ه��ذه الأم ��ة وجامعاتهم ومعاهدهم ومدار�سهم التي كانت قبلة لطلبة العلم الأوروبيني يف القرون الو�سطى وخا�صة جامعات الأندل�س ومعاهدها، واخلال�صة هي �أن �أي جمتمع لي�س �سوى املخرج الرتبوي ال �ث �ق��ايف الأه� ��م مل�ع��اه��د ال�ع�ل��م وال�ترب �ي��ة ع�ل��ى اخ�ت�لاف م�ستوياتها. من يقود من؟ اذا نظرنا الى الواقع الرتبوي احلايل يف جمتمعنا دون جلد الذات او التباكي على املا�ضي ف�إننا جند طلبة امل��دار���س عندنا واملعاهد واجلامعات مت�أثرين ال��ى حد ك�ب�ير ب��امل�ج�ت�م��ع ،وخ��ا��ص��ة �أم��را� �ض��ه و�أدوائ � ��ه ال�ترب��وي��ة وال�سيا�سية والإجتماعية والفكرية وال�سلوكية على عك�س
ما هو مطلوب هو ان ه��ذه امل�ؤ�س�سات هي التي يجب �أن ت�ؤثر يف املجتمع وتقوده نحو االف�ضل ولهذا برزت ظاهرة العنف يف الو�سط الطالبي اجلامعي واملدر�سي وانت�شرت اجل��رائ��م على اي��دي الطلبة بن�سب ت�ضاهي ماهي عليه يف املجتمع و� �ص��ارت امل�ع��ادل��ة معكو�سة و�أ��ص�ب��ح املجتمع ب�سلبياته املختلفة ه��و امل��ؤث��ر يف امل�ؤ�س�سة التعليمية ال العك�س. حمركات تربوية لتحفيز املجتمع نحو الأف�ضل كثرية هي املحركات الرتبوية الإيجابية وال�ضرورية حلفز املجتمع نحو الأف�ضل يف كل مناحي احلياة ومن �أهمها ما يلي: .1ع�ل��ى امل��در��س��ة واجل��ام�ع��ة وم�ع��اه��د ال�ع�ل��م والتعليم املختلفة متابعة ح��راك املجتمع ،وامل��ؤث��رات الغالبة عليه ،والقيام بالدور الرتبوي الإيجابي التوجيهي ل�ل�م�ج�ت�م��ع م ��ن خ �ل�ال ال �ن �� �ش��اط��ات ال�لام�ن�ه�ج�ي��ة للطلبة ،والهيئات التدري�سية و�أبناء املجتمع وبناته حلفز اجلميع لإ�صالح اخللل ،والنهو�ض باملجتمع وتوجيهاته نحو الإنتاج والعطاء والعمل املجدي. .2غ��ر���س ق�ي��م الإن �ت �م��اء ل�ل��وط��ن ف�ع�ل ً ا وق ��و ًال وتعزيز منظومة القيم الإي�ج��اب�ي��ة الدينية والإجتماعية وال���س�ي��ا��س�ي��ة والأخ�لاق �ي��ة وال���س�ل��وك�ي��ة مب��ا يحفظ للمجتمع وحدته ومتا�سكه وترابطه ووقوفه جبهة واحدة يف وجه املخاطر والتحديات التي تواجهه. .3ك��ان��ت م�ؤ�س�سة ال�ترب�ي��ة والتعليم ال��ى عهد قريب
ه��ي م�صنع ال �ق �ي��ادات ال��وط�ن�ي��ة يف ��ش�ت��ى امل �ج��االت ال�سيا�سية والإجتماعية والإقت�صادية والثقافية، واذا كان البد من �إعادة الهيبة للمعلم والتعليم فال بد من الإهتمام ال�لازم بت�أهيل القيادات الرتبوية وحتفيزها بكل الو�سائل لتكون يف الطليعة دائماً عم ً ال وانتاجاً واب��داع�اً ،ورعايتها الرعاية اخلا�صة لتكوين فئة م�ستنرية تقود املجتمع يف �شتى امليادين. .4يجب ان يكون املعلم واملدر�س قدوة يف �سلوكه وجوهره ومظهره ،م�ؤمناً بر�سالته راغباً فيها ،حري�صاً على ت�أديتها على �أكمل وجه. � .5إت��اح��ة ال�ف��ر��ص��ة ل�ل�م�ب��دع�ين م��ن ال�ط�ل�ب��ة للتعبري عن مواهبهم و�إبداعاتهم وت�شجيعهم على الإنتاج والإبداع منذ ال�صفوف الأ�سا�سية الأولى ،وتوجيههم ورع��اي �ت �ه��م ح���س��ب رغ �ب��ات �ه��م وم �ي��ول �ه��م امل�خ�ت�ل�ف��ة �أكادميياً ومهنياً وفنياً وريا�ضياً ،فكم من مبدع يف العامل قدمياً وحديثاً كان رائ��داً يف جمال �أو اكرث، دون �أن ي�ك��ون اح��د املتفوقني يف التح�صيل املعريف الدرا�سي وه��ذا يتطلب قيام املعلمني بالتعاون مع �أول�ي��اء الأم ��ور واملجتمع املحلي والإدارة الرتبوية بالبحث ع��ن ه� ��ؤالء امل�ب��دع�ين ودرا� �س��ة �إب��داع��ات�ه��م وميولهم والأخذ ب�أيديهم ملزيد من الإبداع والتميز، فهم الذين �سيكون لهم ال�ش�أن الأب��رز يف النهو�ض مبجتمعاتهم يف �شتى املجاالت. � .6إعطاء دور حقيقي للربملانات املدر�سية والإحت��ادات الطالبية يف املعاهد واجل��ام�ع��ات حلفز الطلبة يف ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
45
امل�ستقبل على امل�شاركة الإيجابية واق�تراح احللول ال�ن��اج�ح��ة مل���ش�ك�لات امل�ج�ت�م��ع م��ن خ�ل�ال امل���ش��ارك��ة م�ستقب ً ال يف احل �ي��اة ال�برمل��ان�ي��ة وامل�ج��ال����س املحلية املختلفة واجلمعيات ب��أن��واع�ه��ا و�أه��داف�ه��ا املتعددة للنهو�ض باملجتمع وخا�صة يف املجاالت الت�شريعية وال �ق��ان��ون �ي��ة واخل��دم �ي��ة وغ�ي�ره��ا م��ع ت �ع��زي��ز قيم العدالة وتكاف�ؤ الفر�ص وحماربة الف�ساد والوا�سطة واملح�سوبية وغريها من �أمن��اط ال�سلوك التي تنزع الثقة من نفو�س الأبناء والبنات نحو قيم العدالة والنزاهة وامل�ساواة. � .7إت��اح��ة الفر�ص للطلبة على اخ�ت�لاف م�ستوياتهم للتعبري عن �آرائهم بجر�أة و�شجاعة وم�س�ؤولية مع احرتام �آراء الآخرين و�إن اختلفت مع �آرائهم والدفاع ع��ن التعددية الفكرية والدينية وامل�ن�ب��ت والن�ش�أة وغريها ،فالكل �أمام القانون �سواء وال يتميز واحد ع��ن غ�يره اال مب�ق��دار كفاءته ،ومب��ا يقدمه لوطنه وجمتمعه من خدمة. � .8إي �ج��اد ال��و��س��ائ��ل املنا�سبة ت��رب��وي�اً وث�ق��اف�ي�اً للطلبة ل �ل ��إف � ��ادة م� ��ن و�� �س ��ائ ��ل ال� �ت ��وا�� �ص ��ل الإج� �ت� �م ��اع ��ي التكنولوجية احلديثة ،والتحذير من م�ضارها على الفرد واملجتمع� ،إن هي ا�ستخدمت ووظفت ب�صورة �سلبية ،وهي و�سائل غزت كل بيت وكل �أ�سرة ،ومنعها م���س�ت�ح�ي��ل ،ول �ك��ن الب ��د م��ن ال�ترك �ي��ز ع �ل��ى كيفية ا�ستخدامها ا�ستخداماً مفيداً ،والتنبيه والتحذير من م�ضارها اخلطرية على الفرد واملجتمع ،ولهذا
46
ك�ل��ه ي �ج��ب ان ي �ك��ون �أول� �ي ��اء الأم � ��ور م �� �ش��ارك�ين يف التثقيف والتوعية ح��ول ا�ستخدام ه��ذه الو�سائل، وان يكون هناك وح��دات درا�سية وظيفية يف جميع امل�ستويات الدرا�سية لتحقيق هذه الغاية. � .9إع��ادة النظر وامل��راج�ع��ة امل�ستمرة للمناهج والكتب ال��درا��س�ي��ة وامل���س��اق��ات التعليمية �إع� ��ادة وم��راج�ع��ة وظيفية ،بحيث تقدم للطلبة مادة تربوية وتعليمية منا�سبة للع�صر وامل��رح�ل��ة وق�ي��م املجتمع ،م��ادة او م��واد حت�ترم عقل ال�ط��ال��ب وحت �ف��زه على التفكري والإبداع وحتثه على �إجراء التجارب العلمية العملية للو�صول الى احلقائق بالفكر والعقل والتجربة ال باحلفظ والتلقني. .10تفعيل دور املكتبة يف امل��در��س��ة واجل��ام�ع��ة واملعهد وغ�يره��ا وت�شجيع امل�ط��ال�ع��ة ب��امل���س��اب�ق��ات املختلفة والتناف�س الثقايف والإهتمام بالإعالم الرتبوي من خ�لال الإذاع��ة املدر�سية و�إذاع��ة اجلامعة واملجالت املختلفة التي يقوم على ا�صدارها الطلبة وامل�سرح املدر�سي واجلامعي وغري ذلك من الو�سائل ،و�إتاحة الفر�ص لأولياء الأمور للم�شاركة فيها وتقييمها . .11تفعيل دور جم��ال����س الآب� ��اء والأم� �ه ��ات وجم��ال����س الإدارة يف امل�ؤ�س�سات الرتبوية املختلفة و�إخراجها من ( الروتني ) الباهت الى العمل اجلاد واملنتج يف املجتمع.
دراسات
أخالقيات األعمال في العمل المصرفي د .هناء محمد هالل الحنيطي
املقدمة احلمد هلل رب العاملني ،وال�صالة وال�سالم على نبيه الأمني حممد �صلى اهلل عليه و�سلم. ي���ش�ه��د ال� �ع ��امل يف ال ��وق ��ت امل �ع��ا� �ص��ر �أزم� � ��ات م��ال�ي��ة واقت�صادية كان من �أهم �أ�سبابها انت�شار الف�ساد وغياب الأخالق واملراقبة وامل�ساءلة ،تعترب امل�صارف الإ�سالمية ج��زء من املنظومة امل�صرفية ،وم��ن �أه��م ما قامت عليه امل���ص��ارف الإ��س�لام�ي��ة ال�ق�ي��م الأخ�لاق �ي��ة امل�ستمدة من ال���ش��ري�ع��ة الإ� �س�لام �ي��ة .ازدادت الأ��س�ئ�ل��ة ح��ول البنوك الإ� �س�لام �ي��ة وم ��ا ت�ت�م�ي��ز ب��ه ع��ن ن�ظ�يرت�ه��ا ال�ت�ق�ل�ي��دي��ة، وخ�صو�صاً الأخ�ل�اق من حيث الأم��ان��ة وال�ق��وة ،ويعترب العامل يف امل���ص��ارف الإ��س�لام�ي��ة ج��زء مهم يف امل�صرف حيث يعرب عن مدى مت�سك امل�صرف الإ�سالمي بالقيم واملعايري الأخالقية الإ�سالمية ،وعلى هذا الأ�سا�س ت�أتي �أهمية الدرا�سة يف بيان �أخالقيات العاملني يف العمل امل�صريف الإ�سالمي.
اإلسالمي ماهية الأخالق يف الإ�سالم و�أهميتها تعريف الأخالق لغة وا�صطالحاً الأخالق لغة :جمع خلق ،وهو العادة والطبع واملروءة والدين وال�سجية(((. ال�سجية والطبع، الأخالق :اخللق بال�ضم وب�ضمتنيَّ : واملروءة والدين(((. ي �ق��ول اب ��ن م �ن �ظ��ور" :حقيقة ا ُ خل �ل��ق �أن� ��ه ل���ص��ورة الإن�سان الباطنة وهي نف�سه و�أو�صافها ومعانيها ولهما �أو�صاف ح�سنة وقبيحة"((( .ومعنى هذا �أن اخللق حال ) 1ابن منظور ،جمال الدين حممد بن مكرم بن منظور الإفريقي ،ل�سان العرب ،بريوت ،لبنان :دار الفكر1374 ،هـ،1954 ،ج � /10ص. 85-86 ) 2ال�ف�يروز �آب ��ادي ،جم��د ال��دي��ن حممد ب��ن يعقوب ،القامو�س املحيط، بريوت ،م�ؤ�س�سة الر�سالة ،ط1407 ،2هـ � ،1987 ,ص .1137 ) 3ابن منظور ،اجلزء � /10ص ،86مادة "خلق" ،مرجع �سابق.
ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
47
للنف�س ،وفعل من �أفعالها ،تقوم به با�ستمرار ،مما ي�ؤدي �إل��ى �أن النف�س ي�صبح اخللق لها ع��ادة وطبع ،مبعنى �أن النف�س �إذا �صدر منها الفعل م��رة واح��دة �أو يف ظروف معينة ال يعد خلقاً لها� ،أي يجب �أن يكون الفعل را�سخاً يف النف�س الإن�سانية((( .وعرفها ابن م�سكوية((( "اخللق: حال للنف�س ،داعية لها �إلى �أفعالها من غري فكر وال ر ّوية، وه��ذه احل��ال تنق�سم �إل��ى ق�سمني :منها ما يكون طبيعاً من �أ�صل امل��زاج ،كالإن�سان ال��ذي يحركه �أدن��ى �شيء نحو غ�ضب ،ويهيج من �أقل �سبب ،وكالإن�سان الذي يجنب من �أي�سر �شيء� ،أو كالذي يفزع من �أدنى �صوت يطرق �سمعه، �أو يرتاع من خرب ي�سمعه ،وكالذي ي�ضحك �ضحكاً مفرطاً من �أدن��ى �شيء يعجبه ،وكالذي يغنم ويحزن من �أي�سر �شيء يناله .ومنها ما يكون م�ستفاداً بالعادة والتدرب، ورمبا كان مبد�ؤه بالرو ّية والفكر ،ثم ي�ستمر �أو ًال ف�أو ًال، حتى ي�صري ملكة وخلقاً" .فالأخالق هي":كل ما يت�صل بعمل امل�سلم ون�شاطه ،وما يتعلق بعالقته بربه ،وعالقته مع نف�سه ،وعالقته مع غريه من بني جن�سه ،وما يحيط به من حيوان وجماد"(((. �أي �أن الأخ�ل��اق ت��دل ع�ل��ى ال���ص�ف��ات ال �ت��ي اكت�سبت و�أ�صبحت ك�أنها خلقت مع طبيعة الإن�سان. الأخ�ل�اق ا�صطالحاً" :هي هيئة يف النف�س را�سخة، عنها ت�صدر الأفعال ب�سهولة وي�سر من غري حاجة �إلى فكر ور�ؤية"(((. ل�ل�أخ�لاق يف ال�شريعة الإ�سالمية مكانة خا�صة ،فلقد بني الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم الغاية من بعثه وهي �إمتام مكارم الأخالق وهذا ما دل عليه احلديث ال�شريف� ":إنمَّ ��ا ُب ِع ْثتُ لأ ِّ مت� َم مكار َم الأخالقِ "(((. ولقد بلغت جمموع الآيات التي حتدثت عن الأخالق �صراحة �أو �إ�شارة ما يقرب من ربع العدد لإجمايل 48
�آيات القر�آن الكرمي مما يدل على �أهمية الأخالق يف ال�شريعة الإ�سالمية(((. ال ��ش��ك �أن امل���ص��در الأ��س��ا��س��ي ل�ل�أخ�لاق ه��و ال��دي��ن، ولقد وجهت الأديان كلها على تثبيت الأ�سا�س الأخالقي ملقتنعيها و�أتباعها حيث �أن اهلل مل يرتك �أمة من الأمم �إال وقد بعث لها ر�سو ًال منهم يد ّلهم على اخلري وينهاهم عن ال�شر وي�أمرهم بعبادة اهلل الواحد الأحد(((. يعرف ليفي بريل الأخ�ل�اق ب�أنها تطلق على ثالثة معان هي(((: -1جمموعة من الأفكار والأحكام والعواطف والعادات التي لها عالقة وات�صال بحقوق النا�س ،والتي تلقى القبول واالعرتاف يف ع�صر م ّعني. -2تطلق الأخالق على العلم الذي يدر�س هذه الظواهر. -3الأخ�ل��اق تطلق ع�ل��ى تطبيقات ه��ذا ال�ع�ل��م �أي �أن الأخ �ل�اق ت�ق��دم احل �ي��اة االج�ت�م��اع�ي��ة م�ث��ل ال�ت�ع��اون والأمن والعدالة. فالأخالق يف الإ�سالم ،هي عبارة عن املبادئ والقواعد املنظمة لل�سلوك الإن�ساين التي يحددها الوحي لتنظيم ح�ي��اة الإن �� �س��ان ع�ل��ى ن�ح��و يحقق ال�غ��اي��ة م��ن وج ��وده يف ه��ذا ال�ع��امل على ال��وج��ه الأك�م��ل والأمت((( .فالنظرية الأخ�ل�اق �ي��ة يف الإ�� �س�ل�ام ت�ت�م�ث��ل يف م�ق��ا��ص��د ال���ش��ري�ع��ة اخلم�س :حفظ املال ،حفظ النف�س ،حفظ الدين ،حفظ ال�ع�ق��ل ،ح�ف��ظ ال�ن���س��ل .ف ��أي ع�م��ل ي�ج��ب �أن يحقق ه��ذه املقا�صد حتى يعترب �أخالقياً. �أخالقيات الأعمال وتطورها و�أهميتها يف احلياة املعا�صرة ت��رت�ك��ز �أخ�ل��اق ال�ع�م��ل يف الإ�� �س�ل�ام ع�ل��ى عن�صريني �أ�سا�سيني هما :الأمانة ،والقوة.
) 1ع��زام ،حمفوظ علي ،الأخ�لاق يف الإ�سالم بني النظرية والتطبيق، كلية الدرا�سات العليا ،دار الهداية للن�شر والتوزيع ،ط.1986 ،1
) 6املحمادي� ،سلوى بنت حممد� ،أخالقيات العمل يف الت�شريع الإ�سالمي ) 2ابن م�سكوية� ،أب��و علي �أحمد حممد بن يعقوب ،تهذيب الأخ�لاق، يف ظل املتغريات املعا�صرة ،اململكة العربية ال�سعودية ،كلية الرتبية جتقيق ،عماد الهاليل ،بريوت ،لبنان ،من�شورات اجلمل ،ط،1،2011 للبنات ،مكة املكرمة ،ق�سم الدرا�سات الإ�سالمية� ،2007 ،ص.6 �ص .56 ) 7البار ،حممد علي والبار ،عدنان �أحمد وبا�شا ،حنان �شم�سي ،مو�سوعة
) 3اخل��راز ،خالد ب��ن جمعة ،مو�سوعة الأخ�ل�اق ،الكويت ،مكتبة �أه��ل الأثر ،ط� ،2009 ،1ص.22
�أخ�لاق �ي��ات مهنة ال �ط��ب ،ال�ن��ا��ش��ر ك��ر��س��ي حم�م��د ح�سني ال�ع�م��ودي لأخالقيات املمار�سة الطبية ،جامعة امللك عبد العزيز ،جدة ،ط،1 .2012
) 4الغزايل ،الإم��ام �أب��ي حامد� ،إحياء علوم الدين ،دار الكتب العلمية، بريوت ،لبنان ،ط ، 1986 ،1جزء � /3ص .53 ) 8ب��ري��ل ،ليفي ،الأخ�ل�اق وعلم ال �ع��ادات الأخ�لاق�ي��ة ،ترجمة حممود قا�سم ،القاهرة ،البابي احللبي ،د.ت� ،ص ،169نق ً ال عن البار ،مرجع ) 5رواه البخاري يف " الأدب املفرد " رقم ( , ) 273و ابن �سعد ،الطبقات، �سابق. (ج ،)192/1احل��اك��م ( ج , ) 613 / 2و �أح�م��د ( ج , ) 318 / 2و ابن ع�ساكر ، تاريخ دم�شق( ،ج . ) 1 / 267 / 6
) 9عزام ،الأخالق يف الإ�سالم ،مرجع �سابق� ،ص .6
�أدى ات�ساع اجلرائم والف�ساد الإداري خا�صة جرائم االخ �ت�لا���س وا��س�ت�غ�لال ال �ن �ف��وذ ال �ت��ي ي���ش�ه��ده��ا ال�ع��امل ال �ي��وم يف ال �� �ش��رك��ات �إل ��ى االه �ت �م��ام ب ��أخ�لاق �ي��ات العمل حيث �أ�صبحت،الأخالق ت�شكل ج��زءاً رئي�سياً من �صناعة النمو يف ال���ش��رك��ات ،و�أ�صبحت احل��اج��ة ل��دى ال�شركات ملحة �إل��ى وج��ود معايري و�أخ�لاق�ي��ات عمل �أك�ثر ُرق� ّي�اً، و�ضرورة حتديد عالقتها بالعاملني والعمالء وال�شركات واجل�م�ه��ور� ،أن ف�صل العمل ع��ن الأخ�لاق�ي��ات �أم��ر غري ممكن وغ�ير مف�ضل ،ف��الأخ�لاق لي�ست �أم ��راً اختيارياً، وق��رارات و�سلوكيات العمل عبارة عن � :أعمال �أخالقية لأنها ت�ؤثر على حياة ورفاهية الآخرين .حيث �أن جتاهل دور الأخالق يف العمل يعني �إنكاراً �أن هناك طرق �صحيحة و�أخرى خاطئة ملزاولة العمل. �إن احلاجة �إل��ى تطبيق كل من الأخالقيات والعمل بطريقة �صحيحة ال ت�ت��واف��ق م��ع ال ��ر�أي ال�شائع ال��ذي يتبناه رجال الأعمال من �أن ":العمل عمل Business “ Businessوم � ��ع ر�أي “ميلتون فرايدمان” ب � ��أن الأخ�ل�اق �ي��ات ال دخ ��ل ل�ه��ا مب�ف�ه��وم “العمل عمل (((Business Businessح �ي��ث ي ��رى م�ي�ل�ت��ون فرايدمان احلائز على جائزة نوبل يف االقت�صاد يف كتابه ال�صادر يف عام � 1963أن الدوافع االقت�صادية هي �أ�سا�س امل �� �ش��روع اخل��ا���ص و�أن وظ�ي�ف�ت��ه الأ��س��ا��س�ي��ة ه��ي تعظيم الربح ل�صالح حملة الأ�سهم� ،أم��ا امل�سئولية الأخالقية واالجتماعية ف�إنها ترتبط بالدوافع غري االقت�صادية ول �ي �� �س��ت م ��ن ط �ب �ي �ع��ة امل� ��� �ش ��روع اخل� ��ا�� ��ص .وه � ��ذا غ�ير االقت�صادية ولي�ست من طبيعة امل�شروع اخلا�ص .وهذا ما جاء به �آدم �سميث يف كتابه ثروة الأمم عام 1776والذي بني به �أن ال�شركة لها هدف رئي�سي هو �أن تبقى كمن�ش�أ للرثوة لتنتج ال�سلع املادية وجتابها �إل��ى ال�سوق وتعظم الربح و�أن م�سئولية الأفراد والدولة هو خلق الرثوة وبعد مرور قرون على �أفكار �سميث ،ويف ظل الأزم��ات الهائلة التي ع�صفت بعدد من ال�شركات ك��ان معظم �أ�سبابها ال �أخالقية ب��د�أ يظهر دع��اه ج��دد وو�سائل جلعل الأخ�لاق عن�صراً حاكماً للنمو والتدقيق يف اختيار امل��دراء ،وبدء �أن البعد عن القيم الأخالقية �أمر ال يثبت طوي ً ال لأنه م�ضاد للفطرة ،ومعار�ض للعلم ،خمالف للعقل ،ويتجاوز كل القيم الأ�سا�سية التي ت�شكل على �أ�سا�سها الإن�سان(((.
