الهيئة االستشارية للمجلة الإم� � � � � ��ام ال� � ��� � �ص � ��ادق امل � � �ه� � ��دي /ال � �� � �س� ��ودان ال� ��دك � �ت� ��ور ع� �ب ��د احل� �ل� �ي ��م ع ��وي� �� ��س /م �� �ص��ر ال � ��دك� � �ت � ��ور وه� � �ب � ��ة ال� ��زح � �ي � �ل� ��ي � �� /س ��وري ��ا ال� � ��دك � � �ت� � ��ور حم� � �م � ��د ط� �ل��اب� � ��ي /امل� � �غ � ��رب ال��دك�ت��ور م�صطفى عثمان ا�سماعيل /ال�سودان ال� ��دك � �ت� ��ور ع � �ب� ��داالل� ��ه م� �ي� �ق ��ات ��ي /ل �ب �ن��ان ال ��دك� �ت ��ور � �س �ع��د ال���دي���ن ال��ع��ث��م��اين /امل��غ��رب ال���دك� �ت���ور حم� �م���ود ال � �� � �س� ��رط� ��اوي /االردن ال � ��دك� � �ت � ��ور حم � �م� ��د احل�ل��اي�� �ق� ��ة /االردن اال� � � �س � � �ت� � ��اذ م� �ن� �ت� ��� �ص ��ر ال� � � ��زي� � � ��ات /م�����ص��ر
هيـئـة التـحريـر امل�� � �ه�� � �ن� � ��د�� � ��س م� � � � � � � � ��روان ال� � � �ف�� � ��اع�� � ��وري ال�� � � � ��دك� � � � � �ت�� � � � ��ور حم� � � � �م � � � ��د اخل � � �ط � � �ي� � ��ب ال � ��دك� � �ت � ��ور ه� ��اي� ��ل ع� �ب���د احل� �ف� �ي���ظ داوود
الس�نة الثالثة :الع�دد األول -مح�رم ١٤٣١هـ /كان�ون ثاني ٢٠١٠م
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
تصدر عن املنتدى العاملي للوسطية
ال�� � � ��دك� � � � �ت�� � � ��ور ي � � ��ا�� � � �س� �ي ��ن امل� � �ق�� ��و�� � �س�� ��ي اال�� � � � �س� � � � �ت � � � ��اذ ج� � � � �م � � � ��ال ال� � ��� � �س� � �ف � ��رت � ��ي
املشرف العام على املجلة الأ���س��ت��اذ ال��دك��ت��ور حم��م��د �أح��م��د الق�ضاة
تصميم وإخراج ب�����ل�����ال امل����ل���اح
عمان اململكة األردنية الهاشمية ّ - عمان 11941األردن هاتف - 5356329 :فاكس - 5356349:ص.بّ 2149 : E-mail: mod.inter@wasatyea.org - info@wasatyea.org Web Site: www.wasatyea.org
محتويات العدد االفتتاحية درا�سات �إ�سالمية
و�سطيتنا
مقابالت الو�سطية
فتح اهلل كولن .....الأ�صالة يف �أ�صدق انتمائاتها واملعا�صرة يف املهندس مروان الفاعوري
3
أ .د محمد احمد القضاة
�آليات ن�شر الفكر الو�سطي يف املجتمعات اال�سالمي
6
د .محمد اخلطيب
من عوامل املع�صية اجلهل واالنحراف
13
أ .خالد الصاحب
(ن�سخ ول�صق)للثورة اجلن�سية يف الغرب يف العامل الإ�سالمي
18
د .محمد طالبي
خم�سة قرون ...وحتى اليوم فى ع�صر املتون
20
أ .د .عبد احلليم عويس
م�سلمو �أوروبا ..حتت ق�صف امل�سلمني
26
أ .نبيل شبيب
هل يف الإ�سالم نظام للدولة �أم مرجع للقانون؟
32
أ .راشد الغنوشي
نظرية طبائع اال�ستبداد عند عبد الرحمن الكواكبي
38
أ .محمد يتيم
الو�سطية م�شروع الأمة احل�ضاري
41
د .هايل داوود
االن�سان اجلديد
44
أ .فتح الله كولن
47
الو�سطيــة هــي احلــل فــي ال�سيا�ســة واالقت�صـــاد
دولة .جنيب ميقاتي
ر�سالة عمان العدل ا�سمى معانيها
49
أ .مازن الفاعوري
54
�أرقى �صورها قاعدة «ال�ضرورات تبيح املحظورات» ت�أ�صيلها وتطبيقاتها»
م�صطفى عثمان :الدفاع عن القد�س يجب ان ت�شرتك فيه كل فعاليات االمة رائف جنم :للها�شميني دور كبري يف الدفاع عن القد�س
58
منت�صر الزيات :املنتدى العاملي يقود تيار الو�سطية يف االمة اال�سالمية
مقاالت الو�سطية
فتح اهلل كولن� ...أ�ضابري الدين واملال وال�سيا�سة مع ًا �ضد ارهاب القاعدة م�آذن ومنارات يف بالد العم جنيف هل ي�ؤ�س�س عقد م�ؤمتر «القد�س ..دين وتاريخ» لقمة ا�سالمية؟ يدي تفنى ..ويبقى كتابها
زاوية املر�أة
ن�شاطات الو�سطية
�أخبار الو�سطية
59 أ .منتصر الزيات الشيخ سلمان العودة د .محمد حبش
64
أ .عبدالله القاق
66
أ .رابحة الزيرة
68
ن�ساء قدوة «�أم امل�ؤمنني خديجة بنت خويلد»
أ .وفاء البيطار
70
مالمح الأ�سرة والطفولة يف �شعر خالد فوزي عبده
أ .هيام ضمرة
71
تقرير حول ن�شاطات منتدى الو�سطية للفكر والثقافة ل�شهري ت�شرين اول وت�شرين ثاين
77
تقرير حول ن�شاطات منتدى الو�سطية للفكر والثقافة ل�شهر كانون اول
79
ندوة دولية « ر�ؤى معا�صرة للإ�صالح الإ�سالمي ودورها يف تعزيز ال�سالم العاملي»
81
وفد من املنتدى العاملي للو�سطية يقوم بزيارة اىل تركيا بدء فعاليات ور�ش عمل حوارات الأندية منتدى و�سطية/اربد يحتفل بذكرى الهجرة النبوية ال�شريفة ديوان الوقف ال�سني يف العراق يطبع ع�شرة كتب من ا�صدارات املنتدى العاملي بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية ب�ش�أن تفجريات ال�صومال بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية حول االعتداء على امل�سجدالأق�صى بيان �صادر عن منتدى الو�سطية «اجلرح النازف يف الأمة» منتدى الو�سطية العاملي يدين القرار ال�سوي�سري ب�ش�أن حظر امل�أذن
2
60 62
ور�شة عمل حول تر�سيخ الفكر الو�سطي يف العامل الإ�سالمي
بيانات الو�سطية
57
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
83 84 85 85 85 86 86 87 87
افتتاحية العدد
فتح الله كولن ..... الأ��� �ص� ��ال� ��ة يف �أ�� � �ص � ��دق ان �ت �م��ائ��ات �ه��ا و امل � �ع� ��ا� � �ص� ��رة يف �أرق� � � � ��ى �� �ص ��وره ��ا
إننا نحتفي بتجربة عظيمة أفادها وآث������ار ،ص��م��م ب��ش��ك��ل ح���اس���م على
رج���ل عظيم م��ج��دد ،ع���اش ألمته حت��وي��ل ال��ك��ل��م��ات ال���ى ح��رك��ة ح��ي��ة ، والزال ،أعطاها ذوب قلبه وروحه وه��ذا م��ا سماه األس��ت��اذ محمد فتح ووج���دان���ه ،وس��ع��ى إلق���ام���ه صرح ال��ل��ه ك��ول��ن م��ه��ر ال���وج���دان ،ومهر الروح ليكون بنا ًء شامخاً ترتوي منه الوجدان تعبير عن الصدق األبهى مع األنسانية ،جتد فيه اجلمال واألمن الله ومع الذات ،في إستلهام املشاعر واألم��ان والطهر ،رجل عرفناه من اإلنسانية املرتبطة باملفهوم األجمل
خالل أتباعه وتالمذته ،عرفناه من واألرقى لإلنسان والكون واحلياة . خالل آثاره ،لم يقدس ذاته ورفض
املهند�س مروان الفاعوري
لقد قرأ واقع أمته وأمعن النظر األمني العام للمنتدى العاملي للوسطية
أن ينسب العمل له أو تنسب إلسمه فيه ،فأيقن أن البد من والدة جديدة جماعة ،عال بروحه وتدفق ،فاض لهذه األمة ،تستعيد بها نهضتها وتعود وإح��ي��اء لعلوم الدنيا ،إلقامة صرح على كل من عرفه أو التقى به أو قرأ بها الى سابق عزها ،بعد أن ضحى ح��ي��اه صحيحة تستجيب حلاجات له أوسمع منه ،فاض علما وإخالصا املسلمون بدينهم (م��ص��در عزتهم) البشر واحل��ج��ر والشجر واحل��ي��اة ، وجت����ردا وح��رق��ة ودم��وع��ا ع��ل��ى هذا في سبيل دنياهم ،وبعد أن ضيعوا والدة شعارها احلياة في ظالل الدين الدين وعلى هذه األم��ة ،رجل جمع التوازن بني الكون واالنسان واحلياه العظيم وواحة األميان . حضاره القلب والروح واخلدمة .
،وتنكروا لتراث أكثر من ألف سنة
ل��ق��د أدرك ف��ت��ح ك��ول��ن أن السر وإستبدلوه بنظم هزيله التناسب فطرة
ال��ع��ج��ي��ب ل��ي��س ف���ي ب��ري��ق الكلمات االنسان ،فأدخلوا أنفسهم في جحر
وموسيقى العبارات ،وإمنا يكمن في الضب ،فكان البد من نور في نهاية
ق��وة االمي���ان مب��دل��ول ه��ذه الكلمات ،النفق ،وال بد من إنبعاث بعد املوت،
وم���ا حتمله ف��ي ث��ن��اي��اه��ا م��ن معاني وإل��ى والده ج��دي��ده ف��ي فهم الدين
ل��ق��د ب����ارك ال��ل��ه ف��ي أع��م��ال فتح ال���ل���ه ك���ول���ن وت���ك���اث���رت آث������اره حتى أض��ح��ت م��درس��ة ج��دي��ده متكاملة ، تربوية واجتماعية وثقافية وحضارية وأقتصادية ،ال جتد مثيال لها في أي بلد ،مدرسة جتمع بني اآلصالة في
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
3
أص��دق انتمائاتها ،وب�ين املعاصرة والتقدم في أرقى صوره .
إن اجلديد لديه أنه قرأ ملياً واقع العالم كله ،وأختط لنفسه منهجاً ق��دم فيه أول��وي��ه اإلص�ل�اح اإلجتماعي
إن املطلعني على آثار هذا الرجل العظيم جعلوه أول الشخصيات املؤثرة في العالم لعام 2009م ،وه��ذا لم يأت من فراغ ،وإمنا جاء بعدما برزت آثار هذا املفكر
وال��ت��رب��وي واإلق��ت��ص��ادي على ال��ص��راع السياسي ،فلم على اإلنسان أوال ،وعلى الواقع ثانيا في كل أألقطار التي
يستنزف جهده في الصراع السياسي كأولوية وهدف كما وصلها عبر تالمذته. أستنزف كثيرون في جتاربهم املريرة طاقاتهم وطاقات لذا كان حماسنا لنقل هذه التجربة إلى عاملنا العربي أمتهم ،مما أدى ال��ى إن��ف��راط العقد السياسي لألمه حرصا منا على أن يستدرك ال��دع��اة وامل��ف��ك��رون األمر وإضعافها عند مواجهة التحديات . لئن كان اإلمام فتح الله كولن معروفا كمفكر ومصلح فيعيدون ترتيب أولويات اإلص�لاح مبا يحقق إستئناف على مستوى تركيا وأوروبا ،إال أن قلة من املعنيني بجديد دورهم ودور حركات اإلصالح ،فلعل هذه التجربة جتد الفكر في العالم االسالمي تهيأت لهم فرصة معرفته عن كثب ،وإكتشاف عبقريته الفكرية والروحية ،ومن هنا من يحملها ويقتبس منها ما يفيد إصالح واقعنا والنهوض
تأتي أهمية هذه الندوة.
بأمتنا .
4
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
دراسات إسالمية قاعدة»الضرورات تبيح احملظورات»»تأصيلها وتطبيقاتها» �أ .د حممد احمد الق�ضاة
آليات نشر الفكر الوسطي في املجتمعات االسالمية
د .حممد اخلطيب
من عوامل املعصية اجلهل واالنحراف �أ .خالد ال�صاحب
•نسخ ولصق• للثورة اجلنسية في الغرب في العالم اإلسالمي
د .حممد طالبي
خمسة قرون ...وحتى اليوم فى عصر املتون �أ .د .عبد احلليم عوي�س
مسلمو أوروبا ..حتت قصف املسلمني �أ .نبيل �شبيب
هل في اإلسالم نظام للدولة أم مرجع للقانون؟ �أ .را�شد الغنو�شي
نظرية طبائع االستبداد عند عبد الرحمن الكواكبي �أ .حممد يتيم
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
5
دراسات إسالمية
قاعدة
«الضرورات تبيح احملظورات»
«تأصيلها وتطبيقاتها»
الأ�ستاذ الدكتور حممد �أحمد ح�سن الق�ضاة اجلامعة الأردنية /كلية ال�شريعة مقدمة: احلمد لله رب العاملني وصلى الله وسلم على سيد املرسلني وعلى آل��ه وصحبه أجمعني وعلى من اتبع هداهم إل��ى يوم الدين ،أما بعد... ف��إن لقاعدة ال �ض��رورات تبيح احمل �ظ��ورات وبحثها وفهم معناها أهمية بالغة ج��دا في واقعنا املعاصر ،إذ كثر غلط الناس في فهم هذه القاعدة وصارت الضرورة وسماحة الشريعة ويسر الدين شماعة يعلقون عليها كل أفعالهم ففعلوا احلرام واملكروه ووقعوا في الشبهات وتركوا الواجبات بإسم الضرورة، وخطأهم هذا جاء من جهات: أوال :من جهة تنزيلها؛ فقد تساهل كثير من الناس في ارتكاب محرمات ومحظورات شرعية بحجة أن ذلك من قبيل الضرورة الشرعية ،مرددين(الضرورات تبيح احملظورات). ثانيا :من جهة ضبط هذه احلالة بضوابطها الشرعية؛ فلئن صدق على بعض احلاالت أنها من باب الضرورة إال أن كثيرا من أهل الضرورات جتاوزوا حد الضرورة ،وتوسعوا في استباحة احملرمات وفعل احملظورات. وثالثا :من جهة الرضا بالواقع ،فقد استسلم معظم الناس إلى نعمة الترخص ،ورغبوا في استبقاء هذه النعمة وعدم زوال�ه��ا ،مع أن مسألة الترخص تعتبر من األم��ور العارضة والقضايا الطارئة ،إال أنها صارت في كثير من األحيان عند بعض الناس ذريعة إلى التخلص والتفلت من اإللتزام بقيود هذه الشريعة ،واألخذ بعزائم أحكامها. ومن األمثلة على ذلك :التساهل في ممارسة بعض أنواع املعامالت املالية احملرمة ،واستقدام من ال يجوز استقدامه م��ن األي ��دي العاملة وغ�ي��ره��ا ،والسفر إل��ى م��واط��ن الفتنة وأماكن الرذيلة والفساد ،ودخول املرأة بال محرم على الطبيب بصورة مألوفة معتادة ،واخللوة احملرمة بني الرجال والنساء،
6
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
والكذب في احلديث. ه��ذه ص��ور م��ن ال��واق��ع تشهد بتفريط كبير وإه�م��ال غير يسير في مناخ شتى من حياة األمة ،وهو انحراف واضح عن جادة السبيل. ثم :إن أهل الزيغ والهوى كثيرا ما يتعلقون بستار الضرورة في حتقيق مآربهم ونيل أغراضهم ،فيحملون هذه الشريعة باطل صنيعهم وسوء مكرهم ،بل ورمبا ينسلخون من الدين كله باسم الضرورة أو احلكمة أو املصلحة. تلك بعض األسباب الداعية إلى الكالم عن هذه القاعدة بتحديد ضوابطها في هذه الشريعة. وقد جعلت البحث مقسما إلى مطلبني وخامتة: املطلب األول :في األصل الشرعي لهذه القاعدة وتوضيح هذه القاعدة: وقد شمل هذا املطلب املسائل التالية: -1تعريف الضرورة لغة واصطالحا والفرق بينها وبني احلاجة. -2مدخل لفهم الضرورة الشرعية. -3أقسام الضرورة الشرعية. -4حكم العمل بالضرورة الشرعية. -5ضوابط الضرورة الشرعية. -6ضوابط العمل بالضرورة الشرعية. املبحث الثاني :تطبيقات على هذه القاعدة. اخلامتة :وتضمنت النتائج التي خرج بها البحث. والله أسأله التوفيق والسداد
املطلب الأول :الأ�صل ال�شرعي لهذه القاعدة وتو�ضيحها: األص��ل في ه��ذه القاعدة ما ورد في ال��ق��رآن الكرمي من استثناء حاالت اإلضطرار الطارئة في ظروف استثنائية كقوله تعالى بعد ت��ع��داد طائفة م��ن احمل��رم��ات {إال م��ا اضطررمت إليه} ،وقوله تعالى {فمن اضطر في مخصمة غير متجانف إلثم فإن الله غفور رحيم}.
الشرع ،إذ فيه مخالفة واضحة للدليل الشرعي الثابت؟
فاجلواب :إن العمل بالضرورة وفق ضوابطها الشرعية ال يعد هدما ألدل��ة ال��ش��رع ،بل هو عمل بالدليل الشرعي ،إذ ال��ض��رورة ثابتة ب��ه ،ثم إن العمل بالضرورة مقيد بضوابط حتفظ مقاصد الشريعة وحتققها ،فالعمل بالضرورة مشروع في حدود مقاصد الشرع ومراميه النبيلة.
توضيح القاعدة:بل إن العمل بالضرورة من األمور التي تؤكد شمول هذه املسألة األول��ى :تعريف الضرورة لغة واصطالحا والفرق الشريعة لشتى ال��وق��ائ��ع واحل�����وادث ،وت��ق��رر صالحها لكل زمان ومكان ،ومواكبتها لألحوال واملتغيرات ،كما أن العمل بينها وبني احلاجة: بالضرورة تيسيرا ورحمة بالعباد ورعاية ملصاحلهم ودرءا الضرورة في اللغة (:)1 للمفاسد عنهم. احل��اج��ة وامل��ش��ق��ة وال��ش��دة ال��ت��ي ال م��دف��ع ل��ه��ا ،واجلمع: الفرق بني الضرورة واحلاجة (:)4ضرورات ،وهي اسم ملصدر االضطرار.
ال��ض��رورة حالة تستدعي إن��ق��اذا ،أم��ا احلاجة فهي حالة واإلضطرار :االحتياج إلى الشيء ،واضطره إليه :أحوجه تستدعي تيسيرا وتسهيال ،فهي مرتبة دون ال��ض��رورة؛ إذ وأجلأه فاضطر ،وأصل مادة (ضر) خالف النفع. يترتب على الضرورة ضرر عظيم في إحدى الكليات اخلمس، الضرورة في االصطالح: ويترتب على احلاجة مشقة وحرج ،لكنه دون الضرر املترتب يختلف معناها باختالف أهل الفن فهي عند العروضيني على الضرورة ،وقد تنزل احلاجة منزلة الضرورة :فيما إذا ورد غيرها عند أهل الكالم والذي يعنينا هنا هو معناها عند أهل نص بذلك أو تعامل أو كان له نظير في الشرع ميكن إحلاقه به؛ كتجويز اإلجارة وعقد االستصناع ،وأجرة احلمام. الشريعة من الفقهاء واألصوليني: فالضرورة عند أهل الشريعة من الفقهاء واألصوليني:
املسألة الثانية :مدخل لفهم الضرورة الشرعية:
في هذا املدخل ذكر لبعض القواعد األصولية والفقهية “هي تلك احلالة التي يتعرض فيها اإلنسان إلى اخلطر في دينه أو نفسه أو عقله أو عرضه أو ماله فيلجأ ( لكي يخلص املتعلقة بالضرورة ،وال بد عند ذكر هذه القواعد من ربطها نفسه من هذا اخلطر) إلى مخالفة الدليل الشرعي الثابت ( ،)2مبوضوع الضرورة كثمرة لهذا املدخل. وذلك كمن يغص بلقمة طعام وال يجد سوى كأس من اخلمر قاعدة املشقة جتلب التيسير (:)5يزيل هذه الغصة”. معنى ه��ذه ال��ق��اع��دة :أن الشريعة اإلس�لام��ي��ة ف��ي جميع وق��د تواترت األدل��ة على أن ه��ذه الشريعة ج��اءت حلفظ أحكامها جاءت مبا يقع حتت قدرة املكلف وإن ترتب على فعله ال��ض��روري��ات اخل��م��س :ال��دي��ن ،وال��ن��ف��س ،وال��ع��ق��ل ،والنسل ،مشقة كاجلهاد والصوم واحلج ،وقد تخرج املشقة على وجه واملال. االعتياد فتسبب حرجا كبيرا لسبب من األسباب؛ هنا تصبح وامل����راد ب��ال��ض��روري��ات :األم���ور ال��ت��ي ال ب��د م��ن احملافظة هذه املشقة سببا للتيسير والتخفيف ،والتخفيفات في الشرع عليها حتى تستقيم مصالح الدنيا واآلخرة على نهج صحيح على نوعني: دون اخ��ت�لال ،وإمن��ا يكون ذل��ك باحملافظة على ه��ذه األمور أ -ن��وع ش��رع م��ن أص��ل��ه للتيسير ،وه��و ع��م��وم التكاليف اخلمسة ،لذا تسمى الضرورات ( أو الضروريات) اخلمس ،الشرعية في األحوال العادية. وتسمى بالكليات اخلمس أيضا؛ لكونها جامعة جلميع األحكام ب -نوع شرع ملا يوجد من األعذار والعوارض ،وهو املسمى وال��ت��ك��ال��ي��ف ال��ش��رع��ي��ة ،ف��ه��ي ت��ن��درج حتتها جميع جزئيات الشريعة ،وتسمى أيضا مبقاصد الشرعية؛ ملا ثبت باإلستقراء بالرخصة ،وه��و املقصود بقاعدة املشقة جتلب التيسير؛ التام لهذه الشريعة دقيقها وجليلها :كون احملافظة على هذه فالقاعدة إذن مجالها :الرخص وال��ع��وارض ،والضرورات؛ كأكل امليتة. األمور اخلمسة أمرا مقصودا للشارع (.)3 وع����ل����ى ه�������ذا :ف����ال����ض����رورة م����ن امل���ش���ق���ة ال����ت����ي جتلب لذلك :صح عند العلماء جعل احملافظة على األمر الضروري أصال ثابتا ال يتغير أبدا ،وأساسا قائما ال يتعرض للخدش التيسيروالتخفيف.
بوجه من الوجوه ،وتسمى احملافظة على هذا األمر الضروري حالة ضرورة إن ترتبت عليه مخالفة حلكم شرعي ثابت.
قاعدة الرخص:
الرخصة في الشريعة ه��ي( :احلكم الثابت على خالف ()6 وقد يقول قائل :أال يعد العمل بالضرورة نقضا وهدما ألدلة الدليل لعذر) السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
7
()7 وتنقسم الرخصة باعتبار سببها إلى أقسام منها: حالة استثناء توجب العدول عن العمل وفق هذا الدليل ،وهذا هو االستحسان ،وإذا نظرنا إلى جدوى العمل بالضرورة أدركنا أ -رخصة بسبب السفر أنها -وال شك – حتقق مصلحة راجحة ،فهي داخلة في باب ب -رخصة بسبب املرض املصالح ،كما أنها ت��درأ ضررا ومفسدة ،فهي تندرج حتت ج -رخصة بسبب االضطرار ،فالضرورة إذن من أسباب قاعدة ( الضرر يزال). الترخص. املسألة الثالثة :أقسام الضرورة:
قاعدة األستحسان: تنقسم الضرورة باعتبارات متعددة إلى أقسام كثيرة ،وذلك االستحسان في الشرع( :العدول في مسألة عن مثل ما على النحو اآلتي: حكم به في نظائرها إلى خالفه لوجه هو أقوى منه( )8فهو أ -أقسام الضرورة باعتبار متعلقها: إذن :قطع املسألة عن نظائرها على عكس القياس الذي هو -1ضرورة تتعلق بحفظ الدين ،مثل :قتل الشيوخ والنساء احلاق املسألة نظائرها ،وهذا الوجه القوي الذي أوجب قطع املسألة عن نظائرها قد يكون نصا أو اجماعا أو قياسا خفيا واألطفال في اجلهاد إذا حتصن بهم العدو ،حفظا للدين. -2ض��رورة تتعلق بحفظ النفس ،مثل :أكل امليتة حفظا أو ضرورة ،فيعمل بالدليل األقوى وهو أمر مستحسن ،ولهذا سمي استحسانا( ،)9وذلك مثل النظر إلى األجنبية :ال يجوز للنفس. ألحد أبدا لكنه جاز للطبيب ضرورة ،فاالستحسان قد يستند -3ض��رورة تتعلق بحفظ العقل ،مثل :أكل امليتة؛ حفظا إل��ى النص أو اإلج��م��اع أو ال��ض��رورة ،فالضرورة إذن تصلح للعقل. مستندا لالستحسان. -4ض���رورة تتعلق بحفظ النسل ،مثل :دف��ع امل��ال للعدو ()10 قاعدة املصالح املرسلة : الكافر؛ حفظا لعرض امرأة مسلمة. املصلحة عموما ق��د تكون شرعية إن ج��اء بطلبها دليل -5ضرورة تتعلق بحفظ املال ،مثل :إفساد قليل املال حفظا خ��اص م��ن ال��ش��رع ،وق��د تكون ملغاة إن ج��اءت على خالف ألكثره. نصوص الشريعة ومقاصدها ،وقد تخلو عن الدليل الطالب ب -أقسام الضرورة باعتبار الشمول: واملانع فتكون مرسلة. -1ضرورة عامة :كوقوع األمة في قحط عميم. وتنقسم املصلحة املرسلة باعتبارقوتها إلى ثالثة أقسام: فأقواها املصلحة الضرورية ،ثم احلاجية ،ثم التحسينية.
-2ضرورة خاصة :كوقوع رجل في مخصمة.
ج -أقسام الضرورة باعتبار الدليل الدال عليها:
واملراد باملصلحة املرسلة الضرورية :احملافظة على األمور ال��ض��روري��ة التي ل��م ي��دل على اعتبارها دليل خ��اص ،وهذه -1ضرورة أثبتها النص :كاألكل من امليتة للمضطر {فمن احملافظة بينة ظاهرة في حالة كون الضرورة ثابتة بطريق اضطر في مخمصة غير متجانف إلثم فإن الله غفور رحيم} االجتهاد ،فالضرورة إذن قد تكون من قبيل املصالح املرسلة( .املائدة)3: قاعدة الضرر يزال (:)11 -2ضرورة تثبت باإلجتهاد :كما في باب املصالح املرسلة ه��ذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى ،وه��ي تشمل إن كانت ضرورية. أصلني مهمني: املسألة الرابعة :حكم العمل بالضرورة الشرعية:
أ -النهي عن إيقاع الضرر اب��ت��دا ًء ،باتباع شتى الوقاية واحلماية لئال يقع الضرر.
وفي هذه املسألة ثالثة أمور:
أوال :األدل���ة على مشروعية العمل ب��ال��ض��رورة م��ن حيث ب -وج��وب رف��ع ال��ض��رر -إن وق��ع -باتباع أفضل السبل اجلملة: العالجية. -1من القرآن{ :حرمت عليكم امليتة والدم وحلم اخلنزير ()12 وقال رسول الله تعالى (ال ضرر وال ضرار) يشمل هذين وم��ا أه��ل ب��ه لغير ال��ل��ه م��ن .......إال م��ا اض��ط��ررمت إليه} األصلني وفي األخذ بالضرورة حتقيق لهذه القاعدة. (االنعام.)119: وخالصة ما تقدم أن يقال :إن وقوع الضرورة لون من ألوان -2من السنة :عن أبي واقد الليثي قال “ :قلت يا رسول املشقة التي تستدعي تيسيرا وتسهيال في هذا الدين ،وذلك الله :إنا بأرض تصيبنا مخصمة فما يحل لنا من امليتة؟ فقال: أيضا سبب من أسباب الترخص ،فتدخل الضرورة لذلك في إذا لم تصطحبوا ،ولم تغتبقوا ،ولم حتتفئوا بها بقال ،فشأنكم باب الرخص ،وبالنظر في الدليل احملرم جند أن الضرورة بها “ (.)13 8
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
-3األدلة الكثيرة والشواهد املتعاضدة الدالة على أن هذه الشريعة مبنية على التيسيروالتخفيف( )14مثلَ { :و َج ِ اه ُدوا فِ ي اجتَبَا ُك ْم َو َما َج َع َل َعلَيْ ُك ْم فِ ي الدِّينِ مِ ْن اللَّهِ َحقَّ ِج َهادِ ِه ُه َو ْ َح�� َر ٍج ِّملَّ َة أَبِي ُك ْم ِإبْ َر ِ ني مِ ن َقبْ ُل َوفِ ي اهي َم ُه َو َس َّما ُك ُم المْ ُ ْسلِم َ َّاس َه َذا ِليَ ُكو َن ال َّر ُسو ُل َشهِ يداً َعلَيْ ُك ْم َوتَ ُكونُوا ُش َه َداء َعلَى الن ِ اعت َِص ُموا بِاللَّهِ ُه َو َم ْولاَ ُك ْم َف ِن ْع َم الصلاَ ةَ َوآتُوا ال َّز َكاةَ َو ْ َف َأقِ ي ُموا َّ المْ َ ْولَى َو ِن ْع َم الن َِّصي ُر } (احلج{ ، ) 78يُرِ ي ُد اللّ ُه أَن يُ َخ ِّف َف نسا ُن َ ضعِ يفاً } ( النساء{، )28يُرِ ي ُد اللّ ُه ِب ُك ُم َعن ُك ْم َوخُ ِل َق ا ِإل َ الْيُ ْس َر َوالَ يُرِ ي ُد ِب ُك ُم الْ ُع ْس َر َو ِلتُ ْكمِ لُوا ْ الْعِ َّدةَ َو ِلتُ َك ِّب ُروا ْ اللّ َه َعلَى َما َه َدا ُك ْم َولَ َعلَّ ُك ْم ت َْش ُك ُرو َن } (البقرة( ، ) 185بعثت باحلنيفية السمحة)(.)15
املسألة اخلامسة :ضوابط الضرورة الشرعية: هناك شروط وقيود ال بد من حصولها في حالة ما ،ليسوغ تسميتها ض���رورة شرعية ،وال ميكن أن ت��ك��ون تلك احلالة ض��رورة شرعية مع تخلف شيء من الضوابط ،وإليك بيان هذه الضوابط مع اإلستدالل لها: -1قيام الدليل احملرم ورجحان العمل به:
كأكل امليتة ،فإن الدليل على حترمي امليتة قائم ،والعمل به راجح ،فال يجوز أكل امليتة ،إال أنه جاز للمضطر مخالفة هذا الدليل والعمل على خالفه ،ويحترز بذلك عما إذا كان الدليل مبيحا أو موجبا ،كمن يضطر ،لكنه يجد شيئا من املاء يسد به رمقه ،فال ضرورة ها هنا ،لعدم وجود املخالفة املترتبة على -4األدلة الكثيرة والشواهد املتعددة الدالة على رعاية هذه قيام الدليل احملرم (.)21 الشريعة ملصالح العباد من جهة ودرء املفاسد عنهم من جهة ومن هنا :علم أن حالة الضرورة مبنية على مخالفة ما أخرى(.)16 يعتقد رجحان حترميه ،كمن يرى حرمة اللحوم املستوردة، ثانيا :حكم العمل بالضرورة الشرعية: فإن أكله منها إلنقاذ نفسه من املوت يعتبر ضرورة ،وليس من العمل بالضرورة الشرعية واج��ب وليس جائزا ،والدليل الضرورة بالنسبة ملن يرى جواز تناول هذه اللحوم. على ذلك: -2وأن يترتب على االمتثال للدليل الراجح احملرم ضرر -1قاعدة الواجب ال يترك إال لواجب ( :)17مثل قطع اليد متعلق بإحدى الكليات اخلمس: فإنه محرم ،وحفظ هذا العضو من اإلنسان أمر واجب ،لكن كأن تتعرض نفسه للهالك إن لم يأكل من امليتة ويحترز بهذا هذا الواجب يترك عند السرقة ،فتقطع اليد ولو لم يكن القطع عن انتفاء الضرر :كأن يوجد الدليل احملرم لكنه ال يضطر إلى واجبا بالنسبة للسارق لكان هذا الفعل حراما ،فترك الواجب مخالفته بأكل امليتة ،فيما إذا كان في األح��وال العادية ،فال وهو حفظ العضو لواجب أهم منه وهو إقامة حدود الله. ضرورة ها هنا ،لعدم احلاجة الشديدة إلى املخالفة ،إذ إن -2قاعدة للوسائل حكم املقاصد( )18فأكل امليتة للمضطر الضرر ال وجود له. واج���ب ،ألن حفظ النفس واج���ب ،وه��و ال يتم إال بوسيلة، ووجه هذا الضابط ودليله :القاعدة املعروفة (الضرر يزال) هي األكل من امليتة ،وهذه هي قاعدة( :ما ال يتم إال به فهو فلتراجع مع أدلتها. واجب). -3أن يكون حصول الضرر أمرا قاطعا أو ظنا غالبا ،وال ومن اخلطأ أن يقال :إن هذا الفعل يجوز للضرورة الصحيح أن يقال :يجب ان يشرع عند الضرورة.
()19
بل
أما قول العلماء(الضرورات تبيح احملظورات) فهو بالنظر إلى أثر الضرورة في تغيير حكم الفعل ونقله من احلظر واملنع إلى اإلذن واالباحة ،وأما األخذ بالضرورة فإنه واجب. ولعل هذا يتضح إذا علمنا أن للضرورة أحواال ،وإليك بيان ذلك: ثالثا :أحوال الضرورة باعتبار تغييرها حلكم الفعل
()20
يلتفت إلى الوهم والظن البعيد كأن يكون املضطر في حالة تسمح له بانتظار الطعام احلالل الطيب ،فال يقدم على تناول امليتة واحل��ال��ة كذلك حتى يجزم بوقوع الضرر على نفسه فيجوز حينها تناول امليتة ،ودليل ذلك :ما علم في الشريعة من أن األحكام تناط باليقني والظنون الغالبة ،وأنه ال إلتفات فيها إلى األوهام والظنون املرجوحة البعيدة( ،)22وقد تقدم في حديث أبي واقد قوله(إذا لم تصطحبوا )...ما يدل بوضوح على أن اإلق��دام على املخالفة ال يتم إال بعد التيقن واجلزم بحصول الضرر.
-4أال ميكن دفع هذا الضررإال باملخالفة وعدم اإلمتثال -1ما يفيد إباحة املرخص به حال قيام الضرورة ،فالفعل للدليل احملرم ،فإن أمكن املضطر أن يدفع هذا الضرر بأمرين ها هنا يصبح مباحا ،بل واجبا كاإلضطرار ألكل امليتة. أحدهما جائز واآلخ��ر ممنوع ،ح��رم عليه ارت��ك��اب املخالفة -2ما يفيد جواز اإلقدام على املرخص به حال الضرورة ،للدليل احمل��رم ،ووجب عليه دفع الضرر باألمر اجلائز ،كأن مع بقاء احلرمة ،كإجراء كلمة الكفر على اللسان. يغص بلقمة وأمامه كأسان من املاء واخلمر ،ووجه هذا القيد -3ما ال يباح ولو للضرورة كقتل املسلم ،وذلك فيما إذا كان ما ورد في ذلك من قواعد مثل ( :إذا ضاق األمر اتسع ،وإذا اتسع ضاق) ( ،الضرر يدفع قدر اإلمكان) لتراجع مع أدلتها. الفعل منهيا عنه لذاته. السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
9
-5أال يعارض هذه الضرورة عند ارتكابها ما هو أعظم منعا أو مثلها كأن يأكل املضطر طعام مضطر آخ��ر ،ووجه إذا اجتمعت الضوابط السابقة في حالة ما ،صح أن تعد ذلك ما ورد من قواعد مثل( :الضرر ال يزال مبثله) و(يتحمل ه��ذه احلالة ض��رورة شرعية يؤخذ بها ويستند إليها ،لكن الضرر اخلاص لدفع الضرر العام) و(يرتكب أخف الضررين العمل بالضرورة مع كونه واجبا ال بد فيه من ضابطني ،هذا لدفع أعظمهما) و(درء املفاسد مقدم على جلب املصالح). بيانهما: وك��ذل��ك :ف��إن ال��ض��رورة تسقط وال يلتفت إليها إن ترتب الضابط األول :أن تقدرهذه الضرورة بقدرها ،من حيث على األخ��ذ بها إخ�لال مب��ب��ادىء الدين ومقاصد الشريعة :الزمان واملكان والكم والكيف ،فال بد من حتديد املقدار الذي كقتل املسلم ،والزنا ،فهذه ضرورة حتلها؛ ألن حترميها جاء يدفع الضرر ويحقق املصلحة ،إذ جتويز األخ��ذ بالضرورة على سبيل القصد والتعيني ،ال على سبيل الذريعة والتكميل ،مقصور على هذا املقدار ،وما زاد على ذلك يبقى في حيز كتحرمي النظر إلى األجنبية ،فإنه ذريعة للزنا ،لذلك يترك التحرمي ،فال يأكل املضطر من امليتة إال بالقدر الذي يسد ()23 ()25 العمل به عند ال��ض��رورة ،ووجه ذلك قاعدة( :الضرورات رمقه ،وما زاد فهو حرام ()24 تبيح احملظورات بشرط عدم انفصالها عنها) الضابط الثاني :أن العمل بالضرورة مرتبط بقيام الضرر من يقدر ال�ضرورة؟: وتوقعه ،فإن زال فال ض��رورة؛ ألن األخذ بالضرورة استثناء إذا كانت الضرورة عامة لألمة أو لكثير منها فإن تطبيقها وبدل كالتيمم ال يجوز مع وجود امل��اء ،إذ املاء أصل والتيمم على الوقائع وتنزيلها على احلوادث ال يتأتى إال ممن له علم بدل ،والعمل بالبدل ال يجوز مع وجود األصل ،فبمجرد زوال بالواقع ،وعنده متام الدراية مبالبسات األمور وأبعادها؛ ذلك العذر وارتفاع الضرر أو اختالل أحد الضوابط يبطل العمل أن احلكم على الشيء فرع عن تصوره ،ويكفي أولي العلم من بالضرورة ،ووجه هذا الضابط :القاعدة التي تقول (ما جاز لعذر بطل بزواله)(.)26 يوثق بدينه وعلمه من أهل املعرفة في كل واقعة. ومن هنا يتبني وجوب السعي اجلاد إلزالة هذه الضرورة أم��ا إذا كانت ال��ض��رورة خاصة بإنسان م��ا :ف��إن تطبيقها يختص به كمن وقع في مفازه ووج��د ميتة .والواجب على وبذل اجلهد في سبيل رفعها ،وإمنا يكون ذلك باألخذ بأسباب اجلميع تقوى الله قدر املستطاع والتثبت من األحوال والوقائع ،النجاة واالح��ت��ي��اط ف��ي مواجهة األزم���ات قبل وق��وع اخلطر ثم األخذ بهذه الضرورة وفق ضوابطها وقيودها املذكورة دون بتوقعه واتقائه قدر اإلمكان ،وعند وقوعه مبقاومته ومحاولة اض ُط َّر َغيْ َر رفعه أو تخفيف ضرره ومفاسده ،وعدم الركون له واإلستسالم بغي وال اعتداء ،كما قال سبحانه وتعالى { َف َمنِ ْ بَ ٍاغ َوالَ َع ٍاد َفال ِإثْ َم َعلَيْهِ إ َِّن اللّ َه َغفُو ٌر َّر ِحي ٌم } ( البقرة ) 173واخلنوع ،وبعد وقوعه مبنع تكراره ،واملؤمن ال يلدغ من جحر واحد مرتني. وصفوة هذه الضوابط مجموعة في األسئلة التالية: إن القيام بفروض الكفاية املعطلة في هذه األمة كفيل برفع حاالت -1هل الدليل احملرم قائم ومتجه والعمل به راجح ؟ ..إن االضطرار التي تعيشها املجتمعات اإلسالمية ،كواجب إعداد القوة، كان اجلواب :نعم... -2فهل يترتب على اإلم��ت��ث��ال بهذا الدليل ض��رر يتعلق وإيجاد الهيبة ،ودفع الباغي ،وسد اخللة ،ونصر املظلوم ،وكفالة الفقير ،وإعالة العاجز ،وتعليم اجلاهل ،وقصر اإلثم. بالكليات اخلمس؟...إن كان اجلواب نعم.. املسألة السادسة :ضوابط العمل بالضرورة الشرعية:
-3فهل ح��ص��ول ه��ذا ال��ض��رر محقق مقطوع ب��ه أو ظن غالب؟..إن كان اجل��واب :أنه مقطوع به أو ظن غالب وليس وهما وال ظنا بعيدا...
اخلامتة:
إن أهم النتائج التي خرج بها البحث هي:
• إن قاعدة الضرورات تبيح احملظورات هي قاعدة فقهية -4فهل ميكن دف��ع ه��ذا الضرر املؤكد بطريق آخ��ر دون لها مجالها الواسع في التطبيق في الفقه اإلسالمي. • إن ال��ض��رورة وكيفية تقديرها أم��ر حساس في الشرع حصول مخالفة للدليل احملرم ؟...إن كان اجلواب :أن ذلك ال ألنه به تستباح احملظورات لذا كان ال بد من ضوابط تقدر ميكن مبخالفة الدليل احملرم... ه��ذه ال��ض��رورة حتى ال يتفلت الناس من قيود الشرع بزعم -5فهل يترتب على مخالفة الدليل احمل��رم عند العمل الضرورة. بالضرورة حصول ض��رر أكبر أو مماثل؟ إذ ال يصح العمل • ي���ت���رك ت���ق���دي���رم���ث���ل ه�����ذه ال������ض������رورات أله�����ل العلم بالضرورة فيما ال يباح الترخص فيه ،وذل��ك إذا كان الفعل واإلختصاص. منهيا عنه لذاته ،ثم إن العمل بالضرورة ال بد فيه من مراعاة وبعد فما كان من صواب فمن الله وما كان من خلل فمن ما يأتي في ضوابط العمل بالضرورة: نفسي ومن شيطان واستغفر الله. 10
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
املطلب الثاين :تطبيقات على هذه القاعدة(:)27 -جواز إتالف مال الغير إذا أكره عليه مبلجىء.
-واختلف في التداوي بالنجاسة للمضطر.
ج���واز دخ���ول امل��ن��ازل بغير إذن أصحابها ف��ي حاالتالضرورة ،كالدخول لقتال العدو ،أو ألخذ متاع ساقط فيها.
منع أخذ الدائن مال املدين املمتنع عن األداء إذا ظفر جواز أتخاذ وسائل تنظيم احلمل لتنظيم النسل وذلكبه ،وإن كان من خالف جنس حقه في زماننا. من أجل احملافظة على حياة األم وصحتها ويكون ذلك بعد يجوز كشف الطبيب عورات األشخاص إذا توقفت عليه الرجوع إلى أهل العالم الشرعي.مداواتهم. إذا اضطر الناس إل��ى ش��راء ن��وع معني من الطعام أو يجوز للمضطر أكل امليتة وحلم اخلنزير دفعا للهالك .اللباس أو السالح ونحو ذلك وامتنع التجار أو من توفرت عنده يجوز أكل امليتة عند املخمصة وإساغة اللقمة باخلمر هذه السلع من بيعهم جاز لهم أخذها منهم بالثمن بال رضاهمويجب على السكان إجبارهم على البيع أو بيعها عليهم. ودفع الصائل ولو أدى إلى قتله. يجوز إتالف شجر الكفار وبنائهم حلاجة القتال وللظفرامل�ستثنيات: بهم وكذا احليوان الذين يقاتلون عليه. • يستثنى م��ن ال��ق��اع��دة م��ا ورد ق��ي��دا عليها ب��أال تنقص يجوز نبش امليت بعد دفنه للضرورة ،بأن دفن بال غسل الضرورة فاذا نقصت فإنه ال يباح احملظور ،ولذلك يخرج علىالقاعدة فروع: أو لغير القبلة أو في أرض أو ثوب مغصوبني. • إذا دار األمر بني السنة والبدعة فتركه أولى وإذا دار بني يجوز غصب اخليط خلياطة جرح حيوان محترم.الواجب والبدعة ففعله أولى . يجوز أكل مال الغير للمضطر.• لو دفن امليت بال كفن فال ينبش ألن هتك حرمته أشد -اختلف في التلفظ بكلمة الكفر للمضطر.
الهوام�ش:
من تركة بال كفن وقام الستر بالتراب مكانه.
-1انظر القاموس احمليط 77/2 :لسان العرب 4/483ومعجم -14انظر :قاعدة املشقة جتلب التيسير في األشباه والنظائر مقاييس اللغة 360/3 :واملعجم الوسيط.538/1 : للسيوطي ،ص ،76والبن جنيم ،ص .75 -2نظر املوافقات للشاطبي 8/2 :وما بعدها. -3انظر نظرية الضرورة الشرعية :ص 246 -4املوافقات ،10/2:شرح القواعد للزرقاء 157-155 -5انظر الوجيز لبورنو :157وما بعدها. -6املنهاج للبيضاوي120/1: -7األشباه والنظائر للسيوطي ،ص .77 -8اإلحكام لآلمدي.158/4 : -9 -10 -11 -12 -13
-15رواه أحمد في املسند ،ح.21260/ -16اإلحكام لآلمدي.132/1 : -17األشباه والنظائر لسيوطي ص 148 -18انظر إعالم املوقعني البن القيم135/3: -19إال أن يراد بذلك مطلق اإلذن...ال اإلذن املطلق. -20انظر الوجيز لبورنو ،ص .176 -21انظر اإلحكام لآلمدي132/1 :
ان���ظ���ر امل����دخ����ل ال����ف����ق����ه����ي ،:81/1أص������ول ال���ف���ق���ه لزكي -22انظر قاعدة (اليقني ال ي��زال بالشك) ،وما يتنوع عنها في شعبان.149: األشباه والنظائر للسيوطي ،ص.50 انظر روضة الناظر ،411/1 :مذكرة الشنقيطي ص .168 -23انظر الوجيزلبورنو ،ص 177-179 األش��ب��اه والنظائر للسيوطي ص ،83الوجيز لبرونو ص -24انظر شرح القواعد للزرقاء ص ...135 .192 -25انظر األشباه والنظائر لسيوطي ص ،84والبن جنيم ص .86 رواه ابن ماجه :ح.2341/ رواه أحمد في املسند ،والدرامي في السنن :ح 1912/ومعنى -26 :انظر شرح القواعد للزرقاء ،ص 135 لم حتتفئوا بها بقأل :لم جتدوا ما يقتلع فيؤكل
-27القواعد الفقهية وتطبيقاتها في املذاهب األربعة ،ص .278 -277
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
11
املراجع: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في املذاهب األربعة ،د.محمد الزحيلي ،دار الفكر -دمشق ،ط األولى .2006-1427 شرح القواعد الفقهية ،الشيخ أحمد بن الشيخ محمد الزرقا ،دار القلم دمشق. ألحكام في أصول األحكام ،علي بن محمد اآلمدي أبو احلسن ،دار الكتاب العربي -بيروت الطبعة األولى،1404 ،حتقيق :د .سيداجلميلي. اعالم املوقعني عن رب العاملني ،محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ،دار اجليل – بيروت ،1973 ،حتقيقك طه عبد الرؤوف سعد. روضة الناظر وجنة املناظر ،عبد الله بن أحمد بن قدامة املقدسي أبو محمد ،جامعة اإلمام محمد بن سعود -الرياض ،الطبعة الثانية ،1399حتقيق:د.عبد العزيز عبد الرحمن السعيد. مذكرة أصول الفقه على الناظر للعالمة ابن قدامة رحمه الله ،الشيخ محمد األمني بن املختار الشنقيطي رحمه الله صاحب أضواءالبيان. مسند اإلمام أحمد بن حنبل ،أحمد بن حنبل أبو عبد الله السيباني ،مؤسسة قرطبة -القاهرة. سنن الدرامي ،عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدرامي ،دار الكتاب العربي -بيروت ،الطبعة األولى ،1407حتقيق :أحمد زمرلي،خالد السبع العلمي. -سنن ابن ماجة ،محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني ،دار الفكر -بيروت ،محمد فؤاد عبد الباقي.
12
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
دراسات إسالمية
«آليات نشر الفكر الوسطي في املجتمعات االسالمية» �إعداد الأ�ستاذ الدكتور: حممد اخلطيب اال�ستاذ يف كلية ال�شريعة باجلامعة الأردنية /الأردن املقدمة: احلمدهلل رب العاملني وال�صالة وال�سالم على �سيد املر�سلني وعلى �آله و�صحبه �أجمعني ،وبعد،،، �إن حتديد الآليات يف طرق تر�سيخ الفكر الو�سطي يعد �أمر ًا بالغ احليوية عند كل من يحمل الفكر الو�سطي يف زمان �إ�ضطربت فيه املعايري ،وتاهت معامل الطريق وكرثت �أقوال امل�شككني يف الت�شكيك بالفكر الو�سطي والزعم ب�أنه لي�س من الإ�سالم و�إمنا هو بدعة جديدة تدعو �إىل التحلل والتحايل ليخرج هذا الدين من م�ضمونة. ومن هذا املنطلق كانت �أهمية هذه الدرا�سة من �أجل ت�سليط ال�ضوء على �أهم الآليات التي يجب �أن يتبناها الو�سطي لتكون نقطة عمل م�ستقبلية ت�ؤدي يف النهاية �إىل تر�سيخ الفكر الو�سطي يف جمتمعاتنا الإ�سالمية. �إننا يف العاملني العربي والإ�سالمي بحاجة ما�سة �إىل جتاوز التطرف �إىل الو�سطية ،والغلو و�إىل الإعتدال ،ولن يكون ذلك �إال �إذا كانت الر�ؤية وا�ضحة لكل من يحمل هذا الفكر. ومما ال �شك فيه �أن حتديد الآليات ذو �أهمية كبرية يف و�صولنا �إىل نتائج �إيجابية يف جمتمعاتنا. �إن من �أهم التحديات التي نواجهها هو (حتدي الثبات على الو�سطية) ،ومن �أهمها قوتان تعمالن على �إغالق الطرق �أمام الفكر الو�سطي املعتدل، وهاتان القوتان هما: .1القوى املعادية اخلارجية :تلك القوى التي يخدمها ويعيينها على حتقيق �أهدافها وم�آربها الإنحراف والغلو يف �أ�شد �صورة و�أكرثها عنف ًا ،و�إن هذه القوى واجلهات ترى يف الغلو والتطرف فائدة كبرية يف �إيجاد م�سوغات واقعية ملمو�سة ملهاجمة الأمة ،وا�ستبعادها و�إحتاللها ونهب خرياتها. .2التفرق والإختالف :ذلك �أن املجتمع ي�ضعف وي�ضمحل وتنهار قوته �إذا كان �أبنا�ؤه متفرقني متخالفني ،ففي مثل هذه الأجواء ي�صعب على تيار الو�سطية ال�سري بني تلك الأ�شواك ،وي�صعب عليه الثبات على و�سطيته ،وعليه �أن يجاهد لذلك ،لأنه �سيجر �إىل فرقة �أو مذهب �أو حزب. �إذن البد من و�ضوح املنهج لكل من يحمل هذا الفكر ،ومن �أهم تفا�صيل هذا املنهج الآليات التي يجب �أن يتبعها هذا التيار يف ن�شر وتر�سيخ فكره يف املجتمعات. وقد جاءت هذه الدرا�سة لت�سلط ال�ضوء على هذا اجلانب املهم يف ثالثة مباحث تتعلق ب�أهم الآليات املو�صلة للأهداف املرجوة.
املبحث الأول الفهم ال�صحيح للإ�سالم
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
13
الفهم الشمولي التكاملي لإلسالم مهم جد ًا ملن يحمل على الكليات. عاتقه نشر وترسيخ الفكر الوسطي ،فمعرفة اإلسالم ودراسته .4تبني منهج التيسير :إذ ك��ان التيسير مطلوب ًا في كل من قبل من يتصدى لنشر هذا الفكر ،قضية ضرورية ومهمة زم��ان ،فهو أشد ما يكون طلب ًا في هذا العصر ،ال��ذي غلبت إذ ال ميكن أن يتقبل الناس احلديث عن اإلسالم ووسطيته إذ فيه املاديات على املعنويات ،وتعقدت فيه حياة الناس ،وكثرت لم يكن القائم على هذا األمر قد فهم هذا الدين فهم ًا يقوم العوائق عن اخلير ،واملغريات بالشر. على علم ألحكام اإلسالم وتعاليمه. والتيسير املطلوب هنا ال يعني تبرير الواقع ،أو مجاراة كذلك عليه أن يرفض كل جتزئة ألحكام اإلسالم ،كدعوى ال �غ��رب ،أو إرض� ��اء احل �ك��ام ،وإمن ��ا ينطلق إت �ب��اع � ًا للمنهج ً يد ِب ُك ُم ال ُْع ْس َر }(سورة يد ال َّلهُ ِب ُك ُم ال ُْي ْس َر َولاَ ُي ِر ُ الذين يريدونه أخالقا بال تعبد ،أو تعبد ًا بال أخالق ،أو عقيدة القرآنيُ { :ي ِر ُ بال شريعة ،أو إسالم ًا بال جهاد ،أو دين ًا بال دولة. ال�ب�ق��رة ،)185:وللمنهج النبوي { :إمنا بعثتم ميسرين ولم وهذا يقتضي من العاملني في هذا احلقل نقل الصحوة تبعثوا معسرين } (رواه البخاري). اإلسالمية من مرحلة الشعارات إلى مرحلة البرامج واألعمال، .5املوازنة بني الثوابت واملتغيرات :واملقصود املوازنة بني ومن فكر املواجهة والتدمير إلى فكر اإلصالح بالعمل والتنمية ثوابت الشرع ومتغيرات العصر ،إذ ال يجوز إغفال الثوابت، في املجتمعات اإلسالمية. وال إهمال املتغيرات ،وال حتويل الثوابت إلى متغيرات ،وال ومن هنا فإن القضايا التي يجب أن يفهمها العامل في املتغيرات إل��ى ثوابت ،فيجب مالحظة تغير الزمان واملكان هذا املجال وأن يعمل على ترسيخها في مجتمعه وأن يحملها واحلال والعرف في تغير الفتوى. إلى الناس ما يلي: وبهذا نقول :نعم للتحديث وملواكبة العصر في التقدم
.1وضع التكاليف الشرعية في مراتبها الشرعية :واملقصود العلمي والتكنولوجي ،ال��ذي يرقى باحلياة واإلن �س��ان ،وال فهم التكاليف واألعمال فهم ًا متوازن ًا ،يضعها في مراتبها للتغريب الذي يريد أن يسلخ األمة من جلدها ،ويجعلها تبع ًا الشرعية ،وينزل كل تكليف منزلته وفق ما جاءت به النصوص لغيرها ،باسم (احلداثة) أو (العوملة). التي ميزت بني األعمال ،فال يجوز للداعية الوسطى أن يكبر وكذلك رف��ض موقف الذين ي��ري��دون أن يجمدوا احلياة الصغير ،وال أن يصغر الكبير ،وال يؤخر ما حقه التقدمي ،وال باسم الشرع ،فال مجال للتطوير وال للتغيير. يقدم ما حقه التأخير. وم��ن هنا وج��ب تقدمي العقيدة على العمل ،واألصول على الفروع ،والفرائض على النوافل ،واحمل��رم املجمع عليه على املختلف فيه.
املبحث الثاين ق�ضايا يجب �أن يتبناها العاملون يف الو�سطية
أن ترسيخ هذه املفاهيم في املجتمع والعمل على إيصالها إلى عقول الناس سيؤدي في النهاية إلى إبتعاد املجتمع عن الغلو والتطرف ،وال يجعل للغالة سبي ًال إلى عقول الناس.
لقد أبتليت املجتمعات اإلسالمية ف��ي العصر احلاضر بالفكر املغالي املنغلق ،وال��ذي يرفض أي تعامل مع اآلخر، ويطالب باإلنكفاء على الذات ،واإلبتعاد عن الغير ،وهذا أدى إلى ظهور احلركات املتطرفة والتي ترى أن التعامل مع اآلخر ال يتم إال عبر القتل والتدمير.
األمم عندما تغرق في التفاصيل اجلزئية ،وتكثر من اجلدل فيها ،تغرق كذلك في التفرق واإلخ�ت�لاف ،وه��ذا ي��ؤدي إلى اإلنهيار وال يؤدي إلى النهضة والتفوق.
.1اإلع �ت��راف بحقوق األق�ل�ي��ات ال��دي�ن�ي��ة :إن اإلعتراف باآلخر من أهم املبادئ التيي تبناها اإلسالم في بداية العهد النبوي في املدينة املنوة عندما وضح النبي أسس العالقة مع األخر عبر وثيقة املدينة ،والتي تنص أن لليهود حقوق ًا وواجبات مثلما كان على املسلمني من حقوق وواجبات.
.2التجديد في اإلجتهاد والدعوة إلى فقه جديد :إن إحياء مبدأ اإلجتهاد قضية أساسية على الوسطي أن يحملها على ل��ذا إذا أردن��ا ال��دخ��ول إل��ى العالم ورؤي�ت��ه من جديد فإن عاتقه ،على أن يكون اإلجتهاد في غير القطعيات والثوابت، ورفض موقف الذين يغلقون باب اإلجتهاد ،ويوجبون التقليد ،العاملني في حقل الوسطية يجب أن يتبنوا مجموعة من وكذلك رفض الذين يفتحون أبواب اإلجتهاد على مصراعيه املفاهيم والقضايا يدافعون عنها لتكون لهم منهج ًا ال يتغير وال يتبدل ،وأن يعملوا على ترسيخها في داخل مجتمعاتهم بعيد ًا عن القطعيات وثوابت. .3التركيز على الكليات وعدم اإلغراق في اجلزئيات :ألن خاصة بني أبناءنا من األجيال اجلديدة:
لذا فإن من الواجب على العاملني في الدعوة إلى الوسطية أن يبتعدوا قدر املستطاع عن الدخول في اجلزئيات والتي هي لذا فإن اإلعتراف بحقوق األقليات الدينية ،ومعاملتهم في احلقيقة اخلالفيات ،وأن يجمعوا األم��ة على الكليات، ألن األم��ة رغ��م إختالفها في اجلزئيات إال أنها جتمع على مبا أوجبه اإلسالم من تركهم وما يدينون ،وعدم التدخل في 14
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
شؤونهم العقدية والتعبدية ،وإعتبارهم (مواطنون) ،هو منهج إسالمي طبقه رسول الله وصحابته من بعده. .2إحترام العقل والتفكير والقيم اإلنسانية :إحترام العقل والتفكير منهج أصيل في القرآن الكرمي ،الذي أرسى منهج ًا للمسلم يقوم على ع��دم قبول دع��وى ب�لا ب��ره��ان ،ومقاومة اجلمود والتقليد األعمى لألباء أو للسادة والكبراء.
