العدد الخاص بالمؤتمر الدولي "بين نهج الاعمار ونهج الدمار"

Page 1



‫الهيئة االستش�ارية للمجلة‬ ‫الإمام ال�صادق املهدي‪/‬ال�سودان‬ ‫معايل الدكتور عبد الرحيم العكور‪ /‬الأردن‬ ‫معايل الدكتور عبد ال�سالم العبادي‪ /‬الأردن‬ ‫الدكتور حممد طالبي‪/‬املغرب‬ ‫الدكتور م�صطفى عثمان �إ�سماعيل‪/‬ال�سودان‬ ‫الدكتور عبد الإله ميقاتي‪ /‬لبنان‬ ‫الأ�ستاذ الدكتور �أبو جرة ال�سلطاين‪ /‬اجلزائر‬ ‫الدكتور �سعد الدين العثماين‪ /‬املغرب‬ ‫الدكتور حممود ال�سرطاوي‪ /‬الأردن‬

‫السنة الثامنة‪ :‬العدد الثاني والعشرون ‪ -‬جمادى اآلخرة ‪1437‬هـ ‪/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫إسالمية ‪ -‬وسطية ‪ -‬فصلية ‪ -‬مستقلة‬

‫الأ�ستاذ منت�صر الزيات‪/‬م�صر‬ ‫الدكتور حممد حب�ش‪�/‬سوريا‬ ‫الدكتور زيد املحي�سن‪/‬الأردن‬

‫هيـئـة التـحريـر‬ ‫املهند�س مروان الفاعوري‬ ‫الأ�ستاذ الدكتور حممد �أحمد الق�ضاة‬ ‫الدكتور ح�سن املبي�ضني‬ ‫الدكتور زهاء الدين عبيدات‬ ‫الدكتور �سليمان الرطروط‬ ‫الدكتور علي احلجاحجة‬ ‫الدكتور زيد املحي�سن‬

‫عدد خا�ص مبنا�سبة انعقاد‬ ‫امل�ؤمتر الدويل‬

‫" بني نهج الإعمار ونهج الدمار"‬

‫المشرف العام على المجلة‬ ‫الدكتور زهاء الدين عبيدات‬

‫تصدر عن‬

‫تصميم وإخراج‬ ‫ب�����ل�����ال امل����ل���اح‬

‫المنتدى العالمي للوسطية‬ ‫عمان‬ ‫المملكة األردنية الهاشمية ‪ّ -‬‬

‫المراسالت‬ ‫املوا�ضيع املن�شورة ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املنتدى‬ ‫العاملي للو�سطية وحق الرد مكفول للجميع‬

‫عمان ‪ 11941‬األردن‬ ‫هاتف‪ - 5356329 :‬فاكس‪ - 5356349:‬ص‪.‬ب‪ّ 2141 :‬‬ ‫‪E-mail: mod.inter@yahoo.com - Web Site: www.wasatyea.net‬‬


‫محتويات العدد‬ ‫االفتتاحية‬

‫درا�سات الو�سطية‬

‫مقاالت الو�سطية‬

‫ن�شاطات الو�سطية‬

‫بيانات الو�سطية‬

‫واحة الو�سطية‬ ‫م�سابقـة العـدد‬

‫‪4‬‬

‫من جتليات الو�سطية الر�ؤية املقا�صدية‬ ‫امل�ؤمتر الدويل" بني نهج الإعمار ونهج الدمار"‬

‫م‪ .‬مروان الفاعوري‬

‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬

‫• التحديـات التي تواجـه الثقافــة العربيــة‬

‫�أ‪.‬د‪ .‬عزمي طه ال�سيد �أحمد‬

‫‪9‬‬

‫• احلماية القانونية للمدنيني يف ظل النزاعات امل�سلحة‬ ‫• امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف اخلطاب الإ�سالمي‬ ‫• جتليات مفهوم الو�سطية لدى بع�ض احلركات الإ�سالمية‬ ‫• مقومات القيادة الإدارية الرتبوية يف �ضوء الفكر الإ�سالمي‬ ‫• نظرية امل�آل و�أثرها على االجتهادات الفقهية حديثاً وقدمياً‬ ‫• حقوق الأقليات الدينية يف الديار اال�سالمية‬ ‫• هل للو�سطية مدر�سة؟؟‬ ‫• ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية‬ ‫• املقاربة املوريتانيـة ملحاربـة التطـرف والإرهـاب‬ ‫• ما هو م�صري التنظيمات الإِرهابية يف ظل تقاطع وجهات النظر حول مكافحة الإِرهاب‬ ‫• ر�ؤية يف االرهاب‬ ‫• حماربة الف�ساد يف الإ�سالم‬ ‫• قوة الأمة يف وحدتها‬ ‫• الطائفيـ ـّة فتنة احلا�ضر وامل�ستقبل‬ ‫امل�ؤمتر العلمي الدويل الرابع‬ ‫الوقف على البحث العلمي و�أثره يف ال�شهود احل�ضاري‬ ‫�أهم ن�شاطات قطاع املر�أة يف منتدى الو�سطية للفكر والثقافة (عام ‪ 2015‬م)‬ ‫ندوة العامل وحتدي االرهاب‬ ‫عقدها املنتدى العاملي للو�سطية بالتعاون مع ديوان الوقف ال�سني العراقي‬ ‫ندوة حول ق�ضايا �إ�سالمية معا�صرة‪ :‬ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية‬ ‫التعددية املذهبية و�أثرها يف بناء الأمة‬ ‫خطر التطرف على العامل الإ�سالمي‬ ‫عقد املنتدى العاملي للو�سطية فرع اجلزائر دورة بعنوان (مهارات احلديث يف الإر�شاد الديني)‬ ‫املنتدى العاملي للو�سطية فرع اجلزائر يعقد ور�شة تدريبية‬ ‫�أقام املنتدى العاملي للو�سطية فرع ال�سودان ور�شة عمل بعنوان‪:‬‬ ‫ثقافة الو�سطية يف مواجهة التع�صب للحد من �أثره يف املجتمعات»‬ ‫املنتدى العاملي للو�سطية يف تون�س يعقد الندوة الفكرية‬ ‫«الر�ؤية املقا�صدية يف ال�شريعة علماء املغرب اال�سالمي منوذجا»‬ ‫املنتدى العاملي للو�سطية يف تون�س يعقد الندوة الفكرية بعنوان‬ ‫" دور املر�أة يف حماربة الغل ّو و�صناعة احلياة"‬ ‫املنتدى العاملي للو�سطية فرع كرد�ستان يعقد ندوة بعنوان‬ ‫من �أجل تنمية وتثبيت اخلطاب الإ�سالمي الو�سطي‬ ‫عقد الدورة التكوينية للأئمة واخلطباء يف موريتانيا‬ ‫بيان املنتدى العاملي للو�سطية حول حرق القن�صلية ال�سعودية يف �إيران‬

‫�أ‪.‬د‪ .‬مازن الفاعوري‬ ‫د‪ .‬نوال �شرار‬ ‫د‪ .‬ح�سان ال�صفدي‬ ‫د‪ .‬زهاء الدين �أحمد عبيدات‬ ‫د‪ .‬عبداحلق ميحي‬ ‫د‪ .‬حممد حب�ش‬ ‫د‪ .‬جواد العناين‬ ‫د‪ .‬زيد �أحمد املحي�سن‬ ‫�أ‪ .‬بن عمر يل‬ ‫اللواء الركن (م) عدنان عبيدات‬ ‫د‪ .‬ح�سن علي املبي�ضني‬ ‫د‪.‬عبد احلميد �صالح القطيطات‬ ‫د‪ .‬حممد خري العي�سى‬ ‫د‪ .‬جلني الدوري‬

‫‪92‬‬

‫بيان حول تفجريات ا�سطنبول‬

‫‪93‬‬

‫بيان حول التطهري الطائفي يف العراق و�سوريا‬

‫‪93‬‬

‫بيان حول تفجريات مايل‬

‫‪94‬‬

‫‪19‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪91‬‬

‫بيان يدين التفجري االرهابي يف انقرة‬

‫‪94‬‬

‫بيان �إدانة العمل الإجرامي يف نيجرييا‬

‫‪95‬‬

‫بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول اجلرمية النكراء التي ارتكبت بحق جامعة با�شخان يف باك�ستان‬

‫‪95‬‬

‫�إدانة للعمل الإرهابي يف جاكارتا‬

‫‪96‬‬

‫الرتابي‬ يف ذمة اهلل ‪..‬‬

‫‪96‬‬

‫بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول ا�ست�شهاد الزيود‬

‫‪97‬‬

‫اجلابري يف ذمة اهلل‪..‬‬

‫‪97‬‬

‫بيان �إدانة تفجريات بروك�سل‬

‫‪98‬‬

‫الركن الطبي ‪ ..‬من �آيات اهلل‬

‫د‪.‬ذيب عبد اهلل ‪ /‬ا�ست�شـاري طـب الأطفـال‬

‫ق�صيده �صادق العربات‬

‫د‪.‬ذيب عبد اهلل‬

‫�شخ�صي ـّة الع ــدد‬

‫�إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫العالمة ال�شيخ الأ�ستاذ الدكتور حممود نادي عبيدات‬

‫‪99‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪102‬‬ ‫‪106‬‬


‫افتتاحية العدد‬

‫من تجليات الوسطية‬ ‫الرؤية املقاصدية‬ ‫املهند�س مروان الفاعوري‬ ‫الأمني العام للمنتدى العاملي للو�سطية‬

‫َ‬ ‫معارف ونظريات احل�ضارات‬ ‫�أ ّم� ��ة الإ���س�ل�ام خُ ��ّ��ص��ت ب��اخل�ير ّي��ة وال �� �ش �ه��ادة على ورخاء‪ ،‬وما نقّح ُه العلماء من‬ ‫النا�س‪ ،‬و ُك� ِّر َم��ت بالر�سالة اخلامتة‪ ،‬ولكل خ�صي�صة من ال�سابقة‪ ،‬ف�شهد العامل منط ًا جديد ًا من التعامل قوامه‬ ‫ه��ذه اخل�صائ�ص ��ش��روط وعنا�صرمطلوب ت��واف��ره��ا يف الإميان وال ِع ْلم والعدل والت�سامح‪.‬‬ ‫املنتمني لهذه الأ ّمة‪� ،‬أو على الأقل يف َمن يتولون �أمرها يف‬ ‫ثم طر�أت على امل�سلمني ظروف �صنعتها عوامل االبتعاد‬ ‫املجاالت املختلفة‪ .‬وقد َحقّق �سلفنا ال�صالح �شروط ال�شهود‬ ‫احل�ضاري يف ع�صرهم؛ ف�أحدثوا حتو ًال على الأ�صعد ِة كافة‪ ،‬عن �أ�صول املنهج‪ ،‬وال�صراعات حول احلكم‪ ،‬واالختالف‬ ‫ّ‬ ‫ونقلوا الب�شر ّية من حياة اجلاهل ّية بظالمها �إلى حياة ال ِع ْل ِم املذموم‪ ،‬والغزو اخلارجي؛ ف�ضعفت الأ ّم��ة وخ��ار عزمها‬ ‫احل�ضاري‪.‬‬ ‫والعدل والرحمة ف�ض ًال عن الإميان‪ ،‬وربطوا حركة الإن�سان وتراجعت عن وظيفة ال�شهود‬ ‫ّ‬ ‫معنى وللم�سري ِة غاي ًة‪،‬‬ ‫باملنهج ال‬ ‫إ�سالمي الذي يجعل للحياة ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويف القرون املت�أخرة بد�أت الأ ّمة حماوالت ا�سرتجا ِع‬ ‫قال تعالى‪�} :‬أَف َ​َح ِ�س ْبت ُْم َ�أ مَّنَا خَ َل ْقنَا ُك ْم َع َبث ًا َو َ�أ َّن ُك ْم �إِ َل ْينَا َال‬ ‫يادي؛ متثلت تلك املحاوالت يف ن�شاط املجتهدين‬ ‫ون{(امل�ؤمنون‪ )115ْ:‬ووا�صلت الأ ّمة التم ّيز يف العطاء طيلة دورها الرِ ّ‬ ‫ُت ْر َج ُع َ‬ ‫ع�صرالر�سالة والقرون اخليرّ ة التي تلتها‪ ،‬ونقلوا للإن�سان ّية والإ�صالحيني واملجاهدين‪ ،‬وال زالت امل�ساعي حثيثة لبلوغ‬ ‫يف �أرج��ا ِء املعمورة الأربعة؛ ما �أنتجته العقول امل�سلمة من الغاية املن�شودة‪ ،‬وهذا امل�ؤمتر واحد من املحاوالت اجلا ّدة‬ ‫علوم وم�ع��ارف‪ ،‬وم��ا �أجن��زت��ه الإدارة الرا�شدة من عدلٍ لبلورة ر�ؤية ِع ْلم ّية َع َمل ّية ت�ساهم يف نه�ض ِة الأ ّمة‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪5‬‬


‫�إن ال�ن�ظ��رة ال َّت ْجزيئية الحت�ق��ق النه�ضة املطلوبة؛‬ ‫فمانعانيه اليوم من تراجع قيمي‪ ،‬ومن ت َي ُّب�س ِذهني‪ ،‬ومن‬ ‫تع�صب طائفي‪ ،‬وم��ن اقتتال دم��وي؛‬ ‫تف ُّرق ُق� ْ�ط��ري‪ ،‬وم��ن ُّ‬ ‫هو نتيجة حتمية لغياب ال��ر�ؤي��ة املقا�صدية للعاملني يف‬ ‫جمال الدعوة؛ فالر�ؤية التجزيئة غذتها املناهج الروائية‬ ‫التحفيظية التي غاب عنها منهج التحليل والنقد واملقارنة‬ ‫والنظرة ال�شمولية للر�سالة اخلامتة؛ التي حملت كلمة اهلل‬ ‫الأخرية للب�شرية‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬القدرة على فهم ال ّت َن ُّوع يف ال�ساحة الإ�سالمية؛‬ ‫تاريخ ًا وحا�ضر ًا؛ فقه ًا وفكر ًا و�سيا�س ًة وتنظيمات؛ باعتباره‬ ‫عامل �إ ْثراء ولي�س اختالف تنازع وت�صادم؛ مماي�ساعد على‬ ‫اال�ستفادة من كل املدار�س الإ�سالمية يف جتلياتها الظاهرية‬ ‫والعقلية والكالمية وال�صوفية واحلركية واالجتماعية؛‬ ‫نظرا لوحدة امل�صدر والغاية‪ .‬انطالقا من اعتقاد را�سخ ب�أن‬ ‫العطاء الإلهي الحدود له والح�صر‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬و َل ْو �أَ مَّنَا‬ ‫فيِ الأَ ْر ِ�ض ِمن �شَ َج َر ٍة �أَقْال ٌم َوا ْل َب ْح ُر يمَ ُ ُّد ُه ِم ْن َب ْع ِد ِه َ�س ْب َع ُة‬ ‫ات اللهَّ ِ ‪( {..‬لقمان‪.)27:‬‬ ‫�أَ ْب ُحرٍ َّما َن ِف َد ْت َك ِل َم ُ‬

‫�إن ال�ساحة املغاربية لعاملنا العربي والإ�سالمي؛ يعود لها‬ ‫الف�ضل يف بلورة املنهج املقا�صدي‪ .‬فالإمام ال�شاطبي‪ ،‬وابن‬ ‫ر�شد‪ ،‬وبن عا�شور‪ ،‬وعالل الفا�سي‪ ،‬والري�سوين ‪ ،‬ونورالدين‬ ‫رابعا‪:‬ت�صحيح املفاهيم ب ��إع��ادة النظر يف املناهج‬ ‫اخلادمي‪ ،‬وغريهم من العلماء املغاربة قدموا عمال عظيما التي �ش َّكلت الواقع املُ�شَ َّوه الذي نعي�شه‪ ،‬فاملناهج التعليمية‬ ‫يف ت�أ�صيل وتقعيد وتطوير فقه املقا�صد‪.‬‬ ‫وال�ترب��وي��ة؛ تعتمد على ال��رواي��ة واحل�ف��ظ‪ ،‬وجتعل امل�سلم‬ ‫واليوم ف�إن �أمتنا �أحوج ما تكون النتهاج الر�ؤية املقا�صدية ُم َت َلقِّي ًا ولي�س ُمت ِ‬ ‫َفاع ًال‪ ،‬وحافظ ًا للن�صو�ص ولي�س ُم َت َفقِّه ًا!‬ ‫يف كل �أمورها حتى تتمكن من جتاوز حالة الالتوازن احلالية وعقله اجلمعي ي�ستبعد تكرار جيل ال�صحابة ؛ك�أن القر�آن‬ ‫وت�ستعيد دورها يف ال�شهود احل�ضاري؛ �إن الر�ؤية املقا�صدية نزل لهم وحدهم ولي�س لكل الأم��ة! �إن الر�ؤية املقا�صدية‬ ‫حتقق فوائد عظيمة �أهمها‪:‬‬ ‫ت�صحح هذه املفاهيم اخلاطئة وت�ست�صحب قوله تعالى‪:‬‬ ‫ون‬ ‫�أوال‪ :‬النظرة ال�شاملة للإ�سالم باعتباره دينا خامتا } ِت ْل َك �أُ َّم ٌة َق ْد خَ َل ْت َل َها َما َك َ�س َب ْت َو َل ُكم َّما َك َ�س ْبت ُْم َو َال ت ُْ�س َ�أ ُل َ‬ ‫ون{ (البقرة‪ )141:‬اعماال لقاعدة العربة بعموم‬ ‫يخاطب كل مطالب احلياة الإميانية والفكرية واالجتماعية َع َّما َكا ُنوا َي ْع َم ُل َ‬ ‫واالقت�صادية؛يف جتلياتها الفردية واجلماعية والأممية؛ اللفظ البخ�صو�ص ال�سبب‪.‬‬ ‫حتقيقا مل�ف�ه��وم اخل�ير َّي��ة ال ��ذي ُك � ِّرم��ت ب��ه ه��ذه الأم ��ة‪.‬‬ ‫ون ِبالمْ َ ْع ُر ِ‬ ‫وف َو َت ْن َه ْو َن‬ ‫} ُكنت ُْم خَ يرْ َ �أُ َّم ٍة �أُخْ رِ َج ْت ِللن ِ‬ ‫َّا�س َت�أْ ُم ُر َ‬ ‫خام�سا‪ :‬اجلمع بني القراءتني؛ قراءة الكتاب امل�سطور‪،‬‬ ‫ُون بِاللهَّ ِ ‪�({...‬آل عمران‪)110:‬‬ ‫َعنِ املُن َكرِ َو ُت�ؤ ِْمن َ‬ ‫وقراءة الكتاب الكوين‪� ،‬سطح ًا وبحر ًا وف�ضا ًء‪ ،‬جماد ًا ودا َّب ًة‬ ‫ثانيا‪:‬التعامل مع اجتهادات ال�سلف من خالل مناهجهم وب�شرا‪ ،‬قوانني و�سنن ًا‪ ،‬تاريخ ًا وحا�ضر ًا‪ ،‬واجب ًا �شرع ّي ًا‬ ‫التي � َّأ�صلوها وق َّعدوا لها؛ ولي�س من خالل فتاويهم اجلزئية؛ وواقعا معا�ش ًا‪� ،‬آالم ًا و�آما ًال‪.‬‬ ‫املحكومة بظروف الزمان واملكان والبيئة التي عا�شوا فيها؛‬ ‫�إن ا�ستعادة هذه القراءة من �ش�أنها �أن ت�صحح امل�سرية‪،‬‬ ‫ا�ست�صحابا للمالئم من انتاجهم الفقهي لأو�ضاعنا و�إعما ًال‬ ‫حلقنا يف الفهم والرتجيح واالختيار‪ ،‬وت�أكيدا للتوا�صل بني ومت ِّكن الأم��ة من اال�ستفادة من كل طاقاتها وتوظيفها‬ ‫ين َجا ُءوا ِم ْن َب ْع ِد ِه ْم لتحقيق �أمر اال�ستخالف الذي خلقت لأجله‪.‬‬ ‫ال�سلف واخل َلف‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬وال َِّذ َ‬ ‫ين َ�س َبقُونَا بِالإِ َميانِ َو َال‬ ‫َيقُو ُل َ‬ ‫ون َر َّبنَا اغْ ِف ْر َلنَا َولإِخْ َوا ِننَا ال َِّذ َ‬ ‫الذ ْكرِ �أ َّنَ‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬و َلق َْد َك َت ْبنَا فيِ ال َّز ُبو ِر ِم ْن َب ْع ِد ِّ‬ ‫ين � َآمنُوا َر َّبنَا �إِن َ​َّك َر ُء ٌ‬ ‫وف َّر ِحي ٌم{‬ ‫تجَ ْ َع ْل فيِ ُق ُلو ِبنَا ِغ ًّال ِّل َّل ِذ َ‬ ‫َ‬ ‫(احل�شر‪)10:‬‬ ‫ون{ (الأنبياء‪.)105:‬‬ ‫ال�صالحِ ُ َ‬ ‫الأ ْر َ�ض َيرِ ُث َها ِع َبا ِد َي َّ‬

‫‪6‬‬

‫�إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪7‬‬


‫يقيم‬ ‫املنتدى العاملي للو�سطية‬ ‫امل�ؤمتر الدويل‬

‫"بني نهج الإعمار ونهج الدمار"‬ ‫خالل الفرتة من ‪2016/4/10-9‬‬ ‫فندق املريديان‬ ‫عمان – اململكة االردنية الها�شمية‬ ‫املقدمة‪:‬‬ ‫ي��أت��ي ه��ذا امللتقى يف وق��ت ت�شتد فيه وت�يرة اخل��راب‬ ‫والإحرتاب وتتعالى فيه طبول احلرب والدمار بحيث باتت‬ ‫تغطي بدخانها ولهيبها على �أ�صوات العقالء والبناة وحماة‬ ‫الإن�سانية وحتاول و�أد دعاة الإ�صالح وخنق دعواتهم غيل ًة‬ ‫وغدر ًا ت�سهي ًال للطغاة والغالة ومتكين ًا للغزاة من ال�سيطرة‬ ‫على قرارنا ومقدرات �أمتنا‪ ،‬وقد كان الإ�سالم وال يزال‬ ‫منهج ًا رباني ًا ي�سعى للبناء واحل��وار حيث عنى الإ�سالم‬ ‫بعمارة االر�ض ورعاية الكون عناية خا�صة و�أوالها �إهتماما‬ ‫م�شهود ًا ف�إنه �سبحانه وتعالى خلق الكون وهي�أ فيه الظروف‬ ‫املثلى للحياة ال�سعيدة امل�ستقرة‪ ،‬ثم ا�ستخلف فيه الإن�سان‬ ‫ليقوم ب�إعماره على الوجه الأكمل الذي يحقق به مر�ضاة‬ ‫ربه وخدمة بني جن�سه وخدمة الكون من حوله‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫" هو ان�ش�أكم من الأر�ض وا�ستعمركم فيها"‪� ،‬إال ان اكرب‬ ‫مهدد ال�ستمرار احلياة الطبيعية على هذا الكوكب الوليد‬ ‫�إمن��ا ي�أتي من �سفك ال��دم��اء والإف�ساد يف االر���ض‪ ،‬يقول‬ ‫�سبحانه وتعالى‪} :‬و�إذ قال ربك للمالئكة �إين جاعل يف‬ ‫االر���ض خليفة قالوا اجتعل فيها من يف�سد فيها وي�سفك‬ ‫الدماء"{ فالإف�ساد هو نقي�ض الإعمار وهو ما تقوم به‬ ‫ليكون ذلك �إنقاذ ًا للب�شرية من منهج الدمار الذي ينادي‬ ‫بع�ض احلركات التي ترتدي لبو�س القدا�سة وحقوق الإن�سان‬ ‫وترتكب كل �صور القتل والتدمري و�سفك ال��دم��اء وهدم به كل املتطرفني واملنغلقني الذين ي�سعون الى اختطاف‬ ‫كل ما هو منجز ح�ضاري و�إن�ساين يف اعتداء �صارح على م�ستقبلنا و�سعادتنا‪.‬‬ ‫القيم واملثل العليا‪ ،‬لهذا ف�إن املنتدى العاملي للو�سطية ومن‬ ‫خالل ر�سالته الفكرية التوعوية يهدف الى �إب��راز املنهج‬ ‫احلقيقي الإ�سالمي وهو منهج البناء والنماء والإيجابية‬ ‫و�شعاره احلياة يف �سبيل اهلل �أ�سمى �أمانينا يف “ عامل ي�سود‬ ‫فيه احلق والإعتدال والت�سامح خال من التطرف والعنف‬ ‫والغلو” و�إبراز �صورة الإ�سالم فكر ًا وثقافة و�سلوك ًا ح�ضاري ًا‬ ‫ال�صعد مفند ًا منهج دعاة الدمار واخلراب �أي ًا‬ ‫على كافة ُ‬ ‫كانوا يف هذا الع�صر الذين يريدون �أن يقيموا دولة الإ�سالم‬ ‫بجماجم امل�سلمني ودع��اة ال�صدام احل�ضاري‪ ،‬مما �أدى‬ ‫�إلى �ضياع الأمة بني تيار التكفري والتغريب وتيار والتكفري‬ ‫والتدمري‪ ،‬وبني هذا وذلك وقف املنتدى العاملي للو�سطية‬ ‫يعمل على ت�صويب املنهج وق�ي��ادة االم��ة نحو ال�صراط‬ ‫امل�ستقيم لإنقاذها من كبوتها م�صداق ًا لقوله ‪" :‬وان هذا‬ ‫�صراطي م�ستقيم ًا فاتبعوه وال تتبعوا ال�سبل فتفرق بكم عن‬ ‫�سبيله ذلك و�صاكم به لعلكم تتقون" ‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫�إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫• �أهداف امل�ؤمتر‪:‬‬ ‫‪� .1‬إبراز املنهج احلقيقي للإ�سالم العظيم الذي يدعو الى �إعمار الكون وبناء النف�س الإن�سانية ب�إيجابية يف كافة‬ ‫مظاهر احلياة فيها‪.‬‬ ‫‪ .2‬ت�صويب املفاهيم اخلاطئة حول حقيقة الإ�سالم والعمل على تفنيدها وبيان عظمة الإ�سالم و�أنه دين رحمة‬ ‫وتعاون و�سالم‪.‬‬ ‫‪ .3‬ابراز التحديات التي تواجه وحدة الأمة (العنف الطائفي‪ ،‬خطاب الكراهية‪ ،‬وتوظيف التطرف ال�سيا�سي)‪.‬‬ ‫‪ .4‬ابراز دور نهج الو�سطية والإعتدال يف تعزيز حالة الإ�ستقرار والأمن للأوطان والإن�سان‪.‬‬ ‫‪ .5‬بيان خطورة التيارات الهدامة التي ت�ستخدم العنف وت�شيع الدمار والذعر يف حياة الإن�سان واملجتمع‬ ‫والإن�سانية و�أثر ذلك على ت�أخري وترية التنمية والبناء‪.‬‬

‫• املحاور‪:‬‬ ‫‪ .1‬دور العلماء يف تر�سيخ قيم الإعتدال‪.‬‬ ‫‪ .2‬دور م�ؤ�س�سات املجتمع املدين يف احلد من ظاهرة التطرف والإرهاب‬ ‫‪ .3‬توظيف امل�ؤ�س�سة الإعالمية (مرئي‪ ،‬م�سموع‪ ،‬مكتوب‪ ،‬الكرتوين) يف احلد من التع�صب املذهبي والإختالف‬ ‫الطائفي‪.‬‬ ‫‪ .4‬دور الأ�سرة يف تن�شئة جيل ي�ؤمن بالقيم الإن�سانية امل�شرتكة‪.‬‬ ‫‪ .5‬التحوالت داخل احلركات الإ�سالمية من ثقافة العنف الى ثقافة ال�سلم‪.‬‬ ‫‪ .6‬منهج الإ�سالم يف البناء والدعوة واحلركة‪.‬‬ ‫‪ .7‬املرجعية الدينية بني التهمي�ش و التقدي�س‬ ‫‪ .8‬الو�سطية والإعتدال خيار الأمة الإ�سالمية‪.‬‬ ‫‪ .9‬منهج القر�آن وال�سنة النبوية يف التعددية واحلوار‪.‬‬ ‫‪ .10‬‬

‫دور املفكرين والكتاب يف تعزيز منظومة القيم الإن�سانية‪.‬‬

‫‪ .11‬‬

‫الإعتدال والو�سطية و دورها يف تعزيز ثقافة ال�سلم وامل�صاحلة الوطنية‪.‬‬

‫‪ .12‬التحديات التي تواجه وحدة الأمة (العنف الطائفي‪ ،‬خطاب الكراهية‪ ،‬توظيف التطرف ال�سيا�سي‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪9‬‬


‫• دراسات الوسطية‬

‫•‬ ‫• احلماية القانونية للمدنيني يف ظل النزاعات امل�سلحة‬ ‫• امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف اخلطاب الإ�سالمي‬ ‫• جتليات مفهوم الو�سطي لدى بع�ض احلركات الإ�سالمية‬ ‫• مقومات القيادة الإدارية الرتبوية يف �ضوء الفكر الإ�سالمي د‪.‬‬ ‫• نظرية امل�آل و�أثرها على االجتهادات الفقهية حديثاً وقدمياً‬ ‫التحديـات التي تواجـه الثقافــة العربيــة‬

‫�أ‪.‬د‪ .‬عزمي طه ال�سيد �أحمد‬ ‫املحامي الدكتور مازن الفاعوري‬

‫الدكتورة نوال �رشار‬ ‫د‪ .‬ح�سان ال�صفدي‬ ‫زهاء الدين �أحمد عبيدات‬

‫د‪ .‬عبداحلق ميحي‬

‫‪� 10‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫دراسات الوسطية‬

‫التحديـات‬ ‫التي تواجـه الثقافــة العربيــة‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وال�صالة وال�سالم على ر�سول‬ ‫اهلل حممد بن عبد اهلل‪ ،‬وعلى �إخوانه �أنبياء اهلل ور�سله‬ ‫�أجمعني‪ ،‬وعلى �آل حممد الأطهار‪ ،‬وعلى �صحابته ومن‬ ‫تبع هداه ب�إح�سان‪ ،‬وبعد؛‬ ‫ف�س�أقوم‪ ،‬توطئة للبحث بتحديد املعاين املق�صودة‬ ‫بالألفاظ وامل�صطلحات ال��واردة يف عنوان املحا�ضرة‪،‬‬ ‫و�أبد�أ بـ‪:‬‬ ‫مفهوم التحديات‪:‬‬ ‫املق�صود بالتحديات قوى �أو �أحوال طبيعية‪� ،‬أو �أمور �أو‬ ‫�أو�ضاع اجتماعية �إن�سانية‪ ،‬غري مرغوبة وخمالفة ملا نعتقده‬ ‫�أو نطمح �إليه‪ ،‬وت�شكل عوائق �أمام حتقيق �أهدافنا وغاياتنا‬ ‫على م�ستوى الفرد �أو على م�ستوى اجلماعة‪ ،‬وتهدف بع�ض‬ ‫هذه الأو�ضاع �أو الأم��ور – يف الوقت نف�سه – �إلى حتقيق‬ ‫الغلبة والهيمنة لها على �أو�ضاعنا وجوانب حياتنا املختلفة‪،‬‬ ‫وجعلها تابعة لها‪.‬‬ ‫و��س��وف يقت�صر البحث على التحديات االجتماعية‬ ‫الإن�سانية التي هي من فعل الإن�سان دون التحديات الطبيعية‬ ‫النا�شئة عن الأح��وال الطبيعية التي ال مدخل للإن�سان يف‬ ‫�إيجادها‪ ،‬كتحدي ال�صحراء واجلفاف ووجود مناخ �صعب‬ ‫حر ًا �أو برودة وما �شابه ذلك‪.‬‬

‫�أ‪.‬د‪ .‬عزمي طه ال�سيد �أحمد‬

‫رئي�س هيئة حترير املجلة الأردنية يف‬ ‫الدرا�سات الإ�سالمية‬ ‫عميد البحث العلمي – جامعة �آل البيت ‪-‬الأردن‬ ‫مفهوم الثقافة‪:‬‬ ‫ه��ذا اللفظ من �أك�ثر امل�صطلحات ت��داو ًال و�شيوع ًا يف‬ ‫الكتابات املعا�صرة‪ ،‬وكل يدعي �إليه ن�سب ًا ووالية‪ ،‬وتتعامل‬ ‫الغالبية العظمى من الكتاب واملتعلمني بعامة‪ ،‬مع لفظ‬ ‫الثقافة وك�أنه م�صطلح معروف لكل �أحد‪ ،‬ويرون �أن احلديث‬ ‫يف بيان داللته ف�ضول من القول‪ .‬ومع هذا‪ ،‬ف�إن م�صطلح‬ ‫الثقافة – كما و�صفناه منذ �أكرث من عقد من الزمان –‬ ‫م�صطلح جذاب وم�ضلل؛ جذاب ل�شيوعه ودالالته الإيجابية‬ ‫يف �أذه��ان النا�س وا�ستخدامه يف مقامات امل��دح والثناء‪،‬‬ ‫ولكنه م�ضلل لكرثة ما يطرح له من مفاهيم ودالالت خمتلفة‬ ‫ومتعار�ضة �أحيان ًا‪ ،‬ت�ؤدي كرثتها �إلى عدم الدقة يف البحث‪،‬‬ ‫و�إل��ى ت�ضليل الباحث من الو�صول �إل��ى احلقيقة يف بحثه‬ ‫لق�ضايا الثقافة‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪11‬‬


‫لهذا نرى �ضرورة حتديد املق�صود بالثقافة بعامة‪ ،‬ليت�ضح بعد‬ ‫ذلك املق�صود بـ التحديات التي تواجه الثقافة العربية‪ ،‬فنقول‪:‬‬ ‫الثقافة (بعامة) معرفة عملية مكت�سبة تنطوي على‬ ‫جانب معياري وتتجلى يف �سلوك الأفراد الواعي يف تعاملهم‬ ‫يف احلياة االجتماعية مع الوجود (يف �أجزائه املختلفة(‪)1‬‬ ‫�أي التعامل مع اهلل (خالق كل �شيء)‪ ،‬ومع ال��ذات‪ ،‬ومع‬ ‫الآخ��ر‪ ،‬ومع الكون الطبيعي‪ ،‬ومع الأف�ك��ار‪ ،‬ومع الو�سائل‬ ‫والأدوات‪ ،‬ومع الزمن‪ ،‬ومع الغيب‪.‬‬ ‫ال �أود التف�صيل يف �شرح ه��ذا التعريف‪ ،‬لكن �أ�شري‬ ‫ب�إيجاز �إلى بع�ض الأفكار التي ت�ضمنها‪ ،‬ف�أقول‪:‬‬ ‫ املعرفة النظرية لي�ست داخلة يف الثقافة – وفق هذا‬‫التحديد ‪-‬بل العملية منها فقط‪ ،‬ومعلوم �أن املعرفة‬ ‫النظرية تختلف عن املعرفة العملية يف الغاية؛ فالنظرية‬ ‫غايتها الو�صول �إلى حقائق الأ�شياء فح�سب‪� ،‬أما العملية‬ ‫فغايتها الفعل وال�سلوك والتطبيق‪� ،‬أي العمل بكل �صوره‬ ‫و�أ�شكاله‪.‬‬ ‫ والثقافة مكت�سبة‪ ،‬ولي�ست فطرية يولد الإن�سان مزود ًا‬‫بكيفية فعلها وممار�ستها‪.‬‬ ‫ ويف الثقافة جانب معياري ي�شري �إلى ما ينبغي �أن يكون‬‫عليه الفعل وال�سلوك‪ ،‬و�إل��ى احل��ال��ة الأم�ث��ل املطلوبة‬ ‫واملرغوبة‪ ،‬و�إلى املعيار الذي يقا�س �إليه الفعل وال�سلوك‬ ‫قرب ًا �أو بعد ًا‪ ،‬فهو بعبارة �أخرى – اجلانب القيمي‪.‬‬

‫حمدد من الوجود مركز ًا عليه‪ ،‬في�صري ذلك يف الغالب‬ ‫مهنته؛ وعليه‪ ،‬ف�إن هناك ثقافة عامة تتمثل يف تعامل‬ ‫الإن�سان يف احلياة مع جوانب الوجود على نحو جممل‬ ‫ي�شمل املنطلقات والأ�س�س وامل�ب��ادئ والقواعد الكلية‬ ‫وال�ضوابط؛ وثقافة خا�صة‪ ،‬بل ثقافات خا�صة‪ ،‬مرتبطة‬ ‫بالثقافة العامة‪ ،‬لكنها متعددة ومتنوعة بح�سب تنوع‬ ‫جوانب الوجود اجلزئية‪� ،‬إذ هي معرفة عملية تتعلق‬ ‫بالتعامل مع جزء حمدد من الوجود‪.‬‬ ‫و�أختم مبفهوم اللفظ الأكرث و�ضوح ًا‪ ،‬و�أعني‪:‬‬ ‫مفهوم العربية (والعرب)‪:‬‬ ‫لفظ العربية – كما هو وا�ضح ومعلوم – ن�سبة �إلى‬ ‫العرب‪ ،‬والعرب �شعوب ت�شكل �أمة تقطن حيزا ً جغرافي ًا‬ ‫ميتد من اخلليج العربي وجبال زاجرو�س �شرق ًا �إلى �شاطئ‬ ‫املحيط الأطل�سي غرب ًا‪ ،‬وم��ن جبال طورو�س وال�سواحل‬ ‫ال�شمالية للبحر الأبي�ض املتو�سط �شما ًال �إلى �شاطئ املحيط‬ ‫الهندي وال�صحراء الكربى الإفريقية جنوب ًا‪ ،‬وينتمون‬ ‫�إلى الن�سب العربي‪ ،‬ويتكلمون اللغة العربية‪ ،‬ولهم تاريخ‬ ‫واحد‪ ،‬ويدينون – الغالبية العظمى منهم – بدين واحد‬ ‫هو الإ�سالمية‪ ،‬وميار�سون عادات وتقاليد مت�شابهة �إلى حد‬ ‫كبري‪ ،‬وت�سود جمتمعاتهم اجلزئية قيم واحدة‪ ،‬وي�شرتكون‬ ‫جميع ًا يف امل�صري وامل�ستقبل كما ا�شرتكوا يف املا�ضي يف‬ ‫التاريخ واحل�ضارة‪.‬‬ ‫املق�صود بالثقافة العربية‬

‫واحلق �أن هذا اجلانب املعياري يف الثقافة هو الذي مييز‬ ‫ثقافة عن �أخرى‪ ،‬واملقارنة الأعمق والأدق بني الثقافات‬ ‫يف �ضوء ما تقدم من حتديد للثقافة وتو�ضيح لـ العرب‪،‬‬ ‫هي مقارنة بني جوانبها املعيارية‪.‬‬ ‫ميكننا القول ب�أن تلك املعرفة العملية املكت�سبة التي تنطوي‬ ‫ والثقافة لي�س حملها الكتب �أو يف الأذهان فح�سب‪ ،‬بل ال على جانب معياري (جمموعة من القيم) م�ستمدة من‬‫بد �أن تظهر وا�ضحة جلية يف �سلوك الفرد �أو اجلماعة عقيدة الأمة العربية وتراثها امل�شرتك‪ ،‬وتتجلى يف �سلوك‬ ‫يف حياتهم و�سط جمتمعاتهم‪ ،‬وعليه ال يكون الفرد الأف ��راد ال��واع��ي يف تعاملهم يف احل�ي��اة االجتماعية مع‬ ‫مثقف ًا بالفعل �إال �إذا مار�س يف حياته ما لديه من معرفة الوجود (يف �أجزائه املختلفة)‪.‬‬ ‫عملية‪ ،‬فتمام الثقافة ممار�ستها‪.‬‬ ‫فالثقافة العربية يف حتديدنا هذا ال تعنى جانب ًا بعينه مما‬ ‫ والإن�سان يف احلياة يتعامل مع جميع �أج��زاء الوجود هو �شائع �أو مرت�سب يف الأذهان‪ ،‬ك�أن تكون الفكر �أو الأدب‬‫– امل�شار �إليها �آنف ًا – طوع ًا �أو كره ًا يف �صورة جمملة �أو الفنون �أو التعليم‪� ،‬أو الأخذ من كل علم �أو فن بطرف؛‬ ‫وعامة‪ ،‬كما يتعامل ‪ -‬ب�صورة تف�صيلية ‪ -‬مع جانب �إن لكل واحد من هذه الأمور �صلة ما بالثقافة‪� ،‬إال �أن ك ًال‬ ‫منها م�صطلح خا�ص‪ ،‬وله جماله ومعاجلاته اخلا�صة به‪،‬‬ ‫‪ -1‬ق�سمنا الوجود يف هذا املقام �إلى خالق وخملوقات‪ ،‬ت�أ�سي�س ًا على الق�ضية الوجودية ومعظمها نظري الطبيعة‪ ،‬يف حني �أن املعنى الذي نق�صده‬ ‫الأولى‪ :‬اهلل خالق كل �شيء‪ ،‬ثم �إن اهلل واحد ال كرثة فيه‪� ،‬أما املخلوقات فال ح�صر هنا �أدخل يف نطاق علم الإن�سان (الأنرثوبولوجيا)‪ ،‬ونحن‬ ‫لها‪ ،‬لكنه ميكن ت�صنيفها �إلى �أق�سام كربى‪ ،‬وقد اخرتنا التق�سيم الآتي لها‪ :‬الذات‪ ،‬نطرحه كتعريف يدخل �ضمن تعريفات هذا العلم‪ ،‬لكننا‬ ‫نزعم �أنه يتميز عليها با�ستيفائه ل�شروط و�ضع امل�صطلح‬ ‫والآخر‪ ،‬والكون الطبيعي‪ ،‬والأفكار‪ ،‬والو�سائل والأدوات‪ ،‬والزمن‪ ،‬والغيب‪.‬‬ ‫‪� 12‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫العلمي(‪)2‬؛ �إن جوهر الثقافة العربية هي املعرفة بكيفية ‪ -‬حتديات تواجه الثقافة العربية على م�ستوى الفرد‪،‬‬ ‫التعامل مع جوانب الوجود املختلفة‪ ،‬ه��ذه الكيفية التي تعيقه عن جت�سيد ثقافته العربية يف �سلوكه باعتباره‬ ‫ي�ضبطها ويحكمها جانب معياري ي�شكل منظومة من القيم فرد ًا ينتمي �إلى هذه الثقافة‪.‬‬ ‫ارت�ضتها هذه الأمة يف ما�ضيها وحا�ضرها‪.‬‬ ‫ حتديات تواجه الثقافة العربية على م�ستوى املجتمعات‬‫والآن‪� ،‬إذا ركبنا معاين ه��ذه الأل�ف��اظ التي ت�ضمنها والأمة العربية‪ ،‬تعيقها عن جت�سيد هذه الثقافة العربية‬ ‫العنوان‪� ،‬أمكننا القول ب�أن‪:‬‬ ‫يف ح�ي��ات�ه��ا‪ .‬وه���ذان ال �ن��وع��ان بينهما ت�ف��اع��ل ج��ديل‬ ‫بال�ضرورة‪ ،‬فما هو ف��ردي ي�ترك �أث��ره على اجلماعة‬ ‫التحديات التي تواجه الثقافة العربية هي جمموعة من والعك�س �صحيح‪.‬‬ ‫الأم��ور �أو الأو�ضاع االجتماعية الإن�سانية املت�صلة بالعامل‬ ‫العربي غري مرغوبة وخمالفة ملا تطمح �إليه الأمة العربية‬ ‫�أم��ا التحديات اخلارجية التي تواجه الثقافة العربية‬ ‫يف تعاملها مع الوجود ب�أجزائه املختلفة (�أي يف ثقافتها)‪ ،‬فيمكن ت�صنيفها ب ��أك�ثر م��ن ط��ري�ق��ه‪ ،‬وق��د اخ�ترن��ا لها‬ ‫ومتثل �صعوبات �أو ت�شكل ع��وائ��ق �أم��ام حتقيقها للحالة الت�صنيف الثالثي الآتي‪:‬‬ ‫املثلى التي ينبغي �أن يكون عليها هذا التعامل (�أي حتقيق‬ ‫هويتها الثقافية يف �صورتها الأكمل)‪ ،‬و�أن بع�ض هذه الأمور ‪ -‬حتديات ترجع �إلى امل�شروع ال�صهيوين‪.‬‬ ‫والأو��ض��اع يهدف – يف الوقت نف�سه – �إل��ى الهيمنة على‬ ‫الثقافة العربية (�أي على كيفية تعامل الأم��ة العربية مع ‪ -‬حتديات ترجع �إلى امل�شروع والقوى الإمربيالية الغربية‬ ‫الوجود ب�أجزائه املختلفة) بالعمل على فر�ض طرق تعاملها والعوملة‪.‬‬ ‫مع الوجود على الأمة العربية‪.‬‬ ‫ حتديات ترجع �إلى ما ي�سمى ال�شرعية الدولية‪.‬‬‫انتقل الآن �إلى احلديث عن هذه التحديات التي تواجه وهذه الأق�سام الثالثة �أي�ضا – كما �سرنى بعد قليل – بينها‬ ‫الثقافة العربية‪ ،‬فن�س�أل‪ :‬هل هذه التحديات موجودة حق ًا‪ ،‬ترابط‪ ،‬بل وحتالف يف العموم‪ ،‬وخ�صو�ص ًا فيما يتعلق‬ ‫�أم �أن الأمر ال يعدو �أن يكون جمرد ريا�ضة فكرية؟‬ ‫مبوقفها من الثقافة العربية‪.‬‬ ‫�ستجيب هذه املحا�ضرة عن هذا ال�س�ؤال‪ ،‬بالت�أكيد على‬ ‫�أبد�أ ببيان موجز لـ‪:‬‬ ‫�أن هناك حتديات قائمة بالفعل على �أر�ض الواقع تواجهها‬ ‫الثقافة العربية‪ ،‬و�أن�ه��ا ت�شكل خطر ًا حقيقي ًا على هذه‬ ‫التحديات الداخلية على م�ستوى الفرد‪:‬‬ ‫الثقافة‪ ،‬و�أنها من الكرثة والتعدد بحيث ال بد للباحث عنها‬ ‫ حتدي تنمية ا�ستعدادات الفرد وقدراته املختلفة‪:‬‬‫وفيها من حماولة ت�صنيفها ت�سهي ًال لدرا�ستها‪ .‬ونرى �أنه‬ ‫العقلية والوجدانية (العواطف واالنفعاالت) واجل�سمية‬ ‫من املنا�سب تق�سيم هذه التحديات �إلى ق�سمني‪:‬‬ ‫وال��روح �ي��ة‪ ،‬وذل ��ك لي�صبح ق� ��ادر ًا على جت�سيد ثقافته‬ ‫ حتديات داخلية‪ ،‬وهذه ترجع يف ن�ش�أتها وجتلياتها �إلى وتنميتها (�أي تنمية تعامله مع جوانب الوجود) �إلى �أقرب‬‫ظروف و�أو�ضاع و�أ�سباب قائمة وموجودة داخل الأمة درج��ة ممكنة م��ن احل��ال��ة املعيارية لهذه الثقافة‪ ،‬هذه‬ ‫العربية وجمتمعاتها‪.‬‬ ‫التنمية لال�ستعدادات والقدرات لت�صل �إلى �أعلى درجاتها‬ ‫ حتديات خارجية‪ ،‬وهذه ترجع يف ن�ش�أتها وجتلياتها �إلى املمكنة ت�ساهم يف الت�صدي للتحديات الثقافية الأخرى‪،‬‬‫ظروف و�أو�ضاع و�أ�سباب وفواعل قائمة وموجودة خارج فكلما كانت هذه التنمية �أعلى درجة كانت قدرة الفرد على‬ ‫مواجهة التحديات الأخرى �أكرب‪.‬‬ ‫الأمة العربية وجمتمعاتها‪.‬‬ ‫هذا التحدي قائم با�ستمرار ويف كل الظروف‪ ،‬وامل�س�ؤولية‬ ‫ وبالنظر يف التحديات الداخلية القائمة يف داخل‬ ‫الأم��ة‪ ،‬ميكن ق�سمة هذه التحديات �إلى ق�سمني بينهما فيه تقع على عاتق الأ�سرة �أو ًال‪ ،‬ثم على امل�ؤ�س�سات الرتبوية‬ ‫يف املجتمع‪ ،‬ثم هو م�س�ؤولية الفرد نف�سه بعد ذلك حني‬ ‫بطبيعة احلال ترابط وتداخل‪ ،‬و�أثر وت�أثري‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ي�صل �إلى م�ستوى الر�شد وامل�س�ؤولية‪.‬‬ ‫‪� -2‬شروط و�ضع امل�صطلح هي‪ :‬الو�ضوح والتمييز‪ ،‬والقدرة على حل امل�شكالت‬ ‫املرتبطة بامل�صطلح على امل�ستوى النظري‪ ،‬وعلى امل�ستوى العملي �أي�ض ًا �إذا كان‬ ‫يرتبط بامل�صطلح ق�ضايا عملية يف الواقع‪.‬‬

‫و�إذا كانت تنمية اجلانب العقلي لدى الأف��راد يف غاية‬ ‫الأهمية‪ ،‬ف�إن تنمية اجلانبني الوجداين والروحي ال تقل يف‬ ‫�أهميتها عن اجلانب العقلي‪ ،‬وحتتاج منا مزيد اهتمام‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪13‬‬


‫ حتدي غياب القدوة احل�سنة‪ ،‬هذا التحدي قائم يف قد �أ�ضاف �سمة �إيجابية �إلى ُهويته الثقافية و�شخ�صيته‪،‬‬‫الوقت احلا�ضر‪ ،‬فلم يعد الوالدان �أو الأ�ساتذة هم القدوة و�ساهم يف مواجهة التحديات الثقافية التي تهدف‬ ‫احل�سنة للأبناء يف مراحل حياتهم الأولى‪ ،‬وذلك لكرثة معظمها �إلى ا�ستهالك �أوقاتنا فيما ال طائل من ورائه‪.‬‬ ‫ما يعر�ض على �شا�شات التلفزة وو�سائل الأعالم املرئية‬ ‫ حت��دي ال��ع��ادات اال��س�ت�ه�لاك�ي��ة‪ ،‬وامل�ق���ص��ود هو‬‫وامل�سموعة وامل�ق��روءة من من��اذج ل�شخ�صيات يفرت�ض‬ ‫فيها �أن تكون قدوة للآخرين ب�صورة عامة‪ ،‬لكن هذه الإ� �س��راف �أو الرتكيز على جانب احل��اج��ات الكمالية‬ ‫النماذج املختلفة نادر ًا ما تكون قدوة ح�سنة‪� ،‬إن العربي التي ال حتقق تلبيتها �أية تنمية حقيقية للإن�سان و�إمنا‬ ‫امل�سلم قدوته الكربى هو الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬ت�ستهلك ماله و�صحته ووقته‪ ،‬وتزيد من م�شكالته‪ ،‬من‬ ‫واهلل �سبحانه وتعالى وجهنا لنجعله كذلك وذل��ك يف ذلك الإ�سراف يف امل�أكل وامللب�س وامل�شرب‪ ،‬والتدخني‬ ‫قوله تعالى‪ } :‬لقد كان لكم يف ر�سول اهلل �أ�سوة ح�سنة{ وا�ستخدام الأدوات والأجهزة التي ال تدعو �إليها حاجة‬ ‫(الأح��زاب‪ ،)21/‬وبطبيعة احلال فهناك عظماء حقيقيون �سوى التباهي‪ ،‬وال�سياحة غ�ير الهادفة وغ�يره��ا من‬ ‫يف تاريخ الأمة العربية القدمي واحلديث ميكن �أن يتخذوا مظاهر الرتف الزائد‪� .‬إن مثل هذه العادات اال�ستهالكية‬ ‫قدوة ح�سنة بالفعل‪� .‬إن وجود القدوة احل�سنة ي�ساهم يف تقلب �سلم �أول��وي��ات الفرد واهتماماته‪ ،‬فت�صرفه عن‬ ‫تر�سيخ الهوية الثقافية العربية للفرد‪ ،‬لأن ذلك يعني الأولويات احلقيقية لتحل حملها �أولويات مزيفة‪ ،‬الأمر‬ ‫ال�سلوك احل�سن على �شاكلة النموذج �أو القدوة احل�سنة الذي ينعك�س على هويته الثقافية و�شخ�صيته‪.‬‬ ‫امللتزمة باجلانب املعياري للثقافة العربية‪.‬‬ ‫هذه فيما نرى �أبرز التحديات الداخلية على م�ستوى‬ ‫ حتدي التقليد الأعمى لأن��واع ال�سلوك والعادات الفرد‪ ،‬وننتقل �إلى احلديث عن‪:‬‬‫غري العربية وبخا�صة الغربية‪ ،‬ف�أنواع ال�سلوك والعادات‬ ‫ التحديات الداخلية التي تواجه الثقافة العربية‬‫الغربية يف امللب�س وامل�أكل وامل�شروب والكالم والغناء على م�ستوى املجتمع‪ ،‬والناظر �إل��ى املجتمع و�أح��وال��ه‬ ‫والرق�ص وق�ضاء �أوقات الفراغ وتعامل الأبناء مع الآباء �سيجد العديد من هذه التحديات‪ ،‬و�سنكتفي ب�إيراد ما‬ ‫والتعامل بني الذكور والإناث وكل �أنواع التعامل يف احلياة نراه �أبرزها‪:‬‬ ‫(�أي الثقافة الغربية)‪ ،‬تعر�ض علينا �صباح م�ساء وتدخل‬ ‫ حتدي الوعي بال ُهوية الثقافية العربية‪ ،‬واملق�صود‬‫�إلى بيوتنا دون ا�ستئذان‪ ،‬حاملة معها الكثري من الغث‬ ‫والقليل من ال�سمني النافع‪ ،‬والتحدي هنا كبري يف جانبه بهذا التحدي �أن املجتمع العربي بعامة يواجه �صعوبات‬ ‫الفردي‪ ،‬وهو �أي�ض ًا – كما يف التحدي ال�سابق – م�س�ؤولية يف ن�شر وتر�سيخ ال��وع��ي ب��ال� ُه��وي��ة الثقافية العربية‬ ‫الأ�سرة واملجتمع‪ ،‬لكنه بعد ذلك م�س�ؤولية الفرد �أي�ض ًا‪ ،‬ال��واح��دة‪ ،‬و�أن مالمح ه��ذه الهوية و�سماتها الرئي�سة‬ ‫وخ�ط��ورة ه��ذا التحدي املتمثل يف التقليد‪� ،‬أن��ه يرتك مل تعد �أم��ر ًا وا�ضح ًا يف الأذه��ان وال��وج��دان‪ ،‬فبعد �أن‬ ‫�أثره يف الأفراد من �سن الطفولة‪ ،‬التي هي �سن التقليد‪ ،‬كانت �أن�شودة ‪« :‬بالد العرب �أوطاين» تكرر على م�سامع‬ ‫ف�إذا ن�ش�أ الطفل على �سلوكيات معينة و�شب عليها وكانت التالميذ يف املدار�س ب�صورة يومية‪ ،‬غابت هذه الأن�شودة‬ ‫�سلبية ومعار�ضة لثقافته‪ ،‬ف�إن اقتالعها بعد ذلك �سيكون وهذا ال�شعار‪ ،‬وحل حملها �شعارات قطرية تر�سخ ال ُهوية‬ ‫�أم��ر ًا غري ي�سري‪ .‬وه��ذا التحدي الفردي هنا هو جزء القطرية يف وعي النا�شئة على ح�ساب الوعي بال ُهوية‬ ‫من حتدي الغزو الثقايف املوجه للأفراد وللمجتمع‪� .‬إن العربية‪ ،‬و�ساهمنا يف الوطن العربي – ب�شكل مق�صود‬ ‫التقليد الأعمى ال يجعل للفرد �شخ�صية م�ستقلة وال هوية �أو غري مق�صود ‪ -‬يف تقلي�ص الوعي بال ُهوية العربية‪،‬‬ ‫حتى بات الأمر عائق ًا يحول بني الأمة العربية وحتقيق‬ ‫ثقافية متميزة‪.‬‬ ‫�أهدافها يف �أن يكون لها هوية ثقافية عربية اخل�صائ�ص‪،‬‬ ‫ حتدي تنظيم الوقت وا�ستثماره‪ ،‬واملق�صود قدرة ورا�سخة يف النفو�س‪.‬‬‫الفرد على ا�ستثمار وقته اال�ستثمار الأم�ث��ل والأن�ف��ع‪،‬‬ ‫ التحدي الرتبوي‪ ،‬واملق�صود به �أن امل�ؤ�س�سات‬‫�إن ال�شباب هم �أول��ى فئات املجتمع باالنتباه �إل��ى هذا‬ ‫التحدي‪ ،‬حتى ال ي�ضيعوا �أوقاتهم �سدى دون ا�ستغاللها الرتبوية املختلفة يف املجتمع تعاين من ق�صور وعجز‬ ‫يف الأعمال التي تفيدهم وتفيد جمتمعهم‪ .‬والر�سول عليه يعيق حتقيق ه��ذه امل�ؤ�س�سات ل�ل�أه��داف املن�شودة يف‬ ‫ال�صالة وال�سالم وجه امل�سلمني �إلى �أهمية فرتة ال�شباب جت�سيد الثقافة العربية وتر�سيخها يف ال�سلوك الفردي‬ ‫وا�ستغالل قوة الفرد فيها وذل��ك يف حديثه ال�شريف‪ :‬واجلماعي‪� .‬أمام امل�ؤ�س�سات الرتبوية حتدي �إعداد املعلم‬ ‫(اغتنم خم�س ًا قبل خم�س‪� ،‬شبابك قبل هرمك‪...‬الخ)؛ املربي الذي ي�ؤمن ب�أن عمله يف مهنة الرتبية والتعليم هو‬ ‫�إن الفرد حني ال ي�ضيع وقته فيما ال جدوى منه‪ ،‬يكون ر�سالة ولي�س جمرد وظيفة يتقا�ضى عليها راتب ًا نهاية‬ ‫‪� 14‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫كل �شهر‪ ،‬وعلى املجتمع �أن يعيد �إل��ى املعلم االح�ترام‬ ‫والتقدير واملكانة االجتماعية التي ي�ستحقها‪ ،‬وهذا حتد‬ ‫غري ي�سري؛ و�أمام امل�ؤ�س�سات الرتبوية حتدي تعليم الدين‬ ‫ب�شكل يحقق وظيفة الدين يف حياة الأفراد واجلماعات‬ ‫بحيث تتج�سد يف هذا ال�سلوك ال ُهوية الثقافية العربية‬ ‫ه��ذه الهوية التي ت�ستمد خ�صائ�صها اجلوهرية من‬ ‫الإ�سالم؛ و�أمام امل�ؤ�س�سات الرتبوية حتدي تعليم اللغة‬ ‫العربية بطريقة مي�سره فعالة وغر�س حمبتها يف نفو�س‬ ‫النا�شئة ال النظر �إليها على �أنها لغة قدمية غري ع�صرية؛‬ ‫و�أمام امل�ؤ�س�سات الرتبوية حتدي �إعداد النا�شئة للحياة‬ ‫مزودين بالعلم وبالعادات الذهنية الإيجابية مثل القدرة‬ ‫على التفكري املنطقي ال�سليم واملنتج‪ ،‬وعلى التفكري‬ ‫النقدي البناء‪ ،‬وعلى احلوار واحرتام الر�أي الآخر‪ ،‬وعلى‬ ‫ ال�ت�ح��دي ال�سيا�سي‪ ،‬وامل�ق���ص��ود ب��ذل��ك ق�صور‬‫حتمل امل�س�ؤولية‪ ،‬بجانب توعيتهم ب�صورة �سليمة بجميع‬ ‫م�شكالت �أمتهم الأ�سا�سية والتحديات الكربى التي الإدارات ال�سيا�سية يف الأم��ة العربية عن حتقيق غاية‬ ‫تواجهها‪ ،‬وتزويدهم ب�أف�ضل احللول املثالية والواقعية الأم��ة وطموحاتها‪ ،‬وقد بات هذا الأم��ر وا�ضح ًا لأبناء‬ ‫هذه الأمة �أكرث من بع�ض التحديات الأخرى‪ ،‬ويت�ضمن‬ ‫ملعاجلتها والت�صدي لها‪.‬‬ ‫ه��ذا التحدي ع��دد ًا من التحديات الفرعية‪� ،‬أبرزها‪:‬‬ ‫�إن دور وم�س�ؤولية امل�ؤ�س�سات الرتبوية كبري ورئي�س حتدي الدميقراطية يف اختيار احلاكم واتخاذ القرارات‬ ‫و�أ�سا�س يف بناء الأم��ة ويف حتقيق هويتها الثقافية ويف وبخا�صة امل�صريية منها‪ ،‬وحت��دي ا�ستقالل ال�ق��رار‬ ‫مواجهة التحديات التي تواجهها الأم��ة وثقافتها‪ ،‬وال ال�سيا�سي وع��دم الت�أثر بال�ضغوط اخلارجية‪ ،‬وحتدي‬ ‫نبالغ �إن قلنا �إن �إ�صالح الرتبية وم�ؤ�س�ساتها هو �إ�صالح و�ضع �سيا�سيات ملواجهة الأخطار اخلارجية‪ ،‬وحتدي‬ ‫للمجتمع وللأمة ولأحوالها املختلفة‪� ،‬إن مل تكن جميعها و�ضع �سيا�سات ملعاجلة امل�شكالت الداخلية على جميع‬ ‫فمعظمها‪ ،‬وبالرتبية التي تراعي قيم الأم��ة الثقافية الأ�صعدة‪ ،‬وحتدي ممار�سة احلريات املختلفة‪ ،‬وحتدي‬ ‫تتح�صن الأمة �ضد �أ�شكال الغزو الثقايف املختلفة‪.‬‬ ‫العدالة وتكاف�ؤ الفر�ص‪..‬الخ ‪� .‬إن التحدي ال�سيا�سي‬ ‫املحتمل يف ق�صور الإدارات ال�سيا�سية ع��ن حتقيق‬ ‫ التحدي الإعالمي‪ ،‬واملق�صود بذلك �أن الإعالم �أهداف الأمة‪ ،‬التي �أحدها حتقيق الهوية الثقافية للأمة‬‫بكل �أدواته و�أ�شكاله يجب �أن يوجه لتوعية النا�س بحقيقة يف �أكمل �صورة ممكنة‪ ،‬هو �أحد العقبات الرئي�سة التي‬ ‫�أو�ضاعهم وم�شكالتهم واحللول املنا�سبة لها‪ ،‬و�أن ي�ساهم تواجه الثقافة العربية‪ ،‬وب��دون �إدارات �سيا�سية قادرة‬ ‫يف ا�ستثارة همهم لكل عمل نافع ولرد �أي ع��دوان على وحكيمة ومتعاونة لن تتمكن الأمة من ممار�سة ثقافتها‬ ‫�أمتهم و�أوطانهم‪ ،‬و�أن يقوم بدوره الرتبوي يف ن�شر العلم على النحو الذي تطمح �إليه‪.‬‬ ‫وتعليم الثقافة النافعة املفيدة لعامة النا�س‪ ،‬والت�أكيد‬ ‫على قيم الأم��ة وتر�سيخها وحمبتها‪ ،‬وعر�ض الثقافة‬ ‫ التحدي االقت�صادي‪ ،‬واملق�صود به ق�صور الأو�ضاع‬‫ال�سليمة الأ�صيلة لهذه الأم��ة (�أي كيفية التعامل مع االقت�صادية يف ال��وط��ن العربي ع��ن حتقيق الغايات‬ ‫جوانب الوجود املختلفة)‪� ،‬إن ق�صور الإعالم عن الوفاء االقت�صادية التي تطمح �إليها الأمة‪ ،‬الأمر الذي يبعدها‬ ‫بهذه الغايات هو حتد كبري �أمام الثقافة العربية وهذا عن حتقيق ُهويتها الثقافية‪� .‬إن م�شكلتي الفقر والبطالة‬ ‫التحدي يعيق بال �شك حتقيق الغاية التي تطمح �إليها حتديات اقت�صادية ومثلها ت��دين معدل دخ��ل الفرد‪،‬‬ ‫الأمة يف جانب الثقافة‪ ،‬و�أعني حتقيق هويتها الثقافية كذلك ع��دم تطوير و�سائل الإن �ت��اج �إل��ى احل��د الكايف‬ ‫على �أكمل �صوره ممكنة‪ ،‬وال نبالغ �إن قلنا �إن دور الإعالم املالئم‪ ،‬وهناك قائمة تف�صيلية طويلة بهذه التحديات‪،‬‬ ‫لي�س �أقل من دور امل�ؤ�س�سات الرتبوية‪ ،‬والتحدي الكبري لكن خ�ب�راء االقت�صاد ي��رك��زون على حت��دي��ات كربى‬ ‫الذي تواجهه الثقافة العربية يف هذين املجالني (الرتبية ورئي�سة‪ ،‬منها‪ :‬حت��دي �إرادة اتخاذ القرار ال�سيا�سي‬ ‫والإع �ل�ام) ه��و غ�ي��اب التن�سيق فيما بينهما‪ ،‬فالذي بتحقيق التكامل االقت�صادي بني ال��دول العربية‪ ،‬لقد‬ ‫يحدث ب�صورة ملحوظة �أن هناك تعار�ضا بينهما من ظهرت فكرة ال�سوق العربية امل�شرتكة قبل فكرة ال�سوق‬ ‫حيث النظر �إلى الغايات‪ ،‬فقد تقوم امل�ؤ�س�سات الرتبوية الأوروبية امل�شرتكة‪ ،‬لكن الأخ�يرة �أ�صبحت واقع ًا‪� ،‬أما‬ ‫مبحاربة التغريب وبيان �سلبياته على ُهوية الأمة الثقافية الأولى فظلت جمرد فكرة وحلم جميل �أو طموح طوباوي‪،‬‬ ‫وتقوم �أجهزة الإعالم بتزين التغريب ب�شكل مبا�شر �أو‬ ‫غري مبا�شر من خالل الأفالم الغربية التي تعر�ض لنا‬ ‫مناذج احلياة الغربية يف �صورة فنية جميلة وجذابة‪،..‬‬ ‫فتحدث االزدواج �ي��ة يف نفو�س النا�شئة بني ما تعلمه‬ ‫املدار�س واجلامعات وما تعر�ضه وتعلمه �أجهزة الإعالم‬ ‫بطريقتها‪ ،‬وينعك�س ذلك كله �سلب ًا على ال ُهوية الثقافية‬ ‫العربية فيعيق حتقيقها يف ال�صورة املرغوبة‪� .‬إن الإعالم‬ ‫اليوم ق��وة كبرية و�سالح له �أولويته بجانب الأ�سلحة‬ ‫الأخرى يف الدفاع والهجوم والغزو واملواجهة‪ ،‬وال يزال‬ ‫ا�ستخدامه ب�صورة �إيجابية فعاله ي�شكل حتدي ًا �أمام‬ ‫الأمة و�أمام ثقافتها هي بحاجة �إلى التغلب عليه لتحقيق‬ ‫ثقافتها العربية يف �أكمل �صورة ممكنة و�أعزها ‪..‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪15‬‬


‫وهناك حتدي التنمية الب�شرية هذه التي �ست�ؤدي �إلى‬ ‫التنمية االقت�صادية باعتبار العن�صر الب�شري هو الفاعل‬ ‫الرئي�س يف التنمية االقت�صادية؛ وال ينفك التحدي‬ ‫االقت�صادي الداخلي عن ت�أثره بالتحديات اخلارجية‬ ‫التي برزت بعد معاهدة التجارة الدولية وتطبيق العوملة‪.‬‬ ‫وتكمن �أهمية التحدي االقت�صادي و�ضرورة مواجهته‬ ‫كما هو معلوم ‪-‬يف �أنه ينعك�س وي�ؤثر على التحديات‬‫الأخ� ��رى‪ ،‬ف�ل��ه انعكا�ساته ال�سيا�سية واالجتماعية‬ ‫والرتبوية والإعالمية‪ ،‬الأمر الذي ينعك�س على جت�سيد‬ ‫الهوية الثقافية‪.‬‬ ‫ التحدي االجتماعي‪ ،‬واملق�صود به �أن حركة احلياة‬‫االجتماعية يف املجتمع العربي الناجتة عن اجتماعهم‬ ‫مع ًا تنطوي على جوانب من الق�صور تعيق الأم��ة عن‬ ‫جت�سيد هويتها الثقافية العربية ب�صورة وا�ضحة‪ .‬هذا‬ ‫التحدي يتداخل مع التحديات ال�سابقة ويتقاطع معها يف‬ ‫�أكرث من مو�ضع‪� ،‬إذ كلها فعاليات ذات طابع اجتماعي‪،‬‬ ‫لكننا �سنذكر هنا اجلوانب التي مل يرد ذكرها فيما‬ ‫تقدم‪ ،‬والتي تعترب وفق ًا للممار�سات العلمية الإجرائية‬ ‫حتديات اجتماعية‪ ،‬فنذكر �أبرزها‪ ،‬بادئني بالتحدي يف‬ ‫جمال القيم االجتماعية‪ ،‬هذه القيم التي لها �أهمية كربى‬ ‫يف حتقيق وجت�سيد وحتديد ال ُهوية الثقافية العربية‪،‬‬ ‫فالتحدي يف جمال القيم االجتماعية يعني وجود ق�صور‬ ‫يف الوعي بهذه القيم (واملق�صود بطبيعة احلال القيم‬ ‫الإيجابية) والق�صور يف حتقيقها وجت�سيدها بحيث‬ ‫ت�ؤدي وظيفتها يف حياة النا�س والأمة؛ هناك حتدي قيمة‬ ‫العلم والتعليم‪ ،‬وهذه من القيم الوا�ضحة الأهمية لكن ال‬ ‫زالت الأمة العربية مق�صرة يف �إجناز العلم ابتدا ًء‪� ،‬إذ‬ ‫نحن الآن ن�ستورد العلم كما ن�ستورد الأجهزة كال�سيارات‬ ‫وال�ه��وات��ف وغ�يره��ا‪ ،‬فالبحث العلمي الأ�صيل �ضئيل‬ ‫جد ًا‪ ،‬وم�شاركة الأمة العربية يف تقدم العلم تكاد تكون‬ ‫معدومة‪ ،‬كما �أنها مق�صرة يف جمال التعليم ون�شره بني‬ ‫�أبناء الأمة كم ًا وكيف ًا‪ ،‬ف�ض ًال عن انت�شار الأمية الهجائية‬ ‫وغريها‪...‬؛ وهناك قيمة العلم العملي التطبيقي‪ ،‬مبعنى‬ ‫ا�ستثمار العلم النظري يف حياة الإن���س��ان لت�سهيلها‬ ‫وترقيتها؛ وهناك قيمة التخطيط للم�ستقبل وحتديد‬ ‫الأه��داف القريبة والبعيدة للأمة حيث تكاد هذه �أن‬ ‫تكون غري موجودة على م�ستوى الأمة‪ ،‬الأمر الذي يهدد‬ ‫هويتها باال�ضمحالل �إن مل يكن بالتال�شي؛ وهناك قيمة‬ ‫التعاون والعمل امل�شرتك اجلماعي‪ ،‬وهناك قيمة التواد‬ ‫والرتاحم والتكافل بني �أبناء الأم��ة مثل كفالة الأيتام‬ ‫والأرام��ل والفقراء واملحتاجني واملر�ضى؛ وهناك قيمة‬ ‫االعتدال يف الإنفاق واال�ستهالك وعدم االجنراف وراء‬ ‫‪� 16‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫الإ�سراف‪ ،‬ونحن نعطي لهذه القيمة �أهمية اقت�صادية‬ ‫ك�برى‪ ،‬والكثري من �أبناء الأم��ة العربية غافلون عنها‬ ‫وعن �أهمية تطبيقها الذي ينعك�س على حالة الأف��راد‬ ‫االقت�صادية ويقلل م�شكالتهم‪ ،‬كما ينعك�س �إيجاب ًا‬ ‫على اقت�صاد املجتمع بعامة‪� ،‬إن جت�سيد هذه القيمة‬ ‫يف �سلوكنا هو �إح��دى و�سائل مقاومة العوملة ومقاومة‬ ‫اخلطر ال�صهيوين ومعظم الأخطار اخلارجية (التي‬ ‫�سريد ذكرها فيما يلي)‪ ،‬وظني �أنا عن كل هذا غافلون‪.‬‬ ‫هناك التحدي املتعلق برعاية الأطفال ورعاية ال�شباب‪،‬‬ ‫فالرعاية ال�سليمة املتكاملة الواعية والهادفة لهاتني‬ ‫الفئتني �ست�ؤدي �إلى �إيجاد �أمة �صاحلة �إيجابية قادرة‬ ‫على مواجهة م�شكالتها و�إيجاد احللول لها‪ ،‬وجت�سيد‬ ‫هويتها الثقافية‪.‬‬ ‫وهناك حتدي النزاعات الداخلية املختلفة‪ ،‬املذهبية‬ ‫والطائفية والقطرية واجلهوية واحلزبية وغريها‪� ،‬إن‬ ‫كل �أنواع النزاعات ال�صغري منها والكبري ت�ضيع اجلهود‬ ‫وتهدر الطاقات وتفرق وال توحد‪ ،‬وتنتهي �إلى ت�ضييع‬ ‫الهوية العربية الواحدة‪.‬‬ ‫ وهناك حتدي اجتماعي نخ�صه بالذكر لأهميته‬‫و�إن كان موجود ًا ب�صورة غري مبا�شرة يف التحديات‬ ‫ال�سابقة‪ ،‬وهو حتدي امل�شاركة ال�شعبية‪ ،‬واحلق �أن هذا‬ ‫باب وا�سع ميكن �أن تدخل فيه �شتى �أن��واع الفعاليات‬ ‫والأن�شطة االقت�صادية وال�سيا�سية والرتبوية واملتعلقة‬ ‫بال�شباب‪ ،‬واملتعلقة بكفالة كل املحتاجني وال�ضعفاء‪،‬‬ ‫وتلك املت�صلة بالدفاع عن م�صالح الأمة وحقوقها والرد‬ ‫على من يريد بها �سوء ًا‪� .‬إن هذا التحدي الآن كبري‪،‬‬ ‫ومواجهته بتفعيل ه��ذه امل�شاركة بطريقة منظمة هو‬ ‫املطلوب‪ ،‬وو�سائل حتقيق هذا امل�شاركة ال�شعبية الفعالة‬ ‫ع��دي��دة‪ ،‬منها �إي�ج��اد الأح ��زاب الفاعلة‪ ،‬واجلمعيات‬ ‫التعاونية واخلريية املختلفة والنقابات املهنية‪ ،‬واللجان‬ ‫التطوعية املتخ�ص�صة‪ ،‬كل يف جانب معني‪ ،‬هذا ف�ض ًال‬ ‫عن امل�شاركات ذات الطابع الفردي كالتربع ال�شخ�صي‪،‬‬ ‫وتقدمي �صاحب اخل�برة خلربته وغري ذلك من �أوجه‬ ‫امل�شاركة العديدة‪� .‬إن املجتمع العربي قد تعود لفرتة غري‬ ‫ق�صرية على �شيء من ال�سلبية يف انتظار �أن تقدم له‬ ‫الدولة كل ما يحتاجه‪ ،‬ولعله �آن الأوان لفتح الباب �أمام‬ ‫امل�شاركة ال�شعبية الفعالة يف الت�صدي لكل ما تواجهه‬ ‫الأم��ة م��ن حت��دي��ات؛ �إن ه��ذه امل�شاركة ه��ي م��ن �أق��وى‬ ‫الو�سائل التي حتقق الهوية الثقافية للأمة‪.‬‬ ‫ننتقل الآن �إلى‪:‬‬ ‫التحديات اخلارجية التي تواجه الثقافة العربية‪،‬‬ ‫وقد كنا حددناها يف ثالثة حتديات رئي�سة‪ ،‬و�سنقدم‬ ‫قبل احلديث عن كل منها بقول عام ن�ؤكد فيه �أن املنطقة‬ ‫العربية ت�شكل منطقة م�ستهدفة من قبل الغرب بعامة‬