لذلك �أ�صبحت �أخالقيات العمل اهتماماً بالغاً وكبرياً عند الكثري م��ن ال�شركات ،ولقد راع��ى الإ� �س�لام و�أهتم ب�أخالقيات العمل ،حيث �أن �أخالقيات العمل يف الإ�سالم مرتبطة ارت�ب��اط�اً �أ��س��ا��س�ي�اً وع���ض��وي�اً ومنطقياً بالعمل امل ��دين وال��دن �ي��وي ال �ي��وم��ي ب ��د�أ ب��ال�ت�ع��ام��ل ال �ي��وم��ي مع الأخ��ري�ين ،و�إج��ادة العمل الوظيفي ،وممار�سة الأخ�لاق الإن�سانية ال�سوية ،وان�ت�ه��اء التم�سك بالقوانني خالل املمار�سة االجتماعية املدنية اليومية يف املجتمع الإن�ساين املدين(((. ت��رت�ك��ز �أخ�ل��اق ال�ع�م��ل يف الإ�� �س�ل�ام ع�ل��ى عن�صريني �أ�سا�سيني هما: -1الأمانة :يعترب مفهوم الأمانة يف الإ�سالم �شامل ومتعدد اجلوانب ،من حيث �أمانة املال واجلهد والوقت والفكر وال�سلوك((( ،فالأمانة من كمال الإميان وح�سن الإ�سالم ،وعليها يقوم �أمر ال�سموات والأر���ض ،وبالأمانة يحفظ الدين والأعرا�ض والأم��وال والأج�سام ،والعلوم، وال��والي��ة ،والق�ضاء والكتابة .وه��ي من �أعظم ال�صفات اخللقية التي و�صف اهلل بها ع�ب��اده امل�ؤمنني بقوله عز وج��ل " َوا َّل� ِ�ذي��نَ ُه � ْم ِ أَل َم��ا َن��ا ِت� ِه� ْم َو َع� ْه� ِ�د ِه� ْم َرا ُعونَ"(((. ل��ذل��ك ف ��أن الأم��ان��ة ال تتحقق �إال بخ�شية اهلل ،و�إدراك امل�س�ؤولية عند تويل الوظيفة العامة ،وال يكتفي امل�س�ؤول عند اختياره للعاملني مبيكانيكية التعني واالختيار فقط و�إمن��ا ي�ستوجب الأم��ر ب��ذل العناية واحل��ر���ص ول��و �أدى ذلك �إلى �إغ�ضاب الآخرين(((. -2ال �ق��وة :وت�ع�ن��ي ال �ك �ف��اءة يف الأداء والإت� �ق ��ان يف ال�ع�م��ل ،ول�ق��د رب�ط��ت ال �ق��وة ب��ال �ق��درة ،وم��ن الإت �ق��ان �أن يكون ال�شخ�ص متخ�ص�صاً يف عمله ،وما يرى يف الوقت احلا�ضر من االهتمام ب�أ�ساليب اجلودة ودوائرها الكلية، هو تطبيق عملي ملا دعا �إليه الإ�سالم من �ضرورة الإتقان الَ ْي ِد �إِ َّن ُه يف العمل((( قال تعالىَ ":وا ْذ ُك ْر َع ْب َدنَا َدا ُوو َد َذا ْ أ 3
ال�سكارنة ،بالل خلف� ،أخالقيات العمل ،عمان ،الأردن ،دار امل�سرية، ط� ، 2009 ،1ص .10
� ) 4أحمد ،ف�ؤاد عبد املنعم� ،أخالقيات �أنظمة العمل يف الإ�سالم مع بيان التطبيق يف اململكة العربية ال�سعودية ،ال��ري��ا���ض� ،شبكة الألوكية � www.alaukah.netص .6 ) 5امل�ؤمنون� ،آية .18
� ) 6أحمد ،ف�ؤاد عبد املنعم� ،أخالقيات �أنظمة العمل يف الإ�سالم مع بيان Grace, d.and cohen,S.Business Ethics: AU Stralian problems ) 1 التطبيق يف اململكة العربية ال�سعودية ،ال��ري��ا���ض� ،شبكة الألوكية � www.alaukah.netص .7 .and Cases. Oxford,New York. Oxford University. Press ) 2احت��اد �شركات اال�ستثمار/الكويت ،دور القيم و�أخالقيات الأعمال � ) 7صورية ،بوطرفة� ،أخالقيات العمل من منظور الفكر االقت�صادي الإ��س�لام��ي ،امللتقى ال��دويل االقت�صاد الإ��س�لام��ي ال��واق��ع وره��ان��ات يف التجارب العاملية يف ظل مفاهيم الإدارة الر�شيدة ،2014 ،املوقع امل�ستقبل ،جامعة غرداية ،اجلزائر.2011 ، االلكرتوين www.unioninvest.orgتاريخ الولوج 2015/2/22 ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
49
�أَ َّو ٌاب"((( .وف�سرت الأيد يف الآية �أنها القوة والإتقان يف العمل((( . الإيجابيات وال�سلبيات لأخالق العمل تنق�سم �أخالق العمل �إلى ق�سمني: �أ� -أخالق العمل الإيجابية. ب� -أخالق العمل ال�سلبية. �أ� -أخالق العمل الإيجابية: تتلخ�ص �أهم �أخالق العمل الإيجابية مبا يلي: -1ت�أدية الواجبات الوظيفية: من القيم اخللقية املهمة يف جم��ال العمل والإن�ت��اج �إح���س��ان العمل و�إت�ق��ان��ه ،ذل��ك �أن الإ� �س�لام َي� ُ�ح���ضَّ على �إتقان العمل وزي��ادة الإنتاج ،فلي�س املطلوب يف ال�شريعة الإ�سالمية جمرد القيام بالعمل ،بل ال بد من الإح�سان والإج��ادة فيه و�أدائ��ه مبهارة و�إح�ك��ام(((؛ ت�صديقاً لقول النبي �صلى اهلل عليه و�سلم� ":إِنّ هَّ َ الل َت َعالى ُي ِح ّب �إِ َذا َع ِم َل �أَ َح� ُد ُك� ْم َع َم ً ال َ�أنْ ُي ْت ِق َنهُ"(((� .إن البطء يف العمل يهدد وقت امل�ؤ�س�سة كما يهدر وقت املتعامل الأول واملتعاملني ال��ذي��ن ي�ل��ون��ه ،وخ���س��ارة ال��وق��ت تعني انق�ضاء ج��زء من العمر وهذا ال يعو�ض �أبداً(((. -2مراعاة الواجبات امل�سلكية الإيجابية وه ��ي ال�ت�ح�ل��ي ب��ال���ص�بر والأن � ��اة واحل �ل��م وال�ت���س��ام��ح وال�ب���ش��ا��ش��ة ،وي�ع�ن��ي ال�سمعة الطيبة وال��ذك��ر احل�سن. واح�ترام الآخرين حيث يعترب جزء من اح�ترام ال��ذات، فمن واجب املوظف ا�ست�شعار الأخوة مع زمالئه ،والتعامل معهم على هذا الأ�سا�س ،مبا يقت�ضيه ذلك من الن�صيحة واملو َّدة واحللم(((. 50
� ) 1آية .17 ) 2احل��اف��ظ ،امل �ن��ذري ،خمت�صر �صحيح م�سلم ،حتقيق حممد نا�صر الألباين ،املكتب الإ�سالمي ،بريوت.1977 ،
� -3إطاعة الأوامر الرئا�سية فر�ض الإ�سالم طاعة ويل الأمر فقال �سبحانه وتعالى َ ”:ي��ا�أَ ُّي� َه��ا ا َّل� ِ�ذي��نَ �آ َم� ُن��وا �أَ ِط�ي� ُع��وا هَّ َ الل َو�أَ ِط�ي� ُع��وا ال َّر ُ�سو َل الَ ْم� � � ِر ِم ْن ُك ْم (((" وال�ط��اع��ة ه��ي �أول ��ى درج��ات َو�أُ ْوليِ ْ أ االحرتام ،و�إن مل يقت�صر االحرتام على الطاعة وحدها، و�إمنا ي�شمل االلتزام واالن�ضباط واالنتظام ،ويجب على امل��وظ��ف االل �ت��زام بالتعليمات اخلطية وال�شفوية على جميع امل�ستويات((( .مب��ا ال يخالف ال�شرع ،ومب��ا هو مقبول ديانة وقانوناً وعرفاً(((. ب_�أخالق العمل ال�سلبية : ه��ي ام�ت�ن��اع امل��وظ��ف ع��ن ال�ق�ي��ام ب��الأع�م��ال املحظورة و�إ� �س��اءة ا�ستعمال ال�سلطة وا��س�ت�غ�لال ن�ف��وذه��ا و�إف���ش��اء الأ�سرار الوظيفية(.((1 � -1أكل �أموال النا�س بالباطل كل �شيء ح�صل عليه الإن�سان ب�شكل غري �شرعي فهو من �أكل �أموال النا�س بالباطل .قال تعالىَ ”:و َال َت�أْ ُك ُلواْ �أَ ْم َوا َلكُم َب ْي َنكُم بِا ْل َب ِ اط ِل َو ُت ْد ُلواْ ِب َها �إِ َل��ى الحْ ُ كَّا ِم ِل َت�أْ ُك ُلواْ َفرِيقاً ِّمنْ �أَ ْم َو ِال الن ِ َّا�س بِالإِث ِْم َو�أَن ُت ْم َت ْعلَ ُمو َن "(.((1 � -2إ��س��اءة ا�ستعمال ال�سلطة الوظيفية وا�ستغالل ن�ف��وذ الوظيفة ويق�صد بها حتقيق م�صاحله اخلا�صة من خالل �سلطة وظيفته العامة ويعرف باالنحراف يف ا�ستعمال ال�سلطة وال�ستخدام الوظيفة لتحقيق منفعة مادية له ولذويه على ح�ساب امل�صلحة العامة(.((1 � -3إف�شاء الأ�سرار. -4يحرم كل مكلفاً �إف�شاء الإ�سراء ،ومن ف�شي �سر بعد ائتمانه عليه فهو خائن للأمانة ،و�إف�شاء الأ�سرار دليل على ل ��ؤم الطبع وف�ساد امل��روءة وعلى قلة ال�صرب و�ضيق ال�صدر(.((1 ) 7الن�ساء� ،آية .59 ) 8املرجع ال�سابق� ،ص .26
) 3القو�سي ،مفرح �سليمان� ،أخ�لاق العمل يف الإ�سالم ،جملة الدعية، � ) 9صورية� ،أخالقيات العمل من منظور الفكر االقت�صادي الإ�سالمي، العدد .44 مرجع �سابق. ) 4رواه البيهقي� ،أحمد بن احل�سني ،يف �شعب الإميان برقم (، )5312 و�صححه الألباين يف "�سل�سلة الأحاديث ال�صحيحة" برقم (� ) 10 ،)1113أح�م��د� ،أخ�لاق�ي��ات �أنظمة العمل يف الإ� �س�لام م��ع بيان التطبيق يف ج� ،3ص .106 اململكة العربية ال�سعودية،مرجع �سابق. ) 5القطان ،حممد �أمني� ،أخالقيات العمل امل�صريف الإ�سالمي املواثيق ) 11البقرة� ،آية .188 والأخالقيات ،امل�ؤمتر الرابع للهيئات ال�شرعية للم�ؤ�س�سات املالية الإ�سالمية ،البحرين.2004 ، ) 12املرجع ال�سابق. ) 6القطان� ،أخالقيات العمل امل�صريف الإ�سالمي املواثيق والأخالقيات ) 13 ،املحمادي� ،أخالقيات العمل يف الت�شريع الإ�سالمي يف ظل املتغريات مرجع �سابق� ،ص .29 املعا�صرة� ،ص .15
-5ال�غ����ش واخل� ��داع والت�ضليل :ال�ت�ع��ام��ل بالغ�ش دليل على دناءة النف�س وخبثها ،والبعد عن اهلل ،وحرمان الربكة من املال والعمر ،فاملوظف يجب عليه �أن ين�صح يف وظيفته و�أن ي�ؤديها على الوجه املطلوب �شرعاً دون غ�ش وال خ��داع ،ودون ت�أخري لأع�م��ال النا�س وم�صاحلهم((( وق��د ت�ب�ر�أ ال��ر� �س��ول �صلى اهلل عليه و��س�ل��م م��ن الغا�ش فقال ":من غ ََ�شنا فلي�س منا"((( .الغ�ش :املوظف العام يف الإ�سالم م�ؤمتن على وظيفته ،وما ينتج من واجبات وم�س�ؤوليات(((. الأ�س�س والقواعد لأخالقيات العمل يف الإ�سالم املبادئ الأ�سا�سي للأخالق يف العمل امل�صريف الإ�سالمي ت�شري الأدب �ي��ات املالية ع��ن �أخ�لاق�ي��ات العمل �إل��ى �أن الأخالق �أمر هام ونافع للعمل يف الأمد البعيد على �أقل تقدير �إن مل تكن هامة ونافعة على املدى القريب ،وغالباً ما تكون الأخالقيات هي الأ�سا�س الذي يتوقف عليه جناح وتطور امل�ؤ�س�سات على الأم��د البعيد ،وتلعب الثقة دوراً هاماً وحيوياً يف العمل .فنظراً لعدم �إمكانية الن�ص على جميع املواقف والأمور امل�ستجدة �أثناء تنفيذ العقود ،يربز دور الثقة على اعتبار �أنها عن�صر هاماً وحيوياً يف العمل. فنظراً لعدم �إمكانية الن�ص على جميع املواقف والأمور امل�ستجدة �أثناء تنفيذ العقود ،يربز دور الثقة على اعتبار �أن�ه��ا عن�صر ه��ام يف ع�لاق��ات العمل الفعالة واملمار�سات ال�سليمة لل�شركة ،فعلى ال�شركات �أن حتقق هدفها املتمثل يف تعظيم الربح من خالل االلتزام بالطرق الأخالقية ل��ذل��ك ي�ج��ب �أن ت��رت�ب��ط �أخ�لاق �ي��ات ال�ع�م��ل ب��الأه��داف، وت�صبح مهمة الأخالقيات يف العمل و�سيلة من و�سائل تنفيذ تلك الأهداف(((. �إن ال �� �ص��دق والأم ��ان ��ة ه �م��ا �أ� �س��ا���س ع �م��ل امل �� �ص��ارف الإ�سالمية ،فيد امل�صرف ب�صفته م�ضارباً ب�أموال �أ�صحاب ح�سابات اال�ستثمار يد �أمانة بالتعبري الفقهي ويد عمالء امل���ض��ارب��ات وامل���ش��ارك��ات على �أم ��وال امل���ص��رف ي��د �أم��ان��ة، والأم�ي�ن على الأم��وال يقبل قوله �شرعاً فيما يخرب به عن ت�صرفاته يف املال طاملا مل يثبت �صاحب املال تق�صريه
�أو ت�ع��دي��ه((( .ع��ن امل �ب��ادئ الأ�سا�سية ال�ت��ي ت�ق��وم عليها املعامالت املالية الإ�سالمية تقت�ضي امل�شاركة يف الأرب��اح واخل�سائر ،وع��دم الربح دون حتمل خماطر اال�ستثمار. وع��دم ا�ستغالل ح��اج��ات الآخ��ري��ن ،وع��دم االح�ت�ك��ار(((. �إن من �أهم املبادئ الأ�سا�سية للأخالق يف العمل امل�صريف الإ�سالمي ما يلي((( : � -1أن ي�أتي اختيار العاملني بال حماباة وال �أثرة. من الو�سائل املهمة يف الوقاية من اختيار غري الأكفاء �أو فاقدي اخل�صال احلميدة :فاعلية اختيار العاملني، نظراً لأن ح�سن االختيار هو �إح��دى الو�سائل التي تقلل من فر�ص االنحراف يف امل�ستقبل ،ومن ح�سنت بدايته ح�سنت نهايته فقد كان �صلى اهلل عليه و�سلم يحر�ص على تولية القادرين من امل�سلمني ،فقد � ّأمر على اجلي�ش �أ�سامة بن زي��د ر�ضي اهلل عنهما وكان عمره ال يتجاوز الع�شرين �سنة ،كما رد �أبا ذر ر�ضي اهلل عنه عن الإم��ارة عندما طلبها ،وعلل ذلك ب�أنه �ضعيف وغري قادر عليها. -2ال�ع�م��ل ع�ل��ى اخ �ت �ي��ار ال�ع��ام�ل�ين م��ن �أه ��ل ال�ت�ج��ارب والإتقان وذوي الرجاحة يف العقل والر�أي. -3ق�ي��ام العاملني بالن�صح والإر� �ش��اد وح��ب امل�ساعدة للآخرين. � -4أن يت�صف العاملني ب��الأم��ان��ة وال�سرية خ�صو�صاً بالأمور املالية. -5قدرة العاملني على الت�آلف واملودة مع الآخرين. � -6أن ي�شدد كل عامل ل�سانه عن قول الكذب والزور. -7حر�ص كل عامل على تطوير معارفه وجودة �إنتاجه و�إتقان العمل. -8االل�ت��زام ب�أحكام و�ضوابط ال�شريعة الإ�سالمية يف املعامالت والبعد عن ال�شبهات. � -9أن ي�ت�ح�ل��ى ك��ل ع��ام��ل ب��ال���س�ل��وك االق �ت �� �ص��ادي من االكت�ساب الطيب والق�صد يف الإنفاق واالدخار ليوم فقره وحاجته. -10اال�ستمرارية بالوالء واالنتماء للعمل الذي يقوم به.
) 1املرجع ال�سابق� ،ص .16 ) 5بن عمارة ،ن��وال� ،إدارة املخاطر يف م�صارف امل�شاركة ،ملتقى الأزمة ) 2رواه م�سلم ( ،)101/6475ق��ال ال�ترم��ذي:ح��دي��ث ح�سن �صحيح املالية واالقت�صادية الدولية واحلوكمة العاملية.2009 ، (( ، 1/247احلاكم قال� :صحيح على �شرط م�سلم ( ،)9/218البيهقي ) 6القرعاين� ،ضرورة تعزيز القيم الأخالقية يف التمويل الإ�سالمي، (.)5/320 مرجع �سابق.2013 ، � ) 3صورية� ،أخالقيات العمل من منظور الفكر االقت�صادي الإ�سالمي ) 7 ،البعلي ،عبد احلميد حممود� ،أخالقيات العمل امل�صريف الإ�سالمي، مرجع �سابق. امل��ؤمت��ر ال��راب��ع للهيئات ال�شرعية للم�ؤ�س�سات املالية الإ�سالمية، ) 4دور القيم و�أخالقيات الأعمال يف التجارب العاملية� ،ص .13 البحرين.2004 ، ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
51
52
وب �ن��ا ًء على م��ا مت ذك��ره يتبني �أن �أخ�لاق�ي��ات العمل امل�صريف الإ�سالمي قائمة على التقوى والعمل ال�صالح وال��ذي ب��دوره ي ��ؤدي �إل��ى االل�ت��زام املبا�شر بالأخالقيات احلميدة. �أخالق املوظف يف امل�صارف الإ�سالمية الأ�صل �أن يتحلى امل�سلم ب��الأخ�لاق الكرمية ويبتعد عن الأخالق ال�سيئة �سواء كان عام ً ال �أو غري عامل ،لذلك ف�إن هناك �أخالقيات خا�صة تلزم الإن�سان بح�سب مهنته ودوره يف احل�ي��اة ،وبالتايل ف��إن هناك �أخالقيات للعمل تقت�ضي الرتكيز على �أخ�ل�اق معينة بح�سب العمل �أو املهنة .لذلك ف�إن العمل يف امل�صارف الإ�سالمية يقت�ضي �أن يو�ضع للعامل �أخالقيات حتكمه وت�ضبط م�سريته، ال ميدانياً �أو مكتبياً �أو �إدارياً �سواء كان العامل يعمل عم ً حتى ي�ستطيع كل عامل �أن يقوم بعمله على �أمثل وجه و�أح�سن طريق ،مراعياً بذلك ربط الأخالق مببد�أ الثواب والعقاب الأخروي ،حتى ال تتحول �أخالقيات العمل �إلى جمرد ت�صرفات منفعية(((. وعليه يجب �أن يت�صف العامل يف امل�صارف الإ�سالمية بالأخالق الآتية(((: -1التب�سم بوجه العميل واال�ستماع له ب�أهمية ا��س�ت�ق�ب��ل ال�ع�م�ي��ل و�أع �ط��ه ال��وق��ت ال �ك��ايف ل�ل�ح��دي��ث، و�أن�صت �إليه جيداً ،وخاطبه مبا يفهم وي�ستوعب ،روت عائ�شة ر�ضي اهلل عنها قالتَ ”:كا َن كال ُم ر�سول هَّ الل َ�ص ّلى ُ و�س ّلَم َكالماً َف ْ�صال ي ْف َه ُم ُه ُك ُّل َمن َي ْ�س َم ُعهُ"(((. اهلل َعلَ ْي ِه َ فالعامل ي�ستطيع �أن ميلك قلوب ال�ع�م�لاء ،وذل��ك عن ط��ري��ق ال���ص�ف��ات احل�م�ي��دة ال�ت��ي يتحلى ب�ه��ا فكثري من العمالء يرتددون على م�صرف بعينه ب�سبب موظف معني وينفرون من م�صرف �آخ��ر ب�سبب موظف فعلى املوظف �أن ي�سعى دائما لك�سب قلوب الآخرين وك�سب ودهم وما ) 1ال �غ��ام��دي� ،سعيد ب��ن ن��ا��ص��ر� ،أخ�لاق �ي��ات ال �ع �م��ل(� �ض��رورة تنموية وم�صلحة �شرعية) ،رابطة العامل الإ�سالمي ،مكة املكرمة ،الإدارة العامة للثقافة والن�شر ،2010 ،بت�صرف.
يعك�سه على ح�سن عالقة املتعامل باملوظف وبامل�صرف معاً ،ومقابلة �إ�ساءاتهم باحللم و�سعة ال�صدر ،فالهدف م��ن �سماع وخماطبة العميل ،تفهيمه للمعاملة ح�سب الوجه ال�شرعي ال�سليم وتلبية ما يحتاجه ،والإجابة على ا�ستف�ساراته .و�إعطائه الكلمة الطيبة وعدم العبو�س يف وجهه ب�إعطائه الإجابة و�أنت مبت�سماً ب�شو�شاً ،فالتب�سم ال�صادق �صفة تعطي الراحة وال�سعادة لفاعلها وم�ستقبلها ق��ال الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلمَ ":ت َب ُّ�س ُم َك فيِ َو ْج� ِه �أَ ِخ َ يك َ�ص َد َق ٌة "(((. -2الرحمة بالعميل ي�ج��ب ع�ل��ى امل��وظ��ف �أن يت�سم ب��ال��رح�م��ة الإن���س��ان�ي��ة، ف�أ�سا�س عمله يكون مر�ضاة اهلل ولي�س ر�ضا النا�س ،حيث �ستواجه املوظف يف عمله اليومي الكثري من املواقف التي ت�ستلزم الرحمة مبن حولك وهذا يريح العميل واملوظف نف�سياً ،وي�شجع التعامل مع امل�صرف الذي يتميز موظفيه بهذا الطبع ،فعلى املوظف �أن يتحلى بال�صرب ،ويحت�سب ذلك عند اهلل ،فقد يتعر�ض املوظف �إلى �إ�ساءة من العميل، ف��امل��وظ��ف ي�ت�ع��ام��ل م��ع خم�ت�ل��ف ف �ئ��ات امل�ج�ت�م��ع ،ف��رمب��ا يتعر�ض �إل��ى بع�ض الت�صرفات ال�سيئة ،مما يدفعه �إلى التلفظ مبا ال ينا�سب عمله ،لذلك عليه التحلي بال�صرب، فتكون العالقة بني العمالء والعاملني واملدراء مريحة، فيها التي�سري والربكة ،مع وجود �ضوابط و�أحكام حلفظ الأمانات والعهود. -3املحافظة على �سرية العميل فالعميل �أودع وديعته ل��دى امل�صرف �أو ق��ام مبعاملة معينة �سواء طلب متويل �أو خدمة م�صرفية معينة ال يريد �أن يعلم بها �أح��د ،فهو يفرت�ض ال�سرية التامة يف امل�صرف ،فيجب على املوظف �أن يكون �أه�ل ً ا حلفظ �سر معاملة العميل ،فال�سر يتعلق با�سمه وطبيعة املعاملة ال�ت��ي ق��ام ب�ه��ا ه��ذا م��ن ج��ان��ب وم��ن ج��ان��ب �آخ ��ر �أح ��وال العميل من غنى �أو فقر �أو ع�سر م��ايل �أو �إط�لاع��ه على �أح��وال��ه امل��ال �ي��ة ،ف�لا ي�ج��ب ع�ل��ى امل��وظ��ف �أن ي�ت��دخ��ل يف �أحوال العمالء ،ويبحث يف ملفاتهم ويتدخل يف �ش�ؤونهم امل�صرفية ،فيجب على املوظف �أن يكون كتوماً للأ�سرار فكثري من العمالء يكتمون �أمورهم املالية وال يف�ضلون �إط�لاع الغري عليها .مما ي ��ؤدي �إل��ى زرع الثقة وتبادلها بني كافة املتعاملني والعاملني يف امل�صارف الإ�سالمية، وبالتايل ال�سمو يف التعامل و�ضحد لذوي النوايا ال�سيئة.
� ) 2أنظر :القطان،حممد �أم�ين� ،أخالقيات العمل امل�صريف الإ�سالمي املواثيق والأخالقيات ،امل�ؤمتر الرابع للهيئات ال�شرعية للم�ؤ�س�سات املالية الإ��س�لام�ي��ة ،البحرين ،2004 ،ال�غ��ام��دي� ،سعيد ب��ن نا�صر، �أخالقيات العمل(�ضرورة تنموية وم�صلحة �شرعية) ،رابطة العامل الإ��س�لام��ي ،مكة امل�ك��رم��ة ،الإدارة العامة للثقافة والن�شر،2010 ، بت�صرف ) 4رواه الرتمذي رقم ( )1956وابن حبان ( )2/287و�صححه الألباين يف �صحيح �سنن الرتمذي ،و�شعيب الأرناو�ؤط يف حتقيق �صحيح ابن ) 3رواه �أبو داود ( ، )4839وح�سنه الألباين ،املقد�سي ،حممد بن مفلح حبان (.)2/287 بن حممد ،الآداب ال�شرعية واملنح املرعية ،عامل الكتب ،د.ت ،د.ط.