ملسلم سقوط ف��ي هاويته ،مل��ا يترتب عليه م��ن احلكم على املسلم باإلعدام امل��ادي أو األدب��ي ،لذا وجب احلذر كل احلذر من الوقوع فيه ،إال ما ثبت بيقني ال شك فيه ،من تكذيب لقواطع القرآن ،أو إنكار ملعلوم من الدين بالضرورة ،أو سب صريح لله ورسوله.
أن حتسني الظن بكل من يشهد الشهادتني ،وصلى إلى فالتأكيد على أهمية العقل باعتباره أساس النقل وثبوت القبلة ،ولم يصدر منه ما يخالفها بيقني هو من أهم مبادئنا، الوحي ضروري جد ًا في املنهج الذي يتبناه الوسطي في نشره فاألصل حمل حال املسلم على الصالح ما أمكن ذلك ،وجتنب التفسيق والتكفير. وترسيخه لفكره.
فمفتاح الدخول في اإلس�لام هو شهادة إن ال اله إال الله وه��ذا يستلزم تبني املبادئ والقيم اإلنسانية ،التي فرط فيها كثير من املسلمني ،وتوهم بعضها أنها مبادئ وقيم غريبة ،محمد رسول الله ،فال يخرجه منه إال جمود ما أدخله فيه. وهي في احلقيقة من قيم اإلسالم األصيلة ،مثل العدل في .6العمل على جتميع كل قوى األمة :العمل على جتميع القضاء وفي السياسة واإلقتصاد ،ومثل الشورى في املجتمع القوى واجلماعات واحلركات العاملة لنصرة اإلس�لام وبعث وف��ي احل�ك��م ،واحل��ري��ة وال�ك��رام��ة ،وح�ق��وق اإلن �س��ان ،وتوفير أمته في صف واحد ،ووجهة واحدة من أهم املبادئ التي يجب احلرية املدنية والدينية والكرامة ،وإقامة العدل واملساواة بني أن نسعى إليها. أبنائه. وليس من ال �ض��روري ،وليس من املفيد أن يجتمعوا في ولعل إقامة اجلمعيات واألندية واملؤسسات املدنية اخليرية والتعليمية واإلجتماعية والثقافية واإلعالمية واإلقتصادية التي تهم بخدمة املجتمع والنهوض به ،من األمور املهمة التي يجب أن نعمل عليها فهي التي تربطنا باملجتمع فنحسن مشاكله ونكون من العاملني على حلها.
حركة واحدة ،أو جماعة واحدة ،إذ يكفي أن يكون بينهم قدر معقول من التفاهم والتنسيق ،وأن يقفوا صف ًا واح��د ًا في القضايا املصيرية ،وأن يكونوا في مواجهة األعداء كالبنيان املرصوص ،وال سيما في أوقات الشدائد واألزمات.
فاإلختالف والتعدد بني العاملني لإلسالم ال يضر إذا كان .3إنصاف امل��رأة وتكرميها :العناية بأمر امل��رأة وإنصافها ،اإلختالف إختالف تنوع ال إختالف تناقض ،وكان التعدد تعدد باعتبارها الدعامة األول��ى لقيام املجتمع الصالح أمر مهم تخصص ال تعدد صراع. ملن يعمل في هذا احلقل ،إذ أن نصف املجتمع من النساء ،لذا .7إح�ت��رام الدستور وال�ق��ان��ون :ففي ه��ذا رد على الذين ال بد من اإلعتناء بها وإنصافها وتبني قضاياها ،ففي هذا يدعون أن أصحاب الفكر اإلسالمي ال يحترمون الدستور وال توكيد ملا جاء به اإلسالم من إعطاء املرأة حقوقها ومكانتها القانون. وكرامتها إن�س��ان� ًا ،وأن �ث��ى ،وب�ن�ت� ًا ،وزوج ��ة ،وأم� � ًا ،وع �ض��و ًا في ل��ذا ف��إن من األهمية مبكان أن يكون منهجنا يقوم على املجتمع ،وحتريرها من رواسب عصور التخلف ،التي حرمتها من كثر من حقوقها .وحتريرها كذلك من براثن الغزو الغربي دستور الدولة وإحترام قانونه. املبحث الثالث الذي أخرج املرأة من فطرتها ،ولم يراع أنوثتها وكرامتها.
�آليات يجب �أن نعمل من خاللها لرت�سيخ الفكر املعتدل
ل��ذا فإننا نرفض فكر الغالة الذين ي��ري��دون أن يسجنوا امل ��رأة ف��ي البيت وي�ح��رم��وه��ا م��ن حقوقها ف��ي احل �ي��اة ،كما .1جت��دي��د اخل��ط��اب اإلس�ل�ام ��ي ع��ن ط��ري��ق مؤسسات نرفض الذين يريدون أن يذيبوا الفوارق بني الذكورة واألنوثة ،الدعوة. مناقضني فطرة املرأة. لقد أتهم اخلطاب اإلسالمي باتهامات عديدة أهمها أنه .4اإلميان بالتعددية والتنوع :مما يجب أن نتبناه :اإلميان ال يواكب العصر ،وأن القائمني ال يتمتعون بالكفاية والقدرة، بالتعددية الدينية ،والتعددية العرفية ،والتعددية اللغوية ،كما أنه أتهم في مضمونه. وال�ت�ع��ددي��ة احل �ض��اري��ة ،وال�ت�ع��ددي��ة احل �ض��اري��ة ،والتعددية ومن هنا نحتاج إلى ثقافة (التجديد) في الفكر اإلسالمي السياسية ،وض��رورة التعايش بني احل�ض��ارات ،والتالقح بني الثقافات ،وتفاعل بعضها مع بعض ،دون إنكماش ال إستعالء لنصحح النظرة ،ونستطيع أن التمييز بني الشريعة والفقه، بالقوة أو بالكثرة أو باملال ،وإشاعة روح التسامح الذي دعا إليه وبني إجتهادات العلماء ونصوص الشارع. إن عملية جتديد اخلطاب اإلسالمي تستلزم إعادة تأهيل باإلسالم ،ومتيز به من خالل تاريخه. .5جتنب التكفير والتفسيق :التكفير خطيئة ،وال يحل الداعية املسلم ليمارس دوره وواجبه امللقى على عاتقه في السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
15
الوعظ واإلرش��اد وفي التربية والتعليم ،وفي اإلعالم كذلك ،والشعور باملسؤولية ،والقدرة على الفعل احلضاري. فمن الضروري اإلستفادة من جميع وسائل اإلعالم احلديثة وملواجهة هذا التحدي عملي ًا البد من تخصيص مساحة لتيسير إي �ص��ال اخل �ط��اب اإلس�لام��ي إل��ى ال �ن��اس باختالف كبيرة في العملية التربوية لبناء منهج الوسطية. مستوياتهم ،بإسلوب يقوم على احلكمة واملوعظة احلسنة. إن هذا التحدي يتضمن التعامل مع بناء العقل املسلم، ومم��ا ال ش��ك فيه أن ه��ذا األس �ل��وب ال ميكن أن يتم إال وم��ن هنا فالبد من توجيه ال��دراس��ات واخلطط نحو إعادة عبر إعادة التأهيل لكل من يتصدى ألمر الدعوة ،واملقصود برمجة أو تشكيل التنمية الشاملة ،حيث إن التنمية الفكرية بالتأهيل عدة أمور: تعد أساس ًا لها. التجديد في أسلوب ال��دع��وة أو اخلطاب اإلس�لام��ي ،مبا و�إ�صالح العقل يتم: يجمع بني األصالة واملعاصرة. بإصالح اإلعتقاد :حيث إن كثير ًا من الناس قدد سيطرت اإلبتعاد عن مجاالت الفرقة واإلختالف في اخلطاب. عليهم عقيدة اجلبر ،وأن ما وقع ال مجال لدفعه ،فهو من تأهيل الدعاة واخلطباء باإلطالع على الطرق املعاصرة إرادة الله وقدره. في الوصول إلى قلوب الناس خاصة فما يتعلق بدراسة علم وفريق أخ��ر تسيطر عليه عقيدة اإلرج��اء حيث ي��رون أن النفس وعلم اإلجتماع ووسائل اإلتصال بالناس. اإلميان بالقلب ،ومهما قصر اإلنسان وعصى فلسوف يدخل
والصورة النمطية التي نراها من خطباء اجلمعة يجعلنا اجلنة. حتد كبير في ضرورة التغيير في طريقة اخلطاب وأسلوبه أمام ٍ إص�لاح التفكير :وذل��ك بإشاعة ثقافة اإلجتهاد ،وتعليم إذا اجلمعة فخطبة والثوابت، �ول � ص األ مع يتناقض مبا ال ملكة الفقه والفهم. إستطعنا إستغاللها ستكون خير وسييلة للتغيير في ياة إن عملية إصالح التكفير تؤدي إلى ولوج علم (املنهجية) املسلمني. ال��ذي يضع األط��ر وال�ض��واب��ط واألص ��ول التي متكن الفرد ول��ذا ف��إن من أه��م مؤسسات ال��دع��وة التي يجب أن تعود املسلم باإلسهام في املشروع احلضاري لألمة. إلى دورها املطلوب (املسجد) ،فدور املسجد أساسي في خدمة ثقافة التجديد :وقبل ذلك البد من مسح الغبار املتراكم املجتمع وذلك باحلفاظ على قيمة وأخالقه ،ونربط املجتمع بالعلوم التي ترمي إل��ى نهضته وتقدمه ،ودف��ع شبابه إلى عبر السنني على ه��ذا العقل ،وم��ن هنا نحتاج إل��ى ثقافة التجديد في الفكر اإلسالمي لنصحح النظرة ،ونستطيع السعي في العلم والعمل. التمييز بني الشريعة والفقه ،وبني اإلجتهاد والنص. وفي هذا يظهر أهمية خطيب املسجد في تثبيت أركان أمن إن العقل يتشكل في مؤسسات عدة ومن أهمها املؤسسة املجتمع ،وتوعية أبناء احلي فكري ًا وإقتصادي ًا وديني ًا. التربوية ،فالعقل إذن يصنع ويبرمج ف��ي ه��ذه املصانع أو .2املؤسسات التربوية ودورها في ترسيخ الفكر املعتدل. املؤسسات فالطفل حينما يأتي إلى املدرسة يأتي كمادة أولية ملا كانت الوسطية منهج ًا تسير عليه األم��ة في حياتها ،يتم تشكيلها وصناعتها بالشكل املطلوب ،فإذا كانت املخرجات وج��ب أن تتضمن املناهج التربوية والتعليمية في املدارس والنتائج غير سليمة وال تعكس اإلنتماء ،فالسبب يعود إلى واجل��ام �ع��ات وامل��ؤس �س��ات األخ� ��رى ،األس ��س ال�ت��ي تبني فكر إحدى هذه املؤسسات ومنها املؤسسة التربوية. الوسطية نظري ًا وعملي ًا في نفوس وعقول أبناء األمة ،ويتم امل�ؤ�س�سات الإعالمية ودورها ذلك في مرحلتني: إن الشخصية اإلسالمية امللتزمة بالفكر الوسطي املعتدل الأوىل: هدم الفكر املضاد للوسطية من التعصب والتقليد األعمى ال تعيش مبفردها ،وال تعيش مبعزل عن احلياة ومتطلباتها، واإلن�غ�لاق ،ليحل اإلجتهاد والتجديد واحل��وار ،ويشيع آدب فاملسلم ال �ي��وم يتأثر مب��ا يقلى إل�ي��ه م��ن وس��ائ��ل اإلتصال واإلعالم ،فالبرامج األدبية والفنية اإلسالمية ،أو التي متثل اإلختالف. الفكر اإلس�لام��ي بوسطيته ال ت��وازي املقابل لها م��ن الفن الثانية: واإلع�ل�ام امل��روج لها ،ال��ذي ال يعرف للضوابط ح ��دوداً ،وال ب �ن��اء الشخصية اإلس�لام �ي��ة امل �ت��وازن��ة امل�م�ث�ل��ة حلضارة للقيم واألخالق مكان ًا فيه. اإلسالم فكر ًا وسلوك ًا ،هذه الشخصية التي بناها الرسول وال شك أن أبناء األم��ة يتعرضون لسيل ج��ارف من املادة بناء متين ًا على العقيدة النقية الصافية ،واألخوة اإلميانية ،ال�ف�ن�ي��ة اجل��اذب��ة ال�ق��ات�ل��ة وامل ��دم ��رة ل�ع�ن��اص��ر ال��وس�ط�ي��ة في
16
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
وتيار الوسطية يجب أن يعمل ليتجاوز عدة حتديات تواجه
شخصيته ،فالعناية بالفن واإلع�ل�ام بشكل معاصر مقبول منضبط ،ضرورة من ضروريات وأولويات برامج تيار الوسطية ،األسرة املسلمة من أجل احملافظة عليها إلخراج جيل مسلم ومن الواجبات امللقاه على عاتق من يؤمن بأهمية هذا املنهج. متوازن مع عامله. لذا ال بد أن ينبري تيار الوسطية إلى إنشاء مؤسسات إعالمية التحدي األول :عقبات إنشاء األسرة في هذا العصر ،حيث كبيرة ورائدة تؤدي هذه املهمة بكل الوسائل املعاصرة عبر النت، واملسلسسالت ،واألفالم ،والبرامج الترفيهية ،وغير ذلك. يشكل تأخر سن الزواج أو العزوف عن الزواج مشكلة إجتماعية إن ظاهرة اإلنتقاد وأعمال الشجب والتنديد ألي عمل تلقي بظاللها على وجود األسرة. س��يء ال يعد ع�لاج� ًا كافي ًا ل��ه ،ب�لا الب��د م��ن إي�ج��اد البرامج التحدي الثاني :أمية األسرة املسلمة ،وأقصد بها اجلهل، واآلليات الفاعلة للقضاء على ذلك العمل السيء وإبداله بالعمل اإليجابي احلسن ،إذ البد من إنشاء قنوات فضائية ببعض املفاهيم املتعلقة بـ (األسرة) و(السكان) و(اإلجناب)، تؤصل املنهج اإلسالمي املعتدل املتسامح عبر برامج فاعلة ون��دوات حوارية يتبناها علماء معروفون بالعقل واحلكمة و(ال�ص�ح��ة اإلجن��اب�ي��ة)( ،وح �ق��وق امل ��رأة) و(ح �ق��وق الطفل)، والفهم واملعرفة ،ويرافق هذا العمل تأسيس منابر صحفية وال �ت �ش��ري �ع��ات ال��دول �ي��ة ال �ت��ي ت��ؤث��ر ع �ل��ى ق��وان�ي�ن األح� ��وال ملجالت وصحف ج��دي��دة ذات منهج ومضمون وه��دف .كما الشخصية. يتم التداخل في الوسائل اإلعالمية املوجودة حالي ًا بهدف اإلق�ت�ص��اد ودوره :الب��د م��ن العمل قبل ال�ت�ي��ار الوسطي التخاطب مع العالم.
األس��رة ودوره��ا :ال ج��دال بأن األس��رة هي احملطة األولى للقضاء على ظ��اه��رة الفقر وال�ب�ط��ال��ة وحتجيمها ،وذلك ال �ت��ي ي �ت��زود منها ع�ق��ل ال �ن��اش��ئ ال�ق�ي��م وال �ث �ق��اف��ة والفكر بإيجاد مؤسسات تسهم في التنمية وتظهر للفرد واملجتمع والسلوك ،ومن خالل األسرة ينمو في نفسه اإلبداع واحلرية وتبدأ شخصيته بالتكون والتشكل ،ويلعب األبوان دور ًا مهم ًا وسائل مهمة يقوم بها هذا التيار من أجل معاجلة املشاكل في بنيان هذا الناشئ. اإلقتصادية اخلطيرة التي تهدد املجتمع.
املراجع وامل�صادر الدور العملي لتيار الوسطية في اإلصالح ونهضة األمة /أوراق عمل. وسطية اإلسالم بني الفكر واملمارسة /أوراق عمل. كلمات في الوسطية اإلسالمية /الدكتور يوسف القرضاوي. دور املراكز الفكرية والثقافية في تعزيز قيم احلوار /املهندس مروان الفاعوري. من مالمح الوسطية في الفكر اإلسالمي /الدكتور عصام البشير. الوسطية اإلسالمية مدخل إلى احلوار احلضاري /الدكتور عدنان زرزور.
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
17
دراسات إسالمية
من عوامل املعصية ..اجلهل واالنحراف
خالد ال�صاحب -اليمن
ان ارتكاب بع�ض احلماقات كقتل النف�س املحرمة �أو تفجري املن�شئات كاحلادث الإج��رام��ي الأليم ال��ذي حدث يوم الثالثاء الأ�سبوع املا�ضي والذي ا�ستهدف مدر�سة �سبعة يوليو يف مديرية �شعوب ونتج عنه وفاة فتاة و�إ�صابة عدد من الطالبات الربيئات الآمنات ،ان مرتكبي هذه اجلرمية قد ت�أثروا بالأفكار املنحرفة وا�سودت قلوبهم وطبع عليها حيث مل يقوموا مبا فعلوا دون ما رحمة وال �شفقة �إال وه��م مت�أثرون ببع�ض املفاهيم املنحرفة �أو ال�شخ�صيات املري�ضة التي تعد اجلرمية ف�ضيلة والتي توهم الأيادي الآثمة منفذي هذه اجلرائم ان ما يفعلونه كان �ضروريا ومقبوال �أو �صحيحا وغري مناف ،يف حماولة تربيرية ي�سوقها املنطق املنحرف �إىل يحاول ان يتطابق مع مبادئ اخلري وقيم احلق والعدل حتى يف حالة خروجه عليها ولو ب�صورة ملتوية منحرفة ليخرج �صورة فعله ب�صيغة مقبولة تتطابق مع قوانني الوجود الإن�ساين اخلريية ،وك�أنه يريد ان يقنع الآخرين ان ما يقوم به من �إعمال انحرافية وجرائم واعتداء لي�س من �شانها الإف�ساد بل الإ�صالح والتطابق مع قانون الوجود قال تعاىل « و�إذا قيل لهم ال تف�سدوا يف الأر�ض قالوا �إمنا نحن م�صلحون �أال �إنهم هم املف�سدون ولكن ال يعلمون « ( البقرة ) 12-11وقال تعاىل« قل هل ننبئكم باالخ�سرين �إعماال الذين �ضل �سعيهم يف احلياة الدنيا ويح�سبون �أنهم يح�سنون �صنعا « ( الكهف . ) 103
فهم يبحثون عن امل�ب��ررات املعقولة لديهم فيقنعون أنفسهم بصحة أفعالهم الشريرة ،الن اإلنسان بطبيعته الفطرية وتكوينه األصيل يكره النقص والشر ،إال إذا استيقظ ضميره ووع��ي س��وء عمله ،الن ال�ش��ر ينافي
18
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
منطق الفطرة ويعاكس اجتاهها الذي ما زال يعمل في نفسه رغ��م كثافة االن �ح��راف وض�ب��اب اجل��رمي��ة ،لذلك وض��ع اإلس�ل�ام منهجا شامال متكامل اخل�ط��وات يعمل على أساس الوقاية والعالج الستئصال املعصية واجلرمية وإن �ق��اذ اإلن �س��ان وان�ت�ش��ال��ه م��ن ه��اوي��ة ال�س�ق��وط بتتبع مناشىء اجلرمية وأسباب املعصية وقلع جذورها وحماية الفرد واملجتمع من تأثيرها ،أما هذه األسباب فاهمها : -1اجلهل وعدم الوضوح -2االنحراف النفسي -3احلاجة -4غ �ي��اب ال� � ��وازع ال ��ذات ��ي وع� ��دم اإلمي � ��ان باجلزاء األخروي. وتوضيحا لهذه احملاور األربعة والتي هي أهم األسباب للمعصية إليكم اآلتي : �أوال :اجلهل وعدم الوضوح ،يلعب اجلهل دورا خطيرا في حياة اإلنسان فهو سبب رئيسي من أسباب الضالل والضياع وهو عامل من عوامل الفساد واالنحراف وهو سبب فعال في صنع اجلرمية واملعصية ،وذلك الن اجلاهل ال يدرك خطورة فعله وال يعرف نتائج سلوكه املشني وال مييز الطريق املوصل إلى اخلير فهو في ع��داد األموات وهو كاألعمى الذي ال مييز بني األلوان ،أو كاألصم الذي ال يفرق بني األص��وات ،قال الله تعالى « أم اتخذوا من
دونه إلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي « قل إمنا العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم بل أكثرهم ال يعلمون احل��ق وه��م معرضون « ( األنبياء 24قوما جتهلون « ( االحقاف ،) 23وقال سبحانه وتعالى « انك ) ،لذا فان اجلرمية واملخالفة تقل بني العلماء والفالسفة واملفكرين واملثقفني ،إذا ما قيسوا باملجتمع ال��ذي ينتمون ال تسمع املوتى وال تسمع الصم الدعاء اذا ول��وا مدبرين ، إليه ،ويجب ان ال يغيب عن أذهاننا ان العلم احلقيقي الذي وما أنت بهادي ألعمي عن ضاللتهم ان تسمع إال من يؤمن يصون اإلنسان عن اجلرمية واملعصية بالدرجة األول��ى هو بآيتنا فهم مسلمون « ( 81-80الروم ) وقال تعالى « بل اتبع العلم بالله ومعرفة عالقة الوجود به ،وموقع اإلنسان من هذا الوجود ومن تلك العالقة بالله ،وبدون هذا التشخيص ال الذين ظلموا أهوائهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله يستطيع ان يقوم حقيقة سلوكه ونتيجة فعله ،لذا نرى بعض وم��ا لهم م��ن ناصرين «( ال��روم ، ) 29وق��ال تعالى « ان شر العلماء واملفكرين واملثقفني من الذين ال يؤمنون بالله تعالى ال��دواب عند الله الصم البكم الذين ال يعقلون « ( األنفال يقدمون على أبشع اجلرائم في التخطيط للحروب واإلبادة البشرية ،أو صنع وسائل ال��دم��ار واخل��راب أو وض��ع خطط ، ) 22وق��ال تعالى « قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر اإلج��رام والعدوان لسفك الدماء ونهب األم��وال واخليرات ،فلنفسه ومن عمي فعليها وما انا عليكم بحفيظ « ( اإلنعام ذل��ك الن معرفتهم باألشياء واملواضيع وقيم اخلير والشر ،) 104فالقران الكرمي هنا يستعرض أسباب الكفر والضالل تتوقف عند هذا احلد بداية ملرحلة جهل مظلمة تسوقهم لفعل املعصية واجلرمية متاما كما يساق اجلاهل املتوحش واملعصية فيردها إلى اجلهل الذي عبر عنه بالعمى والصم ، ،وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوابه حينما ألنه يحول بني صاحبه وبني رؤية احلق وسماع صوت الهدى سئل « أي الناس شر ،قال العلماء إذا فسدوا « ،وإذا تخطينا وال��رش��اد ،ووصفه باملوت الن اجلاهل لم ي��درك مع اجلهل ه��ذه الطبقة من حملة العلم والثقافة امل��ادي��ة التي جتهل عالقتها بخالق ال��وج��ود لتدخل في نهاية املطاف طوابير حقيقة الوجود وطبيعة احلياة كما هي في حقيقتها وبذلك أصبح كامليت املعزول عنها ،واجلاهل ال يعذر في اإلسالم على اجلهال وتتساوى معهم في فعل املعصية واجلرمية. إذا جتاوزنا هؤالء املتعلمني إلى اجلهال الذين لم يستنيروا جهله فيتخذ مبررا له بل يجب عليه ان يتعلم ليكتشف كل ما بنور العلم ولم يستضيئوا بهدى املعرفة جند أنهم الفئات تتوقف عليه جناته وصالحه في الدنيا واآلخرة . املوبوءة التي تعشعش في أوساطها املعصية واجلرمية بسبب لذلك أرسل ألله سبحانه وتعالى األنبياء والرسل واوجب اجلهل وقلة املعرفة لذا حارب اإلسالم اجلهل وربط بينه وبني الكفر واملعصية واجلرمية ذلك الن العارف الذي تتضح له األم��ر ب��امل�ع��روف والنهي ع��ن املنكر وح��ث علة طلب العلم األف�ع��ال وامل�م��ارس��ات على حقيقتها وتتشخص له نتائجها واث��اره��ا وانعكاساتها على نفسه ووج��وده ومصيره ال يقدم وامل�ع��رف��ة ك��ل ذل��ك م��ن اج��ل ان تتوفر املعرفة ل��دى اإلنسان على املعصية وال يختار ايقاعها في عالم الوجود بل يسعى ليتمكن من حتصيل خيره وسعادته فيصغي إلى صوت احلق إلعدامها وحو وجودها الن شر مهلك وعمل شاذ يحول بينه ويستجيب لدعوة اخلير ق��ال تعالى « وإذا سمعوا ما انزل وبني خيره وسعادته . الله إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا ف ��إذا حصلت ل��ه ه��ذه ال��درج��ة م��ن ال��وض��وح ال ميكن ان يختار الشر والشقاء على اخلير والسعادة واإلسالم يريد ان من احلق يقولون ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين «( املائدة يكون لإلنسان هذه الدرجة من الوضوح ليستطيع ان مييز ) 83هذه أهم األسباب املؤدية إلى املعصية واجلهل ولنا في ويقيم األش�ي��اء بواسطتها فيختار السلوك احملقق خليره احلديث بقية عن األسباب الثالثة املتبقية للمعصية والني وسعادته ويرفض االنحراف والشذوذ والفساد ،أما اجلاهل فهو املعرض دائما عن رسالة احلق املتنكر لدعوة اخلير لذا هي االنحراف النفسي – احلاجة – غياب الوازع الذاتي في وصف الله تعالى هذه الفئة من الناس في كتابه الكرمي فقال العدد القادم ان شاء الله تعالى .
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
19
دراسات إسالمية ‘’نسخ ولصق’’ للثورة اجلنسية في الغرب في العالم اإلسالمي
«آليات نشر الفكر الوسطي في املجتمعات االسالمية» د .حممد طالبي /باحث ومدير جملة الفرقان
وجهت تواجه املغرب يف العقدين املقبلني ظاهرتني خطريتني ،ن ّبهت �إليهما الر�سالة امللكية التي ّ �إىل امل�ؤمتر الدويل لل�سكان مبراك�ش ،هما تناق�ص اخل�صوبة وتزايد ال�شيخوخة ،مبا يف�ضيان �إليه من خماطر �أمنية و�سيا�سية و�إ�سرتاتيجية ،وتعترب الر�سالة مبثابة دقّ لناقو�س اخلطر يف هذا االجتاه ،وبداية للقطع مع فل�سفة مادية كامنة يف ال�سيا�سة ال�سكانية التي انتهجها املغرب و�أدت �إىل النتيجة املذكورة ،يف هذا احلوار مع الأ�ستاذ حممد طالبي ،وهو باحث ومدير جملة الفرقان ،نحاول �أن نقف عند الأبعاد اخلطرية ال�سيا�سية والإ�سرتاتيجية للتناق�ص الدميوغرايف توجه خيارات النخبة املثقفة واحلاكمة يف التعامل مع امل�س�ألة باملغرب ،واخللفيات الفل�سفية التي ّ ال�سكانية ،و�إليكم ن�ص احلوار:
انتقد امللك محمد السادس بقوة نتائج السياسة السكانية التي نهجها املغرب منذ الستينات إلى اليوم ،وقال إنها أدت إلى نتائج عكسية حصرها ف��ي «ان �خ �ف��اض م �ع��دل اخل�ص��وب��ة واإلجن � ��اب ،ال ��ذي يفضي ال��ى تزايد شيخوخة الساكنة ،ب��آث��اره السلبية االقتصادية واالجتماعية ،مبا فيها ظهور فئة من املسنني املهمشني» ،ما تعليقكم على هذه اخلالصة؟ إن القارئ املدرك ملضمون الرسالة امللكية املوجهة للمؤمتر العاملي السادس و العشرين للسكان املنعقد مبراكش ،سيالحظ أن القضية احمل��وري��ة ف��ي اخل�ط��اب ه��ي :م��ا العمل لتحقيق التنمية املستدامة للشعوب عامة و الشعب املغربي خاصة؟و هل املدخل عنده للعالج دميوغرفي؟؟ فالرسالة امللكية نبهت أن أول العمل رصد اإلخالل الكبرى للسياسة السكانية باملغرب منذ االستقالل إلى اآلن .فأشار بوضوح إل��ى اخللل اخلطير في سياسة املغرب منذ عقود، 20
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أال و هي بداية التناقص الدميوغرافي للسكان املغاربة وش شيخوختهم.و ه��و ف��ي تقديري خلل ج�ل��ل.و امل�ل��ك محمد السادس بذلك عبر عن وعي سياسي استراتيجي في قضية ال��دمي��وغ��راف�ي��ا .إن��ه وع��ي ت��اري�خ��ي ح��اد باملشكلة السكانية باملغرب.أمتنى من الصفوة املثقفة و النخبة احلاكمة ببالدنا أن متتلك ه��ذا الوعي السياسي التاريخي ،إن أرادت تنمية سليمة معافاة من األم��راض القاتلة خ�لال القرن اجلاري، و أرادت بالفعل أن جتنب املغرب أخطار و وي�لات التناقص الدميوغرافي النص الثاني من القرن الواحد و العشرين كما سنرى.و الوعي السياسي احل��اد للمك بالسياسة التنموية الصحيحة تأكد من خالل رص��ده املداخل الكبرى لتحقيق التنمية املستدامة .تنمية يحل فيها العيش الكرمي للمواطن محل الفقر ،والعلم و املعرفة محل اجلهل والصحة العافية محل امل��رض.و احلرية ب��دل القهر السياسي و االجتماعي
و االقتصادي.فدعا إل��ى توسيع املشاركة الدميقراطية ،و كبيرتني سلبيتني حدثتا ف��ي ب�لاد ال�غ��رب.أص��ل األول��ى في التقليل من الفوارق االجتماعية داخل الوطن الواحد وبني نظرية مالثوس ،و أصل الثانية في ثورة اجلنس النسوانية في دول اجل�ن��وب و ال�ش�م��ال ،و دق ن��اق��وس اخل�ط��ر ال��ذي يهدد منتصف القرن 20بالغرب. النظام اإليكولوجي العاملي و احمللي ،و الذي قد يتسبب في خالصة نظرية مالتوس هي أن تكاثر الناس أسرع مرات عدة تصحر مهول و تراجع كبير في مساحة األرض الصاحلة من تكاثر الغذاء .و هذا في زعمه سيسبب ال محالة نقص ًا في للفالحة ،و خطر ذل��ك على األم��ن الغذائي للمجتمعات األقوات لسكان األرض يترتب عنه مجاعات وأمراض و موت. البشرية و طبعا منها املغرب و عاملنا العربي و اإلسالمي.و نبه لذلك يدعو إل��ى ض��رورة حتديد النسل في العالم .فموارد إلى خطورة العوملة الكاسحة على تراجع التنمية ببلداننا ،و الطبيعة حسب الفكر املالثوسي ال تتحمل أكثر من 10إلى كذا األزمة االقتصادية العاملية اجلارية.باختصار رسالة امللك 20مليار من سكان األرض .وقد جنحت فرضية مالتوس في لم تعتبر العالج هو تقليص النمو الدميوغرافي ،و لم تسقط أن تتحول إلى يقني في أده��ان الناس اخلاصة قبل العامة. في النظرة املالتوسية املشئومة و الوهمية في تفسير ظاهرة فتحت اقتناع واه��م ب��أن قليال من ال��ذري��ة يعني م��زي��د ًا من الفقر و اجلهل و املرض عند الشعوب الفقيرة ومنهم شعبنا .الرخاء األسري بدأ التعقيم الذاتي في األسر الغربية و في و هذا في تقديري وعي يتعارض مع الوعي السياسي السكاني العالم .إضافة إلى اعتبار األسرة النووية املتكونة من زوجني و العامي السائد عند الصفوة احلاكمة و املثقفة العلمانية طفل أو طفلني هو عنوان احلداثة ،و األسرة املمتدة أو الكثيرة ببالدنا على األقل. األطفال هي عنوان البداوة و التخلف و األمية. طاملا ركّ ز اخلطاب الغربي السياسي منه واألكادميي على أم��ا خ�لاص��ة ث��ورة اجل�ن��س النسائية أن امل ��رأة شخصية أن حتقيق التنمية مي ّر عبر التحكم في الدميغرافيا ،وهي مستقلة متام االستقالل عن الرجل ،وأنها حرة في التصرف املقاربة التي انتشرت وكانت محور املؤمتر العاملي للسكان بجسدها و نفسها و عقلها.فهي ليست وعاء للرجل و ال معم ًال والتنمية في القاهرة سنة ،1994لكن في الوقت نفسه ،فإن لصناعة األطفال .وأنها غير مستعدة لتأدية الكلفة النفسية الغرب ،خاصة الشق األورب��ي منه ،طاملا ن��ادى به خبراءه أن و البدنية و املالية في تربية و رعاية األطفال.فشعار املوجة املسألة السكانية هي قضية أمن وجيوبوليتيك أوال ،قبل أن (أنا سعيدة بال أطفال)(،ال تلدن أطفا ًال) (،الزواج باملعايشة و أن تكون قضية تنمية وأرق��ام ،برأيكم ما ال��ذي متثله قضية الزواج املثلي بني الرجل و الرجل أو املرأة و املرأة.و غيرها بذل الدميغرافيا في السياسة؟ الزواج التقليدي) .كانت حصيلتها تفكيك األسرة الطبيعية التحكم في الدميوغرافية اليوم مناف للتنمية.و حجتنا في الغرب و استبدالها بأنواع من األسر االصطناعية و العقم في ذلك الغرب نفسه .إن قضية الدميوغرافيا عند الغربيني و توقف تدفق النسل في الغرب باستثناء أمريكا. قضية أمن حضاري لهم ،و قضية حياة أو موت لهم في العالقات فالدميوغرافيا بالنسبة للغرب متثل مجا ًال استراتيجي ًا الدولية املقبلة .من يتابع أحوال العالم الغربي الدميوغرافية حيوي ًا للتدافع ال��دول��ي خ�لال ال�ق��رن ال��واح��د و العشرين. اليوم يتأكد له بال شك أن جل أقاليمه باستثناء الواليات فقد ي�ك��ون ع��ام� ً لا حاسم ًا حل �ض��ارات س��ادت قبل ق��رن�ين ثم املتحدة األمريكية بدأت تشتعل شيب ًا. بالشيخوخة السكانية بادت بعد هذا القرن اجلاري. ف��ال�ك�ن��ائ��س ف��ي أوروب � ��ا ت�غ�ل��ق أو ت �ب��اع ب�س�ب��ب التناقص الدميوغرافي.لقد أصدرت املفوضية األوروبية تقرير ًا لسنة 2006أك��دت فيه أن السكان النشيطني في االحت��اد األوروبي سينقصون بــ 48مليون نسمة ما بني 2010و .2050و قد تتراجع التنمية بنسبة %50سنة .2040فسكان أملانيا اليوم 80مليون نسمة ،و سنة 2100سينحدرون إلى حوالي 32مليون.و سكان إيطاليا اليوم 56مليون نسمة ،فسينحدرون إلى 15مليون. أما الروس فعددهم سنة 1999هو 149مليون وعددهم سنة 2050سينحدر إلى 111مليون .فسبب هذا العقم السكاني الرهيب في الغرب فشلهم في احلفاظ على معدل اخلصوبة الضروري لتجديد األجيال و هو طفالن ( )2لكل امرأة على األق��ل .فمعدل اخلصومة عند امل��رأة في االحت��اد األوروب��ي ال يزيد عن 1.5طفل لكل ام��رأة .فما السر في ه��ذا اخلراب الدميوغرافي الذي قد ينتهي بخراب العمران في الغرب؟
ي��ذه��ب ك�ث�ي��رون إل��ى أن��ه ال ميكن الفصل ب�ين السياسة السكانية ونتائجها وتلك املوجهة إلى األسرة واملرأة والطفل، ويقولون بأن الفكر الغربي يعجز عن نزع الطابع االستراتيجي الدميوغرافي عن قضايا اجتماعية عادية ،مثل مسألة تعدد الزوجات ،بحيث ال يراها من زاوية فلسفة حت ّرر املرأة فقط، بل من ناحية قدرة هذه املؤسسة على إكثار النسل أيضا ،بناء على ذلك ،فهل اإلقرار بالنتائج العكسية للسياسة السكانية في املغرب تستدعي إعادة النظر في السياسة املوجهة لألسرة والطفل أيضا؟ وفي أي اجتاه؟
ق��ال ال�س�ي��د ف��ران��ك توتشستيفن م��دي��ر م��رك��ز البحوث السكانية في جامعة بريستون ثم رئيس جلنة اإلسكان في األمم املتحدة ،قال نيابة عن الغرب ما يجب فعله ( :إعداد برامج للحد من النمو السكاني في نصف الكرة اجلنوبي. و إال فإن التقدم االقتصادي في تلك األصقاع سيؤدي إلى إن عقم ال �غ��رب ال �ي��وم ه��و ث�م��رة م��رة ل�ث��ورت�ين ثقافيتني قيام عالم في املستقبل تتحول فيه ال��دول املسيطرة حالي ًا السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
21
إلى أقلية ،يتضاءل وزنها باضطراد ،و يقل بالتالي باضطراد نصيبها من ثروة العالم .و تقل قدرتها على التحكم فيه).
قضايا الساعة) ملؤلفيه :روبرت الفون ـ غرامون الذي يجزم أن األرض مبساحة 130كلم 2قادرة على تغذية 260مليار نسمة و يجزم الكتاب ،وهو دراسة علمية ،أن البشرية لن تصل إلى هذا احلجم السكاني .و الدراسات األكثر اعتدا ًال تتحدث عن طاقة استيعابية لألرض تقدر بـ 120مليار نسمة.أما كتاب ( املائة سنة القادمة) و هو حصيلة عمل علمي مع ثالثني مؤسسة صناعية أمريكية سنة .1956خالصته أن ال�ع��ال��م بثورته العلمية قادر على إنتاج 150طن من الغذاء لكل فرد .و الفرد ال يحتاج حسب الدراسة إال إلى 0.3من الطن .إن التعقيم السكاني اجل��اري وسطنا مخطط لإلجهاض احل�ض��اري ال غير ,و إال ملاذا يتم تشجيع التناسل و التكاثر السكاني بكل الوسائل في الغرب اليوم؟؟؟
والغرب الغازي باألمس و اليوم يعمل جاد ًا في تعقيمنا بتوطني الثورتني السلبيتني السابقتني في ب�لاد املسلمني لدوافع إستراتيجية و سياسية و عداء تاريخي .و نقر مبرارة أنه جنح في بناء مستوطنات للثورتني السلبيتني في بالدنا، ومنها تونس و املغرب مع األسف الشديد .فالنمو الدميوغرافي باملغرب ينذر بدخولنا عصر الشيخوخة السكانية في منتصف هذا القرن .ففي املؤمتر السكاني العاملي السادس و العشرون املنعقد مب��راك��ش ه��ذه األي ��ام أك��د ان امل�غ��رب سيدخل عصر الشيخوخة السكانية عام . 2030بحيث يتضاعف عدد الشيخ من %8اليوم إلى .%16و هو األمر الذي أكدت عليه الرسالة القنبلة الدميوغرافية أسطورة من أساطير الفكر احلديث امللكية للمؤمتر .كما تناقص عدد األطفال املتمدرسني هذه السنة بتونس مبقدار 44ألف،بسبب التناقص الدميوغرافي و احلاثيني( العصريني) ذوي الوعي املغيب .و إال ملاذا ستصبح الصني القوة االقتصادية األولى عام 2030كما يقدر اخلبراء؟ في تونس .تونس احلداثة و العلمانية؟؟؟ و الهند القوة االقتصادية رقم ثالثة؟ اجلواب واضح أن الكتلة لقد بدأ معدل اخلصوبة بالتراجع في دول املغرب الكبير السكانية العمالقة في الصني و الهند ستكون عامل تنمية تسارعا في التسعينيات ،إذ كان في مطلع السبعينيات وشهد ً للثروة و ليس عامل نقصان لها.فالفرد ال يأكل الطعام إال م�ع��دل اخلصوبة ف��ي اجل��زائ��ر ف��ي مطلع السبعينيات 8.1 بفم واح��د ،و لكن ينتج الطعام بثالث :دم��اغ مبتكر و يدان أطفال وفي املغرب 7أطفال لكل امرأة في .1972 منتجتان ،فيطعم على أق��ل تقدير ث�ل�اث .ه��ذا ه��و الوعي وع�ل��ى سبيل امل �ق��ارن��ة اح�ت��اج��ت ف��رن�س��ا ق��راب��ة 200سنة السكاني السليم في مقابل ويالت الوعي الشقي السقيم ،و لينخفض معدل اخلصوبة فيها م��ن 6أط�ف��ال للمرأة في عي التعقيم. منتصف القرن 18إلى حوالي 2لكل ام��رأة في الثالثينيات يرى خبراء أن املسألة السكانية تعتبر عامل جوهري في القرن العشرين ،أما ال��دول املشمولة بالدراسة ،دول املغرب التدافع احلضاري ،غير أن التقارير التي قدمت باملؤمتر العاملي ال�ك�ب�ي��ر ،ف�ل��م حت �ت��اج س��وى ل� �ـ 25س�ن��ة إلجن ��از ه��ذه املصيبة للسكان مبراكش تفيد أن عددا من الدول العربية تراجع بها املرعبة. النمو الدميغرافي بشكل مهول ،وحققت ما يسمى بـ»الهدية إن إع��ادة النظر ف��ي السياسة امل��ؤط��رة للطفل و امل��رأة و الدميغرافية» ،هل توافق على القول بأن األمة العربية هزمت األسرة باملغرب مدخلها جتاوز الوعي الشقي للنخبة احلاكمة في ميدان الدميغرافيا؟ و املثقفة املتأثرة جد ًا بفلسفة املدرسة املالتوسية و بفلسفة نعم املسالة السكانية عامل جوهري في التدافع احلضاري الثورة اجلنسية أو فلسفة النوع في موضوع التكاثر و احلريات خالل هذا القرن اجلاري.و بصراحة أقولها إن النخبة احلاكمة الفردية غير املنضبطة :كثورتني ثقافيتني سلبيتني جتريان و املثقفة في بعض دولنا و منها تونس و املغرب هزمت أمام في بعض بالد املسلمني و منها املغرب و تونس .و إال فسيشتعل ال �غ��رب ال �غ��ازي ف��ي م�ع��رك��ة ال��دمي��وغ��راف�ي��ة.ف�ث��ورة التعقيم املغرب شيب ًا ،ال قدر الله ،في منتصف هذا القرن. الدميغرافي جارية بقوة في هذين البلدين على األقل. فهل ف�ع� ً لا النمو ال��دمي��وغ��راف��ي قنبلة كالقنبلة الذرية لكن بشكل ع��ام م��ا زال العالم العربي و اإلس�لام��ي في في وج��ه العيش الكرمي للمجتمعات اإلسالمية و املجتمع مقدمة التكاثر السكاني العاملي.تؤكد الدراسات الدميغرافية الدولي؟ أن عدد املسلمني في الغرب عموما وفي أوروبا على اخلصوص إن فلسفة الندرة ليست حقيقة علمية ،واجلواب قطع ًا ليس يتصاعد ي��وم��ا بعد ي��وم ،فحسب التقرير األم��ري�ك��ي حول النمو الدميوغرافي قنبلة ،فالقول بالقنبلة الدميوغرافية احل��ري��ات الدينية لسنة 2003أن ع��دد املسلمني جت��اوز 23 أس�ط��ورة من أساطير احملدثني احلداثيني( العصريني) .و مليون مسلم ،ودراسات أخرى تتكلم عن 30مليون مسلم في أول حججي مضمون النص السابق ال��ذي يؤكد أن النمو اإلحتاد األوروب��ي ،أما عددهم في سنة 2015فيقدر بـ 50إلى الدميوغرافي في عالم اجلنوب خير وبركة على سكانه و خطر 60مليون مسلم بسبب التوالد والهجرة ،وهم ميثلون اليوم على زعامة الشمال للعالم .ل��دى دع��ا صاحبه إل��ى ضرورة % 5من السكان ،وإذا انضم التسعون مليون تركي لإلحتاد وقفه لضمان حتكم الشمال في الثروة و السلطة الدوليتني .فستصبح نسبة املسلمني ملجموع السكان 15باملائة ،وتقدر حجتي الثانية ما ج��اء في كتاب( االنفجار الدميوغرافي ـ دراسة املجلس األوروب��ي أن عدد املسلمني سنة 2050سيمثل 22
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
% 50من سكان أوروبا. و ما دامت أوروبا الشرقية غير قادرة على تعويض اخلصاص الدميغرافي في االحتاد لعقمها وحلاجتهما لقوة عملها بسبب انتعاش اقتصادياتها بعد سقوط األنظمة الشيوعية فيها، فهل احلل هو القبول بهجرة املسلمني من الضفة اجلنوبية للمتوسط؟ هذا عن حرب الدميغرافيا في بالد الغرب ،وماذا عن هذه احلرب في دار اإلسالم القدمية؟ وما نصيب الشباب منها؟ وما عالقة كل ذلك بالعقم الدميغرافي في الغرب.
بال أطفال)( ،ال تلدن أطفاال) ( ،نعم لألسرة املثلية) ( ،نعم لألسرة اجلنسية عند الشباب) ( ،نعم للمساواة الندية بني الرجل وامل��رأة) إلى آخر الشعارات .مع دعم آالف املنظمات النسائية واحل�ق��وق�ي��ة ف��ي ب�لاد املسلمني امللتزمة مببادئ وأهداف الثورة النسائية واحلقوقية في بالد املسلمني امللتزمة مببادئ وأهداف الثورة النسائية الثانية ،املنجزة في الغرب، دعم كامل ،سياسي وقانوني ومالي وإعالمي. الهدف طبعا واضح وهو تعقيم أمة العروبة واإلسالم كما عقمت الثورة أمم الغرب ،والتعقيم في ديارنا يتم حتث شعار حتديد أو تنظيم النسل لضمان العيش الكرمي لشعوب العالم الثالث ومنهم شعوب العالم اإلس�لام��ي ،معتمدين فلسفة مالتوس التي تزعم أن من��و ال �غ��ذاء مبتوالية ع��ددي��ة ومنو السكان مبتوالية هندسية ،وبالتالي البد من حتديد النسل لضمان لقمة العيش لكل البشرية ولكل األجيال.و هذا الكالم كنظرية داروين أساطير ال عالقة لها بالبحث العلمي احلق.
و حسب دراسة ملنظمة املؤمتر اإلسالمي أن سنة 2025هي سنة تفوق املسلمني عدديا على كل أتباع الديانات األخرى، وفي مقدمها الديانة املسيحية ،فمعدل اخلصوبة عند املرأة في العالم اإلسالمي هي األعلى عاملي ًا ،تليها الدول النامية غير اإلسالمية بخصوبة 4.5طفل لكل امرأة ،و 1.7طفل لكل امرأة في العالم الغربي املتقدم ،بالنسبة للقادة الغربيني هذا هو الفزع األكبر .وعمر الفزع هذا يعود إلى سنة 1954حينما وزع هيوم إمور نشرة صغيرة حتت عنوان (القنبلة البشرية) ، ما هي خطورة ظاهرتي انخفاض اخلصوبة وشيخوخة لكنها اليوم وبعد نصف قرن على ظهور هذه النشرة ،تصبح املجتمع على مستقبل املغرب؟ القنبلة الدميغرافية كما يزعمون كابوسا يقض مضجع قادة أوك��د من جديد أن أعلى معدل اخلصوبة العاملية يبقى الغرب ،وباخلصوص أنها قنبلة دميغرافية كما يزعمون من من نصيب األس��رة املسلمة ،لكن مع ذلك أكرر من جديد أن صنع املسلمني. بعض الدول اإلسالمية دخلت مرحلة العد العكسي في منوها وق��ال ج��ان كلود شسنيه مدير املعهد الوطني للدراسات السكاني ،ومنها املغرب. السكانية بباريس (إن أوروبا تواجه غلبة املسلمني واألفارقة إن كابوس الغرب وفزعه من عقمه سيصبح كابوس و فزع عليها مع اتساع الفجوة السكانية واالقتصادية بني شمال أبناء هذا الشعب املغربي العظيم في تاريخه في أفق ليس املتوسط وجنوبه ،فمع تكاثر الثراء في األوروب��ي سيتحرك ببعيد .لقد ع��دت إل��ى إحصاء 2002باملغرب وم��ا قبله وأنا الناس من اجلنوب إل��ى الشمال...وفي اجلنوب ستبزغ قوة أقبض على قلبي من الفزع. فتية بفضل الزيادة في حجم سكانه التي تبعث احليوية ،في كانت معدل اخلصوبة عند املرأة املغربية سنة 1972هو 7 املقابل فإن قوى الشمال الهرمة ستدوي مع النقص في عدد أطفال لكل أمراة .وفي سنة 1994أصبح املعدل 3.3طفل لكل السكان). أسرة ،مبعدل 4.3أطفال عند النساء القرويات ،و 2.56طفل قال ترومان ستو لتنبرغ املفوض السابق لشؤون الالجئني عند نساء املدن. في األمم املتحدة لصحيفة كريستيان سيانس مونيتور سنة وفي سنة 2002أصبح معدل اخلصوبة عند املرأة املغربية « 1990إن ه��ذه ال��زي��ادة املضطردة في سكان العالم الثالث وال��دول اإلفريقية خاصة تهدد أمن ال��دول األوروب�ي��ة بشكل فقط 2.5طفل ،مبعدل 3عند املرأة القروية ،و قرابة طفلني م �ب��اش��ر» .ب��ل إن ال ��دراس ��ات ال��دمي�غ��راف�ي��ة حت�م��ل مسؤولية ( )2عند نساء املدن ،أما سنة 2050فسينحدر معدل اخلصوبة االنفجار الدميغرافي لستة دول منها أربع دول إسالمية وهي :عند امل��رأة املغربية إل��ى طفلني ( ،)2واألخ�ط��ر م��ن ذل��ك أن نيجيريا ،باكستان ،بنغالديش ،واندونيسيا ،إضافة إلى الهند معدل اخلصوبة عند نساء املدن سينخفض إلى 1.96طفل والصني ،لقد طرحوا سؤالهم املركزي :كيف نفكك صواعق لكل امرأة ،وحال معدل اخلصوبة في تونس املغربة أسوأ من هذه القنبلة من داخل دار اإلسالم القدمية؟ وما هي اخلطة حالنا ،مع أن عتبة جتديد األجيال هي طفالن على األقل لكل املناسبة إلجن��از ه��ذا الهدف الكبير؟ اجل��واب عند املناوئني امرأة،مع العلم أن نسبة توزيع السكان بني املدن والقرى في واض��ح مت��ام ال��وض��وح ،إن��ه م�ع��اودة إن�ت��اج ال�ث��ورة اجلنسية أو بالدنا تعطي الغلبة لنمو املدن على حساب العالم القروي، ال�ث��ورة النسوانية الثانية داخ��ل ب�لاد املسلمني .حتت شعار حيث أصبح عدد سكان مدن املغرب أكبر من عدد سكان القرى حترير املرأة املسلمة والفتاة املسلمة من قيود العصر الوسيط ،منذ اآلن ،ألسنا أمام كابوس العقم الدميغرافي؟ الذي يعني فتحرير امل��رأة والفتاة املسلمة من املناوئني يعني ترديدها على املدى البعيد مزيدا من الشيوخ وقليال من الشباب املغربي لشعارات الثورة اجلنسية الثانية كما أسلفنا وهي( :أنا سعيدة املسلم ،فرسان النهضة والعمران؟ السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
23
أليس هذا انتصارا كبيرا لقيم الغرب على قيمنا؟ وكيف مت ذلك؟ بعبارة أخرى :ما هي األسباب احلقيقية والعميقة التي دفعت املغاربة وغيرهم من املسلمني إلى استنساخ النموذج ال�غ��رب��ي السيئ ال��ذك��ر؟ لقد دخ �ل��وا ج�ح��را مظلما ومميتا فدخلناه .لقد استعملنا عملية «نسخ ولصق» للثورة اجلنسية في الغرب .قالوا األسرة العصرية هي قليل من األطفال ،قلنا األسرة العصرية هي قليل من األطفال ،قالوا املرأة العصرية هي قليل من حليب األمهات وكثير من حليب املصانع حفاظا على جمال ثدييها ،قالوا الطريق لتفادي آالم احلمل وصداع التربية وصيانة جمال امل��رأة ورشاقتها ،هو املزيد من تناول احلبوب املانعة للحمل ،فقلنا وال الضالني آمني ،وباملناسبة فقد ارتفعت نسبة النساء املغربيات املستعمالت حلبوب منع احلمل من % 41سنة 1994إلى %63سنة ،2002ونقول للذين يناضلون من أجل صيانة جمال ثدي املرأة ورشاقتها أن العلم والطب يعاكس كل شعاراتكم ،ثالث بحوث طبية متت سنة 1989في الغرب أكدت أن إصابة النساء بسرطان الثدي تزيد من مرتني إلى أربعة وسط النساء اللواتي يتناولن حبوب منع احلمل ،وال��ذي غالبا ما ينتهي بقطع ثدي امل��رأة بل وموتها الحقا ،فال جمال ثديها صنتم وال حياتها أبقيتم ،إضافة إلى شبه إجماع على عوامل أخرى تسبب في سرطان الثدي، أهمها النساء العازبات ،والنساء العواقر ،والنساء املتزوجات بعد 30سنة م��ن عمرهن و ع��دم اإلرض ��اع الطبيعي .وهذا كافي ملقاومة مدرسة الثورة اجلنسية ،مدرسة اللذة اجلسدية الهابطة ،وجلهلهم املركب لم يدركوا أن الثدي عضو للتغذية والرأفة والرحمة ومصدر للتغذية بحنان األمومة الالزم للنمو النفسي السوي.
أما سحر ثورة العقم هذه فصنفان: الصنف األول سحر الفكر املالتوسي أو فلسفة الندرة، والتي مفادها أن النمو السكاني مبتواليته الهندسية ومنو الطعام مبتوالية عددية سينتهي حتما إلى الندرة املهولة في الطعام وامل��واد الغذائية الضرورية للبقاء ،فتكون النتيجة املرعبة موت أسود يجتاح العالم بفعل موجات من املجاعات واألوبئة واحلروب. الصنف الثاني سحر التخطيط العائلي وتنظيم النسل: فهو ف��ي الغالب يتحدث ع��ن تنظيم النسل وليس حتديد النسل ،مع أن املقصود حتديد النسل ،وسحر هذا الشعار كونه يوهم أنه يريد إسعاد األسرة املسلمة وتعيش عيشة كرمية عن طريق التقليل من عدد األطفال للزيادة في الرزق لألحياء منهم هي أيضا في ظاهرها فكرة منطقية وساحرة. كل ذلك دفع النخب املتعلمة واملثقفة وأبناء املدن إلى االنخراط في مشروع تعقيم األمة بال وعي تاريخي للمآالت املرعبة.
أعترف بان قدرتنا على تغيير القوة املوضوعية املساهمة في ثورة العقم بيننا متواضعة اليوم على األقل لكن إمكانية تغيير القوة الساحرة املساهمة فكبير؛ أوال بنقد ونقض تلك الفلسفة نفسها ،فهل فلسفة الندرة املالتوسية حقيقة علمية؟ وهل اخلصوبة املرتفعة عند املرأة وكثرة األطفال يقلل الرزق وفرص العيش الكرمي عند األسرة املسلمة؟ وملاذا الغرب اليوم يشجع األس��رة الغربية على اإلجن��اب ويدفع األس��رة املسلمة إلى احلد من اإلجناب؟ أليس ميالد الثورة النسائية الثالثة في الغرب اليوم ،والتي شعارها إع��ادة االعتبار لألنوثة هو لكن ملاذا نسخنا جتربة ثورة العقم الدميغرافي بدون تدبر نقض للثورة النسوانية الثانية؟ أجيب رأسا فأقول إن شعار وحكمة؟ وإن ك��ان في ه��ذه الثورة اجلنسية من عناصر قوة «القنبلة الدميغرافية» عند الغرب هو مخطط لإلجهاض احلضاري واملوت على صليب ذهبي في عاملنا اإلسالمي وليس موضوعية وسحر فما هي؟ ال �ق��وة امل��وض��وع�ي��ة األول ��ى املساهمة ف��ي ه��ذا االنتصار حقيقة علمية وال لفتة إنسانية من الغرب جتاه البشرية. إن��ه خطر ن��ري��د دق ن��اق��وس��ه ،لعل املسئولني و املفكرين للثورة اجلنسية في بالد املسلمني هو التوسع املستمر للثورة ال��رأس�م��ال�ي��ة ف��ي ال�ع��ال��م م�ن��ذ امل��وج��ة االس�ت�ع�م��اري��ة االولى بشعارات الفكر املالتوسي وثورة اجلندر يستقظون قبل فوات باألمس إلى املوجة االستعمارية الثانية اجلارية حتت مظلة األوان. العوملة والتوسع بالطبيعة يحمل معه جل نتائجه اإليجابية و خ �ط��ورة ذل��ك على امل �غ��رب يجب ت�ص��وره��ا ف��ي املشهد والسلبية ،ومنها تعميم من��وذج األس��رة النووية بدل األسرة التاريخي للمغرب و ال ��دول اإلس�لام�ي��ة ال�ت��ي دخ�ل��ت عصر املمتدة ،ومنها االنقالب الكبير على توزيع العمل االجتماعي الشيخوخة السكانية.فأنا أتصور مغرب الشيخوخة في نهاية مع الثورة الصناعية والزراعية واخلدماتية وغيرها. القرن أنه سيكون وطن ًا ملاليني الزنوج األفارقة الفارين من والقوة الثانية املوضوعية املساهمة في هذا االنتصار هو جحيم الفقر،املتجهني شما ًال .سيستوطنون املغرب العربي تقليد املغلوب للغالب حسب نظرية ابن خلدون في العمران ،و اإلسالمي في نهاية هذا القرن ،و سيمثل ذلك بالتأكيد و والغرب غالب وقائد للحضارة العامية اليوم ،وأمتنا مغلوبة خطر ًا على األمن الروحي و االجتماعي لسكان هذه املنطقة.و حضاريا. قد حت��دث الفنت و احل��روب األهلية العرقية و املذهبية في
24
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
املغرب الكبير في نهاية القرن . 21فادرؤوا هذه األخطار قبل التنمية احلقيقية كما يحدث اليوم في الصني و الهند .فال ف��وات األوان .كما أن التنمية أو النهضة احلقيقة لشعبنا عيش ألقزام الدول في هذا القرن و ما يليه. لن حتدث .و السبب أن العتبة للتنمية احلقيقة اليوم توفر فتكل املسلمني في جتمعات سكانية مبئات املاليني هو الرد الوطن على 100مليون نسمة.و هذا غير ممكن حتى اآلن إال العقالني على الغرب الغازي و االستثمار العقالني ملليار و500 بوحدة املغرب الكبير. مليون مسلم يعيشون في الشتات. ال أخفي القارئ ما أعيشه من رعب و أنا شاهد عيان على أم��ا أن نضل أشتات ًا فلن نتحول أب��د ًا إل��ى ق��وة اقتصادية انتشار ثورة التعقيم في وطننا و في بالد املسلمني.خصوص ًا و أنه تنفيذ ملخططات صيغت في الغرب ضد أمتنا .فالدواء /وسياسية فاعلة في نهاية القرن ال��واح��د و العشرين.و لن السم الذي يوزع مجان ًا على نساءنا في مستوصفاتنا ،أقراص ننجز عمران ًا .إن العصر عصر التكتالت الكبرى .االحتاد ح�ب��وب منع احل�م��ل .فكل ذل��ك تنفيذ ًا مل��ا عبر عنه بصدق األوروبي املسيحي كتلة ،و الصني الكونفوشيوسية كتلة و الهند فرانك توتشستيفن مدير مركز البحوث السكانية في جامعة الهندوسية كتلة و الواليات املتحدة كتلة و البرازيل كتلة. بريستون ثم رئيس جلنة اإلسكان في األمم املتحدة نيابة عن فكل األح ��واض احل�ض��اري��ة ال�ك�ب��رى تكتلت ،إال احلوض الغرب عما يجب فعله من طرف الغرب كما أسلفنا الذكر. احل �ض��اري اإلس�لام��ي فهو ش�ت��ات .فرسالة الكتلة اجلهوية ورغم كون املسلمني القوة الدميوغرافية األولى فال قيمة و الدولة العابرة لألقطار العربية أو اإلسالمية هي رسالة لها إال بدخولها في تكتالت جهوية كبرى كشرط للنهضة و نهضتنا بالتأكيد و غيرها سراب.