‫ومنطقة م�صالح ا�سرتاتيجية بالن�سبة له‪ ،‬كان هذا يف بينها‪ .‬ولعل من ي�ستبعد دور الغرب يف �إ�شعال فتيل هذا‬ ‫املا�ضي‪ ،‬وهو اليوم �أو�ضح و�أ�شد و�أ�شر�س مما كان يف التقاتل‪ ،‬هو واحد من �أثنني‪ :‬خادع �أو خمدوع (نق ًال عن‪:‬‬ ‫املا�ضي‪ ،‬خ�صو�ص ًا بعد انهيار املع�سكر اال�شرتاكي واالحتاد د‪� .‬أحمد يو�سف‪ ،‬امل�صدر الآنف الذكر)‪.‬‬ ‫ال�سوفييتي وانتهاء ما كان يعرف باحلرب الباردة بينهما‪،‬‬ ‫هذان القوالن يف نظرنا يعربان عن �أه��داف الغرب‬ ‫وتزامن ذلك مع ظهور ال�صحوة الإ�سالمية التي �شملت‬ ‫العامل الإ�سالمي بعامة والعربي بخا�صة‪ ،‬ويدل على هذا يف ا�ستهداف ال�ع��امل ال�ع��رب��ي‪ ،‬بكالم �صريح ال جمال‬ ‫اال�ستهداف ب�صورة �صارخة الو�ضوح احتالل �أمريكا لت�أويله عند كل من يح�سن الظن يف نوايا الغرب جتاه‬ ‫للعراق‪ ،‬حيث حتقق لها بهذا االحتالل قدر عظيم من الأمة العربية‪� ،‬ألي�س التغريب هو نقي�ض ال ُهوية الثقافية‬ ‫م�صاحلها اال�سرتاتيجية ‪ .‬واخلطر الذي يواجهه العامل العربية؟ بلى �إنه كذلك‪.‬‬ ‫العربي من القوى الغربية متعدد اجلوانب ‪ :‬اقت�صادي‬ ‫نعود �إلى احلديث عن التحديات اخلارجية الثالثة‪،‬‬ ‫و�سيا�سي وع�سكري‪ ،‬والأخطر من كل ما �سبق الثقايف و�أولها‪:‬‬ ‫واحل�ضاري‪ ،‬وه��ذا كله وا�ضح يف ت�صريح لل�سيد فيلي‬ ‫كالي�س‪� ،‬سكرتري عام حلف الأطل�سي‪ ،‬يف عام ‪1995‬م‬ ‫ حتديات ال�صهيونية العاملية وامل�شروع ال�صهيوين‬‫حيث قال ب�أن الأ�صولية الإ�سالمية (وال فرق عند الغرب املتمثل يف احتالل فل�سطني‪ ،‬ويف �أهدافه التو�سعية التي‬ ‫وح���س��ب ذهنيتهم ب�ين ال �ع��رب وامل���س�ل�م�ين‪ ،‬فكلهم يف ت�شمل جميع �أجزاء الوطن العربي‪.‬‬ ‫نظرهم هوية واح��دة) «متثل نف�س التهديد الذي كانت‬ ‫معلوم �أن ال�صهيونية العاملية �إن�ت��اج ي�ه��ودي‪ ،‬ابتكره‬ ‫متثله ال�شيوعية للغرب‪� ،..‬إن حلف الأطلنطي ميكن �أن‬ ‫ي�ساهم يف مواجهة هذا التهديد الذي ميثله املتطرفون اليهود ليحققوا من خاللها وبو�ساطتها �أه��داف� ًا خمتلفة‬ ‫الإ�سالميون من حيث قيام احللف ب�إعادة حتديد دوره بعد بع�ضها كبرية عري�ضة وبعيدة وبع�ضها الآخر �أقرب منا ًال‪،‬‬ ‫احلرب الباردة؛ ف�إن حلف الأطلنطي هو �أكرث من كونه �إن غاية ال�صهيونية القريبة والتي حتققت بعد ن�صف قرن‬ ‫حتالف ًا ع�سكري ًا‪ ،‬فهو قد �ألزم نف�سه بالدفاع عن املبادئ من انعقاد امل�ؤمتر ال�صهيوين الأول يف بازل ب�سوي�سرا عام‬ ‫الأ�سا�سية للح�ضارة التي ربطت �أورب��ا الغربية ب�أمريكا ‪1897‬م هي ا�ستيطان �أر�ض فل�سطني و�إقامة دولة لليهود‬ ‫ال�شمالية» (نق ًال عن‪ :‬د‪� .‬أحمد يو�سف‪ ،‬ورقته يف امل�ؤمتر فيها‪ ،‬ث��م غايتهم الأب �ع��د بعد ذل��ك ه��و اح�ت�لال الوطن‬ ‫العام ال�ساد�س لرابطة اجلامعات الإ�سالمية‪ ،‬املنعقد يف العربي من النيل �إل��ى الفرات‪ ،‬ف��إن مل يكن ذلك ممكن ًا‬ ‫جامعة �آل البيت‪ /‬نوفمرب ‪ ،1999‬نقله عن جريدة اخلليج بطريق االحتالل الع�سكري‪ ،‬ف�إنه يف نظرهم ممكن من‬ ‫الناحية االقت�صادية وال�سيا�سية‪� ،‬أما الهدف الأعظم فهو‬ ‫عدد‪1995/2/8 :‬م)‪.‬‬ ‫ال�سيطرة على العامل‪ :‬حكوماته و�سيا�ساتها واقت�صاده‬ ‫وننقل قوال �آخر لأحد الأكادمييني الغربيني من �أ�صل وثقافته‪ ،‬وه��و �أم��ر قد حتقق لهم منه ق��در كبري؛ �أل�سنا‬ ‫يهودي‪ ،‬والذي عمل ويعمل م�ست�شار ًا لوزارتي اخلارجية نرى رئي�س �أكرب دولة يف العامل يعمل وك�أنه ناطق ر�سمي‬ ‫الربيطانية والأمريكية‪ ،‬وهو الربف�سور برنارد لوي�س‪ ،‬با�سم حكومة �إ�سرائيل ورئي�س وزرائها �شارون؟ �أال ترى‬ ‫وهو م�أخوذ من كتابه‪ :‬ال�شرق الأو�سط والغرب‪ ،‬ي�ؤكد حكام العامل الغربي يف �أورب��ا وقادتها ي�ت��وددون لليهود‬ ‫فيه حر�ص الغرب على تغريب املنطقة العربية وجناحهم وزعمائهم‪ ،‬وينتقون كلماتهم بحذر �شديد كلما حتدثوا عن‬ ‫يف ذلك �إلى حد كبري‪ ،‬يقول برنارد لوي�س‪�“ :‬إن التغريب �إ�سرائيل وجرائمها؟ وك�أن قادة �إ�سرائيل هم من عينهم‬ ‫يف املنطقة العربية �أدى �إل��ى تفكيكها وجتزئتها‪ ،‬و�إن يف منا�صبهم‪ ،‬فهم يخ�شون �إغ�ضابهم حتى ال يفقدوا هذه‬ ‫هذا التفكيك ال�سيا�سي واكبه تفكيك اجتماعي وثقايف‪ .‬املنا�صب العالية‪ ،‬ثم �ألي�ست �أفعالهم تدل على ذلك ‪� .‬إن‬ ‫والواقع �أن �إحلاق املنطقة بالغرب‪ ،‬مل يكن ممكنا �إال عن قادة الغرب يعدون �إ�سرائيل ودعمها بال حدود ا�سرتاتيجية‬ ‫طريق تفكيكها وجتزئتها‪ ،‬ولو �أعطيت لأي �سيا�سي يف ثابتة‪ ،‬والأمر �صحيح‪ ،‬لكن الأمر فيه �أكرث من ذلك‪ ،‬لقد بني‬ ‫العامل‪ ،‬م�س�ألة ي�س�ألونه (يطلبون) فيها �أن ي�سعى لإحلاق عدد من الباحثني يف الغرب �أن �أ�صابع ال�صهيونية واليهود‬ ‫املنطقة العربية بالغرب‪ ،‬ملا اختار غري الأ�سلوب الذي مل تكن بعيدة عن �أحداث القرن الع�شرين تعبث ل�صاحلهم‪:‬‬ ‫اختاره الغرب فع ًال‪ ،‬وهو تفكيك املنطقة بالفنت الطائفية احلربني العامليتني الأولى والثانية‪� ،‬إن�شاء ع�صبة الأمم ثم‬ ‫والتفتيت االجتماعي وال�ث�ق��ايف واف�ت�ع��ال اخل�صومات هيئة الأمم بعد ذلك‪ ،‬وقبلها اتفاقية �سايك�س – بيكو‪ ،‬ووعد‬ ‫واخل�لاف��ات وتو�سيع م��واط��ن االخ �ت�لاف وامل�ب��ال�غ��ة يف بلفور‪ .‬ثم االنتداب الربيطاين لفل�سطني وهزمية ‪1948‬م‪،‬‬ ‫�إبرازها‪ ،‬ولي�س من �شك يف �أن من ي�سعى �إلى هذا يحزنه م ��رور ًا بالعوملة بكل جوانبها االقت�صادية وال�سيا�سية‬ ‫م�شهد ال�سالم بني الطوائف‪ ،‬وي�سعده ان��دالع التقاتل والثقافية والع�سكرية‪ ،‬وانتها ًء باحتالل العراق‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪17‬‬


‫�إذا تركنا هذا وعدنا �إلى �أقرب امل�شاهد ال�صهيونية‬ ‫�إلينا جند �إ�سرائيل التي تهدد باحتاللها �أر�ض فل�سطني‬ ‫الهوية الثقافية العربية؛ �إنها ال تتحدى �شعب فل�سطني‬ ‫فح�سب بل تتحدى الأم��ة العربية ب�أ�سرها وتتجاوزها‬ ‫�إلى الأم��ة الإ�سالمية؛ فقوتها الع�سكرية تفوق ما لدى‬ ‫ال��دول العربية جمتمعة‪ ،‬واقت�صادها ي�سعى لفر�ض‬ ‫نف�سه على كل �أ��س��واق ال��دول العربية‪ ،‬متهيد ًا لفر�ض‬ ‫القرار ال�سيا�سي عليها‪ ،‬القرار الذي �سيكون �ضد الهوية‬ ‫الثقافية العربية‪ .‬لقد ابتكرت ال�صهيونية – متحالفة‬ ‫م��ع ال�غ��رب – م�صطلحات تناق�ض ال� ُه��وي��ة الثقافية‬ ‫العربية وتهدف �إلى حموها من الذهنية العربية‪ ،‬مثل‬ ‫م�صطلح ال�شرق الأو�سط بدال من العامل العربي والوطن‬ ‫العربي‪ ،‬وم�صطلح ال�شراكة الأوروبية املتو�سطية‪ ،‬و�أخري ًا‬ ‫م�صطلح ال�شرق الأو�سط الكبري‪ ،‬لتدخل �إ�سرائيل حتت‬ ‫مظلة هذه الت�سميات كطرف �شرعي‪ ،‬وترتاجع الهوية‬ ‫العربية وتندحر‪ ،‬هذه الهوية العربية هي يف جوهرها‬ ‫الهوية الثقافية العربية‪.‬‬ ‫والغريب �أن عدد ًا غري قليل من املثقفني والإعالميني‬ ‫وو�سائل الإعالم ين�ساقون مع هذه الت�سميات وال ينبهون‬ ‫�أو ينتبهون �إلى ما تنطوي عليه من خماطر تهدد الهوية‬ ‫الثقافية العربية يف ال�صميم‪� .‬إن خطر ال�صهيونية ‪-‬‬ ‫متمثلة يف �أداتها وم�شروعها القائم على �أر�ض فل�سطني ‪-‬‬ ‫ي�ستهدف بالفعل الإن�سان العربي‪ ،‬بدء ًا ب�إن�سان فل�سطني‪،‬‬ ‫وجود ًا وتاريخ ًا وح�ضارة وعقيدة وثقافة وكرامة وحرية‪...‬‬ ‫�إنها باخت�صار ت�ستهدف الهوية الثقافية العربية التي‬ ‫تعني كل �أبناء الأمة العربية الإ�سالمية بل �إنها تتجاوز‬ ‫يف ا�ستهدافها وحتديها ذلك لت�صل �إلى الأمة الإ�سالمية‬ ‫وال ُهوية الإ�سالمية‪ ،‬كما �أ�شرنا �آنف ًا‪ ،‬وال�صهيونية كالغرب‬ ‫ال مييزون كثري ًا بني العرب وامل�سلمني فهم عندهم �سواء‬ ‫من حيث ا�ستهدافهم ومعاداتهم‪ ،‬وال غرابة يف ذلك فهم‬ ‫حلفا�ؤهم �ضد الأمة العربية‪.‬‬

‫�أخ��رى؛ ا�ستعمار اقت�صادي و�سيا�سي وفكري وثقايف‪،‬‬ ‫فالدول الغربية تعترب املنطقة العربية منطقة م�صالح‬ ‫ا�سرتاتيجية لها؛ ملوقعها اجلغرايف املتو�سط بني دول‬ ‫العامل‪ ،‬ولرثواتها العديدة و�أهمها النفط‪ ،‬ولتكون �سوق ًا‬ ‫ملنتجاتها‪ ،‬ولتن�شر فيها وب�ين �أبنائها ثقافتها فتظل‬ ‫عاجزة تابعة ال ت�شكل خطر ًا عليها وال على م�صاحلها‪،‬‬ ‫ولتجردها من �أقوى �أ�سلحتها املعنوية وهو ثقافتها التي‬ ‫باتت ت�شكل خطر ًا على ثقافة الغرب العلمانية وتطرح‬ ‫نف�سها بديال حمتمال للثقافة الغربية‪ ،‬فهم يتح�سبون‬ ‫لهذا اخلطر �أكرث مما نت�صور‪ ،‬تدل على ذلك حربهم‬ ‫املعلنة على العرب والإ�سالم حتت م�سميات احلرب �ضد‬ ‫الأ�صولية و�ضد الإرهاب‪ ،‬وحماوالتهم ال�سافرة للتدخل‬ ‫يف مناهج التعليم الديني يف البالد العربية والإ�سالمية‪.‬‬ ‫�إن حتديات الدول الإمربيالية الغربية اليوم للثقافية‬ ‫العربية تكاد ت�شمل كل املجاالت الرئي�سية‪ :‬االقت�صادية‬ ‫وال�سيا�سية والثقافية والع�سكرية؛ القرو�ض امل�شروطة‬ ‫التي متنحها للدول العربية بفوائد عالية‪ ،‬القيود التي‬ ‫تفر�ضها على ن�شاطها االق�ت���ص��ادي‪ ،‬والعقبات التي‬ ‫ت�ضعها �أمام التنمية االقت�صادية‪ ،‬واالتفاقيات الثنائية‬ ‫التي تكون عادة ل�صالح الدول الأقوى‪ ،‬كل ذلك يكر�س‬ ‫التبعية االقت�صادية للغرب‪� ،‬إن�ه��م ي�ضغطون لدرجة‬ ‫الفر�ض على الدول العربية ل�شراء ال�سالح الذي مل يعد‬ ‫مواكب ًا للتقدم التكنولوجي ال�ستنزاف ثروات هذه الدول‪.‬‬

‫�س�أكتفي بهذا القدر عن التحدي ال�صهيوين‪ ،‬ف�إن‬ ‫تفا�صيله وا�ضحة �أمام عيوننا ن�شاهدها �صباح م�ساء‪،‬‬ ‫لكننا نلفت النظر �إلى �أن تفا�صيل هذا التحدي املتمثل‬ ‫يف اجلرائم ال�صهيونية الب�شعة قد كادت �أن ت�صبح �أمر ًا‬ ‫عاديا م�ألوف ًا كدنا �أن ال نح�س معه بخطورة الأمر على‬ ‫�أمتنا وهويتها الثقافية‪� ،‬إن هذه امل�شاهد اليومية ينبغي‬ ‫�أن حتفزنا للعمل �أكرث ملواجهة اخلطر املحدق بهويتنا‬ ‫الثقافية العربية‪.‬‬

‫�أما التبعية ال�سيا�سية فباتت وا�ضحة ال تخفى على‬ ‫�أحد‪� ،‬إن �أمريكا باتت تتدخل يف كل قراراتنا ال�سيا�سية‬ ‫ذات ال�ش�أن‪ ،‬وال بد من ا�ستئذانها قبل اتخاذ �أي قرار‬ ‫�سيا�سي هام‪ ،‬ف�أمريكا �أ�صبحت �شرطي العامل املرهوب‬ ‫وبخا�صة عند ال��دول العربية‪� ،‬أم��ا التحدي الع�سكري‬ ‫فمظاهره بارزة للعيان‪ ،‬فتدخل قوات التحالف الغربي‬ ‫بقيادة �أمريكا جاهزة للتدخل ل�ضرب �أي قطر عربي‬ ‫يخالف �سيا�سة �أمريكا‪ ،‬وما حدث للعراق بعد عام ‪1990‬‬ ‫من اعتداءات ا�ستمرت حتى انتهت باحتالله ع�سكري ًا‪،‬‬ ‫و�ضرب �أفغان�ستان واحتاللها قبل ذلك‪ ،‬لي�ست ب�أمور‬ ‫بعيدة عنا‪ ،‬وهي جت�سيد لهذا التحدي الع�سكري ال�سافر‪،‬‬ ‫ال��ذي يهدف يف النهاية �إل��ى فر�ض الثقافة الأمريكية‬ ‫التي تريدها �أمريكا‪ ،‬وفر�ض هيمنتها على الأمة العربية‬ ‫وثقافتها‪ ،‬م�ستغلة قوتها وغطر�ستها التي جعلتها القطب‬ ‫الأوحد املتحكم يف �أمور هذا العامل و�سيا�ساته‪.‬‬

‫ التحديات ال�ت��ي ت��رج��ع �إل��ى ال�ق��وى الإمربيالية‬‫والعوملة؛ معلوم �أن اال�ستعمار حني ترك البالد العربية‬ ‫ك��اح �ت�لال‪�� ،‬س��رع��ان م��ا ع��اد ليتخذ � �ص��ور ًا و�أ� �ش �ك��ا ًال‬

‫وميكن القول �إن الغرب قد متكن من هيمنته وفر�ض‬ ‫�إرادته على العامل العربي يف املجاالت ال�سابقة‪ ،‬وهو الآن‬ ‫ب�صدد الهيمنة على املعقل الأخ�ير لهذه الأم��ة‪ ،‬و�آخر‬

‫‪� 18‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫خطوط دفاعها‪ ،‬ذل��ك هو ثقافتها العربية وجوهرها‬ ‫عقيدتها؛ وجاءت العوملة حماول ًة حتطيم هذا احل�صن‬ ‫الأخري والق�ضاء على هذا املعقل‪ .‬خرجت علينا العوملة‬ ‫التي تقودها �أم��ري�ك��ا ومعها ال�غ��رب مب�صطلح �صراع‬ ‫احل�ضارات‪ ،‬وقبله كان حوار الأديان‪ ،‬ثم ظهر م�صطلح‬ ‫ح ��وار احل �� �ض��ارات م��ن �إي���ران ب��دي�لا مل�صطلح �صراع‬ ‫احل�ضارات و�أخ�ير ًا ظهر م�صطلح حتالف احل�ضارات‬ ‫وهو امل�صطلح الأقرب �إلى االجتاه ال�صحيح يف العالقة‬ ‫بني احل�ضارات‪� ،‬أطلقه رئي�س وزراء �إ�سبانيا احلايل‪ ،‬لكنه‬ ‫مل يجد �صدى وا�سع ًا‪� .‬إن امل�شكلة لدى الغرب بعامة �أنه‬ ‫غري م�ستعد للحوار احلقيقي املتكافئ‪� ،‬إن احلوار عنده‬ ‫يعني قبول الآخرين بقيمة وثقافته وت�سليمنا لهم بتخلف‬ ‫ثقافتنا وقيمنا‪ ،‬وه��ذا ما عرب عنه الرئي�س الأمريكي‬ ‫احلايل «بو�ش» حني قال‪�« :‬إما معنا �أو �ضدنا»؛ لقد �أقفل‬ ‫بذلك باب احلوار بني الغرب والعرب وامل�سلمني متهيد ًا‬ ‫لإكمال تفوقه وهيمنته االقت�صادية وال�سيا�سية والع�سكرية‬ ‫بالهيمنة الثقافية‪ ،‬هذه التي يتحدثون عنها اليوم ب�صورة‬ ‫مبا�شرة �سافرة غ�ير م�سترتة‪ ،‬وه��م ي�صرحون بذلك‬ ‫ت�صريح ًا ال تلميح ًا‪ ،‬ويطالبوننا بااللتزام بقيمهم ‪...‬‬ ‫ميار�س الغرب الإمربيايل �ضدنا غزو ًا ثقافي ًا‪ ،‬يريد‬ ‫من خالله فر�ض ثقافته علينا بق�صد الهيمنة والغلبة‬ ‫وال�سيطرة‪ ،‬فهو يريد �أن يكون تعاملنا مع �أنف�سنا ومع‬ ‫الآخ��ري��ن وم��ع الكون وم��ع اهلل �أي�ض ًا على وف��ق الثقافة‬ ‫الأمريكية ال َعلمانية‪ ،‬ومن احلق �أن نقول ‪� :‬إن جزء ًا من‬ ‫هذا الغزو الثقايف ن�ستجلبه نحن ب�أيدينا‪ ،‬وميار�س الغرب‬ ‫علينا غزو ًا فكريا يتجلى فيما ي�صدره لنا من �أفكار يف‬ ‫�شتى جماالت الفكر‪ :‬االقت�صادي واالجتماعي والرتبوي‬ ‫وال�سيا�سي والإداري‪ ،‬ونحن ن�ستورد كل ذلك فرحني به‪،‬‬ ‫لأننا غري قادرين على �إنتاج الفكر يف ه��ذه املجاالت‪،‬‬ ‫وولع ًا بتقليد الغالب – كما ذكره ابن خلدون – لقد و�صل‬ ‫الأمر بالغرب �إلى غزونا يف قيمنا الثقافية‪ ،‬كالذي حدث‬ ‫يف امل��ؤمت��رات الدولية العديدة‪ :‬امل�ؤمتر العاملي حلقوق‬ ‫الإن�سان يف فينا عام ‪1993‬م‪ ،‬وامل�ؤمتر العاملي لل�سكان يف‬ ‫القاهرة عام ‪1995‬م‪ ،‬وامل�ؤمتر العاملي حول املر�أة يف بكني‬ ‫عام ‪1994‬م‪ ،‬وغريها‪ ،‬وكل هذه امل�ؤمترات التي يقودها‬ ‫الغرب تعر�ضت جلانب �أو �أكرث من قيم ثقافتنا العربية‬ ‫التي ترجع �إلى ديننا الإ�سالمي‪ ،‬وتطاولت ب�شكل مبا�شر‬ ‫على هويتنا الثقافية العربية‪.‬‬

‫وال يتم احلديث عن حتدي الإمربيالية والعوملة دون‬ ‫احلديث عن التحدي اخلارجي ال��ذي �أ�سميناه حتدي‬ ‫ال�شرعية الدولية‪ ،‬ه��ذه التي اتخذتها ال��دول الغربية‬ ‫وعلى ر�أ�سها �أمريكا ‪�-‬أداة وو�سيلة �أ�ضفت عليها طابع‬‫ال�شرعية الدولية‪ ،‬لإحكام الهيمنة وال�سيطرة على دول‬ ‫العامل الثالث ويف مقدمتها ال��دول العربية‪ .‬واملق�صود‬ ‫بال�شرعية الدولية هنا هو ا�ستخدام املنظمات الدولية‬ ‫لإ�صدار ق��رارات ذات �صفة دولية‪ ،‬تطبق ‪ -‬حتت �شعار‬ ‫ال�شرعية الدولية ‪ -‬على ال��دول ال�ضعيفة ومنها الدول‬ ‫العربية‪ ،‬وهي قرارات حتقق فقط م�صالح الدول الكربى‬ ‫الغربية عند التحقيق‪ ،‬وتبد�أ هذه املنظمات بهيئة الأمم‬ ‫وجمل�س الأم��ن‪� ،‬إل��ى منظمة التجارة الدولية والبنك‬ ‫الدويل‪ ،‬و�صندوق النقد الدويل‪ ،‬ومنظمة اليون�سكو‪� ،‬إلى‬ ‫�آخر قائمة املنظمات الدولية التابعة للأمم املتحدة‪ ،‬هذه‬ ‫املنظمات التي ت�شكل قراراتها ما ي�سمى بال�شرعية الدولية‬ ‫هي �إح��دى الأدوات التي ت�ستخدمها �أمريكا بالدرجة‬ ‫الأول��ى ومعها الغرب لن�شر العوملة‪� ،‬أي �إحكام الهيمنة‬ ‫االقت�صادية وال�سيا�سية والع�سكرية والثقافية والفكرية‬ ‫على دول العامل الثالث والدول العربية يف مقدمتها‪ ،‬بل‬ ‫وت�صل �أه��داف العوملة (الأمريكية) �إلى الدول الغربية‬ ‫الأخ��رى؛ لقد �شكا م�س�ؤولون يف فرن�سا وكندا من الغزو‬ ‫الثقايف الأمريكي الذي يكاد يهدد خ�صو�صيتهم الثقافية‪.‬‬ ‫�إن �أبرز الأمثلة على حتدي ال�شرعية الدولية هو هذه‬ ‫امل�ؤ�س�سات االقت�صادية التي تتحكم يف االقت�صاد العاملي‬ ‫اجلديد‪ ،‬وهي‪ :‬البنك ال��دويل‪ ،‬و�صندوق النقد الدويل‪،‬‬ ‫ومنظمة التجارة الدولية‪ ،‬ه��ذه التي �أ�صبحت �أجهزة‬ ‫و�أدوات تعمل ل�صالح الدول الكربى‪ ،‬وعلى ر�أ�سها �أمريكا‪،‬‬ ‫وحتى جمل�س الأمن بات يفر�ض العقوبات االقت�صادية‬ ‫على ال��دول ال�ضعيفة ومنها ال��دول العربية ب�سبب �أو‬ ‫بدون �سبب‪� ،‬أو تلوح بالتهديد بها ملن يخرج عن �سيا�سة‬ ‫هذه الدول ذات النفوذ‪ ،‬وميار�س ثقافة يف ال�سيا�سة �أو‬ ‫االقت�صاد �أو يف جوانب احلياة الأخرى بعامة خمالفه‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد ر�أينا �ضخامة التحديات التي تواجه الأمة‬ ‫العربية وثقافتها من حيث الكم والكيف مع ًا‪ ،‬وال نرى �أن‬ ‫نقف عند هذا احلد يف بحثنا فنلقي الي�أ�س يف النفو�س‪،‬‬ ‫وه��و �أ��س��و�أ التحديات التي ميكن �أن تواجهها ثقافتنا‬ ‫العربية‪ ،‬ف�إذا ت�سلل الي�أ�س �إلى نفو�سنا وع�شع�ش فيها – ال‬ ‫قدر اهلل – ف�سوف تكون هويتنا الثقافية يف احل�ضي�ض‪.‬‬ ‫وال�س�ؤال‪ :‬كيف نواجه كل هذه التحديات الثقافية؟‬ ‫واجلواب‪� :‬إن مواجهة هذه التحديات �أمر ممكن بال �شك‬ ‫و�إن كان لي�س ي�سري ًا‪ ،‬وتكمن هذه املواجهة يف ا�ستثمار‬ ‫طاقات الأمة املادية واملعنوية وفق ًا لقيم الثقافة العربية‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪19‬‬


‫ا�ستثمار الطاقات املادية‬ ‫�إن الأمة العربية متلك من الطاقات الب�شرية والرثوات‬ ‫املادية واملوقع اجلغرايف ما ت�ستطيع به مواجهة كل ما ذكر‬ ‫من حتديات‪ ،‬و�شرط ذلك هو توحيد اجلهود وت�ضافرها‬ ‫ب�إخال�ص وه��و �أم��ر ي�ستدعي �أتفاق ًا وتوافق ًا وتخطيط ًا‬ ‫�سليم ًا‪� ،‬أم��ا �إن بقيت الطاقات واجلهود جزئية قطرية‬ ‫جهوية فئوية ومبعرثة‪ ،‬ف�إن الأمة لن تفلح يف مواجهة هذه‬ ‫التحديات وعلى كل قطر �أن يدرك �أن م�صلحته اخلا�صة‬ ‫تتحقق يف �أعلى درجاتها بهذا ال�شرط وحده‪� .‬إن توحيد‬ ‫اجلهود من �أجل ا�ستثمار طاقات الأمة املادية يف خمتلف‬ ‫املجاالت يحتاج �أو ًال �إلى �إرادة �شعبية و�سيا�سية مع ًا‪ ،‬ثم بعد‬ ‫ذلك و�ضع اخلطط والربامج التي توحد اجلهود والطاقات‬ ‫وحتقق ما بينها من تكامل وفق �أهداف وغايات وا�ضحة‬ ‫هي �أه��داف وغايات الثقافة العربية‪ .‬وعلى القطاعات‬ ‫الرتبوية والإعالمية �أن تقوم بدورها لت�سهيل تنفيذ هذه‬ ‫اخلطط والربامج‪.‬‬ ‫ا�ستثمار الطاقات املعنوية‬

‫ ‬ ‫ ف�إذا غال �شيء على عدمتـــه‬ ‫فيكو ن �أرخ�ص ما يكون �إذا غال‬ ‫ ‬ ‫هذه �أمثلة �سريعة جلوانب القوة املعنوية غري امل�ستثمرة‬ ‫لدينا‪ ،‬وكلها لو �أُح�سن ا�ستثمارها �ستعيننا يف مواجهة هذه‬ ‫التحديات �إلى حد كبري‪.‬‬ ‫هناك جانب �آخ��ر �أو قوة �أخ��رى منلكها لكنها لي�ست‬ ‫مفعلة بالقدر ال�ل�ازم‪ ،‬وحتتاج �إل��ى تفعيل‪ ،‬و�أع�ن��ي بها‬ ‫امل�شاركة ال�شعبية يف كل جماالت ال�صمود واملواجهة والرد‬ ‫على التحديات‪ ،‬هذه امل�شاركة املتوقعة من كل الهيئات‬ ‫ال�شعبية والأح��زاب والنقابات واجلمعيات والأف��راد‪� ،‬أن‬ ‫ال�شعوب هي التي ب�إرادتها تقرر م�صريها‪ ،‬وما �أ�صدق قول‬ ‫ال�شاعر �أبي القا�سم ال�شابي‪:‬‬ ‫�إذا ال�شعب يوم ًا �أراد احلياة‬ ‫فال بـد �أن ي�ستجيب القـدر‬ ‫�إن املواجهة ال�شاملة التي حت�صن الأمة �أمام كل هذه‬ ‫التحديات الثقافية هي بب�ساطة يف القول‪� :‬أن تعرف الأمة‬ ‫و�أف��راده��ا ثقافتها العربية و�أن تن�شّ �أ عليها يف الأ�سرة‬ ‫واملدر�سة وال�شارع ومن خالل �أجهزة الإعالم ومن خالل‬ ‫القوانني والت�شريعات‪ ،‬و�أن تبينّ خ�صائ�صها ومزاياها‬ ‫الإن�سانية لت�صبح مو�ضوع اعتزاز وحمبة يف الوقت نف�سه‬ ‫ملن ينتمي �إليها‪ ،‬ثم جت�سيدها يف �سلوك الأم��ة �أف��راد ًا‬ ‫وجماع ًة‪.‬‬

‫�إن الأمة العربية متخلفة عن الدول الكربى اقت�صادي ًا‬ ‫وع�سكري ًا و�سيا�سي ًا وفكري ًا‪ ،‬لكنها متلك �سالح ًا يفوق كل‬ ‫هذه القوى املادية وي�أتي يف مقدمتها‪� ،‬إنه �سالح االميان‬ ‫باهلل و�سالح القيم‪ ،‬قيم احلق واخلري والعدل التي انبثقت‬ ‫من دين الإ�سالم (وه��و دين الغالبية من �سكان الوطن‬ ‫العربي) ومن الأديان ال�سماوية الأخرى‪� ،‬إن هذا ال�سالح‬ ‫هو خط دف��اع الأم��ة الأخ�ير الع�صي على االجتياز وقت‬ ‫الأزمات والهزمية؛ وهو �أي�ضا �أم�ضى �أ�سلحتها يف مواجهة‬ ‫�إن حتقيق ذلك لي�س بالأمر الهني‪ ،‬وهو بحاجة �إلى‬ ‫الهيمنة والغطر�سة واال�ستعالء‪.‬‬ ‫خطة قومية وخطط وطنية متنا�سقة ومتكاملة‪ ،‬وهذا الأمر‬ ‫�أما مواجهة غول العوملة الذي يهدد الهوية الثقافية �سيكون �أي�سر و�أوج��ب حني يدرك كل قطر يف هذه الأمة‬ ‫والوجود مع ًا‪ ،‬ف�إين �أقرتح يف مواجهته ا�ستثمار واحد من �أن م�صلحته احلقيقية هي يف تعاونه وتكامله مع �أ�شقائه‬ ‫جوانب قوتنا املعنوية غري امل�ستثمرة‪ ،‬ه��ذا اجلانب هو الذين ي�شاركونه الآم��ال نف�سها وامل�صري نف�سه والذين‬ ‫االعتدال يف الإنفاق واال�ستهالك‪ ،‬وله يف تراثنا العربي يواجهون مع ًا الأخطار ذاتها‪.‬‬ ‫الإ�سالمي ا�سم �آخر هو الزهد؛ ولي�س املق�صود بالزهد‬ ‫وختام ًا �أقول‪ :‬التحديات كبرية‪ ،‬والأمل يف التغلب عليها‬ ‫االمتناع التام عن نعيم الدنيا يف امل�أكل وامل�شرب‬ ‫ومتع كبري‪ ،‬وال ينبغي للأمة العربية �أن تي�أ�س‪�}،‬إنه ال يي�أ�س من‬ ‫التهالك‬ ‫احلياة وكمالياتها‪ ،‬و�إمنا االعتدال يف ذلك وعدم‬ ‫العربية خُ ُلقَ روح اهلل �إال القوم الكافرون{(يو�سف ‪.)87‬‬ ‫على متع الدنيا وزينتها‪ .‬لو مار�ست الأم��ة‬ ‫الزهد‪ ،‬لوفرت على نف�سها الكثري من املليارات يف �شتى‬ ‫و�أ�شكر للمجمع الثقايف دعوته الكرمية لنا لإلقاء هذه‬ ‫املجاالت‪ ،‬نقول هذا لأن العوملة يف �أحد جوانبها �سعي �إلى املحا�ضرة يف هذه امل�ؤ�س�سة الثقافية الرا�سخة التي و�صلت‬ ‫تر�سيخ عادات اال�ستهالك وعادات ال�شراء بني النا�س؛ من ثمار جهودها �إل��ى كافة �أرج��اء الوطن العربي الكبري‪،‬‬ ‫ذا الذي يجربين �أن �أ�شرتي �شيئا ل�ست بحاجة ما�سة �إليه؟ وال�شكر مو�صول �إلى �سعادة الأمني العام للمجمع وجميع‬ ‫لقد جاء النا�س يوم ًا �إلى �أحد الزهاد ي�شكون غالء اللحم‪ ،‬القائمني على هذا ال�صرح الثقايف العربي الأ�صيل‪.‬‬ ‫فقال لهم‪� :‬أرخ�صوه؛ قالوا‪ :‬كيف؟ قال‪ :‬ال ت�شرتوه‪ ،‬و�أن�شد‬ ‫لهم �شعر ًا منه قوله‪:‬‬ ‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪،،‬‬ ‫‪� 20‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫دراسات الوسطية‬

‫احلماية القانونية للمدنيني‬ ‫يف ظل النزاعات امل�سلحة‬

‫مقدمة‪:‬‬ ‫لقد �أثبتت �أح ��داث ال�ق��رن الع�شرين �أن احل��روب‬ ‫املعا�صرة ت�ستهدف املدنيني ب�صورة متعمدة‪ ،‬و�أ�صبح‬ ‫الإع �ت��داء عليهم يف كثري من الأح�ي��ان ي�شكل عن�صر ًا‬ ‫من عنا�صر احلرب وا�سرتاجتياتها حيث ت�ؤدي �أ�شكال‬ ‫العنف التي تتخذها النزاعات امل�سلحة حالي ًا‪ ،‬وكذلك‬ ‫ا�ستعمال الأ�سلحة املتطورة يف القتال‪� ،‬إلى الزيادة يف‬ ‫عدد ال�ضحايا بني ال�سكان املدنيني‪ ،‬وخا�صة الأطفال‪.‬‬

‫املحامي الدكتور مازن الفاعوري‬

‫�إن قواعد القانون الدويل الإن�ساين حت ّرم الإعتداء على‬ ‫وقد ت�أكد هذا الأمر مع تبني الإتفاقية الدولية اخلا�صة‬ ‫املدنيني‪ ،‬فتلزم الأطراف املتعاقدة ب�ضرورة اتخاذ التدابري بحقوق الطفل يف عام ‪ ،1989‬والتي �شكلت منعطف ًا حا�سم ًا‬ ‫املنا�سبة التي جتعل املدنيني مبعزل عن الت�أثر بالعمليات يف تاريخ الطفولة‪ ،‬حيث �أ�صبح ينظر �إلى حقوق الطفل على‬ ‫�أ�سا�س �أنها حقوق �إن�سانية وعاملية ال ميكن التغا�ضي عنها‪.‬‬ ‫احلربية‪.‬‬ ‫ويالحظ ذلك يف �إتفاقية جنيف الرابعة ب�ش�أن حماية‬ ‫املدنيني وق��ت احل��رب ع��ام ‪ ،1949‬والتي تعرتف بحماية‬ ‫عامة للأطفال ب�إعتبارهم �أ�شخا�ص ًا مدنيني ال ي�شاركون‬ ‫يف الأعمال العدائية‪ .‬وتعرتف لهم �أي�ض ًا بحماية خا�صة‬ ‫وردت يف �سبع ع�شرة مادة على الأقل‪ .‬وملا كان الربوتوكوالن‬ ‫امل�ؤرخان يف عام ‪ ،1977‬والإ�ضافيان لإتفاقيات جنيف لعام‬ ‫‪ ،1949‬ميثالن تعبري ًا عن التقدم الهام احلا�صل للقانون‬ ‫الدويل الإن�ساين‪ ،‬ف�إنهما مينحان الأطفال حماية خا�صة‬ ‫ومتزايدة �ضد �آثار الأعمال العدائية‪.‬‬

‫واحلماية هي جمموعة من ال�ضمانات واحل�صانات‬ ‫الكفيلة ب�إحرتام حقوق الإن�سان يف احلرب‪ ،‬ومنها حقوق‬ ‫تر�سخ احل�صانة القانونية وال�ضمانة الفعلية‬ ‫الطفل‪ ،‬وهي ّ‬ ‫للتمتع باحلقوق‪.‬‬ ‫�إن ت�أثري احلرب على املدنيني قد يكون مبا�شر ًا عند‬ ‫ان��دالع القتال‪ ،‬وم��ن ثم يجب �إعمال كافة القواعد التي‬ ‫حتميهم من خطر العمليات احلربية وقد يكون للحرب �آثار‬ ‫حمتملة‪ ،‬كما يف بقاء �أ�سلحة من خملفات احلرب كالألغام‬ ‫الأر�ضية التي تت�صيد �ضحاياها ل�سنوات طويلة‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪21‬‬


‫الفكر الإ�سالمي‪،‬مث ًال ال يقر احل��رب �إال ك�ضرورة‬ ‫مفرو�ضة‪،‬وقد و�ضع لهذه احلرب نظام ًا �صارم ًا جلعلها‬ ‫�أكرث �إن�سانية‪،‬ويت�ضح هذا النظام يف القيود التالية التي‬ ‫يجب على امل�سلمني االلتزام بها يف قتالهم الأمم الأخرى‪.‬‬

‫وللحرب ت�أثري غري مبا�شر على الأطفال‪ ،‬فاحلرب تقلل‬ ‫�إلى حد كبري من النمو الطبيعي للأطفال‪ ،‬نتيج ًة لإغالق‬ ‫املدار�س وامل�ست�شفيات و�إتالف املحا�صيل وتدمري الطرق‬ ‫و�ضياع امل��وارد وحتطيم القدرات الإقت�صادية للأطراف‬ ‫املتحاربة‪ ،‬وفقدان الأم��ان والإطمئنان والثقة بالنف�س‪،‬‬ ‫نتيجة للخوف والرعب الذي يتعر�ضون له يف زمن احلرب‪� .1 .‬أال يقاتل غري املقاتل‪.‬‬ ‫�إن م�شاركة الأطفال يف النزاعات امل�سلحة هي �أ�شد ‪� .2‬أال يتلف �أو مي�س من الأموال ما لي�س له قوة مبا�شرة يف‬ ‫ظواهرها‪ ،‬والتي تثري القلق يف الوقت احلايل‪ ،‬فهي تلك احلرب ويف حدود �ضروراتها‪.‬‬ ‫الظاهرة التي �إنت�شرت يف كثري من النزاعات حول العامل‪ .3 ،‬وجوب احرتام مبادئ الإن�سانية والف�ضيلة �أثناء احلرب‪.‬‬ ‫وذل��ك يف خمالفة وا�ضحة و�صريحة لقواعد وم�ب��ادئ‬ ‫ً‬ ‫القانون الدويل الإن�ساين‪ .‬وتربز حالة �أخرى يحتاج فيها ‪� .4‬إجازة الأمان يف ميدان القتال منعا ال�ستمرار القتال‬ ‫الطفل للحماية ب�شكل خا�ص‪ ،‬وهي حالة الإحتالل احلربي‪ ،‬كلي ًا �أو جزئي ًا ما �أمكن املنع‪.‬‬ ‫بو�صفه و�ضع ًا ناجم ًا عن النزاع امل�سلح‪ ،‬وقد يتحول �إلى‬ ‫ن ��زاع م�ستمر تتمثل خ�ط��ورت��ه ال �ك�برى يف وج ��ود ق��وات ‪ .5‬ح�سن معاملة �أ��س��رى احل��رب و� �ض��رورة ت�سهيل فك‬ ‫الإحتالل بني ال�سكان املدنيني‪ ،‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة �أ�سرهم‪.‬‬ ‫للإحتالل الإ�سرائيلي لفل�سطني‪ ،‬والإح�ت�لال الأجنلو‪ .6 -‬احرتام املن�ش�آت املدنية من دينية وزراعية و�صناعية‪..‬‬ ‫�أمريكي للعراق‪ .‬وما يحدث من �إعتداءات من جانب قوات الخ‪.‬‬ ‫الإحتالل على املدنيني‪ ،‬ف�إن ذلك يجعل و�ضع الأطفال يف‬ ‫الأرا�ضي املحتلة‪ ،‬بالغ اخلطورة لي�س على حياتهم فقط‪ .7 ،‬انطباق ه��ذه ال�ق��واع��د وال�ضوابط على �شتى �أن��واع‬ ‫بل على حقوقهم كاملة‪.‬‬ ‫النزاعات امل�سلحة‪.‬‬ ‫ولبيان كيفية حماية املدنيني املت�أثرين بالنزاع امل�سلح‬ ‫القانون ال��دويل الإن�ساين يت�ضمن بع�ض االتفاقيات‬ ‫وبكل الأو��ض��اع الناجمة عنه‪ ،‬يجدر بنا �أن ندر�س �أهم الدولية التي تهدف �إلى تنظيم الأعمال العدائية‪،‬وا�ستخدام‬ ‫قواعد ومبادئ القانون ال��دويل الإن�ساين‪ ،‬والتي حتمي �أدوات وو�سائل القتال(قانون الهاي)‪،‬حيث توجد العديد‬ ‫املدنيني خا�صة الأطفال‪ ،‬من عواقب احلرب و�أ�ضرارها‪ ،‬من القواعد الدولية التي حتكم �سري و�إدارةالعمليات‬ ‫�أو التي حتمي �إ�شرتاكهم يف النزاعات امل�سلحة‪� ،‬أو تلك العدائية ‪،‬فهناك بع�ض الأحكام التي حتد من ا�ستخدام‬ ‫التي حتميهم وهم حتت الإحتالل احلربي‪.‬‬ ‫و�سائل و�أ�ساليب معينة �أثناء النزاعات امل�سلحة‪�،‬سواء‬ ‫كان ذلك بحظر اللجوء �إلى �أ�ساليب حمددة يف القتال �أو‬ ‫ماهية القانون الدويل الإن�ساين وتطوره التاريخي‪ :‬حظر �أوتقييد ا�ستخدام �أنواع معينة من الأ�سلحة‪ ،‬وي�أتي‬ ‫�إذا كان تعبري القانون الدويل الإن�ساين تعبري ًا حديث ًا تكري�س هذه القواعد يف قانون النزاعات امل�سلحة تطبيق ًا‬ ‫جد ًا‪،‬يرجعه بع�ضهم لل�سبعينيات حني ا�ستخدمه ماك�س ملبد�أ قانون احلرب الذي يقيد من �سلطة �أطراف النزاع يف‬ ‫هوبر ‪،Max Hober‬ف�إن والدة قواعده قدمية دون �شك اختيار و�سائل الأ�ضراربالعدو‪.‬‬ ‫بديهي �أن تلحق الت�سمية امل�سمى ولي�س العك�س و�إذا نحن‬ ‫وتهدف القواعد املتعلقة باحلد من و�سائل القتال‬ ‫قلنا بقدم قواعد ه��ذا ال��ذي غ��دا واح��د ًا من �أه��م فروع و�أ�ساليبه‪� ،‬إل��ى تنظيم �سري الأع�م��ال العدائية ومراعاة‬ ‫القانون الدويل العام فالننا‪ -‬خالف ًا للر�أي ال�سائد‪ -‬نعتقد مقت�ضيات ال�ضرورات الع�سكرية يف املقام الأول ‪،‬و�إذا‬ ‫�أنها يف �أ�صولها على الأقل �أقدم بكثري من البالغ الأمريكي كانت هذه القواعد جتد �أ�سا�سها القانوين ب�شكل مبا�شر‬ ‫امل�شهور ح��ول قواعد احل��رب الربية لعام ‪1863‬م‪،‬وم ��ن يف اتفاقيات الهاي ‪� ،‬إال �إن قانون جنيف �أخذ بالعديد من‬ ‫اتفاقية جنيف اخلا�صة بتح�سني �أح��وال جرحى احلرب هذه القواعد خ�صو�صا يف نطاق الربوتوكولني الإ�ضافيني‬ ‫لعام ‪1864‬م وحتى من والدة فكرة ال�صليب الأحمر عام لعام ‪ ،1977‬فبعد ات�ساع دائرة املحظورات والقيود التي‬ ‫‪1859‬م‪،‬حتى خالف ًا ملا ذهب �إليه الأ�ستاذ �ستاني�سالف يفر�ضها قانون النزاعات امل�سلحة على حق �أطراف النزاع‬ ‫�أنهليك يف كتابه “عر�ض موجز للقانون الدويل االن�ساين” امل�سلح واختيار و�سائل القتال و�أ�ساليبه‪� ،‬أ�صبح جمال‬ ‫ال��ذي ين�سب والدة �أح�ك��ام ه��ذا القانون ملفكري ع�صر تطبيق هذه القواعد التي تت�ضمن تلك القيود واملحظورات‬ ‫التنوير مثل جان جاك رو�سو وفاتيل‪.‬‬ ‫من املجاالت الأ�سا�سية للقانون الدويل الإن�ساين‪.‬‬ ‫‪� 22‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫�إن مو�ضوع القانون ال��دويل االن�ساين وحقوق االن�سان‬ ‫تكت�سب اهمية بالغة يف وقتنا احل��ايل �سواء على �صعيد‬ ‫املجتمعات املدنية �أو على ال�صعيد الدويل يف الوقت الذي‬ ‫يتعاظم فيه دور القانون الدويل االن�ساين خ�صو�ص ًا يف ظل‬ ‫ما تعي�شه منطقتنا يف هذه الفرتة من احداث وا�ضطرابات‬ ‫انعك�ست �سلب ًا على حياة النا�س من حيث الفئات امل�شمولة‬ ‫مبوجب احكام هذا القانون حيث �أن اهمية املو�ضوع تكمن‬ ‫من �أهمية االن�سان ذاته‪.‬‬ ‫مل ُيعد مبد�أ �سيادة القانون �أمر ًا �أ�سا�سي ًا لتحقيق �سالم‬ ‫دائم يف مرحلة ما بعد ال�صراع‪ ،‬ويق�صد به الإطار القانوين‬ ‫ال��ذي يخ�ضع يف ح ��دوده جميع الأ�شخا�ص وامل�ؤ�س�سات‬ ‫للم�ساءلة‪ ،‬ويعترب هذا املبد�أ �ضمان �أ�سا�سي حلقوق الإن�سان‬ ‫من خالل معاقبة جميع من ينتهك حقوق الأفراد وحرياتهم‪.‬‬ ‫ولتحقيق املبد�أ املذكور‪ ،‬ال بد �أن تكون القوانني معلنة‬ ‫ومطبقة على قدم امل�ساواة من قبل ق�ضاء م�ستقل مبا ال‬ ‫ي�سمح ب��إف�لات مرتكبي اجل��رائ��م م��ن العقاب‪ ،‬ويتطلب‬ ‫املبد�أ �أي�ض ًا دعم م�ؤ�س�سات العدالة وال�شرطة وامل�ؤ�س�سات‬ ‫الإ�صالحية‪.‬‬ ‫�إن �أغلب قرارات جمل�س الأمن اخلا�صة بت�شكيل عمليات‬ ‫ن�صت على التعاون مع البلد امل�ضيف من �أجل‬ ‫حفظ ال�سالم ّ‬ ‫تعزيز �سيادة القانون‪� ،‬إذ ت�ضمن قرار ت�شكيل عملية حفظ‬ ‫ال�سالم يف ليبرييا على و�ضع �إطار قانوين وطني متكامل‬ ‫و�إن�شاء م�ؤ�س�سات ق�ضائية و�إ�صالحية‪ ،‬وكذلك العمل على‬ ‫�إر�ساء �سيادة القانون من قبل عملية حفظ ال�سالم يف جنوب‬ ‫ال�سودان عرب النهو�ض بقطاع العدالة وجميع امل�ؤ�س�سات‬ ‫املعنية بحقوق الإن�سان وو�ضع نظام للعدالة الع�سكرية يك ّمل‬ ‫نظام العدالة املدنية‪.‬‬

‫الأ�سا�س القانوين لتدخل عمليات حفظ‬ ‫ال�سالم ومعوقات عملها‪:‬‬ ‫مل يت�ضمن ميثاق الأمم املتحدة �أي �إ�شارة �صريحة �إلى‬ ‫عمليات حفظ ال�سالم‪ ،‬الأمر الذي جعل الأ�سا�س القانوين‬ ‫لعملها حم ًال للخالف بني املخت�صني يف القانون الدويل‪،‬‬ ‫فذهب بع�ضهم �إلى �أن الف�صل ال�ساد�س من امليثاق اخلا�ص‬ ‫بحل النزاعات الدولية بالطرق ال�سلمية ُيعد هو الأ�سا�س‬ ‫القانوين لعمل قوات حفظ ال�سالم الدولية‪.‬‬ ‫يف ح�ين وج��د �آخ���رون الأ� �س��ا���س ال�ق��ان��وين لعمل تلك‬ ‫ال�ق��وات يف اخت�صا�ص جمل�س الأم��ن يف اتخاذ التدابري‬ ‫امل�ؤقتة ا�ستناد ًا �إلى املادة (‪ )40‬من امليثاق‪ ،‬التي يق�صد‬ ‫بها الإج ��راءات التي لي�س من �ش�أنها �أن حت�سم اخلالف‬ ‫بني الأط��راف املتنازعة‪ ،‬ولي�س من �ش�أنها �أن تخل بحقوق‬ ‫املتنازعني �أو ت�ؤثر يف مطالبهم‪ ،‬كالأمر بوقف �إطالق النار‬ ‫�أو وقف الأعمال الع�سكرية‪� ،‬أو الأمر بالف�صل بني القوات‬ ‫املتحاربة‪ ،‬وميلك املجل�س ه��ذه ال�صالحية تبع ًا لتفاقم‬ ‫املوقف‪.‬‬ ‫وذهب بع�ض الباحثني يف القانون الدويل �إلى �أن الأ�سا�س‬ ‫القانوين لعمل القوات يكون يف الف�صلني ال�ساد�س وال�سابع‬ ‫من ميثاق الأمم املتحدة‪ ،‬و�أطلقوا على ذلك ت�سمية (الف�صل‬ ‫ال�ساد�س والن�صف)‪� ،‬أي يف حال عدم ت�سوية النزاع بعد‬ ‫ا�ستنفاذ الو�سائل ال�سلمية التي ن�ص عليها الف�صل ال�ساد�س‬ ‫يتم ت�شكيل عمليات حفظ ال�سالم الدولية لتجنب الأعمال‬ ‫الع�سكرية مبوجب الف�صل ال�سابع‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪23‬‬


‫كل التدابري املمكنة لإ�ستعادة و�ضمان ال�سالمة والنظام‬ ‫العام مع �ضرورة احرتام القانون ال�ساري يف البلد املحتل‪،‬‬ ‫كل ذلك مامل توجد ظروف متنعه من الو�صول �إلى ذلك‬ ‫منع ًا كلي ًا ومطلق ًا ‪.‬‬

‫فيما ي��رى بع�ضهم �إن ق��وات حفظ ال�سالم الدولية‬ ‫ت�ستمد �أ�سا�سها القانوين من اخت�صا�صات منظمة الأمم‬ ‫املتحدة يف حتقيق �أه��م �أهدافها متمث ًال يف حفظ ال�سلم‬ ‫والأمن الدوليني‪ ،‬ويعترب جمل�س الأمن اجلهاز امل�س�ؤول عن‬ ‫هذا الهدف ا�ستناد ًا �إلى الف�صل ال�سابع من ميثاق الأمم‬ ‫ويحكم الإحتالل احلربي العديد من القواعد التي مت‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫تقنني �أغلبها يف �إتفاقية جنيف اخلا�صة بحماية املدنيني‬ ‫وق��ت احل��رب ل�ع��ام ‪1949‬وت �ع��رف با�سم اتفاقية جنيف‬ ‫ونحن نرجح الر�أي الأخري‪ ،‬لأن املادة (‪ )39‬يف الف�صل الرابعة‪.‬‬ ‫ال�سابع من امليثاق خ ّولت جمل�س الأم��ن م�س�ؤولية حفظ‬ ‫و�إتفاقية الهاي ب�ش�أن قوانني و�أع��راف احلرب الربية‬ ‫ال�سلم والأم��ن الدوليني ومنحته �سلطة اتخاذ �أي �إج��راء‬ ‫مي ّكنه من �أداء تلك امل�س�ؤولية‪ ،‬وقد يرى يف نزاع ما تهديد ًا لعام ‪ ، 1907‬وكذلك قوانني احل��رب الربية التي تبناها‬ ‫لل�سلم والأم��ن الدوليني‪ ،‬ويجد يف عمليات حفظ ال�سالم جممع القانون الدويل عام ‪ ، 1880‬و الربوتوكول الإ�ضايف‬ ‫االول امللحق التفاقيات جنيف لعام ‪ ،1977‬وميكن �إيجاز‬ ‫التدبري املنا�سب لذلك‪.‬‬ ‫�أهم تلك القواعد فيما ي�أتي ‪:‬‬ ‫والدليل على م��ا ت�ق��دم‪� ،‬أن جمل�س الأم��ن ا�ستند يف �أ ـ �ـ يجب اح�ت�رام الأف ��راد امل��وج��ودي��ن يف ظ��ل الإح�ت�لال‬ ‫قراراته اخلا�صة بت�شكيل تلك العمليات �إلى الف�صل ال�سابع وممتلكاتهم ‪ ،‬ولذلك تن�ص املادة ‪ 49‬من �إتفاقية جنيف‬ ‫من امليثاق كقراراته املرقمة (‪ )1244‬لعام ‪ 1999‬ب�ش�أن الرابعة على �أنه ‪:‬‬ ‫احلالة يف كو�سوفو‪ ،‬و(‪ )1272‬لعام ‪ 1999‬ب�ش�أن احلالة‬ ‫يف تيمور ال�شرقية‪ ،‬و(‪ )1320‬لعام ‪ 2000‬ب�ش�أن احلالة يف « يحظر النقل اجلربي اجلماعي �أو الفردي ‪ ،‬للأ�شخا�ص‬ ‫املحميني �أو نفيهم من الأرا��ض��ي املحتلة �إل��ى �أرا�ضي‬ ‫�إريرتيا و�أثيوبيا‪.‬‬ ‫دولة الإحتالل �أو �إلى �أرا�ضي �أي دولة �أخرى حمتلة �أو‬ ‫فالأ�سا�س القانوين لتدخل قوات حفظ ال�سالم الدولية غري حمتلة �أي كانت دواعيه ال يجوز لدولة االحتالل �أن‬ ‫يف النزاعات امل�سلحة الداخلية يكمن يف الف�صل ال�سابع ترحل �أو تنقل جزء ًا من �سكانها املدنيني �إلى الأرا�ضي‬ ‫من ميثاق الأمم املتحدة الذي خول جمل�س الأمن م�س�ؤولية التي حتتلها «‬ ‫ّ‬ ‫حفظ ال�سلم والأم��ن الدوليني ومينحه �سلطة اتخاذ �أي ب ــ ال يجوز �إرغ��ام الأ�شخا�ص املحميني على اخلدمة يف‬ ‫�إج��راء ميكنه من �أداء تلك امل�س�ؤولية‪ ،‬وقد يرى يف نزاع القوات امل�سلحة ل�سلطة الإحتالل ‪.‬‬ ‫داخلي معني تهديد ًا لل�سلم والأم��ن الدوليني‪ ،‬ويجد يف‬ ‫جـ ‪ -‬ال يجوز الأمر باعتقال اال�شخا�ص املحميني �أو فر�ض‬ ‫عمليات حفظ ال�سالم التدبري املنا�سب لذلك‪.‬‬ ‫الإق��ام��ة اجلربية عليهم اال اذا اقت�ضى ذل��ك ب�صورة‬ ‫مطلقة امن الدولة التي يوجد اال�شخا�ص املحميون حتت‬ ‫احلماية القانونية للمدنيني(الن�ساء االظفال‪،‬‬ ‫�سلطتها‪.‬‬ ‫ال�صحفيني)‬ ‫يعد البلد حمت ًال �إذا �أ�صبحت الدولة التي ينتمي �إليها ال د‪ .‬بخ�صو�ص الالجئني ال يجوز لدولة الإحتالل احلاجزة‬ ‫ت�ستطيع �إثر الغزو الذي تقوم به الدولة املعتدية ‪ ،‬ممار�سة ان تعدهم �أن �أجانب �أعداء ‪ ،‬ملجرد تبعيتهم القانونية‬ ‫�سلطاتها العادية فوقه من الناحية الواقعية والفعلية ‪ ،‬ومع لدولة معادية‪.‬‬ ‫قيام الدولة الغازية بحفظ النظام هناك‪ ،‬كما ن�صت عليه‬ ‫( م‪ 41‬من قواعد احلرب الربية التي تبناها جممع القانون ه �ـ‪ .‬ال يجوز اللجوء ال��ى ا�ستخدام �سالح التجويع �ضد‬ ‫املدنيني لذلك يحظر تدمري او الهجوم على الأ�شياء‬ ‫الدويل عام ‪. ) 1880‬‬ ‫التي ال غنى عنها حلياتهم‪ ،‬مثل �صوامع الغالل‪ ،‬املناطق‬ ‫وتق�ضي القواعد �أن الإقليم يعترب حمت ًال حينما يو�ضع الزراعية‪ ،‬حمطات تنقية املياه‪ ،‬من�شى�آت الري‪.‬‬ ‫حتت �سلطة اجلي�ش امل�ع��ادي �أو القيادة الع�سكرية لهذا‬ ‫الأخ�ير من الناحية الفعلية ‪ .‬وحيث �أن �سلطة احلكم قد و‪ -‬ال يجوز حماكمة الأ�شخا�ص عن �أفعال اقرتفوها قبل‬ ‫�إنتقلت �إلى املحتل من حيث الواقع ‪ ،‬فعلى هذا الأخري �إتخاذ الإحتالل با�ستثناء قوانني وعادات احلرب‪.‬‬ ‫‪� 24‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫ز‪ -.‬فيما يتعلق بالناحية الت�شريعية‪ ،‬تبقى الت�شريعات �أ ‪ -‬وجوب �أن يكون االطفال مبو�ضع احرتام خا�ص وان تكفل‬ ‫اجلزائية اخلا�صة باالرا�ضي املحتلة نافذة ما مل تلغها احلماية �ضد اية �صورة من �صور خد�ش احلياء وان يهيئ‬ ‫دولة الأحتالل او تعطلها اذا كان فيها ما يهدد امنها او لهم العناية والعون وذلك بتوفري التعليم وجمع �شمل‬ ‫االطفال ب�أ�سرهم ورعايتهم ال�صحية‪.‬‬ ‫ميثل عقبة يف تطبيق هذه الإتفاقية‪.‬‬ ‫ح‪ -.‬ال تطبق املحاكم اال القوانني التي كانت �سارية قبل‬ ‫وقوع املخالفة والتي كانت مطابقة للمبادئ القانونية‬ ‫العامة‪ ،‬وعلى االخ�ص املبد�أ ال��ذي يق�ضي ب ��أن تكون‬ ‫العقوبة متنا�سبة مع الذنب ويجب ان ن�ضع يف الإعتبار‬ ‫ان املتهم لي�س من رعايا دولة الإحتالل‪.‬‬ ‫ط ‪ -‬ي�سلم الأ�شخا�ص املحميون الذين اتهموا �أو ادانتهم‬ ‫املحاكم يف الأرا�ضي املحتله مع امللفات املتعلقة بهم‪،‬‬ ‫عند انتهاء الإحتالل الى �سلطات االرا�ضي املحررة‪،‬‬ ‫اي ال يجوز ل�سلطة الإحتالل اجبار املدنيني على تقدمي‬ ‫الوالء للقوة املعادية‪.‬‬

‫ب‪ -‬حظر م�شاركة االطفال م�شاركة مبا�شرة يف العمليات‬ ‫العدائية من قبل �أط��راف النزاع وذلك بعدم التجنيد‬ ‫يف القوات امل�سلحة لكل طفل مل يبلغ (‪� )15‬سنة من‬ ‫العمر‪ ،‬وعند امل�شاركة الإختيارية او اجلربية له�ؤالء‬ ‫الأطفال ووقوعهم يف اال�سر يجب ان متتد حماية هذه‬ ‫املادة لهم‪ ،‬ولكن عند مقارنة هذه الفقرة بن�ص الفقرة‬ ‫(‪ 3‬ح من املادة ‪ )4‬من الربوتوكول الإ�ضايف الثاين جند‬ ‫هذه الأخرية قد مدت حمايتها عى االطفال امل�شاركني‬ ‫بالأفعال العدائية ب�صورة مبا�شرة وغري مبا�شرة وهذا‬ ‫ما يحمد عليه الربوتوكول الثاين‪.‬‬

‫ج‪ -‬ال يجوز تنفيذ حكم الإع��دام على االطفال الذين مل‬ ‫ك‪ -‬يجب احرتام �شرف اال�سرة وحقوقها وحياة الأ�شخا�ص يبلغوا �سن الثامنة ع�شرة من عمرهم وق��ت ارتكاب‬ ‫وامللكية اخلا�صة‪ ،‬وكذلك املعتقدات وال�شعائر الدينية‪ ،‬اجلرمية املتعلقة بالنزاع امل�سلح‪.‬‬ ‫وال جتوز م�صادرة امللكية اخلا�صة‪.‬‬ ‫جاءت املادة (‪ )87‬بالإجراءات الواجبة الجالء االطفال‬ ‫اما احلقوق املقررة للمدنيني بالربوتوكول الإ�ضايف الأول وقتيا اذا ما اقت�ضته ا�سباب قهرية تتعلق ب�أمهنم و�سالمتهم‬ ‫وفعالياتها فلقد كان م��ؤدى اعتماد الربوتوكول الإ�ضايف وعليه فالإجالء يتعني ان يكون ا�ستثنائيا وم�ؤقتا وال يكون اى‬ ‫االول التفاقيات جنيف‪ ،‬ان تعززت نظم احلماية الدولية بلد اجنبي‪ ،‬كما انه معلق بتوافر �شرطني هما‪:‬‬ ‫للمدنيني زمن النزاع امل�سلح الدويل‪ ،‬وذلك ب�إفراد الباب‬ ‫للحماية العامة لل�سكان املدنيني من �آثار القتال وخ�ص�ص ‪ -1‬ان تكون هناك ا�سباب ملحة تق�ضي مبثل هذا الإجراء‬ ‫الق�سم الثالث من هذا الباب لعامة اال�شخا�ص اخلا�ضعني كالعالج الطبي‪.‬‬ ‫ل�سلطات طرف النزاع‪.‬‬ ‫‪ -2‬موافقة الوالدين يف حالة وجودهما‪ ،‬ويف حالة اختفائها‬ ‫ويجب الإ�شارة ب�أن هذا الربوتوكول قد طور من احلماية موافقة من يقوم مقامهم ب�صفته على الأطفال ويبقى‬ ‫العامة للمدنيني فعالج ح��روب التحرير الوطنية وعدها القول بانه يف االرا�ضي املحتلة ي�ستمر االطفال الذين‬ ‫حربا دولية مبقت�ضى الفقرة الرابعة من امل��ادة الأول��ى تقل اع�م��اره��م ع��ن (‪� )15‬سنة اال��س�ت�ف��ادة م��ن هذه‬ ‫منه‪ ،‬وعالج مو�ضوع حماية ال�سكان املدنيني �ضد الق�صف احلماية بالإ�ضافة ال��ى التدابري التف�صيلية املتعلقة‬ ‫اجلوي يف املواد من (‪ )31-24‬منه هذا املو�ضوع الذي يعد بالغذاء والعناية الطبية طبق ًا للمادة (‪ )50‬من اتفاقية‬ ‫العمل الت�شريعي الأكرث ابداعا فيه‪ ،‬النه �سد ثغرة ال تطاق جنيف الرابعة‪.‬‬ ‫يف االتفاقية الرابعة‪ ،‬واكدوا ا�ستحداث الكثري من احلقوق‬ ‫ثانياً‪ :‬احلماية اخلا�صة املقررة للن�ساء‪:‬‬ ‫واوجه احلماية للمدنيني اخلا�ضعني ل�سلطة طرف النزاع‪.‬‬ ‫ا�ستمر الرتكيز على منح احلماية اخلا�صة للن�ساء يف‬ ‫�سوف نحلل هنا فقط تلك الإجراءات للحماية اخلا�صة‬ ‫املادة (‪ )76‬من الربوتوكول الإ�ضايف الأول التي ت�ضمنت‬ ‫التي جاء بها ل�صالح الأطفال والن�ساء وال�صحفيني‪.‬‬ ‫احكاما مهمة ذات داللة عامة فا�ستوجبت ما ياتي‪:‬‬ ‫او ًال‪ :‬احلماية اخلا�صة بالأطفال‪:‬‬ ‫�أ‌‪ -‬ان ت�ك��ون الن�ساء بو�ضع اح�ت�رام خ��ا���ص وان يتمتعن‬ ‫فقد طور من مبد�أ احلماية اخلا�صة بالأطفال‪ ،‬عرب باحلماية‪ ،‬وذك بعدم م�سا�س دول��ة الإح�ت�لال بنظام‬ ‫املادتني (‪ 77‬و ‪ )78‬منه اللتني ركزتا ب�صفة �أ�سا�سية على املعاملة التف�ضيلية او ًال‪ ،‬وع��دم الإك��راه على ممار�سة‬ ‫الأمور الآتيه‪:‬‬ ‫الدعارة ومنع الإغت�صاب اجلن�سي واية �صورة من �صور‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪25‬‬


‫املدنيني وفق ًا للمادة (‪ )50‬من الربوتوكول الأول‪ ،‬وعليه‬ ‫ف�إن عليهم �صفة املدنيني‪ ،‬وهذا احلكم ينطبق اي�ض ًا‬ ‫عى كل ال�صحفيني الوطنيني يف االقاليم املحتلة‪.‬‬

‫خد�ش احلياء‪ ،‬ويف نقطة منع الإغت�صاب اجلن�سي مت‬ ‫الت�أاكيد عليها يف تعليمات ليرب يف املادة (‪ )49‬منها‬ ‫التي تعاقب مرتكبي الإغت�صاب‪ ،‬وك��ان الإغت�صاب‬ ‫اجلن�سي من اوجه االتهام لال�شخا�ص الذين مثلوا امام‬ ‫حمكمة طوكيو‪ ،‬ف�ضال عن ذلك ان املحاكم الوطنية‬ ‫التي �أن�ش�أت ملحاكمة مرتكبي اجلرائم يف املانيا ادرجت ب‌‪ -‬لكن الفقرة الثانية ا�شرتطت ال�ستفادة ال�صحفيني‬ ‫الإغت�صاب كجرمية من جرائم احلرب‪.‬‬ ‫من احكام الإتفاقيات والربوتوكول اال يقوموا ب�أي عمل‬ ‫ب‌‪ .‬تعطى االولوية الق�صوى لنظر ق�ضايا اوالت االحمال ي�سيئ ال��ى و�صفهم ك�أ�شخا�ص مدنيني ‪ ،‬اي مبفهوم‬ ‫و�أم �ه��ات ال�صغار والأط �ف��ال ال�ل��وات��ي يعتمد عليهن املخالفة اال ي�شاركوا مبا�شرة او غري مبا�شرة يف العمليات‬ ‫�أطفالهن املقبو�ض عليهن او املحتجزات او املعتقالت العدائية وهذا الغمو�ض يفتح الباب امام تهرب اطراف‬ ‫ال�سباب تتعلق بالنزاع امل�سلح‪.‬‬ ‫النزاع من هذا الإلتزام بحجة ال�صحفيني قد خرقوا‬ ‫ت‌‪ -‬اخريا يجب الإ�شارة الى قرار ن�ص ( املادة ‪ 76‬الفقرة هذا ال�شرط ‪ ،‬وعليه ال بد من حتديد �صور الأعمال‬ ‫‪ )3‬من ال�بروت��وك��ول ال��ذي يق�ضي بعدم ج��واز تنفيذ‬ ‫عقوبة حكم الإعدام على املر�أة احلامل او امهات �صغار ال�سيئة لالعراف املهنية وخ�صو�ص ًا يف االقاليم املحتلة‬ ‫االطفال هذا احلكم يعد تقدما كبري ًا على ما ن�ص عليه حيث يواجه ال�صحفيون �آلة البط�ش الإحتاللية‪.‬‬ ‫العهد الدويل للحقوق املدنية وال�سيا�سية الذي ح�صر‬ ‫اخلطر على االمهات االحمال مبقت�ضى املادة ‪ 5/6‬منه‪ .‬ج ‪ -‬مع ت��دارك نف�س الفقرة ال�سابقة لو�ضع املرا�سلني‬ ‫احلربيني املعتمدين لدى القوات امل�سلحة باعتبارهم‬ ‫ثالثاً‪ :‬احلماية املقررة لل�صحفيني‪:‬‬ ‫من الفئات غري املحاربة املنتمني للقوات امل�سلحة لأحد‬ ‫م�ن��ح ال�ب�روت��وك��ول الإ�� �ض ��ايف الأول ح�م��اي��ة خا�صة‬ ‫لل�صحفيني كونهم م��ن الفئات الأك�ث�ر تعر�ض ًا ملخاطر اط��راف النزاع وفق امل��ادة (‪ )4‬من الإتفاقية الثالثة‬ ‫النزاع على �أ�سا�س وجودهم دائما باملناطق اخلطرية التي والذين ي�أخذون و�صف ا�سرى احلرب‪.‬‬ ‫ت�شتعل فيها النزاعات امل�سلحة‪ ،‬وركزت املادة (‪ )79‬من‬ ‫الربوتوكول الإ�ضايف الأول على الإجراءات الواجبة حلماية د‪ .-‬ال ب��د على ك��ل حكومة ان ت�صدر بطاقة �شخ�صية‬ ‫لل�صحفيني من رعاياها‪� ،‬أو الذين يقيمون فيها او التي‬ ‫ال�صحفيني والتي ن�صت على الأمور الآتية‪:‬‬ ‫�أ‌‪ -‬ادراج ال�صحفيني الذين يبا�شرون مهمات مهنية يف يقع فيها جهاز االنباء‪ ،‬ت�شهد عى �صفته ك�صحايف مع‬ ‫مناطق النزاعات امل�سلحة يف اط��ار فئة اال�شخا�ص �إلزام ه�ؤالء ال�صحفيني بارتداء �إ�شارة مميزة لهم‪.‬‬

‫‪� 26‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫دراسات الوسطية‬

‫امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة‬ ‫يف اخلطاب الإ�سالمي‬ ‫مت�شي ًا مع فل�سفة جلنة املر�أة‪ /‬منتدى الو�سطية يف متابعة‬ ‫ق�ضايا املجتمع ومواكبة جديد املر�أة‪ ،‬عقدت ندوتها احلوارية‬ ‫الدورية يوم الأربعاء ‪ 2015/12/16‬يف مقر املنتدى بعنوان‬ ‫“امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف اخلطاب الإ�سالمي» برئا�سة‬ ‫مديرة قطاع امل��ر�أة ال�سيدة �سو�سن املومني‪ ،‬بهدف تو�ضيح‬ ‫الر�ؤية الإ�سالمية مل�شاركة املر�أة يف املجاالت ال�سيا�سية املتنوعة‬ ‫لأهمية هذا الدور يف رفعة املجتمعات الإ�سالمية وازدهارها‪،‬‬ ‫باعتبار �أن امل��ر�أة ت�شكل حجر الزاوية يف البناء االجتماعي‬ ‫و�أ�سا�س تقدمه وبناء الأجيال‪.‬‬ ‫قدمت للندوة النائب ال�سابق الدكتورة �أدب ال�سعود‬ ‫مبينة �أهمية املو�ضوع وما تتعر�ض �إليه م�شاركة املر�أة يف‬ ‫احلياة ال�سيا�سية �إل��ى ج��دل كبري على �صعيد اخلطاب‬ ‫ال�سيا�سي احلديث‪ ،‬وم��ا ت�ضمنه ال�تراث املتعلق بتاريخ‬ ‫املر�أة ال�سيا�سي عرب القرون ال�سابقة وخ�ضوع هذه امل�شاركة‬ ‫�إلى نقا�ش متيز باحلدة �سواء من املعار�ضني �أو امل�ؤيدين‪،‬‬ ‫و�أرجعت الدكتورة ذلك �إلى عدة �أ�سباب اهمها‪:‬‬ ‫• ‬ ‫• ‬ ‫• ‬ ‫• ‬

‫الدكتورة نوال �رشار‬

‫ثم عر�ضت للمو�ضوع من خالل املحاور الآتية‪:‬‬

‫• �أو ًال‪ :‬تعريف امل�شاركة ال�سيا�سية ب�شكل عام وم�شاركة‬ ‫امل��ر�أة ال�سيا�سية ب�شكل خا�ص فاملفهوم العام يعني‪ :‬حق‬ ‫من حقوق املواطنني ملمار�سة �أدواره ��م يف املجتمع عن‬ ‫طريق امل�ساهمة يف اتخاذ القرارات والت�أثري على �أعمال‬ ‫امل�س�ؤولني وقراراتهم؛ �أما مفهوم م�شاركة امل��ر�أة فيعني‬ ‫“ تعزيز دور املر�أة يف �إطار النظام ال�سيا�سي ل�ضمان‬ ‫الفهم غري ال�صحيح للن�صو�ص ال�شرعية‪.‬‬ ‫م�ساهمتها يف عملية �صنع ال�سيا�سات العامة والقرارات‬ ‫ال�سيا�سية والت�أثري فيها واختيار القادة ال�سيا�سيني‪ ،‬وهذا‬ ‫املمار�سات املخالفة للدين نتيجة ظروف خمتلفة‪.‬‬ ‫ال يعني فقط امل�شاركة يف االنتخابات بل �إنها ت�شمل التمتع‬ ‫ال�صورة الغري �صحيحة للمر�أة امل�سلمة عند �أ�صحاب بكافة احلقوق على �أ�سا�س املواطنة‪.‬‬ ‫الثقافات الأخرى‪.‬‬ ‫• ثانياً‪ :‬درجات ومراحل امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة‬ ‫الهجمة ال�شر�سة من قبل �أعداء الأمة الإ�سالمية على والتي تنق�سم �إلى نوعني الر�سمية من خالل �أجهزة ال�سلطة‬ ‫ومراكز �صنع القرار ال�سيا�سي‪ ،‬وغري الر�سمية من خالل‬ ‫املجتمعات الإ�سالمية‪.‬‬ ‫التنظيمات احلزبية وجماعات امل�صالح‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪27‬‬


‫• ث��ال��ث��اً‪ :‬م�شاركة امل��ر�أة يف احلياة ال�سيا�سية على‬ ‫م�ستوى العامل‪ .‬حتى ع��ام ‪1987‬م كانت م�شاركة امل��ر�أة‬ ‫�أق��ل من ‪ %70‬من الربملانيني يف ال��دول الغربية‪ ،‬يف حني‬ ‫كانت الن�سبة ت�تراوح ما بني ‪ %12-10‬يف كل من �سوريا‬ ‫و�إندوني�سيا‪ ،‬وكانت كل من بنازير بوتو‪ ،‬وخالدة �ضياء‬ ‫ت�شغال من�صب رئي�س وزراء يف دولتني ا�سالميتني‪ ،‬ثم بد�أت‬ ‫من ذلك الوقت امل�شاركة الفعلية‪.‬‬

‫دت‬ ‫�سب�أ بلقي�س ) على ل�سان طائر الهدهد }�إِنيِّ َو َج ُّ‬ ‫ْام َر�أَ ًة تمَ ْ ِل ُك ُه ْم َو�أُو ِت َي ْت ِمن ُك ِّل �شَ ْي ٍء َو َل َها َع ْر ٌ�ش َع ِظي ٌم{‬ ‫�سورة النمل �آية (‪ ،)23‬و�آ�سيا بنت مزاحم زوجة فرعون وهي‬ ‫التي كان لها �ش�أن عظيم باحلكم مع زوجها فرعون‬ ‫وهي التي �أ�شارت عليه بعدم قتل �سيدنا مو�سى – عليه‬ ‫ال�سالم –ثم �آمنت به بعد بعثه‪ ،‬ومنوذج �آخر المر�أة‬ ‫العزيز وق�صتها مع �سيدنا يو�سف عليه ال�سالم‪.‬‬

‫وقبل امل�ؤمتر ال��دويل للمر�أة ع��ام ‪ 1975‬كانت ن�سبة‬ ‫متثيل املر�أة يف اليونان �أقل ‪ ،%5‬ويف كل من فرن�سا وا�سبانيا‬ ‫�أقل من ‪ ،%2‬وما لبثت �أن ارتفعت بني عامي ‪ 1987‬و‪1990‬‬ ‫لت�صل �إل��ى ‪ %11-3,7‬ال �سيما يف دول افريقيا وامريكا‬ ‫الالتينية‪ ،‬ومن بني ‪ 32‬رئي�سة يف تلك الفرتة كان منهن ‪24‬‬ ‫رئي�سة يف حقبة الت�سعينات‪.‬‬

‫ب‪ -‬مناذج من م�شاركة املر�أة ال�سيا�سية يف �صدر الإ�سالم‪،‬‬ ‫وتتمثل يف م�شاركتها يف الهجرتني للحب�شة واملدينة‬ ‫امل �ن��ورة‪ ،‬والبيعة‪ ،‬والإج� ��ارة‪ ،‬وال���ش��ورى �أو امل�شاركة‬ ‫باجلهاد‪ ،‬و�إدارة الدولة يف والية احل�سبة‪ ،‬التي �أ�سندها‬ ‫عمر بن اخلطاب – ر�ضي اهلل عنه – لل�شفاء بنت‬ ‫عبداهلل العدوية‪ ،‬وي�ستدل من ذلك ب�أن لو كان هناك‬ ‫مواقع �شرعية ملا �أقدم عمر‪-‬ر�ضي اهلل عنه‪-‬على ذلك‬ ‫يف �أمور امل�سلمني عامة‪.‬‬