-4العدل يف معاملة العمالء املوظف يف امل�صرف يتعامل مع عدة فئات من املجتمع الفقري ،الغني ،العامل ،اجلاهل ،فيجب على املوظف �أن ال يفرق بني العمالء ،بل هو م�س�ؤول �أمام اهلل �أن يحرتم جميع العمالء دون تق�صري �أو �إهمال وال ميكن �أن ينجح بعمله �إال �إذا تلقى جميع العمالء املعاملة احل�سنة العادلة دون متيز �أو تق�صري. -5االهتمام باملظهر ح�سن مظهر املوظف ينعك�س على العميل الذي يتوقع �أن يلقى املوظف مبظهر ح�سن مما يزيد من التفا�ؤل ،ويفر�ض عليه احرتام وتقدير املوظف ،فالإ�سالم يحث �أتباعه على االه�ت�م��ام باملظهر وال�ن�ظ��اف��ة ،لأن ه��ذا يكمل م��ا دع��ا �إليه الإ�سالم من الب�شا�شة ولطف احلديث وح�سن املع�شر. -6الإخال�ص و�إتقان العمل الإت �ق��ان ف��ر���ض يف ك��ل ع�م��ل نعمله �أو �أم ��ر نتناوله، وي�ستطيع امل��وظ��ف �أن يتقن عمله م��ن خ�لال الإط�ل�اع على كل ما هو جديد يف علم امل�صارف الإ�سالمية ،حتى يت�سنى له الإبداع واالبتكار ،و�أف�ضل عمل يقدمه املوظف للمتعاملني هو ال�سرعة والإتقان والإخ�لا���ص يف �إجناز امل �ع��ام�لات ،ب��ل ي�ع�ن��ي ��س��رع��ة الإجن� ��از والإت� �ق ��ان و�سيلة لت�سويق خدمات امل�صرف و�أقلها تكلفة لذلك يجب على املوظف �أن يوازن بني �إتقان العمل وال�سرعة يف الإجناز، لأنه البطء يف العمل يهدر وقت امل�صرف كما يهدر وقت العميل ي�ق��ول ال��ر��س��ول �صلى اهلل علية و�سلم�":إِنّ هَّ َ الل َت َعالى ُي ِح ّب �إِ َذا َع ِم َل �أَ َح ُد ُك ْم َع َم ً ال �أَنْ ُي ْت ِق َن ُه "((( . -7تعلم الأحكام ال�شرعية واالبتعاد عن ال�شبهات ك �ث�يراً م��ن ال�ع�م�لاء ��س��وف ي�ط��رح��ون �أ��س�ئ�ل��ة تتعلق ب��الأم��ور املالية ال�شرعية ذات ال�صلة باملعامالت املالية الإ�سالمية ،لذلك يجب على امل��وظ��ف �أن يلم بالأحكام املتعلقة باملعاملة من حيث احللة واحلرمة واالبتعاد عن ال�شبهات ،حتى ال يقع العميل باملحظورات . -8الرقابة الذاتية تعترب الرقابة الذاتية من �أه��م و�أنفع الو�سائل التي توجد اخللق القومي يف العمل ،وتكفل ا�ستمرار يته التي من �أهم ثمارها الإتقان واجلودة .فمهما كانت قوة النظام والأحكام اجلزائية والق�ضائية ف�إنها قليلة اجلدوى مع انعدام مبد�أ الرقابة الذاتية .والرقابة الذاتية منطلقة
م��ن حديث الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلمُ ":ك� ُّل� ُك� ْم َرا ٍع َو ُك ُّل ُك ْم َم ْ�س�ؤول َع��نْ َر ِع َّي ِت ِه"((( .فهي �إح�سا�س املوظف العامل ب�أنه مكلف ب�أداء العمل وم�ؤمتن عليه ،من غري حاجة �إلى م�س�ؤول يذكره مب�س�ؤوليته ،وتعترب �أهم عامل لنجاح العمل ،لأنها تغني عن كثري من النظم والتوجيهات واملحا�سبة وغري ذلك(((. وت�أ�سي�ساً على ذل��ك يتبني �أن على املوظف ا�ست�شعار امل�س�ؤولية ،حيث يعترب من �أخالق العمل املهمة يف الوقت احلا�ضر ،ا�ست�شعار امل�س�ؤولية فاملوظف ال بد �أن ي�ست�شعر حجم امل�س�ؤولية �أمام اهلل والنا�س و�أن يحر�ص على القيام بحق هذه امل�س�ؤولية العظيمة(((. ال��رف��ق وال�ع�ف��و م��ع م��ن يتعامل معهم امل��وظ��ف ،وقد انتبهت النظريات احل��دي�ث��ة �إل��ى �أه�م�ي��ة ال��رف��ق وح�سن معاملة ال��زب��ائ��ن ،وجعلته �أح��د ا�سرتاتيجيات امل�ؤ�س�سة الناجحة ومن جوانب الرفق مع التوا�ضع وخف�ض اجلناح وكذلك �أن يت�صف باللني يف قوة واحلزم يف رحمة .ومن جماالت الرفع مع املتعاملني �أو مراجعي الإدارة �أو الهيئة، احلث العام على التب�سم يف وجه �أحيك و�إنه من ال�صدقة، فالرفق والتب�سم وح�سن املعا�شرة من �أكرث الأمور ت�أليفاً لقلوب النا�س امتثاال لقوله تعالى" :خُ ِذ ا ْل� َع� ْف� َو َو�أْ ُم � ْر بِا ْل ُع ْر ِف َو�أَ ْع� ِر�� ْ�ض َعنِ الجْ َ ِاه ِلنيَ"(((� .إن �أخالق العمل لها ارتباط كبري بالتنمية وا�ستمرارها يف تطوير املجتمع والدولة� ،أن ال�سبب يف تنامي اهتمام امل�ؤ�س�سات الدولية ب��ال�ب�ع��د الأخ�ل�اق��ي ن��اجت ع��ن ��ش�ع��وره��ا ب� ��أن ال�ع��دي��د من امل�شاريع والربامج التي متولها هذه امل�ؤ�س�سات مل يكتب لها النجاح املتوقع ،ل��وج��ود �أ�سباب هيكلية واجتماعية كانت�شار ال�ف���س��اد الأخ�ل�اق��ي �أو ال��ر��ش��وة �أو غ�يره��ا من الأمور وقد �أدى ذلك �إلى زيادة تكلفة امل�شاريع ،وانخفا�ض جودتها وموا�صفاتها ،وتقليل الفوائد املتوقعة منها على املجتمع.
) 2رواه البخاري( )7138وم�سلم (( 1829يف �صحيحيهما عن ابن عمر. ) 3احل�م�ي��دان ،ع�صام ب��ن عبد املح�سن� ،أخ�لاق�ي��ات املهنة يف الإ��س�لام، اململكة العربية ال�سعودية ،الريا�ض ،العبيكان للن�شر ،ط.2010 ،1
) 4العمر ،ف ��ؤاد عبد اهلل� ،أخ�لاق العمل و�سلوك العاملني يف اخلدمة ال�ع��ام��ة وال��رق��اب��ة عليها م��ن م�ن�ظ��ور �إ� �س�لام��ي ،ال�ب�ن��ك الإ��س�لام��ي للتنمية.1999 ، � ) 1سبق تخريجه �ص ؟؟؟؟؟؟؟؟؟رواه البيهقي يف �شعب الإمي��ان ،و�أبو بعلى يف م�سنده ،وقال الألباين ج�سن يف �صحيح اجلامع ال�صغري. ) 5الأعراف� ،آية .199 ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
53
54
التحديات والعقبات لأخالقيات الأعمال يف العمل امل�صريف الإ�سالمي الإن�سان ي�شعر باحلاجة �إلى الأخالق عندما تكون هذه الأخ�لاق مطلوبة من غ�يره ،ويكون هو حمتاجاً �إليها، وق��د ال ي�شعر باحلاجة �إل��ى الأخ�ل�اق عندما تكون هذه الأخالق مطلوبة منه ل�صالح غريه .فاخلطر الأخالقي: ع�ب��ارة ع��ن ت�صرفات الفاعلني االقت�صاديني يف تعظيم منفعتهم اخلا�صة على ح�ساب الآخ��ري��ن ،وذل��ك عندما ال يتحملون جميع الآث��ار �أو عندما ال يتمتعون بجميع منافع ت�صرفاتهم ،ب�سبب عدم الت�أكد� ،أو ب�سبب العقود الناق�صة �أو املقيدة التي متنع حتميل جميع الأ��ض��رار واملنافع للطرف الأخ��ر((( .فعدم وجود قواعد وا�ضحة وحمددة حلل امل�شاكل املتعلقة ب�أخالق العمل ،وذلك نظراً لتنوعها وتعددها باختالف البيئة وتراث املجتمع وقيمه، لذلك هناك العديد من التحديات التي تواجه امل�صارف الإ�سالمية لرت�سيخ الأخالق منها(((: -1كيفية ال�ت�ع��ام��ل م��ع ك�ث�ير م��ن الأخ�ل��اق ال�سلبية، ك��ال�ف���س��اد الإداري ،وع ��دم ت�ك��ري����س اجل �ه��د للقيام مب�س�ؤوليات الوظيفة� ،أ�صبحت الو�ساطة منت�شرة كقيمة اجتماعية ،حيث �أ�صبحت الو�ساطة ت�ستنكر من اجلميع ،ومتار�س من اجلميع ،لت�سهيل املعامالت وتف�ضيل الأقارب ،لقوة ومكانة العائلة االجتماعية. �� -2ض�ع��ف االل� �ت ��زام ب��امل���س��ؤول�ي��ة جت ��اه ال �ع �م��ل ،وق�ل��ة اال�ستجابة حلاجات املجتمع ،فالكثري من العاملني ي�ستخدمون الأجهزة اخلا�صة بالعمل ومعداتها يف تنفيذ معامالتهم ون�شاطاتهم ال�شخ�صية بد ًال من �إنهاء معامالت النا�س وح�سن ت�صريف خدماتهم، و�سرعة �أوقات الدوام. -3املركزية الزائدة يف العمل مما ي�ؤدي �إلى عدم التزام العامل ب�أخالق العمل .وتركز ال�سلطات ي��ؤدي �إلى قلة املبادرات الفردية و�ضعف االبتكار. -4تو�سيع نطاق امل�س�ؤولية الإداري ��ة ،وت�أ�سي�س نظام لتمحي�ص و�شفافية الت�صرفات املالية للموظفني. � -5ضعف ثقافة التطبيق واالكتفاء برتديد ال�شعارات واملفاهيم واملبادئ والقيم ال�سامية �أو االقت�صار على التخطيط واللوائح املنظمة للعمل(((. احللول املقرتحة لتنمية الأخ�لاق يف العمل امل�صريف الإ�سالمي((( �إن االلتزام بالأخالق الإ�سالمية ينعك�س �إيجابياً على املجتمع من الناحية االقت�صادية واالجتماعية ،حيث �أن ر�سالة امل�صارف الإ�سالمية ال تتوقف على حتقيق الربح ) 1امل�صري ،رفيق ،االقت�صاد والأخالق ،دم�شق ،دار القلم ،ط.2007 ،1 ) 2العمر ،ف��ؤاد عبدا هلل� ،أخ�لاق العمل و�سلوك العاملني يف اخلدمة ال�ع��ام��ة وال��رق��اب��ة عليها م��ن م�ن�ظ��ور �إ� �س�لام��ي ،ال�ب�ن��ك الإ��س�لام��ي لتنمية ،بحث رقم ،52ط ،1999 ،1بت�صرف. ) 3الغامدي ،مرجع �سابق. ) 4العمر� ،أخالق العمل و�سلوك العاملني يف اخلدمة العامة والرقابة عليها من منظور �إ�سالمي ،مرجع �سابق ،بت�صرف.
ب��ل ت�ع��زي��ز وت�ع�م�ي��ق ال���س�ل��وك الأخ�ل�اق��ي ال���س�ل�ي��م ل��دى الأفراد والعاملني امل�ستمدة من �أحكام و�ضوابط ال�شريعة الإ�سالمية ،لذلك يتطلب االلتزام بالأخالق الإ�سالمية م��ن قبل العاملني يف امل�صارف الإ�سالمية وم��ن املمكن حتقيق ذلك من خالل ما يلي: -1فاعلية ط��رق اخ�ت�ي��ار العاملني حيث يعترب ح�سن االختيار هو �أح��دى الو�سائل التي تقلل من فر�ص خ �ط��ر الأخ� �ل ��اق ال �� �س �ي �ئ��ة ،ل��ذل��ك ع �ل��ى امل �� �ص��ارف الإ�سالمية �أن تويل عملية اختيار العاملني �أهمية وو�ضع الو�سائل املنا�سبة لالختيار وو�ضع الأ�س�س وال���ض��واب��ط ال��وا��ض�ح��ة وال�ع��ادل��ة املتعلقة ب��أخ�لاق العمل والالزمة للموظف. -2منع العاملني من اجلمع بني وظيفتني ،وذلك ملنع تعار�ض امل�صالح ،و�إهمال العمل املوكول �إليهم. � -3إ��ص��دار نظام �أو ميثاق لأخ�ل�اق العمل ،مم��ا يعطي املوظف �إح�سا�ساً بوحدة الهدف و�شعوراً بااللتزام جتاه م�س�ؤولياته نحو وظيفته ونحو املجتمع. -4ال �ب �ن��اء ال�شخ�صي ل�ل�ع��ام��ل ،ال ��ذي ي�ج��ب �أن يكون على �أعلى م�ستوى من الأم��ان��ة والعدالة وااللتزام ال�شخ�صي ،وذلك من خالل غر�س الإعداد الأخالقي وال�ق�ي��م الإي�ج��اب�ي��ة ال�ت��ي ح��ر���ص عليها الإ� �س�لام يف جميع ع�صوره. -5زيادة الوعي الأخالقي وذلك من خالل �إن�شاء مكتب لأخ�لاق الوظيفة ،يهتم بن�شاط ووظائف التوعية والتحقيق ،وتطوير �أدوات تزيد من قدرة املوظفني على التحليل و�إب��داء ال��ر�أي من الناحية الأخالقية وتدريب العاملني على الظروف التي ميكن �إف�شاء امل�ع�ل��وم��ات ال�ت��ي ي ��ؤمت��ن عليها امل��وظ��ف �أو �صاحب املهنة .ك��أن تكون هناك م�صلحة عامة من عر�ضها بطريقة وا�ضحة. � -6إعادة ت�شكيل قيم �سلوك العاملني يعترب �إعادة ت�شكيل �سلوك العاملني من الأم��ور الهامة والأ�سا�سية يف �أخالقيات الأعمال ،وذل��ك من خالل توفري برامج تدريبية للعاملني ،تكون �ضمن الأع��داد الأخالقي وت�ك��ري����س ق�ي��م ال�ع�م��ل ،وتهيئة امل��وظ��ف للمواجهة الواعية واملو�ضوعية ،ملا قد يالقيه من م�شكالت قد تتطلب حتلي ً ال للبعد الأخالقي لها ،و�إع��ادة �إحياء القيم والعادات الإيجابية يف النفو�س من جديد مثل التعاون ،ال�شورى ،االلتزام بالعمل. -7ت�شجيع العاملني على ك�شف االن �ح��راف والف�ساد الإداري :ميكن تدريب العاملني على اكت�شاف الف�ساد الإداري ،وت�شجيعهم على �إب�لاغ�ه��ا مل�س�ؤولياتهم، فهناك العديد من العاملني الذين يعانون الف�ساد الإداري ولكنهم ال ي�ستطيعون فعل �شيء ،لأن الإبالغ عنه ق��د ي� ��ؤدي �إل��ى �إن �ه��اء خ��دم��ات�ه��م� ،أو الت�ضييق عليهم ،فيمكن ت�شجيعهم على الك�شف عن الف�ساد الإداري من خالل املكاف�آت املادية �أو غري املادية. و�آخر دعوانا �أن احلمد هلل رب العاملني.
مقاالت
أ .محمد العضايلة رغ��م التحوالت اجلارية يف العامل و الوطن العربي خا�صة جتاه التغيري و الإ�صالح و ن�شر قيم الف�ضيلة �إ َال اننا ما زلنا ن�سري ببطء نحو ال�شباب الذين هم ن�صف احلا�ضر وكل امل�ستقبل ،والبد من طرح الأفكار القابلة للتطوير و �شحذ الهمم نحو الأف�ضل . ففي ك��ل ع��ام و يف مثل ه��ذا ال��وق��ت ت��أت��ي العطلة ال�صيفية للطالب بكافة م�ستوياتهم ليعي�شوا يف فراغ كبري ،فراغ ممل و حا�ضنة لكل الت�صرفات اخلارجة عن القيم و القانون � ،سلوكات نلم�سها يف كل �ساعة على ار�ض ال��واق��ع ،حيث مل نلم�س م�ب��ادرات يف ك��ل ح��ي و ��ش��ارع ، م�ب��ادرات �شبابية تطوعية ت�ستغل اوق��ات الفراغ و تعزّز فيهم كل القيم الأن�سانية الطيبة . فامل�ؤ�س�سات التعليمية و ال�شبابية حكومية او خا�صة والتي تنت�شر يف كل حي و�شارع مل تقدم عم ً ال او مبادرات كبرية نلم�سها على �أر�ض الواقع رغم وجود بع�ضها و هي على �إ�ستحياء وال ت�ستهدف ال�شرائح الكربى بل لفئات حمدودة غري م�ؤثرة . نتمنى ان تطرح م�ب��ادرات �شبابية يف كل حي مثل م �ب��ادرات النظافة العامة و زراع��ة الأ��ش�ج��ار ه��ذه التي حتر�ص على البيئة كذلك �أخ��رى تهتم بكبار ال�سن و تعليمهم على التكنولوجيا احلديثة ورعايتهم و غريها ومبادرات تخ�ص التجمعات الفقرية مثل �صيانة بع�ض املنازل و جمع الطعام و املالب�س وان�شاء مرافق ب�سيطة م��راف��ق ت��رف�ي�ه�ي��ة او م�ق��اع��د ع��ام��ة جت�م��ع ال���ش�ب��اب او االطفال وتن�شر فيهم روح الفرح و غريها . نتمنى ان تطرح مبادرات تهتم بالثقافة و ن�شر الوعي وتعزز لغة احلوار و �أخرى ريا�ضية لأن العقل ال�سليم يف اجل�سم ال�سليم كما انها تعزز روح الفريق وتن�شر التعاون وم���س��اع��دة ال�ن��ا���س ,م �ب��ادرات باللغة ال�ع��رب�ي��ة وال�ل�غ��ات
الشباب والمبادرات االخ ��رى وال��ر� �س��م ع�ل��ى اجل� ��دران ال���ص�م��اء ال �ت��ي تبعث امللل للناظراليها وجعلها ذاكرة للزمان واملكان وغريها الكثري الكثري . م�شاريع و مبادرات تبعد �شبح الإدم��ان واملخدرات وغريها من الآف��ات التي ب��د�أت تنت�شر يف ج�سم وعقول ال�شباب كالنار يف اله�شيم لأننا �إن بادرنا جميعاً :افراداً وم�ؤ�س�سات �سنجعل من العطلة قيماً تنه�ض بالوطن واب�ن��ائ��ه ف��ال��وط��ن روح و ح�ي��اة م�ت�ج��ددة للعطاء يف كل ا�شكاله الثقافية ،فم�شاريع النهو�ض بالوطن و ابنائه يحتاج جلهود كل اخلريين ،يحتاج ملعرفتنا مبا حولنا وب��الأر���ض ال�ت��ي ن�سري عليها و ب��ال�ت��اري��خ ال��ذي عا�شته فكذلك علينا ال�ت��وج��ه نحو تنوير ال�ع�ق��ول ال�ت��ي تنري احلياة و جتدد العطاء و تن�شر املحبة و الأمن و ال�سالم وك��ل م�ه��ارات االت���ص��ال ،وي�ق��ال ع � ّود نف�سك على مكارم الأخالق فاخلري عادة و ال�شر رذيلة خ �ت��ام �اً اال� �س �ت �ف��ادة م ��ن ط ��اق ��ات ال �� �ش �ب��اب ال ت�ك��ون االباال�ستفادة من ك��ل الفر�ص املتاحة ه��ذه التي تعزز فيهم قيم العمل و اخلدمة العامة و التوا�صل و العطاء . ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
55
مقاالت
ات ِك َت َاب ٌ في
الح ْك َم ِة ِ اللواء المتقاعد عدنان عبيدات
56
ب�سم اهلل الرحمن الرحيم: }و َمنْ ُي�ؤ َْت ا ِ رياً{ (البقرة)269 : حل ْك َمة َف َق ْد �أُ ُو ِت َي َخيرْ اً َك ِث َ َك ِل َماتٌ فيِ ب ِْ�ض ُع َد َقا ِئقٍ ال َي ْ�س َت ِطي ُلها َم ُل ُو ٌل وال َي ْ�س َتكْثرِ ُ ها َم ْ�ش ُغ ٌ ول ِت ْل َك ِم َّن ٌة و َف ْ�ض ٌل ِمنَ ا ِ هلل َعلَ َّي ،وهي َب ْع ٌ�ض ِمنْ خَ َو ِاطرِي و�شي ٌء ِمنْ خُ لاَ َ�ص ِة تجَ َ ارِبي يف ا َ َ حل َياة� ،أَ َر ْدتُ �أَنْ ال �أَ ْ�س َت ْب ِقي َها ِي�سة الأنفا�سَ ،ف�أَ ْح َب ْبتُ َ�أنْ َيطا َلها َر ِهي َن َة ال ِق ْر َطا�سَ ،حب َ الإِ ْف � َرا ُج و�أَنْ ُتخْ َر َج ِمنَ الأَ ْد َراجِ ،ل ُت ْب َ�س َط ِمن َغيرْ ِ ِع َّل ٍة على َب ِ احة َف ُربمَّ ا ع�ض َ�ص َف َح ِات امل َ َج َّل ِة ،و ِل َك ْي َت ُكو َن لمِ َنْ َي َ�شا ُء ُم َت َ ْاح َت َوتْ َق ْدراً ِمنَ ال�صَّ َر َاحة �أَو ا ِ الحة ،و ِفي َما َي ِلي حل ْك َم ِة وامل َ َ َبا َق ٌة ِم ْن َها َت�أْ ِتي َك َت ْك ِملَ ٍة لمِ َا َكا َن َق ْد ُن ِ�ش َر ِمنْ َق ْب ُل يف َع َد ٍد َ�سابِقٍ ِمنْ َه ِذ ِه امل َ َج ِّل ِة ال َغ َّرا ِء: َ .37 "ط ْع ُم الن ََّجا ِح ُيو ِدي بمِ َ َرا َر ِة ال َف َ�شلِ وال َع ْز ُم َعلَى تحَ ْ ِقي ِقه ِمنْ َ�ض ُرو َر ِات ال َع َملِ ". �" .38إِ َذا َكا َن فيِ ال َّت َع ُّل ِم َع َنتٌ و ِلقَا ُء ِ�ش َّدة َف ِفي ا ْك ِت َ�سابِ ال ِع ْل ِم َ�ش َر ٌف و ا ْعتِلاَ ُء ُ�س َّد ٍة ". " .39ال ِع ْل ُم ِه � َدا َي � ٌة وا َ جل� ْه� ُل ِغ َوا َي ٌة" .ال� ِغ� َوا َي� ُة :ال�ضَّلاَ ُل وا َ خل ْي َب ُة ( ل�سان العرب ،املجلد � ،10ص.)149 : ن�ش ُر ُه فيِ ا َ " .40زِي َنة ُال ِع ْل ِم ُح ْ�سنُ ا ُ خل ُلقِ و َز َكا ُت ُه ْ خل ْلقِ ". " .41الإِ ْن َتا ُج ال ِع ْل ِم ُّي َو ِلي ُد امل ُ ْ�س َت َوى امل َ ْعرِفيِ ِّ ". ِ ".42حي َن َما َيتَخَ َّلى الإِ ْعلاَ ُم َعنْ َق ْولِ ا َ حل ِقيقَة ِ َف�إِنَّه َي ْل َج�أُ �إِ َّما
�إِلى ال�صَّ ْم ِت �أَو �إِلى ُ�ص ْن ِع ال َك ِذبِ و َت ْ�سوِي ِق ِه". ُ " .43ر َّب ُ�صو َر ٍة ِمنْ َم ْ�ش َه ٍد �إِن َْ�س ِا ٍّ ين َ�صا ِدقٍ َ�أ ْح َد َثتْ َع ِمي َق الأَ َث� � ِر و �أُخْ � � َرى ِد َع��ا ِئ� َّي� ٍة ُم ْ�ص َط َن َع ٍة َ�أ�ْ��ض� َ�ح��تْ ِم��نْ َتا ِف ِه ا َ خلبرَ ِ". "منْ �أَ ْع َجبِ ال َع َجبِ ال ُه َت ُ ِ .44 اف ِبلاَ َ�س َببٍ ". " .45الإ ِْط ُرا ُء َطرِيقٌ َز ِلقٌ َم ِط َّي ُت ُه ال ِّن َفا ُق و َم ْو ِر ُد ُه ال َهلاَ ُك". �" .44إِ َذا ِقي َل يف امل َ ْر ِء َما ِفي ِه َف ُه َو فيِ ِغ َن ًى َع َّما ِقي َل ِفي ِه ،و�إِنْ لمَ ْ َي ُكنْ ِفي ِه َما ِقي َل ِفي ِه َف َذ َ اك ِ�إ ْف ٌك لاَ َر ْي َب ِفي ِه". " .45ال َّت َز ُّلفُ للأَ َنا ِم َي ُح ُّط ِمنَ ال َق ْد ِر واملَقَا ِم". " .46امل َ ْد ُح بالأَ ْث َم ِان واله َِجا ُء بامل َ َّج ِان". "�سو ُق ال ِّنفَاقِ �أَنتنَ ُ الأَ ْ�سواقِ ". ُ .47 "ا�ص َط ِح ْب ِم��نَ ال�َب�رَ ِ َّي� ِة َم��نْ َك��ا َن َذا ِه َّم ٍة َع ِل َّية ،و َكفٍّ ْ .48 َن ِد َّي ٍة ،و َنف ٍْ�س �أ ِب َّي ٍة ،و ِذ َّم ٍة َو ِف َّي ٍة". " .49لاَ َحيرْ َ َة فيِ �أَنْ َتخْ َتا َر ِخ َيا َراً ِمنْ َبينْ ِ الأَخْ َيارِ". "اج َت ِن ْب ِمنَ الن ِ َّا�س َمنْ َكا َن ذا ُف ْح ٍ�ش و نمَ ِ ي َمة ،و َنف ٍْ�س ْ .50 لئيمة ،و َذ ٍات ب ُّ ِال�ش ِّح َ�س ِقي َمة". ِ .51 ال�س َي َا�س ِة اتِّخَ ا ُذ محُ ْ َت ِّل ال ِّد َيا ِر و ُم َف ِّرقِ "منْ ُم َفا َر َق ِات ِّ الأَ ْم َ�صا ِر َ�ص ِديقاً َك ِام َل الإِ ْع ِت َبارِ". "ال�س َي َا�س ُة يف امل ُ� َم��ا َر�� َ�س� ِة �أَ ْد َن ��ى �إِ َل��ى ال� َع� َه��ا َر ِة ِم ْن َها �إِ َل��ى ِّ .52 َّ الط َها َر ِة".
