64-مجلة-الدفاع / Journal of Defense n°64 / Journal de Défense n°64

Page 1



‫‪64‬‬

‫‪vvv‬‬

‫الرائد محمد زكري‬

‫‪vvv‬‬

‫‪vvv‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫تهنئة مبناسبة عيد اجليش‪..........................................‬‬ ‫كلمة الدفاع‪.............................................................‬‬ ‫"يحبون البالد كما ال يحب البالد أحد‪........................."...‬‬ ‫و هل هناك أسمى من حب الوطن ؟‪..................................‬‬ ‫زيارات ميدانية للصحافيني‪.............................................‬‬ ‫دورة استثنائية لرؤساء التحريرمبعهد الدفاع‪...................................‬‬ ‫هبة عسكرية أمريكية لتدعيم قدرات جيشنا الوطني‪..........‬‬ ‫املقاومـة املسلحـة التونسيـة ضـد االستعمـار الفرنسـي‪......‬‬ ‫النواة األولى للجيش الوطني‪....................................‬‬ ‫وزارة الدفاع الوطني تعاضد مجهود الدولة في مجال التشغيل‪.‬‬ ‫قصيدة حماة الوطن‪...................................................‬‬ ‫مؤسسو جيش البحر القدامى في ضيافة اجليل اجلديد ‪......‬‬ ‫الفصول املتعلقة باجليش الوطني في الدستور اجلديد‪.......‬‬ ‫إدارة التوثيق واألرشيف‪................................................‬‬ ‫احلماية القانونية ألفراد حفظ ّ‬ ‫السالم‪...............................‬‬ ‫دور األبحاث العسكرية في التطور التقني‪......................‬‬ ‫إستراجتية التقرب غير املباشر‪......................................‬‬ ‫التفاعل بني التحليل العملياتي ونظام احملاكاة‪................‬‬ ‫قصيد في رحاب العلم‪...............................................‬‬ ‫شبكات التواصل االجتماعي داخل اإلستراجتية األمنية‪.....‬‬ ‫الطباعة ثالثية األبعاد الثورة الصناعية الثالثة‪................‬‬ ‫عسكريون من القرن التاسع عشر‪................................‬‬ ‫أبراج مدينة تونس خالل العهد العثماني ودورها الدفاعي‪...‬‬ ‫املقابر العسكرية شواهد للمحافظة على ذاكرة ‪......‬‬ ‫جناعة املركز العسكري للتعليم واحملاكاة لتقنيات التخدير‬ ‫منهجية حترير املقال الطبي ‪.......................................‬‬ ‫سباق نصف املاراطون العسكري‪..................................‬‬ ‫دورة األلعاب األوملبية العسكرية السادسة بكوريا‪............‬‬ ‫سحر الصحراء‪..........................................................‬‬ ‫جديد تعاونية اجليش الوطني‪.......................................‬‬ ‫مسابقات في الرسم والشعر ‪........................................‬‬ ‫ثقافة و ترفيه‪...............................................................‬‬

‫ان ما يرد باملقاالت املنشورة ال يعبر عن موقف‬ ‫وزارة الدفاع الوطني‪ ،‬بل هي ملزمة الصحابها‬

‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪108‬‬ ‫‪116‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪122‬‬ ‫‪126‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪131‬‬ ‫‪140‬‬


‫تهنئـة‬ ‫بمناسبة الذكرى الستيــن‬ ‫النبعاث الجيش الوطني يتقدم‬ ‫القائمون على‬

‫مجلة الدفاع‬ ‫بأسمى عبارات التقدير واالمتنان‬ ‫وأحر التهاني وأطيب التمنيات‬ ‫إلى أسرة وزارة الدفاع‬


‫كلمة الدفاع‬ ‫تمر اليوم ستون سنة على ذكرى انبعاث الجيش الوطني الموافق ليوم ‪ 24‬جوان من كل‬ ‫سنة‪ .‬وقد حرصت دولة االستقالل منذ سنة ‪ 1956‬على تنمية قدراته الدفاعية وتطوير هياكله‬ ‫ومؤسساته التكوينية‪ ،‬واالضطالع بمهام الدفاع عن حرمة الوطن‪ ،‬وسالمة ترابه‪ ،‬وصون نظامه‬ ‫الجمهوري وحماية مؤسساته‪ ،‬والمساهمة في معاضدة مجهود الدولة في مجال التنمية‪،‬‬ ‫والتدخل في عمليات اإلغاثة واإلنقاذ‪ ،‬والمشاركة في حفظ وإحالل السالم في العالم‪.‬‬ ‫التحوالت‬ ‫وقد شهدت المؤسسة العسكرية غداة الثورة قفزة نوعية على أكثر من صعيد‪ ،‬بحكم ّ‬ ‫متمسكة بثوابتها ومبادئها‪ ،‬وعقيدتها‪ ،‬ما جعلها‬ ‫الحاصلة في البالد وفي المنطقة‪ .‬كما ظلت‬ ‫ّ‬ ‫دوما في مقدمة القوى الوطنية الحية‪ ،‬لتجاوز المحن واألزمات‪ ،‬والمساهمة في توفير عوامل‬ ‫االنتقال الديمقراطي‪ ،‬واالنتصار لقيم الجمهورية‪ ،‬والدولة المدنية‪ ،‬وفي مكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫نشأ الجيش الوطني وتطور‪ ،‬مثله مثل بقية جيوش العالم‪ ،‬على خوض حروب تقليدية للدفاع‬ ‫عن الوطن‪ .‬ومع بروز ظاهرة اإلرهاب‪ ،‬بات من الضروري أن تتغير أساليب القتال‪ ،‬وكذلك الوسائل‬ ‫والمعدات المتالئمة مع هذا النوع من التهديد الجديد‪.‬‬ ‫وفي هذا المجال‪ ،‬وضعت وزارة الدفاع الوطني مخططا قائما على مراحل‪ ،‬القتناء تجهيزات‬ ‫عسكرية تتالءم وطبيعة هذه التهديدات‪ ،‬لتطوير القدرات العملياتية ألفراد قواتنا المسلحة‪ .‬فقد‬ ‫تم توفير تجهيزات الحماية الفردية للمقاتل‪ ،‬من صدريات‪ ،‬وخوذات مضادة للرصاص‪ ،‬وتجهيزات‬ ‫إزالة وتفكيك األلغام‪ ،‬وأحذية وبدالت للوقاية من االلغام‪ ،‬ووسائل رؤية بالليل‪ ،‬وعربات قتال‬ ‫مصفحة ضد األلغام‪ ،‬وحقائب خاصة لإلسعاف الطبي للعسكريين على الميدان‪ .‬كما تم تكوين‬ ‫قوات خاصة مجهزة ومسلحة مما جعلها على أهبة للتدخل بحرفية وسرعة وبالدقة المطلوبة‬ ‫كلما دعت الحاجة لذلك‪.‬‬ ‫يتدعم أسطوله الجوي بتجهيزات جديدة‬ ‫ولتعزيز القدرات العملياتية لجيش الطيران‪ ،‬ما فتئ ّ‬ ‫آخرها طائرات خفيفة للمراقبة واالستطالع‪ ،‬وطائرات إسناد وطائرات مقاتلة‪.‬‬ ‫ولتطوير قدرات جيش البحر‪ ،‬لمجابهة آفة الهجرة غير الشرعية عبر البحر‪ ،‬ولحماية الشريط الساحلي‬ ‫ومراقبة مياهنا اإلقليمية‪ ،‬تم تدعيم وحداته بزوارق سريعة من مختلف األحجام‪ ،‬وبقطعة بحرية‬ ‫عائمة «الجوالة إستقالل»‪ .‬وقد تم صنعها بخبرات‪ ،‬وكفاءات عسكرية‪ ،‬ومدنية تونسية‪ .‬وهي‬ ‫أيضا أول تجربة في الصناعة البحرية العسكرية في تونس‪ ،‬وستتلوها صناعة قطع أخرى أكبر‬ ‫يمكن جيشنا الوطني من اكتساب استقاللية في االقتناءات من هذا‬ ‫حجما‪ ،‬وجرارات بحرية‪ ،‬بما ّ‬ ‫الصنف من المعدات‪ ،‬وتدعيم سيادة بالدنا والمحافظة على مدخراتنا من العملة الصعبة‪.‬‬ ‫وسيتواصل دعم الجيش الوطني بمزيد تنظيمه‪ ،‬وتحسين ظروف عيش األفراد بالمنشآت‬ ‫العسكرية‪ ،‬وتطوير قدراته باقتناء المعدات‪ ،‬والتجهيزات‪ ،‬باالعتماد أساسا على ميزانية الدولة‪،‬‬ ‫وفي إطار التعاون الدولي مع بعض الدول الشقيقة‪ ،‬والصديقة‪ ،‬وخاصة في ميادين التكوين‬ ‫والتدريب‪ ،‬والتر ّبصات‪ ،‬واالستعالم‪ ،‬وهي مجاالت من شأنها أن تساهم في تطوير القدرات‬ ‫العملياتية وجاهزية القوات المسلحة‪ ،‬لضمان النجاعة والسرعة في التدخل‪.‬‬ ‫ولئن يعتبر الحل األمني والعسكري في هذه المرحلة ضروريا للقضاء على اإلرهاب‪ ،‬إال أن الحل‬ ‫الجذري لهذه اآلفة يكمن في انتهاج مقاربة شاملة تقوم على األبعاد االقتصادية واالجتماعية‬ ‫يرسخ ويك ّرس قيم الوسطية واالعتدال والحوار‬ ‫والثقافية والتربوية‪ ،‬وعلى إرساء خطاب ديني ّ‬ ‫واالنفتاح‪.‬‬ ‫وزير الدفاع الوطني‬ ‫فرحات الحرشاني‬


‫“ يحبون البالد‬ ‫كما ال يحب‬ ‫البالد أحد ‪“ ...‬‬ ‫الرائد محمد زكري‬

‫منتشرون في كل مكان في عمق الصحراء والشمس قاب قوسني أو أدنى‪.‬‬ ‫هم جنودنا البواسل لم تثنهم حرارة الشمس وال املناخ الصحراوي من‬ ‫الوقوف سدا منيعا أمام أي حترك مشبوه أو خطر داهم ميكن أن يهدد سالمة‬ ‫الوطن‪ .‬عسكريون برتب مختلفة ولكن بعقيدة واحدة متمركزون في كل‬ ‫مكان ومبعنويات عالية زادهم سالح وخيمة صغيرة ليس لهم من دونها سترا‬ ‫همهم الوحيد حماية الوطن وال شيء غير ذلك‪.‬‬ ‫رحلة شيقة وشاقة حملتنا إلى‬ ‫احلدود التونسية الليبية مقر الفوج‬ ‫‪ 33‬استطالع‪ ،‬خيمة كبيرة نصبت‬ ‫الصحراء‬ ‫حتاصرها‬ ‫الستقبالنا‬ ‫الشاسعة‪ .‬اجتهنا نحو سبخة “البريقة”‬ ‫لم تعترضنا سوى الفتة حمراء كتب‬ ‫عليها “منطقة عسكرية عازلة”‪ .‬أرض‬ ‫منبسطة شاسعة ال شجر وال حجر‬ ‫وميكنكم تخيل درجات احلرارة التي‬ ‫الدفاع‬ ‫‪6‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫تتجاوز األربعني وعلى الرغم من ذلك‬ ‫هم مرابطون يعملون بكل جد بينما‬ ‫أخذ منا التعب مأخذه‪.‬‬ ‫وقفنا على بعد أربعة كيلومترات‬ ‫من احلدود الليبية نراقب مترينا عسكريا‬ ‫يجسد اعتراض سيارة حتاول اجتياز‬ ‫احلدود خلسة‪ .‬حماس كبير وقدرة فائقة‬ ‫وسرعة في التدخل والتعامل مع كل ما‬ ‫يهدد سالمة البالد‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫ركبنا السيارات في اجتاه معبر رأس جدير‬ ‫كانت احلركة عادية في املعبر سيارات حتمل‬ ‫لوحات منجمية ليبية رابضة هنا وهناك‬ ‫تخضع للتفتيش من قبل القوة املشتركة‬ ‫املتمركزة على عني املكان‪ ،‬فأمام تنامي اخلطر‬ ‫اإلرهابي تعمل جل الوحدات احلاملة للسالح‬ ‫بتنسيق محكم فيما بينها لتأمني النقاط‬ ‫احلساسة وتنفيذ دوريات برية وبحرية وتركيز‬ ‫نقاط مراقبة وتفتيش مشتركة‪.‬‬ ‫ولتجاوز كل االخالالت امليدانية وتطوير‬ ‫التواصل بني القيادات جتتمع القوة املشتركة‬ ‫بصفة دورية إليجاد حلول للعراقيل املعترضة‬ ‫وحتسني ظروف العمل واالرتقاء مبردودية‬ ‫أفرادها‪.‬‬ ‫اجتهنا بعد ذلك إلى الساتر الترابي من‬ ‫جهة البحر املمتد على طول حدودنا الشرقية‬

‫مع ليبيا والرابط بني رأس جدير ومنطقة‬ ‫سيدي التواتي على طول ‪ 50‬كلم وقد اثبت‬ ‫هذا الساتر جناعته من خالل سهولة التصدي‬ ‫لعمليات التهريب وتضاعف نسبة البضائع‬ ‫احملجوزة منذ إنشائه وسيتدعم في األيام‬ ‫القليلة القادمة مبنظومة مراقبة الكترونية‬ ‫بالتعاون مع الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫وأملانيا مما سيزيد من فعاليته في رصد كل‬ ‫حترك مشبوه‪.‬‬ ‫اجتهنا بسرعة نحو اخليمة الكبيرة وأملنا‬ ‫أن جند ماء باردا يروي ظمأنا‪ .‬أسئلة كثيرة‬ ‫راودتنا طوال الرحلة كيف يقضون ساعات‬ ‫راحتهم القليلة؟ كيف يتحملون يومهم بني‬ ‫حر السماء واألرض؟ كيف يواجهون قساوة‬ ‫الشتاء وغضب الطبيعة؟‪.‬‬ ‫أسئلة صورت لنا حجم اجملهود الذي تبذله‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪7‬‬


‫قواتنا املسلحة ولعل محاولة اإلجابة عنها رملية لعلها تعبث باملكان وتقتلع أعمدة‬ ‫جتعلك تنحني إجالال وإكبارا ألناس أحبو اخليام لكنها حتما لن تقدر على إخفاء‬ ‫اثر أقدام قواتنا الذين يجوبون ويحرسون‬ ‫البالد كما ال يحب البالد احد‪.‬‬ ‫غادرنا الصحراء والسماء تنبئ بعاصفة املكان‬

‫الدفاع‬ ‫‪8‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫و هل هناك أسمى من حب الوطن ؟‬

‫املالزم أول سارة بن الشاذلي‬

‫“منوت منوت ويحيا الوطن”عقيدة جيشنا الوطني وعقيدة كل عسكري‬ ‫تلحف بتراب الوطن يحمل السماء في قلبه والراية بني ذراعيه ترفرف في أعلى‬ ‫نقطة في تونس‪ ،‬جبل الشعانبي فصار مبثابة الرعد املدوي‪ ،‬كابوسا لكل من‬ ‫سولت له نفسه بان ينتهك تراب تونس ولكل من لفظهم الزمن والتاريخ‪.‬‬ ‫حطينا الرحال في جبل‬ ‫الشعانبي‪ ،‬مازال شامخا‬ ‫كالعادة يرتدي حلافا من‬ ‫الصنوبر وتفوح منه رائحة‬ ‫اإلكليل والزعتر‪ ،‬يروي‬ ‫قصة حتد‪ ،‬أبطالها جنودنا‬ ‫املتمركزون في كل شبر من‬ ‫هذا اجلبل العظيم‪.‬‬ ‫أينما لوحت ببصرك‬ ‫بني هامات الصنوبر هنا‬ ‫وهناك تشاهدهم متربصون‬ ‫متمركزون ال مينعهم من أداء‬ ‫واجبهم ال برد وال حر يدافعون‬

‫عن كل شبر من البالد‪.‬‬ ‫عقيدتهم‬ ‫عسكريون‬ ‫الوفاء للوطن وهل هناك‬ ‫أسمى من حب الوطن؟‬ ‫اتبعنا جميع التوصيات‬ ‫وأخذنا جميع التحوطات‬ ‫األمنية وصعدنا “الكربي” في‬ ‫اجتاه اجلبل الذي يستلهمنا‬ ‫الفضول لفك ألغازه والتعرف‬ ‫على أسراره اخلفية‪.‬‬ ‫تلمح من البلور شجرات‬ ‫الصنوبر متراصة ومتجانسة‬ ‫وكأنها تعاضد جهود جيشنا‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الوطني في فرض النظام‪.‬‬ ‫طريق معبدة على طول‬ ‫‪ 8‬كلم إلى حدود محطة‬ ‫اإلرسال في قمة اجلبل‬ ‫تنسيك للحظة انك في‬ ‫جبل تكسوه الغابات لكنها‬ ‫ال تنسيك حجم العمل اجلبار‬ ‫الجناز هذا املسلك‪.‬‬ ‫وقفنا نتابع عملية‬ ‫عسكرية هي مبثابة اخلبز‬ ‫اليومي لوحدات جيشنا التي‬ ‫برهنت على اجلاهز ّية الكبيرة‬ ‫وسرعة التعامل مع اخلطر‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪9‬‬


‫والتنسيق احملكم وإتباع‬ ‫تعليمات آمر العنصر بكل‬ ‫دقة فال مجال هنا للتهاون أو‬ ‫اخلطأ‪.‬‬ ‫قصة نضال كبيرة بعيدة‬ ‫عن عدسات الكميروات‬ ‫وأحاديث املقاهي‪ ،‬نضال‬ ‫محفوف باخملاطر ولكن لم‬ ‫تثن جنودنا من الوقوف سدا‬ ‫منيعا أمام كل ما يهدد‬ ‫سالمة الوطن‪.‬‬ ‫لذلك فان الوحدات‬ ‫املرابطة في جبل الشعانبي‬ ‫انخرطت في إستراتيجية‬ ‫جديدة تقوم على الهجوم‬ ‫واملبادرة مرحلة سخرت لها‬ ‫وزارة الدفاع الوطني كل‬

‫الدفاع‬ ‫‪10‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫اإلمكانيات من بينها توفير‬ ‫املعدات الضرورية لضمان‬ ‫التحرك للعناصر املنتشرة‬ ‫على غرار “الكربي” واألسلحة‬ ‫واملدافع واملزجنرات واملعدات‬ ‫الدارجة والسترات الواقية‬ ‫من الرصاص هذا إضافة إلى‬ ‫االرتقاء بجاهزية األفراد عن‬ ‫طريق مزيد التدريب والتكوين‬ ‫واعتماد أساليب قتال جديدة‬ ‫تتماشى وطبيعة امليدان‬ ‫والعدو والتهديدات اجلديدة‪.‬‬ ‫وبالتالي متكنت وحدات‬ ‫جيشنا من القضاء على‬ ‫عدد من اإلرهابيني وحتطيم‬ ‫أوكارهم وحجز عدد من‬ ‫األسلحة ومعدات ومؤونة‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫واكتشاف مقبرة جماعية‬ ‫إضافة إلى القبض على‬ ‫بعض اإلرهابيني هناك‪.‬‬ ‫كما تلعب الهندسة‬ ‫العسكرية دورا استراجتيا‬ ‫في تأمني الطريق بالكشف‬ ‫عن األلغام فهي صمام احلياة‬ ‫هناك وال تقدم نحو الهدف‬ ‫دون عملها اإلستباقي‪.‬‬ ‫ولقد أكدت كل القيادات‬ ‫العسكرية املتواجدة هناك‬ ‫على غرار آمر الفوج أنه وعلى‬ ‫الرغم من كل التهديدات‬ ‫واخلسائر في األرواح فإننا‬ ‫صامدون ومعنوياتنا مرتفعة‬ ‫جدا ولن مينعنا أي شيء عن‬ ‫حماية ترابنا الوطني‬


‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪11‬‬


‫وزارة الدفاع‬ ‫الوطني‬ ‫تنظم زيارات‬ ‫ميدانية‬ ‫للصحافيين‬

‫الدفاع‬ ‫‪12‬‬

‫دأبت وزارة الدفاع الوطني‬ ‫مبناسبة االحتفال بذكرى انبعاث‬ ‫اجليش الوطني السنوية على‬ ‫تنظيم زيارات ميدانية لبعض‬ ‫املنشآت العسكرية لفائدة‬ ‫املؤسسات اإلعالمية الوطنية ‪.‬‬ ‫وتهدف هذه الزيارات إلى مزيد‬ ‫متتني العالقة بني املؤسسة‬ ‫العسكــــــرية واملؤسســـــات‬ ‫اإلعالمية وتثمني التفاعـــــــل‬ ‫االيجابي بينهما مما سينعكس‬ ‫إيجابا على إنتاجاتهم وأعمالهم‬ ‫الصحفية‪.‬‬ ‫وفيمـا يلـي عينـة مـن هـذه‬ ‫االنتاجـات الصحفيـة التـي‬ ‫تناولـت وبصـورة جيـدة نشـاط‬ ‫بعـض الوحـدات العسـكرية‬ ‫التـي متـت زيارتهـا‪.‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫من قلب املنطقة العسكرية العازلة‬ ‫في بن قردان ‪:‬‬ ‫للعسكريني هناك وجه آخر ‪...‬‬

‫اخلميس‪ 14 ،‬افريل ‪ | 18:06 - 2016‬بقلم أمل الهذيلي‪ :‬راديو كلمة‬

‫عدنا منهكني‪ ،‬مرهقني‪ ،‬مغبرّين‪ ،‬وخجلني‪ .‬طوال رحلة عودتنا نلهج بأسمائهم‬ ‫وصفاتهم‪ ،‬وقوة جأشهم‪ ،‬وكرمهم‪ .‬عدنا‪ ،‬وبنا خجل من أننا سنكون بعد ساعات‬ ‫قليلة في بيوتنا‪ ،‬لننعم بحمام دافئ يُذهب تعب وغبار يومنا احلافل والشاق‪ ،‬وننام مأل‬ ‫جفوننا‪ ،‬وهم تركناهم هناك قابعني ال يتزحزحون‪ ،‬ألنهم إختاروا أن يكونوا ”درع هذا‬ ‫الوطن“‪.‬‬ ‫زار أمس األربعاء ‪ 13‬أفريل ‪ ،2016‬وف ٌد‬ ‫صحفي عن مختلف وسائل اإلعالم احمللية‬ ‫والوطنية في ضيافة وزارة الدفاع الوطني‪،‬‬ ‫املنطقة العسكرية العازلة في احلدود‬ ‫التونسية الليبية‪ .‬احلرارة كانت في العاصمة‬ ‫مرتفعة‪ ،‬وهناك‪ ،‬كانت فوق األربعني درجة‪.‬‬ ‫رحلتنا من العاصمة إلى أقصى اجلنوب‪،‬‬ ‫كانت على منت طائرة نقل عسكرية‪،‬‬

‫وضعتنا بعد ساعة من الزمن في مطار جربة‬ ‫جرجيس الدولي‪ .‬الطائرة كانت متوسطة‬ ‫احلجم‪ ،‬تسع حوالي املائة راكب‪ ،‬وعليك‬ ‫وأنت تركبها‪ ،‬أن تتأقلم بسرعة مع طنني‬ ‫قوي ومتواصل تصدره‪ ،‬وإن منحونا ما نضعه‬ ‫ّ‬ ‫ليخف الصوت‪ ،‬فإن الصوت ظل‬ ‫في آذاننا‬ ‫مزعجا‪ ،‬وصوت الراديو املعدل على موجات‬ ‫اإلذاعة الوطنية حاول أن ينافس الطنني‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪13‬‬


‫ويبعث بعض الرفقة طوال الرحلة التي بدت‬ ‫قصيرة‪ ،‬خاصة ملن مثلي يركب الطائرة ألول‬ ‫عل‬ ‫مرة في حياته‪ .‬واملشهد من النافذة من ٍ‬ ‫بدا جميال‪.‬‬ ‫حني وصلنا مطار جربة جرجيس‪ ،‬نقلتنا‬ ‫حافلة للجيش الوطني إلى وجهتنا‪ ،‬املنطقة‬ ‫العسكرية العازلة ومعبر راس جدير احلدودي‪.‬‬ ‫الرحلة دامت ب ّرا ما يقارب الساعتني‪ ،‬واحلافلة‬ ‫س ّخرت لنا كانت متواضعة‪ ،‬وتفتقد‬ ‫التي ُ‬ ‫إلى كل وسائل الراحة‪ ،‬ال ستائر‪ ،‬ال مكيفات‪،‬‬ ‫وال كراسي وثيرة فيها‪ .‬بعض من الصحفيني‬ ‫تذمر من احلر‪ ،‬ومن احلافلة‪ ،‬فجاءته اإلجابة‬ ‫مفحمة‪ :‬هذه احلافلة يستقلها ضباطنا‬ ‫وجنودنا يوميا ويقطعون على متنها‬ ‫مسافات أطول مما قطعنا‪ ..‬وال يتذمرون‪.‬‬ ‫البحر كان رفيق رحلتنا الوفي‪ ،‬الزمنا‬ ‫إلى حني وصولنا‪ ،‬والطريق بدا شبه مقفر‪.‬‬ ‫مررنا باملنطقة السياحية الرابطة بني جربة‬ ‫وجرجيس‪ ،‬النزل واإلقامات السياحية كانت‬ ‫ثابتة في هدوء‪ ،‬ولنكن صريحني‪ :‬ال حياة هناك‬ ‫تنبئ مبوسم سياحي أفضل مما سبقه‪ .‬بدأ‬ ‫املشهد الساحلي ينقلب إلى اصفرار‪ ،‬وأخذت‬ ‫الرمال حتتل املشهد‪ .‬وصلنا طريقا رئيسيا‬ ‫معبدا أثثت جانبيه أكواخ صغيرة مختلفة‬ ‫الشكل اشتركت في الفتاتها املكتوبة بخط‬

‫الدفاع‬ ‫‪14‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫اليد “بنزين نضيف‪ ،‬صرف” واحتلت الصفائح‬ ‫البالستيكية ّ‬ ‫جل املساحة أمامها‪ .‬استدرنا‬ ‫بعد برهة من الزمن وخرجنا عن الطريق‬ ‫االسمنتية املعبدة لندخل مسلكا ترابيا‬ ‫وعرا‪.‬‬ ‫وصلنا إلى منطقة الشوشة التي تقع في‬ ‫املنطقة العسكرية املغلقة‪ ،‬وهي عبارة عن‬ ‫خيمتني وشاحنات عسكرية و”حمام مياه”‬ ‫متنقل‪ .‬استقبلنا مض ّيفونا بابتسامات‬ ‫واسعة‪ .‬جنود وقيادات عسكرية من مختلف‬ ‫الرتب جمع بينهم الزي األخضر النظامي‬ ‫الذي ارتدوه كامال رغم حرارة الطقس التي‬ ‫جعلت معضمنا تضيق به مالبسه الصيفية‪.‬‬ ‫دخلنا إحدى اخليمتني‪ ،‬وتناولنا إفطارا سريعا‬ ‫جهزوه لنا بكل كرم أهل املنطقة‪ .‬القيض‬ ‫إشتد‪ ،‬والوجوه كساها العرق‪ ،‬واخليمة غير‬ ‫مكيفة‪ .‬وفي اخلارج‪ ،‬الرياح الساخنة واألتربة‬ ‫في انتظارنا‪.‬‬ ‫جلسنا نستمع إلى عرض قدمه لنا‬ ‫مساعد آمر الفوج “‪ 33‬استطالع” الذي جدت‬ ‫عمليتا بن قردان الفارطتني في قطاعه‪ ،‬والذي‬ ‫هوجمت ثكنته أين يتمركز وسط مدينة‬ ‫بن قردان‪ ،‬من طرف االرهابيني في العملية‬ ‫األخيرة‪ .‬استهل الندوة باإلشارة إلى أنه ينوب‬ ‫في هذا العرض‪ ،‬آمر الفوج الذي أصيب في‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫العملية األخيرة برصاص االرهابيني‪ .‬قالها‬ ‫ببساطة وم ّر إلى العرض‪ .‬الفوج متكون‬ ‫من سنة ‪ ،1976‬وتنقل في نقاط ومدن‬ ‫عديدة منذ تكوينه‪ ،‬ومهامه الرئيسية هي‬ ‫حماية احلدود التونسية بالتنسيق مع احلرس‬ ‫احلدودي‪ ،‬ومقاومة التهريب بأنواعه والتصدي‬ ‫إلى عمليات التسلل خلسة عبر احلدود‪.‬‬ ‫املقدم املتحدث‪ ،‬كان رجال أربعينيا‪ ،‬أسمر‬ ‫الوجه‪ ،‬جتمع أساريره بني طيبة أهل املنطقة‪،‬‬ ‫وصرامة رجاالت اجليش‪ .‬كان يسرد املعطيات‬ ‫في سالسة‪ ،‬وفخر‪ .‬عملية بن قردان كانت‬ ‫حصيلتها ‪ 20‬شهيدا بني أمنيني وعسكريني‬

‫ومدنيني‪ ،‬و‪ 46‬إرهابيا حسب ما أحصاه الفوج‪،‬‬ ‫و ‪ 17‬عنصرا مت القبض عليهم أحياء‪.‬‬ ‫إثر العرض‪ ،‬تنقلنا على منت شاحنات‬ ‫عسكرية إلى املنطقة العازلة على بعد‬ ‫خطوات من الساتر الترابي الذي يخترق‬ ‫الصحراء الشاسعة‪ ،‬ألن احلافلة كانت عاجزة‬ ‫على التوغل في تلك املسالك‪ .‬األتربة غطتنا‬ ‫وأمتعتنا وعتادنا الصحفي‪ ،‬واملسالك الوعرة‬ ‫جعلتنا نتك ّيف مع االهتزازات العنيفة‪.‬‬ ‫وهناك‪ ،‬شاهدنا عرضا لعملية بيضاء‬ ‫لصد سيارة حاولت اختراق الساتر الترابي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واستمعنا إلى زخات الرصاص في وجل‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪15‬‬


‫األرض هناك كساها امللح‪ ،‬إلى حد أن عملية‬ ‫حفر الساتر الترابي في جزء منها قد تعطلت‬ ‫بسبب قساوة األرض‪ .‬والنباتات الوحيدة التي‬ ‫جنحت في البقاء كانت نباتات صحراوية‬ ‫جنحت في التأقلم مع املكان‪ .‬أحد الرجاالت‬ ‫العسكرية وقعت عقرب صحراوية صفراء‬ ‫في قبضته‪ ،‬وضعها في وعاء بالستيكي‬ ‫دون أن يقتلها‪ ،‬وجعل يعرضها علينا مازحا‪.‬‬ ‫الرجل كان ملثما ومسلحا‪ ،‬ولم ينزع لثامه‬ ‫ولو للحظة‪ .‬طلبوا منا عدم محاولة معرفة‬ ‫هويته‪ ،‬وجتنب تصويره‪ ،‬ألنه “أحد أشرس‬ ‫عناصر الفوج”كان شرسا رمبا‪ ،‬لكنه كان‬ ‫كثير املزاح خفيف الظل‪ ،‬رغم كل مظهره‬ ‫القاسي‪.‬‬ ‫أخذنا بعد ذلك الطريق إلى معبر راس‬ ‫جدير احلدودي‪ ،‬حيث تقبع التشكيالت‬ ‫املشتركة من ديوانة وحرس وجيش‪ ،‬ملراقبة‬ ‫املعبر وحمايته‪ .‬احلركة كانت شبه منعدمة‬ ‫في املعبر‪ ،‬رمبا ألن الوقت كان ظهيرة‪ ،‬واحل ّر‬ ‫أشده‪.‬‬ ‫على ّ‬ ‫إثر ذلك‪ ،‬سلكنا مسالك أخرى وعرة لنصل‬ ‫إلى منتهى الساتر الترابي‪ ،‬الذي يلتقي مع‬ ‫البحر‪ .‬هناك‪ ،‬أين تلتقي الصحراء مع املاء‪،‬‬ ‫داعبتنا نسمات البحر املنعشة لتعيد لنا‬ ‫بعض نشاطنا وحيويتنا‪.‬‬ ‫عاينّا الساتر الذي كثر حوله اللغط‪،‬‬ ‫ووقفنا فوق تالل الرمال املستخرجة من‬ ‫اخلندق احملفور بصبر وعناية‪ ،‬ليعطل حركة‬ ‫مهربني و ارهابيني قد يحاولون الدخول إلى‬ ‫أرضنا ليعيثوا فيها فسادا‪.‬‬

‫ومن هناك‪ ،‬عدنا ادراجنا إلى منطقة‬ ‫الشوشة‪ ،‬حتى نتناول غداءنا ونعود إلى‬ ‫مطار جربة‪ .‬الغداء كان كرميا ووفيرا‪ ،‬لكني‬ ‫كنت شبه متأكدة من أن جنودنا لم يعرفوا‬ ‫طعمه إال في مناسبات مماثلة‪ .‬وانطلقت‬ ‫بنا احلافلة تطوي األرض طيا‪ ،‬تاركني وراءنا‬ ‫إبتسامات الرجال تودعنا كما استقبلتنا‪.‬‬ ‫في ذلك املكان الذي قضينا فيه ساعات‬ ‫قليلة فقط فخرجنا منه منهكني وخائري‬ ‫القوى‪ ،‬يواجه أبناء هذا الوطن الذين اختاروا‬ ‫البدلة اخلضراء عن طيب خاطر‪ ،‬الطبيعة‬ ‫بكل قساوتها‪ .‬ال ظل شجرة يقيهم أشعة‬ ‫شمس اجلنوب احلارقة‪ ،‬وال مياه باردة تطفئ‬ ‫ضمأهم‪ ،‬وال منازل حتميهم‪ .‬هم هنا‪ ،‬في‬ ‫مواجهة الطبيعة أوال‪ ،‬ثم العدو القادم من‬ ‫عمق الصحراء‪ .‬هؤالء‪ ،‬لم نسمعهم يوما‬ ‫يطالبون بزيادات في األجور أو شاهدناهم‬ ‫في مسيرات تطالب مبنحة “أعمال شاقة”‬ ‫أو تذمروا من األكلة املقدمة لهم أو من‬ ‫ظروف وساعات عملهم‪ ..‬هؤالء‪ ،‬يقفون‬ ‫بحذائهم العسكري القاسي الذي غمرته‬ ‫أتربة الصحراء‪ ،‬ميسكون سالحهم “شتاير”‬ ‫الثقيل لساعات‪ ،‬ويحرسون مداخل الوطن‪،‬‬ ‫وقد تكون بطونهم خاوية إال من “كسكروت‬ ‫هريسة وتن”‪ ،‬وقد يكون الواحد منهم لم يذق‬ ‫النوم ليومني‪ ،‬ولم يلمس جسده املاء أليام‪،‬‬ ‫لكنه يقف مبتسما‪ ،‬وال أحد منهم يحاول‬ ‫االقتراب منك ليشكو لك حاله‪ ،‬كما خبرنا‬ ‫األمر مع آخرين‪..‬‬

‫“اجليش درع للوطن” تلك العبارة التي عرفناها وحفظناها‪ ،‬لم أفهمها بكل معانيها‬ ‫إال بعد هذه الزيارة السريعة‪ .‬وهو درع يستحق منا حبا كثيرا‪ ،‬ولعل احلب وحده ال يكفي‬

‫الدفاع‬ ‫‪16‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫يوم بني الشوشة واملنطقة العسكرية العازلة والساتر الترابي‪:‬‬

‫هنا يرابط األبطال على ّ‬ ‫خط النار‬

‫تغطية ‪ :‬سنـاء املاجري جريدة أخبار اجلمهورية‬

‫املكان ‪:‬نادي الضباط بالبلفيدير‪ ..‬الزمان اخلامسة صباحا‪ ،‬حيث اجتمع عدد من‬ ‫الصحفيني من مختلف وسائل االعالم التونسية‪ ،‬قبل ان يتحولوا الى الثكنة العسكرية‬ ‫بالعوينة‪ ،‬وبعد التفتيشات الروتينية‪ ،‬انطلقت الرحلة على منت طائرة عسكرية‪ ،‬وفي‬ ‫فترة زمنية لم تتجاوز الساعة تعرفنا خاللها على طاقم الطائرة وزرنا أثناءها حجرة‬ ‫القيادة‪ ،‬وصلنا مطار جربة جرجيس‪ ،‬وماهي اال حلظات حتى انطلقت احلافلة العسكرية‬ ‫مصحوبة بعنصر خفر وحراسة عسكرية نحو املنطقة العسكرية بالشوشة‪.‬‬ ‫كانت درجات احلرارة ترتفع شيئا فشيء‬ ‫‪ ..‬مررنا بالطريق الرومانية (القنطرة)‪ ،‬طريق‬ ‫مع ّبدة حتوط بها شواطئ جزيرة االحالم‬ ‫وجرجيس من اجلانبني ومسالك سهلة بدأت‬ ‫في التغير تدريجيا مبجرد وصولنا جرجيس‪..‬‬ ‫وبعد قرابة الساعتني من السير في مناطق‬ ‫وعرة وصلنا الى منطقة الشوشة حيث‬ ‫تتمركز وحدات عسكرية تابعة للفوج ‪33‬‬ ‫استطالع‪.‬‬ ‫فوج ‪ 33‬استطالع‬ ‫شاحنات وحافالت وجنود منتشرين امام‬ ‫خيمتني مت نصبهما الستقبال الصحفيني‪،‬‬ ‫اضافة الى بيت راحة خاصة مت وضعه للغرض‬ ‫حيث تخلو في العادة املناطق العسكرية‬ ‫صح التعبير‪،‬‬ ‫من مثل هذه “االمتيازات” ان ّ‬ ‫وداخل خيمة درجة حرارتها ال تختلف كثيرا‬

‫عن خارجها‪ ،‬حيث وصلت احلرارة الى اكثر من‬ ‫‪ 40‬درجة‪ ،‬وبعد تقدمي الضيافة على طريقة‬ ‫قدم آمر الفوج ‪ 33‬استطالع‬ ‫اهالينا باجلنوب‪ّ ،‬‬ ‫بالنيابة‪ ،‬بعض املعلومات الهامة عن الفوج‬ ‫ومهامه‪.‬‬ ‫ومن املعلومات التي مت مدنا بها هي ان‬ ‫الفوج ‪ 33‬استطالع تكون سنة ‪ 1976‬وكان‬ ‫مرتكزا بالقصرين الى غاية ‪ 1984‬لينتقل‬ ‫في ما بعد الى جرجيس الى غاية ‪1991‬‬ ‫ومنها الى تطاوين الى غاية سنة ‪ 1995‬ثم‬ ‫استقر بنب قردان الى غاية يومنا هذا ومن‬ ‫مهامه نذكر تأمني احلدود واملراقبة املستمرة‬ ‫لها على االجتاهني الليبي والتونسي وذلك‬ ‫بالتنسيق مع العناصر األمنية وحرس احلدود‬ ‫ويشرف الفوج على حماية اخطر احلدود اي‬ ‫احلدود مع مناطق العمران‪ ،‬ومن مهام الفوج‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪17‬‬


