الهيئة االستش�ارية للمجلة الإمام ال�صادق املهدي/ال�سودان معايل الدكتور عبد الرحيم العكور /الأردن معايل الدكتور عبد ال�سالم العبادي /الأردن الدكتور حممد طالبي/املغرب الدكتور م�صطفى عثمان �إ�سماعيل/ال�سودان الدكتور عبد الإله ميقاتي /لبنان الأ�ستاذ الدكتور �أبو جرة ال�سلطاين /اجلزائر الدكتور �سعد الدين العثماين /املغرب الدكتور حممود ال�سرطاوي /الأردن
السنة الثامنة :العدد الثاني والعشرون -جمادى اآلخرة 1437هـ /آذار ٢٠١6م
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الأ�ستاذ منت�صر الزيات/م�صر الدكتور حممد حب�ش�/سوريا الدكتور زيد املحي�سن/الأردن
هيـئـة التـحريـر املهند�س مروان الفاعوري الأ�ستاذ الدكتور حممد �أحمد الق�ضاة الدكتور ح�سن املبي�ضني الدكتور زهاء الدين عبيدات الدكتور �سليمان الرطروط الدكتور علي احلجاحجة الدكتور زيد املحي�سن
عدد خا�ص مبنا�سبة انعقاد امل�ؤمتر الدويل
" بني نهج الإعمار ونهج الدمار"
المشرف العام على المجلة الدكتور زهاء الدين عبيدات
تصدر عن
تصميم وإخراج ب�����ل�����ال امل����ل���اح
المنتدى العالمي للوسطية عمان المملكة األردنية الهاشمية ّ -
المراسالت املوا�ضيع املن�شورة ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املنتدى العاملي للو�سطية وحق الرد مكفول للجميع
عمان 11941األردن هاتف - 5356329 :فاكس - 5356349:ص.بّ 2141 : E-mail: mod.inter@yahoo.com - Web Site: www.wasatyea.net
محتويات العدد االفتتاحية
درا�سات الو�سطية
مقاالت الو�سطية
ن�شاطات الو�سطية
بيانات الو�سطية
واحة الو�سطية م�سابقـة العـدد
4
من جتليات الو�سطية الر�ؤية املقا�صدية امل�ؤمتر الدويل" بني نهج الإعمار ونهج الدمار"
م .مروان الفاعوري
3 5
• التحديـات التي تواجـه الثقافــة العربيــة
�أ.د .عزمي طه ال�سيد �أحمد
9
• احلماية القانونية للمدنيني يف ظل النزاعات امل�سلحة • امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف اخلطاب الإ�سالمي • جتليات مفهوم الو�سطية لدى بع�ض احلركات الإ�سالمية • مقومات القيادة الإدارية الرتبوية يف �ضوء الفكر الإ�سالمي • نظرية امل�آل و�أثرها على االجتهادات الفقهية حديثاً وقدمياً • حقوق الأقليات الدينية يف الديار اال�سالمية • هل للو�سطية مدر�سة؟؟ • ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية • املقاربة املوريتانيـة ملحاربـة التطـرف والإرهـاب • ما هو م�صري التنظيمات الإِرهابية يف ظل تقاطع وجهات النظر حول مكافحة الإِرهاب • ر�ؤية يف االرهاب • حماربة الف�ساد يف الإ�سالم • قوة الأمة يف وحدتها • الطائفيـ ـّة فتنة احلا�ضر وامل�ستقبل امل�ؤمتر العلمي الدويل الرابع الوقف على البحث العلمي و�أثره يف ال�شهود احل�ضاري �أهم ن�شاطات قطاع املر�أة يف منتدى الو�سطية للفكر والثقافة (عام 2015م) ندوة العامل وحتدي االرهاب عقدها املنتدى العاملي للو�سطية بالتعاون مع ديوان الوقف ال�سني العراقي ندوة حول ق�ضايا �إ�سالمية معا�صرة :ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية التعددية املذهبية و�أثرها يف بناء الأمة خطر التطرف على العامل الإ�سالمي عقد املنتدى العاملي للو�سطية فرع اجلزائر دورة بعنوان (مهارات احلديث يف الإر�شاد الديني) املنتدى العاملي للو�سطية فرع اجلزائر يعقد ور�شة تدريبية �أقام املنتدى العاملي للو�سطية فرع ال�سودان ور�شة عمل بعنوان: ثقافة الو�سطية يف مواجهة التع�صب للحد من �أثره يف املجتمعات» املنتدى العاملي للو�سطية يف تون�س يعقد الندوة الفكرية «الر�ؤية املقا�صدية يف ال�شريعة علماء املغرب اال�سالمي منوذجا» املنتدى العاملي للو�سطية يف تون�س يعقد الندوة الفكرية بعنوان " دور املر�أة يف حماربة الغل ّو و�صناعة احلياة" املنتدى العاملي للو�سطية فرع كرد�ستان يعقد ندوة بعنوان من �أجل تنمية وتثبيت اخلطاب الإ�سالمي الو�سطي عقد الدورة التكوينية للأئمة واخلطباء يف موريتانيا بيان املنتدى العاملي للو�سطية حول حرق القن�صلية ال�سعودية يف �إيران
�أ.د .مازن الفاعوري د .نوال �شرار د .ح�سان ال�صفدي د .زهاء الدين �أحمد عبيدات د .عبداحلق ميحي د .حممد حب�ش د .جواد العناين د .زيد �أحمد املحي�سن �أ .بن عمر يل اللواء الركن (م) عدنان عبيدات د .ح�سن علي املبي�ضني د.عبد احلميد �صالح القطيطات د .حممد خري العي�سى د .جلني الدوري
92
بيان حول تفجريات ا�سطنبول
93
بيان حول التطهري الطائفي يف العراق و�سوريا
93
بيان حول تفجريات مايل
94
19 25 29 36 41 47 54 56 59 62 66 68 70 72 74 75 76 78 80 82 83 84 85 87 89 90 91
بيان يدين التفجري االرهابي يف انقرة
94
بيان �إدانة العمل الإجرامي يف نيجرييا
95
بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول اجلرمية النكراء التي ارتكبت بحق جامعة با�شخان يف باك�ستان
95
�إدانة للعمل الإرهابي يف جاكارتا
96
الرتابي يف ذمة اهلل ..
96
بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول ا�ست�شهاد الزيود
97
اجلابري يف ذمة اهلل..
97
بيان �إدانة تفجريات بروك�سل
98
الركن الطبي ..من �آيات اهلل
د.ذيب عبد اهلل /ا�ست�شـاري طـب الأطفـال
ق�صيده �صادق العربات
د.ذيب عبد اهلل
�شخ�صي ـّة الع ــدد
�إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
العالمة ال�شيخ الأ�ستاذ الدكتور حممود نادي عبيدات
99 101 102 106
افتتاحية العدد
من تجليات الوسطية الرؤية املقاصدية املهند�س مروان الفاعوري الأمني العام للمنتدى العاملي للو�سطية
َ معارف ونظريات احل�ضارات �أ ّم� ��ة الإ���س�ل�ام خُ ��ّ��ص��ت ب��اخل�ير ّي��ة وال �� �ش �ه��ادة على ورخاء ،وما نقّح ُه العلماء من النا�س ،و ُك� ِّر َم��ت بالر�سالة اخلامتة ،ولكل خ�صي�صة من ال�سابقة ،ف�شهد العامل منط ًا جديد ًا من التعامل قوامه ه��ذه اخل�صائ�ص ��ش��روط وعنا�صرمطلوب ت��واف��ره��ا يف الإميان وال ِع ْلم والعدل والت�سامح. املنتمني لهذه الأ ّمة� ،أو على الأقل يف َمن يتولون �أمرها يف ثم طر�أت على امل�سلمني ظروف �صنعتها عوامل االبتعاد املجاالت املختلفة .وقد َحقّق �سلفنا ال�صالح �شروط ال�شهود احل�ضاري يف ع�صرهم؛ ف�أحدثوا حتو ًال على الأ�صعد ِة كافة ،عن �أ�صول املنهج ،وال�صراعات حول احلكم ،واالختالف ّ ونقلوا الب�شر ّية من حياة اجلاهل ّية بظالمها �إلى حياة ال ِع ْل ِم املذموم ،والغزو اخلارجي؛ ف�ضعفت الأ ّم��ة وخ��ار عزمها احل�ضاري. والعدل والرحمة ف�ض ًال عن الإميان ،وربطوا حركة الإن�سان وتراجعت عن وظيفة ال�شهود ّ معنى وللم�سري ِة غاي ًة، باملنهج ال إ�سالمي الذي يجعل للحياة ً ّ ّ ِ ِ ِ ُ ويف القرون املت�أخرة بد�أت الأ ّمة حماوالت ا�سرتجا ِع قال تعالى�} :أَف ََح ِ�س ْبت ُْم َ�أ مَّنَا خَ َل ْقنَا ُك ْم َع َبث ًا َو َ�أ َّن ُك ْم �إِ َل ْينَا َال يادي؛ متثلت تلك املحاوالت يف ن�شاط املجتهدين ون{(امل�ؤمنون )115ْ:ووا�صلت الأ ّمة التم ّيز يف العطاء طيلة دورها الرِ ّ ُت ْر َج ُع َ ع�صرالر�سالة والقرون اخليرّ ة التي تلتها ،ونقلوا للإن�سان ّية والإ�صالحيني واملجاهدين ،وال زالت امل�ساعي حثيثة لبلوغ يف �أرج��ا ِء املعمورة الأربعة؛ ما �أنتجته العقول امل�سلمة من الغاية املن�شودة ،وهذا امل�ؤمتر واحد من املحاوالت اجلا ّدة علوم وم�ع��ارف ،وم��ا �أجن��زت��ه الإدارة الرا�شدة من عدلٍ لبلورة ر�ؤية ِع ْلم ّية َع َمل ّية ت�ساهم يف نه�ض ِة الأ ّمة.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
5
�إن ال�ن�ظ��رة ال َّت ْجزيئية الحت�ق��ق النه�ضة املطلوبة؛ فمانعانيه اليوم من تراجع قيمي ،ومن ت َي ُّب�س ِذهني ،ومن تع�صب طائفي ،وم��ن اقتتال دم��وي؛ تف ُّرق ُق� ْ�ط��ري ،وم��ن ُّ هو نتيجة حتمية لغياب ال��ر�ؤي��ة املقا�صدية للعاملني يف جمال الدعوة؛ فالر�ؤية التجزيئة غذتها املناهج الروائية التحفيظية التي غاب عنها منهج التحليل والنقد واملقارنة والنظرة ال�شمولية للر�سالة اخلامتة؛ التي حملت كلمة اهلل الأخرية للب�شرية.
ثالثا:القدرة على فهم ال ّت َن ُّوع يف ال�ساحة الإ�سالمية؛ تاريخ ًا وحا�ضر ًا؛ فقه ًا وفكر ًا و�سيا�س ًة وتنظيمات؛ باعتباره عامل �إ ْثراء ولي�س اختالف تنازع وت�صادم؛ مماي�ساعد على اال�ستفادة من كل املدار�س الإ�سالمية يف جتلياتها الظاهرية والعقلية والكالمية وال�صوفية واحلركية واالجتماعية؛ نظرا لوحدة امل�صدر والغاية .انطالقا من اعتقاد را�سخ ب�أن العطاء الإلهي الحدود له والح�صر .قال تعالىَ } :و َل ْو �أَ مَّنَا فيِ الأَ ْر ِ�ض ِمن �شَ َج َر ٍة �أَقْال ٌم َوا ْل َب ْح ُر يمَ ُ ُّد ُه ِم ْن َب ْع ِد ِه َ�س ْب َع ُة ات اللهَّ ِ ( {..لقمان.)27: �أَ ْب ُحرٍ َّما َن ِف َد ْت َك ِل َم ُ
�إن ال�ساحة املغاربية لعاملنا العربي والإ�سالمي؛ يعود لها الف�ضل يف بلورة املنهج املقا�صدي .فالإمام ال�شاطبي ،وابن ر�شد ،وبن عا�شور ،وعالل الفا�سي ،والري�سوين ،ونورالدين رابعا:ت�صحيح املفاهيم ب ��إع��ادة النظر يف املناهج اخلادمي ،وغريهم من العلماء املغاربة قدموا عمال عظيما التي �ش َّكلت الواقع املُ�شَ َّوه الذي نعي�شه ،فاملناهج التعليمية يف ت�أ�صيل وتقعيد وتطوير فقه املقا�صد. وال�ترب��وي��ة؛ تعتمد على ال��رواي��ة واحل�ف��ظ ،وجتعل امل�سلم واليوم ف�إن �أمتنا �أحوج ما تكون النتهاج الر�ؤية املقا�صدية ُم َت َلقِّي ًا ولي�س ُمت ِ َفاع ًال ،وحافظ ًا للن�صو�ص ولي�س ُم َت َفقِّه ًا! يف كل �أمورها حتى تتمكن من جتاوز حالة الالتوازن احلالية وعقله اجلمعي ي�ستبعد تكرار جيل ال�صحابة ؛ك�أن القر�آن وت�ستعيد دورها يف ال�شهود احل�ضاري؛ �إن الر�ؤية املقا�صدية نزل لهم وحدهم ولي�س لكل الأم��ة! �إن الر�ؤية املقا�صدية حتقق فوائد عظيمة �أهمها: ت�صحح هذه املفاهيم اخلاطئة وت�ست�صحب قوله تعالى: ون �أوال :النظرة ال�شاملة للإ�سالم باعتباره دينا خامتا } ِت ْل َك �أُ َّم ٌة َق ْد خَ َل ْت َل َها َما َك َ�س َب ْت َو َل ُكم َّما َك َ�س ْبت ُْم َو َال ت ُْ�س َ�أ ُل َ ون{ (البقرة )141:اعماال لقاعدة العربة بعموم يخاطب كل مطالب احلياة الإميانية والفكرية واالجتماعية َع َّما َكا ُنوا َي ْع َم ُل َ واالقت�صادية؛يف جتلياتها الفردية واجلماعية والأممية؛ اللفظ البخ�صو�ص ال�سبب. حتقيقا مل�ف�ه��وم اخل�ير َّي��ة ال ��ذي ُك � ِّرم��ت ب��ه ه��ذه الأم ��ة. ون ِبالمْ َ ْع ُر ِ وف َو َت ْن َه ْو َن } ُكنت ُْم خَ يرْ َ �أُ َّم ٍة �أُخْ رِ َج ْت ِللن ِ َّا�س َت�أْ ُم ُر َ خام�سا :اجلمع بني القراءتني؛ قراءة الكتاب امل�سطور، ُون بِاللهَّ ِ �({...آل عمران)110: َعنِ املُن َكرِ َو ُت�ؤ ِْمن َ وقراءة الكتاب الكوين� ،سطح ًا وبحر ًا وف�ضا ًء ،جماد ًا ودا َّب ًة ثانيا:التعامل مع اجتهادات ال�سلف من خالل مناهجهم وب�شرا ،قوانني و�سنن ًا ،تاريخ ًا وحا�ضر ًا ،واجب ًا �شرع ّي ًا التي � َّأ�صلوها وق َّعدوا لها؛ ولي�س من خالل فتاويهم اجلزئية؛ وواقعا معا�ش ًا� ،آالم ًا و�آما ًال. املحكومة بظروف الزمان واملكان والبيئة التي عا�شوا فيها؛ �إن ا�ستعادة هذه القراءة من �ش�أنها �أن ت�صحح امل�سرية، ا�ست�صحابا للمالئم من انتاجهم الفقهي لأو�ضاعنا و�إعما ًال حلقنا يف الفهم والرتجيح واالختيار ،وت�أكيدا للتوا�صل بني ومت ِّكن الأم��ة من اال�ستفادة من كل طاقاتها وتوظيفها ين َجا ُءوا ِم ْن َب ْع ِد ِه ْم لتحقيق �أمر اال�ستخالف الذي خلقت لأجله. ال�سلف واخل َلف .قال تعالىَ } :وال َِّذ َ ين َ�س َبقُونَا بِالإِ َميانِ َو َال َيقُو ُل َ ون َر َّبنَا اغْ ِف ْر َلنَا َولإِخْ َوا ِننَا ال َِّذ َ الذ ْكرِ �أ َّنَ قال تعالىَ } :و َلق َْد َك َت ْبنَا فيِ ال َّز ُبو ِر ِم ْن َب ْع ِد ِّ ين � َآمنُوا َر َّبنَا �إِن ََّك َر ُء ٌ وف َّر ِحي ٌم{ تجَ ْ َع ْل فيِ ُق ُلو ِبنَا ِغ ًّال ِّل َّل ِذ َ َ (احل�شر)10: ون{ (الأنبياء.)105: ال�صالحِ ُ َ الأ ْر َ�ض َيرِ ُث َها ِع َبا ِد َي َّ
6
�إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
7
يقيم املنتدى العاملي للو�سطية امل�ؤمتر الدويل
"بني نهج الإعمار ونهج الدمار" خالل الفرتة من 2016/4/10-9 فندق املريديان عمان – اململكة االردنية الها�شمية املقدمة: ي��أت��ي ه��ذا امللتقى يف وق��ت ت�شتد فيه وت�يرة اخل��راب والإحرتاب وتتعالى فيه طبول احلرب والدمار بحيث باتت تغطي بدخانها ولهيبها على �أ�صوات العقالء والبناة وحماة الإن�سانية وحتاول و�أد دعاة الإ�صالح وخنق دعواتهم غيل ًة وغدر ًا ت�سهي ًال للطغاة والغالة ومتكين ًا للغزاة من ال�سيطرة على قرارنا ومقدرات �أمتنا ،وقد كان الإ�سالم وال يزال منهج ًا رباني ًا ي�سعى للبناء واحل��وار حيث عنى الإ�سالم بعمارة االر�ض ورعاية الكون عناية خا�صة و�أوالها �إهتماما م�شهود ًا ف�إنه �سبحانه وتعالى خلق الكون وهي�أ فيه الظروف املثلى للحياة ال�سعيدة امل�ستقرة ،ثم ا�ستخلف فيه الإن�سان ليقوم ب�إعماره على الوجه الأكمل الذي يحقق به مر�ضاة ربه وخدمة بني جن�سه وخدمة الكون من حوله ،قال تعالى: " هو ان�ش�أكم من الأر�ض وا�ستعمركم فيها"� ،إال ان اكرب مهدد ال�ستمرار احلياة الطبيعية على هذا الكوكب الوليد �إمن��ا ي�أتي من �سفك ال��دم��اء والإف�ساد يف االر���ض ،يقول �سبحانه وتعالى} :و�إذ قال ربك للمالئكة �إين جاعل يف االر���ض خليفة قالوا اجتعل فيها من يف�سد فيها وي�سفك الدماء"{ فالإف�ساد هو نقي�ض الإعمار وهو ما تقوم به ليكون ذلك �إنقاذ ًا للب�شرية من منهج الدمار الذي ينادي بع�ض احلركات التي ترتدي لبو�س القدا�سة وحقوق الإن�سان وترتكب كل �صور القتل والتدمري و�سفك ال��دم��اء وهدم به كل املتطرفني واملنغلقني الذين ي�سعون الى اختطاف كل ما هو منجز ح�ضاري و�إن�ساين يف اعتداء �صارح على م�ستقبلنا و�سعادتنا. القيم واملثل العليا ،لهذا ف�إن املنتدى العاملي للو�سطية ومن خالل ر�سالته الفكرية التوعوية يهدف الى �إب��راز املنهج احلقيقي الإ�سالمي وهو منهج البناء والنماء والإيجابية و�شعاره احلياة يف �سبيل اهلل �أ�سمى �أمانينا يف “ عامل ي�سود فيه احلق والإعتدال والت�سامح خال من التطرف والعنف والغلو” و�إبراز �صورة الإ�سالم فكر ًا وثقافة و�سلوك ًا ح�ضاري ًا ال�صعد مفند ًا منهج دعاة الدمار واخلراب �أي ًا على كافة ُ كانوا يف هذا الع�صر الذين يريدون �أن يقيموا دولة الإ�سالم بجماجم امل�سلمني ودع��اة ال�صدام احل�ضاري ،مما �أدى �إلى �ضياع الأمة بني تيار التكفري والتغريب وتيار والتكفري والتدمري ،وبني هذا وذلك وقف املنتدى العاملي للو�سطية يعمل على ت�صويب املنهج وق�ي��ادة االم��ة نحو ال�صراط امل�ستقيم لإنقاذها من كبوتها م�صداق ًا لقوله " :وان هذا �صراطي م�ستقيم ًا فاتبعوه وال تتبعوا ال�سبل فتفرق بكم عن �سبيله ذلك و�صاكم به لعلكم تتقون" .
8
�إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
• �أهداف امل�ؤمتر: � .1إبراز املنهج احلقيقي للإ�سالم العظيم الذي يدعو الى �إعمار الكون وبناء النف�س الإن�سانية ب�إيجابية يف كافة مظاهر احلياة فيها. .2ت�صويب املفاهيم اخلاطئة حول حقيقة الإ�سالم والعمل على تفنيدها وبيان عظمة الإ�سالم و�أنه دين رحمة وتعاون و�سالم. .3ابراز التحديات التي تواجه وحدة الأمة (العنف الطائفي ،خطاب الكراهية ،وتوظيف التطرف ال�سيا�سي). .4ابراز دور نهج الو�سطية والإعتدال يف تعزيز حالة الإ�ستقرار والأمن للأوطان والإن�سان. .5بيان خطورة التيارات الهدامة التي ت�ستخدم العنف وت�شيع الدمار والذعر يف حياة الإن�سان واملجتمع والإن�سانية و�أثر ذلك على ت�أخري وترية التنمية والبناء.
• املحاور: .1دور العلماء يف تر�سيخ قيم الإعتدال. .2دور م�ؤ�س�سات املجتمع املدين يف احلد من ظاهرة التطرف والإرهاب .3توظيف امل�ؤ�س�سة الإعالمية (مرئي ،م�سموع ،مكتوب ،الكرتوين) يف احلد من التع�صب املذهبي والإختالف الطائفي. .4دور الأ�سرة يف تن�شئة جيل ي�ؤمن بالقيم الإن�سانية امل�شرتكة. .5التحوالت داخل احلركات الإ�سالمية من ثقافة العنف الى ثقافة ال�سلم. .6منهج الإ�سالم يف البناء والدعوة واحلركة. .7املرجعية الدينية بني التهمي�ش و التقدي�س .8الو�سطية والإعتدال خيار الأمة الإ�سالمية. .9منهج القر�آن وال�سنة النبوية يف التعددية واحلوار. .10
دور املفكرين والكتاب يف تعزيز منظومة القيم الإن�سانية.
.11
الإعتدال والو�سطية و دورها يف تعزيز ثقافة ال�سلم وامل�صاحلة الوطنية.
.12التحديات التي تواجه وحدة الأمة (العنف الطائفي ،خطاب الكراهية ،توظيف التطرف ال�سيا�سي.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
9
• دراسات الوسطية
• • احلماية القانونية للمدنيني يف ظل النزاعات امل�سلحة • امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف اخلطاب الإ�سالمي • جتليات مفهوم الو�سطي لدى بع�ض احلركات الإ�سالمية • مقومات القيادة الإدارية الرتبوية يف �ضوء الفكر الإ�سالمي د. • نظرية امل�آل و�أثرها على االجتهادات الفقهية حديثاً وقدمياً التحديـات التي تواجـه الثقافــة العربيــة
�أ.د .عزمي طه ال�سيد �أحمد املحامي الدكتور مازن الفاعوري
الدكتورة نوال �رشار د .ح�سان ال�صفدي زهاء الدين �أحمد عبيدات
د .عبداحلق ميحي
� 10إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
دراسات الوسطية
التحديـات التي تواجـه الثقافــة العربيــة
احلمد هلل رب العاملني ،وال�صالة وال�سالم على ر�سول اهلل حممد بن عبد اهلل ،وعلى �إخوانه �أنبياء اهلل ور�سله �أجمعني ،وعلى �آل حممد الأطهار ،وعلى �صحابته ومن تبع هداه ب�إح�سان ،وبعد؛ ف�س�أقوم ،توطئة للبحث بتحديد املعاين املق�صودة بالألفاظ وامل�صطلحات ال��واردة يف عنوان املحا�ضرة، و�أبد�أ بـ: مفهوم التحديات: املق�صود بالتحديات قوى �أو �أحوال طبيعية� ،أو �أمور �أو �أو�ضاع اجتماعية �إن�سانية ،غري مرغوبة وخمالفة ملا نعتقده �أو نطمح �إليه ،وت�شكل عوائق �أمام حتقيق �أهدافنا وغاياتنا على م�ستوى الفرد �أو على م�ستوى اجلماعة ،وتهدف بع�ض هذه الأو�ضاع �أو الأم��ور – يف الوقت نف�سه – �إلى حتقيق الغلبة والهيمنة لها على �أو�ضاعنا وجوانب حياتنا املختلفة، وجعلها تابعة لها. و��س��وف يقت�صر البحث على التحديات االجتماعية الإن�سانية التي هي من فعل الإن�سان دون التحديات الطبيعية النا�شئة عن الأح��وال الطبيعية التي ال مدخل للإن�سان يف �إيجادها ،كتحدي ال�صحراء واجلفاف ووجود مناخ �صعب حر ًا �أو برودة وما �شابه ذلك.
�أ.د .عزمي طه ال�سيد �أحمد
رئي�س هيئة حترير املجلة الأردنية يف الدرا�سات الإ�سالمية عميد البحث العلمي – جامعة �آل البيت -الأردن مفهوم الثقافة: ه��ذا اللفظ من �أك�ثر امل�صطلحات ت��داو ًال و�شيوع ًا يف الكتابات املعا�صرة ،وكل يدعي �إليه ن�سب ًا ووالية ،وتتعامل الغالبية العظمى من الكتاب واملتعلمني بعامة ،مع لفظ الثقافة وك�أنه م�صطلح معروف لكل �أحد ،ويرون �أن احلديث يف بيان داللته ف�ضول من القول .ومع هذا ،ف�إن م�صطلح الثقافة – كما و�صفناه منذ �أكرث من عقد من الزمان – م�صطلح جذاب وم�ضلل؛ جذاب ل�شيوعه ودالالته الإيجابية يف �أذه��ان النا�س وا�ستخدامه يف مقامات امل��دح والثناء، ولكنه م�ضلل لكرثة ما يطرح له من مفاهيم ودالالت خمتلفة ومتعار�ضة �أحيان ًا ،ت�ؤدي كرثتها �إلى عدم الدقة يف البحث، و�إل��ى ت�ضليل الباحث من الو�صول �إل��ى احلقيقة يف بحثه لق�ضايا الثقافة.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
11
لهذا نرى �ضرورة حتديد املق�صود بالثقافة بعامة ،ليت�ضح بعد ذلك املق�صود بـ التحديات التي تواجه الثقافة العربية ،فنقول: الثقافة (بعامة) معرفة عملية مكت�سبة تنطوي على جانب معياري وتتجلى يف �سلوك الأفراد الواعي يف تعاملهم يف احلياة االجتماعية مع الوجود (يف �أجزائه املختلفة()1 �أي التعامل مع اهلل (خالق كل �شيء) ،ومع ال��ذات ،ومع الآخ��ر ،ومع الكون الطبيعي ،ومع الأف�ك��ار ،ومع الو�سائل والأدوات ،ومع الزمن ،ومع الغيب. ال �أود التف�صيل يف �شرح ه��ذا التعريف ،لكن �أ�شري ب�إيجاز �إلى بع�ض الأفكار التي ت�ضمنها ،ف�أقول: املعرفة النظرية لي�ست داخلة يف الثقافة – وفق هذاالتحديد -بل العملية منها فقط ،ومعلوم �أن املعرفة النظرية تختلف عن املعرفة العملية يف الغاية؛ فالنظرية غايتها الو�صول �إلى حقائق الأ�شياء فح�سب� ،أما العملية فغايتها الفعل وال�سلوك والتطبيق� ،أي العمل بكل �صوره و�أ�شكاله. والثقافة مكت�سبة ،ولي�ست فطرية يولد الإن�سان مزود ًابكيفية فعلها وممار�ستها. ويف الثقافة جانب معياري ي�شري �إلى ما ينبغي �أن يكونعليه الفعل وال�سلوك ،و�إل��ى احل��ال��ة الأم�ث��ل املطلوبة واملرغوبة ،و�إلى املعيار الذي يقا�س �إليه الفعل وال�سلوك قرب ًا �أو بعد ًا ،فهو بعبارة �أخرى – اجلانب القيمي.
حمدد من الوجود مركز ًا عليه ،في�صري ذلك يف الغالب مهنته؛ وعليه ،ف�إن هناك ثقافة عامة تتمثل يف تعامل الإن�سان يف احلياة مع جوانب الوجود على نحو جممل ي�شمل املنطلقات والأ�س�س وامل�ب��ادئ والقواعد الكلية وال�ضوابط؛ وثقافة خا�صة ،بل ثقافات خا�صة ،مرتبطة بالثقافة العامة ،لكنها متعددة ومتنوعة بح�سب تنوع جوانب الوجود اجلزئية� ،إذ هي معرفة عملية تتعلق بالتعامل مع جزء حمدد من الوجود. و�أختم مبفهوم اللفظ الأكرث و�ضوح ًا ،و�أعني: مفهوم العربية (والعرب): لفظ العربية – كما هو وا�ضح ومعلوم – ن�سبة �إلى العرب ،والعرب �شعوب ت�شكل �أمة تقطن حيزا ً جغرافي ًا ميتد من اخلليج العربي وجبال زاجرو�س �شرق ًا �إلى �شاطئ املحيط الأطل�سي غرب ًا ،وم��ن جبال طورو�س وال�سواحل ال�شمالية للبحر الأبي�ض املتو�سط �شما ًال �إلى �شاطئ املحيط الهندي وال�صحراء الكربى الإفريقية جنوب ًا ،وينتمون �إلى الن�سب العربي ،ويتكلمون اللغة العربية ،ولهم تاريخ واحد ،ويدينون – الغالبية العظمى منهم – بدين واحد هو الإ�سالمية ،وميار�سون عادات وتقاليد مت�شابهة �إلى حد كبري ،وت�سود جمتمعاتهم اجلزئية قيم واحدة ،وي�شرتكون جميع ًا يف امل�صري وامل�ستقبل كما ا�شرتكوا يف املا�ضي يف التاريخ واحل�ضارة. املق�صود بالثقافة العربية
واحلق �أن هذا اجلانب املعياري يف الثقافة هو الذي مييز ثقافة عن �أخرى ،واملقارنة الأعمق والأدق بني الثقافات يف �ضوء ما تقدم من حتديد للثقافة وتو�ضيح لـ العرب، هي مقارنة بني جوانبها املعيارية. ميكننا القول ب�أن تلك املعرفة العملية املكت�سبة التي تنطوي والثقافة لي�س حملها الكتب �أو يف الأذهان فح�سب ،بل ال على جانب معياري (جمموعة من القيم) م�ستمدة منبد �أن تظهر وا�ضحة جلية يف �سلوك الفرد �أو اجلماعة عقيدة الأمة العربية وتراثها امل�شرتك ،وتتجلى يف �سلوك يف حياتهم و�سط جمتمعاتهم ،وعليه ال يكون الفرد الأف ��راد ال��واع��ي يف تعاملهم يف احل�ي��اة االجتماعية مع مثقف ًا بالفعل �إال �إذا مار�س يف حياته ما لديه من معرفة الوجود (يف �أجزائه املختلفة). عملية ،فتمام الثقافة ممار�ستها. فالثقافة العربية يف حتديدنا هذا ال تعنى جانب ًا بعينه مما والإن�سان يف احلياة يتعامل مع جميع �أج��زاء الوجود هو �شائع �أو مرت�سب يف الأذهان ،ك�أن تكون الفكر �أو الأدب– امل�شار �إليها �آنف ًا – طوع ًا �أو كره ًا يف �صورة جمملة �أو الفنون �أو التعليم� ،أو الأخذ من كل علم �أو فن بطرف؛ وعامة ،كما يتعامل -ب�صورة تف�صيلية -مع جانب �إن لكل واحد من هذه الأمور �صلة ما بالثقافة� ،إال �أن ك ًال منها م�صطلح خا�ص ،وله جماله ومعاجلاته اخلا�صة به، -1ق�سمنا الوجود يف هذا املقام �إلى خالق وخملوقات ،ت�أ�سي�س ًا على الق�ضية الوجودية ومعظمها نظري الطبيعة ،يف حني �أن املعنى الذي نق�صده الأولى :اهلل خالق كل �شيء ،ثم �إن اهلل واحد ال كرثة فيه� ،أما املخلوقات فال ح�صر هنا �أدخل يف نطاق علم الإن�سان (الأنرثوبولوجيا) ،ونحن لها ،لكنه ميكن ت�صنيفها �إلى �أق�سام كربى ،وقد اخرتنا التق�سيم الآتي لها :الذات ،نطرحه كتعريف يدخل �ضمن تعريفات هذا العلم ،لكننا نزعم �أنه يتميز عليها با�ستيفائه ل�شروط و�ضع امل�صطلح والآخر ،والكون الطبيعي ،والأفكار ،والو�سائل والأدوات ،والزمن ،والغيب. � 12إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
العلمي()2؛ �إن جوهر الثقافة العربية هي املعرفة بكيفية -حتديات تواجه الثقافة العربية على م�ستوى الفرد، التعامل مع جوانب الوجود املختلفة ،ه��ذه الكيفية التي تعيقه عن جت�سيد ثقافته العربية يف �سلوكه باعتباره ي�ضبطها ويحكمها جانب معياري ي�شكل منظومة من القيم فرد ًا ينتمي �إلى هذه الثقافة. ارت�ضتها هذه الأمة يف ما�ضيها وحا�ضرها. حتديات تواجه الثقافة العربية على م�ستوى املجتمعاتوالآن� ،إذا ركبنا معاين ه��ذه الأل�ف��اظ التي ت�ضمنها والأمة العربية ،تعيقها عن جت�سيد هذه الثقافة العربية العنوان� ،أمكننا القول ب�أن: يف ح�ي��ات�ه��ا .وه���ذان ال �ن��وع��ان بينهما ت�ف��اع��ل ج��ديل بال�ضرورة ،فما هو ف��ردي ي�ترك �أث��ره على اجلماعة التحديات التي تواجه الثقافة العربية هي جمموعة من والعك�س �صحيح. الأم��ور �أو الأو�ضاع االجتماعية الإن�سانية املت�صلة بالعامل العربي غري مرغوبة وخمالفة ملا تطمح �إليه الأمة العربية �أم��ا التحديات اخلارجية التي تواجه الثقافة العربية يف تعاملها مع الوجود ب�أجزائه املختلفة (�أي يف ثقافتها) ،فيمكن ت�صنيفها ب ��أك�ثر م��ن ط��ري�ق��ه ،وق��د اخ�ترن��ا لها ومتثل �صعوبات �أو ت�شكل ع��وائ��ق �أم��ام حتقيقها للحالة الت�صنيف الثالثي الآتي: املثلى التي ينبغي �أن يكون عليها هذا التعامل (�أي حتقيق هويتها الثقافية يف �صورتها الأكمل) ،و�أن بع�ض هذه الأمور -حتديات ترجع �إلى امل�شروع ال�صهيوين. والأو��ض��اع يهدف – يف الوقت نف�سه – �إل��ى الهيمنة على الثقافة العربية (�أي على كيفية تعامل الأم��ة العربية مع -حتديات ترجع �إلى امل�شروع والقوى الإمربيالية الغربية الوجود ب�أجزائه املختلفة) بالعمل على فر�ض طرق تعاملها والعوملة. مع الوجود على الأمة العربية. حتديات ترجع �إلى ما ي�سمى ال�شرعية الدولية.انتقل الآن �إلى احلديث عن هذه التحديات التي تواجه وهذه الأق�سام الثالثة �أي�ضا – كما �سرنى بعد قليل – بينها الثقافة العربية ،فن�س�أل :هل هذه التحديات موجودة حق ًا ،ترابط ،بل وحتالف يف العموم ،وخ�صو�ص ًا فيما يتعلق �أم �أن الأمر ال يعدو �أن يكون جمرد ريا�ضة فكرية؟ مبوقفها من الثقافة العربية. �ستجيب هذه املحا�ضرة عن هذا ال�س�ؤال ،بالت�أكيد على �أبد�أ ببيان موجز لـ: �أن هناك حتديات قائمة بالفعل على �أر�ض الواقع تواجهها الثقافة العربية ،و�أن�ه��ا ت�شكل خطر ًا حقيقي ًا على هذه التحديات الداخلية على م�ستوى الفرد: الثقافة ،و�أنها من الكرثة والتعدد بحيث ال بد للباحث عنها حتدي تنمية ا�ستعدادات الفرد وقدراته املختلفة:وفيها من حماولة ت�صنيفها ت�سهي ًال لدرا�ستها .ونرى �أنه العقلية والوجدانية (العواطف واالنفعاالت) واجل�سمية من املنا�سب تق�سيم هذه التحديات �إلى ق�سمني: وال��روح �ي��ة ،وذل ��ك لي�صبح ق� ��ادر ًا على جت�سيد ثقافته حتديات داخلية ،وهذه ترجع يف ن�ش�أتها وجتلياتها �إلى وتنميتها (�أي تنمية تعامله مع جوانب الوجود) �إلى �أقربظروف و�أو�ضاع و�أ�سباب قائمة وموجودة داخل الأمة درج��ة ممكنة م��ن احل��ال��ة املعيارية لهذه الثقافة ،هذه العربية وجمتمعاتها. التنمية لال�ستعدادات والقدرات لت�صل �إلى �أعلى درجاتها حتديات خارجية ،وهذه ترجع يف ن�ش�أتها وجتلياتها �إلى املمكنة ت�ساهم يف الت�صدي للتحديات الثقافية الأخرى،ظروف و�أو�ضاع و�أ�سباب وفواعل قائمة وموجودة خارج فكلما كانت هذه التنمية �أعلى درجة كانت قدرة الفرد على مواجهة التحديات الأخرى �أكرب. الأمة العربية وجمتمعاتها. هذا التحدي قائم با�ستمرار ويف كل الظروف ،وامل�س�ؤولية وبالنظر يف التحديات الداخلية القائمة يف داخل الأم��ة ،ميكن ق�سمة هذه التحديات �إلى ق�سمني بينهما فيه تقع على عاتق الأ�سرة �أو ًال ،ثم على امل�ؤ�س�سات الرتبوية يف املجتمع ،ثم هو م�س�ؤولية الفرد نف�سه بعد ذلك حني بطبيعة احلال ترابط وتداخل ،و�أثر وت�أثري ،وهما: ي�صل �إلى م�ستوى الر�شد وامل�س�ؤولية. � -2شروط و�ضع امل�صطلح هي :الو�ضوح والتمييز ،والقدرة على حل امل�شكالت املرتبطة بامل�صطلح على امل�ستوى النظري ،وعلى امل�ستوى العملي �أي�ض ًا �إذا كان يرتبط بامل�صطلح ق�ضايا عملية يف الواقع.
و�إذا كانت تنمية اجلانب العقلي لدى الأف��راد يف غاية الأهمية ،ف�إن تنمية اجلانبني الوجداين والروحي ال تقل يف �أهميتها عن اجلانب العقلي ،وحتتاج منا مزيد اهتمام.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
13
حتدي غياب القدوة احل�سنة ،هذا التحدي قائم يف قد �أ�ضاف �سمة �إيجابية �إلى ُهويته الثقافية و�شخ�صيته،الوقت احلا�ضر ،فلم يعد الوالدان �أو الأ�ساتذة هم القدوة و�ساهم يف مواجهة التحديات الثقافية التي تهدف احل�سنة للأبناء يف مراحل حياتهم الأولى ،وذلك لكرثة معظمها �إلى ا�ستهالك �أوقاتنا فيما ال طائل من ورائه. ما يعر�ض على �شا�شات التلفزة وو�سائل الأعالم املرئية حت��دي ال��ع��ادات اال��س�ت�ه�لاك�ي��ة ،وامل�ق���ص��ود هووامل�سموعة وامل�ق��روءة من من��اذج ل�شخ�صيات يفرت�ض فيها �أن تكون قدوة للآخرين ب�صورة عامة ،لكن هذه الإ� �س��راف �أو الرتكيز على جانب احل��اج��ات الكمالية النماذج املختلفة نادر ًا ما تكون قدوة ح�سنة� ،إن العربي التي ال حتقق تلبيتها �أية تنمية حقيقية للإن�سان و�إمنا امل�سلم قدوته الكربى هو الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم ،ت�ستهلك ماله و�صحته ووقته ،وتزيد من م�شكالته ،من واهلل �سبحانه وتعالى وجهنا لنجعله كذلك وذل��ك يف ذلك الإ�سراف يف امل�أكل وامللب�س وامل�شرب ،والتدخني قوله تعالى } :لقد كان لكم يف ر�سول اهلل �أ�سوة ح�سنة{ وا�ستخدام الأدوات والأجهزة التي ال تدعو �إليها حاجة (الأح��زاب ،)21/وبطبيعة احلال فهناك عظماء حقيقيون �سوى التباهي ،وال�سياحة غ�ير الهادفة وغ�يره��ا من يف تاريخ الأمة العربية القدمي واحلديث ميكن �أن يتخذوا مظاهر الرتف الزائد� .إن مثل هذه العادات اال�ستهالكية قدوة ح�سنة بالفعل� .إن وجود القدوة احل�سنة ي�ساهم يف تقلب �سلم �أول��وي��ات الفرد واهتماماته ،فت�صرفه عن تر�سيخ الهوية الثقافية العربية للفرد ،لأن ذلك يعني الأولويات احلقيقية لتحل حملها �أولويات مزيفة ،الأمر ال�سلوك احل�سن على �شاكلة النموذج �أو القدوة احل�سنة الذي ينعك�س على هويته الثقافية و�شخ�صيته. امللتزمة باجلانب املعياري للثقافة العربية. هذه فيما نرى �أبرز التحديات الداخلية على م�ستوى حتدي التقليد الأعمى لأن��واع ال�سلوك والعادات الفرد ،وننتقل �إلى احلديث عن:غري العربية وبخا�صة الغربية ،ف�أنواع ال�سلوك والعادات التحديات الداخلية التي تواجه الثقافة العربيةالغربية يف امللب�س وامل�أكل وامل�شروب والكالم والغناء على م�ستوى املجتمع ،والناظر �إل��ى املجتمع و�أح��وال��ه والرق�ص وق�ضاء �أوقات الفراغ وتعامل الأبناء مع الآباء �سيجد العديد من هذه التحديات ،و�سنكتفي ب�إيراد ما والتعامل بني الذكور والإناث وكل �أنواع التعامل يف احلياة نراه �أبرزها: (�أي الثقافة الغربية) ،تعر�ض علينا �صباح م�ساء وتدخل حتدي الوعي بال ُهوية الثقافية العربية ،واملق�صود�إلى بيوتنا دون ا�ستئذان ،حاملة معها الكثري من الغث والقليل من ال�سمني النافع ،والتحدي هنا كبري يف جانبه بهذا التحدي �أن املجتمع العربي بعامة يواجه �صعوبات الفردي ،وهو �أي�ض ًا – كما يف التحدي ال�سابق – م�س�ؤولية يف ن�شر وتر�سيخ ال��وع��ي ب��ال� ُه��وي��ة الثقافية العربية الأ�سرة واملجتمع ،لكنه بعد ذلك م�س�ؤولية الفرد �أي�ض ًا ،ال��واح��دة ،و�أن مالمح ه��ذه الهوية و�سماتها الرئي�سة وخ�ط��ورة ه��ذا التحدي املتمثل يف التقليد� ،أن��ه يرتك مل تعد �أم��ر ًا وا�ضح ًا يف الأذه��ان وال��وج��دان ،فبعد �أن �أثره يف الأفراد من �سن الطفولة ،التي هي �سن التقليد ،كانت �أن�شودة « :بالد العرب �أوطاين» تكرر على م�سامع ف�إذا ن�ش�أ الطفل على �سلوكيات معينة و�شب عليها وكانت التالميذ يف املدار�س ب�صورة يومية ،غابت هذه الأن�شودة �سلبية ومعار�ضة لثقافته ،ف�إن اقتالعها بعد ذلك �سيكون وهذا ال�شعار ،وحل حملها �شعارات قطرية تر�سخ ال ُهوية �أم��ر ًا غري ي�سري .وه��ذا التحدي الفردي هنا هو جزء القطرية يف وعي النا�شئة على ح�ساب الوعي بال ُهوية من حتدي الغزو الثقايف املوجه للأفراد وللمجتمع� .إن العربية ،و�ساهمنا يف الوطن العربي – ب�شكل مق�صود التقليد الأعمى ال يجعل للفرد �شخ�صية م�ستقلة وال هوية �أو غري مق�صود -يف تقلي�ص الوعي بال ُهوية العربية، حتى بات الأمر عائق ًا يحول بني الأمة العربية وحتقيق ثقافية متميزة. �أهدافها يف �أن يكون لها هوية ثقافية عربية اخل�صائ�ص، حتدي تنظيم الوقت وا�ستثماره ،واملق�صود قدرة ورا�سخة يف النفو�س.الفرد على ا�ستثمار وقته اال�ستثمار الأم�ث��ل والأن�ف��ع، التحدي الرتبوي ،واملق�صود به �أن امل�ؤ�س�سات�إن ال�شباب هم �أول��ى فئات املجتمع باالنتباه �إل��ى هذا التحدي ،حتى ال ي�ضيعوا �أوقاتهم �سدى دون ا�ستغاللها الرتبوية املختلفة يف املجتمع تعاين من ق�صور وعجز يف الأعمال التي تفيدهم وتفيد جمتمعهم .والر�سول عليه يعيق حتقيق ه��ذه امل�ؤ�س�سات ل�ل�أه��داف املن�شودة يف ال�صالة وال�سالم وجه امل�سلمني �إلى �أهمية فرتة ال�شباب جت�سيد الثقافة العربية وتر�سيخها يف ال�سلوك الفردي وا�ستغالل قوة الفرد فيها وذل��ك يف حديثه ال�شريف :واجلماعي� .أمام امل�ؤ�س�سات الرتبوية حتدي �إعداد املعلم (اغتنم خم�س ًا قبل خم�س� ،شبابك قبل هرمك...الخ)؛ املربي الذي ي�ؤمن ب�أن عمله يف مهنة الرتبية والتعليم هو �إن الفرد حني ال ي�ضيع وقته فيما ال جدوى منه ،يكون ر�سالة ولي�س جمرد وظيفة يتقا�ضى عليها راتب ًا نهاية � 14إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
كل �شهر ،وعلى املجتمع �أن يعيد �إل��ى املعلم االح�ترام والتقدير واملكانة االجتماعية التي ي�ستحقها ،وهذا حتد غري ي�سري؛ و�أمام امل�ؤ�س�سات الرتبوية حتدي تعليم الدين ب�شكل يحقق وظيفة الدين يف حياة الأفراد واجلماعات بحيث تتج�سد يف هذا ال�سلوك ال ُهوية الثقافية العربية ه��ذه الهوية التي ت�ستمد خ�صائ�صها اجلوهرية من الإ�سالم؛ و�أمام امل�ؤ�س�سات الرتبوية حتدي تعليم اللغة العربية بطريقة مي�سره فعالة وغر�س حمبتها يف نفو�س النا�شئة ال النظر �إليها على �أنها لغة قدمية غري ع�صرية؛ و�أمام امل�ؤ�س�سات الرتبوية حتدي �إعداد النا�شئة للحياة مزودين بالعلم وبالعادات الذهنية الإيجابية مثل القدرة على التفكري املنطقي ال�سليم واملنتج ،وعلى التفكري النقدي البناء ،وعلى احلوار واحرتام الر�أي الآخر ،وعلى ال�ت�ح��دي ال�سيا�سي ،وامل�ق���ص��ود ب��ذل��ك ق�صورحتمل امل�س�ؤولية ،بجانب توعيتهم ب�صورة �سليمة بجميع م�شكالت �أمتهم الأ�سا�سية والتحديات الكربى التي الإدارات ال�سيا�سية يف الأم��ة العربية عن حتقيق غاية تواجهها ،وتزويدهم ب�أف�ضل احللول املثالية والواقعية الأم��ة وطموحاتها ،وقد بات هذا الأم��ر وا�ضح ًا لأبناء هذه الأمة �أكرث من بع�ض التحديات الأخرى ،ويت�ضمن ملعاجلتها والت�صدي لها. ه��ذا التحدي ع��دد ًا من التحديات الفرعية� ،أبرزها: �إن دور وم�س�ؤولية امل�ؤ�س�سات الرتبوية كبري ورئي�س حتدي الدميقراطية يف اختيار احلاكم واتخاذ القرارات و�أ�سا�س يف بناء الأم��ة ويف حتقيق هويتها الثقافية ويف وبخا�صة امل�صريية منها ،وحت��دي ا�ستقالل ال�ق��رار مواجهة التحديات التي تواجهها الأم��ة وثقافتها ،وال ال�سيا�سي وع��دم الت�أثر بال�ضغوط اخلارجية ،وحتدي نبالغ �إن قلنا �إن �إ�صالح الرتبية وم�ؤ�س�ساتها هو �إ�صالح و�ضع �سيا�سيات ملواجهة الأخطار اخلارجية ،وحتدي للمجتمع وللأمة ولأحوالها املختلفة� ،إن مل تكن جميعها و�ضع �سيا�سات ملعاجلة امل�شكالت الداخلية على جميع فمعظمها ،وبالرتبية التي تراعي قيم الأم��ة الثقافية الأ�صعدة ،وحتدي ممار�سة احلريات املختلفة ،وحتدي تتح�صن الأمة �ضد �أ�شكال الغزو الثقايف املختلفة. العدالة وتكاف�ؤ الفر�ص..الخ � .إن التحدي ال�سيا�سي املحتمل يف ق�صور الإدارات ال�سيا�سية ع��ن حتقيق التحدي الإعالمي ،واملق�صود بذلك �أن الإعالم �أهداف الأمة ،التي �أحدها حتقيق الهوية الثقافية للأمةبكل �أدواته و�أ�شكاله يجب �أن يوجه لتوعية النا�س بحقيقة يف �أكمل �صورة ممكنة ،هو �أحد العقبات الرئي�سة التي �أو�ضاعهم وم�شكالتهم واحللول املنا�سبة لها ،و�أن ي�ساهم تواجه الثقافة العربية ،وب��دون �إدارات �سيا�سية قادرة يف ا�ستثارة همهم لكل عمل نافع ولرد �أي ع��دوان على وحكيمة ومتعاونة لن تتمكن الأمة من ممار�سة ثقافتها �أمتهم و�أوطانهم ،و�أن يقوم بدوره الرتبوي يف ن�شر العلم على النحو الذي تطمح �إليه. وتعليم الثقافة النافعة املفيدة لعامة النا�س ،والت�أكيد على قيم الأم��ة وتر�سيخها وحمبتها ،وعر�ض الثقافة التحدي االقت�صادي ،واملق�صود به ق�صور الأو�ضاعال�سليمة الأ�صيلة لهذه الأم��ة (�أي كيفية التعامل مع االقت�صادية يف ال��وط��ن العربي ع��ن حتقيق الغايات جوانب الوجود املختلفة)� ،إن ق�صور الإعالم عن الوفاء االقت�صادية التي تطمح �إليها الأمة ،الأمر الذي يبعدها بهذه الغايات هو حتد كبري �أمام الثقافة العربية وهذا عن حتقيق ُهويتها الثقافية� .إن م�شكلتي الفقر والبطالة التحدي يعيق بال �شك حتقيق الغاية التي تطمح �إليها حتديات اقت�صادية ومثلها ت��دين معدل دخ��ل الفرد، الأمة يف جانب الثقافة ،و�أعني حتقيق هويتها الثقافية كذلك ع��دم تطوير و�سائل الإن �ت��اج �إل��ى احل��د الكايف على �أكمل �صوره ممكنة ،وال نبالغ �إن قلنا �إن دور الإعالم املالئم ،وهناك قائمة تف�صيلية طويلة بهذه التحديات، لي�س �أقل من دور امل�ؤ�س�سات الرتبوية ،والتحدي الكبري لكن خ�ب�راء االقت�صاد ي��رك��زون على حت��دي��ات كربى الذي تواجهه الثقافة العربية يف هذين املجالني (الرتبية ورئي�سة ،منها :حت��دي �إرادة اتخاذ القرار ال�سيا�سي والإع �ل�ام) ه��و غ�ي��اب التن�سيق فيما بينهما ،فالذي بتحقيق التكامل االقت�صادي بني ال��دول العربية ،لقد يحدث ب�صورة ملحوظة �أن هناك تعار�ضا بينهما من ظهرت فكرة ال�سوق العربية امل�شرتكة قبل فكرة ال�سوق حيث النظر �إلى الغايات ،فقد تقوم امل�ؤ�س�سات الرتبوية الأوروبية امل�شرتكة ،لكن الأخ�يرة �أ�صبحت واقع ًا� ،أما مبحاربة التغريب وبيان �سلبياته على ُهوية الأمة الثقافية الأولى فظلت جمرد فكرة وحلم جميل �أو طموح طوباوي، وتقوم �أجهزة الإعالم بتزين التغريب ب�شكل مبا�شر �أو غري مبا�شر من خالل الأفالم الغربية التي تعر�ض لنا مناذج احلياة الغربية يف �صورة فنية جميلة وجذابة،.. فتحدث االزدواج �ي��ة يف نفو�س النا�شئة بني ما تعلمه املدار�س واجلامعات وما تعر�ضه وتعلمه �أجهزة الإعالم بطريقتها ،وينعك�س ذلك كله �سلب ًا على ال ُهوية الثقافية العربية فيعيق حتقيقها يف ال�صورة املرغوبة� .إن الإعالم اليوم ق��وة كبرية و�سالح له �أولويته بجانب الأ�سلحة الأخرى يف الدفاع والهجوم والغزو واملواجهة ،وال يزال ا�ستخدامه ب�صورة �إيجابية فعاله ي�شكل حتدي ًا �أمام الأمة و�أمام ثقافتها هي بحاجة �إلى التغلب عليه لتحقيق ثقافتها العربية يف �أكمل �صورة ممكنة و�أعزها ..
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
15
وهناك حتدي التنمية الب�شرية هذه التي �ست�ؤدي �إلى التنمية االقت�صادية باعتبار العن�صر الب�شري هو الفاعل الرئي�س يف التنمية االقت�صادية؛ وال ينفك التحدي االقت�صادي الداخلي عن ت�أثره بالتحديات اخلارجية التي برزت بعد معاهدة التجارة الدولية وتطبيق العوملة. وتكمن �أهمية التحدي االقت�صادي و�ضرورة مواجهته كما هو معلوم -يف �أنه ينعك�س وي�ؤثر على التحدياتالأخ� ��رى ،ف�ل��ه انعكا�ساته ال�سيا�سية واالجتماعية والرتبوية والإعالمية ،الأمر الذي ينعك�س على جت�سيد الهوية الثقافية. التحدي االجتماعي ،واملق�صود به �أن حركة احلياةاالجتماعية يف املجتمع العربي الناجتة عن اجتماعهم مع ًا تنطوي على جوانب من الق�صور تعيق الأم��ة عن جت�سيد هويتها الثقافية العربية ب�صورة وا�ضحة .هذا التحدي يتداخل مع التحديات ال�سابقة ويتقاطع معها يف �أكرث من مو�ضع� ،إذ كلها فعاليات ذات طابع اجتماعي، لكننا �سنذكر هنا اجلوانب التي مل يرد ذكرها فيما تقدم ،والتي تعترب وفق ًا للممار�سات العلمية الإجرائية حتديات اجتماعية ،فنذكر �أبرزها ،بادئني بالتحدي يف جمال القيم االجتماعية ،هذه القيم التي لها �أهمية كربى يف حتقيق وجت�سيد وحتديد ال ُهوية الثقافية العربية، فالتحدي يف جمال القيم االجتماعية يعني وجود ق�صور يف الوعي بهذه القيم (واملق�صود بطبيعة احلال القيم الإيجابية) والق�صور يف حتقيقها وجت�سيدها بحيث ت�ؤدي وظيفتها يف حياة النا�س والأمة؛ هناك حتدي قيمة العلم والتعليم ،وهذه من القيم الوا�ضحة الأهمية لكن ال زالت الأمة العربية مق�صرة يف �إجناز العلم ابتدا ًء� ،إذ نحن الآن ن�ستورد العلم كما ن�ستورد الأجهزة كال�سيارات وال�ه��وات��ف وغ�يره��ا ،فالبحث العلمي الأ�صيل �ضئيل جد ًا ،وم�شاركة الأمة العربية يف تقدم العلم تكاد تكون معدومة ،كما �أنها مق�صرة يف جمال التعليم ون�شره بني �أبناء الأمة كم ًا وكيف ًا ،ف�ض ًال عن انت�شار الأمية الهجائية وغريها...؛ وهناك قيمة العلم العملي التطبيقي ،مبعنى ا�ستثمار العلم النظري يف حياة الإن���س��ان لت�سهيلها وترقيتها؛ وهناك قيمة التخطيط للم�ستقبل وحتديد الأه��داف القريبة والبعيدة للأمة حيث تكاد هذه �أن تكون غري موجودة على م�ستوى الأمة ،الأمر الذي يهدد هويتها باال�ضمحالل �إن مل يكن بالتال�شي؛ وهناك قيمة التعاون والعمل امل�شرتك اجلماعي ،وهناك قيمة التواد والرتاحم والتكافل بني �أبناء الأم��ة مثل كفالة الأيتام والأرام��ل والفقراء واملحتاجني واملر�ضى؛ وهناك قيمة االعتدال يف الإنفاق واال�ستهالك وعدم االجنراف وراء � 16إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
الإ�سراف ،ونحن نعطي لهذه القيمة �أهمية اقت�صادية ك�برى ،والكثري من �أبناء الأم��ة العربية غافلون عنها وعن �أهمية تطبيقها الذي ينعك�س على حالة الأف��راد االقت�صادية ويقلل م�شكالتهم ،كما ينعك�س �إيجاب ًا على اقت�صاد املجتمع بعامة� ،إن جت�سيد هذه القيمة يف �سلوكنا هو �إح��دى و�سائل مقاومة العوملة ومقاومة اخلطر ال�صهيوين ومعظم الأخطار اخلارجية (التي �سريد ذكرها فيما يلي) ،وظني �أنا عن كل هذا غافلون. هناك التحدي املتعلق برعاية الأطفال ورعاية ال�شباب، فالرعاية ال�سليمة املتكاملة الواعية والهادفة لهاتني الفئتني �ست�ؤدي �إلى �إيجاد �أمة �صاحلة �إيجابية قادرة على مواجهة م�شكالتها و�إيجاد احللول لها ،وجت�سيد هويتها الثقافية. وهناك حتدي النزاعات الداخلية املختلفة ،املذهبية والطائفية والقطرية واجلهوية واحلزبية وغريها� ،إن كل �أنواع النزاعات ال�صغري منها والكبري ت�ضيع اجلهود وتهدر الطاقات وتفرق وال توحد ،وتنتهي �إلى ت�ضييع الهوية العربية الواحدة. وهناك حتدي اجتماعي نخ�صه بالذكر لأهميتهو�إن كان موجود ًا ب�صورة غري مبا�شرة يف التحديات ال�سابقة ،وهو حتدي امل�شاركة ال�شعبية ،واحلق �أن هذا باب وا�سع ميكن �أن تدخل فيه �شتى �أن��واع الفعاليات والأن�شطة االقت�صادية وال�سيا�سية والرتبوية واملتعلقة بال�شباب ،واملتعلقة بكفالة كل املحتاجني وال�ضعفاء، وتلك املت�صلة بالدفاع عن م�صالح الأمة وحقوقها والرد على من يريد بها �سوء ًا� .إن هذا التحدي الآن كبري، ومواجهته بتفعيل ه��ذه امل�شاركة بطريقة منظمة هو املطلوب ،وو�سائل حتقيق هذا امل�شاركة ال�شعبية الفعالة ع��دي��دة ،منها �إي�ج��اد الأح ��زاب الفاعلة ،واجلمعيات التعاونية واخلريية املختلفة والنقابات املهنية ،واللجان التطوعية املتخ�ص�صة ،كل يف جانب معني ،هذا ف�ض ًال عن امل�شاركات ذات الطابع الفردي كالتربع ال�شخ�صي، وتقدمي �صاحب اخل�برة خلربته وغري ذلك من �أوجه امل�شاركة العديدة� .إن املجتمع العربي قد تعود لفرتة غري ق�صرية على �شيء من ال�سلبية يف انتظار �أن تقدم له الدولة كل ما يحتاجه ،ولعله �آن الأوان لفتح الباب �أمام امل�شاركة ال�شعبية الفعالة يف الت�صدي لكل ما تواجهه الأم��ة م��ن حت��دي��ات؛ �إن ه��ذه امل�شاركة ه��ي م��ن �أق��وى الو�سائل التي حتقق الهوية الثقافية للأمة. ننتقل الآن �إلى: التحديات اخلارجية التي تواجه الثقافة العربية، وقد كنا حددناها يف ثالثة حتديات رئي�سة ،و�سنقدم قبل احلديث عن كل منها بقول عام ن�ؤكد فيه �أن املنطقة العربية ت�شكل منطقة م�ستهدفة من قبل الغرب بعامة
ومنطقة م�صالح ا�سرتاتيجية بالن�سبة له ،كان هذا يف بينها .ولعل من ي�ستبعد دور الغرب يف �إ�شعال فتيل هذا املا�ضي ،وهو اليوم �أو�ضح و�أ�شد و�أ�شر�س مما كان يف التقاتل ،هو واحد من �أثنني :خادع �أو خمدوع (نق ًال عن: املا�ضي ،خ�صو�ص ًا بعد انهيار املع�سكر اال�شرتاكي واالحتاد د� .أحمد يو�سف ،امل�صدر الآنف الذكر). ال�سوفييتي وانتهاء ما كان يعرف باحلرب الباردة بينهما، هذان القوالن يف نظرنا يعربان عن �أه��داف الغرب وتزامن ذلك مع ظهور ال�صحوة الإ�سالمية التي �شملت العامل الإ�سالمي بعامة والعربي بخا�صة ،ويدل على هذا يف ا�ستهداف ال�ع��امل ال�ع��رب��ي ،بكالم �صريح ال جمال اال�ستهداف ب�صورة �صارخة الو�ضوح احتالل �أمريكا لت�أويله عند كل من يح�سن الظن يف نوايا الغرب جتاه للعراق ،حيث حتقق لها بهذا االحتالل قدر عظيم من الأمة العربية� ،ألي�س التغريب هو نقي�ض ال ُهوية الثقافية م�صاحلها اال�سرتاتيجية .واخلطر الذي يواجهه العامل العربية؟ بلى �إنه كذلك. العربي من القوى الغربية متعدد اجلوانب :اقت�صادي نعود �إلى احلديث عن التحديات اخلارجية الثالثة، و�سيا�سي وع�سكري ،والأخطر من كل ما �سبق الثقايف و�أولها: واحل�ضاري ،وه��ذا كله وا�ضح يف ت�صريح لل�سيد فيلي كالي�س� ،سكرتري عام حلف الأطل�سي ،يف عام 1995م حتديات ال�صهيونية العاملية وامل�شروع ال�صهيوينحيث قال ب�أن الأ�صولية الإ�سالمية (وال فرق عند الغرب املتمثل يف احتالل فل�سطني ،ويف �أهدافه التو�سعية التي وح���س��ب ذهنيتهم ب�ين ال �ع��رب وامل���س�ل�م�ين ،فكلهم يف ت�شمل جميع �أجزاء الوطن العربي. نظرهم هوية واح��دة) «متثل نف�س التهديد الذي كانت معلوم �أن ال�صهيونية العاملية �إن�ت��اج ي�ه��ودي ،ابتكره متثله ال�شيوعية للغرب� ،..إن حلف الأطلنطي ميكن �أن ي�ساهم يف مواجهة هذا التهديد الذي ميثله املتطرفون اليهود ليحققوا من خاللها وبو�ساطتها �أه��داف� ًا خمتلفة الإ�سالميون من حيث قيام احللف ب�إعادة حتديد دوره بعد بع�ضها كبرية عري�ضة وبعيدة وبع�ضها الآخر �أقرب منا ًال، احلرب الباردة؛ ف�إن حلف الأطلنطي هو �أكرث من كونه �إن غاية ال�صهيونية القريبة والتي حتققت بعد ن�صف قرن حتالف ًا ع�سكري ًا ،فهو قد �ألزم نف�سه بالدفاع عن املبادئ من انعقاد امل�ؤمتر ال�صهيوين الأول يف بازل ب�سوي�سرا عام الأ�سا�سية للح�ضارة التي ربطت �أورب��ا الغربية ب�أمريكا 1897م هي ا�ستيطان �أر�ض فل�سطني و�إقامة دولة لليهود ال�شمالية» (نق ًال عن :د� .أحمد يو�سف ،ورقته يف امل�ؤمتر فيها ،ث��م غايتهم الأب �ع��د بعد ذل��ك ه��و اح�ت�لال الوطن العام ال�ساد�س لرابطة اجلامعات الإ�سالمية ،املنعقد يف العربي من النيل �إل��ى الفرات ،ف��إن مل يكن ذلك ممكن ًا جامعة �آل البيت /نوفمرب ،1999نقله عن جريدة اخلليج بطريق االحتالل الع�سكري ،ف�إنه يف نظرهم ممكن من الناحية االقت�صادية وال�سيا�سية� ،أما الهدف الأعظم فهو عدد1995/2/8 :م). ال�سيطرة على العامل :حكوماته و�سيا�ساتها واقت�صاده وننقل قوال �آخر لأحد الأكادمييني الغربيني من �أ�صل وثقافته ،وه��و �أم��ر قد حتقق لهم منه ق��در كبري؛ �أل�سنا يهودي ،والذي عمل ويعمل م�ست�شار ًا لوزارتي اخلارجية نرى رئي�س �أكرب دولة يف العامل يعمل وك�أنه ناطق ر�سمي الربيطانية والأمريكية ،وهو الربف�سور برنارد لوي�س ،با�سم حكومة �إ�سرائيل ورئي�س وزرائها �شارون؟ �أال ترى وهو م�أخوذ من كتابه :ال�شرق الأو�سط والغرب ،ي�ؤكد حكام العامل الغربي يف �أورب��ا وقادتها ي�ت��وددون لليهود فيه حر�ص الغرب على تغريب املنطقة العربية وجناحهم وزعمائهم ،وينتقون كلماتهم بحذر �شديد كلما حتدثوا عن يف ذلك �إلى حد كبري ،يقول برنارد لوي�س�“ :إن التغريب �إ�سرائيل وجرائمها؟ وك�أن قادة �إ�سرائيل هم من عينهم يف املنطقة العربية �أدى �إل��ى تفكيكها وجتزئتها ،و�إن يف منا�صبهم ،فهم يخ�شون �إغ�ضابهم حتى ال يفقدوا هذه هذا التفكيك ال�سيا�سي واكبه تفكيك اجتماعي وثقايف .املنا�صب العالية ،ثم �ألي�ست �أفعالهم تدل على ذلك � .إن والواقع �أن �إحلاق املنطقة بالغرب ،مل يكن ممكنا �إال عن قادة الغرب يعدون �إ�سرائيل ودعمها بال حدود ا�سرتاتيجية طريق تفكيكها وجتزئتها ،ولو �أعطيت لأي �سيا�سي يف ثابتة ،والأمر �صحيح ،لكن الأمر فيه �أكرث من ذلك ،لقد بني العامل ،م�س�ألة ي�س�ألونه (يطلبون) فيها �أن ي�سعى لإحلاق عدد من الباحثني يف الغرب �أن �أ�صابع ال�صهيونية واليهود املنطقة العربية بالغرب ،ملا اختار غري الأ�سلوب الذي مل تكن بعيدة عن �أحداث القرن الع�شرين تعبث ل�صاحلهم: اختاره الغرب فع ًال ،وهو تفكيك املنطقة بالفنت الطائفية احلربني العامليتني الأولى والثانية� ،إن�شاء ع�صبة الأمم ثم والتفتيت االجتماعي وال�ث�ق��ايف واف�ت�ع��ال اخل�صومات هيئة الأمم بعد ذلك ،وقبلها اتفاقية �سايك�س – بيكو ،ووعد واخل�لاف��ات وتو�سيع م��واط��ن االخ �ت�لاف وامل�ب��ال�غ��ة يف بلفور .ثم االنتداب الربيطاين لفل�سطني وهزمية 1948م، �إبرازها ،ولي�س من �شك يف �أن من ي�سعى �إلى هذا يحزنه م ��رور ًا بالعوملة بكل جوانبها االقت�صادية وال�سيا�سية م�شهد ال�سالم بني الطوائف ،وي�سعده ان��دالع التقاتل والثقافية والع�سكرية ،وانتها ًء باحتالل العراق. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
17
�إذا تركنا هذا وعدنا �إلى �أقرب امل�شاهد ال�صهيونية �إلينا جند �إ�سرائيل التي تهدد باحتاللها �أر�ض فل�سطني الهوية الثقافية العربية؛ �إنها ال تتحدى �شعب فل�سطني فح�سب بل تتحدى الأم��ة العربية ب�أ�سرها وتتجاوزها �إلى الأم��ة الإ�سالمية؛ فقوتها الع�سكرية تفوق ما لدى ال��دول العربية جمتمعة ،واقت�صادها ي�سعى لفر�ض نف�سه على كل �أ��س��واق ال��دول العربية ،متهيد ًا لفر�ض القرار ال�سيا�سي عليها ،القرار الذي �سيكون �ضد الهوية الثقافية العربية .لقد ابتكرت ال�صهيونية – متحالفة م��ع ال�غ��رب – م�صطلحات تناق�ض ال� ُه��وي��ة الثقافية العربية وتهدف �إلى حموها من الذهنية العربية ،مثل م�صطلح ال�شرق الأو�سط بدال من العامل العربي والوطن العربي ،وم�صطلح ال�شراكة الأوروبية املتو�سطية ،و�أخري ًا م�صطلح ال�شرق الأو�سط الكبري ،لتدخل �إ�سرائيل حتت مظلة هذه الت�سميات كطرف �شرعي ،وترتاجع الهوية العربية وتندحر ،هذه الهوية العربية هي يف جوهرها الهوية الثقافية العربية. والغريب �أن عدد ًا غري قليل من املثقفني والإعالميني وو�سائل الإعالم ين�ساقون مع هذه الت�سميات وال ينبهون �أو ينتبهون �إلى ما تنطوي عليه من خماطر تهدد الهوية الثقافية العربية يف ال�صميم� .إن خطر ال�صهيونية - متمثلة يف �أداتها وم�شروعها القائم على �أر�ض فل�سطني - ي�ستهدف بالفعل الإن�سان العربي ،بدء ًا ب�إن�سان فل�سطني، وجود ًا وتاريخ ًا وح�ضارة وعقيدة وثقافة وكرامة وحرية... �إنها باخت�صار ت�ستهدف الهوية الثقافية العربية التي تعني كل �أبناء الأمة العربية الإ�سالمية بل �إنها تتجاوز يف ا�ستهدافها وحتديها ذلك لت�صل �إلى الأمة الإ�سالمية وال ُهوية الإ�سالمية ،كما �أ�شرنا �آنف ًا ،وال�صهيونية كالغرب ال مييزون كثري ًا بني العرب وامل�سلمني فهم عندهم �سواء من حيث ا�ستهدافهم ومعاداتهم ،وال غرابة يف ذلك فهم حلفا�ؤهم �ضد الأمة العربية.