" .53ا ُ حل ْك ُم بالإِ ْذلاَ لِ َم�آ ُل ُه �إِلى َز َوالٍ ". ُّ .54 وب �أَ ْط َو ُل �أَ ْع َما َراً ِمنْ َجلاَّ ِدي َها". "ال�ش ُع ُ " .55ال ُبخْ ُل ُّ ي�ص َت ِان ِك ْل َتا ُه َما َم ْذ ُمو َم َت ِان ،فالأُولى وال�ش ُّح َن ِق َ �إ ِْم َ�س ٌ اك َعن الإِ ْنفَاقِ َحتَّى َعلَى ال َّنف ِْ�س ،وال َّثا ِن َي ُة محَ ْ ُ�صو َر ٌة بِالإ ِْم َ�ساك َعن الإِ ْنفَاقِ َفق َْط َعلَى ال َغيرْ ِ". وا�س َت َق َّل َم� َرا ِك� َ�ب " .56ال َع َزا ُء بمِ َ ��نْ َت � َز َّود بمِ َ ُ��ؤو َن � ِة ال� ُب��خْ ��لِ ْ ، ا ُ جلبنْ ِ ،و�أَ ْب َح َر فيِ لجَُّ ِة ال َو ْه ِم". ْ�ض و ا َ " .57ال َ�ص َفا َء لمِ َنْ َعلَى َق ْل ِب ِه َرا َن ال ُبغ ُ جل َفا ُء". َ " .58منْ لمَ ْ َي�أْ َلفْ َب ْذ َل ا َ يب �أَ َح َداً ب َِ�ش ٍّر". خليرْ ِ فلاَ ُي ِ�ص نَ َّ ا�س ِحيلَ ُة َ�أ َم ٍان و �أَ َدا ُة ِق َي ٍ ي�س الإ ِْح ِت َب ِ ا�س". َ " .59ت ْن ِف ُ " .60ال ِّد َفا ُع َع��نِ َب ْي َ�ض ِة الأُ َّم � ِة ِر َع��ا َي� ُة �أَ َم��ا َن� ٍة والتَّخَ ِّلي َع ْن َها ِح َكا َي ُة ِخ َيا َن ٍة"َ .ب ْي َ�ض ُة الأُ َّم ِةَ :ج َما َع ُت َها (ل�سان العرب، املجلد � ،1ص)554 : " .61ا َّل َت َنا ُز ُل َعنِ ا َ حل ِّق ِ�س َم ُة ال ُّد ُو ِن َّي ِة". "ال�سك ُوتُ َعنِ ُّ الظل ِم َعال َم ُة خُ ُ�ضو ٍع و َب َّوا َب ُة �إِ ْذ َع ٍان". ُّ .62 حل ْك ِم و َب�ْيننْ َ َت ْكر ِ ري ال َّر ِع َّي ِة لخِ ِ ْد َم ِة ا ُ َ " .63ما َبينْ َ َت ْ�س ِخ ِ ِي�س ِه لخِ ِ ْد َم ِتها َك َما َبينْ َ ا َ خلا ِفقَينْ ِ". احا الإ ِْ�س ِت ْب َدا ِد َث َرا ٌء َط ِام ٌح و ُن ُفو ٌذ َج ِام ٌح". "ج َن َ َ .64 ا�ص ا ُ حل ْك ُم فيِ َو ْحلِ ال َف َ�سا ِد وان َت َه َب خَ يرْ َ ِات ال ِبلاَ ِد �" .65إِ َذا َغ َ و َك َّم َم �أَ ْف َوا َه ال�سَّ َوا ِد َ و�شا َي َع ُه �أَ ْه ُل ال ِّنفَاقِ ِمنَ ال ِع َبا ِد َف َق ْد
ِبلي�س بينْ َ �أَ َظ � َّل ال� َق� ْو َم َي � ْو ٌم َن ِح ٌ ي�س و َغ � َد ْوا يف َم� ْر َت� ِع �إ َ ي�س و َ�شر ٍ وحب ٍ َج ِل ٍ ِي�س ". ِيك َ �" .66إِ َذا َف��ا َق ا َ حل��ا ِك� ُم يف ال َع َب ِث وامل ُ� ْت� َع� ِة َح� َّد الت ََّ�ص ُّو ِر و َبلَ َغ امل َ ْح ُكو ُم يف امل َ ِع َ ي�ش ِة َح َّد الت ََّ�ض ُّو ِر َف َق ْد �أَز َِف َما لاَ ُي َطا ُق َ و�شا َر َف الأَ ْم ُر َعلَى ال ِف َراقِ ". �" .67إِ َذا تَخَ َّلى ُ�س َرا ُة ال َق ْو ِم َعنْ َ�ص ْو ِن ال ِّذ َما ِر واُ ْ�س ِق َط َع ْن ُهم ِر َدا ُء امل َ َها َب ِة وال َو َقا ِر َف َما ّذا َع َ�سا ُه َباقٍ َل ُه ْم فيِ ال ِّد َيارِ". َ " .68ت ْع ِمي ُم ال َف َ�سا ِد ِمنْ َ�أ َ ِ العيبِ �أَن ِْظ َم ِة الإ ِْ�س ِت ْب َدا ِد". َ " .69ي ْ�ص َع ُق ِني ِمنْ ُق َ�سا ِة ال ُق ُلوبِ امل ُ ْجر ِِم َ ني ال َق َتلَة ِح ْر ُ�ص ُه ْم َع �لَ��ى ُم� � َرا َع ��ا ِة �آ َدابِ امل َ��ا ِئ� � َد ِة ِع � ْن � َد َم��ا َي� ْ�ج� ِل��� ُ�س��و َن �إِ َل � ْي � َه��ا وا�س ِت ْ�س َها ُل ُه ْم ِ�إ ْز َه��ا َق الأَ ْن ُف ِ�س البرَ ِي َئ ِة ِحي َن َما َي ْب ِط ُ�شو َن ْ ِب َها". " .70امل َ ِّيتُ لاَ َي ْح ُك ُم ،و�إِنْ ُق ِّد َر َل ُه �أَنْ َي ْح َيا لاَ ْ�س َت ْح َيا ممَِّ ا َي ْ�ص َن ُع ُه ُولاَ ُة َه َذا ال َع ْ�صرِ". " .71خَ ا َبتْ ُع ُر ٌ و�ش َت ْقتَاتُ َعلَى ا ْر ِت َه ِان �أُ َّم ٍة". ِ .72 "منْ َم َذ ِاهبِ ال ُع ْه ِر ال َّت َع ُّل ُل ِب�أَ ْق َب ِح ال ُع ْذرِ". ا�س ال َق َرا ِر ال�سَّ ِلي ِم". َ .73 "�س َدا ُد الرَّ�أْ ِي �أَ َ�س ُ ي�س". ال�سو ِء َغ َرا ُم �إِ ْب ِل َ َ " .74م ُ�شو َر ُة ُّ " .75الإ ِْح ِت َكا ُم �إِ َلى ال ُّن َهى �أَ َحقُّ ِمنَ ا ِّت َبا ِع ال َه َوى". �" .76إ َِ�سا َء ُة َّ الظنِّ ُظ ْل ٌم ،والت َّّ�س ُّر ُع فيِ ا ُ حل ْك ِم خَ ِطي َئ ٌة". ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
57
58
" .77ال َب ِخي ُل فيِ َط ْب ِع ِه خَ ْ�صلَ َت ِان :يف الإِ ْنفَاقِ َف َر ٌق ُم ْ�س َت ْح ِو ٌذ َعلَى ا َ مي املَن َِّان". مي� ِ�ان َ�ض ْعفُ ِث َق ٍة بِال َك ِر ِ جل َن ِان ،ويف الإِ َ خل � ْو ُف .ا َ ال� َف� َر ُق :ا َ ال�ص ْد ِر ال�س ِت َتا ِر ِه فيِ َّ جل� َن��انُ :ال َق ْل ُب ْ (ل�سان العرب ،املجلد � ،10ص .247 :املجلد � ،2ص386 : على الرتتيب) َ " .78ث َّم َة َر ْه ٌط ِمنَ الأَ ْغ ِن َيا ِء ُك َّل َما ا ْز َدادواَ َثرا ًء ُك َّل َما ْا�س َت َف ُ ا�ضوا ُجو َداً و َ�سخَ ا ًء". ِ .79 "منْ ِ�ش َي ِم ال ِك َرا ِم ِحف ُْظ ال ِّذ َما ِم و�إِ ْك � َرا ُم ال ِك َرا ِم وال َو َفا ُء حل��قُّ وا ُ بالإِ ْل ِت َزا ِم" .ال � ِّذ َم��ام :ا َ حل � ْر َم � ُة (ل�سان العرب، املجلد� ،5ص.)59 : " .80رُبمّ َ ا َكا َن �أَ ْب َع ُد الن ِ َّا�س َم ْن ِز َل ًة ِع ْن َد َك �أَ ْد َنا ُه ْم جِ َواراً َل َك، ورُبمَ َ ا َكا َن �أَكْثرَ ُ ُه ْم ُب ْع َداً َعن َْك �أَ ْق َر َب ُه ْم َمكاَ َن ًة �إِلى َق ْلب َِك". َ " .81منْ �أَ��ْ�س� َر َف فيِ ال َق ْولِ � َأ�ضا َع ال َو ْقتَ و َ�أو�� َ�ش� َ�ك �أَنْ ُي ِ�ضي َع ال َع َملِ ". �" .82إِ َذا اجت َم َع فيِ امل َ ْر ِء ِخ َّف ُة ِظ ٍّل و َذ َكا ٌء و ِق َّل ُة َح َيا ٍء ،و ُح ُ�ضو ُر ِيح ٍة َو َظرِيفُ كَلاَ ٍم َ�س َر َى ا ْلقَو ُل ِم ْن ُه َب ِدي َه ٍة وا ْن ِف َتا ُح َقر َ ِيحةَ :ملَ َك ٌة َي ْ�س َت ِطي ُع �أَ ْم ِثلَ ًة َعلَى �أَ ْل ِ�س َن ِة الأَ َنا ِم" .ال َقر َ ِب َها امل َ� ْر ُء ا ْب� ِت� َدا َع ال� َك�َل�اَ ِم و�إِ ْب� � َدا َء ال �رَّ�أْ ِي (معجم املعاين اجلامع). َ " .83ف ْر ُط ال َّدلاَ لِ ُيف ِْ�س ُد ا َ حلا َل". �" .84إِنْ ُر ِز ْقتَ ال َو َل َد و�أَنْتَ يف �إِ ْق َبالٍ ِمنَ ال ُع ْم ِر �آ َز ْر َت ُهم و ا�شْ َت َّد وح َّم ْل َت ُه ْم ِب ِه ْم �أَ ْز ُر َك ،و�إِنْ ُ�أو ِتي َت ُهم يف �إِ ْد َبا ٍر ِمنْه َ�أ ْ�ض َعف َت ُه ْم َ ِو ْز َر َ�ض ْع ِف َك". َ " .85ب�ْي�نْ َ �أَنْ َت َت َق َّد َم �أُ َّم � ٌة �أَ ْو َت َت َق ْه َق َر َ�أ ْم � َر ِان� :أَ َّو ُل ُهما َ�سبِي ُل ِع ْل ٍم و َن ْه ُج خُ ُلقٍ َت ْ�سل ُك ُه �أَ ْو َت َت َن َّك ُبه ُ،و َثا ِني ِه َما ِمي َزا ُن َع ْدلٍ تحَ ْ َت ِك ُم �إِ َل ْي ِه �أَ ْو َت َت َجا َو ُز ُه". ".86ال ُّن ْد َر ُة يف �أَ ْم ِت َع ِة ال ُّد ْن َيا ِمنْ َم َعا ِذي ِر ُع ُل ِّو َ�ش�أْ ِن َها وا ِ حل ْر ِ�ص َعلَ ْي َها ،و َو ْف َر ُت َها ِمنْ َب َو ِاع ِث ْا�س ِت ْ�ص َغا ِر َها وال َع َب ِث ِب َها". امل َ َتا ُع فيِ الأَ ْ�صلِ ُ :ك ُّل َ�ش ْي ٍء ُي ْن َت َف ُع ِب ِه و ُي َت َب َّل ُغ ِب ِه و ُي َت َز َّو ُد وال َف َنا ُء َي�أْ ِتي َعلَ ْي ِه فيِ ال ُّد ْن َيا (ل�سان العرب ،املجلد � ،13ص.)14 : امل َ َعا ِذي ُر :ا ُ حل َج ُج (ل�سان العرب ،املجلد � ،9ص.)108 : " .87ا ِ حل ْق ُد وا ُ خل ْبثُ ُين ِْ�ش َئ ِان ال َع َدا َو َة ،وال ُو ُّد والأُ ْل َف ُة ُيف ِْ�ض َي ِان �إِ َلى ال�صَّ َدا َق َة". " .88ال َّت َعاليِ َعلَى الن ِ َّا�س ِمنْ َعلاَ َم ِات الإِفْلاَ �س". ال�شيخَ ُة َل ْي َ�ستْ ْاجترِ َ اراً لمِ َ ِ ِّ " .89 ا�ضي الأَ ْج َدا ِد و َت َطا ُو ًال بِال ِكبرْ ِ ا�س ِّ الظ ِّل على ال ِع َبا ِد� ،أَو �إِ ِّت َكا ًء َعلَى �إِ ْر ِث الأَ ْ�سلاَ ِف وا ْل ِت َم َ اف� ،أو ُع ُبو َر امل َ َرا ِتبِ و َت َق ُّل َد امل َ َن ِ فيِ الأَ ْك َن ِ ا�صبِ � ،أَو ْامتِلاَ َك
ري وا ْق ِت َنا َء المَ َت ِاع ال َو ِثريِ� ،أو ْا�س ِت ْ�ش َعا َر ال�ذ ِ املَ��الِ ال َو ِف ِ َّات مي ا َ ال�ش ْيخَ ِة ا َ بِال َّت َم ُّيزِ� ،إِنمَّ َ ��ا َ�ص ِاح ُب َّ حللي ُم جل� َوا ُد ال َك ِر ُ ا َ حل � ِي� ُّ�ي ال� َّ�ط� ِ�اه � ُر ال � َّن � ِق� ُّ�ي الأَ ْح� � � � َو ِذ ُّي َن���ِ�س�ي� ُج َو ْح � � ِ�د ِه ُذو خل�ْي�رِْ ا َ جل� ِ�ام � ُع ِل� ِك� ِّل َم � َع �انيِ ا َ امل ُ � � ُرو َء ِة ا َ ِيب جل��� ُ�س��و ُر املَه ُ ُوف ال َبا ِذ ُل امل َ ْع ُر َ وف الرَّ�ؤ ُ ا�ض ُع ال َع ُط ُ امل ُ َت َو ِ وف ِل ْل ُم ْ�س َتجِ ِ ري وامل َ ْل ُه ِ وف" .الأَ ْح � � َو ِذ ُّي :امل ُ َ�ش ِّم ُر فيِ الأُ ُم ��و ِر الق َِاه ُر َل َها ال ِذي لاَ َي ُ�ش ُّذ َعلَ ْي ِه ِم ْن َها َ�ش ْي ٌء (ل�سان العرب ،املجلد ،3 �ص.)382 : �" .90إِ َّن ِمنْ ِخ� َدا ِع ال َّنف ِْ�س َ �أنْ َت ْر َكنَ �إِ َل��ى �إ ِْح َ�س ِا�س َها الزَّا ِئ ِف بِالإ ِْط ِم ْئ َن ِان َق ْب َل �أَنْ َت ْب ُل َغ َب َّر الأَ َم ِان". ِ .91 "منْ ِغ َيابِ امل ُ ُروء ِة ُب ُلو ُغ ال َق َبا ِئ ُح َح َّد الإِ ْع ِت َيا ِد و ا َ جل ْه ُر ِب َها على ر�ؤو�س الأ�شهاد". خل� ْو ِف وا َ ي�ض بني ا َ " .92الإ ْق َدا ُم والإ ِْح َجا ُم َط َرفا َن ِق ٍ حل َيا ِء وال�س ْم َع ِة وال ِّر َيا ِء و َن َوا ِز ِع ال َبقَا ِء". ُّ َّا�س �إِ َل��ى ال َقبرْ ُِ ،ك َّل َما َطا َلتْ ِب ِه ْم ز َم َناً " .93ا َ حل َيا ُة ر ِْحلَ ُة الن ِ ُك َّل َما َنا َءتْ ِب ِه ْم ِح ْم ً ال". َ ".94منْ َن َظ َر �إِ َلى الأَ ْج َداد لمَ ْ ُي ْد ِه ْ�ش ُه َحا ُل الأَ ْح َفا ِد". �".95إ َذا َف َر َغ امل َ َكا ُن ا َّت َ�س َع و �إِنْ ْام َتلأَ َ�ضا َق". �".96أَ ْع َج ُب ِح� َ ين َي ُكو ُن ال َفقْر َد َوا ًء وامل َ� ْن� ُع َع َطا ًء وال�صَّ ْمتُ ِن َدا ًء". اجاً �إِلى ال ِّر َعا َي ِة والإ ِْح َ�س ِان". �".97إِذا �أَ َ�سنَّ الإِن َْ�سا ُن َعا َد محُ ْ َت َ ".98الترَّ ُْك والإ ِْه َما ُل �أَ ْق َ�سى َما ُي ُ�سو ُء ال ِّر َجالِ " . َ " .99لنْ تجَ ِ � َد �أَ َر َّق ِم��نْ َق� ْل��بٍ َق��ا�� ٍ�س َق � َذ َف ُ اهلل فيِ �� ُ�س� َو ْي� َدا ِئ� ِه ا ّل َّر ْح َم َة". ُ " .100ر ْق َع ٌة فيِ َو ْق ِت َها ُت ْغ ِني َعنِ ال َع ِد ِ يد ِمنْ ِم ْث ِل َها فيِ َو ْق ٍت ُم َت�أَخِّ رٍ". َ " .101ه ِني َئاً لمِ َنْ َت َفيَّ�أ ُظ َّل َة التَّـقْوى و َتا َق �إِلى َج َّن ِة املَ�أْ َوى". �اط� ِة وال � ِّر ْف � َع � ُة فيِ �� ُ�س� ُل� ِ " .102ال َع َظ َم ُة فيِ ِث � َي��ابِ ال� َب��� َ�س� َ �وك ال َّت َو ُ ا�ض ِع". ُ .103 "طو َبى ِل َف ِقيرِ ٍ ِغ َنا ُه القَناَ َع ُة وال ِّر َ�ضا ،و َت ْع َ�ساً ِل َغ ِن ٍّي َف ْق ُر ُه َم َكا ِر ُم الأَخْ القِ ". " .104ا ُ خلوا ُء ال َّثقافيِ والإِفْلاَ ُ�س الأَخْ لاَ ِقي َن ِزيلاَ ِن ُم ِقي َم ِان الظ ِّل َعلَى ا ُ َث ِقيلاَ ِّ جلو ِع وال َف ْقرِ". " .105امل ُ َ�سا َر َع ُة �إِ َلى ِعلاَ ِج ال� َّدا ِء خَ يرْ ٌ ِمنْ �إ َِ�ضا َع ِة ال َو ْق ِت يف َو ْ�ص ِف ال َبلاَ ِء". "ح َّي َه ً ال ب ِّ ِال�ضيِقِ ِح َ ني َي ُكو ُن َبا َباً �إِ َلى ال َف َر ِج". َ .106
مقاالت
الحق العربي في "
أ .ابراهيم العجلوني ال ميلك املرء يف ح�ضرة فيل�سوف العرب وامل�سلمني الأول ،اليو َم ،الأ�ستاذ الدكتور طـه عبدالرحمن� ،إ ّال �أن يهيئ نف�سه لتو ُّقل معارجه ُّ�صعداً ،من كتاب �إلى كتاب ومن �أطروحة �إلى �أطروحة تع�ضدها �أو تتجاوزها ،ومن �س�ؤال جوهري �إلى �آخر يف ن�سق موزون ،وتعبري مو�ضون، و�أنظا ٍر ي�أخذ بع�ضها ب�أطراف بع�ض؛ وت�أخذك كلها يف طريق الجبٍ وا�سع من جتربة ال�شعر �إلى جتربة الروح، وم��ن العقالنية احل��واري��ة �إل��ى العقالنية الإ�سالمية، ثم من فقه الفل�سفة �إلى جوهرها ويقينها ،ثم من روح احل��داث��ة �إل��ى روح ال��دي��ن� ،إل��ى م��رات��ب اليقني يف د ْرك كماالت " دين احلياء " والتوقي ومكارم الأخالق .. �سل�سلة ذهبيةُ ،يرجع الناظر فيها ب�صره فال يرى من فطور ،ثم يرجعه مرتني �أو �أكرث ف��إذا هو يف �أيكة غنّاء ي�ست�شعر فيها الوفرة والغَناء ،ويرى �إلى عظمة الر�سالة الإ�سالمية وجزيل عطائها ومديد ظاللها و�أفيائها. ونحن �إذ تُعجِ زنا الإحاطة بكل هذا البناء الفل�سفي ُ جنتزئ يف مقامنا هذا، الباذخ لفيل�سوفنا الكبري ،ف�إننا بوقف ٍة َعجلى �أم��ام واحد من كتبه املبكّرة " الت�أ�سي�سية " وهو كتابه بالغ القيمة " احلق العربي يف الإختالف الفل�سفي " ويف ذلك نقول: لئن ُعني ال�س�ؤال الفل�سفي الإغريقي ،بح�سب �أ�ستاذنا ط�ـ��ه ع�ب��دال��رح�م��ن ،ب��إخ�ت�ب��ار دع ��اوى امل �ح��اوري��ن ب��إل�ق��اء �أ�سئلة ت�ضطرهم �إلى �أجوبة ت�ؤول يف الغالب �إلى �إبطال
التميز " ّ
الفلسفي وقفة َعجلى مع شيخنا طـه دعاواهم .و ُعني ال�س�ؤال الفل�سفي الأوروبي احلديث بنقد الق�ضايا وتقليبها على وجوهها املختلفة والتحقق من متام �صدقها ،ثم بالوقوف على حدود العقل والت�سا�ؤل عن �شرائط املعرفة ،ف�إنه قد �آن الأوان كما يقول طـه منطي ال�س�ؤال الفل�سفي عبدالرحمن لكي نتجاوز كال ْ �آنفي الذكر �إلى ما ي�سميه "ال�س�ؤال امل�س�ؤول" املنبعث من �شعور ال�سائل مب�س�ؤوليته عن �أفعاله جليلها ودقيقها، مبا يف ذلك �س�ؤاله نف�سه ،ونحن نتن ّور هنا دالل��ة الآية الكرمية من كتاب اهلل " �إن ال�سمع والب�صر والف�ؤاد كل �أولئك كان عنه م�س�ؤوال ". وي��رى فيل�سوفنا الكبري �أن مو�ضع اجلِ � ّدة يف دع��واه ه��ذه هو "هذه اللطيفة" التي جتعل ال�سائل م�س�ؤو ًال، و�أن الفي�سلوف العربي اجلديد " لي�س هو الذي يخو�ض يف كل �س�ؤال خا�ض غريه فيه ،تقليداً له ،و�إمنا هو الذي ال ي���س��أل �إ ّال ال���س��ؤال �أ�ؤل �ئ��ك ك��ان عنه م���س��ؤوال "الذي يلزمه و�ضعه ويلزمه اجل��واب عنه " وعلى ذلك " فال لزوم لل�س�ؤال الفل�سفي وال للجواب عنه يف و�ضعية هذا
*
�أُلقيت يف الندوة التي عقدها املنتدى العاملي للو�سطية يف عمان يف ال�سابع من متوز لعام 2018حول املفكر الكبري ..الدكتور طـه عبد الرحمن .. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
59
60
املتفل�سف �إال ح�ي��ث تتعني احل��اج��ة �إل ��ى حت��ري��ر ال�ق��ول الفل�سفي العربي وفتح �آفاق الإبداع فيه" . ولي�س يكون ه��ذا التحرير �إال بدفع هيمنة و�سطوة الفكر ال��واح��د ال��ذي ه��و �إف ��راز ثقافة واح��دة بعينها ،ال وليد ت�أليف ( م�شروع ومقبول ) بني عنا�صر م�شرتكة م��ن ث�ق��اف��ات ��ش� ّت��ى ،ث��م ب��دف��ع هيمنة �أو ��س�ط��وة �سيا�سة خم�صو�صة ،وهي �شَ ٌّر و�أفدح عاقبة فيما يرى فيل�سوفنا من الهيمنة الثقافية. �إن �إ�شتغال املتفل�سف العربي بنقد مفهومي " الفكر ال��واح��د " و "الأمر الواقع" ه��و يف حقيقته كما يقول �أ�ستاذنا "�إ�شتغال بانتزاع حقّه يف �أن تختلف ممار�سته الفل�سفية عن منوذج الفل�سفة املعلومة التي يقرر �أهلها �أنها �أمر واقع ال حميد عنه ،ويزعمون �أنها ِفك ٌر يجري على كافة الأمم" . ونحن العرب كما يقول الدكتور طـه يف ن�ص جامع ملقت�ضى �أطروحته " نريد �أن نكون �أح��راراً يف فل�سفتنا، ولي�س من �سبيل �إلى هذه احلرية ( التي هي حق طبيعي لنا) �إال ب��أن جنتهد يف �إن�شاء فل�سفة خا�صة بنا تختلف عن فل�سفة �أ�ؤلئك الذين ي�سعون ب�شتى الدعاوى �إلى �أن يحولوا بيننا وبني ممار�ستنا حلريتنا الفكرية ،والريب �أن �أقرب الطرق التي تو�صل �إلى �إبداع هذه الفل�سفة هو النظر يف ه��ذه ال��دع��اوى نف�سها ،التي ير�سلونها �إر�سا ًال ويبثونها فينا بثاّ كما لو كانت حقائق ال ي�أتيها الباطل من بني يديها وال من خلفها". و�إذا كنا ال نطمح بهذا الإج�م��ال املقت�ضب �إل��ى غري بيان اخلطوط العري�ضة للأطروحة الطاهاوية حول "احلق العربي يف الإختالف الفل�سفي" وال نعدو ذلك �إلى تفا�صيل الكتاب ال�شائقة التي متثلت ف�صو ًال ممتعة حول خ�صائ�ص احلوار والإختالف و�ضوابطهما ،وحول دعوى كونية الفل�سفة ،وحول �أ�سطورة الفل�سفة اخلال�صة ،وحول م��وان��ع الإب ��داع الفل�سفي ،وح��ول كيفية تقومي �إع��وج��اج الفل�سفة العربية (الفل�سفةاملغربية �أمن��وذج �اً) وح��ول كيفية �إقامة فل�سفة عربية ،ثم حول ما يراه الدكتور طـه "ال�شبهة الكربى" مبا ميكن ت�سمته "فك الإرتباط" بني العروبة والإ��س�لام ،وم��ا ينتهي �إليه من �أن��ه ل��وال ر�سالة �ص بها نبي عربي بل�سان عربي ملا كانت الإ�سالم التي خُ ّ ثمة يقظة عربية ،و�أن��ه ال مدخل �أق��رب �إل��ى "الكونية" من العروبة بدليل وقوع الأختيار الإلهي عليها و�سرعة �إنت�شار لغتها وقوة الإقبال عليها حتى �صارت لغة العامل بحق ..