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
25
دراسات إسالمية
خمسة قرون... وحت��ى اليوم ف��ى عص��ر املتون بقلم: عبد احلليم عوي�س واحل�ضارة الإ�سالمية حترير جملة التبيان امل�سلمون وعبادة ال�شرق ورف�ض الغرب كانوا يعرفون احلقائق كما استقوها من دينهم ..وكانوا ي�ق��وم��ون بشرحها مستعينني ب��ال�ل��ه ،آخ��ذي��ن ب�ك��ل أسباب االجتهاد ..لكنهم -مع ذلك -كانوا ُيبحرون بالسفينة خطأ فى اجتاه الشرق. بينما كان من األفضل -وقد أخذوا من الشرق الزاد األصلى ال�ك��اف��ى -أن ُي �ب �ح��روا -بعمق -بالسفينة ف��ى اجت��اه الغرب شعل لشمس األوروبى ،ومعهم زادهم األصلى الشرقى الثابت ا ُمل ِ حضارتهم اإلسالمية التى تألقت لعشرة قرون ...لكنهم رفضوا االجتاه إلى حضارة الغرب ليدرسوا تقدمها ويستفيدوا منها، ومن صعودها العلمى فى س َّلم احلضارة ،حيث كانوا -أى أمة اإلسالم -واقفني فى مكانهم ،مازالوا يصرون على اإلبحار فى أعماق الشرق ،وال يعرفون كيف يتجهون إلى الغرب ...ذلك الغرب الذى كان قد أخذ أعماق شرقهم اإلسالمى يوم أن كان هؤالء املسلمون خير أمة أخرجت للناس. وم��ن ثم وض��ع ه��ذه األع�م��اق فى نسيج فكره وف��ى بنيته، ونظام حياته وثقافته ثم متثلها وأخرجها بطريقة جديدة تخفى معاملها فى فكرهم وثقافتهم... وه�ك��ذا من��ت ق��واه��م الفكرية والثقافية حتمل طبيعتها األوروب�ي��ة الغربية؛ لكنها فى طبيعتها الروحية والعقلية- منهج ًا وأدوات-ذات جذور إسالمية شرقية!! أم��ا املسلمون فقد ظ�ه��روا بعد ذل��ك ف��ى ال �ق��رون م��ا بني العاشر وال��راب��ع عشر الهجرية (وه��ى م��ا ب�ين ال��راب��ع عشر، 26
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
�أ.د �أ�ستاذالتاريخ رئي�س
والتاسع عشر امليالدية) فراحوا يتجاهلون الغرب وحضارته بشىء من غرور املاضى وزهوه وجمود احلاضر الذى يعيشونه وحت �ج��ره ال�ع�ق�ل��ى ..ب��ل إن �ه��م ل��م ي�ع��رف��وا شيئا ع��ن تفوقه احلضارى وميالده ميالد ًا جديداً ،مما أخذه أهله عن عقول املسلمني أيام تألقهم وازدهارهم فى املنهج والوسائل البحثية باحلب ونظرتهم للكون بطريقة قانونية تسخيرية مصحوبة ّ فى التفاعل مع الكون. وكانت ه��ذه هي القرون التي أظهرت أننا متخلفون عن فقه اإلس�لام ،وع��ن فقه النظام احلضارى واملعرفة الكونية واإلنسانية ..وأظهرت أن األوروبيني مصاصى الدماء والعقول والعلوم واملعارف تقدموا -ببذور اإلسالم فى الغرب -ولم يكن املسلمون يشعرون حتى ولو خالطهم الغربيون فى بالدهم أو فى جتارتهم -أنهم أخ��ذوا ب��ذور تفوقهم عنا ،ألنهم -كما ذكرنا -قد أخرجوا معارفهم وثقافتهم بطريقة تخفى حقيقة ما اقتبسوه منّا ..بل عكسوا النتائج ،فحصروا غايات العلوم فى املاديات واحلسيات ..ورفضوا الغيبات مما أخفى بذورنا خفاء كام ًال. وخصائصنا ً واحلقيقة أنهم لم يعمدوا إل��ى حصر غايات العلوم فى امل��ادي��ات وال��دن �ي��وي��ات م��ن أج �ل �ن��ا ..ول �ك��ن ح�ص��روه��ا كذلك ِّ املعطل للتقدم وبكتبهم احملاربة للعقل ألنهم كفروا بدينهم والعلم املجردين واكتفوا بروحنا العلمية ومناهجنا العقلية التجريبية التى اقتبسوها منا.
ونعود إلى قومنا املسلمني الذين يحملون جواهر الـذهب واللؤلؤ م��ن كتاب الله وسنة رس��ول��ه ،لكنهم ظلوا يقيمون األتربة تلو األتربة فوق الذهب واللؤلو ،بحيث تاهت معالم اإلع �ج��از ال��رب��ان��ى واإلن �س��ان��ى ف��ى ال �ق��رآن وال�س�ن��ة العلمية والعملية وفى جوانب استشرافاتنا املستقبلية ،سواء املتصلة باملعارف أم العلوم ،أم العقيدة والتشريع ..وبالتالى صعب عليهم حتى يومنا هذا الوصول إلى اكتشاف سنن الله فى التطور والرقى ،وصعب عليهم أكثر القيام بخطوات عملية وهنا يجب أن نالحظ أن املوضوع كله (ال يحتاج إلى الكتابة فى هذا الطريق!!! فيه)؛ ألن املباحات هى األصل وهى كثيرة ،وإمنا اختيرت هذه لقد ك��ان ق��د انقطع م��ا ب�ين ه��ذا اجل�ي��ل ،وب�ين النفسية املباحات للكتابة فيها (حسب فهمنا نحن) ألن بعض الناس والعقلية -التى تلقى بها جيل الصحابة (رضى الله عنهم) ،ظنوا أنها ممن املمكن أن تفسد الصالة وتنقض الوضوء!! القرآن وهو يتنزل على رسول الله غض ًا طري ًا -عهده بالوجود وفى رأينا أن مجرد هذا الظن ال يصل إلى درجة اإلحلاح، ً ً اليوم ،كما أن من طبيعة ال�ق��رآن أن يظل غضا طريا لكل وس��ؤال الطلبة ،واالس�ت�خ��ارة ،بالبحث فيها ،وتسجيلها فى من يعيش بالقرآن وفى القرآن -فكأن عهده بالوجود أمس.. كتاب ،ألنها أمور مفروغ منها ال حتتاج إلى كتابة أو تسجيل فالقرآن ال يبلى وإمنا تبلى النفوس التى ال حتسن تلقّ يه!! أص� ً لا ..وم��ن العبث ب��ذل اجلهد فى ش��ىء ال يفيد وال يأتى لقد حتركت نفوس الصحابة ثم التابعني فى اجتاه بناء بجديد!! ح�ض��ارة دينية إنسانية رب��ان�ي��ة م��وص��ول��ة ب��ال��وح��ى ،غذاؤها وإمنا يهتم املهتمون فى “الدراسات الفقهية” بالواجبات األعظم هو ه��ذا (امل��اء) السماوى النقى القرآنى ،ال��ذى لم وال�ن��واف��ل -من جانب -وباحملرمات وامل�ك��روه��ات -من جانب تتدنس عقول املتلقني له بالتراب والوحل والطني ،وتعطه- آخر -ألنها هى التى تشكل مجاال صاحل ًا للبحث. بالتالى -م��ن وحلها وطينها وترابها م��ا يحول دون كشف معدنه السماوى النقى اللؤلؤى الثمني!!.. وفيما ورد فى كتاب فتح اجلواد ألحمد بن حمزة الرملى األن�ص��ارى ش��ارح منظومة اب��ن العماد من املضامني اجليدة وه َّيا بنا نقدم منوذج ًا بالغ الداللة على عصر كثرة األتربة املعاصرة املستقاة من الكتاب والسنة ما يدل على أنهم كانوا- احمليطة -أو بتعبير دقيق -العازلة للجواهر والـذهب والآللئ.. مع كثرة األتربة عندهم -يعرفون الذهب واجلواهر والآللئ وهذه األتربة العازلة -لألسف الشديد -قد ظنها صنّاعها فى املبثوتة فى الكتاب والسنة ...لكنهم -لألسف الشديد -ال عصرهم أنها ه��ى اإلس�ل�ام ،وم��ا ه��ى م��ن اإلس�ل�ام إال بنسبة ي�ع��رف��ون قيمة ه��ذه امل�ض��ام�ين الـذهبية ،ويضعونها ضمن األتربة إلى الذهب اإلسالمى املقبور!! األتربة الكثيفة التى تتضمنها هذه الشروح وهذه املنظومات وهذا النموذج الذى وقع في أيدينا عفوا يتمثل فى كتاب التى شغلونا بها!! (فتح اجلواد بشرح منظومة ابن العماد للشيخ شهاب الدين وقد كان فيما ورد من الآللئ والذهب هذه العبارة التى يقول أبى العباس أحمد بن حمزة الرملى األنصارى الشافعى). فيها الشارح“ :احلمد لله الذى بعث محمدا رحمة للعاملني، وهو شرح للمنظومة األصلية التى كتبها أحمد أبو العباس وتبيانا للعاملني ،وقدوة للعاملني ،واختصه (بشريعة سمحاء شهاب الدين ابن عماد الدين بن يوسف األقفصى الشافعى محفوفة بالتسهيل وال�ت�خ�ف�ي��ف) وال�ع�ف��و ع�م��ا ي�ش��ق على املولود قبل اخلمسني وسبعمائة (للهجرة) بأقفاص (وأقفاص املكلفني ،وعلى آله وأصحابه صالة وسالما دائمني متالزمني التى نسب إليها بلدة من صعيد مصر). إلى يوم الدين”. أما ابن الرملى شارح املنظومة لألقفاصى فقد بذل جهده فى شرح املنظومة وهى تدور حول (املعف ّوات) (واملقصود من وحول احلديث عن نعم الله التى ال حتصى يقول الشارح: املعف ّوات األمور التى عفا الله عنها من النجاسات) التى ال “ونعم الله تعالى وإن كانت ال حتصى كما قال تعالىَ { :و ِإن يفسد بها وضوء وال تبطل بها صالة!! َ يم } (النحل: وهنا نترك احلديث للشارح الذى يذكر فيه أن كتابه الذى َت ُع ُّدو ْا ِن ْع َم َة الل ِّه ال تحُ ْ ُص َ وها ِإنَّ ال ّل َه َلغَفُ و ٌر َّر ِح ٌ أطلق عليه (فتح اجلواد بشرح منظومة ابن العماد) إمنا هو )18تنحصر فى جنسني ،دنيوى وأخ ��روى ،واألول قسمان: (تدقيقات رائعة وحتقيقات فائقة) (من وجهة نظره!!) ع َّلق موهبى وكسبى. ونحن نستفيد من كالمه أنه قرأ وكتب هذه (التدقيقات الرائقة والتحقيقات الفائقة) فى اجلامع األزهر عام 1202هـ ويقول :إن بعض الطلبة سألوه أن يكتبها فى أوراق منظمة ألن الهوامش قليلة االنتفاع ومعرضة للضياع ،فاستخار الله وشرع فى تأليف هذا الكتاب ،وسماه؛ بلوغ املراد بفتح اجلواد بشرح منظومة اب��ن العماد” (ص 5من كتاب الرملى :فتح اجل ّواد املطبعة امليمنية 1321هـ مصر).
واملوهبى قسمان :روحانى كنفخ الروح فيه وإشراقه بالعقل، بها على هوامش شرح منظومة املعفُ وات للشيخ اإلم��ام أبى وم��ا يتبعه م��ن ال�ق��وى كالفهم والفكر والنطق ،وجسمانى العباس أحمد بن أحمد بن حمزة الرملى. السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
27
كتخليق البدن والقوى احلالَّة فيه والهيآت العارضة له من كالصالة قائما ،فقاعدا ،فمضطجعا ،فمستلقيا ،فموميا (أى ّ وحط اجلهاد الصحة وكمال األع�ض��اء ،والكسبى مثل تزكية النفس عن باإلمياء) وكاإلفطار ،والقصر ،واجلمع للمسافر، الرذائل وحتليتها باألخالق وامللكات الفاضلة وتزيني البدن عن األعمى واألعرج واملريض والعاجز عن أهبة القتال... بالهيآت املطبوعة واحللى املستحسنة وحصول اجلاه وثروات وفتح عليكم باب التوبة ،وشرع لكم الكفارات فى حقوقه املال (التى يوجهها لرضا الله) فيغفر الله له ،ويرضى عنه ،واألروش (جمع أرش وه��و دي��ة العضو) ،وال��دي��ات فى حقوق وينزله أعلى عليني مع املالئكة املقربني أبدا اآلبدين” (ص ،5العباد.. 6الرملى ،شرح فتح اجلواد). ووضع عنكم التكاليف الشاقة التى كانت على بنى اسرائيل، كقرض موضع النجاسة من الثوب أو اجللد ،وحترمي الغنائم، وح��ول نطاق رحمة الرسول للعاملني ي��ورد الشارح حديثا ومجالسة احلائض ومؤاكلتها ومضاجعتها (دون الوطء) واالشتغال يوم السبت وتعينَّ القصاص فى العمد واخلطأ، طيبا يقول فيه: “وقد روى فى السير أنه قيل جلده أى جد الرسول عليه وقطع األعضاء املخطئة أو تعينّ الدية ،وأمرهم بقتل أنفسهم ّ {ي� ِ�ري� ُ�د ال َّلهُ ِب ُك ْم ال ُْي ْس َر َوال السالم عبد املطلب وقد سماه فى سابع والدته بعد موت أبيه :عالمة لتوبتهم ...ق��ال تعالىُ : “بعثت باحلنيفية يد ِب ُك ْم ال ُْع ْس َر} (البقرة )185 :وقال [: ُ ُي ِر ُ لم سميت ابنك محمدا وليس من أسماء آبائك وال قومك؟ السمحة” (أخرجه أحمد وغيره)... قال رجوت أن ُيحمد فى السماء واألرض ..وقد حقَّ ق الله وروى معمر عن قتادة أن��ه ق��ال :أعطيت ه��ذه األم��ة ثالثا رجاءه كما سبق فى علمه.. لم يعطها إال ن�ب��ى ...ك��ان ُيقال للنبى :أذه��ب فليس عليك حرج... رحمة �صبت ملح�سننا وللم�سىء َّ فب�شر كل �أمته ين ِم ْن َح َر ٍج} وقال لهذه األمةَ { :و َما َج َع َل َع َل ْي ُك ْم ِفي ِّ الد ِ قال تعالىَ { :و َما أَ ْر َس ْلن َ ني } (األنبياء: َاك ِإلاَّ َر ْح َم ًة ِّل ْل َعالمَ ِ َ )107أى اإلنس واجلن ،ويقال :جلميع اخللق ألن ما بعث به (احلج.)78 : سبب إلسعادهم ،وموجب لصالح معاشهم ومعادهم ...كيف؟ وكان يقال للنبى :أنت شهيد على قومك.. وق��د بعث عليه السالم ،على فترة من الرسل ،ليس للناس َّاس} (البقرة: وقال لهذه األمةِ : {لت َُكونُوا ُش َه َدا َء َع َلى الن ِ شرائع وال أحكام وال علم بالتوحيد وال أمر سياسى ُيحفظ .)143 به دماؤهم وأموالهم ...فأتى بشريعة جامعة لها ولغيرها ،من وكان يقال للنبى :سل ُتعط ...وقال لهذه األمة {ا ْد ُع ِوني احلكم التى ال حتصى.. أَ ْست َِج ْب َل ُك ْم} (غافر.)60 : ف�ه��و رح �م��ة للمؤمنني ب��ال �ه��داي��ة ،إل ��ى ط��ري��ق اجلنة (الرملى صفحات 9 ،8 ،7شرح فتح اجلواد) والسعادة األبدية ،وللمنافقني باألمان من القتل ،وللكافرين بتأخير العذاب إلى املوت وأمنهم به مما أصاب األمم املكذبة �ضياع الذهب املكنون و�سيطرة ع�صر املتون من اخلسف واملسخ والغرق وعذاب االستئصال ..وإن كان سببا وه�ك��ذا وج��دن��ا ف��ى النصوص السابقة ال ��روح احلقيقية للنقمة ممن لم يؤمن به. لتشريع اإلسالم وطبيعة الرحمة العامة -اإلنسانية والكونية- روى أن النبى [ قال جلبريل عليه السالم( ...يا جبريل) التى تتجلى فى إطارها الكونى العام تلك الرسالة اخلامتة يقول الله تعالىَ { :و َما أَ ْر َس ْلن َ َاك ِإلاَّ َر ْح َم ًة ِّل ْل َعالمَ ِ َ ني } (األنبياء :رسالة محمد عليه الصالة والسالم ،كما حددها القرآن هذا )107فهل أصابك من هذه الرحمة شىء؟ التحديد الشامل الذى يتجاوز عالم األرواح -من إنس وجان قال نعم أصابنى من هذه الرحمة أنى كنت أخشى عاقبة وطيور وح�ي��وان��ات ..إل��ى عالم النباتات واجل �م��ادات ..فأية {ذي ُق َّو ٍة رحمة هذه ياترى؟ إنها التطبيق النبوى الكرمي -على األرض- على فيه بقولهِ : األمر فأمنت بك لثناء أثنى الله َّ ني} (التكوير.)21-20 : للرحمة اإللهية املستقاة من قوله تعالىَ { :و َر ْح َم ِتي َو ِس َع ْت ني ُم َط ٍاع َث َّم أَ ِم ٍ ِع ْن َد ِذي ا ْل َع ْر ِش َم ِك ٍ وأيض ًا :لم يجعل الله فى هذا الدين “أى دين اإلسالم” ُك َّل شَ ْيءٍ } (األعراف.)156 : ين ِم ْن َح َر ٍج (من حرج) قال تعالىَ { :و َما َج َع َل َع َل ْي ُك ْم ِفي ِّ وفى مجال التيسير ،وهو جوهر البعثة النبوية اخلامتة الد ِ ين ِم ْن } (احلج ، )78 :أى :ضيق بتكليف ما يشق القيام به عليكم ،كما يتجلى فى قوله تعالىَ { :و َما َج َع َل َع َل ْي ُك ْم ِفي ِّ الد ِ بل جعله واسعا بأن كلفكم ما تطيقون ،ورخص لكم فى إغفال َح َر ٍج} (احلج.)78 : بعض ما أمركم به ،حيث شق عليكم لقوله [“ :إذا أمرتكم وفى احلديث الشريف“ :ما ُخ َّير رسول الله بني أمرين إال بأمر فأتوا منه ما استطعتم” (رواه الشيخان).. اختار أيسرهما ما لم يكن إثما” وقول سفير رسول رسول الله رخص لكم فى املضايق املرسل من سعد بن أبى وقاص ربعى بن عامر (وهناك غيره وجعل لكم من كل ذنب مخرجا بأن َّ 28
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
في املوقعة نفسها) لقائد الفرس رستم فى القادسية“ :لقد آي��ات (اآلالء) جند من��اذج من النعم فى كل األم��ور الدنيوية ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله واألخ��روي��ة واملوهبية والكسبية (انظر آي��ات س��ورة الرحمن وحده ،ومن جور األديان إلى عدل اإلسالم ،ومن ضيق الدنيا املكرورة (فبأى آالء ربكما تكذبان).. إلى سعة الدنيا واآلخرة (انظر معركة املسلمني فى القادسية- وانظر آيات احلديث عن (آيات الله) كما يرد فى سورة الروم الطبرى -أو غيره). من أول قوله تعالى{ :أَ َو َل ْم َي َتفَكَّ ُروا ِفي أَنفُ ِس ِه ْم َما خَ َلقَ ال َّلهُ الس َم َو ِات َو َ األ ْر َ وه ��ذان ال�ب�ع��دان (ال��رح�م��ة احمل�م��دي��ة ال�ع��ام��ة ،والتيسير ض َو َم��ا َب ْين َُه َما ِإ َّال ِبالحْ َقِّ َوأَ َ ٍج��ل ُم َس ًّمى َو ِإنَّ َّ َّاس ِب ِلقَاءِ َر ِّب ِه ْم َل َك ِاف ُرونَ} اآلية رقم 8إلي نهاية الذى هو جوهر كل شىء فى اإلسالم عقيدة وعبادة وشريعة َك ِثير ًا ِم ْن الن ِ وأخالق ًا) .. ،لؤلؤتان ذهبيتان أشار الشارح إليهما إشارات قوية السورة. تدل على الوعى الكامل بأنهما جزء ال يتجزأ من نسيج القيم الس َم َو ِات َو َ األ ْر َ ض َوأَنَ��ز َل َل ُك ْم ِم ْن وانظر آيات {أَ َّم ْن خَ َلقَ َّ اإلسالمية ،وأنهما داخلتان فى بنية التعاليم اإلسالمية ،كما الس َماءِ َم ًاء َفأَ ْن َب ْتنَا ِب ِه َح َد ِائقَ َذاتَ َب ْه َج ٍة َما َكانَ َل ُك ْم أَ ْن ُتن ِْبتُ وا َّ تتداخل العناصر املركبة التى تشكل شيئ ًا واح��د ًا وال ميكن شَ َج َر َها ءإ َل��هٌ َم َع ال َّل ِه َبلْ ُه ْم َق� ْو ٌم َي ْع ِد ُلونَ} فى سورة النمل فصل عنصر منها إال إذا خرج الشىء عن طبيعته ...والرحمة اآلية 60وما بعدها.. النبوية احملمدية التى هى ترجمة للرحمة الربانية التى وانظر آيات كبرى مباشرة تتحدث عن نعم الله فى مثل ما وسعت كل شىء ،والتيسير الذى ينساب فى اإلسالم كله ،هما ورد فى سورة األنعام { َو ِع ْن َد ُه َمف حِ ُ َات ا ْل َغ ْي ِب ال َي ْع َل ُم َها ِإ َّال ُه َو من العناصر األساس فى املركّب اإلسالمى. َو َي ْع َل ُم َما ِفى ا ْل َب ِّر َوا ْل َب ْح ِر َو َما َت ْسقُ ُط ِم ْن َو َر َق ٍة ِإ َّال َي ْع َل ُم َها َوال ونصل إل��ى العنصرّ الشمولى الثالث ال��ذى أش��ار إليه َح َّب ٍة ِفى ُظ ُل َم ِات َ ني} َاب ُم ِب ٍ األ ْر ِض َوال َر ْط ٍب َوال َي ِاب ٍس ِإ َّال ِفى ِكت ٍ “الرملى الشارح” وه��و عنصر يتميز كسابقيه باالمتداد {إنَّ ال َّل َه َف ِالقُ اآلية رقم 59وما بعدها ،وقوله فى األنعام أيض ًا ِ والسعة عبر مساحة القيم اإلسالمية. الحْ َ ِّب َوال َّن َوى ُي ْخ ِر ُج الحْ َ َّي ِم ْن المْ َ ِّي ِت َو ُم ْخ ِر ُج المْ َ ِّي ِت ِم ْن الحْ َ ِّي إن��ه عنصر اإلدراك املصحوب ب��اإلمي��ان ب��أن نعم الله َذ ِل ُك ْم ال َّلهُ َفأَنَّا ُت ْؤ َف ُكونَ} اآلية رقم 95وما بعدها... مبثوثة فى النفس والكون واإلنسان واجلان والنبات واحليوان باإلضافة إلى نعم كثيرة مبثوثة فى مواقع كثيرة فى كتاب واجلماد ...فكلها ومفرداتها كثيرةٌ - نعم ال ميكن أن حتصى الله.. مفرداتها ،ولكن ميكن لإلنسان -عن طريق النظر املصحوب الرملى ي��ده -على معالم كبرى أس��اس من وهكذا وض��ع ّ بالتفكير املؤمن فى أركان أربعة -أن يتعرف على أصول النعم ويبحر بها معالم بناء اإلس�لام (صبغة ال�ل��ه) ..بطريقة واضحة قوية وكلياتها ...بطريقة من ميسك بأشرعة السفينة ُ وصوال إلى الشاطئ من خالل معرفة عميقة بعلوم البحار ..تصلح لكى تكون مفاتيح لفهم اإلسالم فى املاضى واحلاضر، لكنه ال يعرف ما حتت السفينة من حيتان وأسماك وحيوانات وف��ى املستقبل ...بل هى األصلح فع ًال لكى تكون من خير املعالم واملالمح التى نقدمها لعصرنا ..وألبناء عصرنا. بحرية وآللئ ذهبية..
وه ��ذه األرك� ��ان األرب �ع��ة ال�ت��ى ميسك اإلن �س��ان بخيوطها ليتعرف على مصادر النعم وكلياتها التى ال حتصى مفرداتها لكن هذه املعالم تاهت ..وضاعت فى ركام من التراب يصعب هى: معه استخالصها وتألقها ..كما أنها جاءت فى نطاق قضية ال تستحق أن يبذل فيها جهد خ��اص ..بل حسبها -إن كان أ -النعم الدنيوية. ذلك وارداً -أن توضع مجملة فى إطار احلديث عن العبادات.. ب -النعم األخروية. وشروطها ..وضمانات صحتها.. جـ -النعم املوهبية (التى توهب من الله). وم��ا ك��ان ض��روري � ًا ب��ذل جهد خ��اص ف��ى قضية ثانوية ال د -النعم الكسبية (التى يكسبها اإلنسان بعمله العقلى جدوى منها مثل قضية (املعفوات) التى تتحدث عن األشياء والبدنى). املعف ّو عنها والتى ال تنقض الوضوء وال تبطل الصالة ..فهى وفى ظل هذه الكليات ترد النعم بطريقة ال ميكن إدراك ضمن املباحات الكثيرة!! تفصيالتها... وفى كتابه الرائع (مدخل إلى فقه النعمة) ذهب صديقنا اللبنانى الطرابلسى الكبير الدكتور عبد اإلله ميقاتى إلى تبويب النعم في ث�لاث مجموعات هى نعمة اخللق، ،نعمة اإلميان ،والنعم اخلاصة وهو تقسيم منهجى إميانى عظيم. وعلى أية حال ففى تلك السور القرآنية التى ترد فيها
لكنه منهج (املتون) الذى فرض االختزال املخل ..واإليجاز القاتل لإلبداع واالنكماش العلمى املانع من السباحة فى عاملى النفوس واآلف��اق وبالتالى العجز -أو الشلل -عن استخراج اختراعات أو نظريات منها ...وه��ذا على العكس من املنهج الذى ساد أوروبا فى الفكر والتعامل مع آفاق العلوم الكونية والنفوسية فى تلك القرون!!.. السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
29
ولألسف ..مازلنا نعانى من منهج املنظومات واملتون حتى اليوم ..وندور محلنا ال نتحرك إلى أمام... مناذج من املتون وهذه بعض النماذج من املتون (واملنظومات) نشير إليها حتى ال تكون تاريخ ًا اندثر وغابت عنا عبرته وغاب عنا درسه.. وألننا مازلنا نعيشه ،حتت مسميات أخ��رى غير املنظومات واملتون ..والسيما فى حفظ أطفالنا للقرآن كله أو نصفه فى سن مبكرة دون أدنى محاولة للتدريب على فنون الفهم والفقه {ل َي َّد َّب ُروا آ َي ِات ِه َو ِل َي َتذَكَّ َر ُأ ْو ُلوا َ اب} (ص: والتدبر والتذكر ِ األ ْل َب ِ )29واستخالص األحكام ،واستخالص السلوكيات االجتماعية واحلضارية السنية الباعثة على إيجاد (األمة اخليرية) (األمة الوسط الشهيدة على الناس) من جديد!! ونكتفى بتقدمي مناذج من املنظومات واملتون فى العلوم التالية: فى علم التوحيد: (منت اجلوهرة فى التوحيد لإلمام اللقانى): وب �ع��د ف��ال�ع�ل��م ب��أص��ل الدين م� �ح� �ت ��م ي� �ح� �ت ��اج للتبيني ف �ك��ل م ��ن ك �ل��ف ش��رع��ا وجبا عليه أن ي�ع��رف م��ا ق��د وجبا ل� �ل���ه واجل� � ��ائ� � ��ز واملمتنعا وم��ث��ل ذا ل��رس �ل��ه فاستمعا وفى علم م�صطلح احلديث للإمام ال�صبان: ومرسل من دموع غير منقطع قد سلسلته جفونى فيكم شغفا أبهمت من عذل دمعى فعاندنى دمعى وأشهره للناس فانصرفا ولست أسمع تدليس العذول وال واش فيهم هتفا أصغى لتدبيج ٍ وفى علم التجويد للإمام ابن اجلزرى: وب� � �ع � ��د إن ه� � � ��ذه م� �ق ��دم ��ة ف�ي�م��ا ع�ل��ى ق��ارئ��ه أن يعلمه إذ واج�� � ��ب ع��ل��ي��ه��م محتم قبل ال �ش��روع أوال أن يعلموا م��خ��ارج احل � ��روف والصفات ل �ي �ل �ف �ظ��وا ب��أف �ص��ح اللغات م �ح��ررى ال�ت�ج��وي��د واملواقف وم��ا ل��ذى رس��م فى املصاحف 30
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
وفى علم النحو وال�صرف: منت �ألفية ابن مالك للإمام حممد بن مالك: ق� ��ال م �ح �م��د ه ��و اب� ��ن مالك أح�م��د رب��ى ال�ل��ه خ�ي��ر مالك مصليا على الرسول املصطفى وآل�� ��ه امل �س �ت �ك �م �ل�ين الشرفا كالمنا لفظ مفيد كاستقم واس��م وفعل ث��م ح��رف الكلم واح � � ��ده ك �ل �م��ة وال � �ق� ��ول عم وك� �ل� �م ��ة ب� �ه ��ا ك �ل��ام ق� ��د ي ��ؤم ب��اجل��ر وال�ت�ن��وي��ن وال �ن��دا وأل ومسند لالسم متييز حصل وفى فن امليقات: (منت تعريف املنازل لإلمام محمد املقرى) احل� �م ��د ل��ل��ه ال��ع��ل��ى امللهم م�ع�ل��م اإلن��س��ان م��ا ل��م يعلم واحل �م��د ل �ل��ه ال� ��ذى أب� ��دع ما فىاألرضمنشىءومافوقالسما دح��ا بساط األرض ف��وق املاء ورك � � ��ب امل � � ��اء ع� �ل ��ى ال � �ه� ��واء وأن� �ب���ع امل� � ��اء ع��ي��ون��ا فجرت وأخ��رج امل��رع��ى جميعا فنبت ومنت العرو�ض والقوافى (للإمام ال�صبان): وب�ع��د فعلم الشعر ف��ن مؤكد فبادر إليه واستمع فيه ما حال وفى فن احل�ساب: (منت رسالة األخضرى اإلمام عبد الرحمن األخضرى): ح� ��روف� ��ه م �ع �ل��وم��ة مشهورة م ��ن واح� ��د ل�ت�س�ع��ة مذكورة وج�ع�ل��وا ص�ف��را ع�لام��ة اخلال وه� � ��و م� � � ��دور ك��ح��ل��ق��ة جال وأرب � � � � ��ع م� � ��رات� � ��ب األع�� � � ��داد أول� � � �ه � � ��ا م � ��رت� � �ب � ��ة اآلح � � � ��اد وال � �ع � �ش� ��رات ب� �ع ��ده ��ا امل� �ئ ��ون م��ن ب�ع��ده��ا اآلالف يذكرون وفى علم الفرائ�ض (املواريث):
(خالصة الفرائض نظم منت الراجية لإلمام عبد امللك الفتنى): ب �ك �ف��ن ال��س��ن��ة أم� ��ا إن منع دائ� �ن ��ه ف �ب��ال��ذى ي �ك �ف��ى يقع ف��دي��ن خ �ل��ق ص �ح��ة فمرض ث � ��م وص�� �ي� ��ة ف � � � ��إرث ف ��رض ��ا وس �ب��ب اإلرث ن �ك��اح أو نسب أو ال ��وال ول �ي��س دون �ه��ا سبب وفى علم آداب البحث: (نظم آداب البحث العالمة الشيخ زين املرصفى): إن ق�ل��ت ق��وال ذا مت��ام خبرى إذا ن �ق �ل��ت ف �ي��ه ع ��ن معتبر فيطلب التصحيح للنقل إذا ل��م ت �ل �ت��زم ف�ي�م��ا ن�ق�ل�ت��ه لذا أو ادع � �ي� ��ت ب �ط �ل��ب الدليل إن ك��ان غير واض��ح ذا القيل ث���م ث �ل��اث ل �ل��دل �ي��ل عارضه م�ن��ع ون�ق��ل مجمل معارضه
التى أبدعها عبد الرحمن بن خلدون (ت 808هـ) فى مقدمته امل �ع��روف��ة ف��ى ع�ص��رن��ا وامل �س �م��اة ع �ل��وم االج �ت �م��اع واخلدمة االجتماعية ..وتعليمهم كذلك لإلنسانية دراس��ة التاريخ كعلم ،والسنن وأس�ب��اب قيام احل�ض��ارات وازده��اره��ا وأسباب تأخرها وسقوطها ..وهو (علم تفسير -أو -فلسفة التاريخ) ال��ذى أبدعه اب��ن خلدون كما أب��دع علوم العمران السابقة، وتعلمته البشرية من مقدمته الرائعة.
إن رج� ��ال ال� �ق ��رون اخل �م �س��ة امل �ت �خ �ل �ف��ة( ..رج� ��ال املتون واملنظومات) لم يرجعوا إلى تاريخ أسالفهم املجيد وقرون ازدهارهم احلضارى ..ولم يستطيعوا االلتفات إلى أوروبا.. ب��ل جعلوا امل�ت��ون وامل�ن�ظ��وم��ات ال�ب��داي��ة والنهاية والوسيلة الكافية ..للغاية الشريفة الشافية!! ..فأوقفوا حركة احلضارة اإلسالمية وعطلوا دوالب حركتها ..وجعلوها قطارها يعجز عن السير على قضبانه الصحيحة نحو التقدم والرقى ..بل والرقى!! إنهم كانوا يقاومون محاوالت التقدم ّ لقد ماتت كثير من العلوم أو فقدت فاعليتها على أيدى أصحاب املتون واملنظومات مع حسن نية أصحابها وسالمة أهدافهم ..ألن الذين جعلوها منهج تربيتهم وتكوين معارفهم ل��م ي�س�ي��روا -أب� ��داً -ف��ى ط��ري��ق امل�ع��رف��ة الكمية التراكمية، والكيفية اإلبداعية التى سارت عليها أوروبا ،وحققت بذلك تقومي ظاهرة املتون واملنظومات: نهضة منفتحة على اإلبداع واالختراع من خالل فقه األنفس كان من املمكن أن تكون املنظومات واملتون مفيدة لو أنها واملجتمعات واآلفاق!! بقيت فى املرحلة العمرية دون العاشرة ..فكأنها مفاتيح أو جداول ضرب تعطى -كمفاتيح -للناشئة. ول�لأس��ف ف��إن��ه ف��ى مرحلتنا األخ� �ي ��رة ..امل �س �م��اة بعصر أما بعد ذلك فقد كان ضررها بالغ ًا ،اللهم فى بعض العلوم االستقالل واحلكم الوطنى املستقل -الزاعم أن��ه إمن��ا جاء كاللغة واحلديث التى يقلّ اإلبداع والتجديد فيها.. ليحقق النهضة والتقدم ألوط��ان املسلمني -م��ازال يفرض ومع ذلك فضررها ممتد ألنها حتول دون اإلب��داع وتوقف منهج املتون وبأسلوب ملت ّو وبأقسى األساليب املعطلة للتربية حركة التجديد ح��ول امل�تن أو (األلفية) أو املنظومة ،التى العقلية اإلبداعية. ت�ف��رض ظلها الثقيل على أص�ح��اب ال�ع�ق��ول امل�ب��دع��ة التى فكأن االستعمار اشترط عليهم عندما مكنهم من احلكم أن تسعى إلى االنطالق املنفتح ،وبالطبع تضطر هذه العقول املبدعة وهى قليلة إلى جتاهل املنت أو املنظومة والسير فى يلتزموا مبنهج املتون ..البعيد من اإلبداع واالختراع ..مع شيء طريق التنظير وحده ،إال من ثوابت العلم األصلية ومصادره من وسائل التمويه واخلداع ..فنجحوا -أى أبطال االستقالل- اإلسالمية من قرآن أو سنة أو تراث مجمع عليه نق ًال وعق ًال .فى حتقيق العجز -بل الشلل التام -فى عالم اإلبداع مكتفني مبنح املتعلمني أوراقا تسمى شهادات ،تدل على أنهم تخرجوا لقد حالت هذه القيود املسماة باملنظومات أو املتون دون فى املعاهد واجلامعات ،حتى إبداع أحقر األشياء كالسيارات النظر فى آفاق الكون ،وآف��ات التطور العقلى املقارن ..لدى والقطارات ،فضال عن الطائرات حرمنا منها. اآلخ��ري��ن ..وأصبحت ع�لام��ة ودالل ��ة على اجل�م��ود وانعدام وه�ك��ذا مازلنا منذ خمسة ق��رون نعيش مرحلة غيبوبة اإلب��داع املستقى من فقه الكون وفقه اإلنسان أو االجتماع حفظ املنظومات وامل�ت��ون ..ومازلنا نشترى منتوجات إبداع والكون! ولو رجعنا إلى تاريخ أسالفنا احلضارى وإبداعاتهم التى أوروبا وثمرات اختراعه ...ونظن أننا مبدعون ..ونحن مجرد تعلم منها العالم علوم احلساب واجلبر والكيمياء والفيزياء مستوردين ،وإلنتاج غيرنا مستهلكون.. وه��ذا الظن الكذوب نوع من الغباء الشديد ..بل هو فى والطب والفلك واجلغرافية واملساحة واإلنسانيات ..فض ًال عن تعليمهم للبشرية أدق العلوم مثل علم (العمران) وقوانينه احلقيقة نوع من اخليانة واجلنون.
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
31
دراسات إسالمية
مسلمو أوروبا.. حت����ت ق���ص���ف امل��س��ل��م�ين �أ .نبيل �شبيب
قبل ا�ستفتاء �سوي�سرا حول حظر امل�آذن كان ما يكتب يف �إعالم البلدان العربية عن م�سلمي �أوروب��ا يجمع بني الت�أييد واللوم، والتحفيز والنقد ..وبعد اال�ستفتاء غلب اللوم والنقد وحتميلهم امل�س�ؤولية عما ُي�صنع بهم وبالإ�سالم!.. يف احلالتني بقي الكالم الإعالمي مت�أثرا بدرجة ال ي�ستهان بها من اجلهل والتعميم ،وقد يغلب ذلك كثريا فيزداد اللوم والنقد، وقد يتوافر بع�ض العلم بحقيقة الأو�ضاع فيتناق�ص اللوم والنقد ولكن ال ي�ضمحالن. هذا ..وما تبدّ ل حال امل�سلمني يف �أوروبا خالل الفرتة الأخرية قبل ذلك اال�ستفتاء تبدال كبريا ..فما الذي طر�أ على �صورتهم يف نظر من يتابع مثل هذه الق�ضايا؟� ..أم �أن اال�ستفتاء �أ�صبح الق�شة ابتداء من حتميل م�سلمي التي ق�صمت ظهر البعري ،عند من ينطلق ً �أوروبا امل�س�ؤولية عما �سبق من ت�صعيد لأحداث �سلبية كالإ�ساءات الكاريكاتورية والبابوية وغريها ،ثم كان اال�ستفتاء فجعل من يرتدد بع�ض الرتدد عن حمالت اللوم والنقد يتخلى عن تر ّدده؟.. قد ال جتد هذه الت�سا�ؤالت �أجوبة قاطعة� ،إمنا ال بد على كل حال من احلر�ص على املو�ضوعية يف التعامل مع امل�سلمني يف �أوروبا ومع غري امل�سلمني ،ومع الق�ضايا التي ترتبط بهم مبا�شرة ومع �سواها من الق�ضايا ،وع�سى �أن ت�ساهم ال�سطور التالية يف �شيء من بيان معامل �أ�سا�سية حول م�سلمي �أوروبا حتديدا.
�صورة م�ش ّو�شة ..ومطالب عقيمة إلى اآلن ورغم كثرة احلديث عن املسلمني في الغرب عموما ،ومنهم املسلمون في أوروبا ،ال تزال معالم الصورة
32
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
عنهم لدى املسلمني أو عموم السكان في البلدان اإلسالمية حافلة بالغموض وال�ت�ش��وي��ش ،وي�س��ري ه��ذا على كثير من اإلع�لام�ي�ين ال��ذي��ن يتابعون قضايا اإلس�ل�ام واملسلمني في الغرب ،ومما يثير االستغراب أحيانا ،أن يجزم بعضهم بصحة ما ينسجه من معلومات ،دون االعتماد على مصادر أصال أو دون التوثق من مصادر ينقل عنها ،كما يجزم أيضا مبا يطرحه من تصورات متسرعة ،قد يتردد كثير من املطلعني ومن أصحاب العالقة املباشرة عن طرحها ،ال سيما في التعامل مع مشكالت متعددة الوجوه والتعقيدات. ويثير االستهجان ال االستغراب فقط أن تصدر عن بعض الكتاب مواقف في صيغة النصيحة مع اللوم واالستنكار، محورها من قبيل :فليرحلوا عن بالد الغرب إذن ..أو فليعودوا إلى البلدان اإلسالمية!.. مثل هذه املطالب ال ميكن أن يجد استجابة أصال ،وال تتوافر لالستجابة أية شروط موضوعية ،وقد جتد استهزاء م��ري��را ،ال سيما عندما تصل إل��ى مسلمني م��ن ذوي أصول أوروبية – وما هم قلّة -فما الذي يعنيه رحيلهم عن بالدهم إذ أسلموا؟ ..هل هو تطهير سكاني «ديني»؟ ..أال ميضي من يطالب بذلك أشواطا بعيدة ال يكاد يطرحها حتى املتشددون األوروبيون ضد الوجود اإلسالمي؟.. ثم أين من يطالب غير املسلمني بالرحيل عن مواطنهم ألنهم يدينون بغير دين الغالبية فيها؟.. مثل ه��ذه املطالب مح ّرمة دينيا ،وخطيرة سياسيا، ومحظورة إنسانيا. ويسري شبيه ذلك دون استثناء على مواليد اجليل الثاني والثالث من املسلمني ،ممن منعت موانع قاهرة ال يحملون
املسؤولية عنها ،كثيرا منهم من مجرد رؤي��ة بالد أجدادهم جدا إلى عموم مسلمي أوروبا. «ال��واف��دي��ن» ق��دمي��ا ،وه��م ال ي�ع��رف��ون س��وى البلد األوروب ��ي ومن وجوه كونها ضحية ذلك التحامل واجلهل ،أنّ اإلعالم الذي يقيمون فيه موطنا ،وال يتعاملون معه إال على أساس الغربي والعربي واإلس�لام��ي ال يسلط عليها األض ��واء كما أنه موطنهم من املهد إلى اللحد ..فعالم يرحلون وإلى أين ينبغي ،إذ ال تصدر عنها أعمال أو مواقف أو صور أو ممارسات يرحلون؟!.. تصلح لعنصر «اإلث � ��ارة» اإلع�لام �ي��ة ،ألن�ه��ا تعيش حياتها
ولئن رحلوا إلى بلدان إسالمية حقا -ولن يرحلوا -فما «االعتيادية» ورمبا الرتيبة ،في مواطنها األوروبية. الذي ينتظرهم فيها؟ ..ومن أين تنشأ تلك التصورات الغريبة يضاف إلى ذلك أن غالبية العاملني في «اإلعالم» األوروبي، بصدد «ترحيل» من يختلف عقيدة أو ثقافة أو سلوكا عن ليسوا «حياديني» في تعاملهم مع اإلسالم واملسلمني ،بغض اآلخر في بلد مشترك؟.. يتعمد تشويه النظر عن النوايا ،ولئن كان بعضهم على األقل ّ ثم هل يختلف حال مسلمي أوروبا املستوطنني اختالفا الصورة فقد يكون بعضهم اآلخر «ضحية» أيضا ،أي: يستحق الذكر عن ح��ال ذوي األص��ل األمل��ان��ي أو اإليرلندي ضحية اجلهل بواقع اإلسالم واملسلمني اليوم..مثال ،املواطنني كسواهم في الواليات املتحدة األمريكية ،مع وضحية م��وروث أوروب��ي /غربي معرفي قدمي ومنحرفاختالف الديانات ال األجناس فقط؟!.. خطير.. ال حاجة إل��ى اخل��وض ف��ي أس�ب��اب مثل تلك املطالب وكذلك ضحية التفاعل مع أح��داث خ��ارج أوروب��ا ،ومعالعقيمة ،بغض النظر عن غموض صورة واقع مسلمي أوروبا أوضاع سلبية داخل البلدان اإلسالمية.. عند كثير مم��ن «يحكمون على أوض��اع �ه��م ،ويخاطبونهم وال نريد االسترسال بالتنويه إلى صور سلبية يأتي بهاالئمني وناصحني ومنددين» وكأنهم يعيشون في عالم آخر تصنعه مواقعهم اإلعالمية أو توجهاتهم الذاتية في البلدان ال��زوار املسلمون من البلدان اإلسالمية بغرض السياحة أو سواها في بلدان أوروبية.. اإلسالمية. يستمد كثير من اإلعالميني األوروبيني، ومن ذلك كله ّ من هم م�سلمو �أوروبا؟.. بعضهم دون قصد وبعضهم بأسلوب انتقائي مقصود ،صورا قد تساهم في توضيح الصورة كلمات موجزة تعتمد منحرفة يجعلها منطية عن اإلسالم واملسلمني.. على مشاركة ومعايشة مباشرة للمسلمني في أوروبا ،ال سيما ثم ..وهنا ما يستدعي االستغراب ..يتلقّ ى مسلمو أوروبا في أملانيا كمثال ،على امتداد أكثر من أربعني عاما ،مبا شمل اللوم أكثر من سواهم على انتشار تلك الصور! ..ومن ذلك مقصرون في التعريف بإسالمهم!.. أوساط العمل اإلسالمي ،والعمل اإلعالمي ،كما شمل التواصل القول :إن مسلمي أوروبا ّ الدائم مع املسلمني وغير املسلمني ،من فئات متعددة ،وأول وم��ع حتفيز مسلمي أوروب ��ا عموما على جت��اوز القصور سؤال ضروري لتوضيح الصورة هو :من هم مسلمو أوروبا؟.. والتقصير ،واألمل في مضاعفة جهودهم على هذا الصعيد، ليس مسلمو أوروب��ا فئات غلبت على احلديث اإلعالمي يبقى ثابتا وجديرا باالنتباه أن اإلعالميني األوروبيني املعنيني عنها صور منطية قدمية :وافدون ،جاليات ،أجانب ،متخلفون ،ال ينطلقون بصورة مماثلة من منطلق اجلهل عند حديثهم متشددون ،يحملون قضايا بلدانهم األصلية إلى أوروبا ..إلى عن فئات أخرى ،كالبوذيني من حيث الديانة ،أو الفييتناميني آخره ،بل هم بغالبيتهم العظمى: من حيث اجلنس ،ومن املؤكد أن البوذيني أو الفييتناميني أو فئات «شعبية» كما هو احل��ال مع سائر فئات املجتمع األرمن أو سواهم من فئات عديدة ال تنتسب إلى جنسية أوروبيةاألخرى.. أو ديانة أوروبية ،ال يبذلون للتعريف بأنفسهم وديانتهم جهدا أكبر مما يبذله مسلمو أوروبا ،ولكن يؤ ّدي اإلعالمي األوروبي يعملون في مختلف القطاعات..واجبه اإلعالمي كما ينبغي ،فيستقصي هو احلقائق ليكتب يدفعون الضرائب ويلتزمون بالقوانني..عندما يكتب عن علم وبينة ،وال يتحامل ليقال من بعد ،حتى ي�ش��ارك��ون ق��در املستطاع ف��ي كثير م��ن ج��وان��ب احلياة ألسنة «مسلمني» من خارج أوروبا :سبب التحامل هو اجلهل،الثقافية والعلمية واملهنية واملدرسية واجلامعية والتجارية وسبب اجلهل قصور مسلمي أوروبا!.. وحتى السياسية واالقتصادية واملالية واإلدارية واحلقوقية.. هم و�سواهم� ..سواء هذه الغالبية الكبرى ،هي الضحية قبل سواها عند إن الغالبية الكبرى من مسلمي أوروبا: التعامل كتابة وتص ّرفا بأسلوب التعميم مع (مسلمي أوروبا) ال تختلف ف��ي كثير م��ن ج��وان��ب حياتها االعتياديةمع اجلهل أن هذا الوصف يعني تلك الغالبية بنسبتها العالية السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
33
عن غالبية املسلمني في البلدان اإلسالمية إذا نظرنا إليها مبنظور انتماء إسالمي :أي من حيث تفاوت درجات تد ّينها، وتعدد طرق معيشتها ،وتباين أحاسيسها وأفكارها وأذواقها وم�ظ��اه��ره��ا ال �ع��ام��ة ..وك��ذل��ك م��ن حيث وج ��ود «ف��ري��ق» من الناشطني ي�ب��ذل ج�ه��دا مضاعفا أك�ث��ر م��ن س��واه للتعريف باإلسالم ،واألمثلة على هذا الفريق كثيرة ال ينفسح املجال ثم إن مشاركة نسبة مئوية محدودة من الناشطني ،وهم هنا للتفصيل فيها.. بدورهم نسبة مئوية محدودة من عموم مسلمي أوروب��ا ،في كما أن هذه الغالبية الكبرى ال تختلف في كثير من مثل تلك املظاهرات واالحتجاجات ،ليست استفزازية ،والجوانب حياتها عن غالبية سكان البلدان األوروبية عموما ،إذا حتريضية ،وال حتى مرفوضة أو مستهجنة أو مستغربة، نظرنا إليها مبنظور انتماء وطني :أي من حيث تعدد درجات ولم يسبق أن صنفتها األعراف والقوانني األوروبية احلديثة االلتزام بالقوانني واألنظمة ،وتفاوت مستويات املشاركة في حتت عنوان جرمية أو جنحة أو مخالفة لألنظمة ،سواء كان اإلنتاج والعطاء ،واختالف قوة التفاعل مع سلبيات املجتمع املشارك مسلما أو غير مسلم ،وسيان هل كان ما يعبر عنه وإي�ج��اب�ي��ات��ه ،وم��ع أح��زاب��ه وت �ي��ارات��ه ،وم��ع أوض���اع احلقوق موافقا لسياسات رسمية أم مخالفا لها. واحلريات والقضاء فيه.. ورغم متنّي أوضاع أفضل وأنشطة أكثر وتن ّوع أوسع ،ففي ليس في هذا وذاك ما يستحق االستغراب ،وال ما يستدعي الوقت احلاضر ميكن القول إن أنشطة الناشطني من مسلمي اللوم ،وإن كنّا أو كان بعضنا يتمنى من منطلق إسالمي أن تكون أوروبا متنوعة ،فإن كان من بينها ما يرتبط بأحداث البلدان الغالبية أكثر عطاء ومتثيال حلقيقة اإلس�لام ،وأكثر عطاء اإلسالمية ،فمن بينها أيضا قضايا أخرى مشتركة ،كقضايا وتفاعال مع غير املسلمني من غالبية السكان ،إمنا ال ميكن البيئة وامل �ن��اخ والبطالة وهيمنة امل��ال على صناعة القرار اعتبار أوضاع هذه الغالبية من مسلمي أوروبا ،التي ال تختلف السياسي .ولئن انتشر االنطباع بأن تعدادهم في هذه امليادين عما منخفض ،ف��رمب��ا يتبني عبر دراس ��ة ق��ومي��ة ،أو عبر مج ّرد «عموما» عن أوضاع سواهم ،مس ّوغا لتحميلهم املسؤولية ّ يصنع املتطرفون ،ال سيما من اليمني األوروبي ،من قبيل ما إمعان النظر أن نسبة وجود املسلمني إلى تعدادهم في أوروبا باملجموع ،ليست أقلّ من نسبة وجود غير املسلمني في تلك شهدته الساحة السويسرية مؤخرا ،وشهده سواها من قبل. امليادين إلى تعداد مجموع السكان في أوروبا ،فهم موجودون التفاعل مع �أحداث ال�ساعة كسواهم م��ن الفئات السكانية -ف��ي مثل ه��ذه األنشطةإن األنشطة التي ميارسها مسلمو أوروبا أو نسبة منهم ،وسواها ،كما سبقت اإلشارة. واملعتاد أن يكون الناشطون في كل فئة سكانية قلّة ..وهذا هو ال�شذوذ� ..شذوذ ال ُيع ّمم احلال مع مسلمي أوروبا -هذه األنشطة: إن ش��ذوذ أف��راد أو جماعات -محدودة العدد والتأثير ال تقتصر على ما يوصف ع��ادة بالنشاط «السلبي»قطعا بالقياس إلى حجم «الكتلة البشرية» للمسلمني في أي املظاهرات واالحتجاجات ،وغالبها في الوقت احلاضر أوروب��ا -هو من املمارسات املرفوضة الضارة املؤذية ..كارتكاب ما تثيره أح��داث وقضايا سياسية وأمنية وإنسانية أصبحت العنف غير املشروع «إرهابا» ،أو اإلعالن عن مواقف تفتقر إلى البلدان اإلسالمية مستهدفة على صعيدها.. املوضوعية والفهم معا «تط ّرفا».. بل أصبحت سياسات الغرب املسؤولة عن هذا االستهداف ولكن هذا الشذوذ محدود ،كما ونوعا..سياسات مرفوضة عند غالبية أهل البلدان الغربية عموما ٍ يستحق اإلدانة والرفض واللوم والتنبيه والنقد ..إمنا فيوفق استطالعات الرأي وتطور الوعي مبا يجري عامليا ،كما يشهد على ذلك تنامي معارضة حرب أفغانستان بعد معارضة حدود ما يستحقه فعال ،وما يتناسب مع حجمه احلقيقي، حرب العراق ،ونصرة أهل غزة بعد احلرب عليهم واستمرار وليس بأسلوب التعميم.. حصارهم.. ثم إنه شذوذ عن أوضاع الغالبية الكبرى من مسلمي أوروبا ،اللقد خرج املاليني متظاهرين إب��ان انتفاضة األقصى يختلف كما وال نوعا عن شذوذ فئات من األوروبيني غير املسلمني وإب ��ان اح�ت�لال ال �ع��راق ،فهل ميكن اع�ت�ب��ار وج��ود نسبة من أيضا ،ترتكب العنف وتتخذ من املواقف املفتقرة إلى املوضوعية املسلمني بينهم قريبة من نسبة املسلمني إلى عموم السكان ،والفهم معا ما تتخذ ،في قضايا سياسية وغير سياسية.. في أوروب��ا ،وب�ين ه��ذه األنشطة وإن تضاءل حجمها ،كما ال ينبغي قطعا الزعم أن املسلمني في أوروب��ا(واف��دون فحسب) يهتمون بقضايا بلدانهم األصلية ..فهذا تشويه كبير للواقع الفعلي املشهود ،أو صورة عتيقة لم يعد لها في الوقت احلاضر وجود يذكر!..
أمرا سلبيا ..أم صورة من صور االندماج والتالقي على أرضية إنسانية وسياسية مشتركة؟..