‫ايضا القيام بدوريات برية مشتركة ودعم‬ ‫عمليات املداهمة وتنفيذ عمليات استطالع‬ ‫مشتركة لالماكن‬ ‫من جهة اخرى نذكر ان فوج ‪ 33‬استطالع‬ ‫يشرف على ‪ 5‬مناطق تفتيش باملنطقة‬ ‫العسكرية العازلة التي مت انشاءها في ‪29‬‬ ‫اوت ‪. 2013‬‬ ‫وذكر آمر الفوج ‪ 33‬بالنيابة‪ ،‬أن الفوج‬ ‫يتصدى لعمليات التهريب والهجرة غير‬ ‫شرعية وتسلل اجملموعات االرهابية مبينا‬ ‫انه مت خالل شهر ديسمبر ‪ 2015‬حجز مواد‬ ‫بقيمة ‪ 2‬مليارات و‪ 96‬الف دينارا ‪ ،‬مشيرا الى‬ ‫ان الساتر الترابي ّ‬ ‫مكن من الترفيع في كمية‬ ‫احملجوزات من املواد املهربة‪ ،‬كما متكن الفوج‬ ‫يوم الثالثاء ‪ 12‬افريل من القبض على ‪18‬‬ ‫إفريقيا يعتقد أنهم كانوا من بني الالجئني‬ ‫مبخيم الشوشة حاولوا التس ّلل نحو التراب‬ ‫الليبي‪.‬‬ ‫عملية بن قردان تبوح بكل أسرارها ‪..‬‬ ‫وكشف آمر الفوج ‪ 33‬استطالع بالنيابة‬ ‫باجليش الوطني أ ّن اإلرهابيني الذين هاجموا‬ ‫مؤخرا الثكنة العسكرية بنب قردان قاموا‬ ‫بتركيز سالح رشاش قبل بداية العملية‬ ‫بصومعة مسجد جالل باجلهة‪ ،‬مشيرا إلى‬ ‫أ ّن اطالق النار خالل العملية مت من جهة‬ ‫املسجد املذكور‪ ،‬وهو ما يؤكد الرواية التي‬

‫الدفاع‬ ‫‪18‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫سبق ومت تداولها والتي نفتها وزارة الشؤون‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫وذكر آمر الفوج بالنيابة ان عملية بن‬ ‫قردان انطلقت حتديدا يوم ‪ 2‬مارس ‪2016‬‬ ‫مبنطقة العويجة حيث مت التدخل والقضاء‬ ‫على ‪ 5‬ارهابيني‪ ،‬في حني انطلقت العملية‬ ‫الثانية يوم ‪ 7‬مارس وتواصلت من الساعة ‪5‬‬ ‫و‪ 10‬دقايق صباحا الى غاية الساعة التاسعة‬ ‫ليال‪.‬‬ ‫وأكد آمر الفوج بالنيابة ان اجملموعة‬ ‫االرهابية قامت بالرمي على الثكنة من‬ ‫اماكن متعددة مثل مسجد جالل ومأوى‬ ‫سيارات العسكريني املقابل لباب الثكنة‬ ‫كما إستهدفت املنشأة العسكرية وإقامة‬ ‫آمر الفوج بواسطة قذائف ار بي جي‪.‬‬ ‫وذكر آمر الفوج بالنيابة أن أول من تفطن‬ ‫للعناصر االرهابية هو أحد العسكريني‬ ‫املكلفني باحلراسة‪ ،‬حيث وجه نداء الى زمالئه‬ ‫وردد عبارة “إرهاب” قبل ان يقوم باطالق النار‬ ‫ويقضي على ‪ 3‬عناصر ارهابية وعن حصيلة‬ ‫العملية أفادنا انه مت القضاء يوم ‪ 19‬مارس‬ ‫على األخوة “مارس” مبنطقة العامرية جنوب‬ ‫بن قردان‪.‬‬ ‫وأما عن آخر العناصر االرهابية التي مت‬ ‫القضاء عليها فهو االرهابي محمد الكردي‬ ‫الذي قتل يوم ‪ 20‬مارس مبنطقة الصياح‪،‬‬ ‫وبلغت احلصيلة النهائية لالرهابيني ‪46‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫ارهابيا كما مت القبض في األيام األولى على‬ ‫‪ 17‬عنصرا في حني مت تسجيل استشهاد ‪11‬‬ ‫امنيا وعسكريني و‪ 7‬مدنيني‪.‬‬ ‫كما قامت الوحدات العسكرية خالل‬ ‫العملية بحجز ‪ 48‬قذيفة ار بي جي و‪ 40‬سالح‬ ‫كالشنكوف و‪ 140‬مخزن سالح كالشنكوف‬ ‫و‪ 10820‬خرطوشة و‪ 4‬مسدسات و‪ 6‬أسلحة‬ ‫“فال” ورشاشني و‪ 9‬رمانات اضافة الى عدد‬ ‫من الصواعق‪.‬‬ ‫عملية عسكرية بيضاء‬ ‫تركنا املكان وحتولنا عبر شاحنات‬ ‫عسكرية الى املنطقة العسكرية العازلة‬ ‫بالذهيبة حيث مت تنفيذ عملية عسكرية‬ ‫بيضاء في كيفية القبض على عنصر‬ ‫متسلل من التراب الليبي بسبخة “البريقة”‪،‬‬ ‫حيث متثلت العملية في ورود معلومات عن‬ ‫تسلل سيارة وباقتحام السيارات العسكرية‬ ‫املكان وقيامهم بعملية تفتيش‪ ،‬يتم اطالق‬ ‫النار عليهم من اجلهة املقابلة لتواصل‬ ‫الدورية التقدم في اجتاه مصدر النار الى حني‬ ‫القضاء على العنصر واالنسحاب الى اخللف‪.‬‬

‫وفي حديث مع آمر الفوج أكد أن سبخة‬ ‫البريقة حيث ترتكز عناصر من الفوج تتم‬ ‫فيها عادة عمليات الجتياز احلدود وعمليات‬ ‫تهريب محروقات وبضائع باهضة الثمن‪،‬‬ ‫مشيرا الى أن املهربني ال ميتثلون في معظم‬ ‫األوقات الى الوحدات العسكرية مما يؤدي الى‬ ‫استعمال القوة والذخيرة احل ّية‪.‬‬ ‫الشروط الليبية‬ ‫ومن املنطقة العسكرية العازلة‬ ‫حتولنا الى املعبر احلدودي راس اجلدير حيث‬ ‫استقبلتنا القوة املشتركة املتكونة من‬ ‫اعوان للحرس والشرطة واجليش والديوانة‪،‬‬ ‫وفي حديث مع محافظ املعبر أكد أن املعبر‬ ‫يفتح من الساعة السابعة صباحا إلى غاية‬ ‫السابعة مساء‪ ،‬مضيفا أن من بني العوائق‬ ‫التي تعترضهم هي تعمد اجلانب الليبي‬ ‫وضع السيارات التونسية في آخر املعبر من‬ ‫جانبهم واشتراط مترير ‪ 100‬سيارة ليبية‬ ‫تضم ‪ 400‬شخصا وهو عادة ما يتم رفضه‬ ‫من قبل اجلانب التونسي احتراما للقوانني ‪..‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪19‬‬


‫الساتر الترابي‬ ‫بعد اجلولة التي قمنا بها صحبة مرافقينا‬ ‫من وزارة الدفاع الوطني باملعبر احلدودي راس‬ ‫اجلدير حتولنا الى الساتر الترابي أو ”اخلندق‬ ‫الترابي“ وحتديدا الى اجلزء الواقع حتت مراقبة‬ ‫الفوج ‪ 33‬للجيش الوطني واملمتد على ‪50‬‬ ‫كيلومترا‪.‬‬ ‫وأكد مسؤول عسكري أن املهمة الرئيسية‬ ‫للخندق هي تعطيل محاوالت التسلل ثم‬ ‫التصدي لها من قبل وحدات الفوج‪ ،‬مضيفا‬ ‫أن اخلندق لم يتم اختراقه أو ردمه منذ أن مت‬ ‫حفره وأضاف املسؤول العسكري أنه سيتم‬ ‫تدعيم الساتر الترابي مبنظومة الكترونية‬ ‫متكونة من رادارات وكاميراوات في غضون‬ ‫األسابيع القادمة وذلك بدعم من أملانيا‬ ‫وأمريكا ‪..‬‬ ‫ويذكر أن وزارة الدفاع انتهت من أشغال‬ ‫اجلزء األول من اجناز الساتر الترابي واخلنادق‬ ‫املمتدة من رأس جدير إلى الذهيبة أي على‬ ‫امتداد حوالي ‪ 200‬كلم حسب ما أكده لنا‬

‫الدفاع‬ ‫‪20‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫العقيد بلحسن الوسالتي‪ ،‬مضيفا أن الوزارة‬ ‫انطلقت في أشغال اجلزء الثاني من الساتر‬ ‫على امتداد ‪ 50‬كلم من الذهيبة إلى منطقة‬ ‫لرزط وقد متّ حاليا اجناز ‪ 30‬كلم‪.‬‬ ‫في االثناء مت عرض تشكيلة وع ّينات من‬ ‫االسلحة احلربية من دبابات ومدرعات وأكد‬ ‫مسؤول عسكري‪ ،‬أن هذه التجهيزات قادرة‬ ‫على التصدي ألي هجوم من شأنه أن يهدد‬ ‫أمن البالد على مستوى احلدود‪.‬‬ ‫ختام جولتنا كان بالعودة الى منطقة‬ ‫الشوشة‪ ،‬في األثناء أخذ منا التعب مأخذه‬ ‫من حرارة الطقس التي ال تطاق وهبوب‬ ‫رياح الشهيلي وبعد املسافات اضافة الى‬ ‫انعدام أي وسائل الراحة واملياه الباردة ‪..‬‬ ‫ظروف جتعلنا نرفع القبعة احتراما واجالال‬ ‫لقواتنا العسكرية املرابظة باحلدود‪ ،‬والذين‬ ‫يشتغلون في ظروف قاسية للغاية من‬ ‫أجل الذود على حرمة الوطن ‪ ..‬وقبل رحيلنا‬ ‫ودعناهم واخبرناهم أننا ودون نقاش نعجز‬ ‫عن قضاء يوم آخر بهذه املناطق الوعرة ‪...‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫مواكبة للقوات العسكرية في حربها على اإلرهاب بجبل الشعانبي‬

‫عمليات دقيقة تنفذها رسايا وقوات خمتصة بمدرعات‬ ‫ومدفعية ميدان تعرف مواقع االصابة واهلدف‬

‫زمردة دهلومي‬ ‫جريدة املغرب ‪ 8‬أفريل ‪2015‬‬

‫“خلف التالل وفي الوديان ستهزمون ستهزمون ‪..‬برا جئتم جوا جئتم ستسحقون ستسحقون‬ ‫‪..‬أذرعكم إن مدت تقطع أعينكم إن نظرت تقلع والجرذ المهزوم بتونس إن عاد الكرة لن يرجع‬ ‫‪..‬رعبا نحن لكم قد جئنا ثم الويل لكم إن عدنا أرضا جئتموها أحياء ستنتهون بها أشالء”‬ ‫هذا وعد اهلل على الجبال تنفذه قواتنا العسكرية التي تمتد في كل شبر من جبل الشعانبي‬ ‫أعلى قمة في البالد وأشهرها‪ 1544 ،‬مترا فوق سطح البحر‪ ،‬وامتدادا لسلسلة جبال األطلس‪،‬‬ ‫انتصب بمغاورها الدواعش وعششت ثقافة اإلرهاب في مفاصل شجر البلوط والصنوبر الحلبي‬ ‫الذي طالما كانت ظالله تخيم بعطرها فوق أجساد المتجولين والباحثين عن الهواء الطلق‬ ‫العبق بروائح اإلكليل والزعتر واألعشاب الجبلية المنعشة‪.‬‬ ‫سيهزمون وهو وعد اهلل الذي تقرؤه في أعين العساكر وأسلحتهم وعتادهم الثقيل تقرؤونه‬ ‫في رائحة المدافع التي تنفث القنابل الثقيلة لتقصف الدواعش في معاقلهم ‪ ..‬أرضا جاؤوها‬ ‫على األقدام أحياء سينتهون فيها الواحد تلو اآلخر أشالء وجماجم وهياكل عظمية تأكلها كالب‬ ‫الجبل التي حقدت عليهم هي األخرى كالب تنتشر لتعاضد قوات الجيش فتحيط بالمكان ال‬ ‫سالح لها إال وفاؤها لمن أطعمها خبزا ‪ ..‬فحتى الكالب كرهتهم ‪..‬‬

‫عدسة “املغرب” نقلت لكم‬ ‫في هذا “الريبورتاج” خالصة‬ ‫يوم في جبل الشعانبي‬ ‫مرافقة للقوات العسكرية‬ ‫ومواكبة لنشاطها على‬ ‫ساحة امليدان‬ ‫امليدان وحربها على اإلرهاب‬ ‫أعطيت إشارة انطالق‬ ‫املتواصل ‪ ..‬عدستنا لم تبخل املهمة بارتداء السترات‬ ‫عليكم بتفاصيلها غير أن‬ ‫الواقع كالعادة يظل أعمق‬ ‫وأكبر من أن حتتويه الكلمات‬ ‫أو تترجمه الصور‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الواقية من الرصاص واعتالء‬ ‫سيارات “‪ “ kirpy‬املغلقة‬ ‫من جميع اجلوانب وشد‬ ‫األحزمة وأصبح اجلميع‬ ‫حتت حماية اجليش وعليه‬ ‫التقيد باألوامر العسكرية‬ ‫وتنفيذها بال أدنى تردد حماية‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪21‬‬


‫لألشخاص وضمانا لسالمة‬ ‫املهمة باملنطقة العسكرية‬ ‫املغلقة بالشعانبي ‪ ..‬قوات‬ ‫تتلقى تدريبات يومية على‬ ‫مستوى عال جدا متكنهم‬ ‫من اكتساب مهارات وخبرة‬ ‫إضافية ترتفع وتيرتها على‬ ‫امليدان يوما بعد يوم‪.‬‬ ‫ال أحد بإمكانه الدخول‬

‫إلى حسن توظيف اآللة‬ ‫الكاشفة التي تكشف‬ ‫مكان اخلطر‪.‬‬ ‫عمليات يقودها اجليش‬ ‫الوطني في قمة الدقة‬ ‫واخلطورة تزيدها صعوبة‬ ‫املسالك الغابية والتضاريس‬ ‫الوعرة تعقيدا وكذلك املناخ‬ ‫شبه القاري تنزل به أمطار‬

‫الطريق املعبدة في اجتاه‬ ‫قمة اجلبل ومحطة اإلرسال‬ ‫اإلذاعي والتلفزي تشاهد‬ ‫من بني نوافذ الـ “‪“ Kirpy‬‬ ‫الصغيرة احملصنة فصائل‬ ‫وقوات منتشرة بكثافة في‬ ‫كل شبر من املرتفعات الوعرة‬ ‫عناصر وسرايا متدربة تواجه‬ ‫وتترصد وتهاجم أشباحا‬

‫إلى ساحة امليدان ما لم يتم‬ ‫تنظيف املسلك بأكمله من‬ ‫األلغام واألجسام املشبوهة‬ ‫والعبوات الناسفة وهو‬ ‫شغل يومي تنفذه وحدات‬ ‫فيلق الهندسة عنصر‬ ‫التفتيش الذي ينتشر على‬ ‫ميني الطريق ويسارها تقوده‬ ‫خبرته في قراءة امليدان‬ ‫التي تعتمد باألساس على‬ ‫عالمات دالة لتوقع اخلطر‬ ‫واتخاذ االحتياطات الالزمة‬ ‫باإلضافة‬ ‫واالستعداد‬

‫تتراوح بني ‪200‬و‪ 400‬مم‪.‬‬ ‫صيفه حار وجاف وشتاؤه بارد‬ ‫ورطب‪ .‬ومع ذلك يتم القضاء‬ ‫على عدد كبير من اإلرهابيني‬ ‫املتمركزين في مغاور اجلبال‪،‬‬ ‫والذين تلقوا تدريبات على‬ ‫حمل السالح وعلى التنقل‬ ‫في اجلبال وحفظ مسالكها‬ ‫ومغاورها العميقة والتي‬ ‫جتعل مهمة القضاء عليهم‬ ‫صعبة لكنها ليست‬ ‫مستحيلة ‪..‬‬ ‫كلما تتقدم خطوة على‬

‫أسلحتهم فردية مثل‬ ‫الكالشينكوف والشطاير‬ ‫وقناصة ورشاش ‪ 50‬ورشاش‬ ‫‪ 60‬وأحزمة ناسفة ورمانات‬ ‫يدوية وألغام تقليدية‬ ‫مضادة لألشخاص والعربات‬ ‫ومناظير ليلية ونهارية ومع‬ ‫ذلك يهزمون في اجلبال وينفذ‬ ‫وعد اهلل فيهم وكلما تقدم‬ ‫جنودنا إال وازدادت قوتهم‬ ‫وإميانهم بأن عدوهم قاب‬ ‫قوسني أو أدنى من الهالك‬ ‫فقد ضيقوا اخلناق عليهم‬

‫الدفاع‬ ‫‪22‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫وأصبحوا يداهمونهم في‬ ‫جحورهم ومخابئهم في‬ ‫إطار خطة املبادرة والهجوم‪،‬‬ ‫يغلقون عليهم كل منافذ‬ ‫عبور املؤونة واألدوية وكل‬ ‫ما يحتاجونه كلما أصيب‬ ‫أحدهم وهو ما يترجم العثور‬ ‫على املقابر اجلماعية واجلثث‬ ‫التي يكشف عنها اجليش في‬ ‫بعض عمليات التمشيط‪.‬‬ ‫زيارة انطلقت بعرض‬ ‫ألهم نشاط ومهام الوحدات‬ ‫املنتصبة‬ ‫العسكرية‬ ‫بجبل الشعانبي وما تقوم‬ ‫به من التدريبات اليومية‬ ‫املتواصلة‬ ‫والعمليات‬ ‫والنشاط املتخصص ثم‬ ‫متابعة أشغال اإلدارة العامة‬ ‫العسكرية‬ ‫للهندسة‬ ‫وعناصرها التي كانت بصدد‬ ‫تعبيد طريق مت فتحه على‬ ‫امتداد ‪ 8‬كم من مدخل‬ ‫اجلبل إلى محطة اإلرسال‬ ‫التلفزي واإلذاعي بقمة اجلبل‬ ‫لتساعد على سرعة تدخل‬ ‫الوحدات العسكرية‪ ..‬عرض‬ ‫حي جملموعة عسكرية حتطم‬ ‫عناصر إرهابية بالذخيرة‬ ‫احلية‪ ..‬كشف لأللغام‬ ‫وفتح للطرقات الوعرة‬

‫تؤمنها وحدات مختصة‬ ‫من الهندسة العسكرية‬ ‫‪ ..‬تختتم بزيارة العناصر‬ ‫املتمركزة مبحطة اإلرسال‬ ‫التي كانت على أهبة‬ ‫واستعداد مستمر يومها‬ ‫ينطلق بتحية العلم ومرة‬ ‫كل أسبوع تؤدي القسم‬ ‫والنشيد الرسمي‪.‬‬

‫محاصرة الدواعش‬

‫يتساءل الكثيرون ملاذا‬ ‫تتواصل محاصرة الدواعش‬ ‫في اجلبل لسنوات وملاذا لم‬ ‫يتم القضاء عليهم مثلما‬ ‫كان الشأن في عملية بن‬ ‫قردان نفس القوات التي‬ ‫تنتصب على مستوى‬ ‫جبل الشعانبي قاتلت في‬ ‫عملية بن قردان األخيرة أين‬ ‫نسفت ما يسمى “بداعش”‬ ‫اإلرهابي في أول محاولة‬ ‫لفرض سيطرتها على‬ ‫املنطقة ؟ الوضع يختلف‬ ‫واخلطوط اجلغرافية تختلف‬ ‫أيضا فامليدان في بن قردان‬ ‫صحراوي لم يجد الدواعش‬ ‫أين يختبئون وكيف يتنقلون‬ ‫بني عامة الشعب على‬ ‫اعتبار اليقظة التي اتسم‬ ‫بها املتساكنون والتعاون مع‬

‫العناصر األمنية والعسكرية‬ ‫وهو ما سهل إحباط‬ ‫محاولتهم بنجاح‪ .‬أما اجلبل‬ ‫فتضاريس أخرى وميدان أكثر‬ ‫تعقيدا يتميز عن الصحراء‬ ‫وخاصة جبل الشعانبي‬ ‫فليس من السهل تفتيش‬ ‫ما ال يقل عن مساحة ‪140‬‬ ‫كلم مربع غاب ّية ومسالكها‬ ‫وعرة وتضاريسها متنوعة‬ ‫وكذلك الشأن بكل من جبل‬ ‫السمامة ‪ 172‬كم مربع‬ ‫على طول ‪ 22‬كم وعرض ‪8‬‬ ‫كلم وجبل السلوم ‪ 15‬كم‬ ‫على ‪ 7‬كم وجبل املغيلة‬ ‫الذي ميتد على ‪ 25‬كم‬ ‫طوال وعرض ‪ 5،6‬كم وهي‬ ‫كلها تضاريس متشعبة‬ ‫ومتشابهة تساعد اإلرهابيني‬ ‫على التوغل واالختفاء ومع‬ ‫ذلك بدؤوا ينزلون النتهاء‬ ‫مؤونتهم وصعوبة تواصل‬ ‫مخططاتهم‪.‬‬