�أخ��رى؛ ا�ستعمار اقت�صادي و�سيا�سي وفكري وثقايف، فالدول الغربية تعترب املنطقة العربية منطقة م�صالح ا�سرتاتيجية لها؛ ملوقعها اجلغرايف املتو�سط بني دول العامل ،ولرثواتها العديدة و�أهمها النفط ،ولتكون �سوق ًا ملنتجاتها ،ولتن�شر فيها وب�ين �أبنائها ثقافتها فتظل عاجزة تابعة ال ت�شكل خطر ًا عليها وال على م�صاحلها، ولتجردها من �أقوى �أ�سلحتها املعنوية وهو ثقافتها التي باتت ت�شكل خطر ًا على ثقافة الغرب العلمانية وتطرح نف�سها بديال حمتمال للثقافة الغربية ،فهم يتح�سبون لهذا اخلطر �أكرث مما نت�صور ،تدل على ذلك حربهم املعلنة على العرب والإ�سالم حتت م�سميات احلرب �ضد الأ�صولية و�ضد الإرهاب ،وحماوالتهم ال�سافرة للتدخل يف مناهج التعليم الديني يف البالد العربية والإ�سالمية. �إن حتديات الدول الإمربيالية الغربية اليوم للثقافية العربية تكاد ت�شمل كل املجاالت الرئي�سية :االقت�صادية وال�سيا�سية والثقافية والع�سكرية؛ القرو�ض امل�شروطة التي متنحها للدول العربية بفوائد عالية ،القيود التي تفر�ضها على ن�شاطها االق�ت���ص��ادي ،والعقبات التي ت�ضعها �أمام التنمية االقت�صادية ،واالتفاقيات الثنائية التي تكون عادة ل�صالح الدول الأقوى ،كل ذلك يكر�س التبعية االقت�صادية للغرب� ،إن�ه��م ي�ضغطون لدرجة الفر�ض على الدول العربية ل�شراء ال�سالح الذي مل يعد مواكب ًا للتقدم التكنولوجي ال�ستنزاف ثروات هذه الدول.
�س�أكتفي بهذا القدر عن التحدي ال�صهيوين ،ف�إن تفا�صيله وا�ضحة �أمام عيوننا ن�شاهدها �صباح م�ساء، لكننا نلفت النظر �إلى �أن تفا�صيل هذا التحدي املتمثل يف اجلرائم ال�صهيونية الب�شعة قد كادت �أن ت�صبح �أمر ًا عاديا م�ألوف ًا كدنا �أن ال نح�س معه بخطورة الأمر على �أمتنا وهويتها الثقافية� ،إن هذه امل�شاهد اليومية ينبغي �أن حتفزنا للعمل �أكرث ملواجهة اخلطر املحدق بهويتنا الثقافية العربية.
�أما التبعية ال�سيا�سية فباتت وا�ضحة ال تخفى على �أحد� ،إن �أمريكا باتت تتدخل يف كل قراراتنا ال�سيا�سية ذات ال�ش�أن ،وال بد من ا�ستئذانها قبل اتخاذ �أي قرار �سيا�سي هام ،ف�أمريكا �أ�صبحت �شرطي العامل املرهوب وبخا�صة عند ال��دول العربية� ،أم��ا التحدي الع�سكري فمظاهره بارزة للعيان ،فتدخل قوات التحالف الغربي بقيادة �أمريكا جاهزة للتدخل ل�ضرب �أي قطر عربي يخالف �سيا�سة �أمريكا ،وما حدث للعراق بعد عام 1990 من اعتداءات ا�ستمرت حتى انتهت باحتالله ع�سكري ًا، و�ضرب �أفغان�ستان واحتاللها قبل ذلك ،لي�ست ب�أمور بعيدة عنا ،وهي جت�سيد لهذا التحدي الع�سكري ال�سافر، ال��ذي يهدف يف النهاية �إل��ى فر�ض الثقافة الأمريكية التي تريدها �أمريكا ،وفر�ض هيمنتها على الأمة العربية وثقافتها ،م�ستغلة قوتها وغطر�ستها التي جعلتها القطب الأوحد املتحكم يف �أمور هذا العامل و�سيا�ساته.
التحديات ال�ت��ي ت��رج��ع �إل��ى ال�ق��وى الإمربياليةوالعوملة؛ معلوم �أن اال�ستعمار حني ترك البالد العربية ك��اح �ت�لال�� ،س��رع��ان م��ا ع��اد ليتخذ � �ص��ور ًا و�أ� �ش �ك��ا ًال
وميكن القول �إن الغرب قد متكن من هيمنته وفر�ض �إرادته على العامل العربي يف املجاالت ال�سابقة ،وهو الآن ب�صدد الهيمنة على املعقل الأخ�ير لهذه الأم��ة ،و�آخر
� 18إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
خطوط دفاعها ،ذل��ك هو ثقافتها العربية وجوهرها عقيدتها؛ وجاءت العوملة حماول ًة حتطيم هذا احل�صن الأخري والق�ضاء على هذا املعقل .خرجت علينا العوملة التي تقودها �أم��ري�ك��ا ومعها ال�غ��رب مب�صطلح �صراع احل�ضارات ،وقبله كان حوار الأديان ،ثم ظهر م�صطلح ح ��وار احل �� �ض��ارات م��ن �إي���ران ب��دي�لا مل�صطلح �صراع احل�ضارات و�أخ�ير ًا ظهر م�صطلح حتالف احل�ضارات وهو امل�صطلح الأقرب �إلى االجتاه ال�صحيح يف العالقة بني احل�ضارات� ،أطلقه رئي�س وزراء �إ�سبانيا احلايل ،لكنه مل يجد �صدى وا�سع ًا� .إن امل�شكلة لدى الغرب بعامة �أنه غري م�ستعد للحوار احلقيقي املتكافئ� ،إن احلوار عنده يعني قبول الآخرين بقيمة وثقافته وت�سليمنا لهم بتخلف ثقافتنا وقيمنا ،وه��ذا ما عرب عنه الرئي�س الأمريكي احلايل «بو�ش» حني قال�« :إما معنا �أو �ضدنا»؛ لقد �أقفل بذلك باب احلوار بني الغرب والعرب وامل�سلمني متهيد ًا لإكمال تفوقه وهيمنته االقت�صادية وال�سيا�سية والع�سكرية بالهيمنة الثقافية ،هذه التي يتحدثون عنها اليوم ب�صورة مبا�شرة �سافرة غ�ير م�سترتة ،وه��م ي�صرحون بذلك ت�صريح ًا ال تلميح ًا ،ويطالبوننا بااللتزام بقيمهم ... ميار�س الغرب الإمربيايل �ضدنا غزو ًا ثقافي ًا ،يريد من خالله فر�ض ثقافته علينا بق�صد الهيمنة والغلبة وال�سيطرة ،فهو يريد �أن يكون تعاملنا مع �أنف�سنا ومع الآخ��ري��ن وم��ع الكون وم��ع اهلل �أي�ض ًا على وف��ق الثقافة الأمريكية ال َعلمانية ،ومن احلق �أن نقول � :إن جزء ًا من هذا الغزو الثقايف ن�ستجلبه نحن ب�أيدينا ،وميار�س الغرب علينا غزو ًا فكريا يتجلى فيما ي�صدره لنا من �أفكار يف �شتى جماالت الفكر :االقت�صادي واالجتماعي والرتبوي وال�سيا�سي والإداري ،ونحن ن�ستورد كل ذلك فرحني به، لأننا غري قادرين على �إنتاج الفكر يف ه��ذه املجاالت، وولع ًا بتقليد الغالب – كما ذكره ابن خلدون – لقد و�صل الأمر بالغرب �إلى غزونا يف قيمنا الثقافية ،كالذي حدث يف امل��ؤمت��رات الدولية العديدة :امل�ؤمتر العاملي حلقوق الإن�سان يف فينا عام 1993م ،وامل�ؤمتر العاملي لل�سكان يف القاهرة عام 1995م ،وامل�ؤمتر العاملي حول املر�أة يف بكني عام 1994م ،وغريها ،وكل هذه امل�ؤمترات التي يقودها الغرب تعر�ضت جلانب �أو �أكرث من قيم ثقافتنا العربية التي ترجع �إلى ديننا الإ�سالمي ،وتطاولت ب�شكل مبا�شر على هويتنا الثقافية العربية.
وال يتم احلديث عن حتدي الإمربيالية والعوملة دون احلديث عن التحدي اخلارجي ال��ذي �أ�سميناه حتدي ال�شرعية الدولية ،ه��ذه التي اتخذتها ال��دول الغربية وعلى ر�أ�سها �أمريكا �-أداة وو�سيلة �أ�ضفت عليها طابعال�شرعية الدولية ،لإحكام الهيمنة وال�سيطرة على دول العامل الثالث ويف مقدمتها ال��دول العربية .واملق�صود بال�شرعية الدولية هنا هو ا�ستخدام املنظمات الدولية لإ�صدار ق��رارات ذات �صفة دولية ،تطبق -حتت �شعار ال�شرعية الدولية -على ال��دول ال�ضعيفة ومنها الدول العربية ،وهي قرارات حتقق فقط م�صالح الدول الكربى الغربية عند التحقيق ،وتبد�أ هذه املنظمات بهيئة الأمم وجمل�س الأم��ن� ،إل��ى منظمة التجارة الدولية والبنك الدويل ،و�صندوق النقد الدويل ،ومنظمة اليون�سكو� ،إلى �آخر قائمة املنظمات الدولية التابعة للأمم املتحدة ،هذه املنظمات التي ت�شكل قراراتها ما ي�سمى بال�شرعية الدولية هي �إح��دى الأدوات التي ت�ستخدمها �أمريكا بالدرجة الأول��ى ومعها الغرب لن�شر العوملة� ،أي �إحكام الهيمنة االقت�صادية وال�سيا�سية والع�سكرية والثقافية والفكرية على دول العامل الثالث والدول العربية يف مقدمتها ،بل وت�صل �أه��داف العوملة (الأمريكية) �إلى الدول الغربية الأخ��رى؛ لقد �شكا م�س�ؤولون يف فرن�سا وكندا من الغزو الثقايف الأمريكي الذي يكاد يهدد خ�صو�صيتهم الثقافية. �إن �أبرز الأمثلة على حتدي ال�شرعية الدولية هو هذه امل�ؤ�س�سات االقت�صادية التي تتحكم يف االقت�صاد العاملي اجلديد ،وهي :البنك ال��دويل ،و�صندوق النقد الدويل، ومنظمة التجارة الدولية ،ه��ذه التي �أ�صبحت �أجهزة و�أدوات تعمل ل�صالح الدول الكربى ،وعلى ر�أ�سها �أمريكا، وحتى جمل�س الأمن بات يفر�ض العقوبات االقت�صادية على ال��دول ال�ضعيفة ومنها ال��دول العربية ب�سبب �أو بدون �سبب� ،أو تلوح بالتهديد بها ملن يخرج عن �سيا�سة هذه الدول ذات النفوذ ،وميار�س ثقافة يف ال�سيا�سة �أو االقت�صاد �أو يف جوانب احلياة الأخرى بعامة خمالفه. وبعد ،فقد ر�أينا �ضخامة التحديات التي تواجه الأمة العربية وثقافتها من حيث الكم والكيف مع ًا ،وال نرى �أن نقف عند هذا احلد يف بحثنا فنلقي الي�أ�س يف النفو�س، وه��و �أ��س��و�أ التحديات التي ميكن �أن تواجهها ثقافتنا العربية ،ف�إذا ت�سلل الي�أ�س �إلى نفو�سنا وع�شع�ش فيها – ال قدر اهلل – ف�سوف تكون هويتنا الثقافية يف احل�ضي�ض. وال�س�ؤال :كيف نواجه كل هذه التحديات الثقافية؟ واجلواب� :إن مواجهة هذه التحديات �أمر ممكن بال �شك و�إن كان لي�س ي�سري ًا ،وتكمن هذه املواجهة يف ا�ستثمار طاقات الأمة املادية واملعنوية وفق ًا لقيم الثقافة العربية.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
19
ا�ستثمار الطاقات املادية �إن الأمة العربية متلك من الطاقات الب�شرية والرثوات املادية واملوقع اجلغرايف ما ت�ستطيع به مواجهة كل ما ذكر من حتديات ،و�شرط ذلك هو توحيد اجلهود وت�ضافرها ب�إخال�ص وه��و �أم��ر ي�ستدعي �أتفاق ًا وتوافق ًا وتخطيط ًا �سليم ًا� ،أم��ا �إن بقيت الطاقات واجلهود جزئية قطرية جهوية فئوية ومبعرثة ،ف�إن الأمة لن تفلح يف مواجهة هذه التحديات وعلى كل قطر �أن يدرك �أن م�صلحته اخلا�صة تتحقق يف �أعلى درجاتها بهذا ال�شرط وحده� .إن توحيد اجلهود من �أجل ا�ستثمار طاقات الأمة املادية يف خمتلف املجاالت يحتاج �أو ًال �إلى �إرادة �شعبية و�سيا�سية مع ًا ،ثم بعد ذلك و�ضع اخلطط والربامج التي توحد اجلهود والطاقات وحتقق ما بينها من تكامل وفق �أهداف وغايات وا�ضحة هي �أه��داف وغايات الثقافة العربية .وعلى القطاعات الرتبوية والإعالمية �أن تقوم بدورها لت�سهيل تنفيذ هذه اخلطط والربامج. ا�ستثمار الطاقات املعنوية
ف�إذا غال �شيء على عدمتـــه فيكو ن �أرخ�ص ما يكون �إذا غال هذه �أمثلة �سريعة جلوانب القوة املعنوية غري امل�ستثمرة لدينا ،وكلها لو �أُح�سن ا�ستثمارها �ستعيننا يف مواجهة هذه التحديات �إلى حد كبري. هناك جانب �آخ��ر �أو قوة �أخ��رى منلكها لكنها لي�ست مفعلة بالقدر ال�ل�ازم ،وحتتاج �إل��ى تفعيل ،و�أع�ن��ي بها امل�شاركة ال�شعبية يف كل جماالت ال�صمود واملواجهة والرد على التحديات ،هذه امل�شاركة املتوقعة من كل الهيئات ال�شعبية والأح��زاب والنقابات واجلمعيات والأف��راد� ،أن ال�شعوب هي التي ب�إرادتها تقرر م�صريها ،وما �أ�صدق قول ال�شاعر �أبي القا�سم ال�شابي: �إذا ال�شعب يوم ًا �أراد احلياة فال بـد �أن ي�ستجيب القـدر �إن املواجهة ال�شاملة التي حت�صن الأمة �أمام كل هذه التحديات الثقافية هي بب�ساطة يف القول� :أن تعرف الأمة و�أف��راده��ا ثقافتها العربية و�أن تن�شّ �أ عليها يف الأ�سرة واملدر�سة وال�شارع ومن خالل �أجهزة الإعالم ومن خالل القوانني والت�شريعات ،و�أن تبينّ خ�صائ�صها ومزاياها الإن�سانية لت�صبح مو�ضوع اعتزاز وحمبة يف الوقت نف�سه ملن ينتمي �إليها ،ثم جت�سيدها يف �سلوك الأم��ة �أف��راد ًا وجماع ًة.
�إن الأمة العربية متخلفة عن الدول الكربى اقت�صادي ًا وع�سكري ًا و�سيا�سي ًا وفكري ًا ،لكنها متلك �سالح ًا يفوق كل هذه القوى املادية وي�أتي يف مقدمتها� ،إنه �سالح االميان باهلل و�سالح القيم ،قيم احلق واخلري والعدل التي انبثقت من دين الإ�سالم (وه��و دين الغالبية من �سكان الوطن العربي) ومن الأديان ال�سماوية الأخرى� ،إن هذا ال�سالح هو خط دف��اع الأم��ة الأخ�ير الع�صي على االجتياز وقت الأزمات والهزمية؛ وهو �أي�ضا �أم�ضى �أ�سلحتها يف مواجهة �إن حتقيق ذلك لي�س بالأمر الهني ،وهو بحاجة �إلى الهيمنة والغطر�سة واال�ستعالء. خطة قومية وخطط وطنية متنا�سقة ومتكاملة ،وهذا الأمر �أما مواجهة غول العوملة الذي يهدد الهوية الثقافية �سيكون �أي�سر و�أوج��ب حني يدرك كل قطر يف هذه الأمة والوجود مع ًا ،ف�إين �أقرتح يف مواجهته ا�ستثمار واحد من �أن م�صلحته احلقيقية هي يف تعاونه وتكامله مع �أ�شقائه جوانب قوتنا املعنوية غري امل�ستثمرة ،ه��ذا اجلانب هو الذين ي�شاركونه الآم��ال نف�سها وامل�صري نف�سه والذين االعتدال يف الإنفاق واال�ستهالك ،وله يف تراثنا العربي يواجهون مع ًا الأخطار ذاتها. الإ�سالمي ا�سم �آخر هو الزهد؛ ولي�س املق�صود بالزهد وختام ًا �أقول :التحديات كبرية ،والأمل يف التغلب عليها االمتناع التام عن نعيم الدنيا يف امل�أكل وامل�شرب ومتع كبري ،وال ينبغي للأمة العربية �أن تي�أ�س�}،إنه ال يي�أ�س من التهالك احلياة وكمالياتها ،و�إمنا االعتدال يف ذلك وعدم العربية خُ ُلقَ روح اهلل �إال القوم الكافرون{(يو�سف .)87 على متع الدنيا وزينتها .لو مار�ست الأم��ة الزهد ،لوفرت على نف�سها الكثري من املليارات يف �شتى و�أ�شكر للمجمع الثقايف دعوته الكرمية لنا لإلقاء هذه املجاالت ،نقول هذا لأن العوملة يف �أحد جوانبها �سعي �إلى املحا�ضرة يف هذه امل�ؤ�س�سة الثقافية الرا�سخة التي و�صلت تر�سيخ عادات اال�ستهالك وعادات ال�شراء بني النا�س؛ من ثمار جهودها �إل��ى كافة �أرج��اء الوطن العربي الكبري، ذا الذي يجربين �أن �أ�شرتي �شيئا ل�ست بحاجة ما�سة �إليه؟ وال�شكر مو�صول �إلى �سعادة الأمني العام للمجمع وجميع لقد جاء النا�س يوم ًا �إلى �أحد الزهاد ي�شكون غالء اللحم ،القائمني على هذا ال�صرح الثقايف العربي الأ�صيل. فقال لهم� :أرخ�صوه؛ قالوا :كيف؟ قال :ال ت�شرتوه ،و�أن�شد لهم �شعر ًا منه قوله: وال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته،، � 20إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
دراسات الوسطية
احلماية القانونية للمدنيني يف ظل النزاعات امل�سلحة
مقدمة: لقد �أثبتت �أح ��داث ال�ق��رن الع�شرين �أن احل��روب املعا�صرة ت�ستهدف املدنيني ب�صورة متعمدة ،و�أ�صبح الإع �ت��داء عليهم يف كثري من الأح�ي��ان ي�شكل عن�صر ًا من عنا�صر احلرب وا�سرتاجتياتها حيث ت�ؤدي �أ�شكال العنف التي تتخذها النزاعات امل�سلحة حالي ًا ،وكذلك ا�ستعمال الأ�سلحة املتطورة يف القتال� ،إلى الزيادة يف عدد ال�ضحايا بني ال�سكان املدنيني ،وخا�صة الأطفال.
املحامي الدكتور مازن الفاعوري
�إن قواعد القانون الدويل الإن�ساين حت ّرم الإعتداء على وقد ت�أكد هذا الأمر مع تبني الإتفاقية الدولية اخلا�صة املدنيني ،فتلزم الأطراف املتعاقدة ب�ضرورة اتخاذ التدابري بحقوق الطفل يف عام ،1989والتي �شكلت منعطف ًا حا�سم ًا املنا�سبة التي جتعل املدنيني مبعزل عن الت�أثر بالعمليات يف تاريخ الطفولة ،حيث �أ�صبح ينظر �إلى حقوق الطفل على �أ�سا�س �أنها حقوق �إن�سانية وعاملية ال ميكن التغا�ضي عنها. احلربية. ويالحظ ذلك يف �إتفاقية جنيف الرابعة ب�ش�أن حماية املدنيني وق��ت احل��رب ع��ام ،1949والتي تعرتف بحماية عامة للأطفال ب�إعتبارهم �أ�شخا�ص ًا مدنيني ال ي�شاركون يف الأعمال العدائية .وتعرتف لهم �أي�ض ًا بحماية خا�صة وردت يف �سبع ع�شرة مادة على الأقل .وملا كان الربوتوكوالن امل�ؤرخان يف عام ،1977والإ�ضافيان لإتفاقيات جنيف لعام ،1949ميثالن تعبري ًا عن التقدم الهام احلا�صل للقانون الدويل الإن�ساين ،ف�إنهما مينحان الأطفال حماية خا�صة ومتزايدة �ضد �آثار الأعمال العدائية.
واحلماية هي جمموعة من ال�ضمانات واحل�صانات الكفيلة ب�إحرتام حقوق الإن�سان يف احلرب ،ومنها حقوق تر�سخ احل�صانة القانونية وال�ضمانة الفعلية الطفل ،وهي ّ للتمتع باحلقوق. �إن ت�أثري احلرب على املدنيني قد يكون مبا�شر ًا عند ان��دالع القتال ،وم��ن ثم يجب �إعمال كافة القواعد التي حتميهم من خطر العمليات احلربية وقد يكون للحرب �آثار حمتملة ،كما يف بقاء �أ�سلحة من خملفات احلرب كالألغام الأر�ضية التي تت�صيد �ضحاياها ل�سنوات طويلة.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
21
الفكر الإ�سالمي،مث ًال ال يقر احل��رب �إال ك�ضرورة مفرو�ضة،وقد و�ضع لهذه احلرب نظام ًا �صارم ًا جلعلها �أكرث �إن�سانية،ويت�ضح هذا النظام يف القيود التالية التي يجب على امل�سلمني االلتزام بها يف قتالهم الأمم الأخرى.
وللحرب ت�أثري غري مبا�شر على الأطفال ،فاحلرب تقلل �إلى حد كبري من النمو الطبيعي للأطفال ،نتيج ًة لإغالق املدار�س وامل�ست�شفيات و�إتالف املحا�صيل وتدمري الطرق و�ضياع امل��وارد وحتطيم القدرات الإقت�صادية للأطراف املتحاربة ،وفقدان الأم��ان والإطمئنان والثقة بالنف�س، نتيجة للخوف والرعب الذي يتعر�ضون له يف زمن احلرب� .1 .أال يقاتل غري املقاتل. �إن م�شاركة الأطفال يف النزاعات امل�سلحة هي �أ�شد � .2أال يتلف �أو مي�س من الأموال ما لي�س له قوة مبا�شرة يف ظواهرها ،والتي تثري القلق يف الوقت احلايل ،فهي تلك احلرب ويف حدود �ضروراتها. الظاهرة التي �إنت�شرت يف كثري من النزاعات حول العامل .3 ،وجوب احرتام مبادئ الإن�سانية والف�ضيلة �أثناء احلرب. وذل��ك يف خمالفة وا�ضحة و�صريحة لقواعد وم�ب��ادئ ً القانون الدويل الإن�ساين .وتربز حالة �أخرى يحتاج فيها � .4إجازة الأمان يف ميدان القتال منعا ال�ستمرار القتال الطفل للحماية ب�شكل خا�ص ،وهي حالة الإحتالل احلربي ،كلي ًا �أو جزئي ًا ما �أمكن املنع. بو�صفه و�ضع ًا ناجم ًا عن النزاع امل�سلح ،وقد يتحول �إلى ن ��زاع م�ستمر تتمثل خ�ط��ورت��ه ال �ك�برى يف وج ��ود ق��وات .5ح�سن معاملة �أ��س��رى احل��رب و� �ض��رورة ت�سهيل فك الإحتالل بني ال�سكان املدنيني ،كما هو ال�ش�أن بالن�سبة �أ�سرهم. للإحتالل الإ�سرائيلي لفل�سطني ،والإح�ت�لال الأجنلو .6 -احرتام املن�ش�آت املدنية من دينية وزراعية و�صناعية.. �أمريكي للعراق .وما يحدث من �إعتداءات من جانب قوات الخ. الإحتالل على املدنيني ،ف�إن ذلك يجعل و�ضع الأطفال يف الأرا�ضي املحتلة ،بالغ اخلطورة لي�س على حياتهم فقط .7 ،انطباق ه��ذه ال�ق��واع��د وال�ضوابط على �شتى �أن��واع بل على حقوقهم كاملة. النزاعات امل�سلحة. ولبيان كيفية حماية املدنيني املت�أثرين بالنزاع امل�سلح القانون ال��دويل الإن�ساين يت�ضمن بع�ض االتفاقيات وبكل الأو��ض��اع الناجمة عنه ،يجدر بنا �أن ندر�س �أهم الدولية التي تهدف �إلى تنظيم الأعمال العدائية،وا�ستخدام قواعد ومبادئ القانون ال��دويل الإن�ساين ،والتي حتمي �أدوات وو�سائل القتال(قانون الهاي)،حيث توجد العديد املدنيني خا�صة الأطفال ،من عواقب احلرب و�أ�ضرارها ،من القواعد الدولية التي حتكم �سري و�إدارةالعمليات �أو التي حتمي �إ�شرتاكهم يف النزاعات امل�سلحة� ،أو تلك العدائية ،فهناك بع�ض الأحكام التي حتد من ا�ستخدام التي حتميهم وهم حتت الإحتالل احلربي. و�سائل و�أ�ساليب معينة �أثناء النزاعات امل�سلحة�،سواء كان ذلك بحظر اللجوء �إلى �أ�ساليب حمددة يف القتال �أو ماهية القانون الدويل الإن�ساين وتطوره التاريخي :حظر �أوتقييد ا�ستخدام �أنواع معينة من الأ�سلحة ،وي�أتي �إذا كان تعبري القانون الدويل الإن�ساين تعبري ًا حديث ًا تكري�س هذه القواعد يف قانون النزاعات امل�سلحة تطبيق ًا جد ًا،يرجعه بع�ضهم لل�سبعينيات حني ا�ستخدمه ماك�س ملبد�أ قانون احلرب الذي يقيد من �سلطة �أطراف النزاع يف هوبر ،Max Hoberف�إن والدة قواعده قدمية دون �شك اختيار و�سائل الأ�ضراربالعدو. بديهي �أن تلحق الت�سمية امل�سمى ولي�س العك�س و�إذا نحن وتهدف القواعد املتعلقة باحلد من و�سائل القتال قلنا بقدم قواعد ه��ذا ال��ذي غ��دا واح��د ًا من �أه��م فروع و�أ�ساليبه� ،إل��ى تنظيم �سري الأع�م��ال العدائية ومراعاة القانون الدويل العام فالننا -خالف ًا للر�أي ال�سائد -نعتقد مقت�ضيات ال�ضرورات الع�سكرية يف املقام الأول ،و�إذا �أنها يف �أ�صولها على الأقل �أقدم بكثري من البالغ الأمريكي كانت هذه القواعد جتد �أ�سا�سها القانوين ب�شكل مبا�شر امل�شهور ح��ول قواعد احل��رب الربية لعام 1863م،وم ��ن يف اتفاقيات الهاي � ،إال �إن قانون جنيف �أخذ بالعديد من اتفاقية جنيف اخلا�صة بتح�سني �أح��وال جرحى احلرب هذه القواعد خ�صو�صا يف نطاق الربوتوكولني الإ�ضافيني لعام 1864م وحتى من والدة فكرة ال�صليب الأحمر عام لعام ،1977فبعد ات�ساع دائرة املحظورات والقيود التي 1859م،حتى خالف ًا ملا ذهب �إليه الأ�ستاذ �ستاني�سالف يفر�ضها قانون النزاعات امل�سلحة على حق �أطراف النزاع �أنهليك يف كتابه “عر�ض موجز للقانون الدويل االن�ساين” امل�سلح واختيار و�سائل القتال و�أ�ساليبه� ،أ�صبح جمال ال��ذي ين�سب والدة �أح�ك��ام ه��ذا القانون ملفكري ع�صر تطبيق هذه القواعد التي تت�ضمن تلك القيود واملحظورات التنوير مثل جان جاك رو�سو وفاتيل. من املجاالت الأ�سا�سية للقانون الدويل الإن�ساين. � 22إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
�إن مو�ضوع القانون ال��دويل االن�ساين وحقوق االن�سان تكت�سب اهمية بالغة يف وقتنا احل��ايل �سواء على �صعيد املجتمعات املدنية �أو على ال�صعيد الدويل يف الوقت الذي يتعاظم فيه دور القانون الدويل االن�ساين خ�صو�ص ًا يف ظل ما تعي�شه منطقتنا يف هذه الفرتة من احداث وا�ضطرابات انعك�ست �سلب ًا على حياة النا�س من حيث الفئات امل�شمولة مبوجب احكام هذا القانون حيث �أن اهمية املو�ضوع تكمن من �أهمية االن�سان ذاته. مل ُيعد مبد�أ �سيادة القانون �أمر ًا �أ�سا�سي ًا لتحقيق �سالم دائم يف مرحلة ما بعد ال�صراع ،ويق�صد به الإطار القانوين ال��ذي يخ�ضع يف ح ��دوده جميع الأ�شخا�ص وامل�ؤ�س�سات للم�ساءلة ،ويعترب هذا املبد�أ �ضمان �أ�سا�سي حلقوق الإن�سان من خالل معاقبة جميع من ينتهك حقوق الأفراد وحرياتهم. ولتحقيق املبد�أ املذكور ،ال بد �أن تكون القوانني معلنة ومطبقة على قدم امل�ساواة من قبل ق�ضاء م�ستقل مبا ال ي�سمح ب��إف�لات مرتكبي اجل��رائ��م م��ن العقاب ،ويتطلب املبد�أ �أي�ض ًا دعم م�ؤ�س�سات العدالة وال�شرطة وامل�ؤ�س�سات الإ�صالحية. �إن �أغلب قرارات جمل�س الأمن اخلا�صة بت�شكيل عمليات ن�صت على التعاون مع البلد امل�ضيف من �أجل حفظ ال�سالم ّ تعزيز �سيادة القانون� ،إذ ت�ضمن قرار ت�شكيل عملية حفظ ال�سالم يف ليبرييا على و�ضع �إطار قانوين وطني متكامل و�إن�شاء م�ؤ�س�سات ق�ضائية و�إ�صالحية ،وكذلك العمل على �إر�ساء �سيادة القانون من قبل عملية حفظ ال�سالم يف جنوب ال�سودان عرب النهو�ض بقطاع العدالة وجميع امل�ؤ�س�سات املعنية بحقوق الإن�سان وو�ضع نظام للعدالة الع�سكرية يك ّمل نظام العدالة املدنية.
الأ�سا�س القانوين لتدخل عمليات حفظ ال�سالم ومعوقات عملها: مل يت�ضمن ميثاق الأمم املتحدة �أي �إ�شارة �صريحة �إلى عمليات حفظ ال�سالم ،الأمر الذي جعل الأ�سا�س القانوين لعملها حم ًال للخالف بني املخت�صني يف القانون الدويل، فذهب بع�ضهم �إلى �أن الف�صل ال�ساد�س من امليثاق اخلا�ص بحل النزاعات الدولية بالطرق ال�سلمية ُيعد هو الأ�سا�س القانوين لعمل قوات حفظ ال�سالم الدولية. يف ح�ين وج��د �آخ���رون الأ� �س��ا���س ال�ق��ان��وين لعمل تلك ال�ق��وات يف اخت�صا�ص جمل�س الأم��ن يف اتخاذ التدابري امل�ؤقتة ا�ستناد ًا �إلى املادة ( )40من امليثاق ،التي يق�صد بها الإج ��راءات التي لي�س من �ش�أنها �أن حت�سم اخلالف بني الأط��راف املتنازعة ،ولي�س من �ش�أنها �أن تخل بحقوق املتنازعني �أو ت�ؤثر يف مطالبهم ،كالأمر بوقف �إطالق النار �أو وقف الأعمال الع�سكرية� ،أو الأمر بالف�صل بني القوات املتحاربة ،وميلك املجل�س ه��ذه ال�صالحية تبع ًا لتفاقم املوقف. وذهب بع�ض الباحثني يف القانون الدويل �إلى �أن الأ�سا�س القانوين لعمل القوات يكون يف الف�صلني ال�ساد�س وال�سابع من ميثاق الأمم املتحدة ،و�أطلقوا على ذلك ت�سمية (الف�صل ال�ساد�س والن�صف)� ،أي يف حال عدم ت�سوية النزاع بعد ا�ستنفاذ الو�سائل ال�سلمية التي ن�ص عليها الف�صل ال�ساد�س يتم ت�شكيل عمليات حفظ ال�سالم الدولية لتجنب الأعمال الع�سكرية مبوجب الف�صل ال�سابع.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
23
كل التدابري املمكنة لإ�ستعادة و�ضمان ال�سالمة والنظام العام مع �ضرورة احرتام القانون ال�ساري يف البلد املحتل، كل ذلك مامل توجد ظروف متنعه من الو�صول �إلى ذلك منع ًا كلي ًا ومطلق ًا .
فيما ي��رى بع�ضهم �إن ق��وات حفظ ال�سالم الدولية ت�ستمد �أ�سا�سها القانوين من اخت�صا�صات منظمة الأمم املتحدة يف حتقيق �أه��م �أهدافها متمث ًال يف حفظ ال�سلم والأمن الدوليني ،ويعترب جمل�س الأمن اجلهاز امل�س�ؤول عن هذا الهدف ا�ستناد ًا �إلى الف�صل ال�سابع من ميثاق الأمم ويحكم الإحتالل احلربي العديد من القواعد التي مت املتحدة. تقنني �أغلبها يف �إتفاقية جنيف اخلا�صة بحماية املدنيني وق��ت احل��رب ل�ع��ام 1949وت �ع��رف با�سم اتفاقية جنيف ونحن نرجح الر�أي الأخري ،لأن املادة ( )39يف الف�صل الرابعة. ال�سابع من امليثاق خ ّولت جمل�س الأم��ن م�س�ؤولية حفظ و�إتفاقية الهاي ب�ش�أن قوانني و�أع��راف احلرب الربية ال�سلم والأم��ن الدوليني ومنحته �سلطة اتخاذ �أي �إج��راء مي ّكنه من �أداء تلك امل�س�ؤولية ،وقد يرى يف نزاع ما تهديد ًا لعام ، 1907وكذلك قوانني احل��رب الربية التي تبناها لل�سلم والأم��ن الدوليني ،ويجد يف عمليات حفظ ال�سالم جممع القانون الدويل عام ، 1880و الربوتوكول الإ�ضايف االول امللحق التفاقيات جنيف لعام ،1977وميكن �إيجاز التدبري املنا�سب لذلك. �أهم تلك القواعد فيما ي�أتي : والدليل على م��ا ت�ق��دم� ،أن جمل�س الأم��ن ا�ستند يف �أ ـ �ـ يجب اح�ت�رام الأف ��راد امل��وج��ودي��ن يف ظ��ل الإح�ت�لال قراراته اخلا�صة بت�شكيل تلك العمليات �إلى الف�صل ال�سابع وممتلكاتهم ،ولذلك تن�ص املادة 49من �إتفاقية جنيف من امليثاق كقراراته املرقمة ( )1244لعام 1999ب�ش�أن الرابعة على �أنه : احلالة يف كو�سوفو ،و( )1272لعام 1999ب�ش�أن احلالة يف تيمور ال�شرقية ،و( )1320لعام 2000ب�ش�أن احلالة يف « يحظر النقل اجلربي اجلماعي �أو الفردي ،للأ�شخا�ص املحميني �أو نفيهم من الأرا��ض��ي املحتلة �إل��ى �أرا�ضي �إريرتيا و�أثيوبيا. دولة الإحتالل �أو �إلى �أرا�ضي �أي دولة �أخرى حمتلة �أو فالأ�سا�س القانوين لتدخل قوات حفظ ال�سالم الدولية غري حمتلة �أي كانت دواعيه ال يجوز لدولة االحتالل �أن يف النزاعات امل�سلحة الداخلية يكمن يف الف�صل ال�سابع ترحل �أو تنقل جزء ًا من �سكانها املدنيني �إلى الأرا�ضي من ميثاق الأمم املتحدة الذي خول جمل�س الأمن م�س�ؤولية التي حتتلها « ّ حفظ ال�سلم والأم��ن الدوليني ومينحه �سلطة اتخاذ �أي ب ــ ال يجوز �إرغ��ام الأ�شخا�ص املحميني على اخلدمة يف �إج��راء ميكنه من �أداء تلك امل�س�ؤولية ،وقد يرى يف نزاع القوات امل�سلحة ل�سلطة الإحتالل . داخلي معني تهديد ًا لل�سلم والأم��ن الدوليني ،ويجد يف جـ -ال يجوز الأمر باعتقال اال�شخا�ص املحميني �أو فر�ض عمليات حفظ ال�سالم التدبري املنا�سب لذلك. الإق��ام��ة اجلربية عليهم اال اذا اقت�ضى ذل��ك ب�صورة مطلقة امن الدولة التي يوجد اال�شخا�ص املحميون حتت احلماية القانونية للمدنيني(الن�ساء االظفال، �سلطتها. ال�صحفيني) يعد البلد حمت ًال �إذا �أ�صبحت الدولة التي ينتمي �إليها ال د .بخ�صو�ص الالجئني ال يجوز لدولة الإحتالل احلاجزة ت�ستطيع �إثر الغزو الذي تقوم به الدولة املعتدية ،ممار�سة ان تعدهم �أن �أجانب �أعداء ،ملجرد تبعيتهم القانونية �سلطاتها العادية فوقه من الناحية الواقعية والفعلية ،ومع لدولة معادية. قيام الدولة الغازية بحفظ النظام هناك ،كما ن�صت عليه ( م 41من قواعد احلرب الربية التي تبناها جممع القانون ه �ـ .ال يجوز اللجوء ال��ى ا�ستخدام �سالح التجويع �ضد املدنيني لذلك يحظر تدمري او الهجوم على الأ�شياء الدويل عام . ) 1880 التي ال غنى عنها حلياتهم ،مثل �صوامع الغالل ،املناطق وتق�ضي القواعد �أن الإقليم يعترب حمت ًال حينما يو�ضع الزراعية ،حمطات تنقية املياه ،من�شى�آت الري. حتت �سلطة اجلي�ش امل�ع��ادي �أو القيادة الع�سكرية لهذا الأخ�ير من الناحية الفعلية .وحيث �أن �سلطة احلكم قد و -ال يجوز حماكمة الأ�شخا�ص عن �أفعال اقرتفوها قبل �إنتقلت �إلى املحتل من حيث الواقع ،فعلى هذا الأخري �إتخاذ الإحتالل با�ستثناء قوانني وعادات احلرب. � 24إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ز -.فيما يتعلق بالناحية الت�شريعية ،تبقى الت�شريعات �أ -وجوب �أن يكون االطفال مبو�ضع احرتام خا�ص وان تكفل اجلزائية اخلا�صة باالرا�ضي املحتلة نافذة ما مل تلغها احلماية �ضد اية �صورة من �صور خد�ش احلياء وان يهيئ دولة الأحتالل او تعطلها اذا كان فيها ما يهدد امنها او لهم العناية والعون وذلك بتوفري التعليم وجمع �شمل االطفال ب�أ�سرهم ورعايتهم ال�صحية. ميثل عقبة يف تطبيق هذه الإتفاقية. ح -.ال تطبق املحاكم اال القوانني التي كانت �سارية قبل وقوع املخالفة والتي كانت مطابقة للمبادئ القانونية العامة ،وعلى االخ�ص املبد�أ ال��ذي يق�ضي ب ��أن تكون العقوبة متنا�سبة مع الذنب ويجب ان ن�ضع يف الإعتبار ان املتهم لي�س من رعايا دولة الإحتالل. ط -ي�سلم الأ�شخا�ص املحميون الذين اتهموا �أو ادانتهم املحاكم يف الأرا�ضي املحتله مع امللفات املتعلقة بهم، عند انتهاء الإحتالل الى �سلطات االرا�ضي املحررة، اي ال يجوز ل�سلطة الإحتالل اجبار املدنيني على تقدمي الوالء للقوة املعادية.
ب -حظر م�شاركة االطفال م�شاركة مبا�شرة يف العمليات العدائية من قبل �أط��راف النزاع وذلك بعدم التجنيد يف القوات امل�سلحة لكل طفل مل يبلغ (� )15سنة من العمر ،وعند امل�شاركة الإختيارية او اجلربية له�ؤالء الأطفال ووقوعهم يف اال�سر يجب ان متتد حماية هذه املادة لهم ،ولكن عند مقارنة هذه الفقرة بن�ص الفقرة ( 3ح من املادة )4من الربوتوكول الإ�ضايف الثاين جند هذه الأخرية قد مدت حمايتها عى االطفال امل�شاركني بالأفعال العدائية ب�صورة مبا�شرة وغري مبا�شرة وهذا ما يحمد عليه الربوتوكول الثاين.
ج -ال يجوز تنفيذ حكم الإع��دام على االطفال الذين مل ك -يجب احرتام �شرف اال�سرة وحقوقها وحياة الأ�شخا�ص يبلغوا �سن الثامنة ع�شرة من عمرهم وق��ت ارتكاب وامللكية اخلا�صة ،وكذلك املعتقدات وال�شعائر الدينية ،اجلرمية املتعلقة بالنزاع امل�سلح. وال جتوز م�صادرة امللكية اخلا�صة. جاءت املادة ( )87بالإجراءات الواجبة الجالء االطفال اما احلقوق املقررة للمدنيني بالربوتوكول الإ�ضايف الأول وقتيا اذا ما اقت�ضته ا�سباب قهرية تتعلق ب�أمهنم و�سالمتهم وفعالياتها فلقد كان م��ؤدى اعتماد الربوتوكول الإ�ضايف وعليه فالإجالء يتعني ان يكون ا�ستثنائيا وم�ؤقتا وال يكون اى االول التفاقيات جنيف ،ان تعززت نظم احلماية الدولية بلد اجنبي ،كما انه معلق بتوافر �شرطني هما: للمدنيني زمن النزاع امل�سلح الدويل ،وذلك ب�إفراد الباب للحماية العامة لل�سكان املدنيني من �آثار القتال وخ�ص�ص -1ان تكون هناك ا�سباب ملحة تق�ضي مبثل هذا الإجراء الق�سم الثالث من هذا الباب لعامة اال�شخا�ص اخلا�ضعني كالعالج الطبي. ل�سلطات طرف النزاع. -2موافقة الوالدين يف حالة وجودهما ،ويف حالة اختفائها ويجب الإ�شارة ب�أن هذا الربوتوكول قد طور من احلماية موافقة من يقوم مقامهم ب�صفته على الأطفال ويبقى العامة للمدنيني فعالج ح��روب التحرير الوطنية وعدها القول بانه يف االرا�ضي املحتلة ي�ستمر االطفال الذين حربا دولية مبقت�ضى الفقرة الرابعة من امل��ادة الأول��ى تقل اع�م��اره��م ع��ن (� )15سنة اال��س�ت�ف��ادة م��ن هذه منه ،وعالج مو�ضوع حماية ال�سكان املدنيني �ضد الق�صف احلماية بالإ�ضافة ال��ى التدابري التف�صيلية املتعلقة اجلوي يف املواد من ( )31-24منه هذا املو�ضوع الذي يعد بالغذاء والعناية الطبية طبق ًا للمادة ( )50من اتفاقية العمل الت�شريعي الأكرث ابداعا فيه ،النه �سد ثغرة ال تطاق جنيف الرابعة. يف االتفاقية الرابعة ،واكدوا ا�ستحداث الكثري من احلقوق ثانياً :احلماية اخلا�صة املقررة للن�ساء: واوجه احلماية للمدنيني اخلا�ضعني ل�سلطة طرف النزاع. ا�ستمر الرتكيز على منح احلماية اخلا�صة للن�ساء يف �سوف نحلل هنا فقط تلك الإجراءات للحماية اخلا�صة املادة ( )76من الربوتوكول الإ�ضايف الأول التي ت�ضمنت التي جاء بها ل�صالح الأطفال والن�ساء وال�صحفيني. احكاما مهمة ذات داللة عامة فا�ستوجبت ما ياتي: او ًال :احلماية اخلا�صة بالأطفال: �أ -ان ت�ك��ون الن�ساء بو�ضع اح�ت�رام خ��ا���ص وان يتمتعن فقد طور من مبد�أ احلماية اخلا�صة بالأطفال ،عرب باحلماية ،وذك بعدم م�سا�س دول��ة الإح�ت�لال بنظام املادتني ( 77و )78منه اللتني ركزتا ب�صفة �أ�سا�سية على املعاملة التف�ضيلية او ًال ،وع��دم الإك��راه على ممار�سة الأمور الآتيه: الدعارة ومنع الإغت�صاب اجلن�سي واية �صورة من �صور ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
25
املدنيني وفق ًا للمادة ( )50من الربوتوكول الأول ،وعليه ف�إن عليهم �صفة املدنيني ،وهذا احلكم ينطبق اي�ض ًا عى كل ال�صحفيني الوطنيني يف االقاليم املحتلة.
خد�ش احلياء ،ويف نقطة منع الإغت�صاب اجلن�سي مت الت�أاكيد عليها يف تعليمات ليرب يف املادة ( )49منها التي تعاقب مرتكبي الإغت�صاب ،وك��ان الإغت�صاب اجلن�سي من اوجه االتهام لال�شخا�ص الذين مثلوا امام حمكمة طوكيو ،ف�ضال عن ذلك ان املحاكم الوطنية التي �أن�ش�أت ملحاكمة مرتكبي اجلرائم يف املانيا ادرجت ب -لكن الفقرة الثانية ا�شرتطت ال�ستفادة ال�صحفيني الإغت�صاب كجرمية من جرائم احلرب. من احكام الإتفاقيات والربوتوكول اال يقوموا ب�أي عمل ب .تعطى االولوية الق�صوى لنظر ق�ضايا اوالت االحمال ي�سيئ ال��ى و�صفهم ك�أ�شخا�ص مدنيني ،اي مبفهوم و�أم �ه��ات ال�صغار والأط �ف��ال ال�ل��وات��ي يعتمد عليهن املخالفة اال ي�شاركوا مبا�شرة او غري مبا�شرة يف العمليات �أطفالهن املقبو�ض عليهن او املحتجزات او املعتقالت العدائية وهذا الغمو�ض يفتح الباب امام تهرب اطراف ال�سباب تتعلق بالنزاع امل�سلح. النزاع من هذا الإلتزام بحجة ال�صحفيني قد خرقوا ت -اخريا يجب الإ�شارة الى قرار ن�ص ( املادة 76الفقرة هذا ال�شرط ،وعليه ال بد من حتديد �صور الأعمال )3من ال�بروت��وك��ول ال��ذي يق�ضي بعدم ج��واز تنفيذ عقوبة حكم الإعدام على املر�أة احلامل او امهات �صغار ال�سيئة لالعراف املهنية وخ�صو�ص ًا يف االقاليم املحتلة االطفال هذا احلكم يعد تقدما كبري ًا على ما ن�ص عليه حيث يواجه ال�صحفيون �آلة البط�ش الإحتاللية. العهد الدويل للحقوق املدنية وال�سيا�سية الذي ح�صر اخلطر على االمهات االحمال مبقت�ضى املادة 5/6منه .ج -مع ت��دارك نف�س الفقرة ال�سابقة لو�ضع املرا�سلني احلربيني املعتمدين لدى القوات امل�سلحة باعتبارهم ثالثاً :احلماية املقررة لل�صحفيني: من الفئات غري املحاربة املنتمني للقوات امل�سلحة لأحد م�ن��ح ال�ب�روت��وك��ول الإ�� �ض ��ايف الأول ح�م��اي��ة خا�صة لل�صحفيني كونهم م��ن الفئات الأك�ث�ر تعر�ض ًا ملخاطر اط��راف النزاع وفق امل��ادة ( )4من الإتفاقية الثالثة النزاع على �أ�سا�س وجودهم دائما باملناطق اخلطرية التي والذين ي�أخذون و�صف ا�سرى احلرب. ت�شتعل فيها النزاعات امل�سلحة ،وركزت املادة ( )79من الربوتوكول الإ�ضايف الأول على الإجراءات الواجبة حلماية د .-ال ب��د على ك��ل حكومة ان ت�صدر بطاقة �شخ�صية لل�صحفيني من رعاياها� ،أو الذين يقيمون فيها او التي ال�صحفيني والتي ن�صت على الأمور الآتية: �أ -ادراج ال�صحفيني الذين يبا�شرون مهمات مهنية يف يقع فيها جهاز االنباء ،ت�شهد عى �صفته ك�صحايف مع مناطق النزاعات امل�سلحة يف اط��ار فئة اال�شخا�ص �إلزام ه�ؤالء ال�صحفيني بارتداء �إ�شارة مميزة لهم.
� 26إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
دراسات الوسطية
امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف اخلطاب الإ�سالمي مت�شي ًا مع فل�سفة جلنة املر�أة /منتدى الو�سطية يف متابعة ق�ضايا املجتمع ومواكبة جديد املر�أة ،عقدت ندوتها احلوارية الدورية يوم الأربعاء 2015/12/16يف مقر املنتدى بعنوان “امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف اخلطاب الإ�سالمي» برئا�سة مديرة قطاع امل��ر�أة ال�سيدة �سو�سن املومني ،بهدف تو�ضيح الر�ؤية الإ�سالمية مل�شاركة املر�أة يف املجاالت ال�سيا�سية املتنوعة لأهمية هذا الدور يف رفعة املجتمعات الإ�سالمية وازدهارها، باعتبار �أن امل��ر�أة ت�شكل حجر الزاوية يف البناء االجتماعي و�أ�سا�س تقدمه وبناء الأجيال. قدمت للندوة النائب ال�سابق الدكتورة �أدب ال�سعود مبينة �أهمية املو�ضوع وما تتعر�ض �إليه م�شاركة املر�أة يف احلياة ال�سيا�سية �إل��ى ج��دل كبري على �صعيد اخلطاب ال�سيا�سي احلديث ،وم��ا ت�ضمنه ال�تراث املتعلق بتاريخ املر�أة ال�سيا�سي عرب القرون ال�سابقة وخ�ضوع هذه امل�شاركة �إلى نقا�ش متيز باحلدة �سواء من املعار�ضني �أو امل�ؤيدين، و�أرجعت الدكتورة ذلك �إلى عدة �أ�سباب اهمها: • • • •
الدكتورة نوال �رشار
ثم عر�ضت للمو�ضوع من خالل املحاور الآتية:
• �أو ًال :تعريف امل�شاركة ال�سيا�سية ب�شكل عام وم�شاركة امل��ر�أة ال�سيا�سية ب�شكل خا�ص فاملفهوم العام يعني :حق من حقوق املواطنني ملمار�سة �أدواره ��م يف املجتمع عن طريق امل�ساهمة يف اتخاذ القرارات والت�أثري على �أعمال امل�س�ؤولني وقراراتهم؛ �أما مفهوم م�شاركة امل��ر�أة فيعني “ تعزيز دور املر�أة يف �إطار النظام ال�سيا�سي ل�ضمان الفهم غري ال�صحيح للن�صو�ص ال�شرعية. م�ساهمتها يف عملية �صنع ال�سيا�سات العامة والقرارات ال�سيا�سية والت�أثري فيها واختيار القادة ال�سيا�سيني ،وهذا املمار�سات املخالفة للدين نتيجة ظروف خمتلفة. ال يعني فقط امل�شاركة يف االنتخابات بل �إنها ت�شمل التمتع ال�صورة الغري �صحيحة للمر�أة امل�سلمة عند �أ�صحاب بكافة احلقوق على �أ�سا�س املواطنة. الثقافات الأخرى. • ثانياً :درجات ومراحل امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة الهجمة ال�شر�سة من قبل �أعداء الأمة الإ�سالمية على والتي تنق�سم �إلى نوعني الر�سمية من خالل �أجهزة ال�سلطة ومراكز �صنع القرار ال�سيا�سي ،وغري الر�سمية من خالل املجتمعات الإ�سالمية. التنظيمات احلزبية وجماعات امل�صالح. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
27
• ث��ال��ث��اً :م�شاركة امل��ر�أة يف احلياة ال�سيا�سية على م�ستوى العامل .حتى ع��ام 1987م كانت م�شاركة امل��ر�أة �أق��ل من %70من الربملانيني يف ال��دول الغربية ،يف حني كانت الن�سبة ت�تراوح ما بني %12-10يف كل من �سوريا و�إندوني�سيا ،وكانت كل من بنازير بوتو ،وخالدة �ضياء ت�شغال من�صب رئي�س وزراء يف دولتني ا�سالميتني ،ثم بد�أت من ذلك الوقت امل�شاركة الفعلية.
دت �سب�أ بلقي�س ) على ل�سان طائر الهدهد }�إِنيِّ َو َج ُّ ْام َر�أَ ًة تمَ ْ ِل ُك ُه ْم َو�أُو ِت َي ْت ِمن ُك ِّل �شَ ْي ٍء َو َل َها َع ْر ٌ�ش َع ِظي ٌم{ �سورة النمل �آية ( ،)23و�آ�سيا بنت مزاحم زوجة فرعون وهي التي كان لها �ش�أن عظيم باحلكم مع زوجها فرعون وهي التي �أ�شارت عليه بعدم قتل �سيدنا مو�سى – عليه ال�سالم –ثم �آمنت به بعد بعثه ،ومنوذج �آخر المر�أة العزيز وق�صتها مع �سيدنا يو�سف عليه ال�سالم.
وقبل امل�ؤمتر ال��دويل للمر�أة ع��ام 1975كانت ن�سبة متثيل املر�أة يف اليونان �أقل ،%5ويف كل من فرن�سا وا�سبانيا �أقل من ،%2وما لبثت �أن ارتفعت بني عامي 1987و1990 لت�صل �إل��ى %11-3,7ال �سيما يف دول افريقيا وامريكا الالتينية ،ومن بني 32رئي�سة يف تلك الفرتة كان منهن 24 رئي�سة يف حقبة الت�سعينات.
ب -مناذج من م�شاركة املر�أة ال�سيا�سية يف �صدر الإ�سالم، وتتمثل يف م�شاركتها يف الهجرتني للحب�شة واملدينة امل �ن��ورة ،والبيعة ،والإج� ��ارة ،وال���ش��ورى �أو امل�شاركة باجلهاد ،و�إدارة الدولة يف والية احل�سبة ،التي �أ�سندها عمر بن اخلطاب – ر�ضي اهلل عنه – لل�شفاء بنت عبداهلل العدوية ،وي�ستدل من ذلك ب�أن لو كان هناك مواقع �شرعية ملا �أقدم عمر-ر�ضي اهلل عنه-على ذلك يف �أمور امل�سلمني عامة.