�إذا كنّا �إج�ت��ز�أن��ا مبا مبا تقدم عن اخلو�ض يف جليل مباحث الكتاب /الأطروحة ودقيقها (وهو كتاب متبوع ال وت��أوي�ل ً ب�آخر من مثله �أبعد حتلي ً ا هو كتابه الق ّيم " احلق الإ�سالمي يف الإختالف الفل�سفي") ،ف�إن مر ّد ذلك �إل��ى عمق تناول فيل�سوفنا للق�ضايا ،و�إل��ى عل ّو �أ�سلوبه ودق��ة م�صطلحاته التي تف ّرد بها ،ويكون ذل��ك كله مما ال ي�س ُهل د ْرك مقا�صده من �أقرب �سبيل� ،أو يف حما�ضرة عامة غاية ما تتوخاه �أن توجه الأنظار �إلى �ضرورة قراءة هذا الفيل�سوف /الإمام "طـه عبدالرحمن" الذي ي�صح لنا �إعتباره – ونحن مطمئنون �إلى �صدقتنا املو�ضوعي – جمدد هذا القرن يف �أمة العروبة والإ�سالم. على �أن مما منلك الإ�شارة �إليه يف خامتة هذا احلديث ال��ذي جعلنا عنوانه" :حق العربي يف التم ّيز الفل�سفي" ال الإخ�ت�لاف الفل�سفي ح�سب كما هو عنوان فيل�سوفنا الكبري� ،أن العربي منتدب �إل��ى م��ا ه��و �أب�ع��د م��ن جمرد الإخ �ت�لاف الفل�سفي وذل��ك لعدة �أ��س�ب��اب نذكر الثالثة التالية منها: �أو ًال: �أنه يف �أنظاره ال�شمولية وت�أمالته الكونية �صادر من م�شكاة ال �ق��ر�آن ،وح�سبك بذلك �سبباً للتميز وال�ف��رادة لل�سبق والإبداع. ومناطاً ّ ثانياً: �أن ل�غ�ت��ه ال�ع��رب�ي��ة ه��ي �أغ �ن��ى ل �غ��ات الأر�� ��ض معجماً و�أ�ساليب تعبري وطرائق بيان ،و�أن ذلك منعك�س بال�ضرورة ثرا ًء و�سع ًة على تدبره وتفل�سفه. ثالثاً: �أن جتربته يف ال�شهود احل�ضاري� ،إنطالقاً من معنى الأم��ة الو�سط التي متلك �أن تكون �شاهدة على الأم��م، كفيلة برفد �إح�سا�سه بامل�س�ؤولية الأخالقية واملعرفية �إزاء �سائر �أمم الأر�ض وتلك هي خ�صو�صيته ذات البعد الكوين ..وتلك هي ر�سالته يف العاملني .. ي �ظ � ّل ل �ن��ا ،ب �ع � ُد� ،أن ُن���ش�ير �إل ��ى �أن الآف � ��اق الفكرية املرتاحبة لهذا املج ّدد الف ّذ م�ضاء ٌة ب�شبك ٍة من املفاهيم تعترب مفاتيح للنظر يف بنيانه الفكري ال�شامخ� ،ش�أنه يف ذلك �ش�أن �أ�سالفه العظام كالكندي والغزايل والباقالين واجلويني والآمدي و�أ�ضرابهم من ذوي القامات الفكرية يف تاريخ �أمتنا. �أط ��ال اهلل ع�م��ر فيل�سوفنا ال �ع �المِ ،وم� ّت�ع�ن��ا بعطائه الوفري ..وال�سالم ..
مقاالت
قراءة في ندوة
أثر التصوف في حفظ د .رشاد الكيالني �إن التحدث ع��ن الفكر ال�صويف يف �أ�صله يف الوقت ال��ذي �أ��ص�ب��ح الفكر فيه ط��رق�اً ومم��ار��س��ات وع ��ادات .. واحياناً ت�صاحبه بع�ض البدع ،يقودنا �إلى ت�أ�صيل ق�ضية الت�صوف وف�ض الإ�شتباكات بني املعار�ضني للت�صوف والراف�ضني له رف�ضاً مطقاً ،و�أقول هنا مبلئ الفم �أن من يرف�ض الت�صوف ويعار�ضوه يرف�ضون ن�صف الإن�سان، وال �ق��ر�آن ال�ك��رمي حدثنا ع��ن ه��ذه ال�ن�م��اذج التي تنفعل ب��الآي��ات القر�آنية والأح��ادي��ث النبوية و�آي��ات ال�ق��ر�آن ال ي�أبه بها وال ينفعل بها ،بل هناك من القلوب من و�صفها ال�ق��ر�آن كاحلجارة "فهي كاحلجارة �أو �أ��ش��د ق�سوة و�إن من احلجارة ملا يتفجر منه الأنهار و�إن منها ملا ي�شقق فيخرج منه املاء و�إن منها ملا يهبط من خ�شية اهلل" ،عك�س بع�ض القلوب ،فقلوب بني �آدم متنوعة ،فالذين يرف�ضون الت�صوف من منطلق البدع عليهم �أن يفرقوا بني �سلوك املت�صوفة وبني املبادئ والقواعد والأ�س�س القر�آنية التي قام عليها الت�صوف. والإ� �س�لام كدين �سماوي �آخ��ر الأدي ��ان ،ج��اء ليعالج م�شاكل الإن�سان بجانبيها امل��ادي وال��روح��ي ،لأن �إغفال اجل��ان��ب ال��روح��ي يف البنية الإن���س��ان�ي��ة �إغ �ف��ال لن�صف الإن�سان وال ينبغي �أن يتكلم عن �إن�سان كامل ب��دون �أن نتعر�ض للجانب الروحي والإ�ستعداد الروحي يف داخل البنية الإن�سانية ،هذا اجلانب الروحي القر�آن الكرمي حدثنا عن من��اذج ب�شرية متنوعة حتى تكاد اخلالفات الواقعة ب�ين ه��ذا التنوع وه��ذا التعدد ت�شمل الأنفا�س لبني �آدم ،ف��ال�ق��ر�آن ال�ك��رمي يحدثنا ع��ن من��اذج ب�شرية �إذا �سمعت القر�أن الكرمي بكت وذرفت عيناها "�إذا تتلى
روح األمة اإلسالمية عليهم �آيات الرحمن خ ّروا �سجداً و ُبكيا" وهنالك الآية الكرمية "اهلل نزّل ح�سن احلديث كتاباً مت�شابهاً مثاين تق�شعر منه جلود الذين يخ�شون ربهم" وهنال " وعباد الرحمن الذين مي�شون على الأر���ض هوناً" هذه مناذج تتمتع بح�س روحي قوي �إذا �سمعت �آيات الرحمن انفعلت بها ،منها يبكي ومنها من يخر �سجداً ومنها من تق�شعر �أج�ساده ،هذا اللون كان موجوداً يف ع�صر ال�صحابة وال يخلو منه جيل م��ن الأم��ة ،ال��ذي ينفعل ب��آي��ات ال�ق��ر�آن خا�صة� ،آيات الرتغيب والرتهيب. �إن ال�صوفية كانت حتى الوقت القريب متثل �أكرث املجاالت �أثراً يف ال�صناعة الدينية للوجدان ال�شعبي وكان الت�صوف يقوم بنظراته اىلإن�سانية مقام علوم النف�س الآن ،كما كان يقوم يف ت�شكيله للوجدان ال�شعبي مبا تقوم به فنون الأدب والق�صة وامل�سرحية وله انتاجه الأدبي يف ال�شعر واحلكم والدعاء. وال���ص��وف�ي��ة مب��ا مت�ل�ك��ه م��ن ط��اق��ة روح �ي��ة ب� ��د�أت يف ال�سنوات الأخ�ي�رة ت�شهد ح�ضوراً الف�ت�اً ل��دى امل�سلمني الغربيني حتى الحظ بع�ض الفرن�سيني �أن الكثري من معتنقي الإ�سالم يف فرن�سا جا�ؤوا عن طريق ال�صوفية ،بل ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
61
62
�إن بع�ض منهم اعترب ال�صوفية احلل ،غري �أن املراقب ي�أخذ باحل�سبان ال�سياق الغربي الذي يغ�ص باملاديات ويبحث عن املعنى الذي يجده يف الرتاث ال�صويف مبا يحققه له من وج��دان روح��اين ومب��ا يختزنه من خم��زون �إن�ساين، وكذلك ال يخفى بع�ض ه ��ؤالء القول �إن احل��ل ال�صويف ي�أتي يف �سياق حماربة ما ي�سمى بالإ�سالم ال�سيا�سي ،لكن يبقى الت�صوف يثري الكثري من الأ�سئلة وامل�شكالت يف جماالت �شتى لعل �أ�شهرها تداو ًال هو اجلانب الإعتقادي والذي يركز عليه كثرياً بع�ض خ�صومها. وت �ن��اول��ت ه��ذا ال �ن��دوة ال�ق�ي��م ال�ك��ام�ن��ة يف ال�صوفية و�أهمية اجلانب الروحي يف الإ�سالم و�إيجابيات املعرفة طال�صوفية وبع�ض �سلبياتها ،ثم العالقة بني الت�صوف وال�سيا�سة ،فعند احلديث عن ال�صوفية كمنهج عقدي ت��رب��وي ف�ك��ري ال ميكننا �إغ �ف��ال �أو جت��اوز احل��دي��ث عن امل�صطلح ..م�صطلح هذا املنهج ال�صوفية �أ�صله الإ�شتقاقي من �أين ي�أتي هذا امل�صطلح؟ لو تخطينا عقبة امل�صطلح و�أوغلنا قلي ً ال يف �أ�صوله ال�ف�ك��ري��ة� ،أ� �ص��ول املنهج ت��اري�خ�اُ ،ه��ل ه�ن��اك م��ا يثبت يف ال�سرية النبوية ،يف ال�ق��ر�آن الكرمي ،يف �سرية ال�صحابة وج��ود ه��ذا الفكر يف عهد زم��ن الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم. و�أق ��ول �أن الت�صوف لي�س مذهباً وال�صوفية لي�ست فرقة بل هي عقيدة امل�سلم يف م�شارق الأر�ض ومغاربها. وظيفة الت�صوف العمارة وبناء احل�ضارة والدفاع عن املقد�سات ،واملطالبة بتجديد اخلطاب ال�صويف �إل��ى كل العامل. ويجب على ال�صوفيني الإنتقال من الكالم النظري �إل��ى ال��واق��ع العملي والتنفيذي وع��دم اخ �ت��زال العبادة يف ال��ذك��ر ،ل�ي�ك��ون ل�ه��م ال ��دور امل�ن���ش��ود يف ن�شر الإ� �س�لام واملحافظة عليه.
والبحث يف �آليات �إ�صالح الت�صوف وت�أثري الت�صوف يف املجتمعات وكل املجتمعات وكذلك ت�أثريه على الأ�سرة والفرد. �إن �أهم الإ�شكاليات هي التي ينتج عنها الغلو والتطرف والإرهاب. مثل غياب م�شروع ا�سرتاتيجي ناجح للمعاجلة ،وغياب الر�ؤية (التكتيكية) للتنفيذ وعد توحيد ال�صفوف حول املرجعيات حول املذهب -مذهب �أهل ال�سنة واجلماعة – حول العقيدة والتزكية وعدم قيام امل�ساجد بدورها احلقيقي بحيث �أ�صبحت جما ًال لن�شر التبديع والت�شكيك والت�ضليل وال�شحن املذهبي والطائفي وال�سيا�سي ومن بع�ضها �صدرت دعوات للقتل ،وحني يغيب �صوت الإ�صالح والإعتدال والتزكية والرتبية الروحية ال�سليمة والعقيدة ال�صحيحة عن امل�ساجد ،ف�إن ذلك ال�صوت باب لكل �أنواع الكوارث والنوازل. الت�صحر الديني مم��ا �أع�ط��ى جم��ا ًال لت�أثري الأف�ك��ار املتع�صبة والعقائد املنحرفة. الفو�ضى التي �أدت �إلى �إ�ضعاف الدول ،مما جعل بع�ض التيارات تتغول وتتمول وتن�شر الكثري من الإرباكات يف بع�ض املجتمعات. احلرب املعلنة التي ي�شنها املت�شددون على عقائد �أبناء الإ�سالم و�أهله. وحني نعلم �أن الت�صوف يتعلق بالذوق ومقام الإح�سان وبعل و الرتبية ومراتب ال�سلوك ،ف�إن �أول خطوة لهزم الفكرة الإرهابية التي تتخذ الإ�سالم قناعاً وخداعاً ،يكون بزرع الفكرة ال�صوفية. �إن ال�ترب�ي��ة ال�صوفية � �ص��ارت الآن يف ب� ��ؤرة اهتمام امل��دار���س الفل�سفية والإجتماعية والدينية ،خا�صة بعد الإفال�س الفكري والإنقالب
مقاالت
“دور األئمة أ .جمال السفرتي ب�سم اهلل الرحمن الرحيم احلمد هلل رب العاملني وال�صالة وال�سالم على �سيدنا حممد وعلى �آله و�صحبه �أجمعني.. �إنّ ل�ل�إم��ام وال��داع�ي��ة منزل ًة عظيم ًة وم�ك��ان� ًة عالي ًة ومه َّم ًة جليل ًة يف رفع �ش� ِأن الأم��ة ون�شر اخلري واملعروف والرحم ِة بني النا�س كاف ًة. والإم��ا ُم الناج ُح والداعي ُة املوفقُ هو الذي اتَّخ َذ نب َّي ُه حم �م��داً ﷺ �إم��ام �اً وق � ��دوةً ..وه ��ذا م��ا ي�ج� ُ�ب ع�ل��ى كل ٍ خمل�ص و�صادقٍ يف حمل الر�سالة ،لأن��ه ﷺ هو الإم��ا ُم الأول وال��داع �ي � ُة الأ� �ش��رف ال ��ذي َح � َم � َل ال��ر��س��ال� َة و�أدى الأم��ان� َة ون�ش َر �أن��وا َر ال��دع��و ِة واخل�ير واملحبة حتت راية } َو َما �أَ ْر َ�س ْلن َ َاك إِ�لاَّ َر ْح َم ًة ِل ْل َعالمَ ِنيَ{. ف ��إذا انطل َق الإم ��ا ُم وال��داع�ي��ة م��ن خ�لال ه��ذا املنهج ال�ن�ب��وي ال�ع�ظ�ي��م ،وحت��ت ظ�ل�ال ه��ذه ال��راي��ة ال�شريفة، القلوب والعقول و�ستُف َت ُح له ُ ف�سينج ُح ب ��إذن اهلل تعالى ُ والبيوت وال�شوارع وكل الأماكن ،لأنه داعي ُة رحمة وخري جع َل ُقدوت ُه و�إمامه الإما َم الأول والداعية الأعظم �سيدنا حممد ﷺ. الإم��ام النبي ال�ق��دوة هو ال��ذي حم َل على كاهله َه َّم الدعوة وانطلق مع �أ�صحابه الكرام يبلغون ر�سالة اخلري واملحبة على طريقٍ من الهدى والنور والرحمة ،وهذا النبي ال�ك��رمي ان�ط�ل� َق يف دع��وت��ه معتمداً على ركيزتني ا�سا�سيتني: • ركيز ٌة يعتَم ُد عليها يف التعامل مع القوم الذين َ�س ِع ُدوا ب�إتّباعه والإميان بر�سالته .وهي قائمة على
في المجتمع المعاصر” قوله تعالى�} :إِنمَّ َا المْ ُ�ؤ ِْمنُو َن �إِخْ َو ٌة{ و } َو َل ْو ُكنْتَ َف ًّظا َغ ِل َ يظ ا ْل َقلْبِ لاَ ْنف َُّ�ضوا ِمنْ َح ْو ِل َك{. • وجعل النبي ﷺ ركيز ًة ثاني ًة له يعتم ُد عليها يف التعامل مع الذين ت�أخروا يف �إ�سالمهم �أو �أنهم مل ي�سلموا �أبداً وبقوا على دينهم حيث �أرادوا واختاروا، فكانت تلك الركيزة هيَ } :و َم��ا �أَ ْر َ�س ْلن َ َاك �إِلاَّ َر ْح َم ًة ِل ْل َعالمَ ِنيَ) و (لاَ �إِ ْك َرا َه فيِ ال ِّدينِ {. وبهاتني الركيزتني العظيمتني فتح اهلل على يديه قلوب اخللق وعقولهم. وفتح كذلك بني �أيدي الأئمة والدعاة ابواباً ُم�شَّ َّرعة َوج� َ�ب عليهم الدخول منها يف �سبيلهم خلدمة الب�شرية ون�شر الرحمة واملحبة الإن�سانية ..ف�إن فعلوا ذلك �أثبتوا انتما َءهم ملدر�سة نبيهم و�إمامهم ومنهجه. وم��ن هنا ن��رى �أن��ه ال ينبغي �أب��داً لإم��ام �أو داع�ي� ٍة �أو ع��امل �أو مفكر �أو باحث �أو حاكم �أو حمكوم ان يجتهد على اجتهاد الإمام الأول ﷺ و ُيف�سر �سنته القائمة على �أ�سا�س العدل والرحمة واملحبة بني النا�س كما يحلو له وكما هو يعتقد �أنه ال�صواب. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
63
64
وا�ضح و�ضعه النبي ﷺ بني �أيدينا جلي ٌ منهاج دعوي ٌّ م�ستنداً على هاتني الركيزتني الكرميتني ..فوجب علينا من خاللها �أن ننطلق ونتحرك ونراعي الظروف املختلفة للأحوال والأماكن والأزمان والبلدان ب�شرط ان ال نبدل الرحمة ق�سوة والأخوة عداوة. لذلك يا �أئمة امل�ساجد ..يا �أيها الدعاة ،يا �أيها القناديل يف دج��ى الأي ��ام ..ي��ا ن��وراً ي�ب� ّد ُد ظلمة القلوب والأرواح، تذكروا دائماً نبيكم و�إمامكم الأول �سيدنا حممد ﷺ. ت��ذك��روا ركيزته الأول��ى يف التعامل مع امل�سلم (�إِنمَّ َ ��ا المْ ُ�ؤ ِْمنُو َن �إِخْ � َو ٌة) ولهذه الآية كما تعلمون �أحكا ٌم و�أحكام، عا�ص َرنا وي�ضيق الزمان على َو َقفَ عندها َمن َ�س َبقنا ومن َ وح ْ�صرِها. َع ِّدها َ وت��ذك��روا قوله تعالى } َو َل � ْو ُكنْتَ َف ًّظا َغ ِل َ يظ ا ْل َقلْبِ لاَ ْن� َف� ُّ���ض��وا ِم��نْ َح � ْو ِل� َ�ك{ ت��ذك��روا ه��ذا اخل�ط��اب العظيم �اب ع �ل��ى غ��اي � ٍة ُع �ظ �م��ى م��ن ال � ِّدق � ِة اجل �ل �ي��ل ،وه ��و خ �ط� ٌ �اب مل��ن؟؟ للنبي؟؟ نعم للنبي ﷺ واحل�سا�سية ..خ�ط� ٌ ويوجه له �سبحانه هذا اخلطاب ليتع َّلم كل �إمام او داعية لأن النتيج َة �صعب ٌة وخطرية( :..لاَ ْنف َُّ�ضوا ِمنْ َح ْو ِل َك) من ه�ؤالء؟؟ �إنهم �أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وال�صحابة. وك��أن�ه��ا ر��س��ال� ٌة م��ن احلكيم ال��وه��اب �إل��ى ك��ل ال��دع��اة أ�صحاب والأئ�م��ة يف كل زم��ان ومكان� ،إذا ك��ان ال�صحاب ُة � َ ع�صر ال�سعادة قد ت َْ�ضيقُ �صدورهم من حت ّمل فظاظة القول وغلظة الأ�سلوب ،فكيف احلال بكم..؟ ف�أنت �أيها الإمام ل�ست نبياً ،وذلك املُب َّل ُغ لي�س �صحابياً، وت��ذك��روا قوله ﷺ “ امل�سل ُم �أخ��و امل�سلم ،ال يظلمه وال يخذله وال يحقره” وقوله “ ُّ امل�سلم حرام امل�سلم على ِ كل ِ ِع ُ ر�ضه وما ُل ُه ود ُمه”
وحديث �أ�سام َة بنِ ِ زيد -ر�ضي اهلل عنه -الذي تَعلمونه جميعاًَ “ :ب َع َثنا ر��س� ُ �ول اهلل ﷺ �إل��ى �أن��ا�� ٍ�س من جهينة، ف�أتيتُ ال��ى رج� ٍ�ل منهم فذهبتُ �أط ُعمه فقال :ال ال��ه اال اهلل ،فطعنته فقتلته ،فجئت ال��ى النبي ﷺ ف�أخربته، فقال� :أ َق َت ْل َت ُه وقد �شهد �أن ال �إله �إال اهلل؟ قلت :يا ر�سول اهلل �إمنا فعل ذلك تعوذاً ،فقال “ فهال �شققت عن قلبه؟” ويف رواية �أنه قال“ :اقتلته بعد ما قال :ال �إله �إال اهلل ؟ “ فما زال يكررها حتى متنيت �أين مل �أكن �أ�سل ْمتُ قبل ذلك اليوم .ويف رواية “فكيف ت�صنع بال �إله �إال اهلل �إذا جاءت يوم القيامه”. من هنا �إخوتي و�أحبتي الدعاة ال�ك��رام ..ال حتا�سبوا خفي يف قلوبهم وال يعلمه اال اهلل ،عاملوهم النا�س على ما َ باحرتا ِم هيب ِة كلم ِة االميان التي ُتن َْطقُ على �أل�سنتهم.. وج ُهوه ْمَ ،ع ِّلموه ْم ،ان�صحوهم ..وال حتا�سبوهم ،ا�صربوا ِّ عليهم ،وابت�سموا لهم ،وثابروا على الن�صح والإر�شاد وال تقنطوا من ذلك. وال تي�أ�سوا من بطء ا�ستجابتهم ،و�ضَ ِ عف امتثالهم، ف��اهلل -ع��ز وج ��ل -خ��اط��ب نبيه ال �ك��رمي ﷺ وخاطبنا جميعاًَ } :ف َذ ِّك ْر �إِنمَّ َا �أَنْتَ ُم َذ ِّك ٌر َل ْ�ستَ َعلَ ْي ِه ْم بمِ ُ َ�س ْي ِطرٍ {. ف�أَ ْج ُر الدعوة والتبليغ لن يفوتك -ب�إذن اهلل تعالى- ي�ستجب .فالواجب عليك ��س��وا ًء ا�ستجاب امل��دع� ّو �أم مل ْ التذكري والتبليغ بالن�صيحة واملوعظة احل�سنه والهداية على اهلل. �أيها الدعاة.. ير م��ن امل���س��ؤول�ي��ة يتحمله م��ن يقوم ه�ن��اك ق ��د ٌر ك�ب� ٌ ب��الإم��ام��ة واخل�ط��اب��ة وال��وع��ظ وال��دع��وة ،وه�ن��اك م��ا هو واجب عليكم ولي�س واجبا على غريكم من عامة النا�س،
َ مبادئ العز ِة فالواجب عليكم �أن تن�شروا يف جمتمعاتكم وح ْ�سنُ التعامل مع النا�س، وال�شهامة والرحمة النبوية ُ �سوا ًء كانوا م�سلمني �أو غري م�سلمني وفق املبد�أ القر�آين واملنهج النبوي. علينا جميعاً �أن جندد العهد مع مرتكزات النبوة يف النبي ﷺ، طريق الدعوة ،و�أن ال نحي َد عن طريق �سلكه ُّ و َع � َّب � َد ُه ب�ين �أي��دي�ن��ا ،ث��م عمد ﷺ �إل��ى ام�ت�ث��ال �أم��ري��ن عظيمني وع��ا َّم�ين م��ن خالقه وم��واله �سبحانه وتعالى، وع�ل�ي�ن��ا �أن نتمثل ه��ذي��ن الأم ��ري ��ن ا��س�ت�ج��اب��ة و��س�ل��وك�اً والتزاماً: َ } .1و ُقو ُلوا ِللن ِ َّا�س ُح ْ�سنًا{ وهنا قال (للنا�س) ومل يقل للم�سلمني. َ } .2و َجا ِد ْل ُه ْم بِا َّل ِتي ِه َي �أَ ْح َ�سنُ { وهنا اذا كان املق�صود غري امل�سلمني فكيف �سيكون احلال مع امل�سلمني؟! لذلك �أيها ال�ساده: �إن الأمانة التي حملها الإمام والداعية تحُ َ ِّت ُم عليه ان يكون مب�شراً ال منفراً ،محُ ِ َّباً ال مبغ�ضاً� ،سمحاً ال غليظاً، ليناً ال قا�سياً ،لطيفاً ال فظاً ،داعي ًة ال قا�ضياً ،اماماً ال حاكماً. �أيها الأئمة والدعاة والوعاظ واخلطباء الكرام.. يف تاريخكم امل�شرف َق َ�ص ٌ�ص ِ و�سيرَ ٌ و�أح��وال وحكايات ِ ر م�ضيئة مفيدة مل�ؤها احلكمة وال�سماحة والعزة وع�ب ٌ والرحمة ،انقلوها للنا�س وعلموها للخلق ..وتخلقوا بها. �أيها الإخوة.. الإم ��ام معلم وواع ��ظ وم�صلح ي��رب��ى ع �ق��و ًال ،ويبني نفو�سا ً،ويغر�س قيماً و�أخ�لاق�اً حميدة ،ول��ذا ف��إن عمله لي�س حم���ص��وراً ب��إم��ام��ة النا�س يف ال�صالة ف�ق��ط� ..إمن��ا هو عام ُل َوحد ِة وتوفيق بني امل�سلمني ،وال ي�سمح للإمام املن�صف املخل�ص التقي النقي �أبداً �أبداً �أن يقف �أمام النا�س ُيك ِّف ُر اجلهة الفُالنية من امل�سلمني و ُيف َِّ�سقُ و ُي ّبد ُع الأخرى و ُي��خَ � ِّونُ غريها وك��أن��ه هو �أح��د ال�صحابة ال�ك��رام وغريه من امل��رت��دي��ن ..ال ُي�سمح ل�ل�إم��ام يف م�سجده ،وللواعظ يف م��وع�ظ�ت��ه ،وللمفتي يف وظيفته �أن ي�ك��ون جلماعته على ح�ساب حتطيم الآخ��ري��ن وت��دم�يره��م ،ف��إالم��ام هو ممثل النبي ﷺ ،فلو كان النبي ﷺ موجوداً ملا جتر�أ �أح � ٌد �أن يقف على ه��ذا املنرب �أو يف ذل��ك امل�ح��راب �أب��داً.. لذلك فالإمام للجميع ،يحت�ضنُ اجلميع بقلبه ويوجه الن�صيحة بحكمة وهدوء دون �إ�ساءة �أو جتريح.