‫آمر “العنصر” يقود ‪....‬‬

‫جيوش متكونة أساسا‬ ‫من سرايا مدرعات وهندسة‬ ‫عسكرية ومدفعية امليدان‬ ‫قوات مختصة باإلضافة‬ ‫إلى اإلسناد الطبي‪ ،‬قوات‬ ‫تتلقى تدريبات يومية على‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪23‬‬


‫مستوى عال جدا متكنهم‬ ‫من اكتساب مهارات وخبرة‬ ‫إضافية ترتفع وتيرتها على‬ ‫امليدان يوما بعد يوم قصف‬ ‫مدفعي وجوي متواصل‬ ‫قنابل ال يقل وزنها عن ‪250‬‬ ‫كغ تثبت الرمي ‪ ..‬احلركة‬ ‫والنار ‪ ..‬الهدف‪.‬‬ ‫سرايا يكبر حجمها‬ ‫وإمكانياتها يوما بعد يوم‬ ‫في إطار العمل املباشر‬ ‫ملقاومة اإلرهاب مت بعثها‬ ‫منذ ‪ 31‬جويلية ‪ 2013‬تتكون‬ ‫من تشكيالت وفصائل‬ ‫مشاة محمولة تعزز مركز‬ ‫القيادة أو القوة العسكرية‬ ‫املتمركزة من مختلف‬

‫الدفاع‬ ‫‪24‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫الوحدات والثكنات التابعة‬ ‫للواء املنتصب بالقيروان‬ ‫وتعود إليه بالنظر ثمانية‬ ‫واليات‪ ،‬تعزيزات تأتي من كل‬ ‫حدب وصوب زيادة على تلك‬ ‫املتمركزة بوالية القصرين‪،‬‬ ‫قوات من فيلق القوات‬ ‫اخلاصة ببنزرت وتشكيالت‬ ‫هندسة عسكرية سرايا‬ ‫مدفعية وجوية تؤمن‬ ‫طائرات االستطالع واملراقبة‬ ‫وهي كلها تعزز أركان‬ ‫جيش البر في إطار مقاومة‬ ‫اإلرهاب باإلضافة إلى عنصر‬ ‫إسناد صحي يتولى تقدمي‬ ‫اإلسعافات اإلولية للمصابني‬ ‫من جراء العمليات التي يتم‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫تنفيذها‪.‬‬ ‫حصيلة العمليات ومراحلها‬ ‫االستطالع‬ ‫مهامهم‬ ‫والكمائن والقيام بدوريات‬ ‫وعمليات تفتيش ومتشيط‬ ‫باإلضافة إلى حتطيم اخملابئ‬ ‫ومخيماتهم‬ ‫اإلرهابية‬ ‫وعمليات املهاجمة واملراقبة‬ ‫كانت حصيلة عملياتهم‬ ‫التي نفذوها منذ شهر‬ ‫جوان ‪ 2015‬مت إطالق ‪4458‬‬ ‫رماية مدفعية ووضع ‪179‬‬ ‫كمينا و‪ 236‬دورية باإلضافة‬ ‫إلى ‪ 48‬عملية مداهمة و‪36‬‬ ‫عملية كبرى فضال عن ‪92‬‬ ‫تفتيشا مت إجنازها بواسطة‬ ‫معدات دارجة من بينها‬


‫املزجنرة م‪113‬أ‪ 2‬والشاحنة‬ ‫أنيموق ‪ 4000U‬وسيارات‬ ‫هامر والشاحنات املتوسطة‬ ‫وشاحنات كبيرة وخفيفة‬ ‫باإلضافة إلى سيارات من‬ ‫نوع جيب الند كروزر يسهل‬ ‫جتولها في مغاور املنطقة‬ ‫الغابية املرتفعة كثيفة‬ ‫األشجار وذات التضاريس‬ ‫الصعبة واملتنوعة تتوغل‬ ‫في عمق اجلبال املتاخمة‬ ‫جلبل الشعانبي قمم ال يقل‬ ‫ارتفاعها عن ‪1200‬م وأودية‬ ‫كبرى في املنطقة أشهرها‬ ‫وادي الدربي ووادي احلطب‬ ‫الذي يقسم مدينة القصرين‬ ‫شماال في اجتاه جبل سمامة‬ ‫بيرينو‪ ،‬وتوشة واملغيلة‬

‫وجنوبا في اجتاه جبلي‬ ‫السلوم والشعانبي‪.‬‬ ‫من ‪ 29‬أفريل ‪ 2013‬إلى‬ ‫‪ 31‬جويلية تعرضت القوات‬ ‫العسكرية إلى مصاعب‬ ‫جسيمة وتكبدت خسائر‬ ‫موجعة بسبب الكمائن‬ ‫واأللغام املضادة لألشخاص‬ ‫واأللغام املضادة للدبابات‬ ‫وهي املرحلة التي تفشى‬ ‫فيها اإلرهاب في البالد‬ ‫ولألسف الشديد استشهد‬ ‫‪ 12‬عسكريا وأصيب ‪14‬‬ ‫وتزامن ذلك مع مرحلة‬ ‫االستكشاف واالستطالع‬ ‫وبداية انطالق احلرب على‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫املرحلة الثانية مت فيها‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫تركيز القوات العسكرية‬ ‫بجبل الشعانبي وهي مرحلة‬ ‫استعادة اجلبل من ‪ 1‬أوت‬ ‫‪ 2013‬إلى ‪ 31‬أوت ‪ 2014‬مت‬ ‫خاللها القضاء على عناصر‬ ‫إرهابية وتدمير مخيمات‬ ‫تابعة لها واستشهاد ‪18‬‬ ‫عسكريا وإصابة ‪ 31‬آخرين‪.‬‬ ‫املرحلة الثالثة من ‪1‬‬ ‫سبتمبر ‪ 2014‬إلى اليوم‬ ‫وهي مرحلة املبادرة والهجوم‬ ‫مت فيها القضاء على ‪18‬‬ ‫إرهابي وإلقاء القبض على‬ ‫آخرين باإلضافة إلى تدمير‬ ‫كلي خمليمات والعثور على‬ ‫أسلحة وكميات كبيرة من‬ ‫الذخيرة مت خاللها استشهاد‬ ‫‪ 8‬عسكريني وإصابة ‪.16‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪25‬‬


‫املراحل الثالث اختلف فيها‬ ‫العمل في عمليات تصاعدية‬ ‫حيث أصبحت القوات‬ ‫العسكرية تبادر بالهجوم‬ ‫وتضرب العناصر اإلرهابية‬ ‫في مخابئها مباشرة‬ ‫كلما توفرت املعلومات عن‬ ‫وجودها وحصيلة القضاء‬ ‫عليها ترتفع بفضل العمل‬ ‫والتدريب‬ ‫االستخباراتي‬ ‫املستمر وبعث العديد‬ ‫من املراكز لتأهيل القوات‬ ‫ملقاومة اإلرهاب سواء مشاة‬ ‫أو وحدات هندسية أو قوات‬ ‫خاصة‪.‬‬

‫مدفعيات مدوية‬

‫ليس من السهل الكشف‬ ‫عن األلغام املضادة لألشخاص‬ ‫خاصة تلك التي تعتمد‬ ‫على الضغط كوسيلة‬ ‫اشتغال ال يظهر منها إال‬ ‫صنتمتر واحد فوق األرض‬

‫الدفاع‬ ‫‪26‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫على أساس حدوث االنفجار‬ ‫حال ملسها أو الضغط‬ ‫عليها في وسط أرضية‬ ‫سواء كانت غابية أو حجرية‬ ‫فهي قد أصابت العديد من‬ ‫العناصر العسكرية رغم‬ ‫نزع أكثر من ‪ 350‬لغما من‬ ‫طرف وحدات الهندسة‬ ‫العسكرية وعشرات األلغام‬ ‫املضادة للسيارات وليس من‬ ‫السهل أيضا حتمل ضغط‬ ‫طلقات املدافع املتواترة التي‬ ‫تقصف املواقع فيزلزل دوي‬ ‫قنابلها األرض حتت األقدام‬ ‫ومع ذلك فإن جيوشنا‬ ‫تتقنها وتوجهها إلى الهدف‬ ‫مباشرة بوصلتها كلمات‬ ‫يطلقها آمر السرية وعد‬ ‫تنازلي ينتهي بالصفر تقابله‬ ‫طلقات مدوية لقنابل يتجاوز‬ ‫ثقلها ‪ 250‬كلغ تصيب‬ ‫هدفها بعد قرابة ‪ 70‬ثانية‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫تسمع بعدها صدى دوي‬ ‫يهز األرض ومن عليها ‪..‬‬ ‫عمليات كما ذكرنا يومية‬ ‫تنفذها العناصر لضرب‬ ‫أهداف محددة متت دراستها‬ ‫مسبقا والتخطيط إليها‬ ‫في كنف السرية والدقة‬ ‫والنظام‪...‬‬ ‫مهام في اجلبل من‬ ‫شرقه إلى غربه ومن أعلى‬ ‫قمته إلى أسفل نقطة‬ ‫فيه في منتهى الدقة‬ ‫تؤمنها عناصر مترجلة‬ ‫باجلبل وأخرى تتمركز فوق‬ ‫القمم اعرف موقع اإلصابة‬ ‫والهدف‪.‬‬ ‫اإلرهابيون أرادوها حربا على‬ ‫األشباح فأصبحت حربا على‬ ‫رقابهم أينما حلوا واجهتهم‬ ‫أسلحة ناسفة ومدفعيات‬ ‫قاتلة ال تعود خائبة أبدا‬ ‫وأينما وجهت دمرت‬


‫دورة استثنائية لرؤساء التحرير‬ ‫مبعهد الدفاع الوطني‬

‫في إطار االحتفال بالذكرى ‪ 60‬النبعاث اجليش الوطني وسعيا منها ملزيد‬ ‫االنفتاح على املؤسسات اإلعالمية نظمت وزارة الدفاع الوطني دورة استثنائية‬ ‫مبعهد الدفاع الوطني لفائدة رؤساء حترير املؤسسات اإلعالمية الوطنية‬ ‫املكتوبة واملسموعة واملرئية وااللكترونية‪.‬‬ ‫وتهدف هذه الدورة التكوينية إلى دعم‬ ‫الصلة بني املؤسسة العسكرية ووسائل‬ ‫اإلعالم و إثراء مرجعيات رؤساء التحرير‬ ‫وتنويعها في مجالي األمن والدفاع مبا يضمن‬ ‫املعلومة الدقيقة والصحيحة‪.‬‬ ‫وقد تولى رئيس الديوان السيد سامي‬ ‫احملمدي ورؤساء أركان اجليوش الثالثة‬ ‫التعريف باجليش الوطني ومبهامه األساسية‬ ‫والظرفية والتكميلية ومساهمته في‬ ‫محاربة اإلرهاب‪.‬‬ ‫واختتم السيد وزير الدفاع الوطني هذه‬ ‫الدورة مؤكدا الدور الهام الذي تلعبه وسائل‬ ‫اإلعالم في محاربة اإلرهاب وإنارة الرأي العام‬ ‫وذلك بتحقيق املعادلة بني احترام حق وسائل‬ ‫اإلعالم في النفاذ إلى املعلومة واحملافظة على‬ ‫خصوصية املؤسسة العسكرية‪.‬‬ ‫و مت باملناسبة تنظيم ثالث زيارات ميدانية‬ ‫لفائدة رؤساء التحرير لكل من الفوج ‪11‬‬ ‫مشاة ميكانيكية والقاعدة اجلوية بالعوينة‬ ‫والقاعدة البحرية الرئيسية ببنزرت‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪27‬‬


‫مساهمة المؤسسة العسكرية‬ ‫في محاربة اإلرهاب‬

‫لعبت املؤسسة العسكرية دورا محوريا في تأمني املسار االنتقالي الذي شهدته‬ ‫تونس منذ اندالع الثورة سنة ‪ 2011‬إلي اليوم وما فرضته هذه املرحلة احلساسة من‬ ‫حتديات أمنية وبروز آفة اإلرهاب التي أصبحت تهدد سالمة التراب الوطني‪.‬‬ ‫ولقد انخرط اجليش التونسي في تأمني‬ ‫البالد مبا ميليه الواجب الوطني فكرس كل‬ ‫جهوده من أجل الذود عن حرمته من كل‬ ‫األخطار والتهديدات الداخلية واخلارجية‬ ‫والتزم مبهمته األساسية وحافظ على‬ ‫مؤسسات الدولة وحمى املنشآت احليوية‬ ‫وأمن احلدود البرية والبحرية واجملال اجلوي‪.‬‬ ‫ومع تنامي اخلطر اإلرهابي تعزز التواجد‬ ‫العسكري داخل املدن وخارجها في إطار‬ ‫تشكيالت عسكرية متركزت في عدة نقاط‬ ‫تعمل ليال نهارا في كل الظروف واألحوال‬ ‫حلماية الوطن وتأمينه‪.‬‬ ‫وكرست القوات املسلحة كل جهودها‬

‫الدفاع‬ ‫‪28‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫ملواجهة آفة اإلرهاب بعيدا عن التجاذبات‬ ‫السياسية واحلزبية وذلك باالرتقاء بقدرات‬ ‫عناصرها من خالل مزيد التدريب وإتباع‬ ‫أساليب حديثة في القتال واقتناء جتهيزات‬ ‫ومعدات عسكرية تتماشى ونوعية‬ ‫التهديدات اجلديدة والتغيرات التي تشهدها‬ ‫املنطقة ككل وهو ما يتطلب من عناصر‬ ‫قواتنا املسلحة جاهزية كاملة وأهبة‬ ‫عملياتية لتحقيق التدخل الناجع‪.‬‬ ‫وفي إطار تدعيم سياسة تطهير البالد‬ ‫من كل ما يهدد سالمتها أعلنت وزارة الدفاع‬ ‫الوطني جبال الشعانبي وسمامة والسلوم‬ ‫واملغيلة مناطق عمليات عسكرية مغلقة‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫اضافة إلى إعالن منطقة جبل عبد العظيم‬ ‫والدوالب وخشم الكلب في والية القصرين‬ ‫وجبلي ورغة وكسار القالل واملناطق املتاخمة‬ ‫في والية الكاف مناطق عمليات عسكرية‪.‬‬ ‫كما مت إعالن مناطق حدودية عازلة في‬ ‫القطاع اجلنوبي للمنطقة الصحراوية بالبالد‬ ‫واملمتد بني لزرط والبرمة واحلدود التونسية‬ ‫اجلزائرية إلى حدود برج اخلضراء والقطاع‬ ‫اجلنوبي الشرقي املمتد بني لزرط وراس جدير‪.‬‬ ‫ويهدف هذا اإلجراء أساسا إلى مالحقة‬ ‫اجلماعات اإلرهابية املتحصنة باجلبال وتضييق‬ ‫اخلناق عليهم وتتبع كل حترك مشبوه‪.‬‬ ‫اضافة إلى إنشاء الساتر الترابي الذي‬ ‫انتهت املؤسسة العسكرية من أشغاله‬ ‫على طول ‪ 240‬كلم على احلدود الليبية‬ ‫وانطالق أشغال تزويده مبنظومة الكترونية‬ ‫مبساعدة أمريكية أملانية وذلك في إطار‬

‫احلرص على سد كل املنافذ أمام املتسللني‬ ‫واملهربني للسالح والسلع وقد اثبت الساتر‬ ‫الترابي جنا عته من خالل التصدي جلملة من‬ ‫احملاوالت الجتيازه والنفاذ إلى التراب الوطني‬ ‫بطرق غير شرعية بهدف زعزعة األمن وضرب‬ ‫االستقرار داخل الوطن‪.‬‬ ‫لم تعد قوات اجليش الوطني تقتصر‬ ‫على رد الفعل بل أصبحت تهاجم معاقل‬ ‫اإلرهابيني وتكبدهم خسائر كبيرة شلت‬ ‫حركتهم وأربكتهم‪.‬‬ ‫هذا وقد برهنت املؤسسة العسكرية‬ ‫قدرتها الفائقة على التصدي لكل‬ ‫االخطار والتهديدات املتربصة بسالمة‬ ‫البالد والعباد وكانت خير داعم للمسار‬ ‫االنتقالي لتونس هدفها الوحيد حماية‬ ‫التراب الوطني والوقوف سدا منيعا أمام‬ ‫كل ما يهدد أمنه‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪29‬‬


‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪30‬‬


‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪31‬‬


‫هبة عسكرية أمريكية لتدعيم‬ ‫قدرات جيشنا الوطني‬ ‫طائرات مراقبة واستطالع من نوع مول وسيارات رباعية الدفع هي الهبة العسكرية‬ ‫االمركية التي تسلمها اجليش الوطني يوم ‪ 12‬ماي ‪ 2016‬بالقاعدة اجلوية بالعوينة‪.‬‬ ‫وستساهم هذه املعدات العسكرية اجملهزة مبنظومة الكترونية في دعم القدرات‬ ‫العملياتية للجيش التونسي وفي حماية حدود بالدنا البرية والبحرية واجلوية من كل‬ ‫خطر يهدد سالمته وذلك بترصد كل حترك مشبوه من خالل حتديد أماكن اإلرهابيني ورد‬ ‫الفعل اآلني خاصة في ظل ما تشهده املنطقة من أنشطة غير شرعية كالتهريب‬ ‫بجميع أشكاله وأنواعه واجلرمية العابرة للحدود‪.‬‬ ‫وأشرف على موكب تسليم هذه املعدات وزير الدفاع الوطني السيد فرحات احلرشاني‬ ‫والسيدة اماندا دوري نائبة مساعد كاتب الدفاع األمريكي املكلفة بالشؤون اإلفريقية‬

‫الدفاع‬ ‫‪32‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫طائرات مراقبة واستطالع‬

‫سيارات رباعية الدفع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪33‬‬


‫املقاومـة املسلحـة التونسيـة‬ ‫ضـد االستعمـار الفرنسـي ‪1956- 1881‬‬ ‫نتيجة لتدهور أوضاع عديد امليادين الداخلية بتونس من جهة ونتيجة‬ ‫للسياسة التوسعية لفرنسا مبساندة بعض الدول األوروبية مثل أملانيا‬ ‫وبريطانيا من جهة أخرى فقد تعرضت البالد التونسية ابتداء من ‪ 24‬أفريل ‪1881‬‬ ‫إلى حملة عسكرية فرنسية هامة قوامها يفوق ثالثني ألف جندي مؤطرين‬ ‫بضباط قد كسبوا خبرة عسكرية من احلرب الفرنسية األملانية ‪1871 1870-‬‬ ‫وبخريجي املدارس العسكرية العليا‪ .‬هذا اجليش مدجج بأحدث األسلحة‬ ‫آنذاك من بنادق ورشاشات ومدافع وبوارج حربية متطورة‪.‬‬ ‫األستاذ محمد صالح دحماني‬ ‫املق ّدم عبدالعزيز بوڤ ّزي‬

