ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
1
2
افتتاحية العدد. . . ت�ت���س��ع دائ� ��رة الإه �ت �م��ام ل��دي�ن��ا ب�ك��ل م��ا ه��و ذي �صلة بواقعنا ال�سيا�سي والإقت�صادي والإجتماعي، �إنطالقاً من امل�س�ؤولية امللقاة على عاتقنا كم�ؤ�س�سات وه �ي �ئ��ات و�أف � ��راد و�أ� �ص �ح��اب ر�أي ،و�إن �� �س �ج��ام �اً مع احل��دي��ث ال�ن�ب��وي ال���ش��ري��ف “ �أن ��ت ع�ل��ى ث�غ��رة من ثغر الإ�سالم فال ي�ؤتني من قبلك ،" الأم��ر الذي ال ثقي ً يرتب على النف�س حم ً ال يقف امل��ر ُء عاجزاً �أمام ثقله و�أ�ضراره و�آثاره ،ونحن ن�شهد واقعاً �صعباً تتداخل فيه التناق�ضات وال�ت��وت��رات املف�ضية �إل��ى احل��روب والنزاعات املحلية والإقليمية والدولية، �إذ ات�سع اخلرق على الراتق ،فلم يعد احلكيم قادراً على و�صفة ي��ؤخ��ذ بها للخروج م��ن ه��ذا امل� ��أزق� ،أو ق��ادراً على تقدمي م�شورة ُي�ستند �إليها للتخفيف من �آث��ار ه��ذا الأم��ر �أو ذاك ،لقد �أ�صبح الأم��ر جد خطري ،وازداد عدد الالعبني املحليني والإقليميني وال��دول �ي�ين ،ويف ك��ل لعبة �سيا�سية ينتظر النا�س اخل��روج منها �أك�ثر �أمناً و�سالماً و�أق��ل �ضرراً ،الأمر الذي يدفع نحو مزيد من احل��راك الفكري املف�ضي �إل��ى م��زي��د م��ن الفعل على �أر� ��ض ال��واق��ع بال�شراكة م��ع ال��دول خ��ارج �إط��ار القُطرية واحل ��دود الوطنية واملعيقات املحلية ،ولعل هذا الإح�سا�س هو ما دفعنا نحو �إقامة م�ؤمتر دويل قبل �أ�شهر بعنوان " امل�سلمون والعامل :من امل�أزق �إلى املخرج" �إلتقى فيه نخبة من �أ�صحاب الفكر والر�أي وامل�شورة الذين ميثلون �ألوان ال�ط�ي��ف ال�ف�ك��ري الإن �� �س��اين وال�ت��اري�خ��ي واجل �غ��رايف، لأن ما يعانيه امل�سلمون على امتداد خريطة العامل وات�ساعها يتطلب تفعي ً ال لكل من ي�صل �إليه �صدى ذلك امل�ؤمتر الذي نبه �إلى وجود م�آزق كثرية تعرت�ض طريق الإ�سالم احل�ضاري الذي جاء لإنقاذ الب�شرية، ول �ي �ك��ون امل���س�ل�م��ون ُر� �س��ل حم �ب��ة وع� ��دل و�� �س�ل�ام ،ال �ضحايا حرب و�صراعات ،الأم��ر ال��ذي يجعل الأر���ض الإ�سالمية �أينما وجدت �أر�ضاً خ�صبة �صاحلة للإعمار والنهو�ض والرقي احل�ضاري ،وهذا ما ينادي به كل م�سلم حري�ص على �أم��ر نف�سه وبيته ووطنه و�أمته والإن�سانية جمعاء� ،إنطالقاً من قوله تعالى" :وما �أر�سلناك �إال رحمة للعاملني" ،تلك الر�سالة التي ال يحملها �إال من ي�ؤمن بها ،وال ي�ستقبلها �إال من يريد لها احلياة والإ�ستمرارية والنمو والنماء. �إن��ا نتطلع �إل��ى الإ��س�ه��ام يف ب�ل��ورة م�شروع فكري يعني الأمة على حتديد بو�صلتها وا�ستعادتها لتوازنها و�إعادة تعريف عدوها من �صديقها ،وي�سهم يف �إخراجها من حالة ال�صراع بني مكوناتها الفكرية واحلركية
املهند�س مروان الفاعوري
وال�سيا�سية ،وي��ؤل��ف ب�ين جهود العلماء وامل�صلحني واحل��رك��ات املعتدلة والأن�ظ�م��ة ال�سيا�سية احلاكمة، بحيث ت�صبح الأم��ة ق��ادرة على تو�صيف نف�سها ك�أمة �صانعة للتاريخ الإن�ساين املجيد ولي�ست مت�أثرة به� ،أو عاجزة عن الإ�سهام احل�ضاري يف مكوناته ،والقادرة على منح الهوية الإن�سانية ل�ه��ذا ال�ع��امل ال��ذي بات مفرغاً من �أب�سط معايري الإعرتاف ب�إن�سانية الإن�سان وهويته وفكره ومعتقده وحقه يف العي�ش واحلياة� ،إذ �أ�صبح القلق �شعاراً يومياً يالحقه يف كل �ش�ؤون حياته. �إن امل �ن �ت��دى ال �ع��امل��ي ل�ل��و��س�ط�ي��ة وه� ��و ي�ضطلع مب�س�ؤولية الن�صح وامل���ش��ورة يف امل�ج��ال ال�سيا�سي و الإقت�صادي و الإجتماعي والثقايف حتى يعينه ذلك ع�ل��ى �أداء واج �ب��ه وف ��ق ال ��ر�ؤي ��ة امل�ت�ق��دم��ة ل�ك��ل ط��رح �إن�ساين يقدمنا للآخر ،كر�سل ح�ضارة ال دعاة حرب و�إره��اب ،وهذا ما يجعل العديد من املفكرين الذين يحملون فكر املنتدى ور�سالته �سفراء حمبة وتعاون، ينقلون معهم ال���ص��ورة امل���ش��رق��ة ال�ت��ي ن�ستقبل بها العامل وي�ستقبلها. وعليه ،ف�إن الر�سالة وا�ضحة امل�ضامني ،تلك التي حملها املنتدى منذ ت�أ�سي�سه ،وما زال يقدمها للنا�س �أج�م�ع�ين� ،أن �أع �ي��دوا ق ��راءة الإ� �س�ل�ام ب�ع�ين العاملية وال�شمولية والإت� ��زان والو�سطية حتى ن�ؤ�س�س معاً عاملاً متقدماً قادراً على جتاوز ال�صعاب من ال�ضالل واجلهل والفقر� ،إذ ال ي�ستقيم �أم��ر الدنيا والآخ��رة لدينا نحن امل�سلمني �إ ّال �إذا �أخ��ذن��ا الب�شرية جمعاء نحو ال�سعادة وبر الأمان.
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
3
محتويات العدد االفتتاحية
درا�سات
مقاالت
�شخ�صية العدد واحة الو�سطية
�أخبار املنتدى
بيانات الو�سطية
م .مروان الفاعوري الإمام ال�صادق املهدي
1
�إ�شكالية الدولة واحلكم ر�ؤية تاريخية ت�أ�صيلية الوعي اال�سرتاتيجي يف بناء الوحدة وتر�سيخ العالقات بني مكونات الأمة ُ العربي الإ�سالمي و�إ�شكالياته النهو�ض ُّ العربي املعا�صر و�إ�شكالياته يف النهو�ض الفكر يف الرتاثُ ِّ الريادة الدينية الن�سائية بني الن�ص ال�شرعي و�سياق التحوالت الإجتماعية واجبات املر�أة يف النظام الإ�سالمي املعا�صر ...الأمة الإ�سالمية �أمة و�سطاً عدو ًال خياراً وعدلها �أ�سا�س ال�سالم من مظاهر الت�شويق و�إثارة االنتباه يف احلديث ال�شريف التوعية الإعالمية دور الرتبية والتعليم يف حتفيز املجتمع �آداب طلب العلم و�أ�صوله متى ننه�ض ....؟!!!! حقوق اخلدم والعمال يف ال�شريعة الإ�سالمية مِ ُ العال امل�سلم و �ضرورة املراجعة الفكرية ( يف �سيكولوجيا الغلو) “� ٌ إجمال مقت�ضب” امل�سلمون يف البانيا ر�ؤية يف حقوق الإن�سان مفهوم الو�سطية يف الدعوة �إلى اهلل (وقفوهم �إنهم م�سئولون)!!! الأمن واال�ستقرار يف عاملنا العربي واال�سالمي م�س�ؤولية من ؟؟؟ املفكر وال�شاعر والفيل�سوف ..حممد �إقبال ..ميالد �أمة .. و�سطية اال�سالم كرامة هو وهي /اجلزء الثاين جزر املالديف دولة م�سلمة ال نعرف عنها الكثري. .
80
الأمني العام ي�شارك يف اللقاء احلواري الثالث ل�صالون الكواكبي يف ا�سطنبول
82
الأمني العام املهند�س مروان الفاعوري يلتقي عدداً كبرياً من القيادات الإ�سالمية يف البو�سنة املنتدى العاملي للو�سطية يقيم ندوة بعنوانحمركات التحفيز االيجابي يف املجتمع الأمني العام ي�ستقبل املدير العام ملجموعة �سفن �ستارز الدولية منتدى الو�سطيه للفكر والثقافة يقيم ندوة بعنوان الثقافة اال�سالمية م�س�ؤولية جمتمعية" الأردن منوذجاً االمني العام يزور كلية ال�شريعة باجلامعة االردنية الأمني العام للمنتدى ي�شارك يف حفل �إ�شهار كتاب �أزمة ك�شمري"ق�ضية الأمة الإ�سالمية التي مل حتل" املنتدى العاملي للو�سطية و جمعية امل�سار يعقدان مومتراً دولياً حتت عنوان :ال�سنة النبوية ودورها يف تعزيز قيم الو�سطية واالعتدال ويل العهد ي�شكر االمني العام للمنتدى الفتوى يف اال�سالم والوالية عليه الأمني العام للمنتدى يف ندوة احلج الكربى خميم ك�شفي لبيان دور املنتدى العاملي للو�سطية املهند�س مروان الفاعوري يلتقي باالمني العام لوزارة الرتبية والتعليم بيان املنتدى حول �إحراق م�سجد �أوربرو بيان املنتدى حول احداث الروهينغا
83
4
د .عبد العزيز بن عثمان التويجري
14
�أ .د .يو�سف حممود ال�صديقي
16
د .مرمي �آية احمد
20
الدكتورة �أدب مبارك ال�سعود
22
املهند�س مروان الفاعوري
26
د .لطفي بن حممد الزغي اللواء الركن م عدنان عبيدات د .حممد جمعة الوح�ش ال�شيخ �صالح الفوزان الدكتور ح�سن علي املبي�ضني الدكتور تي�سري الفتياين �شريوان ال�شمرياين
34
ابراهيم العجلوين الدكتور جمال ال�سفرتي
40 47 50 54 56 58 60 62 64
املحامي حممود الداودية د.رقية بنت ن�صر اهلل
68
ال�شيخ عبد املجيد ابو �سل
70
الدكتور زيد �أحمد املحي�سن الطفلة :رغد عبد املجيد الدكتورة �إن�صاف مومني
74 77 78
84 85 85 86 87 88 89 89 90 92 93 94 94
الهيئة االستش�ارية للمجلة الإمام ال�صادق املهدي/ال�سودان معايل الدكتور عبد الرحيم العكور /الأردن معايل الدكتور عبد ال�سالم العبادي /الأردن الدكتور حممد طالبي/املغرب الدكتور م�صطفى عثمان �إ�سماعيل/ال�سودان الدكتور عبد الإله ميقاتي /لبنان الأ�ستاذ الدكتور �أبو جرة ال�سلطاين /اجلزائر الدكتور �سعد الدين العثماين /املغرب الدكتور حممود ال�سرطاوي /الأردن
السنة التاسعة :العدد الثامن والعشرون -محرم 1439هـ /تشرين األول ٢٠١7م
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الأ�ستاذ منت�صر الزيات/م�صر الدكتور حممد حب�ش�/سوريا الدكتور زيد املحي�سن/الأردن
هيـئـة التـحريـر املهند�س مروان الفاعوري الأ�ستاذ الدكتور حممد �أحمد الق�ضاة الدكتور زهاء الدين عبيدات الدكتور �سليمان الرطروط الدكتور علي احلجاحجة الدكتور زيد املحي�سن
المشرف العام على المجلة الدكتور ح�سن علي املبي�ضني
تصدر عن
تصميم وإخراج ب�����ل�����ال امل����ل���اح
المنتدى العالمي للوسطية
0799160136
عمان المملكة األردنية الهاشمية ّ -
المراسالت املوا�ضيع املن�شورة ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املنتدى العاملي للو�سطية وحق الرد مكفول للجميع
عمان 11941األردن هاتف - 5356329 :فاكس - 5356349:ص.بّ 2141 : E-mail: mod.inter@yahoo.com - Web Site: www.wasatyea.net
دراسات
إشكالية الدولة والحكم رؤية تاريخية تأصيلية �أمتنا الإ�سالمية �أول �أمة م�ؤن�سنة يف تاريخ الب�شرية مبعنى: نبيها ب�شر كامل الب�شرية. يعرتف للإن�سان بكرامته ك�إن�سان. ت�ساوي الب�شر عرقي ًا. تعرتف للإن�سان بقيم وجودية قبل الر�سالة ،والي�أت الأمر فيها �ش�أن ًا ب�شري ًا بال كهانة الدعوة فيه موجهة للنا�س جميع ًا. باملقارنة تاريخ الأمة اليهودية يقوم على عهد خا�ص بني اهلل وبني �إ�سرائيل ،وهي �أمة على طول تاريخها ،يف التوراة ي�سو�سها �أنبياء يدعم حجتهم معجزات �إلهية. الأمة امل�سيحية �أمة امل�سيح عليه ال�سالم فيها �أحد �أقانيم الإله. تقودها كني�سة قائدها مع�صوم وكهنتها و�سطاء بني اهلل والب�شر. والكن�سية تعمد بع�ض الرجال والن�ساء قدي�سني.
6
اإلمام الصادق المهدي
تاريخ الأمتني اليهودية وامل�سيحية لذلك مقد�س. وح�سب ن�صو�ص الر�سالة الإٍ�سالمية ف�إن برهانها ال يعتمد على الَ َّو ُلونَ)(((. ِال َي ِات �إ اَِّل �أَن َكذ ََّب ِب َها ْ أ املعجزات ( َو َما َم َن َعنَا �أَن ُّن ْر�سِ َل ب ْ آ تاريخ �أمتنا يتطلب قدرات �إن�سانية هي التدبر ،والتعقل ،واحلكمة، وامل �ي��زان ،وال��دع��وة الإ�سالمية ال تقيم تناق�ضاً ب�ين حقائق الوحي ) 1سورة اإلسراء اآلية ()95
علينا التخل�ص م��ن تقدي�س النقلي وط��رد العقلي �أي كتاب اهلل املنزل .وحقائق الكون �أي كتاب اهلل املنثور ال�س َما َو ِات الذي جعل التوجه: ففيه �سنن الطبيعة من �آيات اهلل } َو َما خَ لَ ْقنَا َّ الَ ْر َ �ض َو َما َب ْي َن ُه َما �إ اَِّل ِبالحْ َ قِّ{(((. َو ْ أ ال �ع �ل � ُم م ��ا ق ��د ك � ��ا َن ف �ي��ه ح��دث�ن��ا ت ��اري ��خ �أم �ت �ن��ا � �س �ج��ل اجن � � ��ازات ع�ظ�ي�م��ة مب�ق��اي�ي����س ال�ش َي ِ َو َما �سِ وى َذ َ ا�س َّ اط ِ ني اك َو ْ�س َو ُ مو�ضوعية فالنبي حممد �صلى اهلل عليه و�سلم ب�شهادة غري م�سلمني هو الأول يف تاريخ الإن�سانية والقر�آن هو ه��ذا ال�ت��وج��ه دع�م��ه يف جم��ال الفقه حتكم التقليد. الن�ص الأوث��ق بني الكتب املقد�سة .والإ�سالم هو الأجنح �أئ�م��ة االج�ت�ه��اد الفقهي �أظ �ه��روا حيوية لفهم ن�صو�ص بني الر�ساالت ويف ع�صر جمد الأمة تقدم امل�سلمون على الوحي والإمل��ام بالواقع وال�ت��زاوج بينهما لذلك اختلفت العامل املعمور ملدة �ألف عام (700م �إلى 1700م) ويعرتف ا�ستنباطاتهم .ول�ك��ن خلف م��ن بعدهم خلف ا�سقطوا غربيون من�صفون �أن ح�ضارة امل�سلمني هي التي �أيقظتهم احليوية االجتهادية وا�ست�سلموا للتقليد على نحو ما جاء من �سبات ع�صورهم الو�سطى. يف جوهرة التوحيد: ول�ك��ن �أمتنا يف عهد انحطاطها اقتب�ست م��ن تاريخ َو َم � � � ��ا ِل � � � � ٌ�ك َو�� � َ��س� � ��ا ِئ � � � ُر اْلأَ ِئ� � � � � َّم� � � � � ْه الأم��م الإبراهيمية الأخ��رى لتدعي لتاريخها قد�سية. َك � �ذَا �أَ ُب � ��و ا ْل � َق��ا� �سِ � ْم ُه � � � َدا ُة اْلأُ َّم � � � ْه و� �س�ي�رة ال�ن�ب��ي حم �م��د ��ص�ل��ى اهلل ع�ل�ي��ه و��س �ل��م �أك���س�ب��ت ِ ِ َ حيثيات لت�ضارع �سرية مو�سى وعي�سى عليهما ال�سالم ف � � � َواجِ � � � ٌ�ب َت� � ْق� �ل� �ي� � ُد َح� �ْب ��رٍْ م � ْن � ُه � ُم ووالية الأمر وهي يف حقيقتها �ش�أن ب�شري �أك�سبت �صفات َك � �ذَا ق���ض��ى ا ْل� � َق� � ْو ُم ِب �لَ � ْف� ٍ�ظ ُي� ْف� َه � ُم مقد�سة ،والرباهني العقلية نحيت ل�صالح �صفات نقلية. قال النبي حممد �صلى اهلل عليه و�سلم :ن َْحنُ َم َعا�شِ َر ال ينقذنا م��ن ه��ذا ال�ت�ردي �إال �أن ن��درك �أن�سنة تاريخ ْ أَ َّا�س َعلَى َق ْد ِر ُعقُو ِل ِه ْم"(((. ال ْن ِب َيا ِء �أُ ِم ْرنَا �أَنْ ُن َك ِّل َم الن َ �أمتنا وننزع القد�سية عن تاريخ �أمتنا ون�ستخدم �أدوات علم التاريخ ،وعلم النف�س ،وعلم الآث��ار ،وعلم االجتماع و�سائر َّا�س روى البخاري �أن الإم��ام على ق��الَ : "ح ِّد ُثوا الن َ املعارف الإن�سانية واالجتماعية لإعادة قراءة تاريخ �أمتنا. با َي ْع ِر ُفو َن �أَتحُِ ُّبو َن �أَنْ ُي َكذ ََّب اللهَّ ُ َو َر ُ�سو ُل ُه ؟"((( .العقل مِ َ ن �ع��م ه� ��ذه امل� �ع ��ارف اجل ��دي ��دة م ��وب ��وءة مب �ح �م��والت احلديث حممل مبعارف جديدة .تفرد الر�سالة املحمدية �أي��دي��ول��وج�ي��ة .ول�ك��ن علينا �أن نغربلها لتبني احلقائق �أننا اليوم ن�ستطيع �أن نخاطب الب�شرية بن�صو�ص وحيها امل�سنودة ب�سنن الوجود التي ج��اء يف حقها قوله تعالى :واملعارف اجلديدة. } َق��ا َل َر ُّبنَا ا َّل� ِ�ذي �أَ ْع َطى ُك َّل �شَ ْي ٍء خَ ْل َق ُه ُث َّم َه � َدى{((( ما َّا�س روى البخاري �أن الإم��ام علي ق��الَ : "ح ِّد ُثوا الن َ ب��ا َي� ْع� ِر ُف��و َن َو َد ُع��وا َم��ا ُي� ْن� ِك� ُرونَ�َ ،أتحُِ � ُّب��و َن �أَنْ ُي� َك�ذ ََّب اللهَّ ُ �صاغه ابن خلدون يف قوله يف املقدمة "كل �شيء يف الوجود مِ َ الطبيعي واالجتماعي يخ�ضع لقوانني راتبة". َو َر ُ�سو ُلهُ؟". ) 1سورة الحجر اآلية ()58
) 3اآلداب الشرعية
) 2سورة طه اآلية ()05
) 4صحيح البخاري ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
7
العوامل املختلفة التي �صبغت تاريخ �أمتنا بقد�سية اقتداء بالتاريخ املو�سوي والعي�سوي وجدت دعماً �سيا�سياً قوياً من الذين ت�سنموا والية الأمر.
جعل ال�شهر�ستاين �صاحب كتاب "امللل والنحل" يقول: "ما �سل �سيف يف الإ�سالم على قدر ما �سل يف �أمر الإمامة". لذلك �أفتى جمهور الفقهاء بطاعة املتغلب درءاً للفتنة. ق��ال اب��ن حجر الع�سقالين" :اجمع الفقهاء على طاعة املتغلب والقتال معه"� .إدع��اءات الوالة املتغلبون وفتاوي الفقهاء �أعطت قد�سية لواليات ب�شرية ما �أعطى التغلب واال� �س �ت �ب��داد امل���ص��اح��ب ل��ه ق��د��س�ي��ة غ��ري�ب��ة ع�ل��ى منهاج الإ�سالم.
• " َف�إِنْ �أَ ْح��� َ�س� ْن��تُ َف��أَ ِع�ي� ُن�ونيِ ؛ َو�إِنْ �أَ�� َ�س � ْ�أتُ َف َق ِّو ُمون" (امل�ساءلة). ال�ض ِعيفُ ِفي ُك ْم َقو ٌِّي ِعن ِْدي َحتَّى �أُ ِري� َح َعلَ ْي ِه َح َّق ُه • " َو َّ ُ للهَّ ِ ِ ِ ِ �إنْ �شَ ا َء ا َ ،وا ْل َقو ُِّي في ُك ْم �ضَ عيفٌ عنْدي َحتَّى �آخُ َذ الحْ َ َّق ِم ْن ُه �إنْ �شَ ا َء اللهَّ ُ" (�سيادة حكم القانون).
اخلطوة الأولى هي� :صحوة فكرية تقر�أ تاريخ �أمتنا قراءة غري �أ�سطورية وتبني �أن الإن�سان كائن فريد يف الكون ميلك خ�صا ًال تف�سر تكرميه العقل ،والقب�س الروحي، وحرية االختيار� .إن االعتقادات التي هيمنت على تراثنا ونفت عنه القدرات العقلية والإلهامية الروحية وجعلته جمرد م�ستقبل لن�صو�ص نقلية ،واملمار�سات التي نفت عن جمتمعاتنا احلرية وجعلتها جمرد مطية لأوامر الوالة املتغلبني هي العوامل التي قعدت ب�أمتنا وجعلتها قابلة لالحتالل الأجنبي وحتى بعد جالء االحتالل ف�إن الفكر ال��راك��د والفقه الياب�س وح�ك��وم��ات اال��س�ت�ب��داد ه��ي التي قعدت ب�أمتنا .ال بد من �صحوة فكرية ثقافية تزيل هذا التخلف.
لدى وفاة النبي حممد �صلى اهلل عليه و�سلم اجتمع الأن�صار وهم �أهل الدار يف املدينة يف �سقيفة بني �ساعدة ل��والي��ة الأم��ر بعد وف��اة النبي .وبعد ج��دل طويل حول الأم� ��ر ح���س��م ع�م��ر (ر�� ��ض) الأم� ��ر ب�ح�ك��م الأم� ��ر ال��واق��ع مببايعة �أبي بكر (ر�ض) مل ترد حجة يف اجلدل �أن هذه �أمتنا الآن يف حالة م��أزوم��ة تفوق يف خطرها كل ما الوالية �أمر �إلهي .ومل يح�سم الأمر بحجة �أن النبي �أمر. بل ظل بع�ض الأن�صار معار�ضني لهذه البيعة .وكذلك تعر�ضت له يف ما�ضيها. مل يباع علي بن �أبي طالب (ر�ض) �إال بعد �ستة �أ�شهر من وعلينا �أن نعيد ق��راءة تاريخنا ب�صورة مو�ضوعية ال اجتماع ال�سقيفة. مكان فيها لقد�سية تاريخ �أمتنا لكي نحيط بااليجابيات كانت الوالية ب�شرية واخل�لاف��ات كذلك ب�شرية دون ونقتدي بها ونلم بال�سلبيات ونتعلم منها. �أي��ة �إ�شارة لتوجيه رب��اين .و�صاحب البيعة نف�سه �أي �أبو وفيما يتعلق بوالية الأمر ندرك �أنها �ش�أن ب�شري نديره بكر (ر�ض) بعد مبايعته �أعترب الإجراء ب�شرياً �إذ قال: يف ظل مبادئ الإ�سالم ال�سيا�سية ومقا�صد ال�شريعة. • " ُو ِّليتُ َعلَ ْي ُك ْم َو َل ْ�ستُ بِخَ يرِْ ُك ْم" (والية ب�شرية). �إن الت�صدي لإ�شكالية ال��دول��ة واحل�ك��م تتطلب 12 خطوة لتجاوز الرتدي الذي يحيط ب�أمتنا: "ال�ص ْدقُ �أَ َما َن ٌةَ ،وا ْلك َِذ ُب ِخ َيا َن ٌة" (ال�شفافية). • َّ
8
ول �ك��ن ب�ع��د م�ق�ت��ل اخل�ل�ي�ف��ة ال �ث��ال��ث ع�ث�م��ان (ر� ��ض) ومبايعة علي (ر���ض) يف املدينة وع�صيان �أه��ل ال�شام ما �أدى للحرب ف ��إن ق��وم�اً رف�ضوا التحكيم ب�ين الطرفني بحجة (�إ ِِن الحْ ُ ْك ُم �إ اَِّل للِهَِّ )((( . هذا ي�شري للت�شريع ولكن اخلالف كان حول الإمرة. والإم � ��رة � �ش ��أن ب���ش��ري ول �ك��ن امل �ع��ار� �ض�ين ال��ذي��ن �سموا ا�ست�صحاب امل �ع��ارف احل��دي�ث��ة والتكنولوجيا مهمة باخلوارج �إمنا توهموا �أن الإمرة هلل ومبوجب ذلك كفروا �ضرورية .واملطلوب تنقيتها من �أية عالئق �أيديولوجية الآخرين واغتالوا الإمام علي (ر�ض). ذاتية. منذ تلك الفتنة ت�أ�س�س حكم بني �أمية ثم حكم بني التعليم يف بلداننا حالياً �إمن��ا ينقل حمموالت امل��أزق العبا�س .وك��ان��ت ه��ذه ال��والي��ات ت�ق��وم مب��وج��ب التغلب. ول�ك��ن والة الأم ��ر �أرادوا �أن ي�ع�ط��وا �سلطانهم قد�سية للأجيال القادمة ما يتطلب التخطيط لإ�صالح تعليمي م�صنوعة فقال م�ؤ�س�س الدولة الأم��وي��ة" :لو مل يرين ج ��ذري م�ل�ت��زم مب�ط��ال��ب امل �خ��رج م��ن امل� � ��أزق ك�م��ا ��س��وف ال لهذا الأمر ما تركني و�إياه" .ولو كره ما نحن نف�صلها هنا وملتزم مبهمة نقل وتوطني التكنولوجيا ربي �أه ً فيه لغريه" .وعلى نف�س هذه الوترية قال م�ؤ�س�س الدولة احلديثة لبلداننا ولأجيال امل�ستقبل. العبا�سية�" :أنا ظل اهلل يف الأر�ض �أ�سو�سكم ب�إرادته". اخل �ط��وة ال�ث��ان�ي��ة :اخل�لاف��ة � �ش ��أن ب���ش��ري ويف �أب�ه��ى كل تلك الواليات ب�شرية وو�سيلتها النزاع امل�سلح ما �صورها يف ال�صدر الأول ف�إن خلوها من م�ؤ�س�سات جعلها �سبب فتنة �أدت الغتيال ثالثة من اخللفاء وقيل الأربعة. و�صارت بعد ذلك �سبب احتكام م�ستمر لل�سيف والغتيال ) 1سورة األنعام اآلية ()75
والة الأم ��ر بحيث اغ�ت�ي��ل خم�سة م��ن خ�ل�ف��اء ب�ن��ي �أم�ي��ة "احلاكمية" �أي �إدع��اء التحدث با�سم اهلل وحت��ت �شعار واغتيل 12من خلفاء بني العبا�س .ومع �أن بع�ضهم كان تطبيق ال�شريعة ب�صورة خالية من ال�ضوابط املطلوبة ممتازاً ف�أن كثرياً منهم كان مق�صراً .حالة و�صفها �شاعر �أدت �إلى جتارب م�سيئة لديباجة الإ�سالم مث ً ال: بقوله: ( )1جتربة �سودانية يف ظل حكم ا�ستبدادي يف ثمانينيات �أَ ّن � � ��ى ي� �ك ��ون ول �ي ����س ذاك ب �ك��ائ��نٍ القرن املا�ضي جعلت �أح�ك��ام ال�شريعة ذريعة لدعم اال�ستبداد. ي��رث ا ِ خل�ل�اف��ة ف��ا��س��قٌ ع��ن فا�سقِ ً ( )2ويف باك�ستان التم�س �ضياء احلق ل�سلطانه دعما من لي�س يف جتربة اخلالفة وهي اجتهاد ب�شري وما فيها �إدعاء الأ�سلمة. من دمج ال�سلطات وا�شرتاط الأن�ساب والركون للتغلب ما يدفع لإحيائها .نعم يف الإ�سالم مبادئ �سيا�سية ميكن يف ( )3ويف ال�سودان مرة �أخرى رفع �شعار الإ�سالم لتربير االنقالب الع�سكري ولإقامة حكم �إق�صائي. زماننا هذا حتقيقها عن طريق الدولة الوطنية امللتزمة بتلك املبادئ يف د�ستورها. ( )4ويف �أف�غ��ان���س�ت��ان طبقت ط��ال�ب��ان ب��رن��اجم�اً من�سوباً للإ�سالم مقلداً لأحكام ما�ضوية غريباً على التطور �إن احتاد امل�سلمني يف كيان �سيا�سي واحد مل ي�ستمر �إال العقلي واالجتماعي. حتى 150هـ �أي %10من عمر الأمة والعالقة اخلا�صة بني الدول الوطنية ميكن حتقيقها عن طريق تعاهدي. حت��ت ��ش�ع��اري “احلاكمية هلل ،وتطبيق ال�شريعة” اخل�ط��وة الثالثة :مهمة تطبيق ال�شريعة :تت�ضمن ارتكبت جتاوزات مهما دعمتها من نوايا طيبة �أدت ملفا�سد ال�شريعة �أح�ك��ام�اً جنائية ملعاقبة امل�ج��رم�ين .و�أح�ك��ام�اً دعمت حجة من يقولون ب�ضرورة �إبعاد الإ�سالم عن ال�ش�أن م��دن�ي��ة ل�ل��وف��اء ب��ال�ع�ه��ود وال �ع �ق��ود .و�إح �ك��ام �اً اجتماعية العام حجة مل تزدها جتربة داع�ش �إال مزيداً من القوة. للكفاية والعدل و�أحكاماً ل�ل�أح��وال ال�شخ�صية لتنظيم املطلوب �أن نقدم دلي ً ال اجتهادياً واقعياً لهدف تطبيق �أحوال الأ�سرة. ال�شريعة واع�ت�ب��ار التخبط الع�شوائي با�سم ال�شريعة ه ��ذه الأح �ك ��ام لي�ست منبتة ب��ل م�ه�ن��د��س��ة لتحقيق تعديات ممنوعة. مقا�صد .وهي تراعي عوامل اجتهادية وعوامل واقعية اخلطوة الرابعة :ق�سوة النظم الو�ضعية على دعاة على نحو مقولة ابن القيم" :تغري الفتوى بتغري الزمان وامل�ك��ان واحلال" .وعلى ه��دى املقا�صد ميكن �أن تتغري الإ�سالم �أدت �إلى �إف��راز فكرة احلاكمية وبالتايل تف�سري الأح� �ك ��ام .مب��وج��ب امل�ق��ا��ص��د مي�ك��ن جت ��اوز ن���ص��و��ص�اً – ق��ول��ه ت�ع��ال��ى�( :إ ِِن الحْ ُ � ْك � ُم �إ اَِّل للِهَِّ )((( مبعنى �أن الأم��ر ال� -إ�سقاط �سهم امل�ؤلفة قلوبهم ،و�إلغاء الرق ،و�إلغاء هلل و��ش�ع��ور ال�شيخ �أب��و الأع �ل��ى امل� ��ودودي بخطر الغلبة مث ً ملك اليمني .ومنع �صاحب الدم من االنتقام الفردي �أي الهندو�سية على امل�سلمني جعله ي�ق��ول�" :إن الإلوهية } َو َمن ُق ِت َل َم ْظ ُلو ًما َف َق ْد َج َع ْلنَا ِل َو ِل ِّي ِه ُ�سل َْطانًا فَلاَ ُي ْ�س ِرف وال�سلطة ي�ستلزمان بع�ضهما بع�ضا .وكلمة ال��دي��ن يف فيِّ ا ْل � َق � ْت� ِ�ل{((( .ب��ل حتقيقاً ملقا�صد ميكن ات�خ��اذ �أحكام القر�آن تعني �إن احلاكمية وال�سلطة العليا هلل وتوجب جديدة على نحو مقولة ابن القيم" :كل �شيء حتقق به الطاعة لتلك احلاكمية". العدل هو من �شرع اهلل و�أن مل يرد به ن�ص". ه��ذا ال�ف�ه��م ت��راف��ع ب��ه الأ� �س �ت��اذ �سيد ق�ط��ب �إذ ق��ال: �إن ن�صو�ص الوحي يف جمال حتديد الواجب ال ت�ؤخذ "الدين يف املفهوم الإ�سالمي هو املرادف لكلمة النظام يف دون تدبر ( َوا َّل ِذينَ �إِ َذا ُذ ِّك ُروا بِ�آ َي ِات َر ِّب ِه ْم لمَ ْ َي ِخ ُّروا َعلَ ْي َها امل�صطلحات احلديثة" .هذه الآراء نقلت واجبات الدين �ُ��ص� ًّم��ا َو ُع � ْم � َي��ا ًن��ا)((( .ب��ل ي��دخ��ل يف �أم��ره��ا متكني ب�شري لت�صري �أيدلوجية لل�سلطة ال�سيا�سية .لقد نقلت الإمارة ال�ت��دب��ر ،وال�ت�ع�ق��ل ،واحل�ك�م��ة ،وامل�صلحة ،واال�ستطاعة ،من كونها �أمراً ب�شرياً �إلى الربوبية .مع �أن والية الأمر وال �ت��درج ،والأول��وي��ات .ب��اب لهند�سة ت�شريعية الجتهاد م�س�ؤولية ب�شرية اخ�ت�ي��اراً وم�ساءلة و�إع �ف��اء .وظ��روف الأزم � ��ة ه��ي ال �ت��ي ج�ع�ل��ت اخل � ��وارج وه ��م ف�ئ��ة متحم�سة م�ستمر. �أخط�أوا يف تف�سري (�إ ِِن الحْ ُ ْك ُم �إ اَِّل للِهَِّ )((( .ومبوجب ذلك �إن تطبيق ال�شريعة يف ه��ذا الع�صر يتطلب ح��واراً كفروا �إمام املتقني علي بن �أبي طالب و�أهدروا دمه. مثمراً بني املقا�صد وامل�ستجدات .ويف ع�صرنا حتت �شعار ) 1سورة اإلسراء اآلية ()33
) 3سورة األنعام اآلية ()75
) 2سورة الفرقان اآلية ()37
) 4سورة األنعام آلية ()75 ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
9
10
اخلطوة اخلام�سة :لي�س يف الإ�سالم نظام حكم معني ب�ع��د �أن تخل�صوا م��ن ك�ي��ان م��وح��د ه��و الإم�براط��وري��ة لأن نظام احلكم لي�س م��ن ال�ث��واب��ت كالتوحيد والنبوة الرومانية املقد�سة. وامل�ع��اد والأرك ��ان اخلم�سة بل قابل للحركة االجتهادية ع��رف الإ��س�لام رابطة الأ��س��رة والقبيلة ويف �صحيفة �ضمن م �ب��ادئ وم�ق��ا��ص��د �سيا�سية .ال ��دول ال�ت��ي حكمت امل�سلمني كانت يف غالب ف�ترات التاريخ دو ًال ا�ستبدادية املدينة كيان �سيا�سي قام على التنا�صر والأم��ن امل�شرتك م�ه��درة مل�ب��ادئ ومقا�صد الإ� �س�لام ال�سيا�سية كال�شورى م��ع احتفاظ املجموعات الدينية بكياناتها حت��ت مظلة والعدالة .وممار�سات ه�ؤالء احلكام كانت يف الغالب �أ�شبه التنا�صر امل�شرتك .ويف العهد الإ�سالمي الأول �إلى نهاية مبمار�سات الك�سروية والقي�صرية منها مببادئ الإ�سالم العهد الأموي �ضم امل�سلمني كيان �سيا�سي واحد. ال�سيا�سية .وع�ل��ى ال�ب�ع��د م��ن امل�م��ار��س��ة الفعلية ن�ش�أت نظريتان لنظام احلكم �سنية و�شيعية. ولكن بعد االن�ق�لاب العبا�سي يف 150ه �ـ ب��د�أ انق�سام امل���س�ل�م�ين ل�ك�ي��ان��ات �سيا�سية م �ت �ع��ددة .ح ��دث ه ��ذا قبل النظرية ال�سنية ف�صلها جم�ت�ه��دون ه��م ال�شافعي ،التعر�ض لالحتالل الأجنبي ولكن االحتالل عزز هذه وابن قتيبة ،واملاوردي ،وغريهم يف كتبهم .ومع اختالف الظاهرة. التفا�صيل قيل �أن الدولة يقودها خليفة للنبي يف حرا�سة الدين و�سيا�سية الدنيا .وينبغي �أن يكون عاملاً وجمتهداً الدولة الوطنية تقوم على �أ�سا�س م�شرتكات معينة و�شجاعاً ،وقر�شي الن�سب ،و�سليم البدن واحلوا�س ،و�أن مرتبطة برقعة معينة من الأر�ض .واملواطنة عهد يجمع يختاره للخالفة �أهل احلل والعقد من الرجال العدول .بني �شرائح هذا الوطن يف ظل �سلطة �سيا�سية واحدة هي الدولة الوطنية. ه��ذه ال��ر�ؤي��ة النظرية مل تطبق عملياً �أي �أنها كانت �أمنية مل تنزل �إلى الواقع الذي حكمه التغلب والتوارث. الدولة الوطنية تطوير خل�صو�صيات معلومة اكت�سبت ً وجودا وظفت للقيام بدور مفيد يف حتقيق الأمن و�سبل النظرية ال�شيعية :هذه قال بها جمتهدون ف�صلت يف املعي�شة وه��ي ت�ضم وح ��دات قبلية وج�ه��وي��ة ودي�ن�ي��ة يف كتاب "الكايف" وفحواها �أن الإم��ام��ة كالنبوة من �أرك��ان نطاق وطني وقابلة ل�ضم �أكرث من دولة وطنية يف نظام العقيدة .و�سندها تعيني الهي .وهذا الإمام مع�صوم وعلى تعاهدي. الأمة حتماً طاعته. ال توجد ن�صو�ص وح��ي قطعية تلزم بخليفة واح��د والإمامة بهذه ال�صفة للإمام علي ثم البنيه احل�سن جامع لكل ال�سلطات وحاكم للأمة وال توجد ن�صو�ص واحل���س�ين ث��م لت�سعة �أئ �م��ة م��ن ح�ف��دة الإم� ��ام احل�سني وح��ي قطعية ت�ل��زم ب ��إم��ام مع�صوم واح��د ح��اك��م ل�ل�أم��ة. و�آخ��ره��م ه��و حممد احل�سن الع�سكري ال��ذي غ��اب منذ والتجارب التاريخية يف هذه املجاالت ال تدفع لالقتداء �أكرث من �ألف عام و�سوف يعود هو ذاته مهدياً .ويف غيابه بها. يقود النا�س مراجع التقليد. النهج ال�صحيح ه��و ع��دم النظر للرابطة الوطنية الأئ �م��ة امل��ذك��ورون مل مي��ار��س��وا والي��ة ع��ام��ة م��ا عدا بارتياب وعدم و�ضعها يف مقابل الوالء للأمة الأكرب .بل الإمام علي (ر�ض) وابنه احل�سن (ر�ض) الذي خلفه بعد تعترب الرابطة الوطنية �صاحلة يف حدودها قابلة للتو�سع مقتله تنازل للخليفة الأموي على �أن يخلفه. بالرتا�ضي. هذا معناه �أن �إمامة ال�شيعة كخالفة ال�سنة �أمنيات م�ؤ�س�سات احلكم الدميقراطي وهي امل�شاركة وامل�ساءلة بعيدة عن الواقع. وال�شفافية و�سيادة حكم القانون و�سائل م�ؤ�س�سية لتحقيق �آي��ة اهلل اخلميني يف كتابه "احلكومة الإ�سالمية" مبادئ �سيا�سية حتقق مبادئاً مطلوبة يف ن�صو�ص الإ�سالم. ن��ادى يف غيبة الإم��ام بوالية الفقيه .وبعد وفاته اختري وال ي�صح �أن تو�ضع ال��دمي�ق��راط�ي��ة يف مقابل ال�شورى �آية اهلل خامنئي مر�شداً .بع�ض �آيات اهلل يرون �أن والية ففيهما مبد�أ امل�شاركة وعدم االنفراد بال�سلطة� .صحيح الفقيه ينبغي �أال تتعدى الأمور ال�شعائرية .احلقيقة �أن ال�شورى متار�س �ضمن �سقوف .كذلك الدميقراطية� .إذ املعارف تطورت ب�صورة ال ميكن �أن يحيط بها الفقيه .ال توجد دميقراطية بال �سقوف ين�ص عليها الد�ستور. وعلى ال�صعيد النظري فيما يتعلق بحقوق الإن�سان والية الفقه كاحلاكمية لدى مفكري ال�سنة ت�ؤ�س�سان ل �ن �ظ��ام ح �ك��وم��ة �إل �ه �ي��ة ول �ك��ن احل �ك��وم��ة يف امل��رج�ع�ي��ة ف�إن حقوق الإن�سان احلديثة متفرعة من خم�سة �أ�صول هي الكرامة ،واحلرية ،والعدالة ،وامل�ساواة ،وال�سالم ،ويف الإ�سالمية م�س�ألة ب�شرية :والية وم�ساءلة وحما�سبة. احل�ضارة احلديثة تطورت منظومة حقوق الإن�سان حتى الدولة الوطنية �شكل �سيا�سي جديد اتخذه الأوربيون بلغت الإع�لان العاملي حلقوق الإن�سان يف عام 1948م ثم
لكن يف العقود الثالثة املا�ضية حدثت تطورات �أهمها:
ملحقاته فيما بعد .بع�ض النا�س �أ��ش��اروا �إل��ى �أن هناك نقطة يف مقدمة امليثاق وخم�س نقاط يف امليثاق العاملي حلقوق الإن�سان هي امل��واد ( )4،5،16،18،19تتعار�ض مع • منو طبقة مثقفة وذات توا�صل قوي بالعامل احلديث وتوا�صل بينهم عرب الو�سائط االلكرتونية ما جعل الأ� �ص��ول الإ��س�لام�ي��ة .يف كتابي بعنوان "نحو مرجعية منهم قاعدة قوية مهتمة بامل�شاركة ال�سيا�سية. �إ�سالمية متجددة متحررة من التعامل االنكفائي مع املا�ضي والتعامل اال�ستالبي مع الوافد" تعر�ضت لهذه • �شعارات الربيع العربي حملت تطلعات �شدت �إليها التحفظات لأن �ف��ي وج ��ود ت�ع��ار���ض م��ع ال�ف�ه��م ال�صحيح قوى اجتماعية ذات وزن. للن�صو�ص الإ�سالمية. • تدين �أ�سعار البرتول حجم القدرات الريعية. ونتيجة م��ا �سقت م��ن �أدل��ة ه��ي�" :أن امل�سلم املعا�صر ميكنه �أن ي�ؤيد جوهر الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان� .إن هذه التطورات تتطلب عقداً اجتماعياً جديداً .الغالة ملبادئ الإعالن ًالعاملي حلقوق الإن�سان مرابط �إ�سالمية يدعون لنظم جديدة م�شتقة من �صورة مثالية ما�ضوية. متنحها إهدار".ج ��ذورا خلقية وروح �ي��ة وجتعلها �أع���ص��ى على ولكن هذه الدعوات وما جتد من ت�أييد يف �أو�ساط تن�شد ال التغيري ف�إنه وف��اء بال م�ستقبل .اخليار الآخ��ر املجدي ويف الإع�ل�ان العاملي حلقوق الإن���س��ان بنود ال توافق هو الرتا�ضي عرب حوار بني احلكام وال�شعوب على عقد ال��دول اال�ستبدادية عليها لأنها حتمي حقوق املواطنني اجتماعي جديد يحقق توفيقاً بني الت�أ�صيل والتحديث ويحتجون باخل�صو�صية الثقافية والدينية لرف�ضها تلك ويكفل نظاماً دميقراطياً وعدالة اجتماعية� .أي �أن يحل البنود. حمل النظم الأبوية ملكيات د�ستورية. البند ( )9وي�ق��ول :ال ي�ج��وز القب�ض على �إن���س��ان �أو نظم احلكم يف البلدان اجلمهورية �أ�س�ستها انقالبات حجزه �أو نفيه تع�سفياً. ع�سكرية .ان�ق�لاب��ات رف�ع��ت ��ش�ع��ارات ق��وم�ي��ة ،ا�شرتاكية، البند ( )10يقول :لكل �إن�سان احلق على قدم امل�ساواة و�إ�سالمية ،ولكنها تطلبت القهر للمحافظة على �سلطانها. التامة م��ع الآخ��ري��ن ،يف �أن تنظر ق�ضيته �أم��ام حمكمة �إن حتويل امل�ؤ�س�سة الع�سكرية حلزب �سيا�سي لل�سلطة م�ستقلة نزيهة ن�ظ��راً ع ��اد ًال علنياً للف�صل يف حقوقه، حممل ب�أ�ضرار كثرية: والتزاماته و�أية تهمة جنائية توجه �إليه. البند ( )11يقول :كل �شخ�ص متهم بجرمية يعترب • �أن ��ه ي ��ودي ب��االن���ض�ب��اط ال�ن�ظ��ام��ي وي�ف�ق��د امل�ؤ�س�سة بريئاً �إلى �أن تثبت �إدانته قانونياً مبحاكمة علنية ت�ؤمن الع�سكرية قدراتها املهنية .فاجليو�ش التي توظف له فيها ال�ضمانات ال�ضرورية للدفاع عنه. حزبياً تفقد كفاءتها الع�سكرية حتماً. وهكذا البنود " ."12،13،17،19،20،21،23هذه البنود • مم��ار��س��ة ال�ع�م��ل ال�سيا�سي بذهنية الأم ��ر والنهي يف امليثاق العاملي حلقوق الإن�سان حتمي حقوق املواطنني واالع �ت �م��اد ع�ل��ى الأج �ه��زة الأم �ن �ي��ة يجعل الطاعة وحتفظ النظم اال�ستبدادية على امليثاق العاملي حلقوق مقيا�ساً لكل الأم ��ور وتتحول �أج�ه��زة احلكم حتماً الإن�سان بحجة التناق�ض مع القيم الدينية والثقافية لآلية �أمنجية. ح �ج��ة ال �ه��دف م�ن�ه��ا ال ��داف ��ع ع��ن �أج� �ه ��زة ال �ق �ه��ر ب��ا��س��م اخل�صو�صية الدينية والثقافية. احلكومة الأمنجية حتقق ا�ستقراراً �سطحياً ويف ظلها ه��ذه الق�ضايا الآن ت�شكل تناق�ضاً ب�ين احل�ك��وم��ات يتحلق املواطنون حول والءات وراثية ،طائفية� ،أو اثنية، �أو يتخندقون يف �أن�شطة دينية ويتعطل النمو ال�سيا�سي. وال�شعوب يف كثري من البلدان ال �سيما العربية. يف ظروف معينة ميكن لالنقالب الع�سكري �أن يقوم �أكرث الدول العربية الآن تقوم على ا�ستقرار منحته الظروف ب ��دور ج��راح��ي ،ا�ستثنائي .ول�ك��ن �أن ي�ت�ح��ول االن�ق�لاب الريعية �أو هي جمهوريات �أ�س�ستها االنقالبات الع�سكرية. ال�سيا�سي �إل��ى والي��ة �سيا�سية تتخذ من القوات امل�سلحة قام ا�ستقرار الدول املنتجة للنفط ال �سيما يف منطقة حزبها ال�سيا�سي ف�سوف تف�شل يف �أهم ملفات العمل العام: اخلليج على �أ��س��ا���س عقد اجتماعي غ�ير مكتوب يوفر الإدارة ال�سيا�سية ،والإدارة االقت�صادية ،و�إدارة العالقات احلكام مبوجبه الرفاهية االجتماعية دون اهتمام منا�سب الدولية. بامل�شاركة ال�سيا�سية. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
11
ابن ٍ فابن حربٍ للم�صطفى و ُ ُ هند
12
يف العامل العربي خا�صة ال�شباب يف �سن 29-15يبلغ ع��دده��م 105م �ل �ي��ون .وي �ع��ان��ون م��ن ع�ط��ال��ة ت�ب�ل��غ %30 ل � �ـ � �ع � �ـ � �ل � ٍّ�ي ول� �ـ� �ل� �ح� ��� �س�ي�ن ي � �ـ� ��زي � � ُد ويحيط باملجتمعات درج��ة عالية من الفقر واحلرمان وف�ج��وة وا�سعة م��ن التفاوت االجتماعي .ه��ذه العوامل وبعد واقعة �صفني ا�ستتب �أمر احلكم لبني �أمية فلقي حتا�صر احلكومات الأمنية التي تدفعها طبيعتها للقمع .ال�شيعة ا�ضطهاداً �أموياً ثم عبا�سياً .وادعي قادة العهدين ً هذه العوامل �سوف ت�ؤدي النفجارات اجتماعية حتما .لأنف�سهم �أو�صافاً قد�سية .ويف املقابل حتلق ال�شيعة حول هذه االنفجارات يحول دونها م�شروع ت�سليم ال�سلطة فرق �أهمها االثنى ع�شرية ،وفحواها �أن الإمامة بعد النبي لل�شعب لإق��ام��ة نظم م�شاركة دميقراطية ذات �أه��داف لعلي وبنيه بالتعيني الإلهي وهم �سل�سلة �أئمة مع�صومني دمي�ق��راط�ي��ة اقت�صادية اجتماعية .ه��ذا ال�ت�ح��ول ميثل وعلى الأمة طاعتهم .بعد الإمام علي وابنيه يتوايل ت�سعة خطوة تاريخية �ضرورية ويف ظله ت�ست�أنف القوات امل�سلحة �أئمة من حفدة الإم��ام احل�سني و�آخرهم حممد احل�سن الع�سكري الذي اختفى و�سوف يعود مهدياً عندما يحل وظيفتها الطبيعية. موعد ظهوره. اخلطوة ال�ساد�سة :العدالة االجتماعية :املالحظة ال ت��وج��د ن���ص��و���ص قطعية ت�سند دع ��اوي العهدين العامة هي �أن البالد الإ�سالمية عامة والعربية خا�صة تعاين �شعوبها من ا�ستقطاب حاد بني فئة �صغرية ثرية الأم��وي والعبا�سي بل ك��ان ت�أ�سي�سهما على التغلب .وال ث��را ًء فاح�شاً و�أك�ثري��ة كبرية فقرية ف�ق��راً مدقعاً .هذه توجد ن�صو�ص قطعية ل�سل�سلة �أئمة ال�شيعة .نعم ذكرت احل��ال��ة م��ع ال��وع��ي الكبري بها قنابل موقوتة حتر�ضها كتب احل��دي��ث ن�صو�صاً ع��ن امل�ه��دي ال��ذي مي�ل�أ الأر���ض با ع��د ًال .و�أن��ه من العرتة النبوية .وه��ي ن�صو�ص خمتلف ري �إ اَِّل مِ َ �أخالقياً مقولة الإمام علي (ر�ض)َ "َ :ما َجا َع َف ِق ٌ عليها وعلي تف�سريها. ُم ِّت َع ِب ِه َغ ِن ٌّي". نعم ك��ل الثقافات الإن�سانية تتطلع يف وج��ه املعاناة و�سائط التوا�صل االجتماعي االلكرتونية �صارت �أكرب و�سائل للتوعية والتعبئة .م�س�ألة الظلم االجتماعي يف ال��ى املخل�ص ،خا�صة يف الثقافات الإبراهيمية �أن عودة العامل الإ�سالمي �صارت ف�ضيحة كربى حلملة دعوة قال �شخ�ص بعد 14ق��رن و��س��وف يعود ه��و ذات��ه �ضد طبيعة عنها ولفرد �سميث" :الدعوة الإ�سالمية �أك�بر دع��وة يف الأ�شياءَ } .و َم��ا َج َع ْلنَا ِل َب َ�ش ٍر ِّمن َق ْب ِل َك الخْ ُ ْل َد َ�أ َف ��إِن ِّم َّت َف ُه ُم الخْ َ ��ا ِل � ُدونَ* ُك� ُّ�ل َنف ٍْ�س َذا ِئ� َق� ُة المْ َ� ْو ِت َو َن ْب ُلو ُكم بِال�شَّ ِّر التاريخ لإقامة العدالة االجتماعية". َوالخْ َيرِْ ِف ْت َن ًة َو�إِ َل ْينَا ُت ْر َج ُعونَ{((( .وظهور خمل�ص يف �آخر �ض �آ َي� ِ عاملان يف جامعة وا�شنطن هما �شهرزاد رحمان وح�سني الزمان ال يجديَ } :ي � ْو َم َي ْ�أ ِتي َب ْع ُ �ات َر ِّب� َ�ك اَل َين َف ُع ((( ميا ُن َها لمَ ْ َت ُكنْ �آ َمن َْت ِمن َق ْب ُل{ نعم �سوف يعتقد ع�سكري اقرتحا 12مقيا�ساً للأ�سلمة االجتماعية مثلَ :نف ًْ�سا �إِ َ درج��ة النمو ،م�ستوى ت��وزي��ع ال�ث�روة� ،ضبط الإ� �س��راف ،قوم مذهبياً عقائد حول الإمامة واملهدية .املهم �أن تعترب الرعاية االجتماعية للقطاعات الفقرية وهلم جرا. هذه عقائد مذهبية ال ت�صري �أ�سا�ساً للإميان والتكفري. بل يلتزم �أهل القبلة بالتوحيد ،والنبوة ،واملعاد ،ومكارم ث��م �أ� ّ��ص�ل�ا امل�ق��اي�ي����س امل �خ �ت��ارة ب�سند م��ن الن�صو�ص الأخالق ،والأركان اخلم�سة .وفيما عداها عقائد مذهبية الإ��س�لام�ي��ة .ث��م طبقا ه��ذه املقايي�س على 208دول��ة يف يتعاي�ش �أ�صاحبها دون �إل��زام غريهم بها وتفو�ض لقوله ال�ع��امل حت��ت ع�ن��وان "مقايي�س الأ�سلمة" .النتيجة �أن تعالىُ } :ث َّم �إِليَ َّ َم ْرجِ ُع ُك ْم َف�أَ ْح ُك ُم َب ْي َن ُك ْم ِفي َما ُكن ُت ْم ِفي ِه �أك�ثر البلدان "�أ�سلمة" مبوجب ه��ذه املقايي�س ايرلندا َتخْ َت ِلفُونَ{(((. ثم الرنويج� .أما الدول الإ�سالمية فكان ترتيبها متدنياً �أولها يف الرتتيب رقم 33ماليزيا. املختلف عليه من �أحداث التاريخ ومن العقائد تر�سخ يف نفو�س �أ�صحابه وال ميكن ح�سمه بالإقناع وال بالقوة املطلوب �إدراك ه��ذه احلقائق االجتماعية والرتكيز وينبغي التعاهد بني اجلميع على �أ�سا�س: قطرياً على حتقيق التنمية والعدالة االجتماعية والعمل على �إقامة م�شروع ت�ضامن "مار�شايل" للتعاون التنموي • .االعرتاف املتبادل بان اجلميع �أهل قبلة. اخلطوة ال�سابعة :الفتنة الطائفية :ن�ش�أ الت�شيع يف • الكف عن التكفري املتبادل على �أ�سا�س مذهبي. البداية انت�صاراً حلق الإم��ام علي وبنيه يف والية الأمر. ولكن التنازع الها�شمي الأم��وي فتق جراحاً عميقة منذ • حرية احلوار مع بع�ضنا بع�ضاً بالتي هي �أح�سن. قبل الإ�سالم �أ�شار �إليها ال�شاعر: ) 1سورة األنبياء اآليتان ()53،43 عب ُد ٍ �شم�س ق��د �أ��ض��رم��ت لبني ها ) 2سورة األنعام اآلية ()851 ��ش�ـ� ٍ�م ح�ـ��رب�اً ي�شيب منها ال��ول�ي� ُد ) 3سورة آل عمرن اآلية ()55
• التخلي التام عن لغة الرتا�شق الأم��وي وال�صفوي برواف�ض ونوا�صب.
الفا�ش�ستية �أو ال�ستالينية .ه�ؤالء فر�ضوا �أ�صولية علمانية من منطق طبقي و�سببوا �أذى بالغاً للإن�سانية .قال بيرت بريقر �أح��د م�ؤ�س�سي العلمانية احلديثة“ :كنا نظن �أن العلمانية �شرط للدميقراطية ولكن احلقيقة ه��ي �أن �شرط الدميقراطية هو التعددية” .وقال ت�شارل�س تيلور وه��و م�ؤ�س�س �آخ��ر للفكرة العلمانية احل��دي�ث��ة“ :يجب �أن ننظر للعلمانية ال بو�صفها متاري�س �ضد الدين بل باعتبار �أنها ت�ستجيب على نحو مبدئي ال غنى عنه للتنوع الذي يوجبه املجتمع احلديث”.
) 1سورة األنعام اآلية ()98
) 3سورة الحج اآلية ()93
) 2سورة الحديد اآلية ()82
) 4سورة التوبة اآلية ()31
• كفالة حقوق �إميانية وحقوق مواطنة كاملة لل�شيعة يف بالد ال�سنة .وكذلك لل�سنة يف بالد ال�شيعة. • م�سالة املهدية خمتلف عليها ولكل مذهبياً �أن يعتقد ما ي�شاء ب�شرط �إال يلزم غريه باعتقاده.
ومع ذلك فان هدي النبوة م�ستمر يف الأمة مبوجب } َف ��إِن َي ْك ُف ْر ِب َها َه ��ؤ اَُل ِء َف َق ْد َو َّك ْلنَا ِب َها َق� ْو ًم��ا َّل ْي ُ�سوا ِب َها وقال� :إن اللربالية تتنكر ملبادئها �إذا حرمت �أ�صحاب ِبكَا ِفر {((( .وقوله} :ا َّتقُوا اللهَّ َ و� ِآمنُوا ِبر�سو ِل ِه ي�ؤْ ِت ُكم ِينَمن َّر ْح َم ِت ِه َو َي ْج َعل َّل ُك ْم نُو ًرا َتمَ ُْ�شو َن َِب ِه ُ َو َي ْغ ِف ُر َل ُك ْْم املرجعية الدينية م��ن حرية ال ��ر�أي م��ا دام��وا يلتزمون ِك ْفلَينِْ ِ َواللهَّ ُ َغفُو ٌر َّر ِحي ٌم{((( .هذا معناه �أن باب الإلهام ْمفتوح بالتعاي�ش الدميقراطي” .ه��ذه الأ�س�س ت�صلح ملراجعة موقف العلمانية من الدين .يقابلها يف احلوار االيجابي و�أن واجب �إحياء الدين م�ستمر. �أن يكون للمنهج الإ��س�لام��ي موقف ايجابي م��ن العقل وم��ن ال��دمي�ق��راط�ي��ة .امل�ط�ل��وب ح ��وار �إ��س�لام��ي علماين • االتفاق على موقف موحد من االغت�صاب ال�صهيوين. للتعاي�ش �ضمن م�ب��ادئ م�شرتكة .وفيما يتعلق بالفكر هذه الأ�س�س ال�سبعة ت�صلح لرتق الفتق ال�سني ال�شيعي القومي فان الإ�سالم يعرتف باالنتماء القومي وقوميات وهو مطلوب ب�إحلاح �أكرث من �أية فرتة يف التاريخ لأن هذه الأمة الإ�سالمية العربية والفار�سية ،والرتكية ،والهندية الفتنة تغذي اقتتا ًال ب�أ�سلحة �أكرث فتكاً يف التاريخ .ومهما وغريها حققت �أف�ضل منجزاتها احل�ضارية حتت مظلة ا�ستخدمت هذه الأ�سلحة يف حروب طائفية فلن تتمكن الإ�سالم .املهم �أن تتجرد االنتماءات القومية من الع�صبية من اجتثاث الطرف الآخر بل ت�ضر بكل امل�شرتكني فيها لتكفل حقوق املجموعات الوطنية ذات االنتماءات القومية وتفتح باباً وا�سعاً للتدخالت الأجنبية ولتمدد حركات الأخرى. الغالة .هذه احلروب لن حتقق لأطرافها ن�صراً بل �سوف القومية العربية حقيقة ذات وج��ود قومي تاريخي تفتح الأبواب �أو�سع للهيمنة الدولية ولربامج الغالة. ولغوي وثقايف ولكن يتعاي�ش مع العرب قوميات �أخرى اخلطوة الثامنة :االهتمام بفك اال�شتباك الفكري ينبغي كفالة حقوقهم. ب�ين ال �ت �ي��ارات امل�ه�م��ة يف ال�ف���ض��اء الإ� �س�لام��ي ،ال�ت�ي��ارات الإ� �س�ل�ام �ي��ة ،وال �ع �ل �م��ان �ي��ة ،واال� �ش�ت�راك �ي��ة ،وال �ق��وم �ي��ة، اال�شرتاكية �إح��دى م��دار���س العلمانية وق��د قعد بها والأفريقانية يف �أفريقيا. التم�سك ب�أحاديتني� ،أح��ادي��ة �أن القيمة للمادة وحدها، ه��ذه التيارات لها وج��ود فكري و�سيا�سي تقف معها و�أحادية التفوق الطبقي .ينبغي تخلي اال�شرتاكية عن ق��وي اج�ت�م��اع�ي��ة وال�ت�ع��اي����ش بينها ج��زء م��ن متطلبات هذين ال�شرطني وقد ظهرت تيارات ا�ستنارة ا�شرتاكية املجتمع احلديث. تدرك ذلك .هذا مدخل حلوار �إ�سالمي ا�شرتاكي م�ستمر. كل حماولة لإلغاء الآخ��ر الفكري وال�سيا�سي ما دام اخلطوة التا�سعة :ينبغي التخل�ص نهائياً من الفهم �سلمياً وملتزماً بالدميقراطية ،ت�ؤدي للطغيان. ال�ع��دواين للوالء وال�براء لي�ست علة القتال يف الإ�سالم التنوع من طبيعة الوجود .واالختالف من حتميات اختالف امللة بل العدوان .الفهم العدواين للوالء والرباء التجمع الب�شري .ما يحمي التنوع قبول الآخر يف التداول �أ�سند لتف�سري خاطئ لآيات يف �سورة براءة. ونفي الع�صبية. م��ن حيث علة ال�ق�ت��ال يف الإ� �س�لام الآي ��ات وا�ضحة: ((( ما يعيب العلمانية هو �إنكار الغيب ولكن لأ�صحابها }�أُ ِذ َن ِل َّل ِذينَ ُيقَا َت ُلو َن بِ�أَ َّن ُه ْم ُظ ِل ُموا{ .وقوله تعايل: حرية ال��ر�أي ما دام��وا ال يفر�ضون ر�أيهم علي الآخرين }�أَ اَل ُتقَا ِت ُلو َن َق ْو ًما َّن َك ُثوا �أَيمْ َ ا َن ُه ْم َو َه ُّموا بِ�إِخْ َرا ِج ال َّر ُ�س ِ ول لأن �أك�بر نظم الطغيان يف التاريخ كانت علمانية �سواء َو ُهم َب َد ُءو ُك ْم �أَ َّو َل َم َّر ٍة �أَ َتخْ َ�ش ْو َن ُه ْم َفاللهَّ ُ �أَ َحقُّ �أَن َتخْ َ�ش ْو ُه �إِن ُكنتُم ُّم�ؤ ِْم ِننيَ{(((
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
13
قال قوم �إن علة القتال هي اختالف امللة .وعلينا �أن �أمتنا يف ارت�ك��اب �إ�سرائيل و�أمريكا حماقات �ضدنا لكي نكفرهم و�أن نكرههم و�أن نقاتلهم .ومن ال ي�ؤمن بهذه ي�ستيقظ العمالق الإ�سالمي لهما و بالتايل يحقق دوره العقائد مرتد واملرتد يقتل .هذه عقائد فا�سدة وترتتب امل�أمول يف التاريخ”. عليها يف ع��امل ال�ي��وم مفا�سد ك�ب�يرة� .إذ �أن�ه��ا ت��وج��ب �أن نعادي %80من الب�شرية. هذه الآراء ت�ستمد من منقوالت يف الأديان الإبراهيمية وثلث �أمتنا يعي�شون �أقليات يف جمتمعات ذات �أكرثية عن �صدام حتمي بني احلق والباطل. غ�ير م�سلمة م��ا ي�شعل الفتنه بينهم� .أن ال �ق��ول بهذه النظرة البناءة امل�ستنرية هي التي تنطلق من مفاهيم العقائد الفا�سدة ي�ضر بالدعوة الإ�سالمية ويلقي ب�أنف�س تتطلع لتعاي�ش ال �صدام بني احل�ضارات علي نحو ما قال امل�سلمني �إلى التهلكة. امل��ؤرخ الربيطاين الأ�شهر �أرنولد توينبي اذ قال“ :علي اخلطوة العا�شرة :عالقات الأدي��ان :االعتقاد الديني احل�ضارة الغربية باعتبارها الغالبة الآن �أال ت�ستعلى بل يقوم على ال�ضمري ما يعني �أن��ه ال ميكن �أن يقوم على �أن تتخذ خطوات ودية نحو احل�ضارات الأخرى فحواها: الإكراه.