‫ويف ال��والي��ات املتحدة كانت ن�سبة متثيل امل ��ر�أة يف‬ ‫الكونغر�س ‪ ،%11,2‬كما ك��ان هناك دول �أوروب �ي��ة تخلو‬ ‫ً‬ ‫•�ساد�سا‪ :‬مناق�شة الآراء ال�شرعية يف امل�شاركة ال�سيا�سية‬ ‫برملاناتها من الن�ساء‪ ،‬كما انخف�ض عدد الوزيرات يف عدد‬ ‫من الدول بن�سبة ‪( %50‬غازي ربابعة‪/‬جملة الفكر‪/‬العدد للمر�أة بني امل�ؤيد واملعار�ض يف املذاهب الأربعة‪� ،‬إذ ا�شرتط‬ ‫جميع الفقهاء �شرط ال��ذك��ورة يف الإم��ام��ة العظمى‪� ،‬أما‬ ‫اخلام�س‪�/‬ص‪.)169‬‬ ‫تويل الوزارات فقد اجتمعت �آراء العلماء على جواز ذلك‪،‬‬ ‫• راب��ع��اً‪ :‬نظرة الإ�سالم للم�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة ويف هذا يرى الدكتور يو�سف القر�ضاوي جواز تويل املر�أة‬ ‫و�ضوابطها‪� ،‬إذ تقوم الر�ؤية الإ�سالمية على ثالثة مفاهيم جميع املنا�صب العامة با�ستثناء الإمامة العظمى – رئا�سة‬ ‫رئي�سية ه��ي “ التوحيد والإ��س�ت�خ�لاف وال�سنن”‪� ،‬أم��ا الدولة – �إذ ال يوجد يف ن�صو�ص القر�آن الكرمي وال�سنة‬ ‫ال�ضوابط فيمكن �إيجازها باللبا�س ال�شرعي “احلجاب” ال�صحيحة ما مينع من ت��ويل امل��ر�أة ال��وزارات �إذا كانت‬ ‫وغ�ض الب�صر‪ ،‬والتمييز عن الرجال‪ ،‬واجتناب املزاحمة متعلمة وم�ؤهلة لها وبنف�س ال�ضوابط والقيود ال�سابقة التي‬ ‫“االختالط» واجتناب اخللوة‪ ،‬وجدية جمال اللقاء والتي يقررها ال�شرع‪ ،‬وكذلك توليها املجال�س التمثيلية املنتخبة «‬ ‫تف�سر ب�أن يكون اللقاء بني الرجال والن�ساء لل�ضرورة‪ ،‬و�أن املجال�س ال�شورية»‪� ،‬أما م�شاركة املر�أة يف الق�ضاء فحرمها‬ ‫يكون مو�ضوع احلديث يف حدود املعروف وال يت�ضمن منكر ًا جمهور العلماء و�أباحها الأحناف فقط ب�شروط‪.‬‬ ‫ويت�سم باجلدية دون ت�صنع وخ�ضوع‪ ،‬وكذلك موافقة الزوج‬ ‫ويف امل�ح��ور الأخ�ي�ر عر�ضت �إل��ى �شبهات وردود يف‬ ‫– �إذا كانت متزوجة – و�أن ال يكون خروجها �إلى العمل‬ ‫م�شاركة املر�أة ال�سيا�سية‪ ،‬ومن ذلك �شبهات متنع امل�شاركة‬ ‫العام على ح�ساب بيتها وزوجها و�أوالدها‪.‬‬ ‫يف العمل ال�سيا�سي والوظيفي �إال يف �إط��ار �ضيق ج��د ًا‬ ‫•خام�ساً‪ :‬م�شاركة امل���ر�أة يف العمل ال�سيا�سي يف م�ستدلني بثالثة �أدلة على النحو االتية‪:‬‬ ‫الإ�سالم‪ ،‬ال تقت�صر نظرة الإ�سالم �إلى العمل ال�سيا�سي‬ ‫�أ‪ -‬قوله تعالى‪َ } :‬و َق ْر َن فيِ ُب ُيو ِت ُك َّن َو اَل َتبرَ َّ ْج َن َتبرَ ُّ َج‬ ‫الُو َلى{الأحزاب الآية (‪.)33‬‬ ‫على الرت�شيح واالنتخاب وت��ويل ال��وزارات فقط‪ ،‬ولكنها الجْ َ ِاه ِل َّي ِة ْ أ‬ ‫�أ�شمل و�أعمق من هذا بكثري ويظهر ذلك من �أوال‪:‬‬ ‫ب‪�� -‬س��د ال ��ذرائ ��ع‪ ،‬لأن ع�م��ل امل � ��ر�أة ق��د يعر�ضها‬ ‫�أ‪ -‬من اخلطاب القر�آين للم�ؤمنني وامل�ؤمنات جتاوزت النوع لالختالط واخللوة املحرمة مع الرجال وهذا حرام‪ ،‬وما‬ ‫االجتماعي(رجل‪ ،‬ام��ر�أة) « يا �أيها النا�س» « يا �أيها �أدى �إلى احلرام فهو حرام‪.‬‬ ‫الذين �آمنوا» ولقد عر�ض القر�آن الكرمي مناذج للمر�أة‬ ‫يف �أعلى درجات �سلم العمل ال�سيا�سي ومن ذلك (ملكة‬ ‫ت‪ -‬م�شاركة املر�أة �سيا�سي ًا رمبا يجعل لها والية على‬ ‫‪� 28‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫الرجل وه��ذا ممنوع �شرع ًا ويخالف الأ��ص��ل ال��ذي �أثبته‬ ‫ون َع َلى ال ِّن َ�سا ِء بمِ َ ا ف ََّ�ض َل‬ ‫القر�آن الكرمي – }ال ِّر َج ُال َق َّوا ُم َ‬ ‫اللهَّ ُ َب ْع َ�ض ُه ْم َع َلى َب ْع ٍ�ض َوبمِ َ ��ا �أَن َفقُوا ِم ْن �أَ ْم َوا ِلهِ ْم{ �سورة‬ ‫‪ -5‬قوله عليه ال�سالم “ الدين الن�صيحة “ وي�شمل جميع‬ ‫الن�ساء(‪.)34‬‬ ‫�أفراد املجتمع‪.‬‬ ‫�أما الرد على ذلك فكان من الدكتور القر�ضاوي مبا‬ ‫‪� -6‬إبداء الر�أي يعترب اجتهاد ًا �أو �إفتا ًء وهذه الأمور لي�ست‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫ممنوعة على املر�أة امل�ؤهلة لذلك‪.‬‬ ‫تنه�ض دلي ًال على منع م�شاركة‬ ‫ �آية قرن يف بيوتكن “ ال ُ‬‫• ثانياً‪ :‬الرت�شيح وهو عمل مباح لأنه �إما ت�شريع فيما لي�س‬ ‫املر�أة لأنها‪:‬‬ ‫فيه ت�شريع وهذا جائز باالجتهاد و�إما مراقبة لل�سلطة‬ ‫• �أو ًال تخاطب ن�ساء النبي‪�-‬صلى اهلل عليه و�سلم –‬ ‫التنفيذية‪ ،‬والت�شريع جائز للمر�أة امل�ؤهلة وح�سبنا‬ ‫ال�سيدة عائ�شة‪-‬ر�ضي اهلل عنها‪.‬‬ ‫• ثانياً لأن �أم امل�ؤمنني عائ�شة – ر�ضي اهلل عنها –‬ ‫خرجت من بيتها و�شهدت " معركة اجلمل " فيما ر�أت‬ ‫واملراقبة فهي �أمر باملعروف ونهي عن املنكر‪ ،‬ولنا يف‬ ‫ذلك �ضرورة‪.‬‬ ‫�صدر الإ�سالم مناذج عدة من ذلك فهذه خولة بنت ثعلبة‬ ‫ا�ستوقفت عمر بن اخلطاب‪-‬ر�ضي اهلل عنه‪-‬ون�صحته دون‬ ‫• وثالثاً لإجماع الكثري من علماء امل�سلمني على م�شروعية �أن ي�س�ألها‪.‬‬ ‫خروج املر�أة للعمل لل�ضرورة مثل خروجها للمدر�سة �أو‬ ‫اجلامعة �أو العمل يف جماالت احلياة املختلفة ب�شروطه‬ ‫• ث��ال��ث��ا‪ :‬االجتهاد والإف �ت��اء �أم ��ران ج��ائ��زان للمر�أة‬ ‫ال�شرعية امل�ع��روف��ة‪ ،‬وم��ا يتبع ذل��ك م��ن حاجة بع�ض امل�ؤهلة‪ ،‬فالأنوثة ال متنع من ذلك وح�سبنا �أمهات امل�ؤمنني‪.‬‬ ‫امل�سلمات امللتزمات للخروج للحياة العامة‪.‬‬ ‫• رابعاً‪� :‬أم امل�ؤمنني �أم �سلمة – ر�ضي اهلل عنها –‬ ‫هذا وقد كان للح�ضور مداخالت حوارية قيمة �أثرت �أ�شارت على ر�سول اهلل ‪�-‬صلى اهلل عليه و�سلم‪-‬يف �صلح‬ ‫امل��و��ض��وع‪ ،‬فتحدثت ال��دك�ت��ورة ن��وال ��ش��رار ع��ن امل�شاركة احلديبية وهو مف�صل هام يف التاريخ الإ�سالمي‪.‬‬ ‫ال�سيا�سية للمر�أة من اجلانب الفقهي ب�أن م�شاركتها حق‬ ‫م�صان �شرع ًا وي�صبح واجب ًا �أحيان ًا ملن ت�أهلت له وح�سب ثم قدمت مناذج من م�شاركة املر�أة يف احلياة ال�سيا�سية‬ ‫ظ��روف املجتمعات الإ�سالمية خا�صة �إذا ك��ان لها ن�سبة يف �صدر الإ�سالم‪:‬‬ ‫حمددة يف الوظائف العامة " الكوتا" ثم بينت �أ�شكال هذه �أ‪� -‬أمان احلربيني (الإجارة) فقد �أجارت �أم هانئ‪ ،‬وزينب‬ ‫امل�شاركة وتو�صيفها الفقهي على النحو االتي‪:‬‬ ‫بنت الر�سول‪-‬عليه ال�سالم‪-‬زوجها العا�ص بن الربيع‪،‬‬ ‫• �أو ًال‪ :‬االنتخاب‪-‬جائز لأنه اختيار الأمة لوكالئها ينوبون قال عليه ال�سالم‪ “ :‬ذمة امل�سلمني واح��دة ي�سعى بها‬ ‫عنها يف الت�شريع ومراقبة احلكومة فهو عملية توكيل ال �أدناهم فمن حقر م�سلم ًا فعليه لعنة اهلل واملالئكة والنا�س‬ ‫�أجمعني ال يقبل منه يوم القيامة �صرف ًا وال عد ًال”‪.‬‬ ‫مانع �شرعي لها ودليل ذلك ال�شرعي‪:‬‬ ‫‪ -1‬جواز �إبداء املر�أة ر�أيها يف الأمور العامة وهو ما كان من ‪ -‬قالت ال�سيدة عائ�شة‪-‬ر�ضي اهلل عنها‪� ”-‬إن كانت املر�أة‬ ‫لتجري على امل�ؤمنني فيجوز”‪.‬‬ ‫�أمهات امل�ؤمنني ر�ضي اهلل عنهم‪.‬‬ ‫‪ -2‬قوله تعالى‪“ :‬و�أمرهم �شورى بينهم” الآية عامة للرجال ‪� -‬أجمع علماء امل�سلمني على �صحة �إجارة املر�أة و�أمانها‪-‬‬ ‫والأمان عقد �سيا�سي‪.‬‬ ‫والن�ساء على ال�سواء‪.‬‬ ‫‪ -3‬قوله تعالى “ ف�إن �أرادا ف�صا ًال منهما وت�شاور فال جناح ب‪-‬الأمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬قال تعالى‪ :‬امل�ؤمنون‬ ‫وامل�ؤمنات بع�ضهم �أولياء بع�ض ي�أمرون باملعروف وينهون‬ ‫عليهما “ دليل على امل�شورة يف امل�صلحة العامة‪.‬‬ ‫عن املنكر” وقوله عليه ال�سالم “من ر�أى منكم منكر ًا‬ ‫‪ -4‬املر�أة جزء هام من املجتمع يجب عليها االهتمام ب�ش�ؤون فليغريه بيده” وهذا عام جلميع �أف��راد املجتمع‪ .‬ولقد‬ ‫الأم��ة‪ ،‬تبع ًا لقوله عليه ال�سالم‪ “ :‬من ال يهتم ب�أمر‬ ‫امل�سلمني فلي�س منهم”‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪29‬‬


‫مار�ست امل��ر�أة ذل��ك يف �صدر الإ��س�لام ومنها‬ ‫�سمراء بنت نهيك الأ�سدية التي عمرت وكانت‬ ‫متر بالأ�سواق ت�أمر باملعروف وت�ضرب النا�س‬ ‫بال�سوط‪.‬‬ ‫ومن �أمثلة ذلك �أي�ض ًا‪ ،‬املر�أة التي اعرت�ضت‬ ‫على �سيدنا عمر باملهور‪ ،‬وتولية عمر بن اخلطاب‬ ‫لل�شفاء ب�أمور احل�سبة‪ ،‬ومبايعة الن�ساء للر�سول –‬ ‫�صلى اهلل عليه و�سلم – وهي بيعة �سيا�سية حزبية‪.‬‬ ‫ثم حتدثت الدكتورة رويدا رياالت عن م�شاركة‬ ‫املر�أة ال�سيا�سية يف عهد ر�سول اهلل‪�-‬صلى اهلل عليه‬ ‫و�سلم‪-‬من بيعة وهجرة كانت الأ�سا�س الذي بنى‬ ‫عليه مفهوم امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف الع�صور‬ ‫الالحقة‪.‬‬

‫الإ�سالمية من القر�آن وال�سنة ال�صحيحة �أباحت‬ ‫للمر�أة امل�شاركة ال�سيا�سية مبا ينا�سبها من عمل‬ ‫وف��ق ��ض��واب��ط و� �ش��روط خا�صة �إال �أن اخلطاب‬ ‫الإ��س�لام��ي املتعلق بهذه امل�شاركة نابع م��ن فهم‬ ‫امل�سلمني عامة والفقهاء خا�صة للن�صو�ص ال�شرعية‬ ‫من جهة ومن فهم وحتليل لل�سنة النبوية ال�شريفة‬ ‫(الأف �ع��ال والأق� ��وال) م��ن جهة �أخ ��رى‪ ،‬و�أن هذه‬ ‫التف�سريات املختلفة فيما يخ�ص م�شاركة املر�أة من‬ ‫باب امل�سائل التي ميكن �إعادة قرائتها يف ع�صرنا‬ ‫احلا�ضر وف��ق ظ��روف املجتمعات الإ�سالمية وما‬ ‫ي�ط��ر�أ عليها م��ن ن ��وازل �ضمن م��ا ي��دع��ى (بفقه‬ ‫الواقع) لذا ال بد من تفعيل االجتهاد باالعتماد‬ ‫على الثوابت ال�صحيحة وامل�ستجدات املعا�صرة‬ ‫(املوائمة بني الأ�صالة واحلداثة)‪.‬‬

‫�أما مداخلة الدكتورة فايزة ال�سكر احلوارية‬ ‫فكانت عن �ضرورة م�شاركة املر�أة املعا�صرة امل�ؤهلة‬ ‫يف العمل ال�سيا�سي من خالل عر�ض مناذج ن�سائية ‪ -1‬رفع م�ستوى املجتمع بنظرة الإ�سالم للم�شاركة‬ ‫�أث ��رت يف ال�ت��اري��خ الإ��س�لام��ي والع�صر احلديث ال�سيا�سية للمر�أة من خالل �سل�سلة من الفعاليات‬ ‫وعقبت على ذلك الدكتورة �إميان الغزاوي بنماذج (ال �ن��دوات‪ ،‬ل�ق��اءات‪ ،‬حما�ضرات‪ ،‬م�سابقات‪،‬‬ ‫جتربة م�شاركة امل��ر�أة ال�سيا�سية يف الأردن ودول م�ؤمترات)‪.‬‬ ‫اجلوار‪.‬‬ ‫‪� -2‬إج��راء الدرا�سات والأبحاث املتعلقة مب�شاركة‬ ‫ور�أت الدكتور خولة اخلوالدة �ضرورة م�شاركة امل� ��ر�أة ال�سيا�سية يف اخل �ط��اب الإ� �س�لام��ي؛‬ ‫املر�أة الأردنية يف العمل ال�سيا�سي حلاجة املجتمع وو�ضعها �أمام العامة و�أ�صحاب القرار‪.‬‬ ‫الأردين لذلك‪.‬‬ ‫‪ -3‬تعزيز ودعم املر�أة امل�ؤهلة مادي ًا ومعنوي ًا بالعمل‬ ‫و�أكدت ال�سيدة ماجدة عكوب يف مداخلتها على ال�سيا�سي بكافة �أ�شكاله ومراحله‪.‬‬ ‫قدرة املر�أة‪-‬بطبيعتها الأنثوية – على تويل املنا�صب‬ ‫ال�سيا�سية وحتمل امل�س�ؤولية ملا تتحلى به من �صفات ‪ -4‬التوا�صل مع جميع و�سائل الإعالم املختلفة فيما‬ ‫ت�ؤهلها لذلك من جدية ومثابرة ومتابعة حثيثة‪ ،‬يتعلق بهذا املو�ضوع‪.‬‬ ‫بالإ�ضافة �إل��ى قدرتها على الإمل��ام بالتف�صيالت‬ ‫� �ش��ارك يف ال �ن��دوة ك��ل م��ن (ال���س�ي��دة �سو�سن‬ ‫الدقيقة التي ت�ساهم يف �إجناح العمل‪.‬‬ ‫املومني‪ ،‬الدكتورة �أدب ال�سعود‪ ،‬الدكتورة نوال‬ ‫افتتحت ال �ن��دوة و�أدارت �ه��ا ال�سيدة �سو�سن �شرار‪ ،‬الدكتورة خولة اخلوالدة‪ ،‬الدكتورة فايزة‬ ‫املومني – رئي�سة جلنة امل��ر�أة‪ -‬والتي خل�صت يف ال�سكر‪ ،‬الدكتورة رويداء رياالت‪ ،‬الدكتورة �إميان‬ ‫نهاية احلوار الندوة بقولها �أن ن�صو�ص ال�شريعة غزاوي‪ ،‬الأ�ستاذة ماجدة عكوب)‪.‬‬ ‫• وخل�صت الندوة �إلى التو�صيات االتية‪:‬‬

‫‪� 30‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫دراسات الوسطية‬

‫جتليات مفهوم الو�سطية‬ ‫لدى بع�ض احلركات الإ�سالمية‬ ‫اجلزء الأول‬ ‫�أو ًال‪ :‬غاية البحث‬ ‫ي�شكل ما و�صلت �إل�ي��ه‪ ،‬الأم��ة من نكو�ص ح�ضاري‬ ‫وتخلف وجت��زئ��ة وا�ست�ضعاف‪ ،‬الهاج�س ال��ذي يق�ض‬ ‫م�ضاجع كل الغيورين عليها‪.‬‬ ‫وتتعدد الآراء والر�ؤى عن كيفية النهو�ض بحال الأمة‪،‬‬ ‫واالنطالق ب�إمكاناتها من حال النكو�ص احل�ضاري الذي‬ ‫ترزح حتته �إلى ٍ‬ ‫غد �أف�ضل‪ ،‬ت�ؤهلها له �إمكاناتها وخمزونها‬ ‫احل�ضاري وتطلعات �أبنائها‪.‬‬ ‫ويحتل الطرح الإ�سالمي موقع ًا مميز ًا بني جملة هذه‬ ‫الر�ؤى والآراء‪ ،‬كونه الأقرب �إلى �ضمري الأمة‪ ،‬بل �إنه ميثل‬ ‫هويتها احلقيقية ومالذها ال��ذي ال تركن �إال �إليه‪ ،‬ومنذ‬ ‫بدايات حماوالت النهو�ض املعا�صرة‪ ،‬كان للفكر الإ�سالمي‬ ‫وما جتلى عنه من جمعيات وجماعات و�أح��زاب الن�صيب‬ ‫الأوفر من االهتمام‪� ،‬أكان هذا االهتمام ت�أييد ًا �أو معار�ضة‬ ‫�أم درا�سة ونقد ًا وحتلي ًال‪.‬‬

‫د‪ .‬ح�سان ال�صفدي‬

‫ثانياً‪ :‬مفهوم الو�سطية‬

‫�إن حديثنا يتناول “بع�ض” معاين الو�سطية‪ ،‬والتي نرغب‬ ‫يف تتبع �آثارها لدى بع�ض احلركات الإ�سالمية املعا�صرة‪،‬‬ ‫وذلك لأننا ال ن�ستطيع االدعاء �أن لدينا تعريف ًا جامع ًا مانع ًا‬ ‫ملفهوم الو�سطية‪ ،‬بل �إننا نعتقد �أن الو�سطية يف الإ�سالم هي‬ ‫مفهوم ممتد‪ ،‬ي�صاحب هذه الأمة يف كل �أحوالها و�أجيالها‬ ‫وحماور ر�سالتها‪ ،‬وهذا ما نفهمه من دالالت النظم القر�آين‬ ‫ومن هنا ت�أتي هذه الدرا�سة –وهي متثل جهد املقل– العظيم }وكذلك جعلناكم �أمة و�سط ًا{‪.‬‬ ‫حماولة لت�سليط ال�ضوء على التطورات التي ح�صلت لدى‬ ‫فما هي موا�صفات �أمة الو�سط التي جاء بها القر�آن‬ ‫بع�ض احلركات الإ�سالمية املعا�صرة‪ ،‬والتي تتبنى الفكر‬ ‫الكرمي؟‬ ‫الو�سطي‪ ،‬نتيجة ت�أثرها مبفهوم الو�سطية الإ�سالمية‪ .‬وما‬ ‫مدى جناحها يف ذلك‪ ،‬وما هي التحديات امللقاة على عاتق‬ ‫�أمة احلق‪ :‬تدور هذه الأمة مع احلق حيث دار‪ ،‬وتنتقل‬ ‫تلك احلركات التي نه�ضت لهذه املهمة‪ ،‬وم��ا هي الآف��اق من ال�صحيح �إلى الأ�صح‪ ،‬ومن الفا�ضل �إلى الأف�ضل‪ ،‬يف‬ ‫حركة �سعي دائب نحو احلقيقة فاهلل هو احلق‪ ،‬واجلرمية‬ ‫امل�أمولة لها يف قادمات الأيام‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪31‬‬


‫تكمن يف معرفة احلق ثم �إنكاره‪ ،‬و�أن كتمان احلقيقة واج�ب� ًا حتى لو ا�ستحالت �ضمن احل�سابات الب�شرية‬ ‫�إزدرا ًء �أو ا�ستخفاف ًا مب�صدرها جرمية يف حق النف�س �إمكانية قطف الثمار وجني النتائج (�إن قامت ال�ساعة‬ ‫والنا�س }و�إن الذين �أوتوا الكتاب ليعلمون �أنه احلق من ويف يد �أحدكم ف�سيلة فا�ستطاع �أال تقوم حتى يغر�سها‬ ‫فليغر�سها ف�إن له بها �أجر ًا)‪.‬‬ ‫ربهم وما اهلل بغافل عما يعملون{ (البقرة‪.)145 :‬‬ ‫�أمة املرجعية‪ :‬هذه الأمة ال ت�صدر من فراغ‪ ،‬و�إمنا‬ ‫تركن �إلى من بيده ملكوت ال�سماوات والأر���ض‪ ،‬والذي‬ ‫يهدي �إلى ال�صراط امل�ستقيم } قل هلل امل�شرق واملغرب‬ ‫يهدي من ي�شاء �إل��ى �صراط م�ستقيم{ (البقرة‪،)142 :‬‬ ‫واالمتثال �إل��ى ه��ذه املرجعية هو الركن الركني الذي‬ ‫يحفظ لهذه الأمة ر�شدها فعدم �إتباع هذه املرجعية هو‬ ‫انقالب على الأعقاب ونكو�ص وتراجع و�ضالل‪.‬‬ ‫�أمة الواقعية‪ :‬جاءت ر�سالة الإ�سالم لتخرج النا�س‬ ‫كتاب �أنزلناه �إليك لتخرج‬ ‫من الظلمات �إلى النور } �ألر ٌ‬ ‫النا�س من الظلمات �إلى النور ب��إذن ربهم �إلى �صراط‬ ‫العزيز احلميد{ (ابراهيم‪ .)1 :‬وتبني لهم جمتمع ًا ت�سوده‬ ‫الف�ضيلة ويحكمه العدل‪ ،‬وال ميكن للإ�سالم �أن يكون‬ ‫نظرية حبي�سة الكتب �أو العقول‪ .‬بل �إن معجزة هذا الدين‬ ‫�أن��ه ‪-‬وكما ق��ال �سيد قطب رحمه اهلل‪�-‬أخ ��رج �أم��ة من‬ ‫كتاب‪ ،‬وتعامل مع النا�س بح�سب واقعهم ف�أخذ ب�أيديهم‬ ‫فارتفع بهم �إل��ى حيث ت�ستطيع �إمكاناتهم ومواهبهم‬ ‫يف �آف��اق ال�سمو واالرت�ق��اء‪ .‬وتتجلى واقعية الإ�سالم يف‬ ‫كل �أحكامه‪ ،‬والتي ت�أخذ بيد الأمة �إلى ر�شدها بح�سب‬ ‫اال�ستطاعة‪ ،‬وتتعامل مع احلياة بفقه الواقع‪.‬‬ ‫�أمة ال�سعي واحلركة‪ :‬و�أمة الو�سط �ضار ٌبة يف الأر�ض‪،‬‬ ‫�ساعي ٌة يف وجوه اخلري‪ ،‬مت�شوقة �إلى ما هو �أ�سمى و�أكمل‪،‬‬ ‫�سباق ٌة �إلى كل مكرمة‪ .‬وال�سعي يف الت�صور الإ�سالمي‪،‬‬ ‫�سمة �أ�صيلة ت�شمل العقيدة والفكر والعبادة والك�سب‬ ‫وت�صاحب امل�سلم يف كل دوائر حياته‪ ،‬فالعقيدة يكت�سبها‬ ‫بال�سعي والعلم }فاعلم �أنه ال �إله �إال اهلل{ (حممد‪.)19 :‬‬ ‫والعبادات كلها تتطلب جهد ًا وحركة‪ ،‬والرزق –قد كفله‬ ‫اهلل تعالى– ومع ذلك فال�سعي له واجب‪ ،‬والقعود عنه‬ ‫�إثم وخطيئة‪ ،‬والن�صيحة –مبعناها الإ�سالمي– من نقد‬ ‫�إيجابي و� ٍ‬ ‫إر�شاد وتوجيه‪ ،‬هي الدين “ الدين الن�صيحة”‪،‬‬ ‫والتعامل مع النا�س ب�صدق وا�ستقامة و�أمانة هو الدين‬ ‫"“الدين املعاملة”‪ ،‬ولكل ٍ‬ ‫وقت �سعيه وحركته الواجبة‬ ‫}ف�إذا ق�ضيت ال�صالة فانت�شروا يف الأر�ض وابتغوا من‬ ‫ف�ضل اهلل{ (اجلمعة‪ .)10 :‬ويبقى ال�سعي مطلوب ًا و�أدا�ؤه‬ ‫‪� 32‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫�أمة العدل‪ :‬وت�ضع الأمة الأمور يف ن�صابها‪ ،‬وحتقق‬ ‫التوازن يف حياتها‪ ،‬وتعطي كل ذي حق حقه‪ .‬ف�أمة الو�سط‬ ‫هي �أمة العدل كما و�صفها �صلى اهلل عليه و�سلم بقوله‬ ‫“و�سط ًا عد ًال”‪ ،‬فلم ي�أت الدين �إال ليقوم النا�س بالق�سط‬ ‫}لقد �أر�سلنا ر�سلنا بالبينات و�أنزلنا معهم الكتاب‬ ‫وامليزان ليقوم النا�س بالق�سط{ (احلديد‪ .)25 :‬ومهمة‬ ‫امل�ؤمنني ال�شهادة بالق�سط‪ ،‬وتعاليم الإ��س�لام تتوالى‬ ‫بالأمانة والإح�سان والق�سط والعدل وال��وف��اء بالعهود‬ ‫}يا �أيها الذين �آمنوا كونوا ق ّوامني هلل �شهداء بالق�سط‬ ‫وال يجرمنكم �شن�آن قوم على �أ ّال تعدلوا اعدلوا هو �أقرب‬ ‫للتقوى واتقوا اهلل �إن اهلل خبري مبا تعملون{ (املائدة‪.)8 :‬‬ ‫�أم��ة النموذج‪ :‬ف�إذا ما حتققت يف الأمة موا�صفات‬ ‫الو�سطية املذكورة �آنف ًا واقع ًا يف حياة النا�س‪� ،‬أ�صبحت‬ ‫�أمنوذج ًا وقدوة‪ ،‬وتنزلت مكارم الأخالق التي جاء بها‬ ‫الوحي واقع ًا تراه الب�شرية يف �أمة الو�سط عقيدة وفكر ًا‬ ‫و�سلوك ًا‪ .‬وهذا النموذج احلي الواقعي هو الذي يقود �إلى‬ ‫ثمرات الو�سطية العليا والتي تتمثل يف �أمة ال�شهادة‪.‬‬ ‫�أمة ال�شهادة‪� :‬إن من عدل اهلل تعالى‪� ،‬أال يدع النا�س‬ ‫حيارى ال يجدون �إلى الهداية �سبي ًال‪ ،‬ولذلك فقد �أر�سل‬ ‫الر�سل و�أن ��زل الكتب و�أق ��ام احل�ج��ة ود ّل ��ل على ذات��ه‬ ‫و�صفاته مبا �شاء �سبحانه‪ ،‬ومبا ي�ستطيع الإن�سان الراغب‬ ‫يف الو�صول �إلى احلق �إدراكه والقناعة ب�أنه احلق‪ ،‬وقد‬ ‫كان الأنبياء والر�سل منوذج ًا حي ًا لأقوامهم يعلمونهم‬ ‫ويزكونهم ويقدمون لهم القدوة والأ�سوة‪ ،‬وتبقى �سرية‬ ‫حممد �صلى اهلل عليه و�سلم حمققة لهذا املعنى �إلى �أن‬ ‫يرث اهلل الأر���ض ومن عليها }لقد كان لكم يف ر�سول‬ ‫اهلل �أ�سوة ح�سنة{ (الأح��زاب‪ .)21 :‬وحتمل �أمة الر�سالة‬ ‫اخلامتة‪ ،‬نربا�س النبوة‪� ،‬إذ ال نبوة بعد حممد �صلى اهلل‬ ‫عليه و�سلم‪ ،‬وتقع عليها م�س�ؤولية حتقيق املثال الإ�سالمي‬ ‫الذي يقيم به اهلل احلجة على خلقه‪ ،‬فتكون �أمة الإ�سالم‬ ‫بواقعها وبالنموذج ال��ذي تقدمه‪� ،‬شاهدة على الأم��م‬ ‫}وك��ذل��ك جعلناكم �أم��ة و�سط ًا لتكونوا �شهداء على‬ ‫النا�س{‪.‬‬


‫ثالث ًا‪ :‬جتليات بع�ض مفاهيم الو�سطية لدى حركات‬ ‫�إ�سالمية‪.‬‬ ‫وه�ن��ا ن��ري��د �أن نتتبع بع�ض ًا م��ن حتققات مفاهيم‬ ‫الو�سطية الآنفة الذكر لدى حركات �إ�سالمية‪ ،‬فهي حماولة‬ ‫لت�أ�سي�س ر�ؤية نقدية تنظر يف مدى موافقة توجهات هذه‬ ‫احلركات الفكرية وك�سبها العملي للو�سطية الإ�سالمية‪.‬‬ ‫يف مبد�أ احلاكمية‬ ‫�إن احلاكمية يف املعنى الت�شريعي والتي تعني �أن اهلل‬ ‫تعالى هو الذي ي�شرع خللقه وي�أمرهم وينهاهم‪ ،‬ويحلل‬ ‫لهم احل�لال ويحرم عليهم احل��رام هو ما عليه �إجماع‬ ‫الأمة }�إن احلكم �إال هلل �أمر �أال تعبدوا �إال �إياه ذلك الدين‬ ‫الق ّيم{ (يو�سف‪ .)40 :‬وكل كتب �أ�صول الفقه تبحث هذه‬ ‫الق�ضية عند البحث يف موا�ضيع احلكم واحلاكم واملحكوم‬ ‫به‪ .‬ويف هذا يقول الإمام الغزايل يف “امل�ست�صفى من علم‬ ‫الأ�صول”‪“ ،‬يف البحث عن احلاكم يتبني �أن (ال حكم �إال‬ ‫هلل) و�أن ال حكم للر�سول‪ ،‬وال لل�سيد على العبد‪ ،‬وال ملخلوق‬ ‫على خملوق‪ ،‬بل كل ذلك‪ ،‬حكم اهلل تعالى وو�ضعه ال حكم‬ ‫غريه”(‪.)1‬‬ ‫وقد حدث يف تاريخ الفكر الإ�سالمي �إ�شكالية كبرية‬ ‫حول هذا املفهوم فمنذ القرن الأول الهجري قال اخلوارج‬ ‫كلمتهم امل�شهورة (ال حكم �إال هلل) وكان رد الإمام علي‬ ‫ر�ضي اهلل عنه بليغ ًا حني قال‪ “ :‬كلمة حق يراد بها باطل!‬ ‫نعم‪ ،‬ال حكم �إال هلل‪ ،‬ولكن ه�ؤالء يقولون‪ :‬ال �إمرة �إال هلل!‬ ‫وال ب ّد للنا�س من �أمري بر �أو فاجر»‪.‬‬

‫وقد كان �أبو الأعلى املودودي و�سيد قطب –رحمهما‬ ‫اهلل– �أكرث من رك ّز يف الع�صر احلديث على هذا املفهوم‪،‬‬ ‫وقد كان لهما �أ�سبابهما املو�ضوعية يف �شدة الرتكيز على‬ ‫ذلك‪ ،‬ذلك �أن التخوف كان مربر ًا يف ذلك الوقت من �أن‬ ‫تُغ ّيب هذه الفكرة‪� ،‬إذ كان الت�سا�ؤل املطروح‪ :‬هل الإ�سالم‬ ‫منهج حياة؟ �أم هو عالقة بني املرء وربه ال تتجاوز جدران‬ ‫امل�ساجد وبع�ض �أخالقيات احلياة‪ ،‬فكان ال ب ّد من الرتكيز‬ ‫على �إحياء هذا املفهوم‪ .‬ولكن �أقوام ًا ح َّملوا �أفكار �أبو‬ ‫الأعلى املردودي و�سيد قطب �أكرث مما حتتمل �أو �أخذوها‬ ‫معزولة عن �سياقها‪ ،‬فحكموا بعدم جواز �إعطاء �أي �صفة‬ ‫ت�شريعية للنا�س‪.‬‬ ‫وقد �أو�ضح عبا�س حممود العقاد هذه امل�س�ألة حني قال‬ ‫“ �أنه ال تعار�ض بني القول �إن الأمة هي م�صدر ال�سيادة‬ ‫وبني القول �أن القر�آن الكرمي وال�سنة النبوية ال�شريفة هما‬ ‫م�صدر الت�شريع‪ ،‬ف�إن الأمة هي التي تفهم الكتاب وال�سنة‬ ‫وتعمل بهما وتنظر يف �أحوالها ل�ترى موا�ضع التطبيق‬ ‫وموا�ضع الوقف والتعديل‪ ،‬وتقر الإمام على ما ي�أمر به من‬ ‫�أحكام �أو ت�أباه”(‪.)3‬‬ ‫وقد ذهب املودودي �إلى �أن “ مبد�أ �سيادة الأمة الذي‬ ‫ن�ص عليه الإ�سالم يف قوله تعالى }و�شاورهم يف الأمر{‬ ‫ّ‬ ‫هو املبد�أ ال��ذي و�صلت الإن�سانية �إل��ى �إق��راره بعد كفاح‬ ‫طويل‪ ،‬ولذلك يجب �أن ي�ستمر هذا املبد�أ يف ظل الدولة‬ ‫الإ�سالمية” (‪.)4‬‬

‫وهكذا ن��رى �أن حترير امل�س�ألة ي�ستدعي القول �إن‬ ‫احلاكمية هلل وال�سيادة لل�شريعة وال�سلطان للأمة‪....‬‬ ‫فما هي احلاكمية الت�شريعية التي يجب �أن تكون هلل ف�أين تقف احلركات الإ�سالمية من هذا املفهوم؟‬ ‫وحده؟ يجيب عن هذا ال�س�ؤال العالمة يو�سف القر�ضاوي‬ ‫يف ه��ذا ي��ذك��ر ح��زب ال��و��س��ط يف م�صر �أن “الأمة‬ ‫فيقول‪ “ :‬هي احلاكمية العليا واملطلقة التي ال يحدها وال‬ ‫يقيدها �شيء‪ ،‬فهي من دالئ��ل وحدانية الألوهية‪ ،‬وهذه م�صدر ال�سلطات‪ ،‬فهي املُ ْك ِ�سب لل�شرعية‪ ،‬وهي املج�سد‬ ‫للمرجعية‪َ ،‬‬ ‫واحل َكم بني البدائل‪ .‬ومن هذا ي�صبح اتفاق‬ ‫احلاكمية ال تنفي �أن يكون للب�شر قدر من الت�شريع �أذن به‬ ‫الأمة �أو �إجماعها‪ ،‬هو امل�صدر الرئي�سي لإق��رار املبادئ‬ ‫اهلل لهم‪� .‬إمنا هي متنع �أن يكون لهم ا�ستقالل بالت�شريع العامة‪.‬‬ ‫غري م�أذون به من اهلل‪ ،‬وذلك مثل الت�شريع الديني املح�ض‬ ‫وي��رك��ز ح��زب ال��و��س��ط يف م�صر على تفعيل امل��ادة‬ ‫كالت�شريع يف �أم��ر العبادات‪ ،‬والت�شريع يف �أم��ر احلالل‬ ‫واحل��رام‪ ،‬والت�شريع فيما ي�صادم الن�صو�ص ال�صحيحة الثانية من الد�ستور امل�صري والتي “ت�ضمن املرجعية‬ ‫ال�صريحة‪� ،‬أم��ا فيما ع��دا ذل��ك فمن حق امل�سلمني �أن العامة للدولة بالإ�سالم وللت�شريع يف مبادئ ال�شريعة‬ ‫الإ�سالمية”(‪.)5‬‬ ‫ي�شرعوا لأنف�سهم”(‪.)2‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪33‬‬


‫�أما حزب العدالة والتنمية املغربي‪ ،‬ف�إنه يتحدث عن �أر�شح نف�سي جلولة مقبلة‪.)9(”.... ،‬‬ ‫“�ضرورة �إنطالق �أي �إ�صالح �سيا�سي من �أ�صالتنا الدينية‬ ‫وال ب ّد من وقفة ت�أمل واعية ن�ستعر�ض فيها املرتكزات‬ ‫والتاريخية وخ�صو�صيتنا الثقافية‪ ،‬كما �أن �إ�سالمية الدولة‬ ‫التي ي�ؤكد عليها الد�ستور ت�ستوجب انطالق جميع براجمنا التالية‪:‬‬ ‫و�سيا�ساتنا من املرجعية الإ�سالمية”(‪.)6‬‬ ‫�أ‪�-‬إن احلاكمية العليا هلل وه��و ‪�-‬سبحانه– ال��ذي �أعطى‬ ‫الإن�سان م�س�ؤولية فهم الن�ص وتنزيله على �أر�ض الواقع‪،‬‬ ‫وال�س�ؤال �إذا كانت �إ�سالمية الدولة التي ي�ؤكد عليها وت�شريع ما يلزمه فيما ال ن�ص فيه �إه�ت��دا ًء مبقا�صد‬ ‫الد�ستور ت�ستوجب �إنطالق جميع الربامج وال�سيا�سات من ال�شريعة‪.‬‬ ‫املرجعية الإ�سالمية؟ فما هي الإ�ضافة التي يقدمها حزب‬ ‫العدالة والتنمية على امل�ستوى الإ�سالمي عن غ�يره من ب‪�-‬إن الأمة هي التي تختار ما ينا�سبها‪ ،‬واحلاكم واحلكومة‬ ‫الأح��زاب؟ ثم هل �إ�سالمية الدولة “الد�ستورية” مطبقة هي وكالء عن الأمة يف ت�سيري �ش�ؤونها‪.‬‬ ‫على �أر�ض الواقع؟ ثم ماذا لو تغريت هذه املرجعية للدولة ج‪�-‬إن الواقع احلايل فيه اختالف كبري عن واقع امل�سلمني‬ ‫بفعل �صناديق االقرتاع؟‬ ‫فيما م�ضى‪ ،‬فاليوم هناك تيارات يف الأمة لها طروحاتها‬ ‫�أم��ا ح��زب الو�سط الإ��س�لام��ي يف الأردن‪ ،‬فين�ص يف ال�سيا�سية التي ال تعتمد املرجعية الإ�سالمية‪ ،‬فنحن �أمام‬ ‫مرتكزاته على �أن “الإ�سالم قانون احلياة الإن�سانية التي واقع �شائك ومعقد وال بد من فقه جديد للتعامل معه‬ ‫ال ت�ستقيم �ش�ؤونها �إال به‪ ،‬فكما �أن اهلل قد خلق الإن�سان يف مرتكز على �أ�صول الت�صور الإ�سالمي ومتعمق يف فهم‬ ‫�أح�سن تقومي فقد �أنزل له �شريعة ت�ضبط له حياته على �أرفع هذا الواقع اجلديد‪.‬‬ ‫و�أجمل �صورة”(‪.)7‬‬ ‫د‪�-‬إن التيار الإ�سالمي مطالب ب��أن يبني للأمة �أف�ضلية‬ ‫«والأم� ��ة م�صدر ال�سلطات‪ ،‬وك��ل م�ؤ�س�سات ال��دول��ة اخليار الإ�سالمي ويقنعها بجدواه براجم ًا وخطط ًا‪.‬‬ ‫واحلكم‪ ،‬وكل القوانني والأنظمة والت�شريعات‪ ،‬يجب �أن هـ‪�-‬إذا مل تقنع غالبية الأمة بطروحات التيار الإ�سالمي‪،‬‬ ‫تنبثق عن �إرادة الأمة احلرة‪ ،‬وعندما ننادي ب�إحياء الأمة فلرياجع نف�سه لأنه مل يح�سن عر�ض ب�ضاعته النف�سية‬ ‫واملجتمع بنظم الإ��س�لام وهديه ويكون ه��ذا خيار الأم��ة‬ ‫وقرارها ي�صبح دور ال�سيا�سي وامل�شرع تنفيذ �إرادتها بتقنني امل�ستمدة من الإ�سالم‪ ،‬وعليه �إعادة ح�ساباته وحماوالته‬ ‫من جديد‪.‬‬ ‫احلياة على هدى الإ�سالم وت�شريعاته”(‪.)8‬‬ ‫ويف حني تطرح حركة النه�ضة يف تون�س �أن الأمة م�صدر‬ ‫ال�سلطات‪ ،‬و�أن املرجعية العليا هي لل�شريعة يكون زعيمها‬ ‫را�شد الغنو�شي يف غاية الو�ضوح �إذ يقول “�إذا ما ُطرِ حت‬ ‫�أنا وبرناجمي وحركتي “و�إ�سالمي” على ال�شعب التون�سي‬ ‫ورف�ضني‪ .‬ماذا �ستكون النتيجة؟ �س�أن�سحب بكل روح ريا�ضية‬ ‫و�س�أ�ست�أنف املعركة يف ال�سنوات املقبلة ممار�س ًا عملية‬ ‫الإقناع‪� .‬س�أعر�ض نف�سي‪ ،‬ف�إذا ما ُر ِف ْ�ض ُت �س�أ�ست�أنف و�سائل‬ ‫الإقناع املعروفة‪� .‬إذا كنت �أ�ؤم��ن �أن ال�شريعة الإ�سالمية‬ ‫ينبغي �أن تطبق بحذافريها من جهة‪ ،‬و�أ�ؤمن بالدميقراطية‬ ‫فال تناق�ض‪ ،‬لأين �أريد �أن �أقدم قناعاتي لل�شعب حتى يقبلها‬ ‫�أو يرف�ضها‪ ،‬ف�إذا رف�ضها ان�سحبت �إلى املعار�ضة‪ ،‬ومار�ست‬ ‫و�سائل الإقناع الأخرى التي هي الرتبية والتكوين والإعالم‬ ‫والتوجيه والتعليم‪ ،‬ثم عندما �أُ ِح�س �أن ال�شعب قد اقتنع‬ ‫‪� 34‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫و‪-‬ال ي�صح يف حال من الأحوال فر�ض اخليار الإ�سالمي‬ ‫على النا�س دون ر�ضاهم‪ ،‬ف��اهلل ق��د منح الإن�سان‬ ‫حرية االختيار حتى ي�ؤمن ب��وج��وده �سبحانه فكيف‬ ‫مبا هو �أدنى من ذلك؟! ولي�س دور الدعاة �إال البيان‪.‬‬ ‫وهذه م�س�ألة يجب �أن تواجهها احلركات الإ�سالمية‬ ‫مبنتهى العمق وال�شفافية‪ ،‬حيث �أن الو�سطية تقت�ضي‬ ‫�إقامة العدل يف امل�س�ألة‪ ،‬و�ضبط �إيقاع احلركة بحيث‬ ‫يحافظ على البو�صلة الهادية‪� ،‬إذ �أن احلاكمية العليا‬ ‫هي هلل وح��ده وال ي�صح �أن ينازعه فيها �أح��د‪ ،‬ودور‬ ‫احل��رك��ات الإ�سالمية هو التعليم والتذكري وتقدمي‬ ‫الربامج واخلطط التي يقتنع النا�س بجدواها كي‬ ‫تن�صلح حياتهم بالإ�سالم‪.‬‬


‫يف مبد�أ املواطنة‬ ‫م��ا ه��و امل��وق��ف م��ن �أت �ب��اع ال��دي��ان��ات الأخ ��رى يف حال‬ ‫و�صول الإ�سالميني �إلى ال�سلطة؟ هل هم �أهل ذمة؟ �أم هم‬ ‫مواطنون كاملوا املواطنة‪� ،‬شركاء يف بناء الوطن والأمة؟‬ ‫من �أجل بيان هذا الأمر ال بد من الرجوع �إلى �أول د�ستور‬ ‫مكتوب يف الإ�سالم‪ ،‬عقده �صلى اهلل عليه و�سلم يف �أوائل‬ ‫العهد املدين وهو وثيقة املدينة‪:‬‬ ‫(ب�سم اهلل الرحمن الرحيم ‪ ،‬ه��ذا كتاب من حممد‬ ‫النبي “ر�سول اهلل” بني امل�ؤمنني وامل�سلمني من قري�ش‬ ‫و�أهل يرثب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم �أنهم �أمة‬ ‫واحدة من دون النا�س …)ثم تعدد الوثيقة قبائل امل�سلمني‬ ‫وع�شائرهم وت�صل �إلى اليهود ( و�أنه من تبعنا من اليهود‬ ‫ف�إن له الن�صر والأ�سوة‪ .‬غري مظلومني وال متنا�صر عليهم‬ ‫‪ ....‬و�أن��ه ال يجري م�شرك ما ًال لقري�ش وال نف�س ًا وال يحول‬ ‫دونه على م�ؤمن ‪ ....‬و�أنكم مهما اختلفتم فيه من �شيء ف�إن‬ ‫مرده �إلى اهلل و�إلى حممد‪ ،‬و�أن اليهود ينفقون مع امل�ؤمنني‬

‫ما داموا حماربني‪ ،‬و�أن يهود بني عوف �أمة مع امل�ؤمنني‪،‬‬ ‫لليهود دينهم وللم�سلمني دينهم‪ ،‬مواليهم و�أنف�سهم �إال من‬ ‫ظلم و�أثم‪ ،‬فاته ال يوتغ �إال نف�سه و�أهل بيته ) ثم تعدد الوثيقة‬ ‫بطون اليهود(و�أن لهم ما ليهود بني عوف‪).‬ثم تذكر(و�أنه‬ ‫ما كان بني �أهل هذه ال�صحيفة من َح َد ٍث‪� ،‬أو ِ�شجا ٍر ُيخاف‬ ‫ف�ساده‪ ،‬ف�إن مرده �إلى اهلل و�إلى حممد ر�سول اهلل �صلى اهلل‬ ‫عليه و�سلم و�أن اهلل على اتقى ما يف هذه ال�صحيفة و�أبره‪،‬‬ ‫و�أنه ال تجُ ار قري�ش وال من ن�صرها‪ ،‬و�أن بينهم الن�صر على‬ ‫من َد َهم يرثب) (‪.)10‬‬ ‫جتعل ه��ذه الوثيقة غري امل�سلمني املقيمني يف الدولة‬ ‫مواطنني فيها‪ ،‬لهم مثل ما للم�سلمني وعليهم مثل ما عليهم‪،‬‬ ‫طاملا �أنهم داخلون �ضمن النظام العام للدولة‪ ،‬وقد جاءت‬ ‫التوجيهات النبوية الكرمية –مع هذه الوثيقة– لتعطي‬ ‫الت�صور ال�شمويل ملوقع غري امل�سلمني يف الدولة‪“ :‬من �آذى‬ ‫ذمي ًا فقد �آذاين‪ ،‬ومن �آذاين فقد �آذى اهلل”‪ “ .‬من �آذى‬ ‫ذمي ًا ف�أنا خ�صمه‪ ،‬ومن كنت خ�صمه خ�صمته يوم القيامة»‪.‬‬ ‫وعهد النبي �صلى اهلل عليه و�سلم مع �أهل جنران جدير‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪35‬‬


‫وبعد هذا اال�ستعرا�ض ملوقع غري امل�سلمني يف الدولة‬ ‫بالتدبر �إذ جاء فيه “ولنجران وحا�شيتها جوار اهلل وذمة‬ ‫حممد النبي ر�سول اهلل على �أموالهم و�أنف�سهم و�أر�ضهم الإ�سالمية‪ ...‬ماذا تقدم احلركات الإ�سالمية اليوم يف‬ ‫وملتهم وغائبهم و�شاهدهم‪ ....‬وال يط�أ �أر�ضهم جي�ش‪،‬‬ ‫هذا ال�ش�أن؟‬ ‫ومن �س�أل منهم حقهم فبينهم الن َ​َ�ص ُف غري ظاملني وال‬ ‫مظلومني‪.)11(”...‬‬ ‫عند احلديث عن الوحدة الوطنية ين�ص حزب الو�سط‬ ‫�أم��ا ال��ذم��ة فهي يف اال�صطالح الفقهي “عقد م�ؤبد الإ�سالمي يف م�صر “فم�شاركة الأخوة امل�سيحيني يف الدفاع‬ ‫يت�ضمن �إقرار غري امل�سلمني على دينهم‪ ،‬ومتتعهم ب�أمان عن تراب هذا البلد الأمني‪ ،‬يعني وطن ًا واحد ًا‪ ،‬ومواطنني‬ ‫اجلماعة الإ��س�لام�ي��ة و�ضمانها ب�شرط بذلهم اجلزية‬ ‫(‪ )12‬م�سلمني وم�سيحيني‪ ،‬يتمتعون بحقوق املواطنة كاملة‪ ،‬لهم‬ ‫وقبولهم �أحكام دار الإ�سالم يف غري �ش�ؤونهم الدينية “ ‪.‬‬ ‫عني احلقوق املدنية وال�سيا�سية والقانونية‪ ....‬وعليهم عني‬ ‫كما �أن اجلزية وكما يذكر د‪ .‬حممد �سليم العوا‪“ :‬بدل االلتزامات يف �إطار من امل�ساواة الكاملة”(‪.)18‬‬ ‫عن ا�شرتاك غري امل�سلمني يف الدفاع عن دار الإ�سالم‪،‬‬ ‫ل��ذل��ك �أ�سقطها ال�صحابة وال�ت��اب�ع��ون عمن َق� ِب��ل منهم‬ ‫�أما حزب العدالة والتنمية املغربي فيتبنى �أن‪“ :‬جمال‬ ‫اال�شرتاك يف الدفاع عنها‪ ،‬فعل ذلك �سراقة بن عمرو مع‬ ‫ا�شتغال احل��زب هو املجال ال�سيا�سي‪ ،‬واالنتماء �إليه هو‬ ‫�أهل �أرمينيا �سنة ‪ 22‬هـ‪ ،‬وحبيب بن م�سلمة الفهري مع �أهل‬ ‫�أنطاكية‪ .)13(”....‬ويخل�ص د‪ .‬العوا �إل��ى نتيجة م�ؤداها �إنتماء �سيا�سي على �أ�سا�س املواطنة‪ .‬وهو ما يجعله حزباً‬ ‫“�إن غ�ير امل�سلمني م��ن املواطنني ال��ذي��ن ي� ��ؤدون واج��ب مفتوح ًا جلميع املواطنني‪ ،‬ما دام��وا ملتزمني بتوجهاته‬ ‫اجلندية‪ ،‬وي�سهمون يف حماية دار الإ�سالم ال جتب اجلزية وبراجمه ال�سيا�سية وقوانينه”(‪.)19‬‬ ‫عليهم”(‪.)14‬‬ ‫ويقف حزب الو�سط الإ�سالمي يف الأردن نف�س املوقف‬ ‫ويعر�ض لهذه احلقيقة د‪ .‬عبد العزيز كامل فيقول‬ ‫“ثم جاءت مع القرن الع�شرين �صيغة جديدة من الوجود لين�ص يف منطلقاته على ما يلي “ي�ؤمن احلزب �أن �أبناء‬ ‫الإ�سالمي‪ ،‬كان من �أهم ما متيزت به –وبخا�صة يف القطاع الوطن لهم نف�س احلقوق وعليهم نف�س الواجبات‪ .‬و�أن‬ ‫العربي– ا�شرتاك املواطنني م�سلمني وم�سيحيني يف الكفاح من حق اجلميع تويل املواقع املختلفة ح�سب الكفاءة‪ ،‬و�أن‬ ‫الوطني من �أجل اال�ستقالل”(‪.)15‬‬ ‫باب الع�ضوية يف احلزب مفتوح جلميع ابناء الوطن الذين‬ ‫وهكذا نرى �أن مفهوم املواطنة ين�سحب لي�شمل كل من ي�ؤمنون مبنطلقاته ليكونوا �أع�ضاء فاعلني فيه ي�ساهمون‬ ‫ي�شرتك يف ال��والء والن�صرة لنظام الأم��ة العام وي�ساهم يف ن�شاطاته وحتقيق �أهدافه”(‪ .)20‬وين�ص يف مرتكزات‬ ‫يف بناء املجتمع وحمايته‪ ،‬وتبقى اخل�صو�صيات الدينية‬ ‫حمرتمة للجميع ومن ِقبل اجلميع‪ .‬وي�شهد التاريخ لنا بهذا‪ ،‬خطابه “�إننا يف �سعينا لتقدمي الربامج الإ�سالمية للمجتمع‬ ‫َ‬ ‫حيث انه قد لفت نظر امل�ؤرخني الأوروبيني ظاهرة النفوذ وال�ن��ا���س‪ ،‬نلتقي فيها م��ع امل�سلم ال��ذي ي��رى فيها اخلري‬ ‫الكبري لغري امل�سلمني يف جهاز احلكم الإ��س�لام��ي وهي حلياته وحتقيق معاين تدينه‪ ،‬ونلتقي مع غري امل�سلم الذي‬ ‫ظاهرة غري م�سبوقة يف �أي ح�ضارة �أخرى‪ ،‬بقول �آدم متز‪ :‬يقتنع معنا ب�صوابها وجناعتها حلل م�شاكل احلياة”(‪.)21‬‬ ‫“من الأمور التي تعجب لها كرثة عدد العمال واملت�صرفني‬ ‫غري امل�سلمني يف الدولة الإ�سالمية‪ ،‬فك�أن الن�صارى هم‬ ‫هذه املواقف ت�شكل مناخ ًا �إيجابي ًّا يف �سبيل تعزيز وحدة‬ ‫الذين يحكمون امل�سلمني يف بالد الإ�سالم”(‪.)16‬‬ ‫العمل الوطني‪� ،‬إال �أنها بحاجة �إلى تعزيز عملي ال نرى �آثاره‬ ‫ويف تعليقه على �أو�ضاع اليهود يف الأندل�س يقول �سيمون الوا�ضحة حتى ال�ساعة‪.‬‬ ‫دينوه “لأول م��رة يتمكن ق�سم من ال�شعب اليهودي من‬ ‫التمتع بحرية الفكر”(‪.)17‬‬ ‫و�آخر دعوانا �أن احلمد هلل رب العاملنب‬ ‫‪� 36‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫الهوام�ش‬ ‫ِ‬ ‫‪ -1‬الإمام الغزايل‪ “ .‬امل�ست�صفى من علم الأ�صول‬ ‫‪ -2‬بينات احلل الإ�سالمي‪� .‬ص‪ – 177‬يو�سف القر�ضاوي‪.‬‬ ‫‪ -3‬الدميقراطية يف الإ�سالم –‪ 1971‬عبا�س العقاد‪.‬‬ ‫‪ -4‬نحو الد�ستور الإ�سالمي –�ص‪� – 132‬أبو الأعلى املودودي‪.‬‬ ‫‪� -5‬أوراق حزب الو�سط �ص‪ 17‬د‪ .‬رفيق حبيب‪.‬‬ ‫‪ -6‬حزب العدالة والتنمية – من اجل نه�ضة �شاملة “املنطلقات”‬ ‫�ص‪.2‬‬ ‫‪ -7‬حزب الو�سط الإ�سالمي – فكرة ومنهاج �ص‪.15‬‬ ‫‪ -8‬حزب الو�سط الإ�سالمي – فكرة ومنهاج �ص‪28‬‬ ‫‪ -9‬الإ�سالميون والدميقراطية – �أحمد بن يو�سف‪.‬‬ ‫‪ -10‬جمموعة الوثائق ال�سيا�سية للعهد النبوي واخلالفة الرا�شدة‬ ‫ ط‪� 5‬ص‪� -59‬ص‪ 62‬حممد حميد اهلل‪.‬‬‫‪ -11‬كتاب اخلراج �ص ‪-78‬القا�ضي �أبو يو�سف‪.‬‬ ‫‪� -12‬أحكام الذميني امل�ست�أمنني �ص‪ -22‬عبد الكرمي زيدان‪.‬‬ ‫‪ -13‬يف النظام ال�سيا�سي للدولة الإ�سالمية �ص‪ 256‬د‪ .‬حممد‬ ‫�سليم العوا‪.‬‬ ‫‪ -14‬يف النظام ال�سيا�سي للدولة الإ�سالمية �ص‪ 257‬د‪ .‬حممد‬ ‫�سليم العوا‪.‬‬ ‫‪ -15‬بحث حقوق الإن���س��ان يف الإ� �س�لام يف كتاب معاملة غري‬ ‫امل�سلمني ج‪� 1‬ص‪ 90‬م�ؤ�س�سة �آل البيت – د‪ .‬عبد العزيز كامل‪.‬‬ ‫‪ -16‬احل�ضارة الإ�سالمية يف القر�آن الرابع الهجري ج‪� 2‬ص‪.67‬‬ ‫‪ -17‬جملة االزمنة احلديثة جان بول �سارتر‪.‬‬ ‫‪� -18‬أوراق حزب الو�سط – تقدمي د‪ .‬رفيق حبيب‪.‬‬ ‫‪ -19‬من حما�ضرة لل�سيد �سعد الدين العثماين‪ /‬امني عام حزب‬ ‫العدالة والتنمية املغربي بعنوان الإ�سالم ال�سيا�سي وحتديات‬ ‫الإ�صالح وتداول ال�سلطة‪.‬‬ ‫‪ -20‬حزب الو�سط الإ�سالمي” فكرة ومنهاج” �ص‪.30‬‬ ‫‪ -21‬حزب الو�سط الإ�سالمي “فكرة ومنهاج” �ص ‪.15‬‬ ‫مراجع البحث‬ ‫�أوال‪ :‬الكتب‬ ‫ القر�آن الكرمي‪.‬‬‫‪ -‬احلديث النبوي ال�شريف‪.‬‬

‫ �أحكام الذميني وامل�ست�أمنني – عبد الكرمي زيدان‪.‬‬‫ �أوراق حزب الو�سط – م�صر ط‪ 1‬د‪ .‬رفيق حبيب‪.‬‬‫ الإ�سالم االحتجاجي يف تون�س‪ -‬ورقة بحث – مركز درا�سات‬‫الوحدة العربية – د‪ .‬حممد عبد الباقي الهرما�سي‪.‬‬ ‫ بينات احلل الإ�سالمي – م�ؤ�س�سة الر�سالة ط‪ – 1‬د‪ .‬يو�سف‬‫القر�ضاوي‪.‬‬ ‫ حزب الو�سط الإ�سالمي “ فكرة ومنهاج” ط‪ – 1‬عمان –‬‫الأردن‪.‬‬ ‫ اخلراج – القا�ضي �أبو يو�سف‪.‬‬‫ الدميقراطية يف الإ��س�لام – دار امل�ع��ارف ‪ – 1971‬عبا�س‬‫حممود العقاد‪.‬‬ ‫ ال�سيا�سة واحلكم –دار ال�ساقي ط‪– 1‬د‪ .‬ح�سن الرتابي‪.‬‬‫ ال�صحوة الدينية الإ�سالمية‪ -‬ورق��ة بحث‪ /‬مركز درا�سات‬‫الوحدة العربية‪ -‬د‪ .‬م�صطف الفياليل‪.‬‬ ‫ يف النظام ال�سيا�سي للدولة الإ�سالمية – دار ال�شروق – ط‪1‬‬‫– د‪.‬حممد �سليم العوا‪.‬‬ ‫ جمموع الفتاوى – تقي الدين �أحمد بن تيمية‪.‬‬‫ جمموعة الوثائق ال�سيا�سية للعهد النبوي واخلالفة الرا�شدة –‬‫دار النفائ�س ط‪ – 5‬حممد حميد اهلل‪.‬‬ ‫ معاملة غري امل�سلمني يف الإ��س�لام‪ /‬بحث حقوق الإن�سان يف‬‫الإ�سالم –م�ؤ�س�سة �آل البيت –د‪ .‬عبد العزيز كامل‪.‬‬ ‫ امل�ست�صفى من علم الأ��ص��ول – دار �صادر ب�يروت‪ -‬الإم��ام‬‫الغزايل‪.‬‬ ‫ من �أجل نه�ضة �شاملة “ املنطلقات” حزب العدالة والتنمية‬‫–املغرب‪.‬‬ ‫ املوافقات –�أبو �إ�سحاق ال�شاطبي‪.‬‬‫ نحو الد�ستور الإ�سالمي – القاهرة املطبعة ال�سلفية – �أبو‬‫الأعلى املودودي‪.‬‬ ‫ نور اليقني يف �سرية �سيد املر�سلني – م�ؤ�س�سة علوم القر�آن‬‫ط‪ -3‬ال�شيخ حممد اخل�ضري‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الدوريات واملجالت واملحا�ضرات‬ ‫ جريدة احلياة ‪ – 1993 /1 /14‬الإ�سالميون والدميقراطية‬‫– احمد بن يو�سف‪.‬‬ ‫ حما�ضرة �سعد الدين العثماين‪ /‬الإ�سالم ال�سيا�سي وحتديات‬‫الإ��ص�لاح وت��داول ال�سلطة‪� ،‬ألقيت خ�لال م�ؤمتر الأح��زاب‬ ‫ال�سيا�سية يف العامل العربي‪ /.‬الواقع الراهن و�آفاق امل�ستقبل‬ ‫يف عمان ‪ 13 -12‬حزيران ‪.2004‬‬ ‫‪ -‬جملة الأزمنة احلديثة العدد ‪ – 225‬جان بول �سارتر‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪37‬‬


‫دراسات الوسطية‬

‫مقومات القيادة الإدارية الرتبوي‬ ‫يف �ضوء الفكر الإ�سالمي‬ ‫اجلزء (‪)1‬‬

‫لقد كنت يف حوار مع �صديقٍ يل عن مقومات االدارة‬ ‫الرتبوية يف الفكر الرتبوي احلديث فكان حديثنا عن‬ ‫وظائف االدارة اذ ان جميع الكتب التي كتبت عن االدارة‬ ‫والقيادة يف الع�صر احلديث ت�سمي مقومات االدارة على‬ ‫�أنها وظائف االدارة ‪ .‬فقلت له ‪ :‬يا �صديقي ال�صحيح‬ ‫�أن ت�سمى مقومات االدارة ‪ ،‬ولي�س وظائف االدارة الن‬ ‫التخطيط او التوجيه او التقومي ؛ لي�ست وظائف ‪،‬وامنا‬ ‫هي مقومات ؛اذ ان يف التخطيط وظائف ومراحل فلم‬ ‫يقتنع �صديقي بكالمي ‪.‬فقال ‪ :‬كيف اقتنع وكل كتب االدارة‬ ‫ت�سمي املقومات التي نتحدث عنها بانها وظائف ‪ .‬فقلت له‬ ‫‪ :‬ان هذه ترجمة خاطئة عن اللغة االجنليزي التي عرفت‬ ‫ه��ذه املقومات بالوظائف ‪ .‬فقلت ل��ه ‪ :‬ا�ضرب لك اً‬ ‫مثال‬ ‫هذه الطاولة التي ن�ستخدمها لعدة اغرا�ض اذ نكتب عليها‬ ‫�أو ن�ضع عليها الطعام �أو ن�ضع عليها تلفاز ًا اوغري ذلك ‪،‬‬ ‫لكن ما هي مقوماتها انظر اخي العزيز ‪ .‬انها تقوم على‬ ‫�أربعة �أرجل او قد يكون اقل من ذلك ‪،‬ولها �سطح‪ ،‬كذلك‬ ‫االدارة لها مقومات وهي ‪ :‬التخطيط ‪ ،‬والتنظيم ‪،‬والتوجيه‬ ‫‪ ،‬والرقابة ‪ ،‬والتقومي ‪.‬ولكل مقوم من هذه املقومات عنا�صر‬ ‫ووظائف ‪ .‬عندها اجابني �صديقي االن و�ضحت الفكرة يف‬ ‫ذهني ‪ .‬نعم انها مقومات‪ ،‬ولي�ست وظائف ‪ .‬بعدها �س�ألني‬ ‫�صديقي بعد ان و�ضح املعنى يف ذهنه ‪.‬‬ ‫‪� 38‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫�إعداد الدكتور‪ :‬زهاء الدين‬ ‫�أحمد عبيدات‬

‫مدير مركز الدرا�سات واالبحاث‬ ‫والتدريب يف املنتدى العاملي للو�سطية‬ ‫هل يوجد يف اال�سالم مقومات ل�لادارة ب�شكل عام واالدارة‬ ‫الرتبوية ب�شكل خا�ص ؟ قلت له نعم ‪.‬و�سيكون بحثي اجابة عن‬ ‫هذا ال�س�ؤال املهم وعليه فانني �س�أحتدث يف هذا اجلزء عن ثالثة‬ ‫مقومات هي ‪ :‬التخطيط ‪ ،‬والتنظيم ‪ ،‬والتوجيه ‪ ،‬ويف اجلزء الثاين‬ ‫�سيكون حديثي ان ‪� -‬شاء اهلل – عن اجلزء الثاين الذي �سيت�ضمن‬ ‫مقوم الرقابة ومقوم التقومي ‪:‬‬ ‫(ان العملية الإدارية هي‪ :‬ن�شاط توجيه اجلهود الب�شرية؛‬ ‫لتحقيق جمموعة �أه��داف‪ ،‬وفق �أ�سلوب �أو �أ�ساليب ت�شبع‬ ‫�أغرا�ض ًا حمددة من حتقيق هذه الأه��داف‪ ،‬وهذه العملية‬ ‫متر بعدة مراحل �أو وظائف قام بتحليلها �أ�ستاذ الإدارة‬ ‫الرتبوية (‪� )sears‬إلى عدة عنا�صر رئي�سة هي‪ :‬التخطيط‪،‬‬ ‫والتنظيم‪ ،‬والتوجيه‪ ،‬والتن�سيق والرقابة‪.‬‬


‫وي�شري (�سريز) �إلى �أنه ت�أثر يف تفكريه ب�آراء من �سبقوه الإداري ��ة الرتبوية �أه��داف�ه��ا‪ ،‬وه��ذا ال يعني ع��دم �أهمية‬ ‫من علماء الإدارة احلكومية‪ ،‬والإدارة العامة وال�صناعية املقومات الأخ��رى‪ ،‬بل هي جزء ال يتجز�أ من ذلك بل قد‬ ‫مبا فيهم (فريدريك تايلور ) وغريهم حيث �أن (�سريز) ندمج بع�ضها يف بع�ض لتكمل بع�ضها بع�ض ًا‪.‬‬ ‫ق�سم مقومات القيادة الإداري��ة �إل��ى عنا�صرها اخلم�س‬ ‫وان هذه املقومات التي �سوف يناق�شها الباحث هي‪:‬‬ ‫بالطريقة نف�سها التي ق�سم بها (فايول) مراحل العملية‬ ‫الإدارية عدا عن�صر (التوجيه) الذي ي�سميه فايول الأمر)‬ ‫‪ -1‬التخطيط ‪ -2‬التنظيم ‪ -3‬التوجيه ‪ -4‬الرقابة‬ ‫(‪� :1‬ص ‪.)135‬‬ ‫‪ -5‬التقومي‬ ‫ومب��ا �أن ه�ن��اك مهمات للقيادة الإداري� ��ة الرتبوية‬ ‫وه��ذه املقومات مت�شابكة ومتداخلة يف بع�ضها‪ ،‬بل‬ ‫الإ�سالمية يف جم��ال القيم والإجت��اه��ات وال�سلوك‪ ،‬لذا كل عملية ت�ضم العمليات الأخ��رى‪ ،‬فالقائد الإداري وهو‬ ‫ن�س�أل ال�س�ؤال الآتي‪ :‬هل عرف الإ�سالم مقومات القيادة يخطط‪� ،‬أو ي�ضع اخلطة لعمله‪ ،‬ف�إنه َ‬ ‫ويوجه ويراقب‬ ‫ينظم َ‬ ‫الإدارية الرتبوية الرئي�سية؟‬ ‫وي �ق � ّوم‪ ،‬وباملثل يف عملية التنظيم والتوجيه والرقابة‬ ‫( ومن احلقائق التي نود �أن نقررها يف هذا املجال هو والتقومي‪.‬‬ ‫�أن الإ�سالم يف فكره القيادي الإداري والعملي‪ ،‬قد عرف‬ ‫كذلك ف��إن من هذه املقومات ما هو �سابق للتنفيذ‪،‬‬ ‫وبحث وتطرق �إلى تلك املقومات املتعارف عليها يف الفكر‬ ‫الإداري احلديث‪ ،‬بل قد طبقت تلك املقومات يف احلياة ومنها املُ�ساير له خطوة خطوة‪ ،‬ومنها ما هو الحق‪ ،‬فمث ًال‬ ‫التخطيط والتنظيم عمليتان ت�سبقان التنفيذ‪� ،‬أما التوجيه‬ ‫العملية لإدارة الدولة الإ�سالمية)‪� :6( .‬ص ‪.)168‬‬ ‫فعملية ت�ساير لعملية القيادية الإدارية للطريق ال�صحيح‪.‬‬ ‫وحديثنا ال�ق��ادم ح��ول املقومات الإداري ��ة يف الإدارة‬ ‫�أما الرقابة فقد تتم �أثناء �سري العملية باملراقبة لل�سري‬ ‫الإ�سالمية‪� ،‬سوف يثبت ان �شاء اهلل تعالى �صحة هذا‬ ‫ال�ت�ق��ري��ر‪ ،‬وه ��ذا ال�ت��أك�ي��د على وج ��ود الفكر والتطبيق ال�صحيح نحو حتقيق الأهداف‪ ،‬والتقومي يتم بعد العملية‬ ‫للمقومات الإداري��ة �أو وظائف الإدارة �أو مبادئها كما هو مبعرفة واكت�شاف الأخطاء‪ ،‬والإبتعاد عنها لتفاديها يف‬ ‫اخلطط امل�ستقبلية‪.‬‬ ‫معروف ومدرو�س يف الفكر احلديث‪.‬‬ ‫و�سوف يتناول الباحث كل عملية من مقومات القيادة‬ ‫( ويف الواقع �أن دار�سي الإدارة يتفقون جميع ًا على �أن‬ ‫املقومات الإدارية ميكن درا�ستها نظري ًا يف �أربع مقومات الإدارية الرتبوية يف الإ�سالم ب�شيء من ال�شرح والتحليل‪.‬‬ ‫رئي�سية هي‪ :‬التخطيط‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتوجيه‪ ،‬والتقومي)‪.‬‬ ‫�أو ًال‪ :‬التخطيط‪:‬‬ ‫(‪� :1‬ص‪.)135‬‬ ‫يقول ( فايول )‪ :‬ان التخطيط يف الواقع ي�شمل التنب�ؤ‬ ‫( وبع�ضهم ي�ضيف �إل��ى العنا�صر الأرب �ع��ة عن�صر ًا مبا �سيكون عليه امل�ستقبل مع الإ�ستعداد لهذا امل�ستقبل)‪.‬‬ ‫خام�س ًا وهو‪ :‬الرقابة‪� ،‬إذ يرى (هرني فايول الفرن�سي) (‪� :1‬ص‪.)137‬‬ ‫ب�أنها التنب�ؤ‪ ،‬والتخطيط ‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬وا�صدار الأوام��ر‪،‬‬ ‫ومن امل�س َلم به �أن التخطيط هو �أحد املقومات الرئي�سة‬ ‫والتن�سيق‪ ،‬والرقابة)‪� :11( .‬ص‪.)61‬‬ ‫يف الإدارة‪ ،‬فالقائد الإداري ال�ترب��وي ه��و يف الأ��ص��ل‬ ‫( وم�ن�ه��م م��ن ي ��رى �أن الإدارة ال �ع��ام��ة والإدارة خمطط؛ لأنه يتخذ ق��رارات ت�ؤثر على م�ستقبل امل�ؤ�س�سة‬ ‫الرتبوية والإدارة املدر�سية‪ ،‬ت�شرتك يف ع��دة مقومات الرتبوية التي ينتمي �إليها‪ ،‬والتخطيط بهذا املعنى ي�سبق‬ ‫هي‪ :‬التخطيط‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتن�سيق والتوجيه واملتابعة �أي عمل تنفيذي‪ ،‬ويحدد الأعمال التي يجب القيام بها يف‬ ‫امل�ستقبل بالكيفية والوقت املالئمني لتنفيذها‪ ،‬وانطالق َا‬ ‫والتقومي)‪� :5(.‬ص‪.)5‬‬ ‫من هذا املفهوم‪ ،‬ف�إن للتخطيط عالقة مبا�شرة بعن�صرين‬ ‫وعلى ه��ذا فالباحث �سوف يناف�ش بع�ض املقومات رئي�سيني الأول ه��و‪ :‬امل�ستقبل‪ ،‬والثاين ه��و‪ :‬العالقة بني‬ ‫الهامة التي ي��رى �أن��ه بدونها ال ميكن �أن حتقق القيادة الأهداف والطرق امل�ستخدمة لتحقيق هذه الأهداف‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪39‬‬