ال بد في التعامل مع كل شذوذ من مالحظة أساسية:
ال أحد يتعامل مع عموم غير املسلمني من سكان أوروباال ينبغي قطعا الربط بني التحامل على الوجود اإلسالمي وكأنهم «حاضنة» لشذوذ «القلّة» من املتطرفيني والعنصريني
34
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
وغيرهم في صفوفهم.. ه��ل مي�ك��ن ت��وج�ي��ه االت �ه��ام أو حتميل امل�س��ؤول�ي��ة عن وال ينبغي ألح��د أن يتعامل مع مسلمي أوروب��ا كما لو التخ ّوف من املسيحية في بلدان ذات غالبية إسالمية ،رغمأن�ه��م حاضنة ل�ش��ذوذ «ال�ق�ل��ة» م��ن املسلمني م��ن املتطرفني أن مظاهر ممارستها أوسع نطاقا مبا ال يقارن ..ناهيك عن أنشطة التنصير؟.. والعنصريني في صفوفهم.. إن معاجلة الشذوذ مطلوبة على كل حال ،واإلسهام في ذلك مطلوب من كل قادر عليه ،إمنا ال ميكن أن يساهم في ذلك إسهاما إيجابيا ،أن ينزلق اصحاب األقالم اإلعالمية في بلدان إسالمية ،إلى ما ينزلق إليه إعالميون غربيون ،يتناقص عددهم تدريجيا ،ميارسون عمدا أو جهال ،انحيازا مرفوضا ض��د فئة سكانية بعينها ،عبر تركيز احلملة على مسلمي أوروبا ،تركيزا يأخذهم جميعا بجريرة أفعال قلّة منهم. مزاعم اال�ستفزاز عرب مظاهر �إ�سالمية على صعيد مظاهر احلياة اإلسالمية في بلدان غير إسالمية ،كاحلجاب واملساجد واألعياد واألذان ،وما شابه ذلك، وحتى امتناع التلميذات املسلمات عن السباحة املختلطة في امل��دارس ،أو املشاركة في رح�لات مدرسية مختلطة لعدة أيام ..جميع ذلك وأمثاله مما ُيصنّف حتت عنوان مظاهر أو خصوصيات إسالمية:
ال بد من التأكيد أن مظاهر الوجود اإلسالمي في أوروبا «حتدي» سكانها من غير املسلمني ،وال صيغة ال تأخذ صيغة ّ استفزاز أو استعراض أو مبالغات ،بل قد ال تصل درجة توافرها إلى تلبية االحتياجات األساسية ذات العالقة بها ،وال تستنفذ ما تسمح به القوانني السارية املفعول. الق�صور والتق�صري ال أح��د ف��ي األوس ��اط اإلس�لام�ي��ة ف��ي أوروب ��ا ي�ق��ول إن األنشطة اإلسالمية خالل عدة عقود ماضية ،قد أ ّدت جميع واجباتها ،ليس في ميدان إعطاء صورة قومية محببة مقبولة عن اإلس�لام واملسلمني فحسب ،بل أيضا في ميادين تلبية احتياجات املسلمني وأطفالهم وناشئتهم واملتقدمني من السن منهم والعاملني في املصانع والطلبة في اجلامعات والتالميذ في امل��دارس ناهيك عن الفقراء والعاطلني عن العمل والالجئني السياسيني واملهاجرين ف��رارا من احلروب والنزاعات املسلحة واألوضاع االقتصادية املنهارة.
ميكن أن نرصد ت�ف��اوت انتشاره ب�ين بلد أوروب ��ي وآخرإن القصور والتقصير م��وج��ودان ومعروفان واجلهود تبعا لتفاوت القوانني واألنظمة والتوجهات الشعبية في للتعويض عن النتائج قائمة ومتصاعدة ،إمنا لهما أسباب املجتمع.. ومعطيات تاريخية م�ع��روف��ة ،منها م��ا ي�ع��ود إل��ى املسلمني مثلما نرصد تفاوت انتشار املظاهر املسيحية في بلدان وتنظيماتهم ،ومنها ما يعود إلى التخلي عنهم وعن دعمهمإسالمية ،تبعا لتفاوت القوانني واألنظمة والتوجهات الشعبية باألمس من جانب كثير من املسلمني في البلدان اإلسالمية في املجتمع.. ممن يلومونهم اليوم وينتقدونهم. وال ينبغي أن يكون هذا وال ذاك ضحية مبالغات إعالمية ال انشغل املسلمون الوافدون قدميا بقضايا بلدانهم األصلية أصل لها ،وافتراءات ال تخدم مصلحة أحد. أكثر مما ينبغي لفترة من الزمن ..ولكن اجلدير بالذكر هنا، وقد كشفت احلملة على النقاب في فرنسا مثال ،أن عدد املتنقبات بني ماليني املسلمات ال يتعدى العشرات.. وانكشف في مناسبات أخرى أن عدد املعلمات املسلمات احملجبات في بلد كأملانيا (زهاء 4ماليني و 300ألف مسلم) ال يصل إلى العشرات ،واستهدفتهن قوانني حظر «التدريس» مع ارتداء احلجاب.. وال يكاد يرتفع األذان في أي مكان من أوروبا (كأجراس الكنائس في البلدان اإلسالمية) إال في ح��االت أقل من أن توصف بالنادرة..
أن هذا االنشغال كان ينطلق من توجهات قومية وشيوعية وعلمانية ويسارية أكثر بكثير م��ن توجهات إسالمية ،فلم تتبدل الصورة إال مع أواخر سبعينات القرن امليالدي العشرين، مع انتشار الصحوة اإلسالمية ،وآنذاك فقط بدأ وصف هذا االهتمام بأنه «سلبي» ،ثم تضاءل حجمه واضمحلت مظاهره م��ع ازدي���اد نسبة املسلمني م��ن أه��ل ال �ب�لاد األص�ل�ي�ين ومن مواليد اجليل الثاني والثالث ،فأصبح -كما سبق احلديث- في ح��دود ما يعادل اهتمام غير املسلمني بقضايا البلدان اإلسالمية من منطلقات الغرب على صعيد حرية التعبير «حتث» الدساتير والقوانني واملشاركة السياسية وغير ذلك مما ّ والتوجيهات الثقافية والفكرية والتربيوية عليه.
وكشفت حملة حظر امل��آذن في سويسرا أن عددها أربعة فقط ،وأنها في حدود عشرة في املائة وأدنى من ذلك بالنسبة إلى لم تعد هذه القضايا إذن طاغية على األنشطة اإلسالمية،تعداد املساجد واملصليات في معظم البلدان األوروبية األخرى ..ب��ل ميكن ال�ق��ول إن املبالغة قدميا حتولت إل��ى تقصير ،ال فما الذي يس ّوغ اتهام مسلمي أوروبا باستفزاز سواهم عبر سيما عند املقارنة بتزايد عدد املنصفني من غير املسلمني مظاهر تدينهم ،ويس ّوغ حتميلهم املسؤولية عما يجري نشره وظهورهم للعيان مبواقفهم وأنشطتهم ،في مثل قضايا العراق وأفغانستان وفلسطني والصومال ،ويبقى مقياس التقصير من تخويف من اإلسالم في أوروبا؟.. السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
35
هو أن هذه القضايا املعنية ،تتجاوز بأبعادها ونتائجها حدود «مسلمني وغير مسلمني» و»بلدان إسالمية وغير إسالمية».. فهي قضايا «عاملية» بأحداثها« ،إنسانية» بجوهرها ،تفرض فرضا العمل م��ن أجلها ،س��واء حت��ت ع�ن��وان أدي��ان سماوية ترفض الظلم وما يصنع الظاملون ،أو حتت عناوين اإلنسان الكف عن تصوير مشاركة وحقوق اإلنسان وحرياته ..ويجب ّ املسلم في ذلك ،سواء كان في أوروبا أو في غيرها ،جرمية أو خطأ ،بل اجلرمية واخلطأ أال يشارك ..وهذا ما ميكن اعتباره تقصيرا ف��ي ال��وق��ت احل��اض��ر ،فاملشاركة ضعيفة ،وضعفها كأن هذا العجز يدفع من يستشعره أو من يريد إنكاره يستحق االستغراب ،إمنا يثير استغرابا أكبر أن تعتبر أقالم داخ��ل البلدان اإلسالمية ،إل��ى البحث عن مسؤول عن هذا إعالمية في البلدان اإلسالمية مثل تلك املشاركة املفروضة اخللل الكبير ،ويجد في مسلمي أوروبا «كبش الفداء»!.. دينيا وإنسانيا «مستفزة» إذا شارك مسلمو أوروبا فيها!.. -2كثير من اللوم والنقد ينطلق مما ساد من صور منطية نتائج القصور والتقصير قدميا تظهر في الوقت احلاضر مرفوضة داخ��ل البلدان اإلسالمية عن التعامل مع قضاياف��ي ميادين أخ ��رى ،كتعليم ال��دي��ن اإلس�لام��ي ف��ي امل ��دارس ،اإلسالم واملسلمني ،وقضايا اإلنسان والعالم ،فيغلب التعميم وافتقاد ما يكفي من دور حضانة أطفال تراعي االحتياجات دون متحيص ،ويغلب م��ا يسمى «جلد ال ��ذات» على الرؤية اإلسالمية ،وغياب املؤسسات االجتماعية والثقافية والرياضية املتكاملة للصورة ،وإذا مبا تفعله فئات من غير املسلمني ،في وماشابهها مما يراعي األط��روح��ات اإلس�لام�ي��ة ..واملطالبة ال��دول األوروبية ،متعصبة متشددة متحاملة حتى مبوازين حاليا بذلك ،ال تتجاوز حدود ما تقرره الدساتير والقوانني تلك ال��دول وع�م��وم أهلها ،يجد عند تلك األق�ل�ام ص��ورا ال واألع� ��راف األوروب��ي��ة ،وق��د ت��رك��زت ج�ه��ود مسلمي أوروب���ا أو مس ّوغ لها من التبرئة ،أو التجاهل ،لتبحث عن أسباب ما الناشطون منهم على هذه امليادين ،وبدأت ثمار ذلك بالظهور تصنعه عدوانا عند ما يصنعه مسلمو أوروبا عموما أو ما ال تدريجيا ..إمنا يحتاج كل تطور من هذا القبيل إلى ما يكفيه يصنعونه تقصيرا ،ولو كان هؤالء مالئكة ميشون على األرض، من الوقت ،واملفروض بدال من توجيه اللوم إلى مسلمي أوروبا ملا تخلت تلك الفئات عن تعصبها وتشددها وحتاملها ضد بسبب قصور وتقصير قدميا ،احلرص على تقدمي الدعم لهم ،اإلسالم واملسلمني. وتبني احتياجاتهم ،أو الكف عن لومهم ونقدهم على األقل. -3من يطلع مبا فيه الكفاية على ما كتب في اإلعالم واجلدير بالذكر أن الدول الغربية جميعا ،ال تنقطع عن األوروب��ي وص��در عن مسؤولني أوروب�ي�ين من غير اليمينيني تأييد مطالب تلبية احتياجات املواطنني من غير املسلمني في املتشددين والعنصريني ،من مواقف منصفة بعد استفتاء البلدان اإلسالمية ،ومع التأكيد بأن تلبية هذه املطالب هي في سويسرا ب��ال��ذات ،ويقارنه بغلبة ال�ل��وم والنقد ف��ي الساحة صميم ما يقرره اإلسالم ،فال أقل من املعاملة باملثل ،أي ال أقل اإلعالمية العربية جتاه مسلمي أوروبا ،يعجب من حقيقة أن من أن تؤدي احلكومات املعنية في البلدان اإلسالمية واجبها اإلنصاف يزداد ظهورا للعيان في أوروبا نفسها مقابل ازدياد في مطالبة الدول األوروبية بتلبية احتياجات املسلمني من التحامل في بلدان املسلمني على مسلمي أوروبا ،وأن اخلشية املواطنني األوروبيني ،وأن يؤدي اإلعالم في البلدان اإلسالمية من أفاعيل الفئات املتطرفة املتعصبة املتشددة جتاه اإلسالم واجبه ببيان هذه االحتياجات ودعم املطالبة بها. أصبحت تلحق ضررا كبيرا بأوروبا وأهلها من مسلمني وغير مسلمني ،مقابل غلبة أسلوب التسويغ -ولو عن غير قصد- �أ�سباب �أخرى للوم والنقد في متابعة حدث من قبيل ذلك االستفتاء ونتائجه. ال يراد بعد محاولة عرض واقع مسلمي أوروبا اخلوض -4إن التشنج ف��ي ط��رح مواضيع ال��وج��ود اإلس�لام��ي في بالتفصيل في جوانب أخرى تكمن فيها أسباب أعمق لتح ّول ملحوظ ف��ي «ب�ع��ض» م��ا يكتب وينشر ف��ي البلدان العربية أوروب��ا من مختلف جوانبه ،مرفوض على صعيد مواجهة واإلسالمية عن أح��داث أوروبية مثل استفتاء سويسرا ،من املتطرفني م��ن غير املسلمني وحمالتهم املتوالية ألسباب التركيز على أسبابه الكامنة في وجود متطرفني في عدائهم تاريخية وذات�ي��ة في ال��درج��ة األول ��ى ..ولكنه مرفوض أيضا لإلسالم واملسلمني ،إلى التركيز على مسؤولية مسلمي أوروبا في التعامل مع املسلمني أنفسهم .وإن املوضوعية املطلوبة أو قصورهم وتقصيرهم عن أداء واجباتهم .إمنا ميكن التلميح في التعامل مع هذا وذاك هي التي تتطلب أن يكون احلديث إلى بعض تلك األسباب: عن الوضع القائم حديثا موضوعيا متوازنا ،عن علم ال يلقي -1حالة العجز املنتشرة على ام�ت��داد العالم اإلسالمي عن مواقف وردود وسياسات وعن طرح فكري وعملي ملواجهة أساليب التعامل السياسية وغير السياسية من جانب الدول الغربية ،ومراكز صناعة القرار فيها ،سياسة وفكرا وإعالما، جت��اه اإلس�ل�ام واملسلمني ،وق��د غلبت السلبيات عليه ،بدءا ب��احل��روب اإلج��رام �ي��ة امل��دم��رة م� ��رورا مبسلسل اإلس� ��اءات واالفتراءات املتعاقبة انتهاء بالقوانني «االستثنائية» وحتى االستفتاءات غير املشروعة على حقوق إنسانية ثابتة..
36
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الكالم على عواهنه ،وعن بحث واستقصاء ال يدع لالرجتال تفاؤال موضوعيا مبا ميكن أن يتحقق في املستقبل املنظور، في طرح األحكام مكانا ،وعن اطالع وتواصل ال يغلب عليه تدافع املسؤولية وتبرئة الذات بتوجيه أصابع االتهام لآلخر .على أيدي جيل املستقبل ،فشبيبة املسلمني في أوروبا ،ذكورا -5إن التغيير إلى األفضل مطلوب على ال��دوام ،والعمل وإناثا ،بدأت متتلك تدريجيا أسباب عطاء أفضل وجهد أكبر، من أجله مفروض على الدوام ،واملسؤولية عن ذلك مسؤولية مشتركة ،وال�ت�ع��اون ض��رورة م��ن ض ��رورات حتقيقه ..إمن��ا ال فاألمل كبير دون إغفال النواقص والسلبيات ،وال العقبات ينبغي أن ينتظر أحد التغيير إلى األفضل بني ليلة وضحاها ،الذاتية واخلارجية ..إمنا لن تساهم في حتقيق األمل زيادة وال تبديل ما استقر في املجتمعات من أسباب تساعد على التغيير أو تعرقله ،دون جهد متواصل صادر عن وعي يتنامى ال �ل��وم وال�ت�ق��ري��ع وال�ن�ق��د دون روي ��ة ،ب��ل يساهم فيه الدعم ويتالقى عليه اجلميع لتتكامل جهودهم وإن تعددت نظراتهم ومنطلقاتهم وأساليبهم ووسائلهم في العمل .ومن يقارن بني والتشجيع مع النقد والنصيحة وف��ق رؤي��ة متوازنة ،وروية أوض��اع اإلس�لام واملسلمني في أوروب��ا بني ما كانت عليه قبل جيل واحد وما أصبحت عليه اليوم ،ال ميكن إال أن يتفاؤل مستدمية ،وصدق في الطرح ،وصدق في العطاء.
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
37
دراسات إسالمية
هل في اإلس�لام نظام للدولة أم م���رج���ع ل���ل���ق���ان���ون؟ را�شد الغنو�شي مفكرا �سالمي – تون�س هل يعني ت�أكيد وثاقة ال�صلة بني الدين وال�سيا�سة بني الدين والدولة يف الإ�سالم ،التي متثل الركن الركني يف �إيديولوجية احلركة الإ�سالمية املعا�صرة� ،أن ن�صو�ص الوحي كتابا و�سنة وهي امل�صدر الأعلى للت�شريع قد حملت نظاما �سيا�سيا لدولة حمدد املعامل ال ي�سع امل�سلم غري الإميان به ومواالته على غرار حمكمات الدين العقدية وال�شعائرية؟ �أم �أنه لي�س يف املجال �إل��زام ،و�أن امل�سلم �إذا قام ب�شعائر دينه فلي�س ي�ضريه �أن ينتمي �إىل �أي نظام يحرتم ذلك؟! ما هو بالتحديد نوع العالقة بني الدين والدولة يف الإ�سالم �إذا كان م�سلّما وجود عالقة خ�صو�صية بينهما تختلف عن ديانات �أخرى وال ميكن �أن ت�سعها عالقة الف�صل املتعارف عليها كما تبلورت يف ثقافة احلداثة �أو العلمانية املعا�صرة وبخا�صة يف �صيغتها اليعقوبية الفرن�سية؟
أ -رفعا لهذا اللبس أورد احملقق الكبير د .محمد عمارة خالصة ملا انتهى إليه القانوني الكبير صاحب كتاب «اخل�لاف��ة» الدكتور عبد ال��رزاق السنهوري :من أن اإلسالم ميتاز بأنه دين ودولة ،وقد أرسل النبي ال لتأسيس دين وحسب بل لبناء قواعد دولة تتناول شؤون الدنيا ،فهو بهذا االعتبار مؤسس احلكومة اإلسالمية كما أن��ه نبي املسلمني ,هو بصفته مؤسس حكومة كانت له الوالية على كل من كان خاضعا لها سواء كان مسلما أو غير مسلم. وبوصف كونه نبيا لم يكن يطلب من غير املسلمني من الذين تركهم على دينهم االعتراف بنبوته .من هنا وجب التمييز بني الدين والدولة .وإن كان اإلسالم يجمع بني الشيئني .وفائدة هذا التمييز أن مسائل الدين تدرس بروح 38
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
غير التي تدرس بها مسائل الدولة ،والفقهاء أدركوا أهمية هذا التمييز فوضعوا أبوابا للعبادات وأبوابا للمعامالت وبذلك فرقوا بني املسائل الدينية وبني القانون مبعناه احلديث. «اخلليفة ال ميلك من سلطة التشريع شيئا وال يشترك فيها واخل�ل�ي�ف��ة ل�ي��س ح��اك�م��ا م��دن�ي��ا وح �س��ب ب��ل ه��و أيضا الرئيس الديني للمسلمني ولكنه ال ميلك سلطة روحية وما دام للمسلمني قانون إسالمي فلديهم حكومة إسالمية. ومل��ا كانت األح�ك��ام الدنيوية تتطور وك��ان ال بد من انقطاع الوحي بقبض الرسول عليه السالم أصبح محتما أن يكون للمسلمني م �ص��در ث��ال��ث للتشريع ه��و إج �م��اع األم� ��ة ،من طريق وج��ود طائفة ينوبون ع��ن األم��ة متلك ق��وة التشريع ف��ي ح��دود ال�ك�ت��اب وال�س�ن��ة .واخلليفة ال ميلك م��ن سلطة ال�ت�ش��ري��ع شيئا وال ي�ش�ت��رك فيها واخل�ل�ي�ف��ة ل�ي��س حاكما م��دن�ي��ا وح �س��ب ب��ل ه��و أي �ض��ا ال��رئ �ي��س ال��دي �ن��ي للمسلمني ولكنه ال ميلك سلطة روحية (اإلس�ل�ام والسياسة ص .)93 ب -مفكر إس�لام��ي آخ��ر م��ن رج��ال القانون ه��و الدكتور محمد سليم العوا تصدى هو كذلك لرفع اللبس عما ميكن أن يحيط بشعار «اإلس�لام دين ودول��ة» من ظالل دميقراطية مخيفة فتساءل :ماذا يعني أن اإلسالم دين ودولة؟ «إن إث�ب��ات وج��ود ن�ظ��ام حكم م�ح��دد امل�ع��ال��م والتفاصيل في مصادر اإلس�لام الرئيسية القرآن والسنة أمر دون��ه خرق القتاد ،فالقرآن والسنة ال يتضمنان نصا عن كيفية اختيار احلكام وكيفية محاسبتهم وكيفية عزلهم وال عمن يعينهم على واليتهم وال في املصدرين نص خاص بالسلطة القضائية ومن يتوالها وال جند حتديدا ملن يتولى التشريع فيما ال نص فيه ،لذلك جل��أ املسلمون السابقون إل��ى س��د ه��ذه املناطق
الفراغ باالجتهاد على نحو ما بني اجلويني بقوله ال مطمع التاريخ دون وجود نظام سياسي يقوم على إنفاذها ،وهو ما في وج��دان نص من كتاب الله في تفاصيل اإلمامة ،فحمل يوجب على املسلمني بذل الوسع في تأسيس هذا اجلهاز إن لم عبارة (دين ودولة) عندما يوصف بها اإلسالم ال يصح إال على يكن موجودا ،أو العمل على إصالحه في حالة وجوده» محمل واح��د هو وج��وب اجتهاد العلماء املؤهلني لذلك في أن هذه الدولة اقتضتها أيضا ضرورات االجتماع البشري،املسائل السياسية مما يتصل بسلطات الدولة الثالث ،لكن مبا لم تبرأ معه من ممارسة القهر وأن تكون وعاء لصراعات املضمون الصحيح للعبارة املذكورة هو أن اإلسالم دين يتعبد القوة على النفوذ والثروة ،فهي منتوج بشري ال ميلك قداسة به ويتقرب به إلى الله بفعل مأموراته وترك منهياته ويطلب وال عصمة وال تأمينا ض��د امل�ي��ل الطبيعي ل��دى القائمني الثواب اإلضافي باحلرص على مندوباته ونوافله ،وهو شريعة عليها باعتبارهم بشرا إلى االنفراد واالستئثار ،وليس لها قانونية حتكم تصرفات الناس وأفعالهم من بيع وشراء وزواج من شرعية غير ما تستمده من شعبها ،واإلسالم في مقصد وط�لاق وميراث ووصية وجرائم وعقوبات ..بحيث ال يكون أساسي من مقاصده مسعى لالرتقاء بهذا اجلهاز اخلطير إلى باملسلمني حاجة الستيراد القانون من غيرهم ،فاملقصود أفق إنساني أخالقي يؤنّسه ويهذبه ويسخره خلدمة مقاصده بكلمة دول��ة في هذا املقام هو الشريعة التي ،أقلها نصوص االستصالحية. صريحة قطعية الورود والداللة ،وأكثرها ظني فيهما أو في الصلاَ َة قال تعالى{ :ال َِّذينَ ِإن َّمكَّ ن ُ َّاه ْم ِفي الأْ َ ْر ِض أَ َق ُ اموا َّ أحدهما ،والفقه املبني على النوعني هو اجتهاد بشري عرفه وف َو َن َه ْوا َع ِن المْ ُن َك ِر َو ِل َّل ِه َع ِاق َب ُة الأْ ُ ُم ِور} الغزالي بأنه طلب الوسع بأحكام الشريعة ،فيكون املراد من َوآ َت ُوا الزَّ َكا َة َوأَ َم ُروا ِبالمْ َ ْع ُر ِ (احلج ) 41داعيا إلى اإلفادة من كل حكمة أنضجتها جتربة كون اإلسالم دينا ودولة هو قبول املرجعية اإلسالمية العامة حضارية ف��ي تقييد سلطان ال��دول��ة بتوزيع سلطاتها على التي تسمح بتعدد اآلراء وتنوعها في الشأن السياسي كما في أوسع نطاق وإط�لاق احلريات مبثل ما انتهت إليه التجربة كل شان إسالمي آخر وبذلك يتجنب املسلم الوقوع في القول الدميقراطية .ومتثل الشريعة مم��ا متثله قيدا على إرادة بالفصل التام بني الدين والسياسة .كما يتجنب الوقوع في اإلطالق لدى احلكام ،العدو األلد ألعظم مقاصد اإلسالم: وهم أن النظام السياسي املقبول إسالميا هو نظام بعينه ال إقامة العدل ودفع اجلور . يصح االختالف حوله وال االجتهاد في تفاصيله». أن هناك متييزا ضروريا بني اإلسالم باعتباره دينا يتع ّبدوليس في نظر العوا ملزما للحاكمني واحملكومني في املجال به وبني اإلس�لام باعتباره شريعة وقانونا ،مبا يجعل احلمل السياسي -واحلال أن املسالة السياسية كلها اجتهادية -غير املشروع لتعريف اإلس�لام بأنه «دي��ن ودول��ة» أن��ه دي��ن وقانون «جملة من القيم نطقت بها نصوص الوحي مثل مبدأ األمر تعضده ال��دول��ة بحسب تعبير ابن أو دي��ن وشريعة ،أو دي��ن ّ باملعروف والنهي عن املنكر وقيمة الشورى وهي واجبة على عاشور. احلاكم ابتداء وانتهاء .وقيمة العدل في احلكم وفي القضاء ه��ذا التمييز ب�ين ال�ش��ري�ع��ة وه��ي ال �ق��ان��ون اإلسالميوالنهي عن الظلم ،وكذا األمر بحرية الرأي السياسي وسائر احلريات ،وال تقل عن ذلك قيمة املساواة ومساءلة احلاكم للدولة وللمجتمع ولألفراد وبني الدولة باعتبارها مؤسسة باعتباره ليس فوق املساءلة ..إلى هذه القيم اإلسالمية امللزمة للقوة تتشكل من أجهزة يديرها أشخاص تصدر عنهم أوامر نحتكم ونحن ندير النظر في كيفية تأسيس النظم السياسية وسياسات هي صناعة بشرية معرضة للوقوع في األخطاء املعاصرة على هدي اإلسالم وتعاليمه ،وال باس علينا إن نحن وامل �ظ��ال��م ،ه��ذا التمييز يفسح امل �ج��ال أم ��ام ح��ري��ة ال��رأي أخذنا بالوسائل التي سبقنا إليها غيرنا من األمم والشعوب» .واالجتهاد والنقد والتعدد بكل أن��واع��ه ،مبا في ذل��ك ظهور أمناط من الدول متعددة ومختلفة في مدى قربها أو بعدها (النظام السياسي في اإلسالم .)103 من العدالة ،يلحقها كلها الوصف اإلسالمي ما دامت مستندة وهكذا يتلخ�ص من كل ما �سبق: إلى مرجعية اإلسالم التشريعية ،وهو غير كاف ليشكل ضمانا أن الدولة في اإلسالم مطلب اقتضاه الدين مبا تضمنه اللتزامها العدل في كل األحوال وال هو عاصم لها من الوقوعمن شرائع وجاء به من قيم ،وال ميكن أن تأخذ طريقها إلى في الظلم والتجبر ،ما لم يتم تفعيل جملة مقاصد اإلسالم التاريخ دون وجود نظام سياسي يقوم على إنفاذها ،وهو ما وقيمه في صياغة نظام سياسي يترجم تلك القيم واملقاصد يوجب على املسلمني بذل الوسع في تأسيس هذا اجلهاز إن لم ويفيد من جتارب املاضي واحلاضر في احلد من امليل الطبيعي يكن موجودا كما فعل املسلمون بزعامة نبيهم صلى الله عليه للملك إلى االنفراد (ابن خلدون). وسلم ،أو العمل على إصالحه في حالة وجوده ،حتى يتواءم ال يكفي مطلب تطبيق القانون اإلسالمي (الشريعة)وأداء املهمة :إنفاذ الشرائع وفق مقاصد اإلسالم العليا وقيمه في معامالت الناس بيعا وش��راء وزواج��ا وطالقا ،في حترير في العدل والشورى واملساواة. مجتمعاتنا مما ترزح حتته من استبداد ووضعها على طريق « الدولة ف��ي اإلس�ل�ام مطلب اقتضاه ال��دي��ن مب��ا تضمنه النهضة ما دام الهرم مقلوبا أي ما دام السيد وهو الشعب من شرائع وجاء به من قيم ،وال ميكن أن تأخذ طريقها إلى هو املسخر أله��واء احلاكم ،خائفا منه ،يترقب أبدا ويتوقى السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
39
بطشه ،طامعا في مكرماته عبر التملق واخلنوع. إن عتبة ال��ول��وج إل��ى ح�ي��اة التحضر وجت ��اوز البربرية ومجتمعات احليوان القائمة هي االنتقال من سيادة منطق القوة والغلبة – وهو احلاكم اليوم في كل مجتمعاتنا على أنحاء مختلفة– صوب إعالء منطق احلق والعدل والقانون .
يسوغ التبشير به مجددا على ما كان عليه سلطانا فرديا ال يتورع عن البطش مبعارضيه .وفي ذلك بعض ما يسوغ ثورة الشيخ عبد الرازق عليه ،إال أن الرجل قد تورط من أجل ذلك في أخطاء منهجية شنيعة من مثل نفي الصفة السياسية ع��ن عمل النبي عليه ال �س�لام .وإخ��راج��ه عليه ال �س�لام في صورة الواعظ ،في استنقاص لعمله التأسيسي لدولة وأمة وحضارة .وال��ذي أدى به إلى ذلك عدم التمييز املذكور بني الدولة والقانون (الشريعة) حتى أعطى انطباعا بأنه يشمل اجلميع باعتراضه.
مطلب تطبيق الشريعة مبفاهيمها السائدة التي يغلب عليها الزجر ،ال يكفي بل قد ال تكون له عالقة أصال بل قد يكون صارفا لألنظار عن املشكل احلقيقي ال��ذي تتلظى به أمتنا مند قرون ط��وال ،مشكل االستبداد وإقصاء األمة عن شأنها أي عن ممارسة سيادتها وقوامتها على من توظفهم وهو نفس اخلطأ القاتل الذي وقعت وتقع فيه اجلماعات من احلكام خلدمتها ،عبر إرساء وتأصيل نظام سياسي يحقق اإلسالمية التي اتخذت من تطبيق الشريعة على ما هي عليه لألمة استعادة سلطانها املسلوب ،وإدراج ذلك ضمن أوليات شعارها املركزي األثير مثل طالبان واحلركة اإلسالمية في الشريعة. السودان ،فلم يقدم لها ذلك أي ضمان من التورط في مظالم وليس لذلك من طريق في عصرنا غير تعبئة احلركة سياسية شنيعة من االنفراد واالستبداد والتنكيل باملعارضني اإلسالمية وحتشيد كل القوى الشعبية وراء مشروع للتغيير واج��دة العون على ذلك من اجلهاز الديني التقليدي الذي الدميقراطي ،فالدميقراطية في عصرنا هي التي استأصلت يعطي ل �ـ»ول��ي األم���ر» ح�س��ب مفاهيم ال�ش��ري�ع��ة املتوارثة، شأفة االستبداد وأعادت للشعوب سلطانها . صالحيات تكاد تكون مطلقة ،ما دام يعمل حتت لواء الشريعة. خطر استمرار هذا الغموض :هذا الغموض في التمييزولعمري إن ه��ذا اخللط ليس من شأنه إال أن يدعم حجج بني الشريعة قانونا وب�ين أنظمة للدولة مختلفة ميكن أن املعارضني للشريعة ،واخل��وف والتخويف منها ،كما سيثمر تطبق الشريعة في إطارها وحتى تلك البالغة حدا بعيدا من الظلم ،هو بعض ما حمل –فيما نحسب -الشيخ عبد الرازق ،إنتاج حركات بال حد وال عدد من جماعات التطرف واإلرهاب وقد ضاق ذرعا باألنظمة املتجبرة احلاكمة باسم الشريعة ،ومتزيق االجتماع اإلس�لام��ي شر مم��زق ،وذل��ك ما لم يرفع على نزع كل صفة دينية عن تلك ال��دول املنسوبة لإلسالم ،هذا اللبس وينقل الوعي اإلسالمي الرشيد األمة إلى ساحة حتى يجردها من كل قداسة تلتحف بها ومن مبررات وجودها املعركة احلقيقية في أمتنا ساحة اجلهاد الشامل لتحرير ما تبقى من دار اإلسالم حتت االحتالل وبخاصة فلسطني، وييسر ويشرع باب االنتقاض عليها. «ليس لنظام اخلالفة الذي ساد تاريخنا ما يفرض على وقصره على اجلهاد املدني السلمي الشامل ضد االستبداد املؤمنني تقديسه أو التستر على مظامله وإقصائه لسلطان من أجل قيام دولة الشعب دولة العدل واحلرية ،دولة املواطنة، األم��ة واستبداده به دونها ،وليس فيه ما يسوغ التبشير به دول��ة األم��ة نهاية ،حيث ي�ك��ون ملواطنيها يومئذ احل��ق في مجددا على ما كان عليه سلطانا فرديا ال يتورع عن البطش االختيار بحرية كاملة نوع القانون الذي ستحتكم إليه في مبعارضيه». إطار مبادئ العدالة وحقوق اإلنسان التي جاءت بها الرسل واحل���ق أن ��ه ل�ي��س ل�ن�ظ��ام اخل�ل�اف��ة ال���ذي س ��اد تاريخنا عليهم السالم وناضلت وال ت��زال من أجلها البشرية».إمنا م��ا ي�ف��رض على امل��ؤم�ن�ين تقديسه أو التستر على مظامله بعثت ألمتم مكارم األخ�لاق» رواه احلاكم وصححه األلباني وإقصائه لسلطان األم��ة واستبداده به دونها ،وليس فيه ما في «األحاديث الصحيحة».
40
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
دراسات إسالمية
نظرية عند عبد الرحمن الكواكبي طبائع االستبداد بقلم� :أ .حممد يتيم
في يوم من أي��ام شهر يونيو سنة 1902لفظ عبد الرحمن الكواكبي بعد عمر طويل من مناهضة االستبداد أنفاسه بالقاهرة ،وهو الذي تنفس أول أنسام احلياة ونشأ في سوريا ،وجاب البالد اإلسالمية يدعو إلى اإلص�لاح من مدخل إص�لاح نظام السياسة أي من خالل مقاومة االستبداد فعبد الرحمن الكواكبي ال��ذي خبر أوض��اع بلده وواقعها االجتماعي والسياسي والثقافي من خالل خبرته امليدانية رئيسا لقلم الناجمة عن عمله بالصحافة مند وقت مبكر من حياته ،وشغل العديد من الوظائف ،فكان ً ورئيسا للجنة األشغال العامة ،وقام وعضوا فخر ًّيا في جلنة امتحان احملامني، احملضرين في والية حلب، ً ً بأعمال عمرانية وجتارية ،كما عمل بالقضاء فكان يقصده أصحاب احلاجات لقضائها ،ويلجأ إليه أرباب يقر ظا ًملا املشاكل حللها ،بل كان رجال احلكم يستشيرونه أحيانًا فيبدي رأيه في جرأة وشجاعة وكان ال ُّ جائرا . على ظلمه وال يسالم ً عبد الرحمن الكواكبي هذا كان يصطدم في كل أعماله بنظام الدولة واستبداد احلكام وفساد اإلدارة ،وكان سالحه النزاهة واالستقامة والعدل ،فحاربه والة حلب ورجال الدولة في األستانةَ ،ف ��ز ِّورت عليه التهم ف��قُ � ِّ�دم للمحاكمة ،األمر الذي جعله يهاجر س ًّرا إلى مصر سنة 1316هـ1899/م لينشر فيها فصو ًال من كتابه (طبائع االستبداد ومصارع االستعباد ) ،الذي طور فيه نظريته في اإلص�لاح القائمة على أولوية إص�لاح النظام السياسي باعتباره مدخال إلح��داث النهضة واخلروج من داء االنحطاط ،على اعتبار أن الفساد السياسي ه��و أص��ل ك��ل ف�س��اد مب��ا ف��ي ذل��ك ف�س��اد التربية واألخ�ل�اق. يقول عبد الرحمن الكواكبي في تفسير دوافع تأليف الكتاب: ُ هجرت > إنني في سنة ثماني عشر وثالثمائة وألف هجرية الشرقُ ، دياري سرح ًا في ّ فزرت مصر ،واتخذتها لي مركز ًا أرجع سمي إليه مغتنم ًا عهد احل ّر ّية فيها على عهد عزيزها حضرة ًّ
عم النّبي ( العباس الثاني ) النّاشر لواء األمن على أكناف ُ فوجدت أفكار سراة القوم في مصر كما هي في سائر ملكه، ٌ ّ الشرق خائضة عباب البحث في املسألة الكبرى ،أعني املسألة االجتماعية في ّ الشرق عموم ًا وفي املسلمني خصوص ًا ،إمنا هم كسائر الباحثني ،كلّ يذهب مذهب ًا في سبب االنحطاط ُ الداء وفي ما هو الدواء. متحص عندي أنّ أصل ّ وحيث إني قد ّ السياسي ودواؤه دفعه ّ الدستورية» بالشورى ّ هو االستبداد ّ استقر فكري على ذلك ـ كما أنّ ُ لكلّ نبأ مستقراًـ > وقد َّ يخطر بعد بحث ثالثني عام ًا ...بحث ًا أظنّهُ يكاد يشمل كلّ ما ُ النظرة األولى، يتوه ُم فيه الباحث عند على البال من سبب ّ ِ أن يكشف بأهم أصوله، ولكن ،ال يلبث ْ أنهُ ظفر بأصل ّ ْ الداء أو ّ فرع ال أصل ،أو هو له التّدقيق أنّه لم يظفر بشيء ،أو أنّ ذلك ٌ نتيجة ال وسيلة السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
41
> غير أن عبد الرحمن الكواكبي سرعان ما يدفع ما قد بها أف�ك��ار إخ��وان�ه��م الشرقيني وين ِّبهونهم ـ السيما العرب يتوهمه البعض بأن الكتاب عبارة عن خطاب سياسي موجه منهم ـ ملا هم عنه غافلون ،فيفيدونهم بالبحث والتّعليل إلى نظام سياسي بعينه أو ردة فعل مباشر على اضطهاده ،وضرب األمثال والتّحليل (ما هو داء ّ الشرق وما هو دواؤه؟). بل إنه يلمح في مقدمة كتابه إلى أنه جاء ليمأل فراغا في مؤلفات علماء السياسة من القدماء واحملدثني ومن الكتاب السياسة بأنّه «إدارة ّ الشؤون وانطالقا من تعريفه علم ّ الصحفيني ف��ي التأليف ف��ي قضية االس�ت�ب��داد السياسي . املشتركة مبقتضى احلكمة؛ يكون ـ مبحث االستبداد حسب ولذلك فهو يؤكد على الطابع النظري للكتاب وأنه يهدف إلى ّصرفا السياسة ّ بناء منظومة نظرية تفسر أصل االستبداد السياسي وآليات الكواكبي ـ أ ّول مباحث ّ وأهمها بحث باعتباره ت ُّ في ّ الشؤون املشتركة مبقتضى الهوى» . اشتغاله (طبائع االستبداد ) وآثاره االجتماعية واألخالقية أما من الناحية املنهجية فإن صياغة نظرية مفسرة لنشوء واالق�ت�ص��ادي��ة (م �ص��ارع االستعباد ) ،ث��م بعد ذل��ك مداخل وأص��ول وآل�ي��ات اشتغال االس�ت�ب��داد وم��داخ��ل معاجلته متر معاجلة هذه اآلفة . ضرورة عبر اإلجابة عن األسئلة التالية ما هو االستبداد؟ ما يقول الكواكبي في توضيح ذلك : سببه؟ ما أعراضه؟ ما سيره؟ ما إنذاره؟ ما دواؤه؟ ً وأمة > وأنا ال أقصد في مباحثي ظامل ًا بعينه وال حكومة َّ و تتفرع عن هذه األسئلة أسئلة ومباحث أخرى منها :ما مخصصة ،وإمن��ا ُ أردت ب�ي��ان طبائع االس�ت�ب��داد وم��ا يفعل، املستبد شديد اخلوف؟ ملاذا وتشخيص مصارع االستعباد وما يقضيه وميضيه على ذويه ...هي طبائع االستبداد؟ ملاذا يكون ُّ املستبد؟ ما تأثير االستبداد على الدفني ،عسى يستولي اجلنب على رعية ّ ولي هناك ٌ قصد آخر؛ وهو التنبيه ملورد الداء ّ الدين؟ على العلم؟ على املجد؟ على امل��ال؟ على األخالق؟ ّ َّ أن يعرف الذين قضوا نحبهم ،أنهم هم املتسببون ملا حل بهم، فال يعتبون على األغيار وال على األق��دار ،إمنا يعتبون على على ال��تَّ � ِّ �ران؟م� ْ�ن ه��م أعوان �رق��ي؟ على التّربية؟ على ال�ع�م� َ تحمل االستبداد؟ كيف يكون التّخلص من ّ املستبد؟ هل ُي ّ رمق اجلهل و َف ْق ِد الهمم والتّواكل ..وعسى الذين فيهم بقية ٍ االستبداد؟ مباذا ينبغي استبدال االستبداد؟ من احلياة يستدركون شأنهم قبل املمات. وسنسعى م��ن خ�ل�ال احل�ل�ق��ات ال �ق��ادم��ة ب ��إذن ال �ل��ه إلى السياسيني ويقول أيضا> : ْ ولكن يظهر لنا أنّ احمل ِّررين ّ م��ن ال�ع��رب ق��د ك�ث��روا ،بدليل م��ا يظهر م��ن منشوراتهم في استعراض أجوبة عبد الرحمن الكواكبي مع بعض اإلسقاطات اجلرائد واملجالت في مواضع كثيرة .ولهذا ،الح لهذا العاجز التي يسمح بها الواقع العربي ،مع مساءلة القدرة التفسيرية أن ُأذكّر حضراتهم على لسان بعض اجلرائد العربية مبوضوع لنظرية الكواكبي وتقصي حدودها ،واألسباب التي أدت إلى ْ السياسية ،وق� َّ�ل م��ن ط��رق بابه منهم إلى إخفاق محاوالت النهوض عبر مدخل اإلصالح السياسي في املباحث �م � ه أ �و � ه ّ ّ اآلن ،فأدعوهم إلى ميدان املسابقة في خير خدمة ينيرون العالم العربي.
42
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
وسطـيتـنـا الوسطية مشروع األمة احلضاري د .هايل داوود
االنسان اجلديد �أ .فتح اهلل كولن
الوسطيــة هــي احلــل فــي السياســة واالقتصـــاد دولة .جنيب ميقاتي
رسالة عمان العدل اسمى معانيها �أ .مازن الفاعوري
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
43
وس��ط��ي��ت��ن��ا
الو�سطية م�ش��روع الأم��ة احل�ض��اري الدكتور هايل داود كلية ال�شريعة – اجلامعة الأردنية
أن نهضة األمة ال تكون إال إن من املسلمات التي نؤمن بها َّ َّ باإلسالم ،فهو املنهج الوحيد القادر على النهوض احلقيقي باإلنسان ،ليس من اجلانب املادي فقط ،ولكن من كل اجلوانب املادية والروحية واألخالقية ،ليحقق السعادة لإلنسان في إن املناهج الوضعية والفلسفات املادية قد تستطيع الدارينَّ .. ً ً أن تقدم لإلنسان في بعض األحيان رفاها ماديا ،إال أنها في الغالب غير قادرة أن تقدم له سعادة حقيقية ،وحياة إنسانية هانئة ،والتمزق ال��ذي تعيشه البشرية اليوم مع كل تقدمها املادي يؤكد ذلك ويقرره. ولكن أي إس�لام هو ال��ذي تنهض به األم��ة ،إن��ه اإلسالم احلقيقي ال��ذي يسع الناس ،القادر على إسعادهم وحتقيق الرخاء لهم ،اإلسالم املتسامح الرحب الواسع ،اإلسالم القادر على إش��ب��اع حاجة اإلن��س��ان الروحية وامل��ادي��ة ،ه��و اإلسالم الذي أبرز خصائصه الوسطية ويدل على ذلك قوله تعالى: { َو َك َذل َ َّاس} ِك َج َعلْنَا ُك ْم أ ُ َّم�� ًة َو َس ًطا ِلتَ ُكونُوا ُش َه َدا َء َعلَى الن ِ (البقرة.)143: إن الله عز وجل قد ربط بني وسطية األمة والشهادة على َّ الناس ،فاألمة املسلمة امللتزمة مبنهج الوسطية هي الشاهدة على الناس بأحقية هذا الدين ،وأنه املنهج احلق ،القادر على إسعاد اإلنسان وإخراجه من حالة الضعف والتخلف والشقاء والتمزق. إن األم��ة ال تكون ف��ي موضع ال��ش��ه��ادة إال إذا كانت في َّ أفضل حاالتها ،في كل جوانب حياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية واألخالقية والعلمية ،في فكرها وسلوكها ،في متدنها وحتضرها ،في إنسانيتها وقدرتها على تقدمي النوذج الذي يسعد اإلنسان دنيا وآخرة ،ويهذا تقدم شهادة حقيقية لهذا الدين ،جتعل األمم توقن بأحقيته وقدرته وصالحيته للحياة واإلنسان. 44
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
إن األم����ة إذا ك��ان��ت مم��زق��ة م��ف��رق��ة متخلفة ع��ن ركب َّ احلياة اإلنسانية ،يسودها التخلف السياسي واالقتصادي واالجتماعي والعلمي ،األمة التي تعيش حالة الفقر واألمية واجلهل وم��ص��ادرة احل��ري��ات لن تستطيع أن تقدم الشهادة احلقيقية لهذا الدين ،يل ستكون شهادة مزورة صادة عن دين إلن الناس في الغالب ال يفرقون بني الفكرة وحاملها، اللهَّ ، فإذا رأوا حال املسلمني وتخلفهم عن ركب اإلمم ربطوا بني هذا الواقع املتخلف واإلسالم. ملاذا ال ننه�ض �إال بالو�سطية؟ ألن الوسطية التزام احلد والصواب والعدل والفطرة َّ – 1 واملنهج الصحيح. ألن مقابل الوسطية ال يكون إال جتاوز احلد ،وجتاوز َّ – 2 احلد يخالف الفطرة ،وجت��اوز احلد إما إف��راط أو تفريط، وكالهما ال يؤدي إلى النجاح والنهوض. ألن الوسطية هي نظام إلهي يناسب هذا اإلنسان، َّ – 3 من حيث طبيعة هذا اإلنسان ،والغاية التي خلق لها ،فالله عز وجل أودع في اإلنسان حب التوسط ،والنفور من التنطع والتشدد ،ومن امليوعة والتسيب. إن الوسطية لها قدرة على التجديد واملرونة والتكيف َّ – 4 ومراعاة واقع العصر وتغير أحواله ،مما يكفل لها اإلنطالق باإلنسان في احلياة دون معيقات ،وفي نفس الوقت احملافظة على الثوابت ،فهي ليست ميوعة وال تفلتا من القيود ،ولكنها مرونة منضبطة بضوابط الشرع وروحه ومقاصده ،دون جمود على اجتهادات آنية اقتضتها ظروف مرحلة معينة ،فأصبحت في حس البعض ثوابت ومقدسات ال يصح االقتراب منها. إن اجلمود على املنقوالت وتقديسها دون نظر إلى ظروفها َّ ومالبساتها هو ض�لال في الدين كما ق��ال اب��ن القيم ،وهو
تضييق على الناس وحد من حركتهم ،ووضع قيود على مسيرة إلن الشرع أراد هذا ،وإمنا لعدم القدرة العمل والتطوير ،ليس َّ على التفريق بني الثابت واملتغير ،بني األص��ل وال��ف��رع ،بني احلكم الذي ال يتغير ،واحلكم املبني على علة متغيرة يتغير بتغيرها. إن األهداف والغايات الكبرى في النظام اإلسالمي ثابتة َّ راس��خ��ة ،ال يصح العبث فيها ،أم��ا الوسائل واآلل��ي��ات فهي متغيرة بحسب تغير املكان والزمات واإلنسان ،ف��إذا أخذت الوسائل حكم املقاصد أدى هذا إلى نوع من الغلو والتشديد أن الوسائل شرعت لتحقيق املقاصد ،فإذا على الناس ،ذلك َّ لم تؤدي إليها ،أو أدت إلى عكسها لم تعد مشروعة بل كما قال الشاطبي عادت على أصل مشروعيتها بالنقض. فاجلهاد مث ً ال شرع للدفاع عن الدين والنفس واملال والعرض واألرض ،فإذا لم يؤد إلى هذا بل إلى عكسه لم يعد مشروعاً، أن اجلهاد إذا كان من املؤكد أنه سيؤدي فقد قال الفقهاء َّّ إلى تضييع أرض املسلمني ،أو استئصال شأفتهم فال يعود مشروعاً ،وهو ما أشار إليه ابن كثير وهو يعلل سبب نهي الله عز وجل للمسلمني عن قتال الكافرين في مكة قبل الهجرة في تفسيره لقوله تعالى { :أَلَ ْم تَ َر ِإلَى ا َّلذِ ي َن قِ ي َل لَ ُه ْم ُكفُّوا أَيْدِ يَ ُك ْم إن السبب الصلاَ ةَ َوآتُوا ال َّز َكاةَ}(النساء ،)77:فقالَّ : َوأَقِ ي ُموا َّ أنهم قلة وأنهم في بلدهم وهو البلد احلرام ،واملسلم معروف أن بالتزكية وصلة الرحم ،وفي هذا إشارة منه رحمه الله إلى َّ القتال لم يشرع في مكة إلنه لو شرع وطلب من املسلمني ألدى إل��ى استأصالهم ألنهم قلة ،وألوج��د للكافرين حجة لقتلهم وإبادتهم ،كما سيؤدي إلى تقطيع أرحامهم والنفور منهم. ألن الوسطية اإلسالمية احتوت على مجموعة من َّ – 5 املبادىء التي تكفل النهوض باألمة إن حافظت عليها منها: أ – التوازن بني حق الفرد واجلماعة مبا يؤدي إلى إطالق طاقات األف��راد في العمل واإلنتاج ،وفي نفس الوقت إفادة املجتمع من بعض عائد عملهم وإنتاجهم. ب – التوازن في حق امللكية بني الرأسمالية التي أطلقتها بحيث أصبح اإلنسان بها وحشاً بال ضوابط ،مما أدى إلى أن يأكل القوي الضعيف ،وأدى إلى احل��روب اإلستعمارية التي أهلكت احلرث والنسل ،من أجل السيطرة على املوارد والثروات، وبني الشيوعية التي ص��ادرت حق اإلنسان في التملك ،مما يصادم فطرة اإلنسان التي خلقها الله عز وجل وأودع فيه حب التملك ،ليقوم بواجبه في عمارة األرض ،فاإلنسان ال يعمل إذا صدرنا لديه هذا احلافز ،وهو ما أدى بهذه النظرية إلى اإلنهيار السريع ،فلم تصمد إال بضع عشرات من السنوات، حيث لم تؤدي إلى راحة هذا اإلنسان ورفاهيته ،فثار عليها ولفظها ،ومع ما في النظرية الرأسمالية من توحش إال أنها أق��رب إل��ى فطرة اإلن��س��ان في حب التملك ال��ذي يدفع إلى العمل ،أما اإلسالم فكانت نظريته متوازنة بني حق الفرد في التملك ،ولكن هذا احلق مضبوط بضوابط التملك املشروع من حيث وسائل التملك ،وط��رق اإلنفاق ،وكذلك في املعنى اإلجتماعي للملك ،أي حق املجتمع في هذا امللك ،بان يكون له
جزء مما ميلك الفرد ،إن كان من خالل الزكاة أو غيره. ج – توسيع دائرة العفو أو املباحات ،وتضييق دائرة املمنوع، وه��و األص��ل ال��ذي ذه��ب إليه أكثر الفقهاء ب��أن األص��ل في األشياء اإلباحة ،وذلك توسيعاً على الناس ورفقاً بهم ،ومن هنا فقد ح��ذر ال��ق��رآن ال��ك��رمي ال��ذي��ن يضيقون على الناس بالتحرميُ { :ق ْل َم ْن َح َّر َم زِ ينَ َة اللَّهِ ا َّلتِي أَخْ َر َج لِعِ بَادِ ِه َو َّ الط ِّيبَ ِ ات ِص ًة يَ ْو َم مِ َن ال ِّرزْقِ ُق ْل ِه َي ِللَّذِ ي َن آ َمنُوا فِ ي الحْ َ َيا ِة ال ُّدنْ َيا َخال َ الْقِ يَا َمةِ َك َذل َ ص ُل الآْ يَ ِ ات ِل َق ْو ٍم يَ ْعل َ ُمونَ}(األعراف.)32: ِك نُ َف ِّ إن الذين يضيقون على الناس ويحرمون ما َّ أحل الله هو َّ أكثر خطراً وإيذاء من الذين يحللون ما حرم الله ،مع أن كليهما أن التحرمي أمر مرفوض ،واعتداء على حق الله تعالى ،إال َّ والتضييق يؤدي إلى الصد عن الدين من خالل التضييق على الناس والتنفير من الدين. إن مساحة د – التوازن بني الثابت واملتغير من األحكامَّ . املتغير في األحكام اإلسالمية هو أكثر من الثابت ،وهو سر خلود هذا الدين وقدرته على البقاء والتكيف وحتقيق حاجات هذا اإلنسان ،وهو السر الذي فقهه املسلمون األوائل ،فقادوا العالم بهذا ال��دي��ن ،وه��و ال��ذي جعل اإلم���ام الشافعي يغير اجتهاداته الفقيه بني العراق ومصر خالل خمسة أعوام. هـ – التدرج وع��دم التسرع ،ومراعاة املرحلة والظروف، وعدم التعسف ،والبعد عن النزق ،والتخطيط االستراتيجي وط���ول ال��ن��ف��س ،وك��م��ا ي��ق��ول االس��ت��اذ ط�لاب��ي أق��ص��ر الطرق للوصول هو الطريق املنحني وأطولها هو الطريق املستقيم. إن مخالفة هذه املبادئ واملسلمات يؤدي إلى استنزاف القوى، َّ وإتاحة املجال للخصم للنيل من املسلمني واستئصالهم ،وفي هذا الصدد نتعظ بتجربة طالبان وجيهة اإلنقاذ في اجلزائر وغيرها من اجل��ارب التي جلأت إلى التسرع والتعسف مما أدى إلى استنزافها والنيل منها وإجهاضها. إن النبي صلى الله عليه وسلم رفض أن يأذن للمسلمني َّ في مكة باستخدام القوة املادية ضد املشركني ،وحال بينهم وبني االستجابة الستقزاز الكافرين ،وكان شعاره « صبراً آل فإن موعدكم اجلنة « وعندما استأذه األنصار في بيعة ياسر َّ «وإن العقبة الكبرى بقتال املشركني قال لهم « إنا لم نؤمر بعد َّ املرحلية في تشريع اجلهاد ،والتدرج فيه خير شاهد على هذه اخلاصية في املنهج النبوي. و – امل��وازن��ة ب�ين املصالح وامل��ف��اس��د ،واحل��س��اب الدقيق للربح واخلسارة ،فقد نهى القرآن الكرمي املسلمني عن سب آلهة املشركني ملا أدى ذلك ألن يسبوا الله ع��دوا بغير علم، ووافق رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض بنود صلح احلديبية مع ما فيها من إجحاف في حق املسلمني ،مقابل ما فيها ما إيجابيات كبيرة حتققت للمسلمني وحلركة اإلسالم، أن محمداً ورفض أن يقتل بعض املنافقني حتى ال يقول الناس َّ يقتل أصحابه ،ووافق أن يُعطي ثلث ثمار املدينة لغطفان على أن يرجعوا وال يقاتلوا مع املشركني في اخلندق. السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
45
وأن إعمار الدنيا هو ز – املوازنة بني العمل للدنيا واآلخرةَّ ، الطريق لآلخرة ،وعدم الفصل بني الدين واحلياة ،وأن ال يكون املسلم مسلماً في صالته ،بعيداً عن اإلسالم في حياته. ح – املساهة في اخلير والتعاون على البر مع كل الناس باختالف أديانهم وأفكارهم ومعتقداتهم ،وم��ا حلف الفضول وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم له بخير إال دليل على ذلك. ط – قبول اآلخ��ر والتعايش معه م��ادام ليس معادياً وال محارباً ،إنطالقاً من قوله تعالى{ :لاَ يَنْ َها ُك ُم اللَّ ُه َعنِ ا َّلذِ ي َن لَ ْم يُ َقا ِتلُو ُك ْم فِ ي الدِّينِ َولَ ْم يُخْ رِ ُجو ُك ْم مِ ْن دِ يَارِ ُك ْم أَ ْن تَ َب ُّرو ُه ْم َوتُق ِْس ُطوا ِإلَيْهِ ْم إ َِّن اللَّ َه يُ ِح ُّب المْ ُق ِْس ِطنيَ}(املمتحنة ،)8:وفي هذا املنهج اإلف��ادة من الطاقات واجلهود واحترام إنسانية اإلن��س��ان ،وع���دم جعل االخ��ت�لاف ف��ي ال��دي��ن سبباً للعداوة والبغضاء والتقاتل ،وفي سماح اإلسالم للمسلم بالزواج من أهل الكتاب وأكل طعامهم دليل على ذلك. إن دعوات املفاصلة واملقاطعة والبعد عن الناس ال يتفق مع َّ املنهج اإلسالمي الذي قرره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله عز وجل لقريش أن ينزل عليهم املطر ملا أصابهم اجلفاف والقحط ،بل وميدهم بخمسمائة دينار ،وملا منع ثمامة بن أثال عنهم الطعام من اليمامة أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن خل بني قريشا وميرتها». ي – اعتماد مبدأ احلكمة واملوعظة احلسنة في احلركة وال��دع��وة واخل��ط��اب وامل��ج��ادل��ة م��ع ك��ل األط��ي��اف والتيارات واحلركات ،مع املوافقني واملخالفني ،مستندين في ذلك ملنهج قرآني أصيل كما في قوله تعالىَ { :ولاَ ت َْست َِوي الحْ َ َسنَ ُة َولاَ الس ِّيئَ ُة ا ْد َف ْع بِا َّلتِي ِه َي أَ ْح َس ُن َف ِإ َذا ا َّلذِ ي بَيْن ََك َوبَيْنَ ُه َع َدا َوةٌ َّ لاَ ِ��ي َحمِ ي ٌم}(فصلت ،)34:وقوله تعالىَ { :و تجُ َ ادِ لُوا َك َأ َّن ُه َول ٌّ َاب ِإلاَّ بِا َّلتِي ِه َي أَ ْح َس ُن ِإلاَّ ا َّلذِ ي َن َظل َ ُموا مِ نْ ُه ْم َو ُقولُوا أَ ْه َل الْكِ ت ِ آ َمنَّا بِا َّلذِ ي أُنْزِ َل ِإلَيْنَا َوأُنْزِ َل ِإلَيْ ُك ْم َو ِإلَ ُهنَا َو ِإلَ ُه ُك ْم َو ِ اح ٌد َونَ ْح ُن لَ ُه ُم ْس ِل ُمونَ}(العنكبوت ،)46:وقوله تعالى{ :ا ْد ُع ِإلَى َسبِيلِ َر ِّب َك بِالحْ ِ ْك َمةِ َوالمْ َ ْو ِع َظةِ الحْ َ َسنَةِ َو َجادِ لْ ُه ْم بِا َّلتِي ِه َي أَ ْح َس ُن إ َِّن َر َّب َك ُه َو أَ ْعل َ ُم بمِ َ ْن َ ض َّل َع ْن َسبِيلِهِ َو ُه َو أَ ْعل َ ُم ِبالمْ ُ ْهتَدِ ي َن} (النحل.)125: ك – املوائمة بني التمسك باألصل واالتصال بالعصر ،أو املوازنة بني األصالة والتجديد ،أو بني اإلنحياز للتراث بكل ما فيه من أحكام تأثرت بالواقع ،وبني اإلف��ادة من منجزات العصر ،فكثير مما وصل إليه اآلخرون هو موروث إنساني ال مانع من اإلفادة منه والبناء عليه ،واحلكمة ضالة املؤمن. إن اليابان كانت بلداً متخلفاً ،فاجتهت إلى الغرب وتعلمت َّ منه وتتلمذت عليه ،ففاقته في جوانب عديدة ،ولم تتخل عن أصالتها وقيمها ،أما نحن فتعاملنا مع الغرب مبنهجني إما منهج التخوف والرفض « ال يأت من الغرب إال وجع القلب، أو منهج الذوبان والتماهي وفقدان الهوية ،وفي كال املنهجني
كنا نتعامل مع الغرب ومنجزاته بأسلوب الزبون ال التلميذ فلم نتقدم وبقينا عالة على الغرب ولم نتعلم منه. ل – نقد الذات واملراجعة وقبول النقد من اآلخر ،وهذا منهج إسالمي أصيل ،أك��د عليه القرآن الكرمي وه��و يسدد املسلمني ويوصوبهم ف��ي ك��ل م��رة وق��ع��وا فيها ف��ي خطأ ،أو انحرفوا عن جادة الصواب.