�أيها الأئمة�..أيها الدعاة: النبي ﷺ يقول�“ :أمتي هذه �أم ٌة مرحومة” ،نحن �أمة التب�شري والأمل ول�سنا �أمة التقنيط والي�أ�س.. يا �أحبتي ..يا حمل َة راي��ة ال��دع��وة ..يا حمل َة النور وال�ضياء ..يا �أئمة امل�ساجد..يا وع��اظ الأم��ة ودعاتها.. النا�س يف �أعناقكم �أمانة ب�شروا وال تنفروا� ..أقبلوا على النا�س وال ُت��دب��روا� ..أف�ت�ح��وا لهم قلوبكم و��ص��دورك��م.. ك��ون��وا يف مو�ضع ع�ب��اد اهلل تخ�ضع قلوبكم هلل ال��واح��د الأح ��د ،وت��رج��ون م�ن��ه الف�ضل وال��رح �م��ة ..وال ت�ضعوا �أنف�سكم -من حيث ال ت�شعرون -يف منزلة الإله حتكمون على النا�س بالردة والكفر والف�سق واخليانة ،وتذكروا وال تن�سوا هذا احلديث ..احفظوه واكتبوه يف دفاتركم وعلى جدارن بيوتكم وم�ساجدكم.. �أذكروا حديث البطاقة وهو حديث �صحيح من حديث عبداهلل بن عمرو –ر�ضي اهلل عنهما� -أن النبي ﷺ قال: “�إن اهلل تعالى �سيخل�ص رج ً ال من �أمتي يوم القيامة على ر�ؤو� ��س اخل�لائ��ق ،فين�ش ُر عليه ت�سعة وت�سعني �سج ً ال، ك��ل �سجل م��د الب�صر ،فيقول اهلل -ج��ل وع�ل�ا -للعبد: �أتنك ُر من هذا �شيئاً؟ �أظلمك كتبتي احلافظون؟ فيقول العب ُد :ال ي��ارب! فيقول� :أ َف�ل��ك ع��ذ ٌر؟ فيقول العبد :ال يارب ،فيقول اهلل -جل وعال :-بلى� ،إن لك عندنا ح�سنة، �وب فيها� :أ��ش�ه��د �أن ال �إل��ه �إال اهلل، ف� ُت�خ��رج ب�ط��اق� ٌة م�ك�ت� ٌ و�أ�شهد �أن حممداً عبده ور�سوله ،فيقول العبد :يارب ما هذه البطاقة �إلى جوار ال�سجالت؟! فيقول اهلل -جل وعال :-اح�ضر وزنك ،ف�إنه ال ظلم عليك اليوم ،فتو�ضع ال�سجالت –�أي :ال�صحف -يف كفة ،وتو�ضع البطاقة يف كفة ،فطا�شت ال�سجالت ،وثقلت البطاقة ،ف�إنه ال يثقل مع ا�سم اهلل �شيء”. هي بطاقة �صغرية لي�س فيها كثري عمل من �صيام و�صالة وزك��اة وح��ج وجهاد .فيها :ال �إل��ه �إال اهلل �أنقذته من لظى جهنم ولهيبها� ..إنها بطاقة الإميان والتوحيد والإنتماء لهذا اخلالق العظيم. بطاقة (ال �إل��ه �إال اهلل) تنقذ عبداً �ضاقت �سجالته ب��الآث��ام والتق�صري ،بطاقة (ال �إل��ه �إال اهلل) م��ن قالها يف الدنيا ُع�ص َم د ُم��ه وم��ا ُل��ه وع��ر��ض��ه ..وال َن��� ْ�س��أَ ُل كيف ق��ال�ه��ا ،ومل ق��ال�ه��ا ،وم�ت��ى ق��ال�ه��ا؟ و�إمن ��ا ن�ت��ذك��ر معلمنا و�إمامناﷺ“ :هال �شققت عن قلبه” ،بطاقة (ال �إله �إال اهلل) تُنق ُذ عبداً من لظى النريان. فارحموا النا�س جميعاً ،وعاملوهم باحل�سنى من مبد�أ قر�آنكم و�سرية نبيكم ( َر ْح َم ًة ِل ْل َعالمَ ِنيَ) و�أحبوا واخ�ضعوا وتوا�ضعوا ملن قال( :ال �إله �إال اهلل) وارحموهم واكرموهم. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
65
مقاالت
النهضة.. مسار وطموح د .حسن علي المبيضين مدير الدراسات
66
ب�سم اهلل الرحمن الرحيم احلمد هلل رب العاملني ،وال�صالة وال�سالم على �سيدنا حم�م��د وع�ل��ى جميع الأن �ب �ي��اء وامل��ر��س�ل�ين ،حم�ب��ي اخل�ير للنا�س �أجمعني ،ومعلمي الب�شرية ماي�سعدها �سعادة الأخ الق�س �سامر عازر املحرتم الأخوة والأخوات /احل�ضور الكرام ال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،وبعد، طيب مبارك� ،إذ �أك��ون يف رحاب هذا املنرب فهذا م�ساء ٌ الثقايف الإن�ساين الذي جمعنا على املحبة والوئام ،مثلما جمعنا ع�ل��ى اح�ت�رام ال�ف�ك��ر وال��وع��ي لنجعله �سبي ً ال لنا وللأجيال من بعدنا. ويطيب يل �أن اق��دم من ال�شكر �أجزله و�أبلغه ل�سعادة الأخ �سامر عازر املوقر ،و�صحبه الكرام من القائمني على رعاية هذا ال�صرح� ،إذ منحوين �شرف احلديث من خالله، فكان اللقاء بكم هذا امل�ساء ،وكان احلديث الذي �أمتنى �أن يرقى لذوقكم الرفيع �إمياناً وفكراً وخلقاً ،لعلنا ن�سهم معاً يف �إيجاد بوابة تقنع على الدوام �أ�صحاب العقول املتحجرة واملنغلقة� ،أن الوعي فهم م�شرتك ،ور�ؤية م�شرتكة ،تنه�ض ل�صالح الإن�سانية جمعاء ،بل ت�سعى لإعمار الكون بكل ما فيه ،من �إن�س و�شجر وحجر ،حتى يجد للإن�سان املعذب فر�صة احلياة املنا�سبة ،التي يقدم من خاللها �أف�ضل ما
ميكن لنف�سه وغريه ،والعامل �أجمع ،فيكون بذلك �إمتداداً لر�سالة الأنبياء وجهدهم ،الذين ج��اءوا ل�صالح الكون و�إعماره ،وحفظ الكرامة الإن�سانية التي ت�ضمن للإن�سان ال�سعادة املطلقة يف الدارين :الآخرة لأنها احلياة الأبدية، واحلياة الدنيا لأنها الطريق �إل��ى ذل��ك ،ولعل من جميل القول� ،أن يكون عنوان حما�ضرتي يف هذا امل�ساء ( النه�ضة م�سار وط�م��وح) ،ذل��ك �أن النه�ضة لي�ست مطلباً فردياً �أو �أ�سرياً �أو جمتمعياً فح�سب ،بل �إن�سانياً كذلك ،وامل�سار الذي يجب �أن ت�سلكه ،ينبغي له ال�سري يف مدارات الذات والأ�سرة وامل��در� �س��ة واجل��ام �ع��ة وامل �ج �ت �م��ع ،ع�ل��ى م���س�ت��وى ال��دول��ة والإقليم والعامل ،حتى تكون �شاملة ووا�سعة وق��ادرة على نقل الإن�سان والكون ب�أجمعه من واقع م ٍّر �أو غري مقبول �إلى واقع �أف�ضل ،و�أكرث ا�ستقراراً و�أمناً. و�أود يف حما�ضرتي هذه �أن �أقف على حمطات ومفا�صل تغني العنوان بالإ�شارة حيناً والعبارة �أحياناً �أخرى ،وذلك �إحرتاماً لوقتكم الثمني ،وعليه ،ف�إن هذه املحطات �أ�سئلة حم��ددة ،تعطي عند الإجابة عليها بناء تكاملياً معرفياً، ي� ��ؤدي م��ا ُي�ط�ل��ب يف ه��ذا امل �ق��ام ح��ول ال�ع�ن��وان والنه�ضة حتديداً. و�أق��ول عند ال�س�ؤال (متى ب��د�أت النه�ضة ) ،فق�صتها معروفة للجميع �إذ ب�إنتهاء املعركة بني هابيل وقابيل بد�أ �أح��ده�م��ا البحث ع��ن املعرفة يف كيفية دف��ن �أخ�ي��ه ،وك��ان
• حما�ضرة �ألقيت يف املجمع املجتمعي امل�سكوين -كني�سة الراعي ال�صالح بتاريخ 2018/9/8م.
م�صدر املعرفة غراباً يبحث يف الأر���ض ،فعلم القاتل كيف ي��دف��ن �أخ ��اه ،ث��م ام�ت��دت احل��اج��ة للمعرفة لت�شمل ،كيف يعي�ش وي�أكل وي�صنع لبا�سه وطعامه فكان الإمتداد املعريف حا�ضراً منذ ب��داي��ة الب�شرية م ��روراً بع�صرها احلجري، والربونزي والنحا�سي ،حتى اطم�أن الإن�سان الى �ضرورة وجود ديانة تبعث يف نف�سه الطم�أنينة والإ�ستقرار فكانت العبادة الطوطمية ،ويف ظل تطور م��ادي تراكمي ،رافقه تطور فكري ثقايف ديني ،زاد عدد الب�شر ،وتعددت قدراتهم و�أدواتهم وميولهم ،عندها احتاجوا لل�ضبط املعريف الذي يج�سد ح�ضورهم الفكري ،فكانت الر�ساالت ال�سماوية ذات التحديد املكاين والإن�ساين ،فبع�ض الأنبياء بعثوا لقوم دون قوم ،وملكان دون �آخر ،ويف فرتات زمنية متعددة ،مما خلق تبايناً يف املنهج والتكليف واالت �ب��اع ،فديانة ت�سمو بالروح وتفتح لها �آفاقاً رحبة وت�ستثني املادة من احل�ضور، ودي��ان��ة �أخ ��رى ت��أخ��ذ ب��امل��ادي��ات �سبي ً ال نحو الإرت �ق��اء مع تهمي�ش كلي �أو جزئي ل�ل��روح ،ويف ظل احلاجة املتطورة �أي�ضاً ،لإيجاد التوافق بني الديانات الو�ضعية وال�سماوية التي ت�ستهدف جميعها ا�ستقرار الإن�سان و�سعادته ،كانت احل��اج��ة ملحة ل��دي��ان��ة جت�م��ع ب�ين ال ��روح وامل� ��ادة يف بناء متكامل يحقق التوازن يف حياة الفرد والأ��س��رة واملجتمع والكون ب�أجمعه ،من منطلق معريف علمي ،وبحيث تكون ر�سالة عاملية تخاطب الكبري وال�صغري والغني والفقري، واحل��اك��م وامل�ح�ك��وم ،وال �ظ��امل وامل�ظ�ل��وم ،وال��رج��ل وامل ��ر�أة، وبحيث ت�ستند الى املعرفة والعقل واملنطق منهاجاً ثابتاً، وقادراً على التحليل والإ�ستنتاج والإ�ستنباط ،ح�سب درجات وعيه و�إدراك ��ه وم�صادر املعرفة التي يرجع �إليها فكانت الر�سالة الإ�سالمية ( �إقر�أ) عنواناً لنه�ضة علمية ثقافية فكرية قبل �أو تكون دعوة لدين �أو ن�سك �أو طقو�س ت�ؤدى، ِا�س ِم َر ِّب َك ا َّل ِذي خَ لَ َق بل فتحاً للآفاق ،ملعرفة اخللق }ا ْق َر�أْ ب ْ ال ْك َر ُم ( )3ا َّل ِذي ِن�سا َن ِمنْ َعلَقٍ ( )2ا ْق َر ْ�أ َو َر ُّب َك َْ أ ( )1خَ لَ َق ْ إ ال َ َع َّل َم بِا ْل َقلَ ِم (َ )4ع َّل َم ْ إ ِن�سا َن َما لمَ ْ َي ْعلَ ْم({)5 ال َ
�إذن نحن �أمام دعوة للتفكر والتدبر يف الذات الإن�سانية: خلقاً وعلماً ،وف�ك��راً ،ممتداً با�ستخدام القلم و�سيلة من و�سائل املعرفة ،فكانت (اق��ر�أ) فعل �أم��ر يبني كوناً وا�سعاً م��ن امل�ع��رف��ة ،فلم يقل �سبحانه وتعالى �صل على �أهمية ال�صالة ،ومل يقل ِ زك ومل يقل ُ�صم ،ومل يقل جاهد ،لكن الأهم هي فكرة بناء العقل الإن�ساين ووعيه و�إدراكه ملعرفة ذاته والكون من حوله ،لي�صل بعد ذلك الى معرفة خالقه. لكن الإنك�سار والإنح�سار الذي حدث لكلمة ( اقر�أ) عندما ت�ن��ازل امل�سلمون ع��ن ��ش��رط امل�ع��رف��ة و� �ص��و ًال للنه�ضة يف فرتات زمنية متباينة ،فبعد �أن حققت هذه الكلمة ح�ضوراً �سيا�سياً واقت�صادياً واجتماعياً ،وعلمياً يف ميادين احلكم وال�سيا�سة والطب والهند�سة والفلك والريا�ضيات ،انح�سر دورها ودورهم ،الأمر الذي جعلهم ي�ستوردون نتاجاتها من دول و�أم��م عملت على تفعيلها وفق �أ�س�س معرفية �سليمة �أخ��ذت باملنهج التجريبي والتطبيقي والتقني ،ف�صاروا �أكرث تقدماً ،و�أ�صبحنا �أكرث حاجة لتقدمهم حتى نعي�ش وف��ق املعطيات امل��ادي��ة حل�ضارتهم يف ظ��ل انح�سار فكري عربي �إ�سالمي ،وال�سبب يف ذلك الركون الى منطلق واحد من منطلقات النه�ضة ،وهو التقدم املادي فقط ،وهذا مل يتحقق للأ�سف كذلك. الدين والنه�ضة: قلت ب�أن الإح�سا�س جتاه احلاجة لدين ( �أي دين) قد تطور مع الإن�سان عندما �صنع �إل�ه�اً خا�صاً ب��ه( الديانة الطوطمية) (ال��رم��ز) ،وت�ع��ددت اب�ت�ك��ارات��ه و�إب��داع��ات��ه يف هذا الإح�سا�س ح�سب قناعاته ،و�أي املوجودات �أو الغيبيات �أكرث قدرة يف حتقيق الإ�ستقرار له ،فكانت عبادة ال�شم�س والقمر وال�شجر واحلجر والنار والفرج واحليوانات ،حتى �إذا ما �ضلت �سفينته عن درب النجاة ،ا�ست�سلم للقدر ،وذلك �إمياناً منه ب�أن ال نه�ضة بغري دين و قيم و�أخالق ،فالبناء الإن�ساين ،م��ادي ومعنوي ،فمهما تطاول يف البنيان كان بحاجة الى حلظة �صفاء وت�أمل وتفكر وتدبرُ ،يرجع فيها اخللق للخالق والنتيجة لل�سبب ،والقدرة للقادر. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
67
68
ولذلك �أقر الكثري من العلماء والفال�سفة واملفكرين، ٌ و�سبيل من �سبل �أن الدين �ضرورة ملحة لإيجاد النه�ضة، �سعتها و�شموليتها ،فالتقدم الروحي واملعنوي والفكري وال �ث �ق��ايف الي �ك��ون ب��ال���ص��ورة الأب �ه��ى اال اذا ك��ان ترجمة ل�ن���ص��و���ص دي�ن�ي��ة حت�ظ��ى ب��ال�ق��دا��س��ة يف ن�ف����س الإن �� �س��ان، ويقدمها للآخر ك�صورة �صادقة عما يفكر به ويح�س ،وعما ي�ست�شعره جتاه نف�سه والآخرين. ولذلك ت��زداد النه�ضة ح�ضوراً عندما ترتبط بدين يقد�س امل�ع��رف��ة وال �ع��امل ،ول�ه��ذا ال�سبب دع��وين ا�ستذكر معكم ق��ول بع�ض علماء الغرب �أم�ث��ال الأم��ري�ك��ي ،مايكل ه��ارث �إذ يقول� ( :إن حممداً �صلى اهلل عليه و�سلم) كان الرجل الوحيد بالتاريخ ال��ذي جنح ب�شكل �أ�سمى يف كال امل�ستويني الديني والدنيوي� ،إن هذا الإحتاد الفريد الذي النظري له يف الت�أثري الديني والدنيوي معاً يخوله ليكون �أعظم �شخ�صية ذات ت�أثري يف تاريخ الب�شرية). وه ��ذا م ��رده ال��ى �أن ال��دي��ن يجمع احل��دي��ث ع��ن اهلل، والكون ،والإن�سان ،قبل ن�ش�أته وخلقه و�أثناء حياته وموته، وحتى بعد موته ،فريتبط مع الإن�سان برباط وثيق من املعرفة والعلم واالتباع. ول�ه��ذا ق��ال الفيل�سوف الم��ارت��ن ( النبي حم�م��د ،هو النبي الفيل�سوف املحارب امل�شرع ،اخلطيب ،قاهر الأهواء) وبالنظر الى املقايي�س الب�شرية للعظمة ،ات�ساءل هل هناك من هو �أعظم من النبي حممد) ،وك��أين بهذا الفيل�سوف المارتن يقرر �أن النه�ضة التي يدعو لها حممد �صلى اهلل عليه و�سلم ت�ستوجب �أن يكون الإن�سان م�شرعاً وخطيباً وقاهراً للأهواء وحمارباً للظلم ،وهذا يتطلب من الإن�سان كذلك انخراطاً تاماً يف ميادين العمل والإنتاج الذي يحرز تقدماً للأمة. �أما متى ننه�ض؟ فحقيقة عند ط��رح مثل ه��ذا ال�س�ؤال :ينتابنى �شعور بالقلق واحل�يرة ،فهو لي�س �س�ؤا ًال عابراً للزمن عن وقت النه�ضة حت��دي��داً ،للإ�ستب�شار بها ،والإ��س�ت�ع��داد ملوجبات احل�ي��اة امل�لائ�م��ة ل�ه��ا ،وال�ع�م��ل على �إع ��ادة �صياغة العقل والوجدان والإح�سا�س ،لتكون جميعها مظهراً متقدماً من مظاهرها وظواهرها املرتبطة بها� ،إذ ال ينبغي تقدميها للنا�س بعيداً عن موروثها الفكري والإن�ساين والوجداين، �إذ كيف ن�ستدعي كل ما من �ش�أنه �إع��ادة بث ال��روح فينا، ون�ح��ن نعمل على تهيئة غ��رف��ة الإن�ع��ا���ش ب�أيدينا لتكون منا�سبة لنا ،ونحن نتنازل عن �أ�سمى معاين النه�ضة يف حياتنا �أ ّال وهو الدين ،ولذلك ف�إن النهو�ض مرتبط مبدى تفعيل كل �أ�سباب النجاح للفعل النه�ضوي يف ديننا م�ضافاً
�إل�ي�ه��ا �أ��س�ب��اب ال�ن�ج��اح يف نه�ضة �أت �ب��اع ال��دي��ان��ات الأخ��رى و�إبداعاتهم الب�شرية والفكرية والفل�سفية والعلمية. فالنه�ضة كما نراها فع ً ال تراكمياً وي�شرتك يف �صياغته الأديان كافة ،مثلما ت�سنده الر�ؤى العلمية الب�شرية التي ثبت جناحها يف معاجلة �أم ��ور ك�ث�يرة :طبية وهند�سية وت�ك�ن��ول��وج�ي��ة ويف م �ي��ادي��ن ال�ف�ك��ر وال�ث�ق��اف��ة وال�سيا�سة والإق �ت �� �ص��اد والإج �ت �م��اع والأخ �ل��اق وال �ق �ي��م ،ف��امل���ش�ترك الإن�ساين اجلامع هو ما �أكده النبي حممد �صلى اهلل عليه و�سلم� ،إذ يقول� :إمنا ُبعثت متمماً ملكارم الأخالق ،فع ّد ما قبله من م��وروث ديني وفكري وثقايف قاب ً ال للتماهي يف هذا الدين اجلديد ،ليكون جزءاً من�سجماً معه ،ال عن�صراً غريباً عنه. موجبات النه�ضة (ملاذا النه�ضة)؟ كثرية هي الأ�سباب التي تدعو لتفعيل معنى النه�ضة، ول��و ب��درج��ات تدريجية ت�ب��د�أ باملمكن لتنتهي باملعجزات الإجن ��ازي ��ة ال�ق��اب�ل��ة للتطبيق وال �ت �� �ص��دي��ق ،ذل ��ك �أن ما ن�ستدعيه يف حا�ضرنا من �أم��ر النه�ضة املن�شودة يتطلب تكام ً ال ر�أ�سياً و�أفقياً حتى ي�شمل امليادين كافة على تعددها وتنوعها ،مثلما ي�ستلزم البناء تراكمياً يف املن�شط الواحد كمجاراة ملا تو�صل �إليه العامل الآخر يف امليدان املخ�ص�ص للتناف�س ،كالزراعة �أو ال�صناعة �أو التكنولوجيا الرقمية �أو البناء القيمي الأخالقي ويتلخ�ص ذلك بالآتي. �أ .الفجوة احل�ضارية التي �أخذت بالإت�ساع بني املنجز احل �� �ض��اري الإ�� �س�ل�ام ��ي ال �ع��رب��ي وب �ي�ن م ��ا �أجن� ��زه الآخ��رون يف ميدان الطب والهند�سة والتكنولوجيا وغريه. ب .ح��اج��ة ال �� �ش �ع��وب ال �ع��رب �ي��ة والإ� �س�ل�ام �ي��ة �إل� ��ى �سد الإح �ت �ي��اج��ات امل�ت�راك �م��ة امل �ت �ج��ددة ل � ّل �ح��اق ب��رك��ب احل���ض��ارة الإن���س��ان�ي��ة ال�ت��ي ف� ّع�ل��ت امل �ع��ارف وال�ع�ل��وم يف تقدمها ،و�أ�صبح ت��راك��م املعرفة وم�ضاعفتها ال يحتاج �إل��ى �سنوات طويلة بل �إل��ى خم�س �سنوات �أو �أقل لتت�ضاعف املعرفة الإن�سانية املنتجة ،وللأ�سف الإ�سهام العربي الإ�سالمي حديثاً يف هذه العملية ما زال حمدوداً. ت .زيادة العدد ال�سكاين للأمة الإ�سالمية ،الأمر الذي ي�ستوجب ملء فراغ الطاقات ال�شبابية فيها بالنافع واملفيد بحيث ال تكون عبئاً على الإن�سانية جمعاء �أو على �شعوب و�أمم بعينها ،الأمر الذي يجعل منها تابعاً ح�ضارياً بعد �أن كانت متبوعاً ويف ميادين �شتّى ،وتلبية الإحتياجات تلك ،تتطلب تو�سعاً يف الأعمال والأفكار مثلما ي�ستوجب �إن �ف �ت��اح �اً وا� �س �ع �اً ع�ل��ى احل���ض��ارات الإن�سانية الأخرى :الأ�صيلة منها والنا�شئة.