‫هذه احلملة أرادها قادتها أن تكون‪ » ‬جولة الوقت أمرت احلكومة عسكر األبراج بعدم‬ ‫التعرض للوحدات الفرنسية‪.‬‬ ‫عسكرية «‪ ‬عبر شعاب اجلبال والسهول‬ ‫ّ‬ ‫التونسية معتقدين أن سكان هذه األصقاع‬ ‫لن يجرؤا على التصدي لها‪ .‬ولم يتعد موقف وملـا سـئل البـاي محمـد الصـادق (بـاي‬ ‫الباي االستنكار واالحتجاج على احلملة تونـس) عن سـبب إمضائه ملعاهـدة احلماية‪،‬‬ ‫الفرنسية فقد اقتصر على إرسال البرقيات أجاب‪« ‬لقـد تبعنـا هوانا»‪ ‬أي لقـد اخترنا ما‬ ‫واالحتجاجات إلى ّعدة دول موضحا لها أن‬ ‫تونس احتلت دون إعالن حرب‪ .‬ورغم وضوح‬ ‫نوايا فرنسا من حملتها على تونس فإن‬ ‫الباي لم ّيتخذ اإلجراءات الالزمة واكتفى‬ ‫بتجهيز محلتني يصل مجموع قوامها‬ ‫إلى ‪ 1000‬جندي و‪ 1800‬عسكرا نظاميا‬ ‫و‪ 1000‬من اخملازنيـة و‪ 500‬من زواوة و‪500‬‬ ‫من احلنفية حتمل معها ‪ 11‬مدفعا لكن‬ ‫هاتني احمللتني الضعيفتني في العدد والعدة‬ ‫لم تتلقيا أوامر حملاربة الوحدات الفرنسية‬ ‫الغازية وإمنا كان موقف الباي من هذا اإلجراء‬ ‫هو إظهار النية في معاقبة القبائل التي‬ ‫ادعت فرنسا أنها كانت مصدر قالقل على‬ ‫احلدود التونسية اجلزائرية‪ .‬وملا غزت القوات‬ ‫الفرنسية البالد التونسية طلب الباي من‬ ‫احمللة التراجع أمام القوات الغازية وفي نفس‬

‫الدفاع‬ ‫‪34‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫فيـه مصلحتنـا ( وهـو اإلبقـاء علـى العرش‬ ‫احلسـيني ولـو صوريـا‪.‬‬ ‫وقد أصبح الباي بعد ذلك يتعاون مع قيادات‬ ‫احلملة ضد املقاومة املسلحة التونسية‪.‬‬ ‫كذلك كان الشأن لبالط الباي بزعامة وزيره‬ ‫األكبر مصطفى بن إسماعيل باستثناء قلة‬ ‫صغيرة مثل أمير اللواء العربي زروق الذي رفض‬ ‫توقيع املعاهدة وحاول إقناع الباي برفضها‬ ‫وحثه على ضرورة مواجهة املستعمر‪.‬‬ ‫ورغم سلبية موقف الباي ورغم أنانية‬ ‫حاشيته املفرطة وقلة اإلمكانيات العسكرية‬ ‫للشعب التونسي ورغم انعدام التنظيم‬ ‫والتنسيق بني القبائل ( على األقل في الطور‬ ‫املسلحة إذ تبلورت هذه‬ ‫األول من املقاومة ّ‬ ‫املفاهيم في الطور الثاني ) وغياب الدعم‬ ‫مدعم بعديد‬ ‫اخلارجي فإن الشعب التونسي ّ‬ ‫اجلنود الف ّارين من ثكنات الباي‪ .‬لم يتردد في‬ ‫والتصدي له‬ ‫مواجهة العدوان الفرنسي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بكل شجاعة وثبات رغم ّ‬ ‫التفوق الكبير عددا‬ ‫وعدة للجيش الفرنسي‪.‬‬ ‫ّ‬

‫واجليش الفرنسي بعدده الكبير وأسلحته‬ ‫الثقيلة جعل الثوار ينهزمون وقتّيا وذلك‬ ‫لعدم تكافئ ميزان القوى‪ .‬لكن االنطالقة‬ ‫الفعلية واملنظمة للمقاومة املسلحة‬ ‫كانت إثر التجمع الكبير الذي ضم مختلف‬ ‫زعماء القبائل في الفترة من ‪ 15‬إلى ‪20‬‬ ‫جوان ‪ 1881‬بجامع عقبة بن نافع بالقيروان‬ ‫وترأس هذا االجتماع علي بن خليفة وقد أقر‬ ‫اجملتمعون مبدأ املقاومة دون هوادة وتعاهدوا‬ ‫عليه‪ .‬وعندما أمضى الباي معاهدة احلماية‬ ‫في ‪ 12‬ماي ‪ 1881‬اعتقدت فرنسا أنه مبجرد‬ ‫احتالل املناطق اإلستراتيجية في الشمال‬ ‫وتوقيع الباي على معاهدة احلماية ميكنها أن‬ ‫تطمئن على وضعها في البالد دون أن تتكلف‬ ‫جيشا جرارا‪ ،‬لذلك سحبت في أواخر شهر‬ ‫جوان ‪ 1881‬عددا كبيرا من قواتها واقتصرت‬ ‫على ‪ 6000‬جنديا فقط‪ .‬لكن فرنسا فوجئت‬ ‫باندالع مقاومة أشد عنفا وتركيزا من األولى‬ ‫من طرف القبائل والضباط واجلنود الفارين‬ ‫من محلة الباي‪ ،‬األمر الذي أجبر فرنسا على‬ ‫إرسـال قـوات كبـيرة إلى تونـس لتعـزيـز‬ ‫وجـودهـا هنـالك‪.‬‬

‫وقد اختلف ّرد فعل املواطنني إزاء هجوم‬ ‫القوات الفرنسية إذ اعتمد التعبير عن رفض‬ ‫اإلحتالل بشتى األساليب ابتداء من التجمهر‬ ‫في الطرقات واحملّالت العمومية وإقامة‬ ‫ّ‬ ‫الهاتفية ليصل إلى‬ ‫احلواجز وقطع اخلطوط‬ ‫حمل السالح وخوض املعارك ‪.‬‬ ‫حاولت قبائل خمير وعمدون والشيحية‬ ‫وغيرها من القبائل احلدودية للجزائر صد‬ ‫هجوم القوات الفرنسية إلعاقة ّ‬ ‫تقدمها ّبرا‬ ‫وبحرا‪ .‬كما ثارت عديد القبائل األخرى منها‬ ‫دريد وماجر ورياح والوسالتية واجلبالية وأفراد‬ ‫من عروش ّ‬ ‫متفرقة إلى جانب ّسكان املدن‬ ‫مثل بوسالم وغار ا ّلدماء وطبرقة وبنزرت‬ ‫وماطر وغيرها‪ .‬لكن تعاون احملّلة التونسية‬ ‫بقيادة باي احملّلة علي باي ولي العهد‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪35‬‬


‫املدفعية محمد الشريف وتعزيزات عدد هام‬ ‫من رجال القبائل بقيادة علي بن خليفة‪،‬‬ ‫زعيم املقاومة‪ ،‬ورغم بسالة املقاومة فإن‬ ‫تفوق الغازي كان حاسما إذ كانت ق ّوته‬ ‫تتم ّثل في ‪ 17‬سفينة حربية و‪ 151‬مدفعا‬ ‫و‪ 6000‬جنديا مقابل قرابة ‪ 500‬مقاوما‪.‬‬ ‫وقد استشهد ما بني ‪ 800‬و‪ 1000‬مجاهدا‬ ‫وقد تضمنت قائمة الشهداء أسماء عديدة‬ ‫من العسكريني منهم احلاج محمد معتوق‬ ‫وقابادو وشرف الدين وكلهم من الطبجية‬ ‫( املدفعية ) ‪ .‬وقد قتل ‪ 40‬جنديا من جيش‬ ‫العدو‪ .‬ومن بني ‪ 64‬أسير ‪ 6‬جنود أسرى‪.‬‬

‫استمر التصدي بشكل أشد ضراوة في‬ ‫الطريق املتوجهة من العاصمة إلى الساحل‬ ‫في محاولة إليقاف القوات الفرنسية‪ .‬وإثر‬ ‫انضمام بلدان الساحل إلى القبائل من‬ ‫أوالد سعيد وجالص والسواسي واملثاليث‬ ‫واملهاذبة وغيرها ازداد الصراع أهمية إذ جنح‬ ‫املقاومون املسلحون في محاصرة القوات‬ ‫الفرنسية ومحلة الباي‪ .‬وقد عزز صفوف‬ ‫املقاومة انضمام عسكر القلعة الكبرى‬ ‫والعديد من عسكر زواوة وعسكر احلنفية‬ ‫الذين فروا من محلة الباي وقد وقع استغالل‬ ‫خبرة هؤالء في اجملال العسكري لدعم‬ ‫املقاومني وتوجيههم وبذلك فرضت املقاومة‬ ‫سيطرتها خالل أشهر الصيف من سنة غداة احتالل مدينة صفاقس واصل العدو‬ ‫زحفه باجتاه قابس وللتصدي لهذا العدوان‬ ‫‪.1881‬‬ ‫اجتمع سكان املدينة في بيت خليفة املنزل‬ ‫واصلت القوات الفرنسية تقدمها نحو بحضور القاضي واملفتي باملكان ( وهو ما‬ ‫اجلنوب بعد أن جنحت في فك احلصار عنها‪ .‬يشير إلى دعم الديني للمقاومة ) وملا وصلت‬ ‫صفاقس‪ .‬السفن احلربية إلى الشاطئ وحاول الغزاة‬ ‫فهاجم أسطولها مدينة‪،‬‬ ‫وللتصدي حملاولة اإلنزال تأسست جلنة دفاع القيام بعملية اإلنزال تصدى لهم املقاومون‬ ‫عن املدينة وبفضل املشاركة الفعالة لقائد ببسالة نادرة وسقط عشرات القتلى من‬

‫الدفاع‬ ‫‪36‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫طريق حيدرة فسبيبة فالقيروان أما الفيلق‬ ‫الثاني فقد حترك على محور زغوان اجلبيبينة‬ ‫والقيروان والفيلق الثالث كان محوره‬ ‫سوسة‪ ،‬سيدي الهاني‪ ،‬القيروان ‪.‬‬ ‫وقد تصدت لهذا الهجوم بشجاعة وثبات‬ ‫عديد القبائل منها الفراشيش والهمامة‬ ‫وماجر وأوالد عيار وأوالد عون ورضوان وأوالد‬ ‫عزيز وغيرها ‪ .‬وبعد استشهاد الكثير من‬ ‫املقاومني قرر قادة املقاومة االنسحاب نحو‬ ‫اجلنوب‪ .‬ولعل سقوط املدينة بدون مقاومة‬ ‫داخل األسوار مرده اخلوف من تخريب آثار‬ ‫املدينة التاريخية إذا تعرضت للقصف‬ ‫املدفعي ‪.‬‬

‫اجلانبني وقد استشهد احلاج اجليالني أحد‬ ‫قادة املقاومة وهو يحارب على فرسه ولم يزد‬ ‫استشهاده إال عزما واستبساال للمقاومني‬ ‫األمر الذي أجبر الوحدات الفرنسية على‬ ‫االنسحاب‪ .‬وبعد أن تلقى اجليش الفرنسي‬ ‫تعزيزات هامة امتدت املعارك إلى واحة‬ ‫قابس‪ .‬وأمام القصف املدفعي املكثف والعدد‬ ‫املتصاعد جليش العدو وبعد أربعة أشهر من‬ ‫املقاومة الشديدة من قبل سكان املدينة‬ ‫وخاصة منطقة املنزل تعززهم فرسان نفات‬ ‫وبني يزيد واحلزم وبعض اجملاهدين املتطوعني‬ ‫من جهات أخرى عديدة بقيادة علي بن خليفة‬ ‫النفاتي والتي كبدت الغزاة خسائر باهضة‬ ‫في جيشهم وفي معداتهم‪ ،‬انسحب‬ ‫املقاومون من املدينة في أواخر شهر نوفمبر أمام زحف القوات الفرنسية اجلرارة وأمام‬ ‫احتالل كامل تراب اإليالة لم يبق للمقاومني‬ ‫‪. 1881‬‬ ‫بقيادة علي بن خليفة من خيار غير الترحال‬ ‫لم يكتف اجليش الفرنسي في اجتياحه إلى طرابلس‪ .‬ومنها حترك املقاومون ملواصلة‬ ‫لتونس مبنطقة الشمال واجلنوب بل حاول القتال مبناوشة اجليش الفرنسي وشن‬ ‫احتالل منطقة الساحل والوسط أيضا ومرة هجومات خاطفة على املراكز املتقدمة‬ ‫أخرى تعرض ملقاومة شديدة من طرف سكان واحلاميات الصغيرة وكذلك بالسطو على‬ ‫هذه املناطق وخاصة في أطراف الساحل حول أمالك املتخاذلني واملتعاطفني مع املستعمر‬ ‫القلعة الصغرى وجمال وبنان وقصور الساف للتزود باملؤونة‪.‬‬ ‫وغيرها وقد شارك فيها اجلنود الفارون من‬ ‫عسكر الباي ومن أشهر املعارك معركة واد قام املقاومون بالعديد من العمليات اجلريئة‬ ‫الية ‪ 22 - 18 :‬أكتوبر ‪ 1881‬التي شارك فيها حيث هاجموا مثال في أوت ‪ 1882‬وحدة‬ ‫أكثر من ‪ 700‬فارس من جالص والسواسي فرنسية متواجدة ( ببئر زميط ) وهزموها‪.‬‬ ‫ليس باإلمكان حصر الغارات أوال لكثرتها‬ ‫وأوالد سعيد وعديد القبائل األخرى‪.‬‬ ‫وثانيا ألنها لم تنفذ كلها من طرف رجال‬ ‫على إثر هذه املعركة التي أبلى فيها املقاومون علي بن خليفة وذلك لتباعد القبائل بعضها‬ ‫البالء احلسن‪ ،‬توجهت القوات الفرنسية عن بعض ولوجود قبائل التدين له بالوالء‪.‬‬ ‫إلى القيروان وكانت مقرا لالجتماعات التي وبوفاة علي بن خليفة سنة ‪ 1885‬خمدت‬ ‫كان يعقدها زعماء من مختلف القبائل املقاومة ورجع املهاجرون إلى ديارهم لتندلع‬ ‫قصد التنسيق‪ ،‬كما كان إشعاعها الديني املقاومة املسلحة الشعبية الحقا‪.‬‬ ‫بالغ التأثير في النفوس وحافزا للمقاومني‬ ‫لذلك وجب احتالل هذه العاصمة الروحية‪ ،‬جاء موقف عديد اجلنود التونسيني مساندا‬ ‫ولتحقيق ذلك انطلقت مسيرة ثالثية اتخذ للمقاومني املدنيني لالحتالل الفرنسي‪ .‬وكان‬ ‫فيها اجليش الفرنسي ثالثة محاور في اجتاه هذا اجليش يشكو عدم التجانس بني فرقه‬ ‫القيروان‪ .‬اتخذ الفيلق األول محور تبسة عن النظامية وغير النظامية‪ .‬واعتمدت الدولة‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪37‬‬


‫في الغالب على العناصر غير النظامية لقلة‬ ‫تكاليفها املالية‪ ،‬ومن ثم أهملت العناصر‬ ‫النظامية‪ .‬وظهر هذا اإلهمال في األبراج‬ ‫والقشل واملوانئ التي تأوي الفرق النظامية‪،‬‬ ‫والقطع البحرية التي وصل بها احلال إلى‬ ‫عدم قيامها حتى مبراقبة التهريب على‬ ‫السواحل من الداخل واخلارج‪ ،‬وهي ال تبرح‬ ‫املوانئ ‪ .‬لذلك كانت البنية العسكرية في‬ ‫منتهى الهشاشة وليس هناك أي متاسك‬ ‫بني عناصرها العديدة إضافة إلى أسلحتها‬ ‫الرديئة وضعف تدريبها ونقص عددها إذ ال‬ ‫يتجاوز ‪ 1300‬جند ّيا‪.‬‬ ‫ومنذ أن تسربت القوات الفرنسية داخل‬ ‫احلدود التونسية وتأكد لدى اجليش التونسي‬ ‫وكذلك قيادته السياسية‬ ‫أن الباي‬ ‫والعسكرية استسلموا لالحتالل الفرنسي‬ ‫دون مقاومة كاد فرار اجلنود من املعسكرات‬ ‫أن يكون جماعيا وذلك لاللتحاق بصفوف‬ ‫املقاومة الشعبية املسلحة رافضا الوقوف‬ ‫في صف احمللة التونسية التي تقاتل املقاومني‬ ‫لالحتالل‪.‬‬

‫اجلنود التونس ّيني قد تطور من سيئ إلى‬ ‫أسوء‪ .‬إنهم يهربون باجلملة بل يخونوننا‬ ‫ويديرون أسلحتهم ضدنا ‪ ...‬هذا وأن القبائل‬ ‫املتورطة أكثر في التمرد مثل جالص وأوالد‬ ‫سعيد واملثاليث وغيرهم تستمد جرأتها‬ ‫وإقدامها من نواة اجلنود الفارين التي ما‬ ‫فتئت تتضخم «‪. ‬‬ ‫كما كتبت الدايلي نيوز ‪( Daily News‬لندرة)‬ ‫ما يلي‪ :‬تونس في ‪ 20‬جويلية ‪ » 1881‬إن‬ ‫هروب اجلنود التونسيني مازال متواصال إذ‬ ‫ف ّر البارحة ‪ 40‬جند ّيا (‪ )...‬وإنه في األيام‬ ‫األخيرة جدت ‪ 500‬عملية فرار «‪. ‬‬ ‫وفي نفس اليوم كتبت أدتور تاميز ‪Editor‬‬ ‫‪( Times‬لندرة) ما يلي‪ )...( » ‬ما إن علم أن‬ ‫الباي ينوي إرسال جنود للقتال حتى فر عدد‬ ‫كبير من العساكر وإنه من الصعب منع ذلك‬ ‫مستقبال وهذا يبني بجالء عدم جدوى إرسال‬ ‫جنود من األهالي حملاربة املتمردين ‪. « ...‬‬ ‫وملا بدأت محلة علي باي تتعامل رسميا مع‬ ‫الفرنسيني شن الثوار مبساندة اجلنود الفارين‬ ‫من وحداتهم‪ ،‬هجوماتهم على هذه احمللة‬ ‫وعلى الفرنسيني على حد سواء‪ .‬ومما زاد‬ ‫الوضع سوءا بالنسبة للمحلة التونسية‬ ‫فرار عسكر زواوة وعسكر احلنفية من احمللة‬ ‫وبقي الضباط في خوف من هروب بقية‬ ‫اجلنود وخطر املقاومني محدق بهم ‪ .‬وقد لعب‬ ‫الثوار واجلنود الذين التحقوا بهم دورا هاما‬ ‫في محاصرة احمللتني وعرقلة تقدم القوات‬ ‫الفرنسية بطريق احلمامات التي اضطرت إلى‬ ‫التراجع إلى الوراء ‪ ،‬وبذلك فرضت املقاومة‬ ‫سيطرتها خالل اشهر الصيف من سنة‬ ‫‪.1881‬‬

‫فقد ذكر أمير اللواء بعسكر الساحل‬ ‫والقيروان في رسالة إلى وزير احلرب الفرنسي‬ ‫أن الذي هرب أكثر من الذي بقي ‪ .‬وأشار أحد‬ ‫الضباط أيضا أنه لم يبق إال القليل من‬ ‫القشلة الصادقية بسوسة ‪ .‬وأكد ضابط‬ ‫آخر أنه عندما قرأ على اجلنود املنشور الذي‬ ‫يحث على الهدوء‪ ،‬فإن بعض العسكر رفض‬ ‫جهرة الفرنسيني‪ .‬وعندما انتهت املقاومة‬ ‫في القيروان والوسط واندحرت إلى اجلنوب‬ ‫الشرقي حلدود طرابلس لم يعد أحد من اجلنود‬ ‫يفكر في العودة إلى وحدته العسكرية ألن‬ ‫لقد شملت مشاركة اجلنود الفارين من‬ ‫سبب فراره ما زال قائما‪.‬‬ ‫قشالتهم في املقاومة املسلحة كل مناطق‬ ‫وقد كتب اجلنرال‪ « ‬لوجرو »‪ ‬قائد فرقة البالد وواكبت كل مراحل املقاومة ولعبت‬ ‫االحتالل بتونس إلى وزير احلرب الفرنسي دورا متميزا ومشرفا للغاية مثال ما قام به‬ ‫بتاريخ ‪ 8‬سبتمبر ‪ 1881‬ما يلي‪ « ‬إن موقف رئيس جلنة الدفاع عن مدينة صفا قس‬