حصل هذا عندما اختلفوا على غنائم بدر فجاء اخلطاب القرآني لهم{ :يَ ْس َألُونَ َك َعنِ الأْ َنْ َفالِ ُقلِ الأْ َنْ َفا ُل ِللَّهِ َوال َّر ُسولِ ات بَيْ ِن ُك ْم َوأَ ِطي ُعوا اللَّ َه َو َر ُسولَ ُه ِإ ْن ُكنْتُ ْم ِحوا َذ َ صل ُ َفا َّتقُوا اللَّ َه َوأَ ْ ُمؤْمِ ِننيَ}(األنفال ،)1:وكما حصل عندما خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في أُحد فبينَّ لهم القرآن الكرمي أنهم صبْتُ ْم صابَتْ ُك ْم ُم ِصي َب ٌة َق ْد أَ َ املسؤولون عن الهزمية{ :أَ َولمَ َّ��ا أَ َ مِ ثْلَيْ َها ُقلْتُ ْم أَ َّنى َه َذا ُق ْل ُه َو مِ ْن ِعنْدِ أَنْف ُِس ُك ْم إ َِّن اللَّ َه َعلَى ُك ِّل َش ْيءٍ َقدِ ي ٌر}(آل عمران ،)165:وفي حنني ملا أعجب املسلمون بكثرتهم واعتمدوا عليها وظنوا أنها كافية للنصر قال لهم القرآن الكرميَ { :ويَ�� ْو َم ُحنَينْ ٍ ِإ ْذ أَ ْع َجبَتْ ُك ْم َكثْ َرتُ ُك ْم َفل َ ْم تُ ْغنِ َعنْ ُك ْم َشيْ ًئا}(التوبة.)25: إن هذا املنهج القرآني أراد أن يعلم املسلمني مبدأ املراجعة َّ الذاتية ،وتقومي املسيرة والبحث عن مواطن اخللل ،حتى ال تتراكم األخطاء ،ويتم اخلروج عن سواء السبيل. وقد أ َّكد أيضاً على قبول النقد واملراجعة وعدم الضيق به ولو كان من الغير ،وحصل هذا األمر في بدر واحلباب بن املنذر يراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في اختياره ملكان املعركة بأنه مكان غير مناسب فيرجع صلى الله عليه وسلم إلى رأيه ،وفي مناقشته ألصحابه وهم يراجعونه في شروط صلح احلديبية. إن املسيرة الراشدة حتتاج إلى املراجعة املستمرة من أجل َّ التصويب والتجديد ومواكبة التطورات ،وعدم اجلمود على ��إن الواقع موقف واح��د قد تغيرت ظروفه وأح��وال��ه ،وإال ف َّ سيتجاوزنا ،ونصبح في واد والناس في واد آخر ،وهذه مسألة مهمة في كل جوانب احلياة ،وتشتد احلاجة إليها في العمل اإلصالحي. م – النزول إلى واق��ع الناس ومشاكلهم العملية ،وتقدمي البرامج العملية الواقعية وع��دم اإلكتفاء بالتنظير ال��ذي ال يالمس واقع الناس وقضاياهم اليومية ،وإال أصبح املشروع مشروعاً فلسفياً لنخبة من الناس ،ال يالقي القبول واالهتمام من اجلمهور ،أو أن الناس سيسأمون اخلطابات الفارغة الرنانة التي ال تسقط ذبابة ،والتنظير البارد الذي ال يقدم احللول. فال يكفي أن نتحدث عن فشل النظام املالي العاملي وسقوطه وأزمته ،ونحن ال منلك اقتصاداً بل نعيش عالة على الغير ،وال يكفي أن نتحدث عن فشل النظام الدميقراطي ونحن نعيش حالة من االستبداد السياسي.
46
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
وس��ط��ي��ت��ن��ا
اإلنسان اجلديد اال�ستاذ فتح اهلل كولن مفكر �إ�سالمي -تركيا نحن ال��ي��وم على م��ش��ارف عهد جديد ف��ي مسيرة تاريخ اإلنسانية ،متفتح على جتليات العناية الربانية .لقد كان القرن الثامن عشر ،بالنسبة لعاملنا ،ق��رن التقليد األعمى واملبتعدين عن جوهرهم وكيانهم؛ وكان القرن التاسع عشر، قرن الذين اجنرفوا خلف شتى أنواع الفنتازيات واصطدموا مباضيهم ومقوماتهم التاريخية؛ والقرن العشرون ،كان قرن املغتربني عن أنفسهم كليا واملنكرين لذواتهم وهويتهم ،قرن الذين ظلوا يُنقّبون عمن يرشدهم وينير لهم الطريق في ع��ال ٍ��م غير عاملهم .ولكن جميع األم����ارات وال��ع�لام��ات التي تلوح في األفق تبشر بأن القرن الواحد والعشرين ،سيكون قرن اإلميان واملؤمنني ،وعصر انبعاثنا ونهضتنا من جديد. أجل من بني هؤالء الذين هجروا العقل والتفكير مندفعني خلف «امل��وض��ات» الفكرية دون أي متحيص أو تدقيق ،ومن ضمن اجلماهير الفاقدة ل َوعيها ،الهائمة على وجهها ،سيولد إنسان جديد كل اجلدة ،إنسان يفكر ويحاسب ،ويوازن ويدقق، ويعتمد على التجربة قدر اعتماده على العقل ،ويثق ويؤمن باإللهام والوجدان قدر اهتمامه بالعقل والتجربة؛ إنسان يحاول دوما بروحه وبدنه الوصو َل إلى األفضل ،ويرغب في الوصول إلى الكمال والتكامل في كل شيء .إنسان يسمو باملوازنة بني الدنيا واآلخ��رة ،ويوفق إلى اجلمع بني عقله وقلبه فيصبح منوذجا جديدا ال مثيل له .وال شك أن والدة هذا اإلنسان وتوجع اجلديد ليس باألمر السهل ،فال بد من آالم مخاض ّ وأن�ين .ولكن حني يحني األوان فسوف تتحقق هذه الوالدة املباركة حتما ،ويظهر هذا اجليل الذهبي بيننا فجأة -كاخلضر عليه السالم -بوجهه النوراني الذي يشع كالبدر .فكما تنهمر الرحمة اإللهية من خالل الغيوم املتراكم بعضها فوق بعض ،وكما
تتفجر املياه من ينابيع األرض ،وتتفتح زهرات الثلج وتنتشر في مواقع ذ َوبان الثلج واجلليد ،وكما تتألأل قطرات الندى وتتربع على األوراق ،سيسطع نور هذا اإلنسان في سماء البشرية البائسة احلزينة ال محالة ،رمب��ا اليوم أو غ��دا أو بعد غد. اإلنسان اجلديد بطل يتمتع بشخصية قوية استطاعت أن تسمو على املؤثرات اخلارجية بشتى أنواعها ،وعزمت على الصمود واالكتفاء الذاتي .فكما أن الشرق والغرب لن يستطيعا أسره ووضع السالسل في قدميه ،فكذلك لن تستطيع األفكار والفلسفات التي تتناقض مع هويته املعنوية وجذوره أن تغير وجهته وتضله في ظالمها عن طريقه ،بل ولن تستطيع أن تزحزحه عن مكانه قيد أمنلة أو أقل من ذلك .أجل ،اإلنسان اجلديد رجل حر في تفكيره ،حر في تصوره ،حر في إرادته، وحريته هذه مرتبطة بقدر عبوديته لله سبحانه وتعالى .ثم إن اإلنسان اجلديد ال يتشبه باآلخرين وال يتمثل بهم ،بل يحاول جاهدا أن يتز ّيى بهويته الذاتية ويتز ّين مبقوماته التاريخية. اإلنسان اجلديد ممتلئ بالفكر ،ملتهب بعشق البحث ،مفعم باإلميان ،قابل للوجدانيات ،متشبع بنشوة الروحانية ومعانيها... إنسان يبدي كفاءة من نوع آخر في سبيل بناء عامله ،مستفيدا من إمكانيات عصره إلى أقصى حد ،متمسكا مببادئه وقيمه الذاتية. اإلنسان اجلديد ،هو إنسان يحمل في قلبه إيـمان أجداده األج ّ الء ،ويفكر تفكير أعالم حضارته العظماء ،وميتلئ مثلهم رغبة في إسماع صوته وإظهار قوة رسالته للبشرية جمعاء... ومثلهم كذلك يسطع ن��ورا في كبد الظالم فيضيء األرجاء برمتها ...يؤدي واجبه هذا بصدق ووفاء غير محدود ،معتصما باحلق متمسكا بالرسالة السماوية في كل حلظة ..يتألم ويئن، ميوت ويحيا من أجل إحياء احلق وإنهاضه .فهو دائما على السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
47
أهبة االستعداد للتخلي عن املال والولد والغالي والنفيس ،ولن تكون سعادته الشخصية بغيته أو همه أبدا ،بل همه الوحيد أال يضيع بذرة واحدة من البذور الصاحلة التي منحها له احلق تعالى ،بل ينثرها كلها بدقة فائقة على سفوح العناية الربانية من أجل مستقبل األمة القريب والبعيد ...ثم يرتقب مكابدا آالم مخاض جديد ،يتلوى ويتأوه ويئن ويقلق ،ويبتهل إلى املولى عز وجل في أمل ،ميوت ويحيا في اليوم ألف مرة ومرة .فالسير في سبيل احلق والفناء فيه غايته الوحيدة في احلياة ،وانفالت هذه الغاية من بني يديه -في نظره -خسارة ال تعوض أبدا. اإلن���س���ان اجل���دي���د ي��س��ت��خ��دم ج��م��ي��ع وس���ائ���ل االتصاالت احلديثة؛ كتباً وجرائد ومجالت ،وإذاع��ة وتلفازاً ومنشورات ل��ل��ول��وج إل���ى ال��ق��ل��وب وال��ن��ف��وذ إل���ى ال��ع��ق��ول وال���دخ���ول إلى األرواح ،وي��ث��ب��ت ج����دارت����ه م���ن خ�لال��ه��ا م����رة أخ������رى ،بل وي��س��ت��رد مكانته املسلوبة ف��ي ال��ت��وازن ال��ع��امل��ي م��ن جديد. اإلنسان اجلديد ،هو إنسان عميق من حيث جذوره الروحية، متعدد من حيث ما ميلكه من كفاءات صاحلة للحياة التي يعيش في أحضانها .إنه صاحب القول الفصل في كل امليادين بدءا من العلم إلى الفن ومن التكنولوجيا إلى امليتافيزيقيا، وصاحب خبرة ومراس في كل ما يخص اإلنسان واحلياة .أجل، إنه عاشق ال ينطفئ ظمؤه إلى العلوم مهما نهل ،مولع باملعرفة ولعاً ال يفتأ يتجدد كل حني ،عميق بأبعاده أللدنية التي تعجز العقول عن تصورها ..وهو بهذه اخلصال كلها يسير جنبا إلى جنب مع سعداء عصر السعادة وينافس الروحانيني في سباق معراجي جديد كل يوم. اإلنسان اجلديد متشبع بحب الوجود كله ،ح��ارس للقيم اإلنسانية وراصد لها .فهو من جهة يحدد موقعه وينشئ ذاته على أساس األخالق والفضيلة التي جتعل من اإلنسان أنسانا مثاليا ،وم��ن جهة أخ��رى يحتضن الوجود كله بقلبه الواسع وشفقته الشاملة ،ويسعى دائما من أجل إسعاد اآلخرين .وفي الوقت ال��ذي يقوم بوضع املعايير لنفسه ،يقوم أيضا بوضع مقاييس حول كيفية التعامل مع األشياء والناس الذين كتب
عليه العيش معهم؛ وإذا ما سنحت له الفرصة سعى جاهدا لتحقيق معاييره وخططه التي وضعها .فهو ال يتوانى أبدا عن متابعة كل ما هو إيجابي فيما حوله وعن احلفاظ عليه ،وحث اآلخرين على ذلك ...وهو يشن حربا على كافة املساوئ ،وهو كالقوس املشدود ،مستعد دائما إلزالة هذه املساوئ واقتالعها من تربة املجتمع ال��ذي يعيش فيه .وه��و مؤمن ذاق حالوة اإلمي��ان ،وم��ن ثم يدعو اجلميع إل��ى رح��اب اإلمي��ان .العبادة عنده -جمال مطلق وهو لسانها ...يقرأ الكتب التي ينبغي أنتُقرأ ،ويوصيها لآلخرين؛ وال يبرح يشجع الصحف واملجالت التي توقر جذورنا الروحية وتبجل أصولنا املعنوية ...يتنقل من شارع إلى شارع آخر حامال كل ما يحتاج إليه أبناء وطنه وأمته ،ومن ثم فهو رمز للمسؤولية السامية.
مؤسسا ،يبتعد عن اإلنسان اجلديد ميلك طاقة بنّاءة وروحا ِّ النمطية بشدة ،يعرف كيف يجدد نفسه مع احلفاظ على جوهره، ويعرف كيف ي��ر ّوض األح��داث فتأتي ألم��ره طائعة خاضعة. يسبق عصره فيسير أمام التاريخ ق ُدما على الدوام به ّمة تتجاوز حدود إرادته ،وشوق عارم وحب عميق واعتماد بالله عظيم. إنه مثال للتوازن التام بني األخذ باألسباب واالستسالم لرب األسبابَ ..من رآه دون معرفة به ،ظنه عابدا لألسباب أو ّ معطال لها؛ بينما احلقيقة ليست هذه وال تلك ..ألن اإلنسان اجلديد، بطل التوازن بكل ما تعنيه كلمة التوازن؛ فهو يرى أن األخذ باألسباب من واجبه ،والتسليم للحق تعالى من صميم إميانه. اإلن��س��ان اجل��دي��د ف��احت ومكتشف معا ،يغوص ك��ل ي��وم في أعماق أعماق ذاته ،ويطلق شراعه على الفضاء الشاسع دوما فينصب رايته على أب��راج جديدة كل ح�ين ،ويلح على طرق األبواب املكنونة وفتحها في اآلفاق واألنفُس .وكلما بلغ بفضل إميانه وعرفانه إلى أسرارِ ما وراء الوراء ازداد شوقا ورغبة، وظل يتنقل ِ بخبائه من ربع إلى ربع آخر في عوالم وراء األبعاد. وأخيرا يأتي يوم تخاطبه األرض مبا تكنزه في باطنها ،وتنفلق البحار بعصاه السحرية لتنبثق الآللئ من أعماقها ،وتتفتح له أبواب السماء على مصارعيها وتستقبله بالتأهيل والترحاب.
48
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
وس��ط��ي��ت��ن��ا
الوسطيــة هــي احلــل فــي السياســة واالقتصـــاد دولة .جنيـــب ميقـــاتـي لم يكن اخلطاب الذي ألقاه في مجلس النواب في مستهل في طرابلس؟ ما هي األولويات االقتصادية في هذه املرحلة؟ جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة ،هو الدافع إلجراء وماذا في جعبته اإلمنائية للشمال؟ هذا احل��وار مع الرئيس جنيب ميقاتي وإن كان حصل بعد التطرف وغياب امل�ؤ�س�سات ساعات قليلة على إلقائه اخلطاب الذي لقي استحساناً من السؤال األول ك��ان :أي��ن يقف الرئيس جنيب ميقاتي في معظم الكتل واالجتاهات النيابية. ظ��ل االص��ط��ف��اف السياسي ال��ق��ائ��م؟ أج���اب« :ل��س��وء احلظ ف��احل��وار مع الرئيس ميقاتي ك��ان م��ق��رراً قبل ذل��ك ،لكن القول أن لبنان دخل نفقاً في السنوات األربع املاضية عنوانه اخل��ط��اب وم��ا ح��واه م��ن مضمون وم��واق��ف ج��اء يؤكد صحة االصطفاف احلاد في هذه اجلهة وتلك .وهذا االصطفاف توقيت احلوار في هذا الوقت. في اعتقادي ناجت من غياب املؤسسات ومن الغل ّو في التص ّرف فاحلكومة اجلديدة التي رفعت شعار التوافق الوطني في واملواقف .لقد شهدنا إقفاالً ملجلس النواب ،وفراغاً رئاسياً تشكيلها وفي خطابها ،بحاجة إلى أص��وات تنادي بالتوافق وشل ً متسك ال حكومياً ،ون��زول الناس إل��ى ال��ش��ارع في ظل ّ فع ً ال ال قوالً ،ومن أجدر من الرئيس ميقاتي في إطالق هذا ّ وتشبث كل فريق مبواقفه وأفكاره .وهذه احلالة ليست من ً التوافق ،وهو رجل االعتدال الذي اتخذه نهجا له منذ توليه طبيعة لبنان ،بل أن طبيعته أن يكون في الوسط الذي هو منط رئاسة حكومة انتخابات العام 2005حتى اليوم ،من دون أن حياة ،الوسط اإليجابي القادر على اجتذاب األمور السلبية، يحيد عنه يوماً ،بل لقد ك ّرس هذا االعتدال من خالل طرحه وقادر على بناء املستقبل. «الوسطية» كنمط حياة وكسلوك إيجابي في التعاطي مع أما عن موقفي ،فأنا اليوم موجود في مكان ال أعادي أحداً القضايا املطروحة. فيه إال من يكون ع��دواً لوطني .وفي ما عدا ذلك ،كل شأن الرئيس جنيب ميقاتي السياسي مي ّثل مدينة طرابلس بعد عندي قابل للبحث واألخذ وال��ر ّد شرط أن يكون ذلك حتت فوزه نائباً في الئحة ائتالف ض ّمت معظم القوى السياسية في سقف الدستور الذي حصل خروج عليه وشطط في ممارسته، عاصمة الشمال .والرئيس ميقاتي لديه ما يقوله في الشأن األمر الذي أدى إلى ما وصلنا إليه ،لذا فإنني أدعو إلى قراءة االقتصادي بوصفه رجل أعمال ،بل أحد أبرز رجال األعمال وطنية للدستور ال تنبع من املوقع الذي أنا فيه ومن املوقف في املنطقة .كذلك ،الرئيس ميقاتي ذو الوجه الشمالي لديه الذي اتّخذه بل تنبع من املوقع الوطني الذي يجمع اللبنانيني نظرة إمنائية بالنسبة إلى مدينته وإلى منطقته. وال يفرق في ما بينهم. ف��م��اذا ي��ق��ول ال��رئ��ي��س ميقاتي ف��ي السياسة واالقتصاد سأبقى ملتزماً العمل العام خلدمة وطني أو ًال ،ثم خدمة واإلمناء؟ كيف سيتعاطى مع حكومة يرأسها حليفه االنتخابي منطقتي وأهلي في طرابلس حتت سقف الدستور اللبناني
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
49
وحتت مظلة وثيقة الوفاق الوطني التي أعتبرها وثيقة شاملة وهذا األمر ال يت ّم إال من خالل التعاطي مع بعضنا بعضاً من وكاملة ،حيث أرى البعض ينتقدها من دون أن ينفّذها ،فلنبدأ خالل الوسطية التي تعترف باآلخر ،والتي تدرك أن هزمية اآلخ��ر ليست نصراً ل��ي ،وأن نصر اآلخ��ر ليس هزمية لي. في التنفيذ وحتسني األداء وفي ضوء التجربة ننتقد. فالنصر والهزمية هما للوطن وليسا لألفراد وال للطوائف وال نُعار�ض يف الوقت املنا�سب لألحزاب. على رأس احلكومة حليفكم االنتخابي .هل تعتبرون نفسكم ال حكم بال معار�ضة ممثلني فيها؟ وكيف ستتعاملون معها معارضني أم موالني؟ أه��ن��ئ ال��رئ��ي��س س��ع��د احل���ري���ري وأمت��ن��ى ل��ه النجاح إن���ط�ل�اق���اً م���ن ه����ذه ال����رؤي����ة ،ه���ل ت��ع��ت��ق��دون أن تشكيل ب��داي��ة ّ والتوفيق وأعتز بصداقتي وحتالفي معه ،وال��ي��وم سنراقب احل���ك���وم���ة ه����ي ص�������ورة م���ص���غ���رة ع����ن امل���ج���ل���س ،يحقق ونحاسب احلكومة في ضوء ما متارسه وحتققه من إجنازات ،ال�����ت�����واف�����ق ،أم أن������ه ي���ح���ق���ق دمي����وق����راط����ي����ة التناقض؟ خصوصاً أن في البيان ال���وزاري وع��وداً كثيرة على الصعد خرجنا من االنتخابات مرتني بوجود أكثرية وأقلية .ثم جاءت السياسية واالقتصادية واإلمنائية واالجتماعية ،وعلى صعد احلكومات فرأينا أنه ال األكثرية حكمت وال األقلية عارضت، اإلدارة والقضاء والشباب .نحن سنراقب ونحدد موقفنا :نؤيد وبالتالي أصبحنا في مكان ما من دون حكم ومن دون معارضة. ّ إذا قامت مبا يتوافق مع تطلعاتنا ،ونعارض في الوقت املناسب وافتقدنا آلية شرعية احلكم ألنه لم يع ّد هناك أي إمكانية أو إذا حصل أي تغيير ع ّما ورد في البيان الوزاري. وسيلة لوقف الذي وصل إلى االشتباك؟ طبعاً أوصلنا هذا الواقع إلى حكومة موزعة على أطراف عدة ،ولكل طرف فيها �أين «الو�سطية»؟ له حق النقد .أنا ،وبكل إخالص ،أدعو لهذه احلكومة بالنجاح، ن����ادي����ت����م ف�����ي ال����س����اب����ق «ب����ال����وس����ط����ي����ة» ،ث�����م ج�����اءت ولكن وبحسب خبرتي وجتربتي ،ال ميكن لهذه احلكومة إال أن االن����ت����خ����اب����ات وخ���ل���ق���ت ج���������داالً ح���ول���ه���ا ك������اد يفقدها تدخل في ّ مطبات أخشى أن تتحول إلى أزمة كبيرة. ج��وه��ره��ا .أي���ن ه��ي «ال��وس��ط��ي��ة»؟ وه���ل ط��وي��ت صفحتها؟ ازدهار م�صريف ونقدي لقد اتخذنا من «الوسطية» نهجاً وبدأنا بسلسلة مؤمترات حولها بالتعاون مع املنتدى العاملي لـ»الوسطية» الذي كان تعاوناً ب����االن����ت����ق����ال م�����ن ال���س���ي���اس���ة إل������ى االق�����ت�����ص�����اد ،كيف شجعنا على االنطالق بها .وحرصت على أن تنطلق ت��ق�� ّي��م��ون ال���وض���ع ال��ق��ائ��م وم���ا ه���ي األول����وي����ات للمعاجلة؟ مثمراً مما ّ الوسطية من طرابلس والسيما بعد أن اخترنا الدين أول عنوان من املتابعة االقتصادية في لبنان ن��رى أن هناك مؤشرات لها إلظهار وسطية الدين اإلسالمي احلنيف .وقد حققنا في إيجابية جداً يعود الفضل فيها إلى حاكمية مصرف لبنان وإلى ذلك جناحاً كبيراً ما دفعنا لإلنطالق نحو املجاالت األخرى السياسة احلكيمة التي اعتمدتها ،ما أدى إلى مناعة اجلهاز فكان املؤمتر الثاني حول الوسطية في االقتصاد .وقد انقضى املصرفي والوضع النقدي أمام الكوارث املالية التي شهدها وقت على املؤمتر الثالث بسبب االنتخابات ثم تشكيل احلكومة .العالم بأسره .وفي ظل هذه الكوارث استطاع لبنان أن يكون لكننا سنعلن قريباً عن موعد للمؤمتر الثالث حول الوسطية .في اجتاه معاكس ،فيشهد التدفقات التي م ّكنت مصرف لبنان لقد أردنا الوسطية نهجاً وأردناها إرادة وطبيعة حياة ومنط من تعظيم احتياطاته .فاحتياطي البنك املركزي من ودائع يدعيه شخص بالقول أنه وموجودات خارجية بات يفوق الـ 27مليار دوالر ،يضاف إلى سلوك ،فهذا النهج ال ميكن أن ّ وسطي ..بل هو حياة وسلوك ،هي وسطية مع صالبة في ذلك احتياط الذهب الذي يق ّدر باألسعار احلالية مبا بني 11 القرار ،إذ أنها ال تعني اللون الرمادي ،أي ال أبيض وال أسود ،و 12مليار دوالر .وإذا جمعنا احتياطات العمالت والذهب بل تعني النقطة التي يلتقي اجلميع حولها ملا فيه خير لقضية معاً نصل إلى مبلغ يغطي بنسبة 120في املئة حجم كتلة النقد م ّعينة. املتداول ،وبالتالي ليس هناك أي عملة في العالم تتمتع مبثل هذه التغطية .فكل األرقام واملؤشرات تدل على سالمة النظام الو�سطية يف املجل�س املصرفي والوضع النقدي في لبنان ،ويضاف إلى ذلك النمو ان��ط�لاق��اً م��ن ه��ذه ال��وس��ط��ي��ة ،ه��ل تتوقعون أن دخولكم املطرد في بعض القطاعات كالعقار والسياحة ،ولكن ...وعند م��ج��ل��س ال����ن����واب ف��ي��ن��ض��م إل���ي���ه���ا م����ن ه���ن���ا وم�����ن هناك؟ هذه الـ «ولكن» يكمن التحدي. ه���ذا األم���ر سيحصل ح��ت��م��اً ول��ك��ن ال��س��ؤال ه��و م��ت��ى ومن؟ ميثاق اقت�صادي وعقد اجتماعي يصح إال الصحيح .فلبنان في سياسته اخلارجية ال ألنه ال ّ ميكن إال أن يكون على عالقة جيدة مع اجلميع ،وال ميكنه ويتابع الرئيس ميقاتي« :مبوازاة هذا النمو الذي نتحدث إال التعامل بانفتاح مع كل مكونات املجتمع .فقدرنا أن نكون عنه نرى منواً من نوع آخر ،أي منواً سلبياً من حيث مؤداه. معاً .فلنجعل من هذا القدر مصدر سعادة عوضاً عن حتويله نرى منواً في الدين العام وفي العجز ،وفي كلفة اإلنتاج املترتبة إلى مصدر تعاسة .نحن جسم واحد وبعد أكثر من 60عاماً على القطاعات اإلنتاجية ،ثم نرى ضعفاً في إنتاج القطاع على االستقالل صار لزاماً علينا أن ندرك بأننا سنعيش معاً .العام نراه في إهدار الطاقة وفي الصناديق ،ومنواً متزايداً في 50
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
كلفة التقدميات االجتماعية والتربوية والصحية الناجتة من تراكمات سابقة من دون أن يرافق هذه األكالف حتسني في مستوى اخلدمات ونوعيتها .وهنا يبرز السؤال :كيف ينعكس احلجم القياسي في الودائع املصرفية ( 100مليار) واملستوى األعلى في التغطية على املواطنني الذين يواجهون املشاكل االجتماعية من فقر وعوز وبطالة؟ وهنا حتديداً تبرز األولوية عند احلكومة والكامنة في كيفية إيجاد حلقة الربط بني االزدهار املالي وبني املشاكل االجتماعية .ومثل هذا السؤال املركزي يقودنا إلى الدعوة من جديد إلى مؤمتر أو إلى خلوة أي اقتصاد نريد ،وكيف ميكن للبحث في تساؤل أساسيّ : أن ينعكس هذا االقتصاد استثمارات إضافية؟ وكيف نحفّز القطاع اخلاص على استثمار يستولد فرص العمل ويجعل من لبنان مركز استقطاب وج��ذب ،بحيث ينعكس ذلك كله على الوضع االجتماعي. لذلك دعونا في السابق يوم كنت في رئاسة احلكومة إلى ميثاق اقتصادي نستولد منه عقداً اجتماعياً جديداً ،ولع ّل هو على رأس أولويات احلكومة .إن جناح مصرف لبنان في املجال املصرفي والنقدي ينبغي أن يواكبه جناح مالي بهدف تيسير وتسهيل عملية االستثمار بهدف قيام مشاريع اقتصادية جديدة يشارك فيها القطاع اخلاص وتؤدي إلى خلق فرص عمل. تن�شيط القطاع الإنتاجي
خف�ض الدين العام
عملياً ،إن ما تطالبون به من خطة لتنشيط اإلنتاج ،يقتضي حترير املصارف تدريجياً من مهمة متويل الدولة ،وهذا يقتضي منطقياً تخفيض حجم الدين .كيف ميكن برأيكم حتقيق ذلك؟ لقد وعدت احلكومة في البيان ال��وزاري بأنها ستنشئ هيئة خاصة جديدة إلدارة الدين وهذا أمر جيد .ولكن في اعتقادي أنه ينبغي خفض الفوائد التي نتمكن من حتقيقها في الفترة السابقة ،لكن ال��ي��وم ي��ب��دو ذل��ك ممكناً م��ق��ارن��ة مبستويات الفوائد في األسواق العاملية .كذلك في اعتقادي ،أنه الوقت املناسب اليوم لتحويل جزء كبير من الديون اخلارجية إلى دي��ن داخلي بالليرة اللبنانية .بعد ذل��ك ميكن أن ننظر إلى املرافق والقطاعات التي ميكن االستغناء عنها خلصخصتها أو إلج���راء تسنيد مل���ردود بعضها يساهم ف��ي التخفيف من حجم ال��دي��ن ..ف��إذا حتقق كل ذل��ك تباعاً ومت ّكنا من وقف تزايد الدين لفترة سنة أو سنتني ،نكون قد دخلنا مرحلة ج��دي��دة ف��ي ظ��ل اس��ت��م��رار ال��ن��م��و ف��ي االق��ت��ص��اد اللبناني. وه���ذا األم���ر يوصلنا بالفعل إل��ى حتقيق م��ع��دل أق��ل بكثير إلجمالي ال��دي��ن إل��ى إجمالي ال��ن��اجت احمل��ل��ي .وأن��ا شخصياً كمسؤول وكإقتصادي ال أخشى كثيراً من مسألة الدين إذا كانت هناك إدارة سليمة له ورؤية واضحة لكيفية تخفيضه تدريجياً مع احملافظة على معدالت النمو. خ�صخ�صة ،ال توزيع تركات
تتحدثون عن التسنيد وكأنكم تستبعدون اخلصخصة.
ت����ع����ن����ون أن حت����وي����ل االزده�������������ار إل�������ى من�����و يقتضي ما هي نظرتكم إلى موضوع اخلصخصة في ضوء ما جرى ت��ن��ش��ي��ط وت��ن��م��ي��ة امل���ش���اري���ع واالس���ت���ث���م���ارات اإلنتاجية؟ بالتأكيد ،فحتى نرى ثمار االزدهار فعلياً وواقعياً علينا تنشيط ويجري من نقاش حولها؟ اخلصخصة هي ض��رورة حتمية وينبغي أن ال نلغيها من القطاعات اإلنتاجية كالصناعة والزراعة .فكيف ميكن حفز القطاع املصرفي الذي وصلت ودائعه إلى أقصى حد وإلى ما تفكيرنا .والسؤال هو :هل هناك إمكانية خلصخصة املرافق يوازي أكثر من ثالثة أضعاف الناجت احمللي إلى متويل يؤدي العامة؟ وه��ل إذا خصخصنا ه��ذه امل��راف��ق أو بعضها ضمن إلى حركة اقتصادية؟ كيف ميكن ذلك في وقت تبدو الدولة الواقع القائم في البلد ،يكون ذلك عبارة عن توزيع تركات منافساً قوياً ألي قطاع مما يدفع امل��ص��ارف إل��ى التوظيف وإج��راء عمليات حصر إرث قبل توزيعها على النافذين؟ في في ال��دول��ة (س��ن��دات خزينة وس��ن��دات حكومية) عوضاً عن اع��ت��ق��ادي وقناعتي أن��ه يجب احملافظة على ملكية الدولة يوحــد لبنان التوظيف في قطاعات أخرى غير محمية وال حتظى باهتمام للمرافق العامة ،ألنها العنصر الوحيد ال��ذي ّ الدولة؟ إن حصة الزراعة من مجمل التسليفات متثل 1في واللبنانيني ،حتى ال نقول هذه الشركة لهذه الطائفة ،وهذه املئة ،وحصة الصناعة 12في املئة فقط ،وهذه نسب تعتبر أخرى لتلك الطائفة .لذا أؤكد على أن تبقى امللكية للدولة متدنية .وال نلوم املصارف بقدر ما نلوم الدولة .فلماذا تكترث وأن يت ّم تخصيص اإلدارة تخصيصاً كام ً ال في إطار ما يسمى املصارف بقطاعات ال تكترث بها الدولة؟ ولكن عندما يتم الهيئات الناظمة ( ،)Regulatory Boardمن أجل مراقبة هذه وض��ع خطة معينة ل��ـ 5أو 10س��ن��وات لدعم اإلن��ت��اج تبادر املؤسسات. امل��ص��ارف إل��ى التوظيف ف��ي مشاريع إمنائية واقتصادية. فإذا خصخصنا اإلدارة وطلبنا من اجلهة التي تدير اإللتزام وهنا ،وفي هذا السياق ،ال ب ّد من اإلشارة إلى ّ بحد أدنى من امل��ردود السنوي لكل مرفق ،عندها ميكن حترك القطاع ولو ّ املصرفي ولو جزئياً نحو القطاعات اإلنتاجية ،ومبجرد اتخاذ تسنيد هذا اإلي��راد لفترة زمنية معينة تساعدنا على خفض تدبير جزئي يتعلّق بالقروض املدعومة ومن خالل التعاميم الدين فوراً .وما يفيض عن هذا احل ّد األدنى يكون إيراداً للدولة. التي أصدرها مصرف لبنان .كيف سيكون الوضع في حال أقول ذلك من خالل جتربة مررنا بها .خصخصنا وضاقت العني بهذه اخلصخصة ثم ّ مت استرداد ذلك ،ونحن اليوم ال نعرف إقرار خطة أكثر شمولية؟ السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
51
من يدير هذا املرفق (الهاتف النقال ،القطاع العام أم القطاع اخل��اص) .أع��ود وأك��رر :خصخصة إدارة وتسنيد مع إنشاء هيئات ناظمة كفوءة وموثوقة في كل قطاع كالكهرباء والبريد والهاتف وذلك لإلشراف ولضمان حقوق املستهلك واملستثمر. وأكثر من ذل��ك ،وه��ذا ما ذكرته في خطاب مناقشة البيان الوزاري ،يجب أن يت ّم تشكيل هيئة ناظمة للنفط .فهذا امللف - 3على امل��س��ت��وى االس��ت��ث��م��اري :أنهينا عملية تأسيس ً احلساس ال يجرؤ أحد أن يخوض به خشية أن يصير جزءا شركة استثمارية «العزم لإلمناء» محصور نشاطها بطرابلس من الفساد الشائع في البلد. والشمال وبرأس مال مدفوع قدره 50مليون دوالر .وهدف ٍ مجد ق��ادر على خلق فرص هذه الشركة إقامة أي مشروع ت�سيي�س الهيئات الناظمة عمل ،كما أن الشركة على استعداد للمشاركة في أي مشروع ولكن جتربة تأسيس الهيئات الناظمة فشلت من خالل يحقق الغرض نفسه .وندرس حالياً مشاريع عدة سيعلن عنها الهيئة الناظمة لالتصاالت ألسباب التضارب في الصالحيات الواحد تل َو اآلخر. وأسباب أخرى؟ 1200طالب في أقسام االبتدائي والتكميلي والثانوي ،إضافة إلى نحو 800طالب للتعليم املهني .املبنى شارف على االنتهاء، وال��دروس ستبدأ اعتباراً من شهر أيلول ،2010وفي مطلع العام اجلديد تبدأ اخل��ط��وات التحضيرية لتأهيل الطالب واختيار املدرسني.
نعم ،ألن السياسة هي التي طغت على امل��وض��وع .لذلك ينبغي حتييد هذه املسألة وخصخصة اإلدارة ضمن شروط واضحة وضمن كفالة حد أدنى من املردود لكل قطاع .وفي بد من التنويه بتجربة شركة طيران الشرق هذا السياق ال ّ األوسط وكيف أن خصخصة إدارتها م ّكنتها من حتقيق ربحية عالية .وهذه التجربة ميكن القول عنها أن مصرف لبنان كان لها مبثابة الهيئة الناظمة ،وبالتالي ميكن سحب ما ّ مت في «امليدل ايست» على مرافق أخرى منتجة.
حركة �سيا�سية
أي��������ن ت����ق����ف ال����س����ي����اس����ة م������ن ك������ل ه��������ذا ال����ن����ش����اط؟ من الطبيعي أن يُسأل عما إذا كانت هذه النشاطات عم ً ال سياسياً .بالفعل ه��ي سياسة ولكن مبفهوم مختلف كلياً. فنحن نعمل في ترسيخ حركة سياسية مستقلة إلجناح هذه املشاريع بحيث تكون السياسة داعمة لها ال أن تدخل إلى هذه املشاريع فتحصل الشرذمة في املهمات وفي الرؤية .إذاً، السياسة منفصلة عن هذه احملاور الثالثة التي ليس لها عالقة بالسياسة ولكن وفي الوقت نفسه ما نقوم به هو عمل سياسي طرابل�س :اجتماعي� ،إمنائي ،ا�ستثماري بامتياز ،ألننا نعتقد أن السياسة إمناء وخدمة الناس من أجل وب���االن���ت���ق���ال م���ن ال��س��ي��اس��ة واالق���ت���ص���اد إل����ى طرابلس رفع مستوى معيشتهم ،وليست السياسة خطابات ومهارات. وال����ش����م����ال ،ح���ي���ث ل���ك���م ن���ش���اط���ات م���ت���ن���وع���ة بأساليب ه��ل ه��ن��اك مت��ي��ي��ز ب�ين م��ن ه��و م��ع��ك��م وم���ن ه��و ضدكم؟ مختلفة ،كيف تعملون ف��ي منطقتكم؟ وم��ا ه��ي أهدافكم؟ في الشأن االجتماعي واخليري أحتدى من يقول بأننا من ّيز أت��ف��اع��ل م��ع أه��ل��ي ف��ي ط��راب��ل��س وال��ش��م��ال م��ن خ�لال ثالثة بني الناس .وال مرة سألنا شخصاً عن هويته أو سياسته ،وليس محاور أساسية هي :اجتماعي خيري ،إمنائي ،واستثماري .في قاموسنا السياسي مفهوم «هذا معنا وهذا ضدنا». - 1على املستوى االجتماعي اخل��ي��ري :يتم ه��ذا النشاط العزم وال�سعادة من خالل جمعية العزم والسعادة االجتماعية التي احتفلنا م��ؤخ��راً ب��ال��ذك��رى ال��ـ 20لتأسيسها ،وه��دف ه��ذه اجلمعية وم��اذا عن جمعية العزم والسعادة االجتماعية؟ هل هي أن تكون قريبة من كل مع ّوز ومريض ،بل من كل فرد ليس جمعية أم حزب؟ مبتناول ي��ده القليل م��ن احل��د األدن���ى للعيش ال��ك��رمي ،لقد في الواقع ،ستكون هناك حركة سياسية منفصلة ،تتمثل أجرينا مسحاً لطرابلس حيث تبني منه أن هناك عشرات ً في منتديات العزم التي ستتحول إلى حركة سياسية كاملة اآلالف م���ن امل��ع��دم�ين ،وي��ص��ل إل���ى م���ن���ازل ه����ؤالء شهريا وهذه صار لديها جمهورها ،وهي تش ّكل أسلوباً جديداً في حزمة حتتوي على املستلزمات األساسية للحياة الكرمية. العمل السياسي. وفي اإلطار االجتماعي ،هناك مساعدات االستشفاء ،والدعم املخصص للتعليم من خالل قروض تعطى لنحو 4آالف طالب خطة 2020 جامعي مسجلني في املؤسسة ،ومتنح لهم عبر جمعية العزم أطلقتم في وقت سابق خطة بعنوان ،2020إلمناء طرابلس والسعادة االجتماعية. والشمال وكنتم تعدون لها مؤمتراً ،أين أصبحت هذه اخلطة؟ - 2على املستوى اإلمنائي :وه��ذا احمل��ور نوليه اهتماماً لقد أخذنا على عاتقنا ككتلة نواب طرابلس إقامة مؤمتر كامل أساسياً ألن تنمية اإلنسان هي األساس .وفي هذا اإلطار نقوم إلمناء طرابلس ،وقد كلفنا زميلنا روبير فاضل متابعة هذا بعمل مميز ،حيث أنشأنا أول مدرسة في طرابلس بالتعاون مع املوضوع وبلورة هذه اخلطة ،ونعتزم طرحها على رئيس مجلس اجلامعة األميركية في بيروت التي تعكف على إعداد املناهج الوزراء ألننا نريد أن تكون خطة مشتركة بني القطاعني العام الدراسية والنظم التربوية واإلدارية .وتستوعب املدرسة نحو واخلاص. 52
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ميقاتي رجل الأعمال
م����������اذا ع������ن ال�����رئ�����ي�����س م����ي����ق����ات����ي رج��������ل األع������م������ال، وم������ا ه�����ي ال����ن����ش����اط����ات ال����ت����ي ت����ق����وم ب���ه���ا م���ج���م���وع���ة « ف��ي املجموعة ه��ن��اك تركيز على ق��ط��اع االت��ص��االت ،ونحو 50في املئة تقريباً من مجمل املوجودات موظف في شركة MTNل�لات��ص��االت ،وه���ي واح����دة م��ن ال��ش��رك��ات العاملية العاملة في االتصاالت اخللوية وتتواجد في معظم البلدان األفريقية وبعض البلدان العربية والشركة في منو مطرد. أما الـ 50في املئة املتبقية فمعظمها موظف في العقار ،وجزء إضافي في مجال ال��ـ Fashionونعكف على توسيع نشاط الشركة التي تتعاطى “املوضة” واأللبسة على صعيد كبير. إلى ذلك لدينا مساهمات في شركات مختلفة مثل املصارف وشركات الطيران ،ومجموعة “ ”M1مركزها في بيروت، ونشاطنا في لبنان محصور بالقطاع العقاري. اقت�صاد جديد
ذكرمت في مستهل العام أن األزمة املالية العاملية نتجت من كثرة األموال وقلة األفكار .هل بدأت األفكار تنشط من جديد؟ لألمانة نقلت هذه العبارة من محاضرة قدمها أحدهم خالل منتدى «داف����وس» ،وه���ذه ال��ع��ب��ارة تع ّبر بالفعل عما جرى. فاحلياة ه��ي سلسلة م��ن ال����دورات Cyclesمن��ر حالياً في إحداها وعلينا االنتظار بعض الوقت حتى تتبلور نظرة جديدة القتصاد جديد .هذه النظرة لم تنضج بعد بسبب الرواسب
اخلفيفة املتبقية من األزمة .هذه األزمة ولدت أمراضاً عدة متت معاجلتها وبقي منها رواس��ب ...في املرحلة السابقة كثرت األموال نتيجة لطفرة أوراق مالية تنتقل بوتيرة متعددة وتولد أم��واالً من ورق ،وفي غياب إجن��ازات فعلية ومشاريع حقيقية تعطي الشؤون املالية قيمتها .االقتصاد اجلديد ٍ آت حتماً ولكن علينا االنتظار. مناخ اال�ستثمار
ن��خ��ت��م ه�����ذا احل�������وار ب����س����ؤال ع����ن ن���ظ���رة املستثمرين اخلارجيني للبنان وتقييمكم ملناخ االستثمار واجتاهاته؟ ال شك في أن االستثمار العقاري في لبنان هو األفضل واألكثر أماناً في العالم .فاملساحة التي ميكن البناء عليها ال تتجاوز نصف مساحة لبنان وتبلغ نحو 5600كيلو متر مربع ،والباقي أحراج وجبال ووديان .وفي بيروت باتت العقارات غير املبنية م��ح��دودة ج���داً ف��ي ظ��ل ع��رض قليل وط��ل��ب كبير يرافقهما منو سكاني .ال شك أن االستثمار في العقار ال يش ّكل منواً اقتصادياً ،لكن على هامش هذا االستثمار ميكننا اجتذاب املستثمر إلى قطاعات أخرى .فهو عندما يواجه عراقيل في استثماره العقاري ال يعود يفكر في مجاالت أخرى .ومن املُلح جداً إزال��ة هذه العراقيل والسيما اإلداري��ة وتيسير وتسهيل املعامالت مع القطاع العام ،وتوفير القضاء السريع والعادل، وعند ذلك يتشجع املستثمر العربي الذي نحن في حاجة إليه، كما أن النظرة إلى قانون التملّك ينبغي أن تنطلق من وجوب اعتماد ضوابط وليس وضع عراقيل.
نق ً ال عن مجلة االقتصاد واألعمال اللبنانية
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
53
وس��ط��ي��ت��ن��ا
رسالة عمان الع��دل أس��مى معانيها بقلم املحامي :مازن الفاعوري
لقد أطلق جاللة امللك عبدالله الثاني املعظم رسالة عمان في التاسع من تشرين الثاني لعام 2004م ،وقد ارتأيت أن اتناول في مقالي هذا محور العدل في هذه الرسالة التي متثل في رأيي نبراساً لالمة االسالمية كافة ،حيث يعتبر العدل من اعظم األمانات وهو درع احلقوق ،وبه تتحقق حمايتها وه��و أس��اس االستقرار وصمام األم��ان للمجتمع املدني في كل ال��دول ،ويشكل العدل عالجاً حقيقيا ناجعا للظلم ،وقد نادت الشريعة اإلسالمية بإقراره واحلكم به في أوقات السلم وإن القرآن الكرمي ال يكتفي بقرابة ثالثمائة آية حتض على واحلرب وألزمت املسلمني بتحري العدل مع كل الناس . العدل ،ولكنه في ثالثمائة آية أخرى يندد بالظلم ويحذر منه ي��ق��ول سبحانه جلت ق��درت��ه {ان ال��ل��ه يأمركم ان تؤدوا ويقرنه بالشرك والعدوان والطغيان ،وال يحدد مجاالً واحداً األمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بني الناس أن حتكموا بالعدل وال معيناً للظلم فيأتى توجيهه شام ً ال لكل مناحي الوجود ان الله نعما يأمركم به} (سورة النساء :اآلية ،)58فالعدل إذا اإلنساني من ظلم اإلنسان لنفسه إلى ظلمه ألخيه اإلنسان غاب فإن شريعة الغاب هي التي حتكم حيث يتفشى الظلم ،وإلى ظلمه للبيئة احمليطة به . وتضيع معه احل��ق��وق خل��دم��ة ق��وى ال��ت��ط��رف ويعتل ويختل وقد كان للعدل شأن لدى احلكماء في التاريخ حني جعل األساس ويصعب معه البناء ويصبح العمل معه واإلصرار عليه أساسا للملك واحلكم حيث قيل أن «العدل أساس امللك» ، مبثابة الزيف والتخبط ونقصان العقل مما يؤدي إلى انهيار وما ذلك إال لقدر العدل وقيمته وتأثيره في النفس واملجتمع أمال األمة بالعدل واملساواة. وحياة البشر وفي املنهج القومي للحكام والساسة في إدارة ولهذا فإن أمير املؤمنني عمر بن اخلطاب « رضي الله عنه البالد والعباد والذي يجب اتباعه فالعدل طريق القرب من « قد حقق العدل في واقعة ابن القبطي املشار إليها في املقال الله تعالى. السابق ،مؤكداً من خ�لال تطبيق العدل ،سعيه إل��ي حتقيق ولفظا العدل واحل��ق هما من أسماء الله احلسنى ،وقد احلرية لكل األفراد واجلماعات بقوله« :متى استعبدمت الناس يستخدم احدهما مكان اآلخر ،وإن اتخذ العدل الصفة العملية وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً» ،واجلميع يعرف قصة املرزبان التطبيقية واتخذ احلق الصفة املعنوية املعتقدة ،فتظل عالقة رسول كسرى مع امير املؤمنيني ،حيث قدم هذا الرسول الى العدل باحلق عالقة عضوية متكاملة ،فالعدل يستمد وجوده املدينة املنورة يريد مقابلة الفاروق «رض��ي الله عنه» فأخذ من احلق ،واحلق يأخذ شكله بالعدل ،فتنتفي عن العدل، يبحث عن قصر اخلالفة وهو في شوق الى رؤية ذلك الرجل بحكم انبثاقه عن الله سبحانه وتعالى صفة النسبية. الذي اهتزت خوفا منه عروش كسرى وقيصر ،ولكنه لم يجد في املدينه قصرا وال حراسا فسأل الناس :أين أمير املؤمنني عمر؟ فقالو الندري لعله ذاك النائم حتت الشجرة فلم يصدق الرجل ماسمع فذهب اليه ف��إذا به عمر رضي الله عنه قد افترش األرض والتحف السماء وعليه بردته القدميه ،فوقف امل��رزب��ان مشدوها مستغربا وق��ال قولته املشهورة(:حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر).
54
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ولهذا جاءت رسالة عمان لتجديد الدين والعودة به الى اصوله الصحيحة مصداقاً لقول رس��ول الله صلى الله عليه وسلم ( يحمل ه��ذا العلم من كل خلف عدوله ،ينفون عنه حتريف الغالني وانتحال املبطلني وتأويل اجلاهلني ) رواه البيهقي حتقيق العالمة األلباني /مشكاة املصابيح كتاب العلم الفصل األول اجلزء 1ص ،53/وتتناول هذه الرسالة مفهوم وإن اإلسالم قرر مبدأ العدالة في معاملة اآلخرين وصيانة العدل مببادئه القانونية وفي املجالني الوطني والدولي. حقوقهم ،حيث أن رسالة عمان تدعو املجتمع الدولي ،إلى العمل بكل جدية على تطبيق القانون الدولي واحترام املواثيق ففي املجال الوطني: والقرارات الدولية الصادرة عن األمم املتحدة ،وإلزام كافة -1ترسيخ قواعد العدل واملساواة في احلقوق والواجبات األطراف القبول بها ووضعها موضع التنفيذ ،دون ازدواجية بني املواطنيني. في املعايير ،لضمان عودة احلق إلى أصحابه وإنهاء الظلم. لقد شرع اإلس�لام مبدأ امل��س��اواة ،ونشر ظالله في ربوع ولقد ج��اء بيان موقف اإلس�لام من مقاومة الظلم بحق املجتمع اإلسالمي بأسلوب مثالي فريد ،لم تستطع حتقيقه الشعوب من منطلق احلق في مقاومة االحتالل ،للوصول إلى سائر الشرائع وامل��ب��ادئ ،وأن ال��ن��اس خلقوا كلهم م��ن نفس األهداف املشروعة بالوسائل املشروعة ،كما أعطى اإلسالم واح��دة ،فأفراد املجتمع في شرعة اإلس�لام كلهم متساوون للحياة منزلتها السامية فال قتال لغير املقاتلني وال اعتداء ال فرق بني شخص وآخ��ر ،ذك��راً كان أم أنثى غنياً أم فقيراً على املدنيني املساملني وممتلكاتهم ،وهو يرفض االعتداء على كلهم سواسية كأسنان املشط ،ال يتفاضلون إال مبقدار عملهم حياة الناس بالقتل أو الترويع أو التهديد ألن حق اإلنسان في وإنتاجهم ،وقد أوجب الله تعالى على احلاكم املسلم أن يكون احلياة أساس العمران البشري ،وقد قال سبحانه وتعالى في ً عادال بني افراد رعيته سواء أكانوا مسلمني او غير مسلمني ،محكم كتابه العزيز {من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في ً ً فال يظلم أحدا بل يدبر أمورهم جميعا حسب شرع الله تعالى األرض فكأمنا قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأمنا أحيا ،ويؤمن حاجاتهم من غير أن ينحاز الى طرف على حساب الناس جميعا}(سورة املائدة :اآلية ، )32فنحن في االسالم طرف اخر. نشجب املمارسات العدوانية غير املشروعة في العالم كله، وخاصية العدل هذه من خصائص الشريعة اإلسالمية ونرى أن وسائل مقاومة الظلم وإقرار العدل تكون مشروعة التي حمل لواءها القران الكرمي وأقرته السنة النبوية ،ففي وبوسائل مشروعة. ظل العدالة في تطبيق القوانني النافذة على اجلميع دون إن رسالة عمان ج��اءت لتدعو املجتمع الدولي الى نشر متايز وتفريق بني األجناس والطبقات نرسخ قواعد بناء األمة العدل والتسامح في العالم ،حيث أوجبت الشريعة االسالمية ودوامها وعزها ومتاسك وحدتها وبترسيخ قواعد العدل ،احترام العهود واملواثيق الدولية والتي حترمي الغدر واخليانة، حتفظ احلقوق وينتظم الوجود اإلنساني ،فالناس في اإلسالم ومنع االعتداء على املساملني واملدنيني وممتلكاتهم سواء كانوا متساوون في احلقوق والواجبات والسالم والعدل وحتقيق أطفاال في مدارسهم أو رهبانا في صوامعهم ،أو نساء ال األمن الشامل والتكافل االجتماعي. عالقة لهن باحلرب، -2حتقيق العدالة االجتماعية في اإلدارة احمللية واملشاريع من خالل تطبيق مبادئ القانون الدولي االنساني بجدية التنموية . واح��ت��رام امل��واث��ي��ق وال���ق���رارات ال��ص��ادرة ع��ن األمم املتحدة ح�ين يسود ال��ع��دل تستقر النفوس ب��ه وي��ه��دأ ال��ب��ال عليه وتنفيذها من غير ازدواجية في املعايير ،وهذه املبادئ تؤكد وتبدع العقول معه ،وترتفع املعنويات حماسة للعمل واإلنتاج على اح��ت��رام األط���راف املتنازعة التفاقيات جنيف األربع، فيتوسع ال��رزق و تتوزع معه مكاسب التنمية بني اجلميع ،وحترمي االجهاز على اجلرحى ،وقتل األسرى وقت احلرب، فتضيق الفجوة بني األغنياء والفقراء ويسهل ت��دارك الفقر وحترم قتل املدنيني املقاتلني وتدعولللعناية بشؤون األسرى ومعاجلة البطالة ومحاربة الفساد وتقبل الرأي األخر ،وتصبح وحماية األعيان املدنية (املستشفيات وأماكن العبادة واملدارس مع هذا العدل مفاهيم املجتمع وقيمه وعاداته وتقاليده قوانني واملالجئ وغيرها). متنع وتضبط بل مبثابة القضاء غير املكتوب مينع البعض من ول��ه��ذا ف��إن املجتمع ال��دول��ي مطالب ب��أن مي���ارس كل اللجوء إلى القوة والعنف طريقا للتمرد وحتصيل احلقوق. الضغوطات على كافة اجلهات التي تنتهك االتفاقيات الدولية وال��ق��ان��ون ال��دول��ي اإلن��س��ان��ي إلرغ��ام��ه��ا على االل��ت��زام بهذه وفي املجال الدولي: االتفاقيات ،لوقف جميع االنتهاكات التي يتضرر منها البشر -1إتباع الوسائل املشروعة إلقرار العدل ورد الظلم. والتي تؤثر سلباً على أجيال بأسرها لرفع الظلم عن املظلومني أخالق اإلسالم في الوسائل والغايات ،فغايات اإلسالم ويعود احلق إلى أصحابه. شريفة وك��ذل��ك وسائله حتظى بالشرف واحلماية نفسها. ويرفض اإلس�لام إتباع الوسائل غير املشروعة (مثل الغش واالحتكار والرشوة والسرقة) مهما بررنا لهذه األفعال من نوايا خيرة ،إذ ان اخلير في الوسائل ضد اخلير في الغايات، فنقاوم الظلم ونعمل على إقرار العدل بالوسائل املشروعة.
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
55
-2العالقات مع غير املسلمني تقوم على مبدأ إشاعة -3التعاون مع كافة قوى السلم واالعتدال في العالم للدعوة السلم والعدل. العدل واملساواة. إذا ك��ان لكل دي��ن سمة يتسم بها ،فسمة اإلس�ل�ام هي إن التمسك مبنهج ال��ع��دل وامل��س��اواة أكبر مساعد على العدالة ،وهي شعاره وخاصته ،والعالم ال يصلح إال إذا كانت معرفة سنن الله الثابتة في الكون ،ملا لهذه املعرفة من أثر في العدالة ميزان العالقات اإلنسانية في كل أحوالها. سلوك الطريق القومي للتغيير والتصحيح واإلصالح ،بعيداً عن إن القواسم املشتركة بني أتباع الديانات في العالم ،تصلح التخبط والفوضى واالضطراب والضالل. أن تكون منطلقاً للحوار والتقارب من اجل الوصول إلى تفاهم والدين اإلسالمي يرشد املسلمني الى ماهو حق وعدالة في مثمر ال ميس االستقالل الفكري أو التميز العقدي لكل منهم، ومن ذلك( :السالم واألمن والعدل والتكافل والرحمة واحلقوق عالقاتهم فيما بينهم وبني غير املسلمني واإلسالم في جوهره والواجبات). يدعو إلصالح البشرية وأن املسلمني ليسوا أع��داء السالم، وه��ذا ال يتم إال باحلوار الواعي ،وااللتقاء الهادف بني وإمنا هم صانعوه في هذا العالم العتمادهم على أصل راسخ جميع احلضارات والثقافات واإلديان بهدف تصحيح املفاهيم ،من االعتقاد الديني. وإي��ج��اد صيغ التعاون والتعامل اإلنساني املشترك ،بعيداً واخيراً فإن ديننا اإلسالمي احلنيف يدعونا إلى االنخراط عن معاني الظلم واالستغالل ،أو حتقيق املصالح احملدودة واألهواء الضيقة ،مما يتطلب صوتاً راشداً يتفيأ ظالل العدل واملشاركة في املجتمع اإلنساني املعاصر واإلسهام في تقدمه اإللهي ،والرحمة الربانية يبصر املجتمع اإلنساني بأخطائه ،ورق ّيه متعاونني مع كل ق��وى اخلير والتعقّل ومح ّبي العدل وينبهه إلى واجباته ،لتحقيق سعادة اإلنسان وخيره على هذه وال��س�لام من الشعوب األخ���رى ،واالهتمام بحقوق اإلنسان األرض. وحرياته األساسية ،وتأكيد حقه في احلياة والكرامة واألمن، فاألصل في عالقة املسلمني بغيرهم هي السلم ،فال قتال وضمان حاجاته األساسية ،وإدارة ش��ؤون املجتمعات وفق حيث ال عدوان وإمنا املودة والعدل واإلحسان إمتثاال لقوله مبادىء العدل والشورى حتى يصير العدل قيمة مطلقة مؤهلة تعالى {ال ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ،ولم العتالء قمة هرم قيم النظام اإلسالمي. يخرجوكم من دياركم أن تب ّروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب املقسطني} (سورة املمتحنة :اآلية . )8 والله ولي التوفيق،،،
56
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
مقابلة المنتدى
معالي الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل حوار :يا�سر �أبو ح�سني
“ الدفاع عن القدس يجب ان تشترك فيه كل فعاليات األمة” • م��ا ه��و دور العلماء واملثقفني ف��ي ال��دف��اع ع��ن مدينة القدس ؟ عثمان :ف��ي ت��ق��دي��ري ان ال��دف��اع ع��ن ال��ق��دس يجب ان تشترك فيه كل فعاليات األمة املختلفة ،البد من ان يشترك العلماء حتى يوضحوا لألمة حقيقة القدس وموقعها كمدينة إسالمية ،أيضا العلماء األثريني واملعماريني لهم دور الن هؤالء يستطيعوا ان يبينوا مدى الدمار الذي تريد ان تلحقه إسرائيل بالقدس وباملباني التي حول القدس ،وان يكشفوا زي��ف االدع����اءات اإلسرائيلية ح��ول بيت امل��ق��دس ،علماء التاريخ لديهم أيضا مسؤولية ألنهم من دراستهم للتاريخ يستطيعوا ان ي��ردوا على الزيف اإلسرائيلي بان اليهود هم أول من سكن بيت املقدس وماذا ورد في التوراة واإلجنيل وما هي حقيقة اإلسالم ببيت املقدس ،علماء االجتماع وعلماء البيئة نحن بحاجة إلى دراساتهم حتى نستطيع ان نرد الهجمة الكبيرة التي يرد اليهود من خاللها تهويد القدس وحتويلها إلى عاصمة أبدية لهم .