‫وللنجاح يف عملية التخطيط‪ ،‬يجب الأهتمام بنوعية عن التخطيط يف جميع جم��االت العملية الرتبوية‪ ،‬من‬ ‫الأفراد الذين يقومون بهذه املهمة‪ ،‬فيجب �أن يكون لديهم التلميذ �إل��ى اخل��دم��ات والأن�شطة التعليمية والطالبية‪،‬‬ ‫خربة طويلة يف العمل الإداري الرتبوي‪ ،‬وكذلك القدرة على واملناهج والإمتحانات والدوام املدر�سي‪.‬‬ ‫احل�صول على املعلومات ال�ضرورية من الأفراد العاملني يف‬ ‫ثانياً‪ :‬التنظيم‪:‬‬ ‫م�ؤ�س�ستهم الرتبوية؛ ال�ستخدامها يف و�ضع خطط تتطابق‬ ‫مع حاجة امل�ؤ�س�سة وظروفها‪.‬‬ ‫يعرف التنظيم ب�شكل عاما ب��أن��ه‪( :‬الرتتيب وو�ضع‬ ‫( وعلى هذا ف�إن القائد الرتبوي امل�سلم يكون قد عرف الأ�شخا�ص والأ�شياء يف الأماكن التي ت�صلح فيها للعمل‬ ‫التخطيط لأن اهلل تبارك وتعالى قد وجهه �إل��ى ذلك يف والإنتاج)(‪� :6‬ص ‪.)95‬‬ ‫�آيات كثرية منها‪ ،‬قوله تعالى‪:‬‬ ‫والتنظيم ه��و العملية الثانية م��ن مقومات القيادة‬ ‫َاك اللهَّ ُ الدار ْال ِآخر َة و اَل َتنْ�س ن َِ�صيب َك الإداري ��ة الرتبوية‪ ،‬وه��و يعني توزيع الأع�م��ال والأن�شطة‬ ‫}واب َتغ ِفيما �آت َ‬ ‫َّ‬ ‫ِم َن ال َد ْن ْيا ِ و�أَح َ ِ�س ْن َكما �أَح�س َن ا َللهَّ ُ ِ�إ َلي َك وَ اَل َتبغ َا ْلفَ�ساد َ فيِ املختلفة بني العاملني داخل امل�ؤ�س�سة الرتبوية كل يف جمال‬ ‫ْ َ ِْ َ َ‬ ‫ُّ َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫تخ�ص�صه‪ ،‬بل يعمل من �أج��ل و�ضع الرجل املنا�سب يف‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫ين{(الق�ص�ص‪� :‬آية ‪.)٧٧‬‬ ‫ْأ‬ ‫الَ ْر ِ�ض �إِ َّن ا اَل ُي ِح ُّب المْ ُف ِْ�س ِد َ‬ ‫املكان املنا�سب‪ ،‬والتنظيم عبارة عن عمل جماعي م�ستمر‬ ‫انه توجيه رباين للتخطيط يف هذه الدنيا ملقابلة م�صري يتم عن وعي وادراك‪ ،‬لتن�سيق �أوجه الن�شاط الب�شري يف‬ ‫ا�ست َ​َط ْعتُم ِّمن ُق َّو ٍة جمال معني من �أجل حتقيق الأهداف املحددة‪.‬‬ ‫الآخ��رة وقال تعالى‪َ } :‬و�أَ ِع � ُّدوا َل ُهم َّما ْ‬ ‫َو ِمن ِّر َب ِ‬ ‫ين‬ ‫اط الخْ َ ْيلِ ُت ْر ِه ُب َ‬ ‫ون ِب ِه َع ُد َّو اللهَّ ِ َو َع ُد َّو ُك ْم َو�آخَ رِ َ‬ ‫وعند توزيع ال�صالحيات والأعمال بني العاملني داخل‬ ‫ُ‬ ‫للهَّ‬ ‫ِمن ُدو ِنهِ ْم اَل َت ْع َل ُمو َن ُه ُم ا َي ْع َل ُم ُه ْم َو َما تُن ِفقُوا ِمن �شَ ْي ٍء‬ ‫‪ .)60‬امل�ؤ�س�سة الرتبوية كل ح�سب تخ�ص�صه‪ ،‬ف�إن ذلك ي�ؤدي �إلى‬ ‫ون{(الأنفال ‪� :‬آية‬ ‫فيِ َ�سبِيلِ اللهَّ ِ ُي َو َّف �إِ َل ْي ُك ْم َو�أَنت ُْم اَل ت ُْظ َل ُم َ‬ ‫ٍ‬ ‫�صحيح بعيد عن الإرب��اك وتعطل م�صالح الآخرين‪،‬‬ ‫�س ٍري‬ ‫ٍ‬ ‫ويف هذه الآية الكرمية دعوة للقيادة الإداري��ة الرتبوية بل يزيد من انتاجية العاملني‪ ،‬ويك�شف الأخطاء ونواحي‬ ‫الإ�سالمية‪ ،‬بالعمل والتخطيط‪ ،‬والإ�ستعداد ملواجهة �أمر الق�صور‪ ،‬ومعرفة �أ�سباب ذلك ملعاجلتها‪.‬‬ ‫م�ستقبلي قد يحدث ل��دار الإ��س�لام‪ ،‬و�أم�ن��ه‪ ،‬وال�ق��وة‪ ،‬هنا‬ ‫(وان التنظيم اجليد ي�ساعد على حتقيق الأه��داف‬ ‫تفهم مبفهوم الع�صر‪ ،‬فقد تفهم بالقوة البدنية‪ ،‬وذلك‬ ‫ببناء الرجال الأ�شداء الأقوياء يف �إميانهم‪ ،‬و�أبدانهم‪ ،‬وقوة العامة للإدارة الرتبوية‪ ،‬واحل�صول على �أح�سن كفاية يف‬ ‫ال�سالح‪ ،‬بكل �أنواعه‪ ،‬وح�سبما ت�صنع امل�صانع من �أن��واع الأداء‪ ،‬و�ضمان �سري العمليات الإدارية الرتبوية الأخرى يف‬ ‫الأ�سلحة حتى القوة والطاقة الذرية‪ ،‬وذلك ببناء امل�صانع �سهولة وي�سر)(‪� :1‬ص‪.)171‬‬ ‫النووية الإ�سالمية‪ ،‬وحمايتها م��ن �ضرب الأع ��داء لها؛‬ ‫والتنظيم �أو عدمه موهبة �أو غريزة يهبها اهلل ملخلوقاته‪،‬‬ ‫وذلك كله الرهاب عدو اهلل و�أعداء الإن�سانية وحماية �أمن �إذ جندها يف الإن�سان واحليوان و�سائر املخلوقات‪ .‬ففي‬ ‫امل�سلمني‪ ،‬ويف �آية (و�أعدوا لهم ) مفهوم التخطيط الطويل الب�شر ميكن لكل واح��د منا ان يالحظ على م��ن حوله‬ ‫الأجل الذي يجب �أن ت�أخذ به الدولة الإ�سالمية وادارتها اال�ستعداد الفطري للتنظيم �أو عدمه‪ ،‬وذل��ك مبالحظة‬ ‫احلكيمة حتى حتمي �شوكة وبي�ضة الإ�سالم) (‪� :6‬ص‪ .)137‬و�ضع الأ�شخا�ص وتنظيم حياتهم �أو عدم التنظيم الذي‬ ‫ان ما قام به �سيدنا ابراهيم –عليه ال�سالم‪ -‬ون�سله من يقابله الفو�ضى‪.‬‬ ‫بناء للكعبة‪ ،‬وما قام به �سيدنا يو�سف –عليه ال�سالم‪ -‬من‬ ‫ومع ذلك فالتنظيم ميكن �أن ينمي ويعتاد عليه املوظف‪.‬‬ ‫تخطيط وتنظيم و�أعمال اداري��ة فذَ ة لدى فرعون م�صر‪ ،‬ويف عامل احليوان وغريه �أمثلة ناطقة على قدرة اهلل تبارك‬ ‫كذلك مرحلة التخطيط لقيام وبناء الدولة الإ�سالمية‪ ،‬وما وتعالى على منح غريزة التنظيم لهذه الكائنات حتى‬ ‫قام به الر�سول حممد –عليه ال�سالم‪ -‬من تخطيط للهجرة‪ ،‬تعي�ش‪ ،‬وكذلك الطيور وتنظيم �أكلها وهجرتها من بلد �إلى‬ ‫�آخر‪ ،‬بل من مو�سم �إلى مو�سم؛ لطلب الرزق ب�شكل منظم؛‬ ‫واعداد للمعارك والغزوات يدخل �ضمن هذه العملية‪.‬‬ ‫�إذ تظري على �شكل هرم‪ ،‬تتقدمه القيادة ثم يكرب ال�شكل‬ ‫والقائمون على الرتبية والتعليم ال ي�ستطيعون الإ�ستغناء ليظهر ب�شكل هرم‪.‬‬

‫‪� 40‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫وانظر للمملكة املنظمة يف ع��امل احل�شرات (مملكة‬ ‫ال�ن�ح��ل) وم��ا �أع�ط��اه��ا اهلل م��ن ق��دره عجيبة يف تنظيم‬ ‫حياتها �سواء يف التعامل �أو التعاون �أو الإنتاج‪ ،‬فلنقر�أ عن‬ ‫هذا املخلوق العجيب الذي يعجز الب�شر العقالء عن قدرة‬ ‫التنظيم املوجودة عنده‪.‬‬

‫ومن خالل املثال ال�سابق عن الهجرة يرى القائد الإداري‬ ‫الرتبوي امل�سلم فيه درو�سا جليلة يف مو�ضوع التنظيم من‬ ‫البداية حتى النهاية‪ .‬ومل يكن للفو�ضى واالرجتال مكان يف‬ ‫عملية الهجرة‪ ،‬بل تنظيم وتن�سيق وترتيب واحتياط كامل‬ ‫لكل حادث وحديث‪.‬‬

‫�أما تطبيق التنظيم يف الإ�سالم‪ ،‬فلي�س �أدل على ذلك اال‬ ‫ما عمله القائد العظيم حممد – �صلى اهلل عليه و�سلم – يف‬ ‫الهجرة النبوية من مكة �إلى املدينة املنورة‪ ،‬اذ ميثل غاية‬ ‫التنظيم والتن�سيق‪ ،‬فعندما �أمر اهلل بالهجرة على ل�سان‬ ‫جربيل‪:‬‬

‫ومن الأمثلة الأخرى على التنظيم يف الفكر الإ�سالمي‪،‬‬ ‫ال�صالة‪ ،‬وم��ا يتبعها م��ن مقدمات وعمليات تتم قبلها‬ ‫و�أثناءها وبعدها‪ .‬فامل�سلم ي�ستعد لل�صالة املفرو�ضة خم�س‬ ‫مرات – غري النوافل وال�سنن – ُت ��ؤ َدي يف �أوق��ات حمددة‬ ‫ال�صلاَ َة َكان َْت َع َلى المْ ُ�ؤ ِْم ِن َني ِكتَا ًبا‬ ‫كما قال تعالى ‪�} :‬إِ َّن َّ‬ ‫َم ْو ُقوتًا{( الن�ساء �آية‪.)103 :‬‬

‫فما كان منه – عليه ال�سالم – اال �أن �أمر عل َيا – ر�ضي‬ ‫اهلل عنه – ب�أن ينام مكانه بعد �أن اطم�أن �أنه لن يخل�ص‬ ‫�إليه �سوء‪ ،‬وقام بالرتتيبات والتنظيمات الالزمة واخلا�صة‬ ‫بالرحلة امليمونة‪ ،‬ومن تلك الرتتيبات والتنظيمات ما يلي‪:‬‬

‫ويف كل �صالة ينظم امل�سلم نف�سه باال�ستعداد للو�ضوء‪،‬‬ ‫الذي هو يف حد ذاته ا�سلوب نظام‪ ،‬حيث الرتتيب واملواالة‬ ‫يف الو�ضوء‪ ،‬ثم االنتظام يف ال�صالة اجلامعة يف �صف‬ ‫واحد‪ ،‬فال يخرج �أحد عن ت�سوية ال�صف‪ ،‬وال متابعة الإمام‬ ‫حتى يخرج من ال�صالة‪ ،‬وفيها ترتيب خل�ص باالدعية يف‬ ‫كل ركعة‪ ،‬وك��ل �سجود �أو قعود �أو ت�شهد �أول �أو ث��ان‪ ،‬وما‬ ‫يتبع ذلك من �سنن يلتزم امل�سلم برتتيبها وتنظيمها وعدم‬ ‫اخلروج عليها‪.‬‬

‫(يا حممد ال تبت هذه الليلة على فرا�شك الذي كنت‬ ‫تبيت عليه )(‪� :2‬ص‪.)45‬‬

‫�أ‪ -‬ذهابه الى بيت �أبي بكر ال�صديق – ر�ضي اهلل عنه – يف‬ ‫حر الهاجرة والطلب منه م�صاحبته يف الهجرة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬ا�ستئجار عبداهلل بن �أريقط ليدلهما على الطريق‪.‬‬ ‫جـ ‪ -‬تكليف عبداهلل بن �أبي بكر بالبقاء يف مكة نهارا؛ لي�سمع‬ ‫�أخبار قري�ش‪ ،‬وتزويد الر�سول – عليه ال�سالم – ووالده‬ ‫بكل املعلومات وهذا مفهوم اال�ستخبارات احلديث‪.‬‬ ‫د‪ -‬تكليف �أ�سماء بنت �أبي بكر‪ -‬ر�ضي اهلل عنهما ‪ -‬ب�إعداد‬ ‫الطعام‪ ،‬و�إح�ضاره م�ساء �إلى الغار‪.‬‬ ‫هـ ‪ -‬تكليف الغالم عامر بن فهرية‪ ،‬برعي الغنم يف النهار‪،‬‬ ‫و�إح�ضاره م�ساء باجتاه الغار لي�شربا حليبها‪ ،‬وليبعد �آثار‬ ‫�أقدام عبداهلل و�أ�سماء بحركة رعي الغنم‪.‬‬

‫ومن الأمثلة الأخرى التي قام بها القائد الأول حممد‬ ‫– عليه ال�سالم – ( تنظيم الأمة والبلد بعد و�صوله �إلى‬ ‫املدينة امل �ن��ورة‪ ،‬وامل ��ؤاخ��اة التي ق��ام بها ب�ين املهاجرين‬ ‫والأن�صار‪ ،‬وتنظيم الدولة با�صدار الد�ستور الذي ينظم‬ ‫ال�سيا�سة الداخلية يف الدولة الإ�سالمية‪ ،‬وينظم العالقات‬ ‫الدينية بني الأمة الإ�سالمية وغريهم من اليهود‪ ،‬وتنظيم‬ ‫ال�سرايا وال �غ��زوات‪ ،‬وكذلك التنظيم الوظيفي يف العهد‬ ‫النبوي‪ ،‬وتنظيم ال�سفراء ور�سل النبي وا�ستقبال الوفود‪،‬‬ ‫وا�ستخدام العمالت) (‪� : 6‬ص‪.)124 -95‬‬

‫ومن هنا فان التنظيم الإداري يدخل يف جميع جوانب‬ ‫املقومات الإدارية الرتبوية‪ ،‬لأنه روح الإدارة بعد التخطيط‬ ‫و‪ -‬مكث الر�سول – عليه ال�سالم – و�صاحبه يف الغار ثالثة و�أهم مقوماتها وعليه يتوقف جناح كافة املقومات والأعمال‬ ‫�أيام‪.‬‬ ‫الإداري��ة؛ لأن هذا التنظيم هو الذي ين�سق العمل وبه يتم‬ ‫تنفيذ اخلطط ور�سم ال�سيا�سات الرتبوية املختلفة داخل‬ ‫ز‪ -‬جميء الدليل وخروج الركب امليمون �سائرا يف طريق امل�ؤ�س�سة الرتبوية‪.‬‬ ‫ملتو متعرج ال ميكن للعدو اللحاق بالركب ومتابعته‪.‬‬ ‫و�إذا ت�أملنا فيما �سبق من �أمثلة مت ذكرها وهي غي�ض‬ ‫ح‪ -‬و�صول الركب الى قباء بالرتحيب ال�صادق والكلمات من في�ض‪ ،‬يتبني لنا �أن الإ�سالم عرف التنظيم والتن�سيق‬ ‫والن�شيد املعرب عن احلب والوالء للقيادة امل�ؤمنة ) ( ‪ :7‬يف جميع املجاالت‪ ،‬منذ بدء الدعوة املحمدية على �صاحبها‬ ‫�ص ‪.)482‬‬ ‫�أف�ضل ال�صالة وال�سالم‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪41‬‬


‫وما ا�ستقرار وانتظام‪ ،‬بل انت�شار وتو�سع دولة الإ�سالم هذا الأ�سلوب وجد يف العهد النبوي واخللفاء الرا�شدين‪.‬‬ ‫يف �أيامها الأولى اال لوجود التنظيم �سواء يف العهد النبوي‬ ‫وبناء على ما �سبق نقرر وبثقة كاملة �أن ما يعرف يف‬ ‫�أو العهد الرا�شدي‪ ،‬فالدولة وجدت فيها الأعمال واحلرف‬ ‫بكل �أنواعها وتق�سيماتها‪ ،‬كما وجد فيها جميع �أنواع العمال الفكر الإداري احلديث من �ضوابط التنظيم الإداري هي‬ ‫واحلرفيني‪ ،‬وق��ام كل �صنف من النا�س مبا ت�أهل له من ال�ضوابط نف�سها التي �سبق اليها فُكرنا القر�آين واملحمدي‬ ‫العمل ليخدم املجتمع‪ ،‬وما دام هذا الأمر قد حتقق ف�إن فكر ًا وتطبيق ًا‪.‬‬ ‫هذا هو مفهوم التنظيم بجميع �أ�شكاله‪ ،‬و�أي جمتمع يتمكن‬ ‫وبنظرة �سريعة ال��ى بع�ض ه��ذه ال�ضوابط الإداري ��ة‬ ‫من هذا الو�ضع – تق�سيم العمل على عماله وموظفيه –‬ ‫ف�إننا نعتربه جمتمعا منظما‪ ،‬وخا�صة اذا ا�ستخدم ا�سلوب التالية يت�أكد ما قررناه وهي‪ :‬تق�سيم العمل‪ ،‬تكاف�ؤ ال�سلطة‬ ‫التدريب على �شكل دورات تثقيفية‪� ،‬أو تدريبية عملية‪ ،‬ومثل وامل�س�ؤولية‪ ،‬املرونة‪ ،‬التفوي�ض‪.‬‬ ‫امل�صادر واملراجع‬ ‫�أو ًال‪:‬‬ ‫ القر�آن الكرمي‬‫– م�سلم بن حجاج؛ �صحيح م�سلم‪ ،‬ب�شرح النووي (‪ )18‬ج – بريوت ودم�شق‪ .‬م�ؤ�س�سة مناهل ومكتبة الغزايل‪.‬د‪.‬ت‬ ‫ثاني ًا‪:‬‬ ‫‪� -1‬إبراهيم ع�صمت مطاوع و�آخر‪.‬الأ�صول الإدارية للرتبية ط‪ 1‬القاهرة‪ :‬دار املعارف ‪ 1980‬م �ص ‪.135‬‬ ‫‪�-2‬أبو تراب الظاهري‪ .‬الأثر املقفى لق�صة هدرة امل�صطفى ‪ .‬الريا�ض ‪ .‬دار القبلة الإ�سالمية‪ 1404.‬هـ‪.‬‬ ‫‪� - 3‬أحمد بن حممد بن قدامة املقد�س‪ ،‬خمت�صر منها ج القا�صدين ط‪ 4‬بريوت ‪ :‬املكتب اال�سالمي ‪ 1394‬هــ‪.‬‬ ‫‪ -4‬الدمردا�ش عبداملجيد �سرحان‪ :‬املناهج املعا�صرة ط‪.4‬الكويت‪ ،‬مكتبة الفالح ‪1403‬هــ‪.‬‬ ‫‪� -5‬سليمان عبد الرحمن احلقيل‪ ،‬الإدارة املدر�سية‪ ،‬وتعبئة قواها الب�شرية يف ال�سعودية‪.‬الريا�ض‪ .‬مطابع بحر العلوم‬ ‫‪1403‬هـ‪.‬‬ ‫‪ -6‬عبدالرحمن ال�ضحيان‪ .‬الإدارة يف الإ�سالم والفكر والتطبيق‪ .‬جدة‪ ،‬دار ال�شروق ‪1992‬م‪.‬‬ ‫‪ -7‬عبدامللك بن ه�شام‪ ،‬ال�سرية النبوية‪ ،‬حتقيق م�صطفى ال�سقا و�آخرون ج ‪.1‬‬ ‫‪ -8‬عرفات عبدالعزيز �سليمان‪ .‬ا�سرتاتيجية الإدارة يف التعليم‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الإجنلو امل�صرية ‪.1978‬‬ ‫‪ -9‬حممد كرد علي‪ .‬الإ�سالم واحل�ضارة الغربية‪ ،‬ج‪ 1‬ط‪ 3‬القاهرة‪ :‬مطبعة جلنة الت�أليف والع�شر ‪.1968‬‬ ‫‪ -10‬حممد قا�سم القريوتي و�آخر‪ .‬مبادئ الإدارة‪ ،‬نظريات ووظائف ط‪ ،1‬عمان‪.‬جمعية املطابع التعاونية ‪ 1404‬هـ‪.‬‬ ‫‪ -11‬حممد نور الدين عبدالرزاق‪ .‬مبادئ علم الإدارة العامة‪ .‬جدة‪.‬دار العلم للطباعة د‪.‬ت‪.‬‬ ‫‪ -12‬مولوي‪ .‬ح�سيني‪ ،‬الإدارة العربية‪.‬ترجمة �إبراهيم العدى‪ :‬مكتبة دار الإدري�س �سل�سة الألف كتاب ‪.149‬‬ ‫‪ -13‬نواف كنعان‪ .‬القيادة الإدارية ط‪ 1‬الريا�ض دار العلوم ‪ 1980‬م‪.‬‬ ‫‪� 42‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫دراسات الوسطية‬

‫نظرية امل�آل و�أثرها على االجتهادات‬ ‫ً‬ ‫الفقهية ً‬ ‫وقدميا‬ ‫حديثا‬ ‫املقدمة‪:‬‬ ‫احلمد هلل رب العاملني وال�صالة وال�سالم على �أ�شرف‬ ‫املر�سلني �سيدنا حممد وعلى �آلة و�صحبه و�سلم ت�سليما‪،‬‬ ‫ور�ضي اهلل تعالى عن �سادتنا �أ�صحاب ر�سول اهلل الغر‬ ‫امليامني والتابعني وتابعيهم ب�إح�سان الى يوم الدين‪،‬‬ ‫وبعد‪،‬‬ ‫�إن م��ن ق��واع��د امل�سلم مب��ا ع�ن��د ع�ل�م��اء ال�شريعة‬ ‫الإ�سالمية الثابته باال�ستقراء لأحكام ال�شريعة اعتبار‬ ‫النظر يف م�آالت الأفعال والأقوال‪.‬‬ ‫حت��دي��د حم��ل ال �ن��زاع يف حقيقة امل� ��آل لي�س املق�صود‬ ‫بنظرية امل�آل النظر يف الت�صرفات امل�شروعة النظرية الى‬ ‫النتائج امل�شروعة كالك�سب احل�لال املف�ضي ال��ى التمتع‬ ‫بالطيبات‪ ،‬فهذه الو�سيلة جائزة بالإجماع‪ ،‬كما ال يق�صد‬ ‫بها تلكم الأفعال املمنوعة التي قد ت�ؤدي �إلى م�صالح �أو �إلى‬ ‫�أمور م�شروعة كال�سرقة لأجل النفقة على من تلزم نفقتهم‬ ‫فهذا ممنوع يف االتفاق‪ ،‬امنا الكالم املق�صود وال��ذي هو‬ ‫مناط التحقيق ان يكون الفعل نف�سه م�شروع ًا جائز ًا ولكنه‬ ‫قد يف�ضي الى مف�سدة م�ساوية �أو تزيد على ما يعتقد ان‬ ‫م�صلحة‪ ،‬وه��ذا هو الأم��ر ال��ذي يجتهد فيه بحذر وفطنة‬ ‫ور�ؤي��ة وبعد نظر و�إمعان وفكر ثاقب‪ ،‬فيما �سيرتتب على‬ ‫الفعل الذي حكم بجوازه �أو منعه‪.‬‬

‫د‪ .‬عبداحلق ميحي‬

‫التعريف بالنظرية على امل��آل‪ :‬امل��آالت واحد امل��آل وهو‬ ‫م�صدر ميلي من كل ال�شيء ي�ؤول �أو ًال وم�آ ًال �أرجع‪ ،‬واملوئل‪:‬‬ ‫املرجع‪ ،‬يقال‪ :‬طبخت النبيذ حتى �آل الثلث‪.‬‬ ‫وي ��أت��ي مبعنى الإ� �ص�لاح وال�سيا�سة‪ ،‬ي�ق��ال‪� :‬آل امل��ال‪:‬‬ ‫�أ�صلحه و�سامه‪ ،‬و�آل مبعنى خرث‪ ،‬و�أق��رب هذه املعاين الى‬ ‫املعنى اال�صطالحي هو املعنى االول‪.‬‬ ‫املعنى اال�صطالحي‪ :‬هو حتقيق مناط احلكم بالنظر‬ ‫يف الإق�ت���ض��اء التبعي ال��ذي ي�ك��ون عليه عند تنزيله من‬ ‫حيث ح�صول مق�صدة‪ ،‬والبناء على ما ي�ستند عليه ذلك‬ ‫االقت�ضاء‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪43‬‬


‫تعريف الدكتور الري�سوين‪ :‬ومعناه ‪-‬اي اعتبار امل�آل‪-‬‬ ‫هو امل��درك ال��ذي جعل الإم��ام مالك – رحمه اهلل‪-‬‬ ‫النظر فيما ميكن �أن ت���ؤول �إل�ي��ه الأف �ع��ال والت�صرفات ينا�شد ام�ير زمانه ب ��أال يعيد بناء الكعبة �أي�ض ًا حتى ال‬ ‫والتكاليف ومو�ضوع االجتهاد والإفتاء والتوجيه و�إدخ��ال يتخذها االمراء عرف ًا‪.‬‬ ‫ذلك يف احل�سبان عند احلكم والفتوى‪.‬‬ ‫‪ .3‬للنهي عن الغلو والت�شديد على النف�س‪ :‬بقوله‪( :‬ولن‬ ‫تعريف الدكتور فريد االن�صاري‪� :‬أن امل ��آل هو البعد ي�شاد الدين �أحد اال هلكه) وقوله‪( :‬هلك املتنطعون هلك‬ ‫املقا�صدي لنتائج ت�صرفات املكلفني فيما ال ن�ص فيه املتنطعون) وقوله‪( :‬املتنطع كاملنبت ال الأر���ض قطع وال‬ ‫ويقت�ضيه الإجتهاد‪.‬‬ ‫الظهر �أبقي)‪.‬‬ ‫مكانة نظرية امل�آل يف الت�شريع الإ�سالمي‪:‬‬

‫‪ .4‬املحرمات لغريها التي تف�ضي الى مع�صية الزنا‪:‬‬

‫اعتبار امل���آل يف ال �ق��ر�آن ال�ك��رمي‪ :‬لقد �ضرب الإم��ام • حترمي اخللوة‪ :‬اي حرمة اختالء الرجل بامر�أة لقوله‬ ‫يخلون رجل بامر�أة �إال مع ذي‬ ‫ال�شاطبي‪-‬رحمه اهلل‪ ....-‬جمموعة من الآي��ات الكرمية �صلى اهلل عليه و�سلم (ال‬ ‫ّ‬ ‫التي تدل على اعتبار امل ��آل‪ ،‬منها قوله تعالى‪ « :‬يا �أيها حمرم)‪.‬‬ ‫النا�س اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم • نهيه �صلى اهلل عليه و�سلم �أن ت�صف املر�أة لزوجها‬ ‫تتقون»‪ ،‬ومنها قوله تعالى‪ “ :‬وال ت�أكلوا �أموالكم بينكم جمال ام ��ر�أة �أخ��رى لقوله (ال تبا�شر امل ��ر�أة امل��ر�أة‪،‬‬ ‫بالباطل وتدلوا بها الى احلكام»‪ ،‬وقوله‪ “ :‬وال ت�سبوا الذين فتنعتها لزوجها ك�أنه ينظر �إليها)‪.‬‬ ‫يدعون من دون اهلل في�سبوا اهلل ع��دو ًا بغري علم»‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫• حرمة �سفر املر�أة بدون حمرم عند عدم وجود الأمن‬ ‫وهذا مما فيه اعتبار امل�آل على اجلملة‪.‬‬ ‫(ال ت�سافر املر�أة �إال مع ذي حمرم)‪.‬‬ ‫�إعتبار امل�آل يف ال�سنة النبوية ال�شريفة‪ :‬وهو ما‬ ‫اعتبار امل�آل يف فقه ال�صحابة الكرام‪:‬‬ ‫�أطلق عليه الإمام ال�شاطبي‪ :‬الدليل على اخل�صو�ص‪.‬‬ ‫ان الناظر يف اجتهادات ال�صحابة وخا�صة اخللفاء‬ ‫‪ .1‬قوله فيمن ا�شار عليه بقتل من اظهر النفاق‪� ( ،‬إين‬ ‫�أخاف �أن يتحدث النا�س �أن حممد ًا يقتل �أ�صحابه) وقوله الرا�شدين ليجد عجب ًا يف اعتبار نتائج االفعال والبعد‬ ‫من �أ�شار عليه بقتل را�س النفاق يف حادثة املري�سيع‪ ،‬وقول املقا�صدي يف �إن�شاء الت�صرفات وخا�صة �سيدنا عمر‬ ‫عمر ر�ضي اهلل عنه دعني ا�ضرب عنق هذا املنافق‪ ،‬وجاء �صاحب املوافقات واالجتهادات‪-‬ر�ضي اهلل عنه وار�ضاه‪.-‬‬ ‫اني�س وهو �صحابي جليل عبداهلل بن عبداهلل بن ابي �سلول‪ .1 ،‬جمع امل�صحف يف عهد ابي بكر وعثمان – ر�ضي اهلل‬ ‫قال‪ :‬يا ر�سول اهلل اين كنت وال بد فاعال فاجعلني �أنا من عنه‪.‬‬ ‫يقتله حتى ال �أنظر الى قاتل �أب��ي‪ ،‬فقال ر�سول اهلل �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم‪ :‬بل �سنح�سن اليه ما دام بيننا فكان ر�أ�س ‪ .2‬قتل اجلماعة بالواحد‬ ‫النفاق ذليل يف قوله يبكت ويقدح‪ ،‬وبعها قال ر�سول اهلل ‪ .3‬الإمتناع عن ق�سمة موارد العراق‬ ‫�صلى اهلل عليه و�سلم لعمر‪ :‬لو قتلته الرعت له انوف قومه‬ ‫‪ .4‬املنع من تزوج الكتابيات‬ ‫– وهذا دليل ون�ص يف امل�سالة كما يقول الأ�صوليون‪.‬‬ ‫‪ .2‬ق��ول��ه لل�سيدة عائ�شة – ر��ض��ي اهلل عنها‪-‬لوال ‪ .5‬ايقاع الطالق الثالث بلفظها واحد ثالث‬ ‫�أن قومك حديثو عهد بكفر لأ�س�ست البيت على قواعد ‪ .6‬عزله لقا�ضي م�صر فيما �أ�صلح بني متخا�صمني بدينار‬ ‫ابراهيم‪ ،‬فم�سلمي الفتح مل يح�سن ا�سالمهم بعد وهم‬ ‫مازالوا على كثري من عادات اجلاهلية فلم ي�ش�أ النبي �صلى ‪ .7‬تنازل احل�سن عن اخلالفة ملعاوية‬ ‫اهلل عليه و�سلم فتنتهم بهدم الكعبة و�إع��ادة بنائها وهذا ‪ .8‬قبول اجلزية بني بع�ض الن�صارى العرب على انها زكاة‬ ‫ولي�ست جزية‬ ‫�صلح احلديبية كله اعتبار للم�آل‪.‬‬

‫‪� 44‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫مب�شاهدة م��ا ال يرت�ضي ف�لا يخرج ه��ذا ال�ع��ار���ض لتلك‬ ‫اعتبار امل�آل يف الفكر املقا�صدي‪:‬‬ ‫االمور عن ا�صولها ( م�سالة ما يقع فيه بع�ض الإ�سالميني‬ ‫النظر يف م ��آالت الأفعال معترب مق�صود �شرعا كانت امل�شاركني يف احلكم (برملان ‪ /‬وزارات‪�/‬سفارات ‪ )...‬من‬ ‫الأفعال موافقة �أو خمالفة ‪ ،‬وذلك �أن املجتهد ال يحكم على حماذير �شرعية يف مقابل �إقامة تلك الوظائف وحتقيق‬ ‫فعل من الأفعال ال�صادرة عن املكلفني بالإقدام �أو بالإحجام م�صالح لالمة ودر�أ املفا�سد عنها‪.‬‬ ‫�إال بعد نظره �إلى ما ي�ؤول �إليه ذلك الفعل ‪ ،‬م�شروعا مل�صلحة‬ ‫مراتب امل�آل‪:‬‬ ‫فيه ت�ستجلب ‪� ،‬أو ملف�سدة تدر�أ ‪ ،‬ولكن له م�آل على خالف‬ ‫ما ق�صد فيه ‪ ،‬وقد يكون غري م�شروع ملف�سدة تن�ش�أ عنه �أو‬ ‫املرتبة الأولى‪:‬‬ ‫م�صلحة تندفع به ‪ ،‬ولكن له م�آل على خالف ذلك ‪ ،‬ف�إذا‬ ‫�أطلق القول يف الأول بامل�شروعية; فرمبا �أدى ا�ستجالب‬ ‫م��ا ك��ان قطعي التحقيق وامل ��راد بهذا ال�ن��وع ان تكون‬ ‫امل�صلحة فيه �إلى املف�سدة ت�ساوي امل�صلحة �أو تزيد عليها الو�سيلة امل�ؤدية الى ح�صول نتيجة قوية‪ ،‬بحيث يرتتب امل�آل‬ ‫فيكون هذا مانعا من �إطالق القول بامل�شروعية ‪ ،‬وكذلك �إذا املمنوع عنها على �سبيل القطع واليقني كمن ترك �شخ�ص ًا‬ ‫�أطلق القول يف الثاين بعدم م�شروعية رمبا �أدى ا�ستدفاع مع �أ�سد �ضار جائع ف�إن م�آل الفعل هالك ال�شخ�ص على يد‬ ‫املف�سدة �إل��ى مف�سدة ت�ساوي �أو تزيد ‪ ،‬فال ي�صح �إطالق اال�سد ال حمال حمقق‪� ،‬أو حفر بئر ًا خلف باب ال�ضرير ف�إن‬ ‫القول بعدم امل�شروعية ‪ ،‬وهو جمال للمجتهد �صعب املورد وقوعه يف البئر حتقق ال حمال‪ ،‬وهذا ال�ضرر واملرتبة القول‬ ‫�إال �أنه عذب املذاق حممود الغب جار على مقا�صد ال�شريعة‪ .‬فيها بالتحرمي القاطع‪.‬‬ ‫والدليل على �صحته االمور‪ :‬ثالثة اعتبارات‪:‬‬ ‫املرتبة الثانية‪:‬‬ ‫(�أحدها) التكاليف – م�شروعة مل�صالح العباد وم�صالح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ما كان مظنونا ظنا غالبا واملق�صود بغالب التحقق ان‬ ‫العباد اما دنيوية او �آخروية ف�أما االخروية راجعة �إلى م�آل‬ ‫املكلف يف الآخرة ليكون من �أهل النعيم ال من �أهل اجلحيم‪ ،‬الو�سيلة امل�ؤدية اليه يغلب على الظن �إف�ضا�ؤها الى امل�آل‬ ‫�أما الدنيوية; ف�إن الأعمال ‪�-‬إذا ت�أملتها ‪-‬مقدمات لنتائج املمنوع واملف�سدة املحرمة مثل بيع ال�سالح زمن الفتنة وهذه‬ ‫امل�صالح; ف�إنها �أ�سباب مل�سببات هي مق�صودة لل�شارع‪ ،‬املرتبة وقع فيها اخلالف بني العلماء على مذهبني‪:‬‬ ‫وامل�سببات هي م ��آالت الأ�سباب; فاعتبارها يف جريان‬ ‫امل��ذه��ب االول‪ :‬ان��ه يف حكم القطعي ويلحق ب��ه‪ ،‬وهو‬ ‫الأ�سباب مطلوب‪ ،‬وهو معنى النظر يف امل�آالت‪ .‬والثاين‪� :‬أن‬ ‫مذهب املالكية واحلنابلة‬ ‫م�آالت الأعمال �إما �أن تكون معتربة �شرعا �أو غري معتربة;‬ ‫ف��إن اعتربت فهو املطلوب‪ ،‬و�إن مل تعترب �أمكن �أن يكون‬ ‫املذهب الثاين‪ :‬انه حكم غري قطعي وال يلحق به وهو‬ ‫للأعمال م�آالت م�ضادة ملق�صود تلك الأعمال‪ ،‬وذلك غري مذهب ال�شافعية واحلنفية‪.‬‬ ‫�صحيح‪.‬‬ ‫املرتبة الثالثة‪:‬‬ ‫ما �صدق امل ��آل‪ :‬اي ما هي الأ�صول التي يندرج حتتها‬ ‫ما كان مظنون ًا ظن ًا غري غالب وهو ما كانت و�سيلته‬ ‫اعتبار امل�آل وهذا اال�صل بنى عليه قواعد (قاعدة الذرائع)‬ ‫ً‬ ‫وهذه القاعدة حكمها مالك وغريه من الفقهاء ويف اكرث تف�ضي الى ح�صوله �إف�ضا ًء كثريا كرثة ال تبلغ ان تكون غالب‬ ‫اب ��واب الفقه وك��ذل��ك احل�ي��ل �أي امل �خ��ارج وف��ق امل�صالح االحوال‪.‬‬ ‫والتي ت�سعة اع�شار العلم‪ ،‬ومنها مراعاة اخل�لاف ومنها‬ ‫املرتبة الرابعة‪:‬‬ ‫اال�ستح�سان ومنها ان الأم��ور ال�ضرورية او احلاجية او‬ ‫وهو ما كانت الذريعة امل�ؤدية الى وقوعه ال تف�ضي اليه‬ ‫التكميلية اذا اكتنفها �أمور من خارجها ال تر�ضى �شرعي ًا‪،‬‬ ‫ف�إن االقدام على جلب امل�صالح �صحيح على �شرط التحفظ اال ن��ادر ًا‪ ،‬ومثلوا له بحفر البئر يف مو�ضع ال يعترب طريق ًا‬ ‫بح�سب اال�ستطاعة مثل املناكر التي قد يراها او ي�سمعها ملارة �أو تناول �أغذية ال ت�ضر يف العادة وهذا باق على �أ�صل‬ ‫متويل الوظائف ال�شرعية اذا مل يقدر على اقامتها اال االباحة‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪45‬‬


‫خ�صائ�ص نظرية امل�آل‪:‬‬ ‫‪ .1‬م��ن نظرية واقعية وم��ن اه��م �أه ��داف ه��ذه اخلا�صية‬ ‫مراعاتها للظروف اال�ستثنائية التي قد تعرت�ض طريق‬ ‫الأم��ة واملكلفني يف ازمنة وامكنة متعددة فلم يرتكهم‬ ‫ح�ي��ارى ب�لا ه��دى وال ت�شريع‪ ،‬ب��ل ��ش��رع لهم �أحكام ًا‬ ‫على وفق نظرية امل�آل مبا ال يوقعهم يف احلرج والعنت‬ ‫ويبعدهم عن �أهداف الت�شريع والعبودية هلل تعالى‪.‬‬ ‫‪ .2‬نظرية اجتماعية‬ ‫‪ .3‬نظرية اخالقية‬ ‫�أثر اعتبار امل�آل على اجتهادات الفقهاء حتديد ًا‪:‬‬ ‫لئن كنا قد � ّأ�صلنا نظرية امل�آل ومدى اعتبارها يف القر�آن‬ ‫الكرمي وال�سنة النبوية ال�شريفة واجتهاد الأ�صحاب‪-‬ر�ضي‬ ‫اهلل عنهم‪-‬ابتداء من اخللفاء الرا�شدين‪ ،‬ف�إن هذه النظرية‬ ‫مل تغب عن وعي الأمة وجمتهديها اجلهابذة عرب م�سريتها‬ ‫احل�ضارية �صعود ًا ونزو ًال رقي ًا وانحطاط ًا فقد جعل العلماء‬ ‫املجتهدون ن�صب �أعينهم هذه النظرية رقي يف �أحلك �أوقات‬ ‫الأمة و�أظلم ع�صورها مما وفر للأمة م�ساحات وا�سعه من‬ ‫الإجتهادات ا�ستطاعت ان حتافظ على هويتها و�شخ�صيتها‬ ‫الإ�سالمية حتى ملا �أفل جنم خالفتها الإ�سالمية و�سقط عز‬ ‫�سلطانها ‪ .......‬ح�ضارتها بالغروب �أمام �ضربات الأعداء‬ ‫املوجعه وه��ذه الإج�ت�ه��ادات والتي غالب ًا ما كانت تدعى‬ ‫امل�آالت‪.‬‬ ‫ت��ويل املنا�صب الدينية والدنيوية يف ظل امل��وازن��ة بني‬ ‫امل�صالح واملفا�سد‪ :‬ما �إن ظهرت اخلالفات يف االمة وظهر‬ ‫قرن الفنت وانحرف اخللفاء والأم��راء عن منهج اخلالفة‬ ‫الرا�شدة التي �سارت على منهج النبوة حتى اتخذ العلماء‬ ‫مواقف متباينة من التعامل مع الدولة فمنهم من ن�أى بنف�سه‬ ‫و�آثر البعد عن جمال�س احلكم و�أروقة ال�سيا�سة واغراءات‬ ‫املنا�صب ليتفرغ بذلك لإر�شاد الأمة وتعليمها �أمور دينها‬ ‫ويحافظ على رمزيته و�إمامته حتى يت�سنى لالمة الإقتداء‬ ‫والإهتداء مبا حمله من علم م�ؤثر ًا التوجيه والن�صح عن‬ ‫بعد‪ ،‬بل لقد ا�ستجن بع�ضهم ب�سبب اعرا�ضهم عن ذلك‬ ‫وابتلوا ابتال ًء عظيم ًا وك�أن هدفهم مراعاة م�صلحة العلم‬ ‫و�سد ذريعة الإ�ستعجال اي حتى ال ي�ستعملهم الأمراء لتربير‬ ‫انحرافاتهم وهي وجهة نظر قابلة لت�صويب اخلط�أ مثل‬ ‫ذلك الإمام �سعيد بن امل�سيب وطاوو�س وابو حنيفة‪ ،‬ما ملك‬ ‫‪� 46‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫�إذ عر�ض على بع�ضهم قول من�صب الق�ضاء فرف�ض‪ ،‬وظل‬ ‫هذا الإجتاه يف االمة الإ�سالمية يف خمتلف مراحل حياتها‬ ‫وخا�صة مع تو�سع الإم��ارات واملنا�صب يف الدولة واخلطط‬ ‫والرتاتيب الإدارية كاحل�سبة وال�شرطة والوزارة وال�سفارة‬ ‫فتحدثنا كتب الرتاجم والتاريخ عن مئات الإعالم الذين‬ ‫انتهجوا ه��ذا النهج يف امل�شرق وامل�غ��رب‪ ،‬كما يحدثنا يف‬ ‫اجلهة املقابلة عن العلماء و�أع�ي��ان وجمتهدين مربزين‬ ‫اختاروا تويل املنا�صب لتحقيق م�صالح عامة ودفع مفا�سد‬ ‫حتققت وتعم من تعمم علما وف�ضال و�صالحا وتقوى‪ ،‬منهم‬ ‫الفقيه ابو يو�سف الذ تولى الق�ضاء بل قا�ضي الق�ضاة يف‬ ‫الدولة العبا�سيه وكان قا�ضيا عادال وفقيها بارعا وزاهدا‬ ‫قانعا �سار بخطة الق�ضاء �أح�سن ممن عني يف من�صب‬ ‫الأكفاء من العلماء والأ�صلح من الق�ضاة كما تولى ‪.....‬‬ ‫خطة الق�ضاء يف املغرب الإ�سالمي فمكن للمذهب املالكي‬ ‫وتالمذة مالك وجل من العلماء من تولى منا�صب احل�سبة‬ ‫وعم الرفاء والرفاهية وقمع الغ�ش‬ ‫فا�ستقامت امور النا�س ّ‬ ‫والف�ساد يف �شتى مناحي احلياة‪ ،‬ومن العلماء ال�سفارات‬ ‫لبع�ض الأمراء يف ظرف كانت الفنت بني امل�سلمني على اللغة‬ ‫ال�سائدة والعنوان االب��رز اال ان ه��ؤالء العلماء ا�ستطاعوا‬ ‫ومن خالل اعتبارهم للم�آالت ان يحقنوا الكثري من الدماء‬ ‫وي�صونوا الكثري من االعرا�ض واالنف�س ويقللوا من ال�شرور‬ ‫والآف ��ات وي��در�أ الكثري من املفا�سد على الأم��ة يف الآج��ل‬ ‫والعاجل ومن امثال ه ��ؤالء العز بن عبدال�سالم والإم��ام‬ ‫اجلويني ومنذر بن �سعيد البلوطي وغريهم الكثري بل وجند‬ ‫منهم من لب�س لبا�س احل��رب وقاتل مع �سالطني مل تكن‬ ‫�سريهم مر�ضيه وال طرق امامتهم �سنية ولكن حينما املت‬ ‫اخلطوب وفرغت الثغور وداهمت االعداء التخوم وكادت‬ ‫ان ت�صل الى دور اخلالفة وحوا�ضر االمة‪ ،‬ف�ست�ستحل من‬ ‫االمة ‪ ....‬وتخرب عمدانها وتهتك اعرا�ضها‪� ،‬أبى ه�ؤالء ان‬ ‫يلحقوا بركب اجلهاد لأحياء الأمة وانقاذها من عدو كافر‬ ‫يف ظل راية حكام اختلفوا معهم كما كان �شان ابن تيمية‬ ‫–رحمه اهلل‪-‬اختار اهون ال�شرين واخف ال�ضررين‪ ،‬هذا‬ ‫ا�صلوه يف كتبهم و ‪ ........‬يف اجتهاداتهم حيث‬ ‫تاثري ًا عما ّ‬ ‫قاتل التتار وذهب علماء ‪ ........‬العلماء بعيدا يف الت�أ�صيل‬ ‫لهذه امل�سالة حيث ن�صوا على جواز تويل بع�ض املنا�صب‬ ‫يف ظل حكام لي�سوا م�سلمني‪ ،‬يقول العز بن عبدال�سالم‬ ‫يف قواعد االحكام‪ :‬لو ا�ستولى الكفار على �إقليم عظيم‬ ‫فولوا الق�ضاء ملن يقوم مب�صالح امل�سلمني العامة فالذي‬ ‫يظهر انفاذ ذلك كله جلبا للم�صالح العامة ودفع ًا للمفا�سد‬


‫ال�شاملة‪� ،‬إذ يبعد عن رحمة ال�شرع ورعايته مل�صالح عبادة ‪ -‬نظرية امل�آل وم�سائل يف الق�ضاء والق�ضاء بعلم القا�ضي‬ ‫تعطيل امل�صالح العامة وحتمل املفا�سد ال�شاملة‪.‬‬ ‫ الإج�ت�ه��ادات يف م�سائل الرفق واعتبار نظرية امل ��آل‪،‬‬‫اعتبار العدالة يف تولى املنا�صب بني االعتبار والإلغاء‪ :‬ا�ستبدال الوقف‬ ‫مراعاة لنظرية املال‬ ‫االجتهادات املعا�صرة‬ ‫لقد �سبق الإمام العز بن عبدال�سالم غريه من العلماء يف‬ ‫م�س�ألة اعتبارها العدالة يف الواليات فعقد ف�ص ًال بعنوان فيما‬ ‫ال ت�شرتط فيه العدالة من الواليات‪ ،‬اال ان قال‪ :‬واما الإمامة‬ ‫العظمى ففي ا�شرتاط العدالة فيها اختالف لغلبة امل�صالح‬ ‫على الوالة ولو �شرطناها لتعطلت الت�صرفات املوافقة للحق‬ ‫يف ت��ويل م��ن يولونه وب��ذل م��ا يعطونه وقب�ض ال�صدقات‬ ‫واالموال العامة فلم ت�شرتط العدالة يف ت�صرفاتهم املوافقة‬ ‫امل�شاركة ال املواجهة وامل�صادمة‪ :‬ان ال�سبات ال��ذي‬ ‫تلحق ملا فيه ا�شرتاط من ال�ضرر العام وفوات هذه امل�صالح‬ ‫عا�شته الأمة واجلمود والتخلف الذي حلق بالأمة منذ �أمد‬ ‫اقبح من فوات عدالة ال�سلطان‪.‬‬ ‫بعيد تكلل با�ستعمار ع�سكري بغي�ض مرفوق بحركة تن�صري‬ ‫ويذهب الغمام ال�شاطبي مذهبا يقرتب كثريا من مذهب مدعم با�ست�شراق خبيث ا�ستهدف دين الأمة وفكرها وتراثها‬ ‫العز بن عبدال�سالم ومن قبله الإم��ام اجلويني يف كتابه وموروثها احل�ضاري يف كل م�ساواته وجماالته‪ ،‬هذا التخلف‬ ‫الغياثي‪( :‬ولهذه اال�صول وهو يتحدث عن الواليات العامة طبع جميع مناحي احلياة ف��إذا لي�س من ال�سهل النهو�ض‬ ‫وا�شرتاط العدالة مبثابة املكمل وال يجوز ان يعود واملكمل ب��الأم��ة وال��رج��وع بها ال��ى قمتها ال�سابقة وجمدها التليد‬ ‫عن اال�صل بالإبطال)‪ .‬ولهذا �أج��از العلماء �إمامة النا�س طفرة‪ ،‬وبدون �أ�سباب ومقدمات وال اعتبار لل�سنن الكونية‬ ‫وقا�ضي ال�ضرورة وكل هذه الإجتهادات امنا روعي فيه امل�آل‪ .‬من تدرج وغريه وعليه ف�إن احلركات الإ�سالمية ال ميكنها‬ ‫حرمة اخلروج على احلكام اعتبارا لنظرية امل�آل‪� :‬أن تعود باملجتمعات ال��ى ما يجب �أن يكون اال من خالل‬ ‫امل�شاركة وترك املواجهة والبناء احل�ضاري الهادف الهادئ‬ ‫لقد ت�ع��ددت م��دار���س الفقه يف ه��ذه امل�سالة ولكن اذ �أننا مكلفون بالعمل وحتقيق الأ�سباب دون النتائج‪ ،‬فهذا‬ ‫ج�م�ه��ور اه��ل ال�سنة واجل �م��اع��ة ي ��رون ح��رم��ة اخل��روج مو�سى عليه ال�سالم الذي قاد �شعب بني ا�سرائيل الى الأر�ض‬ ‫املقد�سة رغم جهادة املرير يف دعوة فرعون الى التوحيد‬ ‫على احلكام ملا يرتتب على ذلك فنت تراق فيها الدماء ورغم ما جالده مع قومة طيلة م�سريته الدعوية اال انه مل‬ ‫امل�ع���ص��وم��ة وت��زه��ق الأرواح ال�بري�ئ��ة وت�ضيع الأم ��وال يدخل الأر�ض املقد�سة ومل ي�ؤ�س�س دولة الإ�سالم بل مات يف‬ ‫ويفقد االمن والأم��ان‪ ،‬ولعل جتارب االمة عرب تاريخها جبل نبو يف الأردن و�أكمل امل�سرية بعده غالمه (فتاه) يو�شع‬ ‫بن نون عليه ال�سالم ولقد جرب امل�صادمة واملغالبة فكانت‬ ‫احل�ضاري اكري �شاهد على ذلك‪.‬‬ ‫نتائجها كارثية على املجتمعات والن املرتب�صني بالأمة كرث‪،‬‬ ‫وان��ه من مقامي ه��ذا �أحيي جتربة تون�س واليمن قبل ومراعاة امل�آل يقت�ضي من احلكماء و العلماء من قادة الأمة‬ ‫االنقالب احلوثي على ال�شرعية واي�ض ًا جتربة تركيا‪.‬‬ ‫تفويت الفر�صة على الأعداء‪.‬‬ ‫ا�ستفتح هذا املبحث برتحم خا�ص على الإمام اجلويني‬ ‫الذي � ّأ�صل ملرحلة فتور ال�شريعة �أو خلو الزمان من القائد‬ ‫بوالية االم��ر فخ�ص�ص ف�صوال �أعنت االم��ة عما يجب ان‬ ‫يقوم به �أه��ل احل��ل والعقد من علماء م�صلحني يف حالة‬ ‫وا�صل قواعد و�أ�س�س ت�أ�سي�س ًا‬ ‫ا�ست�ضعاف حيث �صنع نظريات ّ‬ ‫ممكنا لهذه املرحلة‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪47‬‬


‫• مقاالت الوسطية‬

‫•‬ ‫• هل للو�سطية مدر�سة؟؟‬ ‫• ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية‬ ‫• املقاربة املوريتانيـة ملحاربـة التطـرف والإرهـاب‬ ‫• ما هو م�صري التنظيمات ا ِلإرهابية‬ ‫• يف ظل تقاطع وجهات النظر حول مكافحة ا ِلإرهاب‬ ‫• ر�ؤية يف االرهاب‬ ‫• حماربة الف�ساد يف الإ�سالم‬ ‫• قوة الأمة يف وحدتها‬ ‫• الو�سطية يف العقيدة‬ ‫• الطائفيـــّة فتنة احلا�ضر وامل�ستقبل‬ ‫حقوق الأقليات الدينية يف الديار اال�سالمية‬

‫د‪ .‬حممد حب�ش‬

‫د‪ .‬جواد العناين‬

‫د‪ .‬زيد �أحمد املحي�سن‬ ‫�أ‪ .‬بن عمر يل‬

‫اللواء الركن (م) عدنان عبيدات‬

‫د‪ .‬ح�سن علي املبي�ضني‬

‫د‪.‬عبد احلميد �صالح القطيطات‬

‫د‪ .‬حممد خري العي�سى‬

‫د‪ .‬جلني الدوري‬

‫د‪ .‬جلني الدوري‬

‫‪� 48‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫مقاالت الوسطية‬

‫حقوق الأقليات الدينية يف الديار اال�سالمية‬

‫د‪ .‬حممد حب�ش‬

‫كانت الهجرة �أول فتح حقيقي بدون دماء‪ ،‬وهي املحاولة‬ ‫ال�سلمية اخلام�سة التي خا�ضها النبي الكرمي لبناء الدولة‪،‬‬ ‫فبعد مكة ثم الطائف ثم احلب�شة ثم احلرية جنح �أخري ًا‬ ‫يف توفري �أر�ض خ�صبة النطالق الر�سالة وبناء الدولة يف‬ ‫املدينة املنورة‪.‬‬ ‫مل ي�سجل بالطبع يف هذه املحاوالت اخلم�سة �أي عمل‬ ‫عنيف‪ ،‬وكانت �إرادة ال�سلم هي التي حترك �سائر جهده‬ ‫على الرغم من �أن الفرتة التي امتدت ثالثة ع�شر عام ًا‬ ‫واج��ه فيها ر��س��ول اهلل احل�صار والتجويع واال�ضطهاد‬ ‫وقتل عدد من �أ�صحابه حتت التعذيب ولكنه مل ي�ش�أ �أبد ًا‬ ‫ان يختار العنف جوابا للعنف وا�ستمر يف البحث والإعداد‬ ‫حتى �سعدت يرثب تلك القرية الوادعة بهجرة الر�سول �إليها‬ ‫ودخلها يف مهرجان روحي وفني غامر تن�شده فتيات املدينة‬ ‫طلع البدر علينا من ثنيات ال��واع‪ ،‬وكان ذلك �إيذان ًا ببدء‬ ‫مرحلة بناء الدولة على �أ�سا�س من الإميان‪.‬‬ ‫كان عليه �صلى اهلل عليه و�سلم ان يواجه واقع ًا جديد ًا‬ ‫يف املدينة فالبلد لي�ست م�سلمة بالكامل‪ ،‬والذين اختاروا‬ ‫الإ�سالم فيها مل يكونوا ي�شكلون كل النا�س وظلت �أقليات‬ ‫موجودة يف املدينة من اليهود والن�صارى والوثنيني‪ ،‬وهو ما‬ ‫ميكن فهمه تف�صي ًال من خالل درا�سة وثيقة املدينة التي‬ ‫كانت مبثابة �إعالن �أول دولة مدنية حقيقية يف الإ�سالم‪.‬‬ ‫�إن �أول ما يده�شك يف �صحيفة املدينة �أنها متكنت من‬ ‫توفري طم�أنة اجلميع يف املدينة‪ ،‬ومل ي�سجل نزوح �أي رجل‬ ‫من �أهل املدينة فقد وجد اجلميع ظروف ًا متكنهم من العي�ش‬ ‫ب�سالم وممار�سة حياة ناجحة‪ ،‬ورمبا كان هذا وحده يكفي‬

‫لفهم طبيعة الرحمة التي جاء بها ر�سول اهلل للعامل‪ ،‬يف‬ ‫حني اننا تابعنا يف ال�سنوات الأخ�يرة و�صول التنظيمات‬ ‫الإ�سالمية امل�سلحة �إلى عدد من املدن يف العراق وال�شام‬ ‫حتديد ًا‪ ،‬وكان �أول ما يتابعه العامل من �أمر هذه الغزوات‬ ‫�أو الفتوح هو هروب الآالف من النا�س وب�شكل خا�ص من‬ ‫الأقليات �إلى املجهول والعذاب والقهر فقد �أ�صبح وا�ضح ًا‬ ‫ان كل ما يحلمون به من �أمن وم�ساواة وحرية بات مهدد ًا‬ ‫متام ًا‪.‬‬ ‫�إن وثيقة املدينة كانت حدث ًا غري ع��ادي فقد ن�صت‬ ‫بو�ضوح على حقوق اجلميع وكانت مبثابة عقد اجتماعي‬ ‫جديد مينع احتكار احلياة واحتكار ال�سلطة‪ ،‬وك��ان يهود‬ ‫بني عوف وهي قبائل قينقاع والن�ضري وقريظة قد �أعلنوا‬ ‫مت�سكهم بدينهم ورف�ضوا الدخول يف الدين اجلديد‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك فقد ن�صت وثيقة املدينة بو�ضوح‪� :‬إن امل�سلمني ويهود‬ ‫بني عوف �أمة واحدة من دون النا�س‪.‬‬ ‫مل يجد �أي يهودي او م�سيحي �سبب ًا يدعوه للخروج من‬ ‫املدينة يف ظل الواقع اجلديد ولوال الغدر الذي وقع فيه �أفراد‬ ‫�أ�سا�سيون من قينقاع والن�ضري ال�ستمر ه�ؤالء يف املدينة ويف‬ ‫واقع اقت�صادي قوي‪ ،‬ولكن من امل�ؤ�سف ان قبائل اليهود يف‬ ‫املدينة املنورة مل تلتزم بالعقد الذي �أبرمه معها ر�سول اهلل‪،‬‬ ‫ونق�ضت العهد ثالث مرات متتالية‪ ،‬وانتهى ذلك كله بيوم‬ ‫مرير لبني قريظة بعد �أن قام �أ�شرارهم بخيانة فاجعة يوم‬ ‫اخلندق‪ ،‬وتعاونوا مع م�شركي قري�ش على اجتياح املدينة‬ ‫ولكن اهلل �سلم‪� ،‬إن��ه عليم ب��ذات ال�صدور‪ ،‬ومتت معاقبة‬ ‫املقاتلة منهم يف يوم �شهري‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪49‬‬


‫الوعي الرتبوي بحقوق الأقليات يف الهدي كيف؟ وقد عا�ش الرجل ن�صراني ًا ي�صلي �إلى بيت املقد�س‬ ‫ومل ي�صل ركعة واحدة �صوب مكة‪ ،‬ف�أنزل اهلل �أروع �آيات‬ ‫النبوي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫القر�آن الكرمي‪ ،‬و�أكرثها انفتاحا وت�ساحما و�سعة �أفق‪ ،‬يف‬ ‫مهد النبي الكرمي لهذا الواقع ال�سيا�سي من التعاي�ش ن�ص رائع ير�سم �أو�سع انفتاح ديني‪ :‬وهلل امل�شرق واملغرب‬ ‫يف ن�صو�ص كثرية‪ ،‬وق��د جت��اوز الأم��ر يف حقوق التعاي�ش ف�أينما تولوا فثم وجه اهلل �إن اهلل وا�سع عليم‪.‬‬ ‫م�سالة العي�ش امل�شرتك �إل��ى ق�ضايا �أك�ثر عمق ًا و�أهمية‪،‬‬ ‫ويف ال�سياق نف�سه ف�إن النبي الكرمي وجه الأمة باجتاه‬ ‫حيث حتدث النبي الكرمي عن امل�شرتك بينه وبني ر�ساالت‬ ‫الأنبياء‪ ،‬واقام نف�سه مبثابة لبنة يف تاريخ النبوات‪ ،‬وقال‪ :‬بناء ثقافة م�ساواة واحرتام بني �أبناء الأمة الواحدة على‬ ‫مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دار ًا ف�أح�سنها ال��رغ��م م��ن اخ�ت�لاف ال��دي��ن وامل��ذه��ب‪ ،‬واع�ت�بر الإ��س�لام‬ ‫و�أكملها و�أجملها �إال مو�ضع لبنة فكان النا�س �إذا مروا بتلك الإميان بالأنبياء والكتب ال�سماوية ركنني اثنني من �أركان‬ ‫الدار يقولون ما �أجمل هذه الدار لوال مو�ضع اللبنة فكنت الإمي��ان ال ت�صح عقيدة بدونهما‪ ،‬و�أم�ضى ن�صف عمر‬ ‫�أنا تلك اللبنة و�أنا خامت النبيني‪.‬‬ ‫الر�سالة ي�شارك الن�صارى قبلتهم‪ ،‬و�أم���ض��ى ك��ل عمر‬ ‫الر�سالة ي�صلي على �أنبيائهم‪ ،‬ويو�صي باتباع ملة �إبراهيم‪،‬‬ ‫ومن الوا�ضح �أن هذه الن�صو�ص تهدم احلاجز النف�سي مل يكن يرى �أن ر�سالته تتمثل يف هدم ما �أجنزه الأول‪ ،‬بل‬ ‫ال��ذي تبنيه الأقليات للحفاظ على هويتها وها هنا ف�إن كان يوا�صل ما �صنعوه وي�ؤ�س�س على ما �أجن��زوه‪ ،‬وي�ؤمن‬ ‫الر�سول‬ ‫الكرمي يجعل م�شروع الأنبياء ر�سالة واحدة يتم بامل�شرتك الإن�ساين‪ ،‬فاحلكمة �ضالة امل�ؤمن �أينما وجدها‬ ‫ً‬ ‫بع�ضها بع�ضا فلم يقل انا كل الأنبياء ومل يقل انا كل النبوات فهو �أولى بها‪ ،‬ون�صو�ص القر�آن طافحة بهذه احلقيقة‪ ،‬ما‬ ‫و�إمنا قال �أنا لبنة يف تاريخ النبوات ولبنة يف تاريخ الأنبياء‪ .‬يقال لك �إال ما قد قيل للر�سل من قبلك‪ ،‬والذين ي�ؤمنون‬ ‫ومن جانب �آخر فقد �سبق الود لهذه الأقليات عندما مبا �أنزل �إليك وما �أنزل من قبلك‪ ،‬ولقد �أوحي �إليك و�إلى‬ ‫اختار ر�سول اهلل �أن يرتك قبلة قومه �إلى الكعبة ويتوجه الذين من قبلك‪ ،‬كذلك يوحي �إليك و�إلى الذين من قبلك‬ ‫�صوب بيت املقد�س وال �شك �أن ذلك قد �أعطى دفع ًا روحي ًا اهلل العزيز احلكيم‪ ،‬و�سئل من �أر�سلنا من قبلك من ر�سلنا‪،‬‬ ‫كبري ًا لأبناء الديانات ال�سماوية حول تكامل ر�سالة الإ�سالم �إل��ى ع�شرات الن�صو�ص القر�آنية التي تدعو الأم��ة �إلى‬ ‫االعتبار مبا �أجنزه الأوائل واقتفاء جناحاتهم فيما وفقوا‬ ‫مع ر�ساالت النبوات ال�سابقة‪.‬‬ ‫�إليه وجتنب عرثاتهم فيما �سقطوا فيه‪.‬‬ ‫ورمبا كانت مواقف النبي الكرمي من النجا�شي �أكرث‬ ‫رمب��ا ك��ان �أجمل اخت�صار لهذه احلقيقة ما �أخرجه‬ ‫املحطات �إلهام ًا يف وعي الإ�سالم باالختالف الإيجابي بني‬ ‫النا�س‪ ،‬فقد كان النجا�شي ن�صراني ًا ومع ذلك ف�إن النبي البخاري يف ال�صحيح عن الر�سول ال�ك��رمي‪ :‬مثلي ومثل‬ ‫الكرمي حتدث مرار ًا عن مكانته ومنزلته يف قلوب امل�ؤمنني‪ ،‬الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دار ًا ف�أح�سنها و�أكملها‬ ‫وكانت وفود النجا�شي تتوالى �إلى مكة �أو ًال ثم املدينة ومع و�أجملها �إال مو�ضع لبنة‪ ،‬فكان النا�س �إذا مروا بهذه الدار‬ ‫�أن النجا�شي مت�سك بعقيدته ومل يتحول �إل��ى الإ��س�لام يقولون ما �أح�سن هذه الدار‪ ،‬لوال مو�ضع اللبنة‪ ،‬فكنت �أنا‬ ‫باملعنى الدقيق للكلمة ولكنه ظل يحظى ب�أكرب احرتام من تلك اللبنة و�أنا خامت النبيني‪.‬‬ ‫قبل امل�سلمني‪ ،‬وظل ينظر �إليه على �أنه رمز توا�صل وتكامل‬ ‫وقد ن�ص القر�آن الكرمي على م�ساواة العباد يف رحمة‬ ‫بني الديانتني الأعظم‬ ‫اهلل ورزقه وعطاياه‪ ،‬يف اول �آية يف كتاب اهلل‪ :‬احلمد هلل‬ ‫وحني مات النجا�شي قال النبي لأ�صحابه مات الليلة رب العاملني‪ ،‬وج��اءت �آخر �آية يف القر�آن هي �أن اهلل رب‬ ‫�أخوكم �أ�صحمة بن �أبحر النجا�شي قوموا بنا ن�صلي عليه‪ ،‬النا�س ملك النا�س �إله النا�س‪ ،‬فلم يقل رب امل�سلمني وال‬ ‫فقال عدد من ال�صحابة كيف ن�صلي على رجل لي�س على العرب وال امل�ؤمنني بل جعل �سائر اخللق دون ا�ستثناء عيا ًال‬ ‫ملتنا ومل يدخل يف ديننا‪ ،‬ف�أنزل اهلل قر�آن ًا يتلى‪ :‬و�إن من له‪ ،‬متام ًا كما قال الر�سول الكرمي‪ :‬اخللق كلهم عيال اهلل‬ ‫�أهل الكتاب ملن ي�ؤمن باهلل وما �أنزل �إليكم وما �أنزل �إليهم و�أحب اخللق �إلى اهلل �أنفعهم لعياله‪.‬‬ ‫خا�شعني هلل ال ي�شرتون ب�آيات اهلل ثمنا قلي ًال �أولئك لهم‬ ‫�إن اهلل واحد ولكن �أ�سماءه كثرية واحلقيقة واحدة ولكن‬ ‫�أجرهم عند ربهم �إن اهلل �سريع احل�ساب‪.‬‬ ‫الطرق �إليها كثرية والإ�شراق واحد ولكن الأديان متعددة‪،‬‬ ‫ومع ذلك ا�ستمر عدد من ال�صحابة باالعرتا�ض وقالوا واحلب واحد ولكن القلوب كثرية‪.‬‬ ‫‪� 50‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫ويف ال�ق��ر�آن الكرمي تكرر مرتني ق��ول اهلل تعالى‪� :‬إن‬ ‫الذين �آمنوا والذين هادوا والن�صارى وال�صابئني من �آمن‬ ‫باهلل واليوم الآخر وعمل �صاحل ًا فلهم �أجرهم عند ربهم‬ ‫وال خوف عليهم وال هم يحزنون‪.‬‬ ‫بل �إن القر�آن الكرمي ا�شتمل على �أربع ع�شرة مرة تكرر‬ ‫فيها قول اهلل تعالى‪ :‬م�صدقا ملا بني يديه‪ ،‬فهو مل يقل‪:‬‬ ‫مبط ًال ملا بني يديه �أو نا�سخ ًا ملا بني يديه �أو نا�سف ًا ملا بني‬ ‫يديه‪� ،‬أو ملغي ًا ملا بني يديه‪ ،‬بل قال م�صدق ًا ملا بني يديه‬ ‫ومهيمن ًا عليه‪ ،‬وهذا املعنى ي�شمل التوراة والزبور والإجنيل‬ ‫من الكتب ال�سابقة وي�شمل احلكمة والعلم مما يتطابق مع‬ ‫املقا�صد العظيمة للدين احلق‪.‬‬

‫رهق ًا وعناء على الأقليات‪ ،‬وال تزال اجلزية �إلى اليوم على‬ ‫ر�أ�س اعرتا�ضات غري امل�سلمني على الفقه الإ�سالمي‪.‬‬ ‫ومن الواجب �أن نقول �إن �أمر اجلزية كان �سلوك ًا حربي ًا‬ ‫و�أنه لي�س �أ�ص ًال يف التعامل مع الآخر املختلف ديني ًا‪ ،‬و�أن‬ ‫قيام الدولة احلديثة على �أ�سا�س العقد االجتماعي ي�سمح‬ ‫بوقف تطبيق اجلزية على �أ�سا�س االلتزام بالن�ص القر�آين‪:‬‬ ‫يا �أيها الذين �آمنوا �أوف��وا بالعقود‪ ،‬وكذلك قوله تعالى‪:‬‬ ‫ف�أمتوا �إليهم عهدهم �إل��ى مدتهم‪ ،‬وكذلك قوله تعالى‪:‬‬ ‫و�أوف��وا بالعهد �إن العهد كان م�س�ؤو ًال‪ ،‬وقوله تعالى‪ :‬و�إن‬ ‫جنحوا لل�سلم فاجنح لها وتوكل على اهلل‪.‬‬

‫ومن اجللي �أن اهلل تعالى قال‪ :‬و�إن جنحوا لل�سلم فاجنح‬ ‫وال �شك ان هذه الروح النبوية يف احرتام النا�س‪ ،‬وربط لها ومل يقل و�إن جنحوا ل�ل�إ��س�لام‪ ،‬وب��ذل��ك تركهم وما‬ ‫الإمي��ان بالأنبياء والدعوة �إلى معرفة ما بني الأنبياء من يدينون‪ ،‬ولكنه نظم وجودهم يف الدولة الإ�سالمية بعقد‬ ‫�إخاء وتوا�صل كانت جزء ًا من املنهج الرتبوي الذي قدمته اجتماعي منا�سب‪.‬‬ ‫ال�سنة النبوية لبناء جمتمع مطمئن ي�ستقر فيه النا�س‬ ‫وال �شك �أن هذه العهود بني الأقليات وبني الدولة قد قامت‬ ‫ويختارون �إميانهم يف ظروف من احلرية والر�ضا واليقني‪.‬‬ ‫منذ عقود طويلة‪ ،‬ودليل ذلك هو بقاء هذه الأقليات يف واقع‬ ‫اجلزية‪ ..‬و�سيلة لإنهاء احلرب ولي�س �أ�ص ًال اقت�صادي واجتماعي قوي وفر لهم اال�ستمرار �أربعة ع�شر‬ ‫للتعامل مع غري امل�سلم‪:‬‬ ‫قرن ًا‪ ،‬وذلك عرب منطق العقد االجتماعي الذي كان يختلف‬ ‫و�إل��ى جانب هذه الو�صايا العظيمة التي كانت طبيعة من زمان لآخر ولكنه يبقى يف �سياق �أوامر ال�شريعة باحرتام‬ ‫اخلطاب‬ ‫النبوي للأقليات خالل عهد النبوة ف�إن علينا �أن العهود‪ ،‬وكان �أي واقع �سيا�سي يرث احلال ف�إنه ملزم �شرع ًا‬ ‫نقارب عدد ًا من امل�سائل يف �إطار تقدمي وعي �أكرث واقعية‬ ‫حلقوق الأقليات يف الإ�سالم‪ ،‬ومعاجلة عدد من الق�ضايا بتنفيذ العقد االجتماعي امل�ؤ�س�س وفق ما �سقناه من الآيات‬ ‫التي مت م��ن خاللها ممار�سة التمييز ب�ين الأق�ل�ي��ات يف الكرمية وعمومات كثرية مثلها يف الكتاب وال�سنة‪.‬‬ ‫املجتمع امل�سلم‪ ،‬وعلى ر�أ�س هذه التطبيقات م�س�ألة اجلزية‪.‬‬ ‫وزيادة على ذلك ف�إن ظروف الدولة احلديثة قد �أن�ش�أت‬ ‫ظل عنوان اجلزية ميثل �أكرب ظاهرة متييز يف التاريخ ع�لاق��ات خمتلفة كلي ًا ع��ن الأع ��راف التي كانت �سائدة‬ ‫الإ�سالمي‪ ،‬وا�ستمرت تطبيقات اجلزية املختلفة ت�شكل يف املا�ضي وق��د ت�أ�س�ست ه��ذه العالقات على الد�ساتري‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪51‬‬


‫االتفاقية‪ ،‬و�أ�صبحت مبثابة العقد امللزم ويتعني على الأمة وال متى يجب عليه و�إمنا ذلك كله راجع �إلى االتفاق الواقع‬ ‫امل�سلمة احرتام ذلك على �أ�سا�س مبد�أ الوفاء بالعهود‪.‬‬ ‫يف ذلك بني امل�سلمني و�أهل ال�صلح ‪.......‬‬ ‫واجلزية يف الأ�صل ت�صرف حربي يف مواجهة حماربني‬ ‫و�أم��ا اجل��زي��ة الثالثة فهي الع�شرية ‪( ...‬واملق�صود‬ ‫م�سلحني لهم خ�صومتهم مع الدولة الإ�سالمية‪ ،‬وهذا‬ ‫هو املعاملة كامل�سلمني يف دفع اخلراج مع زيادة بدلية لكونهم‬ ‫وال‬ ‫م�ضمون الآي��ة الكرمية‪ :‬قاتلوا الذين ال ي�ؤمنون باهلل‬ ‫يدينون ال يجاهدون) وممن قال بهذا القول ال�شافعي و�أبو حنيفة‬ ‫باليوم الآخر وال يحرمون ما حرم اهلل ور�سوله وال‬ ‫دي��ن احل��ق من الذين �أوت��وا الكتاب حتى يعطوا اجلزية و�أحمد والثوري وهو فعل عمر بن اخلطاب ر�ضي اهلل عنه‪.‬‬ ‫ع��ن ي��د وه��م ��ص��اغ��رون‪ ،‬فمن ال��وا��ض��ح �أن اجل��زي��ة هي‬ ‫فاجلزية �إذن جزية عقد ور�ضا‪ ،‬وجزية �إرغام و�صغار‪،‬‬ ‫نتيجة ال�صدام الع�سكري امل�سلح‪ ،‬ونتيجة �صراع �إرادتني‬ ‫�سيا�سيتني كالهما يريد اال�ستقالل بالدولة‪ ،‬وال �شك �أنه وهذا التق�سيم مار�سته ال��دول الإ�سالمية يف معظمها مع‬ ‫لو انت�صر اجلانب الآخ��ر مل يكن للم�سلمني �أن يحلموا الأقليات واعترب مقبو ًال ومتقدم ًا يف ع�صر ما قبل الدولة‬ ‫باجلزية‪ ،‬بل �إن الأعراف كانت �آنذاك تطبق قاعدة النا�س احلديثة‪.‬‬ ‫على دين ملوكها‪ ،‬فكانت اجلزية يف احلقيقة �سبي ًال توافقي ًا‬ ‫وجندد القول �إن اجلزية مل تكن �أكرث من �سبيل لإنهاء‬ ‫لإنهاء احلرب‪ ،‬وبناء لعالقة ندية واقعية حتر�س ال�سالم‪،‬‬ ‫وحتول دون ا�شتعال احلرب مرة �أخرى‪.‬‬ ‫احل��رب‪ ،‬وال ميكن اعتبارها مركز الفقه الإ�سالمي يف‬ ‫حقوق الأقليات وبناء جمتمع املواطنة والت�شارك‪.‬‬ ‫ومن امل�ؤكد �أن هذا اللون ال وجه له �أبد ًا مع الكتابيني‬ ‫الذين ال يختارون احل��رب‪ ،‬بل يوافقون على االنخراط‬ ‫تطبيقات فقهية �أدت للتمييز �ضد الأقليات‪:‬‬ ‫يف الدولة امل�سلمة‪ ،‬وهاهنا ف�إن الفقهاء جروا على العمل‬ ‫ومع هذا ف�إن هناك تطبيقات مار�سها حكام م�سلمون‬ ‫باحرتام الكتابيني الذين اختاروا اجلزية بو�صفها لون ًا من‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫االلتزام املايل للدولة ي�شبه التزام امل�سلمني �أمام الدولة للجزية كانت ت�شويها �سيئا لروح الآيات ومقا�صدها‪ ،‬ومن‬ ‫باخلراج والزكاة‪ ،‬وها هنا يتعني �أن ي��ؤدوا اجلزية بدون ذلك الإمعان يف �إذالل �أهل الذمة حتقيق ًا ملعنى ال�صغار يف‬ ‫�صغار كما ي�ؤدي امل�سلم الزكاة واخلراج بال �صغار‪ ،‬وتكون الآية دون تفريق بني جزية ال�صلح وجزية العنوة‪ ،‬ويف بيان‬ ‫اجلزية يف مقابل ت�أمني احلماية واحلرا�سة التي كانت تتم ذلك نختار هذا الن�ص‪:‬‬ ‫عن طريق اجلهاد وهو ما ال يرغب الكتابيون �أن ي�شاركوا‬ ‫“وت�ؤخذ اجلزية ب�إهانة (ال��ذم��ي) فيجل�س الآخ��ذ‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫ويقوم الذمي ويط�أطئ ر�أ�سه ويحني ظهره وي�ضعها يف‬ ‫«ولو طلب قوم ممن يعقد لهم اجلزية عرب �أو عجم �أن امل�ي��زان ويقب�ض الآخ��ذ حليته وي�ضرب بكفه لهزمتيه‪،‬‬ ‫(وهما جمتمع اللحم بني املا�ضغ والأذن) ‪ ....‬ويقول له يا‬ ‫ي�ؤدوا اجلزية با�سم الزكاة ال با�سم اجلزية وقد عرفوها عدو اهلل �أ ِّد حق اهلل‪ ،‬وكل ما ذكر م�ستحب وقيل‪ :‬واجب»‬ ‫حكما و�شرطا و�أن ي�ضعف عليهم �أجيبوا �إلى ذلك �إن ر�آه‬ ‫وهذا النقل يف طريقة حت�صيل اجلزية ورد يف ع�شرات‬ ‫الإم��ام و�سقط عنهم الإهانة وا�سم اجلزية اقتداء بعمر‬ ‫ر�ضي اهلل عنه يف ن�صارى العرب ملا قالوا له نحن عرب ال كتب الفقه على �سبيل الإنكار‪ ،‬ومل �أجد �أحد ًا �أقره‪ ،‬ولكن‬ ‫�إيرادهم له دليل على ا�س�شتهار هذا اللون من ال�سلوك لدى‬ ‫ن�ؤدي ما ت�ؤديه العجم فخذ منا ما ي�أخذ بع�ضكم من بع�ض‪ ،‬الع�س�س واحلكام‪.‬‬ ‫يعنون الزكاة ومل ينكر عليه فيه �أحد‪ ،‬فكان �إجماعا‪ ،‬وعقد‬ ‫وقد رد النووي على هذا النقل بقوله‪ “ :‬قلت هذه الهيئة‬ ‫لهم الذمة م�ؤبدا فلي�س لأحد نق�ض ما فعله هذا»‬ ‫باطلة‪� ،‬إذ ال �أ�صل لها من ال�سنة وال فعلها �أحد من اخللفاء‬ ‫وقد ف�صل االمام ابن ر�شد اجلزية على ثالثة ا�صناف الرا�شدين ‪ ....‬ودعوى ا�ستحبابها ف�ضال عن وجوبها �أ�شد‬ ‫خط�أ واهلل �أعلم‪ ،‬فيحرم فعلها على الأوج��ه ملا فيها من‬ ‫فقال‪ :‬اجلزية ثالثة �أ�صناف‪:‬‬ ‫الإيذاء من غري دليل»‬ ‫جزية عنْوية وه��ي ه��ذه التي تكلمنا فيها �أعني التي‬ ‫ومن ذلك �أي�ض ًا �أن بع�ض الفقهاء اعتربوا �أن اجلزية‬ ‫تفر�ض على احلربيني بعد غلبتهم‪.‬‬ ‫ت�شرع ملعاقبة م��ن مل يدخل يف الإ� �س�لام ول��و ك��ان ب��دون‬ ‫اعتداء‪:‬‬ ‫وجزية �صلحية وهي التي يتربعون بها ليكف عنهم‪،‬‬ ‫وهذه لي�س فيها توقيت ال يف الواجب وال فيمن يجب عليه‬ ‫«ال يقاتل من مل تبلغه الدعوة حتى يدعوه �إلى الإ�سالم‬ ‫‪� 52‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫و�أما من بلغتهم الدعوة في�ستحب �أن يعر�ض عليهم الإ�سالم‬ ‫ويدعوهم �إليه ويجوز بياتهم بغري دعاء‪ ،‬ثم الذين ال يقرون‬ ‫باجلزية يقاتلون وت�سبى ن�سا�ؤهم وتغنم �أموالهم حتى‬ ‫ي�سلموا والذين تقبل منهم اجلزية يقاتلون حتى ي�سلموا �أو‬ ‫يبذلوا اجلزية»‪.‬‬