ث .احلفاظ على احلبل املتني الذي يحقق ربط الأ�صالة باملعا�صرة ،لي�س لأم��ر حم��دد يف م�ي��دان م��ا ،و�أمن��ا لإيجاد ا�ستنها�ض ح�ضاري �شامل ويف امليادين كافة. ج .التخل�ص من مظاهر التبعية تدريجياً يف قراراتنا ذات ال�ش�أن ال�سيا�سي والإقت�صادي والفكري والثقايف و�إعادة بناء الذات الإ�سالمية بنا ًء نوعياً ي�ستلهم املعاين الروحية والقيمية والفكرية التي قامت عليها نه�ضة �أمتنا ذات زمان. النه�ضة �أم الثورة (النه�ضة بديل الثورة)؟ ق��د ي ��رى ك�ث�ير م��ن ال �ن��ا���س �أن ال�ن�ه���ض��ة �أم ��ر يحتاج لتقكري عميق من لدن �أ�صحاب القرار ال�سيا�سي والفكري وهم غالباً ما يكونون من �أ�صحاب امل�صالح ال�ضيقة التي حتققت ب�شكل �أو ب�آخر ،و�إن �أم��ر البحث يف تغيري الواقع البائ�س رمب��ا ي�ن��ال م��ن م�صاحلهم فيحرمهم ام�ت�ي��ازات كثرية ،وم�س�ألة التغيري نحو الأف�ضل رمب��ا ال ت�شملهم، فين�ش�أ جيل �آخر ت�سند �إليه مهمة قيادة الوطن �أو الأمة، الأم��ر ال��ذي ي�ستدعي �إب�ق��اء احل��ال على م��ا ه��و عليه من ال�ضعف والهوان والتبعية. ويف ��ض��وء ذل��ك تبقى الأم ��ة م��ره��ون��ة حل��ال��ة انفجار منتظرة ت�أتي ب�شكل مفاجئ وعفوي جراء غ�ضبة م�ضرية يقوم بها هذا الطرف �أو ذاك ،ليعلن ثورته �أو مترده على هذا الواقع �أو ذاك ،يف هذه الدولة �أو تلك. وه �ن��ا ي�ستوجب الأم ��ر امل�ف��ا��ض�ل��ة ب�ين النه�ضة التي تتطلب تدخل احلكماء و�صناع القرار واملفكرين واملثقفني يف امليادين كافة ،وتطبيق ما يرونه منا�سباً من القرارات احلكيمة امل�ستندة �إلى درا�سات علمية وواقعية تتناول ال�ش�أن العام ب�أكمله ،فيكون بذلك كل منا م�شاركاً يف نه�ضة بالده و�أمته ويف تقدمها كذلك ،ال �أن يرتك الأمر ملجموعة من املُغر�ضني الذين يوظفون الفقراء واملحرومني والعاطلني عن العمل و�أ�صحاب ال�سوابق ،من �أجل القيام بثورة ت�أتي على ما تبقى من مقدرات الدولة التي مل ي�صلها الف�ساد بعد ،فتبد�أ الثورة بفكرة ح�سنة وه��دف نبيل هو التغيري نحو الأف�ضل لتنتهي �إلى م�أ�ساة حقيقية عندما ت�سلب �إرادة ال�شعوب ،ويتم جتيريها لفئة حمددة ذات م�صالح �ضيقة. فالثورة يفجرها اجلياع ويقطف ثمارها الأغنياء وال ت�أتي بجديد نافع غري وجوه فا�سدة جديدة و�أهداف ذاتية جديدة. النه�ضة الطموح (كيف)؟ تتحقق النه�ضة عندما ندرك الآتي: .1حجم التبعية التي نعي�شها واقعاً �سيا�سياً واقت�صادياً واجتماعياً وثقافياً فهذا من �ش�أنه �أن يبني حجم اجنازنا احل�ضاري و�سبب عجزه ،واجلهد املطلوب
بذله للو�صول �إلى م�ستوى مقنع يتحقق معه التنازل التدريجي عن التبعية لهذه الأمة �أو تلك. .2معرفة البواعث النف�سية التي جعلت من الآخر قبلة لأعمالنا ور�ؤانا وطموحنا و�آمالنا وجعلت منه مثا ًال ُيحتذى يف الأتباع والتقليد. .3ح�ق�ي�ق��ة �أ� �س �ب��اب ال �ن �ك��و���ص احل �� �ض��اري وب �ي��ان دور احلكومات وال�شعوب يف ذلك ،وحماولة تف�صيل تلك الأ�سباب وفق خمرجاتها املتباينة من حيث ال�شكل وامل�ضمون ال�سيا�سي والإقت�صادي والإجتماعي. .4بيان حجم البحث العلمي واملعرفة العلمية املُنجزة �سنوياً القادرة على و�ضع الأم��ة يف �أول درج��ات �س ّلم ال�صعود احل�ضاري وبيان نوعية تلك املعرفة. � .5أهمية التوا�صل احل���ض��اري والإن���س��اين م��ع جميع �أط �ي��اف اجل���س��م احل �� �ض��اري الإن �� �س��اين ع�ل��ى تنوعه وفتح �آفاق التعاون ،ومد ج�سود الثقة املتبادلة بيننا وبني الآخرين واعتبار ما لدينا من ُمنجز ح�ضاري ه��و ج��زء ون�ت��اج م�شرتك �أ�سهم ب��ه الآخ ��رون ب�شكل �أو ب��آخ��ر ،ولذلك ف ��إن �إب�ق��اء ب��اب التوا�صل مفتوحاً يجعل فر�صة الإ�ستفادة حا�ضرة يف امل�شهد احل�ضاري الإن�ساين الذي نعي�ش. هل نه�ضة غرينا نه�ضة لنا؟ �إذا مل تقم على دم��ارن��ا وا�ستغالل ثرواتنا وجتويعنا فهي حتما ًمنجز ي�ضاف للمنجز الإن�ساين العام ،ففي هذا امليدان �أو ذاك ال ب ّد من الإحتكاك بالتجربة الإن�سانية التي تفتح �آفاقاً للمعرفة املتبادلة ،ف�أمن جاري و�سعادته ونظافة بيته وبيئته ووعيه املتقدم ينعك�س �إيجاباً على واقعي ،وهذا يتطلب املحافظة على املنجز احل�ضاري للآخر ،بحيث ال يكون هدفاً للحرب والعدوان ،ولعل الت�أ�صيل لهذا الأمر موجود يف ديننا حتى يف حالة احلرب" ،ال تقطعوا �شجرة وال تهدموا بيتاً وال تقتلوا طف ً ال وال �إم��ر�أة وال �شيخاً وال ع��اب��داً يف �صومعته" ،ك��ل ذل��ك ينبئ ع��ن اح�ت�رام للنف�س الإن�سانية ومعتقداتها ومقدراتها ،التي قد ت ��ؤول بع�ض فائدتها لنا ب�شكل �أو ب�آخر. ويف اخل �ت��ام � ..أك ��رر ال�شكر اجل��زي��ل وال�ث�ن��اء العظيم لأ�سرة اخليمة على �إتاحة هذه الفر�صة العظيمة بالن�سبة ال راق�ي�اً يخدم توجهاً يل وال�ت��ي �أراه ��ا ح�ساً �إن�سانياً نبي ً ح�ضارياً وثقافياً وفكرياً لدى اطراف املعادلة الفكرية يف وطننا العزيز ،و��ص��و ًال �إل��ى فهم م�شرتك ح��ول كثري من الق�ضايا ذات الأهمية امل�شرتكة. وال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
69
مقاالت
حيرة التكنولوجيا أ .شيروان الشميراني
70
يف ه ��ذا امل �ق ��ال احت� ��دث ع ��ن اال� �س �ت �ع �م��ال االن �� �س��اين للتكنولوجيا من زاويتني-: االولى -:هي التكنولوجيا وال�ضمري االن�ساين.. والثانية -:هي اال�سراف يف اال�ستعمال.. �أم��ا االول��ى ،فالتكنولوجيا اوجدها العقل االن�ساين كو�سيلة م�ت�ط��ورة لت�سهيل احل�ي��اة وت��ذل�ي��ل ال�صعاب يف الطريق ،ومن اجل الرتفيه ومت�ضية الوقت اململ احيانا نتيجة رت��اب��ة احل �ي��اة (وروت�ي�ن�ي��ة) اح��داث �ه��ا ،ف�ه��ي ج��زء ا�سا�سي من مهمة ا�ستخالف االن�سان يف االر�ض ( ،هوالذي ان�شاكم من االر�ض وا�ستعمركم فيها) ،فا�ستعمال العقل واجل�سم يف اعمار االر�ض وبنائها مهمة منوطة باالن�سان اخلليفة هلل ،لكن ح�سب منهج امل�ستخلف -مك�سور الالم- ولي�س على هوى االن�سان امل�ستخلف -مفتوح الالم.- فالذي يتحكم يف ا�ستعماله اذن هواالن�سان مبا لديه من عقل ملتزم اومنحرف ،ومبا يتكون لديه من �ضمري، فاملعاين التي ت�شكل مغزى وم�ضمون غاية االن�سان هي التي توجه ادوات التكنولوجيا ،باجتاه التعمري اوباجتاه التدمري...فاجتاه التدمري مبا يحمل االن�سان من �ضمري فا�سد هوامل�سيطر الئ حد كبري ،مثال -:
أمام اإلنسان عند انتخابات 12ايار املا�ضي يف العراق ،عندما �صوت الربملان على ان يكون الت�صويت الكرتونيا ،كانت الغاية هي ك�سب الوقت يف العد والفرز ،واعادة الثقة للمواطن ازاء عمليات التزوير التي �شابت كل االنتاخبات ال�سابقة، مبعنى ان االج �ه��زة االل�ك�ترون�ي��ة ال متنع ال�ت��زوي��ر ،بل االن�سان الذي ي�ستعمل تلك االجهزة ،فاذا كان ال�ضمري االن�ساين فا�سداً ،فان االجهزة لن ت�صلحه ،بل هي حتت ت�صرفه يف االف���س��اد واال� �ص�لاح ،ومب��ا ان �ضمري احلكم وامل�س�ؤولني فا�سد يف العراق ،فان االجهزة التكنولوجية ل ��ن مت�ن�ع��ه م ��ن الإن � �ح� ��راف اول� ��ن ت �� �ص��وب اجت� ��اه تلك ال�ضمائر ،مبعنى ان امل�شلكة يف االن�سان العراقي ولي�ست يف التكنولوجيا يف ه��ذه احل��ال��ة ،امل�س�ؤولون العراقيون م ��ردوا ع�ل��ى ال�ف���س��اد ،بجميع مرجعياتهم ،م��ع اال��س��ف حتى ا�صحاب املرجعيات الدينية ،اوالكيانات التي حتكم يف بغداد هي املتهمة االول��ى ،يف �س�ؤ توجيه التكنولوجيا يف االن�ت�خ��اب��ات الت�شريعية ل ��دورة ، 2018وهوالف�ساد نف�سه ال��ذي �شاب ادوات ك�شف املتفجرات ،ففي الوقت ال��ذي ك��ان ال�ع��راق�ي��ون ي��ذه�ب��ون �ضحايا ال�ت�ف�ج�يرات يف ال�شوارع ،كان امل�س�ؤول العراقي يتاجر بدماء ه�ؤالء عرب �شراء اجهزة فا�سدة ،وع��اج��زة عن ك�شف امل��واد املتفجرة
يف ال�سيارات امللغمة عرب مئات نقاط التفتي�ش يف عموم البالد ،والنتيجة ان املتفجرات متر عرب فح�ص االجهزة الفا�سدة وتنفجر ثم تقتل ،وال�سبب هوف�ساد ال�ضمري االن�ساين } ،وَممَِّ ��نْ َح ْو َلكُم ِّمنَ ْ أ الَ ْع � َرابِ ُمنَا ِفقُو َن َو ِمنْ �أَ ْه ِل المْ َ ِدي َن ِة َم� َر ُدوا َعلَى ال ِّنفَاقِ لاَ َت ْعلَ ُم ُه ْم ن َْحنُ َن ْعلَ ُم ُه ْم يم{ التوبة: َ�س ُن َع ِّذ ُب ُهم َّم َّر َتينْ ِ ُث َّم ُي� َر ُّدو َن �إِ َل��ى َع�ذَابٍ َع ِظ ٍ ، 101م��ردوا على النفاق :اي مت��ادوا وا�ستمروا عليه.. فه�ؤالء م��ردوا على الف�ساد ،مت��ادوا وا�ستمروا عليه ،وال رجاء يف �صالحهم وال ا�صالحهم.. وكذلك ما حدث يف ت�صفيات ك�آ�س العامل لكرة القدم 2018يف مو�سكو ،الفيفا ابتكر تقنية ال�ف��ار ه��ذه امل��رة، ت�ك��ون حت��ت ت�صرف احل�ك��م عندما ي�شاء ويلتب�س عليه االمر ،من اجل احقاق احلق وجتنب االخطاء الب�شرية، لكن الذي حدث يف كثري من املرات انها كانت ت�ستغل من اجل م�صلحة املنتخبات الكبار ،وهي املنتخبات االوروبية ب��ال�ط�ب��ع ،وك ��ان وا��ض�ح��ا اال��س�ت�خ��دام غ�ير ال �ع��ادل لهذه التقنية يف مباراة ا�سبانيا واملغرب. واما الثانية-: ه��ي ا��س�ت�ع�م��ال االدوات ال�ت�ق�ن�ي��ة يف ت�ق�ط�ي��ع الآ� �ص��رة االجتماعية ،واال�سراف يف ا�ستعماله ،واال�سراف معاك�س للمنهج الكوين القائم على التوازن واالعتدال ،هذه االدوات ما ت�سهل احلياة وت�سهل التوا�صل بني اال�صدقاء واالقارب، لكن جتاوز حد الو�سط يف ا�ستعمالها تاتي بنتيجة عك�سية، فهي تعطي الرتابة يف العالقات واجلفاء يف امل�شاعر ،لي�س يف داخ ��ل اال� �س��رة ال��واح��دة فح�سب ب��ل يف ال�ع�لاق��ات بني اال�سرة الكبرية ،حيث اثناء التفقد يتم االكتفاء بر�سالة عرب الهاتف اجل��وال اوع�بر و�سائل التوا�صل االجتماعي
وبالتايل عدم اللقاء املبا�شر و�سقي املحبة واملودة والرتابط القلبي بني االهل واالقارب واال�صدقاء.. وما يحدث االن من جلوء االطفال واملراهقني الى االل�ع��اب االلكرتونية على التابليت� ،سبب بعزلة كبرية ل�ه��م داخ ��ل ع��وائ�ل�ه��م ،وق���ض��اء ال��وق��ت ال�ك�ث�ير يف زاوي��ة امل �ن��زل ،يف غ��رف��ة ب�ع�ي��دة ،وال �ه��روب م��ن اخل ��روج اوزي ��ارة االه��ل واالح �ب��اب ،وب��ال�ت��ايل ف�ق��دان احل����س االجتماعي، علم النف�س واالجتماع احلديث ،تنبه الى هذه املخاطر املجتمعية ل��دى املراهقني ،خ�لال الفرتة املا�ضية ن�صح خ�ب�راء اجتماعيون االب ��اء با�ست�صحاب اوالده ��م معهم يف ال��زي��ارات وال�ل�ق��اءات ال�ع��ام��ة ،لك�سر احل��اج��ز النف�سي عندهم ،واملحافطة على خا�صية االن�سان الطبيعية وهي انه مدين بطبعه ،اي يختلط وينزل الى ال�سوق وال�شارع وال�ساحات م��ن اج��ل م�شاهدة النا�س واالخ �ت�لاط بهم، فالغلويف اي �شيء هوبداية االنحراف والف�ساد عن امل�سار الطبيعي ،واال� �س��راف يف ق�ضاء ال��وق��ت اوق�ت��ل ال��وق��ت يف ا�ستعمال التكنولوجيا هوالطريق الى الف�ساد العالئقي بني افراد املجتمع ،والو�سط واالعتدال خري ،روح االن�سان وم�شاعره كال�شجرة بحاجة ال��ى ال�سقاية املالئمة لها، واال فتموت ،وم��ن ثم تتقطع او��ص��ال املتجمع..حتى يف االعياد التي هي املنا�سبة االكرث اجتماعية بني امل�سلمني ا�صبحت املعايدة التكتولوجية حمل املعايدة االجتماعية والزيارات املتبادلة.. هذه تنبهنا على ان اال�صل هو�صالح االن�سان ،والعمل يكون على تربيته الرتبية ال�سليمة املتوازنة ،بعيدا عن اال�سراف والتقتري ( واللذين اذا انفقوا مل ي�سرفوا ومل يقرتوا وكانوا بني ذلك قواما).. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
71
مقاالت
الرؤية المقاصدية في سورة الماعون الدكتور محمد احمد الحاج
72
ب ِْ�س ِم هَّ ِ الل ال َّر ْح َمنِ ال َّر ِحي ِم }�أَ َر َ�أ ْي��تَ ا َّل� ِذي ُي َك ِّذ ُب بِال ِدّينِ (َ )1ف َذ ِل َك ا َّل� ِذي َي� ُد ُّع ا ْل َي ِتي َم ني (َ )3ف� َو ْي� ٌل ِل ْل ُم َ�ص ِّل َ (َ )2ولاَ َي ُح ُّ�ض َعلَى َط َعا ِم المْ ِ ْ�س ِك ِ ني ()4 ا َّل� ِذي� َ�ن ُه� ْم َع��نْ َ�صلاَ ِت ِه ْم َ�ساهُو َن ( )5ا َّل� ِذي� َ�ن ُه� ْم ُي � َرا ُءو َن ()6 وَيمَ ْ َن ُعو َن المْ َا ُعو َن (. {)7 �سورة املاعون ،اح��دى ال�صور الق�صار � ،آياتها �سبع ق�صار تتحقق فيها الر�ؤية املقا�صدية لهذا الدين العظيم ،و تعالج حقيقة كبرية تكاد تبدل املفهوم ال�سائد للإميان والكفر تبدي ًال كام ًال مع بيان حقيقة العقيدة و ما احتوته من خري عميم للب�شرية و رحمة �سابغة �أراده ��ا اهلل تعالى للب�شرية يف هذه الر�سالة التي جاءت حتمل املنهج االلهي الأخري للنا�س جميعاً . هذه ال�سورة الكرمية ت�ؤكد �أن اال�سالم بعقيدته و �شريعته امن��ا ه��و منهج ح�ي��اة للب�شر ،ف��الإ� �س�لام لي�س دي��ن مظاهر وطقو�س و ال تغني فيه مظاهر العبادات و ال�شعائر مامل تكن ��ص��ادرة عن �إخ�لا���ص و جت��رد م��ؤدي��ة ال��ى �أث��ار يف القلب تدفع الى العمل ال�صالح ،متمثلة يف �سلوك ت�صلح به حياة النا�س و ترتقي . فمن مل تنهه �صالته عن الفح�شاء و املنكر مل يزدد من اهلل اال بعداً و من مل يدع قول الزور و العمل به فلي�س هلل حاجة يف �أن يدع طعامه و �شرابه . ....املفل�س من �أمتي من ي�أتي يوم القيامة ب�صالة و �صيام و ي�أتي وقد �ضرب هذا و �شتم هذا و �سفك دم هذا ،في�أخذ هذا من ح�سناته و هذا من ح�سناته حتى اذا فنيت ح�سناته �أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح يف النار .
ك��ل ه��ذه الن�صو�ص ت�صب يف احلقيقة نف�سها وه��ي �أن هذا الدين العظيم �إمنا ي�سعى لتحقيق ال�سعادة يف دنيا الب�شر و ال ميكن �أن تتحقق ال�سعادة ما مل تتحقق مقا�صد اال�سالم اخلم�سة :حفظ النف�س والدين والعقل و املال و العر�ض . لذلك ر�أي�ن��ا �أن اال��س�لام يف م�صدريه الأ�سا�سيني الكتاب و ال�سنة يركز على ه��ذه الق�ضية مبيناً �أن ه��ذا الدين منهج متكامل ت�ت�ع��اون ف�ي��ه ال�ع�ق�ي��دة وال�ع�ب��ادة لإن �ت��اج ��س�ل��وك يعود باخلري على االن�سانية للو�صول الى غاية تتطهر فيها القلوب و ت�صلح احلياة و يتكافل النا�س يف اخلري و ال�صالح و النماء و تتمثل فيها رحمة اهلل ال�سابغة على العباد . نعود الى �سورة املاعون لرنى كيف جتلت الر�ؤية املقا�صدية يف �آياتها ال�سبع ؟ حيث نرى جتلياتها فيما يلي : �أوال :يف حقيقة الإميان و �أهم �أركانه االميان باهلل و اليوم الأخر ( يوم الدين ) . ج��اءت ال�سورة لتقول �أن الإمي��ان لي�س نظرية فل�سفية و ال م�صطلحات �صماء و ال مفردات معقدة حتتاج ال��ى حتليل و طول �شرح ،الإميان اعتقاد جازم هادف ال فائدة منه �إن مل يحقق هدفة . �أر�أيت الذي يكذب بالدين ؟؟ مل ي�أت اجلواب ب�أنه امللحد املنكر لوجود اهلل املنكر للبعث والن�شور و �إمنا جاء اجلواب القر�آين }فذلك الذي يدع اليتيم وال يح�ض على طعام امل�سكني {
ثم ختمت ال�سورة الكرمية �آياتها ب�صورة تطبيقية �أخرى “ امل�ك��ذب ب��ال��دي��ن ��س��واء �أك ��ان معنى ال��دي��ن ه��و ي��وم اجل��زاء واحل�ساب ( ي��وم الدين ) �أو الدين كله ،هو ذل��ك ال��ذي فهم و مينعون املاعون “ . الدين على غري حقيقته و مل يتحقق ه��دف الإمي��ان بالدين و املاعون هو �أي متاع يقدم للمحتاج �إليه على �سبيل العارية عنده ،و مل يرتجم هذا االميان عنده الى �سلوك نافع للعباد و خري يعممه عليهم . امل�سرتدة ينتفع به و تعود رقبته �إلى �صاحبه . �إن ذلك ال��ذي يدع اليتيم ينهره و ي�ؤذيه و ال يلتفت اليه وقد �سئل �أبن م�سعود ر�ضي اهلل عنه عن املاعون فقال :هو بالإح�سان و ال يتح�س�س �أح��وال الفقراء و امل�ساكني وال�ضعفاء ليمد اليهم يد امل�ساعدة من نف�سه � ،إن كان ميلك ذلك و يح�ض ما يتعاطاه النا�س بينهم من الف�أ�س و القدره و الدلو و �أ�شباه ذلك . غريه �إن مل يكن كذلك . هو يف احلقيقة لي�س م�ؤمناً حقاً بل يدخل �ضمن املكذبني و يف احلديث :كنا نعد املاعون على عهد الر�سول �صلى اهلل بالدين ،لأن من �أمن موقناً �أن له وقفة بني يدي اهلل تعالى عليه و�سلم عارية الدلو و القدر . و �أن هناك ميزاناً و ح�ساباً و جنة و ن��اراً عليه �أن ي�سجل يف و هذه �أم��ور على ب�ساطتها �إال �أنها مهمة يف نظر اال�سالم �صحائف �أعماله اخلري خللق اهلل ،فاخللق عيال اهلل ،اقربهم الى اهلل انفعهم لعياله . لأن�ه��ا مم��ا ينتفع ب��ه العباد وال ي�ستغنون عنها و فيها ق�ضاء ثانياً :ال�صورة التطبيقية يف العبادة : حلاجات العباد و م�صاحلهم و ه�ؤالء الذين مينعون املاعون ال فقد �أك��دت ال�سورة الكرمية على �أن من يظن �أن��ه مبجرد �أح�سنوا عبادة ربهم و ال �أح�سنوا الى خلقه حتى و ال ب�إعارة ما �أدائه ال�شعائر التعبدية و على ر�أ�سها ال�صالة دون �أن حتقق هذه ينتفع به مع بقاء عينه و رجوعه �إليهم . ال�شعائر غايتها ،قد حقق الإمي��ان و النجاة يوم القيامة �إمنا ثالثاً :بيان املق�صد الأ�سا�سي من ر�سالة حممد �صلى اهلل هو واهم . عليه و�سلم فقد اب�ت��د�أت ال�سورة بخطاب موجه مبا�شرة الى }فويل للم�صلني الذين هم عن �صالتهم �ساهون{ حممد �صلى اهلل عليه و�سلم � :أر�أيت ؟؟ ه��ؤالء امل�صلون الذين �أكتفوا ب��الأداء ي��ؤدون حركاتها دون اقامة ال�صالة على �أ�صولها املحققة لأهداف هذا الدين و ر�ؤيته و ك� ��أن ه��ذه ال �� �س��ورة ال�ق��ر�آن�ي��ة ت�ق��ول ي��ا حم�م��د ه��ذه هي املقا�صدية فقلوبهم ال تعي�ش معها و �أرواح�ه��م ال ت�ستح�ضر دعوتك للنا�س هذه هي ر�سالتك التي ير�سلك اهلل تعالى بها حقيقتها فه�ؤالء ال ي�ستحقون النجاة و الغفران بل ي�ستحقون الويل و الوعيد و اطلق عليهم ا�سم ( :ال�ساهون ) لي�س لأنهم الى العاملني و هذه هي غايتها :تعميم اخلري و حتقيق النفع و �سهوا عن وقتها كما ظن بع�ض املف�سرين .وال الذين �سهوا العون و هي يف احلقيقة نف�س الر�سالة بغايتها و �أهدافها التي �أثناء ال�صالة عن عدد ركعاتها فهذا �أمر معر�ض له كل م�صل و �أر�سل بها ر�سله الكرام عليهم ال�صالة وال�سالم “ لقد ار�سلنا جاء �سجود ال�سهو جلربه . ر�سلنا بالبينات و انزلنا معهم الكتاب و امليزان ليقوم النا�س و امنا اطلق عليهم ا�سم ال�ساهني ،لأنهم �سهوا عن مق�صدها بالق�سط “ و غايتها فما حققت يف نفو�سهم دافعية ال��ى اخل�ير و ال نفعاً لقد دع��ا الر�سل �أقوامهم ال��ى عبادة خالق ه��ذا ال��وج��ود و لعباد اهلل فكان حالهم كحال املنافقني الذين اظهروا اال�سالم و اخفوا الكفر يف نفو�سهم فكانوا ي�صلون خلف ر�سول اهلل �صلى قاموا بهدايتهم الى �صراط اهلل امل�ستقيم ال حلاجة اهلل �سبحانه اهلل عليه و�سلم يقومون اليها ك�سالى ي��راءون النا�س فال هم ال��ى عبادتهم ف��اهلل هو الغني احلميد و �إمن��ا يريد �سبحانه و ي�ؤمنون بها �أ��ص�ل ًا و ال �أث��رت يف نفو�سهم و اث�م��رت التقوى ،تعالى اخل�ير لهم يريد �صالحهم و طهارة قلوبهم و �سعادة فالتقى الفريقان على نف�س ال�صورة و كانت نتيجتهما واحدة حياتهم يف بيئة نظيفة ت�سودها روح املحبة و التعاون و التكافل. و بذلك تتحقق الر�ؤية املقا�صدية لهذا الدين العظيم . هي عدم حتقيق الهدف و عدم قبول العمل . ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
73
مقاالت
الكل طامع وليس للعرب جامع د .لجين عبداهلل محمود
74
من يت�صفح التاريخ �سريعاً �سيجد ان امة العرب منتهكة حقوقها م�سلوبة �إرادتها ،منذ �أن حمكنا الأعاجم با�سم الدين حتى و�صل بنا احل��ال لن�سمع هتاف جماهري �شعبنا العراقي املنتف�ضة منذ اوا�سط متوز املا�ضي لتهتف( با�سم الدين باعونا احل��رام�ي��ة) تعبرياً �صريحاً ��ص��ادق�اً �إن م��ن ادع��ى ال��دي��ن هم �س ّراق يف و�ضح النهار دون وجل من عقوبة دنيوية او اخروية، وك ��أن ال��دي��ن ه��و ال�سبب حا�شا هلل فديننا اال��س�لام ه��و جامع �شتات العرب بعد ان كانوا �شيعاً واقواماً يغزو بع�ضهم البع�ض وبرفعهم راية اال�سالم انت�شر اال�سالم وتثبت يف بقاع االر�ض وق ��وت �شوكتهم حت��ت راي ��ة ال ال��ه اال اهلل حم�م��د ر� �س��ول اهلل توحيداً هلل وبعقيدة ان�سانية �سمحاء خادمة للب�شرية جمعاء دون تفريق او متييز ا ّال بالتقوى وياللأ�سف رفعت هذه الراية توظيفا الهداف اعداء اال�سالم يف ايامنا هذه من قبل تنظيمات وجتمعات من �صنع اعداء االمة . وبعد ان تكالبت االمم على امة العرب عندما ابتعدوا عن �صلب عقيدة التوحيد وتفرقوا خلف رايات املذهبية والطائفية واحلزبية اال�سالميه وتكر�ست جتزئتهم وحتققت حتت راية القومية العربية لال�سف ال�شديد ولكل ا�سبابها ومربارتها،، جت�سدت اط�م��اع الطامعني يف ار��ض�ن��ا وث��روات�ن��ا نحن العرب بعد �أن متكنوا من �صلب ولب العقيدة اال�سالمية وبا�ساليب وط��رق �شتى فهذه االه ��واز العربية واملحمرة وع�ب��ادان ام��ارة ال�شيخ خزعل قد اقتطعت من العراق مطلع القرن الع�شرين لي�سلب ن�صف �شط العرب يف �أواخره ،وال �أريد التف�صيل يف ذلك ولكنها حقيقة ماثلة �أمامنا؛ ليتواجد الفر�س على �سواحل اخلليج العربي و�صوال للمطالبة بت�سميته بالفار�سي الحقا
والول مرة يف تاريخ الب�شرية وبذات الوقت �سلبت ايران اجلزر العربية الثالث( �أبو مو�سى وطنب ال�صغرى وطنب الكربى) �أم��ام م��ر�آى وم�سمع كل العرب ه��ذه ح�صة الفر�س فقط� ،أما تركيا فقد اقتطعت ل��واء اال��س�ك�ن��درون��ه ،وه��ي ت��دخ��ل �شمال �سوريا العروبة الآن لت�شكل ج��زراً ملجاميع ارهابية ترعاهم وتدعمهم بكل متطلبات ال�صمود والبقاء ،لت�شكل �ضغطاً على احلكومة ال�سورية وكع�صا غلي�ضة ترفعها بوجهها لتنفيذ م�آربها وم�صاحلها طمعاً بق�ضمة جديدة من (الكعكة) بعد ان ان�سحبت امريكا من �سوريا وتقا�سمت النفوذ مع ايران ورو�سيا، �إذ اتفقت الأخ�ي�رة م��ع ا�سرائيل على الأدوار املر�سومة لكل منهم يف جت�سيد واق��ع االحتالل اال�سرائيلي املكمل لدولتهم املزعومة ،بجعل حدود اجلوالن دائمية ولي�س م�ؤقتة ،خا�صة بعد �إ�صدار ا�سرائيل للقانون العن�صري باعتبارها دولة اليهود القومية والقد�س ال�شريف املوحد ب�شقيه عا�صمة ابدية لهم،، والنن�سى ت�صريحات الرئي�س الرتكي االخ�يرة ب�ش�أن املو�صل ون�ب���ش��ه ل�ل�ت��اري��خ ب��ال�ع��ودة ال��ى م�ع��اه��دت��ي �سيفر ول� ��وزان بعد تقوي�ض خالفتهم اال�سالميه. هذه نتف من تاريخ متزيق االمة العربية دون اال�شارة الى اطماع بع�ضنا بالبع�ض الآخر ذ ًال وخذالناً و�صو ًال الى احتالالت بع�ضنا البع�ض وان�سالخنا وان�شطاراتنا دون م�س�ؤولية ،واهتمام مب�ستقبلنا ،وبعد ان ات�ضحت وبانت كل االطماع وامل�ؤامرات على امتنا العربية� ،ألي�س فينا من يجمع �شتاتنا ويوحدنا ؟؟؟؟بعد �أن كنا �أمة واحدة ن�أمر باملعروف وننهى عن املنكر ،فهل ننتظر الوليد �أم ننتظر من هو يف ال�سرداب قعيد� ،سبحانك ربي انك ف ّعال ملا تريد...؟
واحة الوسطية ...