“س��رعة منو املنتدى تكشف حاجةاملجتمعملثلهذااملنتدى وألطروحات��ه وأف��كاره ف��ي مواجهة األفكار املتش��ددة” • ماذا تتوقعون ملستقبل املنتدى العاملي للوسطية ؟ عثمان :املنتدى بتقديري انه نشأ وتربى بسرعة ،واعتقد ان هذا ظاهرة صحية ،فسرعة منوه تكشف حاجة املجتمع ملثل ه��ذا املنتدى وألطروحاته وأف��ك��اره في مواجهة األفكار املتشددة ،وسرعة النمو تعكس ان��ه ك��ان يوجد هناك فراغ وهذا الفراغ كان يحتاج إلى من ميأله ،وسرعة النمو دليل على ان املنتدى سد جانب كبير من هذا الفراغ .
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
57
مقابلة المنتدى
معالـــي رائــــــف جنـــم حوار :يا�سر �أبو ح�سني
“ دعم الهاشميني للقدس .....منقطع النظير ” “علــينا
دور
• ما هو دور العلماء واملثقفني • دور الهاشميني ف��ي ال��دف��اع ع��ن ال�ق��دس ال ينكره إال في توضيح حقيقة قضية القدس جاحد ،هل لكم ان تبينوا لنا دور الهاشميني في الدفاع عن للناس ؟ القدس؟
ك���ب���ي���ر ف��ي جن� ��م :ب��س��م ال���ل���ه الرحمن ال��رح��ي��م ،دور ال��ع��ل��م��اء واملثقفني توعية األجيال بالنسبة لقضية القدس دور مهم املتعاقبة حول جدا الن معظم الناس ال يعلمون احلقيقة ع��ن ال��ق��دس ويتأثرون قضية القدس ب�����اإلع��ل��ام ال���غ���رب���ي واإلع���ل���ام وال��ص��ه��ي��ون��ي ،ل��ذل��ك علينا دور كبير في توعية األجيال املتعاقبة حول قضية القدس ونحن في اقرب نقطة إلى القدس وهناك أناس ال يعلمون احلقائق حول القدس إلى أالن فكيف الناس البعيدين ،حترير القدس
”
يحتاج أوال إلى مرحلة توعية وتخطيط كبير وبعدها ،يجب ان نثقف أوال ،الن األجيال الصاعدة عليها مرحلة حترير القدس ،العالم الصهيوني قوي لذلك على اإلع�لام العربي ان يؤسس قنوات فضائيات تتكلم بلغات أجنبية حتى نراعي ان يكون املواطن الغربي العادي عاملا بقضية القدس ويتقبل ما يقوم به األمة العربية مستقبال فاحلق والقوة ال يكفيان بل نحتاج إلى إقناع العالم به ،نحن بحاجة إلى تأييد عاملي من مسئولني وغير مسئولني . 58
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
جنم :انا اعمل للقدس منذ سنة 1970مع الهاشميني وحتت مظلة الهاشميني ولوال مظلة الهاشميني ملا استطعت ان افعل شيئا ،هناك وزارة األوقاف وجلنة األعمار وقاضي القضاة واللجنة امللكية لشئون القدس كلها مؤسسات رسمية تعمل من اجل مدينة القدس ،ودور الهاشميني بداء سنة 1924وليس أالن وهو مستمر ،بداء في زمن الشريف احلسني بن علي الذي كان همه األول قضية القدس ثم استلمها منه الشهيد امللك عبدا لله الذي استشهد على أعتاب املسجد األقصى وبعده استلم الراية امللك احلسني بن طالل الذي اسمي عهده بالعهد الذهبي لألعمار ،وأالن استلم الراية عبدا لله الثاني أطال الله عمره وهو مهتم جدا بقضية القدس من النواحي السياسية واالقتصادية واإلعالمية واالجتماعية ،فهو يتبرع لألعمار ويتابع هذه املشاريع بنفسه ،وهو يتبرع للجامعات فقد تبرع جلامعة القدس مرتني مبعرفتي حيث مرت اجلامعة بأزمة مالية لم تستطع معها دفع روات��ب األكادمييني فتبرع جاللته برواتبهم ملدة سنة كاملة ،وهناك املؤسسات املقدسية العربية بإيعاز من امللك تبرعت احلكومة لها مثل مؤسسة شركة الكهرباء وهناك مستشفى املقاصد اخليرية دعمه جاللته ماليا ،ودعم الهالل األحمر ودار اليتيم ،الهاشميني ال يحبون ان يتكلموا عن أنفسهم ،فمن واجبنا ان نتكلم عن دعمهم للقدس
مقابلة المنتدى
االستاذ منتصر الزيات حوار :يا�سر �أبو ح�سني
“ املنتدى العاملي للوسطية في األردن يقود تيار الوسطية في العالم اإلسالمي ”
الزيات :بسم الله الرحمن الرحيم ،دور الشباب دور مهم ، فهم عماد األمة واإلحاطة بالشباب واستيعابهم أمر مهم وأدعو املؤسسات الشعبية ان تبذل جهد مناسبا في استيعابهم حتى ال يقعوا فريسة للتطرف ،أو براثن الفساد واالنحالل ودعوات التغريب من جهة أخرى ،الطاقة احلقيقية ألي امة هي طاقة الشباب فينبغي ان توضع مقررات وان يتم وضع برنامج لضم الشباب ملثل هذه املؤسسات مثل منتدى الوسطية وتغذية الشباب بالفكر اإلسالمي حتى يكونوا هم الذين يقودون كل املواجهات املنتظرة من اجل استعادة القدس ،هذه املواجهات حت��ت��اج إل��ى إع���داد للشباب إع���دادا بدنيا وإع����دادا نفسيا وإع���دادا روحيا وإع���دادا علميا واإلحاطة بتاريخ القدس وتقدمي كل املعلومات املختصة بالقدس لتتوفر أمام الشباب ه��ذا واجبنا وواج��ب ه��ذه املؤسسات مثل منتدى الوسطية حتى يعرف الشباب أهمية هذه القضية ودورهم احملوري في حتقيق النصر .
“يج��ب اس��تيعاب الش��باب حت��ى ال يقع��وا فريس��ة للتط��رف أو براث��ن الفس��اد واالنحالل ودع��وات التغريب”
الزيات :أالن العالم يتنادى للوسطية ،والعالم أالن حتفه النزاعات والصراعات ولذلك أنا قلت عندما حضرت املؤمتر األول للوسطية في عمان أني انتظر من هذا املنتدى الكثير ، وتنبأت له بالرواج الن الفكرة فكرة جيدة وفكرة شجاعة وهي ليست سهلة وال يقدر عليها أي احد ،لذلك يتقدم املنتدى • املنتدى العاملي مؤسسة حتمل فكرة الوسطية ،هل العاملي للوسطية في األردن ليقود تيار الوسطية في العالم تتوقعون للمنتدى بشكل خاص ولفكرة الوسطية بشكل عام اإلسالمي وهذا أصبح عالمة من عالمات العمل اإلسالمي وننتظر منه املزيد االستمرار في النجاح ؟
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
59
مقاالت
فتح ال��ل��ه ك��ول��ن ..أضابير ال��دي��ن وامل���ال والسياسة
اال�ستاذ منت�صر الزيات – م�صر .. حدثني أستاذي األثير عالمة التاريخ اإلسالمي املعاصر الدكتور عبد احلليم عويس غير مرة عن التجربة التركية ،كان حديثه في كل مرة يتدفق بحماسة غير عادية ،بينما أتابعه بفتور أشد من حماسته تلك ،وأشعر بهمومي وأعبائي من خالل احلركة التي أدور في ركابها كساقية تلتهم الوقت واجلهد حتى تكاد ال تبقي منه وأنا أردد مأثورة حسن البنا رحمه الله الواجبات أكبر من األوقات ،حدثني عويس عن شعور كولن بالهم وقدرته على نقل هذا اإلحساس املرهف بالهم ألتباعه ورواده وتالمذته املخلصني ،حدثني عن مفهوم اخلدمة وكيف يقومون بها في تفان وإخ�لاص وجت��رد ،رمب��ا كنت أردد في نفسي وأنا أستمع منه ملثل تلك العبارات وأشاهد أصدقاءه األتراك يدخلون ويخرجون ذهابا وجيئة عليه ألنه يرتبط بهم بعالقة ما ويقومون على خدمته باعتباره عاملا وداعية ممن ندر وجود مثله حاليا ،فالزمن زمن قبض العلماء والصاحلني حتى ال تقوم الساعة إال على أشرار اخللق.
باللغة العربية توزع ماليني النسخ في كل عدد ،حلضور ندوة تخصصية انعقدت في جامعة ال��دول العربية بالتعاون مع كلية االقتصاد والعلوم السياسية تبحث محاوالت اإلصالح السياسي في العالم اإلسالمي وفي التجربة التركية ..فتح الله كولن منوذجا.
غير أن��ي الحظت اهتماما غير مألوف بهذه ال��ن��دوة في الدوائر الثقافية واإلسالمية كأن القاهرة كلها كانت هناك ، ورغم حرصي على حضورها إال أن سفرا مفاجئا لي خارج البالد حرمني من املشاركة فيها واالستماع إلى األصدقاء األتراك والباحثني الذين أدلوا بدلوهم فيها وطالعت ما نشر عنها من مقاالت وأبحاث وأخبار صحفية ،غير أن القدر أدخر لي أن أطالع التجربة من خالل الواقع املعايش واملعاينة وليس فقط من خالل حضور ندوة أكادميية متخصصة تتحدث عن التجربة ،والبون شاسع جدا بني أن أسمع عن جتربة وبني أن أعايشها وأبصرها عن كثب ،نلتقي أصحابها والذين يصنعون وفوجئت ف��ي أكتوبر امل��اض��ي ب��دع��وة وصلتني م��ن مجلة أحداثها مبستوياتهم املختلفة في ميادينهم ،وهكذا وجهت لي حراء وهي مجلة تركية تصدر بعدة لغات خارج تركيا وتصدر مجلة حراء دعوة كرمية مع صفوة من العلماء واملفكرين من
60
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
األبي من حقه دول عربية شتى وسافرت السبت املاضي والتقيتهم هناك من حق العودة ،كما يحرم الشعب الفلسطيني ّ وه��ا أن��ا أكتب سطوري األول��ى مباشرة من استانبول تأثرا في العودة ألرضه ودياره وبعد خمس سنوات حكمت احملكمة بأحاسيس ومشاعر وع��واط��ف جياشة ومشاهد وحكايات حكما غريبا ببراءته براءة مشروطة!! ومشروعات وعناصر كلها تدغدغ القلب وحتمله قسرا على أي ال يرجع ففي رجوعه إع��ادة للمحاكمة ،ولكن املدعي لمُ إخراج الزفرات ساخنة وتدفع الدموع إلى طريقها من ا قل العام لم يرضه احلكم فأعاد الدعوى من جديد فنظرت أمام فرحا وسرورا حينا وحزنا ونكدا أحيانا أخرى. محكمة التمييز التي أيدت احلكم وحسمته أعلى هيئة قضائه فتح الله كولن ..ذلك الرجل الغامض -هكذا بدا لي -الذي هناك تتشكل من 23قاضيا عام 2008عندما ألغت احلكم ال يقدر لك أن تلتقيه ،فهو منذ العام 1999يقيم في بالد وألغت مشروطيته وجعلته بريئا متاما براءة الذئب من دم ابن العم سام الواليات املتحدة األمريكية ،فالرجل ال يلتقي هناك يعقوب. مضيقا اخلناق على كل باألجانب مؤثرا السالمة له ولهم ُو ّ غريب أمر هذا الرجل مرة أخرى ..لم يحنق ضد العسكر الذين جل مهمتهم رصد الناس بالدسائس واملؤامرات ،يلتقي مثلما نحنق نحن في بالدنا العربية ؟ لم يسع إل��ى تكوين فقط ببعض أنصاره من األتراك يحملهم تعاليمه ويجيب على ميليشيات مسلحة كالتي اعتاد شبابنا تكوينها كلما شعروا أسئلتهم وينقل نصائحه لدوائره اخلادمة في الداخل التركي، بغصة في حلوقهم من مظالم أو فساد؟. يظهر أحيانا قليلة في بعض البرامج املتلفزة املسجلة بواسطة غريب أمر هذا الرجل الذي لم يأمر بشن الغارات في وجه مريديه أيضا ،غير أن كتبه ودراساته تنهمر حاملة أفكاره هنا الذين مينعون النور ويغلقون األفواه وينزعون أمارات الهدي وهناك في كل مكان من أنحاء املعمورة. عجيب أمر هذا الرجل ..سجن غير مرة في عقود مختلفة واإلميان؟. من حكم العسكر في تركيا ،وعندما سافر أواخر التسعينات كان بفعل املرض الذي دهم قلبه املسكني املهموم واحتاج إلى العالج في مركز كليفالند الطبي الشهير بأمريكا وأجريت له جراحة كبيرة بالقلب احتاج معها إلى البقاء للعالج ثالثة أشهر كاملة داخل املستشفي وبدلت له ثالثة شرايني ،وبينما هو يعاني أالم املرض شيدت ضده حملة دعائية عدائية في تركيا تطالب برأسه ،كان العسكر في تركيا عام 97تقريبا قد جنحوا في اإلطاحة بنجم الدين أربكان وقد كان رمزا تركيا من رموز التنوير اإلسالمي ،وبقي الرمز االجتماعي اإلنساني السلمي فتح الله كولن ،وق��دم املدعي العام التركي قضيته وأدلته الواهية ضد رجل أعزل لم يوجه يوما كلمة نابية ،أو صراخا عنيفا ،لم يسع لتأليف ح��زب سياسي مي��ارس من خالله عمال سلميا كاربكان وغيره من الساسة األتراك الذين يحملون الهم السياسي ،فهو ال يعرف السياسة وال ميارسها تركها طائعا م��خ��ت��ارا ،رغ��م ك��ل مسامليته ه��ذه ق��دم��وه إلى احملاكمة بتهمة املؤامرة الكبرى ،واستغرقت محاكمته خمس سنوات كاملة بينما املتهم غائب عن قفص االتهام هناك في أمريكا ،رمبا لهذا السبب وجهوا االتهام ليمنعوه من العودة،
إن أقوما منا دخلوا في صدام مسلح مع احلكام ،ورغبة في إذعانه قتلوا عسكره واغتالوا ضباطه وقادته ،فلم يفلحوا، فاستهدفوا السياح األجانب رغبة في لي يده وإضعافه ،فلم يفلحوا فزرعوا القنابل في البنوك ليدمروا اقتصاده!! لم يزرعوا بسمه في الوجوه ،ولم يغرسوا زرعا في احلقول.
فتح الله كولن ..ب ّكاءٌ بامتياز ،ال يتكلم إال وهو يبكي ،ال يقرأ القرآن إال وهو يبكي ،استمعت لبعض كلماته عبر برنامج مسجل أنتجه املنتدى العاملي للوسطية يذاع قريبا على إحدى القنوات الفضائية الشهيرة وهو يبكي ،هكذا قال لي بعض تالمذته.
أمن به كثيرون ..تزايدوا يوما وراء يوم ،سعي الرجل إلى تدعيم اإلميان في القلوب ..قلوب الناس من حوله ،تسامع به شيوخ كبار وأجيال مختلفة من مراحل عمرية متباينة يشدون الرحال إليه في أزمير حيث كان يقيم قبل مغادرته ،التقيت واح���دا م��ن الشيوخ ال��ذي��ن زام��ل��وه وت��ع��رف عليه ف��ي أواسط على من القصص ما يثير العجب فانتظروني السبعينات قص ّ أكمل لكم قصة رجل أظنه دخل كل بيت في تركيا اآلن.
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
61
مقاالت
م�����ع�����ا ض��������د اره���������������اب ال�����ق�����اع�����دة اإلسالمية ،وال تكفي الغمغمة أو التعميم أو اإلجمال ،وأستثني من ذلك مقاومة احملتل والدفاع عن الوطن كما في احلالة الفلسطينية التي هي محل إطباق وإجماع . واألمر أبعد من ذلك؛ فاإلختراق حادث لفكرنا وثقافتنا ومجتمعنا ،ومن هنا أوصي نفسي وإخواني من اخلطباء واملتحدثني والكتّاب ،أن نستخدم أوضح األساليب وأبينها في إنكار هذا املنكر العظيم ,الذي فيه سفك الدماء ,وتدمير املجتمع ,وتشويه اإلسالم ,وتعويق التنمية, والفساد في األرض ,والعدوان على األرواح ,والعبث بالضروريات الشرعية واإلنسانية . فال نخلط بذلك حديثاً عن منكرات أخرى ,ونربط بعضها ببعض مما يوهم بعض اجلاهلني أننا نصنع مسوغاً أو نلتمس مبرراً ،ال نع ّرض بالتكفير أو التفجير حني نعالج منكراً اجتماعياً أو سياسياً أو إعالمياً فنقول :هذا سبب التكفير أو سبب التفجير ،امنعوا ف�ضيلة ال�شيخ �سلمان العودة -ال�سعودية املنكرات حتى ال تعطوا سبباً لتطرف الشباب ... هذه لغة غير جيدة ,قد توحي لبعض هؤالء بأنهم معذورون إذاً إذا ق��د يحوي ه��ذا امل��ق��ال ع��ب��ارات قوية أو قاسية ف��ي ح��ق الذين رأَوا ما ال يعجبهم أن يسلكوا أسلوب العنف . سلكوا سبيل العنف رمبا لم يكن من عادتي أن أستخدمها ،لكنني يجب أن نفصل هذا عن ذاك ,وأن نكون حذرين في لغتنا وخطابنا, أج��د نفسي محتاجاً إليها اآلن ألننا في مواجهة أق��وام يتسلحون باحلديد وال��ن��ار ويستهدفون إزه��اق األرواح وتدمير املجتمعات .ويقظني من أن نوصل رسائل سلبية ملثل هؤالء من دون أن ندري . حني كتبت عن تنظيم القاعدة ,عاتبني بعض أحبتي وصارحوني وعلينا أن ننأى عن لغة ( لكن ) امللبسة املوهمة ,التي جتعل فئة فسره ٌّ كل على بخوفهم ّ علي من كلمات طائشة تقدح في عِ رضي ،أو ما هو فوق من الشباب يفهمونها خطأ ,وكأن الكالم ح ّمال أوجه ,يُ ّ ذل��ك ،وكنت أق��ول إن األم��ر يحتاج إل��ى وض��وح ومكاشفة ،ولست ما يريد . أخفي أنني لم أشعر بأهمية تذكر للمخاوف التي يتحدثون عنها . املقام مقام فتنة عمياء ,كلما قيل انقضت متادت كما قال رسول كنت وما زلت أدعو علماءنا ودعاتنا املخلصني إلى تسمية األشياء الله -صلى الله عليه وسلم( -كما في سنن أبي داود وأحمد واحلاكم بأسمائها احلقيقية ,ون��زع االس��م الر ّباني امل��ق�� ّدس “اجلهاد” عن وق���ال صحيح اإلس��ن��اد م��ن ح��دي��ث اب��ن عمر رض��ي ال��ل��ه عنهما) ، أعمال التنظيمات القتالية ,التي تقتل األبرياء ,وتزعزع األمن في واملسئول األول واألكبر عن إطفائها ,وكشف الغطاء الشرعي عنها؛ بالد اإلس�لام ،أو في بالد أخ��رى بيننا وبينها عهد وميثاق؛ جتب هم العلماء والدعاة املخلصون ,الذين ال يخافون في الله لومة الئم ، رعايته واحترامه بنص الكتاب العزيز (أَ ْو ُفوا بِالْ ُعقُودِ )(املائدة :من وال يترددون في جترمي العمل الفاسد؛ مهما كانت كلفته عالية . ُضوا الأْ َيمْ َ��ا َن بَ ْع َد اآلي��ةَ ( ، )1وأَ ْو ُف��وا ِب َع ْهدِ اللَّهِ ِإ َذا َعا َه ْدتمُ ْ َوال تَنْق ُ ليس مهماً أن يدينني هذا أو ذاك بأنني أعمل لصالح جهة أو تَ ْوكِ يدِ َها)(النحل :من اآلية. )91 أخ��رى ,أو أنني «حكومي» ألنني قلت ما ال يحب أن يسمعه ،إنني وليس أحد من أفراد الناس مف ّوضاً بنقض االتفاق ،وال بإعالن أقولها صريحة يشهد عليها الله ،أن هذا االستنكار هو إحساس احلرب ،مهما كانت األوضاع والظروف واألحوال . إمياني وقناعة عقلية محكمة ،لم منالئ فيها أح��داً وال جهة وال وأنا اليوم أؤكد على أهمية التواصي بالوضوح في إدانة جرائم طرفاً ،ولسنا مع احلكومات وال ضدها ،ولكننا ضد االنحراف الفساد في األرض ,التي متارس باسم اإلس�لام ,أو باسم اجلهاد ،والتخريب واإلفساد كله ،وضد ما ميارس باسم الدين منه خاصة, وكشف الغطاء عنها بأسمائها ،س��واء تس ّمت باسم القاعدة ،أو كائنة ما كانت التبعة التي تترتب على هذا اإلعالن وهذا االستنكار تنظيمات اجلهاد ،أو اجلماعات القتالية أو املقاتلة ،أو الدولة واإلدانة والتجرمي . 62
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ليس يه ّمني خصم يأبى إال أن يحملني وزراً أن��ا منه ب��ريء ، فالقول الصادع الذي أجهر به ,وأقوله مبلء فمي؛ هو عقيدة راسخة لم تتبدل ول��م تتحول ،ول��م تختلف ،ولكن احلاجة إل��ى إيضاحها وتكرارها اآلن أهم وألزم من أي وقت مضى ,بل منذ اندلعت أعمال العنف أصبح احلديث املكرر املل ّح ضرورة دعوية وتربوية وأخالقية لكل من يه ّمه مستقبل هذا الدين ومستقبل هذا الوطن ،ومستقبل األجيال القادمة ،واحلفاظ على البقية الباقية من استقرار بالد املسلمني .
ليكن هذا حديث األب مع أسرته ،واألم مع أطفالها ،واملدرس مع طالبه ،واخلطيب مع جماعته ،والداعية مع مريديه ،وليكن إعالن النكير هنا غير مربوط بحملة رسمية ,وال نفير إعالمي ,وال تكليف وظيفي؛ بل إحساس مبهمة ربانية ,وأمانة تربوية ,ومعاجلة دعوية ؛ ليكن مدخ ً ال مناسباً للدعوة إلى التصالح مع النفس ومع املجتمع ومع املخالفني الذين ميكن م ّد اجلسور معهم ,والتوصل إلى نقاط مشتركة في حفظ الديانة وإقامة الدنيا ،ولنرتق بتفكيرنا من االنتصار للنفس ,أو الدفاع عنها ,أو الثأر من اخلصوم؛ إلى النظر في املصالح العامة واملستقبل ,وما حتتاجه األمة بعوا ّمها وخواصها وفجارها؛ فكل وحكامها ومحكوميها وأثريائها وفقرائها وصاحليها ّ ه��ؤالء من األم��ة ,ولهم حق الوالية بقدر إميانهم ،واحلديث عن موضوع خطير كهذا ال يجوز أن يُشغب عليه باحلديث عن موضوع آخر ,قد يكون مثله ,أو دونه وله ميدان ومحل آخر ،أو رجال مهتمون مختصون .
وإنني أدع��و الذين ال ي��زال��ون ي��ع��ذرون ويحجمون في خطابهم؛ أن يحسبوا حساب وقوفهم ب�ين ي��دي الله ،وأن ال يحملهم جور سلطانهم ،أو تعويق مشروعهم -كما حصل في اجلزائر -أو القطيعة التي متارسها احلكومات معهم على أن ال يعدلوا ،فبالعدل قامت ال��س��م��اوات واألرض ،وم��ن الرحمة ب��ه��ؤالء الشباب األغ���رار ومن سيلتحق بهم غداً وبعد ٍ غد؛ أن نقول لهم :هذا طريق ال يوصل إلى مقصد ,وال يعصم من شر ,وال يُق ّرب من جنة ,وال يباعد من نار ، ومن أراد النجاح في الدنيا والنجاة في اآلخرة ورضوان الله واجلنة؛ فليمسك بعصم اإلسالم العظام ,وأركانه ومحكماته ،وليتوقّ الفنت ، وال يريقني محجمة دم حرام وال مشتبهٍ ,وال يفتح لنفسه باب التأويل في املنكرات الصريحة ,وأنت بجرأتك على الكبائر املوبقة ترتكب حوباً وجرماً أعظم عند الله وفي كتاب الله مما تزعم أنك تنكره ، وهذا أعظم ما فعله اخلوارج ,وقوتلوا ألجله ؛ فلم يكن قتالهم ملجرد التكفير وال االعتزال ،حتى قاتلوا واستحلّوا الدم ,وأخافوا السبيل, وهتكوا حرمات اإلسالم ؛ فكانوا شر فرق اإلسالم بال منازع ،وصح احلديث عنهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم -من خمسة أوجه ، كما قال اإلمام أحمد ،وكفّرهم بعض أهل العلم ،وإن كان الراجح أنهم ال يُكفّرون .
املنافقني في املدينة أم بقتل زعماء اليهود أثناء املصاحلة ،وهل أعطي أح��داً أن يكون القانون بيده يحكم بكفر أشخاص ثم ينفّذ أي فوضى مدمرة أس��وأ من تلك التي يحاول أن عليهم العقوبة ؟ ّ يج ّرنا إليها هؤالء ؟
ما يجري في الصومال ,أو غير الصومال؛ مأساة تبكي لها القلوب، وباسم اإلسالم يُد ّمر املدمر ويطحن الطحني وتنشر النشارة ،ويتقاتل الناس في األزق��ة اخلاوية والبيوت اخلربة ،وتزهق األرواح وتلفظ احلياة آخر أنفاسها حتى في شهر رمضان .
إنني أقولها صريحة مد ّوية :إن الله ال يصلح عمل املفسدين ،وال يهدي كيد اخلائنني ،والذين يقتلون املسلمني باسم اإلسالم ,أو باسم إنني أدع��و بكل حماسة أبنائي الشباب في املواقع اإللكترونية تطبيق الشريعة؛ لن يفلحوا ولن يصلحوا ,وسينالهم عقاب الله تعالى، واملجالس ؛ أن يتحاوروا بوضوح حول هذا املوضوع ،وأن يتكاشفوا في وسيكونون مث ً ال لغيرهم ,إال أن يتوبوا قبل ذلك . أسباب التعاطف اخلفية وكيف نعاجلها ،وأن يجتمعوا على احملكمات إن القاعدة لم تعد هي القاعدة أيام سبتمبر 2001م ؛ فقد حت ّولت املسلمة الشرعية القرآنية ،واألحاديث الصريحة الصحيحة التي إلى ظاهرة إعالمية ,يتشبث بها الكثيرون ,ممن يريدون أن يحصلوا بالغت في التحذير من التكفير والتحذير من القتل والقتال ,حتى على االسم الرمزي فحسب ،وأن يحشدوا الشباب حتت هذه املظلة ،كانت هذه من آخر وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم -على املأل وبهذا تغ ّيرت االستراتيجية ,وانفلت ّ الشر من عقاله ,وأصبح شظايا في حجة الوداع . ف��ي ك��ل مكان ذات صفة محل ّية ،وص��دى عاملي ؛ وكأنها (ماركة إن بعض فاسدي العقول أصبحوا يتحدثون عن االغتيال وكأنه مسجلة) يحصل عليها من يشاء ,ويتحرك باسمها ،وإن لم تأخذ سنة نبوية ،وه��ذا ان��ح��راف في الفهم وطيش في األح�لام ،فهل صفة التنظيم احملكم الوثيق الصلة ما بني قيادته وقاعدته . أذن النبي -صلى الله عليه وسلم -بقتل سادة قريش مبكة أم بقتل
إنني أقول ما أعلمه علم اليقني أن هؤالء الذين ّ شط بهم املسلك لو ص��ار بيدهم من األم��ر ش��يء ألفسدوا وأهلكوا احل��رث والنسل وضيعوا وقطعوا وضلوا وأضلوا وفتنوا وافتتنوا ألنهم شاردون عن سواء السبيل ،بعيدون عن فهم الشريعة وإدراك مقاصدها ،جاهلون بسنن الله في خلقه ،وال يتأتى لهم نصر وال توفيق ،وه��ذا مما يقطع به من لديه وعي وبصيرة ومعرفة بالنواميس والسنة ،ولكنهم يفلحون في إح��داث البلبلة واإلرب��اك ،والتغرير ببعض البسطاء ، وإطالة أمد الفتنة ،يساعدهم على ذلك صمتنا ومجاملتنا وإحساننا الظن ،مع أن الشواهد تدل على اختراق أجهزة أمنية إقليمية وعاملية لبعض هذه املنظمات والتأثير عليها ومدها باملال وتسهيل مهماتها وه��ذا يعرفه الذين يحللون ويدرسون أوضاعها خاصة في العراق وفي إيران وال حول وال قوة إال بالله العلي العظيم .وصلى الله وسلم على البشير النذير الرحيم ,ال��ذي بلغ البالغ املبني وأق��ام احلجة, ورسم احملجة ,واحلمد لله رب العاملني .
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
63
مقاالت
م������آذن وم�����ن�����ارات ف����ي ب��ل��اد ال���ع���م ج��ن��ي��ف
د .حممد احلب�ش � -سوريا تكمن مرارة القرار السويسري بحظر املآذن في أنه ليس ق��رار حكومات وال حتى برملانات إنه استفتاء شعبي!! وهو يطرح هذا السؤال الكبير ملاذا تتعاظم اإلسالموفوبيا ويكثر العداء لإلسالم في الغرب ،وهو يكرس الريبة العميقة بني اإلس�ل�ام وال��غ��رب ،حيث ج��رى االختبار ه��ذه امل��رة ف��ي أكثر عواصم الغرب ح��ي��اداً ،وأش��ده��ا بعداً عن سياسات الدول الكبرى التي تتلمظ لعودة االستعمار وتنخرط جيوشها في الناتو اجلبار للمشاركة في اقتسام الكعكة الشرق أوسطية، في حني تنأى سويسرا بنفسها عن ذلك كله وتختار احلياد والسالم وحسن اجلوار ،ومع ذلك فإن نتائج االستفتاء وجهت ضربة قاصمة للحوار بني الشرق والغرب وللمشاركة في بناء عالم أكثر عدالً ومساواة وإنسانية!! 64
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ولكن أكثر ما شدهني في حملة اجل��دل واجل��دل املضاد موقف بعض أصدقائنا من الكتاب العرب احملسوبني على العلمانية واحلداثة ،حني راح��وا يهنئون الشعب السويسري ب��ه��ذا اإلجن����از ،ع��ل��ى أس���اس أن اإلس��ل�ام ال مي��ن��ح اآلخرين احل��ري��ات احلقيقية وراح ه��ؤالء يستخرجون م��ن صحائف التراث نصوصاً مظلمة في التمييز الديني سطرها االستبداد ذات يوم ،ولكنها لم حتظ على أرض الواقع بأي احترام ،وظلت نصوصاً نوردها للتندر على اجلهل والتعصب ولكنها لم حتظ يوماً باستفتاء الناس وإجماعهم ،وهي لألسف جتد اليوم من يستخرجها ويذكي بها ري��اح التعصب س��واء من العلمانيني املتطرفني أو من اإلسالميني املتطرفني الذين نتابعهم اليوم على الفضائيات وه��و يرسلون الفتوى تلو األخ��رى ويتبارى فرسان هذه الفضائيات في النص على حترمي تهنئة اآلخرين بأعيادهم وحترمي مجاملتهم ،ومنعهم من إظهار شعائرهم، على أساس أنها عقائد شركية أبطلها اإلسالم ،وهكذا وبتأمل بسيط ميكننا أن ن��درك أن التطرف ف��ي عبائته العلمانية واألصولية يسعى إلى هدف مشترك وهو هدم ثقة اإلنسان باإلنسان ،وهنا تلتقي أفكار بعض احملطات املتحللة بأفكار القنوات املتزمتة املعروفة – رمبا كان املالك واحداً !! -في احتقار املقدس الديني وهدم جسور احلوار وتعزيز القطيعة بني اإلنسان وأخيه اإلنسان. م��ع أن��ن��ي ال أح��ب أن أق���دم احل��ض��ارة العربية والتاريخ اإلسالمي على منطق نحن فوق اجلميع ،وال أعيش في عقدة االستعالء احلضاري ،ولكنني اليوم منذهل متاماً من موقف املجتمع األوروبي في أرقى عواصم الدميقراطية التي يتغنى بها في عجزه عن تقدمي املقدار األدنى من التسامح ليس على سبيل املجاملة جليرانه السمر املقيمني في جنوب املتوسط !!! بل على سبيل احلقوق املشروعة التي يقرها القانون الدولي وشرعة حقوق اإلنسان ألبناء البلد األصليني السويسريني ال��ذي��ن اخ��ت��اروا اإلس�ل�ام ،أو على سبيل االل��ت��زام باحلقوق اإلنسانية التي ما زال��ت جنيف تعلمها للعالم منذ ق��رن من الزمن وهي تصنف في العالم على أنها أرض الدميقراطيات واحلريات وحقوق اإلنسان ،وفيها مت التوقيع على أكثر مواثيق حقوق اإلنسان وحقوق األسرى عدالة ودميقراطية .
حني بسط املستعمر الروماني سلطانه على أرض فلسطني احلياة نشيدها ومضت إرادة شعب فلسطني تعانق الكنائس ارتكب أبشع املجازر بحق الشعب الفلسطيني البريء ،وحني القدمية ومتسح احلزن عن املساجد!! ظهرت اليهودية املوسوية في مواجهة الوثنية الرومانية قام وف��ي إش��ارة بالغة األهمية ف��إن امل��ؤرخ العربي ك��ان واعياً الرومان بتشريد اليهود وتخريب الهيكل وتدمير معالم املوسوية متاماً ولم يشأ أن يقع في فخ املشروع االستعماري احلاقد في فلسطني ،وحني ظهرت املسيحية فيما بعد قام الرومان ولم يستخدم أبداً كلمة احلروب الصليبية واختار بدالً من ذلك ً أيضا بتشريد حوارييها ونصبوا خشبة الصلب للمسيح نفسه ،االسم الصحيح لهذه احلروب الفاجرة حيث سماها حروب ولألسف فإن اليهودي التائه تواطأ مع الرومي املستبد في ظلم الفرجنة ،وال ميكنك أن جتد في التراث العربي الذي أرخ لهذه املسيح وحوارييه على الرغم من أن اليهودي ذاق مرارة الظلم احلمالت املسعورة كلمة :احل��روب الصليبية ،ول��وال ترجمة بالبسطار الرومي نفسه ،ولكنه مارس اخليانة والتواطؤ مع النصوص األوربية لتراث القرون الوسطى ملا سمع هنا في الروم الذين ظلموه واستعبدوه ضد أخيه في اإلميان من أبناء الشرق باسم احلروب الصليبية ،وعلى الرغم من أن املسلمني السيد املسيح ،على كل حال هكذا كان شأن العالم والناس ال يؤمنون بصلب السيد املسيح تكرمياً له وإعظاماً واحتراماً، على دي��ن ملوكهم ،واالضطهاد الديني هو سمة احلكومات وتأكيداً ملعجزة رفعه إلى السماء ،ولكنهم على رغم ذلك فهموا الغالبة إلى أن طرح اإلس�لام ثقافة جديدة في التعامل مع أن الصليب من وجهة نظر املسيحي الفلسطيني رمز محبة اآلخر املختلف دينياً وعرقياً وحضارياً. وسالم وليس رمز حرب وعدوان ،ورفضوا أن يغمسوا الصليب بعد الفتح اإلسالمي حكم بالد الشام راشديون وأمويون في حمام الدم الذي فجرته أوروب��ا وأطماعها الفرجنية في وعباسيون وطولونيون وإخشيديون وحمدانيون وفاطميون بالد الشام الشريف. وسالجقة وأيوبيون ومماليك وعثمانيون وسلسلة نظم وطنية ال أجهل أن التأثير الذي ينطوي عليه هذا القرار هو تأثير ولكن لم يحصل أبداً أن منارة مسيحية كانت محل تهديد أو محدود وضئيل فمع وجود أكثر من مائة مسجد في سويسرا إهانة أو إساءة ،وظل الهالل والصليب يتعانقان خالل التاريخ فإن املآذن ال يزيد عددها عن أربعة!! وال بأس أن نفترض أن في دمشق كما في القدس كما في القاهرة ،فلماذا يضيق السويسريني يشتركون مع سلفيي بالدنا في أن امل��آذن بدع السويسريون ذرعاً بحقائق التاريخ واجلغرافيا وينقلبون على غير محمودة ولم ترد في الكتاب وال في السنة ولم ينشئها ما مت إجن��ازه في سياق حقوق اإلنسان واحلريات واملساواة السلف الصالح وأول من أنشأها هو اخلليفة األموي الوليد ويختارون سبي ً ال نكداً من التعصب وضيق األفق ؟؟ بن عبد امللك بعد وفاة الرسول الكرمي بأكثر من سبعني عاماً، عانت القدس تاريخاً من احلروب الصليبية الضارية التي وقد اعترض حينذاك عدد كبير من األتقياء على املئذنة على كانت واضحة متاماً في هدم ت��راث املنطقة ولعن تاريخها ،أساس أنها بدعة في الدين ،ولكن الدرس األسود الذي قدمه وحتت راية الصليب جاءت أوروبا بقضها وقضيضها وارتكبت ه��ذا االستفتاء يدعونا بالفعل ونحن م��ن أش��د املتحمسني أبشع املجازر ،ومل��دة تسعني عاماً ظلت القدس حتت حراب للحوار مع الغرب واحترام قيمه ومنجزاته احلضارية ،إلى الصليبيني ،وبعد كفاح ضار متكن املسلمون على يد صالح مراجعة مواقفنا والبحث عن مفردات جديدة لتقومي احلوار الدين من دخول املسجد األقصى في السابع والعشرين من على أساس من املساواة قبل أي شيء. رجب عام ( 583للهجرة ) ،وسقط الوجود األوربي الصليبي من سيقول ألوربا ذات يوم إن املجتمع األوروبي مهما كان في فلسطني ،وال شك أن اجلرائم التي ارتكبها الصليبيون متحضراً ومتقدماً فإنه ميكن تضليله ،وأن اإلعالم يستطيع كانت أشد هوالً وفظاعة ووحشية من كل ما جرى خالل تاريخ الصراع ،وتبدو كارثة مانهاتن في احلادي عشر من أيلول لعبة بالفعل أن يرسم املآذن على صورة مدافع الكاتيوشا وأن العقل أطفال إذا ما قورنت بالبطش الذي استمر في أرض فلسطني األوروب��ي مهما كان مثقفاً فإنه سينساق وراء مزالق اإلعالم تسعني عاماً بدون توقف ،ووفق املصادر األوربية فإن الصليبيني اآلثمة ويسقط مضبوعاً ضحية التآمر اإلعالمي!! عفوا سويسرا!! لقد وجهت رسالة خاطئة ،وسيصبح هذا بنوا هرماً من جماجم املسلمني (وك��ذل��ك أيضا املسيحيني امللكانيني) اشتمل على مائة وخمسني ألف ضحية!!! ومع ذلك املوقف الساذج الغبي أكبر دليل على أن العدالة ال تسكن دائماً فإن دخول صالح الدين إلى بيت املقدس كان من أعظم أيام في العباءة الدميقراطية ،وستعزز امل��خ��اوف ل��دى األقليات التسامح في تاريخ الدنيا ،وأصر الرجل أن يشهد انتصاره أن الدميقراطية حتى ف��ي منطها السويسري األك��ث��ر رقياً عدد من كبار رجال الدين املسيحي من فلسطني ،وأعلن في ومتدناً غير ق��ادرة على حماية األقليات ،أو احترام املقدس وقت واحد فرح املآذن والكنائس وأصر أن تقرع األجراس مع الديني ،وأن الدميقراطية في أرقى صورها قابلة للخديعة، صوت األذان في إشارة واضحة إلى روح التسامح التي منحها وأن الدميقراطية لم تفلح بعد في رسم صورة املساواة بني اإلسالم للناس ،وبعد تسعني عاماً مريرة من املظالم استأنفت الناس.
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
65
مقاالت
هل يؤسس عقد مؤمتر «القدس ..دين وتاريخ» لقمة اسالمية؟ اال�ستاذ عبداهلل حممد القاق تزامنت تصريحات جاللة امللك عبدالله الثاني لصحيفة «احلياة» اللندنية حول مدينة القدس واعتبارها خطا احمر ودعوته االسرائيليني الى عدم اللعب بالنار ومطالبته بانهاء االحتالل االسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية املستقلة القابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني في سياق اقليمي شامل ي��ؤدي الى انسحاب اسرائيل من االراض��ي العربية السورية واللبنانية ..تزامنت م��ع فاعلية ج��دي��دة يحتضنها االردن حاليا اال وهي عقد املنتدى العاملي للوسطية ملؤمتر للدفاع عن املدينة املقدسة والسعي لتحفيز العالم لدعم القضية الفلسطينية في اط��ار احلملة االهلية التي يرعاها االردن لدعم احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية لعام ،2009 وف��ي خضم اط�لاق الفعاليات واالنشطة املتعددة م��ن اجل القدس ..في اوسع امتداد جغرافي في نطاق العالم العربي، هذا املؤمتر كما شرحه امينه العام للمنتدى املهندس مروان الفاعوري في مؤمتر صحفي يهدف الى تأسيس جلان محلية فاعلة وق��ادرة على العمل والتفاعل الب��راز دور هذه املدينة واملقدسات االسالمية ،وكذلك تأكيد الهوية الثقافية ملدينة القدس فلسطينيا وعربيا واسالميا ومسيحيا وتكريس رمزية ه��ذه املدينة والتعريف مبا تُعانيه وأهلها في ظل االحتالل الصهيوني العنصري وتعزيز دورها كقضية جامعة واحدة.
ف��ي مواجهة الصمود والتهويد خاصة وان نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل وباراك وزير خارجيتها قد اكد في مؤمترات بالكنيست او في امريكا او اوروبا..وفي املفاوضات العبثية مع اجلانب الفلسطيني بان «القدس املوحدة هي العاصمة االبدية السرائيل..ولن نساوم في شأن هذا املبدأ..ولن نتخلى عنه». وال��واق��ع ان ب��رن��ام��ج ح��زب الليكود وغ��ي��ره م��ن االحزاب االسرائيلية التي تدعو «للسالم» تنطلق من ك��ون اسرائيل «دول���ة ي��ه��ودي��ة ،صهيونية ودمي��ق��راط��ي��ة» فالصهيونية هي حركة التحرير اخلاصة بالشعب اليهودي كما تدعي ..وهذه الدولة هي وسيلة لتحقيق اهداف الصهيونية وزيادة الهجرة واالستيطان وبناء اسرائيل وتطويرها وتعميق ارتباط الشعب اليهودي بالعالم وتعزيز التعليم اليهودي والصهيوني «ومنع ذوب��ان الشباب اليهود في املجتمعات التي يعيشون فيها في انحاء العالم».
هذه السياسة التوسعية والقمعية االسرائيلية عبر عنها حاخامان اسرائيليان بدعوتهما إل��ى قتل كل شخص سواء اكان فلسطينيا طفال او رضيعا من اجل الدفاع عن اسرائيل باعتبار كما يزعمان «ان حق الشعب اليهودي «املجرم» باملدينة املقدسة حق اب��دي غير قابل للنقض ..وان وج��ود اسرائيل مرهون باحلفاظ على امنها من اجل ردع كل «عدو» وضمان هذا املؤمتر االسالمي الكبير الذي عقد في عمان ،بدعم قدرتها على الدفاع عن نفسها..في اي وقت واحلفاظ على من املنتدى العاملي للوسطية يأتي جتسيدا على ان القدس مدينة القدس موحدة». جزء ال يتجزأ من االراضي الفلسطينية احملتلة منذ عام 1948 هذه البرامج االسرائيلية التي ترفض السالم ..وتدعو الى والتي استكمل االحتالل الصهيوني احتاللها عام ، 1967بل مواصلة القتال والقمع واالستيطان في القدس وفي الضفة ان هذا اللقاء يُكرس مكانتها في الوجدان العربي واالسالمي الغربية وازال��ة املقدسات االسالمية دعت هذا املنتدى في واملسيحي ويرفع من قيمتها ومكانتها احلضارية والثقافية مؤمتره السادس لكي يناقش اوض��اع هذه املدينة وقدسيتها ودورها في بناء ثقافة التعايش والتسامح باالضافة الى دعمها بعنوان «القدس دين وتاريخ» لكونها متثل صلب النزاع العربي
66
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
االسرائيلي ..وان السالم العادل والدائم والشامل يجب ان يقوم على االنسحاب غير املشروط السرائيل عن االراضي العربية احملتلة ف��ي ح��زي��ران ع��ام 1967مب��ا فيها القدس الشرقية ويعيد الالجئني الى مدنهم وقراهم ويتم تعويضهم بعد عودتهم عن اخلسائر التي حلقت بهم خالل السنوات التي قضوها في الشتات..
احملتلة متثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولدعوات املجتمع الدولي ايضا لها باالمتثال اللتزاماتها القانونية والتي أعاقت اجلهود الرامية الى استئناف العملية السلمية على اساس قرارات االمم املتحدة ذات الصلة ،ومرجعية مؤمتر مدريد ، ومبادرة السالم العربية وخريطة الطريق فضال عن تسببها في مزيد من التدهور واالستقرار في املنطقة جراء مواصلة اسرائيل غاراتها في بقية االراضي الفلسطينية وخاصة في غزة وعمليات االعتقال في الضفة الغربية حيث يوجد في املعتقالت االسرائيلية اكثر من عشرة االف اسير مبا فيهم االط��ف��ال والنساء والشيوخ واع��ض��اء من املجلس التشريعي املنتخب دميقراطيا ،حيث يتعرضون ملعاملة جسدية ونفسية سيئة وتعذيب مستمر ،باالضافة الى مصادرة االراضي وتدمير املمتلكات في مختلف امل��دن ،وخاصة في سلوان بالقدس وحي البستان ونقل مئات االالف من املستوطنني وبناء اجلدار وانشاء الطرق االلتفافية لربط املستوطنات بعضها مع بعض والتدابير االخرى غير املشروعة واعمال املستوطنني املستمرة القتحام املسجد االقصى.
فهذا املؤمتر يشكل حلقة جديدة من حلقات التواصل والدعم للقضية الفلسطينية وهو ما انتهجه املنتدى العاملي للوسطية في الدفاع عن قضايا االمتني العربية واالسالمية ،باعتبار ان فلسطني وعاصمتها القدس هي حق ثابت ال شك فيه للشعب الفلسطيني الذي استقر في فلسطني منذ االف السنني ،كما قال سماحة الشيخ عكرمة صبري خطيب املسجد االقصى في منتدى «الدستور» ،وان احلجج االسرائيلية القائمة على مزاعم وبراهني توراتية وتاريخية زائفة ،ال تعطي اليهود اي حق ال في فلسطني وال في القدس ،ألن العالم لو اقر بهذا املنطق وطالب كل شعب او ام��ة بحقه في منطقة او ارض الن اج��داده عاشوا برهة من الزمن فيها قبل االف السنني النقلب العالم رأسا على عقب ،وألشعل حروباً مدمرة ال تبقي وال تذر ،كما هو احل��ال مع اسرائيل التي تواصل عدوانها ان ه���ذا امل��ؤمت��ر ال���ذي ش���ارك ف��ي��ه س��ي��اس��ي��ون وباحثون اآلثم على الشعب العربي واالسالمي في اماكن متعددة من عرب وغيرهم يؤسس الى مرحلة جديدة من اب��راز القضية هذا العالم وتتوعد ايران بضربة بالتعاون مع امريكا لوقف برنامجها النووي العلمي في حني تستحوذ على اكثر من مائتي الفلسطينية ،ويسهم في التوصية لعقد قمة اسالمية تبحث اوضاع املسلمني في القدس وباالراضي الفلسطينية من أجل رأس نووي. وقف هذه االعتداءات وانهاء املمارسات املتكررة ،خاصة وان وال شك ان عقد هذه املؤمترات التي تدافع عن املقدسات هذه الدعوات جتيء ايضا مبناسبة الذكرى العشرين لسقوط االسالمية جتيء في ضوء اهتمامات االردن نحو رفع الظلم عن الفلسطينيني واستعادة اراضيهم احملتلة وانهاء االستعمار جدار برلني واقامة جدار الفصل العنصري في فلسطني األمر في الوطن العربي ،ووقف املمارسات االسرائيلية التي تقوم الذي يتطلب من املجتمع الدولي للعمل اجلاد بالضغط على بها اسرائيل في القدس واملقدسات وغيرها ،ومحاوالتها هدم اسرائيل لوقف اعتداءاتها على اهالي بيت املقدس وانتهاكاتها املسجد االقصى ،هذه االجراءات التي متس حقوق االنسان ب��االراض��ي الفلسطينية ،وجتسيد عنوان ه��ذا املؤمتر بأن للشعب الفلسطيني ،وغيره من السكان العرب في االراضي القدس متثل «الدين والتاريخ» ايضاً.
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
67
مقاالت
ي����دي ت��ف��ن��ى ..وي��ب��ق��ى ك��ت��اب��ه��ا �أ .رابحة الزيرة جمعية التجديد الثقافية -مملكة البحرين
بأن يدي تفنى ويبقى كتابُهـا العالقات االجتماعية واإلنسانية (باجلملة) بعد القتل والطعن كتبت وقد "“ أدركت يو َم كتابتي ّ ُ ُ ً ً كتبت خيرا ستُجزى مبثله وإ ْن فإ ْن كتبت ش ّرا عليها حسابُها» والتشويه (االجتماعي) لفئات املجتمع املخالفة واملختلفة. ْ ْ كلمات – ال أعرف قائلها – حتضرني كلما هممت بالكتابة (بتك) مقلوب كلمة (كتب) وهو فعل (شيطاني) هدفه تغيير ّ ّ فأسدد بها نوايا القلب وخط سير القلم لئال يفلت القول من خلق الله وتشويهه ،ويقوم به اإلنسان بأمر من الشيطان حيث ّ سياج العقل وعقاله وال تُوظف الكلمة املق ّدسة خلدمة النفس يقول { َولأَ ُ ِضلَّ َّن ُه ْم َولأَ ُ َم ِّنيَ َّن ُه ْم َولآَ ُم َر َّن ُه ْم َفلَيُبَ ِّت ُك َّن آ َذا َن الأْ َنْ َع ِام وانفعاالتها ،إذ ليس أيسر من الكتابة من أجل (التنفيس) عن أن املفلسني من الكتّاب، غضب أو حزن أو ألم ألم باإلنسان لتكون أشبه بشقشقة تهدر َولآَ ُم َر َّن ُه ْم َفلَيُ َغ ِّي ُر َّن َخل ْ َق اللَّهِ } ،ويبدو ّ ّ في صدر صاحبها فيب ّثها على الورق ثم ينشرها لتقر نفسه واملغرضني منهم ،ضلّوا سواء السبيل فاستبدلوا الكتابة) هذا ّ قض مضاجع من حوله بسوء مقالته ،وقد ال تخلو العمل اإلنساني الر ّباني السامي بـ(البتك) ..الفعل الشيطاني وتستق ّر وإن ّ بعض هذه الكتابات من جمال الطالقة والصدق والقوة في الوضيع اآلثم للتنفيس عن عقدهم النفسية ولو على حساب التعبير إن جاءت مناسبة للظرف ومع ّبرة عنه ،ولكنها عادة حرمة العالقات اإلنسانية ،فال ي��ت��و ّرع أحدهم عن وصف ال تكون محمودة العواقب ،وخاصة إذا حتّ��ول ُج�� ّل ما يُكتب املختلف عنه في العرق أو الدين أو املذهب أو حتى املظهر – ويُنشر إعالمياً إلى مراجل تنفيس ألجل التنفيس ال لإلصالح وليس بالضرورة املخالف له -بأقبح النعوت ،ويحلّل أفعاله أو شخصيته بأشنع التحليالت ،فيتندم على حلمه ويفتك به وال التغيير. اجتماعياً ،وهذا لعمرك أعظم إزراء بخير األعمال الكتابة. تذ ّكرني بعض أعمدة الصحف مبجالس الغيبة والنميمة قدمياً ..كانت الكتابة عم ً مقدساً ومضنياً ،فكتب األولون ال ّ يدعي مدمنوها أنه ال يحلو مجلس بدونها ،ولكنها – التي ّ مع األسف -مجالس غيبة مفتوحة على نطاق واسع ،فبعد علومهم ،ونقشوا عقائدهم على ج���دران الكهوف واأللواح أن كانت هذه املفاسد األخالقية تُرتكب في اخللوات وفي الطينية واحتفظوا بها في بطن األرض ثم جاء من بعدهم قدر تلك العلوم حق قدرها فحفظها في بيوت العبادة غرف مغلقة بني عدد محدود من الناس حت ّولت بفضل التطور ممن ّ ً البشري – وال أق��ول اإلنساني -وم��ا يس ّمى بحرية الرأي ،تثميناً لها وتقديسا ملا فيها من حقائق ومعارف لوالها ملا إلى (غيبة) على مستوى اإلعالم والفضاء االلكتروني الواسع ،عرف اإلنسان أصله وال جذوره ،فتركوا لنا مبا كتبت أيديهم وبالتالي أصبحت (مطاعم) أك��ل حلم األخ امليت (الغائب ،ومبا ط ّوروا من أساليب الكتابة إرثاً حضارياً شامخاً مدعاة فخر لألمة اإلنسانية كلها ،ولو بُعثوا اليوم من قبورهم حلمدوا ٍ الصامت ،الغافل ،وال��ذي ال ميلك املساحة اإلعالمية التي ميلكها اإلعالميون املغتابون) مفتوحة على مصراعيها ملن اليوم الذي ّ خطت أيديهم تلك العلوم وما أسرفت في نعمة يريد أن يأكل منه ما يشاء ،وأصبحت (الكتابة) أداة لقتل الكتابة ..ولكن ال أعتقد أنه يجرؤ كتّاب التنفيس اليوم أن 68
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
يتخيلوا أوبتهم بعد مئات السنني وقد متثلت كتاباتهم أعماال يحاسبون عليها عقاباً أو ثواباً .
وأن واجب الكاتب والتزامه يجب أن يكون أمام في عصره)ّ ، وأن عليه أن يحترم عقل قارئه وذكائه ،بينما نفسه وقارئهّ ، “إن الكتّاب اخلالدين يسهب (تولستوي ) في وصفهم بقولهّ : الذين يهزّون نفوسنا لديهم هدف مباشر من الكتابة كاحلرية واجل��م��ال ،وآخ����رون لديهم أه���داف أب��ع��د كالتعريف بالله، وفلسفة احلياة واملوت ،وسعادة البشرية ..وأفضلهم أولئك الذين يص ّورون احلياة ال كما هي فحسب ..بل كما ينبغي أن وإن هذا ليأسرك” ،ومن أروع ما قرأت عن الكتابة تكون ّ .. قول الفيلسوف (بومجارتن ) “ال توجد وظيفة أكثر نب ً ال من وظيفة الكاتب ..إنه الكائن الذي يقود».