14
واالعتقاد الديني ي�صحبه غالباً الرغبة يف التب�شري • �أن تعرتف ب�أنها مدينة للح�ضارات الأخ��رى التي �سبقتها. بهدايته .ف ��إذا بطل الإك ��راه وه��و ب��اط��ل .تبقى ال��دع��وة باحلكمة واملوعظة احل�سنة .كفالة حرية االعتقاد الديني • لقد بلغت احل���ض��ارات الغربية ��ش��أواً عظيماً ولكن للكافة واج��ب �إ�سالمي مثلما هو التزام �إن�ساين .ينبغي احل�ضارات الأخرى �سوف تتعامل معها على �أ�سا�س ديني. �أن ندرك نحن امل�سلمني �أن حرية العقيدة واجب حوا�ضنها احل�ضارية. وم��ع ذل��ك ف��ان ل�ن��ا خ�صو�صية يف ال�ع�لاق��ة م��ع الأ� �س��رة الإبراهيميةُ } :قو ُلوا �آ َمنَّا بِاللهَِّ َو َما �أُن ِز َل �إِ َل ْينَا َو َما �أُن ِز َل • �أن تدرك �أن احل�ضارات الأخ��رى مثلما هي متلقية فهي �صاحبة عطاء يف م�سرية احل�ضارة الإن�سانية. الَ ْ�س َب ِ اط َو َما ُوب َو ْ أ �إِ َلى �إِ ْب َر ِاهي َم َو�إ ِْ�س َم ِاعي َل َو�إ ِْ�س َحا َق َو َي ْعق َ ي�سى َو َما ُ�أو ِت َي ال َّن ِب ُّيو َن ِمن َّر ِّب ِه ْم اَل ُن َف ِّرقُ و�سى َو ِع َ �أُو ِت َي ُم َ هذا النهج يثمر مناخاً �إيجابياً يف التالقح والتعاي�ش ((( َبينْ َ �أَ َح ٍد ِّم ْن ُه ْم َون َْحنُ َل ُه ُم ْ�س ِل ُمونَ{ . بني احل�ضارات يف ظل منظومة حقوق الإن�سان وحقوق (ل البيئة. والعالقة مع كافة الأديان الأخرى تقوم على مبد�أ اَ �إِ ْك� َرا َه فيِ ال ِّدينِ )((( } َل ُك ْم ِدي ُن ُك ْم وَليِ َ ِدي��نِ {((( .واحلرية اخل �ط��وة ال�ث��ان�ي��ة ع���ش��ر :الأب� �ع ��اد ال��دول �ي��ة :ال�ن�ظ��ام تعم الالدينيني } َو ُق ِل الحْ َ قُّ ِمن َّر ِّب ُك ْم َف َمن �شَ ا َء َف ْل ُي�ؤ ِْمن الدويل احلايل ا�شرتاك يف ت�صميمه 51دولة يف فرتة ما و َمن �شَ ا َء َف ْلي ْك ُفر{((( . َ َ ْ بعد احلرب الأطل�سية الثانية .وهو نظام تنق�صه العدالة. اخل �ط ��وة احل ��ادي ��ة ع �� �ش��ر :ب ��رن ��ارد ل��وي ����س حم��ر���ض وينق�صه التوازن وال بد من مراجعته على �أ�سا�س الإحاطة ح�ضاري ق��دم تعريفاً �أي��دي��ول��وج�ي�اً للح�ضارة الغربية ،بامل�ستجدات والعدالة. وتعريفاً للح�ضارة الإ�سالمية لي�ؤ�س�س علي ذلك حتمية وهنالك ج��وان��ب يف ال�سيا�سة الدولية لوثت الواقع ال�صدام بينهما. الدويل تتطلب ت�صدياً حازماً: وه �ن��ال��ك حم��ر� �ض��ون ب��ا� �س��م ح���ض��ارت�ن��ا ك��ذل��ك ففي ع��ام 2004م يف ال��ري��ا���ض ق��دم��ت حم��ا��ض��رة ح��ول (ح��وار • الهيمنة الدولية غر�ست �إ�سرائيل يف حميط عدائي لها فت�أ�س�س م�شروع اح�ت�راب م�ستمر ودع��م دويل احل���ض��ارات) وك��ان م��ن ب�ين احلا�ضرين الأ��س�ت��اذ حممد لغزوات �إ�سرائيل. قطب علق ق��ائ� ً لا“ :يا �أخ��ي دع��ك م��ن ه��ذا �إن م�صلحة • ال�ه�ي�م�ن��ة ال��دول �ي��ة ب �ق �ي��ادة �أم��ري �ك �ي��ة دع �م��ت نظم ال �ط �غ �ي��ان يف ب �ل��دان �ن��ا حل��را� �س��ة م �� �ص��احل �ه��ا .نظم ) 1سورة البقرة اآلية ()631 دكتاتورية حافظت علي �سلطانها بالقهر و�سيا�سة ) 2سورة البقرة اآلية ()651 "فرق ت�سد" وعندما �أطيح بالطغاة برزت ت�شققات ) 3سورة الكافرون اآلية ()6 طائفية و�إثنية. ) 4سورة الكهف اآلية ()92
الثورة امل�ضادة يف بلدان الربيع العربي حتاول �إ�سناد ذل��ك ل�ل��رب�ي��ع ال �ع��رب��ي .ول �ك��ن ط��ول م�ك��ث ال�ط�غ�ي��ان هو امل�س�ؤول عن هذا الت�شويه. • ال�سيا�سة الأم��ري�ك�ي��ة ه��ي ال�ت��ي ا�ستغلت احلما�سة اجلهادية حل��رب ال�سوفييت يف �أفغان�ستان وميزت الأفغان العرب ما �أدى لظهور تنظيم القاعدة وهو تنظيم اتخذ �شرعيته من حترير بالد امل�سلمني من الغزو الأجنبي.
�إن الإ�سالموفوبيا وال�سيا�سات التي احت�ضنها الرئي�س الأم��ري �ك��ي اجل��دي��د وال���س�ي��ا��س��ات ال�ت��ي تتبناها ح��رك��ات ال�ي�م�ين امل �ت �ط��رف يف ال �غ��رب الآن مت�ن��ح ت �ي ��ارات الغلو والعنف يف منطقتنا �أقوى مربرات وجود وحجج لتجنيد امل�ستقتلني .وما يحدث يف مينمار من بط�ش بامل�سلمني عن�صرياً ،وكذلك البط�ش بااليغور يف ال�صني حقائق تعزز �أجندات الغالة.
• و�سيا�سة احتالل العراق اخلاطئة �أدت �إلى تداعيات ب�سببها تراكمت مظامل �سنية ا�ستغلها فرع القاعدة لتكوين �سيا�سي يف 2007م وبعد هزميته كونوا داع�ش ختاماً� :إن الوعي املحيط بهذه اخلطوات االثني ع�شر يف 2014م .ويف احلالتني ف�إن الت�صدي لهم بالتفوق الع�سكري ،قد يحقق �أه��داف�اً ع�سكرية ولكن �إذا مل وت�ك��وي��ن �إرادة �سيا�سية ق��وي��ة لل�سري فيها ه��و الطريق متح الأ�سباب �سوف تظهر تعبريات �أخرى. الوحيد للت�صدي لأزماتنا الفكرية والثقافية وحتريك • ك �ث�ي�رون ح�م�ل��وا امل���س�ل�م�ين امل���س��ؤول�ي��ة ع��ن ت�ط��رف القاعدة وداع����ش م��ع �أن لل�سيا�سات الدولية ال��دور الأزم ��ات و�إ�شكالية ال��دول��ة واحلكم من �أزم��ة قاتلة �إلى الأكرب يف �صنع العوامل التي �أفرزتهما. فر�صة لفجر جديد. ه��ذه االت�ه��ام��ات اجل��ائ��رة �ساهمت يف تكوين ت�ي��ارات َ الإ��س�لام��وف��وب�ي��ا العمياء �ضد امل�سلمني م��ع �أن�ه��م �أك�بر �إذا �أن ��تَ لمَ تحَ � ِ�م ال � َق��دمي ِب�ح��ا ِدث �ضحايا هذا الغلو والعنف امل�صاحب له ومع �أن ال�سيا�سات ِمنَ امل َ ِ الأجنبية هي �أكرب �صناع هذا الغلو والعنف. جد لمَ ينفعك ما كا َن ِمن َقبل.
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
15
دراسات
الوعي االستراتيجي في بناء الوحدة وترسيخ العالقات بين مكونات األمة لقد كانت احلالة الناجتة عن االنتكا�س الفكري والتمزق والتالعب مب�صائر ال���ش�ع��وب الإ��س�لام�ي��ة ال�ت��ي � �س��ادت الن�صف الأول م��ن ال�ق��رن الع�شرين� ،أح��د م�صادر الت�شوي�ش ال��ذي طال فكرة الوحدة الإ�سالمية يف مدلوالتها العامة .ف�أ�صبحنا �أمام �أربع نظريات للوحدة متباعدة يف �أهدافها ،مت�صادمة يف م�ضامينها ،متنافرة يف �أبعادها : وحدة مثالية ،جتمع ال�شعوب الإ�سالمية يف �إط��ار نظام �سيا�سيم��وح��د� ،أو م��ا يعرب عنه يف الأدب �ي��ات ال�سيا�سية الإ��س�لام�ي��ة بـ (جتديد اخلالفة الإ�سالمية). وح��دة خيالية ،تلتئم فيها ال�شعوب العربية كافة� ،ضمن كيان�سيا�سي عربي واحد ،وهو ما يعرب عنه بـ (الدولة القومية).
16
-وح��دة واقعية ،جتمع �شعباً واح��داً تتجان�س عنا�صره وتتوحد مك ّوناته يف �إطار دولة ذات �سيادة كاملة طبقاً ملقت�ضيات القانون د .عبد العزيز بن عثمان التويجري الدويل ،وهو ما ي�صطلح عليه بـ (الدولة الوطنية). المدير العام للمنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-
وح��دة م�ستحيلة ،تن�صهر فيها �شعوب العامل يف بوتقة واح��دة،وهي النظرية الي�سارية املارك�سية التي �أطلقت ن��داء (يا عمال العامل احت��دوا) ،والتي �سادت يف بع�ض ال��دول العربية خا�صة، خالل الن�صف الأول من القرن الع�شرين ،اتباعاً وتقليداً لالحتاد ال�سوفياتي ال��ذي كان يف �أوج ا�ستبداده وذروة طغيانه وانتهاكه حلقوق الإن�سان وف�ساده يف الأر�ض.
�إن الوحدة التي ينبغي �أن تن�صرف الهم ُم �إلى بنائها ،هي كثرية لتطوير العامل الإ�سالمي ،وحتريره من ال�ضغوط تلك التي ت�أخذ بعني االعتبار الظروف احلالية ،والتحديات التي حتا�صره وت�ؤثر �سلباً يف حا�ضره ويف م�ستقبله يف الآن القائمة ،والو�سائل املتاحة والعوامل امل��ؤث��رة ،وال ينف�صل نف�سه. ري فيها عن املتغريات التي حتدث يف ال�ساحة الدولية. التفك ُ الوعي اال�سرتاتيجي يف بناء الوحدة ومن منطلقات هذه الوحدة ،تر�سي ُخ العالقات بني مكونات الأمة الإ�سالمية الواحدة اجلامعة بني �أتباع الأديان وامللل �إ َّن رك��ائ��ز ال��وح��دة وق��واع��د الت�ضامن وم�ب��ادئ التعاون والنحل والقوميات املتعددة والثقافات املتنوعة التي ت�شكل تتمثل يف �أن النا�س مت�ساوون يف احلقوق وال��واج�ب��ات ،و�أن جمي ُعها العمو َد َّ الفقري للجماعات الدينية والعرقية ،كل دينهم هو دين ال�سالم والعدل الذي ي�ضمن حتقيق الأمن منها على حدة .فهذا هو ما ي�صطلح عليه بالتع ّدد يف �إطار ال�شامل والتكافل االجتماعي .وترتتب على ه��ذه امل�ساواة الوحدة� ،أو الوحدة على �أ�سا�س التن ّوع .وعلى هذا الأ�سا�س مقت�ضيات ع��دة ،يف املقدمة منها ،التعاون املتعدد املجاالت املتني ُتب َنى الوحدة ،ال على الأ�س�س اله�شة ،فتكت�سب املناعة املتنوع الأغ��را���ض ،املت�شعب الو�سائل ،يف كل �ش�أن داخلي �أو �ضد املخاطر التي تهددها ،وت�ك��ون وح��دة �صامدة يف وجه خ��ارج��ي ،يحقق امل���ص��ال��ح احل�ي��وي��ة لل�شعوب .ف�ه��ذه وح��دة عوادي الأيام .وهذا هو الأمر الذي مل ُي َ و�ضع يف احل�سبان يف قائمة على �أ�س�س التعاون والتن�سيق والتكامل ،وعلى قاعدة التجارب الوحدوية العديدة ال�سابقة التي �شا َبها االرجتال الت�ضامن الإ�سالمي الفاعل وامل�ؤثر. واالندفاع وعدم التقدير ال�سليم للعواقب فمنيت بالف�شل، حتى �أ�ضحى جمرد التفكري يف الوحدة مثاراً للجدل الذي ال ل �ق��د ان �ت �ه��ت ف �ك��رة ال ��وح ��دة الإ� �س�ل�ام �ي��ة� ،أو اجل��ام�ع��ة يجدي نفعاً ،بل يراه بع�ضهم �ضرباً من العبث. الإ�سالمية� ،أو اخلالفة ،يف ع�صرنا احل��ايل� ،إلى التبلور يف �صيغة تنظيم �إقليمي �أن�شئ ا�ستناداً �إلى ميثاق الأمم املتحدة، �إ َّن �صيغة العمل الإ��س�لام��ي امل�شرتك يف �إط��ار منظمة وانطالقاً من القانون الدويل .فمنظمة التعاون الإ�سالمي التعاون الإ�سالمي ،ويف املنظمات العاملة يف �إطارها ومنها هي اليوم �أك�بر جتمع دويل بعد الأم��م املتحدة .و�إذا كانت املنظمة الإ�سالمية للرتبية والعلوم والثقافة �-إي�سي�سكو ،-الإجن��ازات التي حققتها هذه املنظمة ال تـرقى �إلى م�ستوى والبنك الإ�سالمي للتنمية ،هي امل�شروع الوحدوي الإ�سالمي تطلعات ال�شعوب الإ�سالمية� ،إ ْذ مل تفلح يف ف ّ ـ�ض النزاعات ال��ذي يهدف �إل��ى جمع ال�صفوف ،والتقريب بني ال�شعوب ال�ت��ي تـن�ش�أ يف بع�ض امل�ن��اط��ق م��ن ال �ع��امل الإ� �س�لام��ي بني الإ�سالمية يف �شتى املجاالت وعلى خمتلف امل�ستويات ،لبناء امل�سلمني بع�ضهم مع بع�ض ،ومل تـنجح يف تـر�سيخ العالقات التنمية ال�شاملة امل�ستدامة التي هي اليوم �أح��د التحديات الإ�سالمية-الإ�سالمية وتقويتها و�إمنائها وازده��اره��ا ،ف�إن ال�ت��ي ت��واج��ه الأم ��ة الإ��س�لام�ي��ة .ف��ال��وح��دة احلقيقية التي ذلك ال يجيز ب�أية حال� ،إنكار �أو جتاهل الدور الكبري الذي ت�صمد وال ت�ن��ال منها ال�ت�ح��والت ال�سيا�سية ال�ع��اب��رة ،هي تنه�ض به على ال�صعيدين الإ�سالمي وال��دويل ،باعتبارها الوحدة التي تقوم على قاعدة را�سخة من التعاون وال�شراكة ،متثـل منوذجاً رفيع امل�ستوى للوحدة الإ�سالمية التي حتمي من �أج��ل تعزيز البناء التنموي يف املقام الأول ،ويف �سبيل امل�صالح العليا للعامل الإ�سالمي ،وتدافع عن حقوق ال�شعوب ال�ت���ص��دي ل�ل�م�خ��اط��ر ال �ت��ي ت �ه��دد الأم� ��ن وال���س�ل��م ،و ُي�ع� َن��ى الإ�سالمية. القائمون عليها والعاملون من �أجلها و ُبـناة قواعدها ،بتوفري ّ الأ�سباب لالرتقاء باحلياة الإن�سانية ،وللنهو�ض بالأو�ضاع وح �ي��ث �إن� ��ه م��ن امل���س�ت�ح�ي��ل يف ع ��امل ال �ي��وم ق �ي��ام دول��ة االجتماعية ،وتطوير الأح��وال االقت�صادية ،و�إيجاد ال�سبل �إ�سالمية واح��دة جتمع �شعوب العامل الإ�سالمي ،كما كان امل�م�ه��دة لبناء جمتمع ال��رخ��اء وال��رف��اه�ي��ة واالزده� ��ار على الأمر يف �سالف الدهر ،ف�إنّه من ال�ضروري العمل على تقوية مراحل تخ�ضع للدرا�سة املعمقة .فهـذا ال�ضرب من العمل ه��ذه املنظمة اجلامعة ل��دول ال�ع��امل الإ��س�لام��ي ومتكينها ال�سيا�سي من �أج��ل بناء الوحدة ،هو ال��ذي يحقق الأه��داف من و�سائل العمل املادية والب�شرية ،وتوفري �أ�سباب النجاح من وراء كل جتربة وحدوية جادة وناجحة. ل��ر��س��ال�ت�ه��ا احل �� �ض��اري��ة ،واح�ت��رام ال� �ق ��رارات ال �� �ص��ادرة عن م�ؤمتراتها املختلفة وو�ض ُعها مو�ضع التطبيق ،يف حركةٍ وال��وح��دة درج ��ات ال تناق�ض بينها ب��ال �� �ض��رورة .ولقد مت�ضامنة ومتنا�سقةُ ،تـغ ّلـب ال�صال َح العام والق�ضايا الكربى م�ضى العهد الذي كانت تقوم فيه التجارب الوحدوية على على امل�سائل الفرعية والق�ضايا الهام�شية .فبذلك يتحول �أ�سا�س من العاطفة واالنفعال واالرجت ��ال .ويعي�ش العامل الوعي اال�سرتاتيجي �إلى م�شروع ا�سرتاتيجي يبني الوحدة، الإ��س�لام��ي ال�ي��وم مرحلة ميكن �أن نطلق عليها (مرحلة وير�سخ العالقات بني مكونات الأم��ة ،ويخرجها من امل��أزق اليقظة ال��وح��دوي��ة) ،وه��و يتخل�ص ،م��ن روا� �س��ب الأف �ك��ار احل�ضاري ال��ذي يعوق م�سريتها ،و ُيـغـري الأم � َم بالتكالب ال�سيا�سية اخليالية املرجتلة التي ت�سببت يف �ضياع فر�ص عليها. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
17
دراسات
النهوضُ العربيُّ اإلسالمي وإشكالياته ُ التراث في الفكر العربيِّ المعاصر وإشكالياته في النهوض
ظهر م�صطلح "الرتاث" مبعناه احلايل يف الثالثين ّيات من القرن املا�ضي يف كتابات جمموعة من الكتاب �أمثال :طه ُح�سني وعبا�س حممود العقاد ،ومعها كثرُ طر ُح اجتاهات نظرية نقدية تدعو �إلى �إعادة النظر يف الثقافة العربية عموماً .وما زال هذا الطرح قائماً ،حتى بني الإ�سالم ِّيني، ووازاه يف ّ اخلط نف�سِ ه مقول ُة �ضرورة �إعادة النظر يف البنيات االقت�صادية وال�سيا�سية والتعليمية واالجتماعية ،و�أت��ت ه��ذه ال��دع��وات يف �أعقاب هزمية 1967م على يد �إ�سرائيل. نف�سه يف املجتمع العربي منذ وب�ق��راء ٍة ووقفة �شاملة ملا �أخَ ��ذ ُيعلن َ ال�سبعين ّيات من مظاه َر �أعقبت الهزمي َة تتجلى يف �أربعة �سياقات هي: 18
أ .د .يوسف محمود الصديقي
.1االن�ك���س��ار ال�ك�ب�ير ال ��ذي حل��ق ب��الأم��ة ال�ع��رب�ي��ة والإ��س�لام�ي��ة �أم��ام الهزمية التي وقعت علينا �أمام �إ�سرائيل.
� .2إع��ادة التحويل يف بنية املجتمع العربي من خ�لال مبد�أ الطفرة عميد كلية الشريعة والدراسات البرتولية. اإلسالمية-جامعة قطر
.3ظهور م�شاريع ت َّدعي النه�ضة مثل :االجتاه الليربايل ،واال�شرتاكية القومية ،واالجت ��اه الديني ب�أطيافه امل�ستبدة ،واالجت ��اه الديني الأ� �ص��ويل ،واالجت��اه الديني ال�سلفي ،واالجت��اه الديني ل�ل�إخ��وان امل�سلمني .ويف هذا اجلو جتد �أن اخلطاب العربي �أخذ يعي�ش حالة من الت�أزم واال�ضطراب وخيبة الأم��ل ،وظهرت �أزم��ات عديدة من �أق��واه��ا تلك التي دع��ت �إل��ى اتخاذ موقف نقدي من العالقة بني العروبة والإ�سالم (�أو الدين عموماً) واجلمهور والثقافة ،والعلم
وهنا ويف ظ��ل ه��ذه ال�سياقات املتعددة ال�سالفة الذكر وال��دي��ن ،وامل��ا��ض��ي واحل��ا��ض��ر ،والأ� �ص��ال��ة وامل�ع��ا��ص��رة، واحلداثة والدين ،وما بعد احلداثة و�أهميتها يف حياة ب��رزت اجتاهاتٌ ت�ش ِّكك يف ج��دوى الفكر العربي الإ�سالمي وتاريخه ،كما الزمها ُّ ال�شك يف جدوى البحث يف امل�ستقبل املجتمعات. العربي. .4االن�شغال ب�ضرورة العروج �إلى نقد ذاتي ملعرفة اخللل، ون�ستطيع �أن نقول بعد ق ��راءات ع��دي��دة ح��ول ال�تراث ف ��أخ��ذت ق�ضية ال�ت�راث تطفو ع�ل��ى احل ��دث الثقايف حتى �أ�صبحت �أُ َّم ال�شواغل يف ال�ساحة الثقافية حتى وم��ا قيل ف�ي��ه� :إ ّن املعركة على ال�ت�راث �أخ��ذت �شكلني� ،أو يومنا هذا ،و�أخ��ذت درا�سات و�أبحاث يعلو �صو ُتها �إلى قلَّ : خطينْ متوازيينْ ،اخلط الأولٌّ : خط منهجي نظري، �أن �أ�صبحت احلدث الأكرب يف احلياة الثقافية العربية ،واخلط الثاينٌّ : خط تطبيقي. وتنوعت امل�شاريع حتت م�س َّميات عديدة ،منها :م�شاري ُع �أما اخلط املنهجي فقد ُطرح على هيئة ا�ستف�سار قائل: و�أب� �ح ��اثٌ ور�ؤى ودرا� � �س ��اتٌ ف�ك��ري��ة ع��ام��ة ،ودرا� �س��ات ب �� ِّأي منهج نفهم ال�ت�راث فهماً علم ّياً؟ بينما اجت��ه اخل� ُّ�ط تراثية على كيفيات معينة ،و�أ�صبحت هذه الدرا�سات ال�ث��اين �إل��ى حم��اول��ة معرفة وب�ي��ان م��ا ال��ذي ان�ط��وى عليه مب�سمياتها ت�ل��ك تعي�ش م�ع��رك��ة ع�ل��ى ال �ت�راث ،حتى الرتاثُ بعامة� ،سواء �أكان تراثاً �إ�سالم ّياً �أو عرب ّياً. ق َّل مداها نوعاً ما مع الزلزال ال��ذي وقع للمنظومة ونالحظ �أن من الأخطاء اجل�سيمة التي ارتكبت من قبل اال�شرتاكية العاملية .غري �أن ال�صراع مع ال�تراث عاد كل الذين خا�ضوا البحث يف الرتاث يف حقيقة الأمر� :أنهم ب�ق��وة م��رة �أخ ��رى م��ع م�ع��رك��ة ال���س�لام والتطبيع مع كانوا يفتقرون �إل��ى معرفة وا�ضحة بالرتاث ب�صفة عامة �إ��س��رائ�ي��ل ،وه�ن��ا �أخ ��ذت ال��درا� �س��ات ت�ن�م��وا من� � ّواً �آخ��ر ،منهجاً وعلماً ،ومل يكونوا م�ؤ َّهلني علم ّياً ومعرف ًّيا لطرق وخا�صة مع بروز الأ�صولية الإ�سالمية التي عار�ضت ب��اب البحث يف ال�ت�راث؛ لأن من �أراد �أن يبحث يف ال�تراث ال���س�لام وال�ت�ط�ب�ي��ع م��ع �إ� �س��رائ �ي��ل ال ��ذي �أخ ��ذ يطرح من علوم وم�ع� َ �ارف و�أح�ك��ام �شرع ّية فقهية �أو �آرا ٍء فل�سفية �أ�سئلة ع��دي��دة م��ن �أهمها� :إل��ى �أي��ن امل�سري ،وم��ا ح� ُ �ال وكالم ّية و�صوف ّية عليه �أن ميتلك ال ِ أدوات املعرفي َة الأولية العرب وامل�سلمني يف �سياق تعاظم امل�شروع ال�صهيوين ال�ت��ي ت��ؤه�ل��ه لأن يفهم ه��ذا ال�ن�ت��ا َج احل���ض��اري الإ��س�لام��ي التطبيعي ،وم��ا �آف ��ا ُق امل�ع��رف��ة اجل��دي��دة على الهوية وال�ع��رب��ي يف �سياقه اخل��ا���ص ب��ه ،ذل��ك �أن منهج البحث يف العربية ،وما موق ُع الرتاث العربي والعربي الإ�سالمي ال�ت�راث مل ي��و�َّ��ض� ْح حتى الآن ومل يق َّعد ق��واع � َده ،و�إليك من ه��ذا التطبيع؟ وكذلك ازدادت الهجمة ال�شر�سة بع�ضها: على ال�تراث مع َم� ْق��دم االيديولوجيات الغربية �إلى الكتاب �أو املو�سوعة جمتمعاتنا م�ث��ل :العلمانية وال�ع��ومل��ة واحل��داث��ة وما � .1أن �أف�ه� َم الع�صر ال��ذي �أُ ّل��ف فيه ُ الرتاثية. ب�ع��د احل��داث��ة واحل ��روب ال��واق�ع��ة يف منطقتنا مثل: حرب العراق و�سوريا واليمن وليبيا وظهور اجلماعات � .2أن �أفه َم ال�سيا َق االجتماعي يف ذلك الع�صر الذي �ألف امل�سلحة الدينية املت�شددة وغريها التي احتكم ُ بع�ضها فيه� ،أو الأحكام ال�شرعية التي و�ضعت له والأحكام التي �إلى الرتاث. �أطلقت فيه. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
19
20
� .3أن �أفهم الأح��داث ال�سيا�سية والثقافية واالجتماعية التي كانت �سائدة �آنذاك �أثناء ت�أليف الكتاب �أو امل�ؤ َّلف الرتاثي. � .4أن �أُق ِّل َب الآرا َء والأحكام �أو الفتاوى التي قيلت ،وهل ه��ي ك��ان��ت خ��ا��ص��ة ب�ظ��رف ووق ��ت م�ع�ين �أم �أن �ه��ا عامة ومطلقة؟ وهكذا. ه��ذه ُ بع�ض الأدوات املعرفية واملنهجية اخلا�صة بفهم الرتاث وا�ستيعابه ب�شكل علمي �صحيح. ون��رى ه��ا هنا ك��م ك��ان اجل��اب��ري ل��دى درا��س�ت��ه م�س�أل َة ال�تراث فاق ًدا ل�ل�أدوات املعرفية اخلا�صة بدرا�سة ال�تراث، اجلابري منذ اللحظة الأولى قد �أعلن بطالن كل ذلك �أن َّ املحاوالت البحثية على �صعيد الرتاث العربي والإ�سالمي، بحجة �أنها يف جمموعها الكلي (قراء ٌة �سلفية)(((() وخالية ّ م��ن ال�ت���ض��ا ِّد وال�ت���ص��ارع بينها ،و�أن �ه��ا يف جمموعها الكلي عك�س قراءته العلمية التي قدمها على منط واح��د .وه��ذا ُ ويقدمها؛ لأنه ي َّدعي �أ ّن قراءاته وكتاباته التي قدمها تقوم على منهجية الت�ضا ِّد والت�صارع بينها ،على �صعيد �آلياتها املنهجية التي ُتو ّلد املعرفة وتنتجها بت�ضا ِّدها وت�صارعها. ومقول ُة اجل��اب��ري الراف�ضة للقراءة ال�سلفية للرتاث قائمة على �أمو ٍر عدة ،منها� :أن القراءة ال�سلفية تربز الرتاث نف�سه �إقحاماً يف احلا�ضر. بو�صفه املا�ض َي الذي يقحم َ نف�سه يف �أح�ضان (القراءة وهنا جتد �أن اجلابري يرمي َ الأورب��اوي��ة) اال�ست�شراق ّية ،ويطرح �أ�سئلته امل�سايرة لروح �أ�سئلة امل�ست�شرقني فيقول :كيف نعي�ش ع�ص َرنا؟ وكيف نتعام ُل مع تراثنا؟ اجلابري ي�ؤكد ويف الإجابة عن هذينِ ال�س�ؤالينِْ جتد �أن َّ �أ ّن احل��وار يف ه��ذا املحور بني احلا�ضر واملا�ضي يلزمه �أ ّن يجب �أن يفر�ض نف�سه على املا�ضي احلا�ض َر الغربي هو الذي ُ ال�تراث��ي العربي والإ��س�لام��ي ،ذل��ك �أ ّن احلا�ضر الأوروب��ي ال�غ��رب��ي يفر�ض نف�سه ك�ـ (ذات) للع�صر ك�ل��ه ،للإن�سانية جمعاء. ومما ي�ؤخذ منهجياً على اجلابري ومن ي�ؤ ّيده �أن��ه مل يتمكنْ من ت�شخي�ص عالقة الفكر العربي املعا�صر بالغرب �إال يف �صيغة الهيمنة اال�ستعمارية واالم�بري��ال�ي��ة ،وه��ذه العالقة �إن وجدت كما يريدها اجلابري �ستجتثُّ احتماالت التثاقف والتجادل املعريف بني النِّدين �أو قل :بني الفريقني، وتق�ضي على الت�ضا ِّد والت�صارع املعريف املو ِّلد للفكر واملعرفة، كما �أنها �ستق�ضي على التمايز والتنوع والهويات التي يمُ ّي ُز ُ بع�ضها ً بع�ضا. ) 1الدكتور حممد عابد اجلابري ،نحن والرتاث� ،ص.6
كما �أن العالقة الفكرية ما بني الفكر العربي املعا�صر والفكر الغربي كما يريدها اجلابري �ستو ِّلد عالق َة هيمنة ا�ستتباعية ل�ل�غ��رب ،فن�صبح ق��ا��ص��ري��ن م�ع��رف� ّي�اً وتابعني لأيديولوج ّي ٍة مكابدة تنظر نظرة متعالية علينا. ثم ي�أتي اجلابري بعد ذلك فيطرح �س�ؤا ًال مفا ُده :كيف نعيد بناء تراثنا؟ ومبنهجية ا�ستقرائ ّية ح��اول�ن��ا �أن ن�ستقرئ املرجع ّي َة التي ينطلق منها اجلابري ومن �سار على درب��ه يف موقفه من الرتاث العربي الإ�سالمي ،والتي ُتعد ُم ُثـلَه العليا ،ويف ر�ؤيته للنه�ضة والنهو�ض العربي ،وها هو ذا يقول( :بد�أ امل�سلمون يت�أخرون حينما بد�أ العق ُل عندهم يقدم ا�ستقالته حينما �أخذوا يلتم�سون امل�شروع ّية الدينية لهذه اال�ستقالة، يف حني بد�أ الأوروب ّيون يتقدمون حينما بد�أ العق ُل ي�ستيقظ و ُي�سائل نف�سه� ،أما الر�أ�سمالية فهي بنت العقالنية)((((). كان دو ُر العرب التاريخي العلمي يتمثل يف جتاوز الق�شرة َ معارف العلم والعقل�( ،إلى (ق�شرة العقل الهرمي امل�ستقل) العقالنية اليونانية التي كانت متثل اخلال�صة التاريخية لتطور العقل الب�شري ومعارفه �إل��ى ع�صرها ،وق��د فعلوا ذلك جزئياً ،وجزئياً فقط) ((((). وهكذا �أخ��ذ يظهر يف �ساحة الفكر عند امل�ستغربني من مثقفي العرب (ال�صراع على ال�تراث العربي الإ�سالمي). ومتثل هذا ال�صراع على الرتاث يف �أربعة حماور ،هي: -ال�صراع على منهج البحث الرتاثي. ال�صراع على الرتاث م�ضموناً. ال �� �ص��راع ع�ل��ى م�ق��ول��ة (ال �� �ص��راع يف ال �ت�راث ال�ع��رب��يالإ�سالمي). هل احلا�ضر �شيء �آخر غري عطاء املا�ضي؟ ف�إن مفهومالرتاث عند اجلابري �أنه عبارة عن املا�ضي. و�إذا انتقلنا �إلى احلقل التطبيقي وجدناه يقرر ما يلي: (واحل��ق �أن ثقافتنا الراهنة حمكومة بهذا الآخ��ر وتابع ٌة له بقدر ما هي حمكومة وتابعة لثقافتنا القدمية� ،أعني: تراثنا العربي الإ�سالمي)((((). وال�تراث جمهود ب�شري ُي�ستخل�ص �أو ينتج من الن�ص (الن�ص الديني ُي�ستنطق بالفهم الديني املق ّد�س ،ذلك �أن َّ ) 2الدكتور حممد عابد اجلابري ،تكوين العقل العربي� ،ص.347 ) 3امل�صدر ال�سابق نف�سه. ) 4الدكتور حممد عابد اجلابري ،الرتاث واحلداثة� ،ص.55
الب�شري ال�تراث��ي ،وال�ن����ص ال��دي�ن��ي م�ق� َّد���س وال ي��دخ��ل يف ال�ت�راث؛ لأن��ه لي�س �إن�ت��اج�اً ب�شرياً ،ب��ل وح��ي �إل�ه��ي ،بينما االجتهادات هي الرتاث وهي �إنتاج ب�شري)((((). ويف تعامله م��ع ه��ذا ال�ت�راث ي�ق��ول اجل��اب��ري( :وه��ذا ال�ت�راث �أت�ع��ام��ل معه تعام ً ال ن�ق��د ّي�اً يف �أ��س�ب��اب ن��زول��ه ،ويف تاريخ ّيته ويف مقا�صده ،وه��ذا النوع من التعامل يتوخى املو�ضوعية واحلياد)((((). وه�ن��ا ي�ت��دخ��ل ط�ي��ب ت�ي��زي�ن��ي م�ستنكراً ع�ل��ى اجل��اب��ري مقولته تلك ال�ت��ي ل��و نظرنا �إل�ي�ه��ا ل��وج��دن��اه��ا قابلة لأن ت��در���س ب�ح��ذر �شديد كما ق��ال ،ومبو�ضوعية علمية ،كما يدر�س هو ال�تراثَ متوخياً املو�ضوعية التي يدعيها ،غري �أن طيب تيزيني ي�ستنكر على اجلابري قوله هذا ،را ّداً عليه بقوله :كيف �سمح الكاتب ،يعني اجلابري ،لنف�سه �أن ميزق �ادي منغم�س املا�ضي �إل��ى مق ّد�س متعالٍ على ال�ت�راث وع � ّ وجم�سد له؟ �إل��ى � ّأي حقل معريف ينتمي هذا التمزيق، به ِّ وكيف ُي�س َّوغ ذل��ك عقلياً ومو�ضوع ّياً؟ هل �سلك الرجل– يعني اجلابري– يف ه��ذا م�سلك القائلني ب��وج��ود مطلق �إطالقاً �إلى جانب الن�سبي؟ و�أخ�يراً ،كيف ت�سنى للكاتب– اجلابري– العقالين النقدي �أن يمُ �سك بـ(املطلق �إطالقاً): ه��ل بوا�سطة معرفة غنو�صية �أو ح��ر���س ��ص��ويف يدخالن ح�سب ر�أيه يف حقل خطاب عرفاين يج�سد العقل الهرم�سي الظالمي امل�ستقيل؟ تعليقاً على اعرتا�ض طيب تيزيني على مقولة اجلابري يف متييزه للن�ص القر�آين عن ال�تراث الذي ر�أى �أن النقد والدرا�سة على ال�تراث دون الن�ص القر�آين فيه �سقطة ال تغتفر للطيب تيزيني ال��ذي ��س��اوى ب�ين الن�ص ال�ق��ر�آين والرتاث الذي هو ُجهد ب�شري قام به علماء الإ�سالم ،وحجة طيب تيزيني يف �أن ي�ساوي بينهما ،الن�ص القر�آين والرتاث، �أنهما ينتميان �إلى املا�ضي ،ويقول طيب تيزيني( :ماذا يعني �أن تنظر يف املنزَّل بعيداً عن النقد والتاريخية واملو�ضوعية واحليدة ،و�إذا حجبنا هذه الر�ؤية البحثية عن البحث يف ذلك وغريه ،فما الذي يتبقى للباحث على هذا ال�صعيد؟).
�سبق للمعتزلة العقليني حقاً يف ع�صرهم �أن قدموا خطاباً �سمح لهم �أن يق�صوا ما اعتربه اجلابري مقد�ساً ليتحركوا ب�ق��وة و�شجاعة يف �إخ���ض��اع الن�ص ال��دي�ن��ي لبحث الهوتي نقدي عميق ،وه��ذا م��ا يقوم ب��ه راه�ن�اً ره��ط م��ن املفكرين الإ�سالميني امل�ستنريين والنقديني �أم�ث��ال حممد �سعيد الع�شماوي ،ون�صر حامد �أبو زيد)((((). و�إذا ُع��دن��ا �إل ��ى اجل��اب��ري ن��رى �أن ��ه ع�ن��دم��ا ان�ت�ه��ى من ن�ق��ده ل�ل�تراث ع � ّرج �إل��ى الفل�سفة الإ��س�لام�ي��ة و�أخ ��ذ يقلل منها وي�ق��ول فيها( :مل تكن الفل�سفة الإ��س�لام�ي��ة ق��راءة متوا�صلة ومتجددة با�ستمرار لتاريخها اخلا�ص كما كان ال�ش�أن بالن�سبة للفل�سفة اليونانية ،وكما هو احلال بالن�سبة للفل�سفة الأوروبية منذ ديكارت �إلى اليوم ،بل �إن الفل�سفة يف الإ�سالم كانت عبارة عن قراءة م�ستقلة لفل�سفة �أخرى ،وهي الفل�سفة اليونانية :ق��راءات َو َّظ�ف��ت امل��ادة املعرفية نف�سها لأهداف �أيديولوجية خمتلفة متباينة)((((). �أما الغرب يف فل�سفته فقد اعتمد على العقل وتطوره يف مداه املعريف من خالل ثابتني ل�سري العقل َح َّددا �سري عمل العقل ،وهما: .1اعتبار العالقة بني العقل والطبيعة عالقة مبا�شرة. .2الإمي��ان مبقدرة العقل على تف�سري العالقة القائمة بني العقل والطبيعة والك�شف عن �أ�سرارها. �إذن ،فاجلابري رف�ض الرتاث الإ�سالمي والفل�سفي ،وكتب يف هذا ال�صدد�( :أم��ا �أن نبحث فيما ميكن �أخ��ذه من املعتزلة وال�شيعة واخل��وارج والأ�شاعرة ثم الفال�سفة، ف �ه��ذا ع�م��ل غ�ي�ر ت��اري �خ��ي ال ي � ��ؤدي �إال �إل ��ى حلقات مفرغة)(((().
وهنا ن�س�أل اجل��اب��ري :ملا يرف�ض اجل��اب��ري البحث عن الوجوه امل�شرقة يف الرتاث الإ�سالمي امل�شرق؟ من املالحظ �أن نه�ضة �أوروبا العقلية والطبيعية هي التي قادت اجلابري �إلى �أن يقلل من �ش�أن احل�ضارة الإ�سالمية ومعرفتها و�إلى ويكمل طيب تيزيني ا��س�ت�ه��زاءه ب��اجل��اب��ري يف تفرقته الإع �ج��اب ب��ال�غ��رب ،و�أن احل���ض��ارة الإ��س�لام�ي��ة املتمثلة يف بني الن�ص ال�ق��ر�آين وال�تراث الإ�سالمي ،فيقول�( :إم��ا �أن امل�شرق هي ح�ضارة دينية م�شرقية مطلقة ،مقابل ح�ضارة يكون اجلابري قد مزّق املا�ضي العربي ،فهذا لي�س جديداً ،عقلية علمية مغربية غربية. فمحاولته على هذا ال�صعيد برزت من قب ُل يف التمييز بني امل�شرق العربي واملغرب العربي ،والآن ي�ضيف �إلى ذلك ما ي�ضيف ليبقي يف �أيدينا �شطراً من ذلك املا�ضي ،مع �أنه لو �أراد ثانية �أن يكون من�سقاً مع عملية التمييز ذاك والت�شطري ه��ذا ل�ك��ان عليه �أن ي�ضيف ال��وح��ي امل�سيحي وغ�ي�ره ،لقد ) 3ال��دك �ت��ور ط�ي��ب ت�ي��زي�ن��ي ،م��ن اال��س�ت���ش��راق ال�غ��رب��ي �إل��ى ) 1امل�صدر نف�سه� ،ص.21 ) 2امل�صدر نف�سه� ،ص.21
اال�ستغراب املغربي �ص.181-180 ) 4الدكتور حممد عابد اجلابري ،نحن والرتاث� ،ص.34 ) 5امل�صدر ال�سابق� ،ص.78
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
21
دراسات
الريادة الدينية النسائية
بين النص الشرعي وسياق التحوالت اإلجتماعية
22
د .مريم آية احمد
الأ�ساطري ال�سائدة يف املجتمعات العاملية ق��دمي�اً� ،صورت هيمنة الرجل يف كل الأحوال ،فهرقل يحمل الكرة الأر�ضية على ظهر رجل، و "مار�س" �إله احلرب ،بينما ترتبط امل��ر�أة بجوانب معينة ،فهي �إله النماء املرتبط بالإجناب وحفظ الن�سل ،ويف الكتاب املقد�س وح�سب القراءة التوراتية ،ظلت ريادة املر�أة الدينية رهينة بخطيئتها الأولى امل�سببة لغواية �آدم ،رغم بروز رياديات يهوديات حولن جمرى التاريخ العربي ك�إ�ستري الذي خ�ص�ص لها �سفر كامل لقوة ح�ضورها ،تناقلت التف�سريات املمعززة حلمل وزر اخلطيئة �إلى امل�سيحية رغم ما �أوتيت به ال�سيدة مرمي ابنة عمران �أم امل�سيح عليه ال�سالم من جتربة روحية دينية تنازع عن ك�سب كفالتها قيادات دينية من بينهم �أنبياء زكريا عليه ال�سالم� ،أي�ضاً تناقلت رواية غواية املر�أة عرب الإ�سرائيليات �إلى تفا�سري ال�ق��ر�آن الكرمي ،لتحمل امل��ر�أة نفي الذنب الغواية وال�سبب يف ط��رد �آدم من اجلنة ،علماً �أن �آي��ات ال�ق��ر�آن الكرمي كانت وا�ضحة يف ك��ون عن�صر ال�غ��واي��ة ك��ان ف��ا��ص� ً لا ب�ين �سلطة امل� ��ر�أة وال��رج��ل يف �إتخاذ القرار ،من قبل �آدم عليه ال�سالم ،ورغم تزكية الن�ص الديني مل�س�ؤولية التكليف الإ�ستخاليف للمر�أة مع الرجل يف قوله تعالى" وامل�ؤمنني وامل�ؤمنني بع�ضهم �أول�ي��اء بع�ض ،" .... .من حيث الأم��ر امل�شرتك باملعروف الديني وال�سيا�سي والإقت�صادي والإجتماعي وفق مبد�أ �إلزامية واجبات التكليف الإلهي يف عمارة الأر���ض ،مما يتنافى والقراءات التي �أبعدتها عن القيام بهذا الواجب ،وحا�صرتها بتعطيل عقلها عن الإجتهاد ،تعطيل امتد لقرون غيب فيه ن�صف عقل الأمة عن العطاء امل�شرتك يف بناء جمد ال�شهود احل�ضاري العاملي ،من دون مراعات ملخالفة �إجماع فقهاء الأمة حول حفظ �ضروريات خم�س من �ضمنها عقل الأمة رجالو�إمر�أة.
اليوم تقف احلركة الن�سوية املعا�صرة املطالبة بالعدل وامل�ساواة بعد تاريخ الن�ضال ،موقف حرج زمن التنوير املعريف ،لأنها مطالبة من ناحية بر�سم م�شهد ح�ضاري ت�شرتك فيه املر�أة جنباً �إلى جنب مع الرجل ،يف الريادة الدينية وال�سيا�سية والإق�ت���ص��ادي��ة ،وم��ن ناحية �أخ��رى بتفعيل ق��درات�ه��ا وال �ن��زول ب�سقف امل�ط��ال��ب م��ن ال�سياق النظري �إلى الواقع العملي املحكوم مبدى قدرتها على الإنتاج والعطاء املعريف ،داخل �ساحة املناف�سة املعرفية. ففي الديانة اليهودية بد�أت قيادات التيار الإ�صالحي تتجه نحو ت�أهيل ن�ساء للحاخامية (الربنوت) ويف التيار الربوت�ستنتي امل���س�ي�ح��ي ،ب ��روز وا� �ض��ح ل��ري��ادة امل� ��ر�أة يف املراتب القيادية الأ�سقفية ،و�إنخراط الن�ساء يف تراتبية الإك�ل�يرو���س ،بينما ال زال��ت دع��وى ال��ري��ادة الدينية غري م�ق�ب��ول��ة ل ��دى ال �ت �ي��ار الأرث��وذك �� �س��ي ال �ي �ه��ودي وال�ت�ي��ار الكاثوليكي امل�سيحي� ،أم��ا بالن�سبة للعامل الإ��س�لام��ي، فتختلف �أدوار القيادة الدينية ودعاوى متكني املر�أة منها، من بلد �آخر. �إن طبيعة العمران لنظام املجتمع املغربي مث ً ال هي ال�ت��ي مت�ل��ي ع�ل��ى امل� ��ر�أة و�ضعية الإن �خ ��راط يف ع�ضوية املجال�س الربملانية واملجال�س العلمية الدينية ،وتقلد منا�صبهما يف ع�ضوية املجل�س العلمي الأع �ل��ى ك�أكرب م�ؤ�س�سة دينية للفتوى ،وتنخرط يف �سل�سلة ال��درو���س احل�سنة الرم�ضانية وتلقي درو� �س �اً دينية �أم ��ام جاللة امللك ويف ح�ضرته جنباً �إلى جنب مع كبار علماء العامل الإ� �س�ل�ام ��ي ،ل�ت�ك�ت���س��ب ب �ع��د ذل ��ك الإن �� �س �ج��ام وال� �ت ��وازن وال�ت�ن��ا��س��ق م��ع طبيعة امل���س��ار املجتمعي ال ��ذي تتحرك فيه ،وكذلك ال�ش�أن بالن�سبة للمر�أة يف املجتمع الغربي والآ��س�ي��وي ،ف��امل��ر�أة الإندوني�سية تقلدت منا�صب دينية ريادية برئا�سة �أكرب مل�سلمات نه�ضة العلماء التي تفوق 30 مليون ع�ضوة ،ورئا�سة القيادة الدينية جلمعية العائ�شية املحمدية بنحو 20مليون ع�ضوة ،مع �إعتماد ع�ضويتها مبجل�س كبار العلماء يف هيئات الإف�ت��اء ودرا��س��ة امل�سائل الفقهية ،وال �ي��وم ه�ن��اك رغ�ب��ة ق��وي��ة ل��دى �أك�ب�ر جممع للإفتاء ،جممع الفقه الإ�سالمي ب�ضم عاملات فقيهات �إلى ع�ضويته التي هي �إلى حدود ال�ساعة ،مغيبة للمر�أة ،هذه مكت�سبات حققتها املر�أة يف الأديان ال�سماوية كما حققتها املر�أة يف �أديان الهند الكربى حني نزلت احلركة الن�سوية الهندية مطالبة بحقوق امل ��ر�أة يف التعليم والت�صويت مطالبة متت م�ساندتها من قبل املجل�س الوطني الهندي 1918م. وميكن اعتبار درا��س��ة بانديتا رام��اب��ا ()1922-1858 ع��ن ال�ن���س��وي��ة ال�ه�ن��دو��س�ي��ة ف��ا��ص� ً لا يف ت��اري��خ الإق���ص��اء ال�ه�ن��دي ل �ل �م��ر�أة ح�ين ق��دم��ت ك �ت��اب (ال �ق��ان��ون ال��دي�ن��ي
للمر�أة الهندو�سية) وجابت بكافة مناطق الهند البعيدة، لت�أ�سي�س جمموعة م��ن املنظمات الن�سائية حت��ت �إ�سم Mahila sanajويف ال�صني �أ�س�ست الن�سوية ال��رائ��دة ت��ان جانينج اجلمعية ال�صينية للمنا�صرات حلق امل��ر�أة يف الريادة ال�سيا�سية ببكني عام ،1911وقد يكون منوذج ال�سيدة �سونغ ت�شينغ لينغ ( )1981-1893رائد يف القيادة الإجتماعية وال�سيا�سية والإجتماعية ك��إح��دى قيادات جمهورية ال�صني ال�شعبية ،ورئي�سة �إحتاد امل�ؤمتر الدويل ملقاومة الإمربيالية عامي 1927و 1929وزعيمة اللجنة العاملية ملقاومة الفا�شية� ،أ�س�ست يف عام �“ 1932إحتاد �ضمان حقوق ال�شعب ال�صيني” تولت قيادة عدة منا�صب� ،أهمها نائبة رئي�س اجلمهورية ونائبة رئي�س اللجنة الدائمة للمجل�س الوطني لنواب ال�شعب ال�صيني ،رئي�سة �إحتاد ن�ساء لعموم ال�صني ورئي�سة للجنة ال�شعبية الوطنية حلماية الأطفال ،انتخبت �أمينة يف جمل�س ال�سالم العاملي 1950وفازت بجائزة �ستالني لتعزيز ال�سالم الدويل عام 1951بعد انتخابها رئي�سة ملجل�س ال�سالم يف منطقة �آ�سيا البا�سيفيك .1950 ولعل هذه النتائج مل ت� ِأت من فراغ و�إمنا ارتبطت بواقع فر�ضته كفاءات ريادية ن�سائية عربت من خالل قراءاتها الدينية والقانونية وال�سي�سيولوجية وع�بر �إجنازاتها امل�ع��رف�ي��ة ع��ن ح�ق�ه��ا يف امل �� �ش��ارك��ة يف ال��واج��ب ال���ش��رع��ي التكليفي لها وفق م�س�ؤولية الأمانه والإ�ستخالف املكلفة بها دينياً و�إن�سانياً وح�ضارياً وبالتايل يكون من اخلط�أ ا�ستعارة و�ضعية امل��ر�أة يف نظام اجتماعي معني،بتاريخ م�ع�ين ،لتطبيقه على ن�ظ��ام م�غ��اي��ر ،ف��احل��رك��ة الن�سوية الهندية �أو ال�صينية للمر�أة الآ�سيوية غريها يف املناطق العربية �أو الغربية والإفريقية ،وبالتايل ال ميكن و�ضع املر�أة يف �سلة واحدة واحدة خارج �سياق بيئتها وجمتمعها، الن يف ذلك عرقلة لتنمية حقيقية وم�ستدامة لإمكاناتها وم ��ؤه�ل�ات �ه��اوف��ق م���س�ت�ل��زم��ات �أول��وي��ات �ه��ا داخ� ��ل ن�سق منظومتها املجتمعية ،عرقلة قد ت�ؤدي �إلى حتويل م�سار التوجه من تر�شيد تبادل الأدوار يف العمران الب�شري �إلى �صراع وهمي �شبهته �سيمون دي بوفوار بتناق�ض �صراع الربوليتاريا �ضد ال�برج��وازي��ة ،وهما معاً م�ضطهدان م�ؤكدة �أنه �صراع املر�أة �ضد الرجل ،هو �صراع بني ن�صف الإن�سانية ون�صفها الآخر ،فهو �أهم من �صراع الطبقات، فال منا�ص من التعامل مع ق�ضايا املر�أة و�إ�شكالياتها يف �إطار جامع ي�صل بني الأبعاد العمرانية املتداخلة ح�سب املجتمعات لأجل فهم �أ�شمل لهذه الإ�شكاليات ومن منظور ي�ضعها يف �سياقاتها احل�ضارية وال يف�صلها عنها ،وبذلك ت�ستطيع ال �ق��راءات الن�سوية امل�ع��ا��ص��رة �إع ��ادة �إكت�شاف املنظور احل�ضاري بر�ؤية �شمولية كلية تتعامل مع درا�سة الظواهر يف �سياقها دومنا اقتطاع �أو جتزيء.
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
23
دراسات
واجبات المرأة في النظام اإلسالمي المعاصر تعريف الواجب تعريف الواجب ل ًُغة: ُيع ّرف الواجب يف اللغة العربية ب�أنّه الالزم ،واملفرو�ض ،واملُح َتّم من الأمور التي يجب على ال�شخ�ص القيام بها ،ف ُيقال واجب عليك �أي �أ ّن��ك ملزم بالقيام به �أو تركه ،ووجب ال�شيء �أي لزم ،وت�لازم مع ال�شخ�ص� :أي الت�صق به فال مف ّر وال منا�ص منه؛ فهو ا�ستحقاق ال بد منه مهما اختلف املكان �أو الزمان فيبقى ثابتاً و�ضرورياً.
24
� -أما ا�صطالحا
الدكتورة أدب مبارك السعود جامعة العلوم اإلسالمية العالمية-األردن
ُيع ّرف الواجب ب�أنه ُ�س ٌ لوك� ،أو فعل َيلْتزِم به امل َ ْرء؛ نظراً لقناعته به ول�ضرورة تنفيذه� ،أو ب�سبب دوره �أو مكانه املجتمعي� ،أو ب�سبب ما َت ْفرِ�ضه عليه الق ِ َواع ُد والأعراف الأَخْ الق ّية �أي�ضاً. �أما �شرع ًاه��و م��ا طلب امل ُ�� �ش � ِّرع وه��و "اهلل ع��ز وجل" فعله م��ن امل ُ�ك� ّلَ��ف وه��و "امل�سلم" طلباً ال��زام� ّي�اً ب�صيغة ت��دل على ذل��ك ،وي�ترت��ب على القيام به الفوز بر�ضاه فيما تكون العقوبة جزاء تركه �أو خمالفته، كتحديد ال�صيام واجباً �شرعياً لقوله تعالىُ }:ك ِت َب َعلَ ْي ُك ُم ال ّ�صِ َيا ُم{ البقرة.183:
وق��د ات�ف��ق معظم علماء �أ� �ص��ول الفقه وامل��ذاه��ب الأربعة يف تعريف الواجب على �أنّه الفر�ض ،عدا مذهب �أبي حنيفة الذي ر�أى �أنّ الواجب يختلف يف بع�ض املوا�ضع عن الفر�ض ،و�إن كانا بنف�س املعنى �أحياناً. ويرى بع�ض الفال�سفة ان الواجب هو وعي اخالقي يتكون داخ��ل الفرد بالفطرة ،وهناك واج�ب��ات قانونية، و�إجتماعية ،ودينية ’و�سيا�سية ،وعائلية،وخلقية ووطنية. وب �ك��ل الأح � ��وال ف� ��إن م�ع�ن��ى ال��واج��ب يت�ضمن التكليف وامل�س�ؤولية باجتاهات خمتلفة.
ِّ الطف ِْل ا َّل ِذينَ لمَ ْ َي ْظ َه ُروا َعلَى َع ْو َر ِات الن َِّ�ساء َو اَل َي ْ�ض ِر ْبنَ ني ِمن زِي َن ِت ِهنَّ َوتُو ُبوا �إِ َل��ى اللهَِّ بِ�أَ ْر ُج ِل ِهنَّ ِل ُي ْعلَ َم َما ُيخْ ِف َ َج ِميعاً �أَ ُّي َها المْ ُ�ؤ ِْمنُو َن َل َع َّل ُك ْم ُت ْف ِل ُحو َن { – النور(.)31 وق��د ك��ان �أول م��ن � �ص��دق ال�ن�ب��ي ��ص�ل��ى اهلل عليه و�سلم ح�ين �أن ��زل عليه ال��وح�ح��ي ه��ي زوج�ت��ه “خديجة بنت خويلد” ر�ضي اهلل عنها،وقد �آزرت��ه مبالها وثبتته ب�أفعالها.كما �أن �أول �شهيدة يف الإ��س�لام هي �سمية بنت خياط وال��دة عمار بن يا�سر ،و�أول فدائية هي “�أ�سماء بنت �أب��ي بكر “ ،كما �شاركت الن�ساء يف الهجرة واجلهاد والدعوة وبناء الدولة.