ويف ال��والي��ات املتحدة كانت ن�سبة متثيل امل ��ر�أة يف الكونغر�س ،%11,2كما ك��ان هناك دول �أوروب �ي��ة تخلو ً •�ساد�سا :مناق�شة الآراء ال�شرعية يف امل�شاركة ال�سيا�سية برملاناتها من الن�ساء ،كما انخف�ض عدد الوزيرات يف عدد من الدول بن�سبة ( %50غازي ربابعة/جملة الفكر/العدد للمر�أة بني امل�ؤيد واملعار�ض يف املذاهب الأربعة� ،إذ ا�شرتط جميع الفقهاء �شرط ال��ذك��ورة يف الإم��ام��ة العظمى� ،أما اخلام�س�/ص.)169 تويل الوزارات فقد اجتمعت �آراء العلماء على جواز ذلك، • راب��ع��اً :نظرة الإ�سالم للم�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة ويف هذا يرى الدكتور يو�سف القر�ضاوي جواز تويل املر�أة و�ضوابطها� ،إذ تقوم الر�ؤية الإ�سالمية على ثالثة مفاهيم جميع املنا�صب العامة با�ستثناء الإمامة العظمى – رئا�سة رئي�سية ه��ي “ التوحيد والإ��س�ت�خ�لاف وال�سنن”� ،أم��ا الدولة – �إذ ال يوجد يف ن�صو�ص القر�آن الكرمي وال�سنة ال�ضوابط فيمكن �إيجازها باللبا�س ال�شرعي “احلجاب” ال�صحيحة ما مينع من ت��ويل امل��ر�أة ال��وزارات �إذا كانت وغ�ض الب�صر ،والتمييز عن الرجال ،واجتناب املزاحمة متعلمة وم�ؤهلة لها وبنف�س ال�ضوابط والقيود ال�سابقة التي “االختالط» واجتناب اخللوة ،وجدية جمال اللقاء والتي يقررها ال�شرع ،وكذلك توليها املجال�س التمثيلية املنتخبة « تف�سر ب�أن يكون اللقاء بني الرجال والن�ساء لل�ضرورة ،و�أن املجال�س ال�شورية»� ،أما م�شاركة املر�أة يف الق�ضاء فحرمها يكون مو�ضوع احلديث يف حدود املعروف وال يت�ضمن منكر ًا جمهور العلماء و�أباحها الأحناف فقط ب�شروط. ويت�سم باجلدية دون ت�صنع وخ�ضوع ،وكذلك موافقة الزوج ويف امل�ح��ور الأخ�ي�ر عر�ضت �إل��ى �شبهات وردود يف – �إذا كانت متزوجة – و�أن ال يكون خروجها �إلى العمل م�شاركة املر�أة ال�سيا�سية ،ومن ذلك �شبهات متنع امل�شاركة العام على ح�ساب بيتها وزوجها و�أوالدها. يف العمل ال�سيا�سي والوظيفي �إال يف �إط��ار �ضيق ج��د ًا •خام�ساً :م�شاركة امل���ر�أة يف العمل ال�سيا�سي يف م�ستدلني بثالثة �أدلة على النحو االتية: الإ�سالم ،ال تقت�صر نظرة الإ�سالم �إلى العمل ال�سيا�سي �أ -قوله تعالىَ } :و َق ْر َن فيِ ُب ُيو ِت ُك َّن َو اَل َتبرَ َّ ْج َن َتبرَ ُّ َج الُو َلى{الأحزاب الآية (.)33 على الرت�شيح واالنتخاب وت��ويل ال��وزارات فقط ،ولكنها الجْ َ ِاه ِل َّي ِة ْ أ �أ�شمل و�أعمق من هذا بكثري ويظهر ذلك من �أوال: ب�� -س��د ال ��ذرائ ��ع ،لأن ع�م��ل امل � ��ر�أة ق��د يعر�ضها �أ -من اخلطاب القر�آين للم�ؤمنني وامل�ؤمنات جتاوزت النوع لالختالط واخللوة املحرمة مع الرجال وهذا حرام ،وما االجتماعي(رجل ،ام��ر�أة) « يا �أيها النا�س» « يا �أيها �أدى �إلى احلرام فهو حرام. الذين �آمنوا» ولقد عر�ض القر�آن الكرمي مناذج للمر�أة يف �أعلى درجات �سلم العمل ال�سيا�سي ومن ذلك (ملكة ت -م�شاركة املر�أة �سيا�سي ًا رمبا يجعل لها والية على � 28إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
الرجل وه��ذا ممنوع �شرع ًا ويخالف الأ��ص��ل ال��ذي �أثبته ون َع َلى ال ِّن َ�سا ِء بمِ َ ا ف ََّ�ض َل القر�آن الكرمي – }ال ِّر َج ُال َق َّوا ُم َ اللهَّ ُ َب ْع َ�ض ُه ْم َع َلى َب ْع ٍ�ض َوبمِ َ ��ا �أَن َفقُوا ِم ْن �أَ ْم َوا ِلهِ ْم{ �سورة -5قوله عليه ال�سالم “ الدين الن�صيحة “ وي�شمل جميع الن�ساء(.)34 �أفراد املجتمع. �أما الرد على ذلك فكان من الدكتور القر�ضاوي مبا � -6إبداء الر�أي يعترب اجتهاد ًا �أو �إفتا ًء وهذه الأمور لي�ست يلي: ممنوعة على املر�أة امل�ؤهلة لذلك. تنه�ض دلي ًال على منع م�شاركة �آية قرن يف بيوتكن “ ال ُ• ثانياً :الرت�شيح وهو عمل مباح لأنه �إما ت�شريع فيما لي�س املر�أة لأنها: فيه ت�شريع وهذا جائز باالجتهاد و�إما مراقبة لل�سلطة • �أو ًال تخاطب ن�ساء النبي�-صلى اهلل عليه و�سلم – التنفيذية ،والت�شريع جائز للمر�أة امل�ؤهلة وح�سبنا ال�سيدة عائ�شة-ر�ضي اهلل عنها. • ثانياً لأن �أم امل�ؤمنني عائ�شة – ر�ضي اهلل عنها – خرجت من بيتها و�شهدت " معركة اجلمل " فيما ر�أت واملراقبة فهي �أمر باملعروف ونهي عن املنكر ،ولنا يف ذلك �ضرورة. �صدر الإ�سالم مناذج عدة من ذلك فهذه خولة بنت ثعلبة ا�ستوقفت عمر بن اخلطاب-ر�ضي اهلل عنه-ون�صحته دون • وثالثاً لإجماع الكثري من علماء امل�سلمني على م�شروعية �أن ي�س�ألها. خروج املر�أة للعمل لل�ضرورة مثل خروجها للمدر�سة �أو اجلامعة �أو العمل يف جماالت احلياة املختلفة ب�شروطه • ث��ال��ث��ا :االجتهاد والإف �ت��اء �أم ��ران ج��ائ��زان للمر�أة ال�شرعية امل�ع��روف��ة ،وم��ا يتبع ذل��ك م��ن حاجة بع�ض امل�ؤهلة ،فالأنوثة ال متنع من ذلك وح�سبنا �أمهات امل�ؤمنني. امل�سلمات امللتزمات للخروج للحياة العامة. • رابعاً� :أم امل�ؤمنني �أم �سلمة – ر�ضي اهلل عنها – هذا وقد كان للح�ضور مداخالت حوارية قيمة �أثرت �أ�شارت على ر�سول اهلل �-صلى اهلل عليه و�سلم-يف �صلح امل��و��ض��وع ،فتحدثت ال��دك�ت��ورة ن��وال ��ش��رار ع��ن امل�شاركة احلديبية وهو مف�صل هام يف التاريخ الإ�سالمي. ال�سيا�سية للمر�أة من اجلانب الفقهي ب�أن م�شاركتها حق م�صان �شرع ًا وي�صبح واجب ًا �أحيان ًا ملن ت�أهلت له وح�سب ثم قدمت مناذج من م�شاركة املر�أة يف احلياة ال�سيا�سية ظ��روف املجتمعات الإ�سالمية خا�صة �إذا ك��ان لها ن�سبة يف �صدر الإ�سالم: حمددة يف الوظائف العامة " الكوتا" ثم بينت �أ�شكال هذه �أ� -أمان احلربيني (الإجارة) فقد �أجارت �أم هانئ ،وزينب امل�شاركة وتو�صيفها الفقهي على النحو االتي: بنت الر�سول-عليه ال�سالم-زوجها العا�ص بن الربيع، • �أو ًال :االنتخاب-جائز لأنه اختيار الأمة لوكالئها ينوبون قال عليه ال�سالم “ :ذمة امل�سلمني واح��دة ي�سعى بها عنها يف الت�شريع ومراقبة احلكومة فهو عملية توكيل ال �أدناهم فمن حقر م�سلم ًا فعليه لعنة اهلل واملالئكة والنا�س �أجمعني ال يقبل منه يوم القيامة �صرف ًا وال عد ًال”. مانع �شرعي لها ودليل ذلك ال�شرعي: -1جواز �إبداء املر�أة ر�أيها يف الأمور العامة وهو ما كان من -قالت ال�سيدة عائ�شة-ر�ضي اهلل عنها� ”-إن كانت املر�أة لتجري على امل�ؤمنني فيجوز”. �أمهات امل�ؤمنني ر�ضي اهلل عنهم. -2قوله تعالى“ :و�أمرهم �شورى بينهم” الآية عامة للرجال � -أجمع علماء امل�سلمني على �صحة �إجارة املر�أة و�أمانها- والأمان عقد �سيا�سي. والن�ساء على ال�سواء. -3قوله تعالى “ ف�إن �أرادا ف�صا ًال منهما وت�شاور فال جناح ب-الأمر باملعروف والنهي عن املنكر ،قال تعالى :امل�ؤمنون وامل�ؤمنات بع�ضهم �أولياء بع�ض ي�أمرون باملعروف وينهون عليهما “ دليل على امل�شورة يف امل�صلحة العامة. عن املنكر” وقوله عليه ال�سالم “من ر�أى منكم منكر ًا -4املر�أة جزء هام من املجتمع يجب عليها االهتمام ب�ش�ؤون فليغريه بيده” وهذا عام جلميع �أف��راد املجتمع .ولقد الأم��ة ،تبع ًا لقوله عليه ال�سالم “ :من ال يهتم ب�أمر امل�سلمني فلي�س منهم”.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
29
مار�ست امل��ر�أة ذل��ك يف �صدر الإ��س�لام ومنها �سمراء بنت نهيك الأ�سدية التي عمرت وكانت متر بالأ�سواق ت�أمر باملعروف وت�ضرب النا�س بال�سوط. ومن �أمثلة ذلك �أي�ض ًا ،املر�أة التي اعرت�ضت على �سيدنا عمر باملهور ،وتولية عمر بن اخلطاب لل�شفاء ب�أمور احل�سبة ،ومبايعة الن�ساء للر�سول – �صلى اهلل عليه و�سلم – وهي بيعة �سيا�سية حزبية. ثم حتدثت الدكتورة رويدا رياالت عن م�شاركة املر�أة ال�سيا�سية يف عهد ر�سول اهلل�-صلى اهلل عليه و�سلم-من بيعة وهجرة كانت الأ�سا�س الذي بنى عليه مفهوم امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف الع�صور الالحقة.
الإ�سالمية من القر�آن وال�سنة ال�صحيحة �أباحت للمر�أة امل�شاركة ال�سيا�سية مبا ينا�سبها من عمل وف��ق ��ض��واب��ط و� �ش��روط خا�صة �إال �أن اخلطاب الإ��س�لام��ي املتعلق بهذه امل�شاركة نابع م��ن فهم امل�سلمني عامة والفقهاء خا�صة للن�صو�ص ال�شرعية من جهة ومن فهم وحتليل لل�سنة النبوية ال�شريفة (الأف �ع��ال والأق� ��وال) م��ن جهة �أخ ��رى ،و�أن هذه التف�سريات املختلفة فيما يخ�ص م�شاركة املر�أة من باب امل�سائل التي ميكن �إعادة قرائتها يف ع�صرنا احلا�ضر وف��ق ظ��روف املجتمعات الإ�سالمية وما ي�ط��ر�أ عليها م��ن ن ��وازل �ضمن م��ا ي��دع��ى (بفقه الواقع) لذا ال بد من تفعيل االجتهاد باالعتماد على الثوابت ال�صحيحة وامل�ستجدات املعا�صرة (املوائمة بني الأ�صالة واحلداثة).
�أما مداخلة الدكتورة فايزة ال�سكر احلوارية فكانت عن �ضرورة م�شاركة املر�أة املعا�صرة امل�ؤهلة يف العمل ال�سيا�سي من خالل عر�ض مناذج ن�سائية -1رفع م�ستوى املجتمع بنظرة الإ�سالم للم�شاركة �أث ��رت يف ال�ت��اري��خ الإ��س�لام��ي والع�صر احلديث ال�سيا�سية للمر�أة من خالل �سل�سلة من الفعاليات وعقبت على ذلك الدكتورة �إميان الغزاوي بنماذج (ال �ن��دوات ،ل�ق��اءات ،حما�ضرات ،م�سابقات، جتربة م�شاركة امل��ر�أة ال�سيا�سية يف الأردن ودول م�ؤمترات). اجلوار. � -2إج��راء الدرا�سات والأبحاث املتعلقة مب�شاركة ور�أت الدكتور خولة اخلوالدة �ضرورة م�شاركة امل� ��ر�أة ال�سيا�سية يف اخل �ط��اب الإ� �س�لام��ي؛ املر�أة الأردنية يف العمل ال�سيا�سي حلاجة املجتمع وو�ضعها �أمام العامة و�أ�صحاب القرار. الأردين لذلك. -3تعزيز ودعم املر�أة امل�ؤهلة مادي ًا ومعنوي ًا بالعمل و�أكدت ال�سيدة ماجدة عكوب يف مداخلتها على ال�سيا�سي بكافة �أ�شكاله ومراحله. قدرة املر�أة-بطبيعتها الأنثوية – على تويل املنا�صب ال�سيا�سية وحتمل امل�س�ؤولية ملا تتحلى به من �صفات -4التوا�صل مع جميع و�سائل الإعالم املختلفة فيما ت�ؤهلها لذلك من جدية ومثابرة ومتابعة حثيثة ،يتعلق بهذا املو�ضوع. بالإ�ضافة �إل��ى قدرتها على الإمل��ام بالتف�صيالت � �ش��ارك يف ال �ن��دوة ك��ل م��ن (ال���س�ي��دة �سو�سن الدقيقة التي ت�ساهم يف �إجناح العمل. املومني ،الدكتورة �أدب ال�سعود ،الدكتورة نوال افتتحت ال �ن��دوة و�أدارت �ه��ا ال�سيدة �سو�سن �شرار ،الدكتورة خولة اخلوالدة ،الدكتورة فايزة املومني – رئي�سة جلنة امل��ر�أة -والتي خل�صت يف ال�سكر ،الدكتورة رويداء رياالت ،الدكتورة �إميان نهاية احلوار الندوة بقولها �أن ن�صو�ص ال�شريعة غزاوي ،الأ�ستاذة ماجدة عكوب). • وخل�صت الندوة �إلى التو�صيات االتية:
� 30إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
دراسات الوسطية
جتليات مفهوم الو�سطية لدى بع�ض احلركات الإ�سالمية اجلزء الأول �أو ًال :غاية البحث ي�شكل ما و�صلت �إل�ي��ه ،الأم��ة من نكو�ص ح�ضاري وتخلف وجت��زئ��ة وا�ست�ضعاف ،الهاج�س ال��ذي يق�ض م�ضاجع كل الغيورين عليها. وتتعدد الآراء والر�ؤى عن كيفية النهو�ض بحال الأمة، واالنطالق ب�إمكاناتها من حال النكو�ص احل�ضاري الذي ترزح حتته �إلى ٍ غد �أف�ضل ،ت�ؤهلها له �إمكاناتها وخمزونها احل�ضاري وتطلعات �أبنائها. ويحتل الطرح الإ�سالمي موقع ًا مميز ًا بني جملة هذه الر�ؤى والآراء ،كونه الأقرب �إلى �ضمري الأمة ،بل �إنه ميثل هويتها احلقيقية ومالذها ال��ذي ال تركن �إال �إليه ،ومنذ بدايات حماوالت النهو�ض املعا�صرة ،كان للفكر الإ�سالمي وما جتلى عنه من جمعيات وجماعات و�أح��زاب الن�صيب الأوفر من االهتمام� ،أكان هذا االهتمام ت�أييد ًا �أو معار�ضة �أم درا�سة ونقد ًا وحتلي ًال.
د .ح�سان ال�صفدي
ثانياً :مفهوم الو�سطية
�إن حديثنا يتناول “بع�ض” معاين الو�سطية ،والتي نرغب يف تتبع �آثارها لدى بع�ض احلركات الإ�سالمية املعا�صرة، وذلك لأننا ال ن�ستطيع االدعاء �أن لدينا تعريف ًا جامع ًا مانع ًا ملفهوم الو�سطية ،بل �إننا نعتقد �أن الو�سطية يف الإ�سالم هي مفهوم ممتد ،ي�صاحب هذه الأمة يف كل �أحوالها و�أجيالها وحماور ر�سالتها ،وهذا ما نفهمه من دالالت النظم القر�آين ومن هنا ت�أتي هذه الدرا�سة –وهي متثل جهد املقل– العظيم }وكذلك جعلناكم �أمة و�سط ًا{. حماولة لت�سليط ال�ضوء على التطورات التي ح�صلت لدى فما هي موا�صفات �أمة الو�سط التي جاء بها القر�آن بع�ض احلركات الإ�سالمية املعا�صرة ،والتي تتبنى الفكر الكرمي؟ الو�سطي ،نتيجة ت�أثرها مبفهوم الو�سطية الإ�سالمية .وما مدى جناحها يف ذلك ،وما هي التحديات امللقاة على عاتق �أمة احلق :تدور هذه الأمة مع احلق حيث دار ،وتنتقل تلك احلركات التي نه�ضت لهذه املهمة ،وم��ا هي الآف��اق من ال�صحيح �إلى الأ�صح ،ومن الفا�ضل �إلى الأف�ضل ،يف حركة �سعي دائب نحو احلقيقة فاهلل هو احلق ،واجلرمية امل�أمولة لها يف قادمات الأيام. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
31
تكمن يف معرفة احلق ثم �إنكاره ،و�أن كتمان احلقيقة واج�ب� ًا حتى لو ا�ستحالت �ضمن احل�سابات الب�شرية �إزدرا ًء �أو ا�ستخفاف ًا مب�صدرها جرمية يف حق النف�س �إمكانية قطف الثمار وجني النتائج (�إن قامت ال�ساعة والنا�س }و�إن الذين �أوتوا الكتاب ليعلمون �أنه احلق من ويف يد �أحدكم ف�سيلة فا�ستطاع �أال تقوم حتى يغر�سها فليغر�سها ف�إن له بها �أجر ًا). ربهم وما اهلل بغافل عما يعملون{ (البقرة.)145 : �أمة املرجعية :هذه الأمة ال ت�صدر من فراغ ،و�إمنا تركن �إلى من بيده ملكوت ال�سماوات والأر���ض ،والذي يهدي �إلى ال�صراط امل�ستقيم } قل هلل امل�شرق واملغرب يهدي من ي�شاء �إل��ى �صراط م�ستقيم{ (البقرة،)142 : واالمتثال �إل��ى ه��ذه املرجعية هو الركن الركني الذي يحفظ لهذه الأمة ر�شدها فعدم �إتباع هذه املرجعية هو انقالب على الأعقاب ونكو�ص وتراجع و�ضالل. �أمة الواقعية :جاءت ر�سالة الإ�سالم لتخرج النا�س كتاب �أنزلناه �إليك لتخرج من الظلمات �إلى النور } �ألر ٌ النا�س من الظلمات �إلى النور ب��إذن ربهم �إلى �صراط العزيز احلميد{ (ابراهيم .)1 :وتبني لهم جمتمع ًا ت�سوده الف�ضيلة ويحكمه العدل ،وال ميكن للإ�سالم �أن يكون نظرية حبي�سة الكتب �أو العقول .بل �إن معجزة هذا الدين �أن��ه -وكما ق��ال �سيد قطب رحمه اهلل�-أخ ��رج �أم��ة من كتاب ،وتعامل مع النا�س بح�سب واقعهم ف�أخذ ب�أيديهم فارتفع بهم �إل��ى حيث ت�ستطيع �إمكاناتهم ومواهبهم يف �آف��اق ال�سمو واالرت�ق��اء .وتتجلى واقعية الإ�سالم يف كل �أحكامه ،والتي ت�أخذ بيد الأمة �إلى ر�شدها بح�سب اال�ستطاعة ،وتتعامل مع احلياة بفقه الواقع. �أمة ال�سعي واحلركة :و�أمة الو�سط �ضار ٌبة يف الأر�ض، �ساعي ٌة يف وجوه اخلري ،مت�شوقة �إلى ما هو �أ�سمى و�أكمل، �سباق ٌة �إلى كل مكرمة .وال�سعي يف الت�صور الإ�سالمي، �سمة �أ�صيلة ت�شمل العقيدة والفكر والعبادة والك�سب وت�صاحب امل�سلم يف كل دوائر حياته ،فالعقيدة يكت�سبها بال�سعي والعلم }فاعلم �أنه ال �إله �إال اهلل{ (حممد.)19 : والعبادات كلها تتطلب جهد ًا وحركة ،والرزق –قد كفله اهلل تعالى– ومع ذلك فال�سعي له واجب ،والقعود عنه �إثم وخطيئة ،والن�صيحة –مبعناها الإ�سالمي– من نقد �إيجابي و� ٍ إر�شاد وتوجيه ،هي الدين “ الدين الن�صيحة”، والتعامل مع النا�س ب�صدق وا�ستقامة و�أمانة هو الدين "“الدين املعاملة” ،ولكل ٍ وقت �سعيه وحركته الواجبة }ف�إذا ق�ضيت ال�صالة فانت�شروا يف الأر�ض وابتغوا من ف�ضل اهلل{ (اجلمعة .)10 :ويبقى ال�سعي مطلوب ًا و�أدا�ؤه � 32إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
�أمة العدل :وت�ضع الأمة الأمور يف ن�صابها ،وحتقق التوازن يف حياتها ،وتعطي كل ذي حق حقه .ف�أمة الو�سط هي �أمة العدل كما و�صفها �صلى اهلل عليه و�سلم بقوله “و�سط ًا عد ًال” ،فلم ي�أت الدين �إال ليقوم النا�س بالق�سط }لقد �أر�سلنا ر�سلنا بالبينات و�أنزلنا معهم الكتاب وامليزان ليقوم النا�س بالق�سط{ (احلديد .)25 :ومهمة امل�ؤمنني ال�شهادة بالق�سط ،وتعاليم الإ��س�لام تتوالى بالأمانة والإح�سان والق�سط والعدل وال��وف��اء بالعهود }يا �أيها الذين �آمنوا كونوا ق ّوامني هلل �شهداء بالق�سط وال يجرمنكم �شن�آن قوم على �أ ّال تعدلوا اعدلوا هو �أقرب للتقوى واتقوا اهلل �إن اهلل خبري مبا تعملون{ (املائدة.)8 : �أم��ة النموذج :ف�إذا ما حتققت يف الأمة موا�صفات الو�سطية املذكورة �آنف ًا واقع ًا يف حياة النا�س� ،أ�صبحت �أمنوذج ًا وقدوة ،وتنزلت مكارم الأخالق التي جاء بها الوحي واقع ًا تراه الب�شرية يف �أمة الو�سط عقيدة وفكر ًا و�سلوك ًا .وهذا النموذج احلي الواقعي هو الذي يقود �إلى ثمرات الو�سطية العليا والتي تتمثل يف �أمة ال�شهادة. �أمة ال�شهادة� :إن من عدل اهلل تعالى� ،أال يدع النا�س حيارى ال يجدون �إلى الهداية �سبي ًال ،ولذلك فقد �أر�سل الر�سل و�أن ��زل الكتب و�أق ��ام احل�ج��ة ود ّل ��ل على ذات��ه و�صفاته مبا �شاء �سبحانه ،ومبا ي�ستطيع الإن�سان الراغب يف الو�صول �إلى احلق �إدراكه والقناعة ب�أنه احلق ،وقد كان الأنبياء والر�سل منوذج ًا حي ًا لأقوامهم يعلمونهم ويزكونهم ويقدمون لهم القدوة والأ�سوة ،وتبقى �سرية حممد �صلى اهلل عليه و�سلم حمققة لهذا املعنى �إلى �أن يرث اهلل الأر���ض ومن عليها }لقد كان لكم يف ر�سول اهلل �أ�سوة ح�سنة{ (الأح��زاب .)21 :وحتمل �أمة الر�سالة اخلامتة ،نربا�س النبوة� ،إذ ال نبوة بعد حممد �صلى اهلل عليه و�سلم ،وتقع عليها م�س�ؤولية حتقيق املثال الإ�سالمي الذي يقيم به اهلل احلجة على خلقه ،فتكون �أمة الإ�سالم بواقعها وبالنموذج ال��ذي تقدمه� ،شاهدة على الأم��م }وك��ذل��ك جعلناكم �أم��ة و�سط ًا لتكونوا �شهداء على النا�س{.
ثالث ًا :جتليات بع�ض مفاهيم الو�سطية لدى حركات �إ�سالمية. وه�ن��ا ن��ري��د �أن نتتبع بع�ض ًا م��ن حتققات مفاهيم الو�سطية الآنفة الذكر لدى حركات �إ�سالمية ،فهي حماولة لت�أ�سي�س ر�ؤية نقدية تنظر يف مدى موافقة توجهات هذه احلركات الفكرية وك�سبها العملي للو�سطية الإ�سالمية. يف مبد�أ احلاكمية �إن احلاكمية يف املعنى الت�شريعي والتي تعني �أن اهلل تعالى هو الذي ي�شرع خللقه وي�أمرهم وينهاهم ،ويحلل لهم احل�لال ويحرم عليهم احل��رام هو ما عليه �إجماع الأمة }�إن احلكم �إال هلل �أمر �أال تعبدوا �إال �إياه ذلك الدين الق ّيم{ (يو�سف .)40 :وكل كتب �أ�صول الفقه تبحث هذه الق�ضية عند البحث يف موا�ضيع احلكم واحلاكم واملحكوم به .ويف هذا يقول الإمام الغزايل يف “امل�ست�صفى من علم الأ�صول”“ ،يف البحث عن احلاكم يتبني �أن (ال حكم �إال هلل) و�أن ال حكم للر�سول ،وال لل�سيد على العبد ،وال ملخلوق على خملوق ،بل كل ذلك ،حكم اهلل تعالى وو�ضعه ال حكم غريه”(.)1 وقد حدث يف تاريخ الفكر الإ�سالمي �إ�شكالية كبرية حول هذا املفهوم فمنذ القرن الأول الهجري قال اخلوارج كلمتهم امل�شهورة (ال حكم �إال هلل) وكان رد الإمام علي ر�ضي اهلل عنه بليغ ًا حني قال “ :كلمة حق يراد بها باطل! نعم ،ال حكم �إال هلل ،ولكن ه�ؤالء يقولون :ال �إمرة �إال هلل! وال ب ّد للنا�س من �أمري بر �أو فاجر».
وقد كان �أبو الأعلى املودودي و�سيد قطب –رحمهما اهلل– �أكرث من رك ّز يف الع�صر احلديث على هذا املفهوم، وقد كان لهما �أ�سبابهما املو�ضوعية يف �شدة الرتكيز على ذلك ،ذلك �أن التخوف كان مربر ًا يف ذلك الوقت من �أن تُغ ّيب هذه الفكرة� ،إذ كان الت�سا�ؤل املطروح :هل الإ�سالم منهج حياة؟ �أم هو عالقة بني املرء وربه ال تتجاوز جدران امل�ساجد وبع�ض �أخالقيات احلياة ،فكان ال ب ّد من الرتكيز على �إحياء هذا املفهوم .ولكن �أقوام ًا ح َّملوا �أفكار �أبو الأعلى املردودي و�سيد قطب �أكرث مما حتتمل �أو �أخذوها معزولة عن �سياقها ،فحكموا بعدم جواز �إعطاء �أي �صفة ت�شريعية للنا�س. وقد �أو�ضح عبا�س حممود العقاد هذه امل�س�ألة حني قال “ �أنه ال تعار�ض بني القول �إن الأمة هي م�صدر ال�سيادة وبني القول �أن القر�آن الكرمي وال�سنة النبوية ال�شريفة هما م�صدر الت�شريع ،ف�إن الأمة هي التي تفهم الكتاب وال�سنة وتعمل بهما وتنظر يف �أحوالها ل�ترى موا�ضع التطبيق وموا�ضع الوقف والتعديل ،وتقر الإمام على ما ي�أمر به من �أحكام �أو ت�أباه”(.)3 وقد ذهب املودودي �إلى �أن “ مبد�أ �سيادة الأمة الذي ن�ص عليه الإ�سالم يف قوله تعالى }و�شاورهم يف الأمر{ ّ هو املبد�أ ال��ذي و�صلت الإن�سانية �إل��ى �إق��راره بعد كفاح طويل ،ولذلك يجب �أن ي�ستمر هذا املبد�أ يف ظل الدولة الإ�سالمية” (.)4
وهكذا ن��رى �أن حترير امل�س�ألة ي�ستدعي القول �إن احلاكمية هلل وال�سيادة لل�شريعة وال�سلطان للأمة.... فما هي احلاكمية الت�شريعية التي يجب �أن تكون هلل ف�أين تقف احلركات الإ�سالمية من هذا املفهوم؟ وحده؟ يجيب عن هذا ال�س�ؤال العالمة يو�سف القر�ضاوي يف ه��ذا ي��ذك��ر ح��زب ال��و��س��ط يف م�صر �أن “الأمة فيقول “ :هي احلاكمية العليا واملطلقة التي ال يحدها وال يقيدها �شيء ،فهي من دالئ��ل وحدانية الألوهية ،وهذه م�صدر ال�سلطات ،فهي املُ ْك ِ�سب لل�شرعية ،وهي املج�سد للمرجعيةَ ، واحل َكم بني البدائل .ومن هذا ي�صبح اتفاق احلاكمية ال تنفي �أن يكون للب�شر قدر من الت�شريع �أذن به الأمة �أو �إجماعها ،هو امل�صدر الرئي�سي لإق��رار املبادئ اهلل لهم� .إمنا هي متنع �أن يكون لهم ا�ستقالل بالت�شريع العامة. غري م�أذون به من اهلل ،وذلك مثل الت�شريع الديني املح�ض وي��رك��ز ح��زب ال��و��س��ط يف م�صر على تفعيل امل��ادة كالت�شريع يف �أم��ر العبادات ،والت�شريع يف �أم��ر احلالل واحل��رام ،والت�شريع فيما ي�صادم الن�صو�ص ال�صحيحة الثانية من الد�ستور امل�صري والتي “ت�ضمن املرجعية ال�صريحة� ،أم��ا فيما ع��دا ذل��ك فمن حق امل�سلمني �أن العامة للدولة بالإ�سالم وللت�شريع يف مبادئ ال�شريعة الإ�سالمية”(.)5 ي�شرعوا لأنف�سهم”(.)2 ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
33
�أما حزب العدالة والتنمية املغربي ،ف�إنه يتحدث عن �أر�شح نف�سي جلولة مقبلة.)9(”.... ، “�ضرورة �إنطالق �أي �إ�صالح �سيا�سي من �أ�صالتنا الدينية وال ب ّد من وقفة ت�أمل واعية ن�ستعر�ض فيها املرتكزات والتاريخية وخ�صو�صيتنا الثقافية ،كما �أن �إ�سالمية الدولة التي ي�ؤكد عليها الد�ستور ت�ستوجب انطالق جميع براجمنا التالية: و�سيا�ساتنا من املرجعية الإ�سالمية”(.)6 �أ�-إن احلاكمية العليا هلل وه��و �-سبحانه– ال��ذي �أعطى الإن�سان م�س�ؤولية فهم الن�ص وتنزيله على �أر�ض الواقع، وال�س�ؤال �إذا كانت �إ�سالمية الدولة التي ي�ؤكد عليها وت�شريع ما يلزمه فيما ال ن�ص فيه �إه�ت��دا ًء مبقا�صد الد�ستور ت�ستوجب �إنطالق جميع الربامج وال�سيا�سات من ال�شريعة. املرجعية الإ�سالمية؟ فما هي الإ�ضافة التي يقدمها حزب العدالة والتنمية على امل�ستوى الإ�سالمي عن غ�يره من ب�-إن الأمة هي التي تختار ما ينا�سبها ،واحلاكم واحلكومة الأح��زاب؟ ثم هل �إ�سالمية الدولة “الد�ستورية” مطبقة هي وكالء عن الأمة يف ت�سيري �ش�ؤونها. على �أر�ض الواقع؟ ثم ماذا لو تغريت هذه املرجعية للدولة ج�-إن الواقع احلايل فيه اختالف كبري عن واقع امل�سلمني بفعل �صناديق االقرتاع؟ فيما م�ضى ،فاليوم هناك تيارات يف الأمة لها طروحاتها �أم��ا ح��زب الو�سط الإ��س�لام��ي يف الأردن ،فين�ص يف ال�سيا�سية التي ال تعتمد املرجعية الإ�سالمية ،فنحن �أمام مرتكزاته على �أن “الإ�سالم قانون احلياة الإن�سانية التي واقع �شائك ومعقد وال بد من فقه جديد للتعامل معه ال ت�ستقيم �ش�ؤونها �إال به ،فكما �أن اهلل قد خلق الإن�سان يف مرتكز على �أ�صول الت�صور الإ�سالمي ومتعمق يف فهم �أح�سن تقومي فقد �أنزل له �شريعة ت�ضبط له حياته على �أرفع هذا الواقع اجلديد. و�أجمل �صورة”(.)7 د�-إن التيار الإ�سالمي مطالب ب��أن يبني للأمة �أف�ضلية «والأم� ��ة م�صدر ال�سلطات ،وك��ل م�ؤ�س�سات ال��دول��ة اخليار الإ�سالمي ويقنعها بجدواه براجم ًا وخطط ًا. واحلكم ،وكل القوانني والأنظمة والت�شريعات ،يجب �أن هـ�-إذا مل تقنع غالبية الأمة بطروحات التيار الإ�سالمي، تنبثق عن �إرادة الأمة احلرة ،وعندما ننادي ب�إحياء الأمة فلرياجع نف�سه لأنه مل يح�سن عر�ض ب�ضاعته النف�سية واملجتمع بنظم الإ��س�لام وهديه ويكون ه��ذا خيار الأم��ة وقرارها ي�صبح دور ال�سيا�سي وامل�شرع تنفيذ �إرادتها بتقنني امل�ستمدة من الإ�سالم ،وعليه �إعادة ح�ساباته وحماوالته من جديد. احلياة على هدى الإ�سالم وت�شريعاته”(.)8 ويف حني تطرح حركة النه�ضة يف تون�س �أن الأمة م�صدر ال�سلطات ،و�أن املرجعية العليا هي لل�شريعة يكون زعيمها را�شد الغنو�شي يف غاية الو�ضوح �إذ يقول “�إذا ما ُطرِ حت �أنا وبرناجمي وحركتي “و�إ�سالمي” على ال�شعب التون�سي ورف�ضني .ماذا �ستكون النتيجة؟ �س�أن�سحب بكل روح ريا�ضية و�س�أ�ست�أنف املعركة يف ال�سنوات املقبلة ممار�س ًا عملية الإقناع� .س�أعر�ض نف�سي ،ف�إذا ما ُر ِف ْ�ض ُت �س�أ�ست�أنف و�سائل الإقناع املعروفة� .إذا كنت �أ�ؤم��ن �أن ال�شريعة الإ�سالمية ينبغي �أن تطبق بحذافريها من جهة ،و�أ�ؤمن بالدميقراطية فال تناق�ض ،لأين �أريد �أن �أقدم قناعاتي لل�شعب حتى يقبلها �أو يرف�ضها ،ف�إذا رف�ضها ان�سحبت �إلى املعار�ضة ،ومار�ست و�سائل الإقناع الأخرى التي هي الرتبية والتكوين والإعالم والتوجيه والتعليم ،ثم عندما �أُ ِح�س �أن ال�شعب قد اقتنع � 34إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
و-ال ي�صح يف حال من الأحوال فر�ض اخليار الإ�سالمي على النا�س دون ر�ضاهم ،ف��اهلل ق��د منح الإن�سان حرية االختيار حتى ي�ؤمن ب��وج��وده �سبحانه فكيف مبا هو �أدنى من ذلك؟! ولي�س دور الدعاة �إال البيان. وهذه م�س�ألة يجب �أن تواجهها احلركات الإ�سالمية مبنتهى العمق وال�شفافية ،حيث �أن الو�سطية تقت�ضي �إقامة العدل يف امل�س�ألة ،و�ضبط �إيقاع احلركة بحيث يحافظ على البو�صلة الهادية� ،إذ �أن احلاكمية العليا هي هلل وح��ده وال ي�صح �أن ينازعه فيها �أح��د ،ودور احل��رك��ات الإ�سالمية هو التعليم والتذكري وتقدمي الربامج واخلطط التي يقتنع النا�س بجدواها كي تن�صلح حياتهم بالإ�سالم.
يف مبد�أ املواطنة م��ا ه��و امل��وق��ف م��ن �أت �ب��اع ال��دي��ان��ات الأخ ��رى يف حال و�صول الإ�سالميني �إلى ال�سلطة؟ هل هم �أهل ذمة؟ �أم هم مواطنون كاملوا املواطنة� ،شركاء يف بناء الوطن والأمة؟ من �أجل بيان هذا الأمر ال بد من الرجوع �إلى �أول د�ستور مكتوب يف الإ�سالم ،عقده �صلى اهلل عليه و�سلم يف �أوائل العهد املدين وهو وثيقة املدينة: (ب�سم اهلل الرحمن الرحيم ،ه��ذا كتاب من حممد النبي “ر�سول اهلل” بني امل�ؤمنني وامل�سلمني من قري�ش و�أهل يرثب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم �أنهم �أمة واحدة من دون النا�س …)ثم تعدد الوثيقة قبائل امل�سلمني وع�شائرهم وت�صل �إلى اليهود ( و�أنه من تبعنا من اليهود ف�إن له الن�صر والأ�سوة .غري مظلومني وال متنا�صر عليهم ....و�أن��ه ال يجري م�شرك ما ًال لقري�ش وال نف�س ًا وال يحول دونه على م�ؤمن ....و�أنكم مهما اختلفتم فيه من �شيء ف�إن مرده �إلى اهلل و�إلى حممد ،و�أن اليهود ينفقون مع امل�ؤمنني
ما داموا حماربني ،و�أن يهود بني عوف �أمة مع امل�ؤمنني، لليهود دينهم وللم�سلمني دينهم ،مواليهم و�أنف�سهم �إال من ظلم و�أثم ،فاته ال يوتغ �إال نف�سه و�أهل بيته ) ثم تعدد الوثيقة بطون اليهود(و�أن لهم ما ليهود بني عوف).ثم تذكر(و�أنه ما كان بني �أهل هذه ال�صحيفة من َح َد ٍث� ،أو ِ�شجا ٍر ُيخاف ف�ساده ،ف�إن مرده �إلى اهلل و�إلى حممد ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم و�أن اهلل على اتقى ما يف هذه ال�صحيفة و�أبره، و�أنه ال تجُ ار قري�ش وال من ن�صرها ،و�أن بينهم الن�صر على من َد َهم يرثب) (.)10 جتعل ه��ذه الوثيقة غري امل�سلمني املقيمني يف الدولة مواطنني فيها ،لهم مثل ما للم�سلمني وعليهم مثل ما عليهم، طاملا �أنهم داخلون �ضمن النظام العام للدولة ،وقد جاءت التوجيهات النبوية الكرمية –مع هذه الوثيقة– لتعطي الت�صور ال�شمويل ملوقع غري امل�سلمني يف الدولة“ :من �آذى ذمي ًا فقد �آذاين ،ومن �آذاين فقد �آذى اهلل” “ .من �آذى ذمي ًا ف�أنا خ�صمه ،ومن كنت خ�صمه خ�صمته يوم القيامة». وعهد النبي �صلى اهلل عليه و�سلم مع �أهل جنران جدير
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
35
وبعد هذا اال�ستعرا�ض ملوقع غري امل�سلمني يف الدولة بالتدبر �إذ جاء فيه “ولنجران وحا�شيتها جوار اهلل وذمة حممد النبي ر�سول اهلل على �أموالهم و�أنف�سهم و�أر�ضهم الإ�سالمية ...ماذا تقدم احلركات الإ�سالمية اليوم يف وملتهم وغائبهم و�شاهدهم ....وال يط�أ �أر�ضهم جي�ش، هذا ال�ش�أن؟ ومن �س�أل منهم حقهم فبينهم الن ََ�ص ُف غري ظاملني وال مظلومني.)11(”... عند احلديث عن الوحدة الوطنية ين�ص حزب الو�سط �أم��ا ال��ذم��ة فهي يف اال�صطالح الفقهي “عقد م�ؤبد الإ�سالمي يف م�صر “فم�شاركة الأخوة امل�سيحيني يف الدفاع يت�ضمن �إقرار غري امل�سلمني على دينهم ،ومتتعهم ب�أمان عن تراب هذا البلد الأمني ،يعني وطن ًا واحد ًا ،ومواطنني اجلماعة الإ��س�لام�ي��ة و�ضمانها ب�شرط بذلهم اجلزية ( )12م�سلمني وم�سيحيني ،يتمتعون بحقوق املواطنة كاملة ،لهم وقبولهم �أحكام دار الإ�سالم يف غري �ش�ؤونهم الدينية “ . عني احلقوق املدنية وال�سيا�سية والقانونية ....وعليهم عني كما �أن اجلزية وكما يذكر د .حممد �سليم العوا“ :بدل االلتزامات يف �إطار من امل�ساواة الكاملة”(.)18 عن ا�شرتاك غري امل�سلمني يف الدفاع عن دار الإ�سالم، ل��ذل��ك �أ�سقطها ال�صحابة وال�ت��اب�ع��ون عمن َق� ِب��ل منهم �أما حزب العدالة والتنمية املغربي فيتبنى �أن“ :جمال اال�شرتاك يف الدفاع عنها ،فعل ذلك �سراقة بن عمرو مع ا�شتغال احل��زب هو املجال ال�سيا�سي ،واالنتماء �إليه هو �أهل �أرمينيا �سنة 22هـ ،وحبيب بن م�سلمة الفهري مع �أهل �أنطاكية .)13(”....ويخل�ص د .العوا �إل��ى نتيجة م�ؤداها �إنتماء �سيا�سي على �أ�سا�س املواطنة .وهو ما يجعله حزباً “�إن غ�ير امل�سلمني م��ن املواطنني ال��ذي��ن ي� ��ؤدون واج��ب مفتوح ًا جلميع املواطنني ،ما دام��وا ملتزمني بتوجهاته اجلندية ،وي�سهمون يف حماية دار الإ�سالم ال جتب اجلزية وبراجمه ال�سيا�سية وقوانينه”(.)19 عليهم”(.)14 ويقف حزب الو�سط الإ�سالمي يف الأردن نف�س املوقف ويعر�ض لهذه احلقيقة د .عبد العزيز كامل فيقول “ثم جاءت مع القرن الع�شرين �صيغة جديدة من الوجود لين�ص يف منطلقاته على ما يلي “ي�ؤمن احلزب �أن �أبناء الإ�سالمي ،كان من �أهم ما متيزت به –وبخا�صة يف القطاع الوطن لهم نف�س احلقوق وعليهم نف�س الواجبات .و�أن العربي– ا�شرتاك املواطنني م�سلمني وم�سيحيني يف الكفاح من حق اجلميع تويل املواقع املختلفة ح�سب الكفاءة ،و�أن الوطني من �أجل اال�ستقالل”(.)15 باب الع�ضوية يف احلزب مفتوح جلميع ابناء الوطن الذين وهكذا نرى �أن مفهوم املواطنة ين�سحب لي�شمل كل من ي�ؤمنون مبنطلقاته ليكونوا �أع�ضاء فاعلني فيه ي�ساهمون ي�شرتك يف ال��والء والن�صرة لنظام الأم��ة العام وي�ساهم يف ن�شاطاته وحتقيق �أهدافه”( .)20وين�ص يف مرتكزات يف بناء املجتمع وحمايته ،وتبقى اخل�صو�صيات الدينية حمرتمة للجميع ومن ِقبل اجلميع .وي�شهد التاريخ لنا بهذا ،خطابه “�إننا يف �سعينا لتقدمي الربامج الإ�سالمية للمجتمع َ حيث انه قد لفت نظر امل�ؤرخني الأوروبيني ظاهرة النفوذ وال�ن��ا���س ،نلتقي فيها م��ع امل�سلم ال��ذي ي��رى فيها اخلري الكبري لغري امل�سلمني يف جهاز احلكم الإ��س�لام��ي وهي حلياته وحتقيق معاين تدينه ،ونلتقي مع غري امل�سلم الذي ظاهرة غري م�سبوقة يف �أي ح�ضارة �أخرى ،بقول �آدم متز :يقتنع معنا ب�صوابها وجناعتها حلل م�شاكل احلياة”(.)21 “من الأمور التي تعجب لها كرثة عدد العمال واملت�صرفني غري امل�سلمني يف الدولة الإ�سالمية ،فك�أن الن�صارى هم هذه املواقف ت�شكل مناخ ًا �إيجابي ًّا يف �سبيل تعزيز وحدة الذين يحكمون امل�سلمني يف بالد الإ�سالم”(.)16 العمل الوطني� ،إال �أنها بحاجة �إلى تعزيز عملي ال نرى �آثاره ويف تعليقه على �أو�ضاع اليهود يف الأندل�س يقول �سيمون الوا�ضحة حتى ال�ساعة. دينوه “لأول م��رة يتمكن ق�سم من ال�شعب اليهودي من التمتع بحرية الفكر”(.)17 و�آخر دعوانا �أن احلمد هلل رب العاملنب � 36إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
الهوام�ش ِ -1الإمام الغزايل “ .امل�ست�صفى من علم الأ�صول -2بينات احلل الإ�سالمي� .ص – 177يو�سف القر�ضاوي. -3الدميقراطية يف الإ�سالم – 1971عبا�س العقاد. -4نحو الد�ستور الإ�سالمي –�ص� – 132أبو الأعلى املودودي. � -5أوراق حزب الو�سط �ص 17د .رفيق حبيب. -6حزب العدالة والتنمية – من اجل نه�ضة �شاملة “املنطلقات” �ص.2 -7حزب الو�سط الإ�سالمي – فكرة ومنهاج �ص.15 -8حزب الو�سط الإ�سالمي – فكرة ومنهاج �ص28 -9الإ�سالميون والدميقراطية – �أحمد بن يو�سف. -10جمموعة الوثائق ال�سيا�سية للعهد النبوي واخلالفة الرا�شدة ط� 5ص� -59ص 62حممد حميد اهلل. -11كتاب اخلراج �ص -78القا�ضي �أبو يو�سف. � -12أحكام الذميني امل�ست�أمنني �ص -22عبد الكرمي زيدان. -13يف النظام ال�سيا�سي للدولة الإ�سالمية �ص 256د .حممد �سليم العوا. -14يف النظام ال�سيا�سي للدولة الإ�سالمية �ص 257د .حممد �سليم العوا. -15بحث حقوق الإن���س��ان يف الإ� �س�لام يف كتاب معاملة غري امل�سلمني ج� 1ص 90م�ؤ�س�سة �آل البيت – د .عبد العزيز كامل. -16احل�ضارة الإ�سالمية يف القر�آن الرابع الهجري ج� 2ص.67 -17جملة االزمنة احلديثة جان بول �سارتر. � -18أوراق حزب الو�سط – تقدمي د .رفيق حبيب. -19من حما�ضرة لل�سيد �سعد الدين العثماين /امني عام حزب العدالة والتنمية املغربي بعنوان الإ�سالم ال�سيا�سي وحتديات الإ�صالح وتداول ال�سلطة. -20حزب الو�سط الإ�سالمي” فكرة ومنهاج” �ص.30 -21حزب الو�سط الإ�سالمي “فكرة ومنهاج” �ص .15 مراجع البحث �أوال :الكتب القر�آن الكرمي. -احلديث النبوي ال�شريف.
�أحكام الذميني وامل�ست�أمنني – عبد الكرمي زيدان. �أوراق حزب الو�سط – م�صر ط 1د .رفيق حبيب. الإ�سالم االحتجاجي يف تون�س -ورقة بحث – مركز درا�ساتالوحدة العربية – د .حممد عبد الباقي الهرما�سي. بينات احلل الإ�سالمي – م�ؤ�س�سة الر�سالة ط – 1د .يو�سفالقر�ضاوي. حزب الو�سط الإ�سالمي “ فكرة ومنهاج” ط – 1عمان –الأردن. اخلراج – القا�ضي �أبو يو�سف. الدميقراطية يف الإ��س�لام – دار امل�ع��ارف – 1971عبا�سحممود العقاد. ال�سيا�سة واحلكم –دار ال�ساقي ط– 1د .ح�سن الرتابي. ال�صحوة الدينية الإ�سالمية -ورق��ة بحث /مركز درا�ساتالوحدة العربية -د .م�صطف الفياليل. يف النظام ال�سيا�سي للدولة الإ�سالمية – دار ال�شروق – ط1– د.حممد �سليم العوا. جمموع الفتاوى – تقي الدين �أحمد بن تيمية. جمموعة الوثائق ال�سيا�سية للعهد النبوي واخلالفة الرا�شدة –دار النفائ�س ط – 5حممد حميد اهلل. معاملة غري امل�سلمني يف الإ��س�لام /بحث حقوق الإن�سان يفالإ�سالم –م�ؤ�س�سة �آل البيت –د .عبد العزيز كامل. امل�ست�صفى من علم الأ��ص��ول – دار �صادر ب�يروت -الإم��امالغزايل. من �أجل نه�ضة �شاملة “ املنطلقات” حزب العدالة والتنمية–املغرب. املوافقات –�أبو �إ�سحاق ال�شاطبي. نحو الد�ستور الإ�سالمي – القاهرة املطبعة ال�سلفية – �أبوالأعلى املودودي. نور اليقني يف �سرية �سيد املر�سلني – م�ؤ�س�سة علوم القر�آنط -3ال�شيخ حممد اخل�ضري. ثانيا :الدوريات واملجالت واملحا�ضرات جريدة احلياة – 1993 /1 /14الإ�سالميون والدميقراطية– احمد بن يو�سف. حما�ضرة �سعد الدين العثماين /الإ�سالم ال�سيا�سي وحتدياتالإ��ص�لاح وت��داول ال�سلطة� ،ألقيت خ�لال م�ؤمتر الأح��زاب ال�سيا�سية يف العامل العربي /.الواقع الراهن و�آفاق امل�ستقبل يف عمان 13 -12حزيران .2004 -جملة الأزمنة احلديثة العدد – 225جان بول �سارتر.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
37
دراسات الوسطية
مقومات القيادة الإدارية الرتبوي يف �ضوء الفكر الإ�سالمي اجلزء ()1
لقد كنت يف حوار مع �صديقٍ يل عن مقومات االدارة الرتبوية يف الفكر الرتبوي احلديث فكان حديثنا عن وظائف االدارة اذ ان جميع الكتب التي كتبت عن االدارة والقيادة يف الع�صر احلديث ت�سمي مقومات االدارة على �أنها وظائف االدارة .فقلت له :يا �صديقي ال�صحيح �أن ت�سمى مقومات االدارة ،ولي�س وظائف االدارة الن التخطيط او التوجيه او التقومي ؛ لي�ست وظائف ،وامنا هي مقومات ؛اذ ان يف التخطيط وظائف ومراحل فلم يقتنع �صديقي بكالمي .فقال :كيف اقتنع وكل كتب االدارة ت�سمي املقومات التي نتحدث عنها بانها وظائف .فقلت له :ان هذه ترجمة خاطئة عن اللغة االجنليزي التي عرفت ه��ذه املقومات بالوظائف .فقلت ل��ه :ا�ضرب لك اً مثال هذه الطاولة التي ن�ستخدمها لعدة اغرا�ض اذ نكتب عليها �أو ن�ضع عليها الطعام �أو ن�ضع عليها تلفاز ًا اوغري ذلك ، لكن ما هي مقوماتها انظر اخي العزيز .انها تقوم على �أربعة �أرجل او قد يكون اقل من ذلك ،ولها �سطح ،كذلك االدارة لها مقومات وهي :التخطيط ،والتنظيم ،والتوجيه ،والرقابة ،والتقومي .ولكل مقوم من هذه املقومات عنا�صر ووظائف .عندها اجابني �صديقي االن و�ضحت الفكرة يف ذهني .نعم انها مقومات ،ولي�ست وظائف .بعدها �س�ألني �صديقي بعد ان و�ضح املعنى يف ذهنه . � 38إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
�إعداد الدكتور :زهاء الدين �أحمد عبيدات
مدير مركز الدرا�سات واالبحاث والتدريب يف املنتدى العاملي للو�سطية هل يوجد يف اال�سالم مقومات ل�لادارة ب�شكل عام واالدارة الرتبوية ب�شكل خا�ص ؟ قلت له نعم .و�سيكون بحثي اجابة عن هذا ال�س�ؤال املهم وعليه فانني �س�أحتدث يف هذا اجلزء عن ثالثة مقومات هي :التخطيط ،والتنظيم ،والتوجيه ،ويف اجلزء الثاين �سيكون حديثي ان � -شاء اهلل – عن اجلزء الثاين الذي �سيت�ضمن مقوم الرقابة ومقوم التقومي : (ان العملية الإدارية هي :ن�شاط توجيه اجلهود الب�شرية؛ لتحقيق جمموعة �أه��داف ،وفق �أ�سلوب �أو �أ�ساليب ت�شبع �أغرا�ض ًا حمددة من حتقيق هذه الأه��داف ،وهذه العملية متر بعدة مراحل �أو وظائف قام بتحليلها �أ�ستاذ الإدارة الرتبوية (� )searsإلى عدة عنا�صر رئي�سة هي :التخطيط، والتنظيم ،والتوجيه ،والتن�سيق والرقابة.
وي�شري (�سريز) �إلى �أنه ت�أثر يف تفكريه ب�آراء من �سبقوه الإداري ��ة الرتبوية �أه��داف�ه��ا ،وه��ذا ال يعني ع��دم �أهمية من علماء الإدارة احلكومية ،والإدارة العامة وال�صناعية املقومات الأخ��رى ،بل هي جزء ال يتجز�أ من ذلك بل قد مبا فيهم (فريدريك تايلور ) وغريهم حيث �أن (�سريز) ندمج بع�ضها يف بع�ض لتكمل بع�ضها بع�ض ًا. ق�سم مقومات القيادة الإداري��ة �إل��ى عنا�صرها اخلم�س وان هذه املقومات التي �سوف يناق�شها الباحث هي: بالطريقة نف�سها التي ق�سم بها (فايول) مراحل العملية الإدارية عدا عن�صر (التوجيه) الذي ي�سميه فايول الأمر) -1التخطيط -2التنظيم -3التوجيه -4الرقابة (� :1ص .)135 -5التقومي ومب��ا �أن ه�ن��اك مهمات للقيادة الإداري� ��ة الرتبوية وه��ذه املقومات مت�شابكة ومتداخلة يف بع�ضها ،بل الإ�سالمية يف جم��ال القيم والإجت��اه��ات وال�سلوك ،لذا كل عملية ت�ضم العمليات الأخ��رى ،فالقائد الإداري وهو ن�س�أل ال�س�ؤال الآتي :هل عرف الإ�سالم مقومات القيادة يخطط� ،أو ي�ضع اخلطة لعمله ،ف�إنه َ ويوجه ويراقب ينظم َ الإدارية الرتبوية الرئي�سية؟ وي �ق � ّوم ،وباملثل يف عملية التنظيم والتوجيه والرقابة ( ومن احلقائق التي نود �أن نقررها يف هذا املجال هو والتقومي. �أن الإ�سالم يف فكره القيادي الإداري والعملي ،قد عرف كذلك ف��إن من هذه املقومات ما هو �سابق للتنفيذ، وبحث وتطرق �إلى تلك املقومات املتعارف عليها يف الفكر الإداري احلديث ،بل قد طبقت تلك املقومات يف احلياة ومنها املُ�ساير له خطوة خطوة ،ومنها ما هو الحق ،فمث ًال التخطيط والتنظيم عمليتان ت�سبقان التنفيذ� ،أما التوجيه العملية لإدارة الدولة الإ�سالمية)� :6( .ص .)168 فعملية ت�ساير لعملية القيادية الإدارية للطريق ال�صحيح. وحديثنا ال�ق��ادم ح��ول املقومات الإداري ��ة يف الإدارة �أما الرقابة فقد تتم �أثناء �سري العملية باملراقبة لل�سري الإ�سالمية� ،سوف يثبت ان �شاء اهلل تعالى �صحة هذا ال�ت�ق��ري��ر ،وه ��ذا ال�ت��أك�ي��د على وج ��ود الفكر والتطبيق ال�صحيح نحو حتقيق الأهداف ،والتقومي يتم بعد العملية للمقومات الإداري��ة �أو وظائف الإدارة �أو مبادئها كما هو مبعرفة واكت�شاف الأخطاء ،والإبتعاد عنها لتفاديها يف اخلطط امل�ستقبلية. معروف ومدرو�س يف الفكر احلديث. و�سوف يتناول الباحث كل عملية من مقومات القيادة ( ويف الواقع �أن دار�سي الإدارة يتفقون جميع ًا على �أن املقومات الإدارية ميكن درا�ستها نظري ًا يف �أربع مقومات الإدارية الرتبوية يف الإ�سالم ب�شيء من ال�شرح والتحليل. رئي�سية هي :التخطيط ،والتنظيم ،والتوجيه ،والتقومي). �أو ًال :التخطيط: (� :1ص.)135 يقول ( فايول ) :ان التخطيط يف الواقع ي�شمل التنب�ؤ ( وبع�ضهم ي�ضيف �إل��ى العنا�صر الأرب �ع��ة عن�صر ًا مبا �سيكون عليه امل�ستقبل مع الإ�ستعداد لهذا امل�ستقبل). خام�س ًا وهو :الرقابة� ،إذ يرى (هرني فايول الفرن�سي) (� :1ص.)137 ب�أنها التنب�ؤ ،والتخطيط ،والتنظيم ،وا�صدار الأوام��ر، ومن امل�س َلم به �أن التخطيط هو �أحد املقومات الرئي�سة والتن�سيق ،والرقابة)� :11( .ص.)61 يف الإدارة ،فالقائد الإداري ال�ترب��وي ه��و يف الأ��ص��ل ( وم�ن�ه��م م��ن ي ��رى �أن الإدارة ال �ع��ام��ة والإدارة خمطط؛ لأنه يتخذ ق��رارات ت�ؤثر على م�ستقبل امل�ؤ�س�سة الرتبوية والإدارة املدر�سية ،ت�شرتك يف ع��دة مقومات الرتبوية التي ينتمي �إليها ،والتخطيط بهذا املعنى ي�سبق هي :التخطيط ،والتنظيم ،والتن�سيق والتوجيه واملتابعة �أي عمل تنفيذي ،ويحدد الأعمال التي يجب القيام بها يف امل�ستقبل بالكيفية والوقت املالئمني لتنفيذها ،وانطالق َا والتقومي)� :5(.ص.)5 من هذا املفهوم ،ف�إن للتخطيط عالقة مبا�شرة بعن�صرين وعلى ه��ذا فالباحث �سوف يناف�ش بع�ض املقومات رئي�سيني الأول ه��و :امل�ستقبل ،والثاين ه��و :العالقة بني الهامة التي ي��رى �أن��ه بدونها ال ميكن �أن حتقق القيادة الأهداف والطرق امل�ستخدمة لتحقيق هذه الأهداف. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
39
وللنجاح يف عملية التخطيط ،يجب الأهتمام بنوعية عن التخطيط يف جميع جم��االت العملية الرتبوية ،من الأفراد الذين يقومون بهذه املهمة ،فيجب �أن يكون لديهم التلميذ �إل��ى اخل��دم��ات والأن�شطة التعليمية والطالبية، خربة طويلة يف العمل الإداري الرتبوي ،وكذلك القدرة على واملناهج والإمتحانات والدوام املدر�سي. احل�صول على املعلومات ال�ضرورية من الأفراد العاملني يف ثانياً :التنظيم: م�ؤ�س�ستهم الرتبوية؛ ال�ستخدامها يف و�ضع خطط تتطابق مع حاجة امل�ؤ�س�سة وظروفها. يعرف التنظيم ب�شكل عاما ب��أن��ه( :الرتتيب وو�ضع ( وعلى هذا ف�إن القائد الرتبوي امل�سلم يكون قد عرف الأ�شخا�ص والأ�شياء يف الأماكن التي ت�صلح فيها للعمل التخطيط لأن اهلل تبارك وتعالى قد وجهه �إل��ى ذلك يف والإنتاج)(� :6ص .)95 �آيات كثرية منها ،قوله تعالى: والتنظيم ه��و العملية الثانية م��ن مقومات القيادة َاك اللهَّ ُ الدار ْال ِآخر َة و اَل َتنْ�س ن َِ�صيب َك الإداري ��ة الرتبوية ،وه��و يعني توزيع الأع�م��ال والأن�شطة }واب َتغ ِفيما �آت َ َّ ِم َن ال َد ْن ْيا ِ و�أَح َ ِ�س ْن َكما �أَح�س َن ا َللهَّ ُ ِ�إ َلي َك وَ اَل َتبغ َا ْلفَ�ساد َ فيِ املختلفة بني العاملني داخل امل�ؤ�س�سة الرتبوية كل يف جمال ْ َ ِْ َ َ ُّ َ َ ْ َ ْ َ تخ�ص�صه ،بل يعمل من �أج��ل و�ضع الرجل املنا�سب يف َ للهَّ ين{(الق�ص�ص� :آية .)٧٧ ْأ الَ ْر ِ�ض �إِ َّن ا اَل ُي ِح ُّب المْ ُف ِْ�س ِد َ املكان املنا�سب ،والتنظيم عبارة عن عمل جماعي م�ستمر انه توجيه رباين للتخطيط يف هذه الدنيا ملقابلة م�صري يتم عن وعي وادراك ،لتن�سيق �أوجه الن�شاط الب�شري يف ا�ست ََط ْعتُم ِّمن ُق َّو ٍة جمال معني من �أجل حتقيق الأهداف املحددة. الآخ��رة وقال تعالىَ } :و�أَ ِع � ُّدوا َل ُهم َّما ْ َو ِمن ِّر َب ِ ين اط الخْ َ ْيلِ ُت ْر ِه ُب َ ون ِب ِه َع ُد َّو اللهَّ ِ َو َع ُد َّو ُك ْم َو�آخَ رِ َ وعند توزيع ال�صالحيات والأعمال بني العاملني داخل ُ للهَّ ِمن ُدو ِنهِ ْم اَل َت ْع َل ُمو َن ُه ُم ا َي ْع َل ُم ُه ْم َو َما تُن ِفقُوا ِمن �شَ ْي ٍء .)60امل�ؤ�س�سة الرتبوية كل ح�سب تخ�ص�صه ،ف�إن ذلك ي�ؤدي �إلى ون{(الأنفال � :آية فيِ َ�سبِيلِ اللهَّ ِ ُي َو َّف �إِ َل ْي ُك ْم َو�أَنت ُْم اَل ت ُْظ َل ُم َ ٍ �صحيح بعيد عن الإرب��اك وتعطل م�صالح الآخرين، �س ٍري ٍ ويف هذه الآية الكرمية دعوة للقيادة الإداري��ة الرتبوية بل يزيد من انتاجية العاملني ،ويك�شف الأخطاء ونواحي الإ�سالمية ،بالعمل والتخطيط ،والإ�ستعداد ملواجهة �أمر الق�صور ،ومعرفة �أ�سباب ذلك ملعاجلتها. م�ستقبلي قد يحدث ل��دار الإ��س�لام ،و�أم�ن��ه ،وال�ق��وة ،هنا (وان التنظيم اجليد ي�ساعد على حتقيق الأه��داف تفهم مبفهوم الع�صر ،فقد تفهم بالقوة البدنية ،وذلك ببناء الرجال الأ�شداء الأقوياء يف �إميانهم ،و�أبدانهم ،وقوة العامة للإدارة الرتبوية ،واحل�صول على �أح�سن كفاية يف ال�سالح ،بكل �أنواعه ،وح�سبما ت�صنع امل�صانع من �أن��واع الأداء ،و�ضمان �سري العمليات الإدارية الرتبوية الأخرى يف الأ�سلحة حتى القوة والطاقة الذرية ،وذلك ببناء امل�صانع �سهولة وي�سر)(� :1ص.)171 النووية الإ�سالمية ،وحمايتها م��ن �ضرب الأع ��داء لها؛ والتنظيم �أو عدمه موهبة �أو غريزة يهبها اهلل ملخلوقاته، وذلك كله الرهاب عدو اهلل و�أعداء الإن�سانية وحماية �أمن �إذ جندها يف الإن�سان واحليوان و�سائر املخلوقات .ففي امل�سلمني ،ويف �آية (و�أعدوا لهم ) مفهوم التخطيط الطويل الب�شر ميكن لكل واح��د منا ان يالحظ على م��ن حوله الأجل الذي يجب �أن ت�أخذ به الدولة الإ�سالمية وادارتها اال�ستعداد الفطري للتنظيم �أو عدمه ،وذل��ك مبالحظة احلكيمة حتى حتمي �شوكة وبي�ضة الإ�سالم) (� :6ص .)137و�ضع الأ�شخا�ص وتنظيم حياتهم �أو عدم التنظيم الذي ان ما قام به �سيدنا ابراهيم –عليه ال�سالم -ون�سله من يقابله الفو�ضى. بناء للكعبة ،وما قام به �سيدنا يو�سف –عليه ال�سالم -من ومع ذلك فالتنظيم ميكن �أن ينمي ويعتاد عليه املوظف. تخطيط وتنظيم و�أعمال اداري��ة فذَ ة لدى فرعون م�صر ،ويف عامل احليوان وغريه �أمثلة ناطقة على قدرة اهلل تبارك كذلك مرحلة التخطيط لقيام وبناء الدولة الإ�سالمية ،وما وتعالى على منح غريزة التنظيم لهذه الكائنات حتى قام به الر�سول حممد –عليه ال�سالم -من تخطيط للهجرة ،تعي�ش ،وكذلك الطيور وتنظيم �أكلها وهجرتها من بلد �إلى �آخر ،بل من مو�سم �إلى مو�سم؛ لطلب الرزق ب�شكل منظم؛ واعداد للمعارك والغزوات يدخل �ضمن هذه العملية. �إذ تظري على �شكل هرم ،تتقدمه القيادة ثم يكرب ال�شكل والقائمون على الرتبية والتعليم ال ي�ستطيعون الإ�ستغناء ليظهر ب�شكل هرم.