‫الدفاع‬ ‫‪38‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫الرائد محمد الشريف قائد املدفعية الذي احلنفية ومن أشهر الضباط املشاركني‬ ‫قاوم ببسالة العدوان الفرنسي بعد أن وزع الصاغ عثمان واملالزم محمد بن أحمد‬ ‫األسلحة والذخيرة التي كانت موجودة برباط والشاوش إسماعيل بن محمد إلى جانب‬ ‫املفتي والقاضي واألعيان‪.‬‬ ‫صفاقس على املقاومني‪.‬‬ ‫كما أن قائمة الشهداء مبدينة صفاقس‬ ‫مثال تضمنت أسماء العديد من العسكريني‬ ‫منهم احلاج محمد معتوق‪ ،‬وقابادو‪ ،‬وشرف‬ ‫الدين وكلهم من الطبجية (املدفعية) ‪ .‬وقد‬ ‫مارس الباي عديد الضغوطات على اجلنود‬ ‫الفارين مثل سجن أحد أقربائهم والذين ال‬ ‫يطلق سراحهم إال برجوع اجلنود الهاربني‬ ‫لقشالتهم إضافة إلى دفع تكاليف تنقل‬ ‫وإقامة املكلف بهذه املهمة‪.‬‬

‫واجلدير باملالحظة أن العسكريني التونسيني‬ ‫قد وقف أغلبهم بصمود وتفان في صف‬ ‫املقاومة الشعبية لالحتالل الفرنسي‬ ‫وانشقوا عن جيش الباي وتصدوا له‪ ،‬وقد‬ ‫متيزت مشاركتهم في توظيف اإلمكانيات‬ ‫احملدودة املتوفرة لديهم مثل املدفعية في‬ ‫صفاقس أو في طبرقة وغيرها واستغالل‬ ‫خبرتهم في اجملال العسكري لتأطير املقاومني‬ ‫وتوجيههم‪.‬‬

‫وقد ذكر البعض أن البالد أصبحت في‬ ‫قبضة اجلنود الذين فروا من اجليش وشاركوا‬ ‫في املعارك منها معركة القلعة الكبرى‬ ‫والساحلني واألعمال البطولية باجلنوب إلى‬ ‫غير ذلك…‬

‫سارعت السلطات الفرنسية إلى إعادة‬ ‫هيكلة ما تبقى من جيش الباي‪ .‬وأنشأت‬ ‫وحدات مختلطة كانت أوالهم في أكتوبر‬ ‫‪ 1881‬وقع تركيزها مبنوبة وتضم ‪ 132‬من‬ ‫املشاة الفرنسيني و‪ 60‬من املشاة التونسيني‬ ‫و‪ 5‬من الصبايحية ثم وقع تعزيزهم ببعض‬ ‫املشاة وبصبايحية جزائريني وكل هؤالء‬ ‫متطوعون ‪ .‬ثم متّت تدريجيا الزيادة في عدد‬ ‫هذه الوحدات اخملتلطة حتى أنها سنة‪1883‬‬ ‫بلغت ‪ 12‬وحدة تضم كل منها في نفس‬ ‫الوقت املشاة واملدفعية واخليالة واستق ّرت‬ ‫في عدة مدن من البالد التونسية‪.‬‬

‫وقد كلف مفتي املنستير للقيام بجولة في‬ ‫القرى القريبة (وباخلصوص جمال ) حلث اجلنود‬ ‫الفارين على‪ » ‬الرجوع إلى سواء السبيل‬ ‫«‪ ‬وتذكيرهم بتعاليم الشرع املتعلقة‬ ‫بطاعة األمير وإعالمهم مبا تقتضيـه‬ ‫» مصلحتهم في الدنيا واآلخرة «‪ . ‬وكلف‬ ‫بنفس املهمة قاضي سوسة الذي توجه إلى‬ ‫القلعة الكبرى والقرى اجملاورة‪ ،‬واستعملت‬ ‫في بعض احلاالت الثابتة قطعيا بالنسبة‬ ‫ملنطقة الساحل العالقات العائلية املتينة‪،‬‬ ‫من ذلك مثال أن خليفة مساكن قد جمع‬ ‫أقرباء اجلنود الفارين وحملهم مسؤولية سوء‬ ‫سلوك أبنائهم وأرغمهم على إرجاعهم إلى‬ ‫ثكناتهم‪.‬‬

‫ثم وقع إنشاء ما يسمى باإلدارة املركزية‬ ‫للجيش التونسي وكذلك تكوين احلرس‬ ‫الشرفي للباي بـ ‪ 600‬رجل من املشاة‬ ‫واملدفعية واخليالة مبقتضى مرسوم ‪ 30‬رجب‬ ‫‪1300‬هـ املوافق لـ ‪ 6‬جوان ‪ 1883‬ومبقتضاه‬ ‫أصبح اجملندون يكونون وحدات احلرس امللكي‬ ‫ووحدات جيش االحتالل الفرنسـي وانحصرت‬ ‫مهمة احلرس امللكي في التشريفات‬ ‫ففي قفصة مثال اتفق أهلها من مدنيني واحلراسة ‪ ،‬إلى جانبها الوحدات اخملتلطة‬ ‫وجنود على ضرورة املقاومة ووضعوا نظاما (تونسيون وفرنسيون ) لعبت دورا رئيسيا‬ ‫للشرطة‪ .‬وكان للجنود دور مهم وخاصة في اجملال العسكري وقد وقع إدماجها في‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪39‬‬


‫جيش إفريقيا حتت القيادة الفرنسية وسوف تقلق وتعكر صفو السلطة الفرنسية‪.‬‬ ‫تساهم مساهمة فعالة إلى جانب فرنسا‬ ‫وفي األثناء بدأت تظهر على الساحة‬ ‫في حروبها االستعمارية‪.‬‬ ‫الوطنية معارضة مؤطرة‪ ،‬منت وتصاعدت‬ ‫إن مهمة اجليش الفرنسي في هجومه على بدءا باملبادرات الثقافية من صحف وجمعيات‬ ‫البالد التونسية واحتاللها لم تكن سهلة واجتماعية أيضا لتصل إلى العمل السياسي‬ ‫كما كان متوقعا من طرف قادته ولم تكن مع‪ » ‬حركة الشباب التونسي «‪ ‬التـي كان‬ ‫من أشهر أعالمها احملامي الشاب علي باش‬ ‫مجرد فسحة عسكرية‪.‬‬ ‫حامبة سنة ‪.1907‬‬ ‫ورغم تفوق هذا اجليش عددا وعدة على‬ ‫املقاومني التونسيني وتواطئ الباي مع وأمام تصلب األوساط االستعمارية إزاء‬ ‫السلط االستعمارية فإن ذلك لم مينع مطالب هذه احلركة‪ ،‬كان من البديهي أن‬ ‫املقاومني التونسيني من التصدي بكل عزم تلتحم باجلماهير على الساحة العامة في‬ ‫واالستماتة في الدفاع عن حرمة الوطن‪ .‬فلم مواجهة السلط االستعمارية‪.‬‬ ‫تستطع فرنسا فرض حمايتها على تونس‬ ‫إال بعد معارك ضارية تكبدت فيها خسائر املرحلة األولى ‪: 1918 – 1883‬‬ ‫‪ - 1‬األحداث في العاصمة ‪:‬‬ ‫فادحة في األرواح والعتاد‪.‬‬ ‫وبعد أن أحكمت السلطات العسكرية‬ ‫الفرنسية قبضتها على البالد سارعت‬ ‫بحل اجليش النظامي التونسي وذلك حتى‬ ‫يتسنى لها إخماد صوت املقاومة بصفة‬ ‫نهائية والتفرغ‬ ‫للقيام باالصالحات التي تخدم مصاحلها‪.‬‬

‫املقاومة الشعبية املسلحة ‪– 1883‬‬ ‫‪: 1956‬‬ ‫إثر القضاء على املقاومة املسلحة التي‬ ‫تصدت للمستعمر في بداية االجتياح‬ ‫الفرنسي للبالد التونسية‪ ،‬وحل جيش الباي‬ ‫سنة ‪ ،1883‬وتعويضه بحوالي ‪ 600‬شخص‬ ‫ميثلون حرس الباي أدخلت سلـط احلماية إلى‬ ‫تونس إدارة نظامية وتنظيما جديدا كان من‬ ‫شأنه أن سكنت البــــــالد » نسبيا«‪ ‬حتى‬ ‫سنة ‪ ،1907 – 1906‬لكن ذلك لم مينع‬ ‫التونسيني من القيام ببعض العمليات‬ ‫الفردية احملدودة املفعول وغير احملكمة خاصة‬ ‫في البوادي واألرياف‪ ،‬وكانت هذه العمليات‬

‫الدفاع‬ ‫‪40‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫أحداث اجلالز ‪ :‬نسبة إلى مقبرة اجلالز بتونس‬ ‫العاصمة والتي قررت سلطة احلماية‬ ‫تسجيل أرضها لتصبح ملك البلدية غير‬ ‫قابلة للتوسيع‪ .‬ونظرا ملا لهذا القرار من‬ ‫خطورة ومس للشعور الديني اإلسالمي‬ ‫وبدافع احملافظة على حرمة األموات‪ ،‬خرج‬ ‫التونسيون يوم ‪ 7‬نوفمبر ‪ ،1911‬وهو اليوم‬ ‫املوعود للتسجيل ملنع هذه العملية‬ ‫واحتشدت اجلموع الغفيرة أمام املقبرة‬ ‫وفي الشوارع القريبة منها فكان ال بد أن‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫مقاطعة التونسيني للترامواي سنة ‪1912‬‬

‫تصطدم بجهاز احلماية الذي أطلق النار‬ ‫على املواطنني العزل فسقط عدد كثير من‬ ‫الشهداء واجلرحى التونسيني‪ .‬ثم تال ذلك‬ ‫حملة االعتقاالت والقمع وتقدمي عدد كثير‬ ‫للمحاكمة بتهم مختلفة‪ ،‬فأصدرت احملاكم‬ ‫الفرنسية في شأنهم أحكاما تراوحت بني‬ ‫السجن واألشغال الشاقة املؤبدة واإلعدام‪،‬‬ ‫ومت تنفيذ حكم اإلعدام في كل من املنوبي‬ ‫اجلرجار والشاذلي القطاري‪.‬‬ ‫أما أحداث التراموي التي وقعت في فيفري‬ ‫‪ 1912‬فقد انطلقت من مقتل طفل تونسي‬ ‫في حادث اصطدام بعربة ترامواي يقودها‬ ‫ايطالي واجنر عنها مقاطعة تلك القطارات‬ ‫وانتفاض عامة الشعب مبدينة تونس‪ ،‬وحدثت‬ ‫اصطدامات دامية باجلالية األوروبية تبعها‬ ‫قمع عنيف من طرف سلط احلماية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬األحداث في دواخل البالد ‪:‬‬ ‫‪ - 2‬أ ‪ /‬انتفاضة تالة والقصرين ‪: 1906‬‬ ‫أما في داخل البالد فقد مثلت االنتفاضات‬ ‫املسلحة رافدا من روافد احلركة الوطنية‬ ‫التونسية فكانت انتفاضة الفراشيش‬

‫يومـي ‪ 26‬و ‪ 27‬أفريل ‪ ،1906‬والتي كان من‬ ‫أهم أسبابها احلضور األجنبي باجلهة الذي‬ ‫أحلق ضررا كبيرا بهذه القبائل ومنط عيشها‬ ‫التقليدي فضال عن استغالل السكان من‬ ‫طرف املعمرين وسوء معاملتهم وإهانتهم‬ ‫ودوس كرامتهم‪ ،‬وقد عمت هذه االنتفاضة‬ ‫مناطق تالة والقصرين وواجهتها سلطة‬ ‫احلماية باألسلحة والرشاشات واألسلحة‬ ‫الثقيلة‪ ،‬ثم قامت مبطاردة الثائرين في اجلبال‬ ‫واألودية وكانت احلصيلة سقوط املزيد من‬ ‫الشهداء واجلرحى وتقدمي عدد آخر للمحاكمة‬ ‫وجهت إليهم تهم النهب والقتل ومحاولة‬ ‫القتل واملشاركة فيه وبالتالي فقد اتخذت‬ ‫هذه االنتفاضة طابعا سياسيا ال ريب فيه‬ ‫أذكته الروح الثورية التي كانت تعتمل في‬ ‫نفـوس رجال املنطقة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ب ‪ /‬انتفاضة اجلنوب الشرقي ‪- 1915‬‬ ‫‪: 1916‬‬ ‫تعتبر انتفاضة اجلنوب الشرقي سنة ‪1915‬‬ ‫– ‪ 1916‬التي قادها احلاج سعيد بن عبد‬ ‫اللطيف وأخوه علي شيخ أوالد دباب من‬ ‫أهم أحداث املقاومة الشعبية بتونس ما بني‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪41‬‬


‫‪ 1883‬و ‪ ،1939‬وقد متت هذه االنتفاضة في‬ ‫ظروف احلرب العاملية األولى‪.‬‬ ‫وعقب انتصاب االستعمار اإليطالي‬ ‫بطرابلس الذي أذكي روح اجلهاد لدى األهالي‬ ‫فعزموا على مشاركة إخوانهم في نضالهم‪،‬‬ ‫لكن العوامل الداخلية وتضرر قبائل اجلنوب‬ ‫الشرقي كانت السبب الرئيسي في اندالع‬ ‫االنتفاضة إذ حرموا من مواردهم التجارية‬ ‫عبر الصحراء وما اجنر عـن ذلك من بؤس‬ ‫وفقر جعلهم ال يفكرون إال في الثأر ممن كان‬ ‫وراء ذلك‪.‬‬ ‫انطلقت املناوشات األولى بني القبائل‬ ‫والعروش الثائرة وبني جهاز احلماية في‬ ‫بداية شهر سبتمبر ‪ ،1915‬وشملت مناطق‬ ‫شاسعة امتدت من ذهيبة إلى تطاوين وقد‬ ‫خاض الثوار عدة معارك من أهمها ‪:‬‬ ‫ واقعة املرطبة في ‪ 13‬سبتمبر ‪1915‬‬‫ومعركة ذهيبة ومعركة ظهرة النصف‪.‬‬ ‫ معركة نكريف يوم ‪ 9‬أكتوبر ‪ ،1915‬التي‬‫استشهد فيها شيوخ أوالد دباب‪ ،‬احلاج‬ ‫سعيد بن عبد اللطيف وأخوه وقد استعملت‬ ‫أثناءها القوات الفرنسية املدفعية الثقيلة‬

‫الدفاع‬ ‫‪42‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫وقد استشهد فيها ‪ 35‬مناضال وجرح ‪50‬‬ ‫آخرون‪ ،‬وقد عزمت فرنسا على إثراء هذه‬ ‫املعارك والقضاء على الثورة وأحدثت من أجل‬ ‫ذلـك » اللواء الصحراوي لتونس « لضرب‬ ‫أوكار املقاومة واستعملت الطائرات بكثافة‬ ‫ضد مواقع الثوار وقراهم بل عمدت إلى‬ ‫إطـالق الرصاص على األسرى حتى جتبر الثوار‬ ‫على االستسالم‪ ،‬وفعال لم يبق في أواخر‬ ‫‪ 1915‬معارك نظامية تخضع لقادة معينني‬ ‫بل استمرت احلرب في شكل مناوشات تقوم‬ ‫بها فرق خفيفة وسريعة احلركة في أماكن‬ ‫مختلفة تتعرض ألعوان اجلهاز العسكري‬ ‫الفرنسي في أعمال بطولية اشتهر فيها‬ ‫خاصة محمد الدغباجي والبشير بن سديرة‪.‬‬ ‫وقد تواصلت هذه املناوشات حتى نهاية‬ ‫احلرب العاملية األولى لتبدأ مرحلة جديدة‬ ‫للمقاومة الشعبية متثلت في بداية األمر في‬ ‫مقاومة النخبة‪ .‬‬ ‫املرحلة الثانية ‪: 1945 – 1918 :‬‬ ‫‪ – 1‬االحتجاجات الوطنية في العشرينات‬ ‫والثالثينات ‪:‬‬ ‫على إثر نهاية احلرب العاملية األولى سار‬ ‫اجملتمع التونسي بخطى أكثر ثباتا نتيجة‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫الظروف العصيبة الناجمة خصوصا عن‬ ‫تدعيم االستعمار الفرنسي وتأزم الوضع‬ ‫االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وقد أسفرت هذه‬ ‫األوضاع عن ميالد احلزب احلر الدستوري‬ ‫التونسي بزعامة الشيخ عبد العزيز الثعالبي‬ ‫في مارس ‪ ،1920‬وقد أظهر هذا احلزب‬ ‫قدرة على جتنيد الرأي العام وعلى تنظيم‬ ‫املظاهرات كالتي وقعت في ‪ 15‬أفريل ‪،1922‬‬ ‫وفي ‪ 25‬مارس ‪ ،1925‬لكن عدم اعتماد هذا‬ ‫احلزب على قاعدة شعبية واقتصاره على‬ ‫«النخبة»‪ ‬من ناحية وبروز ثلة من املثقفني‬ ‫املتنورين الذين ينتمون إلى الفئات الشعبية‬ ‫املتوسطة أسرعا إلى أفول جنم احلزب احلر‬ ‫الدستوري التونسي لفائدة احلزب الدستوري‬ ‫التونسي اجلديد الذي أعلن ميالده خالل مؤمتر‬ ‫قصر هالل يوم ‪ 2‬مارس ‪ ،1934‬بزعامة احلبيب‬ ‫بورقيبة ورفاقه أمثال محمود املاطري وصالح‬ ‫بن يوسف‪ .‬وقد متكن زعماء هذا احلزب من‬ ‫استقطاب عدد كثير من اجلماهير الشعبية‬ ‫التي برز تعلقها الشديد بقيادتها اجلديدة‬ ‫إبان سياسة القمع التي سلكتها السلط‬ ‫االستعمارية ضد قيادة احلركة الوطنية‬

‫على إثر إعالن احلزب اجلديد‪ .‬فقامت من جراء‬ ‫ذلك املظاهرات واالضطرابات واالستعراضات‬ ‫االحتجاجية عبر البالد التونسية انتهت‬ ‫اشتدت حدتها بالساحل‬ ‫مبصادمات عنيفة‬ ‫ّ‬ ‫ببلدة املكنني يوم ‪ 5‬سبتمبر ‪ ،1934‬وفي‬ ‫شهر فيفري ‪ 1936‬بتونس العاصمة وفي‬ ‫عديد جهات البالد واحتد هذا التصلب‬ ‫في سنة ‪ 1938‬على إثر اقتراح قيادة احلزب‬ ‫تنظيم املظاهرات واحلث على االمتناع عن‬ ‫دفع الضرائب وعن اخلدمة العسكرية مما أدى‬ ‫بالسلط الفرنسية إلى انتهاج سياسة قمع‬ ‫عنيفة وصلت إلى حد التصادم بينها وبني‬ ‫القوى الشعبية يوم ‪ 9‬أفريل ‪ 1938‬وإطالق‬ ‫الرصاص على املواطنني العزل مما أسفر عن‬ ‫سقوط ‪ 22‬قتيال وما يزيد على ‪ 150‬جريحا‪،‬‬ ‫كما تعرض احلزب إلى قمع لم يسبق له‬ ‫مثيل من حملة اعتقال الزعماء وحل احلزب‬ ‫وتعطيل الصحف الوطنية وغير ذلك‪ ،‬كما‬ ‫أعلنت حالة الطوارئ بالبالد فدخلت املقاومة‬ ‫الشعبية في حالة من الركود استمرت بضع‬ ‫سنوات لتعود من جديد سنة ‪ 1943‬أي خالل‬ ‫احلرب العاملية الثانية‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪43‬‬