اط َب ٌة – غالباً – مبا ُي َ �إن املر�أة مخُ َ خاطب به الرجل 2-2-2القيام بواجب الدعوة و�إ�صالح املجتمع وال�سنة ،و�إن ورد اخلطاب بلفظ التّذكري.فقد يف الكتاب ّ ق��ال اب��ن القيم :قد ا�ستقر يف ع��رف ال�شارع �أن الأحكام قال تعالىَ } :والمْ ُ�ؤ ِْمنُو َن َوالمْ ُ�ؤ ِْمنَاتُ َب ْع ُ�ض ُه ْم �أَ ْو ِل َيا ُء املذكورة ب�صيغة املذ َّكرين �إذا �أطلقت ومل تقتـرن بامل�ؤنث ف�إنـها تتناول الرجال والن�ساء ؛ لأن��ه ُيغ ّلب املذ َّكر عند َب ْع ٍ�ض َي ْ�أ ُم ُرو َن ِبالمْ َ ْع ُر ِ وف َو َي ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُ ْن َك ِر {-التوبة(.)71 االجتماع ،كقوله تعالىَ } :يا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ �آَ َمنُوا ُك ِت َب َعلَ ْي ُك ُم اعترب بع�ض العلماء الأم��ر باملعروف والنهي عن ال�ص َيا ُم{البقرة.183: ِّ املنكر فري�ضة بل �أن البع�ض عدها ركنا �ساد�سا من �أركان الإ��س�لام ،واعتبارها الو�سيلة التي تتحقق بها ال�شعائر ومن �أهم واجبات املر�أة امل�سلمة: والعبادات ،وو�صفه البع�ض باجلهاد الدائم الذي يقوم به امل�سلم ،وهو �أ�صل مهم من �أ�صول قيام ح�ضارة الإ�سالم �إذ 1-2-2القيام بالواجبات الدينية ال قيام ل�شريعة الإ�سالم بدونه. ويق�صد به تطبيق ما يقت�ضيه انت�ساب املر�أة للإ�سالم وق��د اخ�ت�ل��ف اع�ل�م��اء ح��ول م��ا �إذا ك��ان امل��ر ب��امل�ع��روف من حتقق �شروط (�أركان)الإميان والإ�سالمَ } .منْ َع ِم َل �َ��ص�الحِ ً ��ا ِّم��ن َذ َك � ٍر �أَ ْو �أُن� َث��ى َو ُه � َو ُم ��ؤ ِْم��نٌ َفلَن ُْح ِي َي َّن ُه َح� َي��ا ًة والنهي عن املنكر من فرو�ض الكفايات �أم من من فرو�ض َط ِّي َب ًة َو َلن َْج ِز َي َّن ُه ْم �أَ ْج َر ُهم بِ�أَ ْح َ�سنِ َما َكانُواْ َي ْع َم ُلونَ{ -الأعيان ،وا�ستند الر�أيان �إلى ن�صو�ص قر�آنية .فمن يرى �أن��ه فر�ض كفاية ا�ستدل بقوله تعالى} :و ْل� َت� ُك��ن ِّمن ُك ْم النحل(.)97 ُ ْ �أ َّم� ٌة َي ْد ُعو َن ِ�إ َل��ى الخْ َ �ْيِرِْ َو َي��أ ُم� ُرو َن ِبالمْ َ ْع ُر ِ وف َو َي ْن َه ْو َن َعنِ ويجب على املر�أة -عموماً -ما يجب على الرجل�،إال المْ ُنكَر و�أولئك هم املفلحون{ �آل ع�م��ران ،104:فا�ستنتج فيما ّ اخت�ص به الرجل .فاملر�أة مخُ اطب ٌة بالإميان باهلل �أ�صحاب ه��ذا ال��ر�أي �أن “منكم” تفيد التبعي�ض وعليه ومالئكته و ُكتُبه ور�سله واليوم الآخر والقدر خريه و�ش ِّره ،يكون الأم��ر فر�ض كفاية ،يف حني ي��رى �أ�صحاب ال��ر�أي وه��ي مخُ اطب ٌة ب��أرك��ان الإ��س�لام ( ال�شهادتني ،وال�صالة االخ ��ر وب��اال��س�ت�ن��اد ال��ى نف�س الأي ��ة ال�ك��رمي��ة ان الأم��ر وال�صيام والزكاة واحلج ) �إال �أنه خُ فِّفَ عنها يف ال�صالة باملعروف والنهي عن املنكر فر�ض عني وذلك بالنظر �إلى فت�سقط عنها يف ح��االت معينة ،وخُ � ِّف��فَ عنها يف ال�صيام }اول�ئ��ك ه��م املفلحون{ ،و�أن االت�صاف بالفالح واج��ب فتُفطر ح��ال العذر وتق�ضي ،وخُ � ِّف��فَ عنها يف احل��ج فال عيني ،و�أن ما ال يتم الواجب �إال به فهو واجب.وكذلك تُطا َلب ب ��أداء احلج -ولو كانت م�ستطيعة -ما مل يكن اال�ستدالل بقوله تعالى ُ }:كن ُت ْم خَ يرْ َ �أُ َّم ٍة �أُخْ ر َِج ْت ِللنَّا�سِ هناك محَ َرم َيحفظها و َيرعى �ش�ؤونـها. َت�أْ ُم ُرو َن ِبالمْ َ ْع ُر ِ وف َو َت ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُن َك ِر َو ُت�ؤ ِْمنُو َن بِاللهِّ { �آل وي��دخ��ل حت��ت ه ��ذا ال �ع �ن��وان � �ض��رورة ال �ت��زام امل ��ر�أة ع �م��ران� ،110:إذ بني اهلل تعالى �أن من �شروط االنتماء امل���س�ل�م��ة ب��ال�ل�ب��ا���س ال���ش��رع��ي “احلجاب”،الذي يعترب �إلى هذه الأمة االت�صاف بهذه الثالث ال�صفات ،وحيث �إن فري�ضة �أوجبها اهلل على امل�ؤمنات كما قال تعالى َ }:و ُقل االنتماء �إلى هذه الأمة واجب عيني يكون االت�صاف بتلك وج ُهنَّ ال�صفات واجباً عينياً �أي�ضاً. ِّل ْل ُم�ؤ ِْمن َِات َيغ ُْ�ض ْ�ضنَ ِمنْ َ�أ ْب َ�صار ِِهنَّ َو َي ْحف َْظنَ ُف ُر َ َو اَل ُي ْب ِدينَ ِزي َن َت ُهنَّ �إِ اَّل َما َظ َه َر ِم ْن َها َو ْل َي ْ�ض ِر ْبنَ ِبخُ ُم ِر ِهنَّ وامل ��ر�أة امل�سلمة مكلفة ب��الأم��ر باملعروف والنهي عن َعلَى ُج ُيو ِب ِهنَّ َو اَل ُي ْب ِدينَ زِي َن َت ُهنَّ �إ اَِّل ِل ُب ُعو َل ِت ِهنَّ �أَ ْو �آ َبا ِئ ِهنَّ املنكرمثلها مثل ال��رج��ل ،خا�صة و�أن ه�ن��اك ان��واع��ا من �أَ ْو �آ َباء ُب ُعو َل ِت ِهنَّ �أَ ْو َ�أ ْبنَا ِئ ِهنَّ َ�أ ْو �أَ ْبنَاء ُب ُعو َل ِت ِهنَّ �أَ ْو �إِخْ َوا ِن ِهنَّ املنكرات ال يعاينها �إال الن�ساء ،وهن الأن�سب للتنبيه �إليها �أَ ْو َب ِني �إِخْ َوا ِن ِهنَّ �أَ ْو َب ِني �أَخَ َوا ِت ِهنَّ َ�أ ْو ِن َ�سا ِئ ِهنَّ �أَ ْو َما َملَك َْت و�إنكارها ،كتلك التي حتدث يف املنا�سبات وبني الطالبات �ال �أَ ِو وم��ا �شابه ،وم��ا تقوم ب��ه امل��ر�أة م��ن �أدوار دع��وي��ة وتوعية ال ْر َب� � ِة ِم��نَ ال� ِّر َج� ِ ني َغ�ْيِرِْ �أُ ْوليِ ِ ْ إ �أَيمْ َ ��ا ُن� ُه��نَّ �أَ ِو التَّا ِب ِع َ للن�ساء والن�شء يف ال�سري على املنهج القومي. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
25
26
ولكي ت��ؤدي امل��ر�أة امل�سلمة هذا الواجب العظيم عليها وال�شافعي و�أحمد بن حنبل و�صالح الدين الأيوبي وابن �أن حتدد �أولويات املجتمع املراد تغيريها �أو تر�سيخها،وو�ضع تيمية. اخلطط واال�سرتاتيجيات املنا�سبة للقيام بهذه الفري�ضة لقد اه�ت��م الإ� �س�لام مب�س�ألة تفريغ امل ��ر�أة ملهمتها لتحقق �أهدافها املن�شودة وهي �إ�صالح املجتمع واالرتقاء به. الأ�سا�سية يف تربية الأبناء ،فجعل نفقتها وم�ؤنتها على ال��رج��ل ،و�صانها ب��احل�ج��اب ،كما جعل الأ��ص��ل ه��و ق��رار 3-2-2القيام بالواجبات الزوجية امل��ر�أة يف البيت ،وح��رم اختالطها بالرجال ،كل هذا لكي ال�صاحلة تدرك �أنّ لزوجها حقّ قد �أوجبه �إنّ املر�أة ّ اهلل ال تن�شغل عن مهمتها الأ�سا�سية يف الرتبية ورعاية الزوج. تعالى عليها ،يبد�أ من طاعة املر�أة لزوجها يف غري مع�صي ٍة ف�إذا �أمرها مبا ال ير�ضي اهلل فال طاعة له ،فطاعة الزّوج وي��درك �أع��داء الإ��س�لام جيدا خطورة دور امل��ر�أة يف عليه ّبي بعث الأم��ة الإ�سالمية من جديد ،ل��ذا فقد �سخروا كل حمكوم ٌة ب�ضوابط ال�شّ رع احلكيم ،و قد ذكر الن ّ ّ ال�سالم �أ ّن��ه ما ا�ستفاد ال ّرجل بعد تقوى اهلل �إمكاناتهم لإخ��راج�ه��ا م��ن بيتها ،حت��ت م��زاع��م ودع��اوي ال�صالة و ّ ً د د وع احلة، ال�ص أة � املر من ّواج ز � ل ا كفائدة ة فائد �سبحانه ّ ّ �شتى؛ حتى ال ت�ق��وم ب��دوره��ا الرئي�س يف ب�ن��اء وتخريج �صفاتها �أنّها �إذا �أمرها زوجها �أطاعته و �إذا �أق�سم عليها �أج �ي��ال م���س�ل�م��ة ،ك�م��ا �أن م�ن��اه��ج ال�ت�ع�ل�ي��م ال�ن���س��ائ�ي��ة يف �أب � ّرت بق�سمه ،و �إذا غ��اب عنها حفظته يف نف�سها وماله ،مدار�سنا مل تعد تهتم ببناء املر�أة امل�سلمة ال�صاحلة ،فال ف��امل��ر�أة ّ ال�صاحلة ت� ��ؤ ّدي دوره ��ا يف بيتها نحو زوج�ه��ا ،و ن��رى �أي حديث يف مناهج تعليم امل��ر�أة عن دور امل��ر�أة يف طعامه، له فتهيء اخلدمة من ّا�س ن ال اعتاده مبا تخدمه رعاية زوجها ،و تربية �أوالدها ،و�إمنا يتم تدري�س مقررات ّ وتنظف ثيابه ،وحتر�ص على نظافتها و نظافة املنزل ،و هي نف�س املناهج واملقررات التي تدر�س للرجال ،لتتخرج كذلك هي حري�ص ٌة على التّز ّين و التّج ّمل لزوجها و �أن املر�أة بعد ذلك وتزاحم الرجال يف �أماكن عملهم ،وتتخلى تبقى ب�صور ٍة ح�سن ٍة ي�شت ّم منها زوجها ال� ّروائ��ح الزّكية عن �أهم �أدواره��ا ...وكان من نتاج ذلك هي حالة التف�سخ ّ الطيبة. وال�سقوط التي ت�شهدها جمتمعاتنا. وكانت الأمهات يف املا�ضي هن �صناع نه�ضة الأمة ويجب على الزوجة االعرتاف باجلميل لزوجها ف�إن ذلك ي�ساهم يف زرع الألفة واملحبة بينهما ووفاء واخال�ص احل �ق �ي �ق �ي��ة ،م ��ن خ �ل�ال ب �ن��اء ج �ي��ل م ��ن ال ��رج ��ال حمل لها ،وال�صرب على زوجها وتعمل على موا�ساته �إذا نزل الأمانة ،و�سعى لتمكني الدين ،فا�ستطاع بناء ح�ضارة من به بالء� ،أي �أن تكون معه يف ال�سراء وال�ضراء .ومن حق �أك�بر احل�ضارات يف تاريخ الب�شرية ،ومن هذه النماذج: ال ��زوج على زوج�ت��ه �أال ت��دخ��ل بيته �أح ��دا يكرهه ،وع��دم �صفية بنت عبد املطلب،والدة الزبري بن العوام� ،أ�سماء بنت عمي�س وال��دة عبداهلل بن جعفر بن ابي طالب ,و�أم اخلروج من البيت �إال ب�إذنه. عا�صم بنت عا�صم بن عمر بن اخلطاب وال��دة عمر بن ع �ب��دال �ع��زي��ز،ووال��دة ع�ب��دال��رح�م��ن ال�ن��ا��ص��ر ال ��ذي ربته 4-2-2تربية الأبناء ورعاية �ش�ؤون الأ�سرة يتيما،ووالدة �سقيان ال�ث��وري ال��ذي ربته م��ن اال�شتغال فاملر�أة راعية يف بيت زوجها وم�س�ؤولة عن رعيتها �أمام باملغزل ،ووالدة الإمام احمد بن حنبل التي كانت تر�شده يف كيفية تلقي العلم وغريهن الكثري. اهلل كما �أخرب ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم يف قوله” : كلكم راع ،وكلكم م�س�ؤول عن رعيته ،الإمام راع وم�س�ؤول 5-2-2القيام بالدور االجتماعي يف املجتمع امل�سلم ع��ن رع�ي�ت��ه ،وال��رج��ل يف �أه�ل��ه راع وم���س��ؤول ع��ن رعيته، حتمل امل��ر�أة و الرجل امل�س�ؤوليات االجتماعية ب�شكل واملر� عليه.أة يف بيت زوجها راعية وم�س�ؤولة عن رعيتها” .متفق متكافئ .حني يقول النبي �صلى اهلل عليه و�سلم " :من �أ��ص�ب��ح ال يهتم ب ��أم��ور امل�سلمني فلي�س مب�سلم" ،وه��ذا ومن الأدوار الأ�سا�سية للمر�أة واملرتبطة ب�إن�سانيتها ي�شمل الرجال والن�ساء ،ويرتب عليهم م�س�ؤولية االهتمام ه��و ال ��دور االجن��اب��ي وال�ترب��وي وال ��ذي ي�ح��اول البع�ض ب��أم��ورامل���س�ل�م�ين وامل�ج�ت�م��ع الإ� �س�لام��ي و � �ش ��ؤون ال�ع��امل التقليل منه اليوم واعتباره دليال على ع��دم م�ساواتها الإ�سالمي و جميع الق�ضايا اجلارية يف العامل ،لأن ذلك بالرجل ،حيث ي�شيع ه�ؤالء �أن قيام املر�أة بدورها الأمومي واج��ب �إ�سالمي .وتعترب ال�سيدة فاطمة ال��زه��راء ر�ضي واملنزيل يجعلها يف منزلة �أقل من الرجل ،متجاهلني �أن اهلل عنها منوذجا على دور املر�أة يف النظام الإ�سالمي. ه��ذا ال��دور يرفع من مكانة امل��ر�أة الإن�سانية وكرامتها، وامل ��ر�أة عليها واج��ب امل�شاركة يف الن�شاط العمراين، حيث �أنها بهذا الدور �إمنا تعترب الأ�سا�س يف تربية املجتمع ب�أكمله ،وت�شكيل ثقافته ،ول��ذا فال بد من ت�أهيل امل��ر�أة و االق �ت �� �ص��ادي ،و يف ال �ت �خ �ط �ي��ط ،و ال�ت�ف�ك�ير ل �� �ش ��ؤون للقيام بهذا الواجب العظيم ،و�إعدادها �إعداداً يتنا�سب مع ال � �ب�ل��اد ،ك �م��ا �أن� �ه ��ا مي� �ك ��ن ُت �� �س �ه��م ب� �ق ��وة يف حت���ص�ين مهمتها ،فال بد من بناء الأم امل�سلمة الواعية ال�صاحلة ،املجتمع وحمايته م��ن االن�ح��راف والتطرف والإره ��اب، امللتزمة بتعاليم دينها ،واملحافظة على قيم جمتمعها ،و بالتن�شئة الواعية احلازمة والتوجيه احلكيم ال�صائب، املطلعة على ثقافة ع�صرها؛ واملتفاعلة مع ق�ضايا �أمتها ،م� ��ن خ �ل�ال ن �� �ش��ر ال ��وع ��ي ب�ي�ن ك��اف��ة ف �ئ��ات امل�ج�ت�م��ع. حتى ت�خ��رج لنا جيال م��ن �أم �ث��ال عمر ب��ن عبد العزيز
6-2-2دور املر�أة يف مواجهة التغريب ودعوات االنحالل تتعر�ض امل��ر�أة امل�سلمة اليوم �إلى هجمة وا�سعة حت��اول �إخ��راج�ه��ا م��ن قيمها وثقافتها الإ��س�لام�ي��ة ،من خ�ل�ال تعري�ضها مل�ن�ت�ج��ات ث�ق��اف�ي��ة م�غ��اي��رة للمنظومة القيم الدينية واخل�لاق�ي��ة لها ،حت��ت م�سميات م�ضللة مثل :حترير املراة ،وامل�ساواة املطلقة مع الرجل ،ودعوات حقوق االن�سان التي �أ�صبحت مدخال لتغريب امل��راة عن دينها وامتها وق�ضاياها امل�صريية ،وتقاع�سها عن دورها الر�سايل يف نه�ضة الأم��ة التي ب��ات حالها ال ي�سر عدوا وال �صديقا ،واملر�أة واحلالة هذه مدعوة لبناء منظومتها الفكرية والثقافية والأخ�لاق�ي��ة ملواجهة ه��ذه الهجمة ال�شر�سة ،واال��ض�ط�لاع ب��دوره��ا يف ال��وق��وف ��س��دا منيعا حلماية الأمة من ال�سقوط واال�ضمحالل. 7-2-2واجب املر�أة يف حماية املجتمع من الإرهاب والفكر املتط ّرف املر�أة هي التي تربي الأجيال ،وتنعك�س ا�ساليبها ال�ترب��وي��ة ع�ل��ى اب�ن��ائ�ه��ا م�ن��ذ م��رح�ل��ة ال�ط�ف��ول��ة امل�ب�ك��رة، والأ� �س��رة ه��ي ال�ت��ي ميكن ان جتعل ال�ف��رد ي�شعر بتلبية جميع حاجاته (اجل�سدية واملعنوية والنف�سية ) �أو ي�شعر ب��احل��رم��ان ،وتنعك�س �سلوكات الآب ��اء وخا�صة الأم على ت�صرفات الأب �ن��اء ،ف ��إذا ك��ان امل�ن��اخ الأ� �س��ري �إيجابيا ف��إن �سلوك االبناء،واثبتت الدرا�سة �أن العنف واالرهاب الذي يقوم ب��ه االب�ن��اء يف �سن � 18-13سنه �سببه العنف داخ��ل اال�سرة ،و�أن ت�أثّر الأبناء ب�سلوك الوالدين يف هذه املرحلة العمرية كان بن�سبة ( %100حممد). وم��ن ال �ظ��واه��ر امل�ن�ت���ش��رة يف امل�ج�ت�م�ع��ات امل�ع��ا��ص��رة ظاهرة العنف املجتمعي ،والأره��اب والتطرف الفكري، والتي يعتربها علماء الرتبية واالجتماع انعكا�سا للرتبية الأ��س��ري��ة ،حيث يعاين م��ن يرتكب الأع �م��ال الإج��رام�ي��ة بالفراغ العاطفي ،ب�سبب عدم اال�ستقرار اال�سري وكرثة النزاعات داخ��ل الأ��س��رة وغياب احل��وار بني �أف��راده��ا� ،أو ا�ستخدام العنف مع الأطفال� ،أو عدم امل�ساواة يف املعاملة بني الأب�ن��اء ،مما يولد الكره واحلقد يف نفو�س بع�ضهم فيحاولوا تفريغ هذه امل�شاعر ال�سلبية من خالل الفعال الإرهابية والعنف داخل املجتمع. املراجع
من جهة �أخ��رى ،وحتى وقت قريب ،كان ينظر �أى من يرتكب افعال التطرف العنيف ،والتع�صب والإرهاب هم الذكور فقط .غري�أنه ظهر يف الآونة الأخرية �أحداث �إرهابية ،كانت الن�ساء طرفا فيها يف �أماكن عديدة من ال�ع��امل ،حيث ت�سعى التنظيمات الإرهابية �إل��ى اجتذاب الن�ساء ب�شتى الو�سائل املادية والفكرية (نكاح اجلهاد)، وا��س�ت�غ�لال بع�ض ال �ظ��روف ال�سيا�سية واملعي�شية لهن، �أو تعري�ضهن مل��واق��ف حم��رج��ة ت���ض�ط��ره��ن للخ�ضوع لإرادة تلك التنظيمات والطاعة املطلقة لها ،وم��ن ثم ا�ستخدامهن يف تنفيذ الأعمال الإرهابية ب�شكل مبا�شر �أو غري مبا�شر. لذا يجب على احلكومات االلتفات �إلى �ضرورة توعية امل��ر�أة ،ومتكينها فكريا و�إقت�صاديا و�إجتماعيا و�سيا�سيا، من خالل الربامج املتنوعة ،وان�شاء املم�شروعات للق�ضاء على الفقر والبطالة ،وتعديل املناهج ،وتعزيز قيم احلوار داخل املجتمع بكافة فئاته وم�ستوياته ،لكي ال تقع املر�أة فري�سة الفكر املتطرف �أو التنظيمات الإرهابية. خامتة من خالل العر�ض ال�سابق تبني �أن الإ�سالم �أن�صف املر�أة ،و�أناط بها م�س�ؤوليات تتنا�سب وطبيعتها البيولوجية والنف�سية ،ومب��ا يحقق ال�ع��دال��ة االج�ت�م��اع�ي��ة،ال�ت��ي مل تتحقق يف حقب تاريخية �أو ثقافات �أخرى .كما �أن جملة الأدوار التي على املر�أة القيام تدلل على �أهمية دور املر�أة يف احلياة العامة بكافة جماالتها ومراحلها ،ومدى الت�أثري الإي�ج��اب��ي ال��ذي يتحقق عند قيامها ب�ه��ذه ال ��دوار على �أكمل وجه ،و�ضمن �إطار الت�شريع الإ�سالمي التي يجب �أن تكون منهج حياة جلميع الن�شر و�سبيال ل�سعادتهم وراحتهم. -
- -
القر�آن الكرمي. ال�سنة النبوية ال�شريفة. بدران،عبداجلبار فتحي�،شهادة املر�أة� ،شبكة الألوكة.2013 ،
-
اخل� �ل ��وف،حم� �م ��د ع �ب ��دال ��رح �م ��ن،ح �ق ��وق امل � � � ��ر�أة وواج� �ب ��ات� �ه ��ا يف الإ�سالم،ر�سالة ماج�ستري ،جامعة الريموك.1984، -
-
ر�ضا،حممد ر�شيد،حقوق الن�ساء يف الإ� �س�لام ،املكتب الإ��س�لام��ي، بريوت.1984، زينو ،حممد بن جميل ،تكرمي املر�أة يف الإ�سالم ،دار القا�سم- .2013 ، ال�سو�سي،رائد ،ما هي حقوق املر�أة.2015، ال�شيمي،احمد ح�سني – امل ��راة واحل �ق��وق ال�سيا�سية يف اال��س�لام - -2013موقع �صيد الفوائد.ال �ع��زب ،خ��ال��د ح �م��ود ،امل���ش��ارك��ة ال�سيا�سية ل �ل �م��ر�أة ر�ؤي ��ة �شرعية وتنموية ،ط ،2012 ،1م�ؤ�س�سة التنوير للتنمية االجتماعية.
- -
-
-
ال�ع�ي��د،ن��وال بنت عبدالعزيز،حقوق امل ��راة يف ظ��ل ال�سنة النبوية، جامعة امللك عبدالعزيز،2006 ،الريا�ض. عمارة،حممد� ،شبهات حول مكانة املراة يف الإ�سالم ،ط،1دار ال�سالم للطباعة والن�شر،القاهرة.2010 . ال�ع�ي���س��وي،ح���س��ام ،احل �ق��وق ال���س�ي��ا��س�ي��ة ل �ل �م��راة يف ظ��ل ال�شريعة الإ�سالمية� ،شبكة الألوكة. املرابط.ا�سماء (ترجمة ب�شر الغزايل )،الن�ساء وال�سيا�سة يف اال�سالم بني الن�صو�ص الدينية والواقع املعا�صر( ،اجلزء الأول).2009 - حممد،نهاد ف��اروق عبا�س ،دور امل ��ر�أة يف مكافحة الإره ��اب ،جملة الأمن واحلياة ،عدد،387جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. ن�صيف ،فاطمة عمر ،حقوق املر�أة وواجباتها يف ظل الكتاب وال�سنة.2005 ، نور ،حافظ حممد ،والية املر�أة يف الفقه الإ�سالمي. ودف،ي ��ا�� �س� �م�ي�ن ج� �م ��ال ،ح� �ق ��وق امل � � ��راة يف ال �� �ش��ري �ع��ة وال� �ق ��ان ��ون الو�ضعي،جامعة العلوم والتكنولوجيا ،اليمن.2002،
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
27
دراسات
...األمة اإلسالمية أمة وسط ًا عدو ًال خيار ًا وعدلها أساس السالم ق��ال تعالى}َ :و َك � َذ ِل� َ�ك َج َع ْلنَا ُك ْم �أُ َّم � ًة َو َ�سطاً ِّل َتكُونُواْ �شُ َه َداء َعلَى النَّا�سِ َو َيكُو َن ال َّر ُ�س ُ ول َعلَ ْي ُك ْم �شَ ِهيداً{ �إن م�صطلح الو�سطية من امل�صطلحات التي عدت عليها العاديات وج��ارت عليها النائبات ف�أخرجتها عن معناها الإ�سالمي الأ�صيل، و�أبعدتها عن كونها �أخ�ص خ�صائ�ص منهج الإ�سالم يف الفكر واحلياة والنظر واملمار�سة والتطبيق والقيم واملعايري والأ�صول� .. .إلى ٍ معان �أبعدت النجعة عن فحواها ،وخالفت �أ�صل م�سماها وما ع��ادت متت �إلى الو�سطية ب�صلة ،وال تتعلق فيها ب�سبب ،الأمر الذي �أوجب العناية بامل�صطلح وا�ستجالء معانيه اللغوية والإ�صالحية.
28
المهندس مروان الفاعوري أمين عام المنتدى العالمي للوسطية
وكل ي َّدعي و�ص ً ال بليلى
... .
وليلى ال تقر لهم بذاكا
ان الو�سطية دين وفكر و�سلوك ،فما يقدمه كل فكر وثقافة ذي مرجعية و�سطية ي�ستطيع ان يقدم الطروحات ال�ق��ادرة على ايجاد ال�سالم ودعمه ورعايته وفق ال�ضوابط ال�شرعية التي تبتعد بالأمة ع��ن ال �ت �خ��اذل وال ��ذل واخل �ن��وع وت ��رى �أن جم��ده��ا ه��و ب�ن��اء جمدها ب��ذات�ه��ا ،ول��ذل��ك ف ��إن الإ� �س�لام امل�ط��روح الآن يحتاج ال��ى ت�صويب يف الأدوات والو�سائل واملفاهيم بحيث يلم�س املواطن �أن ال�سالم يحقق له الأمن بكافة �أبعاده مثلما يبعد عنه �شبح اخلوف من احلرب واجلوع والبطالة والف�ساد.
ولذلك ف��إن الو�سطية منجاة لكل من ين�شد احلق وجعل الإ�سالم دينا ودولة ،وهم و�إن نظروا للما�ضي ف�إنهم وامل�ساواة والعدل فاليجب �أن يظلم او يظلم وهي �سفينة يتخذون منه هداية للم�ستقبل ،فهم لي�سوا حمافظني، النجاة للباحثني عن جناة �أنف�سهم وغريهم من النا�س .ولكنهم ثوار"!. يف الوقت الذي تتعر�ض فيه الأمة ملحاوالت تهدد ثقافتها وهويتها ،حا�ضرها وم�ستقبلها �ساعية لإحل��اق الأم ��ة بثقافة الآخ ��ر وت���ص��ورات��ه ل�ت�غ��دو ف��اق��دة لذاتها وهويتها جند باملقابل ردود فعل مت�شنجة عاجزة وغري مدركة ل�سنن التغيري يف الأنف�س والآفاق.
وعلى درب هذه ال�شهادات ،قالت "مارجريت تات�شر" رئي�سة الوزراء الربيطانية الأ�سبق�" :-إن حتدي الإرهابالإ� �س�لام��ي �إمن ��ا ي�شمل ح�ت��ى ال��ذي��ن �أدان� ��وا �أح� ��داث 11 �سبتمرب وابن الدن وطالبان ،ي�شمل كل الذين يرف�ضون القيم الغربية ،وتتعار�ض م�صاحلهم مع الغرب"!.
جند من يب�شر بالو�سطية وي�سعى لت�أ�صيلها وبيان ارتباطها بالعدل والإن���ص��اف ون�شر مبادئ ال�سالم بني النا�س و�أنها من اخليارات الف�ضلى للب�شرية كونها تهدف �إلى �إ�سعاد الب�شرية ورفاهيتها ال الى الت�سلط والتحكم مب�صائرها لإخ��راج �ه��ا م��ن ال�ظ�ل�م��ات ال��ى ال �ن��ور /وم��ن م�صارع ومهالك العنف والتطرف والدمار والفو�ضى الى ف�ضاء ال�سعادة والإ�ستقرار والنماء والعمران.
وكتب امل�ست�شرق ال�صهيوين "برنارد لوي�س" يف "النيوز ويك" (عدد 14يناير )2004يقول�" :إن �إره��اب اليوم هو جزء من كفاح طويل بني الإ�سالم والغرب ،فالنظام الأخالقي الذي ي�ستند �إليه الإ�سالم خمتلف عما هو يف امل�سيحية واليهودية الغربية ،وهذه احلرب هي حرب بني الأديان".
�إن مهددات ال�سالم العاملي مثل /الفو�ضى والتطرف والإرهاب والهيمنة والإ�ستبداد نقي�ض جتليات الو�سطية وارتباطها بال�سلم الأهلي من عدة جوانب /الإجتماعية والإقت�صادية بالإ�ضافة �إلى عالقة الو�سطية بالت�سامح ون�شر العدل �سواء بني �أمة الإ�سالم �أو بني الأمم الأخرى.
وكتب ال�سيناتور الأم��ري�ك��ي "جوزيف ليربمان" – املر�شح نائبا للرئي�س يف انتخابات عام 2000م – بقول: "�إنه ال حل مع الدول العربية والإ�سالمية �إال �أن تفر�ض عليهم �أم��ري�ك��ا القيم وال�ن�ظ��م وال�سيا�سات ال�ت��ي تراها �ضرورية ،فال�شعارات التي �أعلنتها �أمريكا عند ا�ستقاللها ال تنتهي عند احلدود الأمريكية ،بل تتعداها �إلى الدول الأخرى"!.
كان الرئي�س الأمريكي الأ�سبق "بو�ش" �أول من �أعلن احل ��رب ع�ل��ى "الإرهاب" ع�ق��ب ح ��ادث � 11سبتمرب ع��ام ولأن ه� ��ذه ه ��ي ح �ق �ي �ق��ة احل � ��رب الأم ��ري �ك �ي ��ة ع�ل��ى 2001م ،وذلك دون حتديد ملاهية هذا الإرهاب ! "الإرهاب" -ال �ت��ي ه��ي ب���ش�ه��ادة ه � ��ؤالء ال���ش�ه��ود من ل�ق��د �أع�ل�ن�ه��ا "حملة �صليبية مقد�سة" ،ومت ال�غ��زو �أهلها "حرب على الإ�سالم" ،كتب ال�صحفي ال�صهيوين الأمريكي لأفغان�ستان ثم العراق ،وخالل هذه الأحداث الأمريكي "توما�س فريدمان" -من "بي�شاور" �إبان الغزو ك�شفت النوايا عن �أن املراد بالإرهاب هو الإ�سالم ،الإ�سالم الأمريكي لأفغان�ستان – يف "نيويورك تاميز" يقول "�إن الراف�ض للحداثة الغربية والعلمانية الغربية والقيم احلرب احلقيقية يف املنطقة الإ�سالمية هي يف املدار�س، ول��ذل��ك يجب �أن ن�ف��رغ م��ن حملتنا الع�سكرية ب�سرعة، الغربية على وجه اخل�صو�ص. ونعود م�سلحني بالكتب املدر�سية احلديثة ،لإقامة تربة لقد كتب املفكر اال�سرتاتيجي الأمريكي "فوكو ياما" جديدة ،وجيل جديد ،يقبل �سيا�ساتنا كما يحب �شطائرنا، – يف العدد ال�سنوي "للنيوز ويك" (دي�سمرب 2001م – و�إلى �أن يحدث هذا لن جند �أ�صدقاء لنا هناك"!. فرباير 2002م) ،يقول�" :إن ال�صراع احلايل لي�س بب�ساطة وب �ع��د �أن جن �ح��ت �أم��ري �ك��ا – ب��االع �ت �م��ادات امل��ال�ي��ة �ضد الإرهاب ،ولكنه �ضد العقيدة الإ�سالمية الأ�صولية، التي تقف �ضد احلداثة الغربية و�ضد الدولة العلمانية ،وال�ضغوط الدبلوما�سية – يف تغيري وتقلي�ص املناهج وهذه الأيديولوجية الأ�صولية متثل خطرا �أكرث �أ�سا�سية الدرا�سية الإ�سالمية – يف مدار�س باك�ستان وكثري من من اخلطر ال�شيوعي ،واملطلوب هو حرب داخل الإ�سالم ،البالد العربية – ن�شرت "الهريالدتريبيون" الدولية حتى يقبل احلداثة الغربية والعلمانية الغربية واملبد�أ م �ق��اال ل�ل�ك��ات��ب الأم��ري �ك��ي "�ستانلي �أ .فاي�س" ي�ح��دد فيه اخل�ي��ارات �أم��ام ال�ع��امل الإ��س�لام��ي :خيار العلمانية امل�سيحي "دع ما لقي�صر لقي�صر وما هلل هلل"!. الأت��ات��ورك�ي��ة – ال��ذي ت��ري��ده �أم��ري�ك��ا – ب��دال م��ن خيار ول�ق��د ف�سر الرئي�س الأم��ري�ك��ي الأ��س�ب��ق "نيك�سون" الأ�صولية الإ�سالمية ،ف�ق��ال�" :إن حقيقة احل��رب على يف ك�ت��اب��ه "الفر�صة ال�سانحة" م ��راد الأم��ري �ك��ان من الإره��اب تكمن يف :هل �ستقوم ال��دول الإ�سالمية باتباع "الأ�صولية الإ�سالمية" ،فقال�" :إنهم هم الذين يريدون ال�ن�م��وذج االجتماعي ال�سيا�سي لرتكيا ،ك��دول��ة حديثة بعث احل�ضارة الإ�سالمية ،وتطبيق ال�شريعة الإ�سالمية ،علمانية؟ �أو منوذج الأ�صولية الإ�سالمية؟"!. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
29
30
فالعبادة كال�صالة مث ً تلك هي حقيقة احل��رب على الإره��اب ،التي �أعلنتها ال تتطلب القيام بها وفق اركانها �أمريكا ،والتي جرى تعميمها على النطاق العاملي ،والتي و اوق��ات�ه��ا و�شروطها وفرائ�ضها م��ن غ�ير زي��ادة مكلفة وجهت نريانها – احلربية والفكرية والإعالمية – �إلى والنق�صان يذهب بكمالها. ق��وى التحرر الوطني ،ال�ساعية �إل��ى حتقيق اال�ستقالل والتي من خ�صائ�صها: احل �� �ض��اري ل�ل���ش��رق الإ� �س�ل�ام��ي ع��ن ال�ت�ب�ع�ي��ة ل�ل�ن�م��وذج احل�ضاري الغربي ،والتي �أكدت ال�شهادات الغربية املوثقة • الو�ضوح �أنها حرب على الإ�سالم! (منقول :حممد عماره). • ال�شمول ولقد كان قدر الإ�سالم دوماً �أن يكون حام ً ال للواء • الواقعية �إ�صالح الب�شرية جمعاء ،باعتباره الدين اجلامع واخلامت، ال��ذي به ت�سعد الب�شرية ،وبه تنال جمدها وتنف�ض عن • العاملية نف�سها غ�ب��ار اجل�ه��ل وت��رف��ع ��س�ي��اط ال�ظ�ل��م ع��ن نف�سها بنف�سها ،و�إذا ما �ساد الإ�سالم و�شاد البناء احل�ضاري الذي • التوازن تريده الأمة ،كان الرهان يف �سبيل ذلك هو التما�س �صورة • الت�سامح واحدة جتمع خريي الدنيا والآخرة مثلما جتمع عنا�صر اخلريية يف كل دين �إ�سالمي وم�سيحي ويهودي لتجعلها • العدل جميعاً بوابة ح�ضارية للولوج �إلى �أعماق الدين الإ�سالمي الذي ال يتنافى مطلقاً مع �أي دين يدعو �إلى توحيد اهلل و�سطيتنا �صيحة مدوية يف �أرجاء الأر�ض �أيها الغرب و�إقامة �شرعه وال�سري على هدي الأنبياء واملر�سلني. �أيها ال�شرق يا �أتباع امللل وكل النحل (ان �صورتنا لي�ست ولعل تلك اخلريية تتلخ�ص يف و�سطية الإ�سالم التي � �ص��ورة ال�ق�ت��ل وال�ت��دم�ير ن�ح��ن ُدع ��اة ��س�لام وح��ب ووئ��ام تركز على انتهاج املنهج املتوازن الذي يدور مع احلق حيث �صورتنا احلقيقية كلها �سماحة وعفو واعتدال �إننا �أمة دار يف ال�ش�ؤون احلياتية كافة� ،إذ ال �سبيل �إلى تطبيق قاعدة الو�سط والو�سوط والتو�سط والتو�سيط) من قواعد ال�شرع دون الأخرى ،وال معنى يف اعتماد ن�ص هم و�سط ير�ضى الأنام بحكمهم دون �آخر بل يف ايجاد �صيغة توافقية عند تطبيق القواعد �إذا ن��زل��ت �أح ��دى ال�ل�ي��ايل مبعظم ال�شرعية واعتماد الن�صو�ص بحيث يحافظ على التوازن والتكامل وال�شمولية والو�ضوح والكمال والربانية عند يقول الفريوز �آب��ادي " :الو�سط ،من كل �شيء �أعدله احلكم على �أمر ما من �أمور ًالدين والدنيا ،بحيث تظهر }وكذلك جعلناكم �أمة و�سطاً{ �أي :عد ًال خياراً قال زهري ال�صورة الكلية فكراً و�سلوكا من�سجمة مع الغايات التي يف املدح: ج��اءت من �أجلها ال�شريعة وه��ذا الو�صف ال��ذي نريد �أن ينطبق متاماً على الو�سطية التي �أرادنا اهلل عليها لقوله همو و�سط ير�ضى الأن��ام بحكمهم تعالى} َو َك َذ ِل َك َج َع ْلنَا ُك ْم �أُ َّم ًة َو َ�س ًطا ِّل َتكُونُوا �شُ َه َدا َء َعلَى �إذا ن��زل��ت �إح ��دى الليالى مبعظم النَّا�سِ َو َيكُو َن ال َّر ُ�س ُ ول َعلَ ْي ُك ْم �شَ هِي ًدا• َو َما َج َع ْلنَا ا ْل ِق ْبلَ َة من َين َق ِل ُب ا َّل ِتي ُكنتَ َعلَ ْي َها �إ اَِّل ِل َن ْعلَ َم َمن َي َّت ِب ُع ال َّر ُ�سو َل مِ َّ وقدمياً قالت العرب: ُ للهَّ ري ًة �إ اَِّل َعلَى ا َّل ِذينَ َه َدى ا َو َما َعلَى َع ِق َب ْي ِه َو�إِن َكان َْت َل َك ِب َ َ للهَّ ميا َن ُك ْم �إِ َّن ا بِالنَّا�سِ َل َر ُء ٌ وف َّر ِحي ٌم{ وا�سطــــة العقــــد �أثمــــن مــــا فيــــه َكا َن اللهَّ ُ ِل ُي ِ�ضي َع �إِ َ �صدق اهلل العظيم. ووا�سطـــــة اجلبــــــل ر�أ� ��س اجلبل �إن م�صدر الو�سطية التي نرغب النا�س بها هو القر�آن وي�ن�ق��ل اب��ن م�ن�ظ��ور ع��ن �أح ��د الأع� ��راب خماطباً ال �ك��رمي ذات ��ه ،وال���س�ن��ة ال�ن�ب��وي��ة ذات �ه��ا ،واج �م��اع العلماء امل�سلمني و �أئمتهم ذاتهم ،والقيا�س ذاته الذي ي�ستطيع احل�سن قوله" :علمني ديناً َو ُ�سوطا ،ال ذاهباً فروطاً ،وال ا�ستنباط �أحكام �شرعية تتوافق وتلك امل�صادر وال تخرج �ساقطاً �سقوطاً .ويعلق قائ ً ال ":ال َو�سوط هنا املتو�سط بني الغايل والتايل� ،أال تراه قال :ال ذاهباً فروطاً !! ب/ عن م�ضمون اال�سالم و�شكله. املعنيل وهو �أح�سن الأديان� ،أال ترى �إلى قول علي ر�ضوان فهي و�سطية يف ال �ع �ب��ادات ،وو�سطية يف املعامالت اهلل عليه :خ�ير النا�س ه��ذا النمط الأو��س��ط يلحق بهم وو�سطية االخالق. التايل ويرجع �إليهم الغايل !"
-1املعنى اللغوي: ق ��ال اب ��ن م�ن�ظ��ور :م�ق��اي�ي����س ال�ل�غ��ة (ال� ��واو وال���س�ين والطاء) :بناء �صحيح يدل على العدل والن�صف ،و�أعدل ال�شيء �أو�سطه وو�سطه ،قال اهلل عز وجل �}:أمة و�سطاً{ وو�سط القوم ويقال� :ضربت َ و�سط ر�أ�سه بفتح ال�سنيْ ، ب�سكونها وه��و �أو�سطهم ح�سباً� ،إذا ك��ان يف و�سط قومه و�أرفعهم حم� ً لا .قال ابن منظور :و�سط ال�شيء ما بني طرفيه ،قال �أعرابي : �إذا َر َح� � � ْل � ��تُ ف��اج �ع �ل��وين و� �س �ط �اً �إين ك� �ب�ي�ر ال �أط� � �ي � ��ق ال� �ع� �ن ��ادا
}وكلوا وا�شربوا وال ت�سرفوا �إنه ال يحب امل�سرفني{
�أي اجعلوين و�سطاً لكم ترفقون ب��ي وحتفظونني، و�سطية امل�ع��ام�لات :يف نحو ق��ول��ه ت�ع��ال��ى} :و�أوف ��وا ف�إين �أخاف �إذا كنت وحدي متقدماً لكم �أو مت�أخراً عنكم الكيل وامليزان بالق�سط{. �أن تفرط دابتي �أو ناقتي فت�صرعني ،وقال" :و�سط ال�شيء و�سطية الق�ضاء :يف قوله تعالى} :ف�أ�صلحوا بينهما �أف�ضله و�أعدله. بالعدل و�أق�سطوا{ الو�سطية ا�صطالحاً: و�سطية اخلريية :يف قوله تعالى} :وكذلك جعلناكم ً و�سطا{وقوله تعالى} :ق��ال �أو�سطهم �أمل �أق��ل لكم الو�سطية يف امل�صطلح تعني حالة حممودة تع�صم �أم��ة الفرد من امليل �إلى جانبي الإفراط والتفريط� ،أو " هي لوال ت�سبحون{ التوازن والتعادل بني الطرفني ،بحيث ال يطغى طرف و��س�ط�ي��ة ال��زم��ان :يف ق��ول��ه ت�ع��ال��ى} :ح��اف �ظ��وا على على �آخ��ر ،فال �إف��راط وال تفريط ،وال غلو وال تق�صري، ال�صلوات وال�صالة الو�سطى{وهاهنا و�سطية زم��ان ال و�إمنا �إتباع للأف�ضل والأعدل والأجود والأكمل. ي�ضريها �إن ك��ان املعنى �صالة الفجر �أو �صالة الع�صر كما ُيعبرّ عنها �أي�ضاً بـ التوازن الذي يعطي كل ذي (وه ��و ال��راج��ح) �أو غ�يره�م��ا م��ن ال���ص�ل��وات ك�م��ا ج��اء يف حق حقه دون طغيان �أو �إخ�سار �أو وك�س �أو �شطط كالأطراف التفا�سري� ،إذ �أن املق�صود الإ�شارة �إلى الزمان ال غري. املتقابلة مث ً ال �أو املت�ضادة :الروحية وامل��ادي��ة ،والفردية و�سطية امل�ك��ان :يف نحو قوله تعالى} :فو�سطن به واجلماعية ،والواقعية واملثالية ،والثبات والتغري وما �شابهها ،ومعنى التوازن بينهما� :أن يف�سح لكل طرف منها جمعاً{بالإ�شارة هنا �إلى و�سطية املكان �إذ بعرثته اخليل جماله ،ويعطي حقه بالق�سط �أو بالق�سطا�س امل�ستقيم .وبعرثته يف مكان ما -تو�سطت جمعاً ففرقته وبعرثته. ثاني ًا :الو�سطية يف القر�آن الكرمي وال�سنة املطهرة وردت لفظه و�سط وم�شتقاتها يف ال�ق��ر�آن الكرمي يف موا�ضع منها : و�سطية ال�شعائر :يف نحو ق��ول��ه تعالى }وال جتهر ب�صالتك وال تخافت بها وابتغ بني ذلك �سبي ً ال{( ).
ك�م��ا ورد يف ال�سنة م��ن ال��رواي��ات م��ا ي��دل ع�ل��ى ه��ذه القاعدة باللفظ �أو املفهوم .منها� ":إن الدين قال :ولن ي�شاد ال��دي��ن �أح��د �إال غلبه ،ف���س��ددوا وق��ارب��وا واب���ش��روا وا�ستعينوا بالغدوة وال��روح��ة و��ش��يء م��ن الدجلةومنها الدعاء":و�أ�س�ألك الق�صد يف الفقر والغنى ،وال�ع��دل يف الغ�ضب والر�ضي"ومنها " �أم��ا واهلل �إين لأخ�شاكم هلل و�أتقاكم ل��ه ،ولكن �أ�صوم و�أفطر و�أ�صلي و�أرق��د و�أت��زوج الن�ساء ،فمن رغب عن �سنتي فلي�س مني"
و�سطية الإن�ف��اق :يف نحو قوله تعالى} :وال��ذي��ن �إذا �أنفقوا مل ي�سرفوا ومل ي�ق�تروا وك��ان ب�ين ذل��ك قواما{ ومنها حديث �أن�س "�أن ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه وقوله تعالى} :وال جتعل ي��دك مغلولة �إل��ى عنقك وال و�سلم كان يفطر من ال�شهر حتى نظن �أنه ال ي�صوم منه، تب�سطها كل الب�سط{ وي�صوم حتى نظن �أنه ال يفطر منه �شيئاً ،وكان ال ت�شاء �أن و�سطية ال���س�ل��وك :يف ن�ح��و ق��ول��ه ت�ع��ال��ى} :واق���ص��د تراه من الليل م�صلياً �إال ر�أيته وال نائماً �إال ر�أيته "وقالوا يف م���ش�ي��ك واغ �� �ض ����ض م��ن � �ص��وت��ك{ .وق��ول��ه ت�ع��ال��ى� :أي�ضاً ق��ال :دخ��ل النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ف ��إذا حبل ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
31
ممدود بني ال�ساريتني فقال " :ما هذا احلبل؟ " قالوا: ه��ذا احلبل لزينب �إذا ف�ترت تعلقت ب��ه ،ف�ق��ال" :حلوه، فلي�صل �أحدكم ن�شاطه ف�إذا فرت فلريقد"ويف الأخرى ": ف�إذا َن َع ِ �ست فنامي". ومن املعلوم �أن ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �آخى ب�ين �أب ��ي ال� ��درداء و��س�ل�م��ان ال�ف��ار��س��ي .ف ��ر�أي �سلمان �أم ال��درداء وهي �شعثة فقال لها :ما �ش�أنك؟ قالت� :أخوك �أبو الدرداء يقوم الليل وي�صوم النهار ،فقال �سلمان�" :إن لربك عليك حقاً ،ولنف�سك عليك حقاً ،ولأه�ل��ك عليك حقاً ،ف�أعط كل ذي حق حقه ،قال �صلوات اهلل و�سالمه عليه�" :صدق �سلمان". دور الو�سطية يف حتقيق ال�سلم العاملي على م�ستوى الفرد واملجتمع الدويل:
32
والتنافر والإنق�سام التي تفتت اجلهود وتبعرث القوى وتذهب باملجتمع بدءاً من الفرد والأ�سرة واملجتمع ،فمن اعتمدها منهاج حياة يف �سلوكه كفرد ،وو�ضع �أ�س�سها يف الأ� �س��رة مو�ضع التطبيق ،ا�ستطاع �أن ي�ؤ�س�س جمتمعاً متكام ً ال من املحبة والتعاون والتعا�ضد و�صلة الرحم حتى �أن��ه بجهده ه��ذا ي�ؤ�س�س جلهد �إن�ساين عاملي قائم على العدل وال�سالم العاملي. َّا�س �إِنَّا خَ لَ ْقنَا ُك ْم ِمنْ َذكَرٍ َو ُ�أ ْن َثى َو َج َع ْلنَا ُك ْم } َيا َ�أ ُّي َها الن ُ �شُ ُعو ًبا َو َق َبا ِئ َل ِل َت َعا َر ُفوا �إِ َّن �أَ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد اللهَِّ �أَ ْتقَا ُك ْم �إِ َّن اللهَّ َ ري{ َع ِلي ٌم خَ ِب ٌ المي �ك��ن ل�ف�ك��ر ي�ن���ش��د � �ص�لاح الإن���س��ان�ي��ة ج�م�ع��اء �أن يتقوقع داخل �أ�سرة �أو مدر�سة �أو م�صنع او دائرة حكومية او منظمة �أهلية �أو متجر بل يظل بحثه قائماً عن كل �سبيل ي��أخ��ذه ال��ى ا�سعاد الب�شرية جمعاء ،وذل��ك الفكر هو الو�سطية التي جاء بها الإ�سالم ز�أرادها خلري النا�س جمعاء ل�صغريهم وكبريهم ،غنيهم ،وفقريهم ،ذكرهم و�أن�ث��اه��م ولقراهم ومدنهم ودول�ه��م ،وه�ك��ذا حتى تكون الو�سطية مرتبطة بالعدل وال�سالم العاملي الذي تن�شده الب�شرية جمعاء.
�إن الو�سطية متثل منهاج حياة �شاملة للفرد واال�سرة واملجتمع املحلي وال��دويل� ،إن �أح�سن تفعيلها والتعامل معها ،فهي ربانية وتق�سم وتن�سجم مع الفطرة االن�سانية، وحتقق التوازن بني حاجات النا�س الدينية والدنيوية بكل تفا�صيلها ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية ،الأمر ال��ذي ي�ضع ب��دي� ً لا لكل االنظمة والد�ساتري وال�شرائع لقد كانت وما زالت ر�سالة الإ�سالم موجهة نحو �أهمية الأخرى التي نالها التبديل والتحريف واعرتاها النق�ص، فاهلل �سبحانه وتعالى عالج كل �أمر (ما فرطنا يف الكتاب حتقيق الأمن املجتمعي " فليعبدوا رب هذا البيت الذي من �شيء ،وقوله �سبحانه وتعالى( :و�إذا تنازعتم يف �شيء �أطعمهم من جوع و �آمنهم من خوف" ،من �أجل �صياغة الفرد وحتقيق الأمن للفرد من �أجل املجتمع كله ،ولذلك فردوه الى اهلل والى الر�سول ) ف��إن الفرد الطبيعي الميكن له �أن يحقق ح�ضوره على فديننا و�شرعنا احلنيف ،عمل على ف�ض النزاعات م�ستوى املدر�سة �أو اجلامعة �أو ال�سوق او يف امل�سجد اال حتى م��ع ال�ف��رد ونف�سه الأم ��ارة بال�سوء }�أال بذكر اهلل يف ظل �أمن جمتمعي يكفل له �أ�سرة متحابة تت�ألف من ت�ط�م�ئ��ن ال �ق �ل��وب{ }وق� ��ل اع� ��وذ ب ��رب ال �ن��ا���س م��ن �شر �أم ر�ؤوم و�أب رحيم و�أخوات حانيات و�أخوة �صادقة ،مثلما الو�سوا�س اخلنا�س{ .... . يكون الأمر يف املدر�سة من معلم معطاء ومدير خمل�ص وهذه دعوة الى اال�ستقرار النف�سي بالرجوع الى ذكر وزميل ويف لينتقل بعدها الى جامعة منتظمة يف �أ�س�سها اهلل وما نزل من احلق ،لي�ستعيد االن�سان ذاته ويجعلها وبراجمها ومناهجها و�أخالقياتها ،ت�صقل الفرد وفق �صيغة ت�شاركية تكفل له الإندماج ال�سل�س يف املجتمع بعد م�أمورة ب�أمره اليتنازعها هوى او �شيطان. تخرجه ،ويف �أي م�ؤ�س�سة ي��ري��د ،حتى يدخل امل�صنع �أو �أما اال�سرة ،ف�أن اال�سالم عالج م�شاكلها و�أمر بتحكيم الدائرة او امل�ست�شفى وهو الأكرث وعياً وت�أهي ً ال مبا ميلك �شرع اهلل فيها ،ف�أمر برتبية االوالد على منهاج النبوة ،من معرفة نظرية ينتظر تطبيقها على �أر�ض الواقع كل وقبلها باختيار االم ال�صاحلة ذات الدين واخللق التي ذلك وفق حركة دائبة مطمئنة �أمنية وخلفية و�سلوكيات ت�ستطيع تربية جيل م�ؤمن بربه منتم لوطنه و�أمته ،قادر جمتمعية حتقق له �أكرب قدر من امل�شاركة النافعة ،عندها تقول :ان الأمن املجتمعي املتكامل �أ�سهم ب�شكل كبري يف على اثبات ح�ضوره كفرد من �أمة �صاحبة ر�سالة. �صياغة الفرد ال�صحيح من حيث اجل�سد والعقل والروح �إن ال��و��س�ط�ي��ة م�ن�ه��اج ح �ي��اة وم ��ن ات �خ��ذه��ا م�ن�ه��اج�اً والوجدان منذ كان طف ً ال يف بيته� ،إلى ان ا�صبح تلميذاً يف حلياته وجد لها �سبي ً ال يف كل �أمر من �أمور حياته ،فهي مدر�سته ،وطالباً يف جامعته وطبيباً يف عيادته ،ومهند�ساً يف ال�سيا�سة والإقت�صاد وكذلك يف الإجتماع وت�ستطيع يف م�صنعه وموظفاً يف دائرته فهذه املنظومة املجتمعية ال��و��س�ط�ي��ة ت �ق��دمي ت���ص��ور ل�ب�ن��اء اج�ت�م��اع��ي واق�ت���ص��ادي يربطها رب��اط واح��د ا�سمه الأم��ن املجتمعي ،فاحلي هو ق��ادر على تنظيم �أم��ور النا�س ونقلهم من حالة التنازع الدائرة الأولى بعد البيت وهكذا تتوالى الدوائر ات�ساعاً
حتى ت�صل الى م�ستوى الدولة كلها لتنطلق الى الإقليم والعامل �أجمع.
مرجعية ثابتة بالن�سبة للجهات التنفيذية وبقية �أطراف املعادلة الق�ضائية من متقا�ضني وحمامني وغريهم.
ف��ال�ف��رد ال ��ذي يعي�ش يف ب�ي��ت وم��دي�ن��ة ودول� ��ة �آم�ن��ة مطمئنة مر مبراحل وخربات تعليمية وعملية يكون �أكرث � .4إحرتام القيم والأخالق العامة والأعراف والتقاليد ت�أهي ً املوروثة والإيجابية. ال من غ�يره ليكون مواطناً �صاحلاً له وللب�شرية جمعاء ،وهذا املطلب الأول للو�سطية عندما تريد الأمن وذل� ��ك لأن م��ا ذك ��ر � �س��اب �ق �اً م��ن (الأخ �ل ��اق ال�ع��ام��ة املجتمعي حا�ضراً من �أجل �صناعة الفرد الذي نريد والأع��راف� .. .إل��خ) ت�شكل جميعها قانوناً اجتماعياً غري م�ط�ب��وع ،لكنه ث��اب��ت يف ال��وج��دان ال�شعبي ل��دى النا�س مقومات الأمن الإجتماعي: ويتناقلون ث�م��رة الإل �ت��زام ب��ه ج�ي� ً لا �إث��ر ج�ي��ل ،وه��و من }يا �أيها النا�س �إنا خلقناكم من ذكر و�أنثى وجعلناكم مقومات بناء املجتمعات �إن �أرادت ذل��ك ،ف��الأخ�لاق هي �شعوباً وقبائل لتعارفوا{ ع�صب كل عالقة تبادلية يف املجتمع مع التاجر واملوظف واملعلم والطالب والطبيب وهي �أ�سا�س كل عالقة ثنائية }يا �أيها النا�س �أدخلوا يف ال�سلم كافة{ �أو جمعية. ولذلك نقول :ان من يريد حماية الدولة عليه قبل دعم �أهمية الأمن وال�سلم الدويل يف ن�شوء الدول الت�سليح و�شراء ال�صواريخ والدبابات وال�سفن احلربية، وا�ستقرارها. عليه ان ينتقي الفكر النا�صع ،والقيم اجلوهرية فيبثها يف نفو�س الأط�ف��ال وعقولهم ،يف براجمهم ومناهجهم �إذا كان الأم��ن حاجة فطرية ال ي�ستطيع �أي جمتمع وم�سرحياتهم وم�ساجدهم ومدار�سهم وجامعاتهم ثم م��ا ،ك�بر �أم �صغر �أن ي�ت�ن��ازل عنها ،ف��ال�ف��رد والأ� �س��رة يف يفعلها ع�ل��ى �شكل خ�ط��ط ا�سرتاتيجية ق��اب�ل��ة للتنفيذ حالتهما الأول��ى يحتاجان ل�ل�أم��ن حتى ي�ستقيم الأم��ر احلقيقي ،عندها �سيطمئن �أن املجتمع ي�سري وفق ر�ؤية داخل الأ�سرة ومع جميع �أفرادها باعتبارها (�أي الأ�سرة) فكرية واح ��دة ،مت��ام�اً كما ه��و احل��ال م��ع �سيدنا حممد احلا�ضنة الإجتماعية الأولى لهذا الفرد ،وهي امل�س�ؤولة �صلى اهلل عليه و�سلم بعد فتح مكة (ال�ي��وم �أكملت لكم عن حتقيق الأمن والرفاه والطم�أنينة له. دينكم و�أمتمت عليكم نعمتي ور�ضيت لكم الإ�سالم دينا). وين�سحب ه��ذا الأم��ر �إل��ى املكون الإجتماعي للدول، ن�ع��م� ،إن م��ن مت��ام الأم ��ن والأم� ��ان وال�ف�ت��ح امل�ب�ين له وه��ي املجموعات الب�شرية امل��وج��ودة على �شكل جتمعات �أن تغلغل منهاجه يف كل مفا�صل الدولة فتحقق العدل قبلية وع���ش��ائ��ري��ة وق �ط��اع��ات مهنية وف�ك��ري��ة وثقافية التي تلتقي جميعها وفق ما ي�سمى بالعقد الإجتماعي، وانت�شر الأمن ومتت النعمة. فتتفق على العي�ش امل�شرتك �ضمن ما ي�سمى بالدولة، ولعل من مقومات الأمن املجتمعي التي جتعل املجتمع فتكتب د�ستورها وقوانينها و�أنظمتها وتعليماتها التي �ست�سري عليها يف دوائ��ره��ا ،وم�ؤ�س�ساتها ،وب��ذل��ك تن�ش�أ الإ�سالمي قوياً فاع ً ال �سهماً: الدول انطالقاً من �إميان اجلميع ب�ضرورة حتقيق الأمن .1احلرية امل�س�ؤولة :ونق�صد هنا باحلرية تلك املمنوحة امل�شرتك الذي ميهد لإقامة الدولة وم�ؤ�ساتها التي تخدم للفرد وفق معادلة احلقوق والواجبات التي �أقرتها املواطنني �ضمن معادلة احلقوق والواجبات. ال�شرائع ال�سماوية والد�ساتري والقوانني والقوانني ي�ستطيع فرد ما �أن يعكر �صفو عالقة بني دولتني ما، الو�ضعية ،وحتقق للفرد الكرامة الإن�سانية وحتقق وذلك �إذا ا�ستطاع �أن يجعل من امر ب�سيط م�شكلة كبرية الذات ،وفر�صة الإبداع والإبتكار والتنقل والتعبري .تتعقد فيها احللول والأ�سباب والنتائج ،ويف ذلك ي�سجل .2ح��ري��ة ال�ع�ب��ادة والإع �ت �ق��اد (ح��ري��ة ال�ت�ع�ب�ير) �ضمن التاريخ ال�سيا�سي للدول �صوراً من النزاعات الدولية التي معيار رب��اين ارت�ضاه اهلل لعباده ،وهو " لكم دينكم قامت لأ�سباب ب�سيطة ا�ستدعت معها تدخل الو�سطاء ويل دين" ب�شرط عدم اخلروج على الوالية العامة واحلكماء واملحكمني الدوليني. ل�ل��دول��ة وظ��واب�ط�ه��ا فيما يتعلق ب ��الأدي ��ان وح��ري��ة وع�ل�ي��ه ،ف ��إن الإج��اب��ة على ال���س��ؤال الرئي�س :الأم��ن املعتقدات. وال�سلم الدويل م�س�ؤولية من؟ �� .3س�ي��ادة ال �ق��ان��ون� :إن تفعيل ال�ن���ص��و���ص القانونية قد يلحظها كل فرد ب�سهولة ،ذلك �أن الإن�سان مبفرده عند احل��اج��ة �إليها ي�ضمن �سيادتها وق��درت�ه��ا على قد يت�سبب ب�أزمة دولية ،و قد يكون �سبباً يف منع حدوثها حفظ الأم��ن وال�ت��وازن بحيث ت�شكل م��واد القانون ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
33
�أو حلها �إن وقعت ،وبذلك تكون امل�س�ؤولية الأولى يف حماية الأم��ن وال�سلم ال��دويل على الفرد �أي�اّ كان موقعه وقربه من �صنع احلدث �أو القرار ،مثلما ميتد الأمر لي�صل �إلى املجموعة من النا�س حتى ي�صل �إل��ى م�س�ؤولية كل دولة ت�شرتك يف النظام الدويل مبعاهدات ومواثيق ،فامل�س�ؤولية متعددة وم�شرتكة ،تبد�أ بالفرد وتنتهي بالدول.
.2ع��دم التدخل يف ال�سيا�سة الداخلية لأي دول��ة ما، وه��ذا م��ن �ش�أنه �أن يبعد الإجتماعات البعيدة عن ال��واق��ع يف ح��ل ه��ذه امل�شكلة �أو ت�ل��ك ،فكما ي�ق��ال ( �أه��ل مكة �أدرى ب�شعابها) وكل م�شكلة جتد الأق��رب �إل��ى ا�سبابها وحيثياتها والأط� ��راف امل�شرتكة بها، والو�سائل التي ميكن اتباعها يف �سبيل حلها.
وت�سعى الإن�سانية جمعاء �سعياً ظاهرياً نحو حتقيق الأم ��ن وال�سلم ل�ه��ا ،وق��د ي�ك��ون �سعياً حقيقياً م��ن قبل امل�صلحني والدعاة واملفكرين واملثقفني الذين ي��رون �أن �سعادة الب�شرية تكمن يف جتان�سها وتكاملها وتعاونها، غ�ير �أن ت�ضارب امل�صالح ل��دى ال��دول والأن�ظ�م��ة يحيد العواطف وامل�شاعر الإن�سانية احلقيقية وي�ستغني عنها ب��احل��روب وال�ف�تن وال�ق�لاق��ل م��ن �أج��ل النيل م��ن هيبة هذه الدولة �أو تلك ،الأم��ر الذي ي�ضع ال�شعوب يف مهب رياح ردات الفعل غري املن�ضبطه والتي ت�أتي على م�صالح .4اللجوء �إل��ى املنظمات احلقوقية ذات احليادية من جميع الأطراف. النا�س و�أرواحهم و�أرزاقهم فيها ،يتنقلون من مكان لآخر �سعياً نحو الإ�ستقرار والأمن و الطم�أنينة ،وقد يجدون يف .5تفعيل القوانني االن�سانية التي تكفل جلميع الدول بالد املهجر ما عانوا منه من بالدهم من ظلم وتهمي�ش العي�ش امل�شرتك بكل �أمن و�سالم. وفقر وجوع. .6ع��دم اال�صطفاف يف حم��اور ع�سكرية وا�ستعرا�ض �إن م�ق��ول��ة " ك��ل ام ��رء ع�ل��ى ث�غ��رة م��ن ث�غ��ر الإ� �س�لام ال�ق��وى الع�سكرية ل�ه��ذة ال��دول��ة �أو ت�ل��ك� .أو لهذا فال ي�ؤتني من قبلك" هدفها وا�ضح ور�سالتها وا�ضحة احل�ل��ف �أوذاك ع�ن��د �أي ت���ض��اد يف امل���ص��ال��ح ،واب�ق��اء واملجتمع �سفينة واح��دة ،ال يحق لأي �إن�سان ان يت�صرف اخلالف ثنائياً بني هذه الدولة وتلك ،واعطاء املزيد ب��امل���س��اح��ة ال �ت��ي ي�شغلها كيفما ي���ش��اء� ،إذ ان الأم� ��ن او من املفاو�ضات لف�ض النزاعات بالطرق ال�سلمية. �ضياعه ي�ب��د�أ بفكرة �إيجابية �أو �سلبية ،فمن يريد بث الأمن والطم�أنينة ين�شر فكرة ويثبت عليها حتى ت�صبح .7تفعيل امل�ضامني القانونية ملحكمة العدل الدولية �إط� ��اراً عملياً ق��اب� ً لا للتنفيذ يف ك��ل الأم��اك��ن والأوق ��ات والزام جميع الدول بتنفيذ بنودها ،مبا يكفل احقاق والظروف ،وال�سلبية كذلك تبد�أ بفكرة خبيثة تبحث لها احلق لأ�صحابه من الدول مهما �ضعف �صاحب احلق عن دعم ،فتنتهج �أقبح ال�سبل من �أجل ن�شرها وتفعيلها �أو ق��وي ،فالعدل هنا هو �أ�سا�س العالقة االن�سانية وت�ضخيمها حتى ت�سود بني النا�س وتنتقل بينهم انتقال الطيبة امل�شرتكة. النار يف اله�شيم ،من هنا ي�أتي الت�أكيد �أو ًال على الأم��ن الفكري والتح�صني الفكري والوعي الثقايف الذي يحارب .8منا�صرة الق�ضايا العادلة ذات ال�صبغة االن�سانية وال�ت��ي يجمع ال�ع��امل �أج�م��ع على عدالتها :ان�سانيا الفكرة بفكرة ،ف�إذا ما مت ذلك للدولة على م�ستوى البيت وقانونيا وثقافيا ،ولعل ق�ضية فل�سطني ت�برز هنا واملدر�سة واجلامعة والدائرة وامل�سجد وامل�صنع وال�شارع ك��أب��رز ق�ضية �إن�سانية يجمع ال�ع��امل تقربياً –ولو �أ�صبحت الدولة يف م�أمن من كل خطر داهم. �شعباً – على عدالتها لأ�صحابها ال�شرعيني وهم �شروط حتقيق الأمن وال�سلم الدويل: الفل�سطينيون. .3ع��دم ا�ستخدام القوة بني دول اجل��وار حلل امل�شاكل امل���ش�ترك��ة ،وه��ذا الأم ��ر ي�شكل ب�ع��داً �أم�ن�ي�اً يف غاية الأه�م�ي��ة� ،إذ ال يجوز اللجوء للقوة عند �أي ظرف ال يتحقق معه الإن�سجام التام بني دولتني جارتني، ول��ذل��ك ال ب � ّد م��ن ت��رك م�ساحة ك�ب�يرة للتفاو�ض واق�تراح احللول العملية التي قد تنا�سب الطرفني يف حال وقعت م�شكلة ما.
34
.1اح�ترام �سيادة كل دولة على �أرا�ضيها ،بحيث ت�شعر .9اح �ت�رام امل��واث �ي��ق والأع� � ��راف ال��دول �ي��ة وامل �ع��اه��دات ه��ذه ال��دول��ة �أو ت �ل��ك� ،أن �ه��ا يف م �ن ��أى ع��ن �أي ن��زاع وح�سن اجلوار. حمتمل م��ع دول��ة م��ا ح��ول ال���س�ي��ادة على ج��زء من �أجزائها ،و�إذا تطور الأم��ر �إلى بروز اختالف ونزاع .10الإح�ت�ك��ام �إل��ى الهيئات ال��دول�ي��ة يف ف�ض ال�ن��زاع��ات واخلالفات. ف�إن واجب كل دولة تكون طرفاً يف هذا النزاع اللجوء �إلى املنظمات الدولية واملحاكم الدولية حلله ،بعيداً التفريق بني الإرهاب والتطرف: عن �إ�شعال الفنت واحلروب التي ت�أتي على مقدرات �أم��ا الإره ��اب فكلمته �أطلقت يف ه��ذه الأي��ام على من الأمم وال�شعوب.
ي�سلكون �سبيل العنف والإرهاب لتحقيق �أهدافهم و�إقامة �سلطتهم ،كما مت ا�ستثمارها م��ن قبل بع�ض الأنظمة لت�صفية املعار�ضني واملخالفني.
ي�سندها اق�ت���ص��اد ق��وي ت�ستطيع � �ش��راء الأ��س�ل�ح��ة، وال�ت�ح�ك��م مب �� �ص��ادر اق �ت �� �ص��اده��ا ،خ��ا��ص��ة �إذا ك��ان��ت م�صدرة للطاقة ،ورمبا ذلك جلب التدخل يف �ش�ؤونها ال��داخ�ل�ي��ة ،خا�صة �إذا مل متتلك ال�ق��وة الع�سكرية احلقيقية املتمثلة بالت�سليح وال�ت��دري��ب والعقيدة القتالية جلنودها.