� 40إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
وانظر للمملكة املنظمة يف ع��امل احل�شرات (مملكة ال�ن�ح��ل) وم��ا �أع�ط��اه��ا اهلل م��ن ق��دره عجيبة يف تنظيم حياتها �سواء يف التعامل �أو التعاون �أو الإنتاج ،فلنقر�أ عن هذا املخلوق العجيب الذي يعجز الب�شر العقالء عن قدرة التنظيم املوجودة عنده.
ومن خالل املثال ال�سابق عن الهجرة يرى القائد الإداري الرتبوي امل�سلم فيه درو�سا جليلة يف مو�ضوع التنظيم من البداية حتى النهاية .ومل يكن للفو�ضى واالرجتال مكان يف عملية الهجرة ،بل تنظيم وتن�سيق وترتيب واحتياط كامل لكل حادث وحديث.
�أما تطبيق التنظيم يف الإ�سالم ،فلي�س �أدل على ذلك اال ما عمله القائد العظيم حممد – �صلى اهلل عليه و�سلم – يف الهجرة النبوية من مكة �إلى املدينة املنورة ،اذ ميثل غاية التنظيم والتن�سيق ،فعندما �أمر اهلل بالهجرة على ل�سان جربيل:
ومن الأمثلة الأخرى على التنظيم يف الفكر الإ�سالمي، ال�صالة ،وم��ا يتبعها م��ن مقدمات وعمليات تتم قبلها و�أثناءها وبعدها .فامل�سلم ي�ستعد لل�صالة املفرو�ضة خم�س مرات – غري النوافل وال�سنن – ُت ��ؤ َدي يف �أوق��ات حمددة ال�صلاَ َة َكان َْت َع َلى المْ ُ�ؤ ِْم ِن َني ِكتَا ًبا كما قال تعالى �} :إِ َّن َّ َم ْو ُقوتًا{( الن�ساء �آية.)103 :
فما كان منه – عليه ال�سالم – اال �أن �أمر عل َيا – ر�ضي اهلل عنه – ب�أن ينام مكانه بعد �أن اطم�أن �أنه لن يخل�ص �إليه �سوء ،وقام بالرتتيبات والتنظيمات الالزمة واخلا�صة بالرحلة امليمونة ،ومن تلك الرتتيبات والتنظيمات ما يلي:
ويف كل �صالة ينظم امل�سلم نف�سه باال�ستعداد للو�ضوء، الذي هو يف حد ذاته ا�سلوب نظام ،حيث الرتتيب واملواالة يف الو�ضوء ،ثم االنتظام يف ال�صالة اجلامعة يف �صف واحد ،فال يخرج �أحد عن ت�سوية ال�صف ،وال متابعة الإمام حتى يخرج من ال�صالة ،وفيها ترتيب خل�ص باالدعية يف كل ركعة ،وك��ل �سجود �أو قعود �أو ت�شهد �أول �أو ث��ان ،وما يتبع ذلك من �سنن يلتزم امل�سلم برتتيبها وتنظيمها وعدم اخلروج عليها.
(يا حممد ال تبت هذه الليلة على فرا�شك الذي كنت تبيت عليه )(� :2ص.)45
�أ -ذهابه الى بيت �أبي بكر ال�صديق – ر�ضي اهلل عنه – يف حر الهاجرة والطلب منه م�صاحبته يف الهجرة. ب -ا�ستئجار عبداهلل بن �أريقط ليدلهما على الطريق. جـ -تكليف عبداهلل بن �أبي بكر بالبقاء يف مكة نهارا؛ لي�سمع �أخبار قري�ش ،وتزويد الر�سول – عليه ال�سالم – ووالده بكل املعلومات وهذا مفهوم اال�ستخبارات احلديث. د -تكليف �أ�سماء بنت �أبي بكر -ر�ضي اهلل عنهما -ب�إعداد الطعام ،و�إح�ضاره م�ساء �إلى الغار. هـ -تكليف الغالم عامر بن فهرية ،برعي الغنم يف النهار، و�إح�ضاره م�ساء باجتاه الغار لي�شربا حليبها ،وليبعد �آثار �أقدام عبداهلل و�أ�سماء بحركة رعي الغنم.
ومن الأمثلة الأخرى التي قام بها القائد الأول حممد – عليه ال�سالم – ( تنظيم الأمة والبلد بعد و�صوله �إلى املدينة امل �ن��ورة ،وامل ��ؤاخ��اة التي ق��ام بها ب�ين املهاجرين والأن�صار ،وتنظيم الدولة با�صدار الد�ستور الذي ينظم ال�سيا�سة الداخلية يف الدولة الإ�سالمية ،وينظم العالقات الدينية بني الأمة الإ�سالمية وغريهم من اليهود ،وتنظيم ال�سرايا وال �غ��زوات ،وكذلك التنظيم الوظيفي يف العهد النبوي ،وتنظيم ال�سفراء ور�سل النبي وا�ستقبال الوفود، وا�ستخدام العمالت) (� : 6ص.)124 -95
ومن هنا فان التنظيم الإداري يدخل يف جميع جوانب املقومات الإدارية الرتبوية ،لأنه روح الإدارة بعد التخطيط و -مكث الر�سول – عليه ال�سالم – و�صاحبه يف الغار ثالثة و�أهم مقوماتها وعليه يتوقف جناح كافة املقومات والأعمال �أيام. الإداري��ة؛ لأن هذا التنظيم هو الذي ين�سق العمل وبه يتم تنفيذ اخلطط ور�سم ال�سيا�سات الرتبوية املختلفة داخل ز -جميء الدليل وخروج الركب امليمون �سائرا يف طريق امل�ؤ�س�سة الرتبوية. ملتو متعرج ال ميكن للعدو اللحاق بالركب ومتابعته. و�إذا ت�أملنا فيما �سبق من �أمثلة مت ذكرها وهي غي�ض ح -و�صول الركب الى قباء بالرتحيب ال�صادق والكلمات من في�ض ،يتبني لنا �أن الإ�سالم عرف التنظيم والتن�سيق والن�شيد املعرب عن احلب والوالء للقيادة امل�ؤمنة ) ( :7يف جميع املجاالت ،منذ بدء الدعوة املحمدية على �صاحبها �ص .)482 �أف�ضل ال�صالة وال�سالم. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
41
وما ا�ستقرار وانتظام ،بل انت�شار وتو�سع دولة الإ�سالم هذا الأ�سلوب وجد يف العهد النبوي واخللفاء الرا�شدين. يف �أيامها الأولى اال لوجود التنظيم �سواء يف العهد النبوي وبناء على ما �سبق نقرر وبثقة كاملة �أن ما يعرف يف �أو العهد الرا�شدي ،فالدولة وجدت فيها الأعمال واحلرف بكل �أنواعها وتق�سيماتها ،كما وجد فيها جميع �أنواع العمال الفكر الإداري احلديث من �ضوابط التنظيم الإداري هي واحلرفيني ،وق��ام كل �صنف من النا�س مبا ت�أهل له من ال�ضوابط نف�سها التي �سبق اليها فُكرنا القر�آين واملحمدي العمل ليخدم املجتمع ،وما دام هذا الأمر قد حتقق ف�إن فكر ًا وتطبيق ًا. هذا هو مفهوم التنظيم بجميع �أ�شكاله ،و�أي جمتمع يتمكن وبنظرة �سريعة ال��ى بع�ض ه��ذه ال�ضوابط الإداري ��ة من هذا الو�ضع – تق�سيم العمل على عماله وموظفيه – ف�إننا نعتربه جمتمعا منظما ،وخا�صة اذا ا�ستخدم ا�سلوب التالية يت�أكد ما قررناه وهي :تق�سيم العمل ،تكاف�ؤ ال�سلطة التدريب على �شكل دورات تثقيفية� ،أو تدريبية عملية ،ومثل وامل�س�ؤولية ،املرونة ،التفوي�ض. امل�صادر واملراجع �أو ًال: القر�آن الكرمي– م�سلم بن حجاج؛ �صحيح م�سلم ،ب�شرح النووي ( )18ج – بريوت ودم�شق .م�ؤ�س�سة مناهل ومكتبة الغزايل.د.ت ثاني ًا: � -1إبراهيم ع�صمت مطاوع و�آخر.الأ�صول الإدارية للرتبية ط 1القاهرة :دار املعارف 1980م �ص .135 �-2أبو تراب الظاهري .الأثر املقفى لق�صة هدرة امل�صطفى .الريا�ض .دار القبلة الإ�سالمية 1404.هـ. � - 3أحمد بن حممد بن قدامة املقد�س ،خمت�صر منها ج القا�صدين ط 4بريوت :املكتب اال�سالمي 1394هــ. -4الدمردا�ش عبداملجيد �سرحان :املناهج املعا�صرة ط.4الكويت ،مكتبة الفالح 1403هــ. � -5سليمان عبد الرحمن احلقيل ،الإدارة املدر�سية ،وتعبئة قواها الب�شرية يف ال�سعودية.الريا�ض .مطابع بحر العلوم 1403هـ. -6عبدالرحمن ال�ضحيان .الإدارة يف الإ�سالم والفكر والتطبيق .جدة ،دار ال�شروق 1992م. -7عبدامللك بن ه�شام ،ال�سرية النبوية ،حتقيق م�صطفى ال�سقا و�آخرون ج .1 -8عرفات عبدالعزيز �سليمان .ا�سرتاتيجية الإدارة يف التعليم .القاهرة ،مكتبة الإجنلو امل�صرية .1978 -9حممد كرد علي .الإ�سالم واحل�ضارة الغربية ،ج 1ط 3القاهرة :مطبعة جلنة الت�أليف والع�شر .1968 -10حممد قا�سم القريوتي و�آخر .مبادئ الإدارة ،نظريات ووظائف ط ،1عمان.جمعية املطابع التعاونية 1404هـ. -11حممد نور الدين عبدالرزاق .مبادئ علم الإدارة العامة .جدة.دار العلم للطباعة د.ت. -12مولوي .ح�سيني ،الإدارة العربية.ترجمة �إبراهيم العدى :مكتبة دار الإدري�س �سل�سة الألف كتاب .149 -13نواف كنعان .القيادة الإدارية ط 1الريا�ض دار العلوم 1980م. � 42إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
دراسات الوسطية
نظرية امل�آل و�أثرها على االجتهادات ً الفقهية ً وقدميا حديثا املقدمة: احلمد هلل رب العاملني وال�صالة وال�سالم على �أ�شرف املر�سلني �سيدنا حممد وعلى �آلة و�صحبه و�سلم ت�سليما، ور�ضي اهلل تعالى عن �سادتنا �أ�صحاب ر�سول اهلل الغر امليامني والتابعني وتابعيهم ب�إح�سان الى يوم الدين، وبعد، �إن م��ن ق��واع��د امل�سلم مب��ا ع�ن��د ع�ل�م��اء ال�شريعة الإ�سالمية الثابته باال�ستقراء لأحكام ال�شريعة اعتبار النظر يف م�آالت الأفعال والأقوال. حت��دي��د حم��ل ال �ن��زاع يف حقيقة امل� ��آل لي�س املق�صود بنظرية امل�آل النظر يف الت�صرفات امل�شروعة النظرية الى النتائج امل�شروعة كالك�سب احل�لال املف�ضي ال��ى التمتع بالطيبات ،فهذه الو�سيلة جائزة بالإجماع ،كما ال يق�صد بها تلكم الأفعال املمنوعة التي قد ت�ؤدي �إلى م�صالح �أو �إلى �أمور م�شروعة كال�سرقة لأجل النفقة على من تلزم نفقتهم فهذا ممنوع يف االتفاق ،امنا الكالم املق�صود وال��ذي هو مناط التحقيق ان يكون الفعل نف�سه م�شروع ًا جائز ًا ولكنه قد يف�ضي الى مف�سدة م�ساوية �أو تزيد على ما يعتقد ان م�صلحة ،وه��ذا هو الأم��ر ال��ذي يجتهد فيه بحذر وفطنة ور�ؤي��ة وبعد نظر و�إمعان وفكر ثاقب ،فيما �سيرتتب على الفعل الذي حكم بجوازه �أو منعه.
د .عبداحلق ميحي
التعريف بالنظرية على امل��آل :امل��آالت واحد امل��آل وهو م�صدر ميلي من كل ال�شيء ي�ؤول �أو ًال وم�آ ًال �أرجع ،واملوئل: املرجع ،يقال :طبخت النبيذ حتى �آل الثلث. وي ��أت��ي مبعنى الإ� �ص�لاح وال�سيا�سة ،ي�ق��ال� :آل امل��ال: �أ�صلحه و�سامه ،و�آل مبعنى خرث ،و�أق��رب هذه املعاين الى املعنى اال�صطالحي هو املعنى االول. املعنى اال�صطالحي :هو حتقيق مناط احلكم بالنظر يف الإق�ت���ض��اء التبعي ال��ذي ي�ك��ون عليه عند تنزيله من حيث ح�صول مق�صدة ،والبناء على ما ي�ستند عليه ذلك االقت�ضاء.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
43
تعريف الدكتور الري�سوين :ومعناه -اي اعتبار امل�آل- هو امل��درك ال��ذي جعل الإم��ام مالك – رحمه اهلل- النظر فيما ميكن �أن ت���ؤول �إل�ي��ه الأف �ع��ال والت�صرفات ينا�شد ام�ير زمانه ب ��أال يعيد بناء الكعبة �أي�ض ًا حتى ال والتكاليف ومو�ضوع االجتهاد والإفتاء والتوجيه و�إدخ��ال يتخذها االمراء عرف ًا. ذلك يف احل�سبان عند احلكم والفتوى. .3للنهي عن الغلو والت�شديد على النف�س :بقوله( :ولن تعريف الدكتور فريد االن�صاري� :أن امل ��آل هو البعد ي�شاد الدين �أحد اال هلكه) وقوله( :هلك املتنطعون هلك املقا�صدي لنتائج ت�صرفات املكلفني فيما ال ن�ص فيه املتنطعون) وقوله( :املتنطع كاملنبت ال الأر���ض قطع وال ويقت�ضيه الإجتهاد. الظهر �أبقي). مكانة نظرية امل�آل يف الت�شريع الإ�سالمي:
.4املحرمات لغريها التي تف�ضي الى مع�صية الزنا:
اعتبار امل���آل يف ال �ق��ر�آن ال�ك��رمي :لقد �ضرب الإم��ام • حترمي اخللوة :اي حرمة اختالء الرجل بامر�أة لقوله يخلون رجل بامر�أة �إال مع ذي ال�شاطبي-رحمه اهلل ....-جمموعة من الآي��ات الكرمية �صلى اهلل عليه و�سلم (ال ّ التي تدل على اعتبار امل ��آل ،منها قوله تعالى « :يا �أيها حمرم). النا�س اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم • نهيه �صلى اهلل عليه و�سلم �أن ت�صف املر�أة لزوجها تتقون» ،ومنها قوله تعالى “ :وال ت�أكلوا �أموالكم بينكم جمال ام ��ر�أة �أخ��رى لقوله (ال تبا�شر امل ��ر�أة امل��ر�أة، بالباطل وتدلوا بها الى احلكام» ،وقوله “ :وال ت�سبوا الذين فتنعتها لزوجها ك�أنه ينظر �إليها). يدعون من دون اهلل في�سبوا اهلل ع��دو ًا بغري علم» ،قال: • حرمة �سفر املر�أة بدون حمرم عند عدم وجود الأمن وهذا مما فيه اعتبار امل�آل على اجلملة. (ال ت�سافر املر�أة �إال مع ذي حمرم). �إعتبار امل�آل يف ال�سنة النبوية ال�شريفة :وهو ما اعتبار امل�آل يف فقه ال�صحابة الكرام: �أطلق عليه الإمام ال�شاطبي :الدليل على اخل�صو�ص. ان الناظر يف اجتهادات ال�صحابة وخا�صة اخللفاء .1قوله فيمن ا�شار عليه بقتل من اظهر النفاق� ( ،إين �أخاف �أن يتحدث النا�س �أن حممد ًا يقتل �أ�صحابه) وقوله الرا�شدين ليجد عجب ًا يف اعتبار نتائج االفعال والبعد من �أ�شار عليه بقتل را�س النفاق يف حادثة املري�سيع ،وقول املقا�صدي يف �إن�شاء الت�صرفات وخا�صة �سيدنا عمر عمر ر�ضي اهلل عنه دعني ا�ضرب عنق هذا املنافق ،وجاء �صاحب املوافقات واالجتهادات-ر�ضي اهلل عنه وار�ضاه.- اني�س وهو �صحابي جليل عبداهلل بن عبداهلل بن ابي �سلول .1 ،جمع امل�صحف يف عهد ابي بكر وعثمان – ر�ضي اهلل قال :يا ر�سول اهلل اين كنت وال بد فاعال فاجعلني �أنا من عنه. يقتله حتى ال �أنظر الى قاتل �أب��ي ،فقال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم :بل �سنح�سن اليه ما دام بيننا فكان ر�أ�س .2قتل اجلماعة بالواحد النفاق ذليل يف قوله يبكت ويقدح ،وبعها قال ر�سول اهلل .3الإمتناع عن ق�سمة موارد العراق �صلى اهلل عليه و�سلم لعمر :لو قتلته الرعت له انوف قومه .4املنع من تزوج الكتابيات – وهذا دليل ون�ص يف امل�سالة كما يقول الأ�صوليون. .2ق��ول��ه لل�سيدة عائ�شة – ر��ض��ي اهلل عنها-لوال .5ايقاع الطالق الثالث بلفظها واحد ثالث �أن قومك حديثو عهد بكفر لأ�س�ست البيت على قواعد .6عزله لقا�ضي م�صر فيما �أ�صلح بني متخا�صمني بدينار ابراهيم ،فم�سلمي الفتح مل يح�سن ا�سالمهم بعد وهم مازالوا على كثري من عادات اجلاهلية فلم ي�ش�أ النبي �صلى .7تنازل احل�سن عن اخلالفة ملعاوية اهلل عليه و�سلم فتنتهم بهدم الكعبة و�إع��ادة بنائها وهذا .8قبول اجلزية بني بع�ض الن�صارى العرب على انها زكاة ولي�ست جزية �صلح احلديبية كله اعتبار للم�آل.
� 44إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
مب�شاهدة م��ا ال يرت�ضي ف�لا يخرج ه��ذا ال�ع��ار���ض لتلك اعتبار امل�آل يف الفكر املقا�صدي: االمور عن ا�صولها ( م�سالة ما يقع فيه بع�ض الإ�سالميني النظر يف م ��آالت الأفعال معترب مق�صود �شرعا كانت امل�شاركني يف احلكم (برملان /وزارات�/سفارات )...من الأفعال موافقة �أو خمالفة ،وذلك �أن املجتهد ال يحكم على حماذير �شرعية يف مقابل �إقامة تلك الوظائف وحتقيق فعل من الأفعال ال�صادرة عن املكلفني بالإقدام �أو بالإحجام م�صالح لالمة ودر�أ املفا�سد عنها. �إال بعد نظره �إلى ما ي�ؤول �إليه ذلك الفعل ،م�شروعا مل�صلحة مراتب امل�آل: فيه ت�ستجلب � ،أو ملف�سدة تدر�أ ،ولكن له م�آل على خالف ما ق�صد فيه ،وقد يكون غري م�شروع ملف�سدة تن�ش�أ عنه �أو املرتبة الأولى: م�صلحة تندفع به ،ولكن له م�آل على خالف ذلك ،ف�إذا �أطلق القول يف الأول بامل�شروعية; فرمبا �أدى ا�ستجالب م��ا ك��ان قطعي التحقيق وامل ��راد بهذا ال�ن��وع ان تكون امل�صلحة فيه �إلى املف�سدة ت�ساوي امل�صلحة �أو تزيد عليها الو�سيلة امل�ؤدية الى ح�صول نتيجة قوية ،بحيث يرتتب امل�آل فيكون هذا مانعا من �إطالق القول بامل�شروعية ،وكذلك �إذا املمنوع عنها على �سبيل القطع واليقني كمن ترك �شخ�ص ًا �أطلق القول يف الثاين بعدم م�شروعية رمبا �أدى ا�ستدفاع مع �أ�سد �ضار جائع ف�إن م�آل الفعل هالك ال�شخ�ص على يد املف�سدة �إل��ى مف�سدة ت�ساوي �أو تزيد ،فال ي�صح �إطالق اال�سد ال حمال حمقق� ،أو حفر بئر ًا خلف باب ال�ضرير ف�إن القول بعدم امل�شروعية ،وهو جمال للمجتهد �صعب املورد وقوعه يف البئر حتقق ال حمال ،وهذا ال�ضرر واملرتبة القول �إال �أنه عذب املذاق حممود الغب جار على مقا�صد ال�شريعة .فيها بالتحرمي القاطع. والدليل على �صحته االمور :ثالثة اعتبارات: املرتبة الثانية: (�أحدها) التكاليف – م�شروعة مل�صالح العباد وم�صالح ً ً ً ما كان مظنونا ظنا غالبا واملق�صود بغالب التحقق ان العباد اما دنيوية او �آخروية ف�أما االخروية راجعة �إلى م�آل املكلف يف الآخرة ليكون من �أهل النعيم ال من �أهل اجلحيم ،الو�سيلة امل�ؤدية اليه يغلب على الظن �إف�ضا�ؤها الى امل�آل �أما الدنيوية; ف�إن الأعمال �-إذا ت�أملتها -مقدمات لنتائج املمنوع واملف�سدة املحرمة مثل بيع ال�سالح زمن الفتنة وهذه امل�صالح; ف�إنها �أ�سباب مل�سببات هي مق�صودة لل�شارع ،املرتبة وقع فيها اخلالف بني العلماء على مذهبني: وامل�سببات هي م ��آالت الأ�سباب; فاعتبارها يف جريان امل��ذه��ب االول :ان��ه يف حكم القطعي ويلحق ب��ه ،وهو الأ�سباب مطلوب ،وهو معنى النظر يف امل�آالت .والثاين� :أن مذهب املالكية واحلنابلة م�آالت الأعمال �إما �أن تكون معتربة �شرعا �أو غري معتربة; ف��إن اعتربت فهو املطلوب ،و�إن مل تعترب �أمكن �أن يكون املذهب الثاين :انه حكم غري قطعي وال يلحق به وهو للأعمال م�آالت م�ضادة ملق�صود تلك الأعمال ،وذلك غري مذهب ال�شافعية واحلنفية. �صحيح. املرتبة الثالثة: ما �صدق امل ��آل :اي ما هي الأ�صول التي يندرج حتتها ما كان مظنون ًا ظن ًا غري غالب وهو ما كانت و�سيلته اعتبار امل�آل وهذا اال�صل بنى عليه قواعد (قاعدة الذرائع) ً وهذه القاعدة حكمها مالك وغريه من الفقهاء ويف اكرث تف�ضي الى ح�صوله �إف�ضا ًء كثريا كرثة ال تبلغ ان تكون غالب اب ��واب الفقه وك��ذل��ك احل�ي��ل �أي امل �خ��ارج وف��ق امل�صالح االحوال. والتي ت�سعة اع�شار العلم ،ومنها مراعاة اخل�لاف ومنها املرتبة الرابعة: اال�ستح�سان ومنها ان الأم��ور ال�ضرورية او احلاجية او وهو ما كانت الذريعة امل�ؤدية الى وقوعه ال تف�ضي اليه التكميلية اذا اكتنفها �أمور من خارجها ال تر�ضى �شرعي ًا، ف�إن االقدام على جلب امل�صالح �صحيح على �شرط التحفظ اال ن��ادر ًا ،ومثلوا له بحفر البئر يف مو�ضع ال يعترب طريق ًا بح�سب اال�ستطاعة مثل املناكر التي قد يراها او ي�سمعها ملارة �أو تناول �أغذية ال ت�ضر يف العادة وهذا باق على �أ�صل متويل الوظائف ال�شرعية اذا مل يقدر على اقامتها اال االباحة. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
45
خ�صائ�ص نظرية امل�آل: .1م��ن نظرية واقعية وم��ن اه��م �أه ��داف ه��ذه اخلا�صية مراعاتها للظروف اال�ستثنائية التي قد تعرت�ض طريق الأم��ة واملكلفني يف ازمنة وامكنة متعددة فلم يرتكهم ح�ي��ارى ب�لا ه��دى وال ت�شريع ،ب��ل ��ش��رع لهم �أحكام ًا على وفق نظرية امل�آل مبا ال يوقعهم يف احلرج والعنت ويبعدهم عن �أهداف الت�شريع والعبودية هلل تعالى. .2نظرية اجتماعية .3نظرية اخالقية �أثر اعتبار امل�آل على اجتهادات الفقهاء حتديد ًا: لئن كنا قد � ّأ�صلنا نظرية امل�آل ومدى اعتبارها يف القر�آن الكرمي وال�سنة النبوية ال�شريفة واجتهاد الأ�صحاب-ر�ضي اهلل عنهم-ابتداء من اخللفاء الرا�شدين ،ف�إن هذه النظرية مل تغب عن وعي الأمة وجمتهديها اجلهابذة عرب م�سريتها احل�ضارية �صعود ًا ونزو ًال رقي ًا وانحطاط ًا فقد جعل العلماء املجتهدون ن�صب �أعينهم هذه النظرية رقي يف �أحلك �أوقات الأمة و�أظلم ع�صورها مما وفر للأمة م�ساحات وا�سعه من الإجتهادات ا�ستطاعت ان حتافظ على هويتها و�شخ�صيتها الإ�سالمية حتى ملا �أفل جنم خالفتها الإ�سالمية و�سقط عز �سلطانها .......ح�ضارتها بالغروب �أمام �ضربات الأعداء املوجعه وه��ذه الإج�ت�ه��ادات والتي غالب ًا ما كانت تدعى امل�آالت. ت��ويل املنا�صب الدينية والدنيوية يف ظل امل��وازن��ة بني امل�صالح واملفا�سد :ما �إن ظهرت اخلالفات يف االمة وظهر قرن الفنت وانحرف اخللفاء والأم��راء عن منهج اخلالفة الرا�شدة التي �سارت على منهج النبوة حتى اتخذ العلماء مواقف متباينة من التعامل مع الدولة فمنهم من ن�أى بنف�سه و�آثر البعد عن جمال�س احلكم و�أروقة ال�سيا�سة واغراءات املنا�صب ليتفرغ بذلك لإر�شاد الأمة وتعليمها �أمور دينها ويحافظ على رمزيته و�إمامته حتى يت�سنى لالمة الإقتداء والإهتداء مبا حمله من علم م�ؤثر ًا التوجيه والن�صح عن بعد ،بل لقد ا�ستجن بع�ضهم ب�سبب اعرا�ضهم عن ذلك وابتلوا ابتال ًء عظيم ًا وك�أن هدفهم مراعاة م�صلحة العلم و�سد ذريعة الإ�ستعجال اي حتى ال ي�ستعملهم الأمراء لتربير انحرافاتهم وهي وجهة نظر قابلة لت�صويب اخلط�أ مثل ذلك الإمام �سعيد بن امل�سيب وطاوو�س وابو حنيفة ،ما ملك � 46إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
�إذ عر�ض على بع�ضهم قول من�صب الق�ضاء فرف�ض ،وظل هذا الإجتاه يف االمة الإ�سالمية يف خمتلف مراحل حياتها وخا�صة مع تو�سع الإم��ارات واملنا�صب يف الدولة واخلطط والرتاتيب الإدارية كاحل�سبة وال�شرطة والوزارة وال�سفارة فتحدثنا كتب الرتاجم والتاريخ عن مئات الإعالم الذين انتهجوا ه��ذا النهج يف امل�شرق وامل�غ��رب ،كما يحدثنا يف اجلهة املقابلة عن العلماء و�أع�ي��ان وجمتهدين مربزين اختاروا تويل املنا�صب لتحقيق م�صالح عامة ودفع مفا�سد حتققت وتعم من تعمم علما وف�ضال و�صالحا وتقوى ،منهم الفقيه ابو يو�سف الذ تولى الق�ضاء بل قا�ضي الق�ضاة يف الدولة العبا�سيه وكان قا�ضيا عادال وفقيها بارعا وزاهدا قانعا �سار بخطة الق�ضاء �أح�سن ممن عني يف من�صب الأكفاء من العلماء والأ�صلح من الق�ضاة كما تولى ..... خطة الق�ضاء يف املغرب الإ�سالمي فمكن للمذهب املالكي وتالمذة مالك وجل من العلماء من تولى منا�صب احل�سبة وعم الرفاء والرفاهية وقمع الغ�ش فا�ستقامت امور النا�س ّ والف�ساد يف �شتى مناحي احلياة ،ومن العلماء ال�سفارات لبع�ض الأمراء يف ظرف كانت الفنت بني امل�سلمني على اللغة ال�سائدة والعنوان االب��رز اال ان ه��ؤالء العلماء ا�ستطاعوا ومن خالل اعتبارهم للم�آالت ان يحقنوا الكثري من الدماء وي�صونوا الكثري من االعرا�ض واالنف�س ويقللوا من ال�شرور والآف ��ات وي��در�أ الكثري من املفا�سد على الأم��ة يف الآج��ل والعاجل ومن امثال ه ��ؤالء العز بن عبدال�سالم والإم��ام اجلويني ومنذر بن �سعيد البلوطي وغريهم الكثري بل وجند منهم من لب�س لبا�س احل��رب وقاتل مع �سالطني مل تكن �سريهم مر�ضيه وال طرق امامتهم �سنية ولكن حينما املت اخلطوب وفرغت الثغور وداهمت االعداء التخوم وكادت ان ت�صل الى دور اخلالفة وحوا�ضر االمة ،ف�ست�ستحل من االمة ....وتخرب عمدانها وتهتك اعرا�ضها� ،أبى ه�ؤالء ان يلحقوا بركب اجلهاد لأحياء الأمة وانقاذها من عدو كافر يف ظل راية حكام اختلفوا معهم كما كان �شان ابن تيمية –رحمه اهلل-اختار اهون ال�شرين واخف ال�ضررين ،هذا ا�صلوه يف كتبهم و ........يف اجتهاداتهم حيث تاثري ًا عما ّ قاتل التتار وذهب علماء ........العلماء بعيدا يف الت�أ�صيل لهذه امل�سالة حيث ن�صوا على جواز تويل بع�ض املنا�صب يف ظل حكام لي�سوا م�سلمني ،يقول العز بن عبدال�سالم يف قواعد االحكام :لو ا�ستولى الكفار على �إقليم عظيم فولوا الق�ضاء ملن يقوم مب�صالح امل�سلمني العامة فالذي يظهر انفاذ ذلك كله جلبا للم�صالح العامة ودفع ًا للمفا�سد
ال�شاملة� ،إذ يبعد عن رحمة ال�شرع ورعايته مل�صالح عبادة -نظرية امل�آل وم�سائل يف الق�ضاء والق�ضاء بعلم القا�ضي تعطيل امل�صالح العامة وحتمل املفا�سد ال�شاملة. الإج�ت�ه��ادات يف م�سائل الرفق واعتبار نظرية امل ��آل،اعتبار العدالة يف تولى املنا�صب بني االعتبار والإلغاء :ا�ستبدال الوقف مراعاة لنظرية املال االجتهادات املعا�صرة لقد �سبق الإمام العز بن عبدال�سالم غريه من العلماء يف م�س�ألة اعتبارها العدالة يف الواليات فعقد ف�ص ًال بعنوان فيما ال ت�شرتط فيه العدالة من الواليات ،اال ان قال :واما الإمامة العظمى ففي ا�شرتاط العدالة فيها اختالف لغلبة امل�صالح على الوالة ولو �شرطناها لتعطلت الت�صرفات املوافقة للحق يف ت��ويل م��ن يولونه وب��ذل م��ا يعطونه وقب�ض ال�صدقات واالموال العامة فلم ت�شرتط العدالة يف ت�صرفاتهم املوافقة امل�شاركة ال املواجهة وامل�صادمة :ان ال�سبات ال��ذي تلحق ملا فيه ا�شرتاط من ال�ضرر العام وفوات هذه امل�صالح عا�شته الأمة واجلمود والتخلف الذي حلق بالأمة منذ �أمد اقبح من فوات عدالة ال�سلطان. بعيد تكلل با�ستعمار ع�سكري بغي�ض مرفوق بحركة تن�صري ويذهب الغمام ال�شاطبي مذهبا يقرتب كثريا من مذهب مدعم با�ست�شراق خبيث ا�ستهدف دين الأمة وفكرها وتراثها العز بن عبدال�سالم ومن قبله الإم��ام اجلويني يف كتابه وموروثها احل�ضاري يف كل م�ساواته وجماالته ،هذا التخلف الغياثي( :ولهذه اال�صول وهو يتحدث عن الواليات العامة طبع جميع مناحي احلياة ف��إذا لي�س من ال�سهل النهو�ض وا�شرتاط العدالة مبثابة املكمل وال يجوز ان يعود واملكمل ب��الأم��ة وال��رج��وع بها ال��ى قمتها ال�سابقة وجمدها التليد عن اال�صل بالإبطال) .ولهذا �أج��از العلماء �إمامة النا�س طفرة ،وبدون �أ�سباب ومقدمات وال اعتبار لل�سنن الكونية وقا�ضي ال�ضرورة وكل هذه الإجتهادات امنا روعي فيه امل�آل .من تدرج وغريه وعليه ف�إن احلركات الإ�سالمية ال ميكنها حرمة اخلروج على احلكام اعتبارا لنظرية امل�آل� :أن تعود باملجتمعات ال��ى ما يجب �أن يكون اال من خالل امل�شاركة وترك املواجهة والبناء احل�ضاري الهادف الهادئ لقد ت�ع��ددت م��دار���س الفقه يف ه��ذه امل�سالة ولكن اذ �أننا مكلفون بالعمل وحتقيق الأ�سباب دون النتائج ،فهذا ج�م�ه��ور اه��ل ال�سنة واجل �م��اع��ة ي ��رون ح��رم��ة اخل��روج مو�سى عليه ال�سالم الذي قاد �شعب بني ا�سرائيل الى الأر�ض املقد�سة رغم جهادة املرير يف دعوة فرعون الى التوحيد على احلكام ملا يرتتب على ذلك فنت تراق فيها الدماء ورغم ما جالده مع قومة طيلة م�سريته الدعوية اال انه مل امل�ع���ص��وم��ة وت��زه��ق الأرواح ال�بري�ئ��ة وت�ضيع الأم ��وال يدخل الأر�ض املقد�سة ومل ي�ؤ�س�س دولة الإ�سالم بل مات يف ويفقد االمن والأم��ان ،ولعل جتارب االمة عرب تاريخها جبل نبو يف الأردن و�أكمل امل�سرية بعده غالمه (فتاه) يو�شع بن نون عليه ال�سالم ولقد جرب امل�صادمة واملغالبة فكانت احل�ضاري اكري �شاهد على ذلك. نتائجها كارثية على املجتمعات والن املرتب�صني بالأمة كرث، وان��ه من مقامي ه��ذا �أحيي جتربة تون�س واليمن قبل ومراعاة امل�آل يقت�ضي من احلكماء و العلماء من قادة الأمة االنقالب احلوثي على ال�شرعية واي�ض ًا جتربة تركيا. تفويت الفر�صة على الأعداء. ا�ستفتح هذا املبحث برتحم خا�ص على الإمام اجلويني الذي � ّأ�صل ملرحلة فتور ال�شريعة �أو خلو الزمان من القائد بوالية االم��ر فخ�ص�ص ف�صوال �أعنت االم��ة عما يجب ان يقوم به �أه��ل احل��ل والعقد من علماء م�صلحني يف حالة وا�صل قواعد و�أ�س�س ت�أ�سي�س ًا ا�ست�ضعاف حيث �صنع نظريات ّ ممكنا لهذه املرحلة.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
47
• مقاالت الوسطية
• • هل للو�سطية مدر�سة؟؟ • ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية • املقاربة املوريتانيـة ملحاربـة التطـرف والإرهـاب • ما هو م�صري التنظيمات ا ِلإرهابية • يف ظل تقاطع وجهات النظر حول مكافحة ا ِلإرهاب • ر�ؤية يف االرهاب • حماربة الف�ساد يف الإ�سالم • قوة الأمة يف وحدتها • الو�سطية يف العقيدة • الطائفيـــّة فتنة احلا�ضر وامل�ستقبل حقوق الأقليات الدينية يف الديار اال�سالمية
د .حممد حب�ش
د .جواد العناين
د .زيد �أحمد املحي�سن �أ .بن عمر يل
اللواء الركن (م) عدنان عبيدات
د .ح�سن علي املبي�ضني
د.عبد احلميد �صالح القطيطات
د .حممد خري العي�سى
د .جلني الدوري
د .جلني الدوري
� 48إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
مقاالت الوسطية
حقوق الأقليات الدينية يف الديار اال�سالمية
د .حممد حب�ش
كانت الهجرة �أول فتح حقيقي بدون دماء ،وهي املحاولة ال�سلمية اخلام�سة التي خا�ضها النبي الكرمي لبناء الدولة، فبعد مكة ثم الطائف ثم احلب�شة ثم احلرية جنح �أخري ًا يف توفري �أر�ض خ�صبة النطالق الر�سالة وبناء الدولة يف املدينة املنورة. مل ي�سجل بالطبع يف هذه املحاوالت اخلم�سة �أي عمل عنيف ،وكانت �إرادة ال�سلم هي التي حترك �سائر جهده على الرغم من �أن الفرتة التي امتدت ثالثة ع�شر عام ًا واج��ه فيها ر��س��ول اهلل احل�صار والتجويع واال�ضطهاد وقتل عدد من �أ�صحابه حتت التعذيب ولكنه مل ي�ش�أ �أبد ًا ان يختار العنف جوابا للعنف وا�ستمر يف البحث والإعداد حتى �سعدت يرثب تلك القرية الوادعة بهجرة الر�سول �إليها ودخلها يف مهرجان روحي وفني غامر تن�شده فتيات املدينة طلع البدر علينا من ثنيات ال��واع ،وكان ذلك �إيذان ًا ببدء مرحلة بناء الدولة على �أ�سا�س من الإميان. كان عليه �صلى اهلل عليه و�سلم ان يواجه واقع ًا جديد ًا يف املدينة فالبلد لي�ست م�سلمة بالكامل ،والذين اختاروا الإ�سالم فيها مل يكونوا ي�شكلون كل النا�س وظلت �أقليات موجودة يف املدينة من اليهود والن�صارى والوثنيني ،وهو ما ميكن فهمه تف�صي ًال من خالل درا�سة وثيقة املدينة التي كانت مبثابة �إعالن �أول دولة مدنية حقيقية يف الإ�سالم. �إن �أول ما يده�شك يف �صحيفة املدينة �أنها متكنت من توفري طم�أنة اجلميع يف املدينة ،ومل ي�سجل نزوح �أي رجل من �أهل املدينة فقد وجد اجلميع ظروف ًا متكنهم من العي�ش ب�سالم وممار�سة حياة ناجحة ،ورمبا كان هذا وحده يكفي
لفهم طبيعة الرحمة التي جاء بها ر�سول اهلل للعامل ،يف حني اننا تابعنا يف ال�سنوات الأخ�يرة و�صول التنظيمات الإ�سالمية امل�سلحة �إلى عدد من املدن يف العراق وال�شام حتديد ًا ،وكان �أول ما يتابعه العامل من �أمر هذه الغزوات �أو الفتوح هو هروب الآالف من النا�س وب�شكل خا�ص من الأقليات �إلى املجهول والعذاب والقهر فقد �أ�صبح وا�ضح ًا ان كل ما يحلمون به من �أمن وم�ساواة وحرية بات مهدد ًا متام ًا. �إن وثيقة املدينة كانت حدث ًا غري ع��ادي فقد ن�صت بو�ضوح على حقوق اجلميع وكانت مبثابة عقد اجتماعي جديد مينع احتكار احلياة واحتكار ال�سلطة ،وك��ان يهود بني عوف وهي قبائل قينقاع والن�ضري وقريظة قد �أعلنوا مت�سكهم بدينهم ورف�ضوا الدخول يف الدين اجلديد ،ومع ذلك فقد ن�صت وثيقة املدينة بو�ضوح� :إن امل�سلمني ويهود بني عوف �أمة واحدة من دون النا�س. مل يجد �أي يهودي او م�سيحي �سبب ًا يدعوه للخروج من املدينة يف ظل الواقع اجلديد ولوال الغدر الذي وقع فيه �أفراد �أ�سا�سيون من قينقاع والن�ضري ال�ستمر ه�ؤالء يف املدينة ويف واقع اقت�صادي قوي ،ولكن من امل�ؤ�سف ان قبائل اليهود يف املدينة املنورة مل تلتزم بالعقد الذي �أبرمه معها ر�سول اهلل، ونق�ضت العهد ثالث مرات متتالية ،وانتهى ذلك كله بيوم مرير لبني قريظة بعد �أن قام �أ�شرارهم بخيانة فاجعة يوم اخلندق ،وتعاونوا مع م�شركي قري�ش على اجتياح املدينة ولكن اهلل �سلم� ،إن��ه عليم ب��ذات ال�صدور ،ومتت معاقبة املقاتلة منهم يف يوم �شهري.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
49
الوعي الرتبوي بحقوق الأقليات يف الهدي كيف؟ وقد عا�ش الرجل ن�صراني ًا ي�صلي �إلى بيت املقد�س ومل ي�صل ركعة واحدة �صوب مكة ،ف�أنزل اهلل �أروع �آيات النبوي: ً ً القر�آن الكرمي ،و�أكرثها انفتاحا وت�ساحما و�سعة �أفق ،يف مهد النبي الكرمي لهذا الواقع ال�سيا�سي من التعاي�ش ن�ص رائع ير�سم �أو�سع انفتاح ديني :وهلل امل�شرق واملغرب يف ن�صو�ص كثرية ،وق��د جت��اوز الأم��ر يف حقوق التعاي�ش ف�أينما تولوا فثم وجه اهلل �إن اهلل وا�سع عليم. م�سالة العي�ش امل�شرتك �إل��ى ق�ضايا �أك�ثر عمق ًا و�أهمية، ويف ال�سياق نف�سه ف�إن النبي الكرمي وجه الأمة باجتاه حيث حتدث النبي الكرمي عن امل�شرتك بينه وبني ر�ساالت الأنبياء ،واقام نف�سه مبثابة لبنة يف تاريخ النبوات ،وقال :بناء ثقافة م�ساواة واحرتام بني �أبناء الأمة الواحدة على مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دار ًا ف�أح�سنها ال��رغ��م م��ن اخ�ت�لاف ال��دي��ن وامل��ذه��ب ،واع�ت�بر الإ��س�لام و�أكملها و�أجملها �إال مو�ضع لبنة فكان النا�س �إذا مروا بتلك الإميان بالأنبياء والكتب ال�سماوية ركنني اثنني من �أركان الدار يقولون ما �أجمل هذه الدار لوال مو�ضع اللبنة فكنت الإمي��ان ال ت�صح عقيدة بدونهما ،و�أم�ضى ن�صف عمر �أنا تلك اللبنة و�أنا خامت النبيني. الر�سالة ي�شارك الن�صارى قبلتهم ،و�أم���ض��ى ك��ل عمر الر�سالة ي�صلي على �أنبيائهم ،ويو�صي باتباع ملة �إبراهيم، ومن الوا�ضح �أن هذه الن�صو�ص تهدم احلاجز النف�سي مل يكن يرى �أن ر�سالته تتمثل يف هدم ما �أجنزه الأول ،بل ال��ذي تبنيه الأقليات للحفاظ على هويتها وها هنا ف�إن كان يوا�صل ما �صنعوه وي�ؤ�س�س على ما �أجن��زوه ،وي�ؤمن الر�سول الكرمي يجعل م�شروع الأنبياء ر�سالة واحدة يتم بامل�شرتك الإن�ساين ،فاحلكمة �ضالة امل�ؤمن �أينما وجدها ً بع�ضها بع�ضا فلم يقل انا كل الأنبياء ومل يقل انا كل النبوات فهو �أولى بها ،ون�صو�ص القر�آن طافحة بهذه احلقيقة ،ما و�إمنا قال �أنا لبنة يف تاريخ النبوات ولبنة يف تاريخ الأنبياء .يقال لك �إال ما قد قيل للر�سل من قبلك ،والذين ي�ؤمنون ومن جانب �آخر فقد �سبق الود لهذه الأقليات عندما مبا �أنزل �إليك وما �أنزل من قبلك ،ولقد �أوحي �إليك و�إلى اختار ر�سول اهلل �أن يرتك قبلة قومه �إلى الكعبة ويتوجه الذين من قبلك ،كذلك يوحي �إليك و�إلى الذين من قبلك �صوب بيت املقد�س وال �شك �أن ذلك قد �أعطى دفع ًا روحي ًا اهلل العزيز احلكيم ،و�سئل من �أر�سلنا من قبلك من ر�سلنا، كبري ًا لأبناء الديانات ال�سماوية حول تكامل ر�سالة الإ�سالم �إل��ى ع�شرات الن�صو�ص القر�آنية التي تدعو الأم��ة �إلى االعتبار مبا �أجنزه الأوائل واقتفاء جناحاتهم فيما وفقوا مع ر�ساالت النبوات ال�سابقة. �إليه وجتنب عرثاتهم فيما �سقطوا فيه. ورمبا كانت مواقف النبي الكرمي من النجا�شي �أكرث رمب��ا ك��ان �أجمل اخت�صار لهذه احلقيقة ما �أخرجه املحطات �إلهام ًا يف وعي الإ�سالم باالختالف الإيجابي بني النا�س ،فقد كان النجا�شي ن�صراني ًا ومع ذلك ف�إن النبي البخاري يف ال�صحيح عن الر�سول ال�ك��رمي :مثلي ومثل الكرمي حتدث مرار ًا عن مكانته ومنزلته يف قلوب امل�ؤمنني ،الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دار ًا ف�أح�سنها و�أكملها وكانت وفود النجا�شي تتوالى �إلى مكة �أو ًال ثم املدينة ومع و�أجملها �إال مو�ضع لبنة ،فكان النا�س �إذا مروا بهذه الدار �أن النجا�شي مت�سك بعقيدته ومل يتحول �إل��ى الإ��س�لام يقولون ما �أح�سن هذه الدار ،لوال مو�ضع اللبنة ،فكنت �أنا باملعنى الدقيق للكلمة ولكنه ظل يحظى ب�أكرب احرتام من تلك اللبنة و�أنا خامت النبيني. قبل امل�سلمني ،وظل ينظر �إليه على �أنه رمز توا�صل وتكامل وقد ن�ص القر�آن الكرمي على م�ساواة العباد يف رحمة بني الديانتني الأعظم اهلل ورزقه وعطاياه ،يف اول �آية يف كتاب اهلل :احلمد هلل وحني مات النجا�شي قال النبي لأ�صحابه مات الليلة رب العاملني ،وج��اءت �آخر �آية يف القر�آن هي �أن اهلل رب �أخوكم �أ�صحمة بن �أبحر النجا�شي قوموا بنا ن�صلي عليه ،النا�س ملك النا�س �إله النا�س ،فلم يقل رب امل�سلمني وال فقال عدد من ال�صحابة كيف ن�صلي على رجل لي�س على العرب وال امل�ؤمنني بل جعل �سائر اخللق دون ا�ستثناء عيا ًال ملتنا ومل يدخل يف ديننا ،ف�أنزل اهلل قر�آن ًا يتلى :و�إن من له ،متام ًا كما قال الر�سول الكرمي :اخللق كلهم عيال اهلل �أهل الكتاب ملن ي�ؤمن باهلل وما �أنزل �إليكم وما �أنزل �إليهم و�أحب اخللق �إلى اهلل �أنفعهم لعياله. خا�شعني هلل ال ي�شرتون ب�آيات اهلل ثمنا قلي ًال �أولئك لهم �إن اهلل واحد ولكن �أ�سماءه كثرية واحلقيقة واحدة ولكن �أجرهم عند ربهم �إن اهلل �سريع احل�ساب. الطرق �إليها كثرية والإ�شراق واحد ولكن الأديان متعددة، ومع ذلك ا�ستمر عدد من ال�صحابة باالعرتا�ض وقالوا واحلب واحد ولكن القلوب كثرية. � 50إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ويف ال�ق��ر�آن الكرمي تكرر مرتني ق��ول اهلل تعالى� :إن الذين �آمنوا والذين هادوا والن�صارى وال�صابئني من �آمن باهلل واليوم الآخر وعمل �صاحل ًا فلهم �أجرهم عند ربهم وال خوف عليهم وال هم يحزنون. بل �إن القر�آن الكرمي ا�شتمل على �أربع ع�شرة مرة تكرر فيها قول اهلل تعالى :م�صدقا ملا بني يديه ،فهو مل يقل: مبط ًال ملا بني يديه �أو نا�سخ ًا ملا بني يديه �أو نا�سف ًا ملا بني يديه� ،أو ملغي ًا ملا بني يديه ،بل قال م�صدق ًا ملا بني يديه ومهيمن ًا عليه ،وهذا املعنى ي�شمل التوراة والزبور والإجنيل من الكتب ال�سابقة وي�شمل احلكمة والعلم مما يتطابق مع املقا�صد العظيمة للدين احلق.
رهق ًا وعناء على الأقليات ،وال تزال اجلزية �إلى اليوم على ر�أ�س اعرتا�ضات غري امل�سلمني على الفقه الإ�سالمي. ومن الواجب �أن نقول �إن �أمر اجلزية كان �سلوك ًا حربي ًا و�أنه لي�س �أ�ص ًال يف التعامل مع الآخر املختلف ديني ًا ،و�أن قيام الدولة احلديثة على �أ�سا�س العقد االجتماعي ي�سمح بوقف تطبيق اجلزية على �أ�سا�س االلتزام بالن�ص القر�آين: يا �أيها الذين �آمنوا �أوف��وا بالعقود ،وكذلك قوله تعالى: ف�أمتوا �إليهم عهدهم �إل��ى مدتهم ،وكذلك قوله تعالى: و�أوف��وا بالعهد �إن العهد كان م�س�ؤو ًال ،وقوله تعالى :و�إن جنحوا لل�سلم فاجنح لها وتوكل على اهلل.
ومن اجللي �أن اهلل تعالى قال :و�إن جنحوا لل�سلم فاجنح وال �شك ان هذه الروح النبوية يف احرتام النا�س ،وربط لها ومل يقل و�إن جنحوا ل�ل�إ��س�لام ،وب��ذل��ك تركهم وما الإمي��ان بالأنبياء والدعوة �إلى معرفة ما بني الأنبياء من يدينون ،ولكنه نظم وجودهم يف الدولة الإ�سالمية بعقد �إخاء وتوا�صل كانت جزء ًا من املنهج الرتبوي الذي قدمته اجتماعي منا�سب. ال�سنة النبوية لبناء جمتمع مطمئن ي�ستقر فيه النا�س وال �شك �أن هذه العهود بني الأقليات وبني الدولة قد قامت ويختارون �إميانهم يف ظروف من احلرية والر�ضا واليقني. منذ عقود طويلة ،ودليل ذلك هو بقاء هذه الأقليات يف واقع اجلزية ..و�سيلة لإنهاء احلرب ولي�س �أ�ص ًال اقت�صادي واجتماعي قوي وفر لهم اال�ستمرار �أربعة ع�شر للتعامل مع غري امل�سلم: قرن ًا ،وذلك عرب منطق العقد االجتماعي الذي كان يختلف و�إل��ى جانب هذه الو�صايا العظيمة التي كانت طبيعة من زمان لآخر ولكنه يبقى يف �سياق �أوامر ال�شريعة باحرتام اخلطاب النبوي للأقليات خالل عهد النبوة ف�إن علينا �أن العهود ،وكان �أي واقع �سيا�سي يرث احلال ف�إنه ملزم �شرع ًا نقارب عدد ًا من امل�سائل يف �إطار تقدمي وعي �أكرث واقعية حلقوق الأقليات يف الإ�سالم ،ومعاجلة عدد من الق�ضايا بتنفيذ العقد االجتماعي امل�ؤ�س�س وفق ما �سقناه من الآيات التي مت م��ن خاللها ممار�سة التمييز ب�ين الأق�ل�ي��ات يف الكرمية وعمومات كثرية مثلها يف الكتاب وال�سنة. املجتمع امل�سلم ،وعلى ر�أ�س هذه التطبيقات م�س�ألة اجلزية. وزيادة على ذلك ف�إن ظروف الدولة احلديثة قد �أن�ش�أت ظل عنوان اجلزية ميثل �أكرب ظاهرة متييز يف التاريخ ع�لاق��ات خمتلفة كلي ًا ع��ن الأع ��راف التي كانت �سائدة الإ�سالمي ،وا�ستمرت تطبيقات اجلزية املختلفة ت�شكل يف املا�ضي وق��د ت�أ�س�ست ه��ذه العالقات على الد�ساتري ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
51
االتفاقية ،و�أ�صبحت مبثابة العقد امللزم ويتعني على الأمة وال متى يجب عليه و�إمنا ذلك كله راجع �إلى االتفاق الواقع امل�سلمة احرتام ذلك على �أ�سا�س مبد�أ الوفاء بالعهود. يف ذلك بني امل�سلمني و�أهل ال�صلح ....... واجلزية يف الأ�صل ت�صرف حربي يف مواجهة حماربني و�أم��ا اجل��زي��ة الثالثة فهي الع�شرية ( ...واملق�صود م�سلحني لهم خ�صومتهم مع الدولة الإ�سالمية ،وهذا هو املعاملة كامل�سلمني يف دفع اخلراج مع زيادة بدلية لكونهم وال م�ضمون الآي��ة الكرمية :قاتلوا الذين ال ي�ؤمنون باهلل يدينون ال يجاهدون) وممن قال بهذا القول ال�شافعي و�أبو حنيفة باليوم الآخر وال يحرمون ما حرم اهلل ور�سوله وال دي��ن احل��ق من الذين �أوت��وا الكتاب حتى يعطوا اجلزية و�أحمد والثوري وهو فعل عمر بن اخلطاب ر�ضي اهلل عنه. ع��ن ي��د وه��م ��ص��اغ��رون ،فمن ال��وا��ض��ح �أن اجل��زي��ة هي فاجلزية �إذن جزية عقد ور�ضا ،وجزية �إرغام و�صغار، نتيجة ال�صدام الع�سكري امل�سلح ،ونتيجة �صراع �إرادتني �سيا�سيتني كالهما يريد اال�ستقالل بالدولة ،وال �شك �أنه وهذا التق�سيم مار�سته ال��دول الإ�سالمية يف معظمها مع لو انت�صر اجلانب الآخ��ر مل يكن للم�سلمني �أن يحلموا الأقليات واعترب مقبو ًال ومتقدم ًا يف ع�صر ما قبل الدولة باجلزية ،بل �إن الأعراف كانت �آنذاك تطبق قاعدة النا�س احلديثة. على دين ملوكها ،فكانت اجلزية يف احلقيقة �سبي ًال توافقي ًا وجندد القول �إن اجلزية مل تكن �أكرث من �سبيل لإنهاء لإنهاء احلرب ،وبناء لعالقة ندية واقعية حتر�س ال�سالم، وحتول دون ا�شتعال احلرب مرة �أخرى. احل��رب ،وال ميكن اعتبارها مركز الفقه الإ�سالمي يف حقوق الأقليات وبناء جمتمع املواطنة والت�شارك. ومن امل�ؤكد �أن هذا اللون ال وجه له �أبد ًا مع الكتابيني الذين ال يختارون احل��رب ،بل يوافقون على االنخراط تطبيقات فقهية �أدت للتمييز �ضد الأقليات: يف الدولة امل�سلمة ،وهاهنا ف�إن الفقهاء جروا على العمل ومع هذا ف�إن هناك تطبيقات مار�سها حكام م�سلمون باحرتام الكتابيني الذين اختاروا اجلزية بو�صفها لون ًا من ً ً االلتزام املايل للدولة ي�شبه التزام امل�سلمني �أمام الدولة للجزية كانت ت�شويها �سيئا لروح الآيات ومقا�صدها ،ومن باخلراج والزكاة ،وها هنا يتعني �أن ي��ؤدوا اجلزية بدون ذلك الإمعان يف �إذالل �أهل الذمة حتقيق ًا ملعنى ال�صغار يف �صغار كما ي�ؤدي امل�سلم الزكاة واخلراج بال �صغار ،وتكون الآية دون تفريق بني جزية ال�صلح وجزية العنوة ،ويف بيان اجلزية يف مقابل ت�أمني احلماية واحلرا�سة التي كانت تتم ذلك نختار هذا الن�ص: عن طريق اجلهاد وهو ما ال يرغب الكتابيون �أن ي�شاركوا “وت�ؤخذ اجلزية ب�إهانة (ال��ذم��ي) فيجل�س الآخ��ذ فيه. ويقوم الذمي ويط�أطئ ر�أ�سه ويحني ظهره وي�ضعها يف «ولو طلب قوم ممن يعقد لهم اجلزية عرب �أو عجم �أن امل�ي��زان ويقب�ض الآخ��ذ حليته وي�ضرب بكفه لهزمتيه، (وهما جمتمع اللحم بني املا�ضغ والأذن) ....ويقول له يا ي�ؤدوا اجلزية با�سم الزكاة ال با�سم اجلزية وقد عرفوها عدو اهلل �أ ِّد حق اهلل ،وكل ما ذكر م�ستحب وقيل :واجب» حكما و�شرطا و�أن ي�ضعف عليهم �أجيبوا �إلى ذلك �إن ر�آه وهذا النقل يف طريقة حت�صيل اجلزية ورد يف ع�شرات الإم��ام و�سقط عنهم الإهانة وا�سم اجلزية اقتداء بعمر ر�ضي اهلل عنه يف ن�صارى العرب ملا قالوا له نحن عرب ال كتب الفقه على �سبيل الإنكار ،ومل �أجد �أحد ًا �أقره ،ولكن �إيرادهم له دليل على ا�س�شتهار هذا اللون من ال�سلوك لدى ن�ؤدي ما ت�ؤديه العجم فخذ منا ما ي�أخذ بع�ضكم من بع�ض ،الع�س�س واحلكام. يعنون الزكاة ومل ينكر عليه فيه �أحد ،فكان �إجماعا ،وعقد وقد رد النووي على هذا النقل بقوله “ :قلت هذه الهيئة لهم الذمة م�ؤبدا فلي�س لأحد نق�ض ما فعله هذا» باطلة� ،إذ ال �أ�صل لها من ال�سنة وال فعلها �أحد من اخللفاء وقد ف�صل االمام ابن ر�شد اجلزية على ثالثة ا�صناف الرا�شدين ....ودعوى ا�ستحبابها ف�ضال عن وجوبها �أ�شد خط�أ واهلل �أعلم ،فيحرم فعلها على الأوج��ه ملا فيها من فقال :اجلزية ثالثة �أ�صناف: الإيذاء من غري دليل» جزية عنْوية وه��ي ه��ذه التي تكلمنا فيها �أعني التي ومن ذلك �أي�ض ًا �أن بع�ض الفقهاء اعتربوا �أن اجلزية تفر�ض على احلربيني بعد غلبتهم. ت�شرع ملعاقبة م��ن مل يدخل يف الإ� �س�لام ول��و ك��ان ب��دون اعتداء: وجزية �صلحية وهي التي يتربعون بها ليكف عنهم، وهذه لي�س فيها توقيت ال يف الواجب وال فيمن يجب عليه «ال يقاتل من مل تبلغه الدعوة حتى يدعوه �إلى الإ�سالم � 52إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
و�أما من بلغتهم الدعوة في�ستحب �أن يعر�ض عليهم الإ�سالم ويدعوهم �إليه ويجوز بياتهم بغري دعاء ،ثم الذين ال يقرون باجلزية يقاتلون وت�سبى ن�سا�ؤهم وتغنم �أموالهم حتى ي�سلموا والذين تقبل منهم اجلزية يقاتلون حتى ي�سلموا �أو يبذلوا اجلزية».