شعر ... د .ذيب عبد اهلل خطاب
���ع ����ص���و ِت� ِ ��ك ب���الأ����س���ح���ار ن��ه��واه َرج����ي� ُ غَ ��� ِّن���ي ف��م��ايل � ِ أراك ال���ي���و َم ���ص��ام��ت� ً�ة ����ت يف ال��ب��ح��ر ف��ي�����ض� ًا م��ن عجائبه ر�أي� ُ ً أ���ش��رع��ة وك����م ن�����س��ج��ن��ا م���ن الأوه�������ام � ��ت يف ال���ب���ل���دان �أ���س ��أل��ه��ا وك����م ت���ط��� ّوف� ُ طُ ��ف��ن��ا ب��ه��ا وارت���وي���ن���ا م���ن ل��ذائ��ذه��ا ث���م ان��ث��ن��ي��ن��ا �إل�����ى ال��ع�����ش��اقِ ن�����س��أل��ه��م ������روح م���ن َك��م� ٍ�د ويف ال���ل���ي���ايل ت��ئ��ن ال� ُ ���روح ب��الأح��ب��اب جتمعنا ت�سري بنا ال� ُ ج����ب����الُ م���ك� َ ��ة �أع����ل����ى م����ن ن��واط��ح��ه��م ُع���دن���ا �إل�����ى اهلل ن���رج���و ع���� َّز رح��م��ت� ِ�ه ُع���دن���ا �إل���ي���ه وم���ا يف ال���ك���ون م���ن � ٍ أح���د َ ت�ب�ر طَ ��ي��ب��ة ،والأ�����ش����واقُ حتملني ي���ا َ ي���ا �أر�� َ�����ض طَ ��ي��ب� َ�ة ف � ْل � َي � ْه��ن��ئ� ِ م��رق��ده �ك ُ ��ع ل�����س��ت �أم��ل��ك��ه ف��ا���ض��ت ع���ي���وين ب���دم� ٍ ��ت ال����ي����و َم ط���ائ���ر ًة وم����ن ِه���ي���ام���ي رك���ب� ُ ُت���ك���اب���د ال�������ش���وقَ ي��غ��ل��ي يف م��راجِ ��ل��ه��ا ���د ويف َل��ه� ٍ �ط الأر�� َ�����ض م��ن َوج� ٍ وت��ه��ب� ُ �ف ��ون ال���دم��� ِع ن�سكبه ع��ن��د احل��ب��ي��ب َه���ت� ُ ِ لظى يف رو�ضة امل�صطفى جتري الدموع ً ��ب ك����اد يقتلني ت���رج���وه ع���ف���و ًا ل���ذن� ٍ
عند الحبيب ��ر ع��ي��ن��ي��ك ب�����الأح��ل��ا ِم ن��غ�����ش��ا ُه وب���ح� ُ ����اح م����ن الأ�����ش����ج����ان م������ر�آ ُه ويف وِ������ش� ٍ ٌ زي�������ف ق�����د �أل���ف���ن���اه ويف امل�����دائ�����ن ����س���راب ال���ه���وى ع���م���ر ًا �أ���ض��ع��ن��اه ويف ِ ع���ن ال���رح���ي���ق ،و�أي������ن الآن �أل���ق���اه؟ ����س���ح���ر ع�����ش��ق��ن��اه ويف رغ���ائ���ب���ه���ا ٌ �أف���ات���ه���م ب��ع�����ض م����ا ك���ن���ا ���ش��ه��دن��اه؟ م����اذا ج��ن��ي��ن��ا ،و�أي الإث�����م خ�����ض��ن��اه؟ ��د ج��ن��ي��ن��اه وع���ن���د �أع���ت���اب���ه���م �� َ��ش���ه� ٌ وك����ع����ب����ةُ ا ِ هلل �أغ����ل����ى م����ا ر�أي����ن����اه ويف ان���ك�������س���ا ٍر م����ن الآث��������ام ن��خ�����ش��اه ُي��ع��ي��ذ ع���ب���د ًا م���ن ال����ن��ي�ران �إال ُه��� ْو �ل��ب ���ش��ك��واه ع��ن��د احل��ب��ي��ب َي��� ُب���ثُّ ال��ق� ُ �وب �إل����ى َم���ن ف��ي� ِ �ك م��ث��واه ت��ه��وي ال��ق��ل� ُ وم����ن �أُوار ال���ه���وى م���ا ق���د ���س��ك��ب��ن��اه ال�����س��ح��اب ومت�����ض��ي يف ث��ن��اي��اه ف����وق ِ ال���ري���ح ال ت�����ص��غ��ي ل��ن��ج��واه وح��ول��ه��ا ُ ه��ن��ا احل��ب��ي� ُ�ب م�����ش��ى ،يف اهلل مم�شاه وال��ن��ف���� ُ�س ت��ب��ك��ي دم���� ًا مم���ا ج��رح��ن��اه ت���رج���و م���ن اهلل غ��ي��ث � ًا ط����اب � ُ��س��ق��ي��اه مي���زق ال�����ص��د َر ،يف الأح�������ش���اءِ ُ�سكناه ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
75
76
���ش��ق��اء ن��ف�����س��ي م���ن ال���وي�ل�ات تطحنني ُب���ع���دي ع���ن اهلل يف ج��ه��ل��ي ي����ؤ ّرق���ن���ي �إين لأرج�������و م����ن ال���رح���م���ن م��غ��ف��ر ًة ����اب م�����والي يف ال���غ���ف���ران وا���س��ع� ٌ�ة رح� ُ ر������س�����ولُ رب�����ي وب������الإمي������ان ق��دوت��ن��ا ق���د ب����ارك اهلل ����ص���در ًا ك���ان ُي��ر���ض��ع��ه ق���د ج����اءه ال�����روح ب��ال��ت��ن��زي��ل ُي��ق��رِ ئ��ه �شم�س ال��ه��دى �أ���ش��رق� ْ�ت م��ن ن���و ِر طَ لعته ُ ح����ولَ ال��ن��ب� ِّ�ي ال��ت��ق� ْ�ت يف اهلل ط��ائ��ف� ٌ�ة بال�سيف حت��م��ي ا ِ حل��م��ى ،وال��ك��ف � َر َت��ردع��ه ��د يف ب����در ويف �أح� ٍ ���د �أر����س���ى ال���ق���واع� َ م��ي��زانُ��ه ال���ع���دلُ ال ي��ب��غ��ي ع��ل��ى � ٍ أح���د وراي�������ةُ احل�����قِّ يف ال��ه��ي��ج��اءِ ي��رف��ع��ه��ا ودر ُع �أم������ت������ه يف ي��������وم ن�����ازل� ٍ ����ة وك�����لُّ ذي َج���� َل� ٍ ���د م���ن َه�����ول ���ص��دم��ت��ه��ا َ ج����ب����الُ م���ك���ة دان������ت م����ن ت��وا���ض��ع��ه م���ن ه��ي��ب��ة امل�����ص��ط��ف��ى دان�����ت رق��اب��ه� ُ�م ق��د ط � ّه��ر ال��ب��ي��تَ والأ����ص���ن���ا َم حطّ مها ال���ك���رمي وك����م ف��ا���ض��ت م��ك��ار ُم��ه ج����اد ُ ي���ا م���ن ُوه���ب���تَ م���ن الأخ���ل��اق �أك��رم��ه��ا ب��ال�����ص�بر ظ����لّ ج���ب���الَ ال��ك��ف��ر يهدمها وح������اَر �أه������لُ ال�� ُّن��ه��ى يف ن����ور حكمته ن�سب ي��ا �أف�����ض��لَ ال��ن��ا�� ِ�س يف ج����ا ٍه ويف ٍ ً �ضائقة ف��ه��و ال��ك��رمي ال����ذي م��ا خ���اف ب����ذك����ر ن����ع���� ِل� َ ���ك ن���ع���ل���و ح��ي�ن ن���ذك���ره م��و���س��ى ال��ك��ل��ي��م ب����أم���ر اهلل يخلعها ��م ُي����ؤم���ر بخلعهما �أ ّم������ا ُ احل��ب��ي��ب ف���ل� ْ ��ب و َي����رق����ى يف م��ن��ازل��ه ي���دن���و احل���ب���ي� ُ �إذا زه������ا م����ل� ٌ ���اج ي��ل��ب�����س��ه ���ك ب����ال����ت� ِ ف������داه روح������ي ويف َم�������س���راه �أب���ذل���ه���ا رب ����ص���لِّ ع��ل��ى امل���خ���ت���ار �أُ���س��وت��ن��ا ي���ا ِّ ِ ن����اءت الأر������ض ب��الإن�����س��ان يثقلها ق��د ف��ارح��م ع���ب���ادك ،وارف����ع ���ش���أن �أ ّم��ت��ن��ا � ْإن ت����اه ق��ل��ب��ي ع���ن الآي������ات يهجرها ورن يف ال�������ص���در ب����الآه����ات ي��ر���س��ل��ه��ا ّ ل���ك���ن���ه ال����ي����وم يف حم�������راب خ��ال��ق��ه ق���د �آب ل��ل��ذك��ر ي���ن���وي ه��ج��ر غفلته ب�ر م���ع ال���غ���ف���ران ع�ثرت��ه ي���ا ِّ رب ف���اج� ْ
�����م ج��ن��ي��ن��اه وظ���ل���م���ةُ ال��ن��ف�����س م���ن �إث� ٍ ��ب م����ن ح�����زن ت��غ����ّ�ش��اه ت��ف��ط��ر ال���ق���ل� ُ ف����ي��ب�ر�أ ال�������ص���در مم����ا ك�����ان �أ����ض���ن���اه ث�����وب ال�����س��ك��ي��ن��ة ل����ل����أواب �أ����ض���ف���اه ب���ه ال�����ش��ف��اع��ةُ تُ���رج���ى ي�����و َم ن��ل��ق��اه وب���������ارك اهلل ب���ي���ت��� ًا ك������ان م���������أواه ��ت ع��ط��اي��اه ��اب ال�����ذي ج��� ّل� ْ ه����ذا ال���ك���ت� َ ل��ل��دي��ن ي���ه���دي ب��ه��ا م���ن ����ش���اء م���واله ي���ه���دي ب��ه��ا اهلل َم����ن ل��ل��ح��ق َم�����س��ع��اه ق����وم َر�أوا ل��ل�����س��ي��ف جم���راه ق���د ع���� َّز ٌ نا ِ هلل ت���رع���اه ل���ل���دي���ن ي���ح���ي���ا ،وع���ي�� ُ ��ان �سيماه ل�����س��ا ُن��ه ال�����ص��دقُ والإح�������س� ُ �����روب ن���ظ���ا َم ال���ع���دلِ �أر����س���اه ويف احل� ِ ال��غ��اب �أ���س��راه ��د ِ يحمي ال���ذِّ م���ار و�أُ����س� ُ خ���ل���ف ال���ن���ب���ي اح���ت���م���ى واهلل جنّ ����اه ويف ال����ِّ�ش��ع��اب ج��م��وع ال���ق���وم تخ�شاه ��وب ال��ن��ا���س ت��ه��واه ب��ال��ع��ف��و ت��ه��ف��و ق���ل� ُ ال���ذك���ر ف����وق ال��ب��ي��ت �أع��ل�اه وي���رف���ع ُ َ ���ه ق���د ب���ان���ت ث��ن��اي��اه ��م ال����وج� ُ ت��ب�����س َ ّ و�أن����������زلَ اهلل ذك��������ر ًا يف ���س��ج��اي��اه وا ِ �����م ظ����ل ب����ه طَ ����ل����ق���� ًا محُ ���ي���اه حل������ل� ُ وح�����ا َر �أه�����لُ ال � ُّت��ق��ى م���ن ف�����ض��ل ت��ق��واه ال���ك���ون ب��ال��ت�����س��ب��ي��ح وااله ي���زه���و ب���ه ُ َّث�ى َت��ه��م��ي ع��ط��اي��اه ك��ال��غ��ي��ث ف����وقَ ال � رَّ وال ُن������غ������ايل �إذا ك����ن����ا رف���ع���ن���اه ��������ر ا ِ هلل ل��� ّب���اه ف�����وق ال����ت����راب ،و�أم� ُ ف����وق ال�����س��م��اء ويف ال���رج���ل�ي�ن ن��ع�لاه �أع����ل���اه رب�����ي ويف الآي���������ات �أغ����ن����اه ف����ق����د مت����� َّي�����زَ ف�������وق ال�����ت�����اج ن���ع�ل�اه �����ت ل���ر�ؤي���اه وت�����س��ع��د ال��ن��ف�����س ل���و ز َّف� ْ ُن��� ع��ل��ي��ن��ا ،وب���ال���ف���ردو����س ن��ل��ق��اه وام�� نُ و���ض��اق� ِ�ت الأر�����ض ت�شكو م��ن خطاياه واه� ِ ����د ال��ق��ل��وب �إل����ى م���ا �أن����ت ت��ر���ض��اه �أو ����ض���لَّ ق��ل��ب��ي ع���ن ال����ق����ر�آن ي��ن�����س��اه ي��ا وي���ح ق��ل��ب��ي ُع��ب��اب ال��ب ��ؤ���س �أ���ش��ق��اه رب������اه �أن������ت ال������ذي ب���ال���ت���وب �أح���ي���اه مم������ا ك������ان �أع����م����اه وث�������اب ل����ل���� َّت����وب ّ ب�����ارك �إل���ه���ي م���ن ال���ر����ض���وان �أُخ�����راه
مع اقتراب رأس السنة الهجرية تهفو النفوس إلى زيارة الحبيب عليه الصالة والسالم
ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
77
أخبار الوسطية
المنتدى العالمي للوسطية والبلقاء التطبيقية
ينظمان ندوة دولية حول خطر اإلرهاب
78
برعاية كرمية من دول��ة رئي�س ال ��وزراء الدكتور عمر ال ��رزاز ،نظم امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية وجامعة البلقاء التطبيقية ندوة دولية يف رحاب اجلامعة بعنوان " خطر الإرهاب على الأمن الإجتماعي وال�سلم الأهلي " ومت مناق�شة جمموعة من الأوراق العلمية على مدار جل�ستني متتاليتني منها : الوعي الوطني وحوا�ضن التطرف التطرف بني الواقع الإجتماعي واملناخ الفكري دور الفن يف مناه�ضة العنف دور اخلطاب الثقايف يف مناه�ضة العنف حمركات العنف املجتمعي و�أثرها يف تهديد الأمناملجتمعي (وت���ش�م��ل اخل �ط��اب ال�ث�ق��ايف وم�ؤ�س�سات املجتمع املدين) دور و�سائل الإعالم يف مواجهة التطرف دور املنظومة الدينية يف مواجهة التطرف (ت�شملامل�ؤ�س�سات الدينية احلكومية واخل��ا��ص��ة ،وكليات
ال�شريعة ،ومناهج الرتبية الإ�سالمية) دور امل��ؤ��س���س��ات الأم �ن �ي��ة وامل��راك��ز البحثية يفمعاجلة جذور التطرف و� �ش��ارك يف ه ��ذه ال�ت�ظ��اه��رة ال�ف�ك��ري��ة الثقافية التوعوية ع��دد كبري م��ن العلماء واملفكرين و�أ�صحاب الإخت�صا�ص يف جمال الرتبية ومكافحة الإره��اب ومن ب�ين ه��ذه ال�شخ�صيات ال��وازن��ة :دول ��ة الإم ��ام ال���ص��ادق امل�ه��دي وامل�ه�ن��د���س م ��روان ال �ف��اع��وري والأ� �س �ت��اذ �شوقي ال �ق��ا� �ض��ي م ��ن ال �ي �م��ن وال ��دك� �ت ��ور اخ �ل �ي��ف ال �ط��راون��ة، والدكتور عبد الرحمن الكيالين عميد كلية ال�شريعة يف اجلامعة الأردنية� ،إ�ضافة الى عدد �آخر من الباحثني �سيتحدثون مبو�ضوعات تتعلق يف بناء الوعي الوطني جتاه �آفات الع�صر ،منها التطرف والإرهاب ،هذه الآفات التي ا�صبحت تهدد �أمن املجتمعات وا�ستقرارها وقدمت ال�ن��دوة العلمية الدولية تو�صيات هامة �سيتم و�صفها �أمام �صناع القرار يف بالدنا للإ�ستفادة من م�ضامينها.
وسطية الكرك ينظم
ندوة فكرية في مركز شابات القصر
ن�ظ��م امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية ب��ال�ت�ع��اون م��ع ف��رع منتدى الو�سطية يف حمافظة الكرك ندوة فكرية تناولت اليات مواجهة الفكر املتطرف وتوعية اجلمهور من افكار اجل�م��اع��ات االره��اب�ي��ة ور��س��ال��ة اال� �س�لام الو�سطية التي تبناها االردن من �أجل اظهار ال�صورة احلقيقية لال�سالم. و�أك� ��د م��دي��ر ال��درا� �س��ات يف امل�ن�ت��دى ال��دك �ت��ور ح�سن املبي�ضني ان املنتدى يعنى بال�شان الوطني االردين وهدفه البحث عن حالة التوازن الفكري والديني مبا ين�سجم مع ثوابت الدولة االردنية من خالل عقد الندوات وتنظيم امل�ح��ا��ض��رات مب�شاركة خمت�صني واك��ادمي�ي�ين للتعريف بو�سطية اال�سالم وتا�صيل الفكر اال�سالمي واعادة كتابة ون���ش��ر االرث احل���ض��اري لتمكني االج �ي��ال امل�سلمة من االطالع على املنجز احل�ضاري لالمة مبينا االثر ال�سلبي الذي يرتكه الإرهاب يف االذهان خا�صة يف اجليل اجلديد وما له من �سلبيات على بناء املجتمع وحلمته االجتماعية والوطنية . وعر�ض املبي�ضني للواقع العام الذي و�صلت اليه الدول العربية وما تتعر�ض له من فكر متطرف وارهاب ممنهج
�ساهم يف جذب ال�شباب العربي لالفكار املتطرفة وت�شويه ��ص��ورة اال� �س�لام ام��ام ال�ع��امل م�شريا ال��ى اهمية تكاتف جميع اجلهود من اج��ل مواجهة اجلماعات التي حتمل فكرا ظالميا وت��ؤث��ر على ال�شباب الفتا ال��ى ان املنتدى يرتكز يف �سيا�ساته ال��ى اال�سهام يف حتقيق الت�صالح مع الذات واحلوار املبني على موازين ال�شرع والعقل والواقع وجتفيف م�صادر الغلو واحلوار بني احل�ضارات والتنمية ال�شاملة يف بالد امل�سلمني . بدورها قالت رئي�سة ف��رع املنتدى يف الكرك مي�سون امل�ب�ي���ض�ين ان امل �ن �ت��دى اع� ��د خ �ط��ة ت�ث�ق�ي�ف�ي��ة تت�ضمن حما�ضرات وندوات ت�ستهدف قطاع املر�أة بالدرجة االولى وطلبة اجلامعات والكليات وامل��دار���س مب�شاركة االع�لام واالح� ��زاب وال�ن�ق��اب��ات ورج ��ال ال��دي��ن امل�سيحي وامل�سلم واجل�م�ع�ي��ات ب�ه��دف الت�شبيك معهم وب�ن��اء فكر معتدل و�سطي با�سلوب احل��وار املتزن بني ال��راي وال��راي االخر وتعميق الفكراال�سالمي الذي يقبل اجلميع.
من جديد المنتدى ... ي �ق �ي��م امل� �ن� �ت ��دى ال� �ع ��امل ��ي ل �ل��و� �س �ط �ي��ة ب �ت��اري��خ 2018/10/20م ،ن��دوة دول�ي��ة ب�ع�ن��وان (م��ن �أع�لام اال��ص�لاح وال�ت�ج��دي��د ،اب��ن عا�شور وحم�م��د حبيب العبيدي) ،تتناول �سرية هذين العلمني وم�سريتهما العلمية والعملية يف جمال جتديد الفكر اال�سالمي. ويذكر ب�أن هذه الندوة �ستقام يف مدينة تون�س.
ك�م��ا �سيقام م ��ؤمت��ر دويل ب�ت��اري��خ ٢٠١٨/ ١٠/٢٧يف كرد�ستان بعنوان (�صالح الدين االيوبي..الإن�سان والقائد وموجه التاريخ) يتناول �سرية وم�سرية القائد اال�سالمي البطل �صالح الدين االيوبي الذي كان له ال��دور الأبرز يف توحيد الأم��ة اال�سالمية يف ع�صره حتت راية اجلهاد الذي تعزز يف ذلك الوقت بتحرير بيت املقد�س بعد معركة حطني عام 1187م ،و�سيتناول هذا امل�ؤمتر املالمح العامة يف �شخ�صية هذا القائد الرمز. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
79
أخبار الوسطية نظم فرع السلط
محاضرة للمفتي الدكتور هاني العابد حول الحج وأحكامه (مفكرة الحاج) احل ��اج) وذل ��ك ق�ب��ل ��ص�لاة اجل�م�ع��ة يف م�سجد ال�سلط ال�صغري حيث ت�ن��اول مو�ضوع احل��ج م��ن حيث االرك��ان والواجبات وال�سنن ومفهوم احلج امل�برور الذي ال رفث وال ف�سوق وال ج��دال ف�ي��ه ،وي�ع��ود �صاحبه منه مغفور الذنب كيوم ولدته امه ،ويف حالة اميانية خري مما ذهب وبعد االنتهاء من املحا�ضره مت توزيع مفكرة احلج التي �أعدتها وزارة االوقاف وال�ش�ؤون واملقد�سات اال�سالمية . وق��ال احيا عربيات رئي�س الفرع بان هذا الن�شاط ياتي �ضمن عدة ن�شاطات �سيقوم املنتدى يف ال�سلط بتنظيمها نظم منتدى الو�سطية للفكر والثقافة يف ال�سلط مل�ساعدة احل�ج��اج يف ال�سلط ب��ال�ت��زود باملعلومات اثناء ي ��وم اجل�م�ع��ه امل��واف��ق 2018/7/27حم ��ا�� �ض ��رة للمفتي اع�م��ال احل��ج وال�شروط وامل �ح �ظ��ورات وامل�ب��اح��ات اثناء ال��دك �ت��ور ه��اين ال�ع��اب��د ح��ول احل��ج واح �ك��ام��ه (م�ف�ك��رة ت�أدية فري�ضة احلج .
فرع جرش يقيم محاضرة 80
�أقام منتدى الو�سطية للفكر والثقافة فرع جر�ش يوم جمتمع �آمن حتدث فيها املقدم بوتاي ال�شي�شاين والوكيل حمزه عتوم عن معاجلة االو�ضاع ذات اخل�صو�صيه بني اف��راد العائلة وحل م�شاكلهم بالطرق القانونية واع��ادة
ال��وئ��ام واملحبة ب�ين اف��راد اال��س��رة وب�أ�ساليب ودي��ة دون االيذاء وال�ضرر لأي من افراد اال�سرة ،فدورنا هو احالل الوئام حمل اخل�صام وجعل جمتمعنا جمتمعاً امناً يعي�ش ب�أمن و�سالم ليبقى اردننا اردن املحبة وال�سالم.
ً مندوبا عن األمين العام
العجلوني يخرج دورة تدريبية ان �ت��دب امل �ه �ن��د���س م � ��روان ال �ف��اع��وري الأم �ي��ن ال �ع��ام للمنتدى الأ�ستاذ ابراهيم العجلوين امل�ست�شار الثقايف للمنتدى لرعاية حفل تخريج الطلبة الربنامج التدريبي الذي اختتم �أعماله يوم الأحد املوافق ،2018/8/5حيث ا�شرتك فيه عدد من طلبة اجلامعة الها�شمية حيث تلقى امل�ت��درب��ون خ�لال ال�ف�ترة ال��واق�ع��ة م��ا ب�ين 2018/06/23 ولغاية 2018/08/05م وبواقع (� )90ساعة تدريب عملي و�أكرث على جمموعة من املهارات الإداري��ة والإجتماعية والثقافية وح�ضور تطبيقات عملية لندوات واجتماعات ومهارات توا�صل و�أعمال �إدارية ومرا�سالت عامة واملوارد الب�شرية وكتابة التقارير ومذكرات التفاهم� ،إ�ضافة الى م �ه��ارات ال�ع��ر���ض والإل �ق��اء وحم��ا��ض��رات ع��ن التح�صني الفكري �ضد التطرف والإرهاب. ويف نهاية االحتفال وزع العجلوين ال�شهادات على املتدربني وقد �أ�شرف على برنامج التدريب الدكتور زيد
�أحمد املحي�سن املن�سق العام لل�ش�ؤون اخلارجية والتعاون الدويل وح�ضر حفل التخريج الدكتور مازن الفاعوري �أمني �سر املنتدى وال�سيد عمر اخلراب�شة مدير العالقات العامة يف املنتدى.
في مدرسة نسيبة المازنية
المبيضين يحاضر حول التطرف واالرهاب
ق��دم الدكتور ح�سن علي املبي�ضني مدير الدرا�سات يف املنتدى العاملي للو�سطية حما�ضرة ح��ول التطرف واالره ��اب يف م��در��س��ة ن�سيبة امل��ازن�ي��ة ال�ث��ان��وي��ة للبنات، يف م �ن �ط �ق��ة غ� � ��ور امل� � ��زرع� � ��ة ،يف حم ��اف� �ظ ��ة ال � �ك� ��رك. �ضمن برنامج اال�سبوع الثقايف للواء الق�صر ،وتفعيال خلطة وجهود ل��واء االغ��وار اجلنوبية كمدينة للثقافة
االردن � �ي ��ة ،وم���س��اه�م��ة م��ن ف ��رع م �ن �ت��دى ال��و��س�ط�ي��ة يف حمافظة الكرك. وح�ضرها مديرة املدر�سة واال�ستاذ فتحي الهوميل ع�ضو جمل�س حمافظة الكرك ،وبع�ض ر�ؤ�ساء اجلمعيات واع�ضاء املجتمع املحلي يف املنطقة. ال�سنة العا�شرة :العدد الثاين والثالثون -ذو احلجة 1439هـ /ايلول ٢٠١8م
81