والإرهاب هو نوع من التمرد امل�شوب بالعنف لتحقيق الأهداف بطرق م�شروعة او غري م�شروعة ،فالذي يدافع ع��ن ح�ق��ه امل �ع�ترف ب��ه يف ��ش��رائ��ع ال���س�م��اء ويف ال�ق��ان��ون عدم وجود التجان�س الإجتماعي يف املكون الإجتماعي الدويل اليعترب �إرهابياً بل ي�صل عمله الى درجة البطولة لهذه الدولة �أو تلك ،فاختالف املكونات الإجتماعية يف والت�ضحية ،و�إذا مات مدافعاً لكان �شهيداً وله املغفرة. ً ً الدولة الواحدة وانق�سامها :لغة وعرقا ولونا وديان ًة ،قد وه��و جم ��اوزة احل��د وال �ق��در يف ك��ل � �ش��يء ،فالتنطع يجعل الأمر متاحاً لتدخل مرجعيات عدة يف �صنع القرار والت�شدد هروب من الو�سطية والو�سط ب�إجتاه كل طرف الرئي�س لدى دولة ما ،مما يجعل �أحياناً �أمر الإن�سجام وعلى غري هدى ،ذلك ان الت�شدد يف غري مو�ضع الت�شدد والتناغم بني تلك املكونات غري مقبول يف نظر البع�ض �أو �إف�ساد للفكر والعقل والوجدان ،فهو كما قال ابو الطيب غري ممكن ،مما يولد خالفاً ،ما بني تلك املكونات ،تت�سع املتنبي دائرته لي�صل �إلى دول اجلوار التي قد تت�شابه فيها ،تلك املكونات الإجتماعية ،وعلى �سبيل املثال ال احل�صر ،اليهود فو�ضع الندى يف مو�ضع ال�سيف بالعال يف دولة ما ،الأمر الذي ينذر �أي�ضاً بتدخل دول عظمى من م�ضر ك��و��ض��ع ال�سيف يف مو�ضع الندى �أجل حماية هذه الفئة من النا�س ،وهذا الأم��ر ين�سحب على كثري م��ن الق�ضايا ال��دول�ي��ة املعلقة ذات الأ��س�ب��اب معوقات حتقيق الأمن وال�سلم الدويل : املت�شابهة. • تعدد املرجعيات الفكرية والثقافية والدينية التي التو�صيات: تر�سم املالمح العامة لكل دولة من الدول ،وتناق�ض .1دع��وة العلماء واملفكرين للقيام ب��دوره��م يف ار�شاد هذه املرجعيات مع بع�ضها البع�ض. الأمة مبخاطر التطرف والإرهاب • ت�ضارب امل�صالح بني الدول ،فكل دولة لها م�صلحتها اخلا�صة التي تختلف عن امل�صالح الأخ��رى لدولة .2دع��وة رج��ال الفكر و�أ��ص�ح��اب ال ��ر�أي ال��ى اب��راز قيم الإ�سالم و�سماحته واعتداله. �أخ��رى ،وهذا ي�سبب اختالفاً يف وجهات النظر عند البحث يف حتقيق تلك امل�صالح� ،إذ عندها يتوقف .3ال�ترك�ي��ز ع�ل��ى امل�ن��اه��ج التعليمية يف �إع� ��ادة بنائها احل ��وار وت�صمت الأل���س�ن��ة وال �ع �ق��ول وت �ك��ون ال�ق��وة بطريقة علمية و�إبعاد الإفكار الأحادية. ه��ي �سيدة امل��وق��ف� ،إم��ا بالتلميح يف ا�ستخدامها �أو الإ�ستعرا�ض بها� ،أو بالتذكري بوجودها الأمر الذي .4على احلكومات مهام ج�سيمة للقيام بدورها لتوجيه يثري حفيظة الآخرين و�إن اعرتاهم �ضعف وهزل. بع�ض م��وارده��ا خل��دم��ة ر��س��ال��ة ال �ع��دل والإن���ص��اف والإن�سانية والدفاع عن الإ�سالم يف املحافل الدولية. • التفاوت يف القوى الع�سكرية� ،إن الدول القوية ال ت�أبه مب�صالح الدول ال�ضعيفة ،وتدرك �أن م�صاحلها �سهلة .5ن�شر فكر الت�سامح والإعتدال كثقافة عامة بالت�شارك التحقيق بف�ضل امتالكها للقوة� ،إذ �إن الدول ال�ضعيفة بني جميع امل�ؤ�س�سات التعليمية والثقافية والعلمية ت�ستلم وتذعن لكل قرار �صادر عن �أي دولة قوية. واجلامعات يف كافة الأو�ساط الدولية. • التفاوت يف القوى الإقت�صادية ،نعم� ،إن الإقت�صاد .6اب��راز املبادرات املتعددة للحوار والتعاي�ش والإلتقاء على كلمة �سواء. ك��ذل��ك م��ن ع��وام��ل ال �ق��وة ل �ل��دول��ة ،ف��ال��دول��ة التي
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
35
دراسات
من مظاهر التشويق وإثارة االنتباه في الحديث الشريف
36
د .لطفي بن حممد الزغي
غني عن القول �أ َّن ال�سنة النبوية متثل مرجعية عليا يف الرتبية والتعليم ،ف�ض ً ال ع��ن كونها مرجعي ًة رئي�سة يف الأح �ك��ام والعقائد، ولهذا فال بد �أن ت�شتمل ال�سنة على ما يخدم ه��ذه الغاية ،و�أق�صد بذلك ا�شتمالها على �أ�ساليب حتقق الرتبية وت�ثري التعليم ،وت�ضع القواعد ،وتر�سم املعامل للم�شتغلني يف هذا ال�سبيل ،من خالل املواقف وال�ت��وج�ي�ه��ات والأ��س��ال�ي��ب ال��واف��رة امل�ت�ن��وع��ة يف ه��ذا ال �ب��اب ،واملتتبع لأحاديث النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم ) يالحظ هذا الأمر جلياً فيها، بل �إنني �أزيد ب�أن ال�سنة النبوية ال�شريفة قد ا�شتملت على و�سائل يف الرتبية والتعليم ال زالت حتى الآن هي من �أجنع الو�سائل. ول�ست هنا ب�صدد ح�صر هذه الأ�ساليب لأن هذا لي�س مكانه ,وهو �أمر لي�س بالهني ،بل �أريد �أن �أركز يف بحثي هذا على �أ�ساليب الت�شويق و�إث��ارة االنتباه التي ا�شتملت عليها الأح��ادي��ث النبوية ،و�أق�صد بهذا العنوان �أ�ساليب الت�شويق و�إثارة االنتباه التي حفلت بها ال�سنة النبوية وا�ستخدمها النبي(�صلى اهلل عليه و�سلم ) ،ليثري �أ��ص�ح��اب��ه �أو ًال، ويو�صل �إليهم ما يريد ب�أف�ضل الطرق و�أجنعها ،ويجعل ما ي�أتي من خالل ذلك حمفوظاً لديهم را�سخاً يف �أذهانهم. ولعله م��ن احلكمة �أن حتظى ه��ذه الأ��س��ال�ي��ب باهتمام املعلمني والعاملني يف احلقل الرتبوي� ،إذ ينبغي �أن يحر�صوا عليها ،لأ َّن جذب اهتمام ال�سامعني و�إث��ارة انتباههم �أم� ٌر يف غاية الأهمية ،لأ َّن النجاح يف ه��ذا الأم ��ر �سيكون مقدمة لنجاح �أك�ب�ر بعد ذل��ك يف م��ا ه��و �أه��م و�أعظم .والأ�ساليب املتك ّلم عنها ع��اد ًة هي؛ �أ�ساليب ت�شويق ب�صرية،
و�أ�ساليب ت�شويق �سمعية ،وهذا ما �سيكون حمور البحث - ،ظهور ٍ رجل غريبٍ يف ثياب ٍ بي�ضاء نا�صع ٍة ،ومظه ٍر ٍ نظيف. ولكن �س�أزيد بع�ض الأ�ساليب التي ر�أي��ت �أنها من �صلب مو�ضوعي ،ولهذا تناول بحثي ثالثة مباحث �أ�سردها كما هي غري مقلد �أي تق�سيم يرجع لعلم من العلوم ،لقناعتي -عدم معرفة �أحد بهذا الرجل� ،إذ لو كان معروفاً لقيل �إنه دخل دار من يعرفه َّ وتنظف عنده. �أن التق�سيم ال��ذي ذكرته �أملته طبيعة البحث ،وح�سبما توفر عندي من مادة ،وهذه املباحث هي : عدم ظهور �أثر ال�سفر عليه� ،إذ لو كان م�سافراً لظهرهذا يف هيئته ،من حيث ات�ساخ الثياب ،و�شعث الر�أ�س. املبحث الأول دخ��ول��ه على النبي �صلى اهلل عليه و�سلم بطريق ٍة�أ�ساليب �إثارة االنتباه الب�صرية يف ال�سنة خمالف ٍة ملا عهده ال�صحابة (ر�ضوان اهلل عليهم ) ،من النبوية طريقة الأعراب وما فيها من جالفة ،وجهل ب�أ�صول ال�س�ؤال واخلطاب .فهذه الأحوال كلها ُّ تدل على �أ َّن يق�صد ب�أ�ساليب الإثارة الب�صرية تلك الأ�ساليب التي ه��ذا احل��دي��ث ق��د ا�شتمل على م�ث ٍ �يرات ك�ث�ير ٍة دعت ت�ستخدم لإث��ارة امل�ستهدفني وت�شويقهم من خالل �أمور ال َّراوي لأن ي�سرت�سل يف ذكرها بدق ٍة فائق ٍة ،وهذا ما لها تعلقٌ بحا�سة الب�صر ،وق ّدمت الب�صر على غريه لأنه الحظه الدكتور اخلالدي بقوله( (( :)2فقد كانت �أ�سرع حوا�س الإن�سان ,وبالتايل تدرك الأ�شياء من خالله ثياب الرجل بي�ضاء �شديدة البيا�ض ،و�شعره �أ�سود ٍ ب�شكل �أ�سرع ,لذا ا�ستحق �صفة التقدم. �شديد ال�سواد ،وكان �أنيق املالب�س ال ُيرى �أثر ال�سفر وعند جمع ال�شواهد على ه��ذا الأ�سلوب وج��دت �أنها على ثيابه وال على �شعره وال على بدنه ،فك�أنه خار ٌج من ٍ تتنوع �إل��ى �أ�ساليب ت�سبق عملية التعليم و�أ�ساليب ت�أتي بيت قريبٍ للمكان الذي يجل�سون فيه. �أث�ن��اءه��ا ،وكلها يق�صد منها لفت ان�ت�ب��اه احلا�ضرين ملا والغريب �أنه ال يعرفه �أح ٌد من ال�صحابة اجلال�سني، �سيقال ،وهذا بيان ما �أجملت. فلو كان من �أهل املدينة لعرفوه ،ولو مل يكن من املدينة، املطلب الأول� :أ�ساليب ت�شويق ب�صرية ت�سبق العملية التعليمية .ولو كان م�سافرا قادماً من ٍ بعيد ،لكان �أ�شعث �أغرب ،فكيف جمع بني �أناقة ونظافة مظهره وبني عدم معرفتهم به. ويق�صد بها الأ��س��ال�ي��ب ال�ت��ي يلج�أ �إل�ي�ه��ا املعلم قبل بعد ذلك ت�ص َّرف الرجل الغريب املثري ت�صرفاً �أكرث �شروعه بالتدري�س جلذب انتباه املتعلمني و�ش ِّد انتباههم، ٍ وهذا غالباً ما يح�صل عندما يكون الأمر املراد �إي�صاله يف �إث ��ارة ،زاد يف انفعال وتفاعل ال�صحابة اجلال�سني ،فقد اخ�ترق ال��رج��ل ال�صحابة اجلال�سني ،و�أق�ب��ل على ر�سول غاية الأهمية ،وهو يف ال�سنة النبوية كذلك. اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ثم جل�س �إليه ،ثم اق�ترب منه ومن هذا القبيل احلديث امل�شهور الذي رواه عمر بن كثرياً ،ب�أن �أ�سند ركبتيه �إلى ركبتي ر�سول اهلل �صلى اهلل اخلطاب ,و�أخرجه()1عد ٌد من �أ�صحاب الكتب املعتمدة يف عليه و�سلم ثم و�ضع كفيه على فخذي نف�سه ،وجل�س �أمام ال�سنة النبوية ّ ون�صه (( :بينما نحن عند ر�سول اهلل �صلى الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم جل�سة املت�أدب املتع ِّلم )). اهلل عليه و�سلم ،ذات يوم �إذ طلع علينا ٌ رجل� ،شديد بيا�ض ً ومن �أمثلة هذا اللون من الأ�ساليب �أي�ضا ما رواه �أبو الثياب� ،شديد �سواد ال�شعر ،ال ُيرى عليه �أثر ال�سفر ،وال يعرفه منا �أح � ٌد .حتى جل�س �إل��ى النبي �صلى اهلل عليه �سعيد اخل��دري حيث ق��ال( (( :)3جل�س ر�سول اهلل �صلى جلو�س حوله)).... . و�سلم ف�أ�سند ركبتيه �إلى ركبتيه ،وو�ضع كفيه على فخذيه اهلل عليه و�سلم على املنرب ونحن ٌ وقال :يا حممد� ،أخربين عن الإ�سالم))... . ٍ ل�سائل �أن ي�س�أل :ما ال�شيء الالفت يف هذا ،والنبي لكن فهذا الو�صف الدقيق ال��ذي ذك��ره ال� � َّراوي ع��ن حال �صلى اهلل عليه و�سلم يخاطبهم دوم �اً م��ن على املنرب ؟ القادم الغريب ،يدل على �أ َّن امل��راد قد حتقق ،و�أ َّن �إث��ارة ف��اجل��واب :ن�ع��م ،ه��ذا ه��و ال�غ��ال��ب م��ن ح��ال ال�ن�ب��ي �صلى االنتباه قد ح�صلت ،لأ َّن كل ما ُذكر عن حال هذا القادم اهلل عليه و�سلم يف خماطبة �أ��ص�ح��اب��ه ،ول�ك��ن ه��ذا يكون ير ل�لاه�ت�م��ام وال � َّت �� �س��ا�ؤل ،وه ��ذه الأم� ��ور كلها كانت يف اخلطبة ،فيكون ا�ستعمال املنرب يف اخلطبة طبيعياً، م�ث� ٌ بنا ًء على نظ ٍر وم�شاهد ٍة ،مما جعلها من قبيل �أ�ساليب والأم��ر هنا لي�س كذلك ،لأ َّن ال � َّراوي ذك��ر �أ َّن ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم جل�س على امل�ن�بر ،ويف اخلطبة ال الت�شويق الب�صرية. يجل�س اخلطيب على املنرب و�إمنا يقف عليه وقوفاً ،ولهذا والأم ��ور ال�ت��ي ُذك ��رت يف ه��ذا احل��دي��ث و�أث ��ارت انتباه كان اجللو�س فيه �إث��ارة لالنتباه ،مما جعل ال� َّراوي ينقل احلا�ضرين هي : لنا هذا احلال وي�صفه. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
37
38
ٌ ((ويل للعرب من وذلك كقوله �صلى اهلل عليه و�سلم: ونظري هذا احلديث ما رواه ابن عبا�س حيث قال(:)4 (( جل�س ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ،يوماً على املنرب �ش ٍر قد اقرتب ،اليوم ُفتح من ردم ،ي�أجوج وم�أجوج هكذا عليه ملحفة متو�شحاً بها ,عا�صباً ر�أ�سه بع�صاب ٍة د�سماء ( )) ،و�أ�شار ب�أ�صبعيه ال�سبابة والإبهام وح َّلق بينهما )(.)8 قال :فحمد اهلل )).. .وكذلك ما رواه م�سلم يف �صحيحه()5 ف�ه��ذه بع�ض ح � ٍ �االت يظهر م��ن خاللها ال�ت�ح��ول من (( ... .فلما ق�ضى ر��س��ول اهلل �صالته جل�س على املنرب وهو ي�ضحك ،فقال ليلزم كل �إن�سان م�صاله� ،أت��درون مل ال�ك�لام �إل��ى الإ� �ش��ارة ،وكيف �أ َّن ه��ذه الإ� �ش��ارة ق��د حظيت باالهتمام نظراً القرتانها مبا ُّ يدل عليها ،وهناك �أمثل ٌة جمعتكم ؟ قالوا :اهلل ور�سوله �أعلم ... .احلديث )) ا�ستخدمت فيها الإ� �ش��ارة وك��ان��ت داللتها �أ��ش� ُّ�د و�ضوحاً، فهذه �أ�ساليب �إث ��ار ٍة ب�صري ٍة �سبقت احل��دي��ث ,و�آت��ت و�أك�ثر تعبرياً من الكالم ،وذل��ك كقوله(�صلى اهلل عليه ث�م��اره��ا حيث �إ َّن ال�صحابة ق��د انتبهوا ل�ه��ذه الإ� �ش��ارات و�سلم )� (( :أنا وكافل اليتيم يف اجلنة هكذا )) ( ,و�أ�شار فنقلوها لنا نق ً ال دقيقاً ،بل �إ َّن احلديث الأخ�ير ا�شتمل بال�سبابة والو�سطى وف ّرج بينهما )( .)9فهذا احلديث فيه على �أكرث من �أ�سلوب ،حيث ذكر الراوي �أنَّه �صلى اهلل عليه ٌ انتقال من الكالم �إل��ى الإ��ش��ارة بقرينة اللفظة(هكذا)، و�سلم جل�س على املنرب و�ضحك ,وه��ذا بح ِّد ذات��ه و�سيلة وم��ن ث��م و�صف الإ� �ش��ارة التي �أ��ش��ار بها النبي �صلى اهلل من و�سائل الإثارة. عليه و�سلم ،وه��ذه الإ��ش��ارة قد ع�ّبترّ ت عن املطلوب بدق ٍة املطلب الثاين� :أ�ساليب ت�شويق ت�أتي �أثناء العملية التعليمية .واختزلت عدداً من الكلمات ،و�أعتقد �أ َّن العبارة الت�ستطيع �أن تفي مبا ا�شتملت عليه الإ�شارة من التو�ضيح ولإيجاز، وهي �أ�ساليب ت�شويقٍ ب�صري ٍة ت�أتي �أثناء اخلطاب ،وقد ول�ه��ذا ك��ان ا�ستعمالها �أك�ث�ر ج��دوى وف��ائ��دة ،وذل��ك لأ َّن يرى البع�ض �أ َّن هذا الأمر قد يتناق�ض مع �إثارة االنتباه النبي �صلى اهلل عليه و�سلم عندما قال (:هكذا) ،مل نعرف من خالل الب�صر ،لأ َّن �أ�ساليب الإثارة الب�صرية غالباً ما على ماذا د ّلت الكلمة �إال من خالل و�صف ال�صحابي لها تكون قبل بداية الكالم لتلفت االنتباه �إليه ،ولكن النبي بقوله(:و�أ�شار بال�سبابة والو�سطى وف� ّرج بينهما) .وهذا �صلى اهلل عليه و�سلم ق��د ا�ستخدم ع��دداً م��ن الأ�ساليب الو�صف من ال�صحابي (ر�ضي اهلل عنه) هو بيت الق�صيد، �أثناء حديثه مع �أ�صحابه ،لتقرير م�سائل مهمة ،ف�أراد �ش َّد وثمرة هذا الأ�سلوب الرائع ،لذا نقله لنا ال�صحابي بدق ٍة انتباههم للرتكيز على ما �سيقال �أيفعل .وهذه الأ�ساليب متناهية غري ٍ غافل عن ذك��ر تفا�صيله من خ�لال قوله: جاءت على �صو ٍر منها : (وف ّرج بينهما ). �أو ًال :ال� َّت�ح��ول م��ن ال�ك�لام �إل��ى الإ� �ش��ارة ,م��ن املعلوم وبتفح�ص و�صف ال�صحابي للإ�شارة وحتليلها يتبني �أ َّن الكالم والعبارة �أك�ثر �إف�صاحاً عن م��راد املتح ِّدث من ل�ن��ا جن��اع��ة ه��ذا الأ� �س �ل��وب و�أه�م�ي�ت��ه ،وك�ي��ف �أن ��ه �أ�ضحى الإ�شارة �أو الرمز ،لأ َّن الإ�شارة قد ال ينتبه لها �إال العدد �أ�سلوب ت�شويقٍ و�إث��ار ٍة� ،إذ �إ َّن ال�صحابي (ر�ضي اهلل عنه) القليل عندما ال يكون هناك دا ٍع ال�ستعمالها ،لكنها تكون قال(:و�أ�شار بال�سبابة والو�سطى) �أي �أ َّن كافل اليتيم مع �أكرث ت�أثرياً و�أو�ضح دالل ًة �إذا اقرتنت مبا يدل عليها ،وهذا النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) كهذين الأ�صبعني يف هذه بيان ذلك : اليد معاُ .لكن يف ق��ول ال�صحابي( :وف � ّرج بينهما )،ويف قد ت�أتي الإ�شارة بعد �س� ٍؤال وطلبٍ ،ومعلو ٌم �أ َّن ال�س�ؤال رواي � ٍة ( :وف � ّرق بينهما ) �إ��ش��ار ٌة �إل��ى �أ َّن كافل اليتيم قديحتاج �إل��ى ج ��وابٍ ،وعندما ال ي�سمع ال�سائل وم��ن معه ي�شارك النبي (�صلى اهلل عليه و�س ّلم) يف �أ�صل اجلزاء وهو اجلواب فالتَّ�صرف التوقع منهم �أن ت�شخ�ص �أب�صارهم �إلى دخول اجلنة ،لكنه يفرتق عنه باملنزلة ،قال ابن حجر()10 املتكلم ،فيتلقون الإ��ش��ارة ،وه��ذا ك�إ�شارته �صلى اهلل عليه (852ه �ـ) (( :وف��رج بينهما �:أي بني ال�سبابة والو�سطى، و�سلم� ،إلى ل�سانه عندما �س�أله �سفيان بن عبداهلل الثقفي :وفيه �إ�شارة �إلى �أ َّن بني درجة النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بني ال�سبابة والو�سطى ،وهو (( فما �أتقي ؟ )) ()6 نظري احلديث الآخر :بعثت �أنا وال�ساعة كهاتني )). وك��ذل��ك ع�ن��دم��ا ذك ��ر ال�ن�ب��ي ��ص�ل��ى اهلل ع�ل�ي��ه و��س�ل��م، فبهذا يتبني كيف �أ َّن التحول من الكالم �إلى الإ�شارة عالمات ال�ساعة ،فقال ((:يقب�ض العلم ،ويظهر اجلهل وال�ف�تن ،ويكرث ال�ه��رج ،قيل :يا ر�سول اهلل وم��ا الهرج ؟ �أثناء الكالم كان له دالالت كثرية �أبلغ و�أو�ضح من العبارة والكالم ،ولهذا ا�ستحقت �أن ٌيقرن بها �أ�سلوب �إثار ٍة وت�شويق. فقال هكذا بيده فحرفها ،ك�أنه يريد القتل )) ( .)7 ق��د ت ��أت��ي الإ�� �ش ��ارة م�ق�ترن��ة ب ��أل �ف��اظ ت � ُّث��ان �ي �اً :تغيري ال�ه�ي�ئ��ة �أث �ن��اء ال �ك�ل�ام� ،أو الإت �ي��ان مبا �دل عليها, كقوله�صلى اهلل عليه و�سلم :هكذا ،هاهنا ،كهاتنيٌ .... .،ي�ستغرب حلث احلا�ضرين على طلب التف�سري.
وذل��ك ب��أن يكون املتك ِّلم على هيئة معينة من جلو�س (ر�ضي اهلل عنها) �أ َّن النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) (( كان �أو وقوف ،فيغريها ويوا�صل حديثه من باب لفت االنتباه �إذا تكلم بكلمة �أعادها ثالثاً حتى تفهم عنه )) وا�ستثارة املخاطبني ،يف �إ�شار ٍة �إلى �أهمية وخطر ما �سيقال ً ً ال�سنة جند تطبيقا عمليا لهذا، وعند مطالعتنا لكتب ُّ بعد هذا التغري. ٍ �إذ روى م�سلم()14وغريه( )15عن �أبي ذر (ر�ضي اهلل عنه) وال يخفى �أ َّن هذا �أ�سلوب �إثار ٍة ب�صري ق�صد منه لفت �أ َّن النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) قال (( :ثالثة ال يكلمهم االنتباه ،وقد نت�أكد من فعالية هذا الأ�سلوب من خالل اهلل وال يزكيهم ولهم عذاب �أليم ،ثالث م��رات )) ،وجند �أ َّن هذا الأ�سلوب قد �آت��ى ثماره �إذ �إ َّن ال��راوي وهو �أب��و ذ ٍر و�صف الراوي لهذا التغري ومدى مالحظته له. ٍ قد تفاعل ب�شدة من خالل تكرار النبي (�صلى اهلل عليه ومن ذلك ما رواه البخاري( )11عن �أبي بكرة (ر�ضي و�سلم) لهذه الكلمات ،فقال :خابوا وخ�سروا ،من هم يا اهلل عنه) ق��ال :ق��ال ر�سول اهلل (�صلى اهلل عليه و�سلم) :ر�سول اهلل ؟ (( �أال �أنبئكم ب�أكرب الكبائر (ثالثاً)؟ قالوا بلى يا ر�سول وه� �ن ��اك �أم �ث �ل ��ة ك� �ث�ي�رة ع �ل��ى ت� �ك ��رار ال �ك �ل �م��ة ث�ل�اث اهلل ،قال :الإ�شراك باهلل ،وعقوق الوالدين - ،وجل�س وكان متكئاُ – فقال� :أال وقول الزور� ،أال وقول الزور� ،أال وقول مرات(.)16 الزور)).... . ومما يقرب من هذا الأمر �أنَّه (�صلى اهلل عليه و�سلم) وال�شاهد هنا هو قول ال��راوي (:وجل�س وكان متكئاً) كان يجعل ال�سائل وامل�ستف�سر عن �شيء يكرره ثالث مرات ويف بع�ض الروايات (:وكان متكئاً وجل�س ) ،وهذه احلركة حتى يلفت انتباه من ي�سمعه من احلا�ضرين ،وبالتايل التحول من االتكاء �إل��ى اجللو�س – هي من باب �إث��ارة ينتبهون ملا �سيجيبه به (�صلى اهلل عليه و�سلم) ب��ه ،لأ َّناالهتمام واالنتباه و�ش ِّد ال�سامع ملا �سيقال ،ولهذا قال ابن غ��ال��ب الأم ��ور ال�ت��ي ك��ان النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) حجر ( (( :)12وي�شعر ب�أنه اهتم بذلك حتى جل�س بعد يطلب فيها م��ن ال���س��ائ��ل �أو امل�ستف�سر الإع� ��ادة ه��ي من املهمات ،والتي ينبغي لأكرب عدد ممكن �أن ي�سمعها ويعيها، �أن كان متكئاً )). لذا كان يطلب التكرار. وال�شاهد من هذه الأحاديث �أنها ا�شتملت على �أ�ساليب ومثال ذلك ما رواه م�سلم( )17عن �أب��ي هريرة قال: ت�شويق ب�صرية حدثت �أثناء عملية التعليم �أو قبلها حتى ُت�ؤتي �أكلها ويتحقق املراد منها ،ولهذا مل ترد يف هذا اللون (( خطبنا ر�سول اهلل (�صلى اهلل عليه و�سلم) فقال� :أيها �شواهد لأ�ساليب ب�صرية بعد العملية التعليمية نظراً النا�س قد فر�ض اهلل عليكم احل��ج فحجوا ،فقال رجل: �أك��ل ع��ا ٍم يا ر�سول اهلل ؟ ف�سكت حتى قالها ث�لاث�اً ،فقال لعدم جدواها. ر�سول اهلل (�صلى اهلل عليه و�سلم) :لو قلت نعم لوجبت ومن اجلدير بالذكر �أ َّن علماء احلديث تنبهوا لهذا وملا ا�ستطعتم))... . النوع ف��أف��ردوه بالذكر و�صنفوه يف خانة لها تعلق بعلم ونظري هذا ما رواه م�سلم كذلك عن �أبي هريرة ٌقال: احلديث ،وذلك �ضمن كالمهم على احلديث امل�سل�سل...... (( ثم قيل للنبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) :ما يعدل اجلهاد املبحث الثاين يف �سبيل اهلل -عز وج َّل -؟ قال :ال ت�ستطيعوه ،قال :ف�أعادوا عليه مرتني �أو ثالثاً ،كل ذلك يقول ال ت�ستطيعونه ،ويف �أ�ساليب الت�شويق ال�سمعية الثالثة قال :مثل املجاهد يف �سبيل اهلل كمثل القانت ب�آيات وهي تلك الأ�ساليب التي يق�صد منها ت�شويق ال�سامع اهلل ال يفرت من �صيا ٍم وال �صال ٍة حتى يرجع املجاهد يف ولفت انتباهه من خالل م� ٍ ؤثرات تدرك بال�سمع يتق�صدها �سبيل اهلل )) القائل لإي�صال ر�سالة �أو معلومة مهمة لل�سامع ،وهذه وهذا املثال ك�سابقه من حيث جعل ال�سائل يكرر �س�ؤاله الأ��س��ال�ي��ب م��وج��ودة ب�ك�ثر ٍة وت �ن � ُّو ٍع يف الأح��ادي��ث النبوية �أكرث من مر ٍة ،لكن فيه �أ�سلوب �إثار ٍة �إ�ضايف وهو �أ َّن النبي ال�شريفة ،وهذا بيان ذلك: (�صلى اهلل عليه و�سلم) كان يعقِّب على �س�ؤالهم بقوله( :ال املطلب الأول :الت�شويق من خالل تكرار الكلمة �أكرث من مرة .ت�ستطيعونه ) ،ليزيد من انتباههم وي�شوقهم ملا �سيقال. م��ن املعلوم �أ َّن التكرار ي��و ِّل��د ال�ق��رار ،و ُي��ورث احلفظ والفهم ،وقد يكون التكرار لإثارة االنتباه وجذب ال�سامع، وجعله ي�صغي ملا �سيقال ،وتكرار الكلمة كان �أ�سلوباً من �أ�ساليب اخل�ط��اب ال�ن�ب��وي� ،إذ روت ال�سيدة عائ�شة()13
وقد يكون التكرار �أكرث من ثالث مرات ،خروجاً عن �شك �أ َّن يف هذا �إثار ًة �أكرب ،وت�شويقاً املعتاد يف التكرار ،وال َّ ٍ �أعظم ،وهذا ال يتكرر ويت�أتى �إال لهدف عظيم ؛ حلث على جد ذميم. �أم ٍر عظيم� ،أو لتغيري �أم ٍر ُّ
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
39
40
ومثال ذلك ما �أخرجه البخاري()18عن �أبي بكرة قال :اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ،ولهذا لو كان الكالم بغري هذا قال النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) � ((:أال �أنبئكم ب�أكرب ل ُع َّد خروجاً عن املعتاد ،وا�ستحق �أن يذكر و ُينعت بدق ٍة الكبائر (ثالثاً) ؟ قالوا :بلى يا ر�سول اهلل ،قال :الإ�شراك ك�أ�سلوب من �أ�ساليب الإثارة والت�شويق. ب��اهلل ،وع�ق��وق ال��وال��دي��ن ،وجل�س وك��ان متكئاً ف�ق��ال� :أال ومثال ذلك ما رواه جابر قال( (( :)23كان النبي �صلى وقول الزور ،قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته �سكت )) اهلل عليه و�سلم �إذا خطب احمرت عيناه ،وعال �صوته،وا�شتد وم�ساكم )) ون �ظ�ير ه ��ذا م��ا رواه ع�ب��د اهلل ب��ن ع�م��ر (ر� �ض��ي اهلل غ�ضبه ,حتى ك�أنه منذر جي�ش يقول �صبحكم ّ عنهما) ق��ال (( :ق��ر�أ ر�سول اهلل (�صلى اهلل عليه و�سلم) فعلو ال�صوت مع ا�شتداد الغ�ضب واحمرار الوجه ،مل على املنرب {:وال�سموات مطويات بيمينه �سبحانه وتعالى عما ي�شركون {الزمر ،67:ق��ال :يقول اهلل –عز وجل -يكن من عادته �صلى اهلل عليه و�سلم و�إمن��ا كانت حت�صل �:أنا اجلبار� ،أنا املتكرب�،أنا املتعال ،ميجد نف�سه ،قال :فجعل يف حاالت خا�صة لهدف حمدد ،قال ابن عثيمني يف �شرحه ر�سول اهلل (�صلى اهلل عليه و�سلم) يرددها حتى رجف به للحديث ( (( :)24و�إمن��ا ك��ان يفعل ذل��ك لأ َّن��ه �أق��وى يف الت�أثري على ال�سامع )) لهذا كانت م� ٍ ت�شد ال�سامع ؤثرات ُّ املنرب ،حتى رجف به املنرب ،حتى ظننا �أنَّه �سيخر به )) ملا �سيقال ،وبهذا يكون هذا احلديث قد ا�شتمل على �أكرث فهذان احلديثان يظهران �أ َّن النبي (�صلى اهلل عليه من م�ؤثر. و�سلم) ظ َّل يكرر هذه الألفاظ حتى يثري انتباه �أكرب عدد ثانيا :اخلروج عن املعتاد يف التَّ�ص ُّرف. ممكن ،وهذا ما كان من خالل و�صف الراوي لدقائق هذا التكرار. ون�ظ�ير ه��ذا م��ا رواه الإم ��ام �أح �م��د( )24ع��ن �أب��ي بكر املطلب الثاين :اخلروج عن املعتاد يف الكالم والت�صرفات .ال�صديق قال� (( :أ�صبح ر�سول اهلل ذات يوم ف�صلى الغداة ثم جل�س ،حتى �إذا كان ال�ضحى �ضحك ر�سول اهلل �صلى واخل� ��روج ع��ن امل�ع�ت��اد يف اخل �ط��اب ه��و �أح ��د �أ��س��ال�ي��ب اهلل عليه و�سلم ثم جل�س مكانه حتى �صلى الأولى والع�صر الت�شويق و�إثارة االنتباه ،ولكن اخلروج عن املعتاد يتناوله واملغرب ،كل ذلك ال يتكلم ،حتى �صلى الع�شاء الآخرة ثم قام �إلى �أهله)) ،فقال النا�س لأبي بك ٍر �:أال ت�س�أل ر�سول اهلل �أكرث من �أمرٍ ،ومن ذلك : �صلى اهلل عليه و�سلم ما �ش�أنه �صنع اليوم �شيئاً مل ي�صنعه �أو ًال :اخلروج عن املعتاد يف �صفة الكالم :حيث �إ َّن علي ما هو كائن كالم قط ؟ قال :ف�س�أله ،فقال (( :نعم عر�ض َّ النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) ك��ان فيه ترتيل وتر�سيل من �أمر الدنيا والآخرة ،فجمع الأولون والآخرون ب�صعيد وف���ص��ل( ،)19يفهمه ك��ل م��ن �سمعه ،فهو لي�س باجلهري واحد..... .احلديث )) العايل ا ّلذي ي�ؤذي �سامعه ،وال ففي ه��ذا املثال يتبني كيف �أ َّن النبي �صلى اهلل عليه باخلفي�ض ا ّل ��ذي ال ي�سمعه م��ن ي�ق��اب�ل��ه ،و�إنمَّ ��ا ك��ان و�سلم قد تعمد هذه الإث��ارة ،وك�أنه ي�شري �إليهم �أن �سلوا، ف�ص ً ال ،وكيف يكون ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم على ولكنهم هابوا �أن ي�س�ألوا عن ٍ حال من �أحوال النبي �صلى �صفة ال ميدحها وال يحبها ؟ حيث روى الطرباين( )20اهلل عليه و�سلم فدفعوا �أب��ا بك ٍر لهذه املهمة ،ملا يعرفون ب�إ�سناد �ضعيف ّ وح�سنه ال���س�ي��وط��ي(،)21ع��ن �أب��ي �أم��ام��ة من مكانته من النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ،وال �شك �أنهم �أ َّن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم (( :ك��ان ي�ك��ره �أن يرى �سينتظرون اجلواب برتقبٍ واهتمام� ،سيما و�أ َّن فرتة هذه الرجل جهرياً رفيع ال�صوت ،وكان يحب �أن يراه خفي�ض الإثارة قد طالت – من الفجر �إلى ما بعد الع�شاء – حتى ُال�صوت )) .وقال املناوي( )22يف �شرح هذا احلديث (( :يالحظها كل �أح� ٍ�د ،وي�سمع عنها �أكرب عد ٍد ممكن ،في�أتي �أخذ منه �أنَّه ُي�سن للعامل �صون جمل�سه عن اللغط ،ورفع ليعرف �سبب هذا الت�صرف غري املعتاد من النبي �صلى اهلل الأ�صوات ،وغوغاء الطلبة ،و�أنَّه ال يرفع �صوته بالتقرير عليه و�سلم ويح�صل بهذا املق�صود. فوق احلاجة ،وقال ابن بنت ال�شافعي :ما �سمعت �أبي �أبداً ويلتحق بهذا ال�ل��ون م��ن الت�شويق تغيرُّ ال�ل��ون �أثناء ُيناظر �أحداً فريفع �صوته ،قال البيهقي� :أراد فوق عادته، ً عد ذلك �أ�سلوبا من �أ�ساليب الإثارة ،ومن ذلك فالأولى �أن ال يجاوز �صوته جمل�سه )) الكالم� ،إذ ُي ُّ ما رواه �أبو هريرة قال( (( :)25كنا من�شي مع ر�سول اهلل واخلال�صة� :أ َّن��ه ينبغي للمتك ِّلم وال�ق��ارىء �أن يتكلم �صلى اهلل عليه و�سلم فمررنا على قربين ،فقام فقمنا معه، بكالم ُي�سمع فيه نف�سه وغريه ،وال يرفع �صوته �أكرث مما فجعل لونه يتغري حتى رعد كم قمي�صه ،فقلنا :مالك يا يحتاجه املوقف وال يخف�ضه �أك�ثر من ال�لازم �إال ل�سبب نبي اهلل ؟ قال� :أت�سمعون ما �أ�سمع ؟ قلنا :وما ذاك يا نبي و�ضرورة ،وعليه �أن ي�سلك �أمراً و�سطاً ،وكذلك كان ر�سول اهلل ؟ قال :هذان رجالن يعذبان.. .احلديث))
وكذلك ما رواه علي(ر�ضي اهلل عنه) قال(((:)26ذكرنا �أن يكون مثل �صاحب َف� َرق الأرز فليكن ،قالوا :يا ر�سول ال َّدجال عند النبي �صلى اهلل عليه و�سلم فا�ستيقظ حمم َّراً اهلل ،وما �صاحب َف َرق الأرز ؟ ٌقال.. .ثم �ساق احلديث )). وجهه فقال :وغري ذلك �أخوف عليكم ... .احلديث )) ونظري ذل��ك م��ا رواه الت��رم��ذي( )31ع��ن �أب��ي هريرة فهذان املثاالن يدالن على �أ َّن تغري اللون �أثناء الكالم قال :قال ر�سول الله�صلى اهلل عليه و�سلم ((:تعوذوا باهلل � ٌ جب احلزن؟ قال: أ�سلوب من �أ�ساليب التَّ�شويق و�إث��ارة االنتباه ،ولهذا انتبه من ِّ جب احلزن ،قال يا ر�سول اهلل وما ُّ لها ال َّراوي فذكرها مع احلديث الذي �سيقت لأجله . وا ٍد يف جهنم تتعوذ منه جهنم كل يو ٍم مائة مرة.)32().... ومن اخل��روج عن امل�ألوف مناداة من ال يعقل� ،أو من ففي هذه الأحاديث ذك ٌر ال�صطالحات مل تكن معلومة هو يف غياب عن ال��واق��ع ,كمناداة النبي �صلى اهلل عليه و�سلم لقتلى بدر( ،)27عندما �ألقاهم يف القليب ،مما �أثار لديهم ،و�أرى �أ َّن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم تع ّمد ذكرها ال�صحابة (ر�ضوان اهلل عليهم) ف�س�ألوه :كيف يناديهم وقد ليحثهم على التفاعل والت�سا�ؤل ،وهذا ما كان ،مما ي�ؤكد ماتوا وجيفوا ؟ ،فيخربهم النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) �أ َّن هذه الطريقة �آتت ثمارها. ب��أن�ه��م لي�سوا ب�أ�سمع ل��ه منهم ،ولكنهم ال ي�ستطيعون راب �ع �اً :ورود م��ا ُيثري التعجب اال��س�ت�غ��راب ،وبالتايل الإجابة فح�سب. االنتباه والت�سا�ؤل. ثالثاً :الكالم مبا ال يعرفه ال�سامع �أو ال يفهمه حتى وهي �أق��وال �أو �أفعال تثري اال�ستغراب بني ال�سامعني، ي�ستف�سر عنه : نظراً لعدم توقعم �صدورها عمن �صدرت عنه ،ومن ذلك لقد ك��ان من �أ�ساليب النبي �صلى اهلل عليه و�سلم يف حديث جربيل ال�ط��وي��ل ،عندما ��س��أل النبي (�صلى اهلل �إث��ارة انتباه ال�صحابة وت�شويقهم� ،أن يكلمهم ببع�ض ما عليه و�سلم) عن الإ�سالم ،ف�أخربه فقال له� :صدقت ،وهذا ال يعرفون �أو يفهمون ،وهو يعلم �أنَّهم ال يفهمون كالمه �أم��ر يثري الده�شة والعجب ,ولهذا عبرَّ ال��راوي بقوله: حتى يطلبون التو�ضيح م�ن��ه ،والإف� ��ادة عما ذك��ر ،وه��ذا فعجبنا له ي�س�أله وي�صدقه� ،إذ من املعلوم �أ َّن ال�سائل ي�س�أل �أ�سلوب ناجع ج��داً ،فلو �أ َّن املعلم و�صل �إل��ى حث �سامعيهإذا النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) فيجيبه فيمتثل ملا �أجابه، على اال�ستف�سار لقلنا �أنه حقق جناحاً يف مهمته ،فكيف � حثهم على الت�سا�ؤل و�أثار ف�ضولهم من خالل ذكره لأمور �أما �أن ُيعقِّب على الإجابة بقول� :أ�صبت �أو �أح�سنت ,فهذا ي��دل على �أ َّن ال�سائل يعلم �إج��اب��ة ما �س�أل عنه ،وه��ذا ما يجهلونها وال يعرفونها. �أث��ار ا�ستغراب احلا�ضرين و�شوقهم ل�سماع بقية ح��واره ومن ذلك احلديث الذي م َّر معنا عن عالمات ال�ساعة ،مع النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) ،وحماولة معرفة هوية وذك��ر فيه النبي �صلى اهلل عليه و�سلم (وي�ك�ثر ال�ه��رج) ،هذا ال�سائل الغريب ا ّلذي ي�س�أل ويعرف �إجابة ما �س�أل عنه والهرج كلمة مل تكن معلومة لديهم لذا �س�ألوا عنها ،كما من خالل تعليقه على الإجابة ،قال القرطبي((( :)33 م َّر معنا عند اال�ست�شهاد بهذا احلديث على التحول من �إمنا تعجبوا من ذلك لأ َّن ما جاء به النبي (�صلى اهلل علي الكالم �إلى الإ�شارة ،و�أزيد هنا ف�أقول :روى البخاري()28 عن �أبي مو�سى راوي احلديث �أنَّه قال (( :الهرج ؛ القتل و�سلم) ال يعرف �إال من جهته ،ولي�س ه��ذا ال�سائل ممن عرف بلقيه النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) ،وال بال�سماع بل�سان احلب�شة )). منه ،ثم هو �س�أل �س�ؤال عارف حمقق م�صدق فتعجبوا من وكذلك ما رواه م�سلم( )29عن �أب��ي هريرة �أ َّن النبي ذل��ك تعجب امل�ستبعد لأن يكون �أح � ٌد يعرف تلك الأم��ور �صلى اهلل عليه و�سلم قال : امل�س�ؤول عنها من غري جهة النبي �صلى اهلل عليه و�سلم )) (( اتقوا اللعانني ،قيل:وما اللعانان يا ر�سول اهلل ؟ ومثال ذلك �أي�ضاً ما رواه البخاري()34عن عدي بن قال:ا ّلذي يتخ ّلى يف طريق النا�س وظلهم)). حامت قال :قال النبي (�صلى اهلل عليه و�سلم) (( :اتقوا وم ��ن ذل ��ك �أي �� �ض �اً ا��س�ت�ع�م��ال��ه ��ص�ل��ى اهلل ع�ل�ي��ه و�سلم النار ،ثم �أعر�ض و�أ�شاح ،ثم قال :اتقوا النار ،ثم �أعر�ض ٍ مل�صطلحات ال يعرفونها لإث��ارة انتباههم وال�س�ؤال عنها ،و�أ�شاح (ثالثاً) ،حتى ظننا �أنَّه ينظر �إليها ،ثم قال :اتقوا كقوله �صلى اهلل عليه و�سلم ( (( :)30من ا�ستطاع منكم النار ولو ب�شق مترة )).
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
41
دراسات
التوعية اإلعالمية متهيد ري �إلى َع َم ٍل َي ّت�صِ فُ بالإ�ستمرارية، التوعية الإعالمية تعب ٌ ري ي�ش ُ وينطوي ِ�ضمناً على حاجة ت�ستدعي مثل هذا العمل ،وهي� ،أي باحل�س والإدراك ومرتبطة التوعية ،مت�صلة بالإعالم وخمت�صة ِّ بالعقل والوجدان ،حمورها و ُق ْط ُب َر َحاها هذا املخلوق الإن�سان. 42
اللواء الركن م عدنان عبيدات
ال�ت��وع�ي��ة م�شتقة م��ن ال�ف�ع��ل ال�ث�لاث��ي ال�ل�ازم َع � ِل � َم وم�ن��ه الفعل الرباعي املزيد املتعدي �أَ ْعلَ َم مبعنى �أخْ برَ َ ِ ، ومثا ُله ُ قول النبي الكرمي، �صلى اهلل عليه و�سلم ،حينما افتقد امل��ر�أة التي كانت تخد ُم امل�سج َد، وال يع ِر ُفها �أحد ،بل ال �أح ٌد ُ يعرف ا�س َمها ،فلما ُت ُو ِّف َي ْت بدا لأ�صحابه، َ ر��ض��وان اهلل عليهم �أجمعني� ،أ َّن�ه��ا �أق� ُّ�ل �ش�أنًا ِم��نْ �أنْ َي � ْذ ُك��روا لل َّنبِي، �صلوات ربي و�سالمه عليه� ،أنّها مات َْت! مات َْت و َد َفنوها ،فل َّما �س�أل عنها النبي عليه �أف�ض ُل ال�صالة و�أ ُّ مت الت�سليم ،و�أجابوه �أ َنّها مات َْت و ُد ِفن َْت، ُّ لاَّ ت� مَّ َ أل �أمل ًا �شدي ًدا ،وقالَ :ه �آذنتموين مبعنى َهلاّ �أعلمتموين. وال�س�ؤال هو :ملاذا التوعية؟ واجلواب بكل ب�ساطة :لأنها �أداة ها ّمة من �أدوات التح�صني كي ال تق َع فري�س ًة �سائغ ًة ملا ينطوي عليه الإعالم ِ تعديل �أفكارِك من غايات ت�ستهد ُفك ،حيث �أنك �أنت املق�صود؛ ُبغية بحيث يمُ ْ لَ َى عليك كيف ُت َفكِّر ومباذا ُتفَكر ،فيتغري �سلوكك �إلى ٍ �سلوك املطلوب َ منك �آخ َر خمتلف فتكونُ مطي ًة �سهل ًة لتنفيذ ما ُيرا ُد فت�ؤدي َ ُ مبا يخدم اجلِ َهة املُ�س َت ْه ِد َفة .وال�س�ؤال الذي يليه مباذا �أ ْ�ستَه َد ُف حتى
ري ال�سلوك وتعدي ُل الفكر؟ واجلواب على ُي ْنت ََظ َر مني تغي ُ ذلك �أنك ُم�س َت ْه َد ٌف يف كل �شيء على نح ٍو ُم ِ �ستم ّر: فكرياً و َع� َق� ِ�دي�اً ،بن�شر الفكر املُتط ِّرف والتمذهبامل �ن �ح��رف ،وال�ت�م�ه�ي��د ل�ن�م��و ورع ��اي ��ة ال� � ِف� � َرق ال � َع � َق��دي��ة والطائفية املتناق�ضة ،وزرع ا ِ خل�لاف ،و�إذك��اء روح العداء بني تلك الفرق بحيث ينت�ص ُر ُك� ٌّ�ل �إل��ى �شيعته ،فيت َمزَّقُ �دب الفو�ضى في َت َب َّد ُد اجله ُد ال�صف ،و َي َت َع َّمقُ ال�شَّ ْرخ ،وت� ُّ َّ و َي ْق َت ِت ُل النا�س ،وهذا ما ن�شهده يف واقعنا هذه الأيام. اجتماعياً و ِق َي ِم َّياً و َم ْ�سلَك ّياً ،بالتخ ّلي التدريجيوالإنفكاك عن الأع��راف والتقاليد وال ِق َيم الإجتماعية ا َ حل َ�سنة ،لتح َّل مكانها عاداتٌ ومفاهي ٌم اجتماعية بديلة م �� �س �ت��وردة ت�ستميل ال�ن�ف����س وجت �ت��ذب ال �ه��وى يف �إط ��ار الإفتتان مبا لدى الآخ��ر من حرية وانطالق ،في�ضعفُ ُ ُ ُ الرتابط املجتمعي ،وتن�ش�أ ويتفكك التما�سك الأُ�� َ�س �ر ِّي، حالة من الالمباالة يتمحور فيها الإهتمام حول الأن��ا، و َيترَ َ ّك ُز خاللها ال�سعي من �أجل امل�صلحة الفردية ،دومنا َ ال�سلوك �شي ٌء �أي اعتبار للم�صلحة العامة ،كما يعرتي من التغيري املتدرج على النحو املق�صود. ُ ت�ستبدل ثقافتَك نف�س ّياً وثقاف ّياً وتاريخ ّياً ،بحيثم��ع م��رور ال��زم��ن وت��راث��ك العريق بثقافة الغري ومنط معي�شته و�أ�سلوب حياته حتت ت�أثري الإنبهار مبا هو قائ ٌم ني بلغ ِت َك -وذل��ك دل�ي��ل على الإن �ه��زام - ل��دي��ه ،وت�سته ُ فت َُط ِّع ُمها ب�شي ٍء من لغته ،بل وتن�سى تُراثك و تاريخَ ك وتر�س ُخ لديك وحمطا ِته امل�ضيئة التي تبعث فيك الأمل ّ نف�سك �أق َّل من ال َغيرْ ، الثقة وتحَ ُ ثّك على العمل ،فترَ َى َ نهجه هو وتعتق ُد واه�م�اً �أ َّن ُل َغتَه هي لغ ُة الع�صر ،و�أنّ َ ِ إح�سا�س زائفٌ ب�ضرورة الإتِّباع فتن ِز ُع فيخام ُرك � الأرقى، ٌ ٍ عندئذ �أبقيتَ الذي َ لك وال �أخ�ذْتَ �إلى تقليده ،فال �أن��تَ املفيد ال��ذي عند َغ�ْي�رِْ ك ،م��ع �أ َّن معرف َة م��ا ل��دى الغري �� �ض ��رور ٌة مي�ل�ي�ه��ا ال��وع��ي وتقت�ضيها احل��اج��ة ،في�صبح ح��ا ُل��ك يف حم��اول��ة ات �ب��اع غ�ي�رك دون ب�ل��وغ ال ��ذي تريد كما قال ال�شاعر الأندل�سي :و َك� ْم ِم��نْ غُ ��رابٍ َرا َم ِم�شْ َي َة ُق ْب َج ٍة((( َف�أُ ْن�سِ َي ممَ ْ �شا ُه ولمَ ْ يمَ ْ �شِ كا َ حل َجل
القو َة الالزم َة (ال�سيا�سية والإقت�صادية والع�سكرية) التي تواجه بها الآخ��ر عند ال�ضرورة ،وثانيهما :التبع ّية فال حتقق ا�ستقال ًال حقيقياً ناجزاً وال متلك �إرادة �أو ق��راراً ري �ضَ ع ِفكُ ،م ْعت َِمداً على الغري تابعاً له �أو ُح ّراً فتبقى �أ�س َ دا ِئراً يف َفلَ ِكه. ِ�ص ِّحياً وبيئياً و َم��ال� ّي��ا ،يف �إه�م��ال ال��واق��ع القائم،وغياب التخطيط ال�سليم وا�ست�شراف امل�ستقبل والتهي�ؤ ل��ه ،ي�ع�م��ل ال �ت �ل � ّوث ال�ب�ي�ئ��ي يف �أم��اك��ن الإزدح � ��ام املكتظ بو�سائل النقل ،وك��ذل��ك يف التجمعات ال�صناعية ج� ّراء الإن�ب�ع��اث��ات ال�غ��ازي��ة م��ن ع ��وادم امل��رك�ب��ات ،واملنبعثة من مداخن املعامل ،وكذلك �إلقاء املخلفات ال�صلبة وال�سائلة، وانت�شار مك ّبات النفايات وحرقها على �سطح الرتبة يف الهواء ،وجماري املياه العادمة املك�شوفة ،ودفن املخلفات ال �ن��ووي��ة ،ي�ع�م� ُل ك� ُّ�ل ذل��ك ع�ل��ى �إف �� �س��اد ال �ه��واء وت�سميم الرتبة وتلويث املياه والإ�ضرار ال�شديد بالبيئة ،فينعك�س ني بدوره �سلباً على الو�ضع ال�صحي العام .كما �أن التدخ َ ومعاقر َة امل ُ ْ�س ِكرات وتعاطي املخ ِّدرات وتداو َلها بالتوطني والإ�ستهالك �أو بالعبور والتجارة ي�ؤدي بالتايل �إلى �إفراغ اجليوب ،و�إهدار الأموال وانفاقها يف غري مو�ضعها ،ورفع �أكالف العالج وتعطيل الإنتاج ،وخلق م�شكالت اجتماعية ونف�سية ،وي�ؤدي ذلك �إلى الدفع باجتاه الرت ِّدي ال�سلوكي والأخ�لاق��ي :ارت�ك��اب امل��زي��د م��ن اجل��رائ��م ،واجل�ن��وح �إل��ى ال�سرقة وال�ل�ج��وء �إل��ى الغ�ش و الن�صب والإح �ت �ي��ال� ،أو الإعتداء و ال�سطو لتدبري املال ،مما يرتتب عليه بالتايل انعكا�ساتٌ خطري ٌة على الو�ضع العام ب ُر َّم ِته ،بل وتدمري واقع ال ّأم��ة ب�أ�سرها .وال �شك �أن تدهور الو�ضع ال�صحي والبيئي والعجز املايل نتيجة تراكمات الإهمال� ،أو �إرجاء مبا�شرة احل�ل��ول �أو َتف َِّ�شي الف�ساد ه��و م�س�ألة خطرية، مب�ستوى متوا�ضع ثم تتدرج يف النمو حيث تبد�أ الأم��ور ً والإنت�شار والإ�ستفحال حتى تبلغ مبرور الوقت درجة من التعقيد �أو ت�صل �إلى حالة يت�سع فيها ال َفتْقُ على ال َّرا ِقع، �أو ت�صبح معها كلفة احللول املمكنة باهظة جداً ال ميكن توفريها ف ُت ْم�سِ ي �أمراً متعذراً حينما ُيراد عالجها.
وط �ن � َّي �اً وق��وم � َّي �اً ،يف ب�ل�اد ال �ع��رب ف �ق��ط؛ ال وح��دة �سيا�سياً واقت�صادياً وع�سكرياً� ،أنت ُم�س َت ْه َدف بحيث حقيقية بني الأوطان قائمة وال تبدو و�شيكة القيام ،كمابع�ضها بال رحمةُ ، ال ُي��را ُد لها �أن تُقامُ ،ي ْ�ض َر ُب ُ وبع�ضها ((( تبقى ره�ين امل َ ْحب َِ�سي ؛ �أولهما :ال�ضعفُ فال متتلك الآخ��ر �إن مل ُي�شارِك فهو يف ِمن ََّ�صة املتف ِّرجنيُ ،ت ْن َت َهكُ ا ُ حل ُر ُمات ،و ُت َدنَّ�س امل ُ َق َّد�ساتُ ،ت َه َّد ُم امل ُ ُدن والقُرى فترَ َى تقول يعقوب فيخت�ص بالذكر ،وكذلك �أَر� َ��ض� َ�ك ت ُْ�سلَب ،وحقو َقك ُت ْن َهب ،وخ�يراتُ ب�لادك؛ ميا ٌه ) 1ال ُق ْب َج ُة تقع على الذكر والأنثى يف ا َ حل َجل حتى َ ِ ِ ٌ ٌ تقول َح ْي ُقطان والبوم ُة وغاز و َنفْط و َم َعادن و�أر�صدة وودائع تُ�صادر وت ُْ�س َرق ،ود َما ُء تقول ظليم والنحل ُة حتى تقول يع�سوب وال ُّد َّراج ُة حتى َ النعام ُة حتى َ ِ ُ َ حتى َ َ ٌ ُ ُ .)8 �ص 11 املجلد العرب. (ل�سان ب ر خ تقول حتى بارى حل وا اد ي ف و �شعوب تُ�ش َّرد وعقول ت َه َّجر واحتفاالت تُقام �أهلك ت ْه َرق. َ ٌ تقول �صدىً �أَ ّ ٌ ) 2امل َْحب ُِ�س بك�سر الباء يكون ِ�س ْجن ًا .وامل َْح َب ُ�س بفتح الباءَ :م ْع َل ُف ال َّدا َّبة .وامل ِْح َب ُ�س ومهرجاناتٌ ُت ْعقَد ،يتكر ُر امل�شه ُد على هذه ال�شاكلة حتى را�ش بامل ِْح َب ِ�س ،وهي ا ِمل ْق َر َم ُة التي الآن ،وهو ٌ حال مل ي� ِأت هكذا عبثاً� .إذن �أنت م�ستهدف وكذا ال�س رْتَ ،وقد َح َب َ�س ال ِف َ بك�سر امليم :ا ِمل ْق َر َم ُة يعني ِّ ٍ بل ُدك و�سائ ُر وطنك الكبري ،والعمل جار على جتريدك را�ش للنوم (ل�سان العرب املجلد � 3ص .)91 ُت ْب َ�س ُط على َوج ِه ال ِف ِ من م�صادر قواك الذاتية ومن تلك التي حولك لت ُْح َر َم ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
43
حتى مما قد يتو َّف ُر لك من امتدا ٍد وعمقٍ و ٍ و�سنَد، رديف َ ل�ك��نَّ �أح �ل� َ�ك ��س��اع� ِ �ات ال�ل�ي� ِ�ل ه��ي تلك ال�ت��ي ت�سبِقُ ان�ب�لا َج الف َْجر. التوعية م�س�ؤولية َم ْن؟ من يقوم بها ؟ و مِلَ ْن ُت َو َّجه؟ التوعية م�س�ؤولية اجلميع :الدولة بقطاعيها العام واخلا�ص؛ حكومة ،م�ؤ�س�سات ،هيئات ،جمعيات .وتبد�أ من الأ�سرة حيث يق ُع ال ِع ْب ُء على عاتق الأَ َب َو ْين ب�صورة دائمة جتاه الأَبناء ،وكذلك الأخ لأخيه ،والزميل لزميله ،واملعلم لتالميذه ،والقائد جلنوده ،واملدير لطاقمه ،والرئي�س ملر�ؤو�سيه ،وال�شاهد للغائب؛ ف ُر َّب ُم َب َّل ٍغ �أوعى من �سامع. �أ ّم��ا �أي��ن ُيبنَى الوعي �أو �أي��ن تمُ ار�س عملية التوعية التي هي �سل�سلة من احللقات املت�صلة و املتداخلة �أي�ضاً ابتدا ًء من الأُ ْ�س َرة احليوي فهي " احللقة الأولى حيث ُي َع َّو ُل على دورها ّ م��ن م�صادرالتن�شئة الإج�ت�م��اع�ي��ة ،وه��ي امل َ� ْع� ِن� َّي��ة الأول��ى ِ واملرجعيات الأ�سا�سية لتمكني اللغة ،و�أول من َي ْز َر ُع الثوابتَ يف �أَ ْبنَا ِئها"(((ِ . ومن َم َظا ِّن عملية التوعية �أي�ضاً امتدا ُد الأُ ْ�س َر ِة من ذوي القربى وحميطها القريب من اجلِ وار والأ�صدقاء ،مروراً بريا�ض الأطفال ،ثم لتتّ�سع الدائر ُة فت�شم ُل احل � ّ�ي ،وك��ذا يف امل��دار���س وامل�ع��اه��د واجل��ام�ع��ات، و�أماكن العمل ،كما �أنّ لها ميدانُها يف املدار�س واملعاهد و اجلامعات ،و�أماكن العمل ،و يف النوادي واملكتبات ،ويف ٍ واحتكاك ال�سفر والرحالت وما يتهي�أ خاللها ِمن اطال ٍع مع الآخر ،ولها جما ُلها �أي�ضاً يف �أماكن الرتفيه والت�س ُّوق؛ فتج ُد ال�تروي � َج لل�سلع بالو�سائل امل�ت�ع��ددة ال�ستقطاب الزبون بِبيان ميزة امل ُ ْنتَج وتقدمي ت�سهيالت ال�شراء...الخ،
44
وه�ك��ذا ُت� َب��ا���شَ � ُر التوعي ُة يف املجتمع بر ّمته وبجميع فعالياته .والتوعية لي�ست ب��ال���ض��رورة ن�شاطاً �أَوع�م� ً لا يمُ ��ا َر�� ُ�س ب��اجت��ا ٍه واح��د ،و�إن كانت يف �أغلبها كذلك ،فقد َت ِت ُّم يف بع�ض الأحيان �أُفق ّياً يف الإجتاهني من الزميل �إلى زميله �أو اجلا ِر لجِ ارِه. .الخ ،ور�أ�سياً من الأعلى نزو ًال من امل�س�ؤول ملر�ؤو�سه �أو بالعك�س ُ�صعوداً؛ كما ح�صل حينما بثَّ �أح ُد القادة الع�سكريني الذي كان َح� ِ�ذراً يف حتركا ِته، القوي بثَّ عيونَه �أَما َمه لي�أتوه باملعلومات املتعلقة بعدوه ّ ال��ذي يتمركز يف طريق تقدمه ،لكن �أح � َد عيون القائد وقع يف �أَ ْ�س ِر العدو ف�أ�صبح م�صدراً ثميناً بحيث ْا�س ُت ِغ َّل ِ لقائد جي�شِ ه ب��أن ير �أنْ َيكت َُب و�أُ ْج�ِب�ررِ َ ذل��ك ال�ع� ُ ين الأ��س� ُ ) 1لقاء �صحفي مع �أمني عام املجل�س الدويل للغة العربية د .علي عبداهلل مو�سى �أجرته وكالة الأنباء الأردنية يف ع َّمان ،ون�شرته �صحيفة الغد اليومية الأردنية يف عددها رقم 4696ال�صادر يوم ال�سبت 19ذو احلجة � 9 – 1438أيلول .2017
تقد َمه وال يرت َّدد ليقع يف م�صيدة عدوه ،فلم يكن يوا�ص َل ُّ َ سِ يكتب مبا ير�ضي �آ� رِيه �إلى قائد جي�شه، له خيار � اّإل �أنْ َ ِ ِ لكنه بدها ِئه ِ كتب العبار َة التالية التي تُر�ضي وحيلته َ العد َّو وتحُ َ ِّذ َر يف حقيقتها قائ َد اجلي�ش الذي ينتمي �إليه ال� َع�ْي�نْ “ :ن�صحت فدع ريبك ودع مهلك" ،فلما و�صلت الذكي الف َِطنُ معكو�س ًة كالتايل: الر�سالة قر�أها القائ ُد ُّ كلهم عدو كبري عد فتح�صن. ٌ بع�ض من التوعية التي ميار�سها َم ْن يحتل الأر�ض واملقد�سات َيخْ لق املجتم ُع الإ�سرائيلي مب�ؤ�س�ساته املتعددة حال ًة دائمة من الوعي لدى الطفل محُ َ ِّر ُكها القلقُ واخل�شية من امل�ستقبل .في ُبثّ يف نف�س الطفل رو َح الإ�ستعالء و�أ َّن �سائ َر ال َب�شر ه��م دون��ه ،و ُي�ل� َق��ى يف َر ْو ِع ��ه �أن��ه �أم��ام خطر دائ� ٍ�م ول��ذل��ك ف��إن��ه ب�لا ت�ف� ُّوق ال حياة ل��ه ،و�إن مل ي�ؤمن ريه �إلى زوال ،ف��إِنْ َملَكْت بالقوة وامتالكها �سيكون م�ص ُ القوة ت�ستطي ُع �أَنْ تَفر َ ِ�ض املنط َق الذي تُريدُ .يغ َر ُ�س هذا املفهوم يف البيت ،و ُي َثنَّى عليه يف امل�ؤ�س�سات التعليمية ،ويف املجتمع من خالل ال ِ أمثال وال ِق�ص�صِ الهادف ِة و ُي ْ�ستَ�شْ َه ُد ني يف احلروب ونتا ِئجها ،بل و ُي َن َّمى لديه مفهو ُم بالرباه َ عد ِم الإكتفا ِء بالقليل ،وهذا ُيعَبرِّ ُ عنه َم ٌ ثل لديهم يقول: لي�ست ا َ حل ْف َن ُة ِلتُ�شْ ِب َع الأ�س َد� ،أ ّما ما ُي َ�س َّمى بالأدب التعليمي لديهم ِ فمنْه ق�صة الذئب الذي التقى َج ْدياً �صغرياً و�أراد ِ و�ضعف �ضح َّيته ،زاعماً �أ َّن ا َ جل ْد َي يفرت�سه بواقع ُق َّوتَّه �أن َ كان قد �شَ َت َمه يوماً وقد حا َن وقتُ ال ِق�صا�ص ،فلما �س�أل ا َ ِّئب :قبل جل ْد ُي امل�سك ُ ني عن وقت حدوث ال�شَّ تْم � َ أجاب الذ ُ اجلدي وهو يرت ِع ُد بكل َف َرا ِئ�صِ ه :ولكنني َ�س َن َتينْ ،فقال ُ ف�ق��ط ه��ذه ال���س�ن��ة ُو ِل � � � ْدتُ ،ف�ق��ال ال��ذئ� ُ�ب� :إن ك��ان ذل��ك �صحيحاً كا َن بالت�أكيد الذي �شَ َت َمني هو �أبوك. ماه َّيتُهِ ، الإعالم ِ واق ُعه ،وم�ستقبله " كما �أنه ال َم ْعرِفة بِال ِعل ٍْم فال وعي بِال �إ ِْعالمٍ". عبارة ا�ستهاللية ُ�ص ْغتُها و َو�ضَ ْعتُها ِل َتكُو َن توطئ ًة ت ِّ ُو�ض ُح ال�ع�لاق� َة و ُع �م � َق الإرت �ب��اط ب�ين امل�ع��رف��ة وال�ع�ل��م وال��وع��ي والإع �ل��ام ،و ُت � َب�ِّينِنِّ َ م��دى �أه�م�ي��ة وخ �ط��ورة ه��ذا الأخ�ي�ر ال�سمات املم ِّيز ِة للع�صر ،وال��ذي الإع�ل�ام ال��ذي َغ��دا من ِّ يره يف حياتنا ُم�ت��زاي��داً ب��ل ِ طاغياً و ُمتَغل ِغ ً ال �أَ�صبح ت��أث� ُ لي�س ِب ُو ْ�س ِع � َأح� ٍ�د �أَنْ َيت ََج َّن َبهَ ،ي ْ�ص َن ُع العقو َلُ ،ي َح ِّر ُكها، َ ِ ِ �وج� ُه�ه��م �إل��ى حيثُ ي�شاء ،بل � ي و د �را � ف ل أ ا �ات � ه �ا � جت ا ُ ِّ ي�غ�ِّي�رِّ ُ ه��و َي�صن ُع الأح � ��داثَ ،وي�صنع الأخ �ب��ا َر .والإع�ل��ا ُم على م�ستوى الدولة ُرك��نٌ ها ٌم من َ�أرك��ان ال�سيا�س ِة اخلارجية �أو الداخلية ،وال� َو ْج� ُه العا ِك ُ�س لأي��ة �سيا�سة ،وهو و�سيلة ِمنْ و�سائل �إي�صالها �إلى ال�شعب ِلكَ�سبِ ت� ِ أييده وموافقته وح�شْ ِده ،وهو امل�ؤ�ش ُر للنوايا ال�سيا�سية وال َّت َعاطي ال َك ْي ِف ّي َ م��ع الأزم ��ات؛ ك� ّل �أزم � ٍة ح�سب طبيع ِتها وخ�صو�صي ِتها.
أي�ضا ُمال ِز ٌم والإعال ُم لي�س رافع ًة للحروب فح�سب ،بل هو � ً َ ال�صراعات ،بل وحتى يف مترير �أ ْم ٍر للدبلوما�س ّية و�إدار ِة ِّ خط ٍ ري يف بع�ض احلاالت ،و �أَ ْ�ضر ُِب هنا ِمثا َلينْ ،الأول كان قد َح َ�ص َل يف غزو نورماندي /احلرب العاملية الثانية يف َ�سل�س ِل الأح��داث �أث�ن��اء التح�ضريات للعملية مجُ ��ري��ات ت ُ �زي Overlordمبعنى “ال�سيد التي حتم ُل الإ��س� َم ال��رم� َّ الأعلى” حيث ك��ان ال ِق�س ُم الفرن�سي يف رادي��و �أل BBC يف لندن ،العامل حتت �إ�شراف اجل�نرال الفرن�سي �شارل ديغول ،يبثُّ �إلى املقاومة الفرن�سية ال ِ أبيات الإفتتاحي َة ِم��ن ق�صيد ِة “�أغنية اخلريف” لل�شاع ِر الفرن�سي بول فريلني Paul Verlaineالتي ك��ان ق��د ن ََظمها ع��ام 1866 والتي ا�ست ِ ري �إلى بدء عمليات يوم ي((( ،فكانت ُخدمت ِلتُ�ش َ الأبيات الثالثة الأولى من الق�صيدة: ""Les sanglots longs / des violons / de l'automne اخلريف ال ّت َن ّهدات الطويلة ِ /ل َك َم ِان /
على بلدة الكرامة الواقعة �شرقي النهر ،تدعو اجلمي َع �إلى عدم التعر�ض مِلا ُي َ�س َّمى بِجي�ش الدفاع الإ�سرائيلي ،و�إ ّال �سيكونُ املوتُ املُ�ؤ َّك ُد مِلن ال ُيغ ِلقُ عليه با َبه ،متزامناً ذلك ٍ طائرات عمودي ٍة من �سالح اجلو الإ�سرائيلي مع قيام �أرب ِع تحَ ْ � ِ�م� ُل ك� ٌّ�ل منها اثنني وع�شرين من رج��ال الكوماندوز و�إن��زال�ه��م على املرتفعات امل ُ ِطلة على بلدة الكرامة ِمن اجله ِة ال�شرقية ِل ْ قط ِع طريقِ �إن�سحابِ الفدائيني من بلدة الكرامة نحو ال�شرق ،لكنَّ ذل��ك الإن ��زا َل قد ت�أخَّ َر ِ ال�ضبابِ الكثيف ال��ذي تَك َّو َن ملدة ع�شرينَ دقيقة ب�سبب َّ �صبيحة ذلك اليوم وك ��ان ُي �غ� ِّ�ط��ي م��رت�ف�ع� ِ �ات ال �ق��د���س ون��اب�ل����س يف م�سار ال�ط��ائ��رات ال�ق��ا ِدم��ة ِم��ن مطار ت��ل �أب�ي��ب ،وال�ت��ي مل َتكُن تمَ ْ � ِل� ُ�ك �آن� ��ذاك و��س��ائ� َل ِم�لاح� ّي��ة ل�ل�ط�يران يف م�ث��ل تلك الظروف ،فكان ال بد من الإنتظار ريثما َت ْن َق�شِ ُع الغيوم، الأم ��ر ال��ذي َم � َن � َح ُم�ه�ل� ًة ِم��ن ال��وق��ت ،وم � َّك��ن ِق�سماً من الفدائيني م��ن الإن�سحاب �شرقاً ،والإ�شتباك م��ع القوة الإ�سرائيلية املحمولة جواً لدى هبوطها هناك.