‫اجلزية‪ ،‬ومن �أحب من �أهل �إيلياء �أن ي�سري بنف�سه وماله‬ ‫مع الروم ويخلي بيعهم و�صلبهم ف�إنهم �آمنون على �أنف�سهم‬ ‫وعلى بيعهم و�صلبهم حتى يبلغوا م�أمنهم‪ ،‬ومن �شاء �سار‬ ‫مع الروم ومن �شاء رجع �إلى �أهله ف�إنه ال ي�ؤخذ منهم �شيء‬ ‫حتى يح�صد ح�صادهم‪ ،‬وعلى ما يف هذا الكتاب عهد اهلل‬ ‫وذمة ر�سوله وذمة اخللفاء وذمة امل�ؤمنني‬

‫وال �شك ان هذا الت�صور مناف باملطلق ملنطق القر�آن‬ ‫الكرمي ال��ذي ن�ص غري مرة على منع الإك��راه يف الدين‪،‬‬ ‫وال يبدو يف اجلزية املفرو�ضة هنا �إال قدر من االلتزام‬ ‫وكذلك ن�ص على �أن قتال امل�شركني مقيد مبن يقاتلنا املايل جتاه الدولة لت�أمني احلماية والأم��ن‪ ،‬وقد كان هذا‬ ‫منهم‪ :‬وقاتلوا يف �سبيل اهلل الذين يقاتلونكم وال تعتدوا �إن مقبو ًال يف تلك املرحلة م��ن ال�ت��اري��خ‪ ،‬وي�سجل لعمر بن‬ ‫اهلل ال يجب املعتدين‪.‬‬ ‫اخلطاب �أن��ه حقق هذه الغاية مبنتهى الرقي واالح�ترام‬ ‫وعلى ال��رغ��م م��ن ال ��ر�أي املت�شدد ل��دى ال�شافعية يف خل�صمه‪ ،‬وت�أمني اال�ستقرار لهذا العزيز من الوطن الذي‬ ‫�إرغام الوثنيني وامل�شركني على الإ�سالم‪ ،‬وعدم جواز عقد كان ال��روم يحتلونه‪ ،‬ولي�س يف موقف عمر �شيء مما ورد‬ ‫ال�صلح معهم �إال ل�ضرورة م�ؤقتة‪ ،‬ولكن ظل الفقهاء دوم ًا يف كتب الفقه بعد ذل��ك م��ن وج��وب �إذالل �أه��ل الذمة‬ ‫ي�أخذون بخيار احلنفية واملالكية يف جواز ال�صلح الدائم مع وحتقريهم‪ ،‬عرب �أداء اجلزية من املغلوب للغالب‪.‬‬ ‫امل�شركني‪ ،‬و�أن ال�صلح ينق�ضه االعتداء ولي�س الكفر‪.‬‬ ‫ويجب الإ�شارة هنا �إلى �أن هذا الن�ص الذي رواه الطربي‬ ‫�شيخ امل��ؤرخ�ين قد تعر�ض لت�شويه كبري خ�لال التاريخ‪،‬‬ ‫العهدة العمرية‪� ...‬أو�ضح �صور اجلزية‬ ‫وتناقل الرواة �صيغة �أخرى للعهدة العمرية‪ ،‬رواها البيهقي‬ ‫ال�صلحية و�إن�صاف الأقليات‬ ‫وهو ن�ص يختلف اختالف ًا جذري ًا عن الن�ص امل�شهور‪ ،‬وتغلب‬ ‫ورمبا كان �أو�ضح مثال لعقد اجلزية ال�صلحية هو ما عليه �صيغة اال�ستعالء واال�ستكبار والإذالل‪ ،‬ومما ورد فيه‬ ‫عقده اخلليفة الرا�شدي عمر بن اخلطاب لأه��ل مدينة على ل�سان الن�صارى املعاهدين‪�“ :‬أال نحدث يف مدينتنا وال‬ ‫القد�س عند فتحها �صلح ًا‪ ،‬ومن الوا�ضح متام ًا �أن العهدة فيما حولها ديرا وال كني�سة‪ ،‬وال قالية وال �صومعة راهب‪ ،‬وال‬ ‫العمرية التي كتبها لهم عمر كانت ت�شكل مدخ ًال �صاحل ًا جندد ما خرب منها‪ ،‬و�أال مننع كنائ�سنا �أن ينزلها �أحد من‬ ‫حلماية حقوق الأقليات وحتقيق اندماجهم وت�شاركهم يف امل�سلمني يف ليل وال نهار‪ ،‬و�أن ينزل من مر بنا من امل�سلمني‬ ‫بناء �أوطانهم‪ ،‬حيث �سافر بنف�سه �إل��ى ال�شام للقاء �أبي ثالثة �أيام نطعمهم‪ ،‬و�أن نوقر امل�سلمني‪ ،‬و�أن نقوم لهم من‬ ‫عبيدة وجي�شه يف اجلابية ومنها توجه معهم �إلى القد�س‪ ،‬جمال�سنا �إن �أرادوا اجللو�س‪ ،‬وال نت�شبه بهم يف �شيء من‬ ‫وهناك التقى الأ�سقف �سفرنيو�س وت�سلم مفاتيح املدينة مالب�سهم‪ ،‬يف قلن�سوة‪ ،‬وال عمامة‪ ،‬وال نعلني‪ ،‬وال فرق �شعر‪،‬‬ ‫املقد�سة منه يف �أجواء احتفالية ال يبدو فيها �أي مظهر من وال نتكلم بكالمهم‪ ،‬وال نكتني بكناهم‪ ،‬وال نركب ال�سروج‪،‬‬ ‫جترب الغالب و�سحق املغلوب‪ ،‬بل قام بكتابة العهدة العمرية وال نتقلد ال�سيوف‪ ،‬وال نتخذ �شيئا من ال�سالح‪ ،‬وال نحمله‬ ‫التي ال يزال‬ ‫الن�صارى �إلى اليوم يعلقونها يف �صدر كنائ�سهم معنا‪ ،‬وال ننق�ش خواتيمنا بالعربية‪ ،‬وال نبيع اخلمور‪ ،‬و�أن‬ ‫و�أ�سقفياتهم رمز ًا للعدالة وحرية الأديان‪.‬‬ ‫جنز مقادمي ر�ؤو�سنا‪ ،‬و�أن نلزم زينا حيثما كنا‪ ،‬و�أن ن�شد‬ ‫ون�ص العهدة العمرية كما �ساقه امل�ؤرخون‪ :‬ب�سم اهلل الزنانري على �أو�ساطنا‪ ،‬و�أال نظهر ال�صليب على كنائ�سنا‪،‬‬ ‫الرحمن الرحيم هذا ما �أعطى عبداهلل عمر �أمري امل�ؤمنني وال نخرج �شعانني وال باعوثا‪ ،‬وال نرفع �أ�صواتنا مع موتانا”‪.‬‬ ‫�أهل �إيلياء من الأم��ان �أعطاهم �أمانا لأنف�سهم و�أموالهم‬ ‫ومن امل�ؤكد �أن هذا الن�ص بال�صيغة املذكورة لي�س له‬ ‫ولكنائ�سهم و�صلبانهم و�سقيمها وبربيئها و�سائر ملتها �أنه عالقة من قريب وال من بعيد بالع�صر الذي كتب فيه فلم‬ ‫ال ت�سكن كنائ�سهم وال تهدم وال ينتق�ص منها وال من حيزها يكن يف ع�صر ال�صحابة �شعانني وال باعوث ًا‪ ،‬ومل يعرف‬ ‫وال من �صليبهم وال من �شيء من �أموالهم وال يكرهون على الن�صارى ب�شد الزنار على �أو�ساطهم �إال يف ع�صر احلروب‬ ‫ال�صليبية‪ ،‬ولكنه على الرغم من ذلك حظي برواية جمع‬ ‫دينهم وال ي�ضار �أحد منهم وال ي�سكن ب�إيلياء معهم �أحد من كبري من امل�ؤرخني واملحدثني وخا�صة احلنابلة منهم‪ ،‬وقد‬ ‫اليهود وعلى �أهل �إيلياء �أن يعطوا اجلزية كما يعطي �أهل رفع هذه الرواية البيهقي بالإ�سناد �إلى عبد الرحمن بن‬ ‫املدائن وعليهم �أن يخرجوا منها ال��روم والل�صو�ص فمن غنم‪ ،‬وعنه نقل ابن كثري يف التف�سري‪ ،‬وابن ع�ساكر يف تاريخ‬ ‫دم�شق‪ ،‬وعنهما نقل ابن زبر الربعي يف �شروط الن�صارى‪،‬‬ ‫خرج منهم ف�إنه �آمن على نف�سه وماله حتى يبلغوا م�أمنهم‪ ،‬والبهوتي يف ك�شاف القناع‪ ،‬وابن تيمية يف اقت�ضاء ال�صراط‬ ‫ومن �أقام منهم فهو �آمن‪ ،‬وعليه مثل ما على �أهل �إيلياء من امل�ستقيم‪ ،‬واعتمدها احلنابلة عموم ًا‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪53‬‬


‫ومن املعلوم �أن الطربي املتوفى ‪ 310‬هجري �أ�سبق من‬ ‫البيهقي املتوفى ‪ 458‬بنحو مائة وخم�سني عام ًا‪ ،‬وكذلك ابن‬ ‫كثري املتوفى عام ‪ 774‬وابن ع�ساكر املتوفى عام ‪ ،571‬وكان‬ ‫من املنطقي �أن ي�أخذ الالحق عن ال�سابق‪ ،‬ولكن الت�شدد‬ ‫يختار دوم ًا الأ�شد عنت ًا وال يلتفت �إلى ما هو �أقرب �إلى روح‬ ‫الإ�سالم يف الت�سامح وامل�ساواة‪.‬‬

‫ورمبا كان من �أو�ضح الأمثلة على ذلك فتح مكة‪ ،‬حيث ال‬ ‫يختلف اثنان �أن �سبب الفتح الأعظم كان االنت�صار خلزاعة‬ ‫بعد �أن هاجمها �سفهاء قري�ش وقتلوا عدد ًا من �أفرادها يف‬ ‫ظالل احلرم‪ ،‬واعترب ذلك نق�ض ًا �صريح ًا ل�صلح احلديبية‬ ‫الذي وقعته قري�ش م النبي الكرمي قبل عامني‪.‬‬

‫وكانت خزاعة تن�صح لر�سول اهلل م�ؤمنها وكافرها‪،‬‬ ‫وال ي �ع��رف ت��اري��خ ع�م��ر ب��ن اخل �ط��اب �أن ��ه �شهد فتح لقد كانت خليط ًا من الوثنيني وامل�سلمني‪ ،‬جتمع م�صاحلهم‬ ‫مدينة م�سيحية �إال القد�س‪ ،‬وال يعرف يف تاريخه �أنه كتب املواالة للنبي الكرمي‪ ،‬ودخلوا يف حلفه بعد يوم احلديبية كما‬ ‫ً‬ ‫عهدا للن�صارى �إال يف القد�س‪ ،‬وهو ما تدل له الروايتان دخلت بنو بكر يف حلف قري�ش‪.‬‬ ‫املتناق�ضتان‪.‬‬ ‫وبتعبري الدولة احلديثة ف�إن خزاعة وهي قبيلة عربية‬ ‫الر�سول الكرمي يخو�ض حرب ًا حلماية الأقليات‬ ‫كبرية ان�ضمت �إلى دولة النبي الكرمي‪ ،‬ونالت حقوق املواطنة‪،‬‬ ‫و�إن�صافهم‪:‬‬ ‫ومل يكن من �شرط املواطنة �أن يدخل ه��ؤالء يف الإ�سالم‪،‬‬ ‫بل �إن ال�سنة النبوية قدمت لنا �سل�سلة مواقف وو�صايا وه��ي م�س�ألة دق�ي�ق��ة‪ ،‬يخلط فيها ال�ن��ا���س‪ ،‬فال�شهادتان‬ ‫يف رعاية الأقليات حتى من غري �أهل الكتاب‪ ،‬وقدمت ال�سنة‬ ‫النبوية �سل�سلة و�صايا تعترب مدخ ًال لبناء الدولة احلديثة‪ ،‬وال�صالة وال�صوم والزكاة واحلج هي �شروط دخول اجلنة‬ ‫فقد هدم الإ�سالم اجلاهلية القدمية التي كانت تفر�ض ان ولي�ست �شرط دخول الوطن‪ ،‬فالوطن ينبغي �أن يت�سع للجميع‬ ‫النا�س على دين ملوكهم‪ ،‬و�أن حتول امللك من دين �إلى دين �أما اجلنة فلها �شروطها التي يحا�سب فيها اهلل تعالى وحده‬ ‫ملزم للرعية‪ ،‬بل جدد الت�أكيد على حق النا�س يف اختيار وعلى النا�س االلتزام بهديه ونوره ودعوته‪.‬‬ ‫ما يعتقدون‪ ،‬وفق �إعالن قر�آين كرمي ورد مبا�شرة بعد �آية‬ ‫ً‬ ‫ويف ال�سرية النبوية �أن عمرو بن �سامل وفد م�ستغيثا �إلى‬ ‫الكر�سي التي هي �أعظم �آي��ة يف القر�آن الكرمي وهو قوله‬ ‫النبي الكرمي و�أن�شد ق�صيدته ال�شهرية‪:‬‬ ‫تعالى‪ :‬ال �إكراه يف الدين‪.‬‬ ‫‪� 54‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫الهم �إين نا�شـــــــــــــــــــــد حممـــــــــد ًا‬ ‫َّ‬

‫الدولية املتطورة ميكن �أن تختار فيها الدولة ما ينا�سب‬ ‫حالها وواقعها‪.‬‬

‫حلف �أبينا و�أبيه الأتلــــــــــــــــــدا‬ ‫�إن قري�ش ًا �أخلفوك املوعــــــــــــــــــدا‬ ‫ونق�ضوا ميثاقك امل�ؤكـــــــــــدا‬ ‫هم ب َّيتونا بالهجيـــــــر هجــــــــــــد ًا‬ ‫وقتلونا ركع ًا و�ســـــــــــــــــجد ًا‬ ‫فان�صر رعاك اهلل ن�صر ًا �أر�شدا‬ ‫و�أمر عباد اهلل ي�أتوا مدد ًا‬ ‫مل ي�س�أله النبي الكرمي �آنذاك عن �صالته و�صيامه وال‬ ‫عن ن�سكه وحجه‪ ،‬فهذه الأم��ور حق اهلل‪ ،‬واهلل يحكم بني‬ ‫عباده فيما كانوا فيه يختلفون‪ ،‬ولكنه فقط �أك��د له حقه‬ ‫كمواطن �أن يحظى بحماية الدولة بغ�ض النظر عن موقفه‬ ‫االعتقادي �أي ًا كان‪.‬‬ ‫نعم لقد كان االعتداء الذي قامت به قري�ش وبنو بكر‬ ‫على خزاعة اعتداء على مواطن غري م�سلم‪ ،‬ولكن م�س�ؤولية‬ ‫ال��دول��ة الإ�سالمية حيال مواطنيها ال ت�ق��رره مذاهبهم‬ ‫االعتقادية بل تقرره حقوقهم الوطنية‪ ،‬على وفق القاعدة‬ ‫التي �أكدها النبي الكرمي‪ ،‬النا�س �سوا�سية ك�أ�سنان امل�شط‪،‬‬ ‫وال ف�ضل لعربي على �أعجمي �إال بالتقوى‪.‬‬ ‫وميكن القول �إن ال�سبب املبا�شر لفتح مكة هو االنت�صار‬ ‫ملواطنني غري م�سلمني تعر�ضوا لال�ضطهاد والظلم‪ ،‬وكان‬ ‫من واجب الدولة امل�سلمة حمايتهم واالنت�صار لهم‪.‬‬ ‫وبعد‪..........‬‬ ‫ف�إن كل ما كتبناه يف موقف الفقه الإ�سالمي من منح‬ ‫الأقليات حقوقهم على �أ�سا�س املواطنة وعلى �أ�سا�س امل�ساواة‬ ‫ال يقنع الفريق املت�شدد الذي يرى �أن الأمر على ما مات عليه‬ ‫الر�سول و�أن �آخر ما نزل يف �ش�أن الأقليات هو قوله تعالى‪:‬‬ ‫قاتلوا الذين ال ي�ؤمنون باهلل وال باليوم الآخر وال يحرمون‬ ‫ما حرم اهلل ور�سوله وال يدينون دين احلق من الذين �أوتوا‬ ‫الكتاب حتى يعطوا اجلزية عن يد وهم �صاغرون‪.‬‬ ‫ومع �أننا بينا يف هذا املقال موقف الفقهاء الكرام من‬ ‫فقه اجلزية والتمييز الوا�ضح متاما بني جزية ال�صغار التي‬ ‫هي نهاية احل��رب بني غالب ومغلوب‪ ،‬وبني جزية العقد‬ ‫ال�صلحي كما قررها ابن ر�شد‪ ،‬وهي لون من العالقات‬

‫ويف �سياق هذه الفهوم املتناق�ضة ف�إنني �أدعو �إلى فهم‬ ‫�أعمق لكتاب اهلل وفق ما فهمته الأمة خالل التاريخ‪ ،‬فهذا‬ ‫القر�آن مبني وقد ف�صلت �آياته‪ ،‬وقد فهمه امل�سلمون خالل‬ ‫التاريخ على �أنها ن�صو�ص تعاي�ش وت�سامح وتراحم‪ ،‬وبناء‬ ‫على ذلك عا�شت الكنائ�س وامل�ساجد متجاورة خالل التاريخ‬ ‫الإ�سالمي ومل تقم دولة م�سلمة بهدم الكنائ�س �أو �إحراق ما‬ ‫فيها من كتب العقيدة املختلفة املناق�ضة للإ�سالم‪ ،‬ونحن‬ ‫هنا بني خيارين ال ثالث لهما‪� ،‬إما �أن يكون القر�آن مبين ًا‬ ‫فهذا هو فهم الأمة‪ ،‬و�إما �أن يكون غري مبني فتكون الأمة‬ ‫قد فهمته خط�أ على عك�س املق�صود‪ ،‬وفهمه على وجهه‬ ‫ال�صحيح اخل��وارج يف املا�ضي واملت�شددون الآن يف �آخر‬ ‫الزمان‪.‬‬ ‫ال �أ��ش��ك �أن م�ؤمن ًا ب��اهلل ور�سوله ير�ضى �أن ي�شاقق‬ ‫الر�سول ويتبع غري �سبيل امل�ؤمنني وقد قال اهلل تعالى ومن‬ ‫ي�شاقق الر�سول ويتبع غري �سبيل امل�ؤمنني نوله ما تولى‬ ‫ون�صله جهنم و�ساءت م�صري ًا‪.‬‬ ‫�إن ال�ع��راق على �سبيل املثال ال��ذي احت�ضن اخلالفة‬ ‫الإ�سالمية �أك�ثر من خم�سة ق��رون �شهدت �أعظم مراحل‬ ‫احل�ضارة الإ�سالمية كان وال زال متحف �أديان‪ ،‬من �إ�سالم‬ ‫ون�صرانية ويهودية و�صابئة ويزيدية وزردا�شتية ومندائية‬ ‫وبهائية وغري ذلك‪ ،‬وال تزال هذه الأديان متجاورة مبعابدها‬ ‫وتراتيلها ومل يقم �أي من اخللفاء امل�سلمني با�ستئ�صال دين‬ ‫�آخر على قاعدة الوالء وال�براء‪ ،‬بل �ساد خالل احل�ضارة‬ ‫الإ�سالمية منطق لكم دينكم ويل دين‪ ،‬ومل يتعر�ض للإهانة‬ ‫�إال من اعتدى على امل�سلمني‪ ،‬ومل يح�صل �أن تعر�ضت هذه‬ ‫الأقليات للإبادة �إال على يد اخلوارج الذين كانوا يرون كفر‬ ‫خمالفيهم‪ ،‬وهو الأمر الذي يت�شابه فيه الفكر اخلوارجي‬ ‫القدمي واجلديد‪.‬‬ ‫وما قلناه عن العراق نقوله عن دم�شق عا�صمة اخلالفة‬ ‫الأم��وي��ة والقاهرة عا�صمة الأيوبيني ونقوله عن القد�س‬ ‫معراج ر�سول اهلل‪ ،‬فهذه هي املدن الرئي�سية التي �شهدت‬ ‫ح�ضارات الإ�سالم الكربى وال تزال فيها امل�ساجد والكنائ�س‬ ‫يف عافية‪ ،‬ولو �شاء ربك لأمن من يف الأر�ض كلهم جميع ًا‬ ‫�أف�أنت تكره النا�س حتى يكونوا م�ؤمنني‪.‬‬ ‫و�أخ �ت��م بهذا الن�ص ال �ق��ر�آين املبني ال��ذي جعل الأم��ة‬ ‫الإ�سالمية م�س�ؤولة بالت�ضامن والتكافل عن حماية معابد‬ ‫الأديان على اختالفها‪ ،‬ت�أ�سي�س ًا على احلرية الدينية وحقوق‬ ‫النا�س يف املجتمع الإ�سالمي‪ ،‬ولوال دفع اهلل النا�س بع�ضهم‬ ‫ببع�ض لهدمت �صوامع وبيع و�صلوات وم�ساجد يذكر فيها‬ ‫ا�سم اهلل كثري ًا ولين�صرن اهلل من ين�صره �إن اهلل لقوي عزيز‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪55‬‬


‫مقاالت الوسطية‬

‫هل للو�سطية مدر�سة؟؟‬ ‫د‪ .‬جواد العناين‬

‫ان�صب �أ�سا�س ًا على‬ ‫اخلالف بني افالطون تلميذه �أر�سطو‬ ‫ّ‬ ‫املنهج البحثي التفكريي يف مقاربة احلقيقة والبحث عنها‪.‬‬ ‫�أفالطون �آمن بالعقل‪ ،‬والتحليل‪ ،‬واال�ستنباط كما عك�ست‬ ‫ذلك احلواريات (الديالوجات) التي كتبها‪ ،‬وهو يبد�أ ب�س�ؤال‬ ‫كبري مثل «هل بالإمكان تعليم الف�ضيلة؟» وبعد جدل بني‬ ‫�سقراط ا�ستاذه ومريديه ي�صل �إلى اال�ستنتاج �أن الف�ضيلة‬ ‫ميكن تعليمها‪ ،‬ثم يعود يف الن�صف الثاين لي�صل �إلى نتيجة‬ ‫معاك�سة لذلك‪� .‬أما �أر�سطو فقد �آمن بالتجريب‪ ،‬وا�ستخدام‬ ‫احلوا�س من �أجل الو�صول �إلى النتائج‪.‬‬

‫الي�سار‪ .‬وميكن لليمني ان يجتمع مع الي�سار وان يتقاربا‬ ‫بح�سب بديهية «زينافون»‪ ،‬فاليمني والي�سار يتعاي�شان‪ ،‬بل‬ ‫ويغذيان بع�ضهما البع�ض‪ .‬ولت�شرح ال�صورة‪ ،‬تخيل �أنك‬ ‫مت�سك بيديك خيط ًا حيث ط��رف اخليط الأمي��ن بيدك‬ ‫اليمنى‪ ،‬وطرفه الأي�سر بيدك الي�سرى‪� .‬ستالحظ �أن اخليط‬ ‫الذي مت�سكه على �شكل خط م�ستقيم يظهر �أن اليمني يف‬ ‫طرف‪ ،‬والي�سار يف الطرف املقابل‪ ،‬و�أن الو�سط هو نقطة‬ ‫بينهما‪.‬‬

‫ومبعنى �آخ��ر‪� ،‬أن الو�سط هو حاله ا�ستنتاجية لوجود‬ ‫ولذلك فقد تبنى املنهج العلمي املختربي‪� ،‬أو الأ�سلوب ط��رف�ين‪ .‬ول�ك��ن �إذا ق��رب��ت ي��دي��ك م��ن بع�ضهما البع�ض‪،‬‬ ‫اال�ستقرائي‪ .‬و��س��واء �آم�ن��ا مبنهج اال�ستنباط‪� ،‬أو مبنهج و�صار طرف اخليط اليمني قريب ًا من الطرف الي�سار‪ ،‬ف�إن‬ ‫اال�ستقراء‪ ،‬ف��إن كليهما نهج علمي له �أرك��ان��ه‪ ،‬و�أ�ساليبه‪ .‬املنت�صف يبدو هو النقطة الأبعد عن كليهما‪.‬‬ ‫وهنالك من ي�ؤمن �أن مزيج ًا من االثنني قد يكون ال�سبيل‬ ‫ول��ذل��ك‪� ،‬إذا قلنا ان نقي�ض ال��و��س��ط ه��و ال�لاو��س��ط‪،‬‬ ‫الأق��وم‪ .‬ول��ذل��ك‪ ،‬ف ��إن الأ�سلوب العلمي املو�ضوع يجب �أن‬ ‫ي�ؤدي �إلى حلول من�سجمة مع قوانني الكون والطبيعة‪ .‬و�أن ي�صبح كل من طريف اخليط‪ ،‬ميينه وي�ساره على نقي�ض من‬ ‫اال�ستمرار يف البحث والتطوير واج��ب لأن حقائق احلياة الو�سط‪:‬وميكن لنا �أن نتخيل الو�سط �ضلع مثلث‪ ،‬وال�ضلعان‬ ‫كما يقول البع�ض حتتاج لبحث اقرب �إلى تق�شري الب�صل‪ ،‬الباقيان هما اليمني والي�سار‪� ،‬أو �أن نقول �أن الو�سط واليمني‬ ‫حيث نتعلم ب�إزالة الق�شر والطبقات االقل جودة حتى ن�صل والي�سار هما ثالث دوائر متقاطعة‪ ،‬ت�شكل بتقاطعها حلقة‬ ‫�إلى اللب‪ ،‬حيث احلقيقة‪ ،‬والتي رمبا ال ن�صل �إليها �أبد ًا‪ ....‬م�شرتكة متثل �شيئ ًا من كل جانب‪ .‬وي�شري القر�آن �إلى الأمة‬ ‫ويف الفل�سفات التي �سبقت �أر�سطو‪ ،‬قال «زينافون» �أن من بقوله «وكذلك جعلناكم �أم��ة و�سط ًا لتكونوا �شهداء على‬ ‫البديهيات الأ�سا�سية يف احلياة ان يكون لكل �شيء يف احلياة النا�س‪ ،‬ويكون الر�سول عليكم �شهيد ًا (البقرة ‪ )143‬ولكن‬ ‫الأدبيات الفقهية ا�ستعملت تعابري تركز على الطرفني مثل‬ ‫نقي�ض واحد‪ ،‬و�أن ال�شيء ونقي�ضه ال يجتمعان مع ًا‪.‬‬ ‫القاعدة ال�شرعية «ال �ضرر وال �ضرار‪� ،‬أو القول «ال غلو وال‬ ‫و�إذا �صحت هذه البدهية‪ ،‬فال بد �أن ن�ستنتج �أن نقي�ض مغااله»‪� ،‬أو القول «ال افراط وال تفريط»‪.‬‬ ‫الأبي�ض هو الال�أبي�ض‪ ،‬ولي�س الأ�سود‪ ،‬و�أن نقي�ض اجلمال هو‬ ‫مم��ا يجعل �ضمن ًا تعريف احل��ال��ة املرغوبة ه��ي حالة‬ ‫الالجمال ولي�س القبح‪ .‬ولذلك ف�إن اجلمال والالجمال ال‬ ‫الو�سط بني هذا وذاك‪ .‬وي�ؤكد ذلك احيان ًا الآيات القر�آنية‬ ‫يجتمعان مع ًا‪.‬‬ ‫التي حت�ض على االعتدال يف ال�سلوك مثل «وال جتعل يدك‬ ‫نحن نتكلم عن التطرف نحو اليمني‪ ،‬والتطرف نحو مغلولة �إلى عنقك وال تب�سطها كل الب�سط»‪� ،‬أو «والذين �إذا‬

‫‪� 56‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫�أنفقوا مل ي�سرفوا ومل يقرتوا‪ ،‬وكان بني ذلك قوام ًا»‪.‬‬ ‫ول�ق��د ر�أي �ن��ا بع�ض ال�ك�ت��اب واملحللني ي�ن�ظ��رون �إل��ى‬ ‫«الو�سطية» �أو التو�سط على �أنها معدل‪� ،‬أو حالة هالمية‬ ‫غ�ير م�ث�يرة ب�ين ط��رف�ين �أو �أك�ث�ر‪ .‬وه��م ال يحرتمونها‪،‬‬ ‫ويكادون يتهمونها بالالموقف‪� ،‬أو الالحالة‪ .‬ولذلك وجب‬ ‫البدء يف العمل على و�ضع �إطار وحمتوى فكري للو�سطية‬ ‫ٍ‬ ‫وحدود على خريطة‬ ‫يجعلها ديناميكية ذات �أبعاد وا�ضحة‪،‬‬ ‫الفل�سفات الأخرى‪.‬‬

‫�أن خمتلف العلوم تو�صلك �إلى حالة واحدة‪ ،‬وهي �أن ا�سلوب‬ ‫تفكرينا ين�صب يف البحث عن نقطة �أو م�ساحة متو�سطة‬ ‫�أق ��رب م��ا ت�ك��ون �إل��ى خلق ح��ال��ة ت��واف��ق جمتمعي‪ .‬ولكن‬ ‫يجب �أن نتذكر �أن الو�سطية ميكن �أن تكون حالة خا�صة‬ ‫مبوا�صفات ومعايري ومفاهيم خا�صة بها‪ ،‬وميكن ا�ستخراج‬ ‫الأدبيات التي ت�ضع تو�صيف ًا لكل هذه املفاهيم وطبيعتها‬ ‫من منظور الو�سطية‪.‬‬ ‫و�أن ت�ؤكد على ديناميكية الو�سطية‪ ،‬فهي حالة م�ستمرة‬ ‫التغري‪ ،‬ولكن �ضمن حدود معقولة‪ .‬يف هذا الزمان الذي‬ ‫يتداول النا�س فيه مفاهيم ازدواجية متنافرة مثل «التفكري‬ ‫والتكفري»‪« ،‬احلق والباطل»‪« ،‬نحن وهم»‪« ،‬الثورة والفتنة»‪،‬‬ ‫«االعتدال والتطرف»‪� ،‬صار املطلوب هو البحث عن �صيغة‬ ‫و�سط نعرفها‪ ،‬وجنعلها مدر�سة‪ ،‬وفيها مرجعيات وا�ضحة‬ ‫ت�ساعدنا يف احلكم على الأمور‪.‬‬

‫يف علم االقت�صاد‪ ،‬تعلمنا �أن الو�سطية هي حالة التوازن‪،‬‬ ‫بني القوى املختلفة‪ .‬فتوازن امل�ستهلك يعني احلالة الو�سط‬ ‫املثلى التي توفق بني ما هو مفرو�ض عليه من �أ�سعار وبني‬ ‫ما هو متاح له من دخل و�أف�ضليات‪ .‬وتوازن االقت�صاد يعني‬ ‫و�صوله �إلى حالة التوفيق بني قوى العر�ض والطلب‪ .‬ولذلك‬ ‫ركز االقت�صاديون الكال�سيكيون على مفاهيم «التوازن‬ ‫الطبيعي‪ ،‬ال�سعر الطبيعي �أو العادل» مت�أثرين بالأفكار‬ ‫وع��ودة �إل��ى من كتبوا عن �آلية العقل والفكر‪ .‬فهي‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫عند الطبيب وع��امل النف�س الربيطاين «دي بونو» تعني‬ ‫القدرة على التعامل مع املجتمع‪ ،‬والتفاعل مع م�ؤ�س�ساته‬ ‫ويف علم البيئة‪ ،‬ن��رى �أن التدخل يف تركيب ال‬ ‫أ�شياء وت�شريعاته وح��دوده وفر�صه»‪ ،‬و�أم��ا عند الدكتور حممد‬ ‫ح�سب اختيارات الطبيعة لإ�شباع رغبة ما �أو تلبية‬ ‫حاجة عابد اجلابري فهي حالة من قبول الفروقات افقي ًا بني‬ ‫ما هو �إف�ساد للطبيعة‪ ،‬ومن ثم التلوث‪ ،‬والأمرا�ض‪،‬‬ ‫وف�ساد ال�ن��ا���س يف خمتلف الأم��اك��ن وع �م��ودي � ًا ب�ين ال�ن��ا���س عرب‬ ‫يف الهواء‪ ،‬واملاء‪ ،‬والرتاب‪ .‬وكل مك ّونات احلياة ال‬ ‫أ�سا�سية‪ .‬الأحقاب املتعاقبة»‪ .‬ويف كتاب �أحمد العناين وكاننغهام‬ ‫ولذلك‪ ،‬ف�إن العلوم االجتماعية والإن�سانية تناولت التوازن‬ ‫على �أنه حالة مثلى يف الو�سط‪ ،‬ولكنها حالة «نظرية وغري «التاريخ املبكر لعرب اخلليج» يت�ساءل امل�ؤلفان «ملاذا كان‬ ‫م�ستقرة ديناميكي ًا‪ ،‬لأن القوى امل��ؤث��رة عليها يف حركة �أهل �شرق اجلزيرة العربية �آخر من �أ�سلم‪ ،‬و�أول من ارتد‪،‬‬ ‫دائبة م�ستمرة‪ .‬فالو�سطية واالعتدال والتوازن هي مفاهيم و�أعظم من قاتل‪ ،‬وتبنى �أكرث املذاهب ا�صرار ًا على نقاوة‬ ‫متقاربة تعك�س �سعي الإن�سان وبحثه عن احلالة الف�ضلى الدين من امل�ؤثرات اخلارجية؟؟ وابن خلدون يف مقدمته‬ ‫�أو املثلى‪ ،‬ولكنها عن�صر تابع يتقرر ب�سلوك ظروف خارجة يثري كثري ًا من الأ�سئلة عن بناء احل�ضارة ومن هم البناة‬ ‫من غريهم؟ نحن بحاجة يف الوطن العربي �إلى امل�صاحلة‬ ‫عنه‪.‬‬ ‫مع ال��ذات‪ ،‬وبناء منوذج و�سطي وا�ضح املعامل ما �أمكن‪،‬‬ ‫ويف علم الإح�صاء تعلمنا �أن املعدل ميكن التعبري عنه وفتح باب االجتهاد‪ ،‬ودعم �آلية التفكري والبحث ب�شقيهما‬ ‫مبقايي�س كثرية ال تنتهي‪ .‬ويخلط كثري من النا�س بني اال�ستنباطي واال�ستقرائي‪.‬‬ ‫مفهوم «املعدل» ومفهوم املتو�سط احل�سابي‪ ،‬وعندما جتمع‬ ‫وال��ذي��ن ال يتغريون م��ع تغري ال�ظ��روف يتغريون �إل��ى‬ ‫عالمات الطالب وتق�سم املجموع على عدد الطالب نخرج‬ ‫مبتو�سط ح�سابي ن�سميه معدل عالمات الطالب هو كذا‪ .‬حد يفقدون معه حا�ضرهم وتاريخهم وجغرافيتهم‪ ،‬بل‬ ‫ولكن كلمة معدل تعني «الرقم املمثل للمجموعة»‪ .‬وقد ووجودهم‪ ...‬لقد �صدرت اعالنات هامة كان �آخرها اعالن‬ ‫يكون هذا املعدل هو املتو�سط احل�سابي‪� ،‬أو الرقم الو�سط مراك�ش‪ ،‬وقبلها ر�سالة ع ّمان‪ ،‬ور�سالة الأزه��ر ال�شريف‪،‬‬ ‫�أو الو�سيط الذي يت�ساوى عدد الذين فوقه مع عدد الذين وكلها ت�صب يف اخلطاب املعتدل وتقدم للو�سطية كمنهاج‪.‬‬ ‫و�إذا كانت الو�سطية �ست�أخذ طريقها نحو اجتذاب ال�شباب‪،‬‬ ‫�أقل منه‪� .‬أو هو الرقم الذي يتكرر‪.‬‬ ‫ودغدغة عقولهم وعواطفهم لإبعادهم عن التطرف ميين ًا‬ ‫وهنالك مفاهيم �أخ��رى كاجلذر الرتبيعي ملربع كل �أو ي�سار ًا‪ ،‬ف�إن �صياغة الو�سطية كمدر�سة فكرية باتت واجب ًا‬ ‫الأرقام‪ .‬هذه كلها طرق للبحث عن احلالة العاك�سة واملمثلة على املفكرين واملج�سرين بني النا�س و�صناع القرار‪ .‬وهذا‬ ‫للمجموعة قيد البحث وهي التي متثل الو�سط‪ .‬وهكذا نرى واجب ال يحتمل الت�أخري‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪57‬‬


‫مقاالت الوسطية‬

‫ق�ضايا �إ�سالمية معا�صرة‬

‫ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية‬ ‫الدكتور زيد �أحمد املحي�سن‬ ‫رئي�س نادي خريجي اجلامعات واملعاهد‬ ‫الباك�ستانية – عمان – الأردن‬

‫من فوق جبال يزيد ارتفاعها عن ‪ 4000‬مرت فوق �سطح البحر اندلعت ثالث‬ ‫ح��روب بني الهند وباك�ستان‪ ،‬كانت ك�شمري هي ال�شرارة التي �أ�شعلت النريان من‬ ‫فوق تلك القمم املك�سوة بالثلج الأبي�ض وبالرغم من مرور �أكرث من ن�صف قرن‬ ‫على الق�ضية الك�شمريية اال �أنها ماتزال جمهولة يف �أو�ساط �إ�سالمية وعاملية‪ ،‬يقول‬ ‫�أحد ال�شعراء‪:‬‬ ‫لو �أن هناك جنة على الأر�ض ف�إنها ها هنا(ك�شمري) وبالرغم من جمالها ف�إنها‬ ‫�أي�ضاً واحدة من ب�ؤر التوتر ال�ساخنة يف العامل‪.‬‬ ‫ومن �أجل القاء ال�ضوء على هذه الق�ضية احليوية التي جامو ومنطقة الداخ وبع�ض الأجزاء من مقاطعتي بون�ش‬ ‫لها تبعاتها وت�أثريها على �أغلب دول قارة �آ�سيا ‪ ،‬لهذا وم�يرب��ور ووادي ك�شمري(�أخ�صب املناطق و�أغناها)‬ ‫ف�إن ك�شمري حتتل موقع ًا جغرافي ًا ا�سرتاتيجي ًا بني و�سط يف حني ب�سطت باك�ستان �سيطرتها على ما ي�سمى الآن‬ ‫وجنوب �آ�سيا ‪ ،‬حيث ت�شرتك يف احلدود مع �أربع دول هي‪ :‬ب(ك�شمري احلرة) وهي مناطق بون�ش الغربية ومظفر‬ ‫الهند‪ ،‬وباك�ستان‪ ،‬و�أفغان�ستان وال�صني‪ ،‬وتبلغ م�ساحتها �آباد و�أجزاء من مريبور وبلت�ستان واتخذت الهند مدينة‬ ‫الكلية ‪ 86023‬مي ًال مربع ًا يق�سمها خط هدنة مت االتفاق �سرينغار عا�صمة �صيفية للإقليم‪ ،‬ومن مدينة جامو‬ ‫عليه �سنة ‪ 1972‬تارك ًا م�ساحة ‪ 32358‬مي ًال مربع ًا يعرف عا�صمة �شتوية يف حني �أطلقت باك�ستان على املناطق‬ ‫ب��والي��ة(�أزاد ك�شمري) �أي ك�شمري احلرة و‪ 53665‬مي ًال التي ت�سيطر عليها (�أزادي ك�شمري) �أي ك�شمري احلرة‬ ‫مربع ًا حتت ال�سيطرة الهندية وي�سمى(جامو ك�شمري) وعا�صمتها (مظفر �آباد)‪.‬‬ ‫وهناك م�ساحة �صغرية خا�ضعة لل�صني منذ عام ‪1962‬‬ ‫يف عام ‪ 1846‬باع الربيطانيون والية جامو وك�شمري‬ ‫ت�سمى (�أك�ساي ت�شني)‪.‬‬ ‫الى عائلة (الدوغرا) التي يتزعمها (غالب �سينغ) مببلغ‬ ‫كانت ك�شمري وقت تق�سيم �شبه القارة الهندية تتكون ‪ 7,5‬ماليني روبيه مبوجب اتفاقيتي اله��ور و�أمرت�سار‬ ‫من خم�س مناطق هي‪ :‬وادي ك�شمري‪ ،‬جامو‪ ،‬الداخ‪ ،‬بون�ش‪ ،‬وا�ستطاع غالب �سينغ االحتفاظ ب�سيطرته على الوالية‪،‬‬ ‫وبلت�ستان‪ ،‬وجلجت‪ ،‬وبعد عام ‪� 1947‬سيطرت الهند على وبقيت عائلته من بعده يف احلكم حتى عام ‪.1947‬‬ ‫‪� 58‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫�شهدت الق�ضية الق�ضية الك�شمريية حماوالت للت�سوية‬ ‫بالو�سائل ال�سلمية بعد �أن ف�شلت امل�ح��اوالت الع�سكرية‬ ‫يف حتقيق ذل��ك‪ ،‬و�أب��رز ه��ذه امل�ح��اوالت يف بداية الأزم��ة‬ ‫من الأمم املتحدة التي عر�ض جمل�س االمن الدويل فيها‬ ‫عرب القرارات التي �صدرت عنه ‪ 12‬ابريل‪/‬ني�سان ‪1948‬‬ ‫و‪� 13‬أغ�سط�س‪�/‬آب ‪ 1948‬و‪ 5‬يناير‪ /‬كانون الثاين ‪1949‬‬ ‫تو�صيات حاول من خاللها �أن يتخذ موقف ًا �سيا�سي ًا و�سط ًا‬ ‫للتقريب بني الفرقاء‪ ،‬فعر�ض خطته للحل والتي ا�شتملت‬ ‫على ثالث نقاط‪:‬‬

‫ويف ‪ 17‬متوز ‪ 1947‬ا�صدر الربملان الربيطاين قانون‬ ‫ا�ستقالل الهند ال��ذي �أنهى احلكم الربيطاين لها ‪ ،‬ومت‬ ‫تنفيذ القرار يف ‪� 15‬آب من العام نف�سه و�أوعزت بريطانيا‬ ‫بعد ان�سحابها الى تلك الإمارات التي حتكمها يف الهند ب�أن‬ ‫تن�ضم �إما الى الهند او باك�ستان وفق ًا لرغبة �سكانها مع‬ ‫الأخ��ذ بعني االعتبار التق�سيمات اجلغرافية يف كل �إمارة‬ ‫وتكونت تبع ًا لذلك دولتا الهند وباك�ستان‪ ،‬غري �أن ‪� 3‬إمارات‬ ‫مل تتخذ ق��رار ًا بهذا ال�ش�أن ه��ي‪ :‬حيد �آب��اد‪ ،‬وجوناغاد‪،‬‬ ‫وك�شمري حيث ان�ضمت كل من حيدر �آب��اد وجوناغاد الى‬ ‫الهند �أما ك�شمري فكان الو�ضع خمتلف ًا حيث �أن الأغلبية‬ ‫م�سلمني لكن احلاكم هندو�سي لهذا �أ�صر ان يبقى مع الهند ‪ .1‬ان�سحاب القوات الع�سكرية من ك�شمري‬ ‫بالرغم من �أن �أغلبية ال�سكان م�سلمني متجاه ًال القواعد‬ ‫الربيطانية ال�سابقة يف التق�سيم والتي دعت الى ان الأقاليم ‪� .2‬إجراء ا�ستفتاء �شعبي‬ ‫التي �أغلبيتها م�سلمة تن�ضم ال��ى باك�ستان‪ ،‬لهذا‬ ‫م�سلحف��بنيإن ‪ .3‬تن�صيب حكومة �إنتقالية يف ك�شمري للإ�شراف على‬ ‫الأحداث تطورت بعد ذلك �سريع ًا واندلع قتال‬ ‫الك�شمرييني والقوات الهندية عام ‪ 1947‬ا�سفر عن احتالل الو�ضع‬ ‫الهند لثلثي الوالية وباقي الإقليم مع باك�ستان‪.‬‬ ‫رف�ضت الدولتان العديد من بنود خطة املجل�س ونظرت‬ ‫متثل ك�شمري �أهمية ا�سرتاتيجية للهند جعلها �شديدة كل منها الى هذه اخلطة على النحو التايل‪:‬‬ ‫التم�سك بها على مدى �أكرث من خم�سني عاما رغم الأغلبية ‪ .1‬اعتربت الهند ق�ضية �إن�ضمام ك�شمري �إليها �أمر ًا يخ�صها‬ ‫امل�سلمة بها ورغم احلروب التي خا�ضتها وا�ستنزفت من هي وحدها وال�شعب الك�شمريي فقط‪ ،‬دون احلاجة الى‬ ‫م��وارده��ا‬ ‫الب�شرية واالقت�صادية الكثرية وتتلخ�ص هذه تدخل طرف ثالث‪ ،‬وكانت باك�ستان تعترب نف�سها على‬ ‫االهمية فيما يلي‪:‬‬ ‫قدم امل�ساواة مع الهند فيما يتعلق بهذا املو�ضوع‪.‬‬ ‫‪ .1‬تعدها الهند عمق ًا �أمني ًا ا�سرتاتيجي ًا لها �أمام ال�صني‬ ‫‪ .2‬ر�أت باك�ستان �أن يعهد ل�ل�أم��م املتحدة ك��ل م��ا يتعلق‬ ‫وباك�ستان‪.‬‬ ‫بتنظيم ومراقبة اال�ستفتاء ال�شعبي املقرتح �إجرا�ؤه يف‬ ‫‪ .2‬تعدها حاجز ًا طبيعي ًا مع اجلارة باك�ستان الدولة امل�سلمة حني رف�ضت الهند هذا االمر‪.‬‬ ‫والتي تخاف الهند من متددها جتاه الأقلية امل�سلمة يف‬ ‫‪ .3‬رف�ضت الهند ان�سحاب جي�شها م��ن ك�شمري يف حني‬ ‫الهند الكبرية العدد‪.‬‬ ‫وافقت باك�ستان على ذلك �شريطة �أن يتم بالتزامن مع‬ ‫‪ .3‬تخ�شى الهند �إن �سمحت لك�شمري باال�ستقالل على �أ�س�س االن�سحاب الهندي‪.‬‬ ‫دينية �أو عرقية �أن تفتح الباب للأقاليم الأخرى‪.‬‬ ‫‪ .4‬اختلفت الدولتان على الإدارة التي �ستتولى تنظيم �ش�ؤون‬ ‫�أما �أهميتها لباك�ستان فيمكن تلخي�صها فيما يلي‪:‬‬ ‫الإقليم �أثناء تنظيم اال�ستفتاء فقد اقرتحت الهند ا�سم‬ ‫‪ .1‬تعدها باك�ستان منطقة حيوية لأمنها وذل��ك لوجود ال�شيخ عبداهلل يف حني اعرت�ضت باك�ستان و�شككت يف‬ ‫والئه واقرتحت ان تتولى ذلك االمم ال‬ ‫طريقني رئي�سني و�شبكة ل�سكة احلديد‪.‬‬ ‫‪ .2‬ينبع م��ن الأرا� �ض��ي الك�شمريية ثالثة �أن�ه��ار رئي�سية ‪ .5‬وب�سبب هذه اخلالفات �أ�صبحت معظم جهود الت�سوية‬ ‫للزراعة يف باك�ستان؛ مم��ا يجعل اح�ت�لال الهند لها ال�سلمية � �س��واء داخ��ل اروق ��ة االم��م امل�ت�ح��دة �أو عرب‬ ‫تهديدا مبا�شرا للأمن املائي الباك�ستاين‪ ،‬يقول حممد الو�ساطات الدولية غري ذات ج��دوى متاما كما كان‬ ‫علي �أول رئي�س جلمهورية باك�ستان الإ�سالمية بعد احلال يف املفاو�ضات الثنائية التي جرت بني البلدين يف‬ ‫اال�ستقالل عن الهند عن ك�شمري “انها �شريان باك�ستان االعوام ‪...1972 ،1963 ،1962 ،1960، ،1955 ،1953‬‬ ‫فثالثة �أنهار متدنا باملاء تنبع منها”‪.‬‬ ‫�إلخ‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪59‬‬


‫مل تف�ض احلروب على حل الق�ضية الك�شمريية فبادرت‬ ‫باك�ستان ملد يدها للمنظمات الدولية لإيجاد �صيغة توافقية‬ ‫مع اجلار اجلغرايف الهند ‪ ،‬ولكن دون جدوى ‪ ،‬فالهند تدعي‬ ‫�أنها دولة دميقراطية وهكذا ينظر العامل لها‪ ،‬ولكن الواقع‬ ‫غري ذل��ك‪ ،‬فالهند ما حتبه لنف�سها من ح��ق تنكره على‬ ‫الآخرين من �أبناء ك�شمري يف احل�صول على احلرية وتقرير‬ ‫امل�صري بل تزيد «الطني بلة» من خالل العبث يف دميغرافية‬ ‫ك�شمري وطم�س الهوية الك�شمريية مثل ه��ذه املمار�سات‬ ‫تذكرنا متام ًا مبا يقوم به الكيان ال�صهيوين جتاه ال�شعب‬ ‫العربي الفل�سطيني من عمليات التهويد واال�ستيطان وطم�س‬ ‫الهوية العربية يف فل�سطني‪ ،‬لهذا ف�إننا ندعو املجتمع الدويل‬ ‫وال�ضمري العاملي الوقوف مع امل�ساعي ال�سلمية املبذولة‬ ‫من قبل باك�ستان لإنهاء حالة النزاع و�إح�لال ال�سالم يف‬ ‫ك�شمري وفل�سطني فمن حق ال�شعب الك�شمريي �أن يقرر‬ ‫م�صريه مبح�ض ارادته ‪ ،‬وعلى الدول العربية والإ�سالمية‬ ‫‪� 60‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫ودول العامل املحب لل�سالم والعدل الوقوف �إلى جانب احلق‬ ‫والعدل من خالل دع��وة الهند الى تطبيق ق��رارات الأمم‬ ‫املتحدة ال�صادرة واملت�ضمنة حق ال�شعب الك�شمريي يف‬ ‫تقرير م�صريه و�إنهاء االحتالل الهندي لهذا الإقليم امل�سلم‪.‬‬ ‫كما ندعو �شعوب العامل الت�ضامن مع �شعب ك�شمري‬ ‫و�إدان ��ة االح�ت�لال الهندي لهذا الإقليم م��ن خ�لال �إدان��ة‬ ‫املمار�سات التي تقوم بها الهند لطم�س الهوية الك�شمريية‬ ‫امل�سلمة والتالعب يف دميوغرافية الإقليم �سكاني ًا وعرفي ًا‬ ‫وممار�سات الت�ضييق والتهجري على �سكان الإقليم الأ�صليني‬ ‫من �أبناء ال�شعب الك�شمريي‪.‬‬ ‫ن�ترح��م على ��ش�ه��داء احل��ري��ة يف ك�شمري ومنا�صري‬ ‫الق�ضايا الإن�سانية العادلة‪ ،‬ونتمنى �أن يعود لك�شمري ربيعها‬ ‫املفقود الآن كما كان‪.‬‬


‫مقاالت الوسطية‬

‫املقاربة املوريتانيـة‬ ‫ملحاربـة التطـرف والإرهـاب‬ ‫الأ�ستاذ بن عمر يل‬ ‫موريتانيا‬

‫موريتانيا جزء من املنظومة املغاربية‪ ،‬معروفة بفكرها ‪� 2010‬شكلت هذه الأعمال الإجرامية ظاهرة �شاذة مفاجئة‬ ‫الو�سطي عرب التاريخ‪ ،‬جتمعها الوحدة الفكرية يف �إطار لل�ساحة املوريتانية ملناق�ضتها لطبيعة املجتمع املوريتاين‬ ‫التكامل واالن�سجام والتعاي�ش ال�سلمي يف املجال العقدي امل�سامل املت�سامح الكرمي‪،‬‬ ‫والفقهي وال�سلوكي‬ ‫ولذلك كان من �أولويات فخامة الرئي�س حممد بن عبد‬ ‫ويف ظل انتعا�ش التيار ال�سلفي العلمي‪ ،‬يف موريتانيا‪ ،‬العزيز و�ضع خطة وطنية حمكمة للق�ضاء على الظاهرة‬ ‫واخ�ت�راق���ه ال��ن�����س��ي��ج ال��ف��ك��ري ال��ت��ق��ل��ي��دي‪��� ،‬ش��اع��ت ثقافة �ضمن التزاماته بتوفري الأم��ن واال�ستقرار لتهيئة مناخ‬ ‫التبديع والتكفري يف ال�ساحة الوطنية ف�أ�صبح ال�شباب مالئم للتنمية ورف��ع التحديات ع��ن ال�سيادة الوطنية‪،‬‬ ‫عر�ضة للت�أثر بفكر ال�سلفية القتالية باعتبار ذلك طورا وتتلخ�ص اخلطة يف الآتي‪:‬‬ ‫جديدا يف �سياق �أدبيات تكفري ال�صوفية وزوار املقابر‪.‬‬ ‫�أوال‪ :‬املقاربة الأمنية‪ ،‬ومل تكن خيارا ملواجهة جماعة‬ ‫ب��دا التحول ال�سلوكي ال�سلفي ل��دى قلة م��ن ال�شباب معينة‪ ،‬لأن الإره��اب ظاهرة �أخطبوطيه‪ ،‬ولكن املواجهة‬ ‫حمدودي املعرفة متـ�أثرين باجلماعة ال�سلفية للدعوة والقتال كانت ��ض��رورة حلماية ال�سيادة وتوفري الأم��ن وتتمثل يف‬ ‫يف اجلزائر ح��دود ‪ ، 2005‬فكانت الأرا�ضي ال�صحراوية الآتي‪:‬‬ ‫ال�شا�سعة ب�ؤرة التن�سيق وحترك اجلماعات الإرهابية با�سم‬ ‫الدين تارة ولتغطية جتارة املمنوعات �أخرى‪ ،‬و�شكلت منافذ ‪ -‬تعزيز قدرات امل�ؤ�س�سة الع�سكرية بالت�سليح والتنظيم‪،‬‬ ‫للت�سلل من الأرا�ضي املالية‪ ،‬واجلزائرية للقيام ب�أعمال وتوفري الو�سائل اللوج�ستية‬ ‫�إرهابية يف االع�ت��داء على اجلي�ش املوريتاين‪ ،‬يف ملغيطي ‪� -‬إن�شاء وحدات ع�سكرية متخ�ص�صة بكامل اجلاهزية‬ ‫‪ 2007‬وقتل الفرن�سيني وكمني تورين ‪ ،2007‬والهجوم على ملكافحة الإرهاب‬ ‫مقهى يف نواك�شوط ‪ 2008‬وقتل مواطن امريكي ‪2009‬‬ ‫واختطاف الرعايا الأ�سبان واقتيادهم �إلى قواعد تنظيم ‪ -‬حتديد نقاط العبور الر�سمية على امتداد احلدود الوطنية‬ ‫القاعدة ‪ 2009‬وتفخيخ �سيارة يف املنطقة الع�سكرية بالنعمة بالطريق البيومرتي يف ت�سجيل الدخول لت�أمني احلدود‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪61‬‬


‫ ا�ستحداث قرى وان�شاء مقاطعات تتوفر على خمتلف فيما يلي‪:‬‬‫اخلدمات الأمنية يف املناطق ال�شا�سعة من البالد‬ ‫ نظمت احلكومة العديد من امل�ؤمترات الوطنية والإقليمية‬‫ مطاردة فلول الإرهاب �إلى خارج احلدود املوريتانية‬‫والدولية على �أعلى امل�ستويات ملحاربة الإرهاب‪ ،‬و�إحياء‬ ‫خط الو�سطية‬ ‫ثانيا‪ :‬اجلانب االقت�صادي واالجتماعي‪� :‬إعالن �سيا�سة‬ ‫مكافحة الفقر وتوفري حوانيت الأمل ملحدودي الدخل‪ ،‬وفتح ‪ -‬عقد م�ؤمتر وطني حل�شد الإجماع الوطني على مكافحة‬ ‫جمال التكوين املهني‪ ،‬وخلق فر�ص العمل‪ ،‬ورعاية ال�شباب الإرهاب من طرف جميع الفاعلني ال�سيا�سيني واخلروج‬ ‫‪....‬‬ ‫مبيثاق �شرف وطني ل�ل�أح��زاب ال�سيا�سية (الأغلبية‬ ‫ ا�ستقبال و�إيواء الالجئني املاليني ورعايتهم‪ ،‬للتخفيف واملعار�ضة)‪ ،‬للت�صدي لهذه الظاهرة اجلديدة الغريبة‬‫على املجتمع‬ ‫من م�شاكل التوتر يف املنطقة احلدودية‬ ‫• احلوار مع ال�سلفني يف ال�سجون‪:‬‬ ‫ �إ�شاعة احلريات العامة‪ ،‬وحمايتها لتجنب م�ضاعفات‬‫الكبت‪ ،‬واال�ضطهاد يف �صناعة التطرف والإرهاب‬ ‫�شكلت احلكومة �سنة ‪ 2010‬جلنة من العلماء لإجراء‬ ‫حوار يف ال�سجون‪ ،‬وتت�ألف اللجنة من‪:‬‬ ‫ثالثا‪ :‬اجلانب القانوين‪:‬‬ ‫ �شخ�صيات علمية م�ع��روف��ة‪ ،‬لها م�صداقية يف‬‫�سن قانون مكافحة الإرهاب وتعديله يف �سنة ‪2009‬‬ ‫ ‬‫ّ‬ ‫ال�ساحة الوطنية‬ ‫لتعزيز فاعليته يف حما�صرة الظاهرة‬ ‫ �شخ�صيات تتمتع بثقة املعتقلني‪ ،‬وبع�ضهم �سبق �أن‬‫ثالثا‪ :‬اجلانب الفكري والثقايف‪ :‬وذلك باعتبار �أن (ما‬ ‫يف الر�ؤو�س ال يقتلع بالف�ؤو�س)‪ ،‬ومتثل ذلك على �سبيل املثال كانوا من مرجعياتهم التقليدية‬ ‫‪� 62‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫• طريقة احلوار‪:‬‬ ‫ عقد جل�سات متهيدية مع ال�سجناء لتحديد نقاط احلوار‬‫ عقد اجتماع عام بني اللجنة وال�سجناء للتوجيه العام و�إعالن بدء احلوار‪ ،‬مت نقله عن طريق و�سائل الإعالم‬‫امل�سموعة واملرئية‪ ،‬عربوا فيه عن مواقفهم علنا �أمام النا�س‬ ‫ عقد اجتماعات جماعية للمجموعات التي تقاربت وجهات نظرها‪ ،‬للتنوير والتوجيه‬‫ نقا�شات مغلقة مع الأفراد الأكرث ت�شددا‪ ،‬لتليني مواقفهم‪ ،‬من �أجل �إحلاقهم باملجموعات العامة‬‫• �أهم �أفكارهم‪ :‬يتلخ�ص يف الت�صورات اخلاطئة عن الإ�سالم‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ تكفري احلكام بعدم تطبيق ال�شريعة‬‫ تكفري النظام الدميقراطي‬‫ وجوب قتال الكفار �أينما كانوا‪...‬‬‫• نتائج احلوار‪:‬‬ ‫ تراجع عدد كبري منهم‪ ،‬وتردد القليل‪ ،‬و�أ�صر عدد �أقل على موقفهم املت�شدد‬‫ مبنا�سبة �شهر رم�ضان املبارك �أ�صدر رئي�س اجلمهورية حممد بن عبد العزيز عفوا عن ‪ 35‬منهم‪ ،‬ممن مت احلكم‬‫عليهم �سابقا‪ ،‬ومن الذين مل يتلب�سوا بجرمية القتل‪.‬‬ ‫ تنظيم حفل ر�سمي ال�ستقبال املفرج عنهم‬‫ متكينهم بدعم ي�سمح لهم ب�إعادة اندماجهم يف املجتمع‬‫• نتائج اخلطة‪:‬‬ ‫ ت�صحيح الت�صورات اخلاطئة‪ ،‬لأن احلوار كان فر�صة لإثارة الق�ضايا اجلوهرية يف الفكر الإرهابي‪ ،‬ا�ستفاد منه‬‫من كان يف ال�سجون �أو من هم خارجها‬ ‫ تفكيك كافة اخلاليا النائمة‬‫ ال�سيطرة على الو�ضع الداخلي‪ ،‬ومطاردة فلول الإرهاب �إلى خارج الرتاب الوطني وت�أمني احلدود‬‫ م�ساهمة ال�شباب املفرج عنهم يف �إنارة الر�أي العام ال�شبابي‬‫‪ -‬قطع الطريق �أمام وجود جماعة �إرهابية منظمة يف موريتانيا حتى االن‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪63‬‬


‫مقاالت الوسطية‬

‫ما هو م�صري التنظيمات ا ِلإرهابية‬ ‫يف ظل تقاطع وجهات النظر حول مكافحة ا ِلإرهاب‬ ‫اللواء الركن (م) عدنان عبيدات‬

‫إهتمام ُمن َْ�ص َّب ًا هذه الأيام حولَ مواجه ِة وامل�ستقبلِ ال ِآمن بالإنعتاق من ربقة الظلم والتح ُّرر من‬ ‫ال يزال ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫الإره��اب وتنظيما ِته التي مل ي ��أ ِت ظهو ُرها َع َر َ�ض ًا يف ِنري الإ�ستبداد‪.‬‬ ‫املنطقة العربية‪ ،‬تلك التنظيمات التي �أَ� ْ��س� َه� َم� ْ�ت مبا‬ ‫افت�ضاح ممُ ��ار��س� ِ‬ ‫بع�ض الأن ِْظم ِة‬ ‫وبالرغم من‬ ‫�ات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ارت َك َب ْت ُه من �أَع�م��الٍ ِ�إجرامية يف ت َ​َ�ص ُّدع جِ ��دار ال ِق َيم‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫لألوانٍ ِم َن الإِ ِ‬ ‫قطاعات وا�سع ٍة ِم ْن َر َعاياها‪،‬‬ ‫رهاب على‬ ‫َ‬ ‫ومنظومة الأخ�لاق‪ ،‬يف ِظ ِّل حال ٍة ِم َن العبث والفو�ضى فقد َب ِق َيت ُم ِ�ص ّر ًة على الإ�ستمرار يف ما تفعل ال َت ْع َب�أُ‬ ‫وال �ت��دم�ير‪ ،‬وال�ق�ت��ل وال��ن��زوح وال�ت�ه�ج�ير‪ ،‬وا ِلإع �ت �ق��ال‬ ‫ِ‬ ‫الو�ض ِع املُ َعقَّد‪،‬‬ ‫ِعات‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ار�سا ِتها تلك‪ .‬ويف ِخ َ�ض ِّم ذلك ْ‬ ‫ممُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال�سنوات‬ ‫والتعذيب‪ ،‬وعدم ا ِلإ�ستقرار الذي ات�سمت به‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫املتواطئة‬ ‫مواقف القوى الدولية املُتَبا ِي َن ِة ‪ -‬ورمبا‬ ‫�شجعت‬ ‫َ‬ ‫ِجاف املا�ضية‪ ،‬كما �أَ‬ ‫عمال يف َّ‬ ‫اخلم�سُ الع ُ‬ ‫�سهمت َ‬ ‫تلك الأ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الغمو�ض و َي ُ�شو ُبه َع َد ُم ‪ -‬واملُ ْف َت ِق َر ِة �إِل��ى التن�سيق �شَ َّج َعت ب�سلبيتها الأنظم َة‬ ‫ر�سم م�ستقبلٍ للمنطقة يكت ِن ُف ُه‬ ‫ُ‬ ‫اليقني‪ ،‬خا�صة بعد تدخُّ ل الأَجنبي الذي ما َبرِ َح حري�ص ًا القمعية على املُ ِ�ض ِّي ُق ُدم ًا يف التعاملِ َم َع ُ�ش ُعوبِها بِال‬ ‫على ركوب موجة ال�صراع الدائر لي�ضع �أَجِ ن َْدته اخلا�ص َة َر ْح َم ٍة �أَ ْو َه َوادة‪ ،‬الأَمر الذي ه َّي�أَ‪ ،‬كما �أَ�سلفنا‪ِ ،‬‬ ‫حا�ض َن ًة‬ ‫ٍ‬ ‫وت�ستبيح ال � َّدم‪ِ .‬وم َن‬ ‫تنظيمات َت ْن َتهِ ُج ال ُعنْف‬ ‫ْريخ‬ ‫حل ْكم‪ِ ،‬ل َتف ِ‬ ‫ُ‬ ‫مو�ض َع التنفيذ‪ .‬وك��ان قد �أَ ّدى ا ِلإ�ستبدا ُد يف ا ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وغياب العدالة ا ِلإجتماعية‪ ،‬وانت�شا ُر املُ‬ ‫فارقات العجيب ِة �أ َّن الأنظم َة الديكتاتورية يف املنطق ِة‬ ‫ومنهج ا ِلإف�ساد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ح�سا�س با ِلإحباط لدى النا�س ِ�إلى لمَ ْ ُت ْع َتبرَ ْ ‪ِ ،‬م ْن منظو ِر العالمَ ِ املُت َ​َح ِّ�ضرِ ‪� ،‬أ�سا�سا لل ُم�شكلة َب ْل‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫وا‬ ‫‪،‬‬ ‫أ�س‬ ‫�‬ ‫والي‬ ‫العنف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نتاج ممُ ار�سا ِتها و تمَ َ ُّر ُد �شعوبها هو جذ ُر املُ�شكلة‪.‬‬ ‫اندالع ما ي�سمى بالربي ِع العرب ِِّي القا ِد ِم ِم َن القاع‪ ،‬الذي ْاع ُتبرِ َ ُ‬ ‫الرئي�س‬ ‫النجاح يف بع�ض وهكذا‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬ف�إِ َّن الأَنظم َة هي املُت َ​َ�س ِّب ُب‬ ‫ُ‬ ‫ما �أَ ْن بد�أ حتى خَ َبا �أُ َوا ُر ُه‪ ،‬ومل ُي ْكت َْب له‬ ‫ُ‬ ‫النا�س ما ال‬ ‫�ورات امل�ضادة‪ ،‬و ب�سبب توافرِ يف املعانا ِة الإن�سانية‪ ،‬وه��ي التي تحُ َ � ِّم� ُل‬ ‫َ‬ ‫ِدي��ار العرب ب�سبب ال�ث� ِ‬ ‫َ‬ ‫عوامل منها ما هو ذاتي ومنها ما هو داخلي �أو خارجي يطيقون‪ ،‬وت َ​َد ُع غالب َّيتَهم يف فاق ٍة ِ‬ ‫مام‬ ‫وح ْرمانٍ �شَ ِد َيد ْينِ �أ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بذلك َعالمَ ٍ ُمتف ِّر ٍج ال يبايل البتة‪.‬‬ ‫َل ِع َب ْت مبجموعها دور ًا ُم َع ِّط ًال فيها‪ .‬فت�ش َّكلت‬ ‫ٍ‬ ‫تنظيمات ِ�إرهابي ٍة متلأُ الفرا َغ وتزر ُع‬ ‫بيئ ٌة خ�صبة لنمو‬ ‫ال�سهلِ �إِ ْد ُ‬ ‫راك �أَ ْم َر ْينِ ا ْث َنينْ ِ كانَا‬ ‫ِوم ْن هنا ُ‬ ‫يكون ِم َن َّ‬ ‫اخلوف‪� .‬أَ َّما‬ ‫ُ‬ ‫ال�شعوب امل�ضط َهدة التي َاعتا َد ُح ّكا ُمها على َورا َء ُن ُ�شو ِء و اتِّ�سا ِع دا ِئ��ر ِة ال ُعن ِْف وال َع َملِ على َتغ ِْذي ِته‪،‬‬ ‫معام َلتها بالق�سوة والعنف‪ ،‬فلم َي ُك ْن �أ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫التنظيمات الإِرهابية �إِل��ى َح ِّيز الوجود‬ ‫بع�ض‬ ‫مامها ِم ْن �سبيلٍ وظهور ِ‬ ‫ِ‬ ‫التحدي والن�ضالِ ِم ْن َ�أ ْجلِ َ‬ ‫احليا ِة الكرمية‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫وا�ص‬ ‫م‬ ‫�سوى‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َ‬ ‫‪� 64‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫يف ه��ذا ا ُ‬ ‫ال�صرا ِع‬ ‫جل� ْ�ز ِء ِم� َ�ن ال� َع�المَ ِ لت ُْ�سهِ َم يف ا�ستمرا ِر ِّ‬ ‫فيه‪:‬الأَول الأن ِْظ َم ُة املُ ْ�س َت ِب َّد ُة املُ َت�شَ ِّد َد ُة ال َّرا ِف َ�ض ُة للإنتقالِ‬ ‫ال�س ْل ِم ّي التي تمُ َار ُِ�س �أَ ْعما ًال �إرهابية‪ ،‬بو�سائل‬ ‫الدميقراطي ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونزوح املاليني‬ ‫�ش َّتى‪ ،‬مت�س ِّبب ًة يف َم ْقتَلِ مئات �ألوف املواطنني ِ‬ ‫منهم‪.‬والثاين القوى الدولية التي مل ت�شَ �أ �أَن تتدخَّ َل ب�شكلٍ‬ ‫دون ح� ِ‬ ‫�دوث الأَعمال‬ ‫حا�سم يف الوقت املنا�سب للحيلول ِة َ‬ ‫ياهم‬ ‫العدا ِئية ِم ْن ِق َبلِ جميع الأَطراف املُتحاربة‪ ،‬مانح ًة �إِ ُ‬ ‫الفر�ص َة واحل ِّر َّي َة للعمل‪.‬‬ ‫ال�صراعات و الأَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫زمات العاملي َة والأَحداثَ املُتوالي َة‬ ‫يبدو �أَ َّن‬ ‫بتون�س ِفم�ص َر‬ ‫يف الآون��ة الأخ�يرة ب��دء ًا من �أُوكرانيا م��رور ًا َ‬ ‫فاليمن والعراقِ و�سوريا‪،‬‬ ‫فليبيا ثم ِقطا ِع َغ َّز َة وال�ضف ِة الغربي ِة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وب�شكل خا�ص الو�ضع املرير يف هذين البلدين الأ ِخ َري ْين‪ ،‬قد‬ ‫َد َف � َع بالواليات املتحدة وحلفا ِءها الدوليني ومنا ِف�سيها ‪-‬‬ ‫بح�سابات امل�صالح اخلا�صة ا َمل ْح َ�ضة ‪� -‬إِلى التدخلِ الع�سكري‬ ‫ا َ‬ ‫دون الرجوع (ب�شكل مبا�شر �أَو غري مبا�شر)‬ ‫حل ِذر يف املنطقة َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ولي�س ثمة دلي ٌل‬ ‫مم املتحدة‪َ .‬‬ ‫�إلى جمل�س الأ ْم ِن الدويل �أو الأ ِ‬ ‫وا�ض ٌح ميكن مالحظتُه ورا َء ت َ​َدخُّ ل القوى الدولية ُي�ش ُري ِ�إلى �أَ َّن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫امل�شكالت‬ ‫يوم من الأَيام �أَ ْن َي ُح َّل‬ ‫أجنبي ِم ْن َ�ش�أْ ِن ِه يف ٍ‬ ‫التدخل ال َّ‬ ‫املُتَفاعل ِة واملُتَفا ِقم ِة يف منطقتنا العربية‪ .‬و يف حني يظ ُّل‬ ‫بر يف �أَغلب الأَح��وال لي�س ِم ْن َ�أ َح� ٍ�د �سوى الأُمة‬ ‫اخلا�س ُر الأَك� ُ‬ ‫الوقت يمَ �ضي مَ‬ ‫دونا انتظا ٍر بينما‬ ‫العربية والإِ�سالمية‪ ،‬ف�إِ َّن َ‬ ‫ُ‬ ‫الباهظ الذي تدفعه ال�شعوب‪ ،‬و مع ذلك يبقى‬ ‫الثمن‬ ‫َيتَ�صاع ُد ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي�ص ِم ْن �أ َملٍ يف نهاية ال َّنفَق‪� ،‬إِذ �أ َّن ا�ستمرا َر احلالِ‬ ‫هناك َب ِ�ص ٌ‬ ‫هو َ�ض ْر ٌب ِم َن املُحال‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ا�ض ال َع ِ�س ُري‬ ‫وهكذا تنق�ضي خَ ْم ُ�س‬ ‫�سنوات ولمَ َّا َي ْنتَـ ِه ا َملخَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫و�س‬ ‫بعد‪ ،‬كما ي�ستمر ما ُي�س َّمى‬ ‫بالتحالف الدويل ومعه ال ُّر ُ‬ ‫ون ما‬ ‫يف بالدنا ُم ْطل ِقي الأَيدي دون ح�سيب �أو رقيب‪َ ،‬ي ْف َع ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫تنظيمات‬ ‫ُون متذ ِّرعني مبحاربة الإره��اب ومواجه ِة‬ ‫ي�شا�ؤ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال ُعنْف التي ُيعتقد �أنها ُت�شَ ِّك ُل تهديد ًا للجِ وار الأوروب��ي َب ْل‬ ‫و�س‬ ‫وللواليات املتحدة‪ِ ،‬وم ْن ورا ِئهم َوم َعهم يف تدخُّ ِلهم ال ُّر ُ‬ ‫ُ‬ ‫وح ُ‬ ‫التحالف الذي‬ ‫ليف احلا�ضر‪ -‬ذل��ك‬ ‫خَ ْ�ص ُم املا�ضي َ‬ ‫ُي�س ِّوقُ م�س�أَل َة التدخُّ لِ و َيعرِ ُ�ضها (على نحو زائ��ف) على‬ ‫خالقي ِم ْن وِجهة ن َ​َظرِ الغرب تُزَ ِّينُها‬ ‫التزام َ�أ‬ ‫�أَنَّها م�س�أل ُة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫الدواف ُع الإن�ساني ُة ا َمل ْز ُعومة يف �إطار جندة الأجنبي للب�ؤ�ساء‬ ‫لكن‬ ‫للج ْور عن املظلومني يف بالدنا‪َّ -‬‬ ‫�إحقاق ًا للحق ورفع ًا َ‬ ‫ِ‬ ‫وال�شعارات َت َت َك�شَّ ُف ِت َباع ًا‪ ،‬بحيث مل َن ُك ْن َن َرى ِم ْن‬ ‫احلقائقَ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ال�شعارات‬ ‫لتزام �أو ِلتلك‬ ‫َق ْب ُل ْ‬ ‫ولن َن� َرى ِم ْن َب ْع ُد لذلك الإِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُو ُج��ود ًا حقيقي ًا‪� ،‬أو تطبيق ًا �صادق ًا نظيف ًا دامغ ًا ِم ْن ِق َبلِ‬ ‫ون �إِ ّال م�صالحِ َ هم‪،‬‬ ‫راع َ‬ ‫�أُولئك املُت َ​َطفِّل َني علينا الذين ال ُي ُ‬ ‫ون‬ ‫ون على �أَ ْر ِ�ضنا و َيت َ​َح َّك ُم َ‬ ‫وقد َف َر ُ�ضوا �أَ ْنف َُ�سهم ِعنْوةً‪َ ،‬ي ْل َع ُب َ‬ ‫بمِ ُ َق َّد َرا ِتنا و َي َت َو َّل ْو َن َر ْ�س َم م�ستقبلنا‪.‬‬