اجلزية ،ومن �أحب من �أهل �إيلياء �أن ي�سري بنف�سه وماله مع الروم ويخلي بيعهم و�صلبهم ف�إنهم �آمنون على �أنف�سهم وعلى بيعهم و�صلبهم حتى يبلغوا م�أمنهم ،ومن �شاء �سار مع الروم ومن �شاء رجع �إلى �أهله ف�إنه ال ي�ؤخذ منهم �شيء حتى يح�صد ح�صادهم ،وعلى ما يف هذا الكتاب عهد اهلل وذمة ر�سوله وذمة اخللفاء وذمة امل�ؤمنني
وال �شك ان هذا الت�صور مناف باملطلق ملنطق القر�آن الكرمي ال��ذي ن�ص غري مرة على منع الإك��راه يف الدين، وال يبدو يف اجلزية املفرو�ضة هنا �إال قدر من االلتزام وكذلك ن�ص على �أن قتال امل�شركني مقيد مبن يقاتلنا املايل جتاه الدولة لت�أمني احلماية والأم��ن ،وقد كان هذا منهم :وقاتلوا يف �سبيل اهلل الذين يقاتلونكم وال تعتدوا �إن مقبو ًال يف تلك املرحلة م��ن ال�ت��اري��خ ،وي�سجل لعمر بن اهلل ال يجب املعتدين. اخلطاب �أن��ه حقق هذه الغاية مبنتهى الرقي واالح�ترام وعلى ال��رغ��م م��ن ال ��ر�أي املت�شدد ل��دى ال�شافعية يف خل�صمه ،وت�أمني اال�ستقرار لهذا العزيز من الوطن الذي �إرغام الوثنيني وامل�شركني على الإ�سالم ،وعدم جواز عقد كان ال��روم يحتلونه ،ولي�س يف موقف عمر �شيء مما ورد ال�صلح معهم �إال ل�ضرورة م�ؤقتة ،ولكن ظل الفقهاء دوم ًا يف كتب الفقه بعد ذل��ك م��ن وج��وب �إذالل �أه��ل الذمة ي�أخذون بخيار احلنفية واملالكية يف جواز ال�صلح الدائم مع وحتقريهم ،عرب �أداء اجلزية من املغلوب للغالب. امل�شركني ،و�أن ال�صلح ينق�ضه االعتداء ولي�س الكفر. ويجب الإ�شارة هنا �إلى �أن هذا الن�ص الذي رواه الطربي �شيخ امل��ؤرخ�ين قد تعر�ض لت�شويه كبري خ�لال التاريخ، العهدة العمرية� ...أو�ضح �صور اجلزية وتناقل الرواة �صيغة �أخرى للعهدة العمرية ،رواها البيهقي ال�صلحية و�إن�صاف الأقليات وهو ن�ص يختلف اختالف ًا جذري ًا عن الن�ص امل�شهور ،وتغلب ورمبا كان �أو�ضح مثال لعقد اجلزية ال�صلحية هو ما عليه �صيغة اال�ستعالء واال�ستكبار والإذالل ،ومما ورد فيه عقده اخلليفة الرا�شدي عمر بن اخلطاب لأه��ل مدينة على ل�سان الن�صارى املعاهدين�“ :أال نحدث يف مدينتنا وال القد�س عند فتحها �صلح ًا ،ومن الوا�ضح متام ًا �أن العهدة فيما حولها ديرا وال كني�سة ،وال قالية وال �صومعة راهب ،وال العمرية التي كتبها لهم عمر كانت ت�شكل مدخ ًال �صاحل ًا جندد ما خرب منها ،و�أال مننع كنائ�سنا �أن ينزلها �أحد من حلماية حقوق الأقليات وحتقيق اندماجهم وت�شاركهم يف امل�سلمني يف ليل وال نهار ،و�أن ينزل من مر بنا من امل�سلمني بناء �أوطانهم ،حيث �سافر بنف�سه �إل��ى ال�شام للقاء �أبي ثالثة �أيام نطعمهم ،و�أن نوقر امل�سلمني ،و�أن نقوم لهم من عبيدة وجي�شه يف اجلابية ومنها توجه معهم �إلى القد�س ،جمال�سنا �إن �أرادوا اجللو�س ،وال نت�شبه بهم يف �شيء من وهناك التقى الأ�سقف �سفرنيو�س وت�سلم مفاتيح املدينة مالب�سهم ،يف قلن�سوة ،وال عمامة ،وال نعلني ،وال فرق �شعر، املقد�سة منه يف �أجواء احتفالية ال يبدو فيها �أي مظهر من وال نتكلم بكالمهم ،وال نكتني بكناهم ،وال نركب ال�سروج، جترب الغالب و�سحق املغلوب ،بل قام بكتابة العهدة العمرية وال نتقلد ال�سيوف ،وال نتخذ �شيئا من ال�سالح ،وال نحمله التي ال يزال الن�صارى �إلى اليوم يعلقونها يف �صدر كنائ�سهم معنا ،وال ننق�ش خواتيمنا بالعربية ،وال نبيع اخلمور ،و�أن و�أ�سقفياتهم رمز ًا للعدالة وحرية الأديان. جنز مقادمي ر�ؤو�سنا ،و�أن نلزم زينا حيثما كنا ،و�أن ن�شد ون�ص العهدة العمرية كما �ساقه امل�ؤرخون :ب�سم اهلل الزنانري على �أو�ساطنا ،و�أال نظهر ال�صليب على كنائ�سنا، الرحمن الرحيم هذا ما �أعطى عبداهلل عمر �أمري امل�ؤمنني وال نخرج �شعانني وال باعوثا ،وال نرفع �أ�صواتنا مع موتانا”. �أهل �إيلياء من الأم��ان �أعطاهم �أمانا لأنف�سهم و�أموالهم ومن امل�ؤكد �أن هذا الن�ص بال�صيغة املذكورة لي�س له ولكنائ�سهم و�صلبانهم و�سقيمها وبربيئها و�سائر ملتها �أنه عالقة من قريب وال من بعيد بالع�صر الذي كتب فيه فلم ال ت�سكن كنائ�سهم وال تهدم وال ينتق�ص منها وال من حيزها يكن يف ع�صر ال�صحابة �شعانني وال باعوث ًا ،ومل يعرف وال من �صليبهم وال من �شيء من �أموالهم وال يكرهون على الن�صارى ب�شد الزنار على �أو�ساطهم �إال يف ع�صر احلروب ال�صليبية ،ولكنه على الرغم من ذلك حظي برواية جمع دينهم وال ي�ضار �أحد منهم وال ي�سكن ب�إيلياء معهم �أحد من كبري من امل�ؤرخني واملحدثني وخا�صة احلنابلة منهم ،وقد اليهود وعلى �أهل �إيلياء �أن يعطوا اجلزية كما يعطي �أهل رفع هذه الرواية البيهقي بالإ�سناد �إلى عبد الرحمن بن املدائن وعليهم �أن يخرجوا منها ال��روم والل�صو�ص فمن غنم ،وعنه نقل ابن كثري يف التف�سري ،وابن ع�ساكر يف تاريخ دم�شق ،وعنهما نقل ابن زبر الربعي يف �شروط الن�صارى، خرج منهم ف�إنه �آمن على نف�سه وماله حتى يبلغوا م�أمنهم ،والبهوتي يف ك�شاف القناع ،وابن تيمية يف اقت�ضاء ال�صراط ومن �أقام منهم فهو �آمن ،وعليه مثل ما على �أهل �إيلياء من امل�ستقيم ،واعتمدها احلنابلة عموم ًا. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
53
ومن املعلوم �أن الطربي املتوفى 310هجري �أ�سبق من البيهقي املتوفى 458بنحو مائة وخم�سني عام ًا ،وكذلك ابن كثري املتوفى عام 774وابن ع�ساكر املتوفى عام ،571وكان من املنطقي �أن ي�أخذ الالحق عن ال�سابق ،ولكن الت�شدد يختار دوم ًا الأ�شد عنت ًا وال يلتفت �إلى ما هو �أقرب �إلى روح الإ�سالم يف الت�سامح وامل�ساواة.
ورمبا كان من �أو�ضح الأمثلة على ذلك فتح مكة ،حيث ال يختلف اثنان �أن �سبب الفتح الأعظم كان االنت�صار خلزاعة بعد �أن هاجمها �سفهاء قري�ش وقتلوا عدد ًا من �أفرادها يف ظالل احلرم ،واعترب ذلك نق�ض ًا �صريح ًا ل�صلح احلديبية الذي وقعته قري�ش م النبي الكرمي قبل عامني.
وكانت خزاعة تن�صح لر�سول اهلل م�ؤمنها وكافرها، وال ي �ع��رف ت��اري��خ ع�م��ر ب��ن اخل �ط��اب �أن ��ه �شهد فتح لقد كانت خليط ًا من الوثنيني وامل�سلمني ،جتمع م�صاحلهم مدينة م�سيحية �إال القد�س ،وال يعرف يف تاريخه �أنه كتب املواالة للنبي الكرمي ،ودخلوا يف حلفه بعد يوم احلديبية كما ً عهدا للن�صارى �إال يف القد�س ،وهو ما تدل له الروايتان دخلت بنو بكر يف حلف قري�ش. املتناق�ضتان. وبتعبري الدولة احلديثة ف�إن خزاعة وهي قبيلة عربية الر�سول الكرمي يخو�ض حرب ًا حلماية الأقليات كبرية ان�ضمت �إلى دولة النبي الكرمي ،ونالت حقوق املواطنة، و�إن�صافهم: ومل يكن من �شرط املواطنة �أن يدخل ه��ؤالء يف الإ�سالم، بل �إن ال�سنة النبوية قدمت لنا �سل�سلة مواقف وو�صايا وه��ي م�س�ألة دق�ي�ق��ة ،يخلط فيها ال�ن��ا���س ،فال�شهادتان يف رعاية الأقليات حتى من غري �أهل الكتاب ،وقدمت ال�سنة النبوية �سل�سلة و�صايا تعترب مدخ ًال لبناء الدولة احلديثة ،وال�صالة وال�صوم والزكاة واحلج هي �شروط دخول اجلنة فقد هدم الإ�سالم اجلاهلية القدمية التي كانت تفر�ض ان ولي�ست �شرط دخول الوطن ،فالوطن ينبغي �أن يت�سع للجميع النا�س على دين ملوكهم ،و�أن حتول امللك من دين �إلى دين �أما اجلنة فلها �شروطها التي يحا�سب فيها اهلل تعالى وحده ملزم للرعية ،بل جدد الت�أكيد على حق النا�س يف اختيار وعلى النا�س االلتزام بهديه ونوره ودعوته. ما يعتقدون ،وفق �إعالن قر�آين كرمي ورد مبا�شرة بعد �آية ً ويف ال�سرية النبوية �أن عمرو بن �سامل وفد م�ستغيثا �إلى الكر�سي التي هي �أعظم �آي��ة يف القر�آن الكرمي وهو قوله النبي الكرمي و�أن�شد ق�صيدته ال�شهرية: تعالى :ال �إكراه يف الدين. � 54إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
الهم �إين نا�شـــــــــــــــــــــد حممـــــــــد ًا َّ
الدولية املتطورة ميكن �أن تختار فيها الدولة ما ينا�سب حالها وواقعها.
حلف �أبينا و�أبيه الأتلــــــــــــــــــدا �إن قري�ش ًا �أخلفوك املوعــــــــــــــــــدا ونق�ضوا ميثاقك امل�ؤكـــــــــــدا هم ب َّيتونا بالهجيـــــــر هجــــــــــــد ًا وقتلونا ركع ًا و�ســـــــــــــــــجد ًا فان�صر رعاك اهلل ن�صر ًا �أر�شدا و�أمر عباد اهلل ي�أتوا مدد ًا مل ي�س�أله النبي الكرمي �آنذاك عن �صالته و�صيامه وال عن ن�سكه وحجه ،فهذه الأم��ور حق اهلل ،واهلل يحكم بني عباده فيما كانوا فيه يختلفون ،ولكنه فقط �أك��د له حقه كمواطن �أن يحظى بحماية الدولة بغ�ض النظر عن موقفه االعتقادي �أي ًا كان. نعم لقد كان االعتداء الذي قامت به قري�ش وبنو بكر على خزاعة اعتداء على مواطن غري م�سلم ،ولكن م�س�ؤولية ال��دول��ة الإ�سالمية حيال مواطنيها ال ت�ق��رره مذاهبهم االعتقادية بل تقرره حقوقهم الوطنية ،على وفق القاعدة التي �أكدها النبي الكرمي ،النا�س �سوا�سية ك�أ�سنان امل�شط، وال ف�ضل لعربي على �أعجمي �إال بالتقوى. وميكن القول �إن ال�سبب املبا�شر لفتح مكة هو االنت�صار ملواطنني غري م�سلمني تعر�ضوا لال�ضطهاد والظلم ،وكان من واجب الدولة امل�سلمة حمايتهم واالنت�صار لهم. وبعد.......... ف�إن كل ما كتبناه يف موقف الفقه الإ�سالمي من منح الأقليات حقوقهم على �أ�سا�س املواطنة وعلى �أ�سا�س امل�ساواة ال يقنع الفريق املت�شدد الذي يرى �أن الأمر على ما مات عليه الر�سول و�أن �آخر ما نزل يف �ش�أن الأقليات هو قوله تعالى: قاتلوا الذين ال ي�ؤمنون باهلل وال باليوم الآخر وال يحرمون ما حرم اهلل ور�سوله وال يدينون دين احلق من الذين �أوتوا الكتاب حتى يعطوا اجلزية عن يد وهم �صاغرون. ومع �أننا بينا يف هذا املقال موقف الفقهاء الكرام من فقه اجلزية والتمييز الوا�ضح متاما بني جزية ال�صغار التي هي نهاية احل��رب بني غالب ومغلوب ،وبني جزية العقد ال�صلحي كما قررها ابن ر�شد ،وهي لون من العالقات
ويف �سياق هذه الفهوم املتناق�ضة ف�إنني �أدعو �إلى فهم �أعمق لكتاب اهلل وفق ما فهمته الأمة خالل التاريخ ،فهذا القر�آن مبني وقد ف�صلت �آياته ،وقد فهمه امل�سلمون خالل التاريخ على �أنها ن�صو�ص تعاي�ش وت�سامح وتراحم ،وبناء على ذلك عا�شت الكنائ�س وامل�ساجد متجاورة خالل التاريخ الإ�سالمي ومل تقم دولة م�سلمة بهدم الكنائ�س �أو �إحراق ما فيها من كتب العقيدة املختلفة املناق�ضة للإ�سالم ،ونحن هنا بني خيارين ال ثالث لهما� ،إما �أن يكون القر�آن مبين ًا فهذا هو فهم الأمة ،و�إما �أن يكون غري مبني فتكون الأمة قد فهمته خط�أ على عك�س املق�صود ،وفهمه على وجهه ال�صحيح اخل��وارج يف املا�ضي واملت�شددون الآن يف �آخر الزمان. ال �أ��ش��ك �أن م�ؤمن ًا ب��اهلل ور�سوله ير�ضى �أن ي�شاقق الر�سول ويتبع غري �سبيل امل�ؤمنني وقد قال اهلل تعالى ومن ي�شاقق الر�سول ويتبع غري �سبيل امل�ؤمنني نوله ما تولى ون�صله جهنم و�ساءت م�صري ًا. �إن ال�ع��راق على �سبيل املثال ال��ذي احت�ضن اخلالفة الإ�سالمية �أك�ثر من خم�سة ق��رون �شهدت �أعظم مراحل احل�ضارة الإ�سالمية كان وال زال متحف �أديان ،من �إ�سالم ون�صرانية ويهودية و�صابئة ويزيدية وزردا�شتية ومندائية وبهائية وغري ذلك ،وال تزال هذه الأديان متجاورة مبعابدها وتراتيلها ومل يقم �أي من اخللفاء امل�سلمني با�ستئ�صال دين �آخر على قاعدة الوالء وال�براء ،بل �ساد خالل احل�ضارة الإ�سالمية منطق لكم دينكم ويل دين ،ومل يتعر�ض للإهانة �إال من اعتدى على امل�سلمني ،ومل يح�صل �أن تعر�ضت هذه الأقليات للإبادة �إال على يد اخلوارج الذين كانوا يرون كفر خمالفيهم ،وهو الأمر الذي يت�شابه فيه الفكر اخلوارجي القدمي واجلديد. وما قلناه عن العراق نقوله عن دم�شق عا�صمة اخلالفة الأم��وي��ة والقاهرة عا�صمة الأيوبيني ونقوله عن القد�س معراج ر�سول اهلل ،فهذه هي املدن الرئي�سية التي �شهدت ح�ضارات الإ�سالم الكربى وال تزال فيها امل�ساجد والكنائ�س يف عافية ،ولو �شاء ربك لأمن من يف الأر�ض كلهم جميع ًا �أف�أنت تكره النا�س حتى يكونوا م�ؤمنني. و�أخ �ت��م بهذا الن�ص ال �ق��ر�آين املبني ال��ذي جعل الأم��ة الإ�سالمية م�س�ؤولة بالت�ضامن والتكافل عن حماية معابد الأديان على اختالفها ،ت�أ�سي�س ًا على احلرية الدينية وحقوق النا�س يف املجتمع الإ�سالمي ،ولوال دفع اهلل النا�س بع�ضهم ببع�ض لهدمت �صوامع وبيع و�صلوات وم�ساجد يذكر فيها ا�سم اهلل كثري ًا ولين�صرن اهلل من ين�صره �إن اهلل لقوي عزيز.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
55
مقاالت الوسطية
هل للو�سطية مدر�سة؟؟ د .جواد العناين
ان�صب �أ�سا�س ًا على اخلالف بني افالطون تلميذه �أر�سطو ّ املنهج البحثي التفكريي يف مقاربة احلقيقة والبحث عنها. �أفالطون �آمن بالعقل ،والتحليل ،واال�ستنباط كما عك�ست ذلك احلواريات (الديالوجات) التي كتبها ،وهو يبد�أ ب�س�ؤال كبري مثل «هل بالإمكان تعليم الف�ضيلة؟» وبعد جدل بني �سقراط ا�ستاذه ومريديه ي�صل �إلى اال�ستنتاج �أن الف�ضيلة ميكن تعليمها ،ثم يعود يف الن�صف الثاين لي�صل �إلى نتيجة معاك�سة لذلك� .أما �أر�سطو فقد �آمن بالتجريب ،وا�ستخدام احلوا�س من �أجل الو�صول �إلى النتائج.
الي�سار .وميكن لليمني ان يجتمع مع الي�سار وان يتقاربا بح�سب بديهية «زينافون» ،فاليمني والي�سار يتعاي�شان ،بل ويغذيان بع�ضهما البع�ض .ولت�شرح ال�صورة ،تخيل �أنك مت�سك بيديك خيط ًا حيث ط��رف اخليط الأمي��ن بيدك اليمنى ،وطرفه الأي�سر بيدك الي�سرى� .ستالحظ �أن اخليط الذي مت�سكه على �شكل خط م�ستقيم يظهر �أن اليمني يف طرف ،والي�سار يف الطرف املقابل ،و�أن الو�سط هو نقطة بينهما.
ومبعنى �آخ��ر� ،أن الو�سط هو حاله ا�ستنتاجية لوجود ولذلك فقد تبنى املنهج العلمي املختربي� ،أو الأ�سلوب ط��رف�ين .ول�ك��ن �إذا ق��رب��ت ي��دي��ك م��ن بع�ضهما البع�ض، اال�ستقرائي .و��س��واء �آم�ن��ا مبنهج اال�ستنباط� ،أو مبنهج و�صار طرف اخليط اليمني قريب ًا من الطرف الي�سار ،ف�إن اال�ستقراء ،ف��إن كليهما نهج علمي له �أرك��ان��ه ،و�أ�ساليبه .املنت�صف يبدو هو النقطة الأبعد عن كليهما. وهنالك من ي�ؤمن �أن مزيج ًا من االثنني قد يكون ال�سبيل ول��ذل��ك� ،إذا قلنا ان نقي�ض ال��و��س��ط ه��و ال�لاو��س��ط، الأق��وم .ول��ذل��ك ،ف ��إن الأ�سلوب العلمي املو�ضوع يجب �أن ي�ؤدي �إلى حلول من�سجمة مع قوانني الكون والطبيعة .و�أن ي�صبح كل من طريف اخليط ،ميينه وي�ساره على نقي�ض من اال�ستمرار يف البحث والتطوير واج��ب لأن حقائق احلياة الو�سط:وميكن لنا �أن نتخيل الو�سط �ضلع مثلث ،وال�ضلعان كما يقول البع�ض حتتاج لبحث اقرب �إلى تق�شري الب�صل ،الباقيان هما اليمني والي�سار� ،أو �أن نقول �أن الو�سط واليمني حيث نتعلم ب�إزالة الق�شر والطبقات االقل جودة حتى ن�صل والي�سار هما ثالث دوائر متقاطعة ،ت�شكل بتقاطعها حلقة �إلى اللب ،حيث احلقيقة ،والتي رمبا ال ن�صل �إليها �أبد ًا ....م�شرتكة متثل �شيئ ًا من كل جانب .وي�شري القر�آن �إلى الأمة ويف الفل�سفات التي �سبقت �أر�سطو ،قال «زينافون» �أن من بقوله «وكذلك جعلناكم �أم��ة و�سط ًا لتكونوا �شهداء على البديهيات الأ�سا�سية يف احلياة ان يكون لكل �شيء يف احلياة النا�س ،ويكون الر�سول عليكم �شهيد ًا (البقرة )143ولكن الأدبيات الفقهية ا�ستعملت تعابري تركز على الطرفني مثل نقي�ض واحد ،و�أن ال�شيء ونقي�ضه ال يجتمعان مع ًا. القاعدة ال�شرعية «ال �ضرر وال �ضرار� ،أو القول «ال غلو وال و�إذا �صحت هذه البدهية ،فال بد �أن ن�ستنتج �أن نقي�ض مغااله»� ،أو القول «ال افراط وال تفريط». الأبي�ض هو الال�أبي�ض ،ولي�س الأ�سود ،و�أن نقي�ض اجلمال هو مم��ا يجعل �ضمن ًا تعريف احل��ال��ة املرغوبة ه��ي حالة الالجمال ولي�س القبح .ولذلك ف�إن اجلمال والالجمال ال الو�سط بني هذا وذاك .وي�ؤكد ذلك احيان ًا الآيات القر�آنية يجتمعان مع ًا. التي حت�ض على االعتدال يف ال�سلوك مثل «وال جتعل يدك نحن نتكلم عن التطرف نحو اليمني ،والتطرف نحو مغلولة �إلى عنقك وال تب�سطها كل الب�سط»� ،أو «والذين �إذا
� 56إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
�أنفقوا مل ي�سرفوا ومل يقرتوا ،وكان بني ذلك قوام ًا». ول�ق��د ر�أي �ن��ا بع�ض ال�ك�ت��اب واملحللني ي�ن�ظ��رون �إل��ى «الو�سطية» �أو التو�سط على �أنها معدل� ،أو حالة هالمية غ�ير م�ث�يرة ب�ين ط��رف�ين �أو �أك�ث�ر .وه��م ال يحرتمونها، ويكادون يتهمونها بالالموقف� ،أو الالحالة .ولذلك وجب البدء يف العمل على و�ضع �إطار وحمتوى فكري للو�سطية ٍ وحدود على خريطة يجعلها ديناميكية ذات �أبعاد وا�ضحة، الفل�سفات الأخرى.
�أن خمتلف العلوم تو�صلك �إلى حالة واحدة ،وهي �أن ا�سلوب تفكرينا ين�صب يف البحث عن نقطة �أو م�ساحة متو�سطة �أق ��رب م��ا ت�ك��ون �إل��ى خلق ح��ال��ة ت��واف��ق جمتمعي .ولكن يجب �أن نتذكر �أن الو�سطية ميكن �أن تكون حالة خا�صة مبوا�صفات ومعايري ومفاهيم خا�صة بها ،وميكن ا�ستخراج الأدبيات التي ت�ضع تو�صيف ًا لكل هذه املفاهيم وطبيعتها من منظور الو�سطية. و�أن ت�ؤكد على ديناميكية الو�سطية ،فهي حالة م�ستمرة التغري ،ولكن �ضمن حدود معقولة .يف هذا الزمان الذي يتداول النا�س فيه مفاهيم ازدواجية متنافرة مثل «التفكري والتكفري»« ،احلق والباطل»« ،نحن وهم»« ،الثورة والفتنة»، «االعتدال والتطرف»� ،صار املطلوب هو البحث عن �صيغة و�سط نعرفها ،وجنعلها مدر�سة ،وفيها مرجعيات وا�ضحة ت�ساعدنا يف احلكم على الأمور.
يف علم االقت�صاد ،تعلمنا �أن الو�سطية هي حالة التوازن، بني القوى املختلفة .فتوازن امل�ستهلك يعني احلالة الو�سط املثلى التي توفق بني ما هو مفرو�ض عليه من �أ�سعار وبني ما هو متاح له من دخل و�أف�ضليات .وتوازن االقت�صاد يعني و�صوله �إلى حالة التوفيق بني قوى العر�ض والطلب .ولذلك ركز االقت�صاديون الكال�سيكيون على مفاهيم «التوازن الطبيعي ،ال�سعر الطبيعي �أو العادل» مت�أثرين بالأفكار وع��ودة �إل��ى من كتبوا عن �آلية العقل والفكر .فهي الدينية. عند الطبيب وع��امل النف�س الربيطاين «دي بونو» تعني القدرة على التعامل مع املجتمع ،والتفاعل مع م�ؤ�س�ساته ويف علم البيئة ،ن��رى �أن التدخل يف تركيب ال أ�شياء وت�شريعاته وح��دوده وفر�صه» ،و�أم��ا عند الدكتور حممد ح�سب اختيارات الطبيعة لإ�شباع رغبة ما �أو تلبية حاجة عابد اجلابري فهي حالة من قبول الفروقات افقي ًا بني ما هو �إف�ساد للطبيعة ،ومن ثم التلوث ،والأمرا�ض، وف�ساد ال�ن��ا���س يف خمتلف الأم��اك��ن وع �م��ودي � ًا ب�ين ال�ن��ا���س عرب يف الهواء ،واملاء ،والرتاب .وكل مك ّونات احلياة ال أ�سا�سية .الأحقاب املتعاقبة» .ويف كتاب �أحمد العناين وكاننغهام ولذلك ،ف�إن العلوم االجتماعية والإن�سانية تناولت التوازن على �أنه حالة مثلى يف الو�سط ،ولكنها حالة «نظرية وغري «التاريخ املبكر لعرب اخلليج» يت�ساءل امل�ؤلفان «ملاذا كان م�ستقرة ديناميكي ًا ،لأن القوى امل��ؤث��رة عليها يف حركة �أهل �شرق اجلزيرة العربية �آخر من �أ�سلم ،و�أول من ارتد، دائبة م�ستمرة .فالو�سطية واالعتدال والتوازن هي مفاهيم و�أعظم من قاتل ،وتبنى �أكرث املذاهب ا�صرار ًا على نقاوة متقاربة تعك�س �سعي الإن�سان وبحثه عن احلالة الف�ضلى الدين من امل�ؤثرات اخلارجية؟؟ وابن خلدون يف مقدمته �أو املثلى ،ولكنها عن�صر تابع يتقرر ب�سلوك ظروف خارجة يثري كثري ًا من الأ�سئلة عن بناء احل�ضارة ومن هم البناة من غريهم؟ نحن بحاجة يف الوطن العربي �إلى امل�صاحلة عنه. مع ال��ذات ،وبناء منوذج و�سطي وا�ضح املعامل ما �أمكن، ويف علم الإح�صاء تعلمنا �أن املعدل ميكن التعبري عنه وفتح باب االجتهاد ،ودعم �آلية التفكري والبحث ب�شقيهما مبقايي�س كثرية ال تنتهي .ويخلط كثري من النا�س بني اال�ستنباطي واال�ستقرائي. مفهوم «املعدل» ومفهوم املتو�سط احل�سابي ،وعندما جتمع وال��ذي��ن ال يتغريون م��ع تغري ال�ظ��روف يتغريون �إل��ى عالمات الطالب وتق�سم املجموع على عدد الطالب نخرج مبتو�سط ح�سابي ن�سميه معدل عالمات الطالب هو كذا .حد يفقدون معه حا�ضرهم وتاريخهم وجغرافيتهم ،بل ولكن كلمة معدل تعني «الرقم املمثل للمجموعة» .وقد ووجودهم ...لقد �صدرت اعالنات هامة كان �آخرها اعالن يكون هذا املعدل هو املتو�سط احل�سابي� ،أو الرقم الو�سط مراك�ش ،وقبلها ر�سالة ع ّمان ،ور�سالة الأزه��ر ال�شريف، �أو الو�سيط الذي يت�ساوى عدد الذين فوقه مع عدد الذين وكلها ت�صب يف اخلطاب املعتدل وتقدم للو�سطية كمنهاج. و�إذا كانت الو�سطية �ست�أخذ طريقها نحو اجتذاب ال�شباب، �أقل منه� .أو هو الرقم الذي يتكرر. ودغدغة عقولهم وعواطفهم لإبعادهم عن التطرف ميين ًا وهنالك مفاهيم �أخ��رى كاجلذر الرتبيعي ملربع كل �أو ي�سار ًا ،ف�إن �صياغة الو�سطية كمدر�سة فكرية باتت واجب ًا الأرقام .هذه كلها طرق للبحث عن احلالة العاك�سة واملمثلة على املفكرين واملج�سرين بني النا�س و�صناع القرار .وهذا للمجموعة قيد البحث وهي التي متثل الو�سط .وهكذا نرى واجب ال يحتمل الت�أخري. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
57
مقاالت الوسطية
ق�ضايا �إ�سالمية معا�صرة
ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية الدكتور زيد �أحمد املحي�سن رئي�س نادي خريجي اجلامعات واملعاهد الباك�ستانية – عمان – الأردن
من فوق جبال يزيد ارتفاعها عن 4000مرت فوق �سطح البحر اندلعت ثالث ح��روب بني الهند وباك�ستان ،كانت ك�شمري هي ال�شرارة التي �أ�شعلت النريان من فوق تلك القمم املك�سوة بالثلج الأبي�ض وبالرغم من مرور �أكرث من ن�صف قرن على الق�ضية الك�شمريية اال �أنها ماتزال جمهولة يف �أو�ساط �إ�سالمية وعاملية ،يقول �أحد ال�شعراء: لو �أن هناك جنة على الأر�ض ف�إنها ها هنا(ك�شمري) وبالرغم من جمالها ف�إنها �أي�ضاً واحدة من ب�ؤر التوتر ال�ساخنة يف العامل. ومن �أجل القاء ال�ضوء على هذه الق�ضية احليوية التي جامو ومنطقة الداخ وبع�ض الأجزاء من مقاطعتي بون�ش لها تبعاتها وت�أثريها على �أغلب دول قارة �آ�سيا ،لهذا وم�يرب��ور ووادي ك�شمري(�أخ�صب املناطق و�أغناها) ف�إن ك�شمري حتتل موقع ًا جغرافي ًا ا�سرتاتيجي ًا بني و�سط يف حني ب�سطت باك�ستان �سيطرتها على ما ي�سمى الآن وجنوب �آ�سيا ،حيث ت�شرتك يف احلدود مع �أربع دول هي :ب(ك�شمري احلرة) وهي مناطق بون�ش الغربية ومظفر الهند ،وباك�ستان ،و�أفغان�ستان وال�صني ،وتبلغ م�ساحتها �آباد و�أجزاء من مريبور وبلت�ستان واتخذت الهند مدينة الكلية 86023مي ًال مربع ًا يق�سمها خط هدنة مت االتفاق �سرينغار عا�صمة �صيفية للإقليم ،ومن مدينة جامو عليه �سنة 1972تارك ًا م�ساحة 32358مي ًال مربع ًا يعرف عا�صمة �شتوية يف حني �أطلقت باك�ستان على املناطق ب��والي��ة(�أزاد ك�شمري) �أي ك�شمري احلرة و 53665مي ًال التي ت�سيطر عليها (�أزادي ك�شمري) �أي ك�شمري احلرة مربع ًا حتت ال�سيطرة الهندية وي�سمى(جامو ك�شمري) وعا�صمتها (مظفر �آباد). وهناك م�ساحة �صغرية خا�ضعة لل�صني منذ عام 1962 يف عام 1846باع الربيطانيون والية جامو وك�شمري ت�سمى (�أك�ساي ت�شني). الى عائلة (الدوغرا) التي يتزعمها (غالب �سينغ) مببلغ كانت ك�شمري وقت تق�سيم �شبه القارة الهندية تتكون 7,5ماليني روبيه مبوجب اتفاقيتي اله��ور و�أمرت�سار من خم�س مناطق هي :وادي ك�شمري ،جامو ،الداخ ،بون�ش ،وا�ستطاع غالب �سينغ االحتفاظ ب�سيطرته على الوالية، وبلت�ستان ،وجلجت ،وبعد عام � 1947سيطرت الهند على وبقيت عائلته من بعده يف احلكم حتى عام .1947 � 58إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
�شهدت الق�ضية الق�ضية الك�شمريية حماوالت للت�سوية بالو�سائل ال�سلمية بعد �أن ف�شلت امل�ح��اوالت الع�سكرية يف حتقيق ذل��ك ،و�أب��رز ه��ذه امل�ح��اوالت يف بداية الأزم��ة من الأمم املتحدة التي عر�ض جمل�س االمن الدويل فيها عرب القرارات التي �صدرت عنه 12ابريل/ني�سان 1948 و� 13أغ�سط�س�/آب 1948و 5يناير /كانون الثاين 1949 تو�صيات حاول من خاللها �أن يتخذ موقف ًا �سيا�سي ًا و�سط ًا للتقريب بني الفرقاء ،فعر�ض خطته للحل والتي ا�شتملت على ثالث نقاط:
ويف 17متوز 1947ا�صدر الربملان الربيطاين قانون ا�ستقالل الهند ال��ذي �أنهى احلكم الربيطاين لها ،ومت تنفيذ القرار يف � 15آب من العام نف�سه و�أوعزت بريطانيا بعد ان�سحابها الى تلك الإمارات التي حتكمها يف الهند ب�أن تن�ضم �إما الى الهند او باك�ستان وفق ًا لرغبة �سكانها مع الأخ��ذ بعني االعتبار التق�سيمات اجلغرافية يف كل �إمارة وتكونت تبع ًا لذلك دولتا الهند وباك�ستان ،غري �أن � 3إمارات مل تتخذ ق��رار ًا بهذا ال�ش�أن ه��ي :حيد �آب��اد ،وجوناغاد، وك�شمري حيث ان�ضمت كل من حيدر �آب��اد وجوناغاد الى الهند �أما ك�شمري فكان الو�ضع خمتلف ًا حيث �أن الأغلبية م�سلمني لكن احلاكم هندو�سي لهذا �أ�صر ان يبقى مع الهند .1ان�سحاب القوات الع�سكرية من ك�شمري بالرغم من �أن �أغلبية ال�سكان م�سلمني متجاه ًال القواعد الربيطانية ال�سابقة يف التق�سيم والتي دعت الى ان الأقاليم � .2إجراء ا�ستفتاء �شعبي التي �أغلبيتها م�سلمة تن�ضم ال��ى باك�ستان ،لهذا م�سلحف��بنيإن .3تن�صيب حكومة �إنتقالية يف ك�شمري للإ�شراف على الأحداث تطورت بعد ذلك �سريع ًا واندلع قتال الك�شمرييني والقوات الهندية عام 1947ا�سفر عن احتالل الو�ضع الهند لثلثي الوالية وباقي الإقليم مع باك�ستان. رف�ضت الدولتان العديد من بنود خطة املجل�س ونظرت متثل ك�شمري �أهمية ا�سرتاتيجية للهند جعلها �شديدة كل منها الى هذه اخلطة على النحو التايل: التم�سك بها على مدى �أكرث من خم�سني عاما رغم الأغلبية .1اعتربت الهند ق�ضية �إن�ضمام ك�شمري �إليها �أمر ًا يخ�صها امل�سلمة بها ورغم احلروب التي خا�ضتها وا�ستنزفت من هي وحدها وال�شعب الك�شمريي فقط ،دون احلاجة الى م��وارده��ا الب�شرية واالقت�صادية الكثرية وتتلخ�ص هذه تدخل طرف ثالث ،وكانت باك�ستان تعترب نف�سها على االهمية فيما يلي: قدم امل�ساواة مع الهند فيما يتعلق بهذا املو�ضوع. .1تعدها الهند عمق ًا �أمني ًا ا�سرتاتيجي ًا لها �أمام ال�صني .2ر�أت باك�ستان �أن يعهد ل�ل�أم��م املتحدة ك��ل م��ا يتعلق وباك�ستان. بتنظيم ومراقبة اال�ستفتاء ال�شعبي املقرتح �إجرا�ؤه يف .2تعدها حاجز ًا طبيعي ًا مع اجلارة باك�ستان الدولة امل�سلمة حني رف�ضت الهند هذا االمر. والتي تخاف الهند من متددها جتاه الأقلية امل�سلمة يف .3رف�ضت الهند ان�سحاب جي�شها م��ن ك�شمري يف حني الهند الكبرية العدد. وافقت باك�ستان على ذلك �شريطة �أن يتم بالتزامن مع .3تخ�شى الهند �إن �سمحت لك�شمري باال�ستقالل على �أ�س�س االن�سحاب الهندي. دينية �أو عرقية �أن تفتح الباب للأقاليم الأخرى. .4اختلفت الدولتان على الإدارة التي �ستتولى تنظيم �ش�ؤون �أما �أهميتها لباك�ستان فيمكن تلخي�صها فيما يلي: الإقليم �أثناء تنظيم اال�ستفتاء فقد اقرتحت الهند ا�سم .1تعدها باك�ستان منطقة حيوية لأمنها وذل��ك لوجود ال�شيخ عبداهلل يف حني اعرت�ضت باك�ستان و�شككت يف والئه واقرتحت ان تتولى ذلك االمم ال طريقني رئي�سني و�شبكة ل�سكة احلديد. .2ينبع م��ن الأرا� �ض��ي الك�شمريية ثالثة �أن�ه��ار رئي�سية .5وب�سبب هذه اخلالفات �أ�صبحت معظم جهود الت�سوية للزراعة يف باك�ستان؛ مم��ا يجعل اح�ت�لال الهند لها ال�سلمية � �س��واء داخ��ل اروق ��ة االم��م امل�ت�ح��دة �أو عرب تهديدا مبا�شرا للأمن املائي الباك�ستاين ،يقول حممد الو�ساطات الدولية غري ذات ج��دوى متاما كما كان علي �أول رئي�س جلمهورية باك�ستان الإ�سالمية بعد احلال يف املفاو�ضات الثنائية التي جرت بني البلدين يف اال�ستقالل عن الهند عن ك�شمري “انها �شريان باك�ستان االعوام ...1972 ،1963 ،1962 ،1960، ،1955 ،1953 فثالثة �أنهار متدنا باملاء تنبع منها”. �إلخ. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
59
مل تف�ض احلروب على حل الق�ضية الك�شمريية فبادرت باك�ستان ملد يدها للمنظمات الدولية لإيجاد �صيغة توافقية مع اجلار اجلغرايف الهند ،ولكن دون جدوى ،فالهند تدعي �أنها دولة دميقراطية وهكذا ينظر العامل لها ،ولكن الواقع غري ذل��ك ،فالهند ما حتبه لنف�سها من ح��ق تنكره على الآخرين من �أبناء ك�شمري يف احل�صول على احلرية وتقرير امل�صري بل تزيد «الطني بلة» من خالل العبث يف دميغرافية ك�شمري وطم�س الهوية الك�شمريية مثل ه��ذه املمار�سات تذكرنا متام ًا مبا يقوم به الكيان ال�صهيوين جتاه ال�شعب العربي الفل�سطيني من عمليات التهويد واال�ستيطان وطم�س الهوية العربية يف فل�سطني ،لهذا ف�إننا ندعو املجتمع الدويل وال�ضمري العاملي الوقوف مع امل�ساعي ال�سلمية املبذولة من قبل باك�ستان لإنهاء حالة النزاع و�إح�لال ال�سالم يف ك�شمري وفل�سطني فمن حق ال�شعب الك�شمريي �أن يقرر م�صريه مبح�ض ارادته ،وعلى الدول العربية والإ�سالمية � 60إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ودول العامل املحب لل�سالم والعدل الوقوف �إلى جانب احلق والعدل من خالل دع��وة الهند الى تطبيق ق��رارات الأمم املتحدة ال�صادرة واملت�ضمنة حق ال�شعب الك�شمريي يف تقرير م�صريه و�إنهاء االحتالل الهندي لهذا الإقليم امل�سلم. كما ندعو �شعوب العامل الت�ضامن مع �شعب ك�شمري و�إدان ��ة االح�ت�لال الهندي لهذا الإقليم م��ن خ�لال �إدان��ة املمار�سات التي تقوم بها الهند لطم�س الهوية الك�شمريية امل�سلمة والتالعب يف دميوغرافية الإقليم �سكاني ًا وعرفي ًا وممار�سات الت�ضييق والتهجري على �سكان الإقليم الأ�صليني من �أبناء ال�شعب الك�شمريي. ن�ترح��م على ��ش�ه��داء احل��ري��ة يف ك�شمري ومنا�صري الق�ضايا الإن�سانية العادلة ،ونتمنى �أن يعود لك�شمري ربيعها املفقود الآن كما كان.
مقاالت الوسطية
املقاربة املوريتانيـة ملحاربـة التطـرف والإرهـاب الأ�ستاذ بن عمر يل موريتانيا
موريتانيا جزء من املنظومة املغاربية ،معروفة بفكرها � 2010شكلت هذه الأعمال الإجرامية ظاهرة �شاذة مفاجئة الو�سطي عرب التاريخ ،جتمعها الوحدة الفكرية يف �إطار لل�ساحة املوريتانية ملناق�ضتها لطبيعة املجتمع املوريتاين التكامل واالن�سجام والتعاي�ش ال�سلمي يف املجال العقدي امل�سامل املت�سامح الكرمي، والفقهي وال�سلوكي ولذلك كان من �أولويات فخامة الرئي�س حممد بن عبد ويف ظل انتعا�ش التيار ال�سلفي العلمي ،يف موريتانيا ،العزيز و�ضع خطة وطنية حمكمة للق�ضاء على الظاهرة واخ�ت�راق���ه ال��ن�����س��ي��ج ال��ف��ك��ري ال��ت��ق��ل��ي��دي��� ،ش��اع��ت ثقافة �ضمن التزاماته بتوفري الأم��ن واال�ستقرار لتهيئة مناخ التبديع والتكفري يف ال�ساحة الوطنية ف�أ�صبح ال�شباب مالئم للتنمية ورف��ع التحديات ع��ن ال�سيادة الوطنية، عر�ضة للت�أثر بفكر ال�سلفية القتالية باعتبار ذلك طورا وتتلخ�ص اخلطة يف الآتي: جديدا يف �سياق �أدبيات تكفري ال�صوفية وزوار املقابر. �أوال :املقاربة الأمنية ،ومل تكن خيارا ملواجهة جماعة ب��دا التحول ال�سلوكي ال�سلفي ل��دى قلة م��ن ال�شباب معينة ،لأن الإره��اب ظاهرة �أخطبوطيه ،ولكن املواجهة حمدودي املعرفة متـ�أثرين باجلماعة ال�سلفية للدعوة والقتال كانت ��ض��رورة حلماية ال�سيادة وتوفري الأم��ن وتتمثل يف يف اجلزائر ح��دود ، 2005فكانت الأرا�ضي ال�صحراوية الآتي: ال�شا�سعة ب�ؤرة التن�سيق وحترك اجلماعات الإرهابية با�سم الدين تارة ولتغطية جتارة املمنوعات �أخرى ،و�شكلت منافذ -تعزيز قدرات امل�ؤ�س�سة الع�سكرية بالت�سليح والتنظيم، للت�سلل من الأرا�ضي املالية ،واجلزائرية للقيام ب�أعمال وتوفري الو�سائل اللوج�ستية �إرهابية يف االع�ت��داء على اجلي�ش املوريتاين ،يف ملغيطي � -إن�شاء وحدات ع�سكرية متخ�ص�صة بكامل اجلاهزية 2007وقتل الفرن�سيني وكمني تورين ،2007والهجوم على ملكافحة الإرهاب مقهى يف نواك�شوط 2008وقتل مواطن امريكي 2009 واختطاف الرعايا الأ�سبان واقتيادهم �إلى قواعد تنظيم -حتديد نقاط العبور الر�سمية على امتداد احلدود الوطنية القاعدة 2009وتفخيخ �سيارة يف املنطقة الع�سكرية بالنعمة بالطريق البيومرتي يف ت�سجيل الدخول لت�أمني احلدود ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
61
ا�ستحداث قرى وان�شاء مقاطعات تتوفر على خمتلف فيما يلي:اخلدمات الأمنية يف املناطق ال�شا�سعة من البالد نظمت احلكومة العديد من امل�ؤمترات الوطنية والإقليمية مطاردة فلول الإرهاب �إلى خارج احلدود املوريتانيةوالدولية على �أعلى امل�ستويات ملحاربة الإرهاب ،و�إحياء خط الو�سطية ثانيا :اجلانب االقت�صادي واالجتماعي� :إعالن �سيا�سة مكافحة الفقر وتوفري حوانيت الأمل ملحدودي الدخل ،وفتح -عقد م�ؤمتر وطني حل�شد الإجماع الوطني على مكافحة جمال التكوين املهني ،وخلق فر�ص العمل ،ورعاية ال�شباب الإرهاب من طرف جميع الفاعلني ال�سيا�سيني واخلروج .... مبيثاق �شرف وطني ل�ل�أح��زاب ال�سيا�سية (الأغلبية ا�ستقبال و�إيواء الالجئني املاليني ورعايتهم ،للتخفيف واملعار�ضة) ،للت�صدي لهذه الظاهرة اجلديدة الغريبةعلى املجتمع من م�شاكل التوتر يف املنطقة احلدودية • احلوار مع ال�سلفني يف ال�سجون: �إ�شاعة احلريات العامة ،وحمايتها لتجنب م�ضاعفاتالكبت ،واال�ضطهاد يف �صناعة التطرف والإرهاب �شكلت احلكومة �سنة 2010جلنة من العلماء لإجراء حوار يف ال�سجون ،وتت�ألف اللجنة من: ثالثا :اجلانب القانوين: �شخ�صيات علمية م�ع��روف��ة ،لها م�صداقية يف�سن قانون مكافحة الإرهاب وتعديله يف �سنة 2009 ّ ال�ساحة الوطنية لتعزيز فاعليته يف حما�صرة الظاهرة �شخ�صيات تتمتع بثقة املعتقلني ،وبع�ضهم �سبق �أنثالثا :اجلانب الفكري والثقايف :وذلك باعتبار �أن (ما يف الر�ؤو�س ال يقتلع بالف�ؤو�س) ،ومتثل ذلك على �سبيل املثال كانوا من مرجعياتهم التقليدية � 62إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
• طريقة احلوار: عقد جل�سات متهيدية مع ال�سجناء لتحديد نقاط احلوار عقد اجتماع عام بني اللجنة وال�سجناء للتوجيه العام و�إعالن بدء احلوار ،مت نقله عن طريق و�سائل الإعالمامل�سموعة واملرئية ،عربوا فيه عن مواقفهم علنا �أمام النا�س عقد اجتماعات جماعية للمجموعات التي تقاربت وجهات نظرها ،للتنوير والتوجيه نقا�شات مغلقة مع الأفراد الأكرث ت�شددا ،لتليني مواقفهم ،من �أجل �إحلاقهم باملجموعات العامة• �أهم �أفكارهم :يتلخ�ص يف الت�صورات اخلاطئة عن الإ�سالم ،منها: تكفري احلكام بعدم تطبيق ال�شريعة تكفري النظام الدميقراطي وجوب قتال الكفار �أينما كانوا...• نتائج احلوار: تراجع عدد كبري منهم ،وتردد القليل ،و�أ�صر عدد �أقل على موقفهم املت�شدد مبنا�سبة �شهر رم�ضان املبارك �أ�صدر رئي�س اجلمهورية حممد بن عبد العزيز عفوا عن 35منهم ،ممن مت احلكمعليهم �سابقا ،ومن الذين مل يتلب�سوا بجرمية القتل. تنظيم حفل ر�سمي ال�ستقبال املفرج عنهم متكينهم بدعم ي�سمح لهم ب�إعادة اندماجهم يف املجتمع• نتائج اخلطة: ت�صحيح الت�صورات اخلاطئة ،لأن احلوار كان فر�صة لإثارة الق�ضايا اجلوهرية يف الفكر الإرهابي ،ا�ستفاد منهمن كان يف ال�سجون �أو من هم خارجها تفكيك كافة اخلاليا النائمة ال�سيطرة على الو�ضع الداخلي ،ومطاردة فلول الإرهاب �إلى خارج الرتاب الوطني وت�أمني احلدود م�ساهمة ال�شباب املفرج عنهم يف �إنارة الر�أي العام ال�شبابي -قطع الطريق �أمام وجود جماعة �إرهابية منظمة يف موريتانيا حتى االن.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
63
مقاالت الوسطية
ما هو م�صري التنظيمات ا ِلإرهابية يف ظل تقاطع وجهات النظر حول مكافحة ا ِلإرهاب اللواء الركن (م) عدنان عبيدات
إهتمام ُمن َْ�ص َّب ًا هذه الأيام حولَ مواجه ِة وامل�ستقبلِ ال ِآمن بالإنعتاق من ربقة الظلم والتح ُّرر من ال يزال ال ُ ْ الإره��اب وتنظيما ِته التي مل ي ��أ ِت ظهو ُرها َع َر َ�ض ًا يف ِنري الإ�ستبداد. املنطقة العربية ،تلك التنظيمات التي �أَ� ْ��س� َه� َم� ْ�ت مبا افت�ضاح ممُ ��ار��س� ِ بع�ض الأن ِْظم ِة وبالرغم من �ات ِ ِ ارت َك َب ْت ُه من �أَع�م��الٍ ِ�إجرامية يف ت ََ�ص ُّدع جِ ��دار ال ِق َيم َ ٍ لألوانٍ ِم َن الإِ ِ قطاعات وا�سع ٍة ِم ْن َر َعاياها، رهاب على َ ومنظومة الأخ�لاق ،يف ِظ ِّل حال ٍة ِم َن العبث والفو�ضى فقد َب ِق َيت ُم ِ�ص ّر ًة على الإ�ستمرار يف ما تفعل ال َت ْع َب�أُ وال �ت��دم�ير ،وال�ق�ت��ل وال��ن��زوح وال�ت�ه�ج�ير ،وا ِلإع �ت �ق��ال ِ الو�ض ِع املُ َعقَّد، ِعات ب ت ب ِ َ ار�سا ِتها تلك .ويف ِخ َ�ض ِّم ذلك ْ ممُ َ َ ال�سنوات والتعذيب ،وعدم ا ِلإ�ستقرار الذي ات�سمت به ُ ِ ُ املتواطئة مواقف القوى الدولية املُتَبا ِي َن ِة -ورمبا �شجعت َ ِجاف املا�ضية ،كما �أَ عمال يف َّ اخلم�سُ الع ُ �سهمت َ تلك الأ ُ ْ َ الغمو�ض و َي ُ�شو ُبه َع َد ُم -واملُ ْف َت ِق َر ِة �إِل��ى التن�سيق �شَ َّج َعت ب�سلبيتها الأنظم َة ر�سم م�ستقبلٍ للمنطقة يكت ِن ُف ُه ُ اليقني ،خا�صة بعد تدخُّ ل الأَجنبي الذي ما َبرِ َح حري�ص ًا القمعية على املُ ِ�ض ِّي ُق ُدم ًا يف التعاملِ َم َع ُ�ش ُعوبِها بِال على ركوب موجة ال�صراع الدائر لي�ضع �أَجِ ن َْدته اخلا�ص َة َر ْح َم ٍة �أَ ْو َه َوادة ،الأَمر الذي ه َّي�أَ ،كما �أَ�سلفناِ ، حا�ض َن ًة ٍ وت�ستبيح ال � َّدمِ .وم َن تنظيمات َت ْن َتهِ ُج ال ُعنْف ْريخ حل ْكمِ ،ل َتف ِ ُ مو�ض َع التنفيذ .وك��ان قد �أَ ّدى ا ِلإ�ستبدا ُد يف ا ُ َ َ ِ وغياب العدالة ا ِلإجتماعية ،وانت�شا ُر املُ فارقات العجيب ِة �أ َّن الأنظم َة الديكتاتورية يف املنطق ِة ومنهج ا ِلإف�ساد، ُ ُ َ ً ح�سا�س با ِلإحباط لدى النا�س ِ�إلى لمَ ْ ُت ْع َتبرَ ْ ِ ،م ْن منظو ِر العالمَ ِ املُت ََح ِّ�ضرِ � ،أ�سا�سا لل ُم�شكلة َب ْل ل إ وا ، أ�س � والي العنف، ِ ُ ُ نتاج ممُ ار�سا ِتها و تمَ َ ُّر ُد �شعوبها هو جذ ُر املُ�شكلة. اندالع ما ي�سمى بالربي ِع العرب ِِّي القا ِد ِم ِم َن القاع ،الذي ْاع ُتبرِ َ ُ الرئي�س النجاح يف بع�ض وهكذا ،يف احلقيقة ،ف�إِ َّن الأَنظم َة هي املُت ََ�س ِّب ُب ُ ما �أَ ْن بد�أ حتى خَ َبا �أُ َوا ُر ُه ،ومل ُي ْكت َْب له ُ النا�س ما ال �ورات امل�ضادة ،و ب�سبب توافرِ يف املعانا ِة الإن�سانية ،وه��ي التي تحُ َ � ِّم� ُل َ ِدي��ار العرب ب�سبب ال�ث� ِ َ عوامل منها ما هو ذاتي ومنها ما هو داخلي �أو خارجي يطيقون ،وت ََد ُع غالب َّيتَهم يف فاق ٍة ِ مام وح ْرمانٍ �شَ ِد َيد ْينِ �أ َ َ ّ ّ ّ بذلك َعالمَ ٍ ُمتف ِّر ٍج ال يبايل البتة. َل ِع َب ْت مبجموعها دور ًا ُم َع ِّط ًال فيها .فت�ش َّكلت ٍ تنظيمات ِ�إرهابي ٍة متلأُ الفرا َغ وتزر ُع بيئ ٌة خ�صبة لنمو ال�سهلِ �إِ ْد ُ راك �أَ ْم َر ْينِ ا ْث َنينْ ِ كانَا ِوم ْن هنا ُ يكون ِم َن َّ اخلوف� .أَ َّما ُ ال�شعوب امل�ضط َهدة التي َاعتا َد ُح ّكا ُمها على َورا َء ُن ُ�شو ِء و اتِّ�سا ِع دا ِئ��ر ِة ال ُعن ِْف وال َع َملِ على َتغ ِْذي ِته، معام َلتها بالق�سوة والعنف ،فلم َي ُك ْن �أ َ َ ِ التنظيمات الإِرهابية �إِل��ى َح ِّيز الوجود بع�ض مامها ِم ْن �سبيلٍ وظهور ِ ِ التحدي والن�ضالِ ِم ْن َ�أ ْجلِ َ احليا ِة الكرمية ة ل وا�ص م �سوى ِّ ُ َ � 64إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
يف ه��ذا ا ُ ال�صرا ِع جل� ْ�ز ِء ِم� َ�ن ال� َع�المَ ِ لت ُْ�سهِ َم يف ا�ستمرا ِر ِّ فيه:الأَول الأن ِْظ َم ُة املُ ْ�س َت ِب َّد ُة املُ َت�شَ ِّد َد ُة ال َّرا ِف َ�ض ُة للإنتقالِ ال�س ْل ِم ّي التي تمُ َار ُِ�س �أَ ْعما ًال �إرهابية ،بو�سائل الدميقراطي ِّ ُ ِ ِ ِ ونزوح املاليني �ش َّتى ،مت�س ِّبب ًة يف َم ْقتَلِ مئات �ألوف املواطنني ِ منهم.والثاين القوى الدولية التي مل ت�شَ �أ �أَن تتدخَّ َل ب�شكلٍ دون ح� ِ �دوث الأَعمال حا�سم يف الوقت املنا�سب للحيلول ِة َ ياهم العدا ِئية ِم ْن ِق َبلِ جميع الأَطراف املُتحاربة ،مانح ًة �إِ ُ الفر�ص َة واحل ِّر َّي َة للعمل. ال�صراعات و الأَ ِ ِ زمات العاملي َة والأَحداثَ املُتوالي َة يبدو �أَ َّن بتون�س ِفم�ص َر يف الآون��ة الأخ�يرة ب��دء ًا من �أُوكرانيا م��رور ًا َ فاليمن والعراقِ و�سوريا، فليبيا ثم ِقطا ِع َغ َّز َة وال�ضف ِة الغربي ِة ِ َ وب�شكل خا�ص الو�ضع املرير يف هذين البلدين الأ ِخ َري ْين ،قد َد َف � َع بالواليات املتحدة وحلفا ِءها الدوليني ومنا ِف�سيها - بح�سابات امل�صالح اخلا�صة ا َمل ْح َ�ضة � -إِلى التدخلِ الع�سكري ا َ دون الرجوع (ب�شكل مبا�شر �أَو غري مبا�شر) حل ِذر يف املنطقة َ ُ َ َ ولي�س ثمة دلي ٌل مم املتحدةَ . �إلى جمل�س الأ ْم ِن الدويل �أو الأ ِ وا�ض ٌح ميكن مالحظتُه ورا َء ت ََدخُّ ل القوى الدولية ُي�ش ُري ِ�إلى �أَ َّن َ ِ امل�شكالت يوم من الأَيام �أَ ْن َي ُح َّل أجنبي ِم ْن َ�ش�أْ ِن ِه يف ٍ التدخل ال َّ املُتَفاعل ِة واملُتَفا ِقم ِة يف منطقتنا العربية .و يف حني يظ ُّل بر يف �أَغلب الأَح��وال لي�س ِم ْن َ�أ َح� ٍ�د �سوى الأُمة اخلا�س ُر الأَك� ُ الوقت يمَ �ضي مَ دونا انتظا ٍر بينما العربية والإِ�سالمية ،ف�إِ َّن َ ُ الباهظ الذي تدفعه ال�شعوب ،و مع ذلك يبقى الثمن َيتَ�صاع ُد ُ َ َ ي�ص ِم ْن �أ َملٍ يف نهاية ال َّنفَق� ،إِذ �أ َّن ا�ستمرا َر احلالِ هناك َب ِ�ص ٌ هو َ�ض ْر ٌب ِم َن املُحال. ٍ ا�ض ال َع ِ�س ُري وهكذا تنق�ضي خَ ْم ُ�س �سنوات ولمَ َّا َي ْنتَـ ِه ا َملخَ ُ ُ و�س بعد ،كما ي�ستمر ما ُي�س َّمى بالتحالف الدويل ومعه ال ُّر ُ ون ما يف بالدنا ُم ْطل ِقي الأَيدي دون ح�سيب �أو رقيبَ ،ي ْف َع ُل َ ِ تنظيمات ُون متذ ِّرعني مبحاربة الإره��اب ومواجه ِة ي�شا�ؤ َ ُ َ ال ُعنْف التي ُيعتقد �أنها ُت�شَ ِّك ُل تهديد ًا للجِ وار الأوروب��ي َب ْل و�س وللواليات املتحدةِ ،وم ْن ورا ِئهم َوم َعهم يف تدخُّ ِلهم ال ُّر ُ ُ وح ُ التحالف الذي ليف احلا�ضر -ذل��ك خَ ْ�ص ُم املا�ضي َ ُي�س ِّوقُ م�س�أَل َة التدخُّ لِ و َيعرِ ُ�ضها (على نحو زائ��ف) على خالقي ِم ْن وِجهة ن ََظرِ الغرب تُزَ ِّينُها التزام َ�أ �أَنَّها م�س�أل ُة ٍ ٍّ الدواف ُع الإن�ساني ُة ا َمل ْز ُعومة يف �إطار جندة الأجنبي للب�ؤ�ساء لكن للج ْور عن املظلومني يف بالدناَّ - �إحقاق ًا للحق ورفع ًا َ ِ وال�شعارات َت َت َك�شَّ ُف ِت َباع ًا ،بحيث مل َن ُك ْن َن َرى ِم ْن احلقائقَ َ ِ ال�شعارات لتزام �أو ِلتلك َق ْب ُل ْ ولن َن� َرى ِم ْن َب ْع ُد لذلك الإِ ِ َ ُو ُج��ود ًا حقيقي ًا� ،أو تطبيق ًا �صادق ًا نظيف ًا دامغ ًا ِم ْن ِق َبلِ ون �إِ ّال م�صالحِ َ هم، راع َ �أُولئك املُت ََطفِّل َني علينا الذين ال ُي ُ ون ون على �أَ ْر ِ�ضنا و َيت ََح َّك ُم َ وقد َف َر ُ�ضوا �أَ ْنف َُ�سهم ِعنْوةًَ ،ي ْل َع ُب َ بمِ ُ َق َّد َرا ِتنا و َي َت َو َّل ْو َن َر ْ�س َم م�ستقبلنا.