تُعني �أ َّن عملية �أوفر لورد �ستبد�أ خالل �أ�سبوعنيُ .بث َّْت هذه الأبياتُ يف الأول من حزيران � .1944أ ّم��ا املجموعة والإع�ل�ام هو العامل امل�ساعد دوم �اً قبل و�أث�ن��اء وبعد الثانية من الأبيات: �أي��ة خطوة تنوي احل�ك��وم��اتُ ال�ق�ي��ا َم بها و�إمت��ام�ه��ا ،هذا �ش�أنه دوماً .واملُتت ِّب ُع مِلُجريات ال ِ أحداث يمُ ِكنه �أَنْ َي َرى َ ذلك “Blessent mon coeur / d'une langueur / monotone َج ِل ّياً يف منطقتنا .و ِل َف ْهم ال�سيا�سة اخلارجية لأية دولة إدراك �أَ�ساليبِ إِ� ِ ال بد من � ِ عالمها و ِدعاي ِتها طاملا �أَ َّن َف ْ�ص َل تجَ ْ َر ُحَ /ق ْلبِيِ /ب ُفتُورٍَ /ر ِتيب الإعال ِم عن ال�سيا�س ِة باتَ �أمراً متعذراً .بل اعتُبرِ الإعال ُم فت�ش ُ ري �إلى بدء العمليات خالل � 48ساعة ،وكان على �سلط ًة رابعة باعتبارِه جه ًة رقابي ًة على ال�سلطات الثالث َ ِ امل�ق��اوم��ة الفرن�سية �أن ت �ب��د�أ عمليات التخريب خا�صة التنفيذية والت�شريعية والق�ضائية .والإع�لام ،منذ زمنٍ ِ ال�سكك احلديدية الفرن�سية التي منظومة ِّ ت�ستخد ُمها بعيد ،يف عاملنا العربي �إعالمان: قواتُ الإحتالل الأملانية يف فرن�سا ،هذه الأبيات ُبثّت يو َم 5 َ �إع �ل�ام ر��س�م��ي يف �أغ �ل �ب��ه ت��اب � ٌع لل�سلطة ال�سيا�سية، حزيران عند ال�ساعة 23:15 تلك ال�سلطةِ ِ ِ ومن ثم فهو ُيعبرِّ ُ عن التزامات ومواقف َ �أ ّم��ا املثال الآخ��ر فقد وقع يف تاريخنا القريب ،حيث جت��اه خمتلف الق�ضايا ويعم ُل على ت�سويق ال�سيا�سات ا�ستخدمت املن�شورات ك ��أداة من �أدوات الإع�لام واحل��رب احلكومية وممار�سا ِتها ول�سانُ حا ِله ،يف بع�ض الأحيان ،ما النف�سية يف بداية معركة الكرامة و ُق َب ْيل اجتياز قوات ورد يف الآية الكرمية 29من �سور ِة غافرَ }:قا َل ِف ْر َع ْونُ العدو الغا ِز َية خلطوط وقف اطالق النار ،حيث انطلقت َما �أُرِي ُك ْم �إ َِّال َما �أَ َرى َو َما �أَ ْه ِدي ُك ْم �إ َّ ِال َ�سبِي َل ال َّر�شَ ا ِد{ .و�أ ّما ري ير الر�سمي ��س��وا ًء ك��ان حزبيا �أَو غ َ ط��ائ��ر ٌة ا�سرائيلية �صغرية مجُ � َّن�ح��ة ال�ساعة 0530من الآخ � ُر ،الإع�ل�ا ُم غ� ُ ِّ ِ ِ ال�ضغوط ال�سيا�سي ِة والأمني ِة باعتبارات �صباح ي��وم � 21آذار � = 1968ساعة �س من منطقة �أريحا ِح ْزب ِّي فهو ُمق ّي ٌد ٍ املحتلة غرب نهر الأردن ِلت ُْ�س ِق َط من�شورات باللغة العربية وامل��ال�ي� ِة ال�ت��ي تمُ ��ا َر�� ُ�س على تلك امل��ؤ��س���س� ِ �ات الإع�لام�ي� ِة اخلا�صة .لكننا َن � َرى ال�صور َة �أك�ث َ ر تط ُّرفاً ل��دى �أنظم ِة حلك ِْم ال�شمولي ِة التي ِمن �أمثل ِتها احل َّية التي ما ُ ) 1يوم ي :م�صطلح ع�سكري ،و يعني اليوم الذي يبدا فيه الهجوم �أو تبد�أ فيه ا ُ تزال العملية القتالية ،ويقابل D-Dayيف الإجنليزية. قائمة يف َع ْ�صرِنا احلا�ضر نظا ُم ا ُ حلكم يف كوريا ال�شمالية، �زب ال��واح� ُد ب�أيديولوجِ َّيته وب��أدوا ِت��ه وو�سا ِئله حيثُ احل� ُ (� )2ساعة �س ::م�صطح ع�سكري ،ويعني الوقت من اليوم املخطط فيه بدء ٍ ٍ ٍ و�ص ُح ٍف َتنْطقُِ ِ الهجوم� ،أو الإنزال� ،أو العمليات الع�سكرية الأخرى ،ويقابل يف H- Hourيف الإعالمية :قنوات �إذاع�ي�ة وتلفزيونيةُ ، الإجنليزية. با�سم النظام وت َُ�س ِّب ُح ب َِح ْم ِده. �شك َب ��أ َّن الإع�لا َم امل ُ�ت��واز َن ِ و ال َّ ري املُك َّر�سِ النا�ض َج غ َ خلدمة الأنظمة الذي يخدم امل�صال َح الوطنية ال ُعليا ال ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
45
َّ �شك ب�أنه يخطو بال�شعوبِ وال� ِ �دول ومي�ضي بها ُق� ُدم�اً، ت�ل��ك ه��ي مهمة الإِع�ل��ام ال� َّر��ش�ي��د .و�إِنْ ك ��ا َن غ�ي َ�ر ذل��ك فلي�س غريباً �أَن َيخْ ُط َو بها �إل��ى التَّخ ّلف �أَو املراوحة يف َ ري م�ستنري املكان نف�سه ،وهو ما ي�صنع �إِعالماً غا ِئماً غ َ ً يت�سِ ُم دائماً باجلمود� ،أَو �إِع�لام��أً ُم ْغرِ�ضاً عدائي�أ ي�سعى �إل��ى جتريد الأف ��راد من ُه ِو َّيتهم وانتماءاتهم و ِق َي ِمهم و ُم ْعتقداتهم وثقاف ِتهم الذاتية. �إِ َّن الإعال َم هو الذي ير�سم اليوم ما يمُ ْ ِكنُ �أَنْ ن ُْط ِل َق عليه "اخلريطة الإدراكية الوجدانية لل�شعوب" وهي خريط ٌة تت�شك ُل يف العادة نتيجة المتزا ِج العقلِ مع الوجدان .انظ ْر �إلى �إدراكنا ووجدا ِننا جتاه ما يجري يف �سوريا �أو العراق �أو م�صر �أو ليبيا �أو اليمن� ،أو يف فل�سطني املحتلة (خريطة متباينة ��ص��ا َغ�ه��ا الإع�ل��ا ُم َف� َ�ج� َع�ل� ْت�ن��ا ن�ت�ف��اوتُ يف النظرة واملوقف؛ ن�ؤي ُد ونعارِ�ضَ ،ن ْث ُبتُ �أَو َن َت َب ّد ُل ِمن حالٍ �إلى حال َت َبعاً ملا ُتطا ِل ُعنا به و�سائ ُل الإعالم� ،سوا ًء َ ِ�ص تلك التي تحَ ْ ر ُ ُ حتاول على تحَ َ ّري و َع ْر�ض احلقيقة و َت ْب ِني َو ْعياً حقيقياً �أو �أَنْ تبدو َ كذلك� ،أو تلك التي ت ْع َم ُد �إلى التالعبِ بالعقولِ ِ ُ و�صناعة الكذبِ الزائف وت�سوي ِقه، وحتاول �صياغة الوعي بال�ص ْم ِت والإمتناع عن َع ْر ِ�ض احلقيقة َت َو ُ اطئاً �أو �أو ال ّلوا ِذ َّ �شَ َراكة مع �صاحبِ ال ِفعل (� )accompliceأو خدمة له. نف�سه :ملاذا �أُ ْع ِلم؟ من �أجل ماذا �أُ ْع ِلم؟ وال�س� ُؤال الذي يطر ُح َ �أو بعبارة �أُخرى ،ما هي الغاية ِمن تقدمي الأفكار والآراء والتوجهات املختلفة �إلى جانب املعلومات والبيانات؟ �ألي�س اجلواب هو :لكي يكو َن مبقدور اجلمهور امل�سته َد ِف تكوينَ ُ �آرا ٍء و�أف�ك��ا ٍر جتعلهم يتحركون و َيت�ص َّرفون على �أ�سا�سها فيما ُي �ك � ِّو ُن فل�سف ًة خا�ص ًة لديهم ول��دى املجتمع ال��ذي يعي�شون فيه بحيثُ تكو ُن النتيج ُة (املتوقعة واملخطط لها م�سبقاً) متحقّقة؟ هل ثمة ثقة مطلقة بالإعالم 46
يجب �أن ال ُي�ؤخذ جمي ُع ما ُي َبثّ �أو ُي َ ن�ش ُر �أو ُيكت َُب يف �صحيح بكامله� ،أو موثوقٌ جميع و�سائل الإعالم على �أ َّن ُه ٌ ِ مب ْج َم ِله� ،أو َبري ٌء ب ِ ِظاه ِر ِه مائة باملائة لأ�سباب ع َّدة؛ ف�إذا ُ �أُ ِخ َذ على �أح�سنِ محَ ْ َم ٍل فقد ُت ْع ِو ُز ُه ال ِّد ّقة� ،أ ّما على الأ�سو�أ فقد َيكونُ مخُ ْ َتلَ َقاً .وبعبارة �أخ��رى قد يقوم على تزويد النا�س ب�أكرب قدر من املعلومات ال�صحيحة� ،أو احلقائق الوا�ضحة ،فيعتم ُد على التنوير والتثقيف ون�شر الأخبار �اب �إل��ى وم��ا يتي�س ُر م��ن امل�ع�ل��وم��ات ال���ص��ادق��ة ال�ت��ي ت�ن���س� ُ عقول النا�س ،وترف ُع من م�ستوى الوعي لديهم ،وتُعز ُز جانب اخلري و ُت َن ِّمي لديهم نزعة التعاون من �أجل فيهم َ ٍ وحينئذ ُي ِ خاط ُب العقو َل ال الغرائز� ،أو امل�صلحة العامة، هكذا يجب �أن يكون .وقد يقوم على تزويد النا�س ب�أكرب َق � ْد ٍر من الأك��اذي��ب وال�ضالالت و�إث��ارة الغرائز ،ويعتمد على اخلداع والتزييف والإيهام ،ون�شر الأخبار واملعلومات
ال�ك��اذب��ة ،وتهييج �شهوة احل�ق��د و�إث� ��ارة �أ��س�ب��ابِ ال�صراع و�إذك� ��اء ن��ار احل ��رب (والأم �ث �ل��ة ع�ل��ى ذل��ك ك�ث�يرة ومنها الإعالم ال�صربي �ضد الكروات والبو�سنيني يف ت�سعينيات ري القرن املا�ضي)َ ،فت َُح ُّط ِمن م�ستوى َق� ْد ِر النا�س ،وتث ُ ري بينهم عوام َل ال ُف ْرقة والتفكُّك ،ولذلك َ وج ْدنا التدم َ لب، والإع �ت �ق��ا َل وال�ت�ع��ذي� َ�ب والإغ�ت���ص� َ وال�س َ �اب ،وال� َّن�ه� َ�ب َّ ومجَ � ��ا ِز َر ا ِلإع ��دام � ِ ير والإ ِْح�ل��ا َل �ات اجل�م��اع�ي��ة ،وال�ت�ه�ج� َ َك�سِ يا�س ٍة ممُ َ ْن َهجة ذا َع �صيتُها ِ لتحمل من َت َبقَّى على ال َه َرب �أو الإ�ست�سالمِ . ومثا ُله �أي�ضاً ما جرى ويجري يف �أحداث الأزم��ة ال�سورية التي ما زلنا ن ُ َعي�ش ُف ُ�صو َلها امل�أ�ساو ّية، وكذلك الأح��داث والتحوالت اجلارية يف ِخ َ�ض ِّم ال�صراع ال�ق��ائ��م يف ال �ع��راق و ليبيا وم���ص��ر وال�ي�م��ن ،وم��ا راف�ق��ه ٍ ِ اجلهات تعك�س مواقفَ تغطيات �إعالمي ٍة ُمت�ضارب ٍة من ُ املرتبط ِة بها �أو املنتمي ِة �إليها .وكذلك ُ حال جز ٍء معترب ِمن الإِع�لام الذي ُي ِّ غطي الأفعا َل الإ�سرائيلية والتربير الل�ا�أخ�ل�اق��ي ل�ف�ظ��اع��ا ِت�ه��ا وال �ت ��أي �ي��د وال �غ �ط��اء ال ��دويل املُ�صاحب لها ،ب��ل واخل��ذالن وال�صمت امل��ري��ب �إزائ �ه��ا ،و النفاق الإعالمي ال�سافر جتاهها ،والإنحياز املُ�شني �إلى �صف العدو الغا�صب ،كل ذلك يك�شفُ ما يمُ ْ ِكنُ �أن يكو َن ري ال��ذي مي ِكنُ �أَ َن عليه الإع�لا ُم كما ُي َج ِّلي ال��دو َر اخلط َ وال�سلم. َيلع َبه يف احلرب ِّ لهذا فالتعريفُ العلمي العام ل�ل�إع�لام ال بد ِم��ن �أنْ الكاذب، ي�شم َل النوعينْ في�ضم الإعال َم ال�صاد َق والإعال َم َ والإع�ل�ا َم ب��اخل�ير ،والإع�ل�ا َم بال�شّ ِّر ،والإع�ل�ا َم بال ُهدى، والإع�ل�ا َم بال�ضالل .وبناء على ما َت � َق � َّد َم ،يكون تعريف ِ ِ للمعلومات وامل َ�ع� ِ الإع�ل�ام ه��وُّ : "كل ٍ والثقافات �ارف نقل الفكري ِة وال�سلوكي ِة ،بطريقة معينةِ ،م��ن ِخ�لال � ِ أدوات وو�سائلِ الإع�لام والنَّ�شرِ ،الظاهر ِة املح�سو�س ِة واملعنوي ِة ري املح�سو�سةِ ، غ ِ ذات ال�شخ�صية احلقيقية �أو االعتبارية، ِ بق�صد الت�أثري� ،سوا ًء َعبرَّ َ مو�ضوعيا �أو لمَ ْ ُيعَبرِّ ْ ،و�سواء ري لعقلية اجل�م��اه�ير� ،أو ل�غ��را ِئ� ِزه��ا وميو ِلها ك��ان التعب ُ ٌ واجتاها ِتها ".وهناك تعريفٌ �آخ � ٌر جميل موج ٌز يف �سِ تِّ ٍ كلمات يقول ب�أَ َّن الإعالم هو "�أدا ٌة حتري�ضي ٌة على الثقافة واملعرفة ال�صحيحة"� ،أي هو داف ٌع لعدم ا�ستقبال الر�سائلِ ُدو َن ٍ ِ مل�ضمون الر�سالة التي ُي َت َع َّر ُ�ض َ�ص بحث وحتقيق و َتق ٍّ ل �ه��ا .ف��احل�ي��ادي��ة ف��ى الإع �ل��ام وامل��و��ض��وع�ي��ة ل�ط��امل��ا هما مرغوب فيهما ومطلوبتان ولكنهما �ش ْب ُه غائبتني م�س�ألتان ٌ ٍ وا�سع متنو ٍع ِمن الإعالم ِمن حيثُ و�سائلهُ يف ِخ َ�ض ّم طيف ٍ و�ص َو ُره ،و ُمتع ِّد ٌد ِمن حيثُ منطلقاتُه و�أهدا ُفه .و�إذا كنا ُ نبحثُ يف الإع�لام خ َ �لاف ذلك ِمن َقبيلِ نَقلِ ُ�صور ٍة عن ما يحدثُ يف احلقيقة ونقلِ الأخبا ِر ب�صورة دقيقة ونقل حتليالتها املو�ضوعية ووج�ه��ات النظر و�إع�ط��اء ال�صورة الواقعية لل�شخ�صيات والت�صورات عن امل�ستقبل وحماولة تغيري ال��واق��ع نحو الأف���ض��ل وت��وظ�ي��ف الإع�ل�ام خلدمة ٍ ُ نت�ساءل هل هذه ال�صور ُة موجود ٌة عندئذ املجتمع ،ف�إننا يف الإِعالم ؟ و�إذا كانت موجود ًة ف�أينَ هي وما هو حج ُمها؟
كيف يتم حتديد الإ�سرتاتيجية الإعالمية؟ من هو وا�ضعها؟ أ�سا�س اال�سرتاتيجية �أو العام َل الف َّعا َل يف حتديدها �إن � َ هو وجود فل�سفة معينة �أو وجهة نظرٍ معينة ،فالفل�سفة هنا �إمن��ا تعني وج�ه��ة ن�ظ��ر ،وه��ي يف �أب���س��ط تعريفا ِتها "جمرد ت�صور للعامل ي�شم ُل جمي َع نواحي احلياة من خ�لال وجهة نظر حم��ددة .وق��د تكونُ فل�سف َة �أو وجه َة �صانع �أو ُ�صنَّا ِع القرار� ،أو فل�سف َة املجتمع حاكم �أو نظ ِر ٍ ٍ �أو ال�شعب� ،أو فل�سف َة النظا ِم احلاكم �أو �أ�صحابِ امل�صالح. والفل�سفة ه��ي" :ت�ص ّو ٌر ل�ل�ع�المَ ي�شمل جميع ال�صور احل�ضارية املعي�شية وال�سيا�سية واالجتماعية والثقافية رب ُ�صنَّا ُع القرار �أَ ْنف َُ�سهم �آله ًة والأخالقية" .وقدمياً اعت َ �أَو �أَ ْن ���ص� َ �اف �آل�ه��ة �أو ُو�� َ�س�ط��ا َء ب�ين ال����شَّ � ْع��بِ وال � � َّر ِّب ،هكذا وجدناهم يف ِم�ص َر القدمية وبالد الإغريق ،ووجدنا فيما ني الدولة ،و َمنْ يقول :امل ُ ِع ُّز لدين بعد َمنْ َي ْرب ُِط بينَه وب َ َ اهلل �أو احلاك ُم ب�أمر اهلل �أو �آي ُة اهلل �أو الإما ُم الأكرب �أو الو ّ يل الفقيه .وقد اعتمدوا يف حتقيق ذلك على خَ لقِ حال ٍة من الوعي الزائف لدى الأتباع ،والت�سليم مبوجب ذلك النوع من الوعي ،والإن�صياع الكامل دو َن � ٍ إعمال للفكر �أو ِ العقل، �أو املنطق ال�سليم. كان هتلر قد قال بوجو ِد ال�شعبِ املختار ِمنَ اجلن�س �شعب ا ِ هلل الآري ،وق ْبله ق��ا َل اليهود ع��ن �أنف�سهم �أ ّن�ه��م ُ املختا ُر �أبنا ُء اهلل و�أح� َّب��ا�ؤُه ،والإ�سرائيليون يقومون �إلى ٍ مبمار�سات عن�صرية ٍ ٍ وقتل وتدم ٍ واعتقال وتعذيبٍ ري اليوم و� ٍ ريها يف العامل وعلى نح ٍو إذالل ويرتكبون جرائ َم َق َّل نظ ُ ٍ وبتخطيط و�إ�صرارٍ ،فهم ينظرون وعي متكر ٍر عن �سابقِ ٍ �إلى من �سِ واهم على �أنهم �أغيا ٌر "غوييم" .وبالتايل فهم أنف�سهم ُمطلَ ِقي الأي��دي فيما يفعلون ،بل �ضَ ِمنوا ي� َر ْو َن � َ لأنف�سهم ذل��ك بالرغم من حال ِة الوعي احلقيقي لدى الأو�� �س ��اط ال��دول �ي��ة والإق�ل�ي�م�ي��ة .ب��ل ويف ال��وق��ت ال��ذي ني والأع � َ �راف الدولية َي��جِ ��دو َن َمن ينتهِكون فيه القوان َ ر ُر �أف�ع��ا َل�ه��م ،و ُي� َ�ج� َّي��� ُ�ش الإع �ل�ا ُم خلدمة ُي���س��ا ِن� ُده��م و ُي �ب� ِّ رب الذين ي�ؤمنون ب�صربيا الكربى فعلوا م�آربهمِّ . وال�ص ُ ذل��ك مِب ْ�س ِلمي البو�سنة والهر�سك ،وم��ا ج��رى ويجري ِم��نْ م��ذا ِب � َح و�إب� ��اد ٍة للم�سلمني يف �أف��ري�ق�ي��ا الو�سطى �أو م�ي��امن��ار �أو م��ا ي �ج��ري م��ن ت�ضييق واع �ت �ق��ال وت�ع��ذي��ب ��ض��د بع�ض امل�سلمني يف ال�ه�ن��د وال���ص�ين �أم�ث�ل��ة �أخ ��رى، وم�سمع من العامل ب�أ�سره ،واجلمي ُع و�ضَ عوا على م��ر�أى ٍ ا�سرتاتيجيا ِتهم الإعالمية وف َق فل�سفا ِتهم اخلا�ص ِة بهم مبعرفة ووعي �ضروريني.
الإعالم البديل ،الإعالم االجتماعي ،الإعالم التفاعلي، الإع�ل�ام الرقمي ،الإع�ل�ام الإل �ك�تروين ،الإع�ل�ام الآيل، الإع �ل��ام ال���ش�ب�ك��ي ،الإع �ل��ام ال���ش�ع�ب��ي� ،إع�ل��ام امل�ج�ت�م��ع، �صحافة املواطن .يتميز الإعالم اجلديد بات�ساع الرقعة اجلغرافية التي يغطيها بالإنرتنت ،وبعن�صر التفاعلية والتحاور املبا�شر وعر�ض الآراء وامل�شاركة يف منتديات احلوار بني امل�ستخدمني واملحادثة ،Chattingوامكانية التحكم باملعلومات ،واحل�صول عليها و�إر�سالها وتبادلها ع�بر ال�بري��د الإل �ك�تروين .كما يتميز الإع�ل�ام اجلديد بتوفري كلفة طباعة وتوزيع الن�سخ الورقية لل�صحف التي كانت ت�سود جزءاً كبرياً من الإعالم املكتوب ،ويتميز �أي�ضاً ب�ضمان عد ٍد �أكرب من الق ّراء. اح َب ب��رو َز الإع�لا ِم اجلديد ظواه ُر عديدة منها: َ�ص َ ك�سر �إحتكار امل�ؤ�س�سات الإعالمية الكربى ،و ظهور طبقة جديدة من الإعالميني ،و�أحياناً من غري ذوي الإخت�صا�ص يف الإعالم ،قد يتفوقون على �أهل االخت�صا�ص الأ�صليني. كما برزت منابر جديدة للحوار ،و�أ�صبح اجلمهور م�صدراً ف��اع� ً �وج��ه �إل��ى لا يف ان�ت��اج م��ا ي�سمى ب��إع�لام اجلمهور امل� َّ اجلمهور .وقد رافق هذا التحول ظهور م�ضامني ثقافية و�إع�لام�ي��ة ج��دي��دة ،كما م� َّك��ن املجتمع م��ن امل���ش��ارك��ة يف ت�سليط ال�ضوء على ق�ضاياه �إعالمياً ،وانتقل باملجتمع �إلى ميدان الإعالم املتخ�ص�ص.
� اّإل �أنّ الإع�ل�ام اجل��دي��د ال يخلو م��ن خم��اط� َر ون��وا ٍح �سلبية على امل�ستوى ال�ع��ام وامل�ستوى ال�شخ�صي منها: ن ��درة امل� �ه ��ارات وامل� �ع ��ارف ال�ل�ازم��ة مل�م��ار��س��ة م �ه��ام عمل الإع�ل�ام ب�شكل حم�ترف يف الإع�ل�ام اجل��دي��د ،و�صعوبة ال��وث��وق والتحقق م��ن م�صداقية العديد م��ن البيانات واملعلومات على املواقع الإلكرتونية ،و انعدام القوانني وال�ضوابط اخلا�صة بعمل الإعالم الإلكرتوين اجلديد، وع ��دم خ���ض��وع��ه ل�ل��رق��اب��ة املُ� ْ�ح �ك �م��ة ،وال���س��رع��ة يف البث الإلكرتوين التي غالباً ما ينتج عنها عدم حتري الدقة وق��د تكون النتيجة هي الف�شل ،وع��دم توفر الإمكانيات التقنية يف بع�ض ال ��دول ،مم��ا ي ��ؤث��ر ع�ل��ى عملية تقدم وت �ط��ور الإع�ل��ام الإل� �ك�ت�روين ،وان �ت �ه��اك ح �ق��وق الن�شر وامللكية الفكرية ،و�سهولة الرتويج للمعلومات الزائفة، وغ �ي��اب التخطيط لل��إع�ل�ام الإل �ك�ت�روين يف ك�ث�ير من الأح� �ي ��ان ،وع ��دم و� �ض��وح ال��ر�ؤي��ة امل�ستقبلية ل��ه .وعلى ال�صعيد ال�شخ�صي والإجتماعي �أخ��ذت تتبدى مالمح الت�أثري ال�سلبي للإعالم يف يف احلياة الأ�سرية .،وكذلك الإدمان الذي و�صل بالبع�ض حد �إهدار الوقت يف مت�ضية ال�ساعات ال�ط��وال دون ف��ائ��دة ،مع ما ي�صاحب ذل��ك من واقع الإعالم خماطر �صحية نتيجة التحديق امل�ستمر يف ال�شا�شات، نعي�ش اليوم مرحلة جديدة من مراحل تطور الإعالم واجللو�س اخلاطىء لفرتات طويلة ،وامكانية الت�سبب يف ال��ذي �أُط� ِل� َق عليه ت�سميات عدة منها :الإع�لام اجلديد� ،آالم الظهر واملفا�صل والنمو املنحني لدى �أولئك. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
47
م�ستقبل الإعالم ني لنا مما �سبق �أ َّن الإع�لا َم الإلكرتوين بطبيع ِته يتب ُ الفورية التي تبدو وا�ضحة يف بيئة الإعالم اليو َم هو �إعالم امل�ستقبل وهو يف الوقت ذاته �إحدى الدعامات اخلطرية يف بناء الوعي ودميومته ،ويف حتريك اجلماهري وتغيري م�سار الأحداث وقد �شهد العالمَ ُ مثا ًال �ساطعاً على ذلك يف تركيا ي��وم 15مت��وز � 2016أث�ن��اء املحاولة الإنقالبية الفا�شلة على النظام القائم فيها ،وعليه ،فمن الواجب دائ �م �اً االه �ت �م��ا ُم ب��ه وا��س�ت�غ�لا ُل��ه والإ� �س �ت �ف��اد ُة م�ن��ه على ري �إلى ذلك تط ُّو ُره املت�سار ُع وانت�شا ُره النحو الأف�ضل ،ي�ش ُ املتعاظ ُم بني �سكان املعمورة ،واجت��ا ُه كث ٍ ري من ال�صحف الغربية والأم��ري�ك�ي��ة حت��دي��داً -وغ�يره��ا ك��ذل��ك � -إل��ى ِ ال�شكل التقليدي �إلى الإع�لام الإلكرتوين، التح ّو ِل من
ال �سيما يف ِظ � ِّل الآث ��ا ِر العميق ِة ال�ت��ي خَ َّل َفتْها الأزم ��اتُ املتالحقة التي ع�صفت بالعامل يف الأعوام الأخرية ،لين�ش�أ عنها الحقاً �سل�سل ٌة ِمن الأزم��ات التي ال زالت تداعياتُها تتوالى �سيا�سياً و اقت�صادياً وع�سكرياً واجتماعياً ،وت ُ َطال ري من امل�ؤ�س�سات العامة واخلا�صة مبا فيها بح ّدة الكث َ م�ؤ�س�سات الإعالم يف العديد من بلدان العامل. ك�م��ا ت �ب�َّي�نَّ َ ل�ن��ا �أ َّن لل��إع�ل�ا ِم دوراً خ �ط�يراً يف احل��رب �وي �إذا �أُ ْح �� �سِ ��نَ ا��س�ت�خ��دا ُم��ه، وال��� ّ�س�ل��م ،ب��ل ه��و � �س�لا ٌح ح �ي� ٌّ َطلب �سابِقٌ لأي ٍ عمل والوعي الذي يحققه الإعال ُم هو ُمت ٌ ُ َوج ُه املر ُء الوِجه َة ُي�ؤَ َّم ُل �أَنْ ُي َ كتب له النجاح ،فبالوعي َيت ّ ِ الوقت نف�سِ هُّ ، خط دفا ٍع �أَ َّو ٍل ال�سليمة .وهو �أي الوعي ،يف مبدئي واقٍ مِلا يتهد ُده ِمنْ �أخطار. و ِد ْر ٌع ٌّ
48
املراجع • القر�آن الكرمي
• �شذرات .املذاهب الأدبية لدى الغرب .عبد الرزاق الأ� �ص �ف��ر /ملتقى امل�ف�ك��ري��ن وال�ب��اح�ث�ين ال�ع��رب. ،2012 /2/19الأردن.
• �� ُ�س�َن�نَ ُ اب��نِ م��اج��ة .اب��و ع�ب��داهلل حممد ب��ن يزيد • ل�سان العرب البن منظور الإفريقي امل�صري .دار القزويني املتو ّفى �سنة 273هـ. �إحياء الرتاث العربي .بريوت ،ط.1986 ،3 • الإع �ل��ام اجل��دي��د .جم�م��وع��ة �إع�لام �ي��ة عربية • م�ف�ه��وم الإع�ل��ام الإل� �ك�ت�روين .ال�ن�ق��اب��ة العامة م�ستقلة .جمهورية م�صر العربية. ل�ل�إع�لام الإل� �ك�ت�روين،2017/9/6 ،.S. E. M القاهرة. • التكنولوجيا والإعالم التفاعلي .علي قادر .احلوار املتمدن.2014 .
دراسات
دور التربية والتعليم في تحفيز المجتمع هذا عنوان م�ستفز ،متعدد الدالالت �إذ املق�صود بذلك هو �إثارة املجتمع نحو ق�ضية معينة �أو نحو عدة ق�ضايا� .أو غر�س قيم جديدة يف املجتمع �أو حفز املجتمع على الإب ��داع والإن �ت��اج� .أو ا�ستثارة روح التناف�سية لدى �أبناء املجتمع وبناته مع بع�ضهم بع�ضاً� ،أو مع غريهم من املجتمعات؟ �إثارة املجتمع للت�صدي لقيم �سلبية جديدة حلت حمل منظومة قيم عا�ش عليها املجتمع عقوداً �أو قروناً عديدة؟ الى غري ذلك من الت�سا�ؤالت والدالالت ومع ذلك ف�إن هذا العنوان يبقى عنواناً هاماً يدفع الناظر فيه الى التفكر والت�أمل ،واقرتاح احللول مل�شكالت املجتمع القائمة و�آفاته الفتاكة. الرتبية والتعليم عند الأوائل كان العنوان الأبرز عند ا�سالفنا القدامى هو الت�أديب ،وامل�ؤدب وامل ��ؤدب وق�صة ه��ارون الر�شيد مع م��ؤدب �أوالده معروفة ،وكذلك غريها مم��ا حتفل ب��ه بطون امل���ص��ادر العربية ال�ق��دمي��ة ،فلم يكن الفارابي وال ��رازي والنظام واب��ن �سينا وال�غ��زايل وغريهم الأالف �سوى م�ؤدبني معلمني ،وقد كانت الأروقة وحلقات الدر�س والأعمدة يف امل�ساجد معاهد علم وتربية ،فيها تن�ش�أ الأجيال وتربي وتعلم وفق منظومة قيم معروفة لدى العامة واخلا�صة ،وكان ال�شيخ امل�ؤدب �أو املعلم يحظى مبكانة ال يحظى بها كثري من علية القوم ،وكانت �إجازة ال�شيخ لتلميذه تكفي ليقوم بالدور الرتبوي التعليمي ذاته الذي قام به ال�شيخ مع تلميذه ،وكانت هذه االجازة مبثابة ال�شهادة العليا التي متنحها اجلامعات لطلبتها يف ع�صرنا هذا.
د .محمد جمعة الوحش
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
49
ول�ه��ذا كانت �سل�سلة ال�شيوخ او امل��ؤدب�ين ال��ذي��ن �أخ��ذ .2غ��ر���س ق�ي��م الإن �ت �م��اء ل�ل��وط��ن ف�ع� ً لا وق ��و ًال وتعزيز منظومة القيم الإي�ج��اب�ي��ة الدينية والإجتماعية عنهم ومنهم التلميذ ،وم��ازال��ت حتظى بعناية ق�صوى وال���س�ي��ا��س�ي��ة والأخ�لاق �ي��ة وال���س�ل��وك�ي��ة مب��ا يحفظ عند الباحثني والدار�سني الى اليوم. للمجتمع وحدته ومتا�سكه وترابطه ووقوفه جبهة م��ن ه ��ذه امل �ق��دم��ة امل��وج��زة ن���س�ت��دل ع�ل��ى ال ��دور واحدة يف وجه املخاطر والتحديات التي تواجهه. �أو االدوار ال�ت��ي ك��ان ي�ق��وم ب�ه��ا امل ��ؤدب��ون (امل�ع�ل�م��ون) يف جمتمعاتنا العربية والإ�سالمية القدمية ،وق��د �سبقنا .3ك��ان��ت م�ؤ�س�سة ال�ترب�ي��ة والتعليم ال��ى عهد قريب ه��ي م�صنع ال �ق �ي��ادات ال��وط�ن�ي��ة يف ��ش�ت��ى امل �ج��االت الإغ��ري��ق القدامى بذلك ح�ين اطلقوا على فيل�سوفهم ال�سيا�سية والإجتماعية والإقت�صادية والثقافية، الأول �سقراط لقب املعلم ،وكذلك على تلميذه �أفالطون واذا كان البد من �إعادة الهيبة للمعلم والتعليم فال وغريهم من فال�سفة الغرب وعلمائه يف ع�صر النه�ضة بد من الإهتمام ال�لازم بت�أهيل القيادات الرتبوية الذي ت�أثروا فيه ب�إعرتافهم بالثقافة العربية الإ�سالمية وحتفيزها بكل الو�سائل لتكون يف الطليعة دائماً وب�ع�ل�م��اء ومعلمي ه��ذه الأم ��ة وج��ام�ع��ات�ه��م ومعاهدهم عم ً ال وانتاجاً واب��داع�اً ،ورعايتها الرعاية اخلا�صة ومدار�سهم التي كانت قبلة لطلبة العلم الأوروب�ي�ين يف لتكوين فئة م�ستنرية تقود املجتمع يف �شتى امليادين. القرون الو�سطى وخا�صة جامعات الأندل�س ومعاهدها، واخلال�صة هي �أن �أي جمتمع لي�س �سوى املخرج الرتبوي ال �ث �ق��ايف الأه� ��م مل�ع��اه��د ال�ع�ل��م وال�ترب �ي��ة ع�ل��ى اخ�ت�لاف .4ي �ج��ب ان ي �ك��ون امل �ع �ل��م وامل ��در� ��س ق� ��دوة يف �سلوكه وج��وه��ره وم�ظ�ه��ره ،م��ؤم�ن�اً بر�سالته راغ �ب �اً فيها، م�ستوياتها. حري�صاً على ت�أديتها على �أكمل وجه. من يقود من؟ � .5إت��اح��ة ال�ف��ر��ص��ة ل�ل�م�ب��دع�ين م��ن ال�ط�ل�ب��ة للتعبري عن مواهبهم و�إبداعاتهم وت�شجيعهم على الإنتاج اذا نظرنا الى الواقع الرتبوي احلايل يف جمتمعنا والإبداع منذ ال�صفوف الأ�سا�سية الأولى ،وتوجيههم دون جلد الذات او التباكي على املا�ضي ف�إننا جند طلبة ورع��اي �ت �ه��م ح���س��ب رغ �ب��ات �ه��م وم �ي��ول �ه��م امل�خ�ت�ل�ف��ة امل��دار���س عندنا وامل�ع��اه��د واجل��ام�ع��ات مت�أثرين ال��ى حد �أكادميياً ومهنياً وفنياً وريا�ضياً ،فكم من مبدع يف ك�ب�ير ب��امل�ج�ت�م��ع ،وخ��ا��ص��ة �أم��را� �ض��ه و�أدوائ � ��ه ال�ترب��وي��ة العامل قدمياً وحديثاً كان رائ��داً يف جمال �أو اكرث، وال�سيا�سية والإجتماعية والفكرية وال�سلوكية على عك�س دون �أن ي�ك��ون اح��د املتفوقني يف التح�صيل املعريف ما هو مطلوب هو ان ه��ذه امل�ؤ�س�سات هي التي يجب �أن الدرا�سي وه��ذا يتطلب قيام املعلمني بالتعاون مع ت�ؤثر يف املجتمع وتقوده نحو االف�ضل ولهذا برزت ظاهرة �أول�ي��اء الأم ��ور واملجتمع املحلي والإدارة الرتبوية العنف يف الو�سط الطالبي اجلامعي واملدر�سي وانت�شرت بالبحث ع��ن ه� ��ؤالء امل�ب��دع�ين ودرا� �س��ة �إب��داع��ات�ه��م اجل��رائ��م على اي��دي الطلبة بن�سب ت�ضاهي ماهي عليه وميولهم والأخذ ب�أيديهم ملزيد من الإبداع والتميز، يف املجتمع و� �ص��ارت امل�ع��ادل��ة معكو�سة و�أ��ص�ب��ح املجتمع فهم الذين �سيكون لهم ال�ش�أن الأب��رز يف النهو�ض ب�سلبياته املختلفة ه��و امل��ؤث��ر يف امل�ؤ�س�سة التعليمية ال مبجتمعاتهم يف �شتى املجاالت. العك�س. 50
حمركات تربوية لتحفيز املجتمع نحو الأف�ضل كثرية هي املحركات الرتبوية الإيجابية وال�ضرورية حلفز املجتمع نحو الأف�ضل يف كل مناحي احلياة ومن �أهمها ما يلي:
� .6إع�ط��اء دور حقيقي للربملانات املدر�سية والإحت ��ادات ال�ط�لاب�ي��ة يف امل �ع��اه��د واجل��ام �ع��ات حل�ف��ز ال�ط�ل�ب��ة يف امل�ستقبل على امل���ش��ارك��ة الإي�ج��اب�ي��ة واق�ت�راح احللول الناجحة مل�شكالت املجتمع من خالل امل�شاركة م�ستقب ً ال يف احل �ي ��اة ال�برمل��ان �ي��ة وامل �ج��ال ����س امل�ح�ل�ي��ة امل�خ�ت�ل�ف��ة واجل�م�ع�ي��ات ب��أن��واع�ه��ا و�أه��داف �ه��ا امل �ت �ع��ددة للنهو�ض باملجتمع وخا�صة يف املجاالت الت�شريعية والقانونية واخل��دم�ي��ة وغ�يره��ا م��ع تعزيز قيم ال�ع��دال��ة وتكاف�ؤ ال�ف��ر���ص وحم��ارب��ة ال�ف���س��اد وال��وا��س�ط��ة واملح�سوبية وغريها من �أمناط ال�سلوك التي تنزع الثقة من نفو�س الأبناء والبنات نحو قيم العدالة والنزاهة وامل�ساواة.
.1ع�ل��ى امل��در��س��ة واجل��ام�ع��ة وم�ع��اه��د ال�ع�ل��م والتعليم املختلفة متابعة ح��راك املجتمع ،وامل��ؤث��رات الغالبة عليه ،والقيام بالدور الرتبوي الإيجابي التوجيهي ل�ل�م�ج�ت�م��ع م ��ن خ �ل�ال ال �ن �� �ش��اط��ات ال�لام�ن�ه�ج�ي��ة للطلبة ،والهيئات التدري�سية و�أبناء املجتمع وبناته حلفز اجلميع لإ�صالح اخللل ،والنهو�ض باملجتمع � .7إت��اح��ة الفر�ص للطلبة على اخ�ت�لاف م�ستوياتهم للتعبري عن �آرائهم بجر�أة و�شجاعة وم�س�ؤولية مع وتوجيهاته نحو الإنتاج والعطاء والعمل املجدي.
احرتام �آراء الآخرين و�إن اختلفت مع �آرائهم والدفاع ع��ن التعددية الفكرية والدينية وامل�ن�ب��ت والن�ش�أة وغريها ،فالكل �أمام القانون �سواء وال يتميز واحد ع��ن غ�يره اال مب�ق��دار كفاءته ،ومب��ا يقدمه لوطنه وجمتمعه من خدمة.
وظيفية ،بحيث تقدم للطلبة مادة تربوية وتعليمية منا�سبة للع�صر وامل��رح�ل��ة وق�ي��م املجتمع ،م��ادة او م��واد حت�ترم عقل ال�ط��ال��ب وحت �ف��زه على التفكري والإبداع وحتثه على �إجراء التجارب العلمية العملية للو�صول الى احلقائق بالفكر والعقل والتجربة ال باحلفظ والتلقني.
� .8إي �ج��اد ال��و��س��ائ��ل املنا�سبة ت��رب��وي�اً وث�ق��اف�ي�اً للطلبة ل �ل ��إف � ��ادة م� ��ن و�� �س ��ائ ��ل ال� �ت ��وا�� �ص ��ل الإج� �ت� �م ��اع ��ي التكنولوجية احلديثة ،والتحذير من م�ضارها على .10تفعيل دور املكتبة يف امل��در��س��ة واجل��ام�ع��ة واملعهد وغ�يره��ا وت�شجيع امل�ط��ال�ع��ة ب��امل���س��اب�ق��ات املختلفة الفرد واملجتمع� ،إن هي ا�ستخدمت ووظفت ب�صورة �سلبية ،وهي و�سائل غزت كل بيت وكل �أ�سرة ،ومنعها والتناف�س الثقايف والإهتمام بالإعالم الرتبوي من م���س�ت�ح�ي��ل ،ول �ك��ن الب ��د م��ن ال�ترك �ي��ز ع �ل��ى كيفية خ�لال الإذاع��ة املدر�سية و�إذاع��ة اجلامعة واملجالت ا�ستخدامها ا�ستخداماً مفيداً ،والتنبيه والتحذير املختلفة التي يقوم على ا�صدارها الطلبة وامل�سرح من م�ضارها اخلطرية على الفرد واملجتمع ،ولهذا املدر�سي واجلامعي وغري ذلك من الو�سائل ،و�إتاحة ك�ل��ه ي�ج��ب ان ي �ك��ون �أول� �ي ��اء الأم � ��ور م���ش��ارك�ين يف الفر�ص لأولياء الأمور للم�شاركة فيها وتقييمها. التثقيف والتوعية ح��ول ا�ستخدام ه��ذه الو�سائل، وان يكون هناك وح��دات درا�سية وظيفية يف جميع .11ت�ف�ع�ي��ل دور جم��ال����س الآب � ��اء والأم� �ه ��ات وجم��ال����س امل�ستويات الدرا�سية لتحقيق هذه الغاية. الإدارة يف امل�ؤ�س�سات الرتبوية املختلفة و�إخراجها من (ال��روت�ين ) الباهت ال��ى العمل اجل��اد واملنتج يف � .9إع��ادة النظر وامل��راج�ع��ة امل�ستمرة للمناهج والكتب املجتمع. ال��درا��س�ي��ة وامل���س��اق��ات التعليمية �إع� ��ادة وم��راج�ع��ة ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
51
مقاالت
آداب طلب العلم وأصوله احلمد هلل رب العاملني ،خلق الإن�سان ،علمه البيان ،علم بالقلم، علم الإن�سان ما مل يعلم� ،أر�سل ر�سوله بالهدى ودين احلق ليظهره على الدين كله وكفى باهلل �شهي ًدا.
52
الشيخ صالح الفوزان
�أم��ا بعد ،ف��إن طلب العلم هو �أول واج��ب على العبد قبل العمل، قال تعالىَ } :ف ْاعلَ ْم �أَ َّن� ُه اَل ِ �إ َل� َه �إ اَِّل ُ ني اهلل َو ْا�س َت ْغ ِف ْر ِلذَنب َِك َو ِل ْل ُم�ؤ ِْم ِن َ َوالمْ ُ�ؤ ِْمن َِات َو ُ اهلل َي ْعلَ ُم ُم َت َق ّلَ َب ُك ْم َو َم ْث َوا ُك ْم{�سورة حممد19 : ق��ال الإم��ام البخاري رحمه اهلل :ب��اب العلم قبل القول والعمل، وذكر هذه الآيةَ } :ف ْاعلَ ْم �أَ َّن ُه اَل �إِ َل َه �إ اَِّل ُ ني اهلل َو ْا�س َت ْغ ِف ْر ِلذَنب َِك َو ِل ْل ُم�ؤ ِْم ِن َ َوالمْ ُ�ؤ ِْمن َِات َو ُ اهلل َي ْعلَ ُم ُم َت َق ّلَ َب ُك ْم َو َم ْث َوا ُك ْم{�سورة حممد19 : وبد�أ اهلل بالعلم قبل القول والعمل ،لأن العلم هو الأ�سا�س الذي يبنى عليه القول والعمل ،فعمل بدون علم �ضالل ،كما �أن العلم بدون عمل �أي�ضا �ضالل ،ومغ�ضوب على عامل ال يعمل بعلمه ،ولهذا قال ال�ص َر َ اط �سبحانه وتعالى معلما عباده يف �آخر �سورة الفاحتة ْ }اه ِدنَا ِّ غ�ضوبِ َعلَي ِه ْم َوالَ المْ ُ ْ�س َت ِقي َم * ِ���ص� َر َ اط ا َّل� ِ�ذي��نَ �أَن َعمتَ َعلَي ِه ْم غَ� ِ ير امل َ ُ َّ ال�ضا ِّلنيَ{�سورة الفاحتة.7 : فاملنعم عليهم هم الذين جمعوا بني العلم النافع والعمل ال�صالح، واملغ�ضوب عليهم هم الذين �أخذوا العلم وتركوا العمل ،وال�ضالون هم الذين �أخذوا العمل وتركوا العلم .ف�أنت ت�س�أل اهلل يف كل ركعة حينما تقر�أ ه��ذه ال�سورة العظيمة �سورة الفاحتة �أن يهديك طريق املنعم
عليهم من النبيني وال�صديقني وال�شهداء وال�صاحلني، و�أن يجنبك طريق املغ�ضوب عليهم ،وهم العلماء الذين ال يعملون بعلمهم ،وطريق ال�ضالني وهم الذين يعملون بدون علم .وهذا هو الذي بعث اهلل ر�سوله �صلى اهلل عليه و�سلم به� ،أر�سل ر�سوله بالهدى ودين احلق .فالهدى هو العلم النافع ،ودي��ن احلق هو العمل ال�صالح ،فالر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم ُبعث بالعلم النافع والعمل ال�صالح، وه �م��ا ق��ري �ن��ان ال ي �ف�ترق��ان ،ال�ع�ل��م وال �ع �م��ل ق��ري �ن��ان ال يفرتقان. ولهذا حث اهلل �سبحانه وتعالى عباده على طلب العلم والتفقه يف الدين ،قال تعالىَ } :و َما َكا َن المْ ُ�ؤ ِْمنُو َن ِل َين ِف ُروا ك�آ َّف ًة َفلَ ْو َال َن َف َر ِمن ُك ِّل ِف ْر َق ٍة ِّم ْن ُه ْم َط�آ ِئ َف ٌة ِّل َي َت َف َّق ُهوا فيِ الدينِ َو ِل ُي ِ نذ ُروا َق ْو َم ُه ْم �إِ َذا َر َج ُعواْ �إِ َل ْي ِه ْم َل َع ّلَ ُه ْم َي ْح َذ ُرونَ{ ِّ �سورة التوبة} .122 :فلوال نفر{ هذا حث من اهلل �سبحانه وتعالى لعباده ،ب�أن تنفر طائفة لطلب العلم والتفقه يف دي��ن اهلل ،يطلبون العلم يف �أي مكان ي�سافرون �إل�ي��ه يف مكانه �أينما وج��دوه فيتفقهون يف دي��ن اهلل ،فيح�صلون على ب�شارة النبي �صلى اهلل عليه و�سلم لقوله“ :من ُيرد ُ ريا يفقهه يف الدين". اهلل به خ ً فه�ؤالء َم��نَّ ُ اهلل عليهم بهذه امليزة لأنهم �سافروا يف طلب العلم يف �أماكنه من �أهل العلم وتفقهوا يف دين اهلل، ثم �إذا تفقهوا يف دين اهلل ورجعوا �إل��ى بالدهم و�أهليهم ف�إنهم ينذرونهم ويعلمونهم ه��ذا العلم ال��ذي حتملوه، وي�ك��ون��ون دع ��اة �إل ��ى اهلل ع�ل��ى ب���ص�يرة ،ع��ام�ل�ين بعلمهم وداعني �إليه ،هذه طريقة �أهل النجاة و�أهل الفالح ،وقد قال �صلى اهلل عليه و�سلم“ :من �سلك طريقًا يلتم�س فيه ِعل ًما �سهل اهلل له طريقًا �إلى اجلنة” و�إن املالئكة لت�ضع �أجنحتها لطالب العلم ر�ضا مبا ي�صنع. ف��ال��ذي ي�سعى يف طلب العلم وي�سلك طريقه ،ف�إنه ي�سهل اهلل طريقه �إلى اجلنة ،وكفى بهذا فخ ًرا ِ وع�زًا يف الدنيا والآخ��رة .بل �إن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم قال: “�إن العلماء ورثة الأنبياء و�إن الأنبياء مل يورثوا دينا ًرا وال دره � ًم��ا و�إمن ��ا ورث ��وا ال�ع�ل��م ،ف�م��ن �أخ ��ذه �أخ ��ذ بحظ وافر” .والعلم ال يح�صل عف ًوا بدون طلب ،البد من طلب العلم ،وال يح�صل عف ًوا للإن�سان �أو �إلها ًما �أو تلقائ ًيا كما يقول �أهل الت�صوف ،و�سعي يف حت�صيله و�صرب يف تلقيه. ك��ذل��ك العلم ال ي��ؤخ��ذ م��ن الكتب وح��ده��ا ،ال ي�ؤخذ العلم عن املتعاملني ،الذين مل يتفقهوا يف دين اهلل ،غاية ما يكون �أنهم ي�ق��ر�ؤون يف الكتب �أو يحفظون �شيئًا من الن�صو�ص وال يفقهون معناها وال يتلقونها ع��ن �أه��ل العلم .فهذه طريقة �ضارة ،لأن العلم ال ي�ؤخذ �إال عن �أهل العلم بالتلقي عن العلماء جي ً ال بعد جيل �إلى �أن يرث اهلل الأر�ض ومن عليها.
فمن �أ�صول التعلم و�أ�سا�سات التعلم ه��ذا الأم��ر� ،أنه ي�ؤخذ عن العلماء الربانيني العلماء املعروفني بالعلم الذين حتملوه عن م�شائخهم وه��م يحملونه لطالبهم ويتوارثونه بينهم �إل��ى �أن يرث اهلل الأر���ض ومن عليها. فهذا من �أ�صول طلب العلم ،الرحلة �إلى العلماء والتما�س العلماء يف �أي مكان حتى ي��ؤخ��ذ عنهم العلم ،وه��ذا هو الطريق الذي من �سلكه �سهل اهلل له به طريقًا �إلى اجلنة. ومن �أ�صول التعلم كذلك املهمة �أن الإن�سان ال يبد أ� العلم من فروعه و�أعاله ،و�إمنا يبد�أ العلم من الأ�سا�س، �شيئا ف�شيئا ،ويتلقاه �شيئا ف�شيئا ،من الكتب املخت�صرة يف كل فن ً حفظا وفه ًما ،على �أيدي العلماء ،فال يقر�أ ويبد�أ يف املطوالت من الكتب ،وال يبد�أ بكتب اخلالف والأقوال، و�إمنا ي�ؤخذ العلم �شيئًا ف�شيئًا ،ويتدرج فيه �شيئًا ف�شيئًا. وال�ع�ل��م ال ي��ؤخ��ذ دف�ع��ة واح ��دة ،ال ي��ؤخ��ذ �إال ع��ن طريق التدرج �شيئا ف�شيئا. ك��ذل��ك م��ن �أ� �ص��ول ط�ل��ب ال�ع�ل��م� ،أن ط��ال��ب ال�ع�ل��م ال يقت�صر على ف��ن واح��د ،ك ��أن يقت�صر على ف��ن يف الفقه ال �أو يقت�صر على فن احلديث مث ً مث ً ال �أو فن التف�سري، و�إمن ��ا ي��أخ��ذ م��ن ك��ل علم مبخت�صر مفيد ،لأن العلوم يرتبط بع�ضها ببع�ض. فالبد �أن طالب العلم �أول �شيء يقر�أ القر�آن ،ويحفظ ال�ق��ر�آن� ،أو يجيد تالوته من غري حفظ ،فالأ�سا�س هو كتاب اهلل �سبحانه وتعالى ،وي�ق��ر�أ ما تي�سر من تف�سري القر�آن حتى يفهم الآي��ات ،وال يقر�أها على نف�سه ،و�إمنا ي�ق��ر�أ على �أه��ل العلم و�أه ��ل التف�سري ،يتلقى التف�سري أي�ضا يقر�أ احلديث، عن املف�سرين املعروفني بذلك .ثم � ً يقر�أ يف احلديث حفظا وفه ًما ،على �أيدي علماء احلديث امل�ع��روف�ين ب��ه ،ث��م �أي��ً��ض��ا ي �ق��ر�أ يف ال�ف�ق��ه ،وه��و الأح �ك��ام امل�ستنبطة من الكتاب وال�سنة ،ه��ذا هو الفقه :الأحكام أي�ضا يف ال�شرعية امل�ستنبطة من الكتاب وال�سنة .يقر�أ � ً كتب النحو ،لأن القر�آن وال�سنة نزال بلغة العرب ،فال بد �أن يقر�أ يف النحو ،حتى يعرف معاين الآيات والأحاديث، أي�ضا رواب��ط الكالم من الناحية اللغوية ،حتى ويعرف � ً ي�سلم م��ن اللحن واخل �ط ��أ ،ولأن علم النحو يعني على فهم الن�صو�ص ،كذلك كل فن له �أ�صول وقواعد ،هناك يف احلديث م�صطلح احلديث� ،ضوابط احلديث ال�صحيح من احل�سن من ال�ضعيف من املو�ضوع ،البد �أن تعرف ولو خمت�ص ًرا يف م�صطلح احلديث ،كذلك البد من خمت�صر يف �أ�صول الفقه وقواعد الفقه ،تقر�أه على عامل من علماء الأ�صول ،كذلك البد من خمت�صر يف �أ�صول التف�سري ،لأن التف�سري له �أ��ص��ول ،ول��ه منهج ،وه��ذا ما ي�سمى ب�أ�صول التف�سري ،فتقر�أ يف �أ��ص��ول التف�سري من املخت�صرات يف ذلك.
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
53
هذه مفاتيح العلوم ،والعلم ي�ؤتى من بابه ال ي�ؤتى من فرعه } َو َل ْي َ�س ا ْلبرِ ُّ بِ�أَنْ َت ْ�أ ُت ْواْ ا ْل ُب ُيوتَ ِمن ظ ُهو ِر َها َو َل ِك َّن ا ْلبرِ َّ َمنِ ا َّتقَى َو�أ ُت��وا ا ْل ُب ُيوتَ ِمنْ َ�أ ْب َوا ِب َها{ �سورة البقرة: .189فكل علم له باب البد �أن تدخل من هذا الباب ،وهذه الأبواب هي املخت�صرات ،واحلمد هلل العلماء رحمهم اهلل اعتنوا بهذه املخت�صرات فاخت�صروها للطالب و�ضبطوها نرثًا ونظ ًما ،حتى حتفظ وت�شرح لهم على �أيدي العلماء، وهذه العلوم مرتابطة كما ذكرنا ،علم الفقه مرتبط بعلم التف�سري وعلم احلديث وعلم النحو ،فهي مرتابطة كل علم مرتبط بالعلم الآخر ،فلذلك ال يقت�صر طالب العلم على فن واحد. وهذه املخت�صرات �سهلة ملن وفقه اهلل وتدرج معها �شيئًا ف�شيئًا على �أيدي �أهل العلم ،تكون الدرا�سة �إما منهجية يف املدار�س واملعاهد والكليات على �أيدي املدر�سني و�ضمن املقررات الدرا�سية يف كل فن ،و�إما �أن تقر�أ على العلماء يف حلق العلم يف امل�ساجد� ،أو يف دور العلم املعروفة. العلم ال ُيطلب �س ًرا ،العلم عالنية ،ما ُيطلب �س ًرا يف جل�سات �سرية �أو يطلب يف ا�سرتاحات �أو يف �أمكنة خفية، و�إمنا يطلب العلم عالنية وي�ستفيد منه احلا�ضرون من ال�ع��وام وغ�يره��م .فالعلم يعلن وال ي�سر ،لأن اهلل �أنزله للنا�س ،ومل ينزله لطائفة خا�صة .فالبد من �أن يكون طلب العلم عالنية يف امل�ساجد �أو يكون عالنية يف املدار�س النظامية ،فهذه �أ�صول طلب العلم. ويقول العلماءَ :منْ �ضَ َّيع الأ�صول ُحرم الو�صول� .إذا �ضيعت هذه الأ�صول وهجمت على العلم هجو ًما من غري طريقه ف�إنك حترم �إياه ،من �ضيع الأ�صول حرم الو�صول، فيجب على ط��ال��ب العلم �أن ي�سري على ه��ذه الأ��ص��ول، ويتلقى العلم من �أ�صوله ومبادئه ،ال يتلقاه من فروعه، ف�إن هذا ي�ضيعه وال يح�صل على �شيء. 54
ك��ذل��ك ال ب��د لطالب العلم �أن ي�صرب ،ال ب��د لطالب العلم �أن ي�صرب على م�شقة الطلب وعلى طول املدة ،ي�صرب وي�سري مع طريق العلم ولو طال وال ي�ضجر وال ميل. اطلب العلم وال ت�ضجرا ف�آفة الطالب �أن ي�ضجرا �أمل تر احلبل بتكراره يف ال�صخرة ال�صماء قد �أثرا فال تي�أ�س �أو ت�ست�صعب طلب العلم �أو ت�ستطيل مدته، فا�صرب و�أنت على �أجر ،طالب العلم ت�ستغفر له املالئكة، ت�ضع له �أجنحتها ر�ضا مبا ي�صنع .وال بد يف طلب العلم من امل�شقة ،وال بد من التحمل ،والبد من ال�صرب ،ومن مل يذق ذل التعلم �ساعة ،جترع ك�أ�س اجلهل طول حياته، فعليك �أن ت�صرب وعليك �أن توا�صل الطلب ،وال متل ،حتى تبلغ الغاية ب�إذن اهلل ،ومن �سار على الدرب و�صل.
أي�ضا فيه ناحية فهذه نبذ يف كيفية طلب العلم ،ثم � ً مهمة تعينك على طلب العلم وتنمي معلوماتك وهي العمل ،العمل مب��ا علمك اهلل ،فكلما تعلمت �شيئًا من العلم تعمل به ،حتى يزداد علمك وتكون فيه بركة ،ويكون فيه خري ،ويف احلكمة :من عمل مبا ع ِلم ،ورثه اهلل علم ما مل يعلم .واهلل عز وجل يقولَ } :وا َّتقُواْ َ اهلل َو ُي َع ِّل ُم ُك ُم اهلل َو ُ ُ اهلل ِبك ُِّل �شَ ْي ٍء َع ِلي ٌم{ �سورة البقرة.282 : فعليك بالعمل مبا تتعلمه ،وال ت�أخذ العلم وتخزنه بدون عمل� ،إن هذا علم ال بركة فيه ،وهو حجة عليك يوم القيامة ،فعلم بال عمل ك�شجرة بال ثمر ،والناظم يقول: (وعامل بعلمه مل يعم ً ال معذب من قبل عباد الوثن) لأنه يف يوم القيامة �أول من ت�سعر بهم النار يوم القيامة ،عامل ال يعمل بعلمه ،هو �أول من ت�سعر بهم النار يوم القيامة. فالأمر مهم ج ًدا ،وعلى طلبة العلم �أن ي�أخذوا العلم من �أ�صوله ومبادئه وم��ن �أه�ل��ه و�أن يعملوا ب��ه و�أن يعلموه للنا�س } َو ِ�إ َذ َ�أخَ َذ ُ َاب َل ُت َب ِّي ُن َّن ُه اهلل ِمي َثا َق ا َّل ِذينَ �أُوتُواْ ا ْل ِكت َ ِلل َنّا�سِ َو َال َت ْك ُت ُمو َن ُه { �سورة �آل عمران.187 : فعلى ط��ال��ب ال�ع�ل��م �أن يعمل �أوال بعلمه ث��م يعلمه ل�ل�ن��ا���س وي�ن���ش��ره يف ال �ن��ا���س ،وف ��ى احل��دي��ث�“ :إذا م��ات الإن�سان انقطع عمله �إال من ثالث� :صدقة جارية �أو علم ينتفع به �أو ول��د �صالح يدعو له” ،وخ�ير ه��ذه الثالث ه��و العلم ال��ذي ينتفع ب��ه ،لأن ال�صدقة اجل��اري��ة التي هي الوقت قد ينقطع وقد يخرب ،الولد ال�صالح ميوت، لكن العلم ي�ستمر نفعه ل�صاحبه ما بقي علمه يف طالبه ويف م�ؤلفاته يبقى علمه ويجرى �أج��ره عليه وهو ميت، فالعلم فيه بركة وفيه خري ،لكن البد �أن ي�ؤخذ العلم من �أ�صوله وعلى قواعده وعن �أهله ،وال بد �أن يثبت وينمى بالعمل ال�صالح. على طالب العلم �أن يخل�ص النية هلل يف طلبه للعلم، وال يطلب العلم للرياء وال�سمعة ،وال يطلب العلم ليقال هو عامل� ،أو يطلب العلم للدنيا وللوظيفة الدنيوية ،و�إمنا يطلب العلم لوجه اهلل �سبحانه وتعالى ،لأن طلب العلم عمل �صالح ،والنبي �صلى اهلل عليه و�سلم يقول�“ :إمنا الأع�م��ال بالنيات و�إمن��ا لكل ام��رئ م��ا نوى” ،فيخل�ص النية هلل عز وجل يف طلبه للعلم� ،أما �إن كان يطلب العلم لأجل �أن ميدح به ف�إنه جاء يف احلديث “�أنه ي�ؤتى بالعامل يوم القيامة فيقول اهلل له :ماذا عملتَ ؟ فيقول :يا رب تعلمتُ فيك العلم وعلمته .فيقول اهلل :ك��ذب��تَ ،و�إمن��ا تعلمتَ ليقال :هو عامل ،وقد قيل .ثم ي�ؤمر به �إلى النار”، ُي�سحب �إلى النار والعياذ باهلل. كذلك ال يطلب العلم م��ن �أج��ل طمع ال��دن�ي��ا ،و�إمن��ا يطلب العلم طم ًعا يف ثواب اهلل ،طم ًعا يف الأجر والثواب، يطلب العلم من �أجل �أن ينتفع وينفع� .أما �إذا طلبه لأجل
الوظيفة �أو لأجل املال فاهلل جل وعال قال من كان يريد احلياة الدنيا وزينتها ،يعنى يريدها بالعمل ال�صالح �أو طلب العلم } َمنْ َكا َن ُيرِي ُد الحْ َ َيا َة ال ُّد ْن َيا َوزِي َن َت َها ُن َو ِّف �إِ َل ْي ِه ْم �أَ ْع َما َل ُه ْم ِفي َها َو ُه ْم ِفي َها ال ُي ْبخَ ُ�سو َن * �أُ ْو َل ِئ َك ا َّل ِذينَ َل ْي َ�س َل ُه ْم فيِ ال ِآخ َر ِة �إ َِّال ال َنّا ُر َو َحب َِط َما َ�ص َن ُعوا ِفي َها َو َب ِ اط ٌل َما َكانُوا َي ْع َم ُلونَ{ �سورة هود .15 :العلم �أ�شرف من ذلك، �أ�شرف من الدنيا وم��ا فيها ،فيطلبه لوجه اهلل ،يطلبه للعمل به ،يطلبه للخروج من اجلهل. ك��ذل��ك م��ن �أ� �ص ��ول ط�ل��ب ال �ع �ل��م� ،أن ي �ب��د�أ ال�ط��ال��ب بعد كتاب اهلل ،ي�ب��د�أ بعلم العقيدة علم التوحيد ،يبد�أ بعلم التوحيد فيعرف التوحيد ويعرف ال�شرك ،يعرف التوحيد لأجل �أن يعمل به ،ويعرف ال�شرك من �أجل �أن يجتنبه ،فيجعل يف مقدمة اهتمامه بطلب العلم ،علم العقيدة ال�صحيحة ،يجعل يف مقدمة اهتمامه الطالبية طلب العقيدة ال�صحيحة ،م��ن �أج��ل �أن ي�ستقيم عليها وي�ؤ�س�س �أعماله كلها عليها ،ومن �أجل �أن يدعو �إليها على ب�صرية ويب�صر النا�س ،فيهتم بالعقيدة ال نقول يقت�صر على درا�سة العقيدة ،لكن يجعلها يف �أول اهتماماته ،وال يجعلها �أم � ًرا ثانو ًيا �أو ي�ؤخر طلب العقيدة ،بل يقدمه ويهتم به لأن العقيدة هي الأ�سا�س الذي تبنى عليه �سائر �أعمال العبد .فيهتم بعقيدة التوحيد و�إفراد اهلل بالعبادة، ومعرفة ما ي�ضادها مما ينافيها �أو ينق�صها من ال�شرك الأك�ب�ر والأ��ص�غ��ر وم��ن ال�ن�ف��اق ،ي�ع��رف ه��ذا ج�ي� ًدا حتى أي�ضا ي�ؤ�س�س علمه على �أ�سا�س �صحيح ،بل ي�ؤ�س�س عمله � ً على �أ�سا�س �صحيح ،فهذه جملة من �آداب طالب العلم وكيفية الطلب.
نحن كما تعلمون الآن يف فنت �شديدة وال حول وال قوة �إال ب��اهلل ،وم�ستقبل ال��زم��ان تزيد ه��ذه الفنت ،كما �أخرب النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ،فنت يف الدين وفنت يف الدنيا وفنت من كل ناحية ،وال خمرج من هذه الفنت �إال بالعلم النافع ،من كتاب اهلل و�سنة ر�سوله �صلى اهلل عليه و�سلم، ولهذا قال �صلى اهلل عليه و�سلم لأ�صحابه“ :ف�إنه من يع�ش ريا ،فعليكم ب�سنتي و�سنة اخللفاء منكم ف�سريى اختال ًفا كث ً الرا�شدين املهديني من بعدي ،مت�سكوا بها وع�ضوا عليها بالنواجذ ،و�إياكم وحمدثات الأمور ف�إن كل حمدثة بدعة وكل بدعة �ضاللة” ويف رواي��ة“ :وكل �ضاللة يف النار”، فال عا�صم من الفنت �إال بتوفيق اهلل جل وعال وهدايته ثم بالعلم النافع امل�أخوذ من كتاب اهلل و�سنة ر�سوله �صلى اهلل عليه و�سلم ،و�إال ف�إذا كنت جاه ً ال و�أحاطت بك الفنت، ف�إنك ال تدري كيف تخرج منها ،لكن �إذا وفقك اهلل و�صار عندك علم من كتاب اهلل و�سنة ر�سول اهلل ،ف�إنك تهتدي �إلى اخلروج منها ب�إذن اهلل �سبحانه وتعالى. وهذا ال يكون �إال بتعلم العلم النافع ،لأجل �أن تخرج ب��ه م��ن ال�ف�تن امل�ت�لاط�م��ة ال�ت��ي ت�ع��رف��ون�ه��ا ،ورمب ��ا تزيد ويحدث فنت ال تعرفونها ،فال خمرج لنا من هذه الفنت �إال بالعلم النافع والعمل ال�صالح واالعت�صام بحبل اهلل �سبحانه وتعالى } َو َ�أ َّن َهذَا �صِ َر ِاطي ُم ْ�س َت ِقي ًما َفا َّت ِب ُعو ُه َو َال ال�س ُب َل َف َت َف َّر َق ِب ُك ْم َعن َ�سبِي ِل ِه{ �سورة الأنعام،153 : َت َّت ِب ُعواْ ُّ والنبي �صلى اهلل عليه و�سلم كما �سمعتم ق��ال“ :عليكم ب�سنتي و�سنة اخللفاء الرا�شدين من بعدي” .فاملخارج من الفنت ب�أيدينا وهلل احلمد ،ولكن ال�ش�أن يف �أن نعرفها و�أن نتفقه فيها ،فالفنت ال ينجي منها �إال التم�سك بكتاب اهلل �سبحانه وتعالى وب�سنة الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم وبال�سري على منهج ال�سلف ال�صالح والقرون املف�ضلة من ال�صحابة والتابعني ومن تبعهم والأئمة املهديني ،قال ن�صا ِر ال�سا ِبقُو َن الأَ َّو ُل ��و َن ِم��نَ المْ ُ َهاجِ رِينَ َوالأَ َ تعالىَ }:و َّ ُ وهم بِ�إ ِْح َ�س ٍان َّر ِ�ض َي اهلل َع ْن ُه ْم َو َر�ُ��ض��واْ َع ْن ُه َوا َّل� ِ�ذي��نَ ا َّت َب ُع ُ َو�أَ َع َّد َل ُه ْم َج َن ٍ ّات تجَ ْ رِي تحَ ْ َت َها الأَ ْن َها ُر خَ ا ِل ِدينَ ِفي َها �أَ َب ًدا َذ ِل َك ا ْل َف ْو ُز ا ْل َع ِظي ُم{ �سورة التوبة .100 :الذين اتبعوهم، اتبعوا املهاجرين والأن�صار من �صحابة ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ،اتبعوهم ب�إح�سان� ،أي ب�إتقان. وال ت�ت�ب��ع ال���س�ل��ف ال���ص��ال��ح ب��إح���س��ان �إال �إذا تعلمت منهجهم ،تعلمت طريقتهم .تعلمت ،ما يكفي االنت�ساب تقول� :أن��ا �سلفي �أن��ا متبع لل�سلف ،و�أن��ت ال تعرف منهج ال�سلف وال تعرف مذهب ال�سلف ،فهذا ال يغني عنك �شيئًا. البد �أن يكون �إتباعك لهم ب�إح�سان� ،أي ب�إتقان ،ومعرفة، وعلم مبنهجهم و�سريتهم حتى ت�سري على نهجهم.