‫يف نظر ٍة �سريع ٍة ل�سبع ِة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫احلرب‬ ‫عقود خَ َل ْت منذُ نهاية‬ ‫ِ‬ ‫الواليات املتحد َة الأَمريكي َة‪ ،‬انطالق ًا‬ ‫العاملي ِة الثاني ِة نجَ ِ ُد �أَ َّن‬ ‫ِ‬ ‫احلفاظ‬ ‫من م�صاحلها ولمِ َ ِّد غطاء هيمنتها‪ ،‬قد ا ْنبرَ َ ْت ملُهِ َّمة‬ ‫ي�ضمن ‪ -‬عموم ًا بالرغم ِم ْن �أَنَّها ْمل َت ْب ُل ْغ‬ ‫على �إِطا ٍر دويل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي�ضمن‬ ‫الكمال‪ ،‬وبالرغم ِم َن الأخطا ِء املُ ْر َت َكبة ِم ْن ِق َب ِلها ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫لكن �أَمريكا ْمل َت ُع ْد راغب ًة‬ ‫َح َّد ًا �أَ ْدنى ِم َن الإِ�ستقرار العاملي‪َّ .‬‬ ‫ك�شرطي دو ّ‬ ‫يل‪.‬‬ ‫يف ‪� -‬أَو بالأَحرى غري قادر ٍة على ‪ -‬العمل‬ ‫ٍّ‬ ‫ويف حال تحَ َ ّمل الإِحتاد الأُوروب��ي َو ْح� َ�د ُه م�س�ؤُولي َة احلفاظ‬ ‫على ما ُي�س ّمى بالنظام العاملي‪ ،‬ف�إِنَّه �سرعان ما َ�س ُيعاين ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫�ستنزاف َبل العجز الكامل نظر ًا لعد ِد وطبيع ِة‬ ‫الإِنهاك والإِ‬ ‫الأَز ِ‬ ‫جم َّر َد‬ ‫لي�س َ‬ ‫ْمات التي �سيواجِ ُهها‪ ،‬والتي �سيكون معظ ُمها َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫�صراعات غ َري متكافئة‪ .‬وال يبدو‬ ‫مناو�شات بني الدول‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬ ‫�أَ َّن حالَ‬ ‫املجتمعات الغربي ِة مبا فيها الواليات املتحدة مجُ َ َّه ٌز‬ ‫للتعامل مع ِم ْثلِ تلك ال�صراعات‪ .‬وهنا يربز ال�س� ُؤال �أمام‬ ‫هذا العجز‪ :‬هل هناك ِم ْن بديلٍ �سوى تفاقم الفو�ضى وات�ساع‬ ‫ِ‬ ‫وحدوث �سل�سل ٍة من الأَخطا ِر الب�شرية؟‬ ‫املخاطرِ الأَمنية‬ ‫لي�ست َث َّم َة حاجة للت ْ�أ ِ‬ ‫كيد على َ�أ َّن ارت��دادات ا َلأح��داث‬ ‫يره��ا �ستكون‬ ‫اجل��اري��ة التي تت�س ُع دائ��ر ُت�ه��ا‬ ‫ُ‬ ‫ويتعاظم ت��أث� ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫بالن�سبة للغرب ‪ -‬خا�ص ًة القارة العجوز‪� -‬أ ْم��را ال يمُ ْ ك ُن‬ ‫ُ‬ ‫حت�صيل حا�صلٍ ‪ ،‬ولع َّل الأع��دا َد الكبري َة‬ ‫اجتنا ُبه‪� ،‬إِذْ هو‬ ‫ُ‬ ‫املتدفِّق َة ِم َن املهاجرين ال�سوريني على �أوروبا‪ ،‬التي تت�سبب‬ ‫يف خلق م�شكلة اجتماعية مت�ضخمة‪ ،‬هي �أَ َح� َ�د �إف��رازات‬ ‫ِ‬ ‫املجتمعات الأُوروبية‪،‬‬ ‫تلك ال�صراعات املُق ِلقة التي �أَ ْر َب َك ْت‬ ‫وجعلت بع�ض دولها يرتاجع �أو يقف موقف ًا عدائي ًا مت�شدد ًا‬ ‫جتاه �أزم ٍة ان�ساني ٍة متفاقمة‪.‬‬ ‫ويف مراجع ٍة خاطف ٍة لمِ ِ‬ ‫ا�ضي الإِقليم ال��ذي ُ‬ ‫نعي�ش فيه‬ ‫�ران وتركيا و م�صر‪ ،‬والعربية ال�سعودية والإِم� ِ‬ ‫�ارات‬ ‫ف�إِ َّن �إِي� َ‬ ‫َ‬ ‫املتحدة (وهي ت�سميات لي�ست قدمية لهاتني الأ ِخريتينْ )‬ ‫بع�ضها البع�ض ا�ستناد ًا‬ ‫ودو ًال جماور ًة �أُخْ رى معها‪َ ،‬ت ْعرِ ُف َ‬ ‫عام ِم َن التجارة واحلروب‪ ،‬وهو ما يكفي لرتتيبِ‬ ‫ِ�إلى �أَلف َْي ٍ‬ ‫وح ِّلها ُد مَونا حاج ٍة للتدخل ِم ْن ِق َبلِ الواليات‬ ‫ِق َط ِع الأُ ْحجِ َية َ‬ ‫املتحدة �أَو رو�سيا �أَو ِم� ْ�ن ِق� َب��لِ �أَ ٍّي ِم� َ�ن ال��دول ا ُلأوروب �ي��ة‬ ‫الإِ�ستعمارية ال�سابقة‪ .‬و�أَم��ام ُجمل ٍة ِمن التحديات املاثلة‬ ‫يف �أيامنا هذه‪ ،‬ف�إِ َّن للأَنظمة العربية ِم َن الناحي ِة الأَمني ِة‬ ‫م�صلحة م�شرتكة للعملِ َ�س ِو ّي ًا على �ض ْب ِط الأَو�ضاع‪ِ ،‬بت َْج ِ‬ ‫ريد‬ ‫ِ‬ ‫العنف املت�شددة ِم� َ�ن ال�سالح وامل��الِ والإِع�لام‪،‬‬ ‫جماعات‬ ‫كما �أَ َّن لديها ِم ْن ٍ‬ ‫قت�صادي م�صلحة م�شرتكة يف‬ ‫جانب �إِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫احلفاظ على تدفُّقِ‬ ‫النفط �إِلى الأَ�سواق العاملية‪ ،‬وجن ِْي �أَكبرَ ِ‬ ‫َ‬ ‫قدر ممكنٍ ِم َن عائداته‪� ،‬أ َّم��ا ِم َن الناحي ِة ال�سيا�سية فال‬ ‫ٍ‬ ‫تقوم على‬ ‫ر ْي َب �أَ َّن ِم ْن م�صلحتها �إِ ْر�ساء‬ ‫عالقات را�سخة ُ‬ ‫من‬ ‫وح�سنِ اجلِ وار‬ ‫وامل�صالح امل�شرتكة ِ�ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِلإحرتام املتبادل ُ‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪65‬‬


‫بع�ض ِم َن الأنظمة العربية تقر�أ‬ ‫دولِ املنطقة‪ .‬لكن ال تزال ٌ‬ ‫الت مبنظا ٍر عفا عليه الزمن‪ ،‬غ َري عابئةٍ‬ ‫الأح��داثَ والتح ُّو ِ‬ ‫مبعاناة مواطنيها التي بلغت حد ًا فوق الإحتمال‪ ،‬وك�أمنا هي‬ ‫والدرو�س بعد‪.‬‬ ‫مل ت�ستخل�ص ال ِعبرَ َ‬ ‫َ‬ ‫ا�ستعر�ضنا حا�ض َر املنطقة وعالقة ا َلأجنبي‬ ‫و ِ�إذا ما‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫التدخل الأَمريكي‬ ‫باحلروب التي َج َر ْت فيها ‪ ،‬ف�إِننا نجَ ِ ُد �أَ َّن‬ ‫مل َي ُك ْن ُم َ�ص َّمم ًا �أَ ْ�ص ًال ِل ُي ْ�س ِف َر عن �أَ ِّي َح ِّل مل�شاكلها‪َ .‬ب ْل على‬ ‫الزيت على النار وليزدا َد الأَم ُر‬ ‫العك�س‪ ،‬فقد جاء ل َي ُ�ص َّب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ�سوء ًا مع ذلك التدخل‪ ،‬وهناك �أكرث من مثال؛ ففي �أعقاب‬ ‫الغزو الأَمريكي لأَ‬ ‫يتح�سن‬ ‫فغان�ستان يف العام ‪ْ 2001‬مل‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الو�ض ُع بل بقي م�ضطرب ًا وخَ ِطر ًا يف ذلك البلد املنكوب‪،‬‬ ‫و ْمل َيح ُدثْ �أَ ْن َح َّل ْت ب�أَ ِ‬ ‫ر�ض ِه دميقراطي ٌة بعد الغزو‪ ،‬كما ْمل‬ ‫يل َم ْ�س �أَح ٌد َب ْع ُد‪� ،‬أَنَّه �أُنجْ ِ ��زَ ْت على تُرا ِب ِه تنمي ٌة حقيقية‪� ،‬أَو‬ ‫خَ َّيم على ُر ِ‬ ‫بوع ِه �أَ ْم ٌن وا�ستقرار‪ ،‬بل ما تزال حقوقُ الإن�سان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تُنت َه ُك فيه‪ ،‬و َي ُ�سو ُد اجله ُل وانتفا ُء الأمان يف معظم �أرجا ِئه‪.‬‬ ‫و�إِذا ما انت َق ْلنا �إِلى العراق ف�إِ َّن ما َين ُ‬ ‫ُوف على عقد ِم َن‬ ‫وال�شعب العراقي ُ‬ ‫يعي�ش يف ظل ُح ْك ٍم‬ ‫الزمان قد م�ضى‬ ‫ُ‬ ‫طائفي حيثُ ا ُ‬ ‫حل� ِّر َّي� ُة غائب ٌة‪ ،‬والإِق�ت�ت� ُ‬ ‫�ال ُم ْ�س َت ِعر‪ ،‬والقت ُل‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يوم على َق َد ٍم و�ساق‪ ،‬واليتامى وال َّثكالى و الأيامى‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫يجري‬ ‫ٍ‬ ‫تغ�ص باملعتقَلني (من‬ ‫وال�س ُ‬ ‫جون ُّ‬ ‫يتزايدون با�ضطراد‪ُّ ،‬‬ ‫كال اجلن�سني)‪ ،‬ومالي ُني النازحني والالج ِئني قد َف � ُّروا‬ ‫ِم ْن ديارهم‪ ،‬واجلوع والفق ُر املدق ُع يلقي بظال ِله والف�سا ُد‬ ‫ُم ْ�س َت�شْ رٍ َ‬ ‫ير � ِآم�ن��ة‪ .‬وه��ذا كله ِم� ْ�ن ِث�م��ا ِر َح � ْر ِب‬ ‫واحل �ي��ا ُة غَ � ُ‬ ‫َ‬ ‫ال�سيد الأَمريكي َي ْت َب ُعه ُمنا ِف ُ�سه الرو�سي على بع�ض �أقطارِنا‬ ‫ُ�ستباح الأَ ْر ُ�ض و َك َرام ُة ا ِلإن�سانِ و ُيت َ​َح َّك ُم يف املوارد و َت َت َب َّد ُد‬ ‫فت ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫جتارب للأ�سلحة الف ّتاكة‬ ‫الأَموال‪ ،‬و ُي َّتخَ ذُ ِم َن البالد حقول‬ ‫‪� 66‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫والذخائر املتطورة واملعدات الأكرث حداثة واختبار الفعالية‬ ‫و�سما ِئنا‬ ‫و حت�سني الأَداء‪ ،‬كما ُيتخذُ من �أَ ْر ِ�ضنا وما ِئنا َ‬ ‫علي َلأ ْط�ق� ِ�م ال � ُّدخَ �لا ِء و ُم َرتَّباتهم على‬ ‫ميادين ت��دري� ٍ�ب ِف ٍّ‬ ‫�أَ ٍ‬ ‫ون ِخبرْ ٍات نوعي ٍة جديدة‪ .‬وهكذا جا َء‬ ‫هداف َح َّي ٍة‪ ،‬ف َي ْك ِت�س ُب َ‬ ‫التدمريي‬ ‫إ�ستعرا�ضي‬ ‫الرو�سي ال‬ ‫يف هذا الإِط��ا ِر التدخ ُل‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫العنيف يف �سوريا بق�صد احل�ف� ِ‬ ‫ُ‬ ‫النظام احلايل‬ ‫�اظ على‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫التدخل‬ ‫فيها‪ ،‬ول�ضمانِ حتقيقِ امل�صالح الرو�سية‪ ،‬وقد ميتد‬ ‫�إِلى �أَج��زا َء ِم َن العراق يف وقت الحق يف م�ضمار املناف�سة‬ ‫املفتوح‪ ،‬الأَمر الذي ي�ضيف ُبعد ًا جديد ًا لل�صراع املُ ِ‬ ‫حتدم يف‬ ‫ويت�سبب يف �سقوط �أَ ٍ‬ ‫عداد ُ�أخرى من‬ ‫املنطقة و ُيطي ُل �أَ َم َده‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫املدنيني الأَبرياء‪ ،‬و ُ‬ ‫يعمل على ا�ستكمال ِ�إ ِ‬ ‫حداث دما ٍر على‬ ‫نطاق �أَو�سع‪ ،‬و ُيجبرِ ُ �أَعداد ًا َ�أ ْكبرَ َ ِم َن النازحني واملُ َه َّجرِ ين‬ ‫�سيفاقم الو�ض َع ِب ُر َّم ِته‪ ،‬ويج َع ُل‬ ‫على ترك ديارهم‪ ،‬مما‬ ‫ُ‬ ‫بعيد املنال يف املدى املنظور‪ ،‬فيما تتوال ُد يف‬ ‫ال�سالم �أَمر ًا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تنظيمات خمتلف ٌة ب�أَجِ نْدا ِتها ووال ِئها‬ ‫واتي‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫املناخ‬ ‫هذا‬ ‫ِم ْثلِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫بات ِم َن الوا�ضح‬ ‫ومتويلها‬ ‫وارتباطها و َت َب ِع َّي ِتها‪ .‬وهكذا فقد َ‬ ‫�أَ َّن بني القوتني العظميني ُو ُج��وه �شَ َب ٍه يف املنحى وال�سلوك‬ ‫يكون واحد ًا والغاي ُة واحد ًة‬ ‫�سلوب لديهما ُ‬ ‫والهدف‪ ،‬ويكا ُد الأُ ُ‬ ‫�أَي�ض ًا؛ ففي ِ‬ ‫الوقت الذي ت َُد َّم ُر فيه املنطق ُة و ُي�شَ َّر ُد �أبنا�ؤها‬ ‫بع�ض‬ ‫تحُ َ قِّقُ القوتان ال ُع ْظميانِ خدم َة م�صالحِ ِ هما‬ ‫وم�صالح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫إ�سرائيل َهد ّي ًة مجَ ان ّية ال‬ ‫ُقدمان ل‬ ‫ممِ َّ ْن تحَ ا َل َف معهما‪ ،‬وت ِّ‬ ‫َ‬ ‫تُق َّد ُر بِثمن‪�ِ ،‬إذْ �أَ َّن َ‬ ‫�ضبط ِ�إيقا ِع الأ ِ‬ ‫حداث يف املنطقة يتوافقُ‬ ‫مع البو�صلة الإِ�سرائيلية‪ .‬وخال�صة القول يف هذا ال�صدد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫املجال للتدخالت اخلارجية كلما ج َّر ذلك‬ ‫تيح‬ ‫�أَنه ُك َّلما �أُ َ‬ ‫مزيد ًا من الويالت والكوارث على املنطقة و�شعوبها التي‬ ‫تقطنها منذ �آالف ال�سنني‪.‬‬


‫العنوان الذي تتقاط ُع فيه كم �سي�ستغرقُ حتقيقُ ذلك الهدف وما هو الثمن؟هل‬ ‫�أَ َّما مكافح ُة الإِره� ِ‬ ‫�اب وهو‬ ‫ُ‬ ‫وجهات النظر بني دولٍ يف الإِقليم ودولٍ �أَجنبية ِم ْن خارِجِ ه �ستكون حرب ًا نظيفة؟‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نظري على‬ ‫مب�صالح حيوية‪ ،‬فهناك �إِجما ٌع‬ ‫مرتبط ٍة معه‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫نا�س �أَبرياء؟‬ ‫كم �س ُي ْق َت ُل َب ْع ُد ِم ْن �أُ ٍ‬ ‫ُو ُجوب الأَخْ � ِ�ذ يف ا ُ‬ ‫حل�سبان عدم الإِكتفاء بالتخل�ص من‬ ‫الإِرهابيني‪ ،‬بل ال بد ِم ْن جتفيف املنابع التي تو ِّف ُر لهم‬ ‫من �أَ ْن ال تن�ش�أَ‬ ‫تنظيمات �إِرهابي ٌة جديدة يف وقت‬ ‫من َي ْ�ض ُ‬ ‫ٌ‬ ‫التجنيد والإِم َ��دا َد والتدريب‪ ،‬وبخالف ذلك ف��إِ َّن البيئ َة الحق؟‬ ‫وجد ْتها وغذَّ تها �أنظم ُة ا ُ‬ ‫حل ْكم القمعية غري‬ ‫املالئمة التي �أ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إ�سناد و�إم� ٍ‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬ب� ٍ‬ ‫ما هي الأ ُ‬ ‫هداف التي �ستهاجمها مثل تلك التنظيمات يف‬ ‫�داد ورعاي ٍة ِم ْن بع�ض القوى‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫الكيانات املت�شددة و َر ِّدها االنتقامي؟‬ ‫الإِقليمية والدولية‪� ،‬ستُن ِت ُج َمزِ يدا ِم َن‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫�ستكون �أ�ش َّد ُ�سوءا من تلك‬ ‫املتطرفة و الإِرهابية التي رمبا‬ ‫ُ‬ ‫كيف �سيكون امل�شه ُد عند انتها ِء احلرب �ضدها؟‬ ‫و�سيكون‬ ‫التي ن�شهدها هذه الأَيام يف �ساحات ال�صراع‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫املرتتب على ذلك بال َغ التعقيد‪ .‬ولذلك ُيعتقَد‪ِ ،‬م ْن‬ ‫الو�ض ُع‬ ‫ُ‬ ‫�سيختلف احل� ُ‬ ‫ُ‬ ‫�ال ما دام �أَ َّن ج��ذو َر امل�شكالت يف‬ ‫هل‬ ‫َ‬ ‫منظور‬ ‫عاملي‪� ،‬أنَّه ِم َن ال�ضرورة بمِ َ كان اتبا ُع ا�سرتاتيجي ٍة ال�شرق الأَو�سط (ولي�س �أَ ْع َرا�ضها) مل ُت َعا َل ْج؟‬ ‫َ‬ ‫ُت�شَ ِّد ُد يف �أ َح ِد جوانبها على الدبلوما�سية والإِ�ستخبارات‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫�أ ْم �أنَّه ِم َن املق�صود �إِبقا ُء املنطقة (�إِلى حنيٍ) يف حالة‬ ‫والإِقت�صاد‪� ،‬إِ�ضافة �إِلى �إيالء عناية خا�صة ملُك ِّونٍ كب ٍري‬ ‫هو الأَيدولوجيا ُبغية �إِح��داث التغيري على ا َملقا�س الذي ما ُي َ�س َّمى بالفو�ضى اخل ّالقة؟‬ ‫�صاحب ِ‬ ‫اليد العليا‪ .‬وهذا بطبيعة احلال ُيحت ُِّم‬ ‫ينا�سب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م ��اذا بالن�سبة للتنظيمات ال�ط��ا ِئ�ف�ي��ة امل�ت���ش� ّددة‬ ‫وي�ستلزم‬ ‫وتقييم بني ح ٍني و�آخ��ر‪،‬‬ ‫اج��را َء مراجعة دورية‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ال�شبكات‪ ،‬الأُخ� ��رى ال�ت��ي ارت � َك � َب� ْ�ت وال ت ��زال ت��رت� ِ�ك� ُ�ب َم��زي��د ًا ِم� َ�ن‬ ‫تنظيم وب�ن��ا ِء‬ ‫َ�س ْعي ًا د�ؤوب� � ًا لإِ��ض�ع��اف عملِ‬ ‫ِ‬ ‫ون توفُّرِ الظروف اجل��را ِئ� َ�م الب�شعة يف �سوريا وال �ع��راق واليمن ولبنان؟‬ ‫واحلرمان ِم َن املالذ الآمن‪ ،‬واحليلول َة ُد َ‬ ‫َ‬ ‫�رب �ضد ا ِلإ ْره��اب �أَ ْم �ستبقى عالق ًة‬ ‫ت�ستقطب املُجنَّدين املحت َملني‪ .‬ولكن يف الوقت نف�سه‪ ،‬هل‬ ‫�ستنجح احل� ُ‬ ‫ُ‬ ‫التي‬ ‫ُ‬ ‫�اف حتى الآن بل ُعزوف ًا ُمت َع َّمد ًا عن كذريع ٍة ال�ستمرار التدخل الأَجنبي �أَ ْم �ستكون حرب ًا‬ ‫ال َن� َرى اهتمام ًا ك� ٍ‬ ‫وا�سع ِم ْن ق�ضايا هذه حمكوم ًة بالف�شل؟‬ ‫بحث �أُ�صول و�أَ ِ‬ ‫�سباب وجوهرِ َط ْي ٍف ٍ‬ ‫املنطقة املهمة جد ًا ِم َن العامل‪ ،‬والتي َي ْك ُم ُن ورا َئها العدي ُد‬ ‫وال�س�ؤَال الكبري هو‪ :‬مل�صلحة َم ْن جتري هذه الأَحداثُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫من �أَ ِ‬ ‫�سباب‬ ‫ٍ‬ ‫ري‬ ‫النزاعات وعلى ر�أ�سها الق�ضية الفل�سطينية‪ .‬منذ �سنوات يف �أَك َرث من قطر عربي‪،‬‬ ‫برتتيب فيه ح ٌّد كب ٌ‬ ‫�إذْ مل َت ُك ْن هناك ِن َّي ٌة يف ال�سابق ولن َ‬ ‫تكون ِن َّي ٌة ل ِفعلِ ذلك ِم َن التزامن والت�شابه؟‬ ‫يف ال�لاح��ق ‪ -‬فيما ي�ب��دو‪ -‬يف ظ��ل امل �ع��ادالت الإقليمية‬ ‫ً‬ ‫والدولية ال�سائدة وتقاطع م�صالح الأطراف الفاعلة يف‬ ‫حا�سم‬ ‫ملاذا مل تتدخل الواليات املتحدة فورا وعلى نحو ٍ‬ ‫ال�صراع الدائر‪ .‬وهكذا يجري ك ُّل ما يجري دون الإِلتفات منذ البداية ال�ستعادة الإِ�ستقرار يف هذه املنطقة املهمة؟‬ ‫�إِلى �أَي َحقٍّ ِمن حقوق �شعوب املنطقة‪� ،‬أو مراعاة م�صلحة‬ ‫ميكن تف�س ُري �سلوك الواليات املتحدة بالإ�شار ِة‬ ‫كيف‬ ‫ُ‬ ‫واحدة من م�صاحلها‪.‬‬ ‫ِ�إلى التزاماتها جتا َه ا�سرائيل؟‬ ‫والآن فيما الو�ض ُع يتدهور وامل�شه ُد يزدا ُد تعقيد ًا‪ ،‬و‬ ‫هل من باب امل�صادفة ما ي� ُ‬ ‫�زال ال�صراع ُمن َْح ِ�صر ًا‬ ‫فيما ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫احلرب تزر ُع الدما َر يف �سوريا والعراق‬ ‫تزال �آل ُة‬ ‫أرواح وت�ش ِّر ُد املالي َني وت�ستنزف فقط يف املنطقة العربية وال ُي ْ�س َم ُح له �أَ ْن ميت َّد �إِلى دول‬ ‫واليمن وغريها‪ ،‬فت�أخذُ ال‬ ‫دن وال ُق َرى َوالبنى التحتي َة ِ�إلى �أَطاللٍ اجلوار؟‬ ‫الأموال‪ ،‬وتحُ ِ ُيل املُ َ‬ ‫خَ رِ َبة‪ ،‬برعاية وتنفيذ الع ِب َني حمليني و ِ�إقليميِني ودول ِّيينِ ‪،‬‬ ‫�إِ َّن الإجاب َة ال�صحيح َة على هذه الأَ�س ِئل ِة اخلم�س َة ع�شر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف ِ�إ َّن جمموع ًة ِم َن الأ�سئلة َحولَ ما يجري �أط َر ُحها يف ما رمبا ت َُ�س ِّه ُل ‪ -‬بطريق ٍة ما ‪ -‬التن ُّب�ؤَ مب�ستقبلِ ورمبا حتديد‬ ‫يلي ‪:‬‬ ‫كيف ؟‬ ‫هل ُيرا ُد فع ًال الق�ضا ُء نهائي ًا على املنظمات التي َت َّت ِخذُ‬ ‫و ِ�إلى �أَ ْي َن يتّجِ ُه م�ص ُري التنظيمات املتط ِّرفة يف هذه‬ ‫ِم َن ال ُع َ‬ ‫نف و�سيل ًة لتحقيق م�آربها؟و�إِذا كانت الإِجاب ُة نعم‪ ،‬املنطقة النَّازِفة؟‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪67‬‬


‫مقاالت الوسطية‬

‫ر�ؤي�����ة يف االره�����اب‬ ‫د‪ .‬ح�سن علي املبي�ضني‬

‫ت�سعى ال��دول على اختالف مرجعياتها الأيديولوجية‬ ‫والعقائدية واملذهبية ‪-‬كما هي �شعوبها اي�ضا ‪-‬لو�ضع حد‬ ‫لتنامي ظاهرة االرهاب‪ ،‬التي باتت ت�سري يف ذهن م�ؤيديها‪،‬‬ ‫�سريان النار يف اله�شيم‪ ،‬اذ بفعلها تتوحد القناعات امل�ستندة‬ ‫الى �أ�سباب ن�شوئها يف كل دولة من دوله حتى ت�صبح فكرة‬ ‫�شمولية‪ ،‬و�أداة لتنفيذ ما ا�ستبطن من �أهواء‪.‬‬ ‫والعودة الى القول (رب �ضارة نافعة) ت�أخذنا الى درا�سة‬ ‫الظاهرة وحتليلها ‪ ،‬وبيان �أ�سبابها ونتائجها ‪ ،‬وانعكا�ساتها‪:‬‬ ‫حملي ًا وعربي ًا ودولي ًا وان�ساني ًا‪.‬‬ ‫والنفع يف ه��ذه الظاهرة ال ي�أتي من النتائج ‪ ،‬حيث‬ ‫النتائج حم�سومة ‪ ،‬بقتل الأبرياء ‪ ،‬ودم��ار البيوت االمنة‬ ‫املطمئنة ‪ ،‬وهالك للحرث والن�سل مع ًا ‪ ،‬وترويع للآمنني‬ ‫على اختالف �أل�سنتهم و�ألوانهم‪.‬‬ ‫ولعل من ي�ستقرىء املا�ضي واحلا�ضر ال�سيا�سي لدول ما‬ ‫يف هذا العامل الوا�سع املمتد ‪ ،‬يجد ح��وار ًا قائم ًا بني تلك‬ ‫الدول ‪ ،‬ي�أخذ �شكال جديد ًا يف التعبري القائم على ا�ستخدام‬ ‫لغة احلرب‪� :‬صواريخ ًا ومدافع وطائرات ‪ ،‬وقتلى و�أ�شالء‬ ‫‪ ،‬وعزال للغة املنطق واحلوار االن�ساين واحلكمة واملوعظة‬ ‫احل�سنة‪ .‬ومن ظاهرة العنف امل�ضاد ‪ -‬ولو ب�شكل ب�سيط من‬ ‫االحتجاج وال�شجب واال�ستنكار ‪ -‬تتولد فكرة رد الفعل على‬ ‫الفعل املقام ‪ ،‬ا�ستناد ًا لر�ؤية علمية وطبيعية (لكل فعل رد‬ ‫فعل م�ساو له يف املقدار ومعاك�س له يف االجت��اه) فاملقدار‬ ‫‪� 68‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫الواقع على الدول ال�ضعيفة من الدول القوية حتم ًا �سيخلق‬ ‫اجتاه ًا معاك�س ًا عند تبني رد الفعل لظاهرة احلرب والقتل‬ ‫والدمار‪.‬‬ ‫وبح�سب ن�شوء تلك الأج ��واء امل�شوبة باحلذر حين ًا ‪،‬‬ ‫والرتقب والريبة �أحيان ًا اخ��رى ‪ ،‬تنبع االجتهادات على‬ ‫اختالف مرجعياتها ودالالتها الفكرية ‪ ،‬للتعاي�ش مع ظاهرة‬ ‫العداء املعلن وغري املعلن بني الدول ‪ ،‬وتتولى تلك املنظمات‬ ‫زم��ام امل�ب��ادرة يف التعبري بالطريقة التي تراها منا�سبة‬ ‫‪ ،‬بعيدة كل البعد عن التوجه الفكري ال�سليم ‪ ،‬ملعتقد ما‬ ‫�أو مذهب ما او �سيا�سة متوازنة ما ‪ ،‬تعتمد مبد�أ امل�صالح‬ ‫امل�شرتكة يف احلوار مع الآخر ‪ ،‬تنفيذ ًا ملبد�أ (خذ وطالب)‬ ‫‪ ،‬فتقاطع خطوط امل�صالح ال بد و�أن يرتك نقطة ما ‪ ،‬يبد�أ‬ ‫منها خط مواز لل�سري يف احلوار فكريا وعقليا ‪ ،‬وان كان‬ ‫ذلك علمي ًا ُيعد �أم��ر ًا �صعب ًا ‪ ،‬لكن تغليب احل��وار �سيخلق‬ ‫منط ًا من التعاي�ش �ضمن ر�ؤية م�شرتكة ‪ ،‬قد تعيد الهدوء‬ ‫الى �أركان العالقة بني دولة واخرى‪.‬‬ ‫وقد يجد الناظر يف الربامج االقت�صادية وانت�شارها‬ ‫على خريطة وطن ما‪� :‬أفقيا وعمودي ًا فر�صة للت�أويل حول‬ ‫دور االقت�صاد والتنمية ونتائجهما من الفقر والبطالة‬ ‫واجل��وع ‪ ،‬وان �ع��دام احل��وار ب�ين الأغ�ن�ي��اء وال�ف�ق��راء‪ :‬دوال‬ ‫و�شعوبا ‪ ،‬يف ايجاد ظاهرة تت�سع �أفقيا وعموديا كذلك ‪،‬‬ ‫للتعبري عن واق��ع معي�ش ‪ ،‬قد ي�صنف العامل على �أ�سا�س‬ ‫�شمال غني ‪ ،‬وجنوب فقري‪ .‬ويف ظل انعدام احلوار بينهما‬


‫تن�ش�أ ال�سيا�سات املنتزعة لال�ستقرار يف كليهما ‪ ،‬فال الغني‬ ‫ي�ستطيع اال�ستمرار يف �سيا�سته ‪ ،‬لأن حالة رد الفعل لدى‬ ‫االخر �ستخلق حالة راف�ضة لتوجهه ‪ ،‬يخفت او ي�شتد توجهها‬ ‫ح�سب احلركة وحمركها ‪ ،‬ان على م�ستوى االفراد او الدول‪.‬‬ ‫ويف ذل��ك اي�ضا تنعدم احلكمة واملوعظة احل�سنة يف‬ ‫اقامة ذاك احلوار القائم على تقريب امل�سافات وتال�شيها‬ ‫�شيئ ًا ف�شيئ ًا ‪ ،‬حتى تن�صهر نقاط التقاطع ‪ ،‬وت�صبح بدال‬ ‫منها نقاط التقاء‪.‬‬ ‫وعليه ‪ ،‬ف��ان الثقافة التي تن�ش�أ يف ظل ذل��ك الواقع ‪،‬‬ ‫ت�ستند ال��ى مرجعية احلقوق واملكت�سبات ‪ ،‬والبحث عن‬ ‫البدائل من �أجل اقامة جمتمعات خالية من روا�سب تلك‬ ‫ال�سيا�سات الدولية الوا�سعة االنت�شار والنتائج‪.‬‬ ‫وهنا ت�أتي فر�صة اخرى للبحث عن منافذ للخروج ‪ ،‬ولكن‬ ‫ب�صورة م�صغرة لدى منظمات وجماعات وافراد ‪ ،‬الهدف‬ ‫من ظهورها هو التعبري بلغة اخرى غري مقبولة ‪ ،‬وك�أنها يف‬ ‫احلقيقة انعكا�س لواقع دويل يعي�شه افراد �ضمن مكوناتهم‬ ‫الفكرية ال�ضيقة ذات املنهج االحادي النظرة لالمور كافة‪.‬‬ ‫ونحن يف العامل العربي املرتامي االطراف ل�سنا خارج‬ ‫لعبة االمم ال�سيا�سية ‪ ،‬بل نحن مركز الدائرة ومنطلقها‬ ‫‪ ،‬ففي ار�ضنا مهد احل�ضارات والديانات ‪ ،‬ومنها بواعث‬ ‫الفكر امل�ؤتلف واملختلف ‪ ،‬حول تلك احل�ضارات والديانات‬ ‫‪ ،‬وحولها تختلف االج�ت�ه��ادات‪ :‬ال�سيا�سية واالقت�صادية‬ ‫والفكرية واالجتماعية وعليه تتوحد ال�سيا�سات ‪ ،‬وتختلف‬ ‫التوجهات واملنطلقات ‪ ،‬ويف �أر�ضنا كذلك م�صادر للأفكار‪:‬‬ ‫�سليمها وعقيمها ‪ ،‬ا�ستناد ًا الى موروثنا الثقايف واحل�ضاري‬ ‫‪ ،‬والى الواقع ال�سيا�سي واالقت�صادي املرتدي ‪ ،‬الذي يعطي‬ ‫الفر�صة للآخر‪� :‬صديق ًا او عدو ًا ‪ ،‬ان يفكر يف �أدجلة هذه‬ ‫املنطقة احلرجة من العامل وفق هواه ‪ ،‬في�ضع ال�سيا�سات‬ ‫والربامج واخلطط ‪� ،‬سواء اتفقت مع واقعنا �أم مل تتفق ‪،‬‬ ‫املهم عنده �أنها ال تتعار�ض مع م�صلحته الدائمة يف هذه‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫وهذا الأمر ي�شكل بيت ًا �آخر من ق�صيدة املعاناة املعي�شة‬ ‫عربي ًا من املاء الى املاء ‪ ،‬اذ تن�ش�أ وفق ًا لذلك (�سيا�سات‬ ‫الرد ورد ال�سيا�سات) من احلكومات وال�شعوب �سواء ب�سواء ‪،‬‬ ‫لكل املخططات التي تريد النيل من هذه الأمة وهذا بطبيعة‬ ‫احلال يفرز اجتهاد جديد ًا خاطئا يف الرد على ال�سيا�سات‬ ‫و�سيا�سات الرد ‪ ،‬اذ ينحى االجتهاد اجلديد منحى الفردية‬ ‫والغوغائية ‪ ،‬وهذا ما يجعلنا ن�صر على القول‪ :‬ان املجتمع‬ ‫العربي يحتاج �أي�ضا الى قادة فكر واجتماع ‪ ،‬ليكونوا عون ًا‬ ‫للقادة ال�سيا�سيني ال عبئ ًا عليهم ‪ ،‬ويكون مبقدورهم حينئذ‬

‫ر�سم التوجه اجلديد للأمة ‪ ،‬بعيد ًا عن ت�شويه �صورة الذات‬ ‫وحماولة طم�سها ‪ ،‬اذ الهدف الأ�سمى هو الرتميم ملا تبقى‬ ‫من ال�صور امل�شرقة لوجهنا احل�ضاري ‪� ،‬أو اعادة بث احلياة‬ ‫فيها من جديد‪.‬‬ ‫ولعل الغوغائية تلك ‪ ،‬تفرز قادة ‪ ،‬بدء ًا من م�ستوى خلية‬ ‫الى م�ستوى تنظيم الى جماعات ‪ ،‬حت��اول اال�صالح وفق‬ ‫منهجها الذي يفتقر الى �سبب جناحه ‪ ،‬وهذا �أي�ضا �سبب‬ ‫�آخر لظهور �سيا�سة العنف البعيدة عن احلكمة يف تناولها‬ ‫للق�ضايا ذات امل�سا�س املبا�شر بحياة الفرد العربي وجمتمعه‬ ‫على حد �سواء‪.‬‬ ‫والنتائج املرتتبة على معطيات تلك اال�سباب‪ :‬فكر ًا‬ ‫واقت�صاد ًا و�سيا�سة ‪� ،‬ستطال تلك امليادين ب�صورة �أو�سع ‪ ،‬اذ‬ ‫�ستعمم التجربة مبيادين �أو�سع ‪ ،‬ان �أهمل التعامل معها وفق‬ ‫مرجعياتها التي ذكرت ‪ ،‬يف الفكر واالقت�صاد وال�سيا�سة‬ ‫‪ ،‬وهذا يدعونا جميع ًا م�ؤ�س�سات و�أف��راد ًا الى معاجلة تلك‬ ‫الروا�سب يف ذهن اجلميع ‪ ،‬لأن العمل على �صعيد واحد‬ ‫يفقد امليزان االجتماعي وال�سيا�سي حالة توازنه ‪ ،‬ونحن‬ ‫ب�أم�س احلاجة الى تلم�س ال�شعرة الدقيقة لذلك امليزان ‪،‬‬ ‫للخروج من م�أزق عا�شه غرينا وقد نعي�شه نحن ال �سمح اهلل‪.‬‬ ‫وخال�صة القول بايجابية االرهاب الذي ن�شاهده ونعاين‬ ‫منه تخطيط ًا وتدبري ًا انه يجعلنا اكرث حر�ص ًا على اجتثاث‬ ‫ج��ذوره ‪ ،‬التي متتد ب�أوحال التخلف امل�أخوذ من خمتلف‬ ‫الأفكار العقيمة ‪ ،‬ومن خمتلف الأيديولوجيات ال�سيا�سية‬ ‫املوجودة يف العامل ‪ ،‬خا�صة اذا علمنا ان لي�س لالرهاب‬ ‫معتقد او فكر خا�ص به او وطن ‪ ،‬فهو �سلوك �شاذ جنده عند‬ ‫كل امللل ويف كل الدول ‪ ،‬وهو بذلك يحتاج من اجلميع افراد ًا‬ ‫وم�ؤ�س�سات للوقوف على �أ�سباب وج��وده ‪ ،‬وارت�ب��اط تلك‬ ‫الأ�سباب بحيثياتها ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية‬ ‫‪ ،‬والبدء مبعاجلتها معاجلة فكرية ثقافية ال �أمنية فقط ‪،‬‬ ‫اذ اجلانب الأمني يف االردن ‪ -‬على �سبيل املثال ‪ -‬قد �أدى‬ ‫واجبه جتاه ذلك من خالل �أجهزته الأمنية املخت�صة ‪ ،‬التي‬ ‫ا�ستطاعت برت �سواعد االرهاب قبل ظهورها‪ .‬وفتحت الباب‬ ‫م�شرع ًا مل�ؤ�س�سات املجتمع املدين‪ :‬هيئات ونقابات ومنتديات‬ ‫و�أحزاب ًا من التغلغل داخل املجتمع بكل فئاته ‪ ،‬للبحث حول‬ ‫تلك الظاهرة �أ�سباب ًا ونتائج ‪ ،‬ا�ستكما ًال ل��دور االجهزة‬ ‫الأمنية ‪ ،‬التي حتظى بدعم االردنيني جميع ًا ‪ ،‬حتى يبقى‬ ‫االردن على الدوام واحة �أمن وا�ستقرار باذن اهلل‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪69‬‬


‫مقاالت الوسطية‬

‫حمارب��ة الف�س��اد يف الإ�س�لام‬ ‫د‪.‬عبد احلميد �صالح القطيطات‬

‫ق��ال تعالى‪َ }:‬ظ� َه� َر ا ْلف َ​َ�سا ُد فيِ ا ْل�َب�رَ ِّ َوا ْل� َب� ْ�ح��رِ بمِ َ ا ينحرف عن املمار�سات امل�شروعة والواجبات الر�سمية‪،‬‬ ‫َك َ�س َب ْت �أَ ْي� ِ�دي الن ِ‬ ‫َّا�س ِل ُي ِذي َق ُه ْم َب ْع َ�ض ا َّل� ِ�ذي َع ِم ُلوا َل َع َّل ُه ْم بق�صد حتقيق مكا�سب خا�صة”‪.‬‬ ‫ون{(الروم ‪.)41‬‬ ‫َي ْرجِ ُع َ‬ ‫لقد فطر الإن���س��ان على ح��ب امل��ال فقال اهلل تعالى‪:‬‬ ‫‪ .1‬مقدمة‪:‬‬ ‫�ون المْ َ��الَ ُح ًّبا َج ًّما{(الفجر‪ ،)20‬وهو زينة كما قال‬ ‫} َوتحُ ِ � ُّب� َ‬ ‫�سبحانه‪} :‬املال والبنون زينة احلياة الدنيا {‪ ،‬وقدمه على‬ ‫الف�ساد مر�ض الع�صر الفتاك وهو‬ ‫ظاهرة عاملية �أزلية‪ ،‬البنني‪ ،‬ويعد املال من الإعتبارات اخلم�س يف الإ�سالم التي‬ ‫ً‬ ‫يتفاوت حجمها و�إنت�شارها يف الدول‪ ،‬تبعا لطبيعة النظام يجب الدفاع عنها واملحافظة عليها وهي النف�س‪ ،‬الدين‪،‬‬ ‫االجتماعي والقيمي وال�سيا�سي واالقت�صادي ال�سائد يف كل الفقر‪ ،‬الن�سل‪ ،‬املال‪.‬‬ ‫جمتمع‪ ،‬لكن علينا الإعرتاف وبكل �أ�سف �أن غالبية دولنا‬ ‫العربية والإ�سالمية حتتل مراتب متقدمة بني الدول الأكرث‬ ‫واملق�صود ب��امل��ال هنا امل��ال احل�لال املتح�صل بطرق‬ ‫ف�ساد ًا يف العامل‪.‬‬ ‫م�شروعة ولي�س مال الف�ساد لأنه فتنة} َو ْاع َل ُموا �أَ مَّنَا �أَ ْم َوا ُل ُك ْم‬ ‫الف�ساد �أ�شكاله متنوعة وطرقه عديدة ويعد الف�ساد َو�أَ ْو اَل ُد ُك ْم ِف ْت َن ٌة َو�أَ َّن اللهَّ َ ِعن َْد ُه �أَ ْج ٌر َع ِظي ٌم {(الأنفال‪ ،)28‬كما‬ ‫قال جل وعال ‪َ } :‬وا ْب َت ِغ ِفي َما �آت َ‬ ‫َاك اللهَّ ُ ال َّدا َر ْال ِآخ َر َة َو اَل َتن َْ�س‬ ‫املايل والإداري الأكرث طغيان ًا بني هذه الأ�شكال‪ ،‬حيث يتغلغل‬ ‫ُ‬ ‫للهَّ‬ ‫َ‬ ‫العام ن َِ�صي َب َك ِم َن ال ُّد ْن َيا َو�أَ ْح ِ�س ْن َك َما �أ ْح َ�س َن ا �إِ َل ْي َك َو اَل َت ْب ِغ‬ ‫يف مفا�صل الدولة وم�ؤ�س�ساتها‪ٍ ،‬‬ ‫بتعد �سافرٍ على املال‬ ‫واملوارد‪ ،‬عرب �إ�ستثمار الوظيفة وا�ستقالل النفوذ والر�شوة ا ْلف َ​َ�سا َد فيِ ْ أ‬ ‫الَ ْر ِ�ض ِ�إ َّن اللهَّ َ اَل ُي ِح ُّب المْ ُف ِْ�سدين{(الق�ص�ص‪.)77‬‬ ‫والوا�سطة واملح�سوبية‪ ،‬غري �آبه بالقيم والأعراف والقوانني‪،‬‬ ‫جاء الإ�سالم هادي ًا للب�شرية‪ ،‬منظم ًا لعالقات الب�شر‬ ‫خملف ًا جمتمعات تعاين من الفقر واجلوع والتمزق والإقتتال ومعامالتهم‪ ،‬يف �إطار عبادة اهلل وحده‪ ،‬واتباع �سنة نبيه‬ ‫والت�شرد واللجوء والت�سول‪.‬‬ ‫الكرمي طمع ًا بالفوز بر�ضاه واجل�ن��ة‪ ،‬وب��دا وا�ضح ًا من‬ ‫والف�ساد نف�سه هو نقي�ض ال�صالح ويف املنظور الإ�سالمي غري لب�س حر�ص ال�شريعة الإ�سالمية على حت�صني الأمة‬ ‫“يكون الف�ساد عندما يحب الإن�سان من املال هدف ًا له‪ ،‬دون وحمايتها م��ن ��ش��رور الف�ساد وتبعاته‪ ،‬م��ن خ�لال تكرار‬ ‫مراعاة �أحكام ال�شريعة (ر�شاد ح�سن خليل‪-‬الف�ساد يف الإ�شارة للف�ساد واملف�سدين يف �أكرث من خم�سني مو�ضع ًا يف‬ ‫القر�آن الكرمي �إ�ضاف ًة �إلى ما ورد يف ال�سنة النبوية الطاهرة‪،‬‬ ‫الن�شاط االقت�صادي)‪.‬‬ ‫و�آثار ال�صحابة والأئمة والعلماء ر�ضوان اهلل عليهم جميع ًا‪،‬‬ ‫�أكادميي ًا عرف الف�ساد “ �أنه كل عمل �أو �إمتناع عن عمل فالإ�سالم دين ال�صالح والأمر باملعروف‪.‬‬ ‫‪� 70‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫‪� .2‬أدوات حماربة الف�ساد يف الإ�سالم‪:‬‬ ‫�أ‪ .‬منظومة القيم ال�سامية النبيلة التي غر�سها‬ ‫الإ�سالم يف النف�س الب�شرية مثل‪:‬‬ ‫(‪ )1‬العدل وامل�ساواة‪ :‬قال تعالى } َو�إِذَ ا َح َك ْمت ُْم َبينْ َ‬ ‫َّا�س �أَ ْن تحَ ْ ُك ُموا بِا ْل َع ْدلِ { (الن�ساء ‪ )58‬والعدل �أ�سا�س‬ ‫الن ِ‬ ‫امللك‪.‬‬ ‫َّا�س �إِنَّا خَ َل ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَ َكرٍ‬ ‫وقال جل وعال } َيا �أَ ُّي َها الن ُ‬ ‫َو�أُ ْن َثى َو َج َع ْلنَا ُك ْم �شُ ُعو ًبا َو َق َبا ِئ َل ِل َت َعا َرفُوا �إِ َّن َ�أ ْك َر َم ُك ْم ِعن َْد‬ ‫ري { (احلجرات‪.)٣1‬‬ ‫اللهَّ ِ �أَ ْتقَا ُك ْم �إِ َّن اللهَّ َ َع ِلي ٌم خَ ِب ٌ‬ ‫ين � َآمنُوا اَل تَخُ ونُوا‬ ‫(‪ )2‬الأمانة‪ :‬قال تعالى‪َ } :‬يا �أَ ُّي َها ال َِّذ َ‬ ‫ون{ (الأنفال‬ ‫اللهَّ َ َوال َّر ُ�سولَ َوتَخُ ونُوا �أَ َمانَا ِت ُك ْم َو�أَ ْنت ُْم َت ْع َل ُم َ‬ ‫الَ َمان ِ‬ ‫َات‬ ‫‪ ،)27‬وقال �سبحانه “�إِ َّن اللهَّ َ َي�أْ ُم ُر ُك ْم �أَ ْن ُت�ؤَ ُّدوا ْ أ‬ ‫�إِ َلى �أَ ْه ِل َها” الن�ساء(‪ )58‬وقال عليه ال�سالم ما معناه �أن‬ ‫�صفات املنافق‪ :‬الكذب‪ ،‬خلف املوعد‪ ،‬خيانة الأمانة‪.‬‬

‫ب‪ .‬الرقابة‪ :‬وهي بثالث حاالت‪:‬‬ ‫(‪ )1‬رق��اب��ة ذات�ي��ة ورق��اب��ة ال�ف��رد على نف�سه والأه��ل‬ ‫خمافة اهلل ال��ذي يراقب حركاته و�سكناته يف كل زمان‬ ‫ال�س َما َو ِ‬ ‫الَ ْر��ِ�ض‬ ‫ات َوفيِ ْ أ‬ ‫ومكان قال تعالى‪َ }:‬و ُه� َو اللهَّ ُ فيِ َّ‬ ‫ون{ (الأنعام ‪.)3‬‬ ‫َي ْع َل ُم ِ�س َّر ُك ْم َو َج ْه َر ُك ْم َو َي ْع َل ُم َما َتك ِْ�س ُب َ‬ ‫راع‬ ‫(‪ )2‬رقابة ويل الأمر‪/‬احلاكم‪/‬امل�س�ؤول “كلكم ٍ‬ ‫وكلكم م�س�ؤول عن رعيته"وقال �صلى اهلل عليه و�سلم"ما‬ ‫من عبد ي�سرتعيه اهلل رعية‪ ،‬وميوت يوم ميوت وهو غا�ش‬ ‫لرعية‪� ،‬إال ح��رم اهلل عليه اجلنة” والغ�ش هنا الإهمال‬ ‫والتهاون يف �أداء واجبه‪.‬‬

‫(‪ )3‬رق��اب��ة الأج��ه��زة املتخ�ص�صة وق��د ظ �ه��رت يف‬ ‫عهد اخللفاء الرا�شدين عندما تو�سعت ون�شطت الدولة‬ ‫الإ�سالمية وازدهرت التجارة واملوارد وبيت مال امل�سلمني‬ ‫وتعددت �أوجه ال�صرف والإنفاق‪ ،‬وكذلك النظر يف �أعمال‬ ‫الدواوين‪ ،‬وتعدي الوالة على الرعية ورد الغ�صوب "وهو‬ ‫ما كان ي�ؤخذ من �أموال النا�س للدولة غ�صب ًا" ومن هذه‬ ‫(‪ )3‬التعاون والتكافل وحب اخلري‪ :‬قال تعالى يف �سورة الأجهزة ديوان وايل املظامل وديوان احل�سبة‪ ،‬حيث كانت‬ ‫املائدة �آية ‪}2‬و َتعاونُوا ع َلى ا ْلبرِ وال َّت ْقوى و اَل َتعاونُوا ع َلى تناط واجبات املظامل واحل�سبة �إلى والى �أو من ينيبه من‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ِّ َ َ َ َ َ َ ذوي العلم والكفاءة والنفوذ والتقى �أو الق�ضاة املعروفني‪.‬‬ ‫ال ْث� ِ�م َوا ْل� ُع� ْ�د َوانِ {‪ ،‬وقال عليه ال�سالم “�أنا وكافل اليتيم يف‬ ‫ْ إِ‬ ‫ج‪ .‬العقوبات‪:‬‬ ‫اجلنة” وقال �صلى اهلل عليه و�سلم"ال ي�ؤمن �أحدكم حتى‬ ‫يحب لأخيه ما يحب لنف�سه" لذلك اعتربت الزكاة ركن‬ ‫ون‬ ‫ين ُي َحا ِر ُب َ‬ ‫(‪ )1‬الق�صا�ص واحلدود }�إِ مَّنَا َج َزا ُء ال َِّذ َ‬ ‫َ‬ ‫الَ ْر ِ�ض ف َ​َ�سا ًدا �أَ ْن ُي َق َّت ُلوا �أَ ْو ُي َ�ص َّل ُبوا‬ ‫مهم يف الإ�سالم‪ ،‬وحثنا على ال�صدقات والإنفاق يف �سبيل اللهَّ َو َر ُ�سو َل ُه َو َي ْ�س َع ْو َن فيِ ْ أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْر ِ�ض‬ ‫�أَ ْو ُتق ََّط َع �أَ ْي ِديهِ ْم َو َ�أ ْر ُج ُل ُه ْم ِم ْن ِخلاَ ٍف �أ ْو ُي ْن َف ْوا ِم َن ْ أ‬ ‫اهلل وم�ساعدة املحتاج ملا لها من �أجر عظيم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذَ‬ ‫ذَ‬ ‫فيِ‬ ‫فيِ‬ ‫ْ‬ ‫اب َع ِظي ٌم{‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫آخ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫خ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ُْ ْ ٌ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫ُّ َ َ ُ ْ‬ ‫(‪ )4‬الأم��ر باملعروف والنهي عن املنكر‪ :‬ق��ال تعالى (املائدة ‪)٣٣‬‬ ‫ون ِبالمْ َ ْع ُر ِ‬ ‫وف‬ ‫ون �إِ َلى الخْ َ يرْ ِ َو َي�أْ ُم ُر َ‬ ‫} َو ْل َت ُك ْن ِم ْن ُك ْم �أُ َّم ٌة َي ْد ُع َ‬ ‫ِقُ‬ ‫ال�سا ِر َق ُة فَاق َْط ُعوا �أَ ْي ِد َي ُه َما‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫ال�س‬ ‫و‬ ‫}‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ون{ (�آل‬ ‫َو َي ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُ ْن َكرِ َو�أُول ِئ َك ُه ُم المْ ُ ْف ِل ُح َ‬ ‫عمران ‪َ )104‬ج َزا ًء بمِ َ ا َك َ�س َبا َن َك اًال ِم َن اللهَّ ِ َواللهَّ ُ َعزِ ي ٌز َح ِكي ٌم{‬ ‫ون‬ ‫وق��ال تعالى‪ُ } :‬ك ْنت ُْم خَ �ْي�رْ َ ُ �أ َّم � ٍة �أُخْ ��رِ َج� ْ�ت ِللن ِ‬ ‫َّا�س َت��أْ ُم� ُر َ‬ ‫(املائدة ‪)37‬‬ ‫ ‬ ‫ِبالمْ َ ْع ُر ِ‬ ‫ُون بِاللهَّ {(�آل عمران‪.)110‬‬ ‫وف َو َت ْن َه ْو َن َعنِ المْ ُ ْن َكرِ َو ُت�ؤ ِْمن َ‬ ‫ال ْل َب ِ‬ ‫اب‬ ‫ا�ص َح َيا ٌة َيا �أُوليِ َْ أ‬ ‫وقال تعالى‪َ } :‬و َل ُك ْم فيِ ال ِْق َ�ص ِ‬ ‫ُون{ (البقرة ‪.)١٧٩‬‬ ‫وقال �صلى اهلل عليه و�سلم “من ر�أى منكم منكراً‪َ ،‬ل َع َّل ُك ْم َت َّتق َ‬ ‫فليغريه ب��ي��ده‪ ،‬ف����إن مل ي�ستطع فبقلبه وذل���ك �أ�ضعف‬ ‫ال ْل � َب� ِ‬ ‫�اب َل َع َّل ُك ْم‬ ‫ا�ص َح َيا ٌة َيا �أُوليِ َ ْ أ‬ ‫} َو َل� ُك� ْ�م فيِ ال ِْق َ�ص ِ‬ ‫الإميان”‪.‬‬ ‫ُون{(البقرة ‪.)١٧٩‬‬ ‫َت َّتق َ‬ ‫(‪ )5‬حماربة الكبائر والفواح�ش واملوبقات‪ :‬قال تعالى‬ ‫(‪ )2‬عقوبة التعزير‪ :‬وه��ي عقوبة ت�أديبية لذنوب مل‬ ‫يف �سورة الإ�سراء الآي��ات ‪ } 35 ،34 ،33 ،32‬وال تقربوا ي�شرع لها حدود فتعود لتقدير ويل الأمر �أو القا�ضي‪ ،‬وقد‬ ‫ت�صل حد القتل �أو اجللد �أو احلب�س �أو النفي �أو الغرامة �أو‬ ‫ال��زن��ا{ }وال تقتلوا النف�س التي ح��رم اهلل �إال باحلق{ الزجر �أو التنبيه‪ ،‬وقد ورد عن ابن تيمية رحمه اهلل وقد‬ ‫}وال تقربوا مال اليتيم{ }و�أوف��وا الكيل �إذا كلتم وزنوا ي�ستدل على �أن املف�سد �إن مل ينقطع �شره �إال بقتله ف�إنه يقتل»‬ ‫بالق�سطا�س امل�ستقيم{ وق��ال �سبحانه وتعالى يف �سورة‬ ‫وبعد‪ ،‬هذه بع�ض من �ضوابط ال�شريعة و�أحكامها جتاه‬ ‫ال�ص َدق ِ‬ ‫البقرة الآي��ة ‪} 276‬‏ يمَ ْ َحقُ اللهَّ ُ ِّ‬ ‫الر َبا َو ُي ْربِي َّ‬ ‫َات الف�ساد واملف�سدين �أوردتها بقدر ما يت�سع املقام واهلل ويل‬ ‫َواللهَّ ُ َال ُي ِح ُّب ُك َّل ُكفَّا ٍر �أَ ِث ٍيم{ �صدق اهلل العظيم‪.‬‬ ‫التوفيق‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪71‬‬


‫مقاالت الوسطية‬

‫قوة الأمة يف وحدتها‬ ‫د‪ .‬حممد خري العي�سى‬

‫احلمد هلل رب العاملني واف�ضل ال�صالة و�أف�ضل الت�سلبم‬ ‫على �سيدنا حممد وعلى �آله و�صحبه �أجمعني‬ ‫وبعد ف�إن اهلل تعالى يقول يف و�صف كتابه }و�أنه لكتاب‬ ‫عزيز ال ي�أتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه تنزيل‬ ‫من حكيم حميد{ ويقول �أي�ض ًا } بل هو ق��ر�آن جميد يف‬ ‫لوح حمفوظ{ ويقول تعالى }ان��ا نحن نزلنا الذكر وانا‬ ‫له حلافظون{ �صدق اهلل العظيم ‪ ،‬ويقول �صلى اهلل عليه‬ ‫و�سلم ‪(:‬عليكم ب�سنتي و�سنة اخللفاء الرا�شدين من بعدي‬ ‫ع�ضوا عليها بالنواذج) ‪.‬‬ ‫ملا تقدم من هذه الن�صو�ص وغريها الكثري يف كتاب‬ ‫اهلل و�سنة نبيه عليه ال�سالم ات�ساءل اليوم ما هو املخرج‬ ‫من هذه احلالة التي متر بها الأمة ونحن نرى ون�شهد هذه‬ ‫االحداث التي تع�صف بها ع�صف ًا �شديد ًا باتت معها الأمة‬ ‫تعي�ش حالة من احل�يرة والتيه لأنها مل ترتكز يف فكرها‬ ‫ومل تنطلق يف التعامل مع هذه الأح��داث من ثوابتها التي‬ ‫ار�ساها القر�آن وبينتها ال�سنة املطهرة وثبتت قواعدها‬ ‫فانخدعت يف التعامل مع اعدائها و�صدقت دعواهم حتت‬ ‫وط�أت القوة وجربوت ال�سالح ورمبا علمت بخديعة اعدائها‬ ‫ولكنها طاملا حاولت �أن تقنع نف�سها بتلك اخلديعة مراعاة‬ ‫مل�صحلة �أو حتقيق ًا ملكا�سب فردية هنا وهناك وابتلعت الأمة‬ ‫طعوم ًا كثرية حملت الكثريين على ت�صدق ارتباط الإ�سالم‬ ‫باالرهاب وان القتلة دعاة �سالم وان ال�ضحية هي اجلالد‬ ‫الن القوة التي تتجرد من القيم واالخ�لاق تنعك�س لديها‬ ‫املوازين وينقلب فيها احلق باط ًال وردد بع�ض من ينتمون‬ ‫‪� 72‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫�إلى الإ�سالم هذه املقوالت لعلهم يح�صلون على م�صلحة‬ ‫�أو �شهرة �أو مكان و�أدت تداعيات الأو�ضاع �إلى فرقة الأمة‬ ‫ومتزقها و�شرذمتها حتى �أنها مل تعد قادرة على رد عدوان‬ ‫�أو ردع ظامل �أو حتى الدفاع عن ابناء جلدتها وهم يقَّتلون‬ ‫ويذَّ بحون على م�شهد من العامل وم�سمع يف فل�سطني و�سوريا‬ ‫والعراق واليمن وغرها من ال��دول‪ .‬و�صارت الأم��ة تطلب‬ ‫م��ن خ�صمها �أن ين�صفها وم��ن ع��دوه��ا ان يحكم بينها‬ ‫وبني عدوها ون�سيت الأمة توجيهات ربها وقر�آنه وهو يقول‬ ‫}وتعاونوا على الرب والتقوى وال تعاونوا على الإثم والعدوان{‬ ‫املائده (‪ )2‬ويقول } واعت�صموا بحبل اهلل جميع ًا وال تفرقوا‬ ‫واذكروا نعمة اهلل عليكم �إذ كنتم �أعدا ًء ف�ألف بني قلوبكم‬ ‫ف�أ�صبحتم بنعمته �إخوانــا { �آل عمران (‪.)103‬‬ ‫ويقول تعالى‪� } :‬إن هذه �أمتكم �أمة واح��دة و�أن��ا ربكم‬ ‫فاعبدون{ الأنبياء (‪ )92‬ما يفر�ض على �أبناء االمة امل�سلمة‬ ‫الوحدة بالإ�سالم الذي ننتمي �إليه ندين هلل تعالى بعقيدة‬ ‫واحدة ديننا واحد ومعبودنا واحد هو اهلل تعالى‪ .‬فالإ�سالم‬ ‫هو حبل اهلل املتني واحل��ق املبني ال��ذي يجمع �أبناء الأمة‬ ‫فمن وق��ف عند ح��دوده جن��ا وم��ن حتلى ب ��آداب��ه �سعد يف‬ ‫الدنيا والآخ ��رة ‪ ،‬وم��ن مت�سك به ه��دي �إل��ى �صراط اهلل‬ ‫امل�ستقيم وقد �أوجب اهلل تعالى على �أبناء الأمة االعت�صام‬ ‫بحبل اهلل يف �أخ � َّوة ا�سا�سها اال�سالم فاهلل تعالى يقول ‪:‬‬ ‫}واذكروا نعمة اهلل عليكم �إذ كنتم �أعداء ف�ألف بني قلوبكم‬ ‫فا�صبحتم بنعمته اخوانا { �آل عمران (‪ )103‬تلك الأخوة التي‬ ‫مينت اهلل بها على هذه الأمة لأنهم �أحبا�ؤه فما كان �أعدى‬ ‫من االو�س واخلزرج يف يرثب وقد كان بجوارهم من يوقد‬


‫نار الفتنة من اليهود وينفخ يف �أع��داء الأمة حلربها على‬ ‫امتداد تاريخها املجيد فالف اهلل بني قلوب احليني من‬ ‫العرب بالإ�سالم ‪ ،‬وما كان �إال الإ�سالم وحده يجمع هذه‬ ‫القلوب املتنافرة في�صبحون بنعمة اهلل �إخوانا وال ميكن‬ ‫�أن يجمع هذه القلوب اال اخ َوة يف اهلل ت�صغر �إلى جانبها‬ ‫الأحقاد التاريخية والثارات القبلية والنعرات الإقليمية‬ ‫والأطماع ال�شخ�صية والرايات العن�صرية فيجتمع ال�صف‬ ‫حت��ت ل ��واء اهلل ال�ك�ب�ير امل�ت�ع��ال وي��رت�ق��ي اب �ن��اء املجتمع‬ ‫اال�سالمي ال��ى م�ستوى احل�س ال��ذي ي�ق��رره النبي عليه‬ ‫ال�صالة وال�سالم يف قوله‪( :‬م��ث��ل امل���ؤم��ن�ين يف ت��واده��م‬ ‫وتراحمهم وتعاطفهم كمثل اجل�سد الواحد اذا ا�شتكى‬ ‫منه ع�ضو ت��داع��ى ل��ه �سائر اجل�سد بال�سهر واحل��م��ى)‬ ‫فالآم امل�سلمني يف كل مكان �آالمنا وجراحاتهم جراحاتنا‬ ‫و�آن��ات�ه��م توجعنا ون�صرتهم واج�ب��ة علينا لكنها التكون‬ ‫بالتخريب واالعتداء على م�صالح العباد العامة واخلا�صة‬ ‫ملا يف ذلك من ا�ضعاف للأمة وجتيري للم�شاعر لتن�صرف‬ ‫الى غري حملها ‪ ،‬فبوحدة القلوب وت�آلف النفو�س والتعاون‬ ‫على اخلري وتتحقق الأهداف ذلك �أن االحتاد والتعاون بني‬ ‫�أبناء الأمة على م�ستوى الأفراد وعلى م�ستوى الدول �أ�سا�س‬ ‫كل خري و�سعادة وعماد كل تقدم ورقي فالتعاون على ما‬ ‫ينفع الأمة والت�ضامن والتكاتف على ما يفيدها من الأعمال‬ ‫و�شعور كل فرد بانه ع�ضو من ج�سم �أمته وعليه واجب ي�ؤديه‬ ‫ولـه وظيفة يقوم بها خلري الأمة ب�أمانة و�إخال�ص هو حجر‬ ‫الأ�سا�س يف بناء قوة الأمة وعزتها ‪.‬‬ ‫و�إذا كان االحتاد بني �أبناء الأمة واجب والتعاون على‬ ‫اخل�ير ��ض��رورة يف كل زم��ان فهما يف ه��ذا الزمن �أوج��ب‬ ‫واكرث �ضرورة ونحن نرى تكالب الأمم علينا م�صداق ًا ملا‬ ‫اخربنا به �صلى اهلل عليه و�سلم يف قوله الكرمي ( يو�شك‬ ‫ان تتداعى عليكم الأم��م كما تتداعى االكلة الى ق�صعة‬ ‫الرثيد‪ .‬قالوا ‪� :‬أومن قلة نحن يومئذ يا ر�سول اهلل ‪ .‬قال‬ ‫‪ :‬ال انتم يومئذ كثري ولكن غثاء كغثاء ال�سيل )‪.‬‬ ‫ف�إذا كانت الأمة م�ستهدفة من �أعدائها الذين يكيدون‬ ‫لها املكائد ويخططون للنيل منها ومن �أبنائها ف�إن واجب‬ ‫الأمة واحلالة هذه �أن ت�سعى بكل طاقاتها و�إمكاناتها �إلى‬ ‫توحيد ال�صفوف حكام ًا وحمكومني مدنيني وع�سكريني وان‬ ‫ال ننجر حتت وط�أت العاطفة �إلى الت�صادم مع احلكام فهم‬ ‫منا ونحن منهم وقوتهم تكمن يف �شعوبهم وحلمتهم معها‬ ‫وغاية مطلب العدو الذي يرتب�ص بنا �أن تزيد الهوة بني‬ ‫احلاكم واملحكوم حتى تت�سنى له الفر�صة للإنق�ضا�ض على‬ ‫اجلميع فوحدة ال�صف مطلب ملح للوقوف يف وجه هذه‬ ‫الهجمة ال�شر�سة التي توجه �ضد امتنا يف م�شارق الأر�ض‬

‫ومغاربها وعلى الأمة ان تدرك ان التفرق وال�شقاق والتنازع‬ ‫واالختالف جرمية كربى يف حق الأمة كما هو حالها اليوم‬ ‫ولذلك فقد نهى اهلل تعالى يف كتابه الكرمي عن التنازع‬ ‫واالختالف وحذر من عواقبه فقال عز وجـل‪} :‬و�أطيعوا‬ ‫اهلل ور�سوله وال تنازعوا فتف�شلوا وتذهب ريحكم وا�صربوا‬ ‫�إن اهلل مع ال�صابرين { الأنفال (‪ )46‬فاالختالف والتنازع‬ ‫نذير بخطر عظيم و�أمل مقيم وما تفرقت �أمة واختلفت‬ ‫كلمتها وتنازعت يف �أمرها �إال �إ�ضمحل �سلطانها و�ضعفت‬ ‫قوتها وتبدل عزُها ذ ًال ورفعتها انحطاط ًا وما اجتمعت‬ ‫قلوب �أمة على التعاون واالحتاد �إال ظهر �سلطانها وقويت‬ ‫�شوكتها وبلغت منتهى املجد وال�شرف ونالت ما ت�صبوا �إليه‬ ‫من رغد العي�ش وارفع الدرجات ‪.‬‬ ‫رب وعظات فماذا كان حال امتنا قبل‬ ‫وان يف التاريخ لع ٌ‬ ‫الإ�سالم يف جاهليتها عندما كانت قبائل متفرقة متناحرة‬ ‫تتقاتل على �سقية ال�شاة والبعري يف ذلك الزمن مل يكن‬ ‫يح�سب لها ح�ساب بني الأمم الن الأمة كانت يف حالة تفرق‬ ‫دائم وعداء م�ستحكم وهمجية ممقوتة يعتدي بع�ضهم على‬ ‫بع�ض ويبط�ش القوي بال�ضعيف ال دين مينعهم وال قانون‬ ‫يردعهم حتى جاء الإ�سالم و�سطع بنوره على تلك القلوب‬ ‫‪ .‬ف�ألف بينها على دين اهلل وعلى عهده وميثاقه ثم بد�أت‬ ‫الفُرقة من جديد بني ابناء االم��ة ف�آلت ال��ى ما تعلمون‬ ‫وت�شاهدون فمزقت الأو��ص��ال ف�أ�صبحت الأم��ة متدابرة‬ ‫مت�شاحنة مع �أن عوامل الوحدة التي تتوفر لهذه الأمة ال‬ ‫ميكن �أن تتوفر لأم��ة غريها من وح��دة العقيدة التي هي‬ ‫ا�صل وح��دة امل�سلمني ال��ى وح��دة العبادة فالقبلة واح��دة‬ ‫وال�صالة واح��دة واحل��ج واح��د وال�صوم واح��د الى وحدة‬ ‫ال�سلوك يف العادات والتقاليد ف�أ�سوتهم ر�سول اهلل �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم ال��ى وح��دة التاريخ ووح��دة اللغة ووح��دة‬ ‫امل�شاعر والت�صورات والأفكار كل هذه العوامل قادرة على‬ ‫جمع كلمة الأمة ووحدة �صفها وعلى جميع �أبناء الأمة �أفراد ًا‬ ‫وجماعات ودول �أن يذللوا كل العقبات التي تعرت�ض طرق‬ ‫وحدة الأمة لبناء قوتها التي ت�ؤهلها لل�شهادة على الب�شرية‬ ‫ذلك �أن الإ�سالم يوجه القوة الى اخلري والعدل وي�صنعها‬ ‫قوة را�شدة ال عدوان فيها وال طغيان وهذا واحد من معاين‬ ‫الو�سطية التي �أراده��ا اهلل بقوله }وكذلك جعلناكم �أمة‬ ‫و�سطا لتكونوا �شهداء على النا�س ويكون الر�سول عليكم‬ ‫�شهيدا{ وال�ضعيف بال�ضرورة غري ق��ادر على ال�شهاد‬ ‫املطلوبة �إذ القوة �شرط فيها والزم من لوازمها‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪73‬‬


‫مقاالت الوسطية‬

‫الطائفيـــّة‬ ‫فتنة احلا�ضر وامل�ستقبل‬ ‫د‪ .‬جلني الدوري‬

‫تت�صاعد �أل�سنة دخ��ان الفتنة الطائفية يف‬ ‫عاملنا الإ��س�لام��ي وت��وظ��ف توظيف ًا خبيث ًا من‬ ‫�أعدائنا يف �إعادتنا ال��ى ال��وراء ق��رون� ًا‪ ،‬بحيث‬ ‫بِتنا نقتل بع�ض ًا ب�أيدي بع�ض وب�أموالنا ورجالنا‪،‬‬ ‫وع��دون��ا م�ستمتع ب��ر�ؤي��ة �أك�بر انت�صاراته على‬ ‫الأمة دون �أن يخو�ض �أ َية حروب ‪ ،‬و�إذا كان ثمة‬ ‫�أ�سباب لهذه الفتنة فالأ�سباب حا�ضرة يف كل‬ ‫زمان فاملوروثات التاريخية وغياب ثقافة التوافق‬ ‫والتخلف االجتماعي والأم��را���ض الناجتة عن‬ ‫غياب املنظومة الأخالقية واالرتهان للأجنبي‬ ‫�سعي ًا وراء امل�صالح ال�ضيقة و�إغ �ف��ال مفهوم‬ ‫الأمة الواحدة } َو ِ�إ َّن َه ِذ ِه �أُ َّم ُت ُك ْم �أُ َّم ًة َو ِاح َد ًة َو�أَنَا‬ ‫َر ُّب ُك ْم فَا َّتقُونِ { وبروز ال ُهويات العرقية والدينية‬ ‫واملذهبية على ح�ساب ال ُهويات الوطنية املتعار�ضة‬ ‫مع مفهوم الأمة وال�شعور بالتهمي�ش والظلم كل‬ ‫هذه وغريها �صواعق تفجري ا�ستخدمها �أ�صحاب‬ ‫نظرية �صراع احل�ضارات خلو�ض حرب عاملية‬ ‫ثالثة وقودها دما�ؤنا وحطامها جماجم �أبنائنا‬ ‫ومدننا وح�ضارتنا‪ ،‬لقد فقد العراق وحده �أكرث‬ ‫من مليون من رجاله ون�سائه وفقد خم�سة ماليني‬ ‫طفل عدا املت�شردين واملقتولني يف �سوريا واليمن‬ ‫وغريها‪.‬‬

‫مبيثاق �إ�سالمي جامع يعزز مفهوم الوحدة فوق‬ ‫الفرقة �أو املذهب و�أن مييزوا ال�صفوف من �إتباع‬ ‫الأخن�س بن �شريق الثقفي الذي �أظهر الإ�سالم‬ ‫و�أبطن الكفر وخرج من عند ر�سول اهلل فحرق‬ ‫ِ‬ ‫زرع امل�سلمني وعقر ا ُ‬ ‫فيه}م َن‬ ‫حل ُمر ف�أنزل اهلل‬ ‫َّا�س َمن ُي ْعجِ ُب َك َق ْو ُل ُه فيِ الحْ َ َيا ِة ال ُّد ْن َيا َو ُي�شْ هِ ُد‬ ‫الن ِ‬ ‫اللهّ َ َع َلى َما فيِ َق ْل ِب ِه َو ُه َو �أَ َل ُّد الخْ ِ َ�ص ِام{‪.‬‬

‫وهنا ف ��إن املنتدى العاملي للو�سطية يدرك‬ ‫خطورة توظيف ال�صراع املذهبي لتفتيت الأمة‬ ‫واال�ستيالء على مقدراتها وم�صادرة قرارها‬ ‫ورهن �إرادتها ل�صالح امل�ستعمر الذي مل يخرج‬ ‫�أب���د ًا م��ن عوا�صمنا ب��ل �أخ �ف��ى خمالبه خلف‬ ‫قفازات ناعمة وخلف وجوه جميلة مبت�سمة من‬ ‫�أبناء جلدتنا ويتكلمون ب�أل�سنتنا بحيث �أ�ضحى‬ ‫ه ��ؤالء على �أب��واب جهنم يحرقون �آم��ال الأم��ة‬ ‫و�أحالمها ويدخلوننا يف التيه ع�ق��ود ًا وعقود ًا‬ ‫ليطفئوا نور اهلل ويحاربوا دعاته ويعيقوا تقدم‬ ‫�أمتنا مب�شروعها احل�ضاري الذي عليه الأمل يف‬ ‫انقاذ الب�شرية من �شقوتها ودفعها نحو ال�سعادة‬ ‫واحلرية والبناء‪.‬‬ ‫�إن على عقالء الأم��ة والقلب ينزف والعني‬ ‫َ‬ ‫} َق ْد َجا َء ُكم َب َ�صا ِئ ُر ِمن َّر ِّب ُك ْم َف َم ْن �أ ْب َ�ص َر‬ ‫تدمع واحل��زن مي�ل�أ النفو�س �أن يهبوا ملعاجلة‬ ‫�أ��س�ب��اب ه��ذه الفتنة وان يتقدموا ال�صفوف فَلِنَفْ�سِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا �أَنَا عَلَيْكُم ب َِح ِف ٍ‬ ‫يظ{‬

‫‪� 74‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪75‬‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫امل�ؤمتر الدويل الرابع‬

‫“الوقف على البحث العلمي و�أثره يف ال�شهود احل�ضاري»‬

‫اقام املنتدى العاملي للو�سطية وبالتعاون مع كلية ال�شريعة والتطوعي ب�شكل عام والوقفي ب�شكل خا�ص للإفادة منه‬ ‫يف جامعة �آل البيت امل�ؤمتر العلمي الدويل الرابع «الوقف يف تطوير الأوقاف الإ�سالمية وا�ستثمارها يف جمال البحث‬ ‫على البحث العلمي و�أثره يف ال�شهود احل�ضاري» وذلك يوم العلمي‪.‬‬ ‫االربعاء املوافق ‪ 2016/3/2‬والذي يهدف الى حتقيق عدد‬ ‫تطوير الدرا�سات الفقهية املتعلقة بالوقف الإ�سالمي‪.‬‬ ‫من الأهداف‪:‬‬ ‫وناق�ش امل�ؤمتر عدد من املحاور الرئي�سية‪:‬‬ ‫التعريف ب�أهمية البحث العلمي ودوره يف تعزيز ا�ستقالل‬ ‫الأمة الإ�سالمية بتحقيق االكتفاء الذاتي لها والعمل على‬ ‫الت�أ�صيل ال�شرعي للوقف على البحث العلمي‬ ‫رفاهية �شعوبها‪.‬‬ ‫البحث العلمي �ضرورته و�أهميته يف النه�ضة وال�شهود‬ ‫حتديد موقف الفقه الإ�سالمي من الوقف على البحث احل�ضاري‬ ‫العلمي‪.‬‬ ‫التجربة الإن�سانية يف الوقف على البحث العلمي‬ ‫بيان حكم الفقه الإ�سالمي من ا�ستثمار �أموال الوقف يف‬ ‫�أثر الوقف يف تقدم البحث العلمي وتطويره‬ ‫البحث العلمي وحتديد �ضوابطه‪.‬‬ ‫ت�سليط ال�ضوء على جتارب الآخرين يف العمل اخلريي‬

‫‪� 76‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫ا�ستثمار �أموال الوقف يف البحث العلمي �أ�س�سه و�ضوابطه‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫ن�شاطات جلنة املر�أة‪:‬‬

‫�أهم ن�شاطات قطاع املر�أة يف منتدى الو�سطية للفكر‬ ‫والثقافة (عام ‪ 2015‬م)‬ ‫ عقدت �صديقات املنتدى ل�ق��ا ًء دوري��ا تنظمه جلنة امل��ر�أة‬‫يف منتدى الو�سطية بعنوان «امل ��ر�أة ط��اق��ة‪ ،‬ع�ط��اء‪ ،‬وواق��ع»‬ ‫ب �ت��اري��خ‪ 2015/4/‬حر�صا على تفعيل ال�ط��اق��ات الثقافية‬ ‫واالجتماعية يف املجتمع‪.‬‬ ‫ قام وفد من �سيدات جلنة امل��ر�أة يف منتدى الو�سطية للفكر‬‫والثقافة بزيارة �إلى حمافظة مادبا بتاريخ ‪ 2015/4/6‬وعمل‬ ‫لقاء جلنة املر�أة الثقايف بعنوان «املر�أة بني مكانتها بالإ�سالم‬ ‫والواقع»‪ ،‬وذلك يوم الإثنني ‪.2015/4/6‬‬ ‫ نظمت جلنة امل��ر�أة رحلة �إل��ى ن��ادي الفرو�سية‪/‬جلعاد‪ ،‬يوم‬‫ال�سبت ‪ 2015/5/9‬وك��ان ال�ه��دف منها ترفيهي وجتديد‬ ‫عالقات التوا�صل بني جلنة املر�أة‪.‬‬ ‫ نظم قطاع امل��ر�أة يف منتدى الو�سطية وبالتعاون مع املجل�س‬‫الوطني ل�ش�ؤون الأ�سرة ندوة علمية بعنوان “دور الت�شريعات يف‬ ‫احلد من م�شاكل العنف والتفكك الأ�سري» وذلك يوم ال�سبت‬ ‫‪ ،2015/5/23‬والتي ا�ست�ضافت نخبة من املفكرين والأ�ساتذة‬ ‫يف املجال النف�سي والرتبوي والقانوين ملناق�شة عدة حماور‬ ‫رئي�سة تتعلق بالأ�سرة وحتدياتها‪.‬‬ ‫ يعقد املركز القر�آين يف املنتدى �أكرث من دورة �سنوية ومنها‪:‬‬‫ (دورة حتفيظ للنا�شئني‪ ،‬دورة تالوة للم�ستوى الأول‬‫والثاين) وغر�سه يف النفو�س ليكون منهج ًا ومنار ًا ي�ضيء طريق الأمة‬ ‫آن‬ ‫�‬ ‫القر‬ ‫لتعميق‬ ‫بحيث ت�ستهدف الطالب والطالبات وال�سيدات‬ ‫وكان ذلك ب�إ�شراف املركز القر�آين يف منتدى الو�سطية والتي‬ ‫الكرمي يف قلوب الطالب وال�سيدات واتقان تالوته‪.‬‬ ‫ب��د�أت من تاريخ ‪ 2015/6/30-2015/6/27‬وانتهت بعمل‬ ‫حفل تكرميي للفائزين بهذه امل�سابقة وتوزيع اجلوائز عليهم‪،‬‬ ‫ تقدمي خدمات اال�ست�شارات الأ�سرية على مدار العام‪.‬‬‫�أقيم احلفل بتاريخ ‪.2015/7/13‬‬ ‫ تنظيم در�س ديني ثقايف اجتماعي �أ�سبوعي كل �أربعاء وذلك‬‫بهدف توعية امل��ر�أة امل�سلمة ب�أحكام دينها و�أهمية التم�سك ‪ -‬مت اق�تراح عمل م�ؤمتر للمر�أة يف ع��ام ‪ 2016‬بالتعاون مع‬ ‫بهذه الأحكام يف بناء نفو�س مطمئنة و�أ�سر م�ستقرة و�أمة م�ؤ�س�سة النه�ضة العربية للدميقراطية والتنمية وذلك بتاريخ‬ ‫‪ 2015/8/17‬وال يزال العمل جاري التنفيذ‪.‬‬ ‫متقدمة‪.‬‬ ‫ �إطالق م�سابقة حفظ القر�آن الرم�ضانية ال�سنوية بالتعاون مع ‪ -‬تنظيم ندوة دوري��ة للجنة امل��ر�أة يف منتدى الو�سطية بعنوان‬‫وزارة الرتبية حيث �شارك بها مدار�س من جميع حمافظات « امل�شاركة ال�سيا�سية للمر�أة يف اخلطاب الإ�سالمي» بتاريخ‬ ‫اململكة بتاريخ ‪ 2015/2/7‬حيث �شارك فيها كال اجلن�سني من ‪ ،2015/12/16‬وذلك من �أجل احلوار يف مو�ضوع امل�شاركة‬ ‫جميع الفئات العمرية بهدف �إجالل وتعظيم كتاب اهلل تعالى ال�سيا�سية للمر�أة وبهدف متابعة ق�ضايا املجتمع ومواكبة جديد‬ ‫املر�أة‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪77‬‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫العامل وحتدي االرهاب‬