يف نظر ٍة �سريع ٍة ل�سبع ِة ٍ ِ احلرب عقود خَ َل ْت منذُ نهاية ِ الواليات املتحد َة الأَمريكي َة ،انطالق ًا العاملي ِة الثاني ِة نجَ ِ ُد �أَ َّن ِ احلفاظ من م�صاحلها ولمِ َ ِّد غطاء هيمنتها ،قد ا ْنبرَ َ ْت ملُهِ َّمة ي�ضمن -عموم ًا بالرغم ِم ْن �أَنَّها ْمل َت ْب ُل ْغ على �إِطا ٍر دويل ُ َ ي�ضمن الكمال ،وبالرغم ِم َن الأخطا ِء املُ ْر َت َكبة ِم ْن ِق َب ِلها - ُ لكن �أَمريكا ْمل َت ُع ْد راغب ًة َح َّد ًا �أَ ْدنى ِم َن الإِ�ستقرار العامليَّ . ك�شرطي دو ّ يل. يف � -أَو بالأَحرى غري قادر ٍة على -العمل ٍّ ويف حال تحَ َ ّمل الإِحتاد الأُوروب��ي َو ْح� َ�د ُه م�س�ؤُولي َة احلفاظ على ما ُي�س ّمى بالنظام العاملي ،ف�إِنَّه �سرعان ما َ�س ُيعاين ِم َن ِ �ستنزاف َبل العجز الكامل نظر ًا لعد ِد وطبيع ِة الإِنهاك والإِ الأَز ِ جم َّر َد لي�س َ ْمات التي �سيواجِ ُهها ،والتي �سيكون معظ ُمها َ ٍ ٍ �صراعات غ َري متكافئة .وال يبدو مناو�شات بني الدول ،بل ِ �أَ َّن حالَ املجتمعات الغربي ِة مبا فيها الواليات املتحدة مجُ َ َّه ٌز للتعامل مع ِم ْثلِ تلك ال�صراعات .وهنا يربز ال�س� ُؤال �أمام هذا العجز :هل هناك ِم ْن بديلٍ �سوى تفاقم الفو�ضى وات�ساع ِ وحدوث �سل�سل ٍة من الأَخطا ِر الب�شرية؟ املخاطرِ الأَمنية لي�ست َث َّم َة حاجة للت ْ�أ ِ كيد على َ�أ َّن ارت��دادات ا َلأح��داث يره��ا �ستكون اجل��اري��ة التي تت�س ُع دائ��ر ُت�ه��ا ُ ويتعاظم ت��أث� ُ َ ً ِ بالن�سبة للغرب -خا�ص ًة القارة العجوز� -أ ْم��را ال يمُ ْ ك ُن ُ حت�صيل حا�صلٍ ،ولع َّل الأع��دا َد الكبري َة اجتنا ُبه� ،إِذْ هو ُ املتدفِّق َة ِم َن املهاجرين ال�سوريني على �أوروبا ،التي تت�سبب يف خلق م�شكلة اجتماعية مت�ضخمة ،هي �أَ َح� َ�د �إف��رازات ِ املجتمعات الأُوروبية، تلك ال�صراعات املُق ِلقة التي �أَ ْر َب َك ْت وجعلت بع�ض دولها يرتاجع �أو يقف موقف ًا عدائي ًا مت�شدد ًا جتاه �أزم ٍة ان�ساني ٍة متفاقمة. ويف مراجع ٍة خاطف ٍة لمِ ِ ا�ضي الإِقليم ال��ذي ُ نعي�ش فيه �ران وتركيا و م�صر ،والعربية ال�سعودية والإِم� ِ �ارات ف�إِ َّن �إِي� َ َ املتحدة (وهي ت�سميات لي�ست قدمية لهاتني الأ ِخريتينْ ) بع�ضها البع�ض ا�ستناد ًا ودو ًال جماور ًة �أُخْ رى معهاَ ،ت ْعرِ ُف َ عام ِم َن التجارة واحلروب ،وهو ما يكفي لرتتيبِ ِ�إلى �أَلف َْي ٍ وح ِّلها ُد مَونا حاج ٍة للتدخل ِم ْن ِق َبلِ الواليات ِق َط ِع الأُ ْحجِ َية َ املتحدة �أَو رو�سيا �أَو ِم� ْ�ن ِق� َب��لِ �أَ ٍّي ِم� َ�ن ال��دول ا ُلأوروب �ي��ة الإِ�ستعمارية ال�سابقة .و�أَم��ام ُجمل ٍة ِمن التحديات املاثلة يف �أيامنا هذه ،ف�إِ َّن للأَنظمة العربية ِم َن الناحي ِة الأَمني ِة م�صلحة م�شرتكة للعملِ َ�س ِو ّي ًا على �ض ْب ِط الأَو�ضاعِ ،بت َْج ِ ريد ِ العنف املت�شددة ِم� َ�ن ال�سالح وامل��الِ والإِع�لام، جماعات كما �أَ َّن لديها ِم ْن ٍ قت�صادي م�صلحة م�شرتكة يف جانب �إِ ّ ِ احلفاظ على تدفُّقِ النفط �إِلى الأَ�سواق العاملية ،وجن ِْي �أَكبرَ ِ َ قدر ممكنٍ ِم َن عائداته� ،أ َّم��ا ِم َن الناحي ِة ال�سيا�سية فال ٍ تقوم على ر ْي َب �أَ َّن ِم ْن م�صلحتها �إِ ْر�ساء عالقات را�سخة ُ من وح�سنِ اجلِ وار وامل�صالح امل�شرتكة ِ�ض َ ِ ا ِلإحرتام املتبادل ُ
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
65
بع�ض ِم َن الأنظمة العربية تقر�أ دولِ املنطقة .لكن ال تزال ٌ الت مبنظا ٍر عفا عليه الزمن ،غ َري عابئةٍ الأح��داثَ والتح ُّو ِ مبعاناة مواطنيها التي بلغت حد ًا فوق الإحتمال ،وك�أمنا هي والدرو�س بعد. مل ت�ستخل�ص ال ِعبرَ َ َ ا�ستعر�ضنا حا�ض َر املنطقة وعالقة ا َلأجنبي و ِ�إذا ما ْ َ التدخل الأَمريكي باحلروب التي َج َر ْت فيها ،ف�إِننا نجَ ِ ُد �أَ َّن مل َي ُك ْن ُم َ�ص َّمم ًا �أَ ْ�ص ًال ِل ُي ْ�س ِف َر عن �أَ ِّي َح ِّل مل�شاكلهاَ .ب ْل على الزيت على النار وليزدا َد الأَم ُر العك�س ،فقد جاء ل َي ُ�ص َّب َ َ َ ُ ِ ُ�سوء ًا مع ذلك التدخل ،وهناك �أكرث من مثال؛ ففي �أعقاب الغزو الأَمريكي لأَ يتح�سن فغان�ستان يف العام ْ 2001مل َ َّ الو�ض ُع بل بقي م�ضطرب ًا وخَ ِطر ًا يف ذلك البلد املنكوب، و ْمل َيح ُدثْ �أَ ْن َح َّل ْت ب�أَ ِ ر�ض ِه دميقراطي ٌة بعد الغزو ،كما ْمل يل َم ْ�س �أَح ٌد َب ْع ُد� ،أَنَّه �أُنجْ ِ ��زَ ْت على تُرا ِب ِه تنمي ٌة حقيقية� ،أَو خَ َّيم على ُر ِ بوع ِه �أَ ْم ٌن وا�ستقرار ،بل ما تزال حقوقُ الإن�سان َ َ تُنت َه ُك فيه ،و َي ُ�سو ُد اجله ُل وانتفا ُء الأمان يف معظم �أرجا ِئه. و�إِذا ما انت َق ْلنا �إِلى العراق ف�إِ َّن ما َين ُ ُوف على عقد ِم َن وال�شعب العراقي ُ يعي�ش يف ظل ُح ْك ٍم الزمان قد م�ضى ُ طائفي حيثُ ا ُ حل� ِّر َّي� ُة غائب ٌة ،والإِق�ت�ت� ُ �ال ُم ْ�س َت ِعر ،والقت ُل ٍّ َ َّ يوم على َق َد ٍم و�ساق ،واليتامى وال َّثكالى و الأيامى ل ك يجري ٍ تغ�ص باملعتقَلني (من وال�س ُ جون ُّ يتزايدون با�ضطرادُّ ، كال اجلن�سني) ،ومالي ُني النازحني والالج ِئني قد َف � ُّروا ِم ْن ديارهم ،واجلوع والفق ُر املدق ُع يلقي بظال ِله والف�سا ُد ُم ْ�س َت�شْ رٍ َ ير � ِآم�ن��ة .وه��ذا كله ِم� ْ�ن ِث�م��ا ِر َح � ْر ِب واحل �ي��ا ُة غَ � ُ َ ال�سيد الأَمريكي َي ْت َب ُعه ُمنا ِف ُ�سه الرو�سي على بع�ض �أقطارِنا ُ�ستباح الأَ ْر ُ�ض و َك َرام ُة ا ِلإن�سانِ و ُيت ََح َّك ُم يف املوارد و َت َت َب َّد ُد فت ُ َ ٍ جتارب للأ�سلحة الف ّتاكة الأَموال ،و ُي َّتخَ ذُ ِم َن البالد حقول � 66إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
والذخائر املتطورة واملعدات الأكرث حداثة واختبار الفعالية و�سما ِئنا و حت�سني الأَداء ،كما ُيتخذُ من �أَ ْر ِ�ضنا وما ِئنا َ علي َلأ ْط�ق� ِ�م ال � ُّدخَ �لا ِء و ُم َرتَّباتهم على ميادين ت��دري� ٍ�ب ِف ٍّ �أَ ٍ ون ِخبرْ ٍات نوعي ٍة جديدة .وهكذا جا َء هداف َح َّي ٍة ،ف َي ْك ِت�س ُب َ التدمريي إ�ستعرا�ضي الرو�سي ال يف هذا الإِط��ا ِر التدخ ُل ُّ ُّ ُّ العنيف يف �سوريا بق�صد احل�ف� ِ ُ النظام احلايل �اظ على ِ ُ التدخل فيها ،ول�ضمانِ حتقيقِ امل�صالح الرو�سية ،وقد ميتد �إِلى �أَج��زا َء ِم َن العراق يف وقت الحق يف م�ضمار املناف�سة املفتوح ،الأَمر الذي ي�ضيف ُبعد ًا جديد ًا لل�صراع املُ ِ حتدم يف ويت�سبب يف �سقوط �أَ ٍ عداد ُ�أخرى من املنطقة و ُيطي ُل �أَ َم َده، ُ املدنيني الأَبرياء ،و ُ يعمل على ا�ستكمال ِ�إ ِ حداث دما ٍر على نطاق �أَو�سع ،و ُيجبرِ ُ �أَعداد ًا َ�أ ْكبرَ َ ِم َن النازحني واملُ َه َّجرِ ين �سيفاقم الو�ض َع ِب ُر َّم ِته ،ويج َع ُل على ترك ديارهم ،مما ُ بعيد املنال يف املدى املنظور ،فيما تتوال ُد يف ال�سالم �أَمر ًا َ َ ُ تنظيمات خمتلف ٌة ب�أَجِ نْدا ِتها ووال ِئها واتي مل ا املناخ هذا ِم ْثلِ ٌ ِ بات ِم َن الوا�ضح ومتويلها وارتباطها و َت َب ِع َّي ِتها .وهكذا فقد َ �أَ َّن بني القوتني العظميني ُو ُج��وه �شَ َب ٍه يف املنحى وال�سلوك يكون واحد ًا والغاي ُة واحد ًة �سلوب لديهما ُ والهدف ،ويكا ُد الأُ ُ �أَي�ض ًا؛ ففي ِ الوقت الذي ت َُد َّم ُر فيه املنطق ُة و ُي�شَ َّر ُد �أبنا�ؤها بع�ض تحُ َ قِّقُ القوتان ال ُع ْظميانِ خدم َة م�صالحِ ِ هما وم�صالح ٍ ِ َ إ�سرائيل َهد ّي ًة مجَ ان ّية ال ُقدمان ل ممِ َّ ْن تحَ ا َل َف معهما ،وت ِّ َ تُق َّد ُر بِثمن�ِ ،إذْ �أَ َّن َ �ضبط ِ�إيقا ِع الأ ِ حداث يف املنطقة يتوافقُ مع البو�صلة الإِ�سرائيلية .وخال�صة القول يف هذا ال�صدد، ُ املجال للتدخالت اخلارجية كلما ج َّر ذلك تيح �أَنه ُك َّلما �أُ َ مزيد ًا من الويالت والكوارث على املنطقة و�شعوبها التي تقطنها منذ �آالف ال�سنني.
العنوان الذي تتقاط ُع فيه كم �سي�ستغرقُ حتقيقُ ذلك الهدف وما هو الثمن؟هل �أَ َّما مكافح ُة الإِره� ِ �اب وهو ُ وجهات النظر بني دولٍ يف الإِقليم ودولٍ �أَجنبية ِم ْن خارِجِ ه �ستكون حرب ًا نظيفة؟ ُ ُ نظري على مب�صالح حيوية ،فهناك �إِجما ٌع مرتبط ٍة معه ٌّ َ نا�س �أَبرياء؟ كم �س ُي ْق َت ُل َب ْع ُد ِم ْن �أُ ٍ ُو ُجوب الأَخْ � ِ�ذ يف ا ُ حل�سبان عدم الإِكتفاء بالتخل�ص من الإِرهابيني ،بل ال بد ِم ْن جتفيف املنابع التي تو ِّف ُر لهم من �أَ ْن ال تن�ش�أَ تنظيمات �إِرهابي ٌة جديدة يف وقت من َي ْ�ض ُ ٌ التجنيد والإِم َ��دا َد والتدريب ،وبخالف ذلك ف��إِ َّن البيئ َة الحق؟ وجد ْتها وغذَّ تها �أنظم ُة ا ُ حل ْكم القمعية غري املالئمة التي �أ َ َ ُ إ�سناد و�إم� ٍ الدميقراطية ،ب� ٍ ما هي الأ ُ هداف التي �ستهاجمها مثل تلك التنظيمات يف �داد ورعاي ٍة ِم ْن بع�ض القوى ً ِ الكيانات املت�شددة و َر ِّدها االنتقامي؟ الإِقليمية والدولية� ،ستُن ِت ُج َمزِ يدا ِم َن َ ً �ستكون �أ�ش َّد ُ�سوءا من تلك املتطرفة و الإِرهابية التي رمبا ُ كيف �سيكون امل�شه ُد عند انتها ِء احلرب �ضدها؟ و�سيكون التي ن�شهدها هذه الأَيام يف �ساحات ال�صراع، ُ املرتتب على ذلك بال َغ التعقيد .ولذلك ُيعتقَدِ ،م ْن الو�ض ُع ُ �سيختلف احل� ُ ُ �ال ما دام �أَ َّن ج��ذو َر امل�شكالت يف هل َ منظور عاملي� ،أنَّه ِم َن ال�ضرورة بمِ َ كان اتبا ُع ا�سرتاتيجي ٍة ال�شرق الأَو�سط (ولي�س �أَ ْع َرا�ضها) مل ُت َعا َل ْج؟ َ ُت�شَ ِّد ُد يف �أ َح ِد جوانبها على الدبلوما�سية والإِ�ستخبارات َ َ �أ ْم �أنَّه ِم َن املق�صود �إِبقا ُء املنطقة (�إِلى حنيٍ) يف حالة والإِقت�صاد� ،إِ�ضافة �إِلى �إيالء عناية خا�صة ملُك ِّونٍ كب ٍري هو الأَيدولوجيا ُبغية �إِح��داث التغيري على ا َملقا�س الذي ما ُي َ�س َّمى بالفو�ضى اخل ّالقة؟ �صاحب ِ اليد العليا .وهذا بطبيعة احلال ُيحت ُِّم ينا�سب ُ َ م ��اذا بالن�سبة للتنظيمات ال�ط��ا ِئ�ف�ي��ة امل�ت���ش� ّددة وي�ستلزم وتقييم بني ح ٍني و�آخ��ر، اج��را َء مراجعة دورية ُ ٍ ال�شبكات ،الأُخ� ��رى ال�ت��ي ارت � َك � َب� ْ�ت وال ت ��زال ت��رت� ِ�ك� ُ�ب َم��زي��د ًا ِم� َ�ن تنظيم وب�ن��ا ِء َ�س ْعي ًا د�ؤوب� � ًا لإِ��ض�ع��اف عملِ ِ ون توفُّرِ الظروف اجل��را ِئ� َ�م الب�شعة يف �سوريا وال �ع��راق واليمن ولبنان؟ واحلرمان ِم َن املالذ الآمن ،واحليلول َة ُد َ َ �رب �ضد ا ِلإ ْره��اب �أَ ْم �ستبقى عالق ًة ت�ستقطب املُجنَّدين املحت َملني .ولكن يف الوقت نف�سه ،هل �ستنجح احل� ُ ُ التي ُ �اف حتى الآن بل ُعزوف ًا ُمت َع َّمد ًا عن كذريع ٍة ال�ستمرار التدخل الأَجنبي �أَ ْم �ستكون حرب ًا ال َن� َرى اهتمام ًا ك� ٍ وا�سع ِم ْن ق�ضايا هذه حمكوم ًة بالف�شل؟ بحث �أُ�صول و�أَ ِ �سباب وجوهرِ َط ْي ٍف ٍ املنطقة املهمة جد ًا ِم َن العامل ،والتي َي ْك ُم ُن ورا َئها العدي ُد وال�س�ؤَال الكبري هو :مل�صلحة َم ْن جتري هذه الأَحداثُ ْ ِ من �أَ ِ �سباب ٍ ري النزاعات وعلى ر�أ�سها الق�ضية الفل�سطينية .منذ �سنوات يف �أَك َرث من قطر عربي، برتتيب فيه ح ٌّد كب ٌ �إذْ مل َت ُك ْن هناك ِن َّي ٌة يف ال�سابق ولن َ تكون ِن َّي ٌة ل ِفعلِ ذلك ِم َن التزامن والت�شابه؟ يف ال�لاح��ق -فيما ي�ب��دو -يف ظ��ل امل �ع��ادالت الإقليمية ً والدولية ال�سائدة وتقاطع م�صالح الأطراف الفاعلة يف حا�سم ملاذا مل تتدخل الواليات املتحدة فورا وعلى نحو ٍ ال�صراع الدائر .وهكذا يجري ك ُّل ما يجري دون الإِلتفات منذ البداية ال�ستعادة الإِ�ستقرار يف هذه املنطقة املهمة؟ �إِلى �أَي َحقٍّ ِمن حقوق �شعوب املنطقة� ،أو مراعاة م�صلحة ميكن تف�س ُري �سلوك الواليات املتحدة بالإ�شار ِة كيف ُ واحدة من م�صاحلها. ِ�إلى التزاماتها جتا َه ا�سرائيل؟ والآن فيما الو�ض ُع يتدهور وامل�شه ُد يزدا ُد تعقيد ًا ،و هل من باب امل�صادفة ما ي� ُ �زال ال�صراع ُمن َْح ِ�صر ًا فيما ال ُ ِ احلرب تزر ُع الدما َر يف �سوريا والعراق تزال �آل ُة أرواح وت�ش ِّر ُد املالي َني وت�ستنزف فقط يف املنطقة العربية وال ُي ْ�س َم ُح له �أَ ْن ميت َّد �إِلى دول واليمن وغريها ،فت�أخذُ ال دن وال ُق َرى َوالبنى التحتي َة ِ�إلى �أَطاللٍ اجلوار؟ الأموال ،وتحُ ِ ُيل املُ َ خَ رِ َبة ،برعاية وتنفيذ الع ِب َني حمليني و ِ�إقليميِني ودول ِّيينِ ، �إِ َّن الإجاب َة ال�صحيح َة على هذه الأَ�س ِئل ِة اخلم�س َة ع�شر َ َ ف ِ�إ َّن جمموع ًة ِم َن الأ�سئلة َحولَ ما يجري �أط َر ُحها يف ما رمبا ت َُ�س ِّه ُل -بطريق ٍة ما -التن ُّب�ؤَ مب�ستقبلِ ورمبا حتديد يلي : كيف ؟ هل ُيرا ُد فع ًال الق�ضا ُء نهائي ًا على املنظمات التي َت َّت ِخذُ و ِ�إلى �أَ ْي َن يتّجِ ُه م�ص ُري التنظيمات املتط ِّرفة يف هذه ِم َن ال ُع َ نف و�سيل ًة لتحقيق م�آربها؟و�إِذا كانت الإِجاب ُة نعم ،املنطقة النَّازِفة؟. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
67
مقاالت الوسطية
ر�ؤي�����ة يف االره�����اب د .ح�سن علي املبي�ضني
ت�سعى ال��دول على اختالف مرجعياتها الأيديولوجية والعقائدية واملذهبية -كما هي �شعوبها اي�ضا -لو�ضع حد لتنامي ظاهرة االرهاب ،التي باتت ت�سري يف ذهن م�ؤيديها، �سريان النار يف اله�شيم ،اذ بفعلها تتوحد القناعات امل�ستندة الى �أ�سباب ن�شوئها يف كل دولة من دوله حتى ت�صبح فكرة �شمولية ،و�أداة لتنفيذ ما ا�ستبطن من �أهواء. والعودة الى القول (رب �ضارة نافعة) ت�أخذنا الى درا�سة الظاهرة وحتليلها ،وبيان �أ�سبابها ونتائجها ،وانعكا�ساتها: حملي ًا وعربي ًا ودولي ًا وان�ساني ًا. والنفع يف ه��ذه الظاهرة ال ي�أتي من النتائج ،حيث النتائج حم�سومة ،بقتل الأبرياء ،ودم��ار البيوت االمنة املطمئنة ،وهالك للحرث والن�سل مع ًا ،وترويع للآمنني على اختالف �أل�سنتهم و�ألوانهم. ولعل من ي�ستقرىء املا�ضي واحلا�ضر ال�سيا�سي لدول ما يف هذا العامل الوا�سع املمتد ،يجد ح��وار ًا قائم ًا بني تلك الدول ،ي�أخذ �شكال جديد ًا يف التعبري القائم على ا�ستخدام لغة احلرب� :صواريخ ًا ومدافع وطائرات ،وقتلى و�أ�شالء ،وعزال للغة املنطق واحلوار االن�ساين واحلكمة واملوعظة احل�سنة .ومن ظاهرة العنف امل�ضاد -ولو ب�شكل ب�سيط من االحتجاج وال�شجب واال�ستنكار -تتولد فكرة رد الفعل على الفعل املقام ،ا�ستناد ًا لر�ؤية علمية وطبيعية (لكل فعل رد فعل م�ساو له يف املقدار ومعاك�س له يف االجت��اه) فاملقدار � 68إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
الواقع على الدول ال�ضعيفة من الدول القوية حتم ًا �سيخلق اجتاه ًا معاك�س ًا عند تبني رد الفعل لظاهرة احلرب والقتل والدمار. وبح�سب ن�شوء تلك الأج ��واء امل�شوبة باحلذر حين ًا ، والرتقب والريبة �أحيان ًا اخ��رى ،تنبع االجتهادات على اختالف مرجعياتها ودالالتها الفكرية ،للتعاي�ش مع ظاهرة العداء املعلن وغري املعلن بني الدول ،وتتولى تلك املنظمات زم��ام امل�ب��ادرة يف التعبري بالطريقة التي تراها منا�سبة ،بعيدة كل البعد عن التوجه الفكري ال�سليم ،ملعتقد ما �أو مذهب ما او �سيا�سة متوازنة ما ،تعتمد مبد�أ امل�صالح امل�شرتكة يف احلوار مع الآخر ،تنفيذ ًا ملبد�أ (خذ وطالب) ،فتقاطع خطوط امل�صالح ال بد و�أن يرتك نقطة ما ،يبد�أ منها خط مواز لل�سري يف احلوار فكريا وعقليا ،وان كان ذلك علمي ًا ُيعد �أم��ر ًا �صعب ًا ،لكن تغليب احل��وار �سيخلق منط ًا من التعاي�ش �ضمن ر�ؤية م�شرتكة ،قد تعيد الهدوء الى �أركان العالقة بني دولة واخرى. وقد يجد الناظر يف الربامج االقت�صادية وانت�شارها على خريطة وطن ما� :أفقيا وعمودي ًا فر�صة للت�أويل حول دور االقت�صاد والتنمية ونتائجهما من الفقر والبطالة واجل��وع ،وان �ع��دام احل��وار ب�ين الأغ�ن�ي��اء وال�ف�ق��راء :دوال و�شعوبا ،يف ايجاد ظاهرة تت�سع �أفقيا وعموديا كذلك ، للتعبري عن واق��ع معي�ش ،قد ي�صنف العامل على �أ�سا�س �شمال غني ،وجنوب فقري .ويف ظل انعدام احلوار بينهما
تن�ش�أ ال�سيا�سات املنتزعة لال�ستقرار يف كليهما ،فال الغني ي�ستطيع اال�ستمرار يف �سيا�سته ،لأن حالة رد الفعل لدى االخر �ستخلق حالة راف�ضة لتوجهه ،يخفت او ي�شتد توجهها ح�سب احلركة وحمركها ،ان على م�ستوى االفراد او الدول. ويف ذل��ك اي�ضا تنعدم احلكمة واملوعظة احل�سنة يف اقامة ذاك احلوار القائم على تقريب امل�سافات وتال�شيها �شيئ ًا ف�شيئ ًا ،حتى تن�صهر نقاط التقاطع ،وت�صبح بدال منها نقاط التقاء. وعليه ،ف��ان الثقافة التي تن�ش�أ يف ظل ذل��ك الواقع ، ت�ستند ال��ى مرجعية احلقوق واملكت�سبات ،والبحث عن البدائل من �أجل اقامة جمتمعات خالية من روا�سب تلك ال�سيا�سات الدولية الوا�سعة االنت�شار والنتائج. وهنا ت�أتي فر�صة اخرى للبحث عن منافذ للخروج ،ولكن ب�صورة م�صغرة لدى منظمات وجماعات وافراد ،الهدف من ظهورها هو التعبري بلغة اخرى غري مقبولة ،وك�أنها يف احلقيقة انعكا�س لواقع دويل يعي�شه افراد �ضمن مكوناتهم الفكرية ال�ضيقة ذات املنهج االحادي النظرة لالمور كافة. ونحن يف العامل العربي املرتامي االطراف ل�سنا خارج لعبة االمم ال�سيا�سية ،بل نحن مركز الدائرة ومنطلقها ،ففي ار�ضنا مهد احل�ضارات والديانات ،ومنها بواعث الفكر امل�ؤتلف واملختلف ،حول تلك احل�ضارات والديانات ،وحولها تختلف االج�ت�ه��ادات :ال�سيا�سية واالقت�صادية والفكرية واالجتماعية وعليه تتوحد ال�سيا�سات ،وتختلف التوجهات واملنطلقات ،ويف �أر�ضنا كذلك م�صادر للأفكار: �سليمها وعقيمها ،ا�ستناد ًا الى موروثنا الثقايف واحل�ضاري ،والى الواقع ال�سيا�سي واالقت�صادي املرتدي ،الذي يعطي الفر�صة للآخر� :صديق ًا او عدو ًا ،ان يفكر يف �أدجلة هذه املنطقة احلرجة من العامل وفق هواه ،في�ضع ال�سيا�سات والربامج واخلطط � ،سواء اتفقت مع واقعنا �أم مل تتفق ، املهم عنده �أنها ال تتعار�ض مع م�صلحته الدائمة يف هذه املنطقة. وهذا الأمر ي�شكل بيت ًا �آخر من ق�صيدة املعاناة املعي�شة عربي ًا من املاء الى املاء ،اذ تن�ش�أ وفق ًا لذلك (�سيا�سات الرد ورد ال�سيا�سات) من احلكومات وال�شعوب �سواء ب�سواء ، لكل املخططات التي تريد النيل من هذه الأمة وهذا بطبيعة احلال يفرز اجتهاد جديد ًا خاطئا يف الرد على ال�سيا�سات و�سيا�سات الرد ،اذ ينحى االجتهاد اجلديد منحى الفردية والغوغائية ،وهذا ما يجعلنا ن�صر على القول :ان املجتمع العربي يحتاج �أي�ضا الى قادة فكر واجتماع ،ليكونوا عون ًا للقادة ال�سيا�سيني ال عبئ ًا عليهم ،ويكون مبقدورهم حينئذ
ر�سم التوجه اجلديد للأمة ،بعيد ًا عن ت�شويه �صورة الذات وحماولة طم�سها ،اذ الهدف الأ�سمى هو الرتميم ملا تبقى من ال�صور امل�شرقة لوجهنا احل�ضاري � ،أو اعادة بث احلياة فيها من جديد. ولعل الغوغائية تلك ،تفرز قادة ،بدء ًا من م�ستوى خلية الى م�ستوى تنظيم الى جماعات ،حت��اول اال�صالح وفق منهجها الذي يفتقر الى �سبب جناحه ،وهذا �أي�ضا �سبب �آخر لظهور �سيا�سة العنف البعيدة عن احلكمة يف تناولها للق�ضايا ذات امل�سا�س املبا�شر بحياة الفرد العربي وجمتمعه على حد �سواء. والنتائج املرتتبة على معطيات تلك اال�سباب :فكر ًا واقت�صاد ًا و�سيا�سة � ،ستطال تلك امليادين ب�صورة �أو�سع ،اذ �ستعمم التجربة مبيادين �أو�سع ،ان �أهمل التعامل معها وفق مرجعياتها التي ذكرت ،يف الفكر واالقت�صاد وال�سيا�سة ،وهذا يدعونا جميع ًا م�ؤ�س�سات و�أف��راد ًا الى معاجلة تلك الروا�سب يف ذهن اجلميع ،لأن العمل على �صعيد واحد يفقد امليزان االجتماعي وال�سيا�سي حالة توازنه ،ونحن ب�أم�س احلاجة الى تلم�س ال�شعرة الدقيقة لذلك امليزان ، للخروج من م�أزق عا�شه غرينا وقد نعي�شه نحن ال �سمح اهلل. وخال�صة القول بايجابية االرهاب الذي ن�شاهده ونعاين منه تخطيط ًا وتدبري ًا انه يجعلنا اكرث حر�ص ًا على اجتثاث ج��ذوره ،التي متتد ب�أوحال التخلف امل�أخوذ من خمتلف الأفكار العقيمة ،ومن خمتلف الأيديولوجيات ال�سيا�سية املوجودة يف العامل ،خا�صة اذا علمنا ان لي�س لالرهاب معتقد او فكر خا�ص به او وطن ،فهو �سلوك �شاذ جنده عند كل امللل ويف كل الدول ،وهو بذلك يحتاج من اجلميع افراد ًا وم�ؤ�س�سات للوقوف على �أ�سباب وج��وده ،وارت�ب��اط تلك الأ�سباب بحيثياتها ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية ،والبدء مبعاجلتها معاجلة فكرية ثقافية ال �أمنية فقط ، اذ اجلانب الأمني يف االردن -على �سبيل املثال -قد �أدى واجبه جتاه ذلك من خالل �أجهزته الأمنية املخت�صة ،التي ا�ستطاعت برت �سواعد االرهاب قبل ظهورها .وفتحت الباب م�شرع ًا مل�ؤ�س�سات املجتمع املدين :هيئات ونقابات ومنتديات و�أحزاب ًا من التغلغل داخل املجتمع بكل فئاته ،للبحث حول تلك الظاهرة �أ�سباب ًا ونتائج ،ا�ستكما ًال ل��دور االجهزة الأمنية ،التي حتظى بدعم االردنيني جميع ًا ،حتى يبقى االردن على الدوام واحة �أمن وا�ستقرار باذن اهلل.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
69
مقاالت الوسطية
حمارب��ة الف�س��اد يف الإ�س�لام د.عبد احلميد �صالح القطيطات
ق��ال تعالىَ }:ظ� َه� َر ا ْلف ََ�سا ُد فيِ ا ْل�َب�رَ ِّ َوا ْل� َب� ْ�ح��رِ بمِ َ ا ينحرف عن املمار�سات امل�شروعة والواجبات الر�سمية، َك َ�س َب ْت �أَ ْي� ِ�دي الن ِ َّا�س ِل ُي ِذي َق ُه ْم َب ْع َ�ض ا َّل� ِ�ذي َع ِم ُلوا َل َع َّل ُه ْم بق�صد حتقيق مكا�سب خا�صة”. ون{(الروم .)41 َي ْرجِ ُع َ لقد فطر الإن���س��ان على ح��ب امل��ال فقال اهلل تعالى: .1مقدمة: �ون المْ َ��الَ ُح ًّبا َج ًّما{(الفجر ،)20وهو زينة كما قال } َوتحُ ِ � ُّب� َ �سبحانه} :املال والبنون زينة احلياة الدنيا { ،وقدمه على الف�ساد مر�ض الع�صر الفتاك وهو ظاهرة عاملية �أزلية ،البنني ،ويعد املال من الإعتبارات اخلم�س يف الإ�سالم التي ً يتفاوت حجمها و�إنت�شارها يف الدول ،تبعا لطبيعة النظام يجب الدفاع عنها واملحافظة عليها وهي النف�س ،الدين، االجتماعي والقيمي وال�سيا�سي واالقت�صادي ال�سائد يف كل الفقر ،الن�سل ،املال. جمتمع ،لكن علينا الإعرتاف وبكل �أ�سف �أن غالبية دولنا العربية والإ�سالمية حتتل مراتب متقدمة بني الدول الأكرث واملق�صود ب��امل��ال هنا امل��ال احل�لال املتح�صل بطرق ف�ساد ًا يف العامل. م�شروعة ولي�س مال الف�ساد لأنه فتنة} َو ْاع َل ُموا �أَ مَّنَا �أَ ْم َوا ُل ُك ْم الف�ساد �أ�شكاله متنوعة وطرقه عديدة ويعد الف�ساد َو�أَ ْو اَل ُد ُك ْم ِف ْت َن ٌة َو�أَ َّن اللهَّ َ ِعن َْد ُه �أَ ْج ٌر َع ِظي ٌم {(الأنفال ،)28كما قال جل وعال َ } :وا ْب َت ِغ ِفي َما �آت َ َاك اللهَّ ُ ال َّدا َر ْال ِآخ َر َة َو اَل َتن َْ�س املايل والإداري الأكرث طغيان ًا بني هذه الأ�شكال ،حيث يتغلغل ُ للهَّ َ العام ن َِ�صي َب َك ِم َن ال ُّد ْن َيا َو�أَ ْح ِ�س ْن َك َما �أ ْح َ�س َن ا �إِ َل ْي َك َو اَل َت ْب ِغ يف مفا�صل الدولة وم�ؤ�س�ساتهاٍ ، بتعد �سافرٍ على املال واملوارد ،عرب �إ�ستثمار الوظيفة وا�ستقالل النفوذ والر�شوة ا ْلف ََ�سا َد فيِ ْ أ الَ ْر ِ�ض ِ�إ َّن اللهَّ َ اَل ُي ِح ُّب المْ ُف ِْ�سدين{(الق�ص�ص.)77 والوا�سطة واملح�سوبية ،غري �آبه بالقيم والأعراف والقوانني، جاء الإ�سالم هادي ًا للب�شرية ،منظم ًا لعالقات الب�شر خملف ًا جمتمعات تعاين من الفقر واجلوع والتمزق والإقتتال ومعامالتهم ،يف �إطار عبادة اهلل وحده ،واتباع �سنة نبيه والت�شرد واللجوء والت�سول. الكرمي طمع ًا بالفوز بر�ضاه واجل�ن��ة ،وب��دا وا�ضح ًا من والف�ساد نف�سه هو نقي�ض ال�صالح ويف املنظور الإ�سالمي غري لب�س حر�ص ال�شريعة الإ�سالمية على حت�صني الأمة “يكون الف�ساد عندما يحب الإن�سان من املال هدف ًا له ،دون وحمايتها م��ن ��ش��رور الف�ساد وتبعاته ،م��ن خ�لال تكرار مراعاة �أحكام ال�شريعة (ر�شاد ح�سن خليل-الف�ساد يف الإ�شارة للف�ساد واملف�سدين يف �أكرث من خم�سني مو�ضع ًا يف القر�آن الكرمي �إ�ضاف ًة �إلى ما ورد يف ال�سنة النبوية الطاهرة، الن�شاط االقت�صادي). و�آثار ال�صحابة والأئمة والعلماء ر�ضوان اهلل عليهم جميع ًا، �أكادميي ًا عرف الف�ساد “ �أنه كل عمل �أو �إمتناع عن عمل فالإ�سالم دين ال�صالح والأمر باملعروف. � 70إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
� .2أدوات حماربة الف�ساد يف الإ�سالم: �أ .منظومة القيم ال�سامية النبيلة التي غر�سها الإ�سالم يف النف�س الب�شرية مثل: ( )1العدل وامل�ساواة :قال تعالى } َو�إِذَ ا َح َك ْمت ُْم َبينْ َ َّا�س �أَ ْن تحَ ْ ُك ُموا بِا ْل َع ْدلِ { (الن�ساء )58والعدل �أ�سا�س الن ِ امللك. َّا�س �إِنَّا خَ َل ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَ َكرٍ وقال جل وعال } َيا �أَ ُّي َها الن ُ َو�أُ ْن َثى َو َج َع ْلنَا ُك ْم �شُ ُعو ًبا َو َق َبا ِئ َل ِل َت َعا َرفُوا �إِ َّن َ�أ ْك َر َم ُك ْم ِعن َْد ري { (احلجرات.)٣1 اللهَّ ِ �أَ ْتقَا ُك ْم �إِ َّن اللهَّ َ َع ِلي ٌم خَ ِب ٌ ين � َآمنُوا اَل تَخُ ونُوا ( )2الأمانة :قال تعالىَ } :يا �أَ ُّي َها ال َِّذ َ ون{ (الأنفال اللهَّ َ َوال َّر ُ�سولَ َوتَخُ ونُوا �أَ َمانَا ِت ُك ْم َو�أَ ْنت ُْم َت ْع َل ُم َ الَ َمان ِ َات ،)27وقال �سبحانه “�إِ َّن اللهَّ َ َي�أْ ُم ُر ُك ْم �أَ ْن ُت�ؤَ ُّدوا ْ أ �إِ َلى �أَ ْه ِل َها” الن�ساء( )58وقال عليه ال�سالم ما معناه �أن �صفات املنافق :الكذب ،خلف املوعد ،خيانة الأمانة.
ب .الرقابة :وهي بثالث حاالت: ( )1رق��اب��ة ذات�ي��ة ورق��اب��ة ال�ف��رد على نف�سه والأه��ل خمافة اهلل ال��ذي يراقب حركاته و�سكناته يف كل زمان ال�س َما َو ِ الَ ْر��ِ�ض ات َوفيِ ْ أ ومكان قال تعالىَ }:و ُه� َو اللهَّ ُ فيِ َّ ون{ (الأنعام .)3 َي ْع َل ُم ِ�س َّر ُك ْم َو َج ْه َر ُك ْم َو َي ْع َل ُم َما َتك ِْ�س ُب َ راع ( )2رقابة ويل الأمر/احلاكم/امل�س�ؤول “كلكم ٍ وكلكم م�س�ؤول عن رعيته"وقال �صلى اهلل عليه و�سلم"ما من عبد ي�سرتعيه اهلل رعية ،وميوت يوم ميوت وهو غا�ش لرعية� ،إال ح��رم اهلل عليه اجلنة” والغ�ش هنا الإهمال والتهاون يف �أداء واجبه.
( )3رق��اب��ة الأج��ه��زة املتخ�ص�صة وق��د ظ �ه��رت يف عهد اخللفاء الرا�شدين عندما تو�سعت ون�شطت الدولة الإ�سالمية وازدهرت التجارة واملوارد وبيت مال امل�سلمني وتعددت �أوجه ال�صرف والإنفاق ،وكذلك النظر يف �أعمال الدواوين ،وتعدي الوالة على الرعية ورد الغ�صوب "وهو ما كان ي�ؤخذ من �أموال النا�س للدولة غ�صب ًا" ومن هذه ( )3التعاون والتكافل وحب اخلري :قال تعالى يف �سورة الأجهزة ديوان وايل املظامل وديوان احل�سبة ،حيث كانت املائدة �آية }2و َتعاونُوا ع َلى ا ْلبرِ وال َّت ْقوى و اَل َتعاونُوا ع َلى تناط واجبات املظامل واحل�سبة �إلى والى �أو من ينيبه من َ َ َ َ ِّ َ َ َ َ َ َ ذوي العلم والكفاءة والنفوذ والتقى �أو الق�ضاة املعروفني. ال ْث� ِ�م َوا ْل� ُع� ْ�د َوانِ { ،وقال عليه ال�سالم “�أنا وكافل اليتيم يف ْ إِ ج .العقوبات: اجلنة” وقال �صلى اهلل عليه و�سلم"ال ي�ؤمن �أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنف�سه" لذلك اعتربت الزكاة ركن ون ين ُي َحا ِر ُب َ ( )1الق�صا�ص واحلدود }�إِ مَّنَا َج َزا ُء ال َِّذ َ َ الَ ْر ِ�ض ف ََ�سا ًدا �أَ ْن ُي َق َّت ُلوا �أَ ْو ُي َ�ص َّل ُبوا مهم يف الإ�سالم ،وحثنا على ال�صدقات والإنفاق يف �سبيل اللهَّ َو َر ُ�سو َل ُه َو َي ْ�س َع ْو َن فيِ ْ أ َ َ ال ْر ِ�ض �أَ ْو ُتق ََّط َع �أَ ْي ِديهِ ْم َو َ�أ ْر ُج ُل ُه ْم ِم ْن ِخلاَ ٍف �أ ْو ُي ْن َف ْوا ِم َن ْ أ اهلل وم�ساعدة املحتاج ملا لها من �أجر عظيم. ِ ِ ِ ِ ْ َ َ َ ذَ ذَ فيِ فيِ ْ اب َع ِظي ٌم{ ع ة ر آخ ال م ه ل و ا ي ن د ال ي ز خ م ه ل ك ل ُْ ْ ٌ َ َ ٌ ُّ َ َ ُ ْ ( )4الأم��ر باملعروف والنهي عن املنكر :ق��ال تعالى (املائدة )٣٣ ون ِبالمْ َ ْع ُر ِ وف ون �إِ َلى الخْ َ يرْ ِ َو َي�أْ ُم ُر َ } َو ْل َت ُك ْن ِم ْن ُك ْم �أُ َّم ٌة َي ْد ُع َ ِقُ ال�سا ِر َق ُة فَاق َْط ُعوا �أَ ْي ِد َي ُه َما و ر ا ال�س و } تعالى: وقال َ َ َّ َّ ون{ (�آل َو َي ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُ ْن َكرِ َو�أُول ِئ َك ُه ُم المْ ُ ْف ِل ُح َ عمران َ )104ج َزا ًء بمِ َ ا َك َ�س َبا َن َك اًال ِم َن اللهَّ ِ َواللهَّ ُ َعزِ ي ٌز َح ِكي ٌم{ ون وق��ال تعالىُ } :ك ْنت ُْم خَ �ْي�رْ َ ُ �أ َّم � ٍة �أُخْ ��رِ َج� ْ�ت ِللن ِ َّا�س َت��أْ ُم� ُر َ (املائدة )37 ِبالمْ َ ْع ُر ِ ُون بِاللهَّ {(�آل عمران.)110 وف َو َت ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُ ْن َكرِ َو ُت�ؤ ِْمن َ ال ْل َب ِ اب ا�ص َح َيا ٌة َيا �أُوليِ َْ أ وقال تعالىَ } :و َل ُك ْم فيِ ال ِْق َ�ص ِ ُون{ (البقرة .)١٧٩ وقال �صلى اهلل عليه و�سلم “من ر�أى منكم منكراًَ ،ل َع َّل ُك ْم َت َّتق َ فليغريه ب��ي��ده ،ف����إن مل ي�ستطع فبقلبه وذل���ك �أ�ضعف ال ْل � َب� ِ �اب َل َع َّل ُك ْم ا�ص َح َيا ٌة َيا �أُوليِ َ ْ أ } َو َل� ُك� ْ�م فيِ ال ِْق َ�ص ِ الإميان”. ُون{(البقرة .)١٧٩ َت َّتق َ ( )5حماربة الكبائر والفواح�ش واملوبقات :قال تعالى ( )2عقوبة التعزير :وه��ي عقوبة ت�أديبية لذنوب مل يف �سورة الإ�سراء الآي��ات } 35 ،34 ،33 ،32وال تقربوا ي�شرع لها حدود فتعود لتقدير ويل الأمر �أو القا�ضي ،وقد ت�صل حد القتل �أو اجللد �أو احلب�س �أو النفي �أو الغرامة �أو ال��زن��ا{ }وال تقتلوا النف�س التي ح��رم اهلل �إال باحلق{ الزجر �أو التنبيه ،وقد ورد عن ابن تيمية رحمه اهلل وقد }وال تقربوا مال اليتيم{ }و�أوف��وا الكيل �إذا كلتم وزنوا ي�ستدل على �أن املف�سد �إن مل ينقطع �شره �إال بقتله ف�إنه يقتل» بالق�سطا�س امل�ستقيم{ وق��ال �سبحانه وتعالى يف �سورة وبعد ،هذه بع�ض من �ضوابط ال�شريعة و�أحكامها جتاه ال�ص َدق ِ البقرة الآي��ة } 276 يمَ ْ َحقُ اللهَّ ُ ِّ الر َبا َو ُي ْربِي َّ َات الف�ساد واملف�سدين �أوردتها بقدر ما يت�سع املقام واهلل ويل َواللهَّ ُ َال ُي ِح ُّب ُك َّل ُكفَّا ٍر �أَ ِث ٍيم{ �صدق اهلل العظيم. التوفيق. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
71
مقاالت الوسطية
قوة الأمة يف وحدتها د .حممد خري العي�سى
احلمد هلل رب العاملني واف�ضل ال�صالة و�أف�ضل الت�سلبم على �سيدنا حممد وعلى �آله و�صحبه �أجمعني وبعد ف�إن اهلل تعالى يقول يف و�صف كتابه }و�أنه لكتاب عزيز ال ي�أتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه تنزيل من حكيم حميد{ ويقول �أي�ض ًا } بل هو ق��ر�آن جميد يف لوح حمفوظ{ ويقول تعالى }ان��ا نحن نزلنا الذكر وانا له حلافظون{ �صدق اهلل العظيم ،ويقول �صلى اهلل عليه و�سلم (:عليكم ب�سنتي و�سنة اخللفاء الرا�شدين من بعدي ع�ضوا عليها بالنواذج) . ملا تقدم من هذه الن�صو�ص وغريها الكثري يف كتاب اهلل و�سنة نبيه عليه ال�سالم ات�ساءل اليوم ما هو املخرج من هذه احلالة التي متر بها الأمة ونحن نرى ون�شهد هذه االحداث التي تع�صف بها ع�صف ًا �شديد ًا باتت معها الأمة تعي�ش حالة من احل�يرة والتيه لأنها مل ترتكز يف فكرها ومل تنطلق يف التعامل مع هذه الأح��داث من ثوابتها التي ار�ساها القر�آن وبينتها ال�سنة املطهرة وثبتت قواعدها فانخدعت يف التعامل مع اعدائها و�صدقت دعواهم حتت وط�أت القوة وجربوت ال�سالح ورمبا علمت بخديعة اعدائها ولكنها طاملا حاولت �أن تقنع نف�سها بتلك اخلديعة مراعاة مل�صحلة �أو حتقيق ًا ملكا�سب فردية هنا وهناك وابتلعت الأمة طعوم ًا كثرية حملت الكثريين على ت�صدق ارتباط الإ�سالم باالرهاب وان القتلة دعاة �سالم وان ال�ضحية هي اجلالد الن القوة التي تتجرد من القيم واالخ�لاق تنعك�س لديها املوازين وينقلب فيها احلق باط ًال وردد بع�ض من ينتمون � 72إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
�إلى الإ�سالم هذه املقوالت لعلهم يح�صلون على م�صلحة �أو �شهرة �أو مكان و�أدت تداعيات الأو�ضاع �إلى فرقة الأمة ومتزقها و�شرذمتها حتى �أنها مل تعد قادرة على رد عدوان �أو ردع ظامل �أو حتى الدفاع عن ابناء جلدتها وهم يقَّتلون ويذَّ بحون على م�شهد من العامل وم�سمع يف فل�سطني و�سوريا والعراق واليمن وغرها من ال��دول .و�صارت الأم��ة تطلب م��ن خ�صمها �أن ين�صفها وم��ن ع��دوه��ا ان يحكم بينها وبني عدوها ون�سيت الأمة توجيهات ربها وقر�آنه وهو يقول }وتعاونوا على الرب والتقوى وال تعاونوا على الإثم والعدوان{ املائده ( )2ويقول } واعت�صموا بحبل اهلل جميع ًا وال تفرقوا واذكروا نعمة اهلل عليكم �إذ كنتم �أعدا ًء ف�ألف بني قلوبكم ف�أ�صبحتم بنعمته �إخوانــا { �آل عمران (.)103 ويقول تعالى� } :إن هذه �أمتكم �أمة واح��دة و�أن��ا ربكم فاعبدون{ الأنبياء ( )92ما يفر�ض على �أبناء االمة امل�سلمة الوحدة بالإ�سالم الذي ننتمي �إليه ندين هلل تعالى بعقيدة واحدة ديننا واحد ومعبودنا واحد هو اهلل تعالى .فالإ�سالم هو حبل اهلل املتني واحل��ق املبني ال��ذي يجمع �أبناء الأمة فمن وق��ف عند ح��دوده جن��ا وم��ن حتلى ب ��آداب��ه �سعد يف الدنيا والآخ ��رة ،وم��ن مت�سك به ه��دي �إل��ى �صراط اهلل امل�ستقيم وقد �أوجب اهلل تعالى على �أبناء الأمة االعت�صام بحبل اهلل يف �أخ � َّوة ا�سا�سها اال�سالم فاهلل تعالى يقول : }واذكروا نعمة اهلل عليكم �إذ كنتم �أعداء ف�ألف بني قلوبكم فا�صبحتم بنعمته اخوانا { �آل عمران ( )103تلك الأخوة التي مينت اهلل بها على هذه الأمة لأنهم �أحبا�ؤه فما كان �أعدى من االو�س واخلزرج يف يرثب وقد كان بجوارهم من يوقد
نار الفتنة من اليهود وينفخ يف �أع��داء الأمة حلربها على امتداد تاريخها املجيد فالف اهلل بني قلوب احليني من العرب بالإ�سالم ،وما كان �إال الإ�سالم وحده يجمع هذه القلوب املتنافرة في�صبحون بنعمة اهلل �إخوانا وال ميكن �أن يجمع هذه القلوب اال اخ َوة يف اهلل ت�صغر �إلى جانبها الأحقاد التاريخية والثارات القبلية والنعرات الإقليمية والأطماع ال�شخ�صية والرايات العن�صرية فيجتمع ال�صف حت��ت ل ��واء اهلل ال�ك�ب�ير امل�ت�ع��ال وي��رت�ق��ي اب �ن��اء املجتمع اال�سالمي ال��ى م�ستوى احل�س ال��ذي ي�ق��رره النبي عليه ال�صالة وال�سالم يف قوله( :م��ث��ل امل���ؤم��ن�ين يف ت��واده��م وتراحمهم وتعاطفهم كمثل اجل�سد الواحد اذا ا�شتكى منه ع�ضو ت��داع��ى ل��ه �سائر اجل�سد بال�سهر واحل��م��ى) فالآم امل�سلمني يف كل مكان �آالمنا وجراحاتهم جراحاتنا و�آن��ات�ه��م توجعنا ون�صرتهم واج�ب��ة علينا لكنها التكون بالتخريب واالعتداء على م�صالح العباد العامة واخلا�صة ملا يف ذلك من ا�ضعاف للأمة وجتيري للم�شاعر لتن�صرف الى غري حملها ،فبوحدة القلوب وت�آلف النفو�س والتعاون على اخلري وتتحقق الأهداف ذلك �أن االحتاد والتعاون بني �أبناء الأمة على م�ستوى الأفراد وعلى م�ستوى الدول �أ�سا�س كل خري و�سعادة وعماد كل تقدم ورقي فالتعاون على ما ينفع الأمة والت�ضامن والتكاتف على ما يفيدها من الأعمال و�شعور كل فرد بانه ع�ضو من ج�سم �أمته وعليه واجب ي�ؤديه ولـه وظيفة يقوم بها خلري الأمة ب�أمانة و�إخال�ص هو حجر الأ�سا�س يف بناء قوة الأمة وعزتها . و�إذا كان االحتاد بني �أبناء الأمة واجب والتعاون على اخل�ير ��ض��رورة يف كل زم��ان فهما يف ه��ذا الزمن �أوج��ب واكرث �ضرورة ونحن نرى تكالب الأمم علينا م�صداق ًا ملا اخربنا به �صلى اهلل عليه و�سلم يف قوله الكرمي ( يو�شك ان تتداعى عليكم الأم��م كما تتداعى االكلة الى ق�صعة الرثيد .قالوا � :أومن قلة نحن يومئذ يا ر�سول اهلل .قال :ال انتم يومئذ كثري ولكن غثاء كغثاء ال�سيل ). ف�إذا كانت الأمة م�ستهدفة من �أعدائها الذين يكيدون لها املكائد ويخططون للنيل منها ومن �أبنائها ف�إن واجب الأمة واحلالة هذه �أن ت�سعى بكل طاقاتها و�إمكاناتها �إلى توحيد ال�صفوف حكام ًا وحمكومني مدنيني وع�سكريني وان ال ننجر حتت وط�أت العاطفة �إلى الت�صادم مع احلكام فهم منا ونحن منهم وقوتهم تكمن يف �شعوبهم وحلمتهم معها وغاية مطلب العدو الذي يرتب�ص بنا �أن تزيد الهوة بني احلاكم واملحكوم حتى تت�سنى له الفر�صة للإنق�ضا�ض على اجلميع فوحدة ال�صف مطلب ملح للوقوف يف وجه هذه الهجمة ال�شر�سة التي توجه �ضد امتنا يف م�شارق الأر�ض
ومغاربها وعلى الأمة ان تدرك ان التفرق وال�شقاق والتنازع واالختالف جرمية كربى يف حق الأمة كما هو حالها اليوم ولذلك فقد نهى اهلل تعالى يف كتابه الكرمي عن التنازع واالختالف وحذر من عواقبه فقال عز وجـل} :و�أطيعوا اهلل ور�سوله وال تنازعوا فتف�شلوا وتذهب ريحكم وا�صربوا �إن اهلل مع ال�صابرين { الأنفال ( )46فاالختالف والتنازع نذير بخطر عظيم و�أمل مقيم وما تفرقت �أمة واختلفت كلمتها وتنازعت يف �أمرها �إال �إ�ضمحل �سلطانها و�ضعفت قوتها وتبدل عزُها ذ ًال ورفعتها انحطاط ًا وما اجتمعت قلوب �أمة على التعاون واالحتاد �إال ظهر �سلطانها وقويت �شوكتها وبلغت منتهى املجد وال�شرف ونالت ما ت�صبوا �إليه من رغد العي�ش وارفع الدرجات . رب وعظات فماذا كان حال امتنا قبل وان يف التاريخ لع ٌ الإ�سالم يف جاهليتها عندما كانت قبائل متفرقة متناحرة تتقاتل على �سقية ال�شاة والبعري يف ذلك الزمن مل يكن يح�سب لها ح�ساب بني الأمم الن الأمة كانت يف حالة تفرق دائم وعداء م�ستحكم وهمجية ممقوتة يعتدي بع�ضهم على بع�ض ويبط�ش القوي بال�ضعيف ال دين مينعهم وال قانون يردعهم حتى جاء الإ�سالم و�سطع بنوره على تلك القلوب .ف�ألف بينها على دين اهلل وعلى عهده وميثاقه ثم بد�أت الفُرقة من جديد بني ابناء االم��ة ف�آلت ال��ى ما تعلمون وت�شاهدون فمزقت الأو��ص��ال ف�أ�صبحت الأم��ة متدابرة مت�شاحنة مع �أن عوامل الوحدة التي تتوفر لهذه الأمة ال ميكن �أن تتوفر لأم��ة غريها من وح��دة العقيدة التي هي ا�صل وح��دة امل�سلمني ال��ى وح��دة العبادة فالقبلة واح��دة وال�صالة واح��دة واحل��ج واح��د وال�صوم واح��د الى وحدة ال�سلوك يف العادات والتقاليد ف�أ�سوتهم ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم ال��ى وح��دة التاريخ ووح��دة اللغة ووح��دة امل�شاعر والت�صورات والأفكار كل هذه العوامل قادرة على جمع كلمة الأمة ووحدة �صفها وعلى جميع �أبناء الأمة �أفراد ًا وجماعات ودول �أن يذللوا كل العقبات التي تعرت�ض طرق وحدة الأمة لبناء قوتها التي ت�ؤهلها لل�شهادة على الب�شرية ذلك �أن الإ�سالم يوجه القوة الى اخلري والعدل وي�صنعها قوة را�شدة ال عدوان فيها وال طغيان وهذا واحد من معاين الو�سطية التي �أراده��ا اهلل بقوله }وكذلك جعلناكم �أمة و�سطا لتكونوا �شهداء على النا�س ويكون الر�سول عليكم �شهيدا{ وال�ضعيف بال�ضرورة غري ق��ادر على ال�شهاد املطلوبة �إذ القوة �شرط فيها والزم من لوازمها.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
73
مقاالت الوسطية
الطائفيـــّة فتنة احلا�ضر وامل�ستقبل د .جلني الدوري
تت�صاعد �أل�سنة دخ��ان الفتنة الطائفية يف عاملنا الإ��س�لام��ي وت��وظ��ف توظيف ًا خبيث ًا من �أعدائنا يف �إعادتنا ال��ى ال��وراء ق��رون� ًا ،بحيث بِتنا نقتل بع�ض ًا ب�أيدي بع�ض وب�أموالنا ورجالنا، وع��دون��ا م�ستمتع ب��ر�ؤي��ة �أك�بر انت�صاراته على الأمة دون �أن يخو�ض �أ َية حروب ،و�إذا كان ثمة �أ�سباب لهذه الفتنة فالأ�سباب حا�ضرة يف كل زمان فاملوروثات التاريخية وغياب ثقافة التوافق والتخلف االجتماعي والأم��را���ض الناجتة عن غياب املنظومة الأخالقية واالرتهان للأجنبي �سعي ًا وراء امل�صالح ال�ضيقة و�إغ �ف��ال مفهوم الأمة الواحدة } َو ِ�إ َّن َه ِذ ِه �أُ َّم ُت ُك ْم �أُ َّم ًة َو ِاح َد ًة َو�أَنَا َر ُّب ُك ْم فَا َّتقُونِ { وبروز ال ُهويات العرقية والدينية واملذهبية على ح�ساب ال ُهويات الوطنية املتعار�ضة مع مفهوم الأمة وال�شعور بالتهمي�ش والظلم كل هذه وغريها �صواعق تفجري ا�ستخدمها �أ�صحاب نظرية �صراع احل�ضارات خلو�ض حرب عاملية ثالثة وقودها دما�ؤنا وحطامها جماجم �أبنائنا ومدننا وح�ضارتنا ،لقد فقد العراق وحده �أكرث من مليون من رجاله ون�سائه وفقد خم�سة ماليني طفل عدا املت�شردين واملقتولني يف �سوريا واليمن وغريها.
مبيثاق �إ�سالمي جامع يعزز مفهوم الوحدة فوق الفرقة �أو املذهب و�أن مييزوا ال�صفوف من �إتباع الأخن�س بن �شريق الثقفي الذي �أظهر الإ�سالم و�أبطن الكفر وخرج من عند ر�سول اهلل فحرق ِ زرع امل�سلمني وعقر ا ُ فيه}م َن حل ُمر ف�أنزل اهلل َّا�س َمن ُي ْعجِ ُب َك َق ْو ُل ُه فيِ الحْ َ َيا ِة ال ُّد ْن َيا َو ُي�شْ هِ ُد الن ِ اللهّ َ َع َلى َما فيِ َق ْل ِب ِه َو ُه َو �أَ َل ُّد الخْ ِ َ�ص ِام{.