فعلى ط��ال��ب ال�ع�ل��م �أن ي��راع��ى ه��ذا وي�ه�ت��م ب��ه ،ه��ذه ه��ي �أ� �ص��ول طلب ال�ع�ل��م ،ك��ذل��ك كما �أ��ش��رن��ا ون�شري �إل��ى �أن العلم ال ي�ؤخذ عن �أي �أح��د ،و�إمن��ا ي�ؤخذ عن العلماء الأتقياء املعروفني به ،قال بع�ض ال�سلف� :إن هذا العلم دين فانظروا عمن ت�أخذون دينكم .فاخرت من العلماء �أتقاهم هلل عز وجل ،و�أعلمهم باهلل عز وجل ،حتى يدلك على الطريق ال�صحيح .ال ت�أخذ العلم عن جاهل ،ال ت�أخذ العلم ع��ن ��ض��ال ،ال ت��أخ��ذ العلم ع��ن م�ب�ت��دع ،خ��ذ العلم عن �أهله املعروفني به املعروفني باال�ستقامة ،املعروفني بتقوى اهلل �سبحانه وتعالى ،وه��م كثري وهلل احلمد �إذا طلبتهم وبحثت عنهم وحتى �إن مل يكونوا يف بلدك ت�سافر �إليهم ،وتطلب العلم عندهم تت�صل بهم ،واليوم واحلمد هلل و��س��ائ��ل االت �� �ص��ال م�ت�ي���س��رة ،وك��ذل��ك و��س��ائ��ل النقل متي�سرة ،وب�سرعة ،فلي�س لنا عذر يف التكا�سل عن طلب هذا ون�س�أل اهلل لنا ولكم التوفيق للعلم النافع والعمل العلم ،ف�إن اهلل ي�سر لنا كل �سبيل �إلى طلب العلم ،ولكن ال�صالح ،و�صلى اهلل و�سلم وبارك على نبينا حممد وعلى ال�ش�أن باالهتمام والتوجه. �آله و�أ�صحابه �أجمعني. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
55
مقاالت
متى ننهض ....؟!!!! ينتابني �شعو ٌر بالقلق واحلرية ،عندما يطارد فكري �س�ؤال مثل هذا ،فهو لي�س �س�ؤا ًال عابراً للزمن ملعرفة وقت النه�ضة حتديداً ، لال�ستب�شار بها ،واال�ستعداد ملوجبات احلياة املالزمة لها ،والعمل على �إعادة �صياغة العقل والوجدان واالح�سا�س ،لتكون جميعها مظهراً متقدماً من مظاهرها وظواهرها املرتبطة بها � ،إذ الينبغي تقدميها للنا�س بعيداً عن موروثها الفكري واالن�ساين وال��وج��داين �،إذ كيف ن�ستدعي كل ما من �ش�أنه �إعادة بث الروح فينا ،ونحن نعمل على تهيئة غرفة االنعا�ش بايدينا لتكون منا�سبة لنا ونحن نتنازل عن �أ�سمى معاين النه�ضة يف حياتنا �أال وهو الدين . 56
ولعل �إجابة ًمت�أنية على هذا ال�س�ؤال ت�ستدعي تعريف النه�ضة �ضمن ر�ؤية فل�سفية م�ستمدة من احلركة العامة للمجتمع ،تلك احلركة الدكتور حسن علي المبيضين التاريخية التي ت�ضرب بجذورها يف �أعماق التاريخ االن�ساين الذي ا�ستقر عند منعطف فكري ا�ستحقت به ومعه الأمة م�صطلح اخلريية مدير الدراسات لقول تعالى } ُكن ُت ْم خَ يرْ َ �أُ َّم ٍة �أُخْ ر َِج ْت ِللنَّا�سِ َت�أْ ُم ُرو َن ِبالمْ َ ْع ُر ِ وف َو َت ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُن َك ِر َو ُت�ؤ ِْمنُو َن بِاللهَِّ َو َل ْو �آ َمنَ �أَ ْه ُل ا ْل ِكتَابِ َلكَا َن خَ يرْ ً ا َّل ُهم{ هذه اخلريية التي حتققت معها النه�ضة مبفاهيمها ال�شاملة ،هي التي فتحت الآف��اق �شرقاً وغرباً ،ف�أر�ست قواعد النه�ضة االن�سانية التي نقلت النا�س من واق��ع تنعدم فيه الهوية الذاتية للفرد ،واجلمعية للمجتمع � ،إلى واقع تتحقق فيه الهوية الذاتية للفرد واملجتمع معاً ، يف �صورة ي�صعب على غري امل�سلم �أن يتلم�س االح�سا�س الذي يعمرها وهو اح�سا�س الأخ��وة االميانية ال�صادقة التي ترقى على كل �أخ��وة ، ( مثل امل�ؤمنني يف توادهم وتعاطفهم وتراحمهم ،كمثل اجل�سد الواحد �إذا ا�شتكى منه ع�ضو تداعى له �سائر الأع�ضاء باحلمى وال�سهر ) .
تلك احل��ال��ة ه��ي املقيا�س ال�ع��ام حلركة النا�س داخ��ل جمتمعهم �سيا�سياً واقت�صادياً واجتماعياً . �أما �سيا�سياً ،فال يكون الرئي�س �إال ر�أ�ساً لهذا اجل�سد (املجتمع ) ال��ذي تتجمع عنده وفيه احل��وا���س جميعها ال�سمع والب�صر وال�شم والذوق واالح�سا�س والتفكري ،فهو يراقب ب�سمعه وب�صره فريقى �إل��ى م�ستوى الأب الذي يرعى �أبناءه ،م�ستنداً �إلى احلديث النبوي (�أَ اَل ُك ُّل ُك ْم َرا ٍع، َو ُك ُّل ُك ْم َم�س� ٌ ري ا َّل ِذي َعلَى ال َنّا�سِ َرا ٍع، ؤول َعنْ َر ِع َّي ِت ِهَ ،ف ْ أ الَ ِم ُ َ َو ُه َو َم ْ�س� ٌ ؤول َعنْ َر ِع َّي ِت ِهَ ،وال َّر ُج ُل َرا ٍع َعلَى �أ ْه ِل َب ْي ِت ِهَ ،و ُه َو َ َم ْ�س� ٌ ؤول َع ْن ُه ْمَ ،والمْ َ ْر�أ ُة َر ِاع َي ٌة َعلَى َب ْي ِت َب ْع ِل َها َو َو َل ِد ِهَ ،و ِه َي َم ْ�س�ؤو َل ٌة َع ْن ُه ْمَ ،وا ْل َع ْب ُد َرا ٍع َعلَى َم ِال َ�س ِّي ِد ِه َو ُه َو َم ْ�س� ٌ ؤول َع ْنهُ� ،أَ اَل َف ُك ُّل ُك ْم َرا ٍعَ ،و ُك ُّل ُك ْم َم ْ�س� ٌ ؤول َعنْ َر ِع َّي ِت ِه ) ف�لا ي�ت�رك دق�ي�ق��ة �إال و ي�ك��ون فيها م���ش�غ��و ًال ب��أم��ر رعيته ،م�سكونا بهمهم ،قلقاً على م�ستقبلهم كما يف قول عمر (لو عرثت بغلة يف العراق ل�س�ألني اهلل تعالى عنها مِ َ ل لمَ ْ متهد لها الطريق ياعمر) و يتطلع دوماً �إلى حتقيق الآم��ال والطموحات ،مثلما ينظر الى غد م�شرق ي�سعد فيه �شعبه ،وينال حظه من الرعاية واالهتمام ) ،ليكون مدافعاً عن اجن��ازات��ه ،وق��ادراً على مزيد من االنتاج يف امليادين كافة ،عندها تتحقق للرئي�س واملر�ؤو�سني معادلة ال�سمع والطاعة ،املقرتنة باملحبة والثقة ،والت�ضحية وال �ف��داء ،وال�ن���ص��ح وامل �� �ش��ورة ( ل��و ر�أي �ن��ا ب��ك اع��وج��اج�اً لقومناه ب�سيوفنا ) . �أم��ا اقت�صادياً :ف��إن حياة يحياها الفرد وهو ينتج يف ميادين الزراعة ،فيقطف الثمر ،ويجني مازرع ،ويزكي ما ح�صد ،هي حياة ت�أخذ �أ�شكا ًال من التعاون واملحبة املتبادلة ،وفيها من �صور الإخ��اء و امل�ساواة ،ما تنتفي معها �صور الفقر واحلاجة والعوز ،فيعي�ش النا�س كما يف عهد عمر بن عبد العزيز يتبادلون الزكاة وال�صدقات وال يجدون من ي�أخذها ،لي�شمل ذلك احل�س االن�ساين النبيل عندها حتى الطيور على ر�ؤو�س اجلبال ،وقد نرث لها احلب حتى اليقال جاع طائر يف ار�ض امل�سلمني .
تلك هي نه�ضة م�ستمدة من فكر ق��ومي ي�ستند �إلى د�ستور رب��اين � ،شرع �أب��واب العمل وف�صله وبينه وتركه للنا�س دلي ً ال ومر�شداً . �أما اجتماعياً :فلم يجد التاريخ االن�ساين على امتداده �أعظم من �صور امل�ؤاخاة بني املهاجرين واالن�صار ،تلك الأخ ��وة التي جعلت النا�س يعي�شون املحبة احلقيقية ، فرحهم واح��د و ترحهم واح��د و رزق�ه��م واح��د ،يعطف قويهم على �ضعيفهم ،و يقدم غنيهم لفقي ال�ع�ي����ش وال���س�ع��ادة ،ف�ه��م مي�ث�ل��ون � �ص��ورة م��ن التالحم االج�ت�م��اع��ي ،حتى م��ع ال�ي�ه��ودي ال��ذي ي�ج��اوره��م ،فله مالهم وعليه ما عليهم ،من �أمر حمايته ،وت�أمني �ش�ؤون حياته ،ي�أخذون منه اجلزية �شاباً ويرعونه كه ً ال . �إن �س�ؤال النه�ضة ميتد فينا وجعاً الينتهي وال يزال، لأن الأم��ة كلما �أرادت �أن ت�ستعيد قوتها وعافيتها �أتاها �أم��ر من اخل��وف والقلق واجل��وع واحل��رم��ان �أع��اده��ا �إلى املربع االول الذي تبد�أ عنده بالبحث عن �أ�سباب احلياة ب�صورتها ال�ب��دائ�ي��ة الب�سيطة ،وال �ت��ي ي�ستحيل معها التفكري ببواعث النه�ضة والتقدم والرقي � ،إذ التفكري وف��ق امل�ستوى ال��ذي يحقق لنا النه�ضة التي نريد يعد ترفاً فكرياً وثقافياً ،وعلى اجلميع �إدراك اهمية ال�س�ؤال عن احلياة �أو ًال ،ال عن �صورها املتقدمة . وعليه ،ف ��إن على املنظمات والهئيات الفكرية ذات املرجعيات الفل�سفية املتقدمة �،أن تدرك خطر ا�ضمحالل املنظومة الفكرية التي ميكن اال�ستناد �إليها لبناء ج�سم الأم��ة احل�ضارية ،والنهو�ض به وفق ما ينتظر حتقيقه من �أه��داف ح�ضارية وان�سانية الميكن حتقيقها �إال �إذا نال االن�سان العربي امل�سلم �شهادة الوعي والفهم واملعرفة، تلك ال�شهادة التي جتعله ق��ادراً على فهم ذاته وحميطه وجمتمعه واالن�سانية جمعاء ،وتعيده �إل��ى املنطلقات ذاتها التي تكونت بها وعلى �أ�سا�سها �أمتنا الأ�سالمية ، وعليها اعتمد الغرب يف نه�ضتهم و تقدمهم ،عندها نكون قد �أجبنا على �س�ؤال الع�صر ،متى ننه�ض ؟
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
57
مقاالت
"أعطوا األجير أجره قبل أن يجف عرقه"
حقوق الخدم والعمال في الشريعة اإلسالمية
لقد �سبق الإ�سالم يف مبادئ ت�شريعه ال�شرق والغرب يف �سنه حقوقا للخدم والعمال تكفل حياة كرمية لهم ،ه��ذه الت�شريعات �سمت على ما و�صلت �إليه النظم احلديثة والتي تزعم �أنها حققت مكا�سب كبرية للعمال ،ومل ت�شهد �أي ح�ضارة عد ًال يف �إن�صاف حقوق العباد مثلما قدمته وو�ضعت �ضوابطه ال�شريعة الإ��س�لام�ي��ة ،حيث ح�ض ال��ر��س��ول ال�ك��رمي �صلى اهلل عليه و�سلم على �إعطاء الأجري �أجره قبل �أن يجف عرقه.
58
اعداد الدكتور تيسير الفتياني
فالعمل واخل��دم��ة يف الإ� �س�ل�ام م�ه��ن ال ت ��زرى ع�ل��ى �أ��ص�ح��اب�ه��ا وال حتقر م��ن �ش�أنهم ،فحياة النا�س يف املجتمع الإ��س�لام��ي قائمة على خ��دم��ة النا�س وت�سخريهم لبع�ضهم البع�ض،الختالف ق��درات النا�س ومواهبهم ،و�أعمالهم ومهنهم ،فكل مي�سر ملا خلق له ،ويف جو الأ�سرة الإ�سالمية يتعاون اجلميع على الرب والتقوى �ضمن مقيا�س التفا�ضل يف الإ�سالم ،وهو قوله تعالى( :يا �أَ ُّي َها ا�س �إِ َّنا َخلَ ْق َنا ُكم ِّمن َذ َك ٍر َو�أُن َثى َو َج َع ْل َنا ُك ْم ُ�ش ُعوباً َو َق َبا ِئ َل ِل َت َعا َر ُفوا �إِ َّن �أَ ْك َر َم ُك ْم ال َّن ُ َ للهَّ َ ري)(احلجرات.)13 : ِعن َد اللهَِّ �أ ْت َقا ُك ْم �إِ َّن ا َع ِلي ٌم َخ ِب ٌ وقد ا�ستنفر الر�سول الكرمي امل�سلمني لالحرتاف والكدح وال�سعي يف طلب الرزق وحثهم على العمل لعمارة الأر�ض ،وبني لهم �أن الطعام الطيب الهنيء هو الطعام الذي يتذوقه الإن�سان بعد الكد والتعب ،فيتذوق فيه عناء العمل ومتعة الإن�ت��اج ،يقول احلبيب امل�صطفى �صلى اهلل عليه و�سلم (م��ا �أك��ل احد طعاما قط خري من �أن ي�أكل من عمل يده) رواه البخاري. كما بني عليه ال�صالة وال�سالم �أن امل�سلم �إذا اجتهد يف العمل ليعيل نف�سه و�أهله ،وليتعفف عما يف �أيدي النا�س كان له اجر املجاهد يف �سبيل اهلل (مر على النبي �صلى اهلل عليه و�سلم رجل ،فر�أى �أ�صحاب ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم من جلده ون�شاطه ،وقالوا :يا ر�سول اهلل لو كان هذا يف �سبيل اهلل ،فقال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم� ،إن كان خرج ي�سعى عن ولده �صغارا فهو يف �سبيل اهلل، وان كان خرج ي�سعى على �أبوين �شيخني كبريين فهو يف �سبيل اهلل ،وان كان خرج ي�سعى على نف�سه يعفها فهو يف �سبيل اهلل ،وان كان خرج ي�سعى رياء ومفاخرة فهو يف �سبيل ال�شيطان) .رواه الطرباين.
كما حث �صلى اهلل عليه و�سلم على االحرتاف لإتقان العمل ويف هذا املجال يقول الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم( :من ويل فقال (�إن اهلل يحب امل�ؤمن املحرتف) رواه البيهقي ،ويقول عليه لنا عمال ولي�س ل��ه منزل فليتخذ م�ن��زال� ،أو لي�ست ل��ه زوج��ة فليتزوج� ،أو لي�س له دابة فليتخذ دابة) رواه البخاري. ال�سالم�( :إن اهلل يحب �إذا عمل �أحدكم عمال �أن يتقنه). ولقوله �صلى اهلل عليه و�سلم( :من ترك ماال فلورثته ،ومن �أهم حقوق اخلدم والعمال ترك �ضياعا “�أي ورثة” �أو كلأ “�أي ذرية �ضعفاء” فلي�أتني ف�أنا 1ـ ح�سن املعاملة مواله) رواه البخاري. ولنا يف ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم �أ�سوة ح�سنة فقد ففي ه��ذا احل��دي��ث جعل ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم عامل خادمه ان�س ر�ضي اهلل عنه معامله ح�سنة ،فلم ت�صدر لذرية العامل يف مال الدولة �ضمانا لهم .وبناء عليه فان كل منه كلمة واح��دة خلادمه جترح �شعوره �أو تخد�ش كرامته� ،أو ما ي�صدره ويل الأمر من انظمة ال تخالف ال�شرع وترفع الظلم تدل على ت�ضجر منه ومل يقم بتوبيخه �أو ت�أنيبه،عن ان�س قال :على العمال وت�ضمن حقوقهم يجب التقيد به وتنفيذه �شرعا (خدمت النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ع�شر �سنني ،فما قال يل �أف لأنه يدخل يف تلك املبادئ التي كفلها الإ�سالم للعمال. وال مل �صنعت؟ وال �أال �صنعت) رواه م�سلم. 4ـ حق الأخوة الإ�سالمية وكم ندرك اخلط�أ ال�شائع لدى كثري من النا�س يف احتقار فالعامل �أخ ل��رب ال�ع�م��ل ،ورب ��اط الأخ ��وة الإ��س�لام�ي��ة من اخلدم والعمال والإ�ساءة �إليهم والغلظة يف معاملتهم والق�سوة عليهم يف �أعمالهم ،ف�إن هذا يتنافى مع مبادئ الإ�سالم و�أخالقه �أقوى الروابط لأنه مبني على العقيدة التي جتمع بني اخلدم وال ي�ج��وز �أن جن��ري وراء امل�ق��ول��ة“ :ان خلق ال�ع�م��ال واخل��دم وامل�خ��دوم�ين وال�ع�م��ال و�أ��ص�ح��اب العمل ،وتقت�ضي الأخ ��وة �أن ال�ي��وم ال ي�صلح لهم �إال الإ� �س��اءة والغلطة والق�سوة” الن يف يكون املطعم وامللب�س واحدا على �سبيل املوا�ساة ال امل�ساواة من ذلك خمالفة لتعاليم الإ�سالم فمن اخلري �أن نتخذ الو�سائل كل جهة ،ف�أنه ينبغي لرب العمل �أن يقدم خلدمه �أو عماله �أو والأ�ساليب لتعليمهم وتدريبهم ورفع م�ستواهم وت�أديبهم مبا �أجرائه طعاما من جن�س طعامه م�صداقا حلديث الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم (�أخوانكم خولكم جعلهم اهلل حتت �أيديكم فمن يفيد �أنف�سهم وجمتمعهم. كان �أخ��وه حتت يده فليطعمه مما ي�أكل ،وليلب�سه مما يلب�س) 2ـ التكليف على قدر الطاقة رواه البخاري وم�سلم� ،أي من جن�س ما ي�أكل وجن�س ما ي�شرب. فمن ح��ق اخل��ادم �أو العامل �أن يكلف ب��الأع�م��ال على قدر طاقته و�ضمن �ساعات العمل ،التي تقررها قوانني العمل� ،إذ ال يكلف اهلل نف�سا �إال و�سعها ،فال يجوز ل�صاحب م�صنع �أو ور�شة �أو حرفة �أن يكلف خ��ادم��ا �أو �أج�ي�را �أو عامال مب��ا ي�شق عليه، ويجب �أن تكون طاقة العمل مالئمة لعدد العاملني حلديث امل�صطفى �صلى اهلل عليه و�سلم (وال تكلفوهم ما ال يطيقون ف�أن كلفتموهم ف�أعينوهم) رواه البخاري وم�سلم ويف رواية (ال تكلفوهم ما يغلبهم ،ف�إن كلفتموهم ما يغلبهم ف�أعينوهم) رواه البخاري. �أي ال تكلفوهم �أي عمل ت�صري قدرتهم فيه قا�صرة ومغلوبة، فيعجزوا عن القيام به لعظمه و�صعوبته ،ف�إن كان العمل فوق قدرة العامل �أو اخلادم فيجب �إعانتهم ب�آخرين� ،أو �أعينوهم على تعوي�ض ذلك ب�أجر �إ�ضايف ،فال يجوز لأرب��اب العمل ا�ستغالل العمال اال�ستغالل ال�سيئ. 3ـ ت�أمني احلياة الكرمية بجميع و�سائلها
5ـ حق الوفاء بالأجر لكل عمل اج��ر ،والأج ��ر على العمل واخل��دم��ة ح��ق �أوجبه الإ�سالم باملعروف ،واملبد�أ العام يف الإ�سالم �أن اجلزاء على قدر العمل ف ��إذا �أدى الأج�ير عمله ا�ستحق �أج��ره وافيا ف ��إذا ق�صر رب العمل يف ذلك فعلى الدولة �أن حتميه من العدوان عليه �أو االحجاف به ،الن هذا من وظيفتها ،وقد حث الر�سول الكرمي على �إعطاء الأجري �أجره فقال�( :أعطوا الأجري �أجره قبل �أن يجف ع��رق��ه) رواه اب��ن ماجه وق��ال(:ث�لاث��ة �أن��ا خ�صمهم يوم القيامة) وذكر منهم (ورجل ا�ست�أجر �أجريا فلم يوفه �أجره). ومن باب �آخ��ر ف��إن للعمل يف منظور اال�سالم فوائد كثرية بع�ضها دنيوي وبع�ضها �أخروي ،ومن ذلك: 1ـ العمل ي�صون ماء وجه العامل من ذل ال�س�ؤال. 2ـ العمل يهيئ املجتمع والفرد ال�صالح. 3ـ العمل يورث العفة ويحفظ كرامة العامل. 4ـ العمل طريق مو�صل �إلى حمبة اهلل ور�ضاه. 5ـ العمل �سبب �سعادة العامل يف الدارين. 6ـ العمل �سبب يف فوز العامل باجلنة والنجاة من النار.
ف��الإ� �س�ل�ام ي�ع�ط��ي ال �ع��ام��ل ح��ق ت ��أم�ي�ن ن�ف�ق��ات��ه مب��ا يكفي معي�شته من ت�أمني معا�ش وت�أمني �صحي وت�أمني تعليمي له ولأف��راد عائلته حتى يقوم بعمله بامان وا�ستقرار ويت�ضامن بذلك رب العمل والدولة وذلك ب�سن القوانني التي ت�ضمن له حق كفايته وحمايته �أ�سرته من املر�ض �أو ال�شيخوخة �أو الوفاة 7ـ الأخالق يف العمل تثمر خ�شية اهلل عز وجل.
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
59
مقاالت
ُمِ العال امل�سلم و �ضرورة املراجعة الفكرية كتب احدهم ممن ي�ستمع اليه �آلآف من ال�شباب يف كورد�ستان و ياخذون بر�أيه يف الفهم الديني و حجج ممار�سة العمل ال�سيا�سي كتابا قبل �أكرث من عقد و ن�صف ،و�ضع له عنوان ( بني االميان و الربملان)، فجعل االميان مبواجهة الربملان ،مبعنى اذا اردت االميان فعليك ان تتموقع خارج الربملان� ،أما اذا اخرتت التواجد حتت قبة الربملان فانك قد و�ضعت نف�سك يف مواجهة االميان ،ما يعني اخلروج من الدين وان مل يتم الت�صريح بذلك..
60
شيروان الشميراني
ح��دث و بعد م��رور �سنوات ع��دة ان دخ��ل ال�شخ�ص ب��ذات��ه و من معه الربملان وا�صبح بنف�سه ع�ضوا يف الربملان ،و علق �صوره و خا�ض احلمالت االنتخابية ،لكن مع التغيري العملي يف املمار�سة مل يحدث ان م��ار���س مراجعة فكرية مل��ا ك��ان يقول ب��ه قبل �سنني �سابقة ،رمبا كان يتكابر نوعا ما ،او يرى ب�أن الرتاجع عما قاله يقلل من مكانته وقدح يف �شخ�صيته العلمية ،او يعطي حجة ملن كانوا يف اجلهة املقابلة ي�ستدلون به على بطالن اقوال اخرى له.. ه��ذه لي�ست �صفة العامل امل�سلم ،فالرتاجع عن ال��ر�أي ملا يتبني فيما بعد انه احلق ،و�صية من و�صايا ال�شرعية ،فاحلق احلق كما قال لأب��ي مو�سى اال�شعري ،ف��اذا ق�ضيت ق�ضاء ثم تبني لك ان احل��ق يف املكان االخر المينعم �شيء عن العودة الى احلق...و هي �أمانة علمية، لأن الر�أي يوجه االخرين ،الإ�صرار على التوجيه اخلط�أ مع العلم به خيانة...
�إن ال�ت�غ�ير ال�ع�م�ل��ي امل�ج���س��د يف ال��واق��ع مب �ع��زل عن املراجعة الفكرية الن�صيةُ ،يقر�أ منه على انه من اكراهات ال��واق��ع و ��ض�غ��وط��ات��ه ،ول�ي����س ن��اب�ع��ا ع��ن ق�ن��اع��ات علمية مدرو�سة ،وبالتايل اليزرع الثقة عند الآخرين يف التعامل بل يبقى ال�شك مهيمناً على التوا�صل والتعامل ،وهذا ما يربك امل�شهد الفكري و ال�سيا�سي و الأمني حتى.. .
هو املرحوم طه جابر العلواين ،العلواين اكرث من نقد ذات��ه من بني اجلميع ،يف كتابه اجلديد ال��ذي طبع بعد وفاته ( من �أدب االختالف الى نبذ اخلالف) ينقد كتابه ( �أدب االختالف يف اال�سالم) يف �إثنتي ع�شرة نقطة ،يف النقطة الثالثة منها عند حديثه ع��ن (حت�ي��زه مل��ا ي��راه �صوابا و اتهما الر�أي االخر بالهوى و البدع) و االقت�صار على ابي ح�سن اال�شعري ممثال الهل ال�سنة ،يقول بجر�أة كافية (:وهذا مما اخجل منه والاحب ان ان�سب اليه او ين�سب �إيلّ)..ح��ام��دا اهلل تعالى على اطالة العمر حلني مراجعة ما كتبه و ت�صحيح مايرى انه �أخطاء قال بها...
لنا يف تاريخنا احل��دي��ث و ال�ق��دمي �أدل ��ة على ذل��ك، الإم��ام �أب��و ح�سن اال�شعري قد كتب الإبانة على مقاالت اال� �س�ل�ام �ي�ي�ن ،وال �ك �ث�ي�رون ي �ظ �ن��ون ع �ل��ى ان ��ه م��راج�ع��ة وتراجع علمي عن اق��وال له �سابقة..االمام الغزايل ،قد اجرى مراجعة منهجية يف طريقة الو�صول الى احلقيقة ال�ن�ق��د ،و امل��راج �ع��ة الت�صحيحية ل �ل��ذات او للفكر و ا�ستح�صال العلم من اال�ساليب املنطقية اجلافة الى املنهج الوجداين يف كتابه ( املنقذ من ال�ضالل) ،وين�ص امل��در��س��ي ،م��ن ��ض��روري��ات املرحلة ال��راه�ن��ة ،ف��االم��ة متر على انه قد �صرف الكثري من عمره يف هذا الطريق قبل مب��رح�ل��ة م��ن احل�ي�رة و اال� �ض �ط��راب ال�ف�ك��ري والعلمي، ان يجد احلق. . �أو�صل بالبع�ض الى التنظري للممار�سة الوح�شية و �أدارة وم��ن املحدثني ،ف��إن العلماء قد خا�ضوا يف م�سائل متوح�شة للأمور ،كتب ال�تراث فيه الكثري من الغث ،و مل تكن متوفرة يف القدمي ،ال�صراع الفكري يف القرنني �إذا كانت االم��ة جممعة على ان المع�صوم بعد الر�سول ال�سابقني و حت��دي��دا يف ال�ع�ق��ود اخلم�سة االخ�ي�رة ك��ان – عليه ال���ص�لاة و ال���س�لام ،-فال�ضري م��ن مراجعة �ساخنا وح� ��اداًّ ،وق��د طبقت م�ن��اه��ج نحقيقية ق��دمي��ة و علمية دقيقة لكثري مما الفتاوى التي تفرز واقعا �سيئاً حديثة يف الو�صول الى احلقيقة ،وغربلة االفكار الواردة و ال ان�سانياً الى حد كبري..البقاء يف �أ�سر الر�أي القدمي من االخ��ر ،لكن اخلط�أ ال��ذي وق��ع فيه البع�ض مل يكن ملجرد انه من اقوال العامل الفالين ،و يبقى ما ر�آه العامل مانعاً من املراجعة..و اكرث من نال اعجابي يف احلقيقة الفالين �سيفاً م�سلطاً ي�صيغ واقعاً متخلفاً جرمية..
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
61
( في سيكولوجيا الغلو)
ٌ “إجمال مقتضب” مقاالت
تنظر هذه الورقة يف الدواعي النف�س ّية ِللْغل ّو ،وترى �إلى �أثرها الفاعل يف تهيئة �أ�سباب العنف والإ�ضطراب ،مع �أخذها بعني الإعتبار للأ�سباب املاد ّية والإجتماعية الأخرى. و�أ ّول ما ينطلق منه النظر فيها �أن ال�شعور باهت�ضام الكرامة وبغياب الإعتبار والتقدير ،وب�أنه ث ّمة موانع من حتقيق الذات فردية �أو اجتماعية �أو ح�ضارية؛ كل ذل��ك ممهداتٌ للغل ّو� ،سوا ًء �أك��ان ذل��ك يف �إط��ار املجتمع الواحد (املح ّلي) �أم يف �إطار املجتمع الدويل والنظام العاملي.
62
وال تعدو الورقة �أن تكون مقاربة �أ ّول ّية تتناول ر�ؤو���س امل�سائل التي ال ي�ستقيم البحث املو�ضوعي دون مواجهتها ب�أق�صى درجة من املكا�شفة والو�ضوح ث ّم �إنّ الورقة تومئ �إلى �أهمية الدرا�سة النف�س ّية (ال�سيكولوجية) يف فهم ظاهرة الغل ّو وتبينُّ �أ�سبابها. �إل ��ى حجمه الطبيعي يف الأن�ف����س ال�ت��ي ت�ك��ون ق��د ا�ست�شعرت ه��د�أ ًة ،ور ْوح �اً ،وك��و َن تقدير واعتبار يباعدان بينها وبني الغلو وي�ستبقيانها ُجزءاً حميماً من الن�سيج الإجتماعي للأُ ّمة. ابراهيم العجلوني �إن التعبري عن ال��ذات داف� ٌع حيويّ ينبغي �أخ� ُذ ُه يف اعتبارنا لدى النظر يف �سيكولوجية الغل ّو ،وهو دافع �إذا ما ُق ِه َر ،ل�سببٍ ( يف �سيكولوجيا الغُلو) ُ القب�ض ،و َك َم َن يف الأعماق املظلمة للنف�س مبا �أو لآخر� ،أدرك��ه " مقاربة �أول ّية" هو ق ّو ٌة م�ؤهّلة للإنفجار لأدنى �إ�شارة �أو �أقرب فر�صة ممكنة. ال يذهب امل��رء يف �إع�ت�ق��اده مذهب امل�غ��االة �إال �إذا ُمنع من ف�س الفق َر َ و�ض ْن َك العي�ش و�أل��وا َن النكبات ولقد حتتمل ال ّن ُ �إب��دائ��ه .وتلك هي اخلال�صة من تاريخ كثري من الفنت التي وت�صاريف ال�ت�ق��ادي��ر ،ولك ّنها ال حتتمل �أن ُي�ح��ا َل بينها وبني م� ُّرده��ا �إل��ى َك� ْب��ت الإع�ت�ق��ادات�� ،س��وا ًء �أك��ان��ت �سليمة �أم �سقيمة ،التعبري عن ال��ذات ب�صفة كو ِنه َ بع�ض طرائق حتقيقها .وحني ري كثري من الفنت �صحيحة �أم باطلة -ويت�صل ذلك بحقيقة �أن لتحقيق الذات �أو ُي َ �سح ُب ه��ذا على اجلماعات ميكن به تف�س ُ الإعتبار �أث��راً غالباً يف اعتدال الأمزجة و�أن احل��ؤول دون ذلك والثورات وحركات التم ّرد ،ويكون لنا �أن ُنف�ض َي منه �إلى قاعدة �رب �سبيل �إل��ى الف�صاحة مت�أ ّد �إلى �ضيق العطن وانغالق العقول وتفاقم امل�شاعر امللتوية م� ّ�ط��ردة تقول �إن اعتقال الل�سان �أق � ُ وانب�ساط مدى التهاويل واخلرافات. لل�سنان ،و�إن حر ّية التعبري للأفراد واجلماعات هي الدّموية ّ َ ال�سل ْم املجتمعي الذي نريد.. �إ ّن مراعا َة حرية �إب��داء الآراء والإعتقادات لأول ن�شوئها �أو �أول �أ�سباب ّ ت�شكلها ،وقبو َلها يف دائ��رة احل��وار واجل��دل؛ كفي ٌل بالو�صول و�إذا ك��ان لنا �أن نبحث يف خري الو�سائل التي َت ْ�ض َم ُن قيام م��ع �أ�صحابها �إل��ى كلمة ��س��واء� ،أو �إل��ى ح��الِ م��ن التعا ُي�ش مع املناظرة مع �أ�صحاب الآراء وامل�ق��االت والإع�ت�ق��ادات على �أُ�س�س الوعي العام الذي ال ي�ضيق ذرعاً بهم ،وي�ضع خطابهم يف �إطار �سليمة ،ل��دى الإع�ت�راف بح ّقهم يف �إبدائها ،ف ��إ ّن بنا �أن نبحث "اختالف التن ّوع" ال " اخ�ت�لاف الت�ضاد" على ح � ّد ق��ول ابن يف كيفية تعليم املنطق ،ومناهج النظر ،و�أ�ساليب احل��وار ،ملا تيم ّية رحمه اهلل. لذلك ك ّله من �أثر ملمو�س يف دفع الغلو ،و�إعادة التوازن ،و�شيوع ٌ َ الطم�أنينة ،ث� ّم يف جعل الإخ �ت�لاف -ح�ين يكون ث� ّم�ة َ�س َعة يف �إن كثرياً من متهافت الآرا ِء �إذا ما �أع��وزه الإب��دا ُء ّ ت�ضخم العقول والقلوب – َم ْد َر َج ًة �إلى ق ّوة املجتمعات وتعا�ضد �أبنائها يف �أذه ��ان جم�ترح�ي��ه ،ولي�س كاملناظرة �سبي ٌل �إل��ى ال�ع��ودة به وانتظام �صفوفهم يف م�سرية الإ�صال ِح والتطوير..
و�إذا كان لعلم نف�س (�أو �سيكولوجيا الغلو) منحاه الداخلي �أو الإ��س�ت�ب�ط��اين ال ��ذي ُي �ن� َ�ظ � ُر ف�ي��ه �إل ��ى جمتمع جم�ت�م��ع� ،أو �إل��ى حال ٍة حال ٍة مما ميكن ا�ستقرا�ؤه يف ال��دائ��رة الثقافية �أو احل�ضار ّية الواحدة ،ف�إن له منحاه اخلارجي �أي�ضاً ،وهو الذي ُي ْن ُظ ُر يف طبيعة �سيطرة ح�ضارة على �أُخرى� ،أو م�ستع ِمر على ُم ْ�س َت ْع َمر (بفتح امليم الثانية) حيث ُيقهر �أب�ن��ا ُء ح���ض��ار ِة ما على �أن يزنوا �أنف�سهم وعقائدهم مبوازين قاهريهم ،وحيث ُيجربون ،بو�سائل �شتى ،على �أن تكون معطيات وعيهم م�صبوبة يف الأواين امل�ستطرقة التي ُت َع ّد لهم �إعداداً ي�ستبقيهم يف حالِ من امل�ضاهئة والتبع ّية. قد عكفوا طوي ًال وتباحثوا كثرياً حتى وقع اختيارهم على ّ بث �إن ر�ؤية الذات يف مر�آة الغالب �أ�ش ُّد وط�أة على املغلوب من لفظة “الإرهاب” ب�سبب قر�آنيتها ،ودون مراعاة معناها احل ّق، ي�صرب له من حيث هي ذات داللة على معنى اله ْيبة والردع النف�سي ال على وقع احل�سام امله ّند ،وهو �إن ي�صرب له بع�ض الوقت ال ْ كثرياً .ف�إذا ُ�ض ّم هذا ال�سبب من �أ�سباب الغل ّو �إلى �سا ِب ِق ِه ،كان لنا معنى امل�صطلح الإجنليزي الذي يقابل م�صطلح “احلرابة” يف منهما �إلى �أ�سباب �أُخرى �سنذكر بع�ضها -مدخل مو�ضوعي �إلى الفقه الإ�سالمي.. خا�صة يف العامل العربي الإ�سالمي. فهم ظاهرة الغلوّ ، لقد �أرادوا – يف امل�صطلح املفرو�ض يف و�سائل الإع�ل�ام – ول�ع� ّل م��ن مت��ام الإح��اط��ة مب��ا �سبق �أن نتوقف قلي ًال عند ربط ال ُعنف والقتل بالقر�آن الكرمي وبالإ�سالم ،فكان ذلك منهم مقولة ابن خلدون التي �أوردها يف مقدّمة تاريخه ،وهي مقولة لوناً من القهر املفهومي الذي يرتك يف �أنف�س امل�سلمني انطباعاً م�أخوذة – و�أكاد �أقول حرف ّياً – من كتاب "الفخري يف الآداب م ��ؤك ��داً ب�غ�ي��اب االن �� �ص��اف ل�ه��م ول��دي�ن�ه��م وحل���ض��ارت�ه��م وه��ذا ال�سلطانية" لإبن الطقطقا ،حيث �أُوحي �إلى وعينا املعا�صر �أن الإنطباع قاب ٌل لأن يرتجم �إل��ى �شعور بالإ�ستيئا�س من عدالة من �ش�أن امل�شرق العربي الإ�سالمي �أو الأُ ّم��ة امل�سلمة بعا ّمة �أن الغرب �أو من عدالة النظام العاملي اجلديد الذي يتو ّلى قيادته، أقرب �أن ينطوي امل�ستيئ�س على نف�سه ،و�أن يكون ُم�ستو َفزاً، تق ّلد الغرب الغالب يف ال�صغرية والكبرية و�أن ت�ضاهئ ُه يف جممل وما � َ �ش�ؤونه ،باعتبار ذلك ُ�س ّنة من �سنن الإجتماع �أو قانونا م�ؤكداً و�أن يرف�ض هذا القهر املفهومي جملة وتف�صي ًال.. تخ�ضع له ال��رق��اب دون ح��رج �أو م�ع� ّرة ،على حني �أن املق�صود و�إذ ن�ستذكر �أن املجاهد امل�ق��اوم للإحتالل ي�سمى يف هذا بذلك �أن َ النا�س على دين حكامها وملوكها يف طرائق العي�ش ،املُعجم املفرو�ض نا�شطاً �سيا�سياً .و�أ ّن للإ�سالمي معنى خمتلفاً تق ّلدها فيها يف الدائرة الثقافية الواحدة �أو "النظام التداويل" ع��ن امل�سلم ،و�أن للأُ�صولية معنى غ�ير م��ا نعهده يف تاريخنا الواحد على ح ّد تعبري الأ�ستاذ الدكتور طه عبدالرحمن. الثقايف ،ف ��إ ّن مما نخل�ص �إليه �أن الغرب ال يرينا �إال ما يرى، �أ ّم��ا خ��ارج ه��ذه ال��دائ��رة الثقافية ال��واح��دة ف ��إن م��ن �شـ�أن و�أ ّنه يحملنا ،ق�سراً واعتنافاً ،على حمو الذات وال�صفات ،وكم يف املقهور �أن ت�ستثار حفيظته �ضد القاهر ،و�أن يتم�سك مبا مي ّيزه ذلك من داعية للغلو فيما يتح ّقق املن�صفون.. عنه� ،إ ّال �أن يكون ملتوي الفطرة مطمو�س الوعي. �إن التفاوت يف م�ستويات العي�ش ،و�سد منافذ الرجاء يف جياة ويظ ّل لنا �أن نقول� :إن تظاهر �أ�سباب الغلو ،داخل ّية وخارج ّية �أقل ق�سوة ،وال�شعور العميق ب�إمتهان الكرامة جراء ذلك ،كل كفيل بقيام ح��ال م�ستوفزة قد تفج�أُ العامل بغرائب ّيتها ،و�إن اول�ئ��ك� ،إ�ضاف ًة ال��ى ما�سبق من دواع��ي الغلو ،بال ٌغ يف التوتر النف�سي يف ال�شعوب ،التي ت�شيع فيها طبائع اال�ستبداد؛ الى كانت يف �أ�صل ن�ش�أتها يف دائرة املتوقع واملعقول.. م��دى َق���صِ � ّ�ي .ف ��إذا زدن��ا على ذل��ك ق�صور امل�ؤ�س�سات الرتبوية ومنلك �أن ن�ضع املعجم الإع�لام��ي ال�سائد يف معظم دول والثقافية والإع�لام�ي��ة يف حت�صني ال��وع��ي ال �ع��ام ،ف ��إن جِ �م��ا َع العامل اليوم يف جملة �أ�سباب الغلو� ،إذ هو معجم �سيا�سي غري ما نخ ُل ُ�ص �إليه من ذلك ان ث ّم َة بيئه مه ّي�أة للغلو ،يف ُك ٍّل من مو�ضوعي تتحكم فيه الأغ��را���ض ،ف�ض ًال ع��ن كونه م�شتم ًال واقعها امل�شهود ،وما حتدّر �إليها من معطيات التاريخ القريب على �إيحاءات تو�شك �أن تكون خطابات �ضمنية ُيعترب اخلروج والبعيد على حد �سواء. . على دالالت�ه��ا هرطقة �أو �إحل ��اداً بيقينيات العوملة واحل��داث��ة و�إذا كنا نحن العرب وامل�سلمني ننظر يف طرائق مواجهة وم��ا �شئت م��ن جت� ّل�ي��ات الإ��س�ت�ع�م��ار امل�ت�ج�دّد .ول�ن���ض��رب مث ًال على ذل��ك ُم�صطلح " الإرهاب" ال��ذي ال تخلو ن�شرة �إخبار ّية الغلو و�أ�سبابه ،يف �ضوء فهم مقارب لهذه الأ�سباب ،ف�إن علينا �أو حتليل �سيا�سي منه؛ فهو ترجمة كيد ّية مق�صودة مل�صطلح ان النن�سى �أ ّن يف ال�ق��وى املرتب�صه ب�أمتنا م��ن ي�سعى ج��اه��داً ( )Terrorismeب��الإجن�ل�ي��زي��ة ،روع ��ي ف�ي��ه ت��وا ُف � ُق��ه يف �أ��ص��ل ال�ستبقائها ،ولدفعها ال��ى م��زي��د تفاقم وت�ع�ق�ي��د ،م�ف�ي��داً يف الإ�شتقاق مع لفظة “ترهبون” القر�آنية يف الآي��ة الكرمية “ ذل��ك من �ضعفنا ومتزقنا وتفرقنا �أي��دي َ�س َف ٍه وجهالة ،فان و�أعدّوا لهم ما ا�ستطعتم من ق ّوة ومن رباط اخليل ترهبون به يكن التنبّهُ ف�إلى �أ�سباب ما نحن فيه داخلية وخارجية ،و�إلى عد ّو اهلل وعد ّوكم و�آخرين من دونهم ال تعلمونهم اهلل يعلمهم” .ماينبغي �أن ن�ستقبل ِب ِه �أيامنا القادمات من احت�شاد قوى اخلري وال نعدم نفراً من امل�ست�شرقني وخ�براء الليربالية املتوح�شة ،و�إرادات اال�صالح .ومن �سلك ا َ جل َد َد � ِأم َن العثار. . ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
63
مقاالت
المسلمون في البانيا البانيا دولة جميلة من دول �شبه جزيرة البلقان ،تقع يف اجلنوب ال�شرقي من �أوروب��ا ،وتطل على البحر الأدرياتيكي ،و�ألبانيا تعني �أر�ض الن�سور� ،أو �أبناء الن�سور ،وهي بلد متعدد الأديان ،ولكن الغالبية العظمى من �سكانها هم امل�سلمون بينما الأل�ب��ان كعرق ب�شري فهم متواجدون يف كل منطقة البلقان. ويرجع تاريخ البانيا �إلى �ألف �سنة قبل امليالد حيث حكمها اليونان ال�سالف والبلغار ،ومع نهاية القرن الرابع ع�شر ثم البيزنطيون ثم ُّ امل �ي�لادي ب��د�أ الفتح العثماين لأل�ب��ان�ي��ا ،وم��ع ان�ه�ي��ار دول��ة اخلالفة انف�صلت البانيا عن الدولة العثمانية ومت الإع�تراف بها دولياً بعد احلرب العاملية الأولى.
64
الدكتور جمال السفرتي
�أم��ا ع��ن و��ص��ول الإ� �س�لام �إليها فالغالب �أن��ه و�صلها قبل الفتح العثماين عن طريق بع�ض التجار �أو الفاحتني العرب الذين قدموا من الأندل�س �إلى �صقلية ثم الى �سواحل �ألبانيا ،وما زال العديد من امل�سميات العربية موجودة هناك. وعا�شت البانيا حتت ظالل احلكم العثماين �أكرث من خم�سمائة �سنة وك��ان��وا يلقبون (الأرن � ��ا�ؤوط) ث��م ك��ان الإ��س�ت�ق�لال ع��ن ال��دول��ة العثمانية يف 1912/11/28م ،ومت الإع�تراف ر�سمياً بها بعد احلرب العاملية الأولى.
و ق��د ت�ق�ل��د الأل� �ب ��ان وظ��ائ��ف م�ه�م��ة �أث� �ن ��اء احل�ق�ب��ة العثمانية واعتمدت عليها الدولة داخل البانيا وخارجها. .ومن ذلك ما كان من حكم حممد علي با�شا على م�صر.
للبالد ،وبعد ذلك �سارعت العديد من اجلمعيات اخلريية وال��دع��وي��ة العربية لنجدة �أخ��وان�ه��م يف �ألبانيا وو�صلت تباعاً �إلى هناك ،و�ساهمت يف �إع��داد الكوادر الإ�سالمية، وفتحت امل�ساجد م��ع بع�ض الأخ ��وة م��ن تركيا ،وفتحوا ع�شرات املدار�س فعاد الإ�سالم وازدهر ،ومت �إر�سال بع�ض الطلبة �إل��ى ع��دد من ال��دول العربية ليتعلموا فيها ثم يعودوا خلدمة بلدهم ،ولكن ونتيجة للحرب التي داهمت منطقة البلقان فيما بعد ،غادرت معظم هذه اجلمعيات والهيئات العربية ورجعت �إلى بلدانها بعد منعها من �أداء ر�سالتها.
وعمل على طم�س الهوية الإ�سالمية لل�شعب متاماً من خالل نظام ا�ستاليني ف��والذي ،جعل من البانيا الدولة الوحيدة يف العامل ال��ذي ين�ص د�ستورها على الإحل��اد، ومل يب َق من امل�ساجد �إال ما له قيمة �أثرية �سياحية فقط، وكان عدد امل�ساجد هناك ي�صل �إلى 1660م�سجداً تقريباً هدم معظمها.
ل��ذل��ك ال �ي��وم تبتهج ال�ق�ل��وب ب��ر�ؤي��ة م�ئ��ات امل�ساجد اجل��دي��دة وم �ظ��اه��ر ال �ت��دي��ن ال ��ذي ب ��د�أ ي�ظ�ه��ر ح�ت��ى يف ال�شوارع والأم��اك��ن العامة ،و�شهدت العا�صمة الألبانية ت�ي�ران��ا �أك�ب�ر � �ص�لاة ل�ل�ع�ي��د يف امل�ن�ط�ق��ة وذل ��ك برتتيب وتنظيم من امل�شيخة الإ�سالمية التي ت�تر�أ���س وت�شرف على ال�ش�أن الديني هناك.
وبعد عقد من الزمن تقريبا من ا�ستقالل �ألبانيا عن احلكم العثماين ،ا�ستلم احلكم امللك �أحمد زوغ��و الذي اعتمد على مو�سيلينا بالكامل تقريباً ،ويف عام 1939م غزا الإيطاليون البالد و�أ�صبحت حممية �إيطالية.
ثم ت�أ�س�س احل��زب ال�شيوعي الأل�ب��اين و�أ�صبح "�أنور خوجا" �سكرترياً للحزب ،ثم �أ�صبح رئي�ساً عاماً للبالد ملدة تزيد على �أربعة عقود – ،1985 -1943وهكذا وقعت ول�ك��ن ول�ل�أ��س��ف وب�ع��د منع ه��ذه املنظمات والهيئات �ألبانيا فري�سة لنظام �شمويل ق ّيد حريتها وحرم املواطنني ال�ع��رب�ي��ة ن�شطت الإر� �س��ال �ي��ات التب�شريية ال�ق��ادم��ة من حقوقهم. �إيطاليا واليونان مللء هذا الفراغ. وب ��ذل ��ك ب �� �س��ط ال �� �ش �ي��وع �ي��ون ب��زع��ام��ة �أن � ��ور خ��وج��ا وق��د ح ��اول الأل �ب��ان م� ��راراً وت �ك��راراً ال�سعي ل��دخ��ول �سيطرتهم على البالد متاماً وحارب كل �إجتا ٍه وكل �سلط ٍة الإحتاد الأوروب��ي ومازالوا يحاولون ،ولكن دون جدوى، معار�ضة لأفكاره مبا يف ذلك الدين. فما زال الرف�ض وو�ضع العراقيل هما �سيدا املوقف. و�سعى يف كل بط�ش وقوة �إلى اعتقال العلماء والأئمة ويف الوقت الراهن ف�إن ال�شعب الألباين يعي�ش حتت وكل من يعمل يف �ش�أن الدين ،وهدم امل�ساجد و�شنّ حملة �سلطة ال�ق��ان��ون ال��ذي منح النا�س حرية اختيار دينهم �إن�ه��اء وحم��و وت��دم�ير للإ�سالم ب��د�أه��ا بتدمري امل�ساجد وممار�سة �شعائرهم كما يريدون بعيداً عن التع�صب ونبذ وحتويل بع�ضها �إلى ا�سطبالت ومكتبات ومتاحف ومقا ٍه .الآخر.
وبعد ما يزيد على الأربعني عاماً من حكم �أنور خوجا الألبان �شعب ودود كرمي طيب ،مل يكن فقط م�ستقب ً ال فقد ترك �ألبانبا وهي �أفقر بلد يف �أوروبا ،وللأ�سف ما زالت للثقافة الإ�سالمية بل كان وما زال منتجاً لها. كذلك ،ويف عام 1990وبعد وفاته بخم�س �سنوات تقريباً �شعب عا�ش املحنة و�آالمها قرابة اخلم�سني �سنة ولكن خ��رج��ت م�ظ��اه��رات عظيمة و�أج�ب�رت احل��زب ال�شيوعي على قبول �أول حزب دميقراطي معار�ض عام 1992م ،ومت هذه املحنة مع �شدتها و�آالمها وق�سوتها مل ت�ستطع �أن تن�صيب الرئي�س �صالح بري�شا ك ��أول رئي�س دميقراطي تخرج الإميان من قلوب هذا ال�شعب امل�ؤمن الطيب. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
65
مقاالت
رؤية في
حقوق اإلنسان من امل�ع��روف �أن مو�ضوع حقوق الإن�سان مو�ضوع ق��دمي ،ولي�س �صحيح ما يروج له البع�ض ب�أن املو�ضوع هو وليد الثورة ال�صناعية الفرن�سية فاملو�ضوع م��وج��ود جنباً �إل��ى جنب م��ع �أول جتمع ب�شري ابتداء ب�أ�سرة �سيدنا �آدم عليه ال�سالم فقد بد�أت ق�صة حقوق الإن�سان منذ وجود هذه الأ�سرة ممثلة ب�آدم وحواء وولديهما هابيل وقابيل وبد�أت ب�أ�سا�سيات احلقوق مثل ال�سكن والرحمة واملودة والتعاون والعمل الذي برزت ب�سببه ق�صة احل�سد والغرية التي نتج عنها حدوث �أول جرمية قتل و�أول انتهاك حلقوق الإن�سان.
66
المحامي محمود الداودية
وت �ط��ورت ف�ك��رة ح�ق��وق الإن �� �س��ان م��ع ت�ط��ور التجمعات الب�شرية واحل�ضارات املتعاقبة ،وعلى �سبيل املثال كانت حقوق الإن�سان �إبان احل���ض��ارت�ين ال�ي��ون��ان�ي��ة وال��روم��ان�ي��ة منتهكة ،ح�ت��ى ح��ري��ة املعتقد كانت معدومة ولذلك عندما دخلت �أوروب��ا يف الديانة امل�سيحية يف ظ��ل ان�ع��دام ح�ق��وق الإن���س��ان ك��ان��ت النتيجة احلتمية وج��ود حماكم التفتي�ش ،ومل تكن احل�ضارة امل�صرية ب�أف�ضل �أو �أح�سن ح��ال من احل�ضارتني اليونانية والرومانية حيث كانت حقوق الإن�سان مهدورة وكان هنالك تع�سف رهيب على الإن�سان امل�صري فهو مهدور احلياة وتفكريه م�صادر ومعتقده م�صادر ومنتهك وكذلك كان احلال �إبان حكم الفراعنة والهك�سو�س ويكفي للتدليل على ذلك �أن املجتمع كان مق�سم �إلى �أق�سام :
– 1امللأ املدللون – 2الفقراء والزراع – 3الرقيق
.2منح الإ�سالم الإن�سان حقوقه باعتبار �إن�سانيته يف كل طور من �أطوار حياته ال بل �أبعد من ذلك ،فمجرد ت�ف�ك�ير الإن �� �س��ان ب�ت�ك��وي��ن �أ� �س��رة ب ��ال ��زواج ال�شرعي احل�ل�ال وج �ه��ه الإ� �س�ل�ام وط �ل��ب م�ن��ه �أن ي�ت��أن��ى يف اختبار ال�شريك ال�شرعي.
وق��د �صورت �سورة يو�سف ح��ال املجتمع امل�صري من حيث الرق والفقرواحلب�س ومعاملة ال�شعب بق�سوة ومن فقد وجه �سيدنا حممد �صلى اهلل عليه و�سلم امل�سلم �إذا فكر يف ال ��زواج ب���ض��رورة اختيار ال�شريك الأح�سن ذلك زج �سيدنا يو�سف عليه ال�سالم يف ال�سجن دون ذنب فقال عليه ال�صالة وال�سالم“ :تخريوا لنطفكم ف�إن وهو بريء. العرق د�سا�س”. �أم��ا حالة ال�ع��رب قبل الإ��س�لام فلي�ست بخافية على احد فمظاهر احلياة كلها تدل بو�ضوح على تردي حقوق وهذه �أرقى �صور احرتام الإن�سان ودليل على عمق نظرة الإ�سالم للإن�سان وحتى لأن�سان امل�ستقبل احرتامه الإن���س��ان حيث ك��ان �سائداً ال��رق والعبودية وو�أد البنات الإ�سالم وعني به قبل �أن يوجد ،وي�ستمر الإ�سالم وع �ب��ادة الأ� �ص �ن��ام وق�ط��ع الأرح � ��ام و�أك ��ل امل�ي�ت��ة وان �ع��دام ب ��اح�ت�رام ح ��ق الإن� ��� �س ��ان يف م��رح �ل��ة م ��ا ب �ع��د ذل��ك ال �ق��ان��ون ،ورغ ��م وج ��ود ��س�ل��وك�ي��ات وع� ��ادات اي�ج��اب�ي��ة يف ف��اح�ترم��ه و�أم ��ه ح��ام��ل ب��ه بالتوجيهات والأن�ظ�م��ة املجتمع العربي قبل الإ�سالم �إال �أنها يف املح�صلة ال ت�صب املعروفة والتي ال يت�سع املقام للخو�ض يف تفا�صيلها يف م�صلحة حقوق الإن�سان باملعنى املق�صود الذي ر�سخه وكذلك عند والدته و�إثناء حياته وحتى موته ال بل الإ�سالم فميا بعد ،وملا �سطعت �شم�س الإ�سالم هذا الدين وبعد املوت. اخل ��امت ل�ل��دي��ان��ات وال ��ذي ج��اء للب�شرية ك��اف��ة ومل��ا ك��ان الت�شريع الإ�سالمي م�صدر رباين فمن البديهي �أن تكون .3ح�ق��وق الإن���س��ان يف الإ� �س�لام مت�ت��از بال�شمولية فقد حقوق الإن�سان فيه م�صانة وحمرتمة ومكفولة. �أع �ط��ى الإ� �س�ل�ام ل�ل�إن���س��ان ح�ق��وق��ه يف ك��ل امل�ج��االت دون ا�ستثناء فكفل له حقوقه ال�سيا�سية والفكرية واحلديث عن حقوق الإن�سان يف الإ��س�لام هو لإب��راز واالقت�صادية والثقافية واح�ترام معتقده ،واملجال وبيان ه��ذه احلقوق ولي�س ملجاملة �أو جم��اراة ال�شرائع ال يت�سع للتف�صيل. الو�ضعية احلديثة ولذلك ال بد من الإ�شارة �إلى ميزات حقوق الإن�سان يف الإ�سالم و�أهمها -: .4ان�ت�ه��اك ح�ق��وق الإن �� �س��ان يف الإ� �س�ل�ام ج��رمي��ة عليها عقوبة. � .1إن �إق ��رار ح�ق��وق الإن���س��ان يف الإ� �س�لام ج��اء بت�شريع رب��اين م��ن �صنع اهلل ال��ذي خلق الإن���س��ان وال ي�أتيه .5ميتاز الت�شريع الإ�سالمي يف جم��ال حقوق الإن�سان الباطل من بني يديه وال من خلفه ،وال�صانع �أدرى باالعتدال والتوازن والو�سطية. ب�صنعته فو�ضع لها هذا الت�شريع وامل�ستمدة ن�صو�صه م��ن ال�ق��ر�آن ال�ك��رمي وال�سنة النبوية ال�شريفة و�أن .6معايري حقوق الإن�سان يف الإ�سالم ثابتة ال تتغري وال تتبدل كونها م�ستمدة من ت�شريع رب��اين ثابت وال �إق��رار ه��ذه احلقوق مل ي ��أت نتيجة الحتجاجات �أو تخ�ضع للهوى املزاج. اعت�صامات �أو �إ�ضرابات �أو مظاهرات ،وهذا بعك�س الإع�ل�ان ��ات وال �ق��وان�ين ال��و��ض�ع�ي��ة امل�ن�ظ�م��ة حلقوق �إن الكالم عن حقوق الإن�سان يحتاج �إلى وقت طويل الإن���س��ان يف الع�صور احلديثة فمث ً ال الإع�ل�ان عن حقوق الإن�سان يف امريكا ج��اء بعد ث��ورة ع��ام 1770وجهد كبري كون املو�ضوع نف�سه عظيم وتغطيته حتتاج وكذلك الإع�لان عن حقوق الإن�سان يف فرن�سا جاء �إلى جملدات ملن �أراد �أن يخو�ض فيه وي�سرب �أغواره ،ولكن بعد ث��ورة ع��ام 1789وك��ذل��ك ميثاق الأم��م اخلا�ص خال�صة القول �أن الدار�س جلميع الت�شريعات والقوانني بحقوق الإن�سان جاء بعد احلرب العاملية الثانية عام الناظمة حلقوق الإن�سان وكفلها واهتم بها هو الت�شريع 1945جراء ما تعر�ض له الإن�سان من ويالت واملقام الإ�سالمي الذي ارت�ضاه اهلل عز وجل للب�شرية كافة لأن فيه �سعادتهم و�صالح �أمرهم يف الدنيا والآخرة. ال يت�سع للتف�صيل. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
67
الإجتهاد يف البلدان الإ�سالمية وق�ضية متكني املر�أة امل�سلمة يف الغرب �أمام نوازل وحتديات معا�صرة:
68
يف م�ي��دان العلم والأدب وع��ادت اجلاهلية الأول��ى تن�شر م�آثرها ونزعاتها ،وي�ضيف يف مكان �آخ��ر" :املر�أة عندنا لي�س لها دور ثقايف وال �سيا�سي ،وال دخ��ل لها يف برامج الرتبية وال نظم املجتمع وال مكان لها يف �صحون امل�ساجد وال ميادين اجلهاد ،ذكر ا�سمها عيب ور�ؤية وجهها حرام و�صوتها عورة وظيفتها الأول��ى والأخ�يرة �إع��داد الطعام وال �ف��را���ش . .واحل ��ق �أن ق���ض��اي��ا امل� ��ر�أة تكتنفها �أزم ��ات عقلية وخلقية واجتماعية واقت�صادية والأمر يحتاج �إلى مراجعة ذكية �إلى ن�صو�ص وردت وفتاوى تورثت وعادات �سيئة ت�ترك طابعها يف �أع�م��ال النا�س ،ال بد من درا�سة متـ�أنية ملا ن�شكو منه ودرا�سة تفرق بني الوحي وما اند�س فيه ،وب�ين م��ا يجب حم��وه �أو �إثباته م��ن �أح ��وال الأم��ة، لر�ؤية واقع متكينها حا�ضراً وم�ستقب ً ال �سواء يف الداخل الإ�سالمي �أو اخلارج الغربي حيث تواجه عقبات كثرية، وقوانني متنعها من حقها املواطناتي بدعوى اللإندماج. واملر�أة امل�سلمة يف وقتنا املعا�صر تواجه نوازل جديدة يف �إدارة �ش�ؤون حياتها ،بحث تغريت الأع��راف وباتت امل��ر�أة التي كانت ال تغادر بيت زوجيتها ،بفعل حاجتها لإعالة �أب �ن��اءه��ا م��ن ق�ه��ر اجل ��وع وال�ف�ق��ر واحل� ��روب والتهجري الق�سري ملزمة بفقه موازنات يحتم عليها الإجابة عن �أ�سئلة تواجهها ،ال جتد لها ح�ل��و ًال� ،إال فيما ميكننا �أن نقدمه لها ولأبنائها حت�صيناً للجيل املقبل وحماية له م��ن الإن� ��زالق نحو م�غ��ري��ات ال�ت��وج�ه��ات ال�لادي�ن�ي��ة �أم��ام �أمتناعنا عن الإجابة والإجتهاد لتقدمي احللول.
من الوا�ضح �أن الإجتهاد يف البلدان الإ�سالمية يختلف ح��ول البيئات املنتجة ل��ه اخ�ت�لاف�اً وا��ض�ح�اً ب�ين امل�شرق وامل �غ��رب ،ف��الإج�ت�ه��اد يف دول ��ش��رق �آ�سيا وال �غ��رب� ،سابق على �إج�ت�ه��اد البيئة املثقلة ب��الإع��راف التي حتولت مع مر الزمن �إلى �شبه عقائد �صحيحة يف عقليات حامليها، ي�صعب ت�صحيحها �أو حتى مناق�شتها� ،إذ حتولت �إلى �شبه ثابت مطلق ،عمر بن العزيز كان يقول " :يجد النا�س من الأحكام بقدر ما يجد لهم من الأق�ضية" ،فالإجتهاد يف الغرب يفر�ض نف�سه ب�شدة مبا يطرحه من ق�ضايا عالقة انتجتها وقائع العلم احلديث والإبتكارات العلمية التي �أدت �إل��ى ظهور ن��وازل فقهية جديدة حتتاج �إل��ى اجتهاد من قبل علماء الإ��س�لام� ،سواء يف الطلب وعلم الإحياء وحفظ اخل�صوبة يف جمادات املختربات ،واملوت الرحيم، والتربع بالإع�ضاء والإجها�ض والت�أكد من حم�ض ن�سب ابن الزنى وعلة العدة ت�سقط عن احلامل بو�ضع حملها، مع �إمكانية الت�أكد من احلمل جمهرياً بالن�سبة للمعتدة، وال �ع�ل�اج ب��اخل�لاي��ا اجل��دع �ي��ة ،ول�ب��ا���س امل� ��ر�أة يف ال�غ��رب ت�سا�ؤالت يقدمها م�سلمات الغرب اليوم ب�شدة ،تبحث عن موقف الدين وتدفع بالفقهاء �إلى فتح باب الإجتهاد على م�صراعيه على مدار الوقت ،فعلى �سبيل املثال ،من بني املوا�ضيع التي �أثارت الكثري من اجلدل والنقا�ش ق�ضية التربع بالإع�ضاء الب�شرية والعالج باخلاليا اجلذعية، هذا الكالم يفنده الإمام الغزايل مبطالبته �إلى نه�ضة واملوت الرحيم والإجها�ض وزواج املثليني� ... .إلخ ،فهذه النقا�شات دارت يف الأو�ساط الأوروبية قبل �أن ت�صل �إلى ن�سائية ر�شيدة لتجاوز تلك الذهنيات املتحجرة بقوله: ال�ساحة الإ��س�لام�ي��ة ،لأن الإج�ت�ه��اد كما قلت يف ال��دول �أمتنا بحاجة �إل��ى نه�ضة ن�سائية ر�شيدة ،مل؟ لأن هناك بع�ض املتدينني ال يعقلون ق�ضايا املر�أة� ،أو ينظرون فيها الغربية �سابق للإجتهاد يف دول امل�شرق العربي. بحماقة وقلة فقه ولو وكل الأمر �إليهم حلب�سوا الن�ساء الإمام الغزايل من �أكرث امل�صلحني املعا�صرين تعبرياً يف البيوت فال عبادة لهم وال علم وال عقل وال فكر وال ع��ن ر�ؤي �ت��ه ال�ن�ق��دي��ة ال �ت��ي ات���ص�ف��ت ب ��اجل ��ر�أة وال�ت�ن��وي��ر ن�شاط وال �شيء ،هذا النوع من املتدينني اجلهلة ينبغي وال��و� �ض��وح بال�شكل ال ��ذي �أل �ب��ت عليه بع�ض الأو� �س��اط �أن يحرم با�سم اهلل. الدينية املتعار�ضة لنهجه الإ�صالحي ور�ؤيته التنويرية، ال �شك �أن هذه جر�أة نادرة وغري معهودة يف هذا الع�صر كما �أو�ضح ذلك بنف�سه يف كالم له يقول فيه :لقد �أده�شني �أن نقر�أ من املتدينني يتناولونني ب�أق�سى مما يتناولني به بالذات ،حيث ي�صعب على الكثريين ومن الو�سط الديني بوجه خا�ص الإ�شهار مبثل هذا الكالم وهذا الو�ضوح يف ال�صهاينه وال�صليبيون. النقد ،وقيمته �أنه جاء من ال�شيخ“ :الغزايل” الذي ال وعن مقاربته لهذا املوقف يقول" هناك حرا�س للخط�أ �أحد ي�شك يف غريته على دينه و�أمته. ي��رت�ف��ع عويلهم �إل ��ى ع�ن��ان ال���س�م��اء ،ع�ن��دم��ا ينتقد ه��ذا لبا�س املر�أة امل�سلمة يف الغرب وق�ضية التمكني: اخلط�أ ،وقد كنت �أول �أمري قليل الإكرتاث بهذا العويل بيد �إين وجدته يتحول على مر الأي��ام �إل��ى �ضغينة على احلديث عن ق�ضية وقوف اللبا�س عائقاً دون متكني امل�صلحني وا�ستباحة لأعرا�ضهم ال ميكن ال�سكوت عليها ،املر�أة يف البالد الإ�سالمية جتوز لأن املر�أة امل�سلمة اتبثت و�سوف لأن الدين نف�سه �سوف ُي�ضر من ه��ذا ال�سكوت، م��ع اح�ترام�ه��ا للبا�سها ال���ش��رع��ي ق��درت�ه��ا ع�ل��ى العطاء تتحول حقائقه �إلى �أباطيل. العلمي واملعريف وال�سيا�سي والإقت�صادي ب�إجماع احلركات �أم ��ا ن �ق��ده ل��واق��ع ح ��ال امل � ��ر�أة يف جم�ت�م�ع��ات�ن��ا ،يقول التغريبية التي كانت حت��اول �إي�ج��اد علل حداثية ،ترى ال �غ��زايل " :م��ع ا�ضمحالل الفكر ال��دي�ن��ي يف الأع���ص��ار فيها ح�ج��اب امل ��ر�أة ع��ائ�ق�اً مينعها ع��ن مم��ار��س��ة حياتها ال العملية والإجتماعية والتنموية داخل بلدانها الإ�سالمية، املت�أخرة هبط امل�ستوى الإن�ساين للمر�أة هبوطاً خمج ً والإ��ش�ك��ال ال��ذي ي��واج��ه امل ��ر�أة امل�سلمة ال�ي��وم م��ن ناحية
وقوف لبا�سها حاجزاً �أمام متكينها من التنمية هو �إ�شكال احل�ضور الن�سائي يف الغرب وخارج الدائرة الإ�سالمية� ،إذ حتتكم هذه الدول لقوانينها التي تراها منا�سبة لها وفق منظومتها الدينية والفل�سفية والإجتماعية ي�صعب على الأقلية امل�سلمة مواجهتها� ،إال مبا كان �شجباً �أو تنديداً مبظاهرات �أو خ��رج��ات �إع�لام�ي��ة ،لكن يف النهاية يبقى الأمر حمتكماً لقانون كل دولة على حدى ،فبينما رف�ضت فرن�سا وتبعتها بلجيكا وبع�ض دول �أوروب��ا تعليم البنات يف املدار�س احلكومية باحلجاب مع �سداد باب العمل على كل حمجبة ،بقي الأمر مفتوحاً يف بريطانيا و�أمريكا� ،إذ ت�شارك املر�أة امل�سلمة بحجابها ونقابها يف التعليم والتعلم وحت���ص�ي��ل ال��وظ��ائ��ف الإداري� � ��ة والإج �ت �م��اع �ي��ة م��ن دون ت�ضييق �أو �إق�صاء. ن�ح��ن ال �ي��وم �أم ��ام حت��د ي��واج��ه امل�لاي�ين م��ن الن�ساء امل���س�ل�م��ات يف �أوط��ان �ه��ن اجل ��دي ��دة ،وي�ن�ت�ق����ص م��ن حق م��واط�ن�ت�ه��ن ب�ع��د م��ا �أ��ص�ب�ح��ن ب�ع��د اجل �ي��ل ث��ال��ث وراب ��ع مواطنات لتلك البلدان ول�سن مقيمات! ال�س�ؤال املطروح علينا هو حل هذا الإ�شكال ،وامل�ساهمة يف تر�شيد فقه الأقليات امل�سلمة نحو ر�ؤى �إ�سرتاتيجيات عمل تو�ضح لهم خطط وم�ن��اه��ج الإن �خ��راط ال�صحيح يف جميع جم��االت احلياة ،لن نفر�ض �شروطاً على دول هي �أدرى مب�صاحلها الإ�سرتاتيجية ،ولن نقحم �أقلياتنا الإ� �س�لام �ي��ة يف ث�ن��اي��ة ال�ع�ن��ف يف امل��واج �ه��ة �أو اخل���ض��وع بالإ�ست�سالم الالممنهج واملزيد من الإنعزال داخل دائرة امل�ظ�ل��وم�ي��ة الإج�ت�م��اع�ي��ة دون رف��ع ال �ت �ح��دي ،خ��ا��ص��ة يف جماالت الت�أثري الإجتماعي الذي من خالله ت�سن وتغري القوانني تلك املجتمعات تباعاً ،ف�أين متوقع املر�أة امل�سلمة والأقلية امل�سلمة عموماً داخل هذه الدائرة؟ �إن ظ��اه��رة الهجرة والعوملة ورف��ع ح��دود اجلغرافيا وت�ق���ص�ير امل �� �س��اف��ات وال �ت �ح �ك��م يف ال��وق��ت وغ�ي�ره��ا من الظواهر التي �أ�صبحت تعرفها املجتمعات الب�شرية اليوم، ال ي�سمح فيها الكالم عن اللبا�س ،لبا�س امل��ر�أة امل�سلمة وعرقلة �سبل التمكني يف �أي �أر�ض �أو جهة ،لأن الب�شرية اليوم �أ�صبحت تعي�ش حا ًال من التالقح الثقايف والتعدد الديني خ�صو�صاً يف ب�لاد الغرب ،التي ت�ستقبل كل يوم �إن مل نقل كل �ساعة وفوداً جديدة من الوافدين اجلدد، لغر�ض العمل �أو من الالجئني ق�صد الإ�ستيطان.