بني الكتابة والشفاهة مسيرة تر ّيث وتعقّل وحكمة ،فما يُقبل من املتح ّدث الغاضب يصعب قبوله من الكاتب وإن كان منفع ً ألن اللسان قد يسبق صاحبه إن كان غضوباً فيتلفظ الّ ، مبا قد يندم عليه بعد أن تهدأ ثورته ،بينما لدى الكاتب فرصة تقليب وتنقيح ما كتب قبل أن يُنشر ،فيحلو للبعض أن يجعل من ه��ذه املساحة املتاحة للتعبير عن رأي��ه مساحة ليحكي اخلاصة ،ويبثّ خواطره وانفعاالته الشخصية ،يريد حكاياه ّ بذلك أن يف ّرج عن نفسه ،وال أحد يعلم ما هي الرسالة التي يريد إيصالها لق ّرائه ،وبعيداً عن أية مكابرة ،فليقارن الكاتب بني الوقت الذي يستغرقه كتابة مقال (رصني) وآخر (منفعل) في يوم التسامح العاملي نتمنى على وسائل اإلعالم أن متتنع ليعرف الفرق بني الكتابة املسئولة والالمسئولة. عن نشر أ ّية مقال حتريضي جتاه أي فئة من فئات املجتمع ملدة يوم واحد فقط ثم جتري دراسة ميدانية لترى أثر ذلك ّ قيل الكثير عن الكتابة وقيمتها والكاتب ودوره ،فمنهم من وأن للكاتب (موقف على املجتمع وتوافينا بنتائجها السا ّرة. أن الكتابة (رسالة) ،وأنها (نبوية)ّ ، يرى ّ
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
69
نســـاء قــدوة
زاوية المرأة
أم امل��ؤم��ن�ين خ��دي��ج��ة ب��ن��ت خويلد بقلم� :أ .وفاء البيطار
اختيار شخصية نسائية ج��دي��رة بالتحدث عنها أم��ر سهل فالتاريخ مليء بالنساء اجلديرات باإلهتمام ولكني تذكرت حديث احلبيب عليه الصالة السالم ( ،خير نساء العاملني أربع :مرمي ابنة عمران وآسية ام��رأه فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد) ،فكان لزاماً أن أختار واحدة منهن للكتابة عنها فهن األحق بالكتابة فاخترت ام املؤمنني السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. إن تاريخ النساء لعاجز حقاً أن يأتي بإمراه كخديجة حيث لم حتفظ لنا ثناياه أن امرأه فاحت سيرتها بالعطاء والعفاف مثلها.. نعم اشتهرن بجانب واحد من الفضيلة وبلغن منه القمة ولكنها بالغة لقمم الفضائل كلها فهي سعيدة مبا بلغته في دنيا التجارة ()1 التي آلت ثروتها اليها من أبيها حيث توفي في معركة الفجار ،ولكن حياتها لم تكتمل فكان قلبها يرنو إلى حياة زوجية رفيعة فيها سمو وبذل وتضحية وكفاح في سبيل حتقيق غاية سامية نبيله فهي سيدة نساء قريش عاليه الهمه جياشة العواطف واسعة االفق مفطروه على التدين والنقاء والطهر وقد عرفت بالطاهرة بني أترابها من النساء. رأت فيما ي��رى النائم شمساً عظيمه تهبط من سماء مكة لتستقر في دارها ومتأل جوانب الدار بالنور والبهاء ،وقد فاض ذلك النور من دارها ليعمر كل ما حولها بالضياء ،هبت من نومها الى ابن عمها الضرير الكاهن املوحد ورقه بن نوفل وحدثته مبا رأت فتهلل وجهه بالبشر قائال( :أبشري يا ابنه العم لو صدق الله رؤياك ليدخلن نور النبوه دارك وليفيضن فيها نور خامت االنبياء). وق��د تهافت عليها الكثير م��ن س���ادات قريش خلطبتها وكانت تقيسه مبقياس احللم الذي رأته فلم تنطبق تلك الصفات على الذين تهافتوا لإلقتران بها ،ولكن لو تصفحنا الذاكرة االنسانية لرأيانا ان هناك أسباباً ال متت للماديات بصله دفعت محمداً صلى الله عليه وسلم لإلقتران بها ،فقد كان بيت خديجة كعبه يؤمها املساكني واحملرومني كانت عاملة على بصيرة من امرها، بالغة رشيدة كرمية ملن قصدها. أخبر االمني عليه الصالة والسالم أعمامه برغبته في الزواج من السيدة خديجة فذهب ابو طالب وحمزة لعمها عمرو بن اسد وخطبوا اليه ابنة اخيه وساقوا اليه الصداق وقد تزوجها على اثنتي عشرة أوقية ذهب ،وملا مت العقد نحرت الذبائح ووزعت على الفقراء وفتحت دار خديجة لألهل واألق��ارب فإذا بينهم حليمة السعدية جاءت لتشهد عرس ولدها الذي أرضعته وعادت بعد ذلك الى قومها ومعها اربعون رأساً من الغنم هدية من العروس الكرمية ملن أرضعت الزوج احلبيب ،وقد كان زوجها قبل البعثة بخمس عشرة سنة ،ولدت له القاسم وعبد الله وزينب ورقية وام كلثوم وفاطمة ،اما القاسم وعبد الله فلم يدركا االسالم وماتا وهما صغاراً ولكن بناته عليه الصالة والسالم أدرك��ن االسالم -1سميت بذلك لوقوعها في األشهر احلرم
70
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
وهاجرن معه الى املدينة. خففت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من اآلالم ما كان ألنثى غيرها ان تبذل له من نفسها ،في إيثار نادر مما ساعده لتلقي رسالة السماء ،فكانت ت��ؤازره في االستعداد لها وتروح عن قلبه الهموم وتذهب عن صدره االحزان بطيب الكلم ومالها من كياسه وفطنه ،ومبا وهبها الله من رفق ولني وقابليه كبيرة في حتمل الصعاب والصبر والتضحية ،ناهيك عن خلقها الذي كان منبع فيض اخليرات لكل من أراد أن يقتدي بها من النساء على مر الدهور وقد ظهر ذلك جلياً بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي آمنت به إمياناً راسخاً إذ كذبه الناس وكانت أول من عرف عن نزول الوحي ،وكلنا نعرف كيف طمأنته عندما عاد من غار حراء خائفاً فإذا بها ترد اليه السكينة واألمن وتسبغ عليه ود احلبيبة وإخالص الزوجه وحنان االمهات ،فكان احلبيب عليه الصالة والسالم يكن لها االحترام الكبير ملا أولته من الرعايه له في محنته قبل البعثه وبعدها فقد كان اقترانه بها إلهاماً ربانياً وليس هناك من يضحي هذه التضحية الكبيرة باملال واحلال دون ان يكون مخلصاً في بذله مؤمناً مبن أخذ بيده الى هذا املآل ،فكانت خديجة امرأة هذا الطراز نادرة املثال في الصفاء والنقاء ،وعرفت بفطرتها األصيلة قدر محمد صلى الله عليه وسلم وجالل مقامه عند الله سبحانه وتعالى. لم تتردد السيدة خديجة في اخل��روج مع رس��ول الله صلى الله عليه وسلم لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة اإللهية بالرغم من تقدمها بالسن عندما أقام في الشعاب ثالث سنني ملقاطعة قريش للرسول عليه الصالة والسالم وصحبه الكرام... بهمة عالية ..صابرة محتسبة لألجر عند الله تعالى. وفي الصحيحني عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «بشر خديجة ببيت في اجلنة من قصب ال صخب فيه وال نصب». ومن حديث أنس أخرجه النسائي واحلاكم «جاء جبريل إلى النبي فقال :أن الله يقرأ على خديجة السالم ،فقالت :أن الله هو السالم وعلى جبريل السالم وعليه السالم ورحمة الله «. ماتت قبل الهجرة بثالث سنني على الصحيح وقالت عائشة ماتت قبل أن تُفرض الصالة يعني قبل أن يُعرج بالنبي صلى الله عليه وسلم ويقال :كان موتها رضي الله عنها في رمضان وكان عمرها خمس وستني سنة ،سنة عشر من البعثة بعد خروج بني هاشم من الشعب بستة أشهر ودفنت مبقبرة املعلى املعروفة باحلجون ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في حفرتها ووضع عليها التراب بيديه الطاهرين وكان هذا لها وحدها دون نسائه ولم يصل عليها صالة اجلنازة ألنها لم تكن قد ُشرعت بعد ،وقد سمي العام الذي توفيت فيه عام احلزن.
زاوية المرأة
مالمح األسرة والطفولة ف��ي ش��ع��ر خ��ال��د ف���وزي عبده اعداد � :أ .هيام ف�ؤاد �ضمرة -الأردن مهمة ال�شاعر:
وطن محرر ،وعيش كرمي له وألمته ،متنق ً ال في طموحه عبر موانئ احللم من أجل السعادة البشري ًة .حتى بات يحمل مصباحاً في وضح النهار باحثاً عن كوة أمل ،عن نسمة هواء عليل تقشع األجواء املوبوءة . واالجتاه اإلنساني في الشعر ليس مذهباً ،بل هو نزعة فطرية ونهج فكري يؤرق الشاعر الواعي املستنير ،حترك داخله بوصلة بيولوجية تقوده عبر أرخبيل املسرات ،حيث الفرح الطفولي ، واألب ّوة احلانية ،والبن ّوة البارة ،والشريك الوفي ،واألخ ّوة اجلادة ال��خ ..على غ��رار شعرائنا :مثل األم��ي��ري وأرس�ل�ان والرافعي والشابي وس��واه��م ...وعبده ال��ذي لعق م��رار الغربة ت��ارة نازحاً وأخ���رى مترح ً ال باحثاً ِاجل���راح ،ويبث م��ن خ�لال شعره األمل ً وال��ت��ف��اؤل واإلمي���ان ،منطبقا عليه احل��دي��ث القدسي “ املؤمن كالشجرة ترمى بحجر لتعطيك الثمر”
الشاعر في حقيقته إنسان تفيض نفسه إنسانية كما تفيض روحه أحاسيس مشعة ومرهفة في آن ،هو كيان من ابداع قوامه جملة املشاعر واألحاسيس ،ودفقة الكلمة املزجاة على أوزان تنتعش بالصور ،في حتليقات مجنحة جتوب اآلفاق وتعتق شواطئ الوصال ،تختلط عوامله ومتتزج ألوانها ليخترق ليله الضياء وتتبلد سماء نهاره بتداعيات األشجان ،ليغدو عامله الوجداني جملة من معزوفات تعانق عنان القصائد على لهفة املشاعر اجلميلة والسخية ،فال يتجشم صعاب الدروب إال ليشيد صروحاً عصية عن اإلندثار ،راسخات كالطود في طروس معبأة بالقوافي . والشعر كفن ،هو ُم��ثُ ٍ��ل رفيعة تعارض عليها الشعراء ،من أعظم مهماتها القيام بوساطة بني الواقع والطموح ،تقرباً الى التسامي ونزوعاً الى الكمال املنشود بطرائق مختلفة ،لتصور اخلير خالصاً فتدعو اليه ،أو تصور الشر جانحاً فتُنفّرمنه ال�شاعر والعوامل الأ�سرية : ض على هجره ،وفي أحيان تدلف مواقع الصراع بينهما وحت�� ّر َ وألن ما من شاعر إال وجاب بشعره أفق عامله األسري حتركه على أزلية استمراره لتمنح النفس قوة االتقاء ،وذلك ما مينح الشاعرعمقاً مفعماً باألحاسيس املتدفقة والوجدانيات الفوارة ،مشاعرإنسانية حقيقية مزدانة باأللق جت��اه أف��راده��ا ...فإن فاذا ما تعالت فيها روح اإلنسانية ،فإنها تؤذن بالولوج عبرالبوابة الشاعر خالد فوزي عبده حركت عالقته بأسرته مكنوناته وأثارت ومعان جياشة مرهفة نقية ٍ فيض مشاعره بسطوع شعري جميل إلى العاملية. ،حمل بني يديه مشعل إنسانيته لينبعث الضياء عبر يراعه شعرا العاملية والإن�سانية : زاخرا ال زيف يضلله وال انتحال يرهقه ،وال أدجلة موحشة غير العاملية واإلنسانية وجهان لعملة واح��دة ،فالعاملية م��رآة من مستدلة طرائقها معه . مرايا اإلنسانية والعكس صحيح كما متثَل ُه يوسف ادريس ،وإلى ففي احلني الذي ارتبط فيه الكثير من الشعر قدميا وحديثا مثل ذلك نوهت األديبة االسالمية بنت الشاطئ حول قيم األدب بالتغني باملرأة احملبوبه أو املرأة احلسناء ،وع ّد البعض موضوع ال��ع��رب��ي ال��ق��دمي وامل��ع��اص��ر ،إلقناعنا ب��أن األدب ال��رف��ي��ع ميكنه احلب والعشق واملرأة حتديدا ،من أهم محفزات الشعروأش ّدها أن يرتقي إل��ى العاملية ،بل إن ازده���اءه باإلنسانية هو املقياس إلهاما للشاعر وأقواها في حتريك عواطفه ومكنوناته ،ثم في احلقيقي لعامليته ...من هنا جند الشاعر خالد فوزي عبده تثور استخراج ابداعاته ،فإننا جند من الشعراء من التقط استلهاماته لواعجه حزناً ملشاهدته طف ً ال متأملاً ،إنساناً موجوعاً ،زوج ًة من العالقة األسرية ذاتها ،فالعاطفة النبيلة كغيرها قادرة على ثكلى ،شجر ًة ذبُلت ،طيراً مأسوراً الخ..الخ ،بل إن ُمنى حلمه اطالق أجنحة اخليال والتحليق الشعري الفاخر. السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
71
وألن عبده من الشعراء الذين اجنذبوا الى واقعيتهم الرصينة ،فقد رابض في خندق االنتماء األسري مفجرا مشاعر جنواه ، ومسيرا قاربه على محاذاة شطآن آمنة ،ليمنح ذاته وغيره مما يعتق ولج املشاعر واخليال ،ونفح األنفاس ،مطوعا الكلمات والعبارات أجمل تطويع ومسجال أوزان��ا وأبياتا سامية املعاني ، أصدقها مشاعر وأنصفها استحقاقاً .
وعبده كأي من أبناء فلسطني احملتلة ،قد أرهقهم الشتات وأرقهم هاجس البحث عن فرص العمل وتأمني االستقرار ،ونال االغ��ت��راب عن األوط���ان منهم ما ن���ال ...فتوهجت مشاعره ،و انبجس االحساس فيه أضعافاً ،مما عزز مشاعر االنتماء لألسرة واألوطان على السواء ،كان بيان حصيدها أن توثقت عرى العالقة وانتعشت فيوض االستجاشة ،وانطلقت أعنة البوح لتعتاش في رحاب الود والرحمة واملساكنة بارتواء مكني ،من خالل املناسبات األسرية وأحداث سعدها ،أو أالم ترحها . ف��اخل��وض ف��ي الشعر األس���ري ه��و ثمرة تالحم يجمع اميان اجل��وارح وامي��ان الفرائض ،طاملا ان العواطف االنسانية جتاه أف��راد األس��رة في موقع الصدقة والعبادة ،هي مطابقة حثيثة وزاخرة للفطرة االنسانية البليغة في الود والتراحم والتالحم ، وهي مشاعر التئام وانسكاب وارت��واء تدغدغ القلب وتسري من خالله إلى شعب النفس . .أحاسيس غامرة تفيض أنسا وبهجة وتفتح قريحة مجلجلة ،وتولج معاني وأل��ف��اظ جميلة وقوية ، لتصوغ املعاني على أعنة سامية ،تشيد أعمدة موزونة ،وأبيات بخمائل موصوفة بني سطر وشطر ،وبني تفعيلة وتفعيلة ،وبني قافية محركة وقافية مسكنة ،قصائد حتكمها البالغة وترسمها وهجات الصور .
ومن الواضح أن الطفولة بقدر ما حازت على اهتمام الشاعر، ظلت أخيلته تدور في فلكها مع كل حالة أو حادثة تتراءى أمامه وهو اجلد الذي جاوز الثمانني من عمره املديد ،وقد استحوذ عليه التأمل والتقاط الصور . . .ألمتكن من رصد مجموعة غير قليلة تؤكد املقولة املتداولة ( في داخ��ل كل منا طفل على أهبة الظهور ) فالشاعر وجد على مسرح الطفولة ما أثار مخيلته وأط��ل��ق عنان أش��ع��اره ،مستجيبا حملفزاته الداخلية ،ملتقطا الصور بقصائد تتناسب وبحورها مع مواضيع الطفولة ،ورمبا طرق الشاعر عوالم الطفولة لسعة فضائها واستحواذها الكلي على األحاسيس واملكنونات بشتى أشكال جياشها فللطفولة صور براءة مؤثرة تتغلغل بحبها إلى أعماق النفس البشرية التي فطرها الله عز وجل عليها بكل ما يكتنف هذه املشاعر من حب ورحمة ورفق واجنذاب ،ولذلك فهي الذكرى املقيمة التي تتصدرشاشة العرض كلما استحضرتها املناسبات .
وق��د متكنت م��ن رص��د مجموعة تنوف على خمس وثالثني قصيدة تدور رحاها في نطاق التغني بأفراد األسرة وبالطفولة ،وتبرز من خالل دواوينه التسعة مثل الصواري الباذخة ،تكتنز باملعاني االيجابية . .ففي ديوان ( قوس قزح ) املنشور حديثا عام
الى قوله ... ك� �ـ� �ـ� �ـ ��م ري � �ـ � �ـ� ��اض وجلتهـــا وح� �ق� �ـ� �ـ� �ـ ��ول ف �ل �ـ �ـ �ـ��م أهــــب
والشاعر خالد فوزي عبده من الشعراء القلة الذين خاضوا القصيد وأطلقوا الشعر من نبع وافر العطاء ،زاخر املواضيع، متدفق املشاعر والتعابير ،يخوض في مخزون غني يكاد ال ينضب، ويجوب أجواء تنفتح على سعة في التصوير ،وارتياد للخيال معبر ومتنوع . .هو شاعر خصب رصف أرضية شعره مبكعبات جميلة ،ووجه جزءا غير قليل منها باجتاه األسرة ،وإن كان أجزل العطاء في قصائد وصف املدن التي ارتبطت بها مشاعره أو ذكرياته ، وكذلك بشعر املناسبات الذي أحرز فيه قدرا كبيرا حتى لتكاد جتد لكل مناسبة أو حادثة قصيدة ،وال غرابة فالشاعر عبده من الشعراء املعطائني ،فبعد وف��اة زوجته وزواج جميع أبنائه وتقاعده عن العمل تفرغ للشعروأوقف جل وقته الرتياد صاالت الثقافة والتفاعل الثقافي على أوسع مداه وااللتفات الى قضايا مجتمعه وبلده ومناسباتها الوطنية وهو ما زال معبأ بعطائه األدبي الشعري ،تغشاه دوما اجلملة الشعرية فيصطادها مبهارة دون تعقيد ،ويصوغها بفنية واضحة وهي مشحونة باملؤثرات الفاعلة في بوتقة دافئة اجلياش.
72
2007عن دار املأمون للطباعة والنشر ،قصائد ربت على العشر ت��دور في ه��ذا احلقل .ومثل ذل��ك في دي��وان (زه��ور ال تذبل ) املنشور 1997بدعم من وزارة الثقافة االردنية كان هناك حوالي تسع قصائد ،والباقي توزعت بني الدواوين املطبوعة واملخطوطة، وقد تنوعت مضامينها وبحورها ومحاكاتها ،فهناك ما هو معبأ مبعاني البر للوالدين ،وه��وى ال��زوج��ة وافتقادها بعد الرحيل وحب األبناء واألحفاد واألخوة وأبنائهم ،وفي حلظات بوحه نراه يعلن ما استتر في خلده من جياش املشاعر دون ابتذال ،ويحمل أشعاره قيماً فاضلة . .
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الطفولة ومالعبها يف وجدان ال�شاعر :
فها هي قصيدة ( ومضة من املاضي -قوس ق��زح -ص)36 التي يتحدث مضمونها ع��ن استنهاض فيض مشاعره خالل مرافقته لوالده في زي��ارة ملدينة السلط وهو ما زال بعد طفال ،تستعذبه مالعب الطبيعة األم ،وتبش مالمحه لبهجة اغداقها الوفير ،فينطلق مبراتعها يغرف من مبهراتها ما يشبع وداد وأنس طفولته ،وما تركته تلك الزيارة من أثر في نفسه استعصى رغم الزمن عن االندثار حتى أسكنها قصيدته بالقافية املسكونة ،رمبا للتعبير عما سكنه من جميل املشاعر نحو هذه املدينة وأهلها .. فللمكان مكانة أثيرة في نفوس الشعراء ،كثيرا ما جال خيالهم بني تضاريسه ،فكيف اذا ما ارتبط باستعذابات نفس مهتدية ببراءتها وسليقتها . فيشير الى ذلك في مطلع القصيدة : ي� �ـ� �ـ���ا مل � �ـ � �ـ� ��اض إذا وث� �ـ� �ـ� �ـ ��ب ب� ��ال� ��ذي ف �ي �ـ �ـ��ه م��ـ��ن عجــب ج� �ـ� �ـ� �ـ ��اء ي �س �ـ �ـ �ع��ى بحقبـــة ل� ��م ت� �ـ� �ـ ��زل أج� �م���ل احلقـب
ل��ي��ـ��ـ��ـ��س ف��ي��ـ��ـ��ه��ن زاجـــــر ي �ن �ف��ث ال��س��خ��ط والغضب كـــــم تخيلــــــت أنهــــــــا مـــــــــن جمــان ومن ذهب رف ط� ��رف� ��ي ل� � ��دى ال� � � ��وداع م � ��ن احل � �ـ � �ـ� ��زن فـانتحــب القصيدة أتت في سبعة وثالثني بيتا مما يؤكد صفة التدفق في شعر الشاعر ،وامتالءه بالصور الشعرية املسترسلة ،فغلبت االطالة على قصائده رغم تنوع البحور ،فمن الواضح أن القريحة تعج بالكثير وأن القدرة أكيدة وواضحة في العطاء ،وأ ّن األبيات تتوالد معه بيسر واقتدار.
ففي دي���وان (ق��وس ق��زح ) وح��ده هناك ع��دد غير قليل من قصائد الطفولة كمثل ( ومضة من املاضي ص 36طفل في العيد ص - 57طفل وطير الكناري ص -59السيوف اخلشبية ص-75 طفلة تدعى يافا ص -102حكايتي مع احلرف العربي ص123 بائعة العلك ص - 156البنتي أريج ص - 235حكاية عن طفلةص - 261غناء كالبكاء ص -280الطفل والطائرة الورقية ص)72 . .ثم من دواوينه األخ��رى واملخطوطات ( طفل وطفل ص- 2 الزهرة والطفل ص - 194يا ابنتي ص - 89الطفل الباكي ص 187ديوان زهور ال تذبل) ( ضحكة طفلة ) ( الطفلة والعنقود ) ( عندما يبكي الطفل ) ( عندما يلهو الطفل ) ( عندما يلهو احلفيد ) ( إلى لينا ) و ( ايحاء من طفلة فلسطينية نائمة ) (التينة -ص 33ديوان إليك نابلس) (عصفور في فخ -ص 88ديوان شموع ال تنطفئ)( انشوده للطفل واحلجر -ص - 307أرض الشهداءص309 دي��وان نفحات أردنية) . .وه��ذا زخم يكاد يشكل م��ادة لديوان واحد في موضوع الطفولة وحدها ،تتبدى فيها املتانة وحسن السبك واسترسال التعبير ،وهي تعطي فكرة مستوفاة برهافة حس الشاعر التي جتعله ملتقطا جيدا لصور البراءة ونصاعة النظرة للجاذبية الكامنة بها وهو يعبئ قصائده بشعاعات االغداق واحل��دب والصور املستحضرة من الذاكرة واملتشكلة في قيعان العقل النابض بشتى التصاوير ،لتظل الطفولة بجاذبيتها واشراق صورها وحضورها الزاهي احدى ملهماته في التعبير الصادق بعدد ال بأس به من القصائد . مالمح االنسانية تبدت بكل أوجها عبر قصيدة ( غناء كالبكاء قوس قزح .ص )280التي حترك داخل املتلقي عواطف رحمةوهاجة . .فقد استلهم الشاعر قصيدته خالل زيارة له لقرية األطفال ( ) sosمرافقا مركز التوعية واالرش��اد األسري الذي يؤكد حضوره االجتماعي االنساني ،فتحرك داخله بوجيب مكتوم بدرجة حرارة فائقة كان يعقص فؤاده بتوجع ،حتى اندفعت منه اآلهة لتفتح مجاال للقصيدة ،فليس أكثر مرارة وإثارة لأللم من مظهر طفولة بريئة محرومة من نعمة احلضن األسري الطبيعي ،فكل نزالء الدار من األطفال إما أيتام أو ال أهل لهم هم اخوة تعنى بهم مربيتهم وهي األم احلاضنة الرؤوم ،التي ال يعرفون أماً سواها . .األمر الذي أفجع الشاعر وهو يقرأ مالمح البراءة على
وجوههم وهم ال يكادون يدركون ما هم فيه أو أي مآل يستقبلهم ، وتساءل بحرقة :كيف تلقى الطفولة على قارعة املجهول ؟ وكيف تتحجر القلوب و تنسلخ الرحمة واالنسانية والفطرة عن أفئدة أمهاتهم وآبائهم ؟ وهذه مقتطفات من القصيدة : إمنـا بسمـة الطفولــــة بــرء ـــاء لكــل جـــرح عنيـــد وشـف ٌ جمـل احليـاة بطف ٍـل جـلّ مـن ّ فهو أبهى وخير ما في الوجـود أي ن�ـ�ـ��ار تهيــج ف�ـ��ي قلــب ٍأم وهي تنــأى عن طفلها املــوؤد
فيما قصيدة ( طفل في العيد -ص 57من ديوان قوس قزح ) تتضمن تصويراً لطفل بائس فقير يتوق إلى لهفة الصبية الصغار بالثوب اجلديد ليفرح وميرح وتضج حركته على فرح رغيد مثل أقرانه األط��ف��ال ،فالطفل يحمل من الشوق واألمنيات حم ً ال عظيماً ،وسرعان ما يجرح كيانه احلرمان .
على أن قصيدة (الطفل وطير الكناري -ص 59من الديوان ذاته) ترسم صورة حية لنقاء الطفولة التي تنزع للحرية وتنبذ القيد وهي صفة تتواءم والطبيعة الطفولية املنطلقة على سجيتها ،والتي تثيرها األشياء احلية بحسيتها كاحليوانات األليفة والطيور ،فنرى الشاعر ينطق بلسان الطفل ويكتسي رهافة نفسه ،فيلتفت الى الطير امللون السجني ومشاعره تختلط بني الدهشة واالعجاب وفي الوقت ذاته يتشكل في ذاته الرفض لتقييد حريته واالعتراض على سجنه وهو ال��ذي خلق ليُطلق أجنحته املعززة بالريش في فضاء احلرية الال محدود ،منازله أفنان الشجر وموطنه مراح ال يعرف احلدود ،هي النزعة الرحيمة والشفوق في نفس الشاعر . فيقول : ب �ل �ح��اظ االع� �ج ��اب واالك� �ب ��ار راح طفـل يرنو لطيـر الكنـاري اذ رآه ي ��زه ��و ب �ح �م��رة بطن واخضرار في صدره واصفرار وك ��أن� �ـ� �ـ ��ي ب��ـ��ـ��ه ي� �ـ� �ـ ��ود ف� �ـ���رارا من اســار ومــا لــه مــن فــرار ل���م ي�� ��دار اع�� �ت� ��زازه و ه���واه وســـرورا لم يخـــل من إنكــار
وفي قصيدة ( السيوف اخلشبية -ص 75قوس قزح ) حيث يعمد فيها الى املباشرة كما في غالبية أشعاره ،يستعيد الشاعر ذكرى السيوف اخلشبية التي خاض بها معارك مالعب طفولته واخل��ي��ال يستحوذه ،وس���اءه عندما كبر أن يتيقن أن األسلحة احلقيقية التي أضحت بيد العرب هي األخ��رى مجرد سيوف خشبية ال حتمي حمى وال تذود عن أوطان في ظل هيمنة قوى السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
73
متسلطة وانتفاء فرص التكافؤ بالقوة ..وهو بذلك يعبر عن رؤى واعية لواقع صعب ،محاكيا بذلك قول شاعر آخر: “ الناس تلهو بصاروخ وطائرة ونحن نلهو بأوتار وعيدان “ في حني قصيدة ( طفلة تدعى يافا -ص 102ق��وس قزح) التي استوحاها من قصيدة للشاعر عبدالله مبيضني ،فهي تعد اسقاطاً ملشاعرالتوجع و األسى على الوطن السليب ،واألمل غير املنقطع لتحريره ،وإسكانه القلب من خالل حتميل األبناء أسماء زاخ��رة بالوطنية ،كمثل :ف��داء ونضال وكفاح وفلسطني و يافا وغيرها ،إذ حتركت أشجان الشاعر وهو يستذكر سمات املدينة التي حتمل اسم عروس البحر جلمالها ،ويتساءل :أتراها الطفلة يافا تدري عن أمر يافا املدينة السليبة وعن خطب أهل فلسطني الذين سامهم الدهر من صروف العذاب ما ال يطيقه بشر على أيدي محتلي بالدهم ،وهم األس��ارى حتت نير استعمار غاشم مبالغ بالظلم واللؤم والبطش؟ ..وهنا تتبدى بوضوح وطنيته وتوجعه البالغ ملا آل إليه احلال . إيــه يافــا هزي لنا األعطـافا بازدهــاء فأنت م��ن روح يافا إمنـــا أنـــت طفلـــة تتبـــاهى باســم يافـــا تعلقـــا وائتــــالفا كم أهجت القلوب حبا وشوقــا وحنانــــا ولهفــــة وانعطــافا حملــوك اآلمــال وهـي ثقــال ّ فعساهــا غ��د ًا تصــير خفــافا مــألوا قلبـك الصغـير بفيـض من هموم وقد روي��ت ارتشافا أتراهم بوصف يافا استفاضوا فأجــادوا النعـوت واألوصافا
ظ �ل �م��وه��ا ف� ��ان� ��زوت مسهـدة ليس يجديـها ج�ـ��وى أو أرق ك� ��م مت��ن��ت ح��س��ـ��رة ل� ��و أنها م�ـ�ـ��ن إس �ـ �ـ��ار غ�ـ��اش�ـ�ـ��م تنعتــق ف �ـ �ت��رد ال �ب �غ��ى ع ��ن أوطاننا حيـــن تغـــدو ع �ـ��دة متتشـق أت � � ��رى ت� �غ� �ـ ��دو أله � �ـ� ��ل أمـال ك�ص�ب�ـ�ـ��اح م��ن دج �ـ��ى ينبثــق أم س�ت�ب�ق��ى ك��ال �ت��ي هيكلـها ب�ع��ض ع �ي��دان ك�س��اه��ا الورق الوفاء الأ�سري: الى هنا قد أصبح حريا االنتقال لولوج احلضن األسري ،حيث ينطلق الشاعر مفجرا فحوى مشاعره الذاتية واالنتمائية ألفراد أسرته ،متكئاً على منطق العقل والفطرة السوية . .بداية بوالديه الشيخني وقد أفاض لهما الب ّر مبكنونات متسامية ،ثم زوجته ورفيقة خطى حياته التي أسكنها الفؤاد فمألت له كأس الهناء بسخاء ،ومنحته األبناء ،وسارت معه على الدرب وأكتافهما أوفى اتكاء . .فأبناؤه وبناته فلذات كبده وقد استوفت فيهم الصورة ملا متناه لهم ،ثم إخوته وما يكتنفه لهم من مشاعرأخوية عابقة بالود واالخالص والواجب ،فأبناء إخوته وأحفاده ،وكل صورة أو حادثة مؤثرة حدثت معهم فجرت في داخله قافية شعرية ألبيات موزونة .
ومن عمق مطارحاته لهذه املشاعر الفياضة ،راح عبده ينشد ألفراد أسرته ومحيطه مغلفا قصائده بالضياء ،ناحتا احلروف والكلمات مبعان شيقة ،لتتشكل بني أنامله منحوتات شعرية بشتى جلج املشاعر واختالجاتها التي اكتنفته مع كل حالة ،فرحاً كانت أم زه��واً أم حنيناً ،حزناً أم شجناً أم رث���اءاً ،مدركاً قيم تراثه وهكذا ينطلق الشاعر عبده في رسم صور الطفولة في حاالتها العظيم متمسكاً بانتمائه األسري حيث الود واألصالة ...وقد الح في قصائده ونفسه جتيش مع اعتماالتها ،فتشرق مع الفرح منها القصائد التالية : والبسمة وتغرب مع األلم والتوجع . (أمي وأبي -طيف أبي -ضحكة طفلة -ولثوبها أقول -إيه وهاهو يندفع محلقا في سنا الذكرى في قصيدة ( الطفل ليلى -دموع الشعر( أخي ص – 123لم ترحلي ص 106ديوان والطائرة الورقية -ص 72قوس قزح ) . .والطائرة الورقية هي عندما ينزف الشعر)( الشبيهة –ص – 218دم��وع الشعر ص شغف طفولي فاره يزاوج الواقع باخليال في الذهنية الطفولية ، ولذلك تظل هذه املتعة عالقة بالذاكرة تستحضرها كلما عصفت – 84البنتي أري��ج ص – 235بعد ال��ف��راق ص 79دي��وان قوس نسائم االسترجاع لعهد الطفولة ،امنا شاعرنا يستحضرها هنا قزح) ( احلزن الصابر -مهر عروس -الصبر الرحيم -حواء للمقارنة مع الواقع في أمر الطائرات املعدنية احلقيقية التي يرى والكون -إلى لينا -حتية أبوية -طريق العمر -عندما يسخر فيها مثل السيوف اخلشبية مجرد دمى للعرض واللعب فتأخذه العمر -وعندما يبتسم القدر -أغار -الشكوى -العمر الثاني) احلسرة بني ثناياها وهو يفقد بوصلة البحث و األمل عن مجد ( يا ابنتي ص – 78العمر الثاني ص 68ديوان زهور ال تذبل ) ( حصاد الشوق ) ( عصفور في فخ ) .وهي مجموعة تكاد تكون العرب. هي االخرى مادة موحدة لديوان واحد ،فواضح أن شاعرنا سخي فيعبر عن ذلك : العطاء متدفق املعاني والعبارات ،يشع خافقه لوقع تأثيرات أت��ـ��ـ��ـ��رى ت �ع �ل �ـ �ـ��م ك���م طـائرة الشخوص احمليطة به من أهله ،فعندما تكون املشاعر صادقة مــن حديـــد باألســى تختنــق تتدفق األبيات وتستحضر الصور . 74
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
باالمتداد واالشراق ..فيقول : فصار لي في ابنتي خير العزاء كما يصبو له الدوح ُأملوده النضـر فإنتكنزهرةقدصوحتومضت فإن لي زهـرة تسمو على الزهر أوردتهــا نهـَــرا من طيبـة و ُتقى وما لها عن زالل احلق من صدر حـــق األبـــوة صانتـه مروءتـها مع� �ن ��ى ي �ح �ـ��دث ع ��ن أخ�ل�اق �ـ �ه��ا األخ ��ر
فمن أعماق قصيدته ( حواء والكون -مخطوطة ) جند الشاعر وكن ذوات يتحدث عن خمس من الصور حلواء أحبهن في حياته ّ ّ حلضورهن في أث��ر راس��خ على مشاعره وشخصيته ،بل وك��ان ّ معنى عميقاً ،كن مبعث فرحه وسعادته وفخره وإلهاماته ، حياته ً تعلوهن باملقام والدته ،والوالدان يقترن برهما باالميان بالله ،أي أ ّن إكرامهما والوفاء لفضلهما والقيام على رعايتهما وخدمتهما في عمر الوهن ،وحمل أسمى املشاعر لهما هو في أساسه عبادة وتق ّرب الى الله ،فيقول الشاعر بوالدته : آيــات إيثــارها هيهـات أجحــدها ماكـانأجملهاذكرىمنالصغـر مـا زلـت أحمـل بالتقديـر مشعـلها وم��ن الواضح أن الشاعر يعاني أل��م الفقدان لشريكة العمر حتى أضيء به دربي على الكبـر الراحلة ويعيش االيام الباقية من عمره يقتات الصبر على ذكراها وجـدتــها دوحــة فيحــاء وارفـــة ،وقد عبر عن مشاعره في ذلك بعدد من القصائد املتمثلة في رثائها محمال اياها فيضا من مشاعر الشوق لها والتصبر على ف �ل �ـ��ذت ب��ال �ف��يء أزج �ـ��ي ال �ش �ك��ر للقـدر قضاء الله وقدره ،ومن مراثيه بزوجته ( :إيه ليلى ) ( لثوبها أقول ثم ينتقل الشاعر واصفا مشاعره السامية جتاه شقيقتني له ) ( دموع الشعر ) ( الشبيهة ) و ( لم ترحلي ص 106عندما ينزف كانتا نعم األخوات كما كان لهما نعم األخ احلنون الراعي و املؤمتن ،متمثال بذلك اخللق املتراحم والظل الوارف احلاني واجلامع :الشعر ) ..ونراه فيها يعتصر أملا ولوعة عليها وقد تناولتها بنان االقدار وفجرت به وجع الفراق ،فينفث زفرات محمومة وهويلتاع ونلت من دوحتي أختني قد بدتا لفقدان أنيسته الونيسة ،واصفاً بإغداق محسن طبعها ،ويسأل أغلـى وأروع ما أعطـت من ثـمر الله الصبر والقنوت و السلوان ..واقتطف هنا بعض األبيات : ما كـان أسعدني ملـا غدوت أخا فمن قصيدة ( إيه ليلى ) : ل �ل �ن �ب �ـ��ل وال �ط �ه �ـ��ر واالمي� � � ��ان واخلفـر عجـــز املــوت أن يحيلـك حلـما أرى بوجهيهـما وجهي فيفعمني أو خ�ي�ـ�ـ��اال أن ي �ـ �ـ��ردك وهـما س� � ��رور ق ��رب ��ى ج �ل�ا إح � �س ��اس مفتخر وتهــاوت بنــانــه مـا استطــاعت ثم جند الشاعر ينتقل مسهبا في تعداد مناقب زوجته ،شريكة الدرب اجلميلة والنضرة ،وكانت متعة قلبه وبصره ،منحته هناء العشرة ورحابة يسرها وأنسها ،ووجد في صفاتها صورة ملا كان يتمناه و يتأمله ،شريكة صابرة تقاسمه كل محطات احلياة ،وكان مق ّدراً له أن يُفجع بفقدانها ،فنراه يتأسى على وفاتها وغيابها عن حياته بكلمات ترسم حالة وفاء عظيم . كمخلتهااحللملمميحالصباحله حقيقـــة فـــغدا أجـــرا ملنتظـــر أوخلتـهاالشهـدوافتـنيحالوتـه من غير كـد وال لسـع من االبــر مهرتـها مـن عقـود الـود أجملــها وفي قصيدة ( لثوبها أقول ) فان ظهور ثوب زوجته أمام ناظريه فقـــد تخيرتهـــا مجلـــوة الــدرر أوقد لهيب الذكرى وعفر قلب الشاعر بالوجد واحلزن فراح يطلق ث��م ال يفتأُ الشاعر يُ��ب��دي تفجعه على فراقها ويُ��ؤك��د وفاءه بوح وجده و مواجعه بأسى وحرقة بالغني . لذكراها واكتفاءه بطيفها املالزم ،ويب ّثها جنواهُ ويُناوحها بشكواه وددتلــوأنجرحيظــلمندمــال . .ليُظهر بعد ذلك عزاءه بوجود االبنة اخللوق البارة والطيبة فليــس ينكــأه مــا كنــت اكــتشف التي أدت احلق جتاه والدها مبروءة ورضى بالغني ،مبدياً أقصى غـــفوت بيـن بقايـــا في خزانتــــها سعادته عندما أهدته إبنته من يحمل بعضاً من صفاته اجلينية باحلفيدة الغالية ،فكانت أجمل املُنى حلياته لتهبه لذة االحساس كعابــد في سكــون الكهـف يعتكف محو ذك ��رى وأن ت�ب��دد وسما لم ينــل منــك غيـر روح دعتــها قـــدرة ال�ل��ه أن تغــادر حلما و من قصيدة (دموع الشعر ) هــذي وريقاتي تشاطـرني أسى ما عــاد ســرا كــم زفــرة محمومــة وشكايــة بكمــاء حــرى وضراعة مشبوبة صارت على االوراق شعرا ويلــوحليوجـهالردىوجهــاعبوسامكــفهرا يدنــو وقــد ســل النيوب أســنة عمـياء حــمرا وأعـود أرجو العفـو من ربي وقد قارفت وزرا
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
75
فأيقظتـــكبـــنانيوهــيراعـــشة وقــد حتفــز فيك الوجــد والشغف ل� ��و مي �ل ��ك امل� � ��وت ل�ل�اف� �ص ��اح ع� ��ن أس ��ف حــق اعتــذارلـرق العذر واألسف وشاعرنا املرهف االحاسيس واملواجد يأبى إال أن يكون ذلك العطوف املتعاطف الذي ينبري لالهتمام بشارد ووارد اخلطوب التي تنال من أفراد عائلته ،فنراه يتلوع ملصاب ابنة شقيقته وقد نال منها املرض العضال نيال جامحا ،وأسقطها في أتون العذاب طريحة الفراش وطيف املنون يحوم حول مرقدها ،فيبث بها عزم االستنهاض من قبضته لتقهر بعزميتها املرض ويعاودها شروق املالمح و تتوضح النضرة على محياها من جديد ،هو أمل يراود محبيها وهو واحد منهم وإن كان ليس بعد ارادة الله و قضائه من شيء ،امنا أراد الشاعر بث االمل في نفس ابنة شقيقته العليلة وعونها على التشبث باحلياة واب��ع��اد شبح اخل��وف م��ن النهاية احملتومة ،هي مشاعرانسانية نبيلة تؤكد ارتقاء فحواها البالغ في التراحم .. ع �ـ��ودي ال ��ى ص�ب�ـ�ح��ك ال ��وض ��اح ي��ا ليـنا حتـى يشــع ضحــاه في ليالينا ل� ��وذي ب�ص�ب�ـ��ر ع �ل��ى م��ا اش �ت �ـ��د م��ن سقـم كم شدة بعد صبر أصبحت لينا والدهـ ــر حين ــا عبــوس في تقلبـه لكنــه باســم مستبـــشر حيـــنا ويستكمل الشاعر عبده فواصل مكنوناته األسرية وهو يصور استغراقه باحلزن ل��وداع ولده وتلوعه على بعاده واغترابه طلبا للرزق حني ضنّت األعمال بأرزاقها داخل الوطن ،والشاعر هنا يستقرئ لوعة الغربة واالف��ت��راق وق��د سبق أن ذاق هو مرارتها قبل عودته للوطن ،ومن قصيدة( بعد الفراق ص 79قوس قزح).. يقول ن� �ض ��ال غ ��اض ��ت دم ��وع ��ي ل �س��ت أذرف� �ه ��ا ولــن تراهــا فإن القلـب ينزفــها زرعـت فيــك بذور اخلــير واعــدة وهــذه ثمــرات اخلــير أقـطفــها ط�م��وح�ـ�ـ��ك ال �ط �ـ �ـ��ود م ��ا ت�ن�ـ�ـ�ف��ك ذروتــه
باشراقاتها اجلميلة ،ورغم اتكاء الشاعر على املعاني وجزالتها على حساب بالغة الصور فإن القصائد متنح وضوحا بالتعبير عن املقاصد دون مواربات أو ترميزات . . أح �ـ �ـ��س ب��ه ف��ي دم ��ي نابضــا ك��ذاك ال��ذي سال من جرحـه وأب �ـ �ـ �ع��ث ف��ي ل�ي�ـ�ـ��ل أشجانــه ض�ي�ـ�ـ�ـ��اء ت�ـ�ـ�ـ�لأأل ف��ي جنحـــه ل�ت�ب�ـ�ق�ـ�ـ�ـ��ى ق�ـ�ـ�ـ��راب�ت�ـ�ـ�ـ�ن�ـ�ـ��ا ذروة بطـود و ليست على سفحه وبعد ..فهذا غيض من فيض قد ال يفي الشاعرحقه ،إمنا حسبنا أن الشاعر خالد فوزي عبده من الشعراء املرهفي احلس والوافري العطاء ،معبأ باملُثل ،ومحمل بالقيم الناصعة كما تظهره معاني أشعاره وصورها ورغبته املثلى ببيان عواطفه ومكنوناته بوضوح جتاه أهله وصحبه ووطنه وقيادته العليا ،ثم جتاه احلاالت اإلنسانية التي يُصادفها أو يُعايشها ،وحتى جتاه ذاته ،وهو يتنقل سني عمره املديد محم ً ال باملُثل العليا لتقيه شر السقوط بني ّ ولوثة االنحراف ،يسير بخطوات حذره وقامة متسامقة بني سبل ومعارج احلياة ،قانعاً مبا نال وراضياً عن احلال ،وشاكراً للخالق ما أعطى ووهب وما ستذهب به احلياة من مآل ،هو إميان وافر بالقضاء والقدر ،كثيراً ما أسكنه أبيات شعره ،مرتدياً ُحلل السالمة وهو يصدر أدبا إسالميا مبعنى العبارة ،ودواوينه التسعة شاهدة تؤكد أنه ما نزع لغير ذلك وال أسقط أدب��ه في معترك الوهم أو اللوث ،وحسبنا شاعر دلف الساحة األدبية بقلب ناصع مخلفا ارثا خليقا بالدراسة والبحث ،وهو الشاعر الفريد الذي ال أسباب تسمية الديوان شعراً يضع مقدمة ديوانه شعراً ،معل ً ويقدم االهداء شعراً ،ومرس ً ال حتيته شعراً ،وكأمنا ينفتح لشعره مجرى داف ٌق ثري العطاء ...و تلزمني اخلامتة هنا أن أبني حملة من هوية الشاعرالتي أرادنا أن ندركها من خالل شعره : شـرف احلسـن أن يكون حـالال ال حراما يخزيه سلب وخلس وهو باق في شرعتي وشعوري قدسيــــا مطــــهرا ال ميـــس وأيضاً : ط��وب��ى ل�ن��ا ال �ض��اد ق��د أض �ح��ت ل�ن��ا قربى
تصد ما هاج من ريح وتصرفها
فإن نأينا أحالت نأينا قربا
ولألخ الشقيق تصد ُح معاني األخوة في قصيدة بالغة تسطع
املراجع : مجموعة أشعار مخطوطة للشاعر خالد فوزي عبده
ديوان قوس قزح – دار املأمون للنشر والتوزيع – عمان – 2007 -خاد فوزي عبده ديوان شموع ال تنطفئ – دار النهضة للنشر – عمان – 1992خالد فوزي عبده
ديوان زهور ال تذبل – بدعم من وزارة الثقافة األردنية -1997خالد فوزي عبده
ديوان عندما ينزف الشعر – بدعم من وزارة الثقافة األردنية – 2004خالد فوزي
76
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
عبده
ديوان إليك يا نابلس – بدعم من احتاد الكتاب واألدب��اء األردنيني – 2006خالد فوزي عبده ديوان نفحات أردنية – بدعم من وزارة الثقافة األردنية – 2002خالد فوزي عبده الدواوين الباقية لم تدخل ضمن الدراسة
نشاطات المنتدى تقرير حول نشاطات منتدى الوسطية للفكر والثقافة لشهري تشرين اول وتشرين ثاني الوسطية -عقد املنتدى العاملي للوسطية مؤمتره الدولي السادس «القدس دين وتاريخ» في الفترة من 2009/11/12-11م في فندق الرويال /عمان مبشاركة واسعة من الشخصيات الفكرية والسياسية العربية واالردنية .وتداول املؤمترون عبر جلسات املؤمتر أبرز القضايا التي تواجه مدينة القدس وصمود أهلها ،واخلطط العملية في مجابهة عمليات التهويد وطمس املعالم املقدسة ،نُصر ًة للقدس واألقصى، وإلبقاء قضية القدس حية حاضرة في وج��دان األم��ة ,ففي اجللسة اإلفتتاحية التي حضرها جمهور غفير من مختلف الطبقات والفئات العمرية ،ق��ال وزي��ر الثقافة الدكتور صبري ربيحات خ�لال رعايته للمؤمتر اليوم ان إختيار القدس عاصمة الثقافة لهذا العام ما هو إال جتسيدا لعروبة املدينة املقدسة جوهر القضية الفلسطينية وهي عروبة صامدة في وج��ه كل محاوالت الطمس والتشويه .من جهته اكد خطيب املسجد االقصى ومفتي القدس فضيلة الشيخ عكرمة صبري على اهمية املؤمتر ال��ذي حمل اسم “ القدس دين وتاريخ” م��ش��ددا على االرث العظيم للمدينة امل��ق��دس��ة ،بإعتبار ان العرب الفلسطينيني سكنوها قبل سبعة االف وخمسمئة سنة .واضاف في كلمته ان احملتل الصهيوني يحيك املؤامرات التي تتناقض مع ثوابتنا الدينية والتاريخية ،منها مشروع ما يسمى بالوطن البديل وآخر بتبادل االراضي ثم طرح فكرة تقسيم االقصى التي اعتبرها عكرمة بانها فكرة جهنمية عدوانية عنصرية لم ولن نقبل بها.وإستعرض مندوب جامعة الدول العربية محمد صبيج اجلهود التي بذلتها وتبذلها اجلامعة منذ العام 1967ولغاية االن في سبيل احلفاظ على القدس وهويتها ودعم اهلها الصابرين املرابطني في االقصى .وبني ان معظم الدعم املادي الذي يتأتى من الواليات املتحدة االميركية وإستراليا وكندا من فئات صهيونية وان هذه االموال معفاة من الضرائب كما ان هنالك طواقم اسرائيلية متكاملة على رأسها محكمة العدل العليا االسرائيلية التي تقوم بدورها لتهويد املدينة واخراج سكانها العرب الفلسطينيني منها. من جهته أش��اد وزي��ر االوق��اف السوداني االسبق عصام البشير باجلهود التي تبذلها القيادة الهاشمية والشعب االردن��ي في سبيل دعم القدس واهلها الصامدين ،منوها الى ان جاللة امللك عبدالله الثاني إعتبر ان القدس خطا احمر الميكن جتاوزه ،مشيرا الى إنعقاد الكثير من ورشات العمل واجللسات واملؤمترات التي تهدف الى حماية املقدسات والدعوة الى احلفاظ عليها .وق��ال االم�ين العام للمنتدى العاملي للوسطية املهندس مروان الفاعوري أن املؤمتر ينعقد في محيط األرض التي باركها رب العاملني ببركة قربها من األقصى وبيت املقدس للتذكير بالواجب املطلوب جتاه القدس حلمايتها من التهويد وطمس الهوية التي وصلت إلى ساحات املسجد األقصى سعياً لتقسيمه أسوة باحلرم اإلبراهيمي في اخلليل متهيداً للسيطرة عليه وهدمه خالل سنة أو سنتني وإقامة الهيكل املزعوم مكانه .واضاف “ وإذا كان ثمة واج��ب على كل املسلمني جت��اه األقصى إن��ق��اذاً أو حتريراً فأننا هنا معنيون أكثر من كل املسلمني بحكم قربنا وجوارنا ،مؤكدا ان قضية بيت املقدس تعد إشارة إلى مدى وعي األمة بذاتها. الوسطية -عقد املنتدى العاملي للوسطية ي��وم اجلمعة املوافق 2009/11/13محاضرة فكرية لألستاذ احمل��ام��ي منتصر الزيات
في نادي املعلمني في معان ،بحضور جمهور من أبناء محافظة معان وضواحيها .وأدار احملاضرة احملامي األستاذ ماهر كريشان الذي رحب في بداية كلمته بالضيف واحلضور من جهة ،والقائمني على عقد هذه احملاضرة من جهة أخرى .وقال األستاذ احملامي منتصر الزيات في احملاضرة التي عقدت حتت عنوان”مراجعات..ليست تراجعات في الفكر واستراتيجية العمل “أن الهدف من طرح املراجعات الفكرية مع جماعات التكفير في مصر والتي قام بها مجموعة من املفكرين هو التحرر من مخاطر العنصرية احلركية والتحرك في رحاب أوسع حتت سقف املرجعية اإلسالمية .وأضاف أن بعض األخوان لم يخف إنزعاجهم من شعار”مراجعات” بل وتوجس بعضم خيفة من دالالت قد تلحق باملسمى تنبيء عن انتكاس للثوابت العقائدية أو املرتكزات الفكرية التي قامت بها غالبية الفصائل حلركة األسالمية املعاصرة. وفي تعداده للمراجعات قال الزيات أن من أول الدعائم التي نستند إليها في “املراجعات” هي اإلميان املطلق بضرورة التمسك بأحكام الشريعة اإلسالمية وتطبيقها نصا وروحا دون أي خجل أوتنازل عن بعضها .وأكد على أن الفكرة املسيطرة على هذه املراجعات هو ضرورة التالحم مع اجلماهير والتواصل مع النخب الثقافية من أجل دعم الفكرة اإلسالمية لتكون واضحة ال لبس فيها .أولى هذه املراجعات بحسب الزيات هي ضرورة تطوير مكونات وزيادة جرعات فكرة قبول اآلخ��ر والتباعد شيئا فشيئا عن احتكار احلديث باسم اإلس�لام أو الشعور بصحة املفهوم الذي تتبناه كل مجموعة أو مؤسسة أو منظمة ممن تعمل في حقل الدعوة ،فاإلسالم دين مرونة وصالحية لكل زمان ومكان .وأضاف بأن اإلسالم هو دين املباديء واألخالق احلميدة فهما عنوان املسلم ،منها األمانة والوفاء بالعهود ،وهذا ما يراد من األخالق وليس الدروشة أو التقهقر والقعود .من املرجعات أيضا اصدار فتاوى منكرة وغير واض��ح��ة تصدر ع��ن أن��اس غير مؤهلني شرعا ،تبرر استحالل أموال غير املسلمني ،وهناك البعض اآلخر نتيجة للجهل وقلة العلم يعتقدون بأن من متام التدين التعامل مع غير املسلمني بطريقة جافة ناهيك عن السب واللعن وغيرها من األساليب التي ال تنم عن ديننا اإلسالمي .وغيرها الكثير من التي مت ذكرها .ثم قام األستاذ الزيات باإلجابة على عدد من األسئلة واإلستفسارات التي طرحت من قبل احلضور .وفي نهاية احملاضرة قام مدير سكة حديد العقبة السيد حسني كريشان بإسم أهالي وشباب معان بتقدمي دروع لكل من األمني العام املهندس مروان الفاعوري واألستاذ املنتصر الزيات كتعبير عن شكر وامتنان أهل معان للمحاضرة واجلهد الذي يبذله املنتدى في ترسيخ معاني الوسطية ومفاهيمها ونشر الفكر املعتدل . الوسطية -شارك كل من رئيس منتدى الوسطية للفكر والثقافة املهندس مروان الفاعوري والدكتور هايل داوود في ندوة عقدت برعاية جامعة العلوم اإلسالمية ،وبتنظيم من اللجنة الدولية للصليب األحمر، حتت عنوان” املائدة املستديرة حول القانون الدولي اإلنساني والشريعة اإلسالمية” .وشارك الدكتور هايل داوود في الندوة التي عقدت في 2009/11/ 17بورقة عمل حتدث فيها عن اإلسالم والقانون الدولي واإلنساني. السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
77
تقرير حول نشاطات منتدى الوسطية للفكر والثقافة لشهري تشرين اول وتشرين ثاني الوسطية -ص��در مؤخرا العدد ال��راب��ع من السنة الثانية ملجلة الوسطية ،املجلة الفصلية األسالمية التي تصدر عن املنتدى العاملي للوسطية .ه��ذا العدد ال��ذي تصدرغالفه ص��ورة فاقت ق��درة القلم على الوصف وق��درة الفكر على العصف”،بيت املقدس” أو القدس الشريف” ،اإلص���دار ال��ذي تزامن وانعقاد املؤمتر ال��دول��ي السادس “القدس دين وتاريخ” ،ليكون هذا املؤمتر وهذا العدد ما هو القليل لتلك املدينة احلاضرة الغائبة في أذه��ان أمتنا اإلسالمية .واحتوى ال��ع��دد على ملف كامل لوقائع امل��ؤمت��ر ال��ذي ض��م أس��م��اء املشاركني وعناوين ألوراق العمل التي سيناقشها نخبة من العلماء واملتخصصني في ذات املجال من مختلف ال��دول العربية واإلسالمية .كما احتوت على سلسلة مميزة من املقاالت الهادفة في الشأن الوسطي اإلسالمي منها وسطية األمة اإلسالمية للدكتور محمد عمارة ،والتسامح في اإلسالم للدكتور محمود زقزوق ،وأيضا املسلمون في اوروبا وحلحلة عقدة اإلرهاب لألستاذ نبيل شبيب. الوسطية -عقد يوم السبت املوافق 2009/11/7في مقر الوسطية بعمان اجتماع لرؤساء فروع منتدى الوسطية للفكر والثقافة بحضور رئيس املنتدى املهندس م��روان الفاعوري وأم�ين سراملنتدى الدكتور محمد اخلطيب ورؤساء الفروع السيد يوسف ملكاوي رئيس فرع اربد، والسيد محمود الصباغ رئيس فرع كفرجنة ،والسيد صالح اخلواطرة رئيس فرع مادبا والسيد عواد اخلاليلة رئيس فرع الزرقاء والسيدة مليس العتوم رئيسة فرع جرش .وقد مت خالل االجتماع التباحث في العديد من املشاكل التي يواجهها رؤساء الفروع كل على رأس عمله كان من أبرزها نقص قطع األثاث في عدد من الفروع وضرورة تامني ال�لازم منها وع��دم وج��ود تواصل بني الفروع في مختلف محافظات اململكة .وط��رح املهندس الفاعوري جملة من املقترحات واملبادرات الهادفة ،للعمل بها ليكون منتدى الوسطية بكافة فروعه منبرا للفكر الوسطي وصرحا يروي قصة جناح ،كان من أهمها تفعيل نشاطات املنتدى في الفروع من ن��دوات ومحاضرات مع بداية السنة القادمة ضمن إطار فكري ثقافي هادف و قيام الفروع مببادرات هادفة كل في محافظته كإصدار صحيفة حتتوي على نشاطات الفرع اقتداءا بفرع السلط الذي يصدر صحيفة الوسطية ترويجا لثقافة الوسطية ونشاطاتها في مناطق اململكة. الوسطية -بحضور أعضاء الهيئة اإلدارية ملنتدى الوسطية للفكر والثقافة ،مت مساء يوم األحد املوافق ،2009/11/22سحب جوائز مسابقة رمضان التي ينظمها املنتدى في شهر رمضان من كل عام. وفاز باجلوائز العشرة املالية التي خصصها املنتدى والبالغة قيمتها 750دي��ن��ارا ،مشاركون من مختلف محافظات اململكة حيث شملت محافظة عمان والسلط والكرك وعجلون وال��زرق��اء .وسيتم توزيع اجلوائز على املشاركني في حفل سيقيمه املنتدى في مقره الكائن في عمان وبحضور رئيس املنتدى املهندس مروان الفاعوري وأعضاء املنتدى. الوسطية -ب��رع��اي��ة رئ��ي��س بلدية م��ادب��ا ال��ك��ب��رى س��ع��ادة السيد ع��ارف الرواجيح عقد منتدى الوسطية للفكر والثقافة/مأدبا ندوة علمية عن املخدرات وآثارها على املجتمع ،وذلك يوم السبت املوافق 2009/11/7م .حتدث في الندوة كل من الدكتور محمد املساندة من مديرية صحة مأدبا والشيخ جمال السفرتي من املنتدى وسعادة رئيس البلدية الذي أكد على استعداد بلدية مأدبا الكبرى التعاون مع منتدى الوسطية في اي امر توعوي يهم املواطنني ويعود بالنفع عليهم وقد جرى حوار موسع بني احلضورمن أبناء ماعني ومادبا وعدد من جتمع جلان املرأة في مادبا ،واملشاركني عن املخدرات وأثرها على املجتمع. وفي ختام اجللسة التي أدارتها السيدة زكية الفاعوري شكر الدكتور صالح اخلواطرة احلضور واملشاركني على حسن اهتمامهم ووعيهم ملثل تلك الندوات . الوسطية -عقد منتدى الوسطية للفكر والثقافة /ارب��د جلسة حوارية للمحامية منتهى الهنداوي بعنوان “املرأة في قانون األحوال
78
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
الشخصية” .وب��دأت اجللسة بكلمة ألقاها رئيس ف��رع ارب��د يوسف ملكاوي ،رحب فيها باألستاذة التي حلت ضيفةعلى الفرع ،كما رحب باحلضور الذي جتاوز العشرات من مختلف الفئات العمرية .وتناولت األستاذة الهنداوي في بداية حديثها عددا من احملاور الهامة أبرزها تعريف ال��زواج وشروطه ،و النفقة الزوجية والعدة والطالق بجميع انواعه .ثم أجابت الهنداوي على العديد من التساؤالت التي طرحها احلضور في اجللسة التي ادارتها السيدة عواطف الشوبكي ضمن إطار القضايا التي أثيرت. الوسطية -ممثال عن منتدى الوسطية للفكر والثقافة ،وضمن خطة وزارة التربية والتعليم لوقاية طلبة املدارس من أخطار املخدرات واملؤثرات العقلية ،شارك األستاذ الدكتور محمد القضاة في ورشة عمل تدريبية لتدريب ف��ري��ق م��ح��وري ف��ي م��ج��ال وق��اي��ة الطلبة من أخ��ط��ارامل��خ��درات والتي عقدتها ال���وزارة ي��وم األرب��ع��اء 2009/11/4 واستمرت على مدار يومني .وشارك الدكتور القضاة في الورشة بورقة عمل تدريبية في مجال “التفكك األسري واإلدمان على املخدرات”، فيما ش��ارك أكادمييني ومتخصصني ف��ي ذات امل��ج��ال ب���أوراق عمل عدة ،منها” املخدرات ،أنواعها ،أسبابها ،أضرارها”يقدمها العقيد طايل املجالي من إدارة مكافحة املخدرات ،وورقة عمل بعنوان” حكم الشريعة اإلسالمية في املخدرات” يقدمها مصطفى العبابنة من إدارة مكافحة املخدرات ،وأخرى بعنوان” اإلج��راءات القانونية للتعامل مع املتعاطي :الوقاية العالجية” يقدمها مدعي عام محكمة أمن الدولة من إدارة مكافحة املخدرات ،باإلضافة إلى “الصحة النفسية واملخدرات” مقدمة من د.جمال العناني من املركز الوطني لتاهيل املدمنني وغيرها من أوراق العمل املميزة. الوسطية -في رد له على س��ؤال ط��رح من قبل مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر يدور حول تسييس موسم احلج واستغالله ألغراض سياسية ،أكد األمني العام للمنتدى العاملي للوسطية املهندس مروان الفاعوري إن��ه يجب استغالل موسم احل��ج لتحقيق وح��دة املسلمني والبعد عن كل ما يؤدي إلى الفرقة بني املسلمني أو يعكر صفو احلجيج وهم يؤدون هذا الركن العظيم الذي يجب أن يكون احلديث حوله بعيدا كل البعد عن أي مآرب أو أغراض دنيوية .وأضاف بأن احلج يجب أن يبقى منزها عن أي خالفات طائفية ألن له ثوابت وضوابط شرعية ال مجال للخوض فيها ،حيث أن احترام الصحابة وقدسية األماكن أمور يجب أن حتترم ،وأن ال تكون محل جدل وخالف ،وإن موسم احلج من املواسم التي يجب أن تستغل في أمور وحدة املسلمني ال تشتيتهم ،فهم يجتمعون ألداء هذه الفريضة ال فرق بينهم إال بالتقوى . ال��وس�ط�ي��ة -ن��ظ��م م��ن��ت��دى ال��وس��ط��ي��ة للفكروالثقافة ف���رع اربد ن��دوة بعنوان “هبوا لنصرة األقصى” ،وذل��ك ي��وم اخلميس املوافق 2009/10/15م .وأشار رئيس فرع اربد يوسف ملكاوي الى ما تتعرض له مدينة القدس واملسجد األقصى من هجمات شرسة من عصابات املتطرفني اليهود وبدعم من حكوماتها لتهويد القدس واالستيالء على املقدسات اإلسالمية .وبني دور األردن قيادة وشعبا وحكومة ووقوفها مع الشعب العربي الفلسطيني في الدفاع عن القدس واملقدسات .من جهته استعرض الدكتور فكري الدويري دورالهاشميني في الدفاع عن القدس وأماكنها التاريخية عبرالتاريخ وخاصة األقصى وقبة الصخرة املشرفة ،مؤكدا أن القدس عاشت وتعيش في وجدان الهاشميني منذ جاللة املغفورله امللك عبد الله املؤسس الذي لبى نداء ربه شهيدا على باب األقصى واملغفور لهما امللك طالل وامللك احلسني الذي اصدر قانون رقم 32لعام 1954بتشكيل جلنة اعماراملسجد األقصى التي ظلت تقوم بعملها رغم قرار فك االرتباط ،وجاللة امللك عبد الله الثاني ال��ذي يواصل مسيرة االعمار واالهتمام التام بالقدس ومقدساتها وتأكيد جاللته أن القدس خط احمر وأي عبث بها سيؤدي إلى نتائج كارثية .وألقت الشاعرة شيماء احلراحشة قصيدة في الندوة التي أدارتها مديرة املنتدى عواطف الشوبكي وحضرها عدد من الفعاليات احلزبية والثقافية .