‫‪ – 2‬األحداث في الساحل واجلنوب خالل‬ ‫احلرب العاملية الثانية ‪:‬‬ ‫مثلت احلرب العاملية عامال هاما في تكثيف‬ ‫مجرى األحداث بالبالد التونسية التي‬ ‫كانت مسرحا هاما للعمليات العسكرية‬ ‫الدائرة بني احملور واحللفاء في الفترة املمتدة‬ ‫بني نوفمبر ‪ 1942‬و ماي ‪ ،1943‬وقد أحلقت‬ ‫العمليات احلربية أضرارا جسيمة بالبالد‬ ‫والعباد وكانت لها انعكاسات سيئة‬ ‫على احلياة االقتصادية واالجتماعية كما‬ ‫ساهمت في تفاقم التسلط االستعماري‬ ‫مما أثار احتجاجات واسعة النطاق وردود فعل‬ ‫عنيفة خاصة على إثر خلع املنصف بــــاي‬ ‫) جوان ‪ – 1942‬ماي ‪ ( 1943‬الذي عرف بنزعته‬ ‫الوطنية وبتبنيه ملطالب احلركة الوطنية ‪،‬‬ ‫ولع ّلها أهم هذه احلركات الشعبية املسلحة‬ ‫التي اشتهرت خالل هذه الفترة ‪:‬‬ ‫ فالقة زرمدين الذين قاوموا السلط‬‫الفرنسية بالسالح طيلة أكثر من ثالث‬ ‫سنوات ) ‪ – 1945‬أفريل ‪ ( 1948‬وكانت‬ ‫األسباب التي أدت إلى القضاء على هذه‬ ‫احلركة الناشئة متنوعة من أهمها عدم‬ ‫مساعدتها من طرف اجملتمع وعدم تأطيرها‬ ‫من طرف قادة احلزب الذين كانوا يعتبرون‬ ‫النضال املسلح في هذه الفترة عمال سابقا‬ ‫ألوانه‪.‬‬ ‫أما أهم االنتفاضات خالل هذه الفترة‬ ‫فهي‪« ‬ثورة املرازيق»‪ ‬مبنطقة دوز من اجلنوب‬ ‫التونسي التي قادها علي الصيد والتي لم‬ ‫يفلح اجليش الفرنسي في إخمادها إال في‬ ‫أواخر سنة ‪ 1944‬بعد أن استعمل أبشع‬ ‫أساليب القمع‪ .‬وتكمن أسباب هذه الثورة‬ ‫في نهب اجلنود الفرنسيني وتطاولهم على‬ ‫سكان املنطقة إثر امتناع أعوانهم وجنودهم‬ ‫عن الهجرة إلى اجلزائر اثر احتالل جيوش احملور‬ ‫مناطق اجلنوب في نوفمبر ‪ 1942‬وأمام هذه‬ ‫السياسة القمعية تكونت مجموعة من‬ ‫املقاومني من سكان العوينة أطلق عليهم‬

‫الدفاع‬ ‫‪44‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫«العوينــة الفالقة»‪ ‬وكان عددهم في بداية‬ ‫الثورة ال يتجاوز السبعة‪ ،‬أخذوا على عاتقهم‬ ‫حماية ضواحي البالد وكان أول اصطدام‬ ‫لهم مع فرقة فرنسية يوم ‪ 1‬جانفي ‪،1943‬‬ ‫في واقعة املنقار ثم تواصلت االصطدامات‬ ‫املسلحة التي بلغت حدتها عند احتالل دوز‬ ‫(من طرف اجليش الثامن اإلنقليزي) وجالء‬ ‫اإليطاليني عنها في ‪ 23‬مارس ‪ ،1943‬فأخذت‬ ‫الفرق الصحراوية الفرنسية في انتقامها‬ ‫من املرازيق ومتثلت أعمال االنتقام في القبض‬ ‫على عدد كثير من رجال القبيلة والزج بهم‬ ‫في غياهب السجون وضربهم وتعذيبهم‬ ‫واستباحة نسائهم وأرزاقهم وكانت هذه‬ ‫السياسة القمعية متثل دافعا قويا للمقاومة‬ ‫والدفاع عن املال واحلرمات فتم خوض العديد‬ ‫من املعارك من أهمها ‪:‬‬ ‫ معركة قصير الشتاوي في ‪ 7‬أفريل ‪،1944‬‬‫التي استبسل فيها اجملاهدان الطاهر بن عمر‬ ‫بن عبد امللك وأحمد بن محمد بن عمر‪.‬‬ ‫ معركة دوز في ‪ 29‬ماي ‪ ،1944‬التي قادها‬‫املناضل علي الصيد ضد ثكنة دوز‪.‬‬ ‫ معركة غابة تامزرط في ‪ 28‬جوان ‪،1944‬‬‫التي شاركت فيها بعض النساء اجلريئات في‬ ‫مقدمتهن‪« ‬مباركة بنت بن عبد امللك زوجة‬ ‫الشهيد أحمد بن بلقاسم بن عبد امللك‬ ‫وحليمة بنت عمر بن عبدة زوجة الشهيد‬ ‫عبد اهلل الغول» وكانت هذه املعركة انتصارا‬ ‫حقيقيا على القوات الفرنسية التي تركت‬ ‫في املعركة عددا من القتلى وأسلحة وذخائر‬ ‫ومؤن في أيدي اجملاهدين الذين لم يصب أحد‬ ‫منهم بسوء‪.‬‬ ‫ معركة كاف بن عسكر ‪ :‬كانت آخر معارك‬‫ثورة املرازيق في سنة ‪ ،1944‬وقد وقعت‬ ‫داخل احلدود الليبية عندما التحقت القوات‬ ‫الفرنسية باجملاهدين هناك واشتبكت معهم‬ ‫في معركة ضارية استشهد فيها الشاب‬ ‫عمـر بن إبراهيم الغول وجرح ابن عم له‪.‬‬ ‫إثر هذه املعركة خمدت الثورة ورجع بعض‬‫اجملاهدين إلى ديارهم عند صدور عفو من‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫السلط الفرنسية في حني بقي قائد الثورة‬ ‫علي الصيد وحيدا يراقب األحداث ويتنقل‬ ‫من مكان إلى آخر حتى داهمته أحداث الثورة‬ ‫الكبرى سنة ‪ ،1952‬فاندفع في أتونها حتى‬ ‫االستقالل‪.‬‬ ‫املرحلة الثالثة ‪: 1956 – 1945 :‬‬ ‫‪ – 1‬الوضع في اخلمسينات واندالع معركة‬ ‫التحرير ‪:1954 – 1952‬‬

‫إن الوضع العاملي اجلديد الذي خلقته‬ ‫احلرب العاملية الثانية ) اندالع احلرب الباردة‬ ‫( اضطرت فرنسا إلى تقدمي بعض التنازالت‬ ‫وإدخال بعض اإلصالحات التي لم تلق أي‬ ‫تأييد داخل الرأي العام التونسي مما اضطرها‬ ‫إلى إبداء بعض التفهم جتاه املطالب‬ ‫التونسية وجعلها تعرب في ربيع ‪ 1950‬عن‬ ‫رغبتها في تطوير عالقاتها بالبالد التونسية‬ ‫والسير بها تدريجيا نحو االستقالل‪ ،‬وفي‬ ‫هذا اإلطار‪ ،‬مت في أوت ‪ ،1950‬تشكيل وزارة‬ ‫جديدة برئاسة محمد شنيق وضمت من بني‬ ‫أعضائها صالح بن يوسف‪ ،‬الكاتب العام‬ ‫للحزب الدستوري اجلديد ومحمود املاطري‬ ‫وأوكلت لهذه احلكومة مهمة التفاوض‬ ‫مع السلط االستعمارية ومتكنت فعال من‬ ‫حتقيق عدد من اإلصالحات لكن معارضة‬ ‫املعمرين لهذه السياسة اإلصالحية أجبرت‬ ‫اإلدارة الفرنسية على الرجوع إلى سياسة‬ ‫القمع ومطاردة الوطنيني بل وإلى مصادمة‬ ‫مع القوى الشعبية في نوفمبر ‪ ،1950‬على‬ ‫إثر إضراب العمال التابعني لشركة النفيضة‬ ‫الفالحيــة ) ‪ 5‬موتى و ‪ 50‬جرحى ( ووصل األمر‬ ‫إلى حد القطيعة واملواجهة خاصة على إثر‬ ‫مذكرة ‪ 15‬ديسمبر ‪ 1951‬التي أعلنت فيها‬ ‫السلط االستعمارية متسكها مببدإ السيادة‬ ‫املزدوجة وعزمها على ربط البالد التونسية‬ ‫بصفة عضوية ونهائية بفرنسا مما أدى إلى‬ ‫إشعال فتيل املقاومة الكبرى التي كانت‬ ‫تعبيرا عن كل ما قاساه الشعب من استنزاف‬ ‫وقمع وتهميش منذ فرض احلماية‪ ،‬وانتظم‬

‫الثوار في مجموعات مسلحة‪ ،‬استق ّرت‬ ‫باملناطق اجلبلية الوعرة واتخذتها منطلقا‬ ‫لعملياتها ضد قوات االحتالل‪ ،‬وتلقى الثوار‬ ‫دعما ماديا ومعنويا من األهالي الذين رأوا‬ ‫فيهم طالئع التحرير واالستقالل ‪ .‬وقد بلغ‬ ‫عدد الثوار في نوفمبر ‪ 1953‬حوالي ‪3.000‬‬ ‫رجال انتشروا من الصحراء حتى وادي مجردة‪،‬‬ ‫وكانت عملياتهم تستهدف اجلنود والضباط‬ ‫الفرنسيني وكذلك التونسيني املتعاونني مع‬ ‫االستعمار باإلضافة إلى عمليات التخريب‬ ‫وغيرها‪ ،‬وقد انتظم املقاومون في شكل‬ ‫مجموعات كل منها تقاتل حتت إشراف قائد‪،‬‬ ‫ففي الساحل كان يشرف على املقاومة‬ ‫حسن بن عبد العزيز وفي جهة قابس‬ ‫الطاهر األسود وغيرهما كثيرون‪ ،‬وفي مقابل‬ ‫ذلك كانت السلط االستعمارية تتفنن‬ ‫في اضطهاد الوطنيني وإرهاب السكان‬ ‫وضربت حالة احلصار على البالد بل كانت‬ ‫تقوم بعمليات متشيط في مختلف املناطق‬ ‫للبحث عن املقاومني واألسلحة واملناشير‬ ‫ويجري أثناء التمشيط االعتداء على احلرمات‬ ‫واستباحة املمتلكات وغير ذلك من األعمال‬ ‫الوحشية مثلما وقع في قرية تازركة بالوطن‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪45‬‬


‫القبلي يوم ‪ 29‬جانفي ‪ ،1952‬ثم امتدت هذه‬ ‫العمليات إلى املداشر حتى وصلت إلى بعض‬ ‫قرى الساحل‪ .‬وكلما زادت القوات الفرنسية‬ ‫الوحشية‪،‬‬ ‫في تعنتها وممارسة األعمال‬ ‫صعـد الثوار عملياتهم احلربية فخاضوا‬ ‫ألجل ذلك معارك عـديدة من أهمها ‪:‬‬ ‫ معركة جبل مطير (بني بني خداش‬‫وغمراسن) متركزت قوات فرنسية هامة بجبل‬ ‫حصلت‬ ‫مطير تترصد وصول املقاومني بعد أن ّ‬ ‫معلومات أكيدة عن مكانهم ومجيئهم وما‬ ‫إن وصلوا حتى اشتبكوا مع اجليش الفرنسي‬ ‫الذي استعمل الدبابات والطائرات مما أسفر‬ ‫عن قتل خمسة من الثوار في حني قتل حوالي‬ ‫‪ 50‬من الفرنسيني وأعوانهم من التونسيني ‪.‬‬ ‫ معركة الفندري من منطقة كتانة من والية‬‫قابس ‪ ،‬وقعت يوم ‪ 7‬أكتوبر ‪ 1953‬بني ثلة من‬ ‫املناضلني ومجموعة من اجليش الفرنسي‬ ‫استشهد فيها ‪ 4‬من الثوار في حني قتل‬ ‫وجرح العشرات من اجليش الفرنسي‪.‬‬ ‫ معركة جبل عرباطة ‪ :‬يقع جبل عرباطة في‬‫جهة قفصة وقد كان مقرا لقيادة املقاومني‬ ‫في اجلنوب الغربي‪ ،‬ودارت به عدة معارك‬ ‫بني الثوار واجليش الفرنسي‪ ،‬ففي ‪ 9‬جوان‬ ‫‪ ،1954‬التحمت القوات الفرنسية بالثوار‬ ‫وحاصرتهم لكنهم استبسلوا في الدفاع‬ ‫عن مواقعهم ومتكنوا من إصابة بعض اجلنود‬ ‫الفرنسيني بينما استشهد في صفوف‬ ‫الوطنيني سبعة مقاومني‪ ،‬وكذلك دارت يوم‬ ‫‪ 23‬جوان اشتباكات تواصلت خمس ساعات‬ ‫أصيب فيها العديد من جنود االحتالل‬ ‫واستشهد فيها خمسة من الوطنيني‪.‬‬ ‫ معركة جبل إشكل ‪ :‬اندلعت هذه املعركة‬‫يوم ‪ 23‬ماي ‪ ،1954‬إثر تطويق قوات االحتالل‬ ‫جلبل إشكل بحثا عن نواة املقاومة الوطنية‬ ‫املسلحة به وخالل عملية التفتيش وقعت‬ ‫اشتباكات بني الطرفني انتهت باستشهاد‬ ‫وجرح عدد من املقاومني بينما قتل اثنان وجرح‬ ‫أربعة من جنود العدو ومتكن بقية الوطنيني‬ ‫من التحصن باجلبل ومواصلة املقاومة‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪46‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫ معركة جبل برقو ‪ :‬تكونـت نـواة مقاومـة‬‫مسلحـة‪« ‬بجبل برقو» وقامت بعدة عمليات‬ ‫تخريبية استهدفت مصالح املقيمني باجلبل‪،‬‬ ‫وجتمعت لدى املقاومني كميات من األسلحة‬ ‫النارية التي غنمها األهالي من معارك احلرب‬ ‫العاملية الثانية‪« ‬بجهة سليانة»‪ ، ‬كما‬ ‫التحقت بهم مجموعة من احلرس امللكي‬ ‫بأسلحتهم وأمام تعدد أعمال املقاومة‬ ‫وصمودها‪ ،‬جهز اجليش الفرنسي ‪12.000‬‬ ‫عسكريا مدعمني باملدفعية واملدرعات‬ ‫والطيران لتمشيط منطقة‪« ‬كسرى وبرقو»‪ ‬‬ ‫وكسر شوكة املقاومة الوطنية املسلحة‬ ‫بها ودارت بهذه املرتفعات عدة اشتباكات‬ ‫كانت حصيلتها استشهاد ‪ 18‬شهيدا و‪20‬‬ ‫أسيرا من الوطنيني وقتل وجرح عدد من‬ ‫جنود قوات االحتالل‪.‬‬ ‫ معركة جبل الرديف ‪ :‬اندلعت هذه املعركة‬‫يوم ‪ 25‬أكتوبر ‪ ،1954‬وشارك فيها ‪ 420‬مقاوما‬ ‫مسلحا‪ ،‬استشهد منهم ‪ 7‬وجرح ‪ ،13‬وقد‬ ‫حشدت فرنسا لهذه املعركة قوة كبيرة‬ ‫منذ ليلة ‪ 24‬أكتوبر وبدأت املعركة يوم ‪25‬‬ ‫أكتوبر وتـواصـلت إلى يـوم ‪ 26‬أكتوبـر دون‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫مظاهرة نسائية‬

‫انقطاع‪ ،‬وصمـد الوطنيـون أمـام مختلـف‬ ‫األسلحة الفرنسية املدمرة‪ ،‬وحتصنوا باجلبل‬ ‫حتى تراجعت القوات املعادية وفكت احلصار‬ ‫عن اجلبل دون استسالم املقاومني الذين متكن‬ ‫األهالي من إمدادهم ومتوينهم رغم تضييق‬ ‫اخلناق عليهم‪.‬‬ ‫‪ – 2‬بوادر استقالل البالد وانتهاء املقاومة ‪:‬‬ ‫لم جتد فرنسا بدا من التفاوض واالعتراف‬ ‫باستقالل البالد التونسية أمام تصلب‬ ‫املقاومة املسلحة وإصرار الشعب التونسي‬ ‫على نيل حقوقه كاملة وفي هذا اإلطار‬ ‫أعلن رئيس احلكومة الفرنسية‪« ‬بيار منداس‬ ‫فرانس»‪ ‬يوم ‪ 31‬جويلية ‪ 1954‬أمام الباي‬ ‫استقالل تونس الداخلي وفتح مفاوضات‬ ‫إلبرام اتفاقيات حتدد حقوق وواجبات كال‬ ‫الطرفني‪ ،‬فتشكلت يوم ‪ 7‬أوت ‪ 1954‬وزارة‬ ‫برئاسة الطاهر بن عمار وانطلقت يوم ‪13‬‬ ‫سبتمبر احملادثات في باريس وفي األثناء وجهت‬

‫احلكومة التونسية يوم ‪ 21‬نوفمبر ‪ 1954‬نداء‬ ‫إلى املقاومني دعتهم فيه إلى الكف عن‬ ‫القتال وتسليم سالحهم لتنتهي بذلك فترة‬ ‫هامة من تاريخ احلركة الوطنية واملقاومة‬ ‫الشعبية التي بشرت ببوادر االستقالل التام‬ ‫الذي أعلن فعليا يوم ‪ 20‬مارس ‪.1956‬‬ ‫اخلامتة ‪:‬‬ ‫إثر حصول البالد على االستقالل‪ ،‬بدأت حركة‬ ‫نشيطة أخرى ال تقل أهمية عن النضال‬ ‫الوطني من أجل تقرير املصير‪ ،‬فوجهت‬ ‫الدولة اهتمامها نحو استكمال السيادة‬ ‫الوطنية فطالبت منذ جوان ‪ 1956‬بجالء‬ ‫القوات الفرنسيـة التي ال تزال مرابطة‬ ‫بأراضي البالد وخاصة بنزرت التي حتقق اجلالء‬ ‫عنها في أكتوبر ‪ 1963‬واكتملت السيادة‬ ‫الوطنية يوم ‪ 12‬ماي ‪ 1964‬بإصدار قرار تأميم‬ ‫أراضي‪« ‬املعمرين»‪ ‬األروبيني‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪47‬‬


‫النــواة‬ ‫األولـى‬

‫للجيش الوطني‬

‫لقد توجت المقاومة الوطنية بمختلف أشكالها (ثقافية‪ ،‬نقابية‪ ،‬سياسية‪ ،‬عسكرية…)‬ ‫بإعالن االستقالل في ‪ 20‬مارس ‪ .1956‬وكان بعث الجيش الوطني التونسي من أول األعمال‬ ‫التي بادرت إليها حكومة االستقالل باعتبار الجيش درعا للوطن وأداة لفرض السيادة‪.‬‬ ‫وفي أكتوبر ‪ 1956‬مت إحداث مدرسة‬ ‫لتكوين ضباط الصف بباردو‪ .‬كما مت توجيه‬ ‫دفعة من الشبان إلى « سان سير » بفرنسا‬ ‫لتكوينهم كضباط‪ .‬وقد مثلوا أول دفعة من‬ ‫ضباط االستقالل‪.‬‬ ‫وفي الذكرى األولى لالستقالل‪ ،‬استلم‬ ‫اجليش الوطني العلم املفدى‪ ،‬وكان على‬ ‫هذا اجليش الفتي أن ينخرط في معركة‬ ‫استكمال السيادة رغم قلة إمكانياته‬ ‫املادية والبشرية آنذاك‪.‬‬ ‫ولعل أوكد الواجبات التي عهدت إلى‬ ‫اجليش الوطني منذ االستقالل كانت العمل‬