احلوارات الإجتماعية لأجل حتديد مفهوم اخل�صو�صية و�إ�شكاالت الهوية وما يتعلق بها من �ألب�سة و�شعائر تعبدية وغريها ،هو الذي جعل املر�أة تعاين من التهمي�ش وعدم القدرة على �إبداء موقفها يف تلك املحافل التي منها ت�سن القوانني ا�ستناداً �إلى قناعاتها الثقافية والدينية ،وهذا ما يزيد من حجم الت�ضييق عليها ،فالإمتناع �إلى اجللو�س �إل��ى مائدة احل��وار خوفاً عليها من الإن��دم��اج وال��ذوب��ان، هو الذي ولد حالة النفور املزدوج من كال الطرفني مما �أدى �إل��ى رد فعل م�ضاد غذته و�سائل الإع�ل�ام احلاقدة على الإ��س�لام ليغلف ال��ر�ؤي��ة املو�ضوعية عند الفاعلني الإجتماعيني والرتبويني الغربيني لر�ؤية �سيا�سية تخدم م�صالح حزب واجتاه معني يحمل امل�سلم عموماً م�س�ؤولية الإرهاب ،واملر�أة خا�صة م�ؤثرات هذه امل�س�ؤولية �إجتماعياً مبنعها م��ن ممار�سة حقها املواطناتي يف اختيار لبا�س هويتها كما هو احلال لدى الأقليات الهندية وال�سيخية واليهودية. �إن العبء على املر�أة امل�سلمة يف الغرب ثقيل� ،إن هي ظلت يف من�أى عن املنتديات الرتبوية والإجتماعية والعلمية والفكرية ،وم�ؤ�س�سات املجتمع املدين لت�صحيح ما يجب ت�صحيحه وتقومي ما يجب تقوميه خ�صو�صاً حني توجه لها ال��دع��وات للتح�سي�س بق�ضيتها والإدالء ب�شهادتها والدفاع عن حق هويتها �ضمن التعددية املواطناتية تتاح لها فر�صة التعبري عن حقها فتقابله بالرف�ض واملقاطعة وعدم الإ�ستجابة ،مما يجعل امل�س�ؤولني يفهمونه ب�شكل من �أ�شكال القطيعة والتع�صب وانعزال عن امل�شاركة يف احلياة العامة وات�خ��اذ ال�ق��رار ،وبالتايل ت�أخذ ال�ق��رارات يف غ�ي��اب ت��ام ع��ن ح�ضور املرجعية الدينية الإ�سالمية املمثل باملر�أة �صاحبة الق�ضية وال يخرج �صوتها للعلن �إال باملظاهرات بعد القرار ،ال يجوز مطلقاً �أن نحكم على �أن الغرب كله واحد ،و�أن له دوماً �أعداء �ضد الإ�سالم ،فكما لنا فيه �أعداء لنا فيه �أ�صدقاء يدافعون عن حقنا،هناك حمقى التع�صب وهناك عقالء احلكمة يحتاجون �إلى مد ج�سور معهم لتفعيل وتقا�سم الأفكار ،ففيهم خمت�صني مو�ضوعيني ي��در��س��ون ال�ظ��اه��رة – ظ��اه��رة لبا�س امل��ر�أة امل�سلمة -بطريقة مو�ضوعية ،ويعطون من الأدلة العقلية والإجتماعية �ضمن حقوق املواطنة الكاملة ،واح�ترام الوطن �ضمن التعددية الهوياتية ما ال يقدمه امل�سلمون �أنف�سهم لو �شاركوا وح�ضروا. �إن العمل اجلمعوي داخ��ل ال��دوائ��ر الغربية بالعطاء املتوا�صل يد بيد مع املر�أة الغربية ،هو الذي ميكن للمر�أة امل�سلمة يف الغرب �أكرث مما ميكن لها لبا�سها� ،إذ ت�ستطيع من خالله �أن تربهن على قدرة التميز واحل�ضور والعطاء الإج�ت�م��اع��ي والإن �ت��اج الفكري والتعاي�ش م��ع املواطنني ب�صفتها كمواطنة ولي�ست مقيمة �أو جالية هو من يوفر لها التمكني دون �أن يكون لبا�سها حاجزاً ومانعاً لها من الإنفتاح على احل�ضارة الإن�سانية والتفاعل معها.
�إن لبا�س املر�أة امل�سلمة لي�س يف حد ذاته هو املانع من التمكني يف الغرب بقدر ما �أن املانع واملعرقلة لذلك هو تلك العقليات امل�سلمة التي ال زال��ت تخلط فهم الدين بالأعراف والتقاليد ،ف�أ�ساءت �إليه �أكرث مما �أ�ساءت للمر�أة امل�سلمة يف حد ذاتها ،وبالتايل فعزوف امل��ر�أة امل�سلمة عن اجللو�س �إل��ى ط��اول��ة احل ��وارات وال�ل�ق��اءات التي تناق�ش �إن غفلة امل�سلمني وعدم تر�شيد �أبناءهم وبناتهم عن املخططات الإجتماعية والثقافية وحتى الهوياتية داخل تلك البلدان ،وفق انخراط ممنهج ي�ؤهلها من احل�ضور الإنخراط يف العمل اجلمعوي وال�سيا�سي يف الغرب كانت امل�ستمر م��ع قريناتها م��ن امل��واط �ن��ات ال�غ��رب�ي��ات مل��وائ��د له �آثار �سلبية على اتخاذ القرارات. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
69
مقاالت
مفهوم الوسطية في الدعوة إلى اهلل د.رقية بنت نصر اهلل • الو�سطية هي مبعنى العدل واحلق والتوازن بني طريف الإف��راط والتفريط هي �سمة ب��ارزة للدعوة الإ�سالمية اخل��امت��ة ،وخا�صية من �أه��م خ�صائ�ص �أتباعها كما بينا �سبحانه وتعالى ذل��ك بقولهَ } :و َك � َذ ِل� َ�ك َج� َع� ْل� َن��ا ُك� ْم ُ�أ َّم � ًة َو َ�س ًطا{ ( )1ويو�ضح الإمام الطربي ذلك بقوله :و�إمنا و�صفهم ب��أن��ه و��س��ط لتو�سطهم يف ال��دي��ن ،ف�لاه��م �أه��ل غلو فيه ،غلو الن�صارى الذين غلوا بالرتهيب ،وقولهم يف عي�سى عليه ال�سالم ما قالوا فيه ،والهم �أهل تق�صري ف �ي��ه ،تق�صري ال �ي �ه��ود ال��ذي��ن ب��دل��وا ك �ت��اب اهلل ،وق�ت�ل��وا �أنبياءهم ،وكذبوا على ربهم ولكنهم �أهل تو�سط واعتدال فيه ،فو�صفهم اهلل بذلك� ،إذا ك��ان �أح��ب الأم��ور �إل��ى اهلل �أو�سطها()2
70
خا�صة �إذا علمنا �أن الو�سطية قاعدة عامة ت�سري يف جميع �ش�ؤون احلياة ،يف الت�شريع الإ�سالمي �أو املفاهيم الدينية، يف الأعراف والعادات ،فهي من �أ�سا�سيات احلياة ،كما �أنها من ثوابت الدين.
�إن ما يعانية دعاة اليوم من جمانبة العدل والتوازن يف كثري م��ن �أم��ور ال��دع��وة ه��و ب�سبب ال�ت�ه��اون يف جانب الو�سطية ،ف�صارت ال��دع��وة عر�ضة للتحريف واالب�ت��داع فانحرفت عن املنهج الذي ارت�ضاه اهلل لنبيه � -صلى اهلل عليه و�سلم -يف قولهُ } :ق� ْ�ل َه ِـذ ِه َ�سبِي ِلي َ�أ ْد ُع��و �إِ َل��ى اللهِّ ري ٍة �أَ َن � ْا َو َم��نِ ا َّت َب َع ِني َو ُ�س ْب َحا َن اللهِّ َو َم��ا َ�أ َن � ْا ِمنَ َعلَى َب�صِ َ المْ ُ�شْ ِر ِكنيَ{(.)5 ولقد جاء هذا املقال موجهاً للداعية ترغيباً له للعمل وال��واج��ب على �أتباع الدعوة الإ�سالمية العمل بهذه الو�سطية التي ن��ال��وا بها ج��دارت�ه��م وا�ستحقوا رفعتهم بو�سطية الإ�سالم التي فيها اخلري كله ،وهذا لن يت�أتى �إال ومنها انبثقت عامليتهم وم�س�ؤوليتهم ل��ري��ادة الب�شرية من خالل �أمرين : ت�شريفاً وتكليفاً }ِّ ....ل َتكُونُواْ �شُ َه َداء َعلَى النَّا�سِ {)3( . الأم ��ر الأول :ق�ن��اع��ة ال��داع �ي��ة ال�شخ�صية ب�أهمية ولقد عنيت الدعوة الإ�سالمية عناية خا�صة مبنهج الو�سطية ،فالداعية ال ميكن �أن يعمل بها �إال �إذا تولدت الو�سط وحثت على الق�صد واالعتدال وحذرت من ي�ضاده عنده قناعة �شخ�صية ب�أهمية الو�سطية ،و�أن العمل بهذه غلواً وجفاء� ،إفراطاً وتفريطاً ،فهما بابان لو لوج ال�شيطان الو�سطية تعد م��ن �صميم عمله لأن�ه��ا ترتبط ارتباطاً ونزغاته كما بني ذلك العالمة ابن القيم حني قال “ :ما وثيقاً بالدعوة �إلى اهلل. �أمر اهلل ب�أمر �إال ولل�شيطان فيه نزغتان� ،إما �إلى تفريط الأمر الثاين� :إن الداعية ال ميكن �أن يرغب املدعوين و�إما �إلى جماوزة ،وهي الإفراط ،وال يبايل ب�أيهما ظفر، للعمل بو�سطية الإ�سالم �إلى �إذا �أظهر ت�أثريها املفيد على زيادة �أو نق�صان”)4( . املجتمع وفيه. �إن مو�ضوع الو�سطية من املو�ضوعات التي �سبق و�أن ومما يجب �أن يعلم علم اليقني �أن ت�أكيد م�صطلحات و�ضعت لبناته مبا كتبه علما�ؤنا الأقدمون واملعا�صرون، وال�شيء اجلديد يف ه��ذا املقال هو ربطه ب�صفة مبا�شرة الدعوة الإ�سالمية بال�سند ال�شرعي يعطي لها ميزة وقوة بالدعوة �إل��ى اهلل ،وعر�ضه ب�صورة جت��ذب الداعية �إليه عند الدعاة ،وهذه حقيقة ثابتة يف كل �أمورنا كم�سلمني. • �أ��س�ت��اذة ال��دع��وة واالح�ت���س��اب بجامعة الأم�ي�ر ن��ورة بنت عبد الرحمن ،وكاتبة يف نافذة دعوة يف �شبكة ر�سالة الإ�سالم.
فالقر�آن الكرمي وال�سنة املطهرة م�صدران �أ�سا�سيان ومن حالل الرجوع �إلى كالم املف�سرين حول معاين ل�ل��دع��وة الإ��س�لام�ي��ة ،و��س�لام��ة منهج ال��داع��ي يف دعوته هذه الكلمات وا�ستعماالتها ( )12وجدنا �أنها ال تخزج يف تعتمد عليهما. بيانها عما �سبق و�أن قررناه يف املعنى اللغوي اال�صطالحي لكلمة الو�سطية. وقيام الداعية ب�إخ�ضاع م�صطلحات الدعوة لن�صو�ص الكتاب وال�سنة يعطي لتلك امل�صطلحات �صيغة القوة وك��ذل��ك وردت بع�ض الأح��ادي��ث ال�ت��ي فيها ال��دالل��ة وبالتايل تبا�شر قلبه فال ت�ؤثر فيه ال�شبهات والأباطيل على معاين الو�سطية ( )13ومن ذلك حديث �أبي �سعيد التي حتيط بالدعوة الإ�سالمية ،لو وردت عليه ال�شبه اخل��دري ر�ضي اهلل عنه ق��ال :ق��ال ر��س��ول اهلل �صلى اهلل بعدد �أم��واج البحر ما �أزال��ت يقينه ،وال قدحت فيه �شكاً ،عليه و��س�ل��م“ :يدعى ن��وح ي��وم ال�ق�ي��ام��ة ،ف�ي�ق��ول لبيك يارب ،فيقول :هل بلغت ؟ فيقول :نعم ،ف ُيقال لأن ��ه ق��د ر��س��خ يف ال�ع�ل��م وال�ي�ق�ين وال�ث�ق��ة ،ف�لا ت�ستفزه و�سعديك ّ ال�شبهات بل �إذا وردت عليه رده��ا حر�س الكتاب وال�سنة لأمته :هل ب َّلغكم؟ فيقولون :ما �أتانا من نذير! فيقول: مغلولة مغلوبة( )6وه��ذا ينطبق متاما ً على الو�سطية ،من ي�شهد لك؟ فيقول :حممد و�أمته ،في�شهدون �أنَّه قد فكونها تنتمي �إل��ى الإ��س�لام ب�سند �شرعي م��ن ن�صو�ص ب َّلغ ،ويكون الر�سول عليكم �شهيداً ،فذلك قوله – جل الكتاب وال�سنة و�سرية ال�سلف ال�صالح يعطي للداعية ذك��رهَ } :-و َك� َذ ِل� َ�ك َج َع ْلنَا ُك ْم �أُ َّم � ًة َو َ�س ًطا ِّل َتكُونُواْ �شُ َه َداء وثيقة �شرعية للعمل بقوة وثقة ،ويزيد من تزكية ذلك َعلَى النَّا�سِ َو َيكُو َن ال َّر ُ�س ُ ول َعلَ ْي ُك ْم �شَ هِي ًدا { .والو�سط: الأمر. العدل” .رواه البخاري ()14 وم��ن ه��ذا ال�ب��اب ق��ول الإم ��ام ال�ق�ي��م “ :وك��ل علم ال وكذلك يف قوله � -صلى اهلل عليه و�سلم � “ :-إن يف ي�ستند �إلى دليل فدعوى ال دليل عليها ،وحكم ال برهان اجلنة مائة درجة �أع َّدها اهلل للمجاهدين يف �سبيل اهلل ،ما ً ()7 “. ا علم يكن عند قائله ،وما كان كذلك مل ال�سماء والأر�ض ،ف�إذا �س�ألتم اهلل بني ال َّدرجتني كما بني ّ وقد وردت كلمة و�سط يف القر�آن يف عدة موا�ضع وذلك فا�س�ألوه الفردو�س ،ف�إنه �أو�سط اجلنّة� ،أو �أعلى اجلنة” بت�صاريفها امل�ت�ع��ددة حيث وردت بلفظ و�سطاً يف قوله ()15 تعالىَ َ }:ك َذ ِل َك َج َع ْلنَا ُك ْم �أُ َّم ًة َو َ�س ًطا ِّل َتكُونُواْ �شُ َه َداء َعلَى وكذلك حديث عبد اهلل بن م�سعود ر�ضي اهلل عنه �أن ال� َّن��ا��سِ { ( )8ووردت بلفظ الو�سطى يف قوله تعالى: ال ِة ا ْل ُو�س َطى{ ( )9وردت ر�سول اهلل � -صلى اهلل عليه و�سلم -خط خطاً مربعاً، ال�صلَو ِات وال�ص َ }حا ِف ُظواْ َعلَى َّ َ قوله َتعالىَ َّ }:قا َل �أَ ْو َ�س ْ ُط ُه ْم �أَلمَ ْ َ �أ ُقل َّل ُك ْم وخ� ّ�ط و�سط اخل� ّ�ط امل��ر ّب��ع ،وخطوطاً �إل��ى جانب اخل� ّ�ط يف أو�سط � بلفظ ال ��ذي و� �س��ط اخل � ّ�ط امل ��ر ّب ��ع ،وخ� َّ�ط��ا خ��ارج �اً م��ن اخل� ّ�ط َل ْو اَل ت َُ�س ِّب ُحونَ{)10( . املربع ،فقال�“ :أتدرون ما ه��ذا؟ قالوا :اهلل �أعلم ،قال: وحيث وردت بلفظ َف َو َ�س ْطنَ يف قوله تعالىَ } :ف َو َ�س ْطنَ هذا الإن�سان ّ اخلط الأو�سط ،وهذه اخلطوط �إلى جانبه ِب ِه َج ْم ًعا {()11 الأعرا�ض تنه�شه” (.)16 املراجع
(�)10سورة القلم :الآية.28 /
(� )1سورة البقرة :الآية143 /
(� )11سورة العاديات :الآية.5 /
( )2انظر :تف�سري الطربي ()6/2
( )12انظر :الو�سطية يف �ضوء القر�آن الكرمي ،د .نا�صر العمر(�ص )32-19 دار الوطن -الريا�ض ،ط .الأولى 1413هـ.
(� )3سورة البقرة :الآية143 / ( )4مدارج ال�سالكني بني منازل �إياك نعبد و�إياك ن�ستعني ( )342/2ط. دار طيبة .وانظر :الروح ،البن القيم ( �ص )545دار �إحياء العلوم. (� )5سورة يو�سف :الآية108 /
( )13انظر :املرجع ال�سابق ( �ص .) 38-33 ( )14انظر� :صحيح البخاري (� .)151/5سنن ال�ترم��ذي ( )190/5رقم (� .)2961سنن اب��ن م��اج��ه ( )1432/2رق��م ( ،)4284ومل �أج ��ده يف ال�صغرى من �سنن الن�سائي ،فلعله يف الكربى منه.
انظر :مفتاح دار ال�سعادة ( )140/1للإمام ابن قيم اجلوزية� )15( ،أخرجه البخاري ( )202/3والرتمذي ( )582/4رقم (.)2530 ()6 �إدارات البحث العلمية والإفتاء والدعوة والإر�شاد -الريا�ض. (� )16أخ��رج��ه ال�ب�خ��اري ( .)171/7واب��ن ماجه ( )1414/2رق��م .)4231 و�أحمد (.)385/1 ( )7مدارج ال�سالكني بني منازل �إياك نعبد و�إياك ن�ستعني (.)432/3 (� )8سورة البقرة :الآية.143 / (� )9سورة البقرة :الآية.238 / ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
71
مقاالت
(وقفوهم إنهم مسئولون)!!! األمن واالستقرار في عالمنا العربي واالسالمي مسؤولية من ؟؟؟
72
الداعية الشيخ عبد المجيد ابو سل
ان ال�ت���ص��ور اال� �س�لام��ي ل �ل��وج��ود االن �� �س��اين ي�خ�ت�ل��ف ع��ن جميع الت�صورات القدمية واحلديثة وذل��ك ل�شموليته ونظرته لعنا�صر الوجود ،وهذا امر �ضروري كي يتعرف امل�سلم على طبيعة هذا الوجود وحقائقه الكربى ،ويت�أقلم فيه من خ�لال معرفة االن�سان بخالقه �سبحانه وت�ع��ال��ى وع�لاق��ة االن���س��ان باخيه االن �� �س��ان ،لتكون عالقة مبنية على ال�صدق والعدل والرتاحم ،ولي�ست عالقة ارهاب وتقاطع، وك��ذل��ك لتكون ع�لاق��ة االن���س��ان ب��ال�ك��ون ال��ذي يعي�ش فيه م��ن اجل الهدف والغاية من وج��وده ،وه��ذا ال يتحقق اال بعن�صرين العن�صر االول :اال�ستخالف على وج��ه ه��ذه االر� ��ض ،ومعلوم ان اهلل تعالى خلق االن�سان وا�ستخلفه يف االر���ض ،وبني الغاية من خلقه قال اهلل تعالى } َو�إِ ْذ َقا َل َر ُّب َك ِل ْل َملاَ ِئ َك ِة �إِنيِّ َج ِاع ٌل فيِ ْالأَ ْر ِ�ض خَ ِلي َف ًة { ومن اج��ل ه��ذه املهمة �سخر اهلل لبني ادم ما يف ال�سموات واالر���ض قائال الَ ْر�� ِ�ض َو َ�أ ْ�س َب َغ ال�س َما َو ِات َو َم��ا فيِ ْ أ }�أَلمَ ْ َت� َر ْوا �أَ َّن اللهَّ َ َ�سخَّ َر َلكُم َّما فيِ َّ َعلَ ْي ُك ْم ِن َع َم ُه َظ ِاه َر ًة َو َب ِ اط َن ًة{ وقد امد اهلل هذا الكائن (االن�سان ) من الطاقات الكامنة واملهارات واملعرفة ما يحقق م�شيئته الإلهيه واذا ما اح�سن ابن ادم العمل وامتثل المر خالقه �سبحانه وتعالى ب�صدق و�أمانة واخال�ص وعده قائال: ال�صالحِ َ ِات َل َي ْ�ستَخْ ِل َف َّن ُه ْم } َو َع � َد اللهَّ ُ ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا ِمن ُك ْم َو َع ِم ُلوا َّ فيِ ْ أ الَ ْر ِ�ض َك َما ْا�ستَخْ لَفَ ا َّل ِذينَ ِمن َق ْب ِل ِه ْم َو َل ُي َمكِّننَ َّ َل ُه ْم ِدي َن ُه ُم ا َّل ِذي ا ْرت ََ�ضىٰ َل ُه ْم َو َل ُي َب ِّد َل َّن ُهم ِّمن َب ْع ِد خَ ْو ِف ِه ْم �أَ ْمنًا َي ْع ُب ُدو َن ِني اَل ُي�شْ ِر ُكو َن بِي �شَ ْيئًا َو َم��ن َك َف َر َب ْع َد َذ ِل� َ�ك َف�أُو َل ِئ َك ُه� ُم ا ْلفَا�سِ قُو َن { (النور)55: العن�صر الثاين :العبادة وهو مكمل للعن�صر االول اال�ستخالف ثم العبودية وهذه الغاية ارادها اهلل لالن�س واجلن معا قال اهلل تعالى: ِن�س �إ اَِّل ِل َي ْع ُب ُد ِ ون{ (الذاريات )56ويتمثل ذلك } َو َما خَ لَقْتُ الجِْ نَّ َو ْ إ ال َ يف ام��ري��ن )1( :اال�ستقرار ملعنى العبودية هلل يف النف�س االن�سانية ( )2التوجه لكل حركة يف القلب واجل��وارح بل فاحلياة كلها لتحقق
الوظيفة التي خلق اهلل من اجلها اخللق ،وبذلك تتحقق العبودية ويقام �شرع اهلل فيهم. الغاية من ر�سالة اال�سالم ومن هنا كانت الغاية من ر�سالة اال�سالم تزكية النف�س وتطهريها من كل ما علق بها من مفا�سد وتدعيم الروابط االن�سانية باحلفاظ على ال�سلم والأمن العاملي وحل جميع امل�شكالت اينما وجدت وتبليغ ر�سالة اال�سالم بانها ر�سالة رحمة وخري لالن�سانية قال اهلل تعالىَ } :و َما �أَ ْر َ�س ْلن َ َاك �إ اَِّل ني { وبيان ان ال بد من اال�صالح وهذا يحتاج َر ْح َم ًة ِل ْل َعالمَِ َ الى رج��ال اوفياء ا�صحاب همم عالية ا�ستعذبوا �صعابها بالكد والعمل واالجتهاد وال�صرب علما بان ظروف الزمان الَ َّيا ُم ُن َدا ِو ُل َها َبينْ َ النَّا�سِ { متقلبة قال اهلل تعالى } َو ِت ْل َك ْ أ ولر�سالة اال�سالم �أه��داف�اً �سامية ي�سعى لتحيقيقها من اجل ا�صالح الب�شرية وبناء جمتمع �صالح يحقق العبودية هلل وحده من خالل حتقيق حياة طيبة يعي�ش يف رحابها االن�سان باالمن واال�ستقرار والتكافل ون�شر ميزان العدل واحلق بني الب�شر وتطهري املجتمع من مظاهر االنحراف والف�ساد ق��ال اهلل تعالىَ }:منْ َع ِم َل َ�صالحِ ً ا ِّم��ن َذ َك � ٍر �أَ ْو �أُن َثى َو ُه َو ُم�ؤ ِْمنٌ َفلَن ُْح ِي َي َّن ُه َح َيا ًة َط ِّي َب ًة َو َلن َْج ِز َي َّن ُه ْم �أَ ْج َر ُهم بِ�أَ ْح َ�سنِ َما َكانُوا َي ْع َم ُلونَ{ (النحل )97ومن اجل تو�ضيح ذلك وبيان امل�س�ؤولية احلقيقية الهميتها وتاثريها على االفراد واجلماعات ب�أ�سرها الن ال�شخ�ص هو امل�س�ؤول عن كل خطوة او حركة او عمل ام��ام خالقه �سبحانه وتعالى وحديث النبي �صلى اهلل عليه و�سلم بني ذلك حيث جعل ه��ذه امل���س��ؤول�ي��ة م���س��ؤول�ي��ة ك��ل ف��رد يف االم ��ة ب��داي��ة من احل��اك��م وقطبي اال��س��رة ال��رج��ل وامل��راة واخل��ادم ع��ن ابن عمر ر�ضي اهلل عنهما قال� ( :سمعت ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم يقول :كلكم راع وم�س�ؤول عن رعيته واالمام راع وم�س�ؤول عن رعيته والرجل راع يف اهله وم�س�ؤول عن رعيته وامل��ر�أة راعية يف بيت زوجها وم�س�ؤولة عن رعيتها واخلادم راع يف مال �سيدة وم�س�ؤول عن رعيته فكلكم راع وم�س�ؤل عن رعيته ) متفق عليه .واملراد بهذه امل�س�ؤولية مدى االلتزام باملثل العليا والقيم االخالقية الفا�ضلة من اجل �صناعة جيل م�ؤمن بربه خمل�ص �صادق يف عمله علما بان عاملنا العربي واال�سالمي يعي�ش حمناً تع�صف بقيمه واخالقه ومقدراته وامنه وا�ستقراره الجل ذلك �سنبني باحلقائق الدامغة امل�س�ؤول عن هذا كله ومن �ضيع االمانة وخ��ذل االم��ة ق��ال النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ( :ما من عبد ي�سرتعيه اهلل رعية يوم ميوت وهو غا�ش لرعيته اال ح ّرم اهلل عليه اجلنة ) متفق عليه .و�ستحدث بداية عن: م�س�ؤولية ال�سلطان �صاحب الوالية العظمى
االمينة ثم االم��ن الداخلي واخلارجي واالم��ن الغذائي واالقت�صادي ومقابل ذل��ك ( ال�سمع والطاعة ) يف غري مع�صية اخلالق �سبحانه وتعالى وقدوتنا يف ذلك الر�سول االعظم �صلى اهلل عليه و�سلم حني بايع االن�صار قال له (عبد اهلل بن رواحة :ا�شرتط لربك ولنف�سك ما �شئت قال الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم ا�شرتط لربي ان تعبدوه وال ت�شركوا به �شيئا وا�شرتط لنف�سي ان متنعوين مما متنعوا به انف�سكم) ق��ال��وا :فعلنا ذل��ك ما لنا ؟ ق��ال لكم اجلنة قالت االن�صار ربح البيع ال نقيل وال ن�ستقيل فجعله اهلل عهدا للم�سلمني قال اهلل تعالى}:ان الذي يبايعونك امنا يبايعون اهلل يد اهلل فوق ايديهم { (الفتح )10 ابو بكر ال�صديق ر�ضي اهلل عنه عندما تويل اخلالفة ب �ع��د ر� �س ��ول اهلل ��ص�ل��ى اهلل ع �ل��ه و� �س �ل��م خ �ط��ب ال�ن��ا���س ق��ائ�لا(:اين ول�ي��ت عليكم ول�ست بخريكم ف��ان اح�سنت ف��اع�ي�ن��وين وان ا� �س ��أت ف�ق��وم��وين ) ق��ال رج��ل لعمر بن اخلطاب (اتقِ اهلل يا امري امل�ؤمنني فاعرت�ض عليه رجل من امل�سلمني فقال عمر :دعه فليقلها فانه ال خري فيكم اذا مل تقولوها وال خ�ير فينا اذا مل ن�سمعها) وال��دي��ن الن�صيحة قال ملن يا ر�سول اهلل ؟ قال :هلل ولر�سوله و�أئمة امل�سلمني وعامتهم وقال عليه ال�صالة وال�سالم (:ما من وا ٍل يلي رعيته امل�سلمني فيمت وهو غا�ش لرعيته اال حرم اهلل عليه اجلنة ) قال امري امل�ؤمنني عمر ابن اخلطاب ر�ضي اهلل عنه لعمرو اب��ن العا�ص عندما واله على م�صر ق��ال ل��ه :اذا جائك �سارق ماذا تفعل به ؟ قال عمرو :اقطع يده يا امري امل�ؤمنني .ق��ال له ام�ير امل�ؤمنني :وان��ا اذا ج��اءين جائع ب�سببك اقطع را�سك! دخل عائذ بن عمرو على عبيد بن عبد اهلل بن زياد فقال ل��ه :اي بني اين �سمعت ر��س��ول اهلل ي�ق��ول :ان �شر الرعاة احلطمة فاياك ان تكون منهم ) ومن اهم �صفات احلاكم العدل والعدل ا�سا�س امللك امر اهلل به امل�ؤمنني كما امر به املر�سلني قال اهلل تعالى } َيا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ �آ َمنُوا ني للِهَِّ �شُ َه َدا َء بِا ْل ِق ْ�س ِط َو اَل َي ْج ِر َم َّن ُك ْم �شَ َن�آنُ ُكونُوا َق َّو ِام َ َق ْو ٍم َعلَى �أَ اَّل َت ْع ِد ُلوا ْاع ِد ُلوا ُه َو �أَ ْق َر ُب ِلل َّت ْق َوى َوا َّتقُوا اللهَّ َ با َت ْع َم ُلونَ{ وقال كذلك } َو�إِ َذا َح َك ْمتُم َبينْ َ ري مِ َ �إِ َّن اللهَّ َ خَ ِب ٌ النَّا�سِ �أَن تحَ ْ ُك ُموا بِا ْل َع ْد ِل{( الن�ساء )58
ان العدل جلوهر �شريعة اال�سالم وقوام احلياة ومن ا�سباب ا�ستجاب الدعوة قال النبي �صلى اهلل عليه و�سلم ( ث�لاث��ة ال ت��رد دع��وت�ه��م ال���ص��ائ��م ح�ت��ى يفطر واالم ��ام العادل ودعوة املظلوم ) واالمام العادل يظله اهلل عزوجل يف ظله يوم القيامة وهذا منوذج فريد من نوعه يف احلاكم العادل الورع العابد عمر بن عبد العزيز الذي زهد الدنيا وبعد ذلك م�س�ؤولية العلماء َ للهَّ ْ واقبل على االخرة وامتثل لقول اهلل تعالى} �إِ َّن ا َي�أ ُم ُر ال ِْح��� َ�س� ِ �ان { فمنذ ا�ستالمه احلكم طهر جهاز ان م�س�ؤولية ال�سلطان ويل االمر ال تتحقق اال مبا يلي :بِا ْل َع ْد ِل َو ْ إ العدل وال�شورى وامل�ساواة والطاعة الواعية واملراقبة احلكومة من الفا�سدين والظلمة واملنافقني واملرت�شنيواملت�سلقني وقرب اليه العلماء ال�صادقني الذين يخافون ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
73
74
اهلل تعالى ،عندما ا�ستلم احلكم قال لزوجته فاطمة بنت اخلليفة واخ��ت اخلليفة :ان ك�ن� ِ�ت ت��ري��دي��ن اهلل وال��دار االخ��رة ارجعي حليك الى بيت مال امل�سلمني واال تعايل امتعك متاعا ح�سنا وت��ذه�ب��ي ال��ى بيت اب�ي��ك فارجعت حليها ال��ى بيت امل��ال و�آث��رت االخ��رة على الدنيا الزائلة رجع املظامل الى اهلها ويف فرتة حكمه الق�صرية ملأ ثم ّ االر�ض عدال ون�شر الرحمة فيها ،قالت زوجته بعد وفاته كان ال ينام الليل وهو قائم بني يدي اهلل يبكي ويرتع�ش كالع�صفور ال��ذي ا�صابه امل��اء ،فقلت له يا امري امل�ؤمنني ارحم نف�سم ما الذي تعمله وجتهد نف�سك قال لها :مايل ولقد وليت امر االمة .. .واهلل �سائلي عنهم يوم القيامة كان يتفقد رعيته ليال ليعود مري�ضهم ويتفقد احوالهم حتى ان بيت املال مل يت�سع لالموال التي كانت ترد اليه و زوج ال�شباب العزاب من امل�سلمني وغريهم قال احل�سن الب�صري لعمر بن عبد العزيز عندما تولى اخلالفة :يا امري امل�ؤمنني ان اهلل جعل االمام العادل قوام كل مائل , و�صالح كل فا�سد ,وقوة لكل �ضعيف ,ومن�صف للمظلوم. ..االمام العادل يا امري امل�ؤمنني كالراعي ال�شفيق البله يرتاد لها اطيب املراعي وكاالب احلفي على ولده يك�سب لهم يف حياته ويدخر لهم بعد مماته ,بل كاالم ال�شفيقة الربة الرقيقة حملته كرها وو�ضعته كرها وربته ت�سهر ب�سهره وت�سكن ب�سكونه تر�ضعة ت��ارة وتفطمة ت��ارة.. . االم ��ام ال �ع��ادل ك��ال�ق�ل��ب ب�ين اجل��وان��ح ت�صلح ب�صالحه وتف�سد بف�ساده وهو القائم بني اهلل وعباده ي�سمع كالمه اهلل وي�سمعهم وينقاد ال��ى اهلل وي�ق��وده��م وان اهلل جعل الق�صا�ص حياة لعباده فكيف اذا قتلهم من يقت�ص لهم؟ اعلم يا امري امل�ؤمنني ان ٌ لكل منزال غري ال��ذي انت ف�ي��ه ي�ط��ول رق ��ادك وي�ف��ارق��ك اح�ب��ائ��ك . .ال تنظر ال��ى ق��درت��ك ال�ي��وم وان�ظ��ر ال��ى ق��درت��ك غ��دا وان��ت واق��ف بني يدي اهلل وال�سالم عليك يا امري امل�ؤمنني ) .ان يف غياب االم��ن وع��دم اال�ستقرار وع��دم تطبيق القوانني بعدالة تنت�شر الر�شوة واملح�سوبية والوا�سطة وا�ستغالل املن�صب وبالتايل اهمال املواطن وكرثة اجلرائم وانتهاك حقوق االن�سان وال ي�أمن املواطن على نف�سه وال اهله وال ماله ويكون ذلك م�سماراً يف نع�ش الدولة وتدمريها وت�صبح نهباً لغريها ،متى ي�ستقيم الظل والعود اعوج ؟؟؟ كان ايا�س بن معاوية قا�ضياً يف عهد الوليد بن عبد امل�ل��ك ع�ن��دم��ا ا�شتكى ال�ن��ا���س للوليد ع�ل��ى ال ��وايل الح��د االم���ص��ار وك ��ان ق��ري�ب��ا للوليد وت�ك�ل��م ال�ن��ا���س ب�شكواهم وتكلم الوايل وايا�س �ساكت ال يتكلم فقال له الوليد :ملا انت �ساكت ؟ فقال له :اقول وانا امن ؟ فقال له :قل انك امن فقال ايا�س: اق�ي��م ال� �ص�لاح ال ��ورى وه��و فا�سد متى ي�ستقيم الظل وال�ع��ود اع��وج فارجع حقوق النا�س وعزل الوايل وعزل ايا�س.
م�س�ؤولية العلماء قال علي ر�ضي اهلل عنه ( :امللوك حكام على النا�س والعلماء حكام على احلكام يف كل زم��ان ومكان ،العلماء هم القادة وال�سادة يردون النا�س الى اهلل �سبحانه وتعالى ويحذرونهم الف�سوق والعدول عن احلق وال يخ�شون يف اهلل لومة الئ��م� ،أن��ار اهلل قلوبهم فار�شدوا اخللق الى ما فيه منفعتهم ان جمال�سة العلماء حتيي القلوب وتذكي العقول قال �صلى اهلل عليه و�سلم ( :ان لقمان قال البنه عليك مبجال�سة العلماء وا�سمع كالم احلكماء فان اهلل ليحيى القلب امليت بنور احلكمة كما يحيي االر�ض امليتة ب��واب��ل امل�ط��ر ) ال �ط�براين ال �ك �ب�ير .وال�ع�ل�م��اء ه��م اك�ثر النا�س خ�شية من اهلل تعالى} �إِنمَّ َا َيخْ َ�شى اللهَّ َ ِمنْ ِع َبا ِد ِه ا ْل ُعلَ َما ُء{فاطر .28وقال اهلل تعالى} َو َما َي ْعلَ ُم َت�أْوِيلَ ُه �إ اَِّل اللهَّ ُ َوال َّرا�سِ خُ و َن فيِ ا ْل ِعل ِْم َيقُو ُلو َن �آ َمنَّا ِب� ِه ُك� ٌّ�ل ِّم��نْ ِع ِ ند َر ِّبنَا{ 8ال عمران .وهو املرجعية بعد ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم قال اهلل تعالىَ } :و�إِ َذا َج��ا َء ُه� ْم َ�أ ْم � ٌر ِّمنَ ال ْم��نِ َ�أ ِو الخْ َ � ْو ِف َ�أ َذا ُع��وا ِب ِه َو َل� ْو َر ُّدو ُه �إِ َل��ى ال َّر ُ�س ِ ول َو�إِ َل��ى ْ َأ َ ال ْم ِر ِم ْن ُه ْم َل َع ِل َم ُه ا َّل ِذينَ َي ْ�ستَنب ُِطو َن ُه ِم ْن ُه ْم{ الن�ساء �أُوليِ ْ أ .83قال اهلل تعالى رافعا منزلتهمَ } :ي� ْر َف� ِع اللهَّ ُ ا َّل ِذينَ با َت ْع َم ُلو َن �آ َمنُوا ِمن ُك ْم َوا َّل ِذينَ �أُوتُوا ا ْل ِع ْل َم َد َر َج ٍات َواللهَّ ُ مِ َ ري { املجادلة .11 خَ ِب ٌ تكاملية العلماء واالمراء :العلماء واالمراء كجناحي الطري ال يطري الطري اال بهما فكل واحد منهما مكمل لالخر ،و�أي خلل الحدهما ال�ضر باالخر .العلم ال�شرعي بحاجة الى ال�سلطان ال�شرعي ،وكذلك ال�سلطان ال�شرعي بحاجة الى العلم ال�شرعي اخ��رج الديلمي عن عمر ابن اخلطاب قال قال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم( :ان اهلل يحب االمراء اذا خالطوا العلماء وميقت العلماء اذا خالطوا االم��راء الن العلماء اذا خالطوا االم��راء رغبوا بالدنيا واالم ��راء اذا خالطوا العلماء رغبوا ب��االخ��رة). واخرج احل�سن ابن �سفيان يف م�سنده واحلاكم يف تاريخه وغريهم عن ان�س ابن مالك ر�ضي اهلل عنه ( :قال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ،العلماء ر�سل على عباد اهلل مامل يخالطوا ال�سلطان ،ف��اذا خالطوا ال�سلطان فقد خانوا الر�سل ف��اح��ذروه��م ) .واخ��رج الديلمي ع��ن اب��ي االع��ور ال�سلمي ر�ضي اهلل عنه ق��ال :ق��ال ر��س��ول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم :اياكم واب��واب ال�سلطان ) .ان االم��ة بحاجة ال��ى علماء منقادين حلكم اهلل تعالى ال يبيعون دينهم بعر�ض من الدنيا زائل قال اهلل تعالى} :يا ايها الذين �آم�ن��وا اطيعوا اهلل واطيعوا الر�سول واويل االم��ر منكم ف��ان تنازعتم يف �شي ف��ردوه ال��ى اهلل وال��ر��س��ول ان كنتم ت�ؤمنون باهلل واليوم الآخ��ر ذلك خري واح�سن ت�أويال{. ويجب على علماء االم��ة ان تكون عندهم اجل��ر�أة بن�صح ال�سلطان وان يكونوا له بطان ًة �صاحلة .عن ابي �سعيد وابي هريرة ر�ضي اهلل عنهما (:ما بعث اهلل من نبي وال ا�ستخلف من خليفة اال كانت له بطانتان بطانة ت�أمره
باخلري وحت�ضه عليه وبطانة ت�أمره بال�شر وحت�ضه عليه -كما يجب على العلماء االن�خ��راط وامل�شاركة وعدم واملع�صوم من ع�صم اهلل ) رواه البخاري .وعائ�شة ر�ضي االنطواء واالنعزال من اجل اال�سهام يف ار�ساء االمن اهلل عنها قالت قال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ( :اذا العاملي كل يف بلده وح�سب اخت�صا�صه ليكون ذلك اراد اهلل باالمري خريا جعل له وزير �صدق ان ن�سي ذكره تعبريا �صادقا عن �سالمة عقيدة اال�سالم ال�سمحة وان ذكر اعانه واذا اردا به غري ذلك جعل له وزير �سوء ان املبنية ع�ل��ى ال �ع��دل وال��رح�م��ة وال��و��س�ط�ي��ة والب ��راز ن�سي مل يذكره وان ذكر مل يعنه ) رواه ابو داود على �شرط حقيقة اال�سالم ولتكون كلمتهمم الف�صل يف حماكاة �أبي م�سلم. احلكام بحيث ال يكون متهمني او منظرين بل يكونوا م�س�ؤولية العلماء ومهمتهم االن�سانية حمط الن�صح باحلكمة واملوعظة احل�سنة وان يكونوا جريئني يف اظهار احلق وازهاق الباطل �شانهم �ش�أن ا��ص�لاح اال��س��رة واملجتمع بغر�س ال ��وازع الديني يفمو�سى نبي اهلل واخيه هارون عندما ار�سلهم اهلل الى قلوبهم وعقولهم ون�صح والة االمور للعدل وامل�ساواة ب�ين اف��راد االم��ة وت��وف�ير لهم ك��ل ا�سباب ال�سالمة فرعون الطاغية او�صاهم قائال}:اذهب انت واخوك واالم ��ن واالط�م�ئ�ن��ان وا��ش��اع��ة اخل�ي�ر ورف ��ع الظلم باياتي وال تنيا يف ذك �رِي{ } 42ا ْذ َه� َب��ا �إِ َل��ى ِف� ْر َع� ْو َن عنهم وتامنيهم على انف�سهم و�أعرا�ضهم و�أموالهم �إِ َّن� ُه َطغَى { َ } 43فق اَ ُول َل ُه َق ْو ًال َل ِّيناً َل َع ّلَ ُه َي َت َذ َّك ُر �أَ ْو وت�أمينهم بامل�أوى و�سبل العي�ش الكرمي من طعام َيخْ َ�شى{ َ } 44ق� اَ�ال َر َّبنَا ِ�إ َّننَا نَخَ ُ اف �أَنْ َي ْف ُر َط َعلَ ْينَا و�� �ش ��راب وح��ري��ة ال� � ��ر�أي وم���ش��ارك�ت�ه��م ب��اف��راح�ه��م �أَ ْو �أَنْ َي ْطغَى{َ } 45قا َل اَل تَخَ ا َفا �إِ َّن ِني َم َع ُك َما �أَ ْ�س َم ُع واتراحهم كما كان يتعامل به ر�سول اهلل �صلى اهلل َو�أَ َرى{ 46طه. عليه و�سلم مع املجتمع يف زمانه. ان االمة تتطلع الى حكمة العلماء من اجل التغيريواال� �ص�لاح وال�ب�ن��اء متلم�سة خطى منهج االنبياء الرباين العظيم النه منهجا يف غاية الدقة واالبداع �ساطع البيان واحلجة وال�بره��ان من اج��ل تنظيف االم��ة مم��ا علق بها م��ن معا�صي وب��دع وف�تن ومن اجل بعث جيل رباين قر�آين �صاحب همة عالية قويا يف عقله منريا يف فكره ال يعرف ال��ذل وال االهانة وان تكون عندهم ال�شجاعة بقول احلق وان يتحملوا م�س�ؤلياتهم ام��ام اهلل وان مل ي�ستطيعوا قول احلق فال ي�صفقوا للباطل . االم ��ة ب�ح��اج��ة ال��ى ع�ل�م��اء كحجر امل���س��ن ي�شحذونالهمم لتقطع ال�صعاب جمتازه العقبات كالنار التي تطهر املعادن من �صد�أها والذهب ليظهر بلمعانه وكما قال النبي �صلى اهلل عليه و�سلم :النا�س معادن ك �م �ع��ادن ال��ذه��ب وال �ف �� �ض��ة خ �ي��اره��م يف اجل��اه�ل�ي��ة خيارهم يف اال��س�لام ال يخافون يف اهلل لومة الئم ي�شدوا من ازر االمة لت�صبح قوة عظيمة مانعة كل م��ا تتعر�ض ل ��ه .االم ��ة ب�ح��اج��ة ال��ى ع�ل�م��اء اق��وي��اء ا�شداء ملقاومة االع��داء واالره��اب والغلو والتطرف وازالة كل ما ال�صقه االعداء واتهموا به امة اال�سالم باالرهابية واالجرامية وهم يعلمون ان امة اال�سالم ام��ة العدل والرحمة ،ام��ة اكرمها اهلل لتكون امانا الهل االر�ض ،كما ان املالئكة امانا الهل ال�سماء. ع�ل�م��اء االم ��ة ي�ع��رف��وا ع�ن��د ال���ش��دائ��د ون ��زول املحنوالفنت والظلم والف�ساد وعندما تتعر�ض االوط��ان لل�ضياع وا�ستباحة بي�ضة اال�سالم.
اي�ه��ا ال�ع�ل�م��اء ت��ذك��روا م��وق��ف اب��ي ب�ك��ر ال���ص��دي��ق مع م��ان�ع��ي ال��زك��اة .. .ت��ذك��روا ال �ع��امل ال�ع��اب��د امل�ج��اه��د اب��ن تيمية الذي مات يف ال�سجن .. .والعامل املجاهد العز ابن عبد ال�سالم حم��رر العبيد .. .ت��ذك��روا ال�ع��امل املجاهد اب��و احل�سن احلمال عندما دخ��ل على االم�ير احمد ابن طولون حاكم م�صر وقال له :اين الرى ناراً تتاجج خلف ا��س��وارك وان العقالء غ�ير را��ض�ين ع��ن اع�م� ِ �ال يقرتفها ال�سفهاء ثم ال يجدون ردع��ا فغ�ضب ابن طولون وحك َم عليه باالعدام وكان القتل انذ�آك ان ي�ؤتى ب�أ�سد مفرت�س داخ��ل قف�ص ويلقى باملحكوم عليه داخ��ل القف�ص ام��ام جموع امل�صلني بعد �صالة اجلمعة و االمري يراقب االمر وه��و على كر�سيه فالقي اب��و احل�سن على اال��س��د فقعد اال�سد بجانبه كانه ٌ قط اليف ومل ي�ؤذه ابدا فامر االمري باخراجه و�ساله امام جموع النا�س ا�صدقني احلديث كيف كان �شعورك عندما القيت بداخل القف�ص قال :مل اكن افكر ب�شيء قط اال هل فم اال�سد طاهر ام جن�س؟ لأنه �سيكون قربي .هكذا كان علماء امل�سلمني يف �شجاعتهم يف ال�صراحة وق��ول احل��ق ال يخ�شون يف اهلل لومة الئ��م.. . على علماء امل�سلمني ا�صحاب الكلمة امل�سموعة ان ياخذوا دورهم يف ا�صالح االمة واخراجها من مازقها ومن هذا ال��واق��ع االل�ي��م ال��ذي ت�ع��اين منه ام��ة اال� �س�لام .ق��ال اهلل تعالى} :هذا بيان للنا�س وهدى وموعظة للمتقني{ال ع�م��ران .138وق ��ال تعالى }وال تهنوا وال حت��زن��وا وانتم االعلون { 139ال عمران.
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
75
شخصية العدد
المفكر والشاعر والفيلسوف ..
محمد إقبال ..ميالد أمة ..
76
الدكتور زيد أحمد المحيسن•
• •
يعد العالمة حممد �إقبال من �أهم مفكري القرن الع�شرين الذين �أثروا فيه – يف الأدب والفكر وال�سيا�سة على ال�سواء ،فهو مفكر باك�ستان وحكيمها و�شاعرها. يقول �أبو احل�سن الندوي عن العالمة حممد �إقبال�" :إنه �شاعر الطموح واحل��ب والإميان" ،ويقول الدكتور زك��ي علي� " :إن��ه �شاعر احلكماء وحكيم ال�شعراء" ،وتقول الكاتبة خديجة جعفر " :كان حممد �إقبال �أمة يف رجل جمع خمتلف الفل�سفات والعلوم ،كتب نرثاًّ ، ونظم �شعراً و�أجاد لغات �شرقية وغربية، حمل هم الأمة الإ�سالمية يف قلبه وكيانه ،ا�ستقر�أ داءها وو�صف دوا َءها ،و�سخر قلمه لبعث نه�ضتها". ول��د ال�ع�لام��ة حممد �إق�ب��ال يف مدينة �سيالكوت� ،إح ��دى م��دن البنجاب الغربية التي �أ�صبحت جزءاً من باك�ستان بعد ا�ستقاللها عن الهند يف التا�سع من �شهر ت�شرين الثاين (نوفمرب) عام 1877م ،وهو املولود الثاين من الذكور، تربى �إق�ب��ال يف بيت �صالح وزه��د وت�ق��ى ،وك��ان وال��ده رج� ً لا تقياً ومت�صوفاً، لهذا فقد تعلق بالقر�آن الكرمي منذ ال�صغر ،حتى ت�ش ّرب معانيه وطغى عليه ح�س �إن�ساين امتزجت فيه الأك��وان وال�ع��وامل والأوط ��ان ،وذاب��ت فيه احل��دود واحلواجز ،حيث ان�شد يقول عن نف�سه�" :إن ج�سمي زهرة من جنة ك�شمري، وقلبي من حرم احلجاز ،و�أن�شودتي من �شرياز" در�س املراحل الإبتدائية والثانوية يف بلدته ،ثم التحق بالكلية احلكومية، ونظراً لنبوغه املبكر ،فقد �أُر�سل �إل��ى جامعة كامربدج يف لندن وح�صل على درجة مرموقة يف علم الفل�سفة والإقت�صاد ،ثم �سافر �إلى جامعة ميونخ ب�أملانيا، وح�صل على دكتوراه يف الفل�سفة ،وعاد �إلى لندن حل�ضور الإمتحان النهائي يف احلقوق ،فح�صل على درجة عالية يف القانون ،ويف لندن عمل على تدري�س اللغة العربية يف جامعتها وحا�ضر كثرياً عن الإ�سالم. ك� ّون �إقبال فل�سفة خا�صة به امتزجت مبنهله الديني ال�صويف ومعرفته الغربية معاً ،تقول الكاتبة الأملانية �آن��ا م��اري �شيمل" :ف�إن �إق�ب��ال نهل من ثالثة مناهل -القارة الهندية وت�أثر بها �أو ًال ،والعامل الإ�سالمي ،ثم احل�ضارة
رئي�س نادي خريجي اجلامعات واملعاهد الباك�ستانية املن�سق العام للعالقات اخلارجية والتعاون الدويل يف املنتدى العاملي للو�سطية
الغربية" ،لهذا فقد ت�أثر بالفل�سفة الأملانية نتيجة لدرا�سته يف �أملانيا لفرتة من ال��زم��ن ،وميكن تلخي�ص فل�سفة �إق�ب��ال يف �أن��ه ح��اول و�ضع املعرفة الدينية ب�أبعادها الدنيوية والروحية امل�ت�ع��ددة يف � �ص��ورة علمية ق��اب�ل��ة للتجديد وال��دي�ن��ام�ي��ة التي يفر�ضها عليه الواقع يف الع�صر احلا�ضر ،ومل متنعه خلفيته ال��دي�ن�ي��ة وال���ص��وف�ي��ة م��ن الإ��س�ت���ش�ه��اد ب�ف�لا��س�ف��ة م�ث��ل ه�نري برغ�سون وغ�يره ،وحتليل فل�سفة نت�شه �أو احلديث عن كانط ودي�ك��ارت باعتبار �أن �إق�ب��ال ب��الأ��ص��ل -فيل�سوف -مل ي�شغله ال�شعر عن الفل�سفة وال الفل�سفة عن ال�شعر ومل ي�شغله ميله ال�صويف العايل والهائم عن الفكر وممار�سته والإنتاج الفل�سفي وحتى اخلو�ض يف م�شارب ال�سيا�سة وم�آربها. ت��رك �إق�ب��ال ث��روة �ضخمة من علمه ق ّلما تركها �أح��د مات يف مثل ��س� ّن��ه ،وم��ن �آث ��اره ع���ش��رات الكتب يف جم��ال الإقت�صاد وال���س�ي��ا��س��ة والفل�سفة وال�ترب �ي��ة ،وك��ذل��ك يف ال���ش�ع��ر والفكر وكمعلومة معرفية ،ف�إن �إقبال ُترجمت �أ�شعاره �إلى الإ�سبانية وال�صينية واليابانية والإجنليزية وغريها الكثري ،مع العلم ب�أن اللغة التي كتب بها �أ�شعاره كانت باللغة الأردية والفار�سية ،لهذا ف�إقبال اع ُترب من بني �أعظم ال�شعراء يف الع�صر احلديث ،حتى �إن البع�ض �شبهه بال�شاعر غوته يف حماوالته ال�شعرية الدائمة ملعرفة احل�ضارة ال�شرقية ( وهو ما فعله �إقبال مع احل�ضارة الغربية). ومن جهة �أخ��رى مل ي�صرف الفل�سفة وال�شعر �إقبال عن �صوته ال��ذي ي�ن��ادي يف حم��اف��ل الأدب وجل�سات ال�شعر والتي ي�سمونها "حلم حم�م��د �إقبال" يف �شبه ال �ق��ارة ب��إق��ام��ة دول��ة للم�سلمني ،وذل��ك ب�إنف�صال امل�سلمني عن الهندو�س وت�أ�سي�س دولة خا�صة بهم تكون �أر�ضها طاهرة وجميلة كخيال ال�شاعر، ويعي�ش فيها امل�سلم بكرامته وحريته ،لأن امل�سلم مل ُيخلق ليكون تابعاً �أو �إ ّمع ًة ,ولكنه خلق لتعمري الكون ون�شر ر�سالة التوحيد على وجه الب�سيطة ويعلم الب�شرية مكارم الأخ�لاق الفا�ضلة، وقد ترجم ذلك حبه لل �إ�سالم وللعرب ولتاريخهم املجيد ما حداه �إلى الإن�شاد: �أم� ��ة ال �� �ص �ح��راء ي ��ا ��ش�ع��ب اخل �ل ��ود .. م ��ن � �س��واك��م ح ��ل �أغ �ل ��ال ال� � ��ورى .. �أي داع ق �ب �ل �ك��م يف ذا ال � ��وج � ��ود .. � �ص��اح ال ك �� �س��رى ه �ن��ا �أو ق �ي �� �ص��را .. م ��ن � �س��واك��م يف ح��دي��ث �أو ق� ��دمي .. �أط� �ل ��ع ال � �ق� ��ر�آن � �ص �ب �ح �اً ل �ل��ر� �ش��اد .. ه��ات�ف�اً م��ع م�سمع ال �ك��ون ال�ع�ظ�ي��م .. ل� �ي� �� ��س غ �ي��ر اهلل رب � � � � �اً ل� �ل� �ع� �ب ��اد .. ويف مقام �آخر ،قال: ال � � �� � � �ص �ي ��ن ل � � �ن � � ��ا وال � � � � � �ع� � � � � ��رب ل� �ن ��ا وال � � �ه � � �ن� � ��د ل � � �ن � ��ا وال � � � �ك� � � ��ل ل � � �ن � ��ا ..
�أ� � �ض � �ح � ��ى الإ� � � � �س � �ل ��ام ل � �ن� ��ا دي� � �ن � ��ا .. وج � �م � �ي � ��ع ال� � � �ك � � ��ون ل � �ن � ��ا وط � � �ن � ��ا .. ت � � ��وح � � � �ي � � ��د اهلل ل � � � �ن � � ��ا ن � � � � � � ��ور .. �أع � � � ��ددن � � � ��ا ال� � � � � � ��روح ل � � ��ه �� �س� �ك� �ن ��ا .. ال � � � �ك� � � ��ون ي� � � � � � ��زول وال من � � �ح � ��ي .. يف ال� ��ده� ��ر � �ص �ح ��ائ ��ف � � �س � ��ؤددن� ��ا .. ب� �ن� �ي ��ت يف الأر�� � � � � � ��ض م � �ع� ��اب� ��دن� ��ا .. وال� � � �ب� � � �ي � � ��ت الأول ك � �ع � �ب � �ت � �ن� ��ا .. ه� � � � ��و �أول ب � � �ي � � ��ت ن� � �ح� � �ف� � �ظ � ��ه .. ب� � �ح� � �ي � ��اة ال � � � � � � ��روح وي � �ح � �ف � �ظ � �ن� ��ا .. ويف امل��ؤمت��ر الإ��س�لام��ي العاملي ال��ذي عقد يف القد�س عام 1931قال كلمته امل�شهورة: "�إنني �أعتقد �أن م�ستقبل الإ�سالم مرتبط مب�ستقبل العرب وم�ستقبل العرب متوقف على �إحتادهم فيفوز امل�سلمون �إذا احتد العرب ويجب علينا جميعاً �أن ن�صرف كل ما لدينا يف �إجناز هذا الهدف واهلل �سبحانه وتعالى� ،سوف مينحنا الفوز والنجاح. توفى حممد �إق�ب��ال يف /21اب��ري��ل 1938 /ودف��ن يف مدينة الهور العا�صمة الثقافية لباك�ستان ،واتخذ �أ�صدقا�ؤه له يف فناء امل�سجد اجلامع "�شاهي م�سجد" ،ثم كتبوا على �ضريحه� " :إن حممد نادر �شاه ملك الأفغان� ،أمر ب�صنع ذلك ال�ضريح اعرتافاً منه ومن الأمة الأفغانية بف�ضل ال�شاعر اخلالد ،ويف �آخر ع�شر دقائق من حياته قال ملن ح�ضر وفاته " :ليت �شعري! هل تعود النغمة التي �أر�سلتها يف الف�ضاء وهل تعود النغمة احلجازية، فليت �شعري هل حكيم يخلفني؟� ،أنا ال �أخ�شى املوت� ،أنا م�سلم ومن �ش�أن امل�سلم �أن ي�ستقبل املوت مبت�سماً ،وفارقت روحه ج�سده الطاهر وف�ق��دت الأم��ة الإ�سالمية مفكراً وفيل�سوفاً و�شاعراً �أعطى من وقته وجهده ال�شيء الكثري لهذه الأمة. لقد توفى العالمة �إقبال تاركاً حلمه( ،يف �إقامة وطن ودولة للم�سلمني يف �شبه القارة) �أمانة يف عنق قائد الأمة حممد علي جناح والذي مل يخذله بعزمه ،فقد ا�ستطاع ب�إ�صراره و�شجاعته تغيري خارطة العامل وم�صري م�سلمي �شبه القاره الهندية ،فقد حقق ملحمد �إقبال حلمه بنق�شه على هذه اخلارطة العاملية .. دولة باك�ستان � ..أر�ض الطهر والنقاء ..
• املراجع:
.1 .2 .3 .4 .5
ويكيبيديا “املو�سوعة احلرة” حممد �إقبال – اجلزيرة نت حممد �إقبال �شاعر الإ�سالم – �أمة بو�ست حممد �إقبال – املعرفة حممد �إقبال – جتديد التفكري الديني يف الإ�سالم
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
77
ضريح المفكر والشاعر والفيلسوف ..محمد إقبال
78
واحة الوسطية
وسطية االسالم كرامة الطفلة :رغد عبد المجيد
الــــــــــــحمـــــد
هلل
عـــــــــــــــــــــــلم
القـــــر�آنــا
خلــــــــق
االنـــ�ســــان
علـــــــمه
الـــــــــــــــبيانــا
و�سالم رب��ي و�صالة على من ار�سله اهلل للنا�س اماما
وحتية م�سجاة ملنتدى الو�سطية وادارت��ه الكرامــــــا
ام��ة اال�ســـــــالم امــــة ال��ه��دى والأمـــــن وال�سالمـا
و�ســطـيـة ان��ت مـــــيزان عــدل وبيـــــــــــــــــــانـا
و�ســـطــيــــــة بيـــــن �شــرق وغـــرب باتزانـــــــا
نفت الغلو فـي االم���ور كلهـا وحـــــاربت االرهابــــا
كذلك الــب�ســـــــط املــقيـــت حــــتى ال تــــــــالما
ر�سالة رحمة وم��ي��زان ع��دل مــــبادئ اال�سالمـــــــــا
تكره الظلم وحت��ارب الفا�سدين املجرمني دوامــــــــا
و�ســـطيــــة ك�أ�ســـورة يف مع�صـــم و�ضــــــــــــاءة
مر�صعة باللآلئ من اي��ات كتاب اهلل برهـــــــــــــــــانـا
تزهو ب�سورة البقـــــــرة و�آل عمـــران الزهروانــــا
�أو ُل��ه��ا �آيــات نظمت باعــــــجاز حممــــــــكم وبيانــا
و�آياتها �ســـــــــت وثمانون ايـــــــة ومائتني بالتمامـــا
ن�صفها �آية الو�سطية لتمام االعجاز واالحكامـــــــــــا
واجلبال العـــظام بقممها ال�شمـــــاء تو�ســـطـــــــــا
دالل��ة على �شموخ �صـــــاعدا يف عباب ال�ســــــمــاء
والعـــقد يف نحــر الفــــــــــتاة زيــنـة و�ضــــــــــاءة
واو�سطها قر�ص مر�صع على ال�صدر غ��ايل االثمـان
واذا علمت جنان اخللد غالية باثمانها مميزة بق�صورها
علمت ان او�سطها غايل املهر ملن اح�سن العمل باتزان
فيها اخللود للمخل�صني العـــابدين ال�ســجدا ال ُق ّيامـــــــــا
وحممد ر�سول اهلل مبقامه املحمود يف جنة الر�ضوانـــا
تـــحيـــطه جنان اخللد بانهارا وا���ش��ج��ارا وازهــارا
وعـــد امل�صطفـــى لر�ضـــى الوالــدين مقامــــــــــــــا
او�ســـــط
ابـــواب اجلـــنـة للر�ضــــا مــكــانـــــــــــــا
فــــــكيف ب�أمــــة اكـــــرمها اهلل بو�صفـــها و�سطيــــــة
�أمـــــــــة القـــــر�آن والــــرحـمـــة والــ�ســــــــــــــالما
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
79
واحة الوسطية
هو وهي
الجزء الثاني
تختلط الر�ؤى وتتعالى الأ�صوات وتتداخل الأدوار يف ظل الإفرازات املعا�صرة والطوفان الإعالمي .فكثرياً ما ن�سمع هو يقول وهي تقول. هو يقول :ت�ؤرقني الأنوثة املتهالكة عندما تتداعى (�أنثى الع�صر) من علياء الأنوثة وعفتها و�سحرها وعذوبتها �إلى �سلعة ا�ستهالكية ا�ستعرا�ضية� ,إل��ى �سلعة م�صطنعة �آن �ي��ة ,ت�ب��اع و ُت���ش�ترى يف ف�ضاء االنحطاط والرذيلة ب�أبخ�س الأ�سعار. 80
الدكتورة إنصاف مومني مدربة محترفة ورئيس مجلس إدارة شركة اإلعالم الجديد (األردن)
ت�ؤرقني وتكدر �صفاء الروح وجماليات احلياة عندما ترحل املر�أة (الأنثى) رحي ً ال كلياً من خ�صو�صية �أنوثتها ورقتها التي فطرها اهلل عليها �إلى عامل اجلن�س الثالث (اجلن�س احلائر ،اجلن�س الرمادي) الذي مل ولن يكون له دور يف منظومة احلياة التي خلقها اهلل. وتتعالى الأ�صوات وتتباكى لتنادي (بامل�ساواة وامل�ساواة) حتى يف اخل�صو�صية البيولوجية والنف�سية والوظيفية والفطرية فلم يعد �ضمري هو �أو هي معروفا يف معجم احلياة االجتماعية فالزواج ما عاد من �أزواج و�أقطاب خمتلفني بل قطب واحد ال ثاين له. وذلك ال�صراع وال�صدام مع تناغم النظام الكوين كما �شاء ويريد اجا)النب�أ �آية ,8( َو َل ْي َ�س ال ّذ َك ُر َكا ُال ْن َث َى) اللطيف اخلبري ( َوخَ لَ ْقنَا ُك ْم �أَ ْز َو ً �آل عمران �آية ,36والعلم والواقع ,وال�شرائع تقول وت�ؤكد. هو يقول تخاطبني بج�سدها بغرائزي تلغي وتق�صي كل تفا�صيل
لغة القلوب والعقول ،ف�إذا ما حتدثت يف لغة (جنوم الفن) جت��اوزت الرقي والت�سامي وحروفه ال�ساحرة والأه��داف العليا� ,إل��ى دونية الأر���ض وجاذبيتها وطاقتها ال�سلبية لأغرا�ض ملوثة و�أدوات مغر�ضة ظاهرها احلب والدفء و(ال�ف��ن والنجومية) (اجل �م��ال) (احل��ري��ة ال�شخ�صية) وباطنها �أطياف املكر واخلديعة وتلويث جماليات احلياة. تتقم�صها ب ��أدوار �آنية معقدة م�صطنعة لتعلن على امللأ �أن احلياة وكل احلياة لي�ست �إال عبودية ج�سد وثقافة �صورة طاغية يف ع�صر ال�شا�شة ال�صغرية املزيفة وامللوثة للحقائق ول �ل��ذوق ال �ع��ام ,حيث يت�سابق ع��ري الأل �ف��اظ, وعري الأج�ساد يف ع�صر ت�سوده ثقافة العري ,من كل عفة وحياء و�إق�صاء و�إلغاء لكل معناً جميل.