نشاطات المنتدى تقرير حول نشاطات منتدى الوسطية للفكر والثقافة لشهر كانون اول الوسطية -قام وفد من املنتدى العاملي للوسطية يضم كال من أم�ين ع��ام املنتدى املهندس م��روان الفاعوري ،وأم�ين السر الدكتور محمد اخلطيب والناطق اإلعالمي األستاذ منتصر الزيات ورئيس فرع املنتدى في املغرب الدكتور محمد طالبي والدكتور محمود السرطاوي والدكتور محمد احلاج والدكتور أمجد قورشة والدكتور سليمان الدقور وتخلل برنامج الورشة رحلة سياحية نظمها املنتدى للمشاركني والدكتور نبيل سعدون والسيدة سوسن املومني والسيدة وفاء البيطار لزيارة مقامات الصحابة والبحر امليت للتعرف على واق��ع السياحة بزيارة لتركيا وذلك خالل الفترة ما بني .2009/12/24-19 واملقامات الدينية األثرية املوجودة في األردن. وتهدف الزيارة إلى التعرف على جتربة العمل اإلسالمي في تركيا، الوسطية -بدعوة من املجلس األعلى للشباب ،ألقى األستاذ و اإللتقاء بعدد من الشخصيات اإلسالمية على الساحة التركية ،وزيارة الدكتور محمد أحمد القضاة عضو املنتدى العاملي للوسطية محاضرة املؤسسات املهتمة بهذا الشأن. ف��ي ن���ادي ال��وح��دة ف��ي محافظة م��ادب��ا وذل���ك ي��وم اخلميس املوافق الوسطية -عقد املنتدى العاملي للوسطية بالتعاون مع مجلة حراء ، 2009/12/24بعنوان” التعايش الديني بني اإلس�لام واملسيحية” التركية ندوة دولية بعنوان” رؤى معاصرة لإلصالح اإلسالمي ودورها حضرها عدد غفير من املسؤولني واملواطنني وأعضاء مراكز الشباب في تعزيز السالم العاملي /جتربة فتح الله كولن التركية منوذجا” ،في محافظة مادبا. وذلك يوم السبت املوافق 2010/1/16م . الوسطية -عقد املنتدى العاملي للوسطية بالتعاون مع جمعية وتهدف الندوة التي عقدت في املركز الثقافي امللكي إلى التأكيد م��ج��ددون اخليرية التنموية ،محاضرة للطبيب واملستشار النفسي على أهمية العمل اإليجابي البناء ال��ذي يركز على صناعة اإلنسان الدكتور عبد الرحمن الذاكر ،بعنوان “املتدينون واألمراض النفسية” والتأكيد على الفكر الوسطي والعمل املجتمعي ودوره في إحداث وذلك يوم السبت املوافق . 2009/12/26 النهضة املطلوبة ،وإبراز أهمية التعليم في نهضة األمة وأن اإلصالح واستهل الدكتور الذاكر محاضرته بالتعقيب على ما ورده من انتقادات التربوي هو األول��وي��ة القصوى للنهوض باألمة وأيضا اإلط�لاع على وتساؤالت حول عنوان احملاضرة ،ليؤكد على أن الدين”اإلسالمي” جتربة فتح الله كولن اإلصالحية في التربية والتعليم واإلعالم والصحة احلنيف يجب أن يستقر في النفس ليظهربعد ذلك في العمل ،وأن وغير ذلك. ما يختبئ في النفوس هو ذاته ما يستقر على السطح ،ليكون بهذا
اليمني وتأسيس املنتدى العاملي في اليمن”وورقة أخرى بعنوان”اإلدارة الناجحة ماليا وإداري���ا وتنظيميا للفرع” ،فيما ق��دم الدكتور محمد اخلطيب ورقته حول “املنتدى العاملي الفكرة واملضمون” ،والدكتور هايل داوود حول “الوسطية مشروع األمة احلضاري”
الوسطية -عقد املنتدى العاملي للوسطية ورشة عمل تدريبية بعنوان “ترسيخ الفكر الوسطي في العالم االسالمي” وذل��ك يومي السبت واألحد املوافقان . 2009/12/13-12/12
املتدين احلق الذي لن يحيطه أي مرض نفسي ،خاصة وأن ارتباطه أوالً وآخراً هو بالله .
وأك���د ف��ي احمل��اض��رة ال��ت��ي ع��ق��دت ف��ي م��رك��ز احل��س�ين الثقافي وهدفت الورشة التي شارك فيها ما يقارب اخلمسة عشر شخصية بحضور مئات األشخاص أكثرهم من فئة الشباب على بعض احللول من علماء الفكر والرأي في اليمن الشقيق إلى إعداد القادة الوسطيني واإلج����راءات التي ينبغي إتباعها للوصول إل��ى بر األم��ان بعيداً عن لنشر الفكر الوسطي في العالم اإلسالمي. األمراض النفسية؛ أهمها تقدير الذات والتوقف معها والصدق والتعلم وتناولت الورشة في جلساتها على مدار اليومني أوراق عمل تتعلق والعلم لتحقيق اخلالفة في األرض. مبوضوع الورشة ،قدمت من علماء وأكادمييني متخصصني في ذات من جهته أوض��ح عضو املنتدى العاملي للوسطية الدكتور ياسني املجال من مختلف الدول العربية واإلسالمية ،فمن مصر قدم األستاذ املقوسي على ضرورة بناء الشباب خلدمة مجتمعهم بطريقة وسطية ال منتصر الزيات ورق��ة عمل بعنوان” دور الوسطية في نهضة اليمن تشديد فيها وال تفريط . وتنميته ووحدته ،ومن تركيا قدم الدكتور ن��وزاد ص��واش ورق��ة عمل الوسطية -احتفاء بذكرى الهجرة النبوية الشريفة أقام منتدى بعنوان” التجربة التركية ف��ي العمل التنويري واإلصالحي” ،ومن املغرب قدم الدكتور محمد طالبي ورقة عمل بعنوان” مفاهيم الوسطية الوسطية للفكر والثقافة فرع اربد يوم اخلميس املوافق 2009/12/17 وجتلياتها احلضارية والواقعية” ،أما من األردن فقدم املهندس مروان ندوة بعنوان “في ظل الهجرة النبوية”. وحتدث في الندوة رئيس الفرع يوسف ملكاوي عن الدروس والعبر الفاعوري ورق��ة عمل حول”آليات نشر الفكر الوسطي في املجتمع السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
79
تقرير حول نشاطات منتدى الوسطية للفكر والثقافة لشهر كانون اول املستفادة من هذه الهجرة موضحا أهمية الوطن وحبه واجب وهو من اإلميان وركز على التوكل على الله واألخذ باألسباب وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ بجميع األسباب ثم التوكل على الله من أجل النجاح في هذه التجربة ،وأشار الشيخ إدريس املقدادي إلى دور عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه وهو يجمع األخبار للنبي صلى الله عليه وسلم ويأتي بها كما أشار إلى دور الراعي الذي كان يطمس األثر وحتدثت أستاذة الالهوت سناء عجيالت في الندوة اللتي حضرها حتى ال يستطيع املشركون أن يعرفوا أين ذهب النبي صلى الله عليه مدير الثقافة في محافظة مادبا السيد عوني جريبات وعدد كبير من وسلم . احلضور واملهتمني من أهالي محافظة مادبا عن نظرة الكتاب املقدس وحضر الندوة والتي أدارتها رئيسة اللجنة النسائية في املنتدى إلى املرأة وكيف كان تكرميه لها. عواطف الشوبكي عدد من الفعاليات املختلفة وأعضاء املنتدى. وأستعرض أستاذ القانون احملامي نضال احلاليقة قانون االحوال الوسطية -ش��ارك رئيس منتدى الوسطية في محافظة اربد يوسف ملكاوي يوم األحد املوافق 2009/12/20في برنامج احلوارات الشخصية و يتعلق باملرأة وفضل البحث فيما يحتويه هذا القانون من ال��ن��ادوي��ة حت��ت ع��ن��وان “التعايش ال��دي��ن��ي اإلس��ل�ام دي���ن الوسطية أم��ور ايجابية وما تخلله من مكالب ينبغي إع��ادة النظر فيها وأبعاد واالعتدال” ،وال��ذي نظم بالتعاون ما بني مديرية األندية والهيئات الدراسة املستفيضة واملراجعة الدقيقة لها. الشبابية في املجلس األعلى للشباب و مديرية شباب محافظة اربد من جهته أكد عضو املنتدى العاملي للوسطية الشيخ جمال السفرتي ونادي يرموك الشونة الشمالية وتناول امللكاوي في ورقة العمل التي قدمها في اللقاء الذي حضره في كلمته على مكانة امل��رأة في االس�لام من خالل استعراضه حلال كل من مدير األندية الشبابية السيد محمد الصمادي ومدير شباب امل��رأة قبل االس�لام وتعرضها للوأد واحل��رم��ان من امل��ي��راث وامتهان ارب��د طالل البطاينة والسيد وليد خريسات ومجموعة من الشباب الكرامة ،وكيف جاء اإلسالم العظيم ليرفع من شأنها لتكون شقيقة الواعد من أبناء محافظة اربد والشونة الشمالية ،مفاهيم الوسطية الرجل ،تساويه في الكرامة والعزة موضحا ذلك من خالل صور نقلها ودورها في تعزيز مضامني الرسالة السمحة وتوضيح صورة اإلسالم من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتعاليمه ووصاياه اجلليلة بالنسبة احلنيف. للمرأة إضافة الى صور عظيمة ومضيئة من تاريخ املرأة املسلمة عبر الوسطية -عقد منتدى الوسطية للفكر والثقافة فرع السلط محاضرة للدكتور بكر خازر املجالي بعنوان “مسيرة األردن عبر التاريخ العصور. أدارة الندوة رئيسة جتمع جلان امل��رأة /ف��رع مادبا السيدة زكية الرواشدة التي بدورها رحبت باحلضور وأكدت في الوقت ذاته على أهمية املرأة وحقها في ضرورة اإلضطالع بواجباتها وحقوقها التي كفلتها لها الشرائع.
املعاصر ووسطية النظام السياسي” ،حتدث فيها عن تأسيس إمارة األردن عام 1921وكيف أدار األمير عبد الله البالد في فترة اإلنتداب البريطاني متطرقا إل��ى مسيرة االردن السياسية من خ�لال طرحه للعديد من املواقف التي تدل على حكمة ووسطية النظام السياسي االردني. واط��ل��ع احل��ض��ور م��ن املهتمني م��ن أه��ال��ي محافظة ال��س��ل��ط في احملاضرة التي عقدت يوم األربعاء املوافق 2009/12/23م في قاعة االستقالل على مقاالت الصحف التي قدمها الدكتور املجالي في شرحه و العائدة لبداية تأسيس إمارة شرق ومنها الصحف الدينية التي كانت تصدر في ذلك احلني.
الوسطية -عقد منتدى الوسطية فرع الرمثا ندوة يوم االربعاء 2009/12/25م بقاعة مدينة احلسن الصناعية بعنوان “الوسطية في سيرة ال��رس��ول صلى الله عليه وسلم” حت��دث فيها كل من الدكتور محمد الكيالني والدكتور ابراهيم اليوسف والدكتور ابراهيم جت ،بني املتحدثون من خالل الندوة عدة مبادئ انتهجها الرسول الكرمي صلى الله عليه وسلم ،رسخت النموذج الوسطي لالسالم وسماحته ،وحضر الندوة جمع غفير من املهتمني .
الوسطية -اقام منتدى الوسطية فرع جرش محاضرة بعنوان “ دور املناهج املدرسية في تعميق مفهوم الوسطية لدى الطلبة “ ،حتدث الوسطية -أقام جتمع جلان املرأة بالتعاون مع مديرية الثقافة في مدارس األميرة بسمة مبحافظة مادبا ندوة بعنوان “حقوق املرأة فيها الدكتور طالب عبابنة من جامعة اربد االهلية وذلك يوم الثالثاء 2009/12/29م . بني قانون األحوال الشخصية والتشريعات األردنية”
80
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
أخــبار الوسطية ندوة دولية يقيمها المنتدى العالمي للوسطية بالتعاون مع مجلة حراء التركية بعنوان « رؤى معاصرة لإلصالح اإلسالمي ودورها يف تعزيز السالم العاملي» وتشتبيك املصالح احلياتية للناس. وأشار الى ان التجربة الكولونية وما مهد إليها من اجتهادات جتد ترحيبا وتقديرا السباب اهمها ،اجلهاد هو ذروة سنام االسالم واقترن في كثير من االذهان بالقتال ،لكنه أوسع ويشمل جهاد بالنفس واجلهاد املدني. وألقى عطوفة املهندس مروان الفاعوري األمني العام للمنتدى العاملي للوسطية كلمة ثمن فيها التجربة التركية التي قادها فتح الله كولن إلقامة صرح للروح يكون بناء شامخا ترتوي منه اإلنسانية.
ضمن نشاطات املنتدى العاملي للوسطية لعام 2010م ،عقد املنتدى العاملي للوسطية بالتعاون مع مجلة حراء التركية ندوة دولية بعنوان عنوان «رؤى معاصرة لإلصالح ودوره��ا في تعزيز السالم العاملي ..جتربة فتح الله كولن إمنوذجا» ،في املركز الثقافي امللكي ،وذلك يوم السبت املوافق 2010/1/16م . بداءت الندوة بعرض فلم عن مجلة حراء التركية واسعة اإلنتشار مت فيه إستعراض أهم أفكار ومبادىء هذه املجلة ،ثم ألقى الدكتور مصطفى أوزجان رئيس الوفد التركي كلمة أكد فيها أن فساد األنظمة الفلسفية في القرنني األخيرين أدى الى عدم املقدرة على حتقيق السعادة للبشرية ،التي هي بحاجة ملن يحقق لها السعادة املطلوبة. وأش��ار الى أن السيرة النبوية الشريفة حل أساسي لكافة مشكالتنا ، وهي الفترة التي سعدت بها األرض حني إحتوت على حلول لكل املشاكل التي تواجهها ،واصفا الرسول الكرمي صلى الله عليه وسلم بأن االرض هي مسجده واملدينة املنورة محرابه التي ألقى منها خطبا لكل األنسانية. وتناول أوزجان القبول الروسي لألفكار األسالمية التي تنطلق من التعليم كاساس لتحقيق الرؤى االسالمية احلقيقية للبشرية ،إنطالقا من الفطرة واجلوهر التي هي في أعماق البشرية جمعاء التي تؤمن باخلير. ثم ألقى دولة األستاذ صادق املهدي رئيس املنتدى العاملي للوسطية كلمة بني فيها أن املصلح فتح الله كولن ساهم بتجربة ثرية حتاشت النزاع على السلطة وركزت على كسب العقول والقلوب وبسط اخلدمات االجتماعية
وقال انه قرأ واقع أمته وأمعن النظر فيه ،فأيقن أنه ال بد من والدة جديدة لهذه األمة ،تستعيد بها نهضتها وتعود بها الى سابق عزها ،بعد أن ضحى املسلمون بدينهم (مصدر عزتهم) في سبيل دنياهم .وأضاف أن اجلديد لدى الداعية االسالمي كولن أنه قرأ ملياً واقع العالم كله ،واختط لنفسه منهجاً قدم فيه أولوية اإلصالح اإلجتماعي والتربوي واإلقتصادي على الصراع السياسي ،فلم يستنزف جهده في الصراع السياسي كأولوية وهدف كما إستنزف كثيرون في جتاربهم املريرة طاقاتهم وطاقات أمتهم ،مما أدى الى إنفراط العقد السياسي لألمة وإضعافها عند مواجهة التحديات. من جانبه تطرق رئيس جامعة صنعاء الدكتور خالد طميم الى جتربة كولن ،الذي إستطاع أن ينهج منهجا علميا مميزا بحيث د ّرس النظرية االسالمية الصاحلة لكل زمان ومكان متجردا من االنغالق واالنكفاء. ووصف منهجه بأنه لم يخلق عداء مع السلطة الدراكه بان دخول الصراع لن يحقق جناحا لهذه التجربة. واشار طميم الى ان املجتمعات االسالمية تتلقى التوجيهات والتسيير من الغرب «حيث اصبحنا مسيرين ال مخيرين في كل مرحلة من املراحل». وعرج على فلسفته في افهام الدين االسالمي الصحيح للبشرية من خالل املدارس النوعية التي انشأها داخل وخارج تركيا بحيث انفتحوا على الدول االسالمية وغير االسالمية القناع العالم انها قادرة على االب��داع واالنتاج العلمي» .وختم كلمته باالشارة الى ان التجربة الكولونية لم تنظر نظرة انانية بل شمولية للشعوب االسالمية التي وجد أن لديها ابداعا حقيقيا ميكن ان يحدث التغيير ،مبينا ان الدين االسالمي انقى االديان وافضلها غير اننا لم ند ّرس ديننا كما هو بل اجتهنا الى القشور في حني ان الغرب اجته الى اجلوهر. السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
81
وفي كلمة للداعية االسالمي الدكتور محمد راتب النابلسي بشر باهمية الدعوة التركية التي اسماها بالدعوة الصادقة النها استطاعت ان تقنع الطرف االخر بالدين االسالمي وفلسفته في احلياة. وقال «املسلمون نائمون في ضوء الشمس في حني ان اعداءهم يعملون في الظالم كما ان الغرب كان حضارة رائعة لكنه تغير بعد 11ـ ايلول ليصبح قوة غاشمة» ،وبني ان االسالم في عصره الدعوي الذهبي ،مؤكدا ان العالم بحاجة الى االسالم». واشار الى ان معنى اجلهاد الذي يقفز الى الذهن هو القتال غير ان ثمة جهادا دعويا وجهاد النفس « ،واذا جنحنا في ذلك فاننا سننجح في اجلهاد القتالي» ،الفتا الى ان الغرب كان يجبرنا بالقوة املسلحة على ان نفعل ما يريد لكنه يجبرنا االن على ان نفعل ما يريد وما نريد. اجلل�سة االوىل : ناقشت اجللسة االولى التي ترأسها وزير االوقاف والشؤون واملقدسات االسالمية الدكتور عبد السالم العبادي العديد من اوراق العمل فقد قدم للدكتور نوزاد صواش من تركيا ورقة عمل حول (فتح الله كولن ...الشخصية والرؤية) ،وقدم الدكتور سليمان عشراتي من اجلزائر ورقة عمل بعنوان (معرفة التاريخ وإحداث النهضة من منظور فتح الله كولن) ،وقدم الدكتور سمير بودينار من املغرب ورقة عمل بعنوان (الرؤية التربوية عند فتح الله كولن ،وقدم الدكتور األحمدي أبو النور ـ وزير األوقاف السابق في جمهورية مصر العربية ورقة عمل بعنوان (الوسطية في فكر فتح الله كولن ) . وقد تناولت اوراق عمل هذه اجللسة تعريفا باالستاذ فتح الله كولن وجتربته منذ بدايتها ،من حيث رؤيته للعمل االسالمي ،وطبيعة شخصيته، ورؤية االستاذ كولن للتاريخ االسالمي واهمية النهوض بالفكر االسالمي، وق��د مت التركيز على جتربته التربوية ودعوته ال��ى اتباع املنهج الوسطي واالع��ت��دال ومحاربة الغلو وال��دع��وة ال��ى احل��وار مع االخ��ري��ن من منطلق ضرورة التعايش والتفاهم والدعوة الى التسامح لبناء مجتمع قوي قادر على مواجهة حتديات العصر . اجلل�سة الثانية : اما اجللسة الثانية والتي ترأسها معالي االستاذ فهد ابو العثم فقد ناقشت العديد من اوراق العمل على النحو التالي : كلمة الدكتور مأمون جرار ( منهج فتح الله كولن في قراءة السيرةالنبوية ) ,بدأ الدكتور مأمون جرار كلمته مؤكدا على ما ذكره فتح الله كولن في ان الرسول عليه السالم فخر للبشرية جمعاء وان أعظم الفالسفة واملفسرين والعباقرة يقفون أمامه خاشعني ،وان االضواء يجب ان تسلط على على شخصية النبي عليه السالم النه منقذ البشرية ،وشفاء االمة يكمن في سيرته العطرة . ثم بني الدكتور مأمون جرار ان منهج فتح الله كولن في تناوله للسيرة النبوية ،ليس االستعراض التاريخ لشخصية النبي بل تقدمي هذه الشخصية بكل جوانبها كقدوة ومنوذج يحتذى به ،فيجب ابراز ناحية الرسالة لسيدنا محمد عليه السالم .واكد على ابراز كولن الخالق النبي عليه السالم من صدق وامانه ورحمة وان هذه الصفات حولها نبي الرحمة الى منوذج ميشي على االرض . وذكر ان كولن يخاطب أهل عصرنا بلغة العصر ليوصل منوذج الرسالة النبوية الى الناس ،للوقوقف على خالصات تربوية نستفيد منها . وأك��د ان كولن يظهر اجلانب التربوي في سيرة النبي عليه السالم ، سواءفي عالقته مع زوجاته او بناته او املجتمع الذي حوله ،وان هذا اجلانب التربوي له ثمار جتلت في تعليم الناس وتزكيتهم .
82
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
ثم القى الدكتور محمد بن موسى بابا عمي كلمة بعنوان ( املراحلالسبع في حتويل املعرفة الى سلوك عند كولن ) اكد فيهاعلى ان الذي يثير في جتربة كولن هو كيف استطاع كولن ان يحول املعرفة الى سلوك وان يحول البحث الى حضارة ،وخلص الدكتور محمد بن موسى الى ان حتويل املعرفة الى حضارة وسلوك عند كولن مر بالعديد من املراحل منها معرفة حق املعرفة اي التعرف الى الله سبحانه وتعالى بالشكل احلق ،ومنها عدم الوقوف عند املعرفة النظرية بل يجب حتريك السلوك واجلوارح بعد املعرفة النظرية ،ونوه الى ان هذه املعرفة لو كانت صحيحة كان السلوك صحيحيا وانها اذا كانت فاسدة كان السلوك فاسدا . واك��د على ان��ه يجب ان تتوحد لغة العقل ولغة اللسان ولغة اجلوارح حتت الكلمة الطيبة والعمل الصالح ،وان بناء الذات يجب ان يتم قبل بناء احلضارة وهذا ما نادى به فتح الله كولن في جميع مؤلفاته ،وانه يجب ان يصبر االنسان الن هذه الدنيا دار صبر وحتمل فيجب حتدي الصعاب . ام��ا الدكتور موفق دعبول فقد اك��د في كلمته التي حملت عنوان(اولويات االصالح بني مدرسة كولن والتيارات االسالمية املعاصرة ) على ان االميان بفكر كولن دفع الكثيرين للتبرع باموالهم في سبيل هذا الفكر وان هذا واقع ملموس شاهده عند زيارته لتركيا . واكد ان اهم ما مييز كولن هو القدوة والعناية باجلانب التربوي لذلك عمد ابناء اخلدمة وهو املصطلح الذي يحب اتباع كولن ان يسموا انفسهم به الى انشاء املئات من املدارس واجلامعات في تركيا لنشر هذا الفكر. وتطرق الى اهتمام اتباع كولن باجلانب الصحي ،حيث امتثلوا كالم كولن بانهم مسؤولون عن ستة مليارات انسان ،وليس املسلمني او االتراك فحسب. وتطرق ايضا ال��ى جتربة بعض احل��رك��ات االسالمية التي حاولت ان تختصر الطريق للوصول الى غايتها ،فمنها من اهتم باجلانب السياسي (االسالم السياسي ) ،ومنها من تطرق بالعمل اخليري ( االسالم الشعبوي)، ومنها من تطرق الى اجلانب الفكري ( االسالم الفكري ) .لكن جتربة كولن اهتمت بجانب القدوة واخلدمة ولم تتطرق الى السياسة فهي ليست حركة سياسية . اجلل�سة اخلتامية ترأس االستاذ الدكتور محمود السرطاوي اجللسة اخلتامية للندوة والتي خصصت لبيان االنطباعات التي ترتبت على زي��ارة وف��د املنتدى العاملي للوسكية الى تركيا في الشهر املاضي حيث استعرض املشاركون في الوفد اهم ما ترسخ لديهم من انطباعات خالل هذه الزيارة ،متفقني على جناحها وقوتها ،وانه البد من اتخاذها منوذجا في البالد العربية واالسالمية ،مع مراعاة خصوصية كل بلد فحسن اختيار اسلوب تطبيق هذه التجربة من اهم عوامل جناح هذه اجلربة عند تطبيقها . وقد حضر الندوة جمهور يزيد عن (1000شخص ) ،ميثلون مختلف ق��ط��اع��ات املجتمع االردن����ي الرسمية والشعبية ،ب��االض��اف��ة ال��ى ممثلي السفارات االجنبية والعربية ،واجلالية التركية في االردن ،وقد غطت وسائل املختلفة هذه الندوة ،حيث قامت احملطات الفضائية بتسجيل هذه الندوة باالضافة الى محطات التلفزة التركية التي قامت بالبث املباشر لها وقد القت الندوة االعجاب من احلضور حيث ان عددا كبيرا من املثقفني ورجال االعمال ابدوا أعجابهم بالتجربة التركية وبافكار االستاذ فتح الله كولن . علما بان جلسات هذه الندوة بدأت من الساعة التاسعة ونصف صباحا ولغاية الساعة الثامنة مساءا ،وقد وزع على هامش الندوة عددا كبيرا من الكتيبات والنشرات ،واكواب الدعاية من قبل منظمي الندوة.
أخــبار الوسطية
ورشة عمل حول ترسيخ الفكر الوسطي في العالم اإلسالمي عقد املنتدى العاملي للوسطية ورش��ة عمل تدريبية حتت عنوان (ال� �ف� �ك ��ر ال ��وس� �ط ��ي ف���ي العالم االسالمي ) ،وذلك يومي السبت
• هدف الور�شة
واالح�� � ��د امل� ��واف � �ق� ��ان – 12/12 ، 2009/ 12/13مبشاركة علماء واك��ادمي �ي�ين م��ن مختلف الدول العربية واالسالمية .
• �شارك يف هذه الور�شة كل من :
اعداد القادة الوسطيني لنشر الفكر الوسطي في العاملني العربي واالسالمي
-9ال�شيخ خالد ال�صاحب
الور�شة :
� -1أ .منت�صر الزيات
مدير األوقاف واإلرشاد وكاتب ديني
- 1دور الوسطية ف��ي نهضة اليمن وتنميته
محامي وعضو املكتب الدائم للمنتدى العاملي للوسطية
- 10عبد الرحمن باعباد
ووحدته
رئيس مؤسسة االسعاد
الأ�ستاذ منت�صر الزيات
-2د .نوزاد �صوا�ش املشرف على مجلة حراء عضو املنتدى العاملي للوسطية -3د .حممد طالبي عضو املكتب الدائم للمنتدى العاملي للوسطية -4د� .شوقي القا�ضي عضو البرملان اليمني رئيس املنظمة الوطنية لتنمية املجتمع -5د .عبد الوهاب املعمري مساعد رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا رئيس جمعية الرعاية االجتماعية للتنمية -6د .حممد املحجري
- 11علي فرج جوبان مدرس برباط االسعاد للدراسات اإلسالمية -12د .ف�ؤاد البن�أ استاذ الفكر اإلسالمي السياسي بجامعة تعز ورئيس منتدى الفكر اإلسالمي بتعز - 13و�ضاح ح�سن عاطف
والواقعية الدكتور حممد طالبي -3ال�ت�ج��رب��ة ال�ت��رك�ي��ة ف��ي ال�ع�م��ل التنويري واإلصالحي
داعية إسالمي
الدكتور نوزاد �صوا�ش
-14ممدوح يلدرم
-4الوسطية مشروع األمة احلضاري
طالب الدراسات العليا في اجلامعة األردنية
الدكتور هايل داود
- 15داود احلدابي -16املهند�س مروان الفاعوري امني عام املنتدى العاملي للوسطية
ع� �م� �ي ��د ش�� � ��ؤون ال�� �ط�ل��اب ج ��ام� �ع ��ة ال� �ع� �ل ��وم والتكنولوجيا
-17د .حممد اخلطيب
-7د .ريا�ض الغيلي
أمني سر املنتدى العاملي للوسطية
أستاذ جامعي
-18د .هايل داوود
-8م .برهان الغيلي
عضو املنتدى العاملي للوسطية
مهندس املدير التنفيذي ملجموعة باراديس
-2مفاهيم الوسطية وجتلياتها احلضارية
• وقد قدمت اوراق العمل التالية خالل هذه
-5املنتدى العاملي الفكرة واملضمون املهند�س مروان الفاعوري -6آل �ي��ات ن�ش��ر ال�ف�ك��ر ال��وس�ط��ي ف��ي املجتمع اليمني وتأسيس املنتدى العاملي في اليمن الدكتور حممد اخلطيب وق���د ت�خ�ل��ل ه ��ذه ال ��ورش ��ة زي� ��ارة موقعة اليرموك ثم مجموعة من مقامات الصحابة
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
83
أخــبار الوسطية
وفد من املنتدى العاملي للوسطية يقوم بزيارة الى تركيا
قام وفد ميثل املنتدى العاملي للوسطية بزيارة الى اجلمهورية التركية في الفترة املمتدة من 2009/12/24-19م ،وذل���ك تلبية للدعوة املوجهة من اسرة مجلة حراء التركية ،وقد شارك بهذه الزيارة كل من : املهندس مروان الفاعوري.
الدكتور محمود السرطاوي. األستاذ منتصر الزيات.
الدكتور محمد طالبي.
الدكتور محمد اخلطيب. الدكتور محمد احلاج.
الدكتور أمجد قورشة.
الدكتور سليمان الدقور.
السيدة سوسن املومني. السيدة وفاء البيطار.
ت��ه��دف ه��ذه ال��زي��ارة إل��ى إط�ل�اع ال��وف��د على اجلهود التي بذلت من قبل تالميذ فتح الله كولن في خدمة اإلنسان أينما كان ،بعيداً عن السياسة والصراع السياسي ،لذا فقد ركز تالميذ فتح الله كولن على اخلدمة في سبيل هذه الغاية ولذلك أطلقوا على كافة اجلهود املبذولة (اخلدمة) وعلى من يقومون بها (أهل اخلدمة) وفي هذا داللة على الصفاء والتواضع والتي متت تربيتهم عليه. وقد قام الوفد بزيارة إلى كل من املؤسسات التالية:
م��س��ت��ش��ف��ى (س���م���ا) :ه���و م��س��ت��ش��ف��ى ي��ق��ع في أح��س��ن م��وق��ع ب��إس��ط��ن��ب��ول ،وه���و ب��اإلض��اف��ة إلى ذلك فإنه يعد من أفضل املستشفيات في تركيا، وه��و كذلك يتقاضى نصف األج��رة من املرضى، وهذا املستشفى واحدة من مجموعة مستشفيات موجودة في جميع أنحاء تركيا وتهدف إلى خدمة املواطن التركي مهما كان إنتماؤه أو إجتاهه. مدرسة الفاحت :وتعد من أحسن مدارس تركيا تربوياً وعلمياً ومنشئات ،ويرتادها الكثير من أبناء
84
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
امل��واط��ن�ين مهما ك��ان إجت��اه��ه��م وإن��ت��م��ائ��ه��م ،ولها ( )200فرع في جميع أنحاء تركيا. مدرسة الفتح :وهي مجموعة مدارس شبيهة باملجموعة السابقة. مدرسة (فم) :وهي مدرسة حتضيرية لدخول اجلامعات ،وهي من أرقى املدارس ،ولها أكثر من ( )200فرع في جميع أنحاء تركيا.
جامعة الفاحت :وهي من أفضل خمسة جامعات في تركيا وتضم سبعة كليات ،وتقوم على االنفتاح على كل فئات املجتمع ،وكذلك تضم الكثير من أبناء الدول األخرى سواء أكانت في أسيا أو أوروبا أو غيرها وفيها املسلم واملسيحي والهندوسي والبوذي.
م��ج��م��وع��ة (ك���وي���س���ي���دوم) :وه����ي مجموعة إقتصادية وجتارية تضم ( )15ألف تاجر وتهدف إلى تنمية إقتصاد تركيا عبر فتح أبواب األسواق اخلارجية للتاجر التركي ،ولذلك عمدت إلى إقامة معرض دول��ي دعت إليه أكثر من ألفي تاجر من جميع أنحاء العالم.
منظمة (كيمسيوك) :أي (هل من أحد) ،وهي منظمة إغاثة أقيمت أوالً في تركيا ،ولها أنشطة إغاثية في ( )51دولة أصابتها الكوارث واحلروب من غير متييز فقد أقامت في دول إسالمية ودول غير إسالمية الكثير م��ن عمليات اإلغ��اث��ة فيها وأقامت مدينة متكاملة في (دارف��ور) وكذلك لها أنشطة في أوغندا وفي بورما وغيرها من الدول، وأقامت في بيرو ( )352بيت جاهز ،وفي باكستان مخيمني ك��ب��ي��ري��ن ،وطلبنا أن ي��ق��وم��وا ب��ع��دد من املشاريع في األردن وخاصة في اجلنوب. وق����ف ال��ص��ح��ف��ي�ين وال���ك���ت���اب :وي��ض��م سبعة منتديات وهي:
أب��ن��ت :وينطلق م��ن فلسفة جمع جميع ألوان الطيف منتدى واحد (إسالمي /ليبرالي /قومي/ ماركسي) وذلك من أجل جمعهم على نقاط التقاء بعيداً عن نقاط اإلختالف. دا :وتعني (نعم) وهي تهتم بدول أسيا والبلقان، وعقدت ( )12مؤمتراً.
ك��دي��ب :وي��ه��دف إل��ى ح���وار األدي����ان م��ن أجل تعايش سلمي بني أبناء الديانات ،وق��د ق��ام فتح الله كولن باإللتقاء مبسيحي تركيا ،و َّ مت إنشاء هذا املنتدى لهذه الغاية. ميديلوج :وهو منتدى للصحافيني واإلعالميني ـ دون متييز في اإلجتاه ـ وهدفها جمع الصحافيني داخل تركيا وخارجها خلدمة اإلنسان في وسائل اإلعالم. منتدى الثقافة (ال��ف��ن) :وه��و منتدى للفنانني واملمثلني واملخرجني. منتدى املرأة :ويهدف إلى جمع النساء التركيات من جميع أل��وان الطيف في هذا املنتدى خلدمة املرأة. م��رك��ز ال���دراس���ات :ج��م��ع ال���دراس���ات وإقامة املؤمترات األكادميية. تلفزيون سما :ويضم سبعة محطات فضائية تهدف إل��ى نشر الثقافة وح��ب اإلنسانية في كل مكان ،ولها محطة تلفزيونية تبث من أمريكا باللغة اإلجنليزية. مؤسسة النشر والتوزيع :وتضم عشرات دور النشر ،وهذه الدور مختلفة األدوار ،فمنها للطفل أو للمرأة أو للعلوم ،أو للتربية ،أو منشورات باللغة العربية وهكذا؛ وهذه املؤسسة مفتوحة للمطالعة رج ً ال وذكوراً وأطفاالً. وقد كان لزيارة الوفد إلى هذه املؤسسات األثر الكبير في نفوس أعضائه جميعاً ،وذلك ملا وجدوه من إخالص متفاني في خدمة اإلنسان إينما كان من قبل أهل اخلدمة ،واعتبروا هذه الزيارة نقلة نوعية ف��ي حياتهم وأدت إل��ى تغيير الكثير من مفاهيمهم.
أخــبار الوسطية
ب����دء ف��ع��ال��ي��ات ورش ع��م��ل ح������وارات األن���دي���ة
ش���ارك رئ��ي��س منتدى الوسطية ف��ي محافظة ارب���د ي��وس��ف م��ل��ك��اوي ي��وم األح���د املوافق 2009/12/20في برنامج احل���وارات النادوية حتت عنوان “التعايش الديني اإلس�لام دين الوسطية واالعتدال” ،والذي نظم بالتعاون ما بني مديرية األندية والهيئات الشبابية في املجلس األعلى للشباب و مديرية شباب محافظة اربد ونادي يرموك الشونة الشمالية وتناول امللكاوي في ورقة العمل التي قدمها في اللقاء الذي حضره كل من مدير األندية الشبابية السيد محمد الصمادي ومدير شباب اربد طالل البطاينة والسيد وليد خريسات ومجموعة من الشباب الواعد من أبناء محافظة اربد والشونة الشمالية ،مفاهيم الوسطية ودورها في تعزيز مضامني الرسالة السمحة وتوضيح صورة اإلسالم احلنيف. وفي نهاية اللقاء الذي أقيم في مركز شابات الشونة الشمالية الساعة الثالثة عصرا ،مت عرض فيلم وثائقي بعنوان “الرهان اخلاسر” تناول نبذ الفكر التكفيري وخطر الفهم اخلاطيء لإلسالم احلنيف.
منت��دى وس��طية/اربد يحتف��ل بذك��رى الهج��رة النبوي��ة الش��ريفة
احتفاء بذكرى الهجرة النبوية الشريفة أقام منتدى الوسطية للفكر والثقافة فرع اربد يوم اخلميس املوافق 2009/12/17ندوة بعنوان “في ظل الهجرة النبوية”.
وحتدث في الندوة رئيس الفرع يوسف ملكاوي عن الدروس والعبر املستفادة من هذه الهجرة موضحا أهمية الوطن وحبه واجب وهو من اإلميان وركز على التوكل على الله واألخذ باألسباب وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ بجميع األسباب ثم التوكل على الله من أجل النجاح في هذه التجربة مؤكدا على أهمية األخذ باألسباب كما أشار إلى الدور الكبير للمسجد في حياة املسلم كما كان مهما في حياة الرسول محمد عليه الصالة والسالم والذي كان إنطالقا للجيوش ومركزا للقضاء ومكانا للعلم والعلماء . وأشار الشيخ إدريس املقدادي إلى دور عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه وهو يجمع األخبار للنبي صلى الله عليه وسلم ويأتي بها كما أشار إلى دور الراعي الذي كان يطمس األثر حتى ال يستطيع املشركون أن يعرفوا أين ذهب النبي صلى الله عليه وسلم . وحضر الندوة والتي أدارتها رئيسة اللجنة النسائية في املنتدى عواطف الشوبكي عدد من الفعاليات املختلفة وأعضاء املنتدى.
ديوان الوقف السني في العراق يطبع عشرة كتب من اصدارات املنتدى العاملي قام ديوان الوقف السني في العراق وبالتنسيق مع املنتدى العاملي للوسطية بطباعة عشرة كتب من اصدارات املنتدى العاملي للوسطية ،التي تدعو الى الفكر الوسطي ،وذلك إسهاما من ديوان الوقف السني في نشر الفكر الوسطي لالسالم في جمهورية العراق .
عناوين الكتبالوسطية في البناء االجتماعي – د .عبد احلليم عويس التطرف ورفض اآلخر – د .سهير عبد العزيز وسائل معاجلة االرهاب -د .محمد القضاة -د .هايل داوود
عوائق حقيقية ووهمية في في طريق النهوض – د .نبيل شبيب الوسطية في االسالم – د .عبد العزيز اخلياط الوسطية السياسية – د .محمد العوا
التطرف والغلو واالرهاب -د ,.بسام الصباغ
ادب اخلالف في املنظور االسالمي – د .محمد مطني
العالقة مع االخر في ضوء الوسطية – د .مرمي آيات
دور املسجد في تفعيل الوسطية – د .محمد مطني
السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
85
بيـانـات المنتدى بيان من املنتدى العاملي للو�سطية
ب�ش�أن تفجريات ال�صومال
بيان �صادر عن املنتدى العاملي للو�سطية
حول الإعتداء على امل�سجدالأق�صى
احلمد لله والصالة والسالم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وااله وبعد: تشهد مدينة القدس واحلرم القدسي واملسجد األقصى املبارك ف��ي ه��ذه األي���ام محنة عصيبة تتمثل ف��ي اقتحام ق��وات االحتالل اإلسرائيلي احلرم القدسي واملسجد األقصى باإلضافة إلى عمليات تهويد املدينة وتهجير أهلها وهدم منازلهم ،وهذه األعمال الوحشية التي تطال هذه األماكن املقدسة تكشف للعالم وجه هذا االحتالل احلقيقي ال��ذي يرمي إلى السيطرة على القدس وطمس مالمحها الدينية وتهويدها ،وهو عمل إجرامي ترفضه كل الشرائع واألعراف الدولية.
إن املتتبع ملا يجري في العاملني العربي واإلسالمي من أعمال إجرامية إرهابية يعتصره اآللم وهو يرى األعمال العبثية العاجزة التي تستهدف األبرياء والتي تدل على أن هدفها هو إبقاء هذه املنطقة بعيدة عن األمن واإلستقرار والتنمية والتطور. ولعل التفجير األخير في الصومال يؤكد ذلك ،فهذا البلد منذ ما يقارب العشرين عاماً وهو يتعرض إلى عملية تدمير املدمر وتفتيت املفتت من قبل قوى الظالم واإلرهاب والتأمر، وكلما هدأ األمر وبدأ األمن واإلستقرار تظهر األيدي اخلفية التي تقتل وتدمر وتسفك الدماء البريئة. إن املنتدى العاملي للوسطية يرى في أن هدف هذه األعمال اإلجرامية مراده مزيداً من فرقة الصوماليني ومزيداً من قتل األبرياء وسفك دمائهم ،لذا فإن املنتدى العاملي للوسطية يدعو األخوة الصوماليني إلى الوحدة واإلئتالف ليفوتوا الفرصة على األي��دي اخلفية التي تريد دم��ار الصومال ،كما يدعو املنتدى العاملي للوسطية جامعة ال��دول العربية إل��ى أخ��ذ دور فعال وإيجابي في الصومال بجمع جميع الفرقاء على مائدة واحدة ليعود الصومال إلى أمنه وإستقراره في إطار التوافق الوطني ولغة احلوار. ِب َعلَى أَ ْم��رِ ِه َولَكِ َّن حمى الله أمتنا من كل كيد { َواللَّ ُه َغال ٌ َّاس لاَ يَ ْعل َ ُمونَ} أَ ْكثَ َر الن ِ 86
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة
إننا ف��ي املنتدى العاملي للوسطية نشجب ون��دي��ن ونستنكر ما اقترفته تلك ال��ق��وات واجل��م��اع��ات م��ن م��ح��اوالت لتدنيس املسجد واحل��رم القدسي ،ونحذر من مغبة تلك األع��م��ال التي تعد مبثابة بالونات اختبار لقياس مدى جاهزية العالم اإلسالمي لتقبل صدمات املس بقدسية املدينة املقدسة ،واعتبار أية حوادث تقع فيها هي في سياق التغيرات اجلغرافية والسكانية أو االنهيارات الناجمة عن أعمال مدنية. ونحن في املنتدى العاملي للوسطية نشد على أيدي أهلنا وإخواننا املرابطني الصامدين في وجه هذا العدوان الغاشم على تلك املقدسات التي هي جزء من عقيدة كل مسلم ،وندعو الدول العربية واإلسالمية ودول العالم احلر إلى الوقوف إلى جانب أهلنا في القدس ،وحتمل املسؤولية في ردع هذا العدوان الغاشم والضغط بكل قوة للحفاظ على تلك املدينة ومقدساتها ورموزها الدينية املرتبطة بكل مسلم. إن ما تقترفه قوات االحتالل اإلسرائيلي من أعمال لن يثني عزمية الشعب الفلسطيني عن الدفاع عن مقدساته ولن يزيد في ميزان هذا االحتالل الظالم إال مزيداً من الكراهية والعدوانية ،ولن يجر على تلك املنطقة إال مزيداً من الويالت واحلروب ،وإننا لنؤكد وقوفنا إلى جانب إخواننا في القدس ولن نتوانى عن مد يد العون واملساعدة ل���ه���م لتجاوز ت��ل��ك احملنة، واحل��������ف��������اظ ع��ل��ى قدسية ال�����������ق�����������دس وامل������س������ج������د األق��ص��ى بكل الوسائل.
بيـانـات المنتدى بيان من املنتدى العاملي للو�سطية
اجلرح النازف يف الأمة تدمير هنا انفجار هناك أشالء أبرياء أطفال نساء دماء بريئة نشكو إلى الله ظلم القتلة واجلالدين ...في كل شبر من أراضي العرب النار تسري واللظى واللهب ...دوامات العنف والتطرف تضرب كل يوم عاصمة من عواصمنا تقض مضاجع األمنني... من طنجة وحتى جاكراتا ويصدق فينا قوله تعالى{ :يُخْ رِ بُو َن بُيُوتَ ُه ْم ِب َأيْدِ يهِ ْم} الهذا احلد وصل العمى ووصل احلقد على الذات وعلى األمة.
أن نقتل أبنائنا ونخرب بيوتنا وندمر ممتلكاتنا ونهدر مقدرات أمتنا .لقد أختلطت األوراق وت��زاح��م��ت الفنت ولعبت األيدي الغادرة طائفية وسياسه ومذهبيه في جسد األم��ة في العراق وأفغانستان والباكستان والصومال واجلزائر ....ولقد آن األوان أن يتدارك العقالء األمر قبل فوات األوان وقبل أن تدركهم نار اص ًة َوا ْعل َ ُموا الفتنةَ } ،وا َّتقُوا فِ تْنَ ًة لاَ ت ُِص نَ َّ يب ا َّلذِ ي َن َظل َ ُموا مِ نْ ُك ْم َخ َّ اب} .أن املنتدى العاملي للوسطية بعقالئه أَ َّن اللَّ َه َشدِ ي ُد الْعِ َق ِ وعلمائه بقادته ومفكريه وكحاله دائماً يؤكد على رفض وإدانة كل هذا املنهج العاجز ال��ذي يدمر ويخرب ويفجر ويدعو دول العالم العربي واإلسالمي إلى الوقوف في وجه من يحاول تسويق اإلرهاب أو أسلمته ومن يدعم هؤالء الغارقني في كهوف الظالم القائمني على تشويه أنقى ص��ورة رسمتها يد الله للعالقة بني املسلمني وبني بني البشر كإطار للتعايش وعمارة األرض .وإننا في املنتدى العاملي للوسطية نشجب وندين بشدة تلك األعمال التي ال يقرها أي دين أو تشريع ،وحاربها اإلسالم بحفاظه على النفس البشرية ودعوته إلى التسامح ونبذ العنف كما تؤكد ذلك سيرة نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم -وأصحابه األخيار ،وفي قوله (كل املسلم على املسلم حرام ،دمه وماله وعرضه) ،وقوله تعالىَ { :م ْن َقتَ َل نَف ًْسا ِب َغيْرِ نَف ٍْس أَ ْو َف َس ٍاد فِ ي الأْ َ ْر ِض َف َك َأنمَّ َ ا َقتَ َل َّاس َجمِ ي ًعا} وإننا في املنتدى العاملي للوسطية نوجه الدعوة الن َ إلى تلك اجلماعات للعودة إلى طريق احلق واإلنسانية ،وحقن دماء األبرياء الذين ليس لهم ذنب في كل ما جرى أو ما يجري من أح��داث على الساحة العراقية والدولية .ختاماً نقول أن التفجيرات األخيرة التي هزت العاصمة العراقية بغداد وتكررت م���رات وم����رات ،وط��ال��ت أرواح األب��ري��اء م��ن األط��ف��ال والنساء والشيوخ ،والتي نفذتها مجموعات ال متت إلى اإلسالم بصلة وال إلى روح مقاومة احملتل باتخاذها من الدم العراقي وسيلة لذلك، وراح ضحيتها اآلالف من أبناء الشعب العراقي الذي يعاني وطأة اإلحتالل واحل��روب على مر عقود من الزمان هي أعمال متثل إنتهاكاً لكل قيم اإلنسانية والعدالة واملرؤه والدين. ندعو الله تعالى أن يخرج أمتنا مما هي فيه من ضيق وكد والله يتوالنا بفضله وكرمه. والسالم عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
منتدى الو�سطية العاملي
يدين القرار ال�سوي�سري ويعمل لإبطاله ال امل����آذن وال األهلة فوقها شعائر إسالمية ول��ك��ن��ه��ا ص����ارت ثقافيا رم�����وزا إس�لام��ي��ة .كثير من غير املسلمني وحتى مسلمي املولد ال اإلميان يعتبرونها مظاهر إلبراز ال��ش��خ��ص��ي��ة اإلسالمية ولذلك يكرهونها. م��ا عبر عنه الشعب السويسري نتيجة استفتائه حول حظر بناء املساجد الذي أجري ف��ي نوفمبر املنصرم وذل���ك مبوافقة %57.5م��ن الناخبني على الدعوة حلظر بناء مآذن جديدة ،هو نتيجة منطقية ألبلسة اإلسالم في أوربا .أبلسة اتخذت أشكاال عديدة أهمها أنه دين ال عقالني متعصب يضطهد املرأة ويدعم اإلرهاب. إن علينا معشر املسلمني أن نعطي هذا األم��ر أهمية بالغةمن حيث إدراك معانيه وما ينبغي علينا عمله إلبطالها والعمل على إلغائه بالوسائل املتاحة. إنه إجراء يتناقض مع حقوق اإلنسان وحرية األديان ،واملساواةفي املواطنة .وينبغي مخاطبة اآلليات الدولية ،واألوربية ،املعنية لتأييد موقفنا: هنالك قوى سويسرية على رأسها احلكومة وأحزاب سويسريةومنظمات مجتمع مدني ينبغي االستعانة بها في هذا املجال. وهنالك مجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم املتحدة وينبغيأن تخاطبه الدول اإلسالمية للوقوف إلى جانب حرية العقيدة في سويسرا. وهنالك احملكمة األوربية حلقوق اإلنسان املطلوب مخاطبتهاإلصدار حكمها في املوضوع. وهنالك املؤسسات العديدة املعنية باحلرية الدينية واألخرىاملعنية بالتعايش السلمي بني األديان وهذه تخاطب التخاذ موقف صريح ضد هذا اإلجراء. وآخ��ر ال��دواء الكي إذ ينبغي أن ي��درك السويسريون أن لهممصالح في التعايش مع املسلمني نوضحها ونوضح أن استمرارها وفيه مصلحة مشتركة -له استحقاقات أهمها االحترام املتبادلوإال قوضها الظلم. املنتدى العاملي للوسطية إذ يدين هذا اإلج��راء ويعمل علىإبطاله يرى ضرورة اتخاذ اخلطوات اآلتية: الدعوة ملنبر إسالمي جامع لبحث قضية اإلسالم واملسلمني فيالغرب – أمريكا وأوربا -والنهج املطلوب اتخاذه انتصارا لإلسالم وحماية للمسلمني املواطنني في الدول الغربية واملهاجرين إليها. ترتيب ح��وار مع األط��راف املعنية بهدف إب��رام معاهدة تبنيحقوق وواجبات املسلمني في البلدان الغربية. مخاطبة األمم املتحدة لضم ه��ذه املعاهدة ملعاهدات بناءالنظام الدولي احلديث. املطالبة باستخدام الودائع العربية وعائدات البترول الضخمةفي البنوك السويسرية ملناصرة قضايا األمة. السنة الثالثة :العدد األول -محرم ١٤٣١هـ /كانون ثاني ٢٠١٠م
87
ق�سيمة ا�شرتاك �سنوية البلد
اال�سم /امل�ؤ�س�سة
الهاتف
املدينة االمييل كيفية الدفع نقدا
�شيك
حوالة بنكية
قيمة اال�شرتام ال�سنوي ( 60دينار ) اردين الأردن -عمان � -شارع اجلمعية العلمية امللكية – تلفون - 5356329فاك�س +962 – 6 – 5356349 �ص ب 2149رمز بريدي 11941 P.O.BOX : 2149 AMMAN – 11941 – JORDAN TEL 536329-FAX 5356349-6-962 + Email: mod.inter@yahoo.com info@wasatyea.org moderation_assembly@yahoo.com Website: www.wasatyea.org
قواعـد و�شـروط الن�شـر يف جملة الو�سطية يس ّر أسرة حترير مجلة الوسطية والتي تصدر عن املنتدى العاملي للوسطية أن تستقبل مساهمات أصحاب القلم من ال ُكتَّاب واملثقفني والباحثني في أقسام الفكر اإلسالمي والعلوم اإلنسانية واالجتماعية والسياسية والفكرية والتربوية ،واملوضوعات ذات الصلة باملشروع احلضاري اإلسالمي الراهن ،وكل ما له صلة بقضايا وشؤون الساحة الثقافية اإلسالمية املعاصرة على وجه العموم.. وترى أسرة التحرير أن تكون املواد املرسلة وفق الشروط التالية: أن تراعى في املادة املرسلة القواعد املتعارفة في البحث العلمي من نواحي توثيق املصادر واملراجع والنصوص ،واملوضوعية واملنهجية في الكتابة ،واالبتعاد عن األسلوب اخلطابي. تؤكد املجلة على االلتزام بالبحث املوضوعي احلر والهادئ ،البعيد عن كل أشكال التهجم أو املساس بالشخصيات. ضرورة وضوح لغة البحث وجتنب اتباع األسلوب املعقد واملصطلحات الغامضة وااللتزام بعمق املعنى ،مع مراعاة اجلوانب األدبية واجلمالية في الكتابة. تقترح املجلة أن تدور الكتابات والبحوث حول احملاور التالية: دراسات إسالمية ،الوسطية واالعتدال ،التطرف واالرهاب ،العنف والالعنف ،احترام الرأي اآلخر ،حقوق اإلنسان ،العوملة، الفكر والفكر اإلسالمي ،اإلعالم في اإلسالم ،علوم قرآنية ،اإلسالم والسياسة....... الآراء الواردة يف املجلة متثل وجهة نظر �أ�صحابها ،وال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي هيئة التحرير. تر�سل الأعمال �إىل رئي�س حترير املجلة على عنوان املجلة. ترحب املجلة مبساهمات ومشاركات األخوة الكتاب والعلماء واملفكرين. ما ينشر في هذا العدد يعبر عن آراء الكتّاب أنفسهم وال يعكس بالضرورة آراء هيئة التحرير أو سياسة املنتدى. تصدر مبوجب املادة السادسة من النظام األساسي للمنتدى العاملي للوسطية.
88
إسالمية -وسطية -فصلية -مستقلة