وهنا ف ��إن املنتدى العاملي للو�سطية يدرك خطورة توظيف ال�صراع املذهبي لتفتيت الأمة واال�ستيالء على مقدراتها وم�صادرة قرارها ورهن �إرادتها ل�صالح امل�ستعمر الذي مل يخرج �أب���د ًا م��ن عوا�صمنا ب��ل �أخ �ف��ى خمالبه خلف قفازات ناعمة وخلف وجوه جميلة مبت�سمة من �أبناء جلدتنا ويتكلمون ب�أل�سنتنا بحيث �أ�ضحى ه ��ؤالء على �أب��واب جهنم يحرقون �آم��ال الأم��ة و�أحالمها ويدخلوننا يف التيه ع�ق��ود ًا وعقود ًا ليطفئوا نور اهلل ويحاربوا دعاته ويعيقوا تقدم �أمتنا مب�شروعها احل�ضاري الذي عليه الأمل يف انقاذ الب�شرية من �شقوتها ودفعها نحو ال�سعادة واحلرية والبناء. �إن على عقالء الأم��ة والقلب ينزف والعني َ } َق ْد َجا َء ُكم َب َ�صا ِئ ُر ِمن َّر ِّب ُك ْم َف َم ْن �أ ْب َ�ص َر تدمع واحل��زن مي�ل�أ النفو�س �أن يهبوا ملعاجلة �أ��س�ب��اب ه��ذه الفتنة وان يتقدموا ال�صفوف فَلِنَفْ�سِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا �أَنَا عَلَيْكُم ب َِح ِف ٍ يظ{
� 74إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
75
نشاطات الوسطية
امل�ؤمتر الدويل الرابع
“الوقف على البحث العلمي و�أثره يف ال�شهود احل�ضاري»
اقام املنتدى العاملي للو�سطية وبالتعاون مع كلية ال�شريعة والتطوعي ب�شكل عام والوقفي ب�شكل خا�ص للإفادة منه يف جامعة �آل البيت امل�ؤمتر العلمي الدويل الرابع «الوقف يف تطوير الأوقاف الإ�سالمية وا�ستثمارها يف جمال البحث على البحث العلمي و�أثره يف ال�شهود احل�ضاري» وذلك يوم العلمي. االربعاء املوافق 2016/3/2والذي يهدف الى حتقيق عدد تطوير الدرا�سات الفقهية املتعلقة بالوقف الإ�سالمي. من الأهداف: وناق�ش امل�ؤمتر عدد من املحاور الرئي�سية: التعريف ب�أهمية البحث العلمي ودوره يف تعزيز ا�ستقالل الأمة الإ�سالمية بتحقيق االكتفاء الذاتي لها والعمل على الت�أ�صيل ال�شرعي للوقف على البحث العلمي رفاهية �شعوبها. البحث العلمي �ضرورته و�أهميته يف النه�ضة وال�شهود حتديد موقف الفقه الإ�سالمي من الوقف على البحث احل�ضاري العلمي. التجربة الإن�سانية يف الوقف على البحث العلمي بيان حكم الفقه الإ�سالمي من ا�ستثمار �أموال الوقف يف �أثر الوقف يف تقدم البحث العلمي وتطويره البحث العلمي وحتديد �ضوابطه. ت�سليط ال�ضوء على جتارب الآخرين يف العمل اخلريي
� 76إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ا�ستثمار �أموال الوقف يف البحث العلمي �أ�س�سه و�ضوابطه
نشاطات الوسطية
ن�شاطات جلنة املر�أة:
�أهم ن�شاطات قطاع املر�أة يف منتدى الو�سطية للفكر والثقافة (عام 2015م) عقدت �صديقات املنتدى ل�ق��ا ًء دوري��ا تنظمه جلنة امل��ر�أةيف منتدى الو�سطية بعنوان «امل ��ر�أة ط��اق��ة ،ع�ط��اء ،وواق��ع» ب �ت��اري��خ 2015/4/حر�صا على تفعيل ال�ط��اق��ات الثقافية واالجتماعية يف املجتمع. قام وفد من �سيدات جلنة امل��ر�أة يف منتدى الو�سطية للفكروالثقافة بزيارة �إلى حمافظة مادبا بتاريخ 2015/4/6وعمل لقاء جلنة املر�أة الثقايف بعنوان «املر�أة بني مكانتها بالإ�سالم والواقع» ،وذلك يوم الإثنني .2015/4/6 نظمت جلنة امل��ر�أة رحلة �إل��ى ن��ادي الفرو�سية/جلعاد ،يومال�سبت 2015/5/9وك��ان ال�ه��دف منها ترفيهي وجتديد عالقات التوا�صل بني جلنة املر�أة. نظم قطاع امل��ر�أة يف منتدى الو�سطية وبالتعاون مع املجل�سالوطني ل�ش�ؤون الأ�سرة ندوة علمية بعنوان “دور الت�شريعات يف احلد من م�شاكل العنف والتفكك الأ�سري» وذلك يوم ال�سبت ،2015/5/23والتي ا�ست�ضافت نخبة من املفكرين والأ�ساتذة يف املجال النف�سي والرتبوي والقانوين ملناق�شة عدة حماور رئي�سة تتعلق بالأ�سرة وحتدياتها. يعقد املركز القر�آين يف املنتدى �أكرث من دورة �سنوية ومنها: (دورة حتفيظ للنا�شئني ،دورة تالوة للم�ستوى الأولوالثاين) وغر�سه يف النفو�س ليكون منهج ًا ومنار ًا ي�ضيء طريق الأمة آن � القر لتعميق بحيث ت�ستهدف الطالب والطالبات وال�سيدات وكان ذلك ب�إ�شراف املركز القر�آين يف منتدى الو�سطية والتي الكرمي يف قلوب الطالب وال�سيدات واتقان تالوته. ب��د�أت من تاريخ 2015/6/30-2015/6/27وانتهت بعمل حفل تكرميي للفائزين بهذه امل�سابقة وتوزيع اجلوائز عليهم، تقدمي خدمات اال�ست�شارات الأ�سرية على مدار العام.�أقيم احلفل بتاريخ .2015/7/13 تنظيم در�س ديني ثقايف اجتماعي �أ�سبوعي كل �أربعاء وذلكبهدف توعية امل��ر�أة امل�سلمة ب�أحكام دينها و�أهمية التم�سك -مت اق�تراح عمل م�ؤمتر للمر�أة يف ع��ام 2016بالتعاون مع بهذه الأحكام يف بناء نفو�س مطمئنة و�أ�سر م�ستقرة و�أمة م�ؤ�س�سة النه�ضة العربية للدميقراطية والتنمية وذلك بتاريخ 2015/8/17وال يزال العمل جاري التنفيذ. متقدمة. �إطالق م�سابقة حفظ القر�آن الرم�ضانية ال�سنوية بالتعاون مع -تنظيم ندوة دوري��ة للجنة امل��ر�أة يف منتدى الو�سطية بعنوانوزارة الرتبية حيث �شارك بها مدار�س من جميع حمافظات « امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف اخلطاب الإ�سالمي» بتاريخ اململكة بتاريخ 2015/2/7حيث �شارك فيها كال اجلن�سني من ،2015/12/16وذلك من �أجل احلوار يف مو�ضوع امل�شاركة جميع الفئات العمرية بهدف �إجالل وتعظيم كتاب اهلل تعالى ال�سيا�سية للمر�أة وبهدف متابعة ق�ضايا املجتمع ومواكبة جديد املر�أة. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
77
نشاطات الوسطية
العامل وحتدي االرهاب
ندوة عقدها املنتدى العاملي للو�سطية بالتعاون مع ديوان الوقف ال�سني العراقي
عقد املنتدى العاملي للو�سطية بالتعاون مع ديوان الوقف ال�سني العراقي يوم ال�سبت املوافق 2015/12/19الندوة الدولية ” العامل وحتدي االرهاب ” .وافتتح الندوة املهند�س مروان الفاعوري �أمني عام املنتدى بكلمة بينَ فيها �أن العقل �إن مل ُيقيد بالقيم الدينية واملعاين اخللقية ،ف�سينتج و�سائل التدمري ،والتد ُّين املنقو�ص ا َمل ُ�شوب باجلهل واالنفعال الطائ�ش؛ �سيحقق نقي�ض املقا�صد الدينية؛ قال تعالى ” :قل هل ننبئكم بالأخ�سرين �أعماال الذين �ضل �سعيهم يف احلياة الدنيا وهم يح�سبون �أنهم يح�سنون �صنعا” .و�أ�ضاف �أن الإرهاب �سلوك تغذيه نزعة م�ضطربة يف داخل الإن�سان، وهي نزعة موجودة يف داخل كل منا التعالج �إال بالإميان ال�صحيح الذي يحقق اال�ستقرار النف�سي“ ،الذين �آمنوا ومل يلب�سوا �إميانهم بظلم �أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” .وقال �أن الإرهاب بهذا املعنى الدين له والوطن له؛ ف�أي حماولة لربطه باال�سالم فرية كاذبة وافرتاء ظامل! بل الإ�سالم هو الدين الذي طهر النفو�س من الغل واحل�سد وال�شر؛ ونقل الإن�سانية من احل��روب القبيلية والدينية والعدوانية �إلى ال�سلم واال�ستقرار واحلب والأخ��وة الإن�سانية“ .واذكروا نعمة اهلل عليكم �إذ كنتم �أعداء ف�ألف بني قلوبكم ف�أ�صبحتم � 78إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
بنعمته �إخوانا وكنتم على �شفا حفرة من النار ف�أنقذكم منها ”..وتر�أ�س اجلل�سة الأولى الوزير الأ�سبق الدكتور نبيل ال�شريف والذي قدم رئي�س الوزراء الأ�سبق طاهر امل�صري. وجاءت ورقة امل�صري بعنوان “توظيف الإره��اب لتحقيق امل�صالح االقليمية والدولية للدول ذات املطامع ” حيث بني �أن هناك العديد من املنظمات اال�سالمية املتطرفة التي تت�سابق لت�شويه �صورة الإ�سالم وبالتعاون مع �أ�صحاب امل�صلحة الرئي�سني والراغبني بت�شويه �إ�سالمنا ،و�أكد �أنه البد من التكاتف والوقوف ك�سد منيع ملواجهة هذه الأفكار ال�سامة والتي تهاجم ديننا الإ�سالمي الذي منذ مر التاريخ وهو يدعو الى الت�سامح والتعاي�ش مع الآخر ويرف�ض �سفك الدماء ون�شر الطائفية ،و�أ�ضاف �أن��ه الب� َ�د من الإ�صالح ال��داخ�ل��ي واخل��ارج��ي ملجتمعاتنا م��ن �أج��ل ال �ق��درة على حماربة الإرهاب من حيث ن�شر الوعي والقيم ال�صحيحة لديننا وتوعية �شبابنا حلمايتهم من االجن��راف والت�أثر بهذه االفكار ال�ضالة .من جهته ا�شار رئي�س املنتدى دولة االمام ال�صادق املهدي يف كلمته الى “جدلية العالقة بني �أ�سباب الإرهاب وامل�آالت” وقال� :إن عبارة �إرهاب ترجمة خاطئة لعبارة ترورزم .ف�إرهاب يف التعبري القر�آين معناه
القوة املهابة التي متنع العدوان ،و�أ�ضاف ان املعنى املراد هو العنف املخيف الذي يجرب الآخر على االمتثال لإرادة فاعل الإرهاب .هذا املعنى تدل عليه عبارة �إرعاب �أو ترويع ولكن من باب اخلط�أ امل�شهور ال مانع �أن ن�ستخدم عبارة �إرهاب ما دمنا نق�صد الرتويع ال �إرهاب باملعنى القر�آين .وزاد �أن هناك خط�أ �آخر هو �أن الرتويع غالب ًا ما يق�صد به الرتويع الأهلي، مع �أن حكومات كثرية ت�ستخدم تعذيب و�إرعاب مواطنيها. بل ي�ستخدم كثريون العبارة لإدانة خ�صومهم ال�سيا�سيني فيطلقون العبارة لو�صف املعار�ضة .لذلك �صارت عبارة �إرهاب ف�ضفا�ضة يدخل فيها الرتويع املق�صود ،وتدخل فيها حركات التحرير امل�شروعة ،وتدخل فيها معار�ضة احلكام. كما لفت املهدي الى �أن �ضحايا الإره��اب الر�سمي الذي ترتكبه الدول اال�ستبدادية و�إ�سرائيل من مدنيني و�أبرياء يبلغ مئات الآالف وي�ستحق بحث ًا مف�ص ًال لأنه يف حد ذاته خطري ويولد ردود فعل م�ضادة تغذي دوامة العنف .ومن جهته تطرق اال�ستاذ ح�سن هنية ال��ى مو�ضوع “جدوى املعاجلة املطروحة لظاهرة االرهاب ودور م�شاريع اال�صالح والدميقرطة يف احلد منها� ،أن �سلطة القوة هي التي حتدد ماهية الإرهابيني و�أهدافهم والغايات التي ي�سعون �إليها لأهدافهم اخلا�صة و�أكد �أن مو�ضوع الإره��اب هو مو�ضوع وق�ضية رئي�سية البد من و�ضع حل ج��ذري لهذه الظاهرة التي عملت على ت�شتيت العديد من امل�سلمني وتدمري بالدنا العربية واال�سالمية .وتر�أ�س اجلل�سة الثانية اللواء �شريف العمري مدير دائرة مكافحة التطرف والإرهاب الذي قدم
الدكتور فرحان عزيز بالنيابة عن رئي�س دي��وان الوقف ال�سني العراقي الدكتور عبداللطيف الهميم ،وا�ستعر�ض عزيز يف الكلمة التي �ألقاها بالإنابة بع�ض من �إجن��ازات وم�سرية الديوان الذي ي�سعى �إلى حتقيق الفهم ال�صحيح لإ�سالمنا وا�شار �إلى �أن الهدف االول والغاية التي يهدف الوقف ال��ى حتقيقه هو حماربة الإره ��اب بكافة ا�شكاله والعمل على �إيجاد اجلهود املثابرة واملتعاونة من اجلميع من اجل دفع ما علق باال�سالم من تهم وت�شويه النه واجب علينا ك�شعوب وعلى علماء �أمتنا .كما حتدث الدكتور حممد زاهد والذي ا�شار يف ورقته “م�ستقبل املنظمة العربية وتركيا يف ظل املوجه العاملية للإرهاب” ان الناظر لو�ضع املنطقة العربية والإ�سالمية ي�شاهد العنف والإرهاب املنت�شر والذي البد من العمل على احلد منه لأن امتداده قد يخلف �آثار ًا خطرية جديدة �ست�ؤثر على منطقتنا .واختتمت اجلل�سة بكلمة املفكر املغربي اال�ستاذ حممد طالبي والتي كانت بعنوان “�أثر االرهاب على اجلاليات العربية واال�سالمية يف املغرب” والذي حتدث عن �ضرورة العالج لأنه اخطر من حيث ال�صناعة الفكرية وتطرق الى اجلاليات اال�سالمية يف الغرب والدور الذي ي�ستطيعون القيام به من �أجل الدفاع عن ديننا الإ�سالمي ومبختلف الطرق والو�سائل وذلك لأن عدد هذه اجلاليات كبري ولهم القدرة على القيام بهذا ال ��دور .واختتمت ال�ن��دوة بجل�سة ح��واري��ة اج��اب خاللها امل�شاركني على �أ�سئلة احل�ضور.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
79
نشاطات الوسطية
ندوة حول ق�ضايا �إ�سالمية معا�صرة:
ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية
يف �إط��ار الن�شاطات الثقافية والفكرية ال�شهرية التي يف املقد�سات والإ�ساءة الى الر�سول العظيم (عليه اف�ضل يقيمها املنتدى العاملي للو�سطية يف عمان – نظم املنتدى ال�صالة وال�سالم) وبني �أن �ضعف الأمة الإ�سالمية ناجت عن وبالتعاون مع �سفارة جمهورية باك�ستان ندوة حول ق�ضايا عدم فهم ومعرفة حقيقة هذا الدين العظيم. ا�سالمية م�ع��ا��ص��رة « :ك�شمري ج ��ذور ال���ص��راع وفر�ص بعد ذل��ك حت��دث ال�شيخ عبدالرحيم العكور (الوزير الت�سوية» يوم ال�سبت املوافق 2016/2/27يف مقر املنتدى يف عمان ،وح�ضر الندوة عدد كبري من الأعيان وال��وزراء ال�سابق) وا�ستعر�ض تاريخ ال�صراع يف �شبه القارة الهندية وقادة املجتمع املدين �إ�ضافة الى عدد كبري من املواطنني منذ عام 1947والأ�س�س التي قامت عليها كل من دولة الهند واملهتمني ب��ال���ش��أن ال �ع��ام ،وق��د رح��ب املهند�س م��روان ودولة باك�ستان وعدم تطبيق لبنود �إتفاقية التق�سيم اخلا�صة الفاعوري الأمني العام للمنتدى العاملي للو�سطية باحل�ضور بان تكون الأقاليم امل�سلمة حتت الوالية الباك�ستانية حيث وقال �أن هذه الندوة ت�أتي يف �سياق ر�سالة املنتدى العاملي بني �أهمية ك�شمري لباك�ستان والروابط التي جتمع ال�شعب للو�سطية التي تهدف الى التعريف بالق�ضايا الإ�سالمية يف الباك�ستاين بال�شعب الك�شمريي ورغبة ال�شعب الك�شمريي العامل الإ�سالمي وفر�ص �إيجاد حلول لهذه الق�ضايا بالطرق يف الإن�ضمام الى باك�ستان ،وبني العكور ب�أن هذه الق�ضية ال�سليمة ،و�أ�ضاف الفاعوري �أننا يف املنتدى العاملي للو�سطية هي ق�ضية �إن�سانية بالدرجة الأول��ى و�شعب عانى وال زال �أخذنا على عاتقنا منذ اليوم الأول لتواجدنا �أن نتلم�س يعاين كثري ًا من ج��راء عدم �إعطاء هذا ال�شعب حقه يف حاجة امل�سلمني �أينما وجدوا و�أن مند لهم �أيادينا وفكرنا تقرير م�صريه ،واحرتام اخليار الك�شمريي يف الإ�ستقالل من خالل التوعية واملنا�صرة لق�ضايانا الإ�سالمية العادلة واحلرية. والتعريف بها والدفاع عنها يف املنتديات والأوا�سط الفكرية ب�ع��د ذل��ك حت��دث ال�سفري �شفاعت اهلل ��ش��اه �سفري العاملية والإقليمية حتى يعود احلق الى �أ�صحابه ال�شرعيني جمهورية باك�ستان يف عمان يف ه��ذه املنا�سبة وب�ين ب�أن وه��ذا اللقاء هو ترجمة مل�ساعينا اخل�يرة يف �سبيل ن�شر الق�ضية الك�شمريية وق�ضية فل�سطني تت�شابه من حيث الأه��داف ال�سامية والنبيلة التي �أن�شئ املنتدى من �أجلها الزمن والظروف ولكن املجتمع الدويل حتى الآن ال يتطرق و�أ�ضاف بعمق العالقات الأخوية بني ال�شعوب الإ�سالمية الى الق�ضية الك�شمريية واب��راز معاناة هذا ال�شعب وبني وباك�ستان والأردن ،وب�ّي نّ ًان ال �ع��دوان على الإ� �س�لام يف �أهمية ك�شمري بالن�سبة الى باك�ستان من ناحية التوا�صل هذا الع�صر ي�أخذ �أ�شكاال متنوعة ومتعددة منها �إذك��اء الدميغرايف والعالقات امل�شرتكة بني ال�شعب الك�شمريي ال�صراعات والفنت بني امل�سلمني وكذلك �إحتالل �أرا�ضي والباك�ستاين �إ�ضافة الى �أهمية ك�شمري لباك�ستان كم�صدر كما يف فل�سطني والعراق و�سوريا و�أفغان�ستان وك�شمري وطعن
� 80إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
وخالل حديثه قام بعمل م�سح تاريخي لتطورات النزاع منذ ع��ام 1947واملواجهات التي حدثت واحل��روب التي اندلعت بني الهند وباك�ستان ،1966-1965 ،1949-1947 ،1971ا�شتباكات ع��ام ،1989وح��رب كرجيل وثالجات �سيات�شن.1999 كما تطرق الى قوى املعار�ضة ودورها يف ت�أجيج ال�صراع الهندي الباك�ستاين – ودعا الى �ضرورة الوقوف �صف ًا واحد ًا يف مواجهة قوى الظالم الإرهابي للو�صول الى ت�سوية �سلمية عادلة للق�ضية الك�شمريية ومتنى على البلدين الوقوف مع ًا ملنابع الأنهار و�أهمية املياه لل�شعب الباك�ستاين ،وبني مراحل يف وجه التطرف من اجل مواجهة الإرهاب والتطرف. انتقال النزاع الى اروق��ة الأم��م املتحدة وق��رارات املجتمع ال��دويل ال��ذي ين�ص على منح ال�شعب الك�شمريي حقه يف وكان الدكتور نبيل ال�شريف قد �أدار الندوة وبني من خالل اختيار م�صريه من خالل ا�ستفتاء عام يقرر فيه ال�شعب حديثه ت�شابه الق�ضية الك�شمريية بالق�ضية الفل�سطينية من حرية �إختيار الإن�ضمام الى باك�ستان او الإ�ستقالل ،كما حيث النزاع واال�ستعمار واملعاناة التي يتعر�ض لها ال�شعب �أ�شار الى جهود الت�سوية ال�سلمية للق�ضية الك�شمريية ورغبة الك�شمريي لقاء ن�ضاله �ضد الظلم ومن اجل تقرير م�صريه باك�ستان يف �إيجاد حل �سلمي لهذه الق�ضية – وخل�ص الى وحريته يف اختيار قراره مبح�ض ارادته ،والتي قدم ال�شعب القول »:ان الإحتفاء بيوم ك�شمري هو الإ�شادة بالت�ضحيات الك�شمريي مئات �آالف من ال�شهداء وال�ضحايا واجلرحى الكبرية التي قدمها ال�شعب الك�شمريي يف �سبيل نيل حريته واملعاقني ،وبني ال�شريف ب��أن احلرية ال ميكن �أن تتجز�أ و�أنها حق لكافة ال�شعوب ،وقد قام املنتدى بعر�ض فلم عن وا�ستقالله وتذكي ً للعب دور يف حل هذا النزاع وفقا لتطلعات الك�شمرييني ،ك�شمري واملعاناة التي يتعر�ض لها هذا ال�شعب ال�صابر على كذلك الغر�ض م��ن الإح�ت�ف��اء بيوم ك�شمري �أن ينقل الى الظلم واالحتالل ،وبني الفلم عمليات التهجري والقمع الذي الهند ر�سالة انها ال ت�ستطيع �أن تبقى على ك�شمري �ضد يتعر�ض له ال�شعب الك�شمريي وك��ان الدكتور زي��د �أحمد ارادة ال�شعب لفرتة طويلة و�أنها �سوف ت�ضطر الى اعطاء املحي�سن املن�سق العام للعالقات اخلارجية يف املنتدى قد افتتح الندوة بكلمة باللغة االجنليزية رحب فيها بال�سفري الك�شمرييني احلق يف العي�ش بحرية. الباك�ستاين وباحل�ضور و�أ� �ش��ار ال��ى �أن احتفال املنتدى بعد ذلك حتدث فالح الطويل ال�سفري الأردين (ال�سابق) بهذه الق�ضية الك�شمريية هو تقدير لل�شهداء الذين �ضحوا يف جمهورية باك�ستان الإ�سالمية وق��دم ال�شكر للمنتدى ب�أرواحهم يف �سبيل حرية وا�ستقالل ك�شمري وبني �أن املنتدى ول�ل�أم�ين ال �ع��ام على اجل �ه��ود امل�ب��ذول��ة م��ن قبل املنتدى يقوم بهذه االحتفالية للت�ضامن مع ال�شعب الك�شمريي من للتعريف بهذه الق�ضية حملي ًا بالدرجة الأول��ى لالطالع �أج��ل احل�صول على حريته وتقرير م�صريه ،وق��د �أ�شاد على جذور وتطورات ال�صراع يف ك�شمري ودعا الى ايجاد احل�ضور بجهود املنتدى العاملي للو�سطية وباملو�ضوعات و�سائل �سلمية حلل هذا النزاع من �أجل �صالح البلدين الهند التوعوية التي يقوم بعر�ضها �شهري ًا للتعريف بق�ضايا وهموم وباك�ستان خا�صة وان الدولتني ميلكان �أ�سلحة نووية وخطر الأمة الإ�سالمية ،والى �ضرورة �إيجاد ت�سويات �سلمية عادلة هذه الأ�سلحة على ال�سلم واال�ستقرار والأمن الدويل. لهذه الق�ضايا التي مازالت تراوح مكانها منذ عقود طويلة ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
81
نشاطات الوسطية
ندوة
“التعددية املذهبية و�أثرها يف بناء الأمة”
عقد ي��وم ال�سبت امل��واف��ق 2015/10/24يف فندق القد�س فعاليات ندوة «التعددية املذهبية و�أثرها يف بناء الأمة» والتي عقدها املنتدى العاملي للو�سطية بالتعاون مع ديوان الوقف ال�سني العراقي افتتحت الندوة بكلمة الدكتور عبداللطيف الهميم والتي �ألقاها نيابة عنه الدكتور �إح�سان علو ح�سني والذي بينَ �أن التعددية مل تكن يف �أي يوم من الأيام م�شكلة وذلك لأن النا�س كانت لديهم قناعات را�سخة ب ��أن ه��ذه االخ�ت�لاف��ات ه��ي لأ�سباب فكرية واخ�ت�لاف يف وجهات النظر وبع�ض م�سائل العقيدة التي المت�س الأ�صول القطعية .وبني �أن امل�شكلة يف التعددية هي وهن العقيدة وتعطيل ال�شريعة وانهيار الأخالق و�إ�ضاعة ال�صلوات ومنع الزكوات واتباع ال�شهوات و�شيوع الفاح�شة وانت�شار الر�شوة وخ��راب الذمم و�سوء الإدارة وت��رك الفرائ�ض الأ�صلية وارتكاب املحرمات القطعية .ومن ثم رحب الأم�ين العام للمنتدى العاملي للو�سطية املهند�س مروان الفاعوري بجميع احل�ضور وامل�شاركني وبني �أن هذه الندوة �أتت يف وقت �أليم متر به الأمة الإ�سالمية و�أنها مقدمة مل�ؤمتر دويل �سيعقد يف مطلع العام ال�ق��ادم بعنوان «خطر ال�صراع املذهبي « بالتعاون مع منظمة التعاون الإ�سالمي ودي��وان الوقف ال�سني العراقي .وب�َيننَ الفاعوري �أن اجلرائم التي تعيق تقدم هذه الأمة وتطورها و�أن البع�ض قد ا�ستغلوا التعددية املذهبية خلدمة �أهدافهم ال�شخ�صية غري �آبهني ل�سماحة دين الإ�سالم ومفاهيمه الإن�سانية التي ت�ؤكد نبذ الإرهاب والتطرف والعنف ومن �أجل الت�صدي لهذه التحديات التي تهدد ديننا و�أمتنا فالبد من العمل على تعرية الإ�سالم �أمام امللأ من هذه الأفكار ال�ضاللية حتى اليتم ت�شويه الإ�سالم ب�أيدي مغرر بها حتت و�شاح اال�سالم والدين لأن الإ�سالم هو دين الوحدة والعقل والر�شد� .أدار اجلل�سة الأولى معايل ال�شيخ عبدالرحيم العكور وزير الأوقاف الأ�سبق الذي بني �أن التعددية متثل يف حقيقتها جوهر الدين الإ�سالمي النه � 82إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ي�ستوعب اجلميع ،لذلك ف�إنه ال يحق لإحد �إلغاء �أي �أحد .ويف ورقته التي حتمل عنوان « حتديد املفاهيم ون�ش�أة املذاهب « و�ضح الدكتور حممد اخلاليلة ان حتديد املفاهيم �أمر مهم للبحث العلمي فهذا يقلل من �أم��ور النزاع لأننا الآن منر مب�شكلة كبرية يف حتديد املفاهيم النه لو �أننا نعتمد على حتديد املفاهيم للعمل على تقليل اخلالف بني املتخا�صمني واملتنازعني .والدليل على ع��دم حتديد املفاهيم هو ما منر به اليوم فنحن نقف �أمام الكثريمن امل�صطلحات ايل الن�ستطيع حتديدها �أو تعريفها كم�صطلح اخلالفة .وقال معايل الدكتور نبيل ال�شريف يف ورق �ت��ه»دور الإع�ل�ام يف تر�سيخ مفاهيم العي�ش امل�شرتك يف ظل التعددية املذهبية والدينية يف العامل العربي» يجب �أن ن�ؤكد �أن و�سائل الإعالم �شهدت ثورة تكاد �أن تكون كاملة باملفاهيم والو�سائل وهذه الثورة غريت مفاهيم االع�لام فيجب مواكبة الع�صر يف جميع املفاهيم فالإعالم االلكرتوين هو الو�سيلة الرئي�سية امل�ستخدمة اليوم لأن��ه ي�ساعد على توعية الآخرين وهذا يعتمد على النقل الأم�ي�ن ل�ل�أح��داث ومي�ك��ن �أن تتحول و�سائل االعالم لأداة تعمل على تفريق املجتمع �إذا مل يتم نقل اخلرب بدقة ودون حتريف فيجب مراعاة عدة �أمور مثل املو�ضوعية والتوازن والتجرد من ال��ر�أي ال�شخ�صي. وو�ضح �أن انت�شار و�سائل الإعالم ب�شكل كبري هو �سالح ذو حدين مبعنى �أن الإع�لام �إذا وظفت للخري ف�إنها ت�صبح �أداة لتطوير املجتمع و�إذا ا�ستخدمت لل�شر ف�إنها تعمل على ن�شر الفتنة والفرقة لذلك فال بد �أن تعمل و�سائل االعالم على مكافحة التطرف والإرهاب ون�شر املفاهيم الو�سطية ال�سليمة .وب��دوره قام الأ�ستاذ الدكتور عبداهلل ابراهيم زيد الكيالين ورقة بعنوان “التنوع املذهبي و�أثره الإيجابي يف بناء الأم��ة «ويبني �أن االختالف هو �سنة اهلل ف�أوجد االختالف والت�شابه فهو �سنة وزينة للحياة فالتعددية هي معيار االلتقاء وتقبل الآخر والتعاي�ش معه ويوجد له العديد
من الفوائد العلمية والتعاي�شية .وو�ضح �أن اال�سالم من �أول يوم نبذ التع�صب و�أكد على �أهمية التعاي�ش والت�سامح وقبول الآخر واال�سالم جاء ملحاربة هذا التع�صب والق�ضاء عليه .واختتمت اجلل�سة االولى بورقة الدكتور حممد خري العمري بعنوان «التعددية املذهبية االختالف والتنوع يف �إطار الوحدة» وو�ضح �أن التعدد املذهبي ال ينتج عنه فرقة ومعاداة وجتزئة بل ميكن �أن ي�ساعد يف العديد من الأمور احلياتية فالفقه الإ�سالمي قادر على ا�ستيعاب الأمة من خ�لال التنوع املذهبي وحقوق الإن�سان وب�ين �أن املعاناة تن�ش�أ من انتهاك حقوق الإن�سان ب�سبب االختالف املذهبي وهذا �أمر مرفو�ض دين ًا وعرف ًا .افتتحت اجلل�سة الثانية والتي تر�أ�سها الأ�ستاذ الدكتور وليد عوجان بورقة الدكتور ماجد �سليمان من العراق بعنوان « التوظيف املذهبي ودوره يف �صراع الدائره يف املنطقه العربية» وتطرق الى الو�ضع الراهن يف العراق وال�صراعات الطائفية واملذهبية املوجودة فيه واالثرالذي اوجدته يف البيئة واملجتع العراقي حيث �أدت الى �إراقة الدماء ون�شر الكراهية والتطرف وظهور العديد من الع�صابات التي تنفي وتندد مبد�أ التعددية وهو املبد�أ الرئي�سي الذي يقوم عليه الدين اال�سالمي .ومن ثم تطرق الدكتور جالل لطيف حممد من العراق الى «�أثر التعددية املذهبية على العي�ش ال�سلمي يف املجتمعات العربية» وبني �أن التعددية هي مفهوم ر َك��ز عليه الدين اال�سالمي من حيث التعاي�ش ال�سلمي ما بني امل�سلمني وغريهم و�أن اهلل تعالى خلق النا�س باختالف ليتعارفوا و�أن التعاي�ش يف تاريخ اال�سالم �أدى �إلى اعتناقه من قبل العديد .وبني �أن التعاي�ش ال�سلمي يف املجتمعات يكون من خالل :التعاي�ش بني �أه��ل امللة ال��واح��دة .التعاي�ش بني �أه��ل امللل املختلفة. التعاي�ش بني الدول املختلفة �سيا�سي ًا .وبني معايل الدكتور ع��زت ج ��رادات يف ورق�ت��ه «دور امل�ؤ�س�سات ال�ترب��وي��ة يف تر�سيخ مفاهيم العي�ش امل�شرتك يف ظل التعددية املذهبية والدينية يف العامل العربي» �أن �سباق الأمم يكون يف التعليم
،فالتعليم هو ا�ستثمار يف الإن�سان من �أجل امل�ستقبل وبني �أن دور الرتبية يكون فيما يلي :تفعيل احلراك االجتماعي يف املجتمع:فالتعليم هو مايرفع من القيم والفئات املجتمعية املختلفة .تعزيز الدميقراطية .يحقق تكامل الفر�ص يف املجتمع .واختتمت اجلل�سة الثانية بكلمة الدكتور حممد خري العي�سى «التعددية املذهبية ر�ؤي��ة و�سطية» وب�ين �أن التعددية هي تنوع م� َّؤ�س�س على مت ُّيز وخ�صو�صية ،ولذلك ال ميكن �أن توجد �إال يف مقابلة وباملقارنة مع الوحدة واجلامع، ولذلك ال ميكن �إطالقها على الت�شرذم والقطيعة وال على التمزق الذي انعدمت العالقة بني وحداته ،وال ميكن �إطالق التعددية على (ال��واح��دي��ة) ،فبدون ال��وح��دة اجلامعة ال يت�صور تنوع وخ�صو�صية و�أدلة ذلك :التعددية موجودة يف �أن��واع اخللق :يقول اهلل تعالى�} :أَلمَ ْ َت َر �أَ َّن اللهَّ َ �أَ ْن��زَ لَ ِم َن ال�س َما ِء َما ًء َف�أَخْ َر ْجنَا ِب ِه َث َم َر ٍات مخُ ْ َت ِلفًا �أَ ْل َوا ُن َها َو ِم َن الجْ ِ َبالِ َّ َ ِ ُ غَ ْ مخُ ِيب ُ�سو ٌد * َو ِم َن ب ا ر و ا ه ن ا و ل � أ ل ت ر م ح و ِي�ض ب د �د فٌ ْ ٌ َ ُج� َ ٌ َ َ َ َ ُ ٌَُْ اب َو ْ أ الَ ْن َع ِام مخُ ْ َت ِلفٌ �أَ ْل َوا ُن ُه كَذَ ِل َك �إِ مَّنَا َيخْ �شَ ى الن ِ َّا�س َوال َّد َو ِّ َ للهَّ اللهَّ َ ِم ْن ِع َبا ِد ِه ا ْل ُع َل َما ُء �إِ َّن ا َعزِ ي ٌز غَ فُو ٌر{ فاطر.28 ،27 : التعددية يف نوع الإن�سان وم�ستوى �أدائه لواجباتهَ } :و ِم ْن ال ْر ِ�ض َواخْ تِلاَ ُف �أَل ِْ�س َن ِت ُك ْم َو�أَ ْل َوا ِن ُك ْم ال�س َما َو ِات َو َْ أ �آ َيا ِت ِه خَ ْلقُ َّ ِ�إ َّن فيِ ذَ ِل� َ�ك َ آل َي� ٍ �ات ِل ْل َعالمِ ِ َني{ ال��روم 22 :النا�س ال ميكن �أن يكونوا ن�سخة مكررة :وينطلق اجلميع من هذه احلقيقة التي ال ج��دال فيها؛ لأن اهلل مل يفطرهم على ذل��ك ،بل جعل االختالف �سنة فيهم قال تعالىَ } :و َل ْو �شَ ا َء َر ُّب َك لجَ َ َع َل ون مخُ ْ َت ِل ِف َني * ِ�إ اَّل َم ْن َر ِح َم َر ُّب َك َّا�س �أُ َّم ًة َو ِاح َد ًة َو اَل َيزَ ا ُل َ الن َ َو ِل��ذَ ِل� َ�ك خَ َل َق ُه ْم{ ه��ود 119-118 :واختتمت فعاليات الندوة التي ح�ضرها عدد من اجلهات الإعالمية بجل�سة نقا�شية طرحت فيها العديد من الأ�سئلة والتي مت الإجابة عليها من قبل املحا�ضرين.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
83
ندوة مب�شاركة االمني العام يعقدها منتدى الو�سطية للفكر والثقافة فرع ال�سلط
خطر التطرف على العامل الإ�سالمي
�شارك الأمني العام للمنتدى املهند�س مروان الفاعوري يوم االربعاء املوافق 2015/12/30يف الندوة التي عقدها منتدى الو�سطية للفكر والثقافة فرع ال�سلط حول «خطر التطرف على العامل الإ�سالمي « حيث عر�ض الأمني العام للمنتدى العاملي للو�سطية املهند�س مروان الفاعوري لأ�سباب التطرف والإرهاب املتمثلة ب�أ�سباب دينية ناجتة عن اجلهل مبقا�صد الدين والفهم اخلاطئ للمفاهيم ال�شرعية للجهاد و�أ�سباب اقت�صادية جراء الفقر والبطالة و�أ�سباب �سيا�سية كالظلم واال��س�ت�ب��داد والإره� ��اب ال ��دويل ب��الإ��ض��اف��ة �إل��ى الأ�سباب النف�سية للبحث عن ال�شهرة والإخفاق احلياتي والإحباط النف�سي. وق��ال رئي�س جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور نبيل ال�شواقفة �أن الإرهاب والتطرف يعتمد على ت�أويالت خاطئة ومنحرفة لآي��ات ال �ق��ر�آن و�أح��ادي��ث النبي عليه ال�سالم واخل�ط��ورة يف ه��ذه الت�أويالت تكمن يف جاذبيتها لبع�ض ال�شباب ،ودورنا كم�ؤ�س�سات جمتمع مدين �أن نبني الإ�سالم احلقيقي لأبنائنا الذي جاء به النبي عليه ال�سالم. وحت��دث الدكتور علي ال�ضرغام م��ن جامعة البلقاء التطبيقية عن حت�صني ال�شباب من التطرف والإرهاب من خالل ن�صو�ص الكتاب وال�سنة و�أق��وال الفقهاء و�أمثلة من الواقع. و�أكد مفتي عام اململكة الدكتور عبد الكرمي اخل�صاونة �أن قتل الإن�سان ال يجوز والدعوة عليه بالكفر ،وهو ما يقوم به التكفرييني واخلوارج هذه الأيام من قتل واعتداء على � 84إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
النا�س رغم ان النبي عليه ال�سالم مل يجز تكفري �أحد. و�أ�ضاف اخل�صاونة خالل الندوة التي نظمها منتدى الو�سطية للفكر والثقافة يف ال�سلط حول خطر التطرف على العامل اال�سالمي� ،أن ه�ؤالء اخلوارج يقتلون النا�س الآن ويخرجونهم من امل ّلة حتى يعطوا �صورة �سيئة عن اال�سالم ال�صحيح الذي جاء به النبي عليه ال�سالم الذي �أمرنا �أن نح�سن للنا�س م�ست�شهدا بق�صة جنازة اليهودي املعروفة. ومت عر�ض فيلم عن اﻻرهاب من �إعداد املنتدى العاملي للو�سطية وكان رئي�س فرع املنتدى يف ال�سلط احيا عربيات قد �شكر رئي�س اجلامعة لدعمه وم�شاركة اجلامعة مع م�ؤ�س�سات املجتمع املدين و�شكر غرفة جتارة ال�سلط لدعمها املنتدى واحل�ضور وتعاون مركز �شابات العار�ضة و�أكد على �أهمية عقد مثل هذه الندوات ملا لها من فائدة يف توعية �أبناء املجتمع.
نشاطات الوسطية
عقد املنتدى العاملي للو�سطية فرع اجلزائر دورة بعنوان
(مهارات احلديث يف الإر�شاد الديني)
وتناول بدر يف بداية الدورة العوامل التح�ضريية لنجاح عقد املنتدى العاملي للو�سطية (ف��رع اجل��زائ��ر) يوم ال�سبت املوافق 2016/1/9وباال�شرتاك مع جمعية الإر�شاد اخلطاب و املتمثلة يف التعرف على املكان و طبيعة املخَ َ اطب والإ��ص�لاح دورة تدريبية ل�صالح املر�شدات يف امل�ساجد ،و الو�سائل امل�ستعملة يف اخلطاب . واملربيات مب�ؤ�س�سات رعاية الطفولة والتي كانت حتت حيث رك��ز امل ��درب على امل �ج��االت ال�ث�لاث��ة للخطاب عنوان :مهارة اخلطاب يف الإر�شاد الديني والرتبوي. واملتمثلة يف :املجال املعريف ،املجال الوجداين والقيمي، حيث رح��ب رئي�س املكتب ال��والئ��ي جلمعية الإر� �ش��اد واملجال املهاري ،حيث ال ميكننا تعديل �سلوك �أي فرد نحو والإ�صالح باحلا�ضرات وتثمينه لل�شراكة بني املنتدى العاملي الإيجابية �إال �إذا ت�ضمن خطابنا هذه اجلوانب الثالثة. للو�سطية و�أ�شاد بدور التكوين والت�أهيل يف تنمية اخلطاب الديني وتطوير امل�ؤ�س�سات الدينية والرتبوية يف املجتمع. كما تناول املدرب �ضرورة حتديد الهدف من اخلطاب الديني و ا�ستهداف �سلوك حمدد يعمل املتحدث على تعديله رئي�س فرع املنتدى العاملي للو�سطية �أ� .إبراهيم بدر من خالل خطابه .وتطرق امل��درب �إلى كيفية التنويع يف ب��دورة ا�شاد بنتائج امل�ؤمتر ال��دويل ال��ذي عقد بال�شراكة بني املنتدى العاملي للو�سطية وجمعية الإر�شاد والإ�صالح� ،أ�ساليب اخلطاب وفقا لطبيعة ال�شخ�ص املخاطب والتنويع وال��ذي انبثق عنه بروتوكول التعاون بني امل�ؤ�س�ستني من يف الأ�ساليب والو�سائل امل�ستعملة ،مركزا على �أهم مبادئ خالل اقامة الدورات التدريبية والندوات الفكرية ملختلف اخلطاب واملتمثلة يف :و�ضوح الهدف والتدرج واال�ستمرارية �شرائح املجتمع يف �إطار قيم ومبادئ الو�سطية واالعتدال .والواقعية واملواكبة. ليختتم اللقاء يف فقرته الأولى بالتذكري ب�أهم ماتناولته و من خالل الدورة تطرق �إلى �أهمية اخلطاب و تنمية مهارة امل�شاركات يف خمتلف املجاالت ،و منها اخلطاب و الدورة يف يومها الأول على ان يجمع امل�شاركات لقاء ثان مهارة االت�صال بالآخرين و خا�صة �أن امل�شاركات � ،سواء يتم فيه تنفيذ امل�ه��ارات الأ�سا�سية للخطاب ،مما يلبي كن مر�شدات دينيات بامل�ساجد � ،أو مربيات يف خمتلف احتياجات امل�شاركات ،ومت يف نهاية الدورة ت�سليم �شهادة امل�ؤ�س�سات الرتبوية ،يحتجن �إلى تطوير مهارة اخلطاب .للم�شاركني يف الدورة. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
85
املنتدى العاملي للو�سطية فرع اجلزائر يعقد ور�شة تدريبية
يف �إطار تظاهرة القر�آن الكرمي وال�سنة النبوية التي يقيمها م�سجد فاطمة البتول ر�ضي اهلل عنها باالقامة اجلامعية 0002 �سرير ب��والي��ة �أدرار ،وبالتن�سيق م��ع جلنة ال�شباب والطلبة للمنتدى العاملي للو�سطية – فرع اجلزائر ،-قدم رئي�س فرع املنتدى: �أ� .إبراهيم بدر رفقة م�س�ؤول ال�شباب والطلبة �أم��ا رئي�س فرع املنتدى �أ� .إبراهيم بدر بالأمانة الوالئية لوالية �أدرار للمنتدى� :أ .فعرج على حمددات فاعلية الطالبة وخل�صها حممد توهامي ور�شة تدريبية حتت عنوان: فاعلية الطالبة اجلامعية يف جم��ال العمل يف و�ضوح الر�ؤية امل�ستقبلية للطالبة ،وذلك م��ن خ�لال معرفة الر�سالة ال��دع��وي��ة التي الدعوي يف الو�سط اجلامعي. يجب �أن حتملها الطالبة وال�ت��ي �أه��م ما ب�ع��د ق� ��راءة ال� �ق ��ر�آن ال �ك��رمي والكلمة مييزها :اخللق اال�سالمي الدافع �إلى التفاف الرتحيبية مل�س�ؤول العمل اجلامعي بالوالية الطالبات حول امل�شروع اال�سالمي والتميز يف والإعالن عن افتتاح الور�شة� ،أتيحت املداخلة الأولى للأ�ستاذ املدرب (�أ .حممد توهامي) الدرا�سة العطاء النموذج للطالبة امللتزمة، والذي تطرق فيها �إلى مدخل حول مو�ضوع وحت��دي��د الأه ��داف يف خمتلف امل�ستويات، الفاعلية ،وذل��ك من خ�لال تعريف مفهوم واختتمت الور�شة بتكرمي امل�شاركني ب�شهادات الفاعلية ب�شكل ع��ام ،والفاعلية بالن�سبة �شرفية. ل�ل�ط��ال��ب اجل��ام �ع��ي ب���ش�ك��ل خ��ا���ص .حيث يعترب الطالب اجلامعي هو مقيا�س فاعلية املجتمعات �إذ �سيكون هذا الطالب م�ستقبال االط� ��ار و امل���س�ير يف خم�ت�ل��ف امل��ؤ��س���س��ات الر�سمية و املجتمعية .
� 86إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
نشاطات الوسطية
�أقام املنتدى العاملي للو�سطية فرع ال�سودان ور�شة عمل بعنوان:
ثقافة الو�سطية يف مواجهة التع�صب للحد من �أثره يف املجتمعات»
�أق��ام املنتدى العاملي للو�سطية فرع ال�سودان يف �إطار خماطبته الق�ضايا املعا�صرة التى ت�شغل الإن�سان ال�سوداين يف الفرتات الأخرية ،ور�شة عمل ي�ستهدفت خطباء امل�ساجد حتت عنوان « ثقافة الو�سطية يف مواجهة التع�صب للحد من �أث��ره يف املجتمعات» يوم ال�سبت 5102/21/62بدار هيئة �ش�ؤون الأن�صار والتي �شارك فيها خم�سون من خطباء امل�ساجد من مدن العا�صمة الثالث ،وهدفت الور�شة �إلى واقتطف الأ�ستاذ يو�سف ح�سن ي�س املفكر الإ�سالمي تر�سيخ املنهج الو�سطي وتفنيد ظاهرة التع�صب والتطرف الديني و�أث��ر ذلك على تفكيك املجتمعات وتر�سيخ ثقافة والأ�ستاذ بكلية الإمام الهادي من كتابه القيم “ اخلطيب واخلطابة” ورق ��ة ع�م��ل حمكمة ح��ول “ منهج �إع ��داد الكراهية والعنف. اخلطبة” حيث حت��دث ع��ن كيفية اخ�ت�ي��ار مو�ضوعات وق��د ج��اءت �أوراق العمل متَ�سقة مع �أهمية املو�ضوع اخلطبة ،وكيفية التح�ضري اخلطبة ،واملبادئ التي يجب والأ�سئلة امللحة التي يفر�ضها الواقع ومتناغمة مع الر�ؤية مراعاتها يف اخلطيب واخل�ط��اب��ة ،والآداب ال�ت��ي يجب الإ��س�لام�ي��ة ال�صحيحة ،حيث �شملت اجل��ان��ب املعريف معرفتها لأي خطيب ،وطرح عدة موجهات للخطيب بغر�ض والتطبيقي وال�سلوكي. جتويد الأداء و�صقل التجربة وترقية امل�ستوي عرب احل�صيلة ق� َ�دم اال��س�ت��اذ حممد مو�سي حممد �أم�ي�ن العالقات املعرفية وجت�سيد قيم ومعاين الو�سطية ،وطالب خطباء اخلارجية بهيئة ��ش��ؤون الأن�صار ورق��ة « خطبة اجلمعة امل�ساجد بالتجديد والتجويد والإتقان والإخال�ص واملواكبة.
و�أهميتها يف �إ��ص�لاح املجتمع» التي �أع��ده��ا الأم�ي�ر عبد املحمود �أب � َو رئي�س املنتدى العاملي للو�سطية بال�سودان، متحدثا عن خ�صائ�ص اخلطبة و�صفات اخلطيب الناجح ومقومات اخلطبة املفيدة ،وركز على مفهوم الإ�صالح يف العقيدة والفكر وال�سلوك ليتج�سد يف �أر�ض الواقع و�شرح منهجية الو�سطية للإ�صالح الديني واالجتماعي.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
87
من جانبه تتبع د.عبد ال�صمد علي عبد ال�صمد ا�ستاذ بتقدمي دورات تدريبية ت�ستهدف خطباء امل�ساجد خالل الثقافة الإ�سالمية بجامعة ال�سودان للعلوم والتكنولوجيا العام اجلديد 6102م. ومعهد العلوم وال�ب�ح��وث الإ�سالمية يف �أط��روح�ت��ه حول واختتم الور�شة د.عبد الرحيم عمر حمي الدين املفكر “التع�صب الديني و�أثره يف املجتمع” تتبع تطورات مفهوم الع�صبية من قبل الإ�سالم وبعده والتع�صب املذهبي والوالء الإ�سالمي والأ�ستاذ بجامعة النيلني مبداخلة رئي�سية حول والرباء والتع�صب الفكري الحقا خالل ر�ؤية خلق القر�آن التطرف الديني وخماطره والدور املناط بخطباء امل�ساجد واملعتزلة والراف�ضة واخل��وارج اجلدد والدواع�ش ،وناق�ش والعلماء ملعاجلة ه��ذه الظاهرة وتبني املنهج الو�سطي منهج الإ�سالم ملحاربة التع�صب والتطرف والت�شدد ،م�ؤكدا كرتياق ناجع ملعاجلة امل�شاكل االجتماعية والفكرية عرب علي ان احلل يف تبني الفكر الو�سطي الذي يقوم علي ح�سن حركة تنويرية �شاملة. اخللق واالعتدال ونبذ الت�شدد ،و�شدد علي �ضرورة التحلي وبعد نقا�ش م�ستفي�ض للأوراق املقدمة ومداخالت من ب ��أدب االخ�ت�لاف وفتح ب��اب االج�ت�ه��اد ،وط��ال��ب ب�ضرورة التعاون يف امل�شرتكات واملنا�صحة يف املختلف حوله. قبل امل�شاركني خرجت الور�شة بعدة تو�صيات منها: "حتى ال ت�صبح الو�سطية طرفا" حتت هذا العنوان � .1إن حتديات الو�سطية كبرية ت�ستدعي التعاون لإبراز جاءت ورقة اال�ستاذ حممد احلرب نور الدائم الأمني العام املنهج القومي يف مواجهة عمليات الت�شويه والت�شوي�ش للندوة العاملية لل�شباب الإ�سالمي ومدير البحوث والتخطيط املتعمد للتقليل من دورها التنويري والتثقيفي. ب��وزارة الأوق��اف ال�سابق ،والتي �أ�شار فيها بو�ضوح ملفهوم الو�سطية حيث قال �إنها مفهوم جامع للخريية واال�ستقامة . .2تبني �أ�ساليب م�ستحدثة يف خطبة اجلمعة ملواكبة والعدل والف�ضل والق�صد و�أنها لي�س ب�أمر حادث وال تعني التغريات املجتمعية ون�شر خطب اجلمعة عرب الو�سائط احلياد و�إمن��ا امليل ايل احلق والتم�سك بالف�صائل كلها .الإعالمية من �صحف وجمالت وو�سائط بديلة في�س بوك وت�س�أل اين تكمن امل�شكلة؟ و�أجاب يف حمورين ( املحا�صرة ووات�ساب ويوتيوب وغريها لتعم الفائدة. الذاتية واملحا�صرة اخلارجية) .وفند املحا�صرة الذاتية لتيار الو�سطية والنظرة ل��ه باعتباره رد فعل للتيارات .3الرتكيز على الق�ضايا املعا�صرة وحت��دي��د ج��زء من ال�سلفية والإخوانية ،واحتكاره من قبل مدار�س بعينها ،اخلطبة ثابت لنبذ التع�صب والتطرف و�شرح املنهج وطرح عموميات ،والنظرة ايل املقا�صد ال�شرعية ،وحذر الو�سطي. من �أن تتحول الو�سطية ملذهب فقهي جديد ،وتطرق ايل انتكا�سة املراجعات وا�ضطراب امل�سلمات وق�ضية التوفيق .4تر�سيخ �أدب االخ�ت�لاف والت�سامح الديني ومواجهة بني الوطنية والأمم�ي��ة وب�ين رف�ض العنف وح��ق املقاومة الأفكار الهدامة باحل�سنى. و�ضبط مفهوم اجلهاد .وح��ول املحا�صرة اخلارجية ذكر احل�بر حتديات تيار الو�سطية وم��ن بينها احليلولة دون .5الدعوة لإجراء حوارات وا�سعة بني املدار�س الإ�سالمية حتول الو�سطية لأداء ووظيفة لتحقيق �أجندة غربية ،وتبني بغر�ض االت �ف��اق على املنهج الأم �ث��ل ل�ل�إ��ص�لاح ونبذ م�ضامني غري �إ�سالمية ،والنظر ايل احلق باعتباره متعدد ،التع�صب الديني. واتباع موا�صفات امل�سلم الو�سطي التي و�ضعتها دوائر غربية و�أخرى موا�صفات امل�سلم الإرهابي مما ي�شكل �أ�شكا ًال كبري ًا .6بناء �شراكات وا�سعة لكل امل�ؤ�س�سات العاملة يف الدعوة والإر�شاد ملحا�صرة التطرف والعنف. للتيار الو�سطي. �أما اجلانب العملي والتطبيقي فكان من ن�صيب الأ�ستاذ � .7إع��داد كتاب مف�صل ح��ول التع�صب الديني و�أث��ره يف الفا�ضل علي حممد احمد امل��درب املتخ�ص�ص يف تنمية املجتمع وي��وزع لكل املعنيني من �أج��ل مواجهة �شاملة امل��وارد الب�شرية حول “ فن الإلقاء والإقناع” ا�ستعرا�ض للتع�صب والتطرف. �أ�ساليب اخلطبة الع�صرية من حيث الإع ��داد والعر�ض وتكتيكات الإقناع واال�ستمالة ،ومالمح اخلطبة اجليدة .8 ،املطالبة بتدريب وت��أه�ي��ل ال��دع��اة وخطباء امل�ساجد وق��دم متثيل �أدوار ع�بر �إع ��داد وت�ق��دمي خطبة ق�صرية مل�ساعدتهم يف تبليغ ر�سالتهم.اال�ستقرائي وبالتايل ر�ؤية للتعريف مبنهج الو�سطية و�أخ��ري مبنهج داع����ش .ووعد غري نهائية. � 88إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
نشاطات الوسطية
عقد املنتدى العاملي للو�سطية يف تون�س الندوة الفكرية
«الر�ؤية املقا�صدية يف ال�شريعة علماء املغرب اال�سالمي منوذجا»
عقد يوم ال�سبت املوافق 2016/2/6فعاليات الندوة الفكرية التي يعقدها املنتدى العاملي للو�سطية فرع تون�س بعنوان “الر�ؤية املقا�صدية يف ال�شريعة علماء املغرب الإ�سالمي منوذجا “والتي ي�شارك فيها امني عام املنتدى املهند�س م��روان الفاعوري �إ�ضافة الى عدد من العلماء واملفكرين من بينهم :رئي�س املنتدى �سماحة الإمام ال�صادق املهدي ،د .منري التليلي /تون�س ،د .نور الدين اخلادمي/ تون�س ،د .عبد احل��ق ميحي /اجل��زائ��ر .د .عبداملجيد النجار /تون�س ،الأ�ستاذ �سليم احلكيمي /تون�س حممد بو زغيبة /رئي�س وحدة فقهاء تون�س ،اال�ستاذ عبد الفتاح مورو-تون�س ،د .ابراهيم جامع /نيجرييا. وقال الفاعوري يف كلمته التي �ألقاها: �أ ّمة الإ�سالم خُ ّ�صت باخلري ّية وال�شهادة على النا�س،
و ُك � ِّر َم��ت بالر�سالة اخل��امت��ة ،ول�ك��ل خ�صي�صة م��ن هذه اخل�صائ�ص �شروط وعنا�صر مطلوب توافرها يف املنتمني لهذه الأ ّمة� ،أو على الأقل يف َمن يتولون �أمرها يف املجاالت املختلفة .وق��د َح � ّق��ق �سلفنا ال�صالح � �ش��روط ال�شهود احل�ضاري يف ع�صرهم؛ ف�أحدثوا حتو ًال على الأ�صعد ِة كافة، ّ ونقلوا الب�شر ّية من حياة اجلاهل ّية بظالمها �إلى حياة ال ِع ْل ِم والعدل والرحمة ف�ض ًال عن الإميان ،وربطوا حركة الإن�سان معنى وللم�سري ِة غاي ًة، باملنهج ال إ�سالمي الذي يجعل للحياة ً ّ قال تعالى�} :أَف ََح ِ�س ْبت ُْم َ�أ مَّنَا خَ َل ْقنَا ُك ْم َع َبث ًا َو َ�أ َّن ُك ْم �إِ َل ْينَا َال ون{ امل��ؤم�ن��ون 115:ووا�صلت الأ ّم��ة التم ّيز يف العطاء ُت ْر َج ُع َ طيلة ع�صر الر�سالة والقرون اخل�ّيررّ ة التي تلتها ،ونقلوا للإن�سان ّية يف �أرج��ا ِء املعمورة الأربعة؛ ما �أنتجته العقول امل�سلمة من علوم ومعارف ،وما �أجنزته الإدارة الرا�شدة َ معارف ونظريات من عدلٍ ورخاء ،وما نقّح ُه العلماء من
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
89
ين َج��ا ُءوا ِم ْن َب ْع ِد ِه ْم احل�ضارات ال�سابقة ،ف�شهد العامل منط ًا جديد ًا من التعامل ال�سلف واخل َلف .قال تعالىَ } :وال َِّذ َ قوامه الإميان وال ِع ْلم والعدل والت�سامح. ين َ�س َبقُونَا بِالإِ َميانِ َو َال َيقُو ُل َ ون َر َّبنَا اغْ ِف ْر َلنَا َولإِخْ َوا ِننَا ال َِّذ َ ين � َآمنُوا َر َّبنَا �إِن ََّك َر ُء ٌ وف َّر ِحي ٌم{ ثم طر�أت على امل�سلمني ظروف �صنعتها عوامل االبتعاد تجَ ْ َع ْل فيِ ُق ُلو ِبنَا ِغ ًّال ِّل َّل ِذ َ عن �أ�صول املنهج ،وال�صراعات حول احلكم ،واالختالف احل�شر10: املذموم ،والغزو اخلارجي؛ ف�ضعفت الأ ّم��ة وخ��ار عزمها َ ثالثا :القدرة على فهم ال ّتن ُّوع يف ال�ساحة الإ�سالمية؛ احل�ضاري. وتراجعت عن وظيفة ال�شهود ّ تاريخ ًا وحا�ضر ًا؛ فقه ًا وفكر ًا و�سيا�س ًة وتنظيمات؛ باعتباره ِ حماوالت ا�سرتجا ِع ويف القرون املت� ِأخرة بد� ِأت الأّ ّم ُة املجتهدين عامل �إ ْثراء ولي�س اختالف تنازع وت�صادم؛ مما ي�ساعد على يادي؛ متثلت تلك املحاوالت يف ن�شاط دورها الرِ ّ والإ�صالحيني واملجاهدين ،وال زالت امل�ساعي حثيثة لبلوغ اال�ستفادة من كل املدار�س الإ�سالمية يف جتلياتها الظاهرية الغاية املن�شودة ،وهذا امل�ؤمتر واحد من املحاوالت اجلا ّدة والعقلية والكالمية وال�صوفية واحلركية واالجتماعية؛ لبلورة ر�ؤية ِع ْلم ّية َع َمل ّية ت�ساهم يف نه�ض ِة الأ ّمة. نظرا لوحدة امل�صدر والغاية .انطالقا من اعتقاد را�سخ ب�أن �إن النظرة ال َّت ْجزيئية ال حتقق النه�ضة املطلوبة؛ فما العطاء الإلهي ال حدود له وال ح�صر .قال تعالىَ } :و َل ْو �أَ مَّنَا نعانيه اليوم من تراجع قيمي ،ومن ت َي ُّب�س ِذهني ،ومن تف ُّرق فيِ الأَ ْر ِ�ض ِمن �شَ َج َر ٍة �أَقْال ٌم َوا ْل َب ْح ُر يمَ ُ ُّد ُه ِم ْن َب ْع ِد ِه َ�س ْب َع ُة ُق ْطري ،ومن ُّ ات اللهَّ ِ {..لقمان.27: تع�صب طائفي ،ومن اقتتال دموي؛ هو نتيجة �أَ ْب ُحرٍ َّما َن ِف َد ْت َك ِل َم ُ حتمية لغياب الر�ؤية املقا�صدية للعاملني يف جمال الدعوة؛ فالر�ؤية التجزيئية غذتها املناهج الروائية التحفيظية التي غاب عنها منهج التحليل والنقد واملقارنة والنظرة ال�شمولية راب�ع��ا :ت�صحيح املفاهيم ب ��إع��ادة النظر يف املناهج للر�سالة اخلامتة؛ التي حملت كلمة اهلل الأخرية للب�شرية. التي �ش َّكلت الواقع املُ�شَ َّوه الذي نعي�شه ،فاملناهج التعليمية �إن ال�ساحة املغاربية لعاملنا العربي والإ�سالمي؛ يعود لها وال�ترب��وي��ة؛ تعتمد على ال��رواي��ة واحل�ف��ظ ،وجتعل امل�سلم الف�ضل يف بلورة املنهج املقا�صدي .فالإمام ال�شاطبي ،وابن ر�شد ،وابن عا�شور ،وعالل الفا�سي ،والري�سوين ،ونورالدين ُم َت َلقِّي ًا ولي�س ُمت ِ َفاع ًال ،وحافظ ًا للن�صو�ص ولي�س ُم َت َفقِّه ًا! اخلادمي ،وغريهم من العلماء املغاربة قدموا عمال عظيما وعقله اجلمعي ي�ستبعد تكرار جيل ال�صحابة؛ ك�أن القر�آن نزل لهم وحدهم ولي�س لكل الأم��ة! �إن الر�ؤية املقا�صدية يف ت�أ�صيل وتقعيد وتطوير فقه املقا�صد. واليوم ف�إن �أمتنا �أحوج ما تكون النتهاج الر�ؤية املقا�صدية ت�صحح هذه املفاهيم اخلاطئة وت�ست�صحب قوله تعالى« : ون يف كل �أمورها حتى تتمكن من جتاوز حالة الالتوازن احلالية ِت ْل َك �أُ َّم ٌة َق ْد خَ َل ْت َل َها َما َك َ�س َب ْت َو َل ُكم َّما َك َ�س ْبت ُْم َو َال ت ُْ�س َ�أ ُل َ ون» [البقرة� ]141:إعماال لقاعدة العربة وت�ستعيد دورها يف ال�شهود احل�ضاري؛ �إن الر�ؤية املقا�صدية َع َّما َكا ُنوا َي ْع َم ُل َ بعموم اللفظ ال بخ�صو�ص ال�سبب. حتقق فوائد عظيمة �أهمها: �أوال :النظرة ال�شاملة للإ�سالم باعتباره دينا خامتا يخاطب كل مطالب احلياة الإميانية والفكرية واالجتماعية واالقت�صادية؛ يف جتلياتها الفردية واجلماعية والأممية؛ حتقيقا ملفهوم اخلري َّية الذي ُك ِّرمت به هذه الأمةُ } .كنت ُْم ون ِبالمْ َ ْع ُر ِ خَ يرْ َ �أُ َّم� ٍة �أُخْ رِ َج ْت ِللن ِ وف َو َت ْن َه ْو َن َعنِ َّا�س َت��أْ ُم� ُر َ ُون بِاللهَّ ِ � {...آل عمران110: املُن َكرِ َو ُت�ؤ ِْمن َ �إن ا�ستعادة هذه القراءة من �ش�أنها �أن ت�صحح امل�سرية، ثانيا :التعامل مع اجتهادات ال�سلف من خالل مناهجهم ومت ِّكن الأم��ة من اال�ستفادة من كل طاقاتها وتوظيفها التي � َّأ�صلوها وق َّعدوا لها؛ ولي�س من خالل فتاويهم اجلزئية؛ لتحقيق �أمر اال�ستخالف الذي خلقت لأجله. املحكومة بظروف الزمان واملكان والبيئة التي عا�شوا فيها؛ قال تعالىَ } :و َلق َْد َك َت ْبنَا فيِ ال َّز ُبو ِر ِم ْن َب ْع ِد ِّ الذ ْكرِ �أَ َّن ا�ست�صحابا للمالئم من �إنتاجهم الفقهي لأو�ضاعنا و�إعما ًال َ ون{ الأنبياء.105: ال�صالحِ ُ َ حلقنا يف الفهم والرتجيح واالختيار ،وت�أكيدا للتوا�صل بني الأ ْر َ�ض َيرِ ُث َها ِع َبا ِد َي َّ خام�سا :اجلمع بني القراءتني؛ قراءة الكتاب امل�سطور، وقراءة الكتاب الكوين� ،سطح ًا وبحر ًا وف�ضا ًء ،جماد ًا ودا َّب ًة وب�شرا ،قوانني و�سنن ًا ،تاريخ ًا وحا�ضر ًا ،واجب ًا �شرع ّي ًا وواقعا معا�ش ًا� ،آالم ًا و�آما ًال.
� 90إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
نشاطات الوسطية
عقد املنتدى العاملي للو�سطية يف تون�س الندوة الفكرية بعنوان
" دور املر�أة يف حماربة الغل ّو و�صناعة احلياة"
َ نظم املنتدى العاملي للو�سطية /فرع تون�س يوم ال�سبت املحور الثالث�;:آثار التط ُّرف على الفرد واملجتمع والأمة املوافق 6102/1/2مبدينة �سليمان من والي��ة نابلدورة ودور املر�أة يف احلماية والتوعية منه. تكوينية حتت عنوان" دور املر�أة يف حماربة الغل ّو و�صناعة املحور الرابع :دور املر�أة يف مكافحة التط ُّرف العنيف احلياة" وك��ان ذل��ك مب�شاركة كل م��ن :الأ�ستاذة يف علم ومنعه. االجتماع ،ن�صرة البا�ش واال�ستاذ �شكري العبيدي رئي�س وك��ان ال�سيد �سليم احلكيمي رئي�س ال�ف��رع ق��د �ألقى جمعية روافد ثقافية. كلمة ترحيبية باحل�ضور وبينَ �أن هذه الندوة ت�أتي �ضمن وخالل الندوة نوق�ش عدد من املحاور منها: �سيا�سة املنتدى ملحاربة الإرهاب والتطرف وتعرية الأفكار االرهابية وتبيان خماطرها على ال�سلم االجتماعي وبني املحور الأول;:مفهوم التط ُّرف لغ ًة وا�صطالح ًا وما �أن الفرع �سيقوم بعقد دورات مكثفة للخطباء والأئمة يف يرادفه من م�صطلحات تون�س. امل �ح��ور ال �ث��اين� :أن� ��واع ال �ت �ط � ُّرف و� �ص��وره يف ال��واق��ع وح�ضر الندوة جمع غفري من املجتمع املحلي من مثقفني االجتماعي و�سيا�سني و�إعالمني. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
91
املنتدى العاملي للو�سطية فرع كرد�ستان ندوة بعنوان
من �أجل تنمية وتثبيت اخلطاب الإ�سالمي الو�سطي
عقد املنتدى العاملي للو�سطية فرع كرد�ستان يوم ال�سبت املوافق 6102/1/32ندوة بعنوان»من �أجل تنمية وتثبيت اخلطاب الإ�سالمي الو�سطي» والتي اتت حتت �شعار»الو�سطية روح التعاي�ش» وعر�ض فيها عدة حماور ا�سا�سية;من خالل اوراق العمل التي قدمها امل�شاركني وهي: .1الأ�س�س الأ�صولية للو�سطية. .2الو�سطية يف الفتوى. .3اخل�صائ�ص املنهجية خلطبة معتدلة. .4و�سطية الأمة الإ�سالمية. ويعقد املنتدى بكافة فروعه املنت�شره يف بلدان عدة مثل هذه الندوات حتقيق ًا لر�سالته ال�سامية والتي ي�سعى لن�شرها و�إي�صالها للعامل �أجمع وهي �أن اال�سالم هو دين ال�سماحة والو�سطية والتعاي�ش مع الآخر ،الدين الذي ينبذ التطرف والغلو والإرهاب بكافة �أ�شكاله. � 92إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
نشاطات الوسطية
عقد الدورة التكوينية للأئمة واخلطباء يف موريتانيا عقد املنتدى العاملي للو�سطية فرع موريتانيا وبالتعاون مع االحتاد الوطني للأئمة يف موريتانيا يف 6102/2/4-3دورة تكوينية «دور اخلطيب يف �صناعة الو�سطية» حيث عر�ض فيها �أهمية غر�س املفاهيم الإ�سالمية ال�صحيحة وال�سليمة والتي يجب �أن يتقيد فيها كل خطيب وذلك للدور الهام ال��ذي يلعبه اخلطيب وت�أثريه على الفئات املجتمعية املختلفة. وك��ان��ت ال ��دورة ب� ��إدارة الأ��س�ت��اذ ب��ن عمر يل وم�شاركة ال�شيخ الطالب �أخبار ولد ما مني ومعايل الوزير ابو بكر ولد �أحمد وال�شيخ حممد االمني ولد ام كود رئي�س االحتاد الوطني للأئمة يف موريتانيا.
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
93
بيانات الوسطية
بيان املنتدى العاملي للو�سطية حول حرق القن�صلية ال�سعودية يف �إيران
تابع املنتدى العاملي للو�سطية ردات الفعل الإيرانية غري امل�سبوقة على �إقدام اململكة العربية ال�سعودية ب�إعدام �سبعة و�أرب �ع�ين �إره��اب�ي� ًا عاثوا يف �أر�ضها ف�ساد ًا وقت ًال وتفجري ًا وتدمري ًا للم�ساجد ومرتاديها من امل�ؤمنني الآمنني املطمئنني ،حتى تطبق حد ًا من حدود اهلل تبتغي من ورائه حياة مطمئنة ل�ل�آخ��ري��ن ،تطبيق ًا لقوله تعالى }ولكم يف الق�صا�ص حياة يا �أويل الألباب{ البقرة ( )179وحتى تقطع دابر كل من ت�سول له نف�سه العبث ب�أمن احلرمني وعليه ،ف ��إن املنتدى وه��و ي�ستنكر ح��رق القن�صلية ال�شريفني باعتبارهما نزهة امل�شتاق من العباد والزهاد وطالبي الأمن والأمان من جميع املذاهب والطوائف مبن ال�سعودية ،ليعلن وقوفه �إلى جانب القيم الإن�سانية ،داعياً فيهم ال�شيعة يف �إيران وغريها. جميع الأطراف �إلى بذل املزيد من اجلهد يف �سبيل �إبعاد �إن ردة الفعل غري امل�س�ؤولة والتي وقعت على القن�صلية �شبح الفتنة بني قطرين كبريين يف ج�سم الأمة الإ�سالمية، ال�سعودية حتت �سمع وب�صر حكومة طهران �أو يف غيابها �إذ يكفي الأمة ما تواجهه من م�صائب يف العراق و�سوريا لن يعفيها من امل�س�ؤولية التاريخية والدينية والقانونية واليمن ولبنان جراء هذا التو�صيف الذي جر املنطقة �إلى ٍ مزيد من الويالت الكل فيها خا�سر ال حمالة. والعرفية� ،إذ �أن هذا الفعل يتنافى مع �أ�صول �شريعتنا ال�غ��راء التي توجب اح�ترام الر�سول وال�سفري والدخيل ِيح ُك ْم قال تعالى } َو َال َتنَاز َُعو ْا َف َت ْف�شَ ُلو ْا َو َت��ذْ َه� َ�ب ر ُ والأ�سري ،وتق�ضي مبعاملته وفق مبادئ الرحمة والإن�صاف ين { االنفال ( )46وقوله تعالى ال�صابِرِ َ ا�صبرِ ُ و ْا �إِ َّن اللهَّ َ َم َع َّ والعدالة التي ن�صت عليها ال�شرائع ال�سماوية كافة ،وكذلك َو ْ الأع��راف واملواثيق واملعاهدات الدولية والقيم الإن�سانية } َواذْ ُك�� ُروا ِن ْع َم َت اللهَّ ِ َع َل ْي ُك ْم �إِذْ ُك ْنت ُْم �أَ ْع� َ�دا ًء َف َ�أل ََّف َبينْ َ ُق ُلو ِب ُك ْم َف�أَ ْ�ص َب ْحت ُْم ِب ِن ْع َم ِت ِه ِ�إخْ َوا ًنا{ ال عمران ()103 النبيلة ،التي حترتم امل�ست�أمنني نف�س ًا وروح ًا ومقدرات. �إن املنتدى العاملي للو�سطية والذي يدعو �إلى احرتام املذاهب على تعددها ،يدين مثل هذه الأفعال التي تفت يف ع�ضد الأمة ،ويراها �أفعا ًال م�شينة متثل حقد ًا وغ ًال ،يف الوقت الذي ننظر فيه �إلى كل املعتدلني يف عاملنا نظرة �إ�شفاق ملا �أ�صابهم من تيارات التطرف والغلو والتكفري والتفجري ،التي نالت من هيبة الأمة وا�ستقرارها و�صفاء فكرها ونقاء روحها.