‫ندوة عقدها املنتدى العاملي للو�سطية بالتعاون مع ديوان الوقف ال�سني العراقي‬

‫عقد املنتدى العاملي للو�سطية بالتعاون مع ديوان الوقف‬ ‫ال�سني العراقي يوم ال�سبت املوافق ‪ 2015/12/19‬الندوة‬ ‫الدولية ” العامل وحتدي االرهاب ”‪ .‬وافتتح الندوة املهند�س‬ ‫مروان الفاعوري �أمني عام املنتدى بكلمة بينَ فيها �أن العقل‬ ‫�إن مل ُيقيد بالقيم الدينية واملعاين اخللقية‪ ،‬ف�سينتج و�سائل‬ ‫التدمري‪ ،‬والتد ُّين املنقو�ص ا َمل ُ�شوب باجلهل واالنفعال‬ ‫الطائ�ش؛ �سيحقق نقي�ض املقا�صد الدينية؛ قال تعالى‪ ” :‬قل‬ ‫هل ننبئكم بالأخ�سرين �أعماال الذين �ضل �سعيهم يف احلياة‬ ‫الدنيا وهم يح�سبون �أنهم يح�سنون �صنعا”‪ .‬و�أ�ضاف �أن‬ ‫الإرهاب �سلوك تغذيه نزعة م�ضطربة يف داخل الإن�سان‪،‬‬ ‫وهي نزعة موجودة يف داخل كل منا التعالج �إال بالإميان‬ ‫ال�صحيح الذي يحقق اال�ستقرار النف�سي‪“ ،‬الذين �آمنوا ومل‬ ‫يلب�سوا �إميانهم بظلم �أولئك لهم الأمن وهم مهتدون”‪ .‬وقال‬ ‫�أن الإرهاب بهذا املعنى الدين له والوطن له؛ ف�أي حماولة‬ ‫لربطه باال�سالم فرية كاذبة وافرتاء ظامل! بل الإ�سالم هو‬ ‫الدين الذي طهر النفو�س من الغل واحل�سد وال�شر؛ ونقل‬ ‫الإن�سانية من احل��روب القبيلية والدينية والعدوانية �إلى‬ ‫ال�سلم واال�ستقرار واحلب والأخ��وة الإن�سانية‪“ .‬واذكروا‬ ‫نعمة اهلل عليكم �إذ كنتم �أعداء ف�ألف بني قلوبكم ف�أ�صبحتم‬ ‫‪� 78‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫بنعمته �إخوانا وكنتم على �شفا حفرة من النار ف�أنقذكم‬ ‫منها‪ ”..‬وتر�أ�س اجلل�سة الأولى الوزير الأ�سبق الدكتور نبيل‬ ‫ال�شريف والذي قدم رئي�س الوزراء الأ�سبق طاهر امل�صري‪.‬‬ ‫وجاءت ورقة امل�صري بعنوان “توظيف الإره��اب لتحقيق‬ ‫امل�صالح االقليمية والدولية للدول ذات املطامع ” حيث‬ ‫بني �أن هناك العديد من املنظمات اال�سالمية املتطرفة‬ ‫التي تت�سابق لت�شويه �صورة الإ�سالم وبالتعاون مع �أ�صحاب‬ ‫امل�صلحة الرئي�سني والراغبني بت�شويه �إ�سالمنا ‪ ،‬و�أكد �أنه‬ ‫البد من التكاتف والوقوف ك�سد منيع ملواجهة هذه الأفكار‬ ‫ال�سامة والتي تهاجم ديننا الإ�سالمي الذي منذ مر التاريخ‬ ‫وهو يدعو الى الت�سامح والتعاي�ش مع الآخر ويرف�ض �سفك‬ ‫الدماء ون�شر الطائفية‪ ،‬و�أ�ضاف �أن��ه الب� َ�د من الإ�صالح‬ ‫ال��داخ�ل��ي واخل��ارج��ي ملجتمعاتنا م��ن �أج��ل ال �ق��درة على‬ ‫حماربة الإرهاب من حيث ن�شر الوعي والقيم ال�صحيحة‬ ‫لديننا وتوعية �شبابنا حلمايتهم من االجن��راف والت�أثر‬ ‫بهذه االفكار ال�ضالة‪ .‬من جهته ا�شار رئي�س املنتدى دولة‬ ‫االمام ال�صادق املهدي يف كلمته الى “جدلية العالقة بني‬ ‫�أ�سباب الإرهاب وامل�آالت” وقال‪� :‬إن عبارة �إرهاب ترجمة‬ ‫خاطئة لعبارة ترورزم‪ .‬ف�إرهاب يف التعبري القر�آين معناه‬


‫القوة املهابة التي متنع العدوان‪ ،‬و�أ�ضاف ان املعنى املراد هو‬ ‫العنف املخيف الذي يجرب الآخر على االمتثال لإرادة فاعل‬ ‫الإرهاب‪ .‬هذا املعنى تدل عليه عبارة �إرعاب �أو ترويع ولكن‬ ‫من باب اخلط�أ امل�شهور ال مانع �أن ن�ستخدم عبارة �إرهاب ما‬ ‫دمنا نق�صد الرتويع ال �إرهاب باملعنى القر�آين‪ .‬وزاد �أن هناك‬ ‫خط�أ �آخر هو �أن الرتويع غالب ًا ما يق�صد به الرتويع الأهلي‪،‬‬ ‫مع �أن حكومات كثرية ت�ستخدم تعذيب و�إرعاب مواطنيها‪.‬‬ ‫بل ي�ستخدم كثريون العبارة لإدانة خ�صومهم ال�سيا�سيني‬ ‫فيطلقون العبارة لو�صف املعار�ضة‪ .‬لذلك �صارت عبارة‬ ‫�إرهاب ف�ضفا�ضة يدخل فيها الرتويع املق�صود‪ ،‬وتدخل فيها‬ ‫حركات التحرير امل�شروعة‪ ،‬وتدخل فيها معار�ضة احلكام‪.‬‬ ‫كما لفت املهدي الى �أن �ضحايا الإره��اب الر�سمي الذي‬ ‫ترتكبه الدول اال�ستبدادية و�إ�سرائيل من مدنيني و�أبرياء‬ ‫يبلغ مئات الآالف وي�ستحق بحث ًا مف�ص ًال لأنه يف حد ذاته‬ ‫خطري ويولد ردود فعل م�ضادة تغذي دوامة العنف‪ .‬ومن‬ ‫جهته تطرق اال�ستاذ ح�سن هنية ال��ى مو�ضوع “جدوى‬ ‫املعاجلة املطروحة لظاهرة االرهاب ودور م�شاريع اال�صالح‬ ‫والدميقرطة يف احلد منها‪� ،‬أن �سلطة القوة هي التي حتدد‬ ‫ماهية الإرهابيني و�أهدافهم والغايات التي ي�سعون �إليها‬ ‫لأهدافهم اخلا�صة و�أكد �أن مو�ضوع الإره��اب هو مو�ضوع‬ ‫وق�ضية رئي�سية البد من و�ضع حل ج��ذري لهذه الظاهرة‬ ‫التي عملت على ت�شتيت العديد من امل�سلمني وتدمري بالدنا‬ ‫العربية واال�سالمية ‪ .‬وتر�أ�س اجلل�سة الثانية اللواء �شريف‬ ‫العمري مدير دائرة مكافحة التطرف والإرهاب الذي قدم‬

‫الدكتور فرحان عزيز بالنيابة عن رئي�س دي��وان الوقف‬ ‫ال�سني العراقي الدكتور عبداللطيف الهميم‪ ،‬وا�ستعر�ض‬ ‫عزيز يف الكلمة التي �ألقاها بالإنابة بع�ض من �إجن��ازات‬ ‫وم�سرية الديوان الذي ي�سعى �إلى حتقيق الفهم ال�صحيح‬ ‫لإ�سالمنا وا�شار �إلى �أن الهدف االول والغاية التي يهدف‬ ‫الوقف ال��ى حتقيقه هو حماربة الإره ��اب بكافة ا�شكاله‬ ‫والعمل على �إيجاد اجلهود املثابرة واملتعاونة من اجلميع من‬ ‫اجل دفع ما علق باال�سالم من تهم وت�شويه النه واجب علينا‬ ‫ك�شعوب وعلى علماء �أمتنا‪ .‬كما حتدث الدكتور حممد زاهد‬ ‫والذي ا�شار يف ورقته “م�ستقبل املنظمة العربية وتركيا يف‬ ‫ظل املوجه العاملية للإرهاب” ان الناظر لو�ضع املنطقة‬ ‫العربية والإ�سالمية ي�شاهد العنف والإرهاب املنت�شر والذي‬ ‫البد من العمل على احلد منه لأن امتداده قد يخلف �آثار ًا‬ ‫خطرية جديدة �ست�ؤثر على منطقتنا‪ .‬واختتمت اجلل�سة‬ ‫بكلمة املفكر املغربي اال�ستاذ حممد طالبي والتي كانت‬ ‫بعنوان “�أثر االرهاب على اجلاليات العربية واال�سالمية يف‬ ‫املغرب” والذي حتدث عن �ضرورة العالج لأنه اخطر من‬ ‫حيث ال�صناعة الفكرية وتطرق الى اجلاليات اال�سالمية يف‬ ‫الغرب والدور الذي ي�ستطيعون القيام به من �أجل الدفاع‬ ‫عن ديننا الإ�سالمي ومبختلف الطرق والو�سائل وذلك لأن‬ ‫عدد هذه اجلاليات كبري ولهم القدرة على القيام بهذا‬ ‫ال ��دور‪ .‬واختتمت ال�ن��دوة بجل�سة ح��واري��ة اج��اب خاللها‬ ‫امل�شاركني على �أ�سئلة احل�ضور‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪79‬‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫ندوة حول ق�ضايا �إ�سالمية معا�صرة‪:‬‬

‫ك�شمري جذور ال�صراع وفر�ص الت�سوية‬

‫يف �إط��ار الن�شاطات الثقافية والفكرية ال�شهرية التي يف املقد�سات والإ�ساءة الى الر�سول العظيم (عليه اف�ضل‬ ‫يقيمها املنتدى العاملي للو�سطية يف عمان – نظم املنتدى ال�صالة وال�سالم) وبني �أن �ضعف الأمة الإ�سالمية ناجت عن‬ ‫وبالتعاون مع �سفارة جمهورية باك�ستان ندوة حول ق�ضايا عدم فهم ومعرفة حقيقة هذا الدين العظيم‪.‬‬ ‫ا�سالمية م�ع��ا��ص��رة‪ « :‬ك�شمري ج ��ذور ال���ص��راع وفر�ص‬ ‫بعد ذل��ك حت��دث ال�شيخ عبدالرحيم العكور (الوزير‬ ‫الت�سوية» يوم ال�سبت املوافق ‪ 2016/2/27‬يف مقر املنتدى‬ ‫يف عمان‪ ،‬وح�ضر الندوة عدد كبري من الأعيان وال��وزراء ال�سابق) وا�ستعر�ض تاريخ ال�صراع يف �شبه القارة الهندية‬ ‫وقادة املجتمع املدين �إ�ضافة الى عدد كبري من املواطنني منذ عام ‪ 1947‬والأ�س�س التي قامت عليها كل من دولة الهند‬ ‫واملهتمني ب��ال���ش��أن ال �ع��ام‪ ،‬وق��د رح��ب املهند�س م��روان ودولة باك�ستان وعدم تطبيق لبنود �إتفاقية التق�سيم اخلا�صة‬ ‫الفاعوري الأمني العام للمنتدى العاملي للو�سطية باحل�ضور بان تكون الأقاليم امل�سلمة حتت الوالية الباك�ستانية حيث‬ ‫وقال �أن هذه الندوة ت�أتي يف �سياق ر�سالة املنتدى العاملي بني �أهمية ك�شمري لباك�ستان والروابط التي جتمع ال�شعب‬ ‫للو�سطية التي تهدف الى التعريف بالق�ضايا الإ�سالمية يف الباك�ستاين بال�شعب الك�شمريي ورغبة ال�شعب الك�شمريي‬ ‫العامل الإ�سالمي وفر�ص �إيجاد حلول لهذه الق�ضايا بالطرق يف الإن�ضمام الى باك�ستان ‪ ،‬وبني العكور ب�أن هذه الق�ضية‬ ‫ال�سليمة‪ ،‬و�أ�ضاف الفاعوري �أننا يف املنتدى العاملي للو�سطية هي ق�ضية �إن�سانية بالدرجة الأول��ى و�شعب عانى وال زال‬ ‫�أخذنا على عاتقنا منذ اليوم الأول لتواجدنا �أن نتلم�س يعاين كثري ًا من ج��راء عدم �إعطاء هذا ال�شعب حقه يف‬ ‫حاجة امل�سلمني �أينما وجدوا و�أن مند لهم �أيادينا وفكرنا تقرير م�صريه‪ ،‬واحرتام اخليار الك�شمريي يف الإ�ستقالل‬ ‫من خالل التوعية واملنا�صرة لق�ضايانا الإ�سالمية العادلة واحلرية‪.‬‬ ‫والتعريف بها والدفاع عنها يف املنتديات والأوا�سط الفكرية‬ ‫ب�ع��د ذل��ك حت��دث ال�سفري �شفاعت اهلل ��ش��اه �سفري‬ ‫العاملية والإقليمية حتى يعود احلق الى �أ�صحابه ال�شرعيني جمهورية باك�ستان يف عمان يف ه��ذه املنا�سبة وب�ين ب�أن‬ ‫وه��ذا اللقاء هو ترجمة مل�ساعينا اخل�يرة يف �سبيل ن�شر الق�ضية الك�شمريية وق�ضية فل�سطني تت�شابه من حيث‬ ‫الأه��داف ال�سامية والنبيلة التي �أن�شئ املنتدى من �أجلها الزمن والظروف ولكن املجتمع الدويل حتى الآن ال يتطرق‬ ‫و�أ�ضاف بعمق العالقات الأخوية بني ال�شعوب الإ�سالمية الى الق�ضية الك�شمريية واب��راز معاناة هذا ال�شعب وبني‬ ‫وباك�ستان والأردن‪ ،‬وب�ّي نّ ًان ال �ع��دوان على الإ� �س�لام يف �أهمية ك�شمري بالن�سبة الى باك�ستان من ناحية التوا�صل‬ ‫هذا الع�صر ي�أخذ �أ�شكاال متنوعة ومتعددة منها �إذك��اء الدميغرايف والعالقات امل�شرتكة بني ال�شعب الك�شمريي‬ ‫ال�صراعات والفنت بني امل�سلمني وكذلك �إحتالل �أرا�ضي والباك�ستاين �إ�ضافة الى �أهمية ك�شمري لباك�ستان كم�صدر‬ ‫كما يف فل�سطني والعراق و�سوريا و�أفغان�ستان وك�شمري وطعن‬

‫‪� 80‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫وخالل حديثه قام بعمل م�سح تاريخي لتطورات النزاع‬ ‫منذ ع��ام ‪ 1947‬واملواجهات التي حدثت واحل��روب التي‬ ‫اندلعت بني الهند وباك�ستان ‪،1966-1965 ،1949-1947‬‬ ‫‪ ،1971‬ا�شتباكات ع��ام ‪ ،1989‬وح��رب كرجيل وثالجات‬ ‫�سيات�شن‪.1999‬‬ ‫كما تطرق الى قوى املعار�ضة ودورها يف ت�أجيج ال�صراع‬ ‫الهندي الباك�ستاين – ودعا الى �ضرورة الوقوف �صف ًا واحد ًا‬ ‫يف مواجهة قوى الظالم الإرهابي للو�صول الى ت�سوية �سلمية‬ ‫عادلة للق�ضية الك�شمريية ومتنى على البلدين الوقوف مع ًا‬ ‫ملنابع الأنهار و�أهمية املياه لل�شعب الباك�ستاين ‪ ،‬وبني مراحل يف وجه التطرف من اجل مواجهة الإرهاب والتطرف‪.‬‬ ‫انتقال النزاع الى اروق��ة الأم��م املتحدة وق��رارات املجتمع‬ ‫ال��دويل ال��ذي ين�ص على منح ال�شعب الك�شمريي حقه يف‬ ‫وكان الدكتور نبيل ال�شريف قد �أدار الندوة وبني من خالل‬ ‫اختيار م�صريه من خالل ا�ستفتاء عام يقرر فيه ال�شعب حديثه ت�شابه الق�ضية الك�شمريية بالق�ضية الفل�سطينية من‬ ‫حرية �إختيار الإن�ضمام الى باك�ستان او الإ�ستقالل‪ ،‬كما حيث النزاع واال�ستعمار واملعاناة التي يتعر�ض لها ال�شعب‬ ‫�أ�شار الى جهود الت�سوية ال�سلمية للق�ضية الك�شمريية ورغبة الك�شمريي لقاء ن�ضاله �ضد الظلم ومن اجل تقرير م�صريه‬ ‫باك�ستان يف �إيجاد حل �سلمي لهذه الق�ضية – وخل�ص الى وحريته يف اختيار قراره مبح�ض ارادته‪ ،‬والتي قدم ال�شعب‬ ‫القول ‪ »:‬ان الإحتفاء بيوم ك�شمري هو الإ�شادة بالت�ضحيات الك�شمريي مئات �آالف من ال�شهداء وال�ضحايا واجلرحى‬ ‫الكبرية التي قدمها ال�شعب الك�شمريي يف �سبيل نيل حريته واملعاقني ‪ ،‬وبني ال�شريف ب��أن احلرية ال ميكن �أن تتجز�أ‬ ‫و�أنها حق لكافة ال�شعوب‪ ،‬وقد قام املنتدى بعر�ض فلم عن‬ ‫وا�ستقالله وتذكي‬ ‫ً‬ ‫للعب دور يف حل هذا النزاع وفقا لتطلعات الك�شمرييني‪ ،‬ك�شمري واملعاناة التي يتعر�ض لها هذا ال�شعب ال�صابر على‬ ‫كذلك الغر�ض م��ن الإح�ت�ف��اء بيوم ك�شمري �أن ينقل الى الظلم واالحتالل ‪،‬وبني الفلم عمليات التهجري والقمع الذي‬ ‫الهند ر�سالة انها ال ت�ستطيع �أن تبقى على ك�شمري �ضد يتعر�ض له ال�شعب الك�شمريي وك��ان الدكتور زي��د �أحمد‬ ‫ارادة ال�شعب لفرتة طويلة و�أنها �سوف ت�ضطر الى اعطاء املحي�سن املن�سق العام للعالقات اخلارجية يف املنتدى قد‬ ‫افتتح الندوة بكلمة باللغة االجنليزية رحب فيها بال�سفري‬ ‫الك�شمرييني احلق يف العي�ش بحرية‪.‬‬ ‫الباك�ستاين وباحل�ضور و�أ� �ش��ار ال��ى �أن احتفال املنتدى‬ ‫بعد ذلك حتدث فالح الطويل ال�سفري الأردين (ال�سابق) بهذه الق�ضية الك�شمريية هو تقدير لل�شهداء الذين �ضحوا‬ ‫يف جمهورية باك�ستان الإ�سالمية وق��دم ال�شكر للمنتدى ب�أرواحهم يف �سبيل حرية وا�ستقالل ك�شمري وبني �أن املنتدى‬ ‫ول�ل�أم�ين ال �ع��ام على اجل �ه��ود امل�ب��ذول��ة م��ن قبل املنتدى يقوم بهذه االحتفالية للت�ضامن مع ال�شعب الك�شمريي من‬ ‫للتعريف بهذه الق�ضية حملي ًا بالدرجة الأول��ى لالطالع �أج��ل احل�صول على حريته وتقرير م�صريه‪ ،‬وق��د �أ�شاد‬ ‫على جذور وتطورات ال�صراع يف ك�شمري ودعا الى ايجاد احل�ضور بجهود املنتدى العاملي للو�سطية وباملو�ضوعات‬ ‫و�سائل �سلمية حلل هذا النزاع من �أجل �صالح البلدين الهند التوعوية التي يقوم بعر�ضها �شهري ًا للتعريف بق�ضايا وهموم‬ ‫وباك�ستان خا�صة وان الدولتني ميلكان �أ�سلحة نووية وخطر الأمة الإ�سالمية ‪ ،‬والى �ضرورة �إيجاد ت�سويات �سلمية عادلة‬ ‫هذه الأ�سلحة على ال�سلم واال�ستقرار والأمن الدويل‪.‬‬ ‫لهذه الق�ضايا التي مازالت تراوح مكانها منذ عقود طويلة‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪81‬‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫ندوة‬

‫“التعددية املذهبية و�أثرها يف بناء الأمة”‬

‫عقد ي��وم ال�سبت امل��واف��ق ‪ 2015/10/24‬يف فندق‬ ‫القد�س فعاليات ندوة «التعددية املذهبية و�أثرها يف بناء‬ ‫الأمة» والتي عقدها املنتدى العاملي للو�سطية بالتعاون مع‬ ‫ديوان الوقف ال�سني العراقي افتتحت الندوة بكلمة الدكتور‬ ‫عبداللطيف الهميم والتي �ألقاها نيابة عنه الدكتور �إح�سان‬ ‫علو ح�سني والذي بينَ �أن التعددية مل تكن يف �أي يوم من‬ ‫الأيام م�شكلة وذلك لأن النا�س كانت لديهم قناعات را�سخة‬ ‫ب ��أن ه��ذه االخ�ت�لاف��ات ه��ي لأ�سباب فكرية واخ�ت�لاف يف‬ ‫وجهات النظر وبع�ض م�سائل العقيدة التي المت�س الأ�صول‬ ‫القطعية‪ .‬وبني �أن امل�شكلة يف التعددية هي وهن العقيدة‬ ‫وتعطيل ال�شريعة وانهيار الأخالق و�إ�ضاعة ال�صلوات ومنع‬ ‫الزكوات واتباع ال�شهوات و�شيوع الفاح�شة وانت�شار الر�شوة‬ ‫وخ��راب الذمم و�سوء الإدارة وت��رك الفرائ�ض الأ�صلية‬ ‫وارتكاب املحرمات القطعية‪ .‬ومن ثم رحب الأم�ين العام‬ ‫للمنتدى العاملي للو�سطية املهند�س مروان الفاعوري بجميع‬ ‫احل�ضور وامل�شاركني وبني �أن هذه الندوة �أتت يف وقت �أليم‬ ‫متر به الأمة الإ�سالمية و�أنها مقدمة مل�ؤمتر دويل �سيعقد‬ ‫يف مطلع العام ال�ق��ادم بعنوان «خطر ال�صراع املذهبي‬ ‫« بالتعاون مع منظمة التعاون الإ�سالمي ودي��وان الوقف‬ ‫ال�سني العراقي‪ .‬وب�َيننَ الفاعوري �أن اجلرائم التي تعيق‬ ‫تقدم هذه الأمة وتطورها و�أن البع�ض قد ا�ستغلوا التعددية‬ ‫املذهبية خلدمة �أهدافهم ال�شخ�صية غري �آبهني ل�سماحة‬ ‫دين الإ�سالم ومفاهيمه الإن�سانية التي ت�ؤكد نبذ الإرهاب‬ ‫والتطرف والعنف ومن �أجل الت�صدي لهذه التحديات التي‬ ‫تهدد ديننا و�أمتنا فالبد من العمل على تعرية الإ�سالم �أمام‬ ‫امللأ من هذه الأفكار ال�ضاللية حتى اليتم ت�شويه الإ�سالم‬ ‫ب�أيدي مغرر بها حتت و�شاح اال�سالم والدين لأن الإ�سالم‬ ‫هو دين الوحدة والعقل والر�شد‪� .‬أدار اجلل�سة الأولى معايل‬ ‫ال�شيخ عبدالرحيم العكور وزير الأوقاف الأ�سبق الذي بني‬ ‫�أن التعددية متثل يف حقيقتها جوهر الدين الإ�سالمي النه‬ ‫‪� 82‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫ي�ستوعب اجلميع‪ ،‬لذلك ف�إنه ال يحق لإحد �إلغاء �أي �أحد‪ .‬ويف‬ ‫ورقته التي حتمل عنوان « حتديد املفاهيم ون�ش�أة املذاهب «‬ ‫و�ضح الدكتور حممد اخلاليلة ان حتديد املفاهيم �أمر مهم‬ ‫للبحث العلمي فهذا يقلل من �أم��ور النزاع لأننا الآن منر‬ ‫مب�شكلة كبرية يف حتديد املفاهيم النه لو �أننا نعتمد على‬ ‫حتديد املفاهيم للعمل على تقليل اخلالف بني املتخا�صمني‬ ‫واملتنازعني‪ .‬والدليل على ع��دم حتديد املفاهيم هو ما‬ ‫منر به اليوم فنحن نقف �أمام الكثريمن امل�صطلحات ايل‬ ‫الن�ستطيع حتديدها �أو تعريفها كم�صطلح اخلالفة‪ .‬وقال‬ ‫معايل الدكتور نبيل ال�شريف يف ورق �ت��ه»دور الإع�ل�ام يف‬ ‫تر�سيخ مفاهيم العي�ش امل�شرتك يف ظل التعددية املذهبية‬ ‫والدينية يف العامل العربي» يجب �أن ن�ؤكد �أن و�سائل الإعالم‬ ‫�شهدت ثورة تكاد �أن تكون كاملة باملفاهيم والو�سائل وهذه‬ ‫الثورة غريت مفاهيم االع�لام فيجب مواكبة الع�صر يف‬ ‫جميع املفاهيم فالإعالم االلكرتوين هو الو�سيلة الرئي�سية‬ ‫امل�ستخدمة اليوم لأن��ه ي�ساعد على توعية الآخرين وهذا‬ ‫يعتمد على النقل الأم�ي�ن ل�ل�أح��داث ومي�ك��ن �أن تتحول‬ ‫و�سائل االعالم لأداة تعمل على تفريق املجتمع �إذا مل يتم‬ ‫نقل اخلرب بدقة ودون حتريف فيجب مراعاة عدة �أمور‬ ‫مثل املو�ضوعية والتوازن والتجرد من ال��ر�أي ال�شخ�صي‪.‬‬ ‫وو�ضح �أن انت�شار و�سائل الإعالم ب�شكل كبري هو �سالح ذو‬ ‫حدين مبعنى �أن الإع�لام �إذا وظفت للخري ف�إنها ت�صبح‬ ‫�أداة لتطوير املجتمع و�إذا ا�ستخدمت لل�شر ف�إنها تعمل على‬ ‫ن�شر الفتنة والفرقة لذلك فال بد �أن تعمل و�سائل االعالم‬ ‫على مكافحة التطرف والإرهاب ون�شر املفاهيم الو�سطية‬ ‫ال�سليمة‪ .‬وب��دوره قام الأ�ستاذ الدكتور عبداهلل ابراهيم‬ ‫زيد الكيالين ورقة بعنوان “التنوع املذهبي و�أثره الإيجابي‬ ‫يف بناء الأم��ة «ويبني �أن االختالف هو �سنة اهلل ف�أوجد‬ ‫االختالف والت�شابه فهو �سنة وزينة للحياة فالتعددية هي‬ ‫معيار االلتقاء وتقبل الآخر والتعاي�ش معه ويوجد له العديد‬


‫من الفوائد العلمية والتعاي�شية‪ .‬وو�ضح �أن اال�سالم من‬ ‫�أول يوم نبذ التع�صب و�أكد على �أهمية التعاي�ش والت�سامح‬ ‫وقبول الآخر واال�سالم جاء ملحاربة هذا التع�صب والق�ضاء‬ ‫عليه‪ .‬واختتمت اجلل�سة االولى بورقة الدكتور حممد خري‬ ‫العمري بعنوان «التعددية املذهبية االختالف والتنوع يف‬ ‫�إطار الوحدة» وو�ضح �أن التعدد املذهبي ال ينتج عنه فرقة‬ ‫ومعاداة وجتزئة بل ميكن �أن ي�ساعد يف العديد من الأمور‬ ‫احلياتية فالفقه الإ�سالمي قادر على ا�ستيعاب الأمة من‬ ‫خ�لال التنوع املذهبي وحقوق الإن�سان وب�ين �أن املعاناة‬ ‫تن�ش�أ من انتهاك حقوق الإن�سان ب�سبب االختالف املذهبي‬ ‫وهذا �أمر مرفو�ض دين ًا وعرف ًا‪ .‬افتتحت اجلل�سة الثانية‬ ‫والتي تر�أ�سها الأ�ستاذ الدكتور وليد عوجان بورقة الدكتور‬ ‫ماجد �سليمان من العراق بعنوان « التوظيف املذهبي ودوره‬ ‫يف �صراع الدائره يف املنطقه العربية» وتطرق الى الو�ضع‬ ‫الراهن يف العراق وال�صراعات الطائفية واملذهبية املوجودة‬ ‫فيه واالثرالذي اوجدته يف البيئة واملجتع العراقي حيث �أدت‬ ‫الى �إراقة الدماء ون�شر الكراهية والتطرف وظهور العديد‬ ‫من الع�صابات التي تنفي وتندد مبد�أ التعددية وهو املبد�أ‬ ‫الرئي�سي الذي يقوم عليه الدين اال�سالمي‪ .‬ومن ثم تطرق‬ ‫الدكتور جالل لطيف حممد من العراق الى «�أثر التعددية‬ ‫املذهبية على العي�ش ال�سلمي يف املجتمعات العربية» وبني‬ ‫�أن التعددية هي مفهوم ر َك��ز عليه الدين اال�سالمي من‬ ‫حيث التعاي�ش ال�سلمي ما بني امل�سلمني وغريهم و�أن اهلل‬ ‫تعالى خلق النا�س باختالف ليتعارفوا و�أن التعاي�ش يف‬ ‫تاريخ اال�سالم �أدى �إلى اعتناقه من قبل العديد‪ .‬وبني �أن‬ ‫التعاي�ش ال�سلمي يف املجتمعات يكون من خالل‪ :‬التعاي�ش‬ ‫بني �أه��ل امللة ال��واح��دة‪ .‬التعاي�ش بني �أه��ل امللل املختلفة‪.‬‬ ‫التعاي�ش بني الدول املختلفة �سيا�سي ًا‪ .‬وبني معايل الدكتور‬ ‫ع��زت ج ��رادات يف ورق�ت��ه «دور امل�ؤ�س�سات ال�ترب��وي��ة يف‬ ‫تر�سيخ مفاهيم العي�ش امل�شرتك يف ظل التعددية املذهبية‬ ‫والدينية يف العامل العربي» �أن �سباق الأمم يكون يف التعليم‬

‫‪،‬فالتعليم هو ا�ستثمار يف الإن�سان من �أجل امل�ستقبل وبني �أن‬ ‫دور الرتبية يكون فيما يلي‪ :‬تفعيل احلراك االجتماعي يف‬ ‫املجتمع‪:‬فالتعليم هو مايرفع من القيم والفئات املجتمعية‬ ‫املختلفة‪ .‬تعزيز الدميقراطية‪ .‬يحقق تكامل الفر�ص يف‬ ‫املجتمع‪ .‬واختتمت اجلل�سة الثانية بكلمة الدكتور حممد‬ ‫خري العي�سى «التعددية املذهبية ر�ؤي��ة و�سطية» وب�ين �أن‬ ‫التعددية هي تنوع م� َّؤ�س�س على مت ُّيز وخ�صو�صية‪ ،‬ولذلك ال‬ ‫ميكن �أن توجد �إال يف مقابلة وباملقارنة مع الوحدة واجلامع‪،‬‬ ‫ولذلك ال ميكن �إطالقها على الت�شرذم والقطيعة وال على‬ ‫التمزق الذي انعدمت العالقة بني وحداته‪ ،‬وال ميكن �إطالق‬ ‫التعددية على (ال��واح��دي��ة)‪ ،‬فبدون ال��وح��دة اجلامعة ال‬ ‫يت�صور تنوع وخ�صو�صية و�أدلة ذلك‪ :‬التعددية موجودة يف‬ ‫�أن��واع اخللق‪ :‬يقول اهلل تعالى‪�} :‬أَلمَ ْ َت َر �أَ َّن اللهَّ َ �أَ ْن��زَ لَ ِم َن‬ ‫ال�س َما ِء َما ًء َف�أَخْ َر ْجنَا ِب ِه َث َم َر ٍات مخُ ْ َت ِلفًا �أَ ْل َوا ُن َها َو ِم َن الجْ ِ َبالِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫غَ‬ ‫ْ‬ ‫مخُ‬ ‫ِيب ُ�سو ٌد * َو ِم َن‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ِي�ض‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫�د‬ ‫فٌ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُج� َ ٌ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬ ‫ٌَُْ‬ ‫اب َو ْ أ‬ ‫الَ ْن َع ِام مخُ ْ َت ِلفٌ �أَ ْل َوا ُن ُه كَذَ ِل َك �إِ مَّنَا َيخْ �شَ ى‬ ‫الن ِ‬ ‫َّا�س َوال َّد َو ِّ‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫اللهَّ َ ِم ْن ِع َبا ِد ِه ا ْل ُع َل َما ُء �إِ َّن ا َعزِ ي ٌز غَ فُو ٌر{ فاطر‪.28 ،27 :‬‬ ‫التعددية يف نوع الإن�سان وم�ستوى �أدائه لواجباته‪َ } :‬و ِم ْن‬ ‫ال ْر ِ�ض َواخْ تِلاَ ُف �أَل ِْ�س َن ِت ُك ْم َو�أَ ْل َوا ِن ُك ْم‬ ‫ال�س َما َو ِات َو َْ أ‬ ‫�آ َيا ِت ِه خَ ْلقُ َّ‬ ‫ِ�إ َّن فيِ ذَ ِل� َ�ك َ آل َي� ٍ‬ ‫�ات ِل ْل َعالمِ ِ َني{ ال��روم‪ 22 :‬النا�س ال ميكن �أن‬ ‫يكونوا ن�سخة مكررة‪‌ :‬وينطلق اجلميع من هذه احلقيقة‬ ‫التي ال ج��دال فيها؛ لأن اهلل مل يفطرهم على ذل��ك‪ ،‬بل‬ ‫جعل االختالف �سنة فيهم قال تعالى‪َ } :‬و َل ْو �شَ ا َء َر ُّب َك لجَ َ َع َل‬ ‫ون مخُ ْ َت ِل ِف َني * ِ�إ اَّل َم ْن َر ِح َم َر ُّب َك‬ ‫َّا�س �أُ َّم ًة َو ِاح َد ًة َو اَل َيزَ ا ُل َ‬ ‫الن َ‬ ‫َو ِل��ذَ ِل� َ�ك خَ َل َق ُه ْم{ ه��ود‪ 119-118 :‬واختتمت فعاليات الندوة‬ ‫التي ح�ضرها عدد من اجلهات الإعالمية بجل�سة نقا�شية‬ ‫طرحت فيها العديد من الأ�سئلة والتي مت الإجابة عليها من‬ ‫قبل املحا�ضرين‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪83‬‬


‫ندوة مب�شاركة االمني العام يعقدها منتدى الو�سطية للفكر والثقافة فرع ال�سلط‬

‫خطر التطرف على العامل الإ�سالمي‬

‫�شارك الأمني العام للمنتدى املهند�س مروان الفاعوري‬ ‫يوم االربعاء املوافق ‪ 2015/12/30‬يف الندوة التي عقدها‬ ‫منتدى الو�سطية للفكر والثقافة فرع ال�سلط حول «خطر‬ ‫التطرف على العامل الإ�سالمي « حيث عر�ض الأمني العام‬ ‫للمنتدى العاملي للو�سطية املهند�س مروان الفاعوري لأ�سباب‬ ‫التطرف والإرهاب املتمثلة ب�أ�سباب دينية ناجتة عن اجلهل‬ ‫مبقا�صد الدين والفهم اخلاطئ للمفاهيم ال�شرعية للجهاد‬ ‫و�أ�سباب اقت�صادية جراء الفقر والبطالة و�أ�سباب �سيا�سية‬ ‫كالظلم واال��س�ت�ب��داد والإره� ��اب ال ��دويل ب��الإ��ض��اف��ة �إل��ى‬ ‫الأ�سباب النف�سية للبحث عن ال�شهرة والإخفاق احلياتي‬ ‫والإحباط النف�سي‪.‬‬ ‫وق��ال رئي�س جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور نبيل‬ ‫ال�شواقفة �أن الإرهاب والتطرف يعتمد على ت�أويالت خاطئة‬ ‫ومنحرفة لآي��ات ال �ق��ر�آن و�أح��ادي��ث النبي عليه ال�سالم‬ ‫واخل�ط��ورة يف ه��ذه الت�أويالت تكمن يف جاذبيتها لبع�ض‬ ‫ال�شباب‪ ،‬ودورنا كم�ؤ�س�سات جمتمع مدين �أن نبني الإ�سالم‬ ‫احلقيقي لأبنائنا الذي جاء به النبي عليه ال�سالم‪.‬‬ ‫وحت��دث الدكتور علي ال�ضرغام م��ن جامعة البلقاء‬ ‫التطبيقية عن حت�صني ال�شباب من التطرف والإرهاب من‬ ‫خالل ن�صو�ص الكتاب وال�سنة و�أق��وال الفقهاء و�أمثلة من‬ ‫الواقع‪.‬‬ ‫و�أكد مفتي عام اململكة الدكتور عبد الكرمي اخل�صاونة‬ ‫�أن قتل الإن�سان ال يجوز والدعوة عليه بالكفر‪ ،‬وهو ما يقوم‬ ‫به التكفرييني واخلوارج هذه الأيام من قتل واعتداء على‬ ‫‪� 84‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫النا�س رغم ان النبي عليه ال�سالم مل يجز تكفري �أحد‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف اخل�صاونة خالل الندوة التي نظمها منتدى‬ ‫الو�سطية للفكر والثقافة يف ال�سلط حول خطر التطرف‬ ‫على العامل اال�سالمي‪� ،‬أن ه�ؤالء اخلوارج يقتلون النا�س الآن‬ ‫ويخرجونهم من امل ّلة حتى يعطوا �صورة �سيئة عن اال�سالم‬ ‫ال�صحيح الذي جاء به النبي عليه ال�سالم الذي �أمرنا �أن‬ ‫نح�سن للنا�س م�ست�شهدا بق�صة جنازة اليهودي املعروفة‪.‬‬ ‫ومت عر�ض فيلم عن اﻻرهاب من �إعداد املنتدى العاملي‬ ‫للو�سطية وكان رئي�س فرع املنتدى يف ال�سلط احيا عربيات‬ ‫قد �شكر رئي�س اجلامعة لدعمه وم�شاركة اجلامعة مع‬ ‫م�ؤ�س�سات املجتمع املدين و�شكر غرفة جتارة ال�سلط لدعمها‬ ‫املنتدى واحل�ضور وتعاون مركز �شابات العار�ضة و�أكد على‬ ‫�أهمية عقد مثل هذه الندوات ملا لها من فائدة يف توعية‬ ‫�أبناء املجتمع‪.‬‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫عقد املنتدى العاملي للو�سطية فرع اجلزائر دورة بعنوان‬

‫(مهارات احلديث يف الإر�شاد الديني)‬

‫وتناول بدر يف بداية الدورة العوامل التح�ضريية لنجاح‬ ‫عقد املنتدى العاملي للو�سطية (ف��رع اجل��زائ��ر) يوم‬ ‫ال�سبت املوافق ‪ 2016/1/9‬وباال�شرتاك مع جمعية الإر�شاد اخلطاب و املتمثلة يف التعرف على املكان و طبيعة املخَ َ‬ ‫اطب‬ ‫والإ��ص�لاح دورة تدريبية ل�صالح املر�شدات يف امل�ساجد ‪ ،‬و الو�سائل امل�ستعملة يف اخلطاب ‪.‬‬ ‫واملربيات مب�ؤ�س�سات رعاية الطفولة والتي كانت حتت‬ ‫حيث رك��ز امل ��درب على امل �ج��االت ال�ث�لاث��ة للخطاب‬ ‫عنوان‪ :‬مهارة اخلطاب يف الإر�شاد الديني والرتبوي‪.‬‬ ‫واملتمثلة يف‪ :‬املجال املعريف‪ ،‬املجال الوجداين والقيمي‪،‬‬ ‫حيث رح��ب رئي�س املكتب ال��والئ��ي جلمعية الإر� �ش��اد واملجال املهاري‪ ،‬حيث ال ميكننا تعديل �سلوك �أي فرد نحو‬ ‫والإ�صالح باحلا�ضرات وتثمينه لل�شراكة بني املنتدى العاملي الإيجابية �إال �إذا ت�ضمن خطابنا هذه اجلوانب الثالثة‪.‬‬ ‫للو�سطية و�أ�شاد بدور التكوين والت�أهيل يف تنمية اخلطاب‬ ‫الديني وتطوير امل�ؤ�س�سات الدينية والرتبوية يف املجتمع‪.‬‬ ‫كما تناول املدرب �ضرورة حتديد الهدف من اخلطاب‬ ‫الديني و ا�ستهداف �سلوك حمدد يعمل املتحدث على تعديله‬ ‫رئي�س فرع املنتدى العاملي للو�سطية �أ‪� .‬إبراهيم‬ ‫بدر من خالل خطابه ‪ .‬وتطرق امل��درب �إلى كيفية التنويع يف‬ ‫ب��دورة ا�شاد بنتائج امل�ؤمتر ال��دويل ال��ذي عقد بال�شراكة‬ ‫بني املنتدى العاملي للو�سطية وجمعية الإر�شاد والإ�صالح‪� ،‬أ�ساليب اخلطاب وفقا لطبيعة ال�شخ�ص املخاطب والتنويع‬ ‫وال��ذي انبثق عنه بروتوكول التعاون بني امل�ؤ�س�ستني من يف الأ�ساليب والو�سائل امل�ستعملة‪ ،‬مركزا على �أهم مبادئ‬ ‫خالل اقامة الدورات التدريبية والندوات الفكرية ملختلف اخلطاب واملتمثلة يف‪ :‬و�ضوح الهدف والتدرج واال�ستمرارية‬ ‫�شرائح املجتمع يف �إطار قيم ومبادئ الو�سطية واالعتدال‪ .‬والواقعية واملواكبة‪.‬‬ ‫ليختتم اللقاء يف فقرته الأولى بالتذكري ب�أهم ماتناولته‬ ‫و من خالل الدورة تطرق �إلى �أهمية اخلطاب و تنمية‬ ‫مهارة امل�شاركات يف خمتلف املجاالت ‪ ،‬و منها اخلطاب و الدورة يف يومها الأول على ان يجمع امل�شاركات لقاء ثان‬ ‫مهارة االت�صال بالآخرين و خا�صة �أن امل�شاركات ‪� ،‬سواء يتم فيه تنفيذ امل�ه��ارات الأ�سا�سية للخطاب‪ ،‬مما يلبي‬ ‫كن مر�شدات دينيات بامل�ساجد ‪� ،‬أو مربيات يف خمتلف احتياجات امل�شاركات‪ ،‬ومت يف نهاية الدورة ت�سليم �شهادة‬ ‫امل�ؤ�س�سات الرتبوية ‪ ،‬يحتجن �إلى تطوير مهارة اخلطاب ‪ .‬للم�شاركني يف الدورة‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪85‬‬


‫املنتدى العاملي للو�سطية فرع اجلزائر يعقد ور�شة تدريبية‬

‫يف �إطار تظاهرة القر�آن الكرمي وال�سنة‬ ‫النبوية التي يقيمها م�سجد فاطمة البتول‬ ‫ر�ضي اهلل عنها باالقامة اجلامعية ‪0002‬‬ ‫�سرير ب��والي��ة �أدرار‪ ،‬وبالتن�سيق م��ع جلنة‬ ‫ال�شباب والطلبة للمنتدى العاملي للو�سطية‬ ‫– فرع اجلزائر ‪ ،-‬قدم رئي�س فرع املنتدى‪:‬‬ ‫�أ‪� .‬إبراهيم بدر رفقة م�س�ؤول ال�شباب والطلبة‬ ‫�أم��ا رئي�س فرع املنتدى �أ‪� .‬إبراهيم بدر‬ ‫بالأمانة الوالئية لوالية �أدرار للمنتدى‪� :‬أ‪ .‬فعرج على حمددات فاعلية الطالبة وخل�صها‬ ‫حممد توهامي ور�شة تدريبية حتت عنوان‪:‬‬ ‫فاعلية الطالبة اجلامعية يف جم��ال العمل يف و�ضوح الر�ؤية امل�ستقبلية للطالبة‪ ،‬وذلك‬ ‫م��ن خ�لال معرفة الر�سالة ال��دع��وي��ة التي‬ ‫الدعوي يف الو�سط اجلامعي‪.‬‬ ‫يجب �أن حتملها الطالبة وال�ت��ي �أه��م ما‬ ‫ب�ع��د ق� ��راءة ال� �ق ��ر�آن ال �ك��رمي والكلمة مييزها‪ :‬اخللق اال�سالمي الدافع �إلى التفاف‬ ‫الرتحيبية مل�س�ؤول العمل اجلامعي بالوالية الطالبات حول امل�شروع اال�سالمي والتميز يف‬ ‫والإعالن عن افتتاح الور�شة‪� ،‬أتيحت املداخلة‬ ‫الأولى للأ�ستاذ املدرب (�أ‪ .‬حممد توهامي) الدرا�سة العطاء النموذج للطالبة امللتزمة‪،‬‬ ‫والذي تطرق فيها �إلى مدخل حول مو�ضوع وحت��دي��د الأه ��داف يف خمتلف امل�ستويات‪،‬‬ ‫الفاعلية‪ ،‬وذل��ك من خ�لال تعريف مفهوم واختتمت الور�شة بتكرمي امل�شاركني ب�شهادات‬ ‫الفاعلية ب�شكل ع��ام‪ ،‬والفاعلية بالن�سبة �شرفية‪.‬‬ ‫ل�ل�ط��ال��ب اجل��ام �ع��ي ب���ش�ك��ل خ��ا���ص‪ .‬حيث‬ ‫يعترب الطالب اجلامعي هو مقيا�س فاعلية‬ ‫املجتمعات �إذ �سيكون هذا الطالب م�ستقبال‬ ‫االط� ��ار و امل���س�ير يف خم�ت�ل��ف امل��ؤ��س���س��ات‬ ‫الر�سمية و املجتمعية ‪.‬‬

‫‪� 86‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫�أقام املنتدى العاملي للو�سطية فرع ال�سودان ور�شة عمل بعنوان‪:‬‬

‫ثقافة الو�سطية يف مواجهة التع�صب للحد من �أثره يف املجتمعات»‬

‫�أق��ام املنتدى العاملي للو�سطية فرع ال�سودان يف �إطار‬ ‫خماطبته الق�ضايا املعا�صرة التى ت�شغل الإن�سان ال�سوداين‬ ‫يف الفرتات الأخرية‪ ،‬ور�شة عمل ي�ستهدفت خطباء امل�ساجد‬ ‫حتت عنوان « ثقافة الو�سطية يف مواجهة التع�صب للحد‬ ‫من �أث��ره يف املجتمعات» يوم ال�سبت ‪ 5102/21/62‬بدار‬ ‫هيئة �ش�ؤون الأن�صار والتي �شارك فيها خم�سون من خطباء‬ ‫امل�ساجد من مدن العا�صمة الثالث‪ ،‬وهدفت الور�شة �إلى‬ ‫واقتطف الأ�ستاذ يو�سف ح�سن ي�س املفكر الإ�سالمي‬ ‫تر�سيخ املنهج الو�سطي وتفنيد ظاهرة التع�صب والتطرف‬ ‫الديني و�أث��ر ذلك على تفكيك املجتمعات وتر�سيخ ثقافة والأ�ستاذ بكلية الإمام الهادي من كتابه القيم “ اخلطيب‬ ‫واخلطابة” ورق ��ة ع�م��ل حمكمة ح��ول “ منهج �إع ��داد‬ ‫الكراهية والعنف‪.‬‬ ‫اخلطبة” حيث حت��دث ع��ن كيفية اخ�ت�ي��ار مو�ضوعات‬ ‫وق��د ج��اءت �أوراق العمل متَ�سقة مع �أهمية املو�ضوع اخلطبة‪ ،‬وكيفية التح�ضري اخلطبة‪ ،‬واملبادئ التي يجب‬ ‫والأ�سئلة امللحة التي يفر�ضها الواقع ومتناغمة مع الر�ؤية مراعاتها يف اخلطيب واخل�ط��اب��ة‪ ،‬والآداب ال�ت��ي يجب‬ ‫الإ��س�لام�ي��ة ال�صحيحة‪ ،‬حيث �شملت اجل��ان��ب املعريف‬ ‫معرفتها لأي خطيب‪ ،‬وطرح عدة موجهات للخطيب بغر�ض‬ ‫والتطبيقي وال�سلوكي‪.‬‬ ‫جتويد الأداء و�صقل التجربة وترقية امل�ستوي عرب احل�صيلة‬ ‫ق� َ�دم اال��س�ت��اذ حممد مو�سي حممد �أم�ي�ن العالقات املعرفية وجت�سيد قيم ومعاين الو�سطية‪ ،‬وطالب خطباء‬ ‫اخلارجية بهيئة ��ش��ؤون الأن�صار ورق��ة « خطبة اجلمعة امل�ساجد بالتجديد والتجويد والإتقان والإخال�ص واملواكبة‪.‬‬

‫و�أهميتها يف �إ��ص�لاح املجتمع» التي �أع��ده��ا الأم�ي�ر عبد‬ ‫املحمود �أب � َو رئي�س املنتدى العاملي للو�سطية بال�سودان‪،‬‬ ‫متحدثا عن خ�صائ�ص اخلطبة و�صفات اخلطيب الناجح‬ ‫ومقومات اخلطبة املفيدة‪ ،‬وركز على مفهوم الإ�صالح يف‬ ‫العقيدة والفكر وال�سلوك ليتج�سد يف �أر�ض الواقع و�شرح‬ ‫منهجية الو�سطية للإ�صالح الديني واالجتماعي‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪87‬‬


‫من جانبه تتبع د‪.‬عبد ال�صمد علي عبد ال�صمد ا�ستاذ بتقدمي دورات تدريبية ت�ستهدف خطباء امل�ساجد خالل‬ ‫الثقافة الإ�سالمية بجامعة ال�سودان للعلوم والتكنولوجيا العام اجلديد ‪6102‬م‪.‬‬ ‫ومعهد العلوم وال�ب�ح��وث الإ�سالمية يف �أط��روح�ت��ه حول‬ ‫واختتم الور�شة د‪.‬عبد الرحيم عمر حمي الدين املفكر‬ ‫“التع�صب الديني و�أثره يف املجتمع” تتبع تطورات مفهوم‬ ‫الع�صبية من قبل الإ�سالم وبعده والتع�صب املذهبي والوالء الإ�سالمي والأ�ستاذ بجامعة النيلني مبداخلة رئي�سية حول‬ ‫والرباء والتع�صب الفكري الحقا خالل ر�ؤية خلق القر�آن التطرف الديني وخماطره والدور املناط بخطباء امل�ساجد‬ ‫واملعتزلة والراف�ضة واخل��وارج اجلدد والدواع�ش‪ ،‬وناق�ش والعلماء ملعاجلة ه��ذه الظاهرة وتبني املنهج الو�سطي‬ ‫منهج الإ�سالم ملحاربة التع�صب والتطرف والت�شدد‪ ،‬م�ؤكدا كرتياق ناجع ملعاجلة امل�شاكل االجتماعية والفكرية عرب‬ ‫علي ان احلل يف تبني الفكر الو�سطي الذي يقوم علي ح�سن حركة تنويرية �شاملة‪.‬‬ ‫اخللق واالعتدال ونبذ الت�شدد‪ ،‬و�شدد علي �ضرورة التحلي‬ ‫وبعد نقا�ش م�ستفي�ض للأوراق املقدمة ومداخالت من‬ ‫ب ��أدب االخ�ت�لاف وفتح ب��اب االج�ت�ه��اد‪ ،‬وط��ال��ب ب�ضرورة‬ ‫التعاون يف امل�شرتكات واملنا�صحة يف املختلف حوله‪.‬‬ ‫قبل امل�شاركني خرجت الور�شة بعدة تو�صيات منها‪:‬‬ ‫"حتى ال ت�صبح الو�سطية طرفا" حتت هذا العنوان ‪� .1‬إن حتديات الو�سطية كبرية ت�ستدعي التعاون لإبراز‬ ‫جاءت ورقة اال�ستاذ حممد احلرب نور الدائم الأمني العام املنهج القومي يف مواجهة عمليات الت�شويه والت�شوي�ش‬ ‫للندوة العاملية لل�شباب الإ�سالمي ومدير البحوث والتخطيط املتعمد للتقليل من دورها التنويري والتثقيفي‪.‬‬ ‫ب��وزارة الأوق��اف ال�سابق‪ ،‬والتي �أ�شار فيها بو�ضوح ملفهوم‬ ‫الو�سطية حيث قال �إنها مفهوم جامع للخريية واال�ستقامة ‪ . .2‬تبني �أ�ساليب م�ستحدثة يف خطبة اجلمعة ملواكبة‬ ‫والعدل والف�ضل والق�صد و�أنها لي�س ب�أمر حادث وال تعني التغريات املجتمعية ون�شر خطب اجلمعة عرب الو�سائط‬ ‫احلياد و�إمن��ا امليل ايل احلق والتم�سك بالف�صائل كلها‪ .‬الإعالمية من �صحف وجمالت وو�سائط بديلة في�س بوك‬ ‫وت�س�أل اين تكمن امل�شكلة؟ و�أجاب يف حمورين ( املحا�صرة ووات�ساب ويوتيوب وغريها لتعم الفائدة‪.‬‬ ‫الذاتية واملحا�صرة اخلارجية)‪ .‬وفند املحا�صرة الذاتية‬ ‫لتيار الو�سطية والنظرة ل��ه باعتباره رد فعل للتيارات ‪ .3‬الرتكيز على الق�ضايا املعا�صرة وحت��دي��د ج��زء من‬ ‫ال�سلفية والإخوانية‪ ،‬واحتكاره من قبل مدار�س بعينها‪ ،‬اخلطبة ثابت لنبذ التع�صب والتطرف و�شرح املنهج‬ ‫وطرح عموميات‪ ،‬والنظرة ايل املقا�صد ال�شرعية‪ ،‬وحذر الو�سطي‪.‬‬ ‫من �أن تتحول الو�سطية ملذهب فقهي جديد‪ ،‬وتطرق ايل‬ ‫انتكا�سة املراجعات وا�ضطراب امل�سلمات وق�ضية التوفيق ‪ .4‬تر�سيخ �أدب االخ�ت�لاف والت�سامح الديني ومواجهة‬ ‫بني الوطنية والأمم�ي��ة وب�ين رف�ض العنف وح��ق املقاومة الأفكار الهدامة باحل�سنى‪.‬‬ ‫و�ضبط مفهوم اجلهاد‪ .‬وح��ول املحا�صرة اخلارجية ذكر‬ ‫احل�بر حتديات تيار الو�سطية وم��ن بينها احليلولة دون ‪ .5‬الدعوة لإجراء حوارات وا�سعة بني املدار�س الإ�سالمية‬ ‫حتول الو�سطية لأداء ووظيفة لتحقيق �أجندة غربية‪ ،‬وتبني بغر�ض االت �ف��اق على املنهج الأم �ث��ل ل�ل�إ��ص�لاح ونبذ‬ ‫م�ضامني غري �إ�سالمية‪ ،‬والنظر ايل احلق باعتباره متعدد‪ ،‬التع�صب الديني‪.‬‬ ‫واتباع موا�صفات امل�سلم الو�سطي التي و�ضعتها دوائر غربية‬ ‫و�أخرى موا�صفات امل�سلم الإرهابي مما ي�شكل �أ�شكا ًال كبري ًا ‪ .6‬بناء �شراكات وا�سعة لكل امل�ؤ�س�سات العاملة يف الدعوة‬ ‫والإر�شاد ملحا�صرة التطرف والعنف‪.‬‬ ‫للتيار الو�سطي‪.‬‬ ‫�أما اجلانب العملي والتطبيقي فكان من ن�صيب الأ�ستاذ ‪� .7‬إع��داد كتاب مف�صل ح��ول التع�صب الديني و�أث��ره يف‬ ‫الفا�ضل علي حممد احمد امل��درب املتخ�ص�ص يف تنمية املجتمع وي��وزع لكل املعنيني من �أج��ل مواجهة �شاملة‬ ‫امل��وارد الب�شرية حول “ فن الإلقاء والإقناع” ا�ستعرا�ض للتع�صب والتطرف‪.‬‬ ‫�أ�ساليب اخلطبة الع�صرية من حيث الإع ��داد والعر�ض‬ ‫وتكتيكات الإقناع واال�ستمالة‪ ،‬ومالمح اخلطبة اجليدة‪ .8 ،‬املطالبة بتدريب وت��أه�ي��ل ال��دع��اة وخطباء امل�ساجد‬ ‫وق��دم متثيل �أدوار ع�بر �إع ��داد وت�ق��دمي خطبة ق�صرية مل�ساعدتهم يف تبليغ ر�سالتهم‪.‬اال�ستقرائي وبالتايل ر�ؤية‬ ‫للتعريف مبنهج الو�سطية و�أخ��ري مبنهج داع����ش‪ .‬ووعد غري نهائية‪.‬‬ ‫‪� 88‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫عقد املنتدى العاملي للو�سطية يف تون�س الندوة الفكرية‬

‫«الر�ؤية املقا�صدية يف ال�شريعة علماء املغرب اال�سالمي منوذجا»‬

‫عقد يوم ال�سبت املوافق ‪ 2016/2/6‬فعاليات الندوة‬ ‫الفكرية التي يعقدها املنتدى العاملي للو�سطية فرع تون�س‬ ‫بعنوان “الر�ؤية املقا�صدية يف ال�شريعة علماء املغرب‬ ‫الإ�سالمي منوذجا “والتي ي�شارك فيها امني عام املنتدى‬ ‫املهند�س م��روان الفاعوري �إ�ضافة الى عدد من العلماء‬ ‫واملفكرين من بينهم‪ :‬رئي�س املنتدى �سماحة الإمام ال�صادق‬ ‫املهدي‪ ،‬د‪ .‬منري التليلي‪ /‬تون�س‪ ،‬د‪ .‬نور الدين اخلادمي‪/‬‬ ‫تون�س‪ ،‬د‪ .‬عبد احل��ق ميحي‪ /‬اجل��زائ��ر‪ .‬د‪ .‬عبداملجيد‬ ‫النجار‪ /‬تون�س‪ ،‬الأ�ستاذ �سليم احلكيمي‪ /‬تون�س حممد‬ ‫بو زغيبة‪ /‬رئي�س وحدة فقهاء تون�س‪ ،‬اال�ستاذ عبد الفتاح‬ ‫مورو‪-‬تون�س‪ ،‬د‪ .‬ابراهيم جامع ‪ /‬نيجرييا‪.‬‬ ‫وقال الفاعوري يف كلمته التي �ألقاها‪:‬‬ ‫�أ ّمة الإ�سالم خُ ّ�صت باخلري ّية وال�شهادة على النا�س‪،‬‬

‫و ُك � ِّر َم��ت بالر�سالة اخل��امت��ة‪ ،‬ول�ك��ل خ�صي�صة م��ن هذه‬ ‫اخل�صائ�ص �شروط وعنا�صر مطلوب توافرها يف املنتمني‬ ‫لهذه الأ ّمة‪� ،‬أو على الأقل يف َمن يتولون �أمرها يف املجاالت‬ ‫املختلفة‪ .‬وق��د َح � ّق��ق �سلفنا ال�صالح � �ش��روط ال�شهود‬ ‫احل�ضاري يف ع�صرهم؛ ف�أحدثوا حتو ًال على الأ�صعد ِة كافة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ونقلوا الب�شر ّية من حياة اجلاهل ّية بظالمها �إلى حياة ال ِع ْل ِم‬ ‫والعدل والرحمة ف�ض ًال عن الإميان‪ ،‬وربطوا حركة الإن�سان‬ ‫معنى وللم�سري ِة غاي ًة‪،‬‬ ‫باملنهج ال‬ ‫إ�سالمي الذي يجعل للحياة ً‬ ‫ّ‬ ‫قال تعالى‪�} :‬أَف َ​َح ِ�س ْبت ُْم َ�أ مَّنَا خَ َل ْقنَا ُك ْم َع َبث ًا َو َ�أ َّن ُك ْم �إِ َل ْينَا َال‬ ‫ون{ امل��ؤم�ن��ون‪ 115:‬ووا�صلت الأ ّم��ة التم ّيز يف العطاء‬ ‫ُت ْر َج ُع َ‬ ‫طيلة ع�صر الر�سالة والقرون اخل�ّيررّ ة التي تلتها‪ ،‬ونقلوا‬ ‫للإن�سان ّية يف �أرج��ا ِء املعمورة الأربعة؛ ما �أنتجته العقول‬ ‫امل�سلمة من علوم ومعارف‪ ،‬وما �أجنزته الإدارة الرا�شدة‬ ‫َ‬ ‫معارف ونظريات‬ ‫من عدلٍ ورخاء‪ ،‬وما نقّح ُه العلماء من‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪89‬‬


‫ين َج��ا ُءوا ِم ْن َب ْع ِد ِه ْم‬ ‫احل�ضارات ال�سابقة‪ ،‬ف�شهد العامل منط ًا جديد ًا من التعامل ال�سلف واخل َلف‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬وال َِّذ َ‬ ‫قوامه الإميان وال ِع ْلم والعدل والت�سامح‪.‬‬ ‫ين َ�س َبقُونَا بِالإِ َميانِ َو َال‬ ‫َيقُو ُل َ‬ ‫ون َر َّبنَا اغْ ِف ْر َلنَا َولإِخْ َوا ِننَا ال َِّذ َ‬ ‫ين � َآمنُوا َر َّبنَا �إِن َ​َّك َر ُء ٌ‬ ‫وف َّر ِحي ٌم{‬ ‫ثم طر�أت على امل�سلمني ظروف �صنعتها عوامل االبتعاد تجَ ْ َع ْل فيِ ُق ُلو ِبنَا ِغ ًّال ِّل َّل ِذ َ‬ ‫عن �أ�صول املنهج‪ ،‬وال�صراعات حول احلكم‪ ،‬واالختالف احل�شر‪10:‬‬ ‫املذموم‪ ،‬والغزو اخلارجي؛ ف�ضعفت الأ ّم��ة وخ��ار عزمها‬ ‫َ‬ ‫ثالثا‪ :‬القدرة على فهم ال ّتن ُّوع يف ال�ساحة الإ�سالمية؛‬ ‫احل�ضاري‪.‬‬ ‫وتراجعت عن وظيفة ال�شهود‬ ‫ّ‬ ‫تاريخ ًا وحا�ضر ًا؛ فقه ًا وفكر ًا و�سيا�س ًة وتنظيمات؛ باعتباره‬ ‫ِ‬ ‫حماوالت ا�سرتجا ِع‬ ‫ويف القرون املت� ِأخرة بد� ِأت الأّ ّم ُة‬ ‫املجتهدين عامل �إ ْثراء ولي�س اختالف تنازع وت�صادم؛ مما ي�ساعد على‬ ‫يادي؛ متثلت تلك املحاوالت يف ن�شاط‬ ‫دورها الرِ ّ‬ ‫والإ�صالحيني واملجاهدين‪ ،‬وال زالت امل�ساعي حثيثة لبلوغ اال�ستفادة من كل املدار�س الإ�سالمية يف جتلياتها الظاهرية‬ ‫الغاية املن�شودة‪ ،‬وهذا امل�ؤمتر واحد من املحاوالت اجلا ّدة والعقلية والكالمية وال�صوفية واحلركية واالجتماعية؛‬ ‫لبلورة ر�ؤية ِع ْلم ّية َع َمل ّية ت�ساهم يف نه�ض ِة الأ ّمة‪.‬‬ ‫نظرا لوحدة امل�صدر والغاية‪ .‬انطالقا من اعتقاد را�سخ ب�أن‬ ‫�إن النظرة ال َّت ْجزيئية ال حتقق النه�ضة املطلوبة؛ فما العطاء الإلهي ال حدود له وال ح�صر‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬و َل ْو �أَ مَّنَا‬ ‫نعانيه اليوم من تراجع قيمي‪ ،‬ومن ت َي ُّب�س ِذهني‪ ،‬ومن تف ُّرق فيِ الأَ ْر ِ�ض ِمن �شَ َج َر ٍة �أَقْال ٌم َوا ْل َب ْح ُر يمَ ُ ُّد ُه ِم ْن َب ْع ِد ِه َ�س ْب َع ُة‬ ‫ُق ْطري‪ ،‬ومن ُّ‬ ‫ات اللهَّ ِ ‪ {..‬لقمان‪.27:‬‬ ‫تع�صب طائفي‪ ،‬ومن اقتتال دموي؛ هو نتيجة �أَ ْب ُحرٍ َّما َن ِف َد ْت َك ِل َم ُ‬ ‫حتمية لغياب الر�ؤية املقا�صدية للعاملني يف جمال الدعوة؛‬ ‫فالر�ؤية التجزيئية غذتها املناهج الروائية التحفيظية التي‬ ‫غاب عنها منهج التحليل والنقد واملقارنة والنظرة ال�شمولية‬ ‫راب�ع��ا‪ :‬ت�صحيح املفاهيم ب ��إع��ادة النظر يف املناهج‬ ‫للر�سالة اخلامتة؛ التي حملت كلمة اهلل الأخرية للب�شرية‪.‬‬ ‫التي �ش َّكلت الواقع املُ�شَ َّوه الذي نعي�شه‪ ،‬فاملناهج التعليمية‬ ‫�إن ال�ساحة املغاربية لعاملنا العربي والإ�سالمي؛ يعود‬ ‫لها وال�ترب��وي��ة؛ تعتمد على ال��رواي��ة واحل�ف��ظ‪ ،‬وجتعل امل�سلم‬ ‫الف�ضل يف بلورة املنهج املقا�صدي‪ .‬فالإمام ال�شاطبي‪ ،‬وابن‬ ‫ر�شد‪ ،‬وابن عا�شور‪ ،‬وعالل الفا�سي‪ ،‬والري�سوين‪ ،‬ونورالدين ُم َت َلقِّي ًا ولي�س ُمت ِ‬ ‫َفاع ًال‪ ،‬وحافظ ًا للن�صو�ص ولي�س ُم َت َفقِّه ًا!‬ ‫اخلادمي‪ ،‬وغريهم من العلماء املغاربة قدموا عمال عظيما وعقله اجلمعي ي�ستبعد تكرار جيل ال�صحابة؛ ك�أن القر�آن‬ ‫نزل لهم وحدهم ولي�س لكل الأم��ة! �إن الر�ؤية املقا�صدية‬ ‫يف ت�أ�صيل وتقعيد وتطوير فقه املقا�صد‪.‬‬ ‫واليوم ف�إن �أمتنا �أحوج ما تكون النتهاج الر�ؤية املقا�صدية ت�صحح هذه املفاهيم اخلاطئة وت�ست�صحب قوله تعالى‪« :‬‬ ‫ون‬ ‫يف كل �أمورها حتى تتمكن من جتاوز حالة الالتوازن احلالية ِت ْل َك �أُ َّم ٌة َق ْد خَ َل ْت َل َها َما َك َ�س َب ْت َو َل ُكم َّما َك َ�س ْبت ُْم َو َال ت ُْ�س َ�أ ُل َ‬ ‫ون» [البقرة‪� ]141:‬إعماال لقاعدة العربة‬ ‫وت�ستعيد دورها يف ال�شهود احل�ضاري؛ �إن الر�ؤية املقا�صدية َع َّما َكا ُنوا َي ْع َم ُل َ‬ ‫بعموم اللفظ ال بخ�صو�ص ال�سبب‪.‬‬ ‫حتقق فوائد عظيمة �أهمها‪:‬‬ ‫�أوال‪ :‬النظرة ال�شاملة للإ�سالم باعتباره دينا خامتا‬ ‫يخاطب كل مطالب احلياة الإميانية والفكرية واالجتماعية‬ ‫واالقت�صادية؛ يف جتلياتها الفردية واجلماعية والأممية؛‬ ‫حتقيقا ملفهوم اخلري َّية الذي ُك ِّرمت به هذه الأمة‪ُ } .‬كنت ُْم‬ ‫ون ِبالمْ َ ْع ُر ِ‬ ‫خَ يرْ َ �أُ َّم� ٍة �أُخْ رِ َج ْت ِللن ِ‬ ‫وف َو َت ْن َه ْو َن َعنِ‬ ‫َّا�س َت��أْ ُم� ُر َ‬ ‫ُون بِاللهَّ ِ ‪� {...‬آل عمران‪110:‬‬ ‫املُن َكرِ َو ُت�ؤ ِْمن َ‬ ‫�إن ا�ستعادة هذه القراءة من �ش�أنها �أن ت�صحح امل�سرية‪،‬‬ ‫ثانيا‪ :‬التعامل مع اجتهادات ال�سلف من خالل مناهجهم ومت ِّكن الأم��ة من اال�ستفادة من كل طاقاتها وتوظيفها‬ ‫التي � َّأ�صلوها وق َّعدوا لها؛ ولي�س من خالل فتاويهم اجلزئية؛ لتحقيق �أمر اال�ستخالف الذي خلقت لأجله‪.‬‬ ‫املحكومة بظروف الزمان واملكان والبيئة التي عا�شوا فيها؛‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬و َلق َْد َك َت ْبنَا فيِ ال َّز ُبو ِر ِم ْن َب ْع ِد ِّ‬ ‫الذ ْكرِ �أَ َّن‬ ‫ا�ست�صحابا للمالئم من �إنتاجهم الفقهي لأو�ضاعنا و�إعما ًال‬ ‫َ‬ ‫ون{ الأنبياء‪.105:‬‬ ‫ال�صالحِ ُ َ‬ ‫حلقنا يف الفهم والرتجيح واالختيار‪ ،‬وت�أكيدا للتوا�صل بني الأ ْر َ�ض َيرِ ُث َها ِع َبا ِد َي َّ‬ ‫خام�سا‪ :‬اجلمع بني القراءتني؛ قراءة الكتاب امل�سطور‪،‬‬ ‫وقراءة الكتاب الكوين‪� ،‬سطح ًا وبحر ًا وف�ضا ًء‪ ،‬جماد ًا ودا َّب ًة‬ ‫وب�شرا‪ ،‬قوانني و�سنن ًا‪ ،‬تاريخ ًا وحا�ضر ًا‪ ،‬واجب ًا �شرع ّي ًا‬ ‫وواقعا معا�ش ًا‪� ،‬آالم ًا و�آما ًال‪.‬‬

‫‪� 90‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫عقد املنتدى العاملي للو�سطية يف تون�س الندوة الفكرية بعنوان‬

‫" دور املر�أة يف حماربة الغل ّو و�صناعة احلياة"‬

‫َ‬ ‫نظم املنتدى العاملي للو�سطية‪ /‬فرع تون�س يوم ال�سبت‬ ‫املحور الثالث‪�;:‬آثار التط ُّرف على الفرد واملجتمع والأمة‬ ‫املوافق ‪ 6102/1/2‬مبدينة �سليمان من والي��ة نابلدورة ودور املر�أة يف احلماية والتوعية منه‪.‬‬ ‫تكوينية حتت عنوان" دور املر�أة يف حماربة الغل ّو و�صناعة‬ ‫املحور الرابع‪ :‬دور املر�أة يف مكافحة التط ُّرف العنيف‬ ‫احلياة" وك��ان ذل��ك مب�شاركة كل م��ن‪ :‬الأ�ستاذة يف علم ومنعه‪.‬‬ ‫االجتماع‪ ،‬ن�صرة البا�ش واال�ستاذ �شكري العبيدي رئي�س‬ ‫وك��ان ال�سيد �سليم احلكيمي رئي�س ال�ف��رع ق��د �ألقى‬ ‫جمعية روافد ثقافية‪.‬‬ ‫كلمة ترحيبية باحل�ضور وبينَ �أن هذه الندوة ت�أتي �ضمن‬ ‫وخالل الندوة نوق�ش عدد من املحاور منها‪:‬‬ ‫�سيا�سة املنتدى ملحاربة الإرهاب والتطرف وتعرية الأفكار‬ ‫االرهابية وتبيان خماطرها على ال�سلم االجتماعي وبني‬ ‫املحور الأول‪;:‬مفهوم التط ُّرف لغ ًة وا�صطالح ًا وما �أن الفرع �سيقوم بعقد دورات مكثفة للخطباء والأئمة يف‬ ‫يرادفه من م�صطلحات‬ ‫تون�س‪.‬‬ ‫امل �ح��ور ال �ث��اين‪� :‬أن� ��واع ال �ت �ط � ُّرف و� �ص��وره يف ال��واق��ع‬ ‫وح�ضر الندوة جمع غفري من املجتمع املحلي من مثقفني‬ ‫االجتماعي‬ ‫و�سيا�سني و�إعالمني‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪91‬‬


‫املنتدى العاملي للو�سطية فرع كرد�ستان ندوة بعنوان‬

‫من �أجل تنمية وتثبيت اخلطاب الإ�سالمي الو�سطي‬

‫عقد املنتدى العاملي للو�سطية فرع كرد�ستان يوم ال�سبت املوافق ‪ 6102/1/32‬ندوة بعنوان»من �أجل تنمية وتثبيت‬ ‫اخلطاب الإ�سالمي الو�سطي» والتي اتت حتت �شعار»الو�سطية روح التعاي�ش» وعر�ض فيها عدة حماور ا�سا�سية;من خالل‬ ‫اوراق العمل التي قدمها امل�شاركني وهي‪:‬‬ ‫‪ .1‬الأ�س�س الأ�صولية للو�سطية‪.‬‬ ‫‪ .2‬الو�سطية يف الفتوى‪.‬‬ ‫‪ .3‬اخل�صائ�ص املنهجية خلطبة معتدلة‪.‬‬ ‫‪ .4‬و�سطية الأمة الإ�سالمية‪.‬‬ ‫ويعقد املنتدى بكافة فروعه املنت�شره يف بلدان عدة مثل هذه الندوات حتقيق ًا لر�سالته ال�سامية والتي ي�سعى لن�شرها‬ ‫و�إي�صالها للعامل �أجمع وهي �أن اال�سالم هو دين ال�سماحة والو�سطية والتعاي�ش مع الآخر‪ ،‬الدين الذي ينبذ التطرف والغلو‬ ‫والإرهاب بكافة �أ�شكاله‪.‬‬ ‫‪� 92‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫نشاطات الوسطية‬

‫عقد الدورة التكوينية‬ ‫للأئمة واخلطباء يف موريتانيا‬ ‫عقد املنتدى العاملي للو�سطية فرع موريتانيا‬ ‫وبالتعاون مع االحتاد الوطني للأئمة يف موريتانيا‬ ‫يف ‪ 6102/2/4-3‬دورة تكوينية «دور اخلطيب‬ ‫يف �صناعة الو�سطية» حيث عر�ض فيها �أهمية‬ ‫غر�س املفاهيم الإ�سالمية ال�صحيحة وال�سليمة‬ ‫والتي يجب �أن يتقيد فيها كل خطيب وذلك للدور‬ ‫الهام ال��ذي يلعبه اخلطيب وت�أثريه على الفئات‬ ‫املجتمعية املختلفة‪.‬‬ ‫وك��ان��ت ال ��دورة ب� ��إدارة الأ��س�ت��اذ ب��ن عمر يل‬ ‫وم�شاركة ال�شيخ الطالب �أخبار ولد ما مني ومعايل‬ ‫الوزير ابو بكر ولد �أحمد وال�شيخ حممد االمني ولد‬ ‫ام كود رئي�س االحتاد الوطني للأئمة يف موريتانيا‪.‬‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪93‬‬