الوقت ذاته نرى الثلة العابثة من الرجال والن�ساء ممن ينادون يف الغدو والآ��ص��ال ب�شعاراتهم الرباقة املغر�ضة يف باطنها ,من حقوق امل��ر�أة ,واحلرية املطلقة ,وامل�ساواة, وغريها من ال�شعارات التي تن�شر الطاقة ال�سلبية وتخدم الأغرا�ض العبثية وتخد�ش احلياء وتف�سد الأذواق ,ويف الوقت ذات��ه تزيد امل��ر�أة الفا�ضلة وهناً على وه��ن يف ظل تخاذل دور الرجل الر�سايل.
ويف الطرف املقابل لها ت��زداد امل��ر�أة العابثة غطر�سة وج�ب�روت وعبثيةَ , مل ال فقد تفننت و�أب��دع��ت يف �صور االنحطاط الأخالقي واالن�سالخ من كل قيمة �سامية ,ما مل ترى ع�شر مع�شاره كل جاهليات الأمم يف عمق وحا�ضر التاريخ الإن�ساين منذ قرون خلت ,يف الوقت الذي ت�صادر وحترم امل��ر�أة الر�سالية امللتزمة من �أب�سط حقوقها التي ف�إذا ما هبطت �إلى واقعها و�أدوارها الوظيفية ان�سلخت منحها اهلل �إياها. من كل معناً جميل �أعلنته ومن كل ثوب جميل لب�سته. حتى �أن اجلاهلية الأول��ى منحت امل��ر�أة حقوق �أكرث ف�سالم على �أه��ل الدنيا امل�غ��رر بهم ووداع� �اً للأنوثة بكثري م��ن اجلاهلية ال�ك�برى امل�ع��ا��ص��رة ,فها ه��ي �أطهر الفطرية الإمي��ان�ي��ة النقية ال�صامدة �أم ��ام �صنم الفن خلق اهلل تطلب ال ��زواج م��ن �أع�ظ��م اخللق وق��د دن��ت من والنجومية و�سطوته ,وقوة ومن يدفع به نحو الواجهة الأربعني و�سبق لها الزواج -رغم �صغر �سنه وجمال وروعة ليقود الإن�سانية ,ولن �أقول �سالم على كوكب الأر�ض َلأن �أخالقه -فلم يكن م�ستنكراً �أو جرماً اجتماعياً ,وهذا قبل الذي يديره ويدبره بحكمته هو خالق الأكوان ( ِلك ُِّل �أ َج ٍل البعثة والر�سالة النبوية ف�إذا ما جاء نور الر�سالة الذي تاب)الرعد�آية.38 ِك ٌ �أ�ضاء �أرج��اء املعمورة لتنعم امل��ر�أة بحقوقها وترتبع على ه��ي ت �ق��ول �إن ك��ان��ت امل� �ن ��اداة ب��امل �� �س��اواة امل�ط�ل�ق��ة بني عر�ش العفة يف رحاب الزوجية الدافئة والأمومة املتدفقة الرجل وامل��ر�أة لعنة ت�صيب القلوب وال�ضمائر والعقول ,وباقي مناحي احلياة االجتماعية بتناغم منقطع النظري. ف ��إن امل �� �س��اواة ب�ين ك��ل الإن ��اث و�إط �ل�اق الأح �ك��ام العامة فلي�س�أل التاريخ عن الأم��ة ( ُب��ري��رة) ورف�ضها العودة بحيث تت�ساوى فيه امل ��ر�أة الر�سالية ال�ع��اب��دة الفا�ضلة لزوجها وو�سيطهما نبي الرحمة عليه �أف�ضل ال�صالة باملر�أة الدونية العابثة بل تتقدم عليها يف مواقع احلياة و�أمت الت�سليم ,ولي�س�أل التاريخ عن حقائق ووقائع �أعظم الأ�سرية واالجتماعية ,ف�إن ذلك يعد لعنة �أخرى تفوقها من اخليال ,من احلرية الوجدانية والعقلية ,وفق الر�ؤية �أو توازيها. الإ� �س�لام �ي��ة ,ول�ك�ن�ه��ا ح�ج�ب��ت يف ث�ق��اف��ة ال �ق��رن احل ��ادي ف�إذا ما حتدث بع�ضاً من الرجال �أ�صحاب الهم الر�سايل والع�شرين و�أل�صقت بالدين �أع��راف اجتماعية وثقافة الدعوي ومن تو�سمنا بهم اخلري عن املر�أة حتول احلوار موروثة عمياء �صماء ال �أ�صل ديني لها ,وحتدث الرجال �إلى �سجال انفعايل عاطفي �إق�صائي ,ل�سحب منوذج املر�أة عن امل��ر�أة الر�سالية ومل ي�سمح لها باحلديث عن نف�سها العابثة على كل الن�ساء من دون ا�ستثناء بل قد تغلب عليه حتى يف �أدق خ�صو�صياتها. �أحياناً �شيطنة املر�أة العفيفة قبل العابثة و�إق�صائها عن ويبقى ال���س��ؤال ال��ذي يثري ج��د ًال يف غ��ور قلبي ويف م��واق��ع احل�ي��اة وال�ت�م�ك�ين ,ب��ل ي�ضع اب�سط ال ��زالت على رحاب نف�سي ورحاب عاملي امل�ضطرب كيف ملر�أة ا�ستباحت م�شرحة االتهام وجمهر التكبري ويكاد يعفيها من كل دور كل حرمة �أن حتظى بكل ما تريد ,وامر�أة �أخرى جاهدت فاعل يف �صناعة احلياة وال�شهود احل�ضاري متغاف ً ال �أن نف�سها ووقعت حتت مطرقتي التقاليد الوافدة والراكدة ذلك ي�شل �أح��د جناحي احل�ضارة فاليد الواحدة حمال ووق�ف��ت �شاخمة �أم ��ام ه��ذه الأع��ا��ص�ير العاتية ال�ت��ي مل �أن ت�صفق وك�أمنا ر�سالته املبطنة �أن امل��ر�أة انح�سر دورها ي�سبق لها مثيل فجاهدت وك��اب��دت لتنال ر�ضى رحمن بالوظائف واملهام اجل�سدية. رح�ي��م فكيف ل�ه��ا �أن ت���ص��ادر حقوقها ال�ت��ي منحها اهلل وامل�ؤ�سف �أن البع�ض –وال �أعمم هنا� -إذا ما �س�ألته عن �إياها بل وحترم من �أب�سط حقوقها ؟؟ فمن ين�صر املر�أة العابثات كان على حذر من ت�شوي�ش �سمعتهن ,ولرمبا ويف الر�سالية؟؟ ( َوا َّل� ِ�ذي��نَ َج��ا َه� ُدوا ِفينَا َل َن ْه ِد َي َّن ُه ْم ُ�س ُبلَنَا) العنكبوت �آية.69 ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
81
واحة الوسطية
من بالدنا ..
جزر المالديف
دولة مسلمة ال نعرف عنها الكثير. . وتاريخها الموثق هو أقرب إلى األساطير. .
82
جزر املالديف دولة م�سلمة تقع يف املحيط الهندي . .وهي جمموعة جزر �صغرية يبلغ عددها 1190جزيرة . .وامل�أهول منها 200فقط . .ا�سم عا�صمتها ماليه . .كانت حممية بريطانية وا�ستقلت يف عام 1965م . .يبلغ عدد �سكانها � 309ألف ن�سمة كلهم م�سلمون. . ون �ظ��ام احل �ك��م ف�ي�ه��ا ج �م �ه��وري ،ورئ�ي���س�ه��ا ُي �ع�ّي�نّ م��ن قبل ال�برمل��ان ،ويكون الت�صويت للم�سلمني فقط ،ود�ستورها ين�ص على �أن جميع مواطنيها يجب �أن ي��دي�ن��وا ب��دي��ان��ة الإ� �س�لام، وب��ال�ت��ايل ف ��إن ال�شخ�ص ال��ذي ي��رغ��ب �أن ي�ك��ون م��واط�ن�اً فيها عليه �أن يكون م�سلماً ،ويمُ نع �أن يكون �أي �شخ�ص غري م�سلم مواطناً فيها ،كما ي�شري د�ستورها �إلى �أن مبادءها اجلمهورية هي املبادىء الإ�سالمية. �أما �شعب املالديف فمتدين يحب الإ�سالم ويحر�ص على الآداب الإ�سالمية ,وال�سلوكيات الإ�سالمية وا�ضحة للعيان ,فاحلجاب منت�شر ,ويحرتم ال�سكان الأذان ,ويقبلون على امل�ساجد ,وتغلق املطاعم نهارا يف �شهر رم�ضان ,وتمُ نع املجاهرة بالفطر فيه. وت��وج��د بها هيئة عليا ملراقبة التطبيق ال�صحيح لأحكام ال�شرع الإ�سالمي يف جميع املحاكم. وي �ق��وم رئ�ي����س ال ��دول ��ة ب ��إل �ق��اء خ�ط�ب��ة اجل �م �ع��ة ،و�إم��ام��ة ال�صالة بالنا�س ،و�إلقاء الوعظ والإر�شاد يف املنا�سبات الدينية واالجتماعية ،كما يقوم ب�إلقاء الدرو�س والن�صائح يف الإذاع��ة والتلفزيون ,بالإ�ضافة �إلى تدري�س بع�ض املواد الدينية يف كلية الدرا�سات الإ�سالمية ،وكذلك يقوم رئي�سهم ب�إ�صدار �صحيفة دينية �أ�سبوعية با�سم (�سبيل الدين) منذ ثمانية ع�شر عاماً.
و�أكرث �أع�ضاء احلكومة يف املالديف من خريجي اجلامعات الإ�سالمية ومنهم وزير احلج. . ن�سبة الأم �ي��ة يف تلك ال�ب�لاد طفيفة ج��داً ال ت�ت�ج��اوز .%2 .ورغم �أن اللغة الر�سمية لي�ست العربية �إ ّال �أنه ال يوجد بني ال�سكان من ال ي�ستطيع �أن يقر�أ يف كتاب اهلل تعالى بنف�سه. . وذلك بف�ضل مدار�س تعليم القر�آن الكرمي. . ام��ا ال�سياحة فتعترب امل�صدر الثاين للدخل القومي بعد ال�صيد. وال�سياحة يف ذلك البلد م�ضرب املثل فهي ال ابتذال فيها وال تنازل عن املبادئ الإ�سالمية . .ف ُيمنع تقدمي اخلمور لل�سياح ,و ُيلزم ال�سائح باحرتام قوانني البالد الإ�سالمية ,فال يوجد عري وال خروج على الآداب العامة. وق ��د خ���ص���ص��وا ل�ل���س�ي��اح �أرب �ع��ة وث �م��ان�ين ج��زي��رة منعزلة لل�سياحة فقط وال ي�سمح لل�سائح �أن يذهب �إلى اجلزر امل�أهولة بال�سكان امل�سلمني �إال �إذا التزم بالآداب الإ�سالمية ,وال ي�سمح له وال لغريه ب�إظهار الإفطار يف نهار رم�ضان. وع �ل��ى ال��رغ��م م��ن � �ص��رام��ة ت�ل��ك ال �ق��وان�ين ف�ق��د انتع�شت ال�سياحة هناك كثريا وو�صل عدد ال�سياح عام 2007م �إلى �أكرث م��ن ثمانية مليون �سائح ,وه��و رق��م �ضخم باملقارنة م��ع عدد ال�سكان الذي ال يتجاوز ثالثمائة �ألف. ن�أتي �إلى ق�صة دخول الإ�سالم �إلى تلك البالد . .وهي ق�صة �أقرب �إلى الأ�ساطري . .وقد و ّثقها الرحالة ابن بطوطة يف كتابه (حتفة ال ُن ّظار يف عجائب الأم�صار وغرائب الآثار ) . .والق�صة
و�أع��اد ال�شاب الك ّرة ثالث ليالٍ فذهب الوح�ش ومل يعد يف منقو�شة على لوحة جدارية بجانب اجلامع الكبري يف ماليه. . ّ الليلة الرابعة وتخل�ص منه القرويون. . دخ��ل الإ��س�لام �إل��ى تلك اجل��زر يف ب��داي��ات ال�ق��رن اخلام�س الهجري ( عام 1153م ) عندما و�صل �إلى �شواطئها �شاب م�سلم عندما �سمع ال�سلطان ,وك��ان ا�سمه ماها كالمنجا ,ب�أمر حافظ للقر�آن الكرمي من املغرب العربي ا�سمه �أب��و الربكات ذلك ال�شاب ا�ستدعاه و�س�أله عن حقيقة الأمر فقر�أ عليه القر�آن يو�سف الرببري . .يقال �أن ال�سفينة التي كان ُيبحر بها ّ حتطمت الكرمي . .وحدّثه عن الإ�سالم . .ودعاه �إليه . .فدخل امللك يف ق�ب��ال��ة ��ش��واط��يء �إح ��دى ت�ل��ك اجل ��زر . .وق��ذف�ت��ه الأم� ��واج �إل��ى الإ�سالم . .وغيرّ ا�سمه �إلى ‘ حممد بن عبد اهلل ‘ . .و�أ�سلم كل ال�شاطيء ,حيث عاجله واعتنى به �أحد ال�صيادين مع �أ�سرته � ,سكان البالد. . وا�ست�ضافه يف بيته ,حيث تع ّلم لغة ال�سكان. وق��د �أق ��ام ذل��ك ال���ش��اب يف تلك اجل��زر ُي�ع� ّل��م �أه�ل�ه��ا ال�ق��ر�آن وذات يوم ,ر�أى ذلك ال�شاب ال�صياد وزوجته يبكيان بحرقة , وعلم منهما �أن القرعة قد وقعت على ابنتهما ال�شابة لتقدميها الكرمي . .والفقه ال�شافعي . .والعلوم الدينية الأخرى التي كان قرباناً لوح�ش اجلزيرة ,حيث اعتاد ال�سكان �أن يقدّموا للوح�ش يعرفها �إلى �أن تو ّفاه اهلل تعالى. . فتا ًة كل �شهر ,ي�ضعونها لي ًال عند طرف الغابة ,في�أتي الوح�ش وق�ب�ره ال زال م��وج��ودا م�ع��روف��ا يف اجل��زي��رة . .وق��د بنوا وي�أخذها ,وال يتع ّر�ض بعد ذلك للقرويني ب�سوء طوال ال�شهر. . بجانبه م�سجداً. . قرر ذلك ال�شاب �أن يذهب بد ًال من تلك الفتاة �إلى الغابة , �سبحان اهلل . .رجل واحد� . .أكرمه اهلل تعالى . .وجعل على و�أخرب ال�صياد و�أ�سرته �أنه �سيكون بخري ب�إذن اهلل تعالى. . يديه �إ�سالم �أ ّمة. . وفع ًال و�ضعوه يف املكان املعهود ف�أخذ يقر�أ �سورة يا�سني و�آيات اللهم . .يا �أكرم الأكرمني . .ويا �أرحم الراحمني� . .إجعل لنا القر�آن الكرمي طوال الليل . .وكان ي�شعر بالوح�ش يقرتب منه ً ف�إذا �سمع الآيات يبتعد� . .إلى �أن �أ�شرقت ال�شم�س. . �سهما يف ن�صرة دينك وخدمته . .يا عظيم. . ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
83
أخبار المنتدى
األمين العام يشارك
في اللقاء الحواري الثالث لصالون الكواكبي في اسطنبول
84
والإجتماعي ،ومن بني هذه ال�شخ�صيات يا�سني �أقطاي – نائب رئي�س حزب العدالة والتنمية يف تركيا ،وكذلك بالرئي�س ال�سابق ال�سيد حمادة اجلبايل ،واملفكر العربي �أبو يعرب املرزوقي وغريهم من ال�شخ�صيات الفكرية والثقافية والإ�سالمية يف العامل العربي والإ�سالمي � � �ش� ��ارك امل �ه �ن ��د� ��س م� � � ��روان ال � �ف� ��اع� ��وري الأم �ي��ن والعاملي. ال �ع��ام ل�ل�م�ن�ت��دى ال �ع��امل��ي للو�سطية ب ��أع �م��ال ال �ن��دوة من جهة �أخ��رى التقى املهند�س م��روان الفاعوري احل ��واري ��ة« الإ�� �س�ل�ام والليربالية» التي ع �ق��دت يف بالدكتور �أكرم كل�ش رئي�س ال�ش�ؤون الدينية يف تركيا، ا�سطنبول خ�لال ال�ف�ترة م��ن 2017/8/22-21حيث وج��رى خ�لال اللقاء بحث تعزيز العالقات الأخ��وي��ة ق� � ّدم ورق ��ة ع�م��ل مبو�ضوع« م�س�ألة ال�ت�ن��وي��ر الديني ال�ق��ائ�م��ة م��ا ب�ين امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية ورئ��ا��س��ة و�إ�صالح الفقه الإ�سالمي و�ضروراتها و�آلياتها». ال���ش��ؤون الدينية يف ت��رك�ي��ا ،وذل��ك م��ن خ�لال �إق��ام��ة وعلى مدار اليومني ناق�ش املنتدون عدد كبري من الن�شاطات الثقافية والفكرية الإ�سالمية وامل�ؤمترات الأوراق الفكرية والثقافية والعلمية وهذا هو امللتقى وال�ن��دوات يف كال البلدين ،وكذلك يف الإ�ستفادة من الثالث ل�صالون الكواكبي وال��ذي ي�شرف على �إقامته جتربة املنتدى يف تدريب اخلطباء والأئمة ون�شر مبادئ الإعتدال والو�سطية ونبذ خطاب الكراهية وحماربة �سنوياً مركز حرمون للدرا�سات املعا�صرة. التطرف والإرهاب بالو�سائل الفكرية والثقافية. وع �ل��ى ه��ام ����ش ال� �ن ��دوة �إل �ت �ق��ى امل �ه �ن��د���س م ��روان وقد �أعرب الدكتور �أكرم كل�ش عن �إعجابه بامل�ستوى الفاعوري بعدد كبري من ق��ادة ال��ر�أي العام ومثقفي وم�ن� ِّ�ظ��ري ال �ت �ي��ارات ال�ف�ك��ري��ة والإ��س�لام�ي��ة والعاملية ال��رف�ي��ع ال ��ذي و��ص��ل �إل �ي��ه امل�ن�ت��دى يف ت�ق��دمي ��ص��ورة �إ� �ض��اف��ة �إل ��ى ��ش�خ���ص�ي��ات وازن� ��ة يف ال�ع�م��ل ال�سيا�سي الإ�سالم الإن�ساين واحل�ضاري ون�شر منهج الو�سطية والإعتدال يف العاملني العربي و الإ�سالمي .
أخبار المنتدى
األمين العام المهندس مروان الفاعوري
يلتقي عدد ًا كبير ًا من القيادات اإلسالمية في البوسنة
ق��ام االم�ي�ن ال �ع��ام للمنتدى ال�ع��امل��ي للو�سطيه املهند�س مروان الفاعوري بزيارة لدولة البو�سنة والهر�سك بدعوة من مركز الو�سطيه يف البلقان. وق��د اج��رى الفاعوري خ�لال زي��ارت��ه حم��ادث��ات مع رئي�س املركز �سناد � شيمان تعلقت بتن�سيق اجلهود امل�شرتكة خلدمة ق�ضايا الت�سامح واحلوار وال�سالم على او�سع نطاق. واتفق اجلانبان على القيام بان�شطة و فعاليات م�شرتكه وتبادل اخلربات يف جماالت التوجيه ال�صحيح لالجيال ال�شابة و ت�صحيح املفاهيم املغلوطة عن العرب وامل�سلمني. وقد ا�شاد رئي�س مركز الو�سطية يف البلقان ال�سيد �شيمان ب��دور املنتدى العاملي للو�سطية والقائمني عليه يف التوجيه ال�صحيح وال�ت�ع��ري��ف ال�سليم ل�لا��س�لام احل�ن�ي��ف وحم��ا��ص��رة االفكار االرهابية و املتطرفه من املجتمعات اال�سالميه. وق� ��د ال �ت �ق��ى االم �ي��ن ال� �ع ��ام ال� �ف ��اع ��وري خ�ل��ال ال ��زي ��ارة برئي�س التحالف ال��دويل من اج��ل البو�سنه -رئي�س جمل�س ال��رئ��ا� �س��ه ال�سابق ال���س�ي��د ح��ار���س �سيالجيت�ش ح�ي��ث ا��ش��اد امل�س�ؤول البو�سني الرفيع “بر�سالة عمان “يف تعزيز ثقافة احلوار و الت�سامح و املعاجله ال�سلميه لالزمات الدوليه .كما التقى الفاعوري خ�لال زيارته مبدير الكادمييه اال�سالميه
العليا الربوف�سور زياد ليفاكوفيت�ش حيث تطرق احلديث الى اهمية التوجيه الرتبوي ال�سليم للن�شء والتعريف ال�صحيح باال�صول ال�صحيحة للدين اال�سالمي و بالقيم امل�شرتكة مع االديان ال�سماوية خدمة لق�ضايا ال�سالم والتعاون ال�سلمي بني الثقافات وال�شعوب.. كما� شارك يف املحادثات واللقاءات التي اجراها االمني العام للمنتدى ع�ضو املنتدى وزير العدل واالوق��اف اال�سبق لدولة الكويت ال�سيد جمال ال�شهاب و ع�ضو املنتدى رئي�س مركز احلوار االوروبي املتو�سطي ال�سفري يا�سني روا�شده. وقد زار ال�سيد ال�ف��اع��وري يف العا�صمة البو�سنية هيئة االغاثه البو�سنيه” بوموزي” حيث اطلعه مدير املركز ال�سيد الفري كارلي�ش على ن�شاطات الهيئه التي ت�شارك يف ار�سال قوافل االغاثة الدولية بوا�سطة الى �شمال �سوريا. وقد دع��ا ال�ف��اع��وري الهيئة امل��ذك��وره ال��ى دع��م الالجئني ال�سوريني على االرا�ضي االردنيه. وق ��د اط �ل��ع االم�ي�ن ال �ع��ام ل�ل�م�ن�ت��دى خ�ل�ال ال��زي��ارة على ع��دد من املعامل احل�ضارية وامل�ؤ�س�سات الثقافية يف العا�صمة البو�سنيه.
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
85
أخبار المنتدى
المنتدى العالمي للوسطية يقيم ندوة بعنوان
محركات التحفيز االيجابي في المجتمع
86
�أق��ام املنتدى العاملي للو�سطية بتاريخ 2017/7/15ندوة بعنوان "حمركات التحفيز االيجابي باملجتمع " �شملت ثالثة حماور يتناول االول منها دور امل�ؤ�س�سات الرتبوية و التعليمية يف التحفيز االيجابي للمجتمع ,قدمه معايل الدكتور حممد جمعه الوح�ش ب�ين فيه �أن امل�ؤ�س�سات ال�ترب��وي��ة والتعليمية ق��ادرة على بث ال��روح االيجابية مبا متلك من مقومات فكرية وثقافية فقد قال �إن هذا العنوان م�ستفز ,يعني �إثارة املجتمع ,ك��ان العنوان االب��رز عند ال�سلف يف اختيار نوعية الت�أديب , التاديب و امل�ؤدب . ب ��دوره ق��ال امني ع��ام امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطيه املهند�س م��روان الفاعوري بكلمته الرتحيبية � إن �سبب عقد هذه الندوة ه��و ب��ث ال��روح االيجابية يف ذه��ن الآم��ة ووج��دان�ه��ا ي��أت��ي نتيجة ماتعانية الأمة من االحباط الكثري ويف ال�صعد كافة ,وهنا ي�أتي دور امل�ؤ�س�سات املختلفة يف �صياغة الروح االيجابية يف حال الأمة . �أم��ا الدكتور علي احلجاحجة :فقال �أ�شكر املهند�س على دوره يف �إيجاد املحركات االيجابية ,وقال � :إن العدوى ال�سلبية انت�شرت بني النا�س ,على م�ستوى ال�شعبي واالعالمي ,وقال �إن ال�سلبية حا�ضرة يف كل قطاعات ال�شعب ,عند الطلبة واملوظفني ,حتى �أنك جتد ال�شباب يلقون اللوم على جميع النا�س . ومن التحفيز عند النبي �صل اهلل عليه و�سلم � ,أن��ا وكافل اليتم يف اجلنة كهاتني . فقد قال �إن هذا العنوان م�ستفز ,يعني �إثارة املجتمع ,كان العنوان االبرز عند ال�سلف يف اختيار نوعية الت�أديب ,التاديب و امل�ؤدب . وكانت الأروقة وامل�ساجد هي �أمكنة الرتبية والتعليم ,وكان ال�شيخ امل ��ؤدب يحظى مبكانة اجتماعية .ولذلك كانت �سل�سة امل�ؤديني تقوم بدور يجابيز اخلال�صة :ان املجتمع هو خال�صة الرتبية . وحم��رك��ات ال�ترب �ي��ة يف التحفيز امل�ج�ت�م�ع��ي االي �ج��اب��ي : تنتظرمن يبدا ومن يعلق اجلر�س ومنها :
• املدر�سة واجلامعة ومعاهد الرتبية • غر�س قيمة االنتماء للطلبة قو ًال وفع ًال • م�ؤ�س�سة الرتبية هي م�صنع القيادات الوطنية • تفعيل املكتبة • �إعادة النظر يف املناهج • اتاحة الفر�صة للطلبة بالتعبري عن �آرائهم ام��ا الدكتور �إخ�ل�ي��ف ال�ط��راون��ة فقد ق��ال �أود ان احت��دث عن حمركات التغيري � ,إذ ت�شمل جميع مكونات املجتمع ,دون الف�صل بني املكونات: • وما يحدث يف اجلامعات من �سلوكات طائ�شة بحاجة الى التغيرينحو ال�سلوك االيجابي • ثم طرح �س�ؤا ًال حمفزاً هو هل نحن نحفز االبتكار والبداع ؟؟؟بحيث حتقق بيئة منا�سبة لالبتكار واالبداع . �أما اال�ستاذ رم�ضان الروا�شدة فقد قال :االعالم و�سيلة من و�سائل التوا�صل االجتماعي و االع�لام واالع�لان هما و�سيلة االدي��ان يف �إي�صال الأفكار , وق��ال لقد �أدرك العامل منذ زمن �أهمية االعالم يف �إي�صال الر�سائل التي يريد من �أجل التغيري االيجابي يف حركة املجتمع . كما قال �إن للأعالم دور كبري يف حتفيز املحركات االيجابية ,و ذلك من خالل القنوات االعالمية :التلفزيون , االذاع��ة وال�صحافة . وقد ا�ستمع احل�ضور الى مداخالت اجلمهور التي تناولت, جم�م��ل حم ��اور ال �ن��دوة ت �ن��اول��ت ح��رك��ة امل�ج�ت�م��ع يف اجل��وان��ب الرتبوبة التعليمية والثقافية واالعالمية وم�ؤ�س�سات املجتمع املدين التي تتمتع بت�أثري كبري يف حركة املجتمع . ويف نهاية الندوة �أج��اب املنتدون على ا�سئلة وا�ستف�سارات احل���ض��ور وع�ل�ق��وا على امل��داخ�لات ,الأم ��ر ال��ذي ث��ر يف البعد الفكري والثقايف لهذه الندوة .
أخبار المنتدى
األمين العام يستقبل المدير العام لمجموعة سفن ستارز الدولية ا�ستقبل املهند�س مروان الفاعوري يف مكتبه الأربعاء 2017/7/12ال�سيد عامر ار�شيد امل��دي��ر ال�ع��ام ملجموعة قنوات �سفن �ستارز الدولية ،وا�ستمع ار�شيد �إلى �إيجاز من الأمني العام عن الن�شاطات الفكرية والثقافية والربامج التوعوية والتدريبية يف جم��االت ال��وع��ظ والإر� �ش��اد ويف �إع��داد ال�ق��ادة وحم��ارب��ة التطرف والإره ��اب ويف حت�صني ال�شباب من �آفات الع�صر. وق��د �أب��دى ال�ضيف �إع�ج��اب��ه بامل�ستوى الرفيع ال��ذي و��ص��ل �إل �ي��ه امل�ن�ت��دى يف ه��ذه امل �ج��االت و�أب ��دى ع��ن رغبة جمموعة �سفن �ستارز الدولية يف توقيع م��ذك��رة تفاهم لتعزيز ال�ت�ع��اون م��ا ب�ين املنتدى واملجموعة يف املجاالت الإعالمية والثقافية. وقد ح�ضر اللقاء الدكتور زيد �أحمد املحي�سن املن�سق العام للعالقات اخلارجية والتعاون الدويل.
منتدى الوسطيه للفكر والثقافة يقيم ندوة بعنوان
الثقافة االسالمية مسؤولية مجتمعية" األردن نموذج ًا �أقام منتدى الو�سطيه للفكر والثقافة وبالتعاون مع وزارة ال�ث�ق��اف��ة ب�ت��اري��خ 2017/10/7ن ��دوة ثقافية ف�ك��ري��ة ب�ع�ن��وان: الثقافة اال�سالمية م�س�ؤولية جمتمعية" الأردن منوذجاً . وق��د ب ��د�أت ال �ن��دوة بكلمة ترحيبية م��ن امل�ه�ن��د���س م��روان الفاعوري الأم�ين العام للمنتدى العاملي للو�سطيه ،وب�ين �أن ر�سالة املنتدى ت�ستهدف ا�ستبيان الر�سالة الثقافية التي تو�ضح اال�سالم وحقيقته ، وكيفية النهو�ض الثقايف االجتماعي مبا يخدم الفرد والأ�سرة واملجتمع والقيم االخالقية واحل�ضارية التي تعي�ش عليها االمة .
�أما الدكتور حممد الروا�شدة عميد كلية ال�شريعة يف جامعة م�ؤته ،فقد �أ�شار �إلى �أهمية دور اخلطاب الديني والدعوي يف تعزيز الثقافة اال�سالمية ،وقال البد ان يفتح الباب لالجتهاد و ان يفتح الباب للمنهج الو�سطي ،ونحن بحاجة �إل��ى احياء مدر�سة يف االحياء والتجديد ،بعيدة عن التع�صب وجتيب عن الت�سا�ؤالت املعا�صرة ،وقال نحن نحتاج �إلى خطاب ديني يحرتم االن�سانية .
�أم��ا الدكتور عامر احل��ايف ،فتحدث ح��ول دور االع�ل�ام يف الثقافة اال�سالمية ،وق��ال :يجب �أن يكون اخلطاب الديني ثم حتدث الدكتور رائ��د عكا�شة رئي�س الندوة حول تعميق والثقايف متاحاً يف االعالم ،بحيث يحمل االعالم الهم الثقايف الثقافة اال�سالمية ،والبعد الفل�سفي مل�صطلح الثقافة يف حياتنا . وينتقل من حالة ال�سكون �إلى حالة احلركة التي تنتج معرفة ب ��دورة ب�ين ال��دك �ت��ور ع��زم��ي ط��ه ال���س�ي��د �أ� �س �ت��اذ الفا�سفة وثقافة متوازنة و�سطية و�شاملة . اال�سالمية يف جامعة �آل البيت دور املناهج الرتبوية والتعليمية وق��د ا�ستمع احل���ض��ور امل�ك��ون م��ن رج��ال الفكر وال�سيا�سة يف تعزيز الهوية اال�سالمية للمجتمع ،وبني �أن الثقافة حتتل م�ساحة كبرية من خالل م�صطلحاتها الوا�سعة ،التي يجب ان والثقافة والدعوة اال�سالمية واالع�لام �إلى مداخالت ثقافية �أثرت مو�ضوع الندوة. جتد ما يفعلها يف املناهج املدر�سية واجلامعية . ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
87
أخبار المنتدى
االمين العام يزور كلية الشريعة بالجامعة االردنية
88
زار املهند�س مروان الفاعوري االمني العام العام للمنتدى العاملي للو�سطيه بتاريخ 2017/9/19كلية ال�شريعه يف اجلامعة االردنية والتقى بعميد الكلية اال�ستاذ الدكتور عبد الرحمن ابراهيم زيد الكيالين ,وق��دم الفاعوري التهنئة للعميد مبنا�سبة تعيينة عميداً لكلية ال�شريعة ,وج��رى خ�لال اللقاء بحث �سبل ال�ت�ع��اون يف امل �ج��االت الفكرية و الثقافية من خالل عقد امل��ؤمت��رات امل�شرتكة والندوات الثقافية وت��دري��ب االئ�م��ة وال��وع��اظ وحت���ص�ين ال�شباب �ضد ال�ت�ط��رف واالره� ��اب ,ويف جم��ال ت�ب��ادل املطبوعات والدرا�سات التي تعزز منهج االعتدال والو�سطية . وق��د �شكر العميد ال�ف��اع��وري على ه��ذه ال��زي��ارة واب��دى ا�ستعداد الكلية للتعاون م��ع املنتدى يف كل ما يحقق اه��داف الكلية ,ور�سالة االردن اخلالدة يف تعزيز منهج االع �ت��دال والو�سطيه ,وح�ضر اللقاء الدكتور زيد احمد املحي�سن املن�سق العام للعالقات اخلارجية والتعاون الدويل يف املنتدى .
أخبار المنتدى
األمين العام للمنتدى يشارك في حفل إشهار كتاب أزمة كشمير"قضية األمة اإلسالمية التي لم تحل" وب�ين املحي�سن �أن ال�صراع يف ك�شمري ال يهدد باك�ستان وال�ه�ن��د وح��ده�م��ا وامن ��ا ي�ه��دد ق ��ارة �أ��س�ي��ا ب��رم�ت�ه��ا .وت��رك الق�ضية �سي�ساعد على انت�شار �أع�م��ال العنف والتطرف يف العامل .و�أو��ض��ح �أن ق�ضية ك�شمري ت��زداد مع االي��ام تعقيدا وخطورة من خ�لال عملية الت�سليح النووي ل��دي اجلانبني ( الهندي والباك�ستاين ) وب�سبب موقف الهند الراف�ض لأي حل �سلمي ير�ضي الطرفني رغم امل�ساعي اجلادة جلمهورية باك�ستان اليجاد ت�سوية عادلة لهذة الق�ضية ،ويف نهاية كلمته �أ�شاد املحي�سن الختيار الكاتب مدينة عمان عا�صمة الثقافة اال�سالمية التي انطلقت منها ر�سالة عمان مكاناً لن�شر كتابه يف هذا التوقيت الذي يج�سد املعاين العميقة ب�أن عمان هي �شارك الأمني العام للمنتدى املهند�س مروان الفاعوري االقرب الى نب�ض ق�ضايا الأمة العربية واال�سالمية. ي��وم االرب �ع��اء امل��واف��ق 2017/8/16يف ح�ف��ل �إ� �ش �ه��ار كتاب وق��ال ��س�ع��ادة ال�سفري الباك�ستاين اجل�ن�رال (املتقاعد) " �أزمة ك�شمري(ق�ضية الأمة الإ�سالمية التي مل تحُ ل)� -آراء العرموطي �شفاعة اهلل �شاه� ،إن االنتهاكات الأخ�يرة حلقوق الإن�سان يف وحتليالت للم�ؤرخ والكاتب "عمر حممد املهنيةن��/زالع �م��ان ،و�أك��د ك�شمري الهندية املحتلة خطرية يف طبيعتها و�شدتها و ت�ستحق "الذي �أق �ي��م يف جم�م��ع ال�ن�ق��اب��ات الفاعوري �أن �أزمة ك�شمري التي م�ضي عليها �أكرث من �سبعون اهتمام املجتمع ال��دويل .و�سي�ساعد ه��ذا الكتاب ال��ذي كتبه عاماً هي ق�ضية االمة اال�سالمية ,وال تقل �ش�أناً عن الق�ضية ال�سيد عرموطي يف �إحياء ق�ضية ك�شمري يف العامل العربي. الفل�سطينية من حيث التزامن والهم ال�سالمي امل�شرتك . و�سيكون ال�ك�ت��اب م���ص��درا ك�ب�يرا للمعرفة ح��ول ق�ضية وقال �إن كتاب "�أزمة ك�شمري :ق�ضية االمة الأ�سالمية ك�شمري م��ن امل�ن�ظ��ور التاريخي للتطورات الأخ�ي�رة للعامل ال �ت��ي مل حت��ل اراء وحت�ل�ي�لات " ل�ل�ك��ات��ب ال�ع��رم��وط��ي �أت� التي�ى العربي ب�شكل خا�ص واملجتمع الدويل ب�شكل عام. اميانا بقد�سية تراب كل عربي ا�سالمي ليثبت بارائه متثل ـــ رج��ال االع�م��ال والكتاب واالدب ��اء واالع�ل�ام ور�ؤ��س��اء ويف كلمة مل�ع��ايل ال��دك�ت��ور نبيل ال�شريف وزي��ر الإع�ل�ام املجتمع املحلي ـــ ان ق�ضية اقليم ك�شمري بامتداده اجلغرايف الأ�سبق �أدان فيها انتهاك حقوق الإن�سان يف ك�شمري الهندية والتاريخي والثقايف جلمهورية باك�ستان ,ق�ضية ت�ستحق االه�ت�م��ام والتفاعل لتبقي حية يف �ضمري االن���س��ان وعقلة امل�ح�ت�ل��ة ،و�أع� ��رب ع��ن ت�ق��دي��ره ل�ل�ج�ه��ود ال�ت��ي ب��ذل�ه��ا ال�سيد عرموطي يف �إبراز ق�ضية ك�شمري من خالل كتابه. ووجدانة . و�أعرب ال�سيدغازي الطيب ،عن �أمله يف �أن يكون الكتاب وق��ال املهند�س م��روان الفاعوري � :إن دورن��ا يف املنتدى ال�ع��امل��ي للو�سطية ه��و ال��دف��اع ع��ن ك��ل ق�ضية �إ��س�لام�ي��ة �أو الذي كتبه ال�سيد العرموطي مدخ ًال يف �إحياء ق�ضية ك�شمري. �إن�سانية ع��ن طريق �أدوات ثقافية وفكرية �سيكون مكم ًال لدور جميع املنظمات الدولية والهيئات التي ت�سعى لإ�سعاد و ذك��ر العقيد حممد يو�سف ملك م��ن �سفارة باك�ستان الب�شرية وحتقيق العدالة وحتقيق ال�سالم يف ك�شمريً ،وهذا �أن ��ه يف يف االن�ت�ف��ا��ض��ة الأخ�ي��رة ،ب�ع��د مقتل ب��ره��ان واين يف ما ي�ؤكد عليه دورنا يف املنتدى العاملي للو�سطية اميانا منا يوليو /مت��وز ،2016كانت هناك انتهاكات خطرية حلقوق يف الدفاع عن كل ق�ضية ا�سالمية/ان�سانية بو�سائل وطرق الإن�سان يف ك�شمري الهندية املحتلة مع حظر التجول لفرتة فكرية وثقافية تعيد التوازن للعقل اجلمعي االن�ساين مهما تنوعت االفكار واختلفت الآراء ,لتحقيق املعادلة االن�سانية طويلة حيث �أغلقت امل�ساجد واملدار�س والأ��س��واق والهواتف وليكون العدل �أ�سا�س هذة الق�ضية من �أجل حتقيق ال�سالم والإنرتنت و حتى امل�ست�شفيات .وفى العام املا�ضي قتلت قوات والأمان لل�شعب يف ك�شمري . الأم��ن الهندية �أك�ثر من 190ك�شمريياً و�إ�صابة ح��وايل 21 �ألف �شخ�ص واكرث من 1200من الك�شمرييني الذين �أ�صيبوا ب� ��دوره �أك ��د ال��دك �ت��ور زي ��د امل�ح�ي���س��ن رئ�ي����س ال�ع�لاق��ات بالعمى �إثر �إ�ستخدام ر�صا�ص اخلرطو�ش .و�أعلن �أن �إ�صابات اخلارجية يف املنتدى العاملي للو�سطية �أن ق�ضيتا ك�شمري بهذا العدد لأول م��رة يف تاريخ الب�شرية من قبل منظمات وفل�سطني هما �سبب التطرف ويجب حلهما من �أجل ال�سالم حقوق الإن�سان. يف املنطقة ,و�أ�شار ان هذا الكتاب جاء ليوثق بالكلمة وال�صورة واملعلومة الدقيقة لل�سا�سة وال�سفراء واالعالميني وق��ادة وي�ع��د ه��ذا ال�ك�ت��اب �أول ك�ت��اب للكاتب الأردين يف اللغة الر�أي العام ما ادلوا به بخ�صو�ص هذه الق�ضية االن�سانية .العربية ي�سلط ال�ضوء على معاناة ال�شعب الك�شمريي مع التي م�ضى عليها �أكرث من �سبعني عاما . الت�شابه الكبري بني ق�ضية فل�سطني و ق�ضية ك�شمري. ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
89
أخبار المنتدى
المنتدى العالمي للوسطية و جمعية المسار يعقدان موتمر ًا دولي ًا تحت عنوان:
السنة النبوية ودورها في تعزيز قيم الوسطية واالعتدال �إن املحاور املقرتحة للم�ؤمتر هي: • مقا�صد ال�سنة النبوية • الت�صرفات النبوية� :إ�شكاالت يف الفهم والتنزيل. • الو�سطية واالعتدال يف فهم ال�سنة النبوية والعمل بها • ق�ضايا يف االنحراف عن الفهم ال�سليم لل�سنة النبوية • �ضوابط الفهم الو�سطي لل�سنة النبوية • ال�سنة النبوية وامل�ساهمة يف بناء امل�شرتك االن�ساين • ال�سنة النبوية بني الغايات الثابتة والو�سائل املتجددة • معايري ال�سنة النبوية الثابتة وال�سنة النبوية الو�سيلة وتكرميا لأحد �أع�ضاء املنتدى العاملي للو�سطية ،وم�ؤ�س�سيها. و�أح��د م�ؤ�س�سي جمعية امل�سار� ،سعادة رئي�س احلكومة الدكتور �سعد ال��دي��ن ال�ع�ث�م��اين� .سنخ�ص�ص ح�صة م��ن ح�ص�ص ه��ذه الأيام العلمية ،ملناق�شة �آخر �إ�صدارته املتعلقة بال�سنة النبوية، والذي عنوانه :الت�صرفات النبوية ال�سيا�سية /درا�سة �أ�صولية لت�صرفات الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم بالإمامة. تاريخ امل�ؤمتر � 27أكتوبر 2017م بع�ض الأ�سماء املقرتحة: 90
• • • • • • • • • • • • • • • • • • •
ال��دك�ت��ور �أح �م��د ال �ع �ب��ادي :الأم�ي�ن ال �ع��ام للرابطة املحمدية لعلماء املغرب الدكتور خال�ص جلبي� :سوريا /مقيم باملغرب الدكتور �سليم العوا :م�صري �سعيد �شبار/املغرب الدكتور �إليا�س بلكا /املغرب الدكتور عبد اجلواد يا�سني /م�صري الدكتور عبد املجيد النجار /تون�س الدكتور طارق رم�ضان /م�صري الدكتور زين العابدين بالفريج /املغرب ال�شيخ عبد الفتاح مورو /تون�س الدكتور حممد احلاج /الأردن الدكتور حممد احلاليقة /الأردن معايل ال�شيخ عبد الرحيم العكور /الأردن الدكتور عارف ابو عيد /الأردن �سماحة ال�شيخ حممد اخلاليلة /الأردن الأ�ستاذ عبد البا�سط الكباريتي /الأردن ال�شيخ الطالب �أخيار /موريتانيا الدكتور �شريوان ال�شمرياين /كرد�ستان الدكتور عماد الدين خليل /العراق
•
الدكتور خمل�ص ال�سبتي :جامعة احل�سن الثاين/ الدار البي�ضاء الدكتور حممد خروبات :جامعة القا�ضي عيا�ض /مراك�ش ال�شيخ ال�شريف حامت العوين :اململكة العربية ال�سعودية الدكتور عبد الرحمن الكيالين /اململكة الأردنية الها�شمية الدكتور نور الدين اخلادمي /تون�س
•
الدكتور عبد املنعم التم�سماين :جامعة عبد املالك ال�سعدي /تطوان الدكتور حممد حب�ش� :سوريا املقرىء االدري�سي �أبو زيد/املغرب الدكتور م�صطفى بنحمزة/املغرب • الدكتور �آدم دمبلي /مايل ال��دك�ت��ور �أح �م��د اخلملي�شي :م��دي��ر دار احل��دي��ث احل�سنية/املغرب
• • • •
• • • •
أخبار المنتدى
ولي العهد يشكر االمين العام للمنتدى
تلقى املهند�س مروان الفاعوري االمني العام للمنتدى الر�سالة التي كان قد بعثها ل�سموه مبنا�سبة تخرجه من العاملي للو�سطيه ر�سالة �شكر من �صاحب ال�سمو امللكي االكادميية الع�سكرية امللكية (�ساند هري�ست ) متنى فيها االم�ير احل�سني بن عبداهلل الثاين ويل العهد رداً على �سموه لالمني العام واملنتدى التوفيق والنجاح .
الفتوى في االسالم والوالية عليه مبنا�سبة اختيار عمان عا�صمة الثقافه اال�سالميه لعام 2017اقام منتدى الو�سطيه للفكر والثقافه فرع جر�ش ندوه بعنوان« الفتوى يف اال�سالم والوالية عليه» حتدث فيها ف�ضيلة القا�ضي ال�شرعي ال�شيخ �صالح ال�صمادي و��س�م��اح��ة مفتي حم��اف�ظ��ة ج��ر���ش ال���ش�ي��خ ع�ب��د احلكيم البوريني وادار اللقاء عطوفة مدير ثقافة جر�ش الدكتور عقله القادري حيث رحب باحل�ضور واملحا�ضرين با�سم مديرية ثقافة جر�ش ومنتدى الو�سطيه للفكر والثقافه /جر�ش وحتدث ال�شيخ �صالح ،وقال �إن الفتوى هي توقيع عن اهلل وان خري الفتاوى واقواها « من قال ال ادري ومن قالها فقد افتى «والفتوى بغري علم ودراي��ه ت ��ؤدي الى الهالك ودخول النار وهناك خمت�صني بالفتوى عن علم ومعرفه بالدين وا�صوله وان الرجل ال يتكلم بامر يجهله وذل ��ك م��ن �سخط اهلل ث��م حت��دث �سماحة امل�ف�ت��ي وق��ال تعريف االفتاء هو افتاء �صحيح و�صالح لكل مكان وزمان ويتبع منهج الو�سطية واالعتدال وان �شفاء العلم ال�س�ؤال وكان ذلك من مقت�ضى ر�سالة حممد �صل اهلل عليه و�سلم وقال الر�سول حممد �صل اهلل عليه و�سلم ان العلماء ورثة االنبياء ولذلك الفتوى دليل احلكم ال�شرعي وبغري الزام به والفتوى ال يخرج عنها اعتقاد وحكمها البيان الذي اوجبه اهلل على امل�سلمني ومن �سئل عن علم وكتمه اجلمه اهلل بلجام من النار يوم القيامه واال�صل باالفتاء واجب وف��ر���ض كفائي واذا ق��ام ب��ه اح��ده��م �سقط ع��ن الباقني و�شروط االفتاء ..ال يجوز للمفتي الت�صدي لالفتاء دون
علم وان تتوفر به العدالة وجماهدة النف�س باالخال�ص هلل تعالى..وعدم التع�صب ملذهب دون غريه او لطائفيه.. وا��س�ت���ش��ارة اه��ل االخ�ت���ص��ا���ص ..وامل�ح��اف�ظ��ه ع�ل��ى ا��س��رار امل�ستفتي وداللة امل�ستفتي على ينفعه وباالفتاء ان ال ي�سيء املفتي باالدب واللفظ للم�ستفتي وال�س�ؤال يجب ان يكون الحقاق احلق وملن يفتي بغري علم ومعرفه فهي جرمية بحق اهلل والدين..واغواء النا�س وتظليلهم فيظلو ويظلو ويحمل املفتي اث��م امل�ستفتي.واالفتاء ب��االردن واال�سئله ال�شرعيه بلغات متعدده وه��و افتاء �صحيح..وحمى اهلل االردن وقيادته و�شعبه وادام علينا نعمة االم��ن واالم��ان واال�ستقرار ويف ختام اللقاء �سلم رئي�س املنتدى احمد ال�صمادي درع املنتدى ل�سماحة املفتي املحا�ضر وهو عبار عن �صوره للقران الكرمي.
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
91
أخبار المنتدى
األمين العام للمنتدى في ندوة الحج الكبرى
ب�سم اهلل الرحمن الرحيم ...وال�صالة وال�سالم على �سيدنا حممد ..وعلى �آله و�صحبه �أجمعني ... يف ال��وق��ت ال��ذي تتعر�ض فيه الأم ��ة مل �ح��اوالت تهدد ثقافتها وهويتها ،حا�ضرها وم�ستقبلها �ساعية لإحل��اق الأم ��ة ب�ث�ق��اف��ة الآخ ��ر وت���ص��ورات��ه ل�ت�غ��دو ف��اق��دة لذاتها وهويتها وباملقابل جند ردود فعل مت�شنجة عاجزة وغري مدركة ل�سنن التغيري يف الأنف�س والآفاق. 92
تتناول هذه الورقة البحثية تعريف مفهوم الو�سطية وت��أ��ص�ي�ل�ه��ا ال���ش��رع��ي والإ� �ص�ل�اح��ي وارت �ب��اط �ه��ا ب��ال�ع��دل والإن�صاف وتبني فيها �أهمية الو�سطية يف ن�شر مبادئ ال�سالم بني النا�س و�أنها من اخليارات الف�ضلى للب�شرية كونها تهدف �إلى �إ�سعاد الب�شرية ورفاهيتها ال الى الت�سلط والتحكم مب�صائرها لإخراجها من الظلمات ال��ى النور وم��ن مهالك العنف والتطرف وال��دم��ار والفو�ضى الى ف�ضاء ال�سعادة والنماء والعمران. ك�م��ا ت �ت �ن��اول ال��ورق��ة م �ه��ددات ال �� �س�لام ال �ع��امل��ي مثل ال�ف��و��ض��ى وال �ت �ط��رف والإره � ��اب وال�ه�ي�م�ن��ة والإ��س�ت�ب��داد وتتناول جتليات الو�سطية وارتباطها بال�سلم الأهلي من ع��دة ج��وان��ب منها اجل��وان��ب الإجتماعية والإقت�صادية بالإ�ضافة �إل��ى عالقة الو�سطية بالت�سامح ون�شر العدل �سواء بني �أمة الإ�سالم �أو بني الأمم الأخرى.
ولقد ك��ان ق��در الإ��س�لام دوم �اً �أن يكون ح��ام� ً لا للواء �إ�صالح الب�شرية جمعاء ،باعتباره الدين اجلامع واخلامت، ال��ذي به ت�سعد الب�شرية ،وبه تنال جمدها وتنف�ض عن نف�سها غ �ب��ار اجل �ه��ل وت��رف��ع ��س�ي��اط ال�ظ�ل��م ع��ن نف�سها بنف�سها ،و�إذا ما �ساد الإ�سالم و�شاد البناء احل�ضاري الذي تريده الأمة ،كان الرهان يف �سبيل ذلك هو التما�س �صورة واحدة جتمع خريي الدنيا والآخرة مثلما جتمع عنا�صر اخلريية يف كل دين �إ�سالمي وم�سيحي ويهودي لتجعلها جميعاً بوابة ح�ضارية للولوج �إلى �أعماق الدين الإ�سالمي الذي ال يتنافى مطلقاً مع �أي دين يدعو �إلى توحيد اهلل و�إقامة �شرعه وال�سري على هدي الأنبياء واملر�سلني. ولعل تلك اخلريية تتلخ�ص يف و�سطية الإ�سالم التي تركز على انتهاج املنهج الو�سطي يف ال���ش��ؤون احلياتية كافة� ،إذ ال �سبيل �إل��ى تطبيق قاعدة من قواعد ال�شرع دون الأخ ��رى ،وال معنى يف اعتماد ن�ص دون �آخ��ر ب��ل يف اي�ج��اد �صيغة توافقية عند تطبيق ال�ق��واع��د ال�شرعية واعتماد الن�صو�ص بحيث يحافظ على التوازن والتكامل وال�شمولية والو�ضوح والكمال والربانية عند احلكم على �أم��ر م��ا م��ن �أم��ور ال��دي��ن وال��دن�ي��ا ،بحيث تظهر ال�صورة الكلية ف�ك��راً و�سلوكاً من�سجمة م��ع الغايات التي ج��اءت من �أجلها ال�شريعة وهذا الو�صف الذي نريد �أن ينطبق متاماً على الو�سطية التي �أرادن��ا اهلل عليها لقوله تعالى
أخبار المنتدى
} َو َك َذ ِل َك َج َع ْلنَا ُك ْم �أُ َّم ًة َو َ�س ًطا ِّل َتكُونُوا �شُ َه َدا َء َعلَى النَّا�سِ َو َيكُو َن ال َّر ُ�س ُ ول َعلَ ْي ُك ْم �شَ هِي ًدا َو َما َج َع ْلنَا ا ْل ِق ْبلَ َة ا َّل ِتي ُكنتَ من َين َق ِل ُب َعلَى َع ِق َب ْي ِه َعلَ ْي َها �إِ اَّل ِل َن ْعلَ َم َمن َي َّت ِب ُع ال َّر ُ�سو َل مِ َّ ري ًة �إ اَِّل َعلَى ا َّل ِذينَ َه َدى اللهَّ ُ َو َما َكا َن اللهَّ ُ َو�إِن َكان َْت َل َك ِب َ ميا َن ُك ْم �إِ َّن اللهَّ َ بِالنَّا�سِ َل َر ُء ٌ وف َّر ِحي ٌم{ ِل ُي ِ�ضي َع �إِ َ �صدق اهلل العظيم.
هدف الدرا�سة:
تهدف الورقة �إلى �أن منهج الو�سطية هو خيار الأمة ال��رئ�ي����س ل�ل��و��ص��ول �إل ��ى ال �ع��دل والإن �� �ص��اف م��ن خ�لال ارتباطها بالقيم الإ��س�لام�ي��ة احلميدة ال�ت��ي ج��اءت بها ر��س��ال��ة الإ� �س�ل�ام ال�ع�ظ�ي�م��ة ،م�ث��ل ال�ت���س��ام��ح وال�ب�ع��د عن الكراهية ونبذ العنف والإق�صاء و�أحادية الر�أي والإنغالق الفكري ال��ذي كافحه الإ��س�لام من خ�لال �إط�لاق حرية ول�ع��ل املنهج الو�سطي ال��ذي ن��ري��د يف ال�سلم العاملي التفكري املبني على العقيدة ال�صحيحة. والأم ��ن امل��رت�ب��ط ب��ه وم�ع��اجل��ة ال�ن��زاع��ات ال��دول�ي��ة التي منهجية الدرا�سة: ت�سبقه يجب �أن ي�سري وفق خمطط فكري ،كالآتي: � .1شخ�صية الفرد واملجتمع امل�سلم .2حماية املجتمع امل�سلم �ضد التيارات املنحرفة .3حفظ الأمن وحتقيقه للمجتمع امل�سلم
تتبع ال��درا��س��ة املنهج الو�صفي امل�ستند �إل��ى امل��راج��ع وامل�صادر العلمية والعملية �سواء كانت فقهية �أو قانونية واملتاحة للباحث. مو�ضوعات الدرا�سة:
.4حتقيق معاين ال�سلم والعدل الدوليني
.1تعريف الو�سطية لغة وا�صطالحاً
.5حتقيق التوازن
.2م�صادر الو�سطية يف القر�آن الكرمي وال�سنة النبوية ال�شريفة
وه��ذه امل�ع��اين ال ��واردة تعد �أر�ضية �صلبة للإنطالق .3احلكم ال�شرعي للو�سطية م�ن�ه��ا ن �ح��و حت�ق�ي��ق ال��و� �س �ط �ي��ة يف ال �ع�ل�اق��ات ال��دول �ي� هذه�ة .4قيم الو�سطية – احلوار ،الت�سامح ،العدل -ال�سالم ذات ال�ن��زاع��ات املرتبطة يف امل�صاحلة املتباينة ب�ين ال��دول��ة وت �ل��ك ،وب�ي�ن ه��ذا احل�ل��ف وذاك وال �ت��ي ب�سببها .5جتليات الو�سطية يف ال�سرية النبوية تن�ش�أ احلروب والنزاعات ،وت�ستح�ضر الو�ساطات وتوقع أحيان .6التطرف والإرهاب والغلو املواثيق واملعاهدات ،ويلج�أ �إلى التحكيم الدويل يف � ٍ كثرية ،وعليه ،ف�إن الو�سطية الإ�سالمية عاجلت املفاهيم .7الو�سطية وعالقتها بالبناء الإجتماعي ،الإقت�صادي، املرتبطة بالنزاعات معاجل ًة فكري ًة متقدم ًة ا�ستطاعت وعالقتها مع ال�شرائع الأخرى �أن جتد احللول املنطقية ملن �أراده��ا وفق معادلة العدل واحلق. .8ارتباط الو�سطية بالعدل وال�سالم العاملي . ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
93
أخبار المنتدى
مخيم كشفي لبيان دور المنتدى العالمي للوسطية
94
انطالقاً من ال��دور الريادي للمنتدى العاملي للو�سطية يف خدمة املجتمع ويف خدمة العامل الإ�سالمي والعربي بل وال�ع��امل �أج�م��ع ،و�إدراك � �اً منه ل��واج�ب��ه جت��اه ق�ضايا املجتمع وم�شكالته وبخا�صة الق�ضايا املتعلقة بال�شباب املراهقني ملا ميثلونه من مكانة يف املجتمعات الإ�سالمية و�إ�سهاماً يف نهو�ض املجتمع ن�ح��و الأف���ض��ل وت�شخي�ص اح�ت�ي��اج��ات��ه ومتطلباته والعمل على معاجلة م�شكالته ومعوقاته ..وبخا�صة ما يقوم به ف��رع املنتدى يف باك�ستان بواجبه جت��اه الإ�سهام يف توعية وتثقيف ال�شباب لتفعيل دوره��م يف املجتمع وحماربة الفكر املتطرف وتعزيز ثقافة الت�سامح واالحت ��اد ،ا�ست�ضاف فرع املنتدى العاملي للو�سطية بباك�ستان � 40شاباً يف خميم ك�شفي ُعقد يوم الثالثاء املوافق � 22أغ�سط�س 2017م بهدف ا�ستغالل وق��ت ال�شباب خ�لال الإج ��ازة ال�صيفية يف ن�شاطات تثقيفية ترويحية ليكونوا م�شاعل ُت�ضييء املجتمعات بالعلم واملعرفة. وي�أتي هذا الن�شاط �إمياناً من املدربني بهيئة �شباب الو�سطية يف فرع املنتدى العاملي للو�سطية بباك�ستان ب�أن اخل�برات التي يكت�سبها الفرد يف مثل هذه املخيمات تدربه على االعتماد على النف�س ،وتقوي مداركه حتى مييز اخلبيث من الطيب وي�سري على هدى من �أمره ،كما تعمل على دجمه يف بيئته من خالل
ممار�سة بع�ض املهارات الريا�ضية والفنية واملغامرات التي تقوي الفكر وتو�سع املدارك . كما يعزم املنتدى ممث ًال بهيئة �شباب الو�سطية عقد عدد من املخيمات الك�شفية يف امل�ستقبل القريب خلدمة البيئة :يتم من خاللها درا�سة احتياجات البيئة ،ويقوم املخيمني بحمالت نظافة وبرامج اجتماعية وثقافية.
أخبار المنتدى
المهندس مروان الفاعوري يلتقي باالمين العام لوزارة التربية والتعليم
ا�ستقبل الدكتور حممد جمعه يا�سني العكور االم�ين ال�ع��ام ل ��وزارة الرتبية والتعليم �صباح االح��د امل��واف��ق 2017/8/6يف مكتبه املهند�س مروان الفاعوري االمني العام للمنتدى العاملي للو�سطيه. وج � � ��رى خ �ل��ال ال� �ل� �ق ��اء ب �ح ��ث ع � ��دد م��ن املو�ضوعات ومن بينها الن�شاطات والفعاليات الفكرية والثقافية ال�ت��ي ي�سعى امل�ن�ت��دى الى اقامتها بالتعاون مع ال��وزارة ومن بينها اقامة م�ؤمتر تربوي حول :ر�ؤية م�ستقبلية للرتبية والتعليم يف االردن خالل العام .2017 وكذلك اال�ستمرار يف برنامج التح�صني الفكري للطلبة وح�ضر اللقاء الدكتور غازي ربابعه والدكتور زيد احمد �ضد التطرف واالرهاب والذي يقوم به املنتدى يف املدار�س من املحي�سن املن�سق العام للعالقات اخلارجية والتعاون الدويل . �سنوات ،وكذلك التعاون يف برامج التدريب .
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
95
بيانات المنتدى
بيان المنتدى حول إحراق مسجد أوربرو امتدت �أياد �آثمة ميل�ؤها احلقد وتتلب�سها الكراهية لإحراق م�سجد �أوربرو الكبري يف منطقة ال�سويد _ فيفاال ،مما �أدى �إلى دماركامليفامل�صلىواملكتبةامللحقةبهواملرفقاتالعلويةللم�سجد. �إن املنتدى وبكل هيئاته وعلمائه يندد وي�ستنكرا�شد اال�ستنكار هذا االعتداء املدبر وال��ذي ا�ستهدف بيتا من بيوت اهلل ت�ؤدى ف�ي��ه ال���ش�ع��ائ��ر ال�ت�ع�ب��دي��ة وت �ق��ام ف�ي��ه ال ��درو� ��س وامل �ح��ا� �ض��رات والأن �� �ش �ط��ة ال �ت��ي ُت�ع�ل��ي م��ن ق�ي��م ال�ت���س��ام��ح ال��دي �ن��ي وت��ر��س��خ ملفاهيم امل�شاركة املجتمعية الإيجابية واملواطنة ال�صاحلة .. �إننا ندعو اجلهات الر�سمية �أن تقوم بدورها املنوط بها من �أجل حماية امل�سلمني ودور عبادتهم وتتخذ كافة الإجراءات الكفيلة ب�ت��أم�ين ذل��ك م��ع � �ض��رورة اجل��دي��ة واحل���س��م يف تعقب اجل�ن��اة وتقدميهم للعدالة لينالوا ج��زاءه��م ال��رادع .كما ن�شكر ملك ال�سويد الذي �سارع بزيارة امل�سجد و�إدانة اجلرميه املنتدى العاملي للو�سطية االردن
بيان المنتدى حول احداث الروهينغا
معايل ال�سيد �أنطونيو غوتريي�ش املحرتم الأمني العام للأمم املتحدة حتية الإحرتام والتقدير ،وبعد ،،
96
يتابع املنتدى العاملي للو�سطية بكافة فروعه املنت�شرة يف العامل بقلق كبري حول ما تتناقله و�سائل الإعالم من �أخبار دامية ومن ممار�سات ال �إن�سانية من عمليات القتل والت�شريد والتهجري واحلرق للمنازل واملمتلكات ب�صورة وح�شية غري �إن�سانية والتي يتعر�ض لها ع�شرات الآالف من �شعب الروهينغا امل�سلمني يف منطقة ميامنار من ِقبل اجلي�ش النظامي البورمي ،واملنتدى العاملي للو�سطية لينا�شد العامل احلر من خاللكم للقيام ب��دوره يف وقف هذه املجازر التي يتعر�ض لها الأبرياء من ن�ساء ورجال و�شيوخ و�أط�ف��ال يف �أب�شع عملية تطهري عرقي عرفتها الب�شرية يف تاريخنا املعا�صر.
ال�ع��رق��ي م��ن قبل اجلي�ش ال�ب��ورم��ي �أم ��ام �سمع و�أن �ظ��ار العامل احل��ر ،كما نهيب بكم دع��وة منظمات وم�ؤ�س�سات الإغاثة الدولية ملد يد العون له�ؤالء املنكوبني يف بورما ويف خميمات اللجوء يف دول اجلوار.
كما ندعو منظمة الأم��م املتحدة لإدان ��ة ه��ذه الأع�م��ال ال�برب��ري��ة ال�لا�إن���س��ان�ي��ة وال�لا�أخ�لاق �ي��ة وت��وف�ير احل�م��اي��ة � إننا نخاطبكم ب�صفتكم الر�سمية كممثل للأممية الدولية ل�شعب الروهينغا ،كما ندعو جمل�س الأمن الدويل العاملية يف هيئة الأمم املتحدة لن�ضعكم �أمام م�س�ؤوليتكم م��ن خ�لال�ك��م لت�شكيل جل�ن��ة دول�ي��ة لتوثيق ه��ذه اجل��رائ��م التاريخية ون��دع��وك��م ل�ب��ذل ك��ل اجل�ه��ود املمكنة وات�خ��اذ وتقدمي ا ُ جلناة للمحاكمة �أمام املحكمة اجلنائية الدولية. ال� �ق ��رارات وال �ت��داب�ي�ر والإج � � ��راءات ال��وق��ائ �ي��ة ال�لازم��ة ون�س�أل اهلل تعالى �أن يك�شف عن �أخوتنا يف بورما الكرب حلماية �أرواح امل�ست�ضعفني من الن�ساء والأطفال وال�شيوخ ويعجل بالفرج القريب ،وال حول وال قوة �إال باهلل. من �شعب الروهينغا. وتف�ضلوا معاليكم بقبول فائق الإحرتام �إننا يف املنتدى العاملي للو�سطية وبكافة فروعه يف دول الأمني العام/ املهند�س مروان الفاعوري العامل نهيب بكم مد يد العون وامل�ساعدة له�ؤالء الأبرياء الذين يذهبون �ضحايا للعن�صرية والفا�شية والتطهري
كل عام وانتم بألف خير ..بمناسبة
العام الهجري الجديد
1439
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
97
98
ال�سنة التا�سعة :العدد الثامن والع�شرون -حمرم 1439هـ /ت�شرين الأول ٢٠١7م
99
100