� 94إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
بيانات الوسطية
بيان حول تفجريات ا�سطنبول
املنتدى العاملي للو�سطية يندد بالعمل الإرهابي واجلبان الذي وقع يوم الثالثاء 2016/1/12يف تفجري ا�سطنبول الذي ا�ستهدف الآمنني يف منطقة ال�سلطان �أحمد هذا العمل الذي يتنافى مع �سماحة الأديان وال�شرائع وينتهك القوانني والأعراف الدولية التي حترم قتل الأبرياء وترويعهم. ونحن �إذ ن�شجب هذا الفعل الإجرامي لنطالب ال�شعب الرتكي خا�صه بتوحيد �صفوفه يف وجه الإرهاب والتطرف والغلو حفاظ ًا على �أمن وطنه وا�ستقراره يف الوقت الذي ي�سعى اجلميع نحو جتفيف منابع الإره��اب وا�ستئ�صاله لتحقيق الأمن واال�ستقرار يف العامل جراء تزايد الإرهاب وانت�شاره و�سعيه لتدمري مقدرات الأمة وممتلكاتها وترويع ال�شعوب وتهديد اال�ستقرار وال�سلم العاملي} �إِ مَّ َن��ا َج��زَ ا ُء
الَ ْر ِ�ض ف ََ�سا ًدا �أَ ْن ون اللهَّ َ َو َر ُ�سو َل ُه َو َي ْ�س َع ْو َن فيِ ْ أ ين ُي َحا ِر ُب َ ال َِّذ َ ُي َق َّت ُلوا �أَ ْو ُي َ�ص َّل ُبوا �أَ ْو ُتق ََّط َع �أَ ْي ِديهِ ْم َو َ�أ ْر ُج ُل ُه ْم ِم ْن ِخلاَ ٍف �أ ْوَ الَ ْر ِ�ض ذَ ِل َك َل ُه ْم ِخ ْز ٌي فيِ ال ُّد ْن َيا َو َل ُه ْم فيِ ْال ِآخ َر ِة ُي ْن َف ْوا ِم َن ْ أ اب َع ِظي ٌم {املائدة (.)33 َعذَ ٌ �إن املنتدى العاملي للو�سطية بهيئاته وعلمائه يدعو العامل كله �إلى التكاتف والتعا�ضد ملحاربة كافة �أ�شكال التطرف والإره��اب وال�سعي ملراجعة كل اخلطط والربامج لدرا�سة ج��دوى حماربة ه��ذه الظاهرة وا�ستئ�صالها والعمل على حتقيق التنمية واال�ستقرار ،امتثا ًال لقوله تعالى } َو َت َعا َو ُنوا َع َلى ا ْلبرِ ِّ َوال َّت ْق َوى َوال َت َعا َو ُنوا َع َلى ا ِلإ ْث ِم َوا ْل ُع ْد َوانِ {املائدة (.)2
بيان للنا�س حول التطهري الطائفي يف العراق و�سوريا �إن املنتدى العاملي للو�سطية يدعو منظمة التعاون الإ�سالمي للقيام بدورها جتاه ق�ضايا و�شعوب العامل الإ�سالمي، و ُيح َمل املنتدى املجتمع الدويل والأمم املتحدة وجمل�س الأمن م�س�ؤوليته التاريخية جتاه هذه املوجه اجلارفة من اال�ضطرابات والفو�ضى املنظمة وترحيل النا�س من مدنهم و ُقراهم لإحداث خلل بنيوي يف تركيبة �سكان املنطقة والتي �ستع�صف با�ستقرار العامل �أجمع و�إيجاد ال��دواء ال�ستئ�صال املر�ض الذي �أ�صاب الأمة العربية الإ�سالمية والق�ضاء عليه نهائي ًا.
} َوا َّتقُوا ِف ْت َن ًة اَّل ت ُِ�صيبنَ
ا�ص ًة { االنفال ()25 َّ ا َّل ِذ َ ين َظ َل ُموا ِمن ُك ْم خَ َّ ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
95
بيانات الوسطية
بيان حول تفجريات مايل منه �سابق ًا ،وهو تنامي ظاهرة الإرهاب والإرهاب امل�ضاد، والذي تنفي معه وفيه خيوط النور وتختفي عندما ي�سود الظلم ويرتبع على عر�ش احلكمة اجلهل والتخلف وي�صبح العامل �أجمع م�سرح ًا مفتوح ًا للجرمية التي تطال الإن�سانية جميعا بدوافع مادية وفكرية حتركها اجلماعات الإرهابية وجت��ار اال�سلحة وامل �خ��درات والع�صابات ذات ال��دواف��ع املختلفة.
ذهل العامل مرة �أخرى ملا وقع من تفجريات يف جمهورية مايل طالت ع��دد ًا كبري ًا من ال�ضحايا الأبرياء ،لت�ضاف �إلى ما �سبقهم من �ضحايا باري�س والعراق و�سوريا ولبنان واليمن ،وك��أن العامل اليوم منذور لعي�ش على وقع �أخبار القتل والتفجري والتدمري. ان املنتدى العاملي للو�سطية يحذر العامل الحق ًا ما حذر
ان املنتدى العاملي للو�سطية يطلب من املجتمع الدويل ت�ضييق الدائرة على اجلماعات الإرهابية امل�سلحة وجتفيف م�صادر متويلها والتوقف فور ًا عن دعم هذه الع�صابات �أو تلك ليتحقق للجميع فر�صة امل�شاركة يف ال�سلم وفق ما �أراده اهلل تعالى من كرامة ان�سانية لبني الب�شر جميع ًا. الَ ْر ِ�ض َف َك َ�أ مَّنَا }م ْن َقت ََل َنف ًْ�سا ِب َغيرْ ِ َنف ٍْ�س �أَ ْو ف ََ�س ٍاد فيِ ْ أ َ َ َ َ َّا�س َج ِمي ًعا{ َّا�س َج ِمي ًعا َو َم ْن �أ ْح َي َاها َف َك�أ مَّنَا �أ ْح َيا الن َ َقت ََل الن َ املائدة (.)32
املنتدى العاملي للو�سطية يدين التفجري الإرهابي يف �أنقرة
دان املنتدى العاملي للو�سطية يف عمان التفجري الإرهابي الذي وقع يف العا�صمة الرتكية �أنقرة م�ساء يوم الأربعاء 2016/2/17والذي راح �ضحيته عدد من القتلى واجلرحى و �أعلن املنتدى عن ت�ضامنه مع ال�شعب الرتكي
� 96إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ال�صديق وتعازيه احل��ارة لأ�سر ال�ضحايا الذين �سقطوا جراء اجلرمية الإرهابية النكراء والتي ال تقرها الأديان وال الأخ�لاق وال القيم الإن�سانية النبيلة و�أن املنتدى �إذ يعلن �أن الأعمال الإرهابية والعنف امل�سلح ال ميت للدين اال��س�لام��ي ب�صلة وه��و منه ب��راء و�أن الفكر الإره��اب��ي املتطرف هو نتاج الغلو يف فهمه للدين وتطبيقه وانحرافه عن الفطرة ال�سليمة التي �شرعها اهلل م�صداق ًا لقوله ْ�س ا َّل ِتي َح َّر َم اللهَّ ُ ِ�إ َّال ِبالحْ َ قِّ {اال�سراء تعالى } َو َال َت ْق ُت ُلو ْا ال َّنف َ ( ،)33ودعا املجتمع املدين واملنظمات ال�شعبية والأهلية �إل��ى ��ض��رورة تكاتف اجلهود وال��وق��وف �صف ًا واح��د ًا �ضد �آفة العنف والتطرف والإره��اب بكافة �أ�شكاله وم�سمياته وم�سبباته والتي �أ�صبحت تهدد اال�ستقرار وال�سلم العاملي.
بيانات الوسطية
بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية لإدانة العمل الإجرامي يف نيجرييا �أدان الأم�ين العام للمنتدى العاملي للو�سطية املهند�س م��روان الفاعوري العمل الإجرامي اجلبان الذي ا�ستهدف الأبرياء من الأطفال والن�ساء والعزّل و�أودى بحياة الكثريين ،فهم يف منطقة دالوري يف نيجرييا ويعلن ت�ضامنه مع ال�شعب واحلكومة النيجريية وينبذ كل �أعمال العنف والأعمال الإرهابية والإجرامية التي �أ�صبحت متزق اوا�صر املجتمعات وتهز �أمنها وا�ستقرارها ،و�صدق اهلل العظيم �إذ يقول: }م ْن َقت ََل َنف ًْ�سا ِب َغيرْ ِ َنف ٍْ�س �أَ ْو ف ََ�س ٍاد فيِ َ (.)32
َّا�س َج ِمي ًعا{ املائدة ْأ َّا�س َج ِمي ًعا َو َم ْن َ�أ ْح َي َاها َف َك َ�أ مَّنَا �أَ ْح َيا الن َ الَ ْر ِ�ض َف َك َ�أ مَّنَا َقت ََل الن َ
يف الوقت الذي يدعو فيه املجتمع الدويل ومنظمات املجتمع املدين للعمل احلثيث على ا�ستئ�صال �آفة الإرهاب التي �أ�صبحت تق�ض ا�ستقرار الأمن وال�سلم العاملي. هذا وتقدم االمني العام وال�سادة العلماء واملفكرين املنت�سبني للمنتدى ب�أحر التعازي واملوا�ساة لأ�سر ال�ضحايا �سائلني العلي القدير �أن يتغمدهم بوا�سع رحمته و�أن يلهم �أهاليهم ال�صرب وال�سلوان.
بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول اجلرمية النكراء التي ارتكبت بحق جامعة با�شخان يف باك�ستان ي��دي��ن امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية يف ع�م��ان اجلرمية التطرف والإرهاب التي �أ�صبحت تهدد اال�ستقرار وال�سلم الب�شعة التي تعر�ض لها طلبة جامعة با�شخان يف منطقة �شار�سادا يف جمهورية باك�ستان الإ�سالمية وال��ذي راح العاملي ،ويف نف�س الوقت يتقدم املنتدى ب�أحر التعازي الى �ضحيتها عدد من الطلبة االبرياء ويعلن عن ت�ضامنه مع �أ�سر ال�ضحايا ون�س�أل اهلل تعالى �أن يتغمدهم بوا�سع رحمته ال�شعب الباك�ستاين ال�شقيق وي�ؤكد �أن هذه الأعمال اجلبانه التي ي�ضرب بها الإرهابيون املجرمون كل بقاع العامل تعرب ويلهم �أهلهم ال�صرب وال�سلوان. بال �أدنى �شك عن االنحدار القيمي والأخالقي والإن�ساين }م ْن َقت ََل َنف ًْ�سا ِب َغيرْ ِ َنف ٍْ�س القائل العظيم اهلل و�صدق َ له�ؤالء الأف��راد ولهذه اجلماعات التي تقوم بهذه االعمال َّا�س َج ِمي ًعا َو َم ْن �أَ ْح َي َاها التي يندى لها جبني الإن�سانية ،ويدعو املجتمع ال��دويل �أَ ْو ف ََ�س ٍاد فيِ َْ أ ال ْر ِ�ض َف َك�أَ مَّنَا َقت ََل الن َ ومنظمات املجتمع املدين �إلى تكثيف اجلهود ال�ستئ�صال َّا�س َج ِمي ًعا{ املائدة (.)32 هذه الآفة ومعاجلة جذورها و للوقوف �صف ًا واحد ًا �ضد �آفة َف َك�أَ مَّنَا �أَ ْح َيا الن َ ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
97
بيانات الوسطية
بيان �إدانة للعمل الإرهابي يف جاكارتا يف �سبيل �إ�سعاد ال�شعوب ال �شقائها. وعليه فاننا كهيئة �إ�سالمية عاملية يف املنتدى العاملي للو�سطية ذات ر�سالة فكرية م�ستنرية ن�ستنكر ون�شجب هذا العمل الإرهابي اجلبان والذي ال يقوم به �إال اجلبناء;ممن يخالفون كافة ال�شرائع ال�سماوية ب�أفعالهم ذات الفكر امل�شوه. واملنتدى العاملي للو�سطية يناه�ض زيف من يتلثمون يدين املنتدى العاملي للو�سطية ما تعر�ضت له العا�صمة بعبائة ال��دي��ن ،فهم ب�أفعالهم ي�ضربون بعر�ض الأدي��ان الإندوني�سية (جاكارتا) يوم 2016/1/14من تفجريات ال�سماوية ومبادئها امل�ستندة الى الرحمة واحلكمة. �أدت �إلى مقتل مدنيني ،ون�شر حالة من الذعر بني املواطنني ودي��ن الإ�سالم احلنيف يدعو الى املجادلة بالتي هي و�أ�ساءت ملرتكبيها وما يحملونه من فكر ملوث يعي�ش يف م�ستنقع اجلهل والتخلف واجلمود ،وال يقدم للإن�سانية �إال �أح�سن انطالق ًا من قوله تعالى } َو َما �أَ ْر َ�س ْلن َ َاك ِ�إ اَّل َر ْح َم ًة ِل ْل َعالمَ ِ َني{ الأنبياء ( )107وقوله تعالى } َو َجا ِد ْل ُه ْم بِا َّل ِتي ِه َي �صورته الب�شعة ذات املالمح الأب�شع. َ �أ ْح َ�س ُن{النحل(,)125 �إن هذه الأعمال الإرهابية ال زال��ت ت�ؤكد على �أهمية �إن ه��ذا العمل الإره��اب��ي اجلبان وال��ذي روع الآمنني وقوف العامل �أجمع يف وجه الإرهاب والإرهابيني ملا يقومون به من زعزعة الأمن الإن�ساين �إذ تلقي بظاللها ال�سوداء و�سفك ال��دم��اء يدعو العامل الآن وب�شكل ج��دي للوقوف على امل�ساحات امل�ضيئة التي يلتقي فيها الب�شر جميع ًا بالعمل اجل��اد ملناه�ضة الأع �م��ال الإره��اب�ي��ة وحماربتها و�صو ًال �إلى عي�ش م�شرتك يحرتم معه كل ال�شرائع والعقائد ولي�سود ال�سالم واال��س�ت�ق��رار بالعامل وامل�ن�ت��دى العاملي والأديان واملذاهب الفكرية والإن�سانية حفاظ ًا على �أ�س�س للو�سطية ي�شارك اجلمهورية الأندوني�سية رئي�س ًا وحكوم ًة العي�ش امل�شرتك بني النا�س ،وبحيث ين�صب جهد اجلميع و�شعب ًا حزنهم البالغ و�أ�سفهم ال�شديد.
الرتابي يف ذمة اهلل ... ينعى املنتدى العاملي للو�سطية الدكتور ح�سن الرتابي رئي�س حزب امل�ؤمتر ال�شعبي يف ال�سودان عن عمر يناهز �أربعة وثمانني عاما. در�س الرتابي احلقوق يف جامعة اخلرطوم وح�صل على دكتوراه الدولة من جامعة ال�سوربون يف باري�س عام .1964 يتقن الرتابي �أربع لغات هي العربية ،والإجنليزية ،والفرن�سية ،والأملانية. عمل الرتابي �أ�ستاذ ًا يف جامعة اخلرطوم ثم عني عميد ًا لكلية احلقوق بها ،ثم عني وزير ًا للعدل يف ال�سودان يف عام .1988 ثم عني وزير ًا للخارجية ال�سودانية .كما اختري رئي�س ًا للربملان يف ال�سودان عام .1996 وقد اعترب الرتابي ل�سنوات عديدة من �أبرز ال�شخ�صيات ال�سيا�سية ال�سودانية املثرية للجدل كما اعترب القوة التي مكنت الرئي�س عمر الب�شري من الو�صول الى �سدة احلكم. رحم اهلل الفقيد رحمة وا�سعة و�أ�سكنه ف�سيح جناته ،و�ألهم �أهله وذويه ال�صرب اجلميل ،و�إنا هلل و�إنا �إليه راجعون. � 98إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
بيانات الوسطية
بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول ا�ست�شهاد الزيود يدعو املنتدى كافة قوى الأمة مبختلف مذاهبها واجتاهاتها توحيد جهودها ال�ستئ�صال هذه الآفة التي �أ�صبحت تهدد ا�ستقرار و�أمن الأوطان وندعو كافة الأفراد وم�ؤ�س�سات املجتمع املدين والأهلي الى الوقوف �صف ًا واحد ًا للت�صدي خلطر الإرهاب والتطرف ونرتحم على روح ال�شهيد را�شد الزيود �شهيد الواجب والوطن والذي قدم روحه رخي�صة يف �سبيل الدفاع عن ثرى الوطن واملواطن ،ونتقدم من �أ�سرته و�أهله وذويه ب�أ�صدق م�شاعر العزاء واملوا�ساة ونتمنى للجرحى من �أفراد �أجهزتنا الأمنية ال�شفاء العاجل ،وي�شيد املنتدى العاملي للو�سطية يف عمان بجهود امل�ؤ�س�سة الأمنية والع�سكرية وهي تقف بكل �صالبة و�إقدام �أمام قوى الظالم من خوارج هذا الع�صر الذين يحاولون الإف�ساد والعبث مبقدرات الوطن وترويع املواطنني الآمنني الأبرياء هذه الفئة التي تت�سرت بعباءة الدين –�أعداء احلياة والإن�سانية البعيدين كل البعد عن تعاليم الدين القومي قو ًال و�سلوك ًا وعم ًال ،ويثمن املنتدى عالي ًا ب�سالة رجال الأمن الذين ا�ستطاعوا الق�ضاء على هذه الفئة احلاقدة وي�شد على �أياديهم لل�ضرب بيد من حديد لكل من ت�سول له نف�سه العبث با�ستقرار و�أمن الوطن بوركت ال�سواعد التي تذود عن حمى الأمة وتت�صدى للمجرمني واخلارجني عن دينها وعقيدتها.
} َر ِّب ْاج َع ْل َهـَذَ ا َب َلد ًا � ِآمن ًا َوا ْر ُزقْ �أَ ْه َل ُه ِم َن ال َّث َم َر ِات{
�صدق اهلل العظيم
اجلابري يف ذمة اهلل.. ينعى املنتدى العاملي للو�سطية الأ�ستاذ الدكتور (طه جابر العلواين) ،ال��ذي واف��اه الأج��ل يف العا�صمة امل�صرية (القاهرة) عن عمر ناهز ( )80عاما بعد �صراع مع املر�ض. ولد الفقيد (رحمه اهلل) يف مدينة الفلوجة يف حمافظة الأنبار �سنة ،1935وكان من �أوائل املتخرجني من املدر�سة الدينية يف الفلوجة يف عهد �شيخها عبد العزيز ال�سامل ال�سامرائي (رحمه اهلل) ،وح�صل على �شهادة الثانوية الأزهرية يف القاهرة ،ثم ح�صل على �شهادة البكالوريو�س من كلية ال�شريعة والقانون بجامعة الأزهر ،ونال �شهادة الدكتوراه من كلية ال�شريعة والقانون بجامعة الأزهر �سنة 1973مع مرتبة ال�شرف الأولى يف تخ�ص�ص (�أ�صول الفقه). �أ�شرف الفقيد على الكثري من ر�سائل الدكتوراه واملاج�ستري وناق�ش كثريا منها ،ف�ضال عن قيامه بن�شر درا�سات و�أبحاث ،من �أبرزها حتقيقه ودرا�سته لكتاب (املح�صول يف الأ�صول) للفخر الرازي ،ف�ض ًال عن م�شاركته يف كثري من امل�ؤمترات والندوات العلمية واللقاءات الأكادميية. وتولى الفقيد رئا�سة جامعة قرطبة ،ورئا�سة جامعة العلوم الإ�سالمية واالجتماعية ،ورئا�سة املعهد العاملي للفكر الإ�سالمي يف الواليات املتحدة الأمريكية. رحم اهلل الفقيد رحمة وا�سعة و�أ�سكنه ف�سيح جناته ،و�ألهم �أهله وذويه وتالمذته ال�صرب اجلميل، و�إنا هلل و�إنا �إليه راجعون ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
99
بيانات الوسطية
براءة وجترمي من املنتدى العاملي للو�سطية من التطرف واملتطرفني حول تفجريات بروك�سل قال تعالى } :من قتل نف�سا بغري نف�س او ف�ساد يف االر�ض فك�أمنا قتل النا�س جميعا {... �صدق اهلل العظيم نعم انطالقا من تعاليم ديننا احلنيف وثقافتنا الإ�سالمية ال�صحيحة وتقاليدنا االن�سانية احلقه ندين نحن يف املنتدى العاملي للو�سطية وبحزم وقوه جميع االعمال االرهابية من قتل للأبرياء واف�ساد يف ار�ض اهلل من جانب املجموعات االرهابية املجرمة املتوح�شة يف كل مكان وزمان. اننا نعترب ان ه�ؤالء خارجون عن امللة وعن تعاليم الدين واالعراف كونهم يقتلوا النف�س االن�سانية الربيئة ويخدموا �أعداء الأمة عرب تفتيت وحدتها وا�ستنزاف جهودها ومقدراتها. اننا ومن حيث املبد�أ الديني واالخالقي واالن�ساين ن�شجب وبقوة قتل وترويع االبرياء اليوم يف بروك�سل و�أم�س يف �إ�ستانبول وانقرة وقبلها يف اربد ويف باري�س وما يجري من افعال ارهاب منظم يف �سوريا والعراق واليمن وتون�س وم�صر وغريها من مواقع حيث تزهق النف�س الب�شرية على يد االرهابيني من كل نوع و�صنف و�شعار. ان ادانتنا لتلك االعمال االرهابية ورف�ضنا لتلك اجلماعات اخلارجة عن الدين اال�سالمي احلق وتن�صلنا من افعالها الذميمة ي�أخذ قوة �أكرب كون اولئك االرهابيني ي�ستخدمون ديننا وهويتنا وا�سماءنا �شعارا جلرائمهم وغطاء لتوح�شهم املرفو�ض لت�شويه �أجمل ر�سالة و�أرقى دين. وبهذه املنا�سبة ف�إننا ندعو الى عمل دويل جماعي ملواجهة هذا االرهاب انطالقا من ان على امل�سلمني م�س�ؤولية �أكرب يف مواجهة هذا اخلطر الذي ي�سيء الى ديننا والى ثقافتنا وتربيتنا ورموزنا الإ�سالمية والعربية احل�ضارية العريقة. و لكي ال تكون ادانتنا ومواقفنا عمال مو�سميا ف�أننا نطالب انطالقا من م�س�ؤوليتنا ودورنا يف ن�شر فكر الو�سطية واالعتدال واحلوار ومن ثقافة “ جادلهم بالتي هي �أح�سن “ فانه يلزم على جميع م�ؤ�س�سات الدولة من م�ساجد ومدار�س ومنتديات وو�سائل اعالم ان تعمل ب�شكل �أكرث جدية وا�ستمرارية يف دح�ض الفكر االرهابي وف�ضح اخطاره على االجيال وعموم املجتمع �سواء �إرهاب الأفراد �أو الدول او اجلماعات“.
� 100إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
الركن الطبي
من �آيات اهلل د.ذيب عبد اهلل ا�ست�شـاري طـب الأطفـال
والقر�آن يريحنا من اجلدل يف هذه امل�س�ألة فيقول } �إن ب�سم اهلل الرحمن الرحيم مثل عي�سى عند اهلل كمثل �آدم خلقه من تراب ثم قال له كن احلمد هلل وال�صالة وال�سالم على ر�سول اهلل فيكون{ (�آل عمران )59 :ف�إن اهلل عز وجل خلق �آدم بال �أب يقول اهلل عز وجل } :ومرمي ابنة عمران التي �أح�صنت وال �أم ،و�إمنا خلقه من تراب .وخلق عي�سى من �أم وبال �أب، فرجها فنفخنا فيه من روحنا و�صدقت بكلمات ربها وكتبه وخلق الكثري من الب�شر من �أب و�أم. وكانت من القانتني{ (التحرمي)12: �إال �أن هواة اجلدل واملكابرين يجادلون يف املح�سو�س ويقول �سبحانه وتعالى } :والتي �أح�صنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها �آية للعاملني{(الأنبياء )91:كالذي ينكر ن��ور ال�شم�س من عمى ب�صريته .فكث ًريا ما ت�سمعهم وهم ينكرون �آية اهلل وقدرته ويت�ساءلون �أين �أبوه وج��اء يف �سورة �آل عمران قوله عز وج��ل} :و�إذ قالت لعي�سى. املالئكة يا مرمي �إن اهلل يب�شرك بكلمة منه ا�سمه امل�سيح واليوم ف�إن العلم احلديث �أثبت �أنه بالإمكان ا�ستن�ساخ عي�سى ابن مرمي وجي ًها يف الدنيا والآخرة ومن املقربني{ (�آل عمران)45: الإن�سان من خليه من الأم ،حيث ي�ؤتى بالبوي�ضة من امر�أة } ويكلم النا�س يف املهد وكهلاً ومن ال�صاحلني{ (�آل ثم ت�ؤخذ خلية �أخرى ولتكن من جلد نف�س املر�أة التي �أخذت منها البوي�ضة ويدجمان م ًعا فيتم ا�ستن�ساخ الإن�سان دون عمران)46: تدخل من الرجل وبال حيوانات منوية. } قالت رب �أنى يكون يل ولد ومل مي�س�سني ب�شر قال اً مقبول عند العلماء �أن يتم ا�ستن�ساخ هذا الأمر �أ�صبح كذلك اهلل يخلق ما ي�شاء �إذا ق�ضى �أم ًرا ف�إمنا يقول له كن الإن�سان من امل��ر�أة فقط بال حيوانات منوية ودون حاجة فيكون{ (�آل عمران)59 : �إلى ماء الرجل فكيف باخلالق �سبحانه وتعالى الذي يقول }�إن مثل عي�سى عند اهلل كمثل �آدم خلقه من تراب ثم لل�شيء كن فيكون. قال له كن فيكون{ (�آل عمران)59: ف�سبحانه خلق �آدم من غري �أم وال �أب ،وخلق عي�سى عليه هكذا كان خلق عي�سى ابن مرمي عليه ال�سالم ب�أمر اهلل الذي يخلق ما ي�شاء و�إذا ق�ضى ربنا �سبحانه �أم� ًرا ف�إمنا ال�سالم بال �أب ،ويخلق �سبحانه من �أم و�أب. يقول له كن فيكون. ف�إذا ق�ضى �أم ًرا ف�إمنا يقول له كن فيكون ف�سبحان اهلل ف�سيدنا عي�سى عليه ال�سالم كلمة من اهلل ،واهلل �سبحانه اخلالق العظيم� } .سرنيهم �آياتنا يف الآفاق ويف �أنف�سهم نفخ يف فرج مرمي الطاهرة البتول من روحه فجاء عي�سى ابن مرمي عليه ال�سالم عبد اهلل ور�سوله و�آية للنا�س �إلى يوم حتى يتبني لهم �أنه احلق �أومل يكف بربك �أنه على كل �شيء القيامة ورحمة من اهلل. �شهيد"{ (ف�صلت)53 : ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
101
واحة الوسطية
� 102إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ق�صيده
�صادق العربات منا�سبة الق�صيدة
الدكتور ذيب عبد اهلل
التقيته ع ��ام 1980م يف ل �ن��دن ،وق ��د جت ��اوز ال���س�ت�ين م��ن ع �م��ره ،ف��ر�أي �ت��ه يبكي ب �ح��رق��ة ،و� �س ��أل �ت��ه م��ا ال��ذي ي�ب �ك�ي��ك؟ ف� ��أج ��اب :ل�ي�ت�ن��ي ب�ق�ي��ت ف�ل�اح�� ًا يف م���ص��ر �أم� �ي� � ًا ال �أع � ��رف ال� �ق ��راءة وال �ك �ت��اب��ة وم ��ا ج �ئ��ت �إل� ��ى ه�ن��ا. وا��س�تر��س��ل ق��ائ� ً لا :ع�ن��دم��ا �أن�ه�ي��ت ال�ث��ان��وي��ة ال�ع��ام��ة ج�ئ��ت �إل ��ى ب�ل�اد ال �غ��رب وت�ع��رف��ت ع�ل��ى مم��ر��ض��ة م��ن ال�نروي��ج وكلمتها ع��ن الإ���س�ل�ام ف��أ��س�ل�م��ت ،ث��م ت��زوج�ت�ه��ا و�أجن �ب��ت م�ن�ه��ا ،وب �ع��د ذل��ك م�شيت يف ط��رق االن� �ح ��راف ،كانت ت ��راين �أع��اق��ر اخل �م��رة ،ف�ت���س��أل� :أل�ي���س��ت ب �ح��رام؟ فكنت �أج�ي�ب�ه��ا� :إن اهلل ي �ق��ول" :وال ت�ق��رب��وا ال���ص�لاة و�أن �ت��م �سكارى" وهكذا كلما ر�أت�ن��ي على منكر �إل��ى �أن اكت�شفت كذبي وخ��داع��ي ،ف��ارت� ّدت عن الإ��س�لام وهجرتني .وكرب الأوالد ،فابنتي تعي�ش م��ع �صديقها ب�لا زواج ،واب�ن��ي يعي�ش م��ع �صديقته ب�لا زواج ،وال �أ�ستطيع �أن �أف�ع��ل �شيئ ًا. ل�ق��د ح�صلت ع�ل��ى ثل��اث � �ش �ه��ادات دك �ت��وراه يف ال�ط��ب النف�سي ،و�إن �ن��ي �أت �ق��ن �أرب ��ع ل�غ��ات ع��امل�ي��ة ،وح�صلت على ��ش�ه��ادة جامعية يف احل �ق��وق ،وت��رق�ي��ت يف امل�ن��ا��ص��ب العلمية �إل ��ى �أن �أ��ص�ب�ح��ت م��دي��ر ًا مل�ؤ�س�سة طبية م�شهورة (ال �أري���د �أن �أذك���ر ا�سمها ح�ت��ى ال ُي �ع��رف ه��ذا ال��رج��ل) ول�ق��د ح�صلت ع�ل��ى ك�ث�ير م��ن ال���ش�ه��رة وع�ل��ى ك�ث�ير من امل ��ال ،ول�ك��ن وك�م��ا قلت ل��ك ليتني بقيت ف�لاح � ًا �أم �ي � ًا يف م�صر ال �أع ��رف ال �ق��راءة وال�ك�ت��اب��ة ومل��ا جئت �إل ��ى هنا. ذكرت هذه الق�صة يف خطب اجلمعة يف �أكرث من م�سجد لتكون عربة ملن اعترب ،ورجوت اهلل �أن يكون قد غفر ل�صاحبها. عيني� ،أنظر �إليه ف���أراه يتعذب و�أراه يف داخله ط ّيب ًا حزين ًا مثري ًا لل�شفقة. عفا اهلل عنه فما زال��ت دموعه �أم��ام ّ مل تغب �صورته عن عيوين وال دموعه ،وجاءت هذه الق�صيدة: �����������ب م�������������ن ال�������ظ�������ل�������م�������ات �����������ي ������ش�����ع�����اب�����ه�����ا وف�����������������������ض�����������ا�ؤه�����������ا ح�����������ج ٌ ي�������������ا رب ق�������������د ����������ض���������اق���������ت ع�����������ل ّ ي������������ا وي���������������ح ن������ف�������������س������ي يف ال�������������ذن�������������وب �أ�����������س�����ي����رة وي�������������������������������������ش������������������ ّدين ق��������������ي��������������د م��������������������ن ال���������������������������زالت �������������ن م�������������ن ل���������ف���������ح ال���������ه���������ج����ي����ر ج�������وان�������ح�������ي ب�������������ال�������������ه�������������م م�����������ث�����������ق�����������ل����������� ٌة وب���������������اجل���������������م���������������رات وت�������������ئ ّ ف���������������دع���������������وت رب��������������������ي وال��������������������دم��������������������وع غ����������زي����������رة ف���������ا����������ض���������ت ب���������ه���������ا ع��������ي��������ن��������ي م��������������ن ال���������ك���������رب���������ات ي��������������ا رب �إن ع������������������ ّز امل������������ج������ي�����ر ف���������������أن��������������ت يل ب�����������������������رد امل��������������ل�������������اذ وواح����������������������������������ة ال������������رح������������م������������ات �����������ش����������اه����������دت زرع اجل����������ه����������ل ي����������������وم ح���������������ص�������اده ي��������ج��������ن��������ي ع����������ل����������ى ال���������������������������������زراع ب���������احل�������������������س���������رات ور�أي�������������������������������ت ث������������������وب اجل�����������ه�����������ل ي�������ف���������������ض�������ح رب���������ه ل��������������و الذ ُي���������خ���������ف���������ي ال�����������������������س�����������وء والآف���������������������������ات ف���������������������س�����������أل����������ت رب�������������������ي �أن ي�������������������دمي ب�������ع�������ف�������وه ����������س����ت����ر ال����������������ذن����������������وب و������������س�����������ائ�����������ر ال���������ه���������ف���������وات و�����������س�����������أل����������ت����������ه ��������س�������ب�������ل ال����������ن����������ج����������اة ُت������ق������ي������ل������ن������ي م����������������ن ع������������ات������������ي������������ات ال�����������ب�����������غ�����������ي وال����������������ع��������ث�������رات ي����������������ا رب �إين ق����������������د غ��������������وي��������������ت ج�������ه�������ال�������ة و�أ������������ض�����������ع�����������ت يف ج�������ه�������ل�������ي م�������������ن ال�����������������س��������ن��������وات ت������������اه������������ت خ���������ط���������ان���������ا يف ظ���������ل��������ام خ�����ط�����ي�����ئ�����ت�����ي ب��������������امل��������������غ��������������ري��������������ات ول������������������������������ذة ال�����������������������ش�����������ه�����������وات ح���������ت���������ى �إذا ������������ض�����������اء امل�����������������ش��������ي��������ب ب�����ل�����ح�����ي�����ت�����ي وغ��������������������������دوت ���������ش��������ي��������خ��������اً واه���������������������ن ال�������ع���������������ض���ل���ات ور�أي�������������������������ت ح��������ب��������ل امل������������������وت ي���������ط���������وي ������ص�����اح�����ب�����ي و���������ص��������ح��������ا ال����������������ف�����������������ؤاد ب��������ع��������د ط����������������ول �������س������ب������ات ُي�����������ح�����������ي�����������ي ال������������ق������������ل������������وب ت�������������دب�������������ر الآي��������������������������ات ف���������أف��������ق��������ت م����������ن ُح�������� ُل��������م��������ي لأف�����������ت����������� َح م���������ص����ح����ف����ي �أب���������������������ص����������رت يف ال���������������ق���������������ر�آن ن���������������ور ب�����������ص��ي��رت�����ي ووه������������������ب������������������ت ل����������������ل����������������ق����������������ر�آن ك������������������ل ح��������ي��������ات��������ي و������������س�����������ج�����������دت ل��������ل��������رح��������م��������ن �أرج����������������������������و ع�������ف�������وه ف����������ه����������و ال���������������ك���������������رمي ي�������������ج�������������ود ب�������ال�������ن�������ف�������ح�������ات �����������ي ج�������ري�������رت�������ي وج�����������������������������راب زادي خ�������������������������اوي احل�����������������س��������ن��������ات ي�������������ا رب ق�������������د �أخ�������������ن�������������ت ع�����������ل ّ ِ ��������َب��������ررَات ول�����������ق�����������د �أت�������������ي�������������ت �إل���������������������ى رح�������������اب�������������ك ت�������ائ�������ب�������اً ف���������اق���������ب���������ل �إل�������������ه�������������ي ����������������ص���������������اد َق ال����������������� َع ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
103
واحة الوسطية �شخ�صيــّة العـــدد
العالمة ال�شيخ الأ�ستاذ الدكتور حممود نادي عبيدات �أو ًال :املولد والن�ش�أة والن�سب �أ-م����ول����ده :ول��د �سنة 1350هجرية يوافقها 1931 ميالدية يف قرية الرفيد التي تبعد عن مدينة �إربد 20كم �إلى ال�شمال يف املنطقة التي تعرف بــ (بني كنانة) وت�سمى بالكفارات. ت�شتهر بكرثة الزيتون فيها وجودة زيتها ،وهي منطقة زراعية ذات مناظر خالبة تطل على كثري من قرى �سورية واجلوالن. ب-ن�ش�أته :ن�ش�أ يتيم الأب حيث تويف والده رحمه اهلل وعمره �سنة ون�صف تقريب ًا ،وتولت والدته رحمها اهلل – وركز ر�سول اهلل � -صلى اهلل عليه و�سلم -على ال�صدر تربيته و�أخويه و�أخواته الثالث فكانت نعم املربية ،وقد (اللهم �سلم �صدورنا من الغل واحلقد و�سائر �أمرا�ض عانوا جميع ًا من ظلم ذوي القربى: النفو�س). وظلم ذوي القربى �أ�شد م�ضا�ضة كان له ولع كبري باللغة العربية ودرو�س الدين ،ومل يكن على املرء من وقع احل�سام املهند يتقدم عليه يف العربية �إال زميله بل �أخ��وه املحب الأ�ستاذ وملا كربوا ت�ساحموا وتعالوا على اجلراح .كيف ونحن املف�ضال كامل �ساري العمري الذي �أ�صبح نائب ًا �سنة 1989م فيما بعد و�أخوتهما متينة طيلة حياته وذلك من ف�ضل اهلل �أمة الإ�سالم �أهل ال�صفح والت�سامح وقد قال ال�شاعر فيها :عليهما. �إذا احرتبت يوم ًا ف�سالت دما�ؤها
تذكرت القربى ف�سالت دموعها ج-ن�����س��ب��ه :ينحدر م��ن �أب��وي��ن م��ن ع�شرية العبيدات ومل يث�أروا لأنف�سهم ومل يحقدوا و�سلمت �صدورهم .وما املعروفة كم ًا ونوع ًا بل تعد قبيلة لها فروع يف فل�سطني وليبيا وال�سعودية و�سورية ويت�صل ن�سبها �إلى جعفر الطيار (ذي �أح�سن ما قال املقنع الكندي: اجلناحني) �أح��د ق��ادة م�ؤتة الأب�ط��ال -ر�ضي اهلل عنهم وعن �أ�صحاب ر�سول اهلل �-صلى اهلل عليه و�سلم -جميع ًا،وال �أحمل احلقد القدمي عليهم وهذا �شرف كبري يعتز به وال يبطئ به العمل �إن �شاء اهلل. ولي�س رئي�س القوم من يحمل احلقدا ثانياً :الدرا�سة وحت�صيل العلم: �أما قول اهلل تعالى ف�أكرم من كل قول وفوق كل قول، �أ-ال��ك�� ّت��اب :يف �أول �سني عمره در���س عند اخلطيب وقد قال عز وجل } :ونزعنا ما يف �صدورهم من غل {. املعروف عند النا�س بـ (الك ّتاب) فتلقى على يدي اخلطيب وذك��ر دع��اء امل�ؤمنني ( :ربنا وال جتعل يف قلوبنا غال القر�آن الكرمي وال�سرية النبوية خمت�صرة واللغة العربية للذين �آمنوا ). واحل�ساب والأنا�شيد. � 104إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ب-يف املدار�س :بعد الك َّتاب ذهب �إلى قرية حرثا لدرا�سة ال�صف الأول يف وهي جماورة لبلده يقطنها �أخواله ،وكان يقطع وزم�لا�ؤه واديني �إلى حرثا ويعانون الكثري يف ف�صل ال�شتاء حيث ال موا�صالت ،وكان زاده يف الغداء رغيف ًا مع بي�ضة م�سلوقة �أو حبات زيتون �أو رمانة �أو كتلة لبنة �صغرية عليها بقايا زيت .وبعدها انتقل �إلى مدينة احل�صن حيث ك��ان عمه وخ��ال��ه يف �آن واح��د الأ��س�ت��اذ حممد الفرحان العبيدات مدير ًا ملدر�ستها وقد �صار فيما بعد وزير ًا ثم عين ًا فدر�س ال�صفوف الثاين والثالث والرابع الإبتدائية وكان متفوق ًا يف هذه املرحلة.
هـ-االبتعاث �إل��ى الأزه���ر :تاقت نف�سه �إلى اال�ستزادة يف العلم لإكمال درا�سته العليا ف�أوفد مع ثالثة من الزمالء هم حممد نعيم يا�سني وعبد ال�سالم العبادي وعبد الوهاب �صافية �إلى جامعة الأزهر �سنة 1968م لدرا�سة املاج�ستري والدكتوراه مبعوثني من الأوقاف ووزارة الرتبية والتعليم، ونال درجة الدكتوراه يف احلديث النبوي� ،إذ �أنه �أول �أردين يح�صل على الدكتوراه يف ه��ذا التخ�ص�ص ،ع��اد بعدها ليعمل مدر�س ًا يف اجلامعة الأردنية ثم عمل يف جامعة العني ويف جامعة �أم القرى ثم يف جامعة الريموك ،وجامعة العلوم الإ�سالمية العاملية .ترك �إرث ًا علمي ًا زاخر ًا متثل بعدد من امل�ؤلفات والأبحاث هذا ف�ض ًال عن �إ�شرافه على عدد كبري من ر�سائل املاج�ستري والدكتوراه.
وق��د مت�ي��ز ب�شبكة مم �ي��زة م��ن ال �ع�لاق��ات العلمية انتقل بعد ذلك �إل��ى مدينة �إرب��د فدر�س ما بقي من ال�صفوف الإبتدائية اخلام�س وال�ساد�س وال�سابع ثم الأربعة واالجتماعية يف حميط بلده الأردن ومع �أبناء �أمته على ال�صفوف الثانوية يف مدر�سة �إربد الثانوية حيث تخرج منها امتداد العامل الإ�سالمي ،ومما قيل فيه �شعر ًا: �سنة 1952م ،ومل يكن الإعدادي يف ذلك الوقت موجود ًا. نلت �أرفع منزل ج-م��ن �أ�ساتذته يف �إرب���د :ال�شيخان الفا�ضالن حامد لك يف ر�سول اهلل �أح�سن �أ�سوة مري�ش والأ�ستاذان لطفي عثمان وخليل اللوباين اللذان كان لهما الف�ضل يف تقدمه باللغة العربية وكذلك الأ�ستاذ فاجعله دوم ًا يف املقام الأول وا�صف ال�صليبي والأ�ستاذ الدكتور �سيف الدين الكيالين ولقد عرفتك �صادق ًا يف حبه ومن الأ�ساتذة ذوقان الهنداوي وعبداهلل العنا�سوة وحممد رجا امل�سعود و�أنور احلناوي ونا�صر احلمود. ووردت �صافية ب�أعذب منهل عندما �أنهى درا�سته الثانوية التحق بق�سم الثقافة من مادح املختار (�شاعر طيبة) باجلي�ش العربي الأردين مدر�س ًا يف مدار�سه التي ت�ضم �أبناء ال�ضباط واجلنود ملدة خم�س �سنوات ثم ا�ستقال برتبة جاءتك ترفل بالوداد الأجمل وكيل معلم ليكمل درا�سته العليا يف �أواخ��ر �سنة 1957م و�سكن العا�صمة مع �أخويه من �سنة � 1952إلى يوم وفاته. ثالثاً :موجز عن �سريته الذاتية: د-يف جامعة دم�شق (ال��درا���س��ة وال����زواج)� :سافر �إلى -عني معلم ًا يف مدر�سة عجلون الثانوية �سنة 1963م، دم�شق �سنة 1958م للدرا�سة يف جامعتها مبعوث ًا من ثم يف مدر�سة �سعد بن �أبي وقا�ص الثانوية يف �إربد ،ثم الأوق��اف .فتخرج يف كلية ال�شريعة �سنة 1962م وكانت مدر�س ًا يف ثانوية بنات �إربد للرتبية الإ�سالمية واللغة رغبته جاحمة يف درا�سة ال�شريعة التي �أحب ،ويف �أواخر �سنة العربية. 1961م تزوج وهو يف ال�سنة الرابعة ،و�أجنب ت�سعة �أوالد �ستة من الذكور تويف اثنان منهم يف حياته وثالث بنات ،وهم� - :أ� �س �ت��اذ ًا للحديث يف اجل��ام�ع��ة الأردن� �ي ��ة وال�يرم��وك حمزة تويف �سنة 2009م ،وبالل ،وعبد الرحمن ،و�أ�سامة واجلامعة الإ�سالمية وجامعة العني وام القرى. الأول تويف �صغري ًا �سنة 1974م ،وحممد ،و�أ�سامة الثاين ون�سيبه (زوجة الدكتور يو�سف خ�صاونة ،مدير م�ست�شفى � -أم�ي�ن� ًا ل�سر جمل�س الأوق� ��اف وال �� �ش ��ؤون واملقد�سات ت�لاع العلي) و�أ��س�م��اء (زوج��ة ف��را���س �شربجي) و�سمية الإ�سالمية. (زوجة الأ�ستاذ �سامح النا�صر� ،أمني عام ديوان اخلدمة -م�ساعد لعميد كلية ال�شريعة. املدنية) .وله منهم �ستة وثالثون حفيد ًا ذكور ًا واناث ًا يحبهم ويداعبهم ،ويعرفهم جميع ًا ب�أ�سمائهم ويقوم بواجبهم ما -رئي�س رئي�س ق�سم �أ� �ص��ول ال��دي��ن لكلية ال�شريعة يف �أمكنه وذلك بف�ضل اهلل. اجلامعة الأردنية. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
105
ع�ضو جمل�س اجلامعة الأردنية. ع�ضو هيئة االعجاز العلمي يف القر�آن الكرمي وال�سنةالنبوية. ع�ضو دائم يف جلنة الإمام مالك بن ان�س يف املغرب. ع�ضو يف جمعية احلديث و�إحياء الرتاث. ع�ضو رابطة علماء الأردن-عمان. رئي�س جمل�س العلماء يف جماعة الإخ��وان امل�سلمني يفالأردن ونائب ملر�شد اجلماعة �سابق ًا. له جمموعة من امل�ؤلفات والأبحاث و�أ�شرف على �أكرثم��ن مئة وخم�سني ر�سالة ماج�ستري ودك �ت��وراه داخ��ل وخارج الأردن. رابعاً� :شهادات ب�أقالم زمالئه
-2الدكتور عبدالرزاق �أبو الب�صل فهذه كلمة متوا�ضعة يف حق �أ�ستاذنا الأ�ستاذ الدكتور العالمة املحدث الأدي��ب الأري��ب واحل�سيب الن�سيب �أبي حمزة"حممود بن نادي عبيدات" ،الذي علمنا التوا�ضع مب��ا ح�ب��اه اهلل ع��ز وج��ل م��ن ع��ري��ق الأخ�ل�اق م��ع �أ�صالة الأع��راق ،فقد جمع اهلل له العلم الوافر ،والذهن الوقاد، والأدب اجلم ،مع العاطفة اجليا�شة بحب �سنة النبي �صلى اهلل عليه و�سلم والغرية عليها وعلى احلديث و�أهله ،حيث كان احلديث حمل عنايته ودرا�سته الأكادميية ،فقد كان من قدر اهلل وعنايته �أول من ح�صل على درجة الدكتوراه يف احلديث ال�شريف وعلومه يف بلدنا العزيز الأردن ،معقد خا�صرة ال�شام ،وحمل العناية والإهتمام ،من �سيدنا حممد �صلى اهلل عليه و�سلم خري الأنام ،وخلفائه الكرام ور�ضوان اهلل عليهم �أجمعني فقد �ضن ابن اخلطاب بالبدريني� ،إال حينما كانت الريموك فقد قبل �أن يكونوا يف تلك املعركة بدر التاريخ والفتوح ،بعد بدر الكربى ،فكان منهم فيها مائة ر�ضوان اهلل عليهم واحلقنا بهم.
هذه �شهادات بع�ض زمالئه فيه ومن ه�ؤالء الأ�ساتذة وكانت ر�سالته عن �إم��ام دار الهجرة النبوية مالك الكرام: بن �أن�س جنم العلماء كما قال ال�شافعي ،وحمل ارحتالهم -1الأ�ستاذ الدكتور �إبراهيم زيد الكيالين ل�سماع موطئه ال��ذي كتب عنه �أ�ستاذنا ففتح الطريق من الأ�صدقاء اخلل�ص والإخوة الذين �أعتز ب�صداقتهم وعبدها لغريه من طلبة العلم واملعرفة كما عبد الإم��ام ومبزاملتهم يف ال��درا� �س��ة اجلامعية الأول���ى وال��درا��س��ة مالك الطريق لغريه مبوطئه. اجلامعية العليا ويف العمل الأ�ستاذ الدكتور حممود عبيدات بعد هذا الإيجاز يف حق �أ�ستاذنا �أذك��ر انطباعاتي �أبو حمزة ،وقد كان يل مع هذا الأخ ال�صديق مواقف ،وكان وبع�ض ذكرياتي معه ،فقد كان من �أحر�ص من عرفت من يل معه �سرية متيز فيها ب�صدقه ،و�إخال�صه كما متيز فيها الأردنيني الأ�ساتذة على ال�صالة يف امل�سجد احلرام بحيث بعلمه وعطائه. ال تخطئه ال�صالة �إال ملانع ملا كنت طالبا يف جامعة �أم الأ� �س �ت��اذ ال��دك �ت��ور �أب ��و ح �م��زة حم �م��ود ع�ب�ي��دات من القرى ،كما �أن كل من �صاحب �أ�ستاذنا عرف غريته على ال�شخ�صيات النادرة الذين عرفوا الدعوة وعرفوا الطريق الدين و�أهله وعلى حرماته وعرف متلمله لكل ما ي�صيب �إليها بالعلم والعمل ،وك��ان يف حياته كلها مثا ًال لل�صدق امل�سلمني حتى ك�أن الأمر واقع به ،وهو من عالمات الإميان والإخ�لا���ص وم�ث��ا ًال للدعوة واجل�ه��اد يف �سبيلها كما كان وحرارته يف قلبه جمع اهلل له �أجر ذلك كله وجعله يف ميزان �صادق ًا مع طالبه و�صادق ًا مع النا�س� ،أخي الأ�ستاذ الدكتور ح�سناته. حممود عبيدات من �أهل احلديث علم ًا ومن �أهل احلديث وعرفت فيه وفاءه يف حق كل من �أ�سدى �إليه معروف ًا، علم ًا ومن �أه��ل احلديث فقها ومن �أه��ل احلديث �سرية، وهو ميثل منوذج ًا للعامل العامل امل�صلح الذي ترك �أثره يف فطاملا كان يذكر الأ�ستاذ ال�شيخ العالمة حممد �إبراهيم طالبه كما ترك �أثره يف �إخوانه وزمالئه. �شقرة بخري ويثني عليه لكتابته تو�صية له يف �سنة 1957م عندما ذهب للدرا�سة يف كلية ال�شريعة يف دم�شق �أعاد اهلل ن�س�أل اهلل �أن يزيده من ف�ضله و�أن يجزيه عنا خري لها عزها وجمدها. اجل��زاء و�إذا كان يل اعتزاز ب�صديق و�أخ ويف فالأ�ستاذ الدكتور حممود عبيدات من ه�ؤالء الذين �أعتز ب�أخوتهم وع��رف��ت فيه ك��رم ال�سجايا وال�ط�ب��اع م��ع ك��رم اليد وب�صحبتهم ،و�أ�س�أل اهلل �أن يجمعنا يف عليني يف ظل راية وال�سخاء ،فقد كان يف هذا الأمر وحيدا ال يبارى وال يجارى �سيد املر�سلني عليه �أف�ضل ال�صالة والت�سليم. �أعزه اهلل ورفع قدره وعرفت فيه حبه للغة القر�آن وغريته � 106إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
واحة الوسطية عليها ،وت�أ�سفه على ت�ضييع كثري من ال�شرعيني اليوم معرفتها و�إهمالهم لها واحلر�ص على تعلمها ،وعرفت يف �أ�ستاذنا حبه لأ�ساتذته فكثري ًا ما كان يحدثنا عنهم يف �أثناء ذهابنا و�إيابنا الى جامعة الريموك حني تزاملنا بعد عودته من جامعة ام القرى ،وكان معنا الأخ العزيز الدكتور عبدالكرمي وريكات وهو �شيء كثري لو جمع جلاء منه كتاب وحده . وع��رف��ت فيه حبه لآل بيت النبي –�صلى اهلل عليه و�سلم -واحرتامه لهم وامتالء قلبه بذلك حلرمة ر�سول اهلل – �صلى اهلل عليه و�سلم -وقربهم منه .
�أبو حمزة معني علم �صاف دفاق عزيز عليه تاج من وقار و�أدب وكرم يزري بحامت ،فما ر�أت عيناي مثل كرم �أبي حمزة �،أو قل �أن ترى . ويزين ذلك ف�صحى جميلة تخرج عفوية �سل�سلة عذبة مت�أنية رائقة رائعة ...ال يجل�س ابو حمزة يف جمل�س اال كان وا�سطة عقدة ،ودرته وزينته...وال ر�أيت النا�س جتمع على حمبة �شخ�ص كما جتمع على حمبته وتوقريه وتقديره، مهيب ،ي�ح�ترم لأخ�لاق��ه ،و�أدب���ه وحيائه،نعم ،ويحرتم �إح�ترام� ًا فوق اح�ترام جتلله هيبة و�ضعها اهلل على هذه القامة املديدة املهيبة امل�ستقيمة �شك ًال وم�ضمون ًا.
رمب��ا ل��ن جت��د يف احل��دي��ث ل��ه ن��دي��د ًا اال القليل الأق��ل فقد كان بحق �أ�ستاذ ًا و�شيخ ًا على طراز القدماء الذين ،ورمب��ا لن جتد له يف الزهد يف ه��ذه الفانية اال الندرة �إذا ر�أيتهم ذكرت اهلل �أولئك هم �أولياء اهلل و�إذا مل يكن النادرة – فعمله يف دول الرثوة مل يجعله �صاحب ثروة كما �أهل احلديث منهم فمن الأولياء بعدهم. جعل غريه ،فما امتلك من الدنيا اال �أقل مما امتلك تالميذ هذه كلمات متوا�ضعة ،جا�شت بها امل�شاعر وقت كتابتها تالميذه ..لأنه كما قال املتنبي: قلتها مرجتلة غري منمقة وال حم�ضرة �سابق ًا “من قبل” لوال امل�شقة �ساد النا�س كلهم لتكون �أ�صدق تعبري ًا لعلم من �أع�لام العلم وال�صدق يف ع�صرنا الذي قل فيه ال�صدق وال�صديق ،فكيف �إذا كانت اجلود يفقر والإقدام قتال يف حق من ك��ان ال�صدق له �شعار ًا ،ودث ��ار ًا ،ورح��م اهلل غ�ضوب للحق قوال لكلمة احلق .كلمته موقف ،ووعده مالك ًا حينما قال يف حق من اختلط وخرف �إمنا يخرف الكذابون.و�أ�ستاذنا ب�سط اهلل له يف العلم واجل�سم ومد له ب�إذن اهلل ال يخلف ،دقيق �صارم ،مع �سماحة ،تعجب كيف يف العمر �أطال اهلل عمره يف عافية وخري وجمع له احل�سنى تتجاوران . يف الدارين ورفع قدره و�أبقى له الذكر احل�سن”�آمني”. �أما عن �صربه واحتماله ،وهو رجل مبتلى ن�س�أل اهلل له العافية والعفو واملعافاة ،فحدث عن هذا البحر من العرب -3الدكتور �أحمد نوفل وال حرج ... ت�شرفت بالتتلمذ على يدي �أ�ستاذي و�أ�ستاذ الأ�ساتذة لو قلت لك كما يجول يف خاطري �إنني كل ما ر�أيته ر�أيت و�أ�ستاذ اجليل كله يف احلديث ال�شريف وذل��ك يف كلية ً ً ال�شريعة ،طوال �سنوات درا�ستي فيها منذ �سنة 1965وحتى رجال ك�أنه من الرعيل الأول� ،أو ك�أين �أرى رجال من �أهل اجلنة نزل الى الأر���ض ي�ؤن�س �أهلها ويحادثهم ،ثم يعود .1969 �أدراجه. ثم ت�شرفت ثانية بالزمالة معه يف الكلية العزيزة ذاتها خام�ساً :وفاته لأك�ثر من مرة ثم غادرنا الى مكة املكرمة وجامعتها �أم القرى و�أكرث من جامعة يف �أكرث من بلد عربي. انتقل الى رحمة اهلل تعالى العالمة الدكتور حممود ثم عاد الى كلية ال�شريعة بعد جامعة الريموك ،فق�ضى نادي عبيدات �صباح يوم الأح��د املوافق ،2014-10-26 التفرغ فيها فع�شنا معه �ساعات طيبة وو�صلنا ما انقطع و�سار يف جنازته جمع غفري من �أقاربه و�أ�صدقائه وكل من من حبل الزمالة ،لكن ما انقطع حبل ال��ود ولن ينقطع ،عرفه ،فقد كان يوم ًا حزين ًا �إذ فقد الأردن والعامل العربي حتى ينقطع �شريان احلياة ،ثم يعود ليت�صل عند اهلل ان والإ�سالمي عامل ًا جلي ًال ،يت�صف بالعلم الكثري ،والأدب �شاءاهلل ،لأن �صلتنا به ما كانت لدنيا ،ولكن لدين ،وال اجلم ،والكرم ،الزائد ،والغرية على الإ�سالم وامل�سلمني، لتجارة �إال التجارة مع اهلل ،وال لع�صبية ،اال لن�صرة هذه والزهد والعفاف ،مل يرتك ملن خلفه من الدنيا الفانية الأمة وق�ضاياها ،وما كان كذلك دام وما انقطع ب�إذن اهلل� .شيئ ًا توفاه-عز وجل-وهو مدين. ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
107
م�سابقة العدد
مسابقـة العـدد
�إعداد الدكتور زهـاء الدين عبيـدات مدير مركز التدريب والدرا�سات واال�ست�شارات يف املنتدى العاملـي للو�سطيـة
• تت�ضمن امل�سابقة ع�شرة �أ�سئلة ،يتطلب الأم��ر الإجابة عنها كاملة ملن �أراد امل�شاركة ،وتر�سل الإج��اب��ات بعد تعبئتها يف امل��ك��ان املخ�ص�ص يف �أ�سفل ال�صفحة ،و�إر�سالها �إل��ى ع��ن��وان املجلة (�ص.ب 1241 :الرمز الربيدي 11941عمان – الأردن ) وذلك قبل تاريخ 2016/2 / 1م • يتم ال�سحب على الإجابات الفائزة بثالثة م�ستويات ،حيث مُينح الفائز الأول 150دوالراً ،والفائز الثاين 100دوالراً ،والفائز الثالث 50دوالراً. ال�س�ؤال الأول� :سورة يف كتاب القر�آن الكرمي ختمت با�سم نبيني هي: �أ� -سورة حممد
ب� -سورة الأعلى
جــ � -سورة احلجرات
ال�س�ؤال الثاين :كانت بيعة العقبة الأولى يف ال�سنة :
�أ -احلادية ع�شرة من البعثة ب -التا�سعة من البعثة جــ -الثانية ع�شرة من البعثة
ال�س�ؤال الثالث :املر�أة التي نُعي لها �أخوها وخالها فا�سرتجعت وا�ستغفرت لهما ،ثم نُعي لها زوجها ف�صاحت وولولت هي: �أ -حمنة بنت جح�ش ر�ضي اهلل عنها ر�ضي اهلل عنها
ب� -أ�سماء بنت �أبي بكر ر�ضي اهلل عنها
جــ -زينب بنت جح�ش
ال�س�ؤال الرابـعُ :قتل يف معركة �أُحد ومل ي�صل �صالة واحدة ،وعندما و�صل خربه �إلى ر�سول اهلل- �صلى اهلل عليه و�سلم -قال :هو من �أهل اجلنة هو: �أ -الأزرق بن عقبة ر�ضي اهلل عنه ب -عمرو بن ثابت ر�ضي اهلل عنه جــ -الأحو�ص بن م�سعود بن كعب ر�ضي اهلل عنه ال�س�ؤال اخلام�س :بائع الأمراء �أو ي�سمى بائع امللوك هو: �أ -العز بن عبدال�سالم
ب� -أحمد بن تيمية جــ -ابن القيم اجلوزية
ال�س�ؤال ال�ساد�س� :أول من �ض ّيف ال�ضيف هو : �أ� -سيدنا �شعيب عليه ال�سالم ب� -سيدنا �إبراهيم عليه ال�سالم جــ � -سيدنا مو�سى عليه ال�سالم � 108إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ال�س�ؤال ال�سابع :م�ؤلف كتاب �شرح �شذور الذهب هو : �أ -ابن ه�شام الأن�صاري
ب -ابن الأثري
جـ � -سيبويه
ال�س�ؤال الثامن :املاء الذي ن�شربه يحتوي على كميات �ضئيلة من: �أ -الربوتينات
جـ -الأمالح املعدنية
ب -الفيتامينات
دواءك ،وعاجلوا كل مري�ض بنبات �أر�ضه فهي ال�س�ؤال التا�سع :قائل هذه العبارة ( ليكن غذا�ؤك َ
�أجلب ل�شفائه) هو : �أ -اقليد�س
جـ � -أبو قراط
ب -الرازي
ال�س�ؤال العا�رش :يجب �أن ال ن�أكل اللحوم ن�صف مطهية وذلك ملنع ما ي�أتي : �أ -الإ�سهال
جـ -ح�صول ديدان يف املعدة
ب -التلبك املعوي
إجابات مسابقة العدد • رمز �إجابة ال�س�ؤال الأول
( )
• رمز �إجابة ال�س�ؤال ال�ساد�س ( )
• رمز �إجابة ال�س�ؤال الثاين
()
• رمز �إجابة ال�س�ؤال ال�سابع
( )
• رمز �إجابة ال�س�ؤال الثالث ( )
• رمز �إجابة ال�س�ؤال الثامن
( )
()
• رمز �إجابة ال�س�ؤال التا�سع
( )
• رمز �إجابة ال�س�ؤال اخلام�س ( )
• رمز �إجابة ال�س�ؤال العا�شر
( )
• رمز �إجابة ال�س�ؤال الرابع
معلومات المتسابق ا�سم املت�سابق من �أربعة مقاطع رقم الهاتف مع رمز الدولة والبلد العنوان الربيدي
بعد الإجابة على هذا النموذج نرجو تعبئة املعلومات اخلا�صة باملت�سابق كاملة وق�ص النموذج و�إر�ساله �إلى العنوان املُبي
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
109
� 110إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة
ال�سنة الثامنة :العدد الثاين والع�شرون -جمادى الآخرة 1437هـ �/آذار ٢٠١6م
111
� 112إ�سالمية -و�سطية -ف�صلية -م�ستقلة