‫بيانات الوسطية‬

‫بيان املنتدى العاملي للو�سطية حول حرق القن�صلية ال�سعودية يف �إيران‬

‫تابع املنتدى العاملي للو�سطية ردات الفعل الإيرانية‬ ‫غري امل�سبوقة على �إقدام اململكة العربية ال�سعودية ب�إعدام‬ ‫�سبعة و�أرب �ع�ين �إره��اب�ي� ًا عاثوا يف �أر�ضها ف�ساد ًا وقت ًال‬ ‫وتفجري ًا وتدمري ًا للم�ساجد ومرتاديها من امل�ؤمنني الآمنني‬ ‫املطمئنني‪ ،‬حتى تطبق حد ًا من حدود اهلل تبتغي من ورائه‬ ‫حياة مطمئنة ل�ل�آخ��ري��ن‪ ،‬تطبيق ًا لقوله تعالى }ولكم‬ ‫يف الق�صا�ص حياة يا �أويل الألباب{ البقرة (‪ )179‬وحتى‬ ‫تقطع دابر كل من ت�سول له نف�سه العبث ب�أمن احلرمني‬ ‫وعليه‪ ،‬ف ��إن املنتدى وه��و ي�ستنكر ح��رق القن�صلية‬ ‫ال�شريفني باعتبارهما نزهة امل�شتاق من العباد والزهاد‬ ‫وطالبي الأمن والأمان من جميع املذاهب والطوائف مبن ال�سعودية‪ ،‬ليعلن وقوفه �إلى جانب القيم الإن�سانية‪ ،‬داعياً‬ ‫فيهم ال�شيعة يف �إيران وغريها‪.‬‬ ‫جميع الأطراف �إلى بذل املزيد من اجلهد يف �سبيل �إبعاد‬ ‫�إن ردة الفعل غري امل�س�ؤولة والتي وقعت على القن�صلية �شبح الفتنة بني قطرين كبريين يف ج�سم الأمة الإ�سالمية‪،‬‬ ‫ال�سعودية حتت �سمع وب�صر حكومة طهران �أو يف غيابها �إذ يكفي الأمة ما تواجهه من م�صائب يف العراق و�سوريا‬ ‫لن يعفيها من امل�س�ؤولية التاريخية والدينية والقانونية واليمن ولبنان جراء هذا التو�صيف الذي جر املنطقة �إلى‬ ‫ٍ‬ ‫مزيد من الويالت الكل فيها خا�سر ال حمالة‪.‬‬ ‫والعرفية‪� ،‬إذ �أن هذا الفعل يتنافى مع �أ�صول �شريعتنا‬ ‫ال�غ��راء التي توجب اح�ترام الر�سول وال�سفري والدخيل‬ ‫ِيح ُك ْم‬ ‫قال تعالى } َو َال َتنَاز َُعو ْا َف َت ْف�شَ ُلو ْا َو َت��ذْ َه� َ�ب ر ُ‬ ‫والأ�سري‪ ،‬وتق�ضي مبعاملته وفق مبادئ الرحمة والإن�صاف‬ ‫ين { االنفال (‪ )46‬وقوله تعالى‬ ‫ال�صابِرِ َ‬ ‫ا�صبرِ ُ و ْا �إِ َّن اللهَّ َ َم َع َّ‬ ‫والعدالة التي ن�صت عليها ال�شرائع ال�سماوية كافة‪ ،‬وكذلك َو ْ‬ ‫الأع��راف واملواثيق واملعاهدات الدولية والقيم الإن�سانية } َواذْ ُك�� ُروا ِن ْع َم َت اللهَّ ِ َع َل ْي ُك ْم �إِذْ ُك ْنت ُْم �أَ ْع� َ�دا ًء َف َ�أل َ​َّف َبينْ َ‬ ‫ُق ُلو ِب ُك ْم َف�أَ ْ�ص َب ْحت ُْم ِب ِن ْع َم ِت ِه ِ�إخْ َوا ًنا{ ال عمران (‪)103‬‬ ‫النبيلة‪ ،‬التي حترتم امل�ست�أمنني نف�س ًا وروح ًا ومقدرات‪.‬‬ ‫�إن املنتدى العاملي للو�سطية والذي يدعو �إلى احرتام‬ ‫املذاهب على تعددها‪ ،‬يدين مثل هذه الأفعال التي تفت‬ ‫يف ع�ضد الأمة‪ ،‬ويراها �أفعا ًال م�شينة متثل حقد ًا وغ ًال‪ ،‬يف‬ ‫الوقت الذي ننظر فيه �إلى كل املعتدلني يف عاملنا نظرة‬ ‫�إ�شفاق ملا �أ�صابهم من تيارات التطرف والغلو والتكفري‬ ‫والتفجري‪ ،‬التي نالت من هيبة الأمة وا�ستقرارها و�صفاء‬ ‫فكرها ونقاء روحها‪.‬‬

‫‪� 94‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫بيانات الوسطية‬

‫بيان حول تفجريات ا�سطنبول‬

‫املنتدى العاملي للو�سطية يندد بالعمل الإرهابي واجلبان‬ ‫الذي وقع يوم الثالثاء ‪ 2016/1/12‬يف تفجري ا�سطنبول‬ ‫الذي ا�ستهدف الآمنني يف منطقة ال�سلطان �أحمد هذا العمل‬ ‫الذي يتنافى مع �سماحة الأديان وال�شرائع وينتهك القوانني‬ ‫والأعراف الدولية التي حترم قتل الأبرياء وترويعهم‪.‬‬ ‫ونحن �إذ ن�شجب هذا الفعل الإجرامي لنطالب ال�شعب‬ ‫الرتكي خا�صه بتوحيد �صفوفه يف وجه الإرهاب والتطرف‬ ‫والغلو حفاظ ًا على �أمن وطنه وا�ستقراره يف الوقت الذي‬ ‫ي�سعى اجلميع نحو جتفيف منابع الإره��اب وا�ستئ�صاله‬ ‫لتحقيق الأمن واال�ستقرار يف العامل جراء تزايد الإرهاب‬ ‫وانت�شاره و�سعيه لتدمري مقدرات الأمة وممتلكاتها وترويع‬ ‫ال�شعوب وتهديد اال�ستقرار وال�سلم العاملي} �إِ مَّ َن��ا َج��زَ ا ُء‬

‫الَ ْر ِ�ض ف َ​َ�سا ًدا �أَ ْن‬ ‫ون اللهَّ َ َو َر ُ�سو َل ُه َو َي ْ�س َع ْو َن فيِ ْ أ‬ ‫ين ُي َحا ِر ُب َ‬ ‫ال َِّذ َ‬ ‫ُي َق َّت ُلوا �أَ ْو ُي َ�ص َّل ُبوا �أَ ْو ُتق ََّط َع �أَ ْي ِديهِ ْم َو َ�أ ْر ُج ُل ُه ْم ِم ْن ِخلاَ ٍف �أ ْوَ‬ ‫الَ ْر ِ�ض ذَ ِل َك َل ُه ْم ِخ ْز ٌي فيِ ال ُّد ْن َيا َو َل ُه ْم فيِ ْال ِآخ َر ِة‬ ‫ُي ْن َف ْوا ِم َن ْ أ‬ ‫اب َع ِظي ٌم {املائدة (‪.)33‬‬ ‫َعذَ ٌ‬ ‫�إن املنتدى العاملي للو�سطية بهيئاته وعلمائه يدعو العامل‬ ‫كله �إلى التكاتف والتعا�ضد ملحاربة كافة �أ�شكال التطرف‬ ‫والإره��اب وال�سعي ملراجعة كل اخلطط والربامج لدرا�سة‬ ‫ج��دوى حماربة ه��ذه الظاهرة وا�ستئ�صالها والعمل على‬ ‫حتقيق التنمية واال�ستقرار‪ ،‬امتثا ًال لقوله تعالى } َو َت َعا َو ُنوا‬ ‫َع َلى ا ْلبرِ ِّ َوال َّت ْق َوى َوال َت َعا َو ُنوا َع َلى ا ِلإ ْث ِم َوا ْل ُع ْد َوانِ {املائدة‬ ‫(‪.)2‬‬

‫بيان للنا�س حول التطهري الطائفي يف العراق و�سوريا‬ ‫�إن املنتدى العاملي للو�سطية يدعو منظمة التعاون الإ�سالمي للقيام بدورها جتاه ق�ضايا و�شعوب العامل الإ�سالمي‪،‬‬ ‫و ُيح َمل املنتدى املجتمع الدويل والأمم املتحدة وجمل�س الأمن م�س�ؤوليته التاريخية جتاه هذه املوجه اجلارفة من‬ ‫اال�ضطرابات والفو�ضى املنظمة وترحيل النا�س من مدنهم و ُقراهم لإحداث خلل بنيوي يف تركيبة �سكان املنطقة‬ ‫والتي �ستع�صف با�ستقرار العامل �أجمع و�إيجاد ال��دواء ال�ستئ�صال املر�ض الذي �أ�صاب الأمة العربية الإ�سالمية‬ ‫والق�ضاء عليه نهائي ًا‪.‬‬

‫} َوا َّتقُوا ِف ْت َن ًة اَّل ت ُِ�صيبنَ‬

‫ا�ص ًة { االنفال (‪)25‬‬ ‫َّ ا َّل ِذ َ‬ ‫ين َظ َل ُموا ِمن ُك ْم خَ َّ‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪95‬‬


‫بيانات الوسطية‬

‫بيان حول تفجريات مايل‬ ‫منه �سابق ًا‪ ،‬وهو تنامي ظاهرة الإرهاب والإرهاب امل�ضاد‪،‬‬ ‫والذي تنفي معه وفيه خيوط النور وتختفي عندما ي�سود‬ ‫الظلم ويرتبع على عر�ش احلكمة اجلهل والتخلف وي�صبح‬ ‫العامل �أجمع م�سرح ًا مفتوح ًا للجرمية التي تطال الإن�سانية‬ ‫جميعا بدوافع مادية وفكرية حتركها اجلماعات الإرهابية‬ ‫وجت��ار اال�سلحة وامل �خ��درات والع�صابات ذات ال��دواف��ع‬ ‫املختلفة‪.‬‬

‫ذهل العامل مرة �أخرى ملا وقع من تفجريات يف جمهورية‬ ‫مايل طالت ع��دد ًا كبري ًا من ال�ضحايا الأبرياء‪ ،‬لت�ضاف‬ ‫�إلى ما �سبقهم من �ضحايا باري�س والعراق و�سوريا ولبنان‬ ‫واليمن‪ ،‬وك��أن العامل اليوم منذور لعي�ش على وقع �أخبار‬ ‫القتل والتفجري والتدمري‪.‬‬ ‫ان املنتدى العاملي للو�سطية يحذر العامل الحق ًا ما حذر‬

‫ان املنتدى العاملي للو�سطية يطلب من املجتمع الدويل‬ ‫ت�ضييق الدائرة على اجلماعات الإرهابية امل�سلحة وجتفيف‬ ‫م�صادر متويلها والتوقف فور ًا عن دعم هذه الع�صابات �أو‬ ‫تلك ليتحقق للجميع فر�صة امل�شاركة يف ال�سلم وفق ما �أراده‬ ‫اهلل تعالى من كرامة ان�سانية لبني الب�شر جميع ًا‪.‬‬ ‫الَ ْر ِ�ض َف َك َ�أ مَّنَا‬ ‫}م ْن َقت َ​َل َنف ًْ�سا ِب َغيرْ ِ َنف ٍْ�س �أَ ْو ف َ​َ�س ٍاد فيِ ْ أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّا�س َج ِمي ًعا{‬ ‫َّا�س َج ِمي ًعا َو َم ْن �أ ْح َي َاها َف َك�أ مَّنَا �أ ْح َيا الن َ‬ ‫َقت َ​َل الن َ‬ ‫املائدة (‪.)32‬‬

‫املنتدى العاملي للو�سطية يدين التفجري الإرهابي يف �أنقرة‬

‫دان املنتدى العاملي للو�سطية يف عمان التفجري‬ ‫الإرهابي الذي وقع يف العا�صمة الرتكية �أنقرة م�ساء يوم‬ ‫الأربعاء ‪ 2016/2/17‬والذي راح �ضحيته عدد من القتلى‬ ‫واجلرحى و �أعلن املنتدى عن ت�ضامنه مع ال�شعب الرتكي‬

‫‪� 96‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬

‫ال�صديق وتعازيه احل��ارة لأ�سر ال�ضحايا الذين �سقطوا‬ ‫جراء اجلرمية الإرهابية النكراء والتي ال تقرها الأديان‬ ‫وال الأخ�لاق وال القيم الإن�سانية النبيلة و�أن املنتدى �إذ‬ ‫يعلن �أن الأعمال الإرهابية والعنف امل�سلح ال ميت للدين‬ ‫اال��س�لام��ي ب�صلة وه��و منه ب��راء و�أن الفكر الإره��اب��ي‬ ‫املتطرف هو نتاج الغلو يف فهمه للدين وتطبيقه وانحرافه‬ ‫عن الفطرة ال�سليمة التي �شرعها اهلل م�صداق ًا لقوله‬ ‫ْ�س ا َّل ِتي َح َّر َم اللهَّ ُ ِ�إ َّال ِبالحْ َ قِّ {اال�سراء‬ ‫تعالى } َو َال َت ْق ُت ُلو ْا ال َّنف َ‬ ‫(‪ ،)33‬ودعا املجتمع املدين واملنظمات ال�شعبية والأهلية‬ ‫�إل��ى ��ض��رورة تكاتف اجلهود وال��وق��وف �صف ًا واح��د ًا �ضد‬ ‫�آفة العنف والتطرف والإره��اب بكافة �أ�شكاله وم�سمياته‬ ‫وم�سبباته والتي �أ�صبحت تهدد اال�ستقرار وال�سلم العاملي‪.‬‬


‫بيانات الوسطية‬

‫بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية‬ ‫لإدانة العمل الإجرامي يف نيجرييا‬ ‫�أدان الأم�ين العام للمنتدى العاملي للو�سطية املهند�س م��روان الفاعوري العمل الإجرامي اجلبان الذي ا�ستهدف‬ ‫الأبرياء من الأطفال والن�ساء والعزّل و�أودى بحياة الكثريين‪ ،‬فهم يف منطقة دالوري يف نيجرييا ويعلن ت�ضامنه مع ال�شعب‬ ‫واحلكومة النيجريية وينبذ كل �أعمال العنف والأعمال الإرهابية والإجرامية التي �أ�صبحت متزق اوا�صر املجتمعات وتهز‬ ‫�أمنها وا�ستقرارها‪ ،‬و�صدق اهلل العظيم �إذ يقول‪:‬‬ ‫}م ْن َقت َ​َل َنف ًْ�سا ِب َغيرْ ِ َنف ٍْ�س �أَ ْو ف َ​َ�س ٍاد فيِ‬ ‫َ‬ ‫(‪.)32‬‬

‫َّا�س َج ِمي ًعا{ املائدة‬ ‫ْأ‬ ‫َّا�س َج ِمي ًعا َو َم ْن َ�أ ْح َي َاها َف َك َ�أ مَّنَا �أَ ْح َيا الن َ‬ ‫الَ ْر ِ�ض َف َك َ�أ مَّنَا َقت َ​َل الن َ‬

‫يف الوقت الذي يدعو فيه املجتمع الدويل ومنظمات املجتمع املدين للعمل احلثيث على ا�ستئ�صال �آفة الإرهاب التي‬ ‫�أ�صبحت تق�ض ا�ستقرار الأمن وال�سلم العاملي‪.‬‬ ‫هذا وتقدم االمني العام وال�سادة العلماء واملفكرين املنت�سبني للمنتدى ب�أحر التعازي واملوا�ساة لأ�سر ال�ضحايا �سائلني‬ ‫العلي القدير �أن يتغمدهم بوا�سع رحمته و�أن يلهم �أهاليهم ال�صرب وال�سلوان‪.‬‬

‫بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول‬ ‫اجلرمية النكراء التي ارتكبت بحق جامعة‬ ‫با�شخان يف باك�ستان‬ ‫ي��دي��ن امل�ن�ت��دى ال�ع��امل��ي للو�سطية يف ع�م��ان اجلرمية التطرف والإرهاب التي �أ�صبحت تهدد اال�ستقرار وال�سلم‬ ‫الب�شعة التي تعر�ض لها طلبة جامعة با�شخان يف منطقة‬ ‫�شار�سادا يف جمهورية باك�ستان الإ�سالمية وال��ذي راح العاملي‪ ،‬ويف نف�س الوقت يتقدم املنتدى ب�أحر التعازي الى‬ ‫�ضحيتها عدد من الطلبة االبرياء ويعلن عن ت�ضامنه مع �أ�سر ال�ضحايا ون�س�أل اهلل تعالى �أن يتغمدهم بوا�سع رحمته‬ ‫ال�شعب الباك�ستاين ال�شقيق وي�ؤكد �أن هذه الأعمال اجلبانه‬ ‫التي ي�ضرب بها الإرهابيون املجرمون كل بقاع العامل تعرب ويلهم �أهلهم ال�صرب وال�سلوان‪.‬‬ ‫بال �أدنى �شك عن االنحدار القيمي والأخالقي والإن�ساين‬ ‫}م ْن َقت َ​َل َنف ًْ�سا ِب َغيرْ ِ َنف ٍْ�س‬ ‫القائل‬ ‫العظيم‬ ‫اهلل‬ ‫و�صدق‬ ‫َ‬ ‫له�ؤالء الأف��راد ولهذه اجلماعات التي تقوم بهذه االعمال‬ ‫َّا�س َج ِمي ًعا َو َم ْن �أَ ْح َي َاها‬ ‫التي يندى لها جبني الإن�سانية‪ ،‬ويدعو املجتمع ال��دويل �أَ ْو ف َ​َ�س ٍاد فيِ َْ أ‬ ‫ال ْر ِ�ض َف َك�أَ مَّنَا َقت َ​َل الن َ‬ ‫ومنظمات املجتمع املدين �إلى تكثيف اجلهود ال�ستئ�صال‬ ‫َّا�س َج ِمي ًعا{ املائدة (‪.)32‬‬ ‫هذه الآفة ومعاجلة جذورها و للوقوف �صف ًا واحد ًا �ضد �آفة َف َك�أَ مَّنَا �أَ ْح َيا الن َ‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪97‬‬


‫بيانات الوسطية‬

‫بيان �إدانة للعمل الإرهابي يف جاكارتا‬ ‫يف �سبيل �إ�سعاد ال�شعوب ال �شقائها‪.‬‬ ‫وعليه فاننا كهيئة �إ�سالمية عاملية يف املنتدى العاملي‬ ‫للو�سطية ذات ر�سالة فكرية م�ستنرية ن�ستنكر ون�شجب هذا‬ ‫العمل الإرهابي اجلبان والذي ال يقوم به �إال اجلبناء;ممن‬ ‫يخالفون كافة ال�شرائع ال�سماوية ب�أفعالهم ذات الفكر‬ ‫امل�شوه‪.‬‬ ‫واملنتدى العاملي للو�سطية يناه�ض زيف من يتلثمون‬ ‫يدين املنتدى العاملي للو�سطية ما تعر�ضت له العا�صمة بعبائة ال��دي��ن‪ ،‬فهم ب�أفعالهم ي�ضربون بعر�ض الأدي��ان‬ ‫الإندوني�سية (جاكارتا) يوم ‪ 2016/1/14‬من تفجريات ال�سماوية ومبادئها امل�ستندة الى الرحمة واحلكمة‪.‬‬ ‫�أدت �إلى مقتل مدنيني‪ ،‬ون�شر حالة من الذعر بني املواطنني‬ ‫ودي��ن الإ�سالم احلنيف يدعو الى املجادلة بالتي هي‬ ‫و�أ�ساءت ملرتكبيها وما يحملونه من فكر ملوث يعي�ش يف‬ ‫م�ستنقع اجلهل والتخلف واجلمود‪ ،‬وال يقدم للإن�سانية �إال �أح�سن انطالق ًا من قوله تعالى } َو َما �أَ ْر َ�س ْلن َ‬ ‫َاك ِ�إ اَّل َر ْح َم ًة‬ ‫ِل ْل َعالمَ ِ َني{ الأنبياء (‪ )107‬وقوله تعالى } َو َجا ِد ْل ُه ْم بِا َّل ِتي ِه َي‬ ‫�صورته الب�شعة ذات املالمح الأب�شع‪.‬‬ ‫َ‬ ‫�أ ْح َ�س ُن{النحل(‪,)125‬‬ ‫�إن هذه الأعمال الإرهابية ال زال��ت ت�ؤكد على �أهمية‬ ‫�إن ه��ذا العمل الإره��اب��ي اجلبان وال��ذي روع الآمنني‬ ‫وقوف العامل �أجمع يف وجه الإرهاب والإرهابيني ملا يقومون‬ ‫به من زعزعة الأمن الإن�ساين �إذ تلقي بظاللها ال�سوداء و�سفك ال��دم��اء يدعو العامل الآن وب�شكل ج��دي للوقوف‬ ‫على امل�ساحات امل�ضيئة التي يلتقي فيها الب�شر جميع ًا بالعمل اجل��اد ملناه�ضة الأع �م��ال الإره��اب�ي��ة وحماربتها‬ ‫و�صو ًال �إلى عي�ش م�شرتك يحرتم معه كل ال�شرائع والعقائد ولي�سود ال�سالم واال��س�ت�ق��رار بالعامل وامل�ن�ت��دى العاملي‬ ‫والأديان واملذاهب الفكرية والإن�سانية حفاظ ًا على �أ�س�س للو�سطية ي�شارك اجلمهورية الأندوني�سية رئي�س ًا وحكوم ًة‬ ‫العي�ش امل�شرتك بني النا�س‪ ،‬وبحيث ين�صب جهد اجلميع و�شعب ًا حزنهم البالغ و�أ�سفهم ال�شديد‪.‬‬

‫الرتابي‬ يف ذمة اهلل ‪...‬‬ ‫ينعى املنتدى العاملي للو�سطية الدكتور ح�سن الرتابي رئي�س حزب امل�ؤمتر ال�شعبي يف ال�سودان عن عمر يناهز �أربعة‬ ‫وثمانني عاما‪.‬‬ ‫در�س الرتابي احلقوق يف جامعة اخلرطوم وح�صل على دكتوراه الدولة من جامعة ال�سوربون يف باري�س عام ‪.1964‬‬ ‫يتقن الرتابي �أربع لغات هي العربية‪ ،‬والإجنليزية‪ ،‬والفرن�سية‪ ،‬والأملانية‪.‬‬ ‫عمل الرتابي �أ�ستاذ ًا يف جامعة اخلرطوم ثم عني عميد ًا لكلية احلقوق بها‪ ،‬ثم عني وزير ًا للعدل يف ال�سودان يف عام‬ ‫‪.1988‬‬ ‫ثم عني وزير ًا للخارجية ال�سودانية‪ .‬كما اختري رئي�س ًا للربملان يف ال�سودان عام ‪.1996‬‬ ‫وقد اعترب الرتابي ل�سنوات عديدة من �أبرز ال�شخ�صيات ال�سيا�سية ال�سودانية املثرية للجدل كما اعترب القوة التي‬ ‫مكنت الرئي�س عمر الب�شري من الو�صول الى �سدة احلكم‪.‬‬ ‫رحم اهلل الفقيد رحمة وا�سعة و�أ�سكنه ف�سيح جناته‪ ،‬و�ألهم �أهله وذويه ال�صرب اجلميل‪ ،‬و�إنا هلل‬ ‫و�إنا �إليه راجعون‪.‬‬ ‫‪� 98‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫بيانات الوسطية‬

‫بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول ا�ست�شهاد الزيود‬ ‫يدعو املنتدى كافة قوى الأمة مبختلف مذاهبها واجتاهاتها توحيد جهودها ال�ستئ�صال هذه الآفة التي �أ�صبحت تهدد‬ ‫ا�ستقرار و�أمن الأوطان وندعو كافة الأفراد وم�ؤ�س�سات املجتمع املدين والأهلي الى الوقوف �صف ًا واحد ًا للت�صدي خلطر‬ ‫الإرهاب والتطرف ونرتحم على روح ال�شهيد را�شد الزيود �شهيد الواجب والوطن والذي قدم روحه رخي�صة يف �سبيل‬ ‫الدفاع عن ثرى الوطن واملواطن‪ ،‬ونتقدم من �أ�سرته و�أهله وذويه ب�أ�صدق م�شاعر العزاء واملوا�ساة ونتمنى للجرحى من‬ ‫�أفراد �أجهزتنا الأمنية ال�شفاء العاجل ‪ ،‬وي�شيد املنتدى العاملي للو�سطية يف عمان بجهود امل�ؤ�س�سة الأمنية والع�سكرية‬ ‫وهي تقف بكل �صالبة و�إقدام �أمام قوى الظالم من خوارج هذا الع�صر الذين يحاولون الإف�ساد والعبث مبقدرات الوطن‬ ‫وترويع املواطنني الآمنني الأبرياء هذه الفئة التي تت�سرت بعباءة الدين –�أعداء احلياة والإن�سانية البعيدين كل البعد عن‬ ‫تعاليم الدين القومي قو ًال و�سلوك ًا وعم ًال ‪ ،‬ويثمن املنتدى عالي ًا ب�سالة رجال الأمن الذين ا�ستطاعوا الق�ضاء على هذه‬ ‫الفئة احلاقدة وي�شد على �أياديهم لل�ضرب بيد من حديد لكل من ت�سول له نف�سه العبث با�ستقرار و�أمن الوطن‬ ‫بوركت ال�سواعد التي تذود عن حمى الأمة وتت�صدى للمجرمني واخلارجني عن دينها وعقيدتها‪.‬‬

‫} َر ِّب ْاج َع ْل َهـَذَ ا َب َلد ًا � ِآمن ًا َوا ْر ُزقْ �أَ ْه َل ُه ِم َن ال َّث َم َر ِات{‬

‫�صدق اهلل العظيم‬

‫اجلابري يف ذمة اهلل‪..‬‬ ‫ينعى املنتدى العاملي للو�سطية الأ�ستاذ الدكتور (طه جابر العلواين)‪ ،‬ال��ذي واف��اه الأج��ل يف العا�صمة امل�صرية‬ ‫(القاهرة) عن عمر ناهز (‪ )80‬عاما بعد �صراع مع املر�ض‪.‬‬ ‫ولد الفقيد (رحمه اهلل) يف مدينة الفلوجة يف حمافظة الأنبار �سنة ‪ ،1935‬وكان من �أوائل املتخرجني من املدر�سة‬ ‫الدينية يف الفلوجة يف عهد �شيخها عبد العزيز ال�سامل ال�سامرائي (رحمه اهلل)‪ ،‬وح�صل على �شهادة الثانوية الأزهرية‬ ‫يف القاهرة‪ ،‬ثم ح�صل على �شهادة البكالوريو�س من كلية ال�شريعة والقانون بجامعة الأزهر‪ ،‬ونال �شهادة الدكتوراه من‬ ‫كلية ال�شريعة والقانون بجامعة الأزهر �سنة ‪ 1973‬مع مرتبة ال�شرف الأولى يف تخ�ص�ص (�أ�صول الفقه)‪.‬‬ ‫�أ�شرف الفقيد على الكثري من ر�سائل الدكتوراه واملاج�ستري وناق�ش كثريا منها‪ ،‬ف�ضال عن قيامه بن�شر درا�سات‬ ‫و�أبحاث‪ ،‬من �أبرزها حتقيقه ودرا�سته لكتاب (املح�صول يف الأ�صول) للفخر الرازي‪ ،‬ف�ض ًال عن م�شاركته يف كثري من‬ ‫امل�ؤمترات والندوات العلمية واللقاءات الأكادميية‪.‬‬ ‫وتولى الفقيد رئا�سة جامعة قرطبة‪ ،‬ورئا�سة جامعة العلوم الإ�سالمية واالجتماعية‪ ،‬ورئا�سة املعهد العاملي للفكر‬ ‫الإ�سالمي يف الواليات املتحدة الأمريكية‪.‬‬ ‫رحم اهلل الفقيد رحمة وا�سعة و�أ�سكنه ف�سيح جناته‪ ،‬و�ألهم �أهله وذويه وتالمذته ال�صرب اجلميل‪،‬‬ ‫و�إنا هلل و�إنا �إليه راجعون‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪99‬‬


‫بيانات الوسطية‬

‫براءة وجترمي من املنتدى العاملي للو�سطية من التطرف واملتطرفني‬ ‫حول تفجريات بروك�سل‬ ‫قال تعالى‪ } :‬من قتل نف�سا بغري نف�س او ف�ساد يف االر�ض فك�أمنا قتل النا�س جميعا ‪{...‬‬ ‫�صدق اهلل العظيم‬ ‫نعم انطالقا من تعاليم ديننا احلنيف وثقافتنا الإ�سالمية ال�صحيحة وتقاليدنا االن�سانية احلقه ندين‬ ‫نحن يف املنتدى العاملي للو�سطية وبحزم وقوه جميع االعمال االرهابية من قتل للأبرياء واف�ساد يف ار�ض‬ ‫اهلل من جانب املجموعات االرهابية املجرمة املتوح�شة يف كل مكان وزمان‪.‬‬ ‫اننا نعترب ان ه�ؤالء خارجون عن امللة وعن تعاليم الدين واالعراف كونهم يقتلوا النف�س االن�سانية‬ ‫الربيئة ويخدموا �أعداء الأمة عرب تفتيت وحدتها وا�ستنزاف جهودها ومقدراتها‪.‬‬ ‫اننا ومن حيث املبد�أ الديني واالخالقي واالن�ساين ن�شجب وبقوة قتل وترويع االبرياء اليوم يف بروك�سل‬ ‫و�أم�س يف �إ�ستانبول وانقرة وقبلها يف اربد ويف باري�س وما يجري من افعال ارهاب منظم يف �سوريا والعراق‬ ‫واليمن وتون�س وم�صر وغريها من مواقع حيث تزهق النف�س الب�شرية على يد االرهابيني من كل نوع‬ ‫و�صنف و�شعار‪.‬‬ ‫ان ادانتنا لتلك االعمال االرهابية ورف�ضنا لتلك اجلماعات اخلارجة عن الدين اال�سالمي احلق‬ ‫وتن�صلنا من افعالها الذميمة ي�أخذ قوة �أكرب كون اولئك االرهابيني ي�ستخدمون ديننا وهويتنا وا�سماءنا‬ ‫�شعارا جلرائمهم وغطاء لتوح�شهم املرفو�ض لت�شويه �أجمل ر�سالة و�أرقى دين‪.‬‬ ‫وبهذه املنا�سبة ف�إننا ندعو الى عمل دويل جماعي ملواجهة هذا االرهاب انطالقا من ان على امل�سلمني‬ ‫م�س�ؤولية �أكرب يف مواجهة هذا اخلطر الذي ي�سيء الى ديننا والى ثقافتنا وتربيتنا ورموزنا الإ�سالمية‬ ‫والعربية احل�ضارية العريقة‪.‬‬ ‫و لكي ال تكون ادانتنا ومواقفنا عمال مو�سميا ف�أننا نطالب انطالقا من م�س�ؤوليتنا ودورنا يف ن�شر فكر‬ ‫الو�سطية واالعتدال واحلوار ومن ثقافة “ جادلهم بالتي هي �أح�سن “ فانه يلزم على جميع م�ؤ�س�سات‬ ‫الدولة من م�ساجد ومدار�س ومنتديات وو�سائل اعالم ان تعمل ب�شكل �أكرث جدية وا�ستمرارية يف دح�ض‬ ‫الفكر االرهابي وف�ضح اخطاره على االجيال وعموم املجتمع �سواء �إرهاب الأفراد �أو الدول او اجلماعات“‪.‬‬

‫‪� 100‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫الركن الطبي‬

‫من �آيات اهلل‬ ‫د‪.‬ذيب عبد اهلل‬ ‫ا�ست�شـاري طـب الأطفـال‬

‫والقر�آن يريحنا من اجلدل يف هذه امل�س�ألة فيقول } �إن‬ ‫ب�سم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫مثل عي�سى عند اهلل كمثل �آدم خلقه من تراب ثم قال له كن‬ ‫احلمد هلل وال�صالة وال�سالم على ر�سول اهلل‬ ‫فيكون{ (�آل عمران‪ )59 :‬ف�إن اهلل عز وجل خلق �آدم بال �أب‬ ‫يقول اهلل عز وجل‪ } :‬ومرمي ابنة عمران التي �أح�صنت وال �أم‪ ،‬و�إمنا خلقه من تراب‪ .‬وخلق عي�سى من �أم وبال �أب‪،‬‬ ‫فرجها فنفخنا فيه من روحنا و�صدقت بكلمات ربها وكتبه وخلق الكثري من الب�شر من �أب و�أم‪.‬‬ ‫وكانت من القانتني{ (التحرمي‪)12:‬‬ ‫�إال �أن هواة اجلدل واملكابرين يجادلون يف املح�سو�س‬ ‫ويقول �سبحانه وتعالى‪ } :‬والتي �أح�صنت فرجها فنفخنا‬ ‫فيها من روحنا وجعلناها وابنها �آية للعاملني{(الأنبياء‪ )91:‬كالذي ينكر ن��ور ال�شم�س من عمى ب�صريته‪ .‬فكث ًريا ما‬ ‫ت�سمعهم وهم ينكرون �آية اهلل وقدرته ويت�ساءلون �أين �أبوه‬ ‫وج��اء يف �سورة �آل عمران قوله عز وج��ل‪} :‬و�إذ قالت لعي�سى‪.‬‬ ‫املالئكة يا مرمي �إن اهلل يب�شرك بكلمة منه ا�سمه امل�سيح‬ ‫واليوم ف�إن العلم احلديث �أثبت �أنه بالإمكان ا�ستن�ساخ‬ ‫عي�سى ابن مرمي وجي ًها يف الدنيا والآخرة ومن املقربني{‬ ‫(�آل عمران‪)45:‬‬ ‫الإن�سان من خليه من الأم‪ ،‬حيث ي�ؤتى بالبوي�ضة من امر�أة‬ ‫} ويكلم النا�س يف املهد وكهلاً ومن ال�صاحلني{ (�آل ثم ت�ؤخذ خلية �أخرى ولتكن من جلد نف�س املر�أة التي �أخذت‬ ‫منها البوي�ضة ويدجمان م ًعا فيتم ا�ستن�ساخ الإن�سان دون‬ ‫عمران‪)46:‬‬ ‫تدخل من الرجل وبال حيوانات منوية‪.‬‬ ‫} قالت رب �أنى يكون يل ولد ومل مي�س�سني ب�شر قال‬ ‫اً‬ ‫مقبول عند العلماء �أن يتم ا�ستن�ساخ‬ ‫هذا الأمر �أ�صبح‬ ‫كذلك اهلل يخلق ما ي�شاء �إذا ق�ضى �أم ًرا ف�إمنا يقول له كن‬ ‫الإن�سان من امل��ر�أة فقط بال حيوانات منوية ودون حاجة‬ ‫فيكون{ (�آل عمران‪)59 :‬‬ ‫�إلى ماء الرجل فكيف باخلالق �سبحانه وتعالى الذي يقول‬ ‫}�إن مثل عي�سى عند اهلل كمثل �آدم خلقه من تراب ثم‬ ‫لل�شيء كن فيكون‪.‬‬ ‫قال له كن فيكون{ (�آل عمران‪)59:‬‬ ‫ف�سبحانه خلق �آدم من غري �أم وال �أب‪ ،‬وخلق عي�سى عليه‬ ‫هكذا كان خلق عي�سى ابن مرمي عليه ال�سالم ب�أمر اهلل‬ ‫الذي يخلق ما ي�شاء و�إذا ق�ضى ربنا �سبحانه �أم� ًرا ف�إمنا ال�سالم بال �أب‪ ،‬ويخلق �سبحانه من �أم و�أب‪.‬‬ ‫يقول له كن فيكون‪.‬‬ ‫ف�إذا ق�ضى �أم ًرا ف�إمنا يقول له كن فيكون ف�سبحان اهلل‬ ‫ف�سيدنا عي�سى عليه ال�سالم كلمة من اهلل‪ ،‬واهلل �سبحانه اخلالق العظيم‪� } .‬سرنيهم �آياتنا يف الآفاق ويف �أنف�سهم‬ ‫نفخ يف فرج مرمي الطاهرة البتول من روحه فجاء عي�سى‬ ‫ابن مرمي عليه ال�سالم عبد اهلل ور�سوله و�آية للنا�س �إلى يوم حتى يتبني لهم �أنه احلق �أومل يكف بربك �أنه على كل �شيء‬ ‫القيامة ورحمة من اهلل‪.‬‬ ‫�شهيد"{ (ف�صلت‪)53 :‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪101‬‬


‫واحة الوسطية‬

‫‪� 102‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫ق�صيده‬

‫�صادق العربات‬ ‫منا�سبة الق�صيدة‬

‫الدكتور ذيب عبد اهلل‬

‫التقيته ع ��ام ‪1980‬م يف ل �ن��دن‪ ،‬وق ��د جت ��اوز ال���س�ت�ين م��ن ع �م��ره‪ ،‬ف��ر�أي �ت��ه يبكي ب �ح��رق��ة‪ ،‬و� �س ��أل �ت��ه م��ا ال��ذي‬ ‫ي�ب �ك�ي��ك؟ ف� ��أج ��اب‪ :‬ل�ي�ت�ن��ي ب�ق�ي��ت ف�ل�اح�� ًا يف م���ص��ر �أم� �ي� � ًا ال �أع � ��رف ال� �ق ��راءة وال �ك �ت��اب��ة وم ��ا ج �ئ��ت �إل� ��ى ه�ن��ا‪.‬‬ ‫وا��س�تر��س��ل ق��ائ� ً‬ ‫لا‪ :‬ع�ن��دم��ا �أن�ه�ي��ت ال�ث��ان��وي��ة ال�ع��ام��ة ج�ئ��ت �إل ��ى ب�ل�اد ال �غ��رب وت�ع��رف��ت ع�ل��ى مم��ر��ض��ة م��ن ال�نروي��ج‬ ‫وكلمتها ع��ن الإ���س�ل�ام ف��أ��س�ل�م��ت‪ ،‬ث��م ت��زوج�ت�ه��ا و�أجن �ب��ت م�ن�ه��ا‪ ،‬وب �ع��د ذل��ك م�شيت يف ط��رق االن� �ح ��راف‪ ،‬كانت‬ ‫ت ��راين �أع��اق��ر اخل �م��رة‪ ،‬ف�ت���س��أل‪� :‬أل�ي���س��ت ب �ح��رام؟ فكنت �أج�ي�ب�ه��ا‪� :‬إن اهلل ي �ق��ول‪" :‬وال ت�ق��رب��وا ال���ص�لاة و�أن �ت��م‬ ‫�سكارى" وهكذا كلما ر�أت�ن��ي على منكر �إل��ى �أن اكت�شفت كذبي وخ��داع��ي‪ ،‬ف��ارت� ّدت عن الإ��س�لام وهجرتني‪ .‬وكرب‬ ‫الأوالد‪ ،‬فابنتي تعي�ش م��ع �صديقها ب�لا زواج‪ ،‬واب�ن��ي يعي�ش م��ع �صديقته ب�لا زواج‪ ،‬وال �أ�ستطيع �أن �أف�ع��ل �شيئ ًا‪.‬‬ ‫ل�ق��د ح�صلت ع�ل��ى ثل��اث � �ش �ه��ادات دك �ت��وراه يف ال�ط��ب النف�سي‪ ،‬و�إن �ن��ي �أت �ق��ن �أرب ��ع ل�غ��ات ع��امل�ي��ة‪ ،‬وح�صلت على‬ ‫��ش�ه��ادة جامعية يف احل �ق��وق‪ ،‬وت��رق�ي��ت يف امل�ن��ا��ص��ب العلمية �إل ��ى �أن �أ��ص�ب�ح��ت م��دي��ر ًا مل�ؤ�س�سة طبية م�شهورة‬ ‫(ال �أري���د �أن �أذك���ر ا�سمها ح�ت��ى ال ُي �ع��رف ه��ذا ال��رج��ل) ول�ق��د ح�صلت ع�ل��ى ك�ث�ير م��ن ال���ش�ه��رة وع�ل��ى ك�ث�ير من‬ ‫امل ��ال‪ ،‬ول�ك��ن وك�م��ا قلت ل��ك ليتني بقيت ف�لاح � ًا �أم �ي � ًا يف م�صر ال �أع ��رف ال �ق��راءة وال�ك�ت��اب��ة ومل��ا جئت �إل ��ى هنا‪.‬‬ ‫ذكرت هذه الق�صة يف خطب اجلمعة يف �أكرث من م�سجد لتكون عربة ملن اعترب‪ ،‬ورجوت اهلل �أن يكون قد غفر ل�صاحبها‪.‬‬ ‫عيني‪� ،‬أنظر �إليه ف���أراه يتعذب و�أراه يف داخله ط ّيب ًا حزين ًا مثري ًا لل�شفقة‪.‬‬ ‫عفا اهلل عنه فما زال��ت دموعه �أم��ام ّ‬ ‫مل تغب �صورته عن عيوين وال دموعه‪ ،‬وجاءت هذه الق�صيدة‪:‬‬ ‫�����������ب م�������������ن ال�������ظ�������ل�������م�������ات‬ ‫�����������ي ������ش�����ع�����اب�����ه�����ا وف�����������������������ض�����������ا�ؤه�����������ا ح�����������ج ٌ‬ ‫ي�������������ا رب ق�������������د ����������ض���������اق���������ت ع�����������ل ّ‬ ‫ي������������ا وي���������������ح ن������ف�������������س������ي يف ال�������������ذن�������������وب �أ�����������س�����ي����رة وي�������������������������������������ش������������������ ّدين ق��������������ي��������������د م��������������������ن ال���������������������������زالت‬ ‫�������������ن م�������������ن ل���������ف���������ح ال���������ه���������ج����ي����ر ج�������وان�������ح�������ي ب�������������ال�������������ه�������������م م�����������ث�����������ق�����������ل����������� ٌة وب���������������اجل���������������م���������������رات‬ ‫وت�������������ئ ّ‬ ‫ف���������������دع���������������وت رب��������������������ي وال��������������������دم��������������������وع غ����������زي����������رة ف���������ا����������ض���������ت ب���������ه���������ا ع��������ي��������ن��������ي م��������������ن ال���������ك���������رب���������ات‬ ‫ي��������������ا رب �إن ع������������������ ّز امل������������ج������ي�����ر ف���������������أن��������������ت يل ب�����������������������رد امل��������������ل�������������اذ وواح����������������������������������ة ال������������رح������������م������������ات‬ ‫�����������ش����������اه����������دت زرع اجل����������ه����������ل ي����������������وم ح���������������ص�������اده ي��������ج��������ن��������ي ع����������ل����������ى ال���������������������������������زراع ب���������احل�������������������س���������رات‬ ‫ور�أي�������������������������������ت ث������������������وب اجل�����������ه�����������ل ي�������ف���������������ض�������ح رب���������ه ل��������������و الذ ُي���������خ���������ف���������ي ال�����������������������س�����������وء والآف���������������������������ات‬ ‫ف���������������������س�����������أل����������ت رب�������������������ي �أن ي�������������������دمي ب�������ع�������ف�������وه ����������س����ت����ر ال����������������ذن����������������وب و������������س�����������ائ�����������ر ال���������ه���������ف���������وات‬ ‫و�����������س�����������أل����������ت����������ه ��������س�������ب�������ل ال����������ن����������ج����������اة ُت������ق������ي������ل������ن������ي م����������������ن ع������������ات������������ي������������ات ال�����������ب�����������غ�����������ي وال����������������ع��������ث�������رات‬ ‫ي����������������ا رب �إين ق����������������د غ��������������وي��������������ت ج�������ه�������ال�������ة و�أ������������ض�����������ع�����������ت يف ج�������ه�������ل�������ي م�������������ن ال�����������������س��������ن��������وات‬ ‫ت������������اه������������ت خ���������ط���������ان���������ا يف ظ���������ل��������ام خ�����ط�����ي�����ئ�����ت�����ي ب��������������امل��������������غ��������������ري��������������ات ول������������������������������ذة ال�����������������������ش�����������ه�����������وات‬ ‫ح���������ت���������ى �إذا ������������ض�����������اء امل�����������������ش��������ي��������ب ب�����ل�����ح�����ي�����ت�����ي وغ��������������������������دوت ���������ش��������ي��������خ��������اً واه���������������������ن ال�������ع���������������ض���ل���ات‬ ‫ور�أي�������������������������ت ح��������ب��������ل امل������������������وت ي���������ط���������وي ������ص�����اح�����ب�����ي و���������ص��������ح��������ا ال����������������ف�����������������ؤاد ب��������ع��������د ط����������������ول �������س������ب������ات‬ ‫ُي�����������ح�����������ي�����������ي ال������������ق������������ل������������وب ت�������������دب�������������ر الآي��������������������������ات‬ ‫ف���������أف��������ق��������ت م����������ن ُح�������� ُل��������م��������ي لأف�����������ت����������� َح م���������ص����ح����ف����ي‬ ‫�أب���������������������ص����������رت يف ال���������������ق���������������ر�آن ن���������������ور ب�����������ص��ي��رت�����ي ووه������������������ب������������������ت ل����������������ل����������������ق����������������ر�آن ك������������������ل ح��������ي��������ات��������ي‬ ‫و������������س�����������ج�����������دت ل��������ل��������رح��������م��������ن �أرج����������������������������و ع�������ف�������وه ف����������ه����������و ال���������������ك���������������رمي ي�������������ج�������������ود ب�������ال�������ن�������ف�������ح�������ات‬ ‫�����������ي ج�������ري�������رت�������ي وج�����������������������������راب زادي خ�������������������������اوي احل�����������������س��������ن��������ات‬ ‫ي�������������ا رب ق�������������د �أخ�������������ن�������������ت ع�����������ل ّ‬ ‫ِ‬ ‫��������َب��������ررَات‬ ‫ول�����������ق�����������د �أت�������������ي�������������ت �إل���������������������ى رح�������������اب�������������ك ت�������ائ�������ب�������اً ف���������اق���������ب���������ل �إل�������������ه�������������ي ����������������ص���������������اد َق ال����������������� َع‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪103‬‬


‫واحة الوسطية‬ ‫�شخ�صيــّة العـــدد‬

‫العالمة ال�شيخ الأ�ستاذ الدكتور حممود نادي عبيدات‬ ‫�أو ًال‪ :‬املولد والن�ش�أة والن�سب‬ ‫�أ‪-‬م����ول����ده‪ :‬ول��د �سنة ‪ 1350‬هجرية يوافقها ‪1931‬‬ ‫ميالدية يف قرية الرفيد التي تبعد عن مدينة �إربد ‪ 20‬كم‬ ‫�إلى ال�شمال يف املنطقة التي تعرف بــ (بني كنانة) وت�سمى‬ ‫بالكفارات‪.‬‬ ‫ت�شتهر بكرثة الزيتون فيها وجودة زيتها‪ ،‬وهي منطقة‬ ‫زراعية ذات مناظر خالبة تطل على كثري من قرى �سورية‬ ‫واجلوالن‪.‬‬ ‫ب‪-‬ن�ش�أته‪ :‬ن�ش�أ يتيم الأب حيث تويف والده رحمه اهلل‬ ‫وعمره �سنة ون�صف تقريب ًا‪ ،‬وتولت والدته رحمها اهلل –‬ ‫وركز ر�سول اهلل ‪� -‬صلى اهلل عليه و�سلم ‪ -‬على ال�صدر‬ ‫تربيته و�أخويه و�أخواته الثالث فكانت نعم املربية‪ ،‬وقد‬ ‫(اللهم �سلم �صدورنا من الغل واحلقد و�سائر �أمرا�ض‬ ‫عانوا جميع ًا من ظلم ذوي القربى‪:‬‬ ‫النفو�س)‪.‬‬ ‫وظلم ذوي القربى �أ�شد م�ضا�ضة‬ ‫كان له ولع كبري باللغة العربية ودرو�س الدين‪ ،‬ومل يكن‬ ‫على املرء من وقع احل�سام املهند يتقدم عليه يف العربية �إال زميله بل �أخ��وه املحب الأ�ستاذ‬ ‫وملا كربوا ت�ساحموا وتعالوا على اجلراح‪ .‬كيف ونحن املف�ضال كامل �ساري العمري الذي �أ�صبح نائب ًا �سنة ‪1989‬م‬ ‫فيما بعد و�أخوتهما متينة طيلة حياته وذلك من ف�ضل اهلل‬ ‫�أمة الإ�سالم �أهل ال�صفح والت�سامح وقد قال ال�شاعر فيها‪ :‬عليهما‪.‬‬ ‫�إذا احرتبت يوم ًا ف�سالت دما�ؤها‬

‫تذكرت القربى ف�سالت دموعها‬ ‫ج‪-‬ن�����س��ب��ه‪ :‬ينحدر م��ن �أب��وي��ن م��ن ع�شرية العبيدات‬ ‫ومل يث�أروا لأنف�سهم ومل يحقدوا و�سلمت �صدورهم‪ .‬وما املعروفة كم ًا ونوع ًا بل تعد قبيلة لها فروع يف فل�سطني وليبيا‬ ‫وال�سعودية و�سورية ويت�صل ن�سبها �إلى جعفر الطيار (ذي‬ ‫�أح�سن ما قال املقنع الكندي‪:‬‬ ‫اجلناحني) �أح��د ق��ادة م�ؤتة الأب�ط��ال ‪-‬ر�ضي اهلل عنهم‬ ‫وعن �أ�صحاب ر�سول اهلل ‪�-‬صلى اهلل عليه و�سلم ‪-‬جميع ًا‪،‬‬‫وال �أحمل احلقد القدمي عليهم‬ ‫وهذا �شرف كبري يعتز به وال يبطئ به العمل �إن �شاء اهلل‪.‬‬ ‫ولي�س رئي�س القوم من يحمل احلقدا‬ ‫ثانياً‪ :‬الدرا�سة وحت�صيل العلم‪:‬‬ ‫�أما قول اهلل تعالى ف�أكرم من كل قول وفوق كل قول‪،‬‬ ‫�أ‪-‬ال��ك�� ّت��اب‪ :‬يف �أول �سني عمره در���س عند اخلطيب‬ ‫وقد قال عز وجل‪ } :‬ونزعنا ما يف �صدورهم من غل {‪.‬‬ ‫املعروف عند النا�س بـ (الك ّتاب) فتلقى على يدي اخلطيب‬ ‫وذك��ر دع��اء امل�ؤمنني‪ ( :‬ربنا وال جتعل يف قلوبنا غال القر�آن الكرمي وال�سرية النبوية خمت�صرة واللغة العربية‬ ‫للذين �آمنوا )‪.‬‬ ‫واحل�ساب والأنا�شيد‪.‬‬ ‫‪� 104‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫ب‪-‬يف املدار�س‪ :‬بعد الك َّتاب ذهب �إلى قرية حرثا لدرا�سة‬ ‫ال�صف الأول يف وهي جماورة لبلده يقطنها �أخواله‪ ،‬وكان‬ ‫يقطع وزم�لا�ؤه واديني �إلى حرثا ويعانون الكثري يف ف�صل‬ ‫ال�شتاء حيث ال موا�صالت‪ ،‬وكان زاده يف الغداء رغيف ًا مع‬ ‫بي�ضة م�سلوقة �أو حبات زيتون �أو رمانة �أو كتلة لبنة �صغرية‬ ‫عليها بقايا زيت‪ .‬وبعدها انتقل �إلى مدينة احل�صن حيث‬ ‫ك��ان عمه وخ��ال��ه يف �آن واح��د الأ��س�ت��اذ حممد الفرحان‬ ‫العبيدات مدير ًا ملدر�ستها وقد �صار فيما بعد وزير ًا ثم عين ًا‬ ‫فدر�س ال�صفوف الثاين والثالث والرابع الإبتدائية وكان‬ ‫متفوق ًا يف هذه املرحلة‪.‬‬

‫هـ‪-‬االبتعاث �إل��ى الأزه���ر‪ :‬تاقت نف�سه �إلى اال�ستزادة‬ ‫يف العلم لإكمال درا�سته العليا ف�أوفد مع ثالثة من الزمالء‬ ‫هم حممد نعيم يا�سني وعبد ال�سالم العبادي وعبد الوهاب‬ ‫�صافية �إلى جامعة الأزهر �سنة ‪1968‬م لدرا�سة املاج�ستري‬ ‫والدكتوراه مبعوثني من الأوقاف ووزارة الرتبية والتعليم‪،‬‬ ‫ونال درجة الدكتوراه يف احلديث النبوي‪� ،‬إذ �أنه �أول �أردين‬ ‫يح�صل على الدكتوراه يف ه��ذا التخ�ص�ص‪ ،‬ع��اد بعدها‬ ‫ليعمل مدر�س ًا يف اجلامعة الأردنية ثم عمل يف جامعة العني‬ ‫ويف جامعة �أم القرى ثم يف جامعة الريموك‪ ،‬وجامعة العلوم‬ ‫الإ�سالمية العاملية‪ .‬ترك �إرث ًا علمي ًا زاخر ًا متثل بعدد من‬ ‫امل�ؤلفات والأبحاث هذا ف�ض ًال عن �إ�شرافه على عدد كبري‬ ‫من ر�سائل املاج�ستري والدكتوراه‪.‬‬

‫وق��د مت�ي��ز ب�شبكة مم �ي��زة م��ن ال �ع�لاق��ات العلمية‬ ‫انتقل بعد ذلك �إل��ى مدينة �إرب��د فدر�س ما بقي من‬ ‫ال�صفوف الإبتدائية اخلام�س وال�ساد�س وال�سابع ثم الأربعة واالجتماعية يف حميط بلده الأردن ومع �أبناء �أمته على‬ ‫ال�صفوف الثانوية يف مدر�سة �إربد الثانوية حيث تخرج منها امتداد العامل الإ�سالمي‪ ،‬ومما قيل فيه �شعر ًا‪:‬‬ ‫�سنة ‪1952‬م‪ ،‬ومل يكن الإعدادي يف ذلك الوقت موجود ًا‪.‬‬ ‫نلت �أرفع منزل‬ ‫ج‪-‬م��ن �أ�ساتذته يف �إرب���د‪ :‬ال�شيخان الفا�ضالن حامد‬ ‫لك يف ر�سول اهلل �أح�سن �أ�سوة‬ ‫مري�ش والأ�ستاذان لطفي عثمان وخليل اللوباين اللذان‬ ‫كان لهما الف�ضل يف تقدمه باللغة العربية وكذلك الأ�ستاذ‬ ‫فاجعله دوم ًا يف املقام الأول‬ ‫وا�صف ال�صليبي والأ�ستاذ الدكتور �سيف الدين الكيالين‬ ‫ولقد عرفتك �صادق ًا يف حبه‬ ‫ومن الأ�ساتذة ذوقان الهنداوي وعبداهلل العنا�سوة وحممد‬ ‫رجا امل�سعود و�أنور احلناوي ونا�صر احلمود‪.‬‬ ‫ووردت �صافية ب�أعذب منهل‬ ‫عندما �أنهى درا�سته الثانوية التحق بق�سم الثقافة‬ ‫من مادح املختار (�شاعر طيبة)‬ ‫باجلي�ش العربي الأردين مدر�س ًا يف مدار�سه التي ت�ضم‬ ‫�أبناء ال�ضباط واجلنود ملدة خم�س �سنوات ثم ا�ستقال برتبة‬ ‫جاءتك ترفل بالوداد الأجمل‬ ‫وكيل معلم ليكمل درا�سته العليا يف �أواخ��ر �سنة ‪ 1957‬م‬ ‫و�سكن العا�صمة مع �أخويه من �سنة ‪� 1952‬إلى يوم وفاته‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬موجز عن �سريته الذاتية‪:‬‬ ‫د‪-‬يف جامعة دم�شق (ال��درا���س��ة وال����زواج)‪� :‬سافر �إلى ‪ -‬عني معلم ًا يف مدر�سة عجلون الثانوية �سنة ‪1963‬م‪،‬‬ ‫دم�شق �سنة ‪ 1958‬م للدرا�سة يف جامعتها مبعوث ًا من ثم يف مدر�سة �سعد بن �أبي وقا�ص الثانوية يف �إربد‪ ،‬ثم‬ ‫الأوق��اف‪ .‬فتخرج يف كلية ال�شريعة �سنة ‪ 1962‬م وكانت مدر�س ًا يف ثانوية بنات �إربد للرتبية الإ�سالمية واللغة‬ ‫رغبته جاحمة يف درا�سة ال�شريعة التي �أحب‪ ،‬ويف �أواخر �سنة العربية‪.‬‬ ‫‪1961‬م تزوج وهو يف ال�سنة الرابعة‪ ،‬و�أجنب ت�سعة �أوالد �ستة‬ ‫من الذكور تويف اثنان منهم يف حياته وثالث بنات‪ ،‬وهم‪� - :‬أ� �س �ت��اذ ًا للحديث يف اجل��ام�ع��ة الأردن� �ي ��ة وال�يرم��وك‬ ‫حمزة تويف �سنة ‪2009‬م‪ ،‬وبالل‪ ،‬وعبد الرحمن‪ ،‬و�أ�سامة واجلامعة الإ�سالمية وجامعة العني وام القرى‪.‬‬ ‫الأول تويف �صغري ًا �سنة ‪1974‬م‪ ،‬وحممد‪ ،‬و�أ�سامة الثاين‬ ‫ون�سيبه (زوجة الدكتور يو�سف خ�صاونة‪ ،‬مدير م�ست�شفى ‪� -‬أم�ي�ن� ًا ل�سر جمل�س الأوق� ��اف وال �� �ش ��ؤون واملقد�سات‬ ‫ت�لاع العلي) و�أ��س�م��اء (زوج��ة ف��را���س �شربجي) و�سمية الإ�سالمية‪.‬‬ ‫(زوجة الأ�ستاذ �سامح النا�صر‪� ،‬أمني عام ديوان اخلدمة ‪ -‬م�ساعد لعميد كلية ال�شريعة‪.‬‬ ‫املدنية)‪ .‬وله منهم �ستة وثالثون حفيد ًا ذكور ًا واناث ًا يحبهم‬ ‫ويداعبهم‪ ،‬ويعرفهم جميع ًا ب�أ�سمائهم ويقوم بواجبهم ما ‪ -‬رئي�س رئي�س ق�سم �أ� �ص��ول ال��دي��ن لكلية ال�شريعة يف‬ ‫�أمكنه وذلك بف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫اجلامعة الأردنية‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪105‬‬


‫ ع�ضو جمل�س اجلامعة الأردنية‪.‬‬‫ ع�ضو هيئة االعجاز العلمي يف القر�آن الكرمي وال�سنة‬‫النبوية‪.‬‬ ‫ ع�ضو دائم يف جلنة الإمام مالك بن ان�س يف املغرب‪.‬‬‫ ع�ضو يف جمعية احلديث و�إحياء الرتاث‪.‬‬‫ ع�ضو رابطة علماء الأردن‪-‬عمان‪.‬‬‫ رئي�س جمل�س العلماء يف جماعة الإخ��وان امل�سلمني يف‬‫الأردن ونائب ملر�شد اجلماعة �سابق ًا‪.‬‬ ‫ له جمموعة من امل�ؤلفات والأبحاث و�أ�شرف على �أكرث‬‫م��ن مئة وخم�سني ر�سالة ماج�ستري ودك �ت��وراه داخ��ل‬ ‫وخارج الأردن‪.‬‬ ‫رابعاً‪� :‬شهادات ب�أقالم زمالئه‬

‫‪ -2‬الدكتور عبدالرزاق �أبو الب�صل‬ ‫فهذه كلمة متوا�ضعة يف حق �أ�ستاذنا الأ�ستاذ الدكتور‬ ‫العالمة املحدث الأدي��ب الأري��ب واحل�سيب الن�سيب �أبي‬ ‫حمزة"حممود بن نادي عبيدات"‪ ،‬الذي علمنا التوا�ضع‬ ‫مب��ا ح�ب��اه اهلل ع��ز وج��ل م��ن ع��ري��ق الأخ�ل�اق م��ع �أ�صالة‬ ‫الأع��راق‪ ،‬فقد جمع اهلل له العلم الوافر‪ ،‬والذهن الوقاد‪،‬‬ ‫والأدب اجلم‪ ،‬مع العاطفة اجليا�شة بحب �سنة النبي �صلى‬ ‫اهلل عليه و�سلم والغرية عليها وعلى احلديث و�أهله‪ ،‬حيث‬ ‫كان احلديث حمل عنايته ودرا�سته الأكادميية‪ ،‬فقد كان‬ ‫من قدر اهلل وعنايته �أول من ح�صل على درجة الدكتوراه‬ ‫يف احلديث ال�شريف وعلومه يف بلدنا العزيز الأردن‪ ،‬معقد‬ ‫خا�صرة ال�شام‪ ،‬وحمل العناية والإهتمام‪ ،‬من �سيدنا حممد‬ ‫�صلى اهلل عليه و�سلم خري الأنام‪ ،‬وخلفائه الكرام ور�ضوان‬ ‫اهلل عليهم �أجمعني فقد �ضن ابن اخلطاب بالبدريني‪� ،‬إال‬ ‫حينما كانت الريموك فقد قبل �أن يكونوا يف تلك املعركة‬ ‫بدر التاريخ والفتوح‪ ،‬بعد بدر الكربى‪ ،‬فكان منهم فيها‬ ‫مائة ر�ضوان اهلل عليهم واحلقنا بهم‪.‬‬

‫هذه �شهادات بع�ض زمالئه فيه ومن ه�ؤالء الأ�ساتذة‬ ‫وكانت ر�سالته عن �إم��ام دار الهجرة النبوية مالك‬ ‫الكرام‪:‬‬ ‫بن �أن�س جنم العلماء كما قال ال�شافعي‪ ،‬وحمل ارحتالهم‬ ‫‪ -1‬الأ�ستاذ الدكتور �إبراهيم زيد الكيالين‬ ‫ل�سماع موطئه ال��ذي كتب عنه �أ�ستاذنا ففتح الطريق‬ ‫من الأ�صدقاء اخلل�ص والإخوة الذين �أعتز ب�صداقتهم وعبدها لغريه من طلبة العلم واملعرفة كما عبد الإم��ام‬ ‫ومبزاملتهم يف ال��درا� �س��ة اجلامعية الأول���ى وال��درا��س��ة مالك الطريق لغريه مبوطئه‪.‬‬ ‫اجلامعية العليا ويف العمل الأ�ستاذ الدكتور حممود عبيدات‬ ‫بعد هذا الإيجاز يف حق �أ�ستاذنا �أذك��ر انطباعاتي‬ ‫�أبو حمزة‪ ،‬وقد كان يل مع هذا الأخ ال�صديق مواقف‪ ،‬وكان وبع�ض ذكرياتي معه‪ ،‬فقد كان من �أحر�ص من عرفت من‬ ‫يل معه �سرية متيز فيها ب�صدقه‪ ،‬و�إخال�صه كما متيز فيها الأردنيني الأ�ساتذة على ال�صالة يف امل�سجد احلرام بحيث‬ ‫بعلمه وعطائه‪.‬‬ ‫ال تخطئه ال�صالة �إال ملانع ملا كنت طالبا يف جامعة �أم‬ ‫الأ� �س �ت��اذ ال��دك �ت��ور �أب ��و ح �م��زة حم �م��ود ع�ب�ي��دات من القرى‪ ،‬كما �أن كل من �صاحب �أ�ستاذنا عرف غريته على‬ ‫ال�شخ�صيات النادرة الذين عرفوا الدعوة وعرفوا الطريق الدين و�أهله وعلى حرماته وعرف متلمله لكل ما ي�صيب‬ ‫�إليها بالعلم والعمل‪ ،‬وك��ان يف حياته كلها مثا ًال لل�صدق امل�سلمني حتى ك�أن الأمر واقع به‪ ،‬وهو من عالمات الإميان‬ ‫والإخ�لا���ص وم�ث��ا ًال للدعوة واجل�ه��اد يف �سبيلها كما كان وحرارته يف قلبه جمع اهلل له �أجر ذلك كله وجعله يف ميزان‬ ‫�صادق ًا مع طالبه و�صادق ًا مع النا�س‪� ،‬أخي الأ�ستاذ الدكتور ح�سناته‪.‬‬ ‫حممود عبيدات من �أهل احلديث علم ًا ومن �أهل احلديث‬ ‫وعرفت فيه وفاءه يف حق كل من �أ�سدى �إليه معروف ًا‪،‬‬ ‫علم ًا ومن �أه��ل احلديث فقها ومن �أه��ل احلديث �سرية‪،‬‬ ‫وهو ميثل منوذج ًا للعامل العامل امل�صلح الذي ترك �أثره يف فطاملا كان يذكر الأ�ستاذ ال�شيخ العالمة حممد �إبراهيم‬ ‫طالبه كما ترك �أثره يف �إخوانه وزمالئه‪.‬‬ ‫�شقرة بخري ويثني عليه لكتابته تو�صية له يف �سنة ‪1957‬م‬ ‫عندما ذهب للدرا�سة يف كلية ال�شريعة يف دم�شق �أعاد اهلل‬ ‫ن�س�أل اهلل �أن يزيده من ف�ضله و�أن يجزيه عنا خري لها عزها وجمدها‪.‬‬ ‫اجل��زاء و�إذا كان يل اعتزاز ب�صديق و�أخ ويف فالأ�ستاذ‬ ‫الدكتور حممود عبيدات من ه�ؤالء الذين �أعتز ب�أخوتهم‬ ‫وع��رف��ت فيه ك��رم ال�سجايا وال�ط�ب��اع م��ع ك��رم اليد‬ ‫وب�صحبتهم‪ ،‬و�أ�س�أل اهلل �أن يجمعنا يف عليني يف ظل راية وال�سخاء‪ ،‬فقد كان يف هذا الأمر وحيدا ال يبارى وال يجارى‬ ‫�سيد املر�سلني عليه �أف�ضل ال�صالة والت�سليم‪.‬‬ ‫�أعزه اهلل ورفع قدره وعرفت فيه حبه للغة القر�آن وغريته‬ ‫‪� 106‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫واحة الوسطية‬ ‫عليها‪ ،‬وت�أ�سفه على ت�ضييع كثري من ال�شرعيني اليوم‬ ‫معرفتها و�إهمالهم لها واحلر�ص على تعلمها‪ ،‬وعرفت يف‬ ‫�أ�ستاذنا حبه لأ�ساتذته فكثري ًا ما كان يحدثنا عنهم يف‬ ‫�أثناء ذهابنا و�إيابنا الى جامعة الريموك حني تزاملنا‬ ‫بعد عودته من جامعة ام القرى ‪ ،‬وكان معنا الأخ العزيز‬ ‫الدكتور عبدالكرمي وريكات وهو �شيء كثري لو جمع جلاء‬ ‫منه كتاب وحده ‪.‬‬ ‫وع��رف��ت فيه حبه لآل بيت النبي –�صلى اهلل عليه‬ ‫و�سلم‪ -‬واحرتامه لهم وامتالء قلبه بذلك حلرمة ر�سول‬ ‫اهلل – �صلى اهلل عليه و�سلم‪ -‬وقربهم منه ‪.‬‬

‫�أبو حمزة معني علم �صاف دفاق عزيز عليه تاج من‬ ‫وقار و�أدب وكرم يزري بحامت ‪،‬فما ر�أت عيناي مثل كرم‬ ‫�أبي حمزة ‪�،‬أو قل �أن ترى ‪.‬‬ ‫ويزين ذلك ف�صحى جميلة تخرج عفوية �سل�سلة عذبة‬ ‫مت�أنية رائقة رائعة ‪...‬ال يجل�س ابو حمزة يف جمل�س اال كان‬ ‫وا�سطة عقدة ‪،‬ودرته وزينته‪...‬وال ر�أيت النا�س جتمع على‬ ‫حمبة �شخ�ص كما جتمع على حمبته وتوقريه وتقديره‪،‬‬ ‫مهيب ‪،‬ي�ح�ترم لأخ�لاق��ه ‪،‬و�أدب���ه وحيائه‪،‬نعم‪ ،‬ويحرتم‬ ‫�إح�ترام� ًا فوق اح�ترام جتلله هيبة و�ضعها اهلل على هذه‬ ‫القامة املديدة املهيبة امل�ستقيمة �شك ًال وم�ضمون ًا‪.‬‬

‫رمب��ا ل��ن جت��د يف احل��دي��ث ل��ه ن��دي��د ًا اال القليل الأق��ل‬ ‫فقد كان بحق �أ�ستاذ ًا و�شيخ ًا على طراز القدماء الذين ‪ ،‬ورمب��ا لن جتد له يف الزهد يف ه��ذه الفانية اال الندرة‬ ‫�إذا ر�أيتهم ذكرت اهلل �أولئك هم �أولياء اهلل و�إذا مل يكن النادرة – فعمله يف دول الرثوة مل يجعله �صاحب ثروة كما‬ ‫�أهل احلديث منهم فمن الأولياء بعدهم‪.‬‬ ‫جعل غريه ‪،‬فما امتلك من الدنيا اال �أقل مما امتلك تالميذ‬ ‫هذه كلمات متوا�ضعة‪ ،‬جا�شت بها امل�شاعر وقت كتابتها تالميذه‪ ..‬لأنه كما قال املتنبي‪:‬‬ ‫قلتها مرجتلة غري منمقة وال حم�ضرة �سابق ًا “من قبل”‬ ‫لوال امل�شقة �ساد النا�س كلهم‬ ‫لتكون �أ�صدق تعبري ًا لعلم من �أع�لام العلم وال�صدق يف‬ ‫ع�صرنا الذي قل فيه ال�صدق وال�صديق‪ ،‬فكيف �إذا كانت‬ ‫اجلود يفقر والإقدام قتال‬ ‫يف حق من ك��ان ال�صدق له �شعار ًا‪ ،‬ودث ��ار ًا‪ ،‬ورح��م اهلل‬ ‫غ�ضوب للحق قوال لكلمة احلق ‪.‬كلمته موقف‪ ،‬ووعده‬ ‫مالك ًا حينما قال يف حق من اختلط وخرف �إمنا يخرف‬ ‫الكذابون‪.‬و�أ�ستاذنا ب�سط اهلل له يف العلم واجل�سم ومد له ب�إذن اهلل ال يخلف‪ ،‬دقيق �صارم ‪ ،‬مع �سماحة ‪،‬تعجب كيف‬ ‫يف العمر �أطال اهلل عمره يف عافية وخري وجمع له احل�سنى تتجاوران ‪.‬‬ ‫يف الدارين ورفع قدره و�أبقى له الذكر احل�سن”�آمني”‪.‬‬ ‫�أما عن �صربه واحتماله‪ ،‬وهو رجل مبتلى ن�س�أل اهلل له‬ ‫العافية والعفو واملعافاة ‪،‬فحدث عن هذا البحر من العرب‬ ‫‪ -3‬الدكتور �أحمد نوفل‬ ‫وال حرج ‪...‬‬ ‫ت�شرفت بالتتلمذ على يدي �أ�ستاذي و�أ�ستاذ الأ�ساتذة‬ ‫لو قلت لك كما يجول يف خاطري �إنني كل ما ر�أيته ر�أيت‬ ‫و�أ�ستاذ اجليل كله يف احلديث ال�شريف وذل��ك يف كلية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ال�شريعة‪ ،‬طوال �سنوات درا�ستي فيها منذ �سنة ‪ 1965‬وحتى رجال ك�أنه من الرعيل الأول‪� ،‬أو ك�أين �أرى رجال من �أهل‬ ‫اجلنة نزل الى الأر���ض ي�ؤن�س �أهلها ويحادثهم‪ ،‬ثم يعود‬ ‫‪.1969‬‬ ‫�أدراجه‪.‬‬ ‫ثم ت�شرفت ثانية بالزمالة معه يف الكلية العزيزة ذاتها‬ ‫خام�ساً‪ :‬وفاته‬ ‫لأك�ثر من مرة ثم غادرنا الى مكة املكرمة وجامعتها �أم‬ ‫القرى و�أكرث من جامعة يف �أكرث من بلد عربي‪.‬‬ ‫انتقل الى رحمة اهلل تعالى العالمة الدكتور حممود‬ ‫ثم عاد الى كلية ال�شريعة بعد جامعة الريموك‪ ،‬فق�ضى نادي عبيدات �صباح يوم الأح��د املوافق ‪،2014-10-26‬‬ ‫التفرغ فيها فع�شنا معه �ساعات طيبة وو�صلنا ما انقطع و�سار يف جنازته جمع غفري من �أقاربه و�أ�صدقائه وكل من‬ ‫من حبل الزمالة‪ ،‬لكن ما انقطع حبل ال��ود ولن ينقطع‪ ،‬عرفه‪ ،‬فقد كان يوم ًا حزين ًا �إذ فقد الأردن والعامل العربي‬ ‫حتى ينقطع �شريان احلياة‪ ،‬ثم يعود ليت�صل عند اهلل ان والإ�سالمي عامل ًا جلي ًال‪ ،‬يت�صف بالعلم الكثري‪ ،‬والأدب‬ ‫�شاءاهلل‪ ،‬لأن �صلتنا به ما كانت لدنيا‪ ،‬ولكن لدين‪ ،‬وال اجلم‪ ،‬والكرم‪ ،‬الزائد‪ ،‬والغرية على الإ�سالم وامل�سلمني‪،‬‬ ‫لتجارة �إال التجارة مع اهلل‪ ،‬وال لع�صبية‪ ،‬اال لن�صرة هذه والزهد والعفاف‪ ،‬مل يرتك ملن خلفه من الدنيا الفانية‬ ‫الأمة وق�ضاياها‪ ،‬وما كان كذلك دام وما انقطع ب�إذن اهلل‪� .‬شيئ ًا توفاه‪-‬عز وجل‪-‬وهو مدين‪.‬‬ ‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪107‬‬


‫م�سابقة العدد‬

‫مسابقـة العـدد‬

‫�إعداد الدكتور زهـاء الدين عبيـدات‬ ‫مدير مركز التدريب والدرا�سات واال�ست�شارات يف املنتدى العاملـي للو�سطيـة‬

‫ • تت�ضمن امل�سابقة ع�شرة �أ�سئلة‪ ،‬يتطلب الأم��ر الإجابة عنها كاملة ملن �أراد امل�شاركة‪ ،‬وتر�سل‬ ‫الإج��اب��ات بعد تعبئتها يف امل��ك��ان املخ�ص�ص يف �أ�سفل ال�صفحة‪ ،‬و�إر�سالها �إل��ى ع��ن��وان املجلة‬ ‫(�ص‪.‬ب‪ 1241 :‬الرمز الربيدي ‪ 11941‬عمان – الأردن ) وذلك قبل تاريخ ‪2016/2 / 1‬م‬ ‫• يتم ال�سحب على الإجابات الفائزة بثالثة م�ستويات‪ ،‬حيث مُينح الفائز الأول ‪ 150‬دوالراً‪ ،‬والفائز‬ ‫الثاين ‪100‬دوالراً‪ ،‬والفائز الثالث ‪ 50‬دوالراً‪.‬‬ ‫ال�س�ؤال الأول‪� :‬سورة يف كتاب القر�آن الكرمي ختمت با�سم نبيني هي‪:‬‬ ‫�أ‪� -‬سورة حممد‬

‫ب‪� -‬سورة الأعلى‬

‫جــ ‪� -‬سورة احلجرات‬

‫ال�س�ؤال الثاين‪ :‬كانت بيعة العقبة الأولى يف ال�سنة ‪:‬‬

‫�أ‪ -‬احلادية ع�شرة من البعثة ب‪ -‬التا�سعة من البعثة جــ ‪ -‬الثانية ع�شرة من البعثة‬

‫ال�س�ؤال الثالث‪ :‬املر�أة التي نُعي لها �أخوها وخالها فا�سرتجعت وا�ستغفرت لهما‪ ،‬ثم نُعي لها زوجها‬ ‫ف�صاحت وولولت هي‪:‬‬ ‫�أ‪ -‬حمنة بنت جح�ش ر�ضي اهلل عنها‬ ‫ر�ضي اهلل عنها‬

‫ب‪� -‬أ�سماء بنت �أبي بكر ر�ضي اهلل عنها‬

‫جــ ‪ -‬زينب بنت جح�ش‬

‫ال�س�ؤال الرابـع‪ُ :‬قتل يف معركة �أُحد ومل ي�صل �صالة واحدة‪ ،‬وعندما و�صل خربه �إلى ر�سول اهلل‪-‬‬ ‫�صلى اهلل عليه و�سلم‪ -‬قال‪ :‬هو من �أهل اجلنة هو‪:‬‬ ‫�أ‪ -‬الأزرق بن عقبة ر�ضي اهلل عنه ب‪ -‬عمرو بن ثابت ر�ضي اهلل عنه جــ‪ -‬الأحو�ص بن م�سعود بن كعب ر�ضي اهلل عنه‬ ‫ال�س�ؤال اخلام�س‪ :‬بائع الأمراء �أو ي�سمى بائع امللوك هو‪:‬‬ ‫�أ‪ -‬العز بن عبدال�سالم‬

‫ب‪� -‬أحمد بن تيمية جــ ‪ -‬ابن القيم اجلوزية‬

‫ال�س�ؤال ال�ساد�س‪� :‬أول من �ض ّيف ال�ضيف هو ‪:‬‬ ‫�أ‪� -‬سيدنا �شعيب عليه ال�سالم ب‪� -‬سيدنا �إبراهيم عليه ال�سالم جــ ‪� -‬سيدنا مو�سى عليه ال�سالم‬ ‫‪� 108‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫ال�س�ؤال ال�سابع‪ :‬م�ؤلف كتاب �شرح �شذور الذهب هو ‪:‬‬ ‫�أ‪ -‬ابن ه�شام الأن�صاري‬

‫ب‪ -‬ابن الأثري‬

‫جـ ‪� -‬سيبويه‬

‫ال�س�ؤال الثامن‪ :‬املاء الذي ن�شربه يحتوي على كميات �ضئيلة من‪:‬‬ ‫�أ‪ -‬الربوتينات‬

‫جـ‪ -‬الأمالح املعدنية‬

‫ب‪ -‬الفيتامينات‬

‫دواءك‪ ،‬وعاجلوا كل مري�ض بنبات �أر�ضه فهي‬ ‫ال�س�ؤال التا�سع‪ :‬قائل هذه العبارة ( ليكن غذا�ؤك َ‬

‫�أجلب ل�شفائه) هو ‪:‬‬ ‫�أ‪ -‬اقليد�س‬

‫جـ ‪� -‬أبو قراط‬

‫ب‪ -‬الرازي‬

‫ال�س�ؤال العا�رش‪ :‬يجب �أن ال ن�أكل اللحوم ن�صف مطهية وذلك ملنع ما ي�أتي ‪:‬‬ ‫�أ‪ -‬الإ�سهال‬

‫جـ ‪ -‬ح�صول ديدان يف املعدة‬

‫ب‪ -‬التلبك املعوي‬

‫إجابات مسابقة العدد‬ ‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال الأول‬

‫( )‬

‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال ال�ساد�س ( )‬

‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال الثاين‬

‫()‬

‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال ال�سابع‬

‫( )‬

‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال الثالث ( )‬

‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال الثامن‬

‫( )‬

‫()‬

‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال التا�سع‬

‫( )‬

‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال اخلام�س ( )‬

‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال العا�شر‬

‫( )‬

‫• رمز �إجابة ال�س�ؤال الرابع‬

‫معلومات المتسابق‬ ‫ا�سم املت�سابق من �أربعة مقاطع‬ ‫رقم الهاتف مع رمز الدولة والبلد‬ ‫العنوان الربيدي‬ ‫ ‬

‫بعد الإجابة على هذا النموذج نرجو تعبئة املعلومات اخلا�صة باملت�سابق كاملة وق�ص النموذج و�إر�ساله �إلى العنوان املُبي‬

‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪109‬‬


‫‪� 110‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


‫ال�سنة الثامنة‪ :‬العدد الثاين والع�شرون ‪ -‬جمادى الآخرة ‪1437‬هـ ‪�/‬آذار ‪٢٠١6‬م‬

‫‪111‬‬


‫‪� 112‬إ�سالمية ‪ -‬و�سطية ‪ -‬ف�صلية ‪ -‬م�ستقلة‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.