‫الدفاع‬ ‫‪48‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫على إجالء بقايا اجليش الفرنسي ومواجهة‬ ‫أي توغل للقوات الفرنسية في التراب‬ ‫الوطني بدعوى مطاردة الثوار اجلزائريني‬ ‫الذين وجدوا لدى الشعب التونسي كل‬ ‫الدعم واملساندة‪ ،‬وليست أحداث ساقية‬ ‫سيدي يوسف (فيفري ‪ )1958‬إال دليال‬ ‫قاطعا على التحام الوطنيني في تونس‬ ‫واجلزائر وعملهم النضالي املشترك من‬ ‫أجل التحرير واإلنعتاق‪ .‬فقد قامت الطائرات‬ ‫الفرنسية بقصف عشوائي لقرية ساقية‬ ‫سيدي يوسف يوم ‪ 8‬فيفري ‪ 1958‬بتعلة‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫مالحقة الثوار اجلزائريني‪ ،‬وقد ذهب ضحية‬ ‫هذا القصف ‪ 75‬قتيال و ‪ 132‬جريحا‪ ،‬كما‬ ‫حلقت بالقرية عدة أضرار جسيمة إذ حتطم‬ ‫ما يزيد على ‪ 130‬منزال‪.‬‬ ‫اجليش الوطني يخوض املعــارك من أجل‬ ‫الذود عن الوطن ‪ :‬جوان ‪ –1956‬أكتوبر‬ ‫‪: 1963‬‬ ‫لقد خاض اجليش الوطني في السنوات‬ ‫األولى لالستقالل معارك عديدة ضد ما تبقى‬ ‫من فلول اجليش الفرنسي بتونس‪ ،‬وسخر كل‬ ‫طاقاته الستكمال السيادة وتواصلت أعماله‬ ‫البطولية حتى جالء آخر جندي فرنسي عن‬ ‫أرض الوطن يوم ‪ 15‬أكتوبر ‪ .1963‬ومن أبرز‬ ‫معارك اجلالء معركتا رمادة وبنزرت‪.‬‬ ‫معركة رمادة ‪ :‬ماي ‪: 1958‬‬ ‫اجتهت احلكومة التونسية إلى تضييق‬ ‫اخلناق على بقايا اجليش الفرنسي ببالدنا‬ ‫والعمل على إجالئها عن أرض الوطن‪.‬‬ ‫وقد صدرت التعليمات مبحاصرة الوحدات‬ ‫الفرنسية املتواجدة بثكنة رمادة وفرض إذن‬ ‫مسبق على كل حترك تقوم به‪ .‬ولكن العقيد‬

‫«مولو» قائد احلامية الفرنسية برمادة رفض‬ ‫اإلمتثال ألوامر احلكومة التونسية وحرك‬ ‫تشكيلة من اجليش الفرنسي مكونة من‬ ‫‪ 30‬عربة مصفحة ومجهزة باألسلحة‬ ‫الرشاشة وقطع املدفعية‪ ،‬انطلقت من‬ ‫مركزها برمادة وزحفت شماال حتى احتلت‬ ‫قرية بئر عميرة (‪ 40‬كلم شمال رمادة)‪.‬‬ ‫وقد متكنت القوات التونسية من‬ ‫السيطرة على موقع واد دكوك ودحر القوات‬ ‫الفرنسية عن قرية بئر عميرة يوم ‪ 19‬ماي‬ ‫‪ .1958‬والحقت اجليش الفرنسي باجتاه‬ ‫رمادة حيث حاصرته وأغلقت في وجهه كل‬ ‫محاور النقل‪ ،‬ومت في يوم ‪ 24‬ماي حتطيم‬ ‫عربة عسكرية فرنسية حاولت اختراق‬ ‫احلصار وقتل سائقها‪.‬‬ ‫واضطرت القوات الفرنسية برمادة إلى‬ ‫طلب التعزيزات من الذهيبات وبرج البوف‬ ‫(برج بورقيبة حاليا) إال أن القوات التونسية‬ ‫منعتها عنها‪ .‬ولفك احلصار عنها جلأت‬ ‫القوات الفرنسية إلى قصف منطقة رمادة‬ ‫بواسطة الطائرات يوم ‪ 25‬ماي‪ .‬واضطرت‬ ‫القوات التونسية إلى االعتصام باجلبال‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪49‬‬


‫وتصدت ببسالة للهجومات الفرنسية‪ .‬وفي‬ ‫يوم ‪ 26‬ماي توقف القصف اجلوي وحتصنت‬ ‫القوات الفرنسية وراء خط دفاعي أقامته‬ ‫لصد تسرب اجليش الوطني نحوها‪ .‬ورغم‬ ‫توقف القتال يوم ‪ 27‬ماي بني اجلانبني فقد‬ ‫عادت االشتباكات خالل شهر جوان ولكن‬ ‫بصفة محدودة‪ .‬ومن أبرز شهداء معركة‬ ‫رمادة املناضل مصباح اجلربوع الذي تصدى‬ ‫مبهارة وبسالة منقطعة النظير لنيران‬ ‫العدو دفاعا عن حرمة الوطن‪.‬‬ ‫معركة احلدود اجلنوبية الصحراوية‪:‬‬ ‫(الناظور ‪:)233‬‬ ‫كانت احلكومة التونسية تطالب‬ ‫بسيادتها على حدودها اجلنوبية الصحراوية‬ ‫التي متتد في عمق الصحراء مساحة أعمق‬ ‫من تلك التي حددتها فرنسا تبعا لنواياها‬ ‫اإلستطانية في اجلزائر‪.‬فقد كانت فرنسا‬ ‫تعتبر أن احلدود اجلنوبية لتونس مع ليبيا‬ ‫تنتهي عند الناظور رقم ‪ 220‬املسمى ‪Fort‬‬ ‫‪( Saint‬برج اخلضراء حاليا) والواقع أن حدود‬ ‫تونس متتد أبعد من ذلك بـ ‪ 25‬كلم أي عند‬ ‫الناظور رقم ‪ 233‬في املنطقة املسماة‬ ‫“قرعة الهامل”‪.‬‬ ‫أما من اجلانب الغربي فقد نصت اتفاقية‬ ‫‪ 1901‬بني تونس واجلزائر (احملتلتني) على أن‬ ‫احلد الفاصل بني البلدين جنوبا هو نقطة‬ ‫بئر الرومان‪ .‬وبقيت املناطق الواقعة جنوب‬ ‫هذه النقطة الدالة يشوبها الغموض‬ ‫وتظهر على اخلرائط الفرنسية في شكل‬ ‫خط متقطع أعتبر حدا وقتيا‪ .‬وقد رفضت‬

‫الدفاع‬ ‫‪50‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫احلكومة الفرنسية هذا املطلب الشرعي‬ ‫لتونس وادعت أن املوقف التونسي تغذيه‬ ‫الرغبة في الثروات الصحراوية وأنها ستعتبر‬ ‫أي حترك تونسي نحو العالمة ‪ 233‬اعتداءا‬ ‫على فرنسا‪.‬‬ ‫أما تونس فقد دافعت عن موقفها أمام‬ ‫املنتظم األممي مستندة إلى االتفاقيات‬ ‫املبرمة سلفا بني تونس وليبيا والتي أمضاها‬ ‫من جانب نواب فرنسيون كانوا ميثلون تونس‬ ‫آنذاك‪.‬‬ ‫وعند جالء اجليش الفرنسي عن اجلنوب‬ ‫التونسي مبقتضى اتفاقية ‪ 17‬جوان ‪1958‬‬ ‫تسلم اجليش التونسي برج اخلضراء واملطار‬ ‫وبئر ارتوازية تبعد عن البرج حوالي مائة متر‬ ‫وهي البئر الوحيدة املوجودة باملنطقة‪ .‬وفي‬ ‫واجهة هذا احلصن على مسافة مائتي متر‬ ‫كانت تتمركز داخل التراب اجلزائري حامية‬ ‫حدودية فرنسية وكان عناصر هذه احلامية‬ ‫يترددون على البئر التونسية للتزود باملاء‪.‬‬ ‫ومنذ منتصف جويلية ‪ 1961‬تأزمت‬ ‫العالقة بني تونس وفرنسا بسبب رفض‬ ‫احلكومة الفرنسية الدخول في مفاوضات‬ ‫حول اجلالء عن بنزرت وعن أقصى اجلنوب‪،‬‬ ‫وهددت احلكومة التونسية يوم ‪ 17‬جويلية‬ ‫مبحاصرة بنزرت والزحف نحو قرعة الهامل‬ ‫في صورة تواصل الرفض الفرنسي‪ .‬وفي‬ ‫الوقت الذي حاصرت فيه القوات التونسية‬ ‫من جيش وحرس وطني ومتطوعني قاعدة‬ ‫بنزرت‪ ،‬اجتهت مجموعات من املتطوعني‬ ‫في اجلنوب التونسي نحو املواقع التونسية‬ ‫احملتلة في قرعة الهامل (الناظور ‪. )233‬‬ ‫ويوم ‪ 20‬جويلية ‪ 1961‬مت إعالم احلامية‬ ‫الفرنسية بالتراب اجلزائري أن احلدود التونسية‬ ‫أغلقت أمام الفرنسيني وبالتالي مينع‬ ‫تزودهم باملاء من البئر التونسية‪ .‬وكرد فعل‬ ‫مباشر على اإلجراء التونسي قامت القوات‬ ‫الفرنسية باجلزائر على الساعة العاشرة ليال‬ ‫بهجوم مباغت على البرج التونسي شنته‬ ‫‪ 9‬دبابات معززة بـ‪ 4‬طائرات‪ .‬فردت القوات‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫التونسية على الهجوم بشدة وصمود وهو‬ ‫ما دفع بالغزاة إلى طلب التعزيز من القواعد‬ ‫الفرنسية باجلزائر بـ‪ 9‬طائرات من قاذفات‬ ‫القنابل وصلت إلى املنطقة صباح ‪ 21‬جويلية‬ ‫‪ 1961‬وقامت بقصف البئر والبرج مجددا‪،‬‬ ‫فواجهتها نيران املدفعية التونسية حتى‬ ‫عادت على أعقابها دون حتقيق هدفها‪ .‬ومنذ‬ ‫ذلك التاريخ وحتى إعالن وقف إطالق النار لم‬ ‫تتج ّرأ القوات الفرنسية على الهجوم وباتت‬ ‫القوات التونسية تراقب كامل املنطقة‪.‬‬ ‫وقد أسفرت هذه املعركة عن استشهاد‬ ‫‪ 13‬جنديا من اجليش التونسي وإصابة عدد‬ ‫آخر بجروح‪ ،‬أما من اجلانب الفرنسي فقد مت‬ ‫التصريح بسقوط طائرة وحتطم ‪ 6‬عربات‬ ‫وموت ‪ 60‬عسكريا‪.‬‬

‫النابالم ) بصفة عشوائية‪ .‬ولكن الوطنيني‬ ‫ظلوا صامدين وحاصروا القواعد الفرنسية‬ ‫ومنعوا جنودها من التحرك خارجها‪ .‬كما‬ ‫خاض الوطنيون ضد القوات الفرنسية حرب‬ ‫الشوارع بصمود وتضحية وسقط عشرات‬ ‫الشهداء في ساحة الشرف دفاعا عن حرمة‬ ‫الوطن‪ ،‬ونذكر من العسكريني الرائد البجاوي‬ ‫واملالزم تاج وغيرهم كثيرون‪ .‬وقد توجت هذه‬ ‫املعركة يوم ‪ 15‬أكتوبر ‪ 1963‬بجالء آخر‬ ‫جندي فرنسي عن تراب الوطن‪ ،‬بعد أن أخذت‬ ‫منعرجا سياسيا وبسطت على مكاتب‬ ‫املنتظم األممي والقت تونس خاللها مساندة‬ ‫كل القوى احملبة للسالم في العالم‪.‬‬

‫معركة بنزرت ‪ :‬جويلية ‪: 1961‬‬ ‫ظل بقاء القوات الفرنسية بقاعدة بنزرت‬ ‫االستراتيجية ميثل انتقاصا من سيادة‬ ‫الدولة التونسية‪ .‬وقد حرصت احلكومة على‬ ‫إجالء اجليش الفرنسي عنها ولكن املساعي‬ ‫الديبلوماسية وصلت إلى طريق مسدودة‪.‬‬ ‫وكان ال بد من خوض املعركة املسلحة‬ ‫لفرض اجلالء عن بنزرت‪.‬‬ ‫وقامت احلكومة بتعبئة آالف املواطنني‬ ‫من كل أنحاء البالد كانوا يهتفون في‬ ‫مظاهراتهم « اجلالء‪ ،‬السالح » متحمسني‬ ‫خلوض املعركة وتصفية االستعمار‪ .‬وقد‬ ‫التحم اجليش الوطني باملواطنني في إقامة‬ ‫السدود واحلواجز حول الثكنات الفرنسية‬ ‫ملنع القوات الفرنسية من التحرك‪.‬‬ ‫وفي جويلية اندلع الصدام بني القوات‬ ‫الفرنسية واجليش الوطني املرابط ببنزرت‪.‬‬ ‫وقامت املدفعية التونسية بتحطيم مسلك‬ ‫الطائرات بالقاعدة اجلوية وإسقاط عدة‬ ‫طائرات معادية‪ .‬واحتلت القوات التونسية‬ ‫عدة مواقع انطلقت منها ملهاجمة القوات‬ ‫الفرنسية‪ .‬وقد أمطرت الطائرات الفرنسية‬ ‫مدينة بنزرت بوابل من القذائف (ومنها‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪51‬‬


‫تطور اجليش ‪:‬‬ ‫انطالقا من سنة ‪ 1963‬استأنفت العالقات‬ ‫الدبلوماسية التونسية الفرنسية وعادت‬ ‫امللحقية العسكرية وهو ما عزز التعاون في‬ ‫مجال التكوين باملدارس الفرنسية‪ .‬وبعد‬ ‫اللجوء إلى املدارس األجنبية في مرحلة أولى‪،‬‬ ‫حرصت القيادة على االعتماد على النفس‬ ‫وتكوين اإلطارات في مدارس ومراكز وطنية‬ ‫تستجيب ملتطلبات ومعطيات البالد‪.‬‬ ‫وفي هذا اإلطار مت إحداث األكادميية‬ ‫العسكرية سنة ‪ 1967‬كما مت بعث مركز‬ ‫تكوين الرقباء في غرة سبتمبر ‪ 1968‬لسد‬ ‫الشغور احلاصل في رجال اجليش كما أحدثت‬ ‫املدرسة التقنية للجيوش بتاريخ ‪ 6‬جويلية‬ ‫‪ 1965‬ومهمتها تكوين اإلطارات من الضباط‬ ‫وضباط الصف والرقباء في اختصاصات‬ ‫مختلفة مثل اإلشارة وامليكانيك العام‬ ‫واألسلحة والذخيرة واإلدارة والهندسة‬ ‫واللغات احلية واإلعالمية سنة ‪.1965‬‬ ‫كما اهتمت القيادة بالرياضة فتأسست‬ ‫املدرسة العسكرية للمربني الرياضيني في‬ ‫غرة أكتوبر ‪ 1968‬ومهمتها تكوين مربني‬

‫الدفاع‬ ‫‪52‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫رياضيني من الصنفني األول والثاني في‬ ‫مختلف الرياضات للجيوش الثالثة‪ .‬كذلك مت‬ ‫تنظيم التربصات لضباط الرياضة‪.‬‬ ‫وتوجت هذه املرحلة بإحداث املعهد‬ ‫العسكري في ‪ 16‬سبتمبر ‪ 1969‬لسد نسبة‬ ‫من حاجيات القوات املسلحة من التالميذ‬ ‫احملرزين على شهادة الباكالوريا األمر الذي‬ ‫يؤهلهم لاللتحاق باملدارس العسكرية‪.‬‬ ‫جيش البحر‬ ‫حتصل البالد التونس ّية على‬ ‫على إثر‬ ‫ّ‬ ‫اإلستقالل في ‪ 20‬مارس ‪ 1956‬قامت‬ ‫السلطات التونس ّية بإحداث النواة األولى‬ ‫للجيش التونسي في ‪ 24‬جوان ‪ ،1956‬وفي‬ ‫نفس السياق تق ّرر بعث بحر ّية وطن ّية يُعهد‬ ‫لها مراقبة املياه اإلقليم ّية والفضاءات‬ ‫الدولة‬ ‫البحر ّية املوضوعة حتت سلطة ّ‬ ‫التونس ّية‪.‬‬ ‫وعلى هذا األساس‪ ،‬في سنة ‪ ،1957‬متّ‬ ‫الدفاع‬ ‫إحداث مكتب بحر ّية وطن ّية بوزارة ّ‬ ‫الوطني حتت إدارة السيد عبد احلميد شلبي‬ ‫الذي قام ببعث خلية يُعهد لها بعث بحر ّية‬ ‫السيد األديب‬ ‫وطن ّية‪ ،‬حيث قام باستدعاء ّ‬ ‫متخصص في اإلشارة ويعمل‬ ‫النجعي‪،‬‬ ‫ّ‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫بالبحر ّية الفرنس ّية آنذاك‪.‬‬ ‫كما انطلقت حملة منذ شهر مارس‬ ‫‪ ،1957‬في كامل تراب اجلمهور ّية عن طريق‬ ‫الداخلية (‪Circulaire N˚ 203 du‬‬ ‫وزارة ّ‬ ‫‪ ،)03/09/57‬إلحصاء البحارة ذوي اجلنس ّية‬ ‫وخاصة الذين عملوا صلب‬ ‫التونس ّية‬ ‫ّ‬ ‫البحر ّية الفرنس ّية‪ .‬وقد متّ اختيار ‪ 50‬فردا‬ ‫من ضمن هؤالء البحارة مثلوا النواة األولى‬ ‫للبحر ّية التونسية‪.‬‬ ‫في ‪ 25‬سبتمبر من نفس السنة‪ ،‬متّ توجيه‬ ‫صي اختصاص قيادة سفن من مدرسة‬ ‫متر ّب ْ‬ ‫البحر ّية التجار ّية مبرسيليا ‪،Marseille‬‬ ‫ملتابعة دروس املدرسة البحر ّية الفرنس ّية‬ ‫محمد‬ ‫ببراست (‪ )Brest‬وهما‪ :‬التلميذ ضابط‬ ‫ّ‬ ‫شاذلي صانشو والتلميذ ضابط بشير بن‬ ‫صادق جديدي الذي شغل فيما بعد منصب‬ ‫أ ّول رئيس أركان جيش البحر‪.‬‬ ‫إحداث البحريّة التونسيّة‪:‬‬ ‫في ‪ 29‬سبتمبر ‪ ،1958‬بُعث مركز تكوين‬ ‫البحر ّية الوطن ّية بحلق الوادي (قرار عدد ‪23‬‬

‫مهمة‬ ‫بتاريخ ‪ 29‬سبتمبر ‪ )1958‬و ُعهدت ل ُه‬ ‫ّ‬ ‫انتداب وتكوين أفراد لتوظيفهم الحقا على‬ ‫منت وحدات بحر ّية‪ .‬واعتبر تاريخ ‪ 16‬أكتوبر‬ ‫‪ 1958‬الذي تزامن مع حفل تسلم قيادة‬ ‫هذا املركز من قبل النقيب بالبحرية األديب‬ ‫النجعي كتاريخ إحداث البحرية الوطنية‬ ‫التي أصبحت فيما بعد جيش البحر‪.‬‬ ‫في البداية‪ ،‬وبالتوازي مع تكوين األفراد‬ ‫باملركز املذكور سالفا متّ إرسال أ ّول مجموعة‪،‬‬ ‫متك ّونة من (‪ )6‬تالمذة ض ّباط و‪ 16‬تلميذا‬ ‫ضابط صف‪ ،‬للدراسة مبدارس فرنسية‪ ،‬والتي‬ ‫كان من ضمنهم التلميذ ضابط حبيب بن‬ ‫حسن فضيلة الذي َ‬ ‫منصب ثاني رئيس‬ ‫ش ِغ َل‬ ‫َ‬ ‫أركان جيش البحر‪.‬‬ ‫زيادة على التكوين باملدارس الفرنس ّية‪،‬‬ ‫يتم تكوين ض ّباط البحر ّية مبدارس لبلدان‬ ‫كان ّ‬ ‫أخرى مثل‪ :‬اليونان (بداية من ‪ ،)1962‬تركيا‬ ‫وإيطاليا (بداية من سنة ‪ .)1966‬غير أ ّن هذا‬ ‫لم مينع من ب َ ْع ِث مدرسة مالحني شراعيني‬ ‫(‪ )Ecole des gabiers‬مع تكوين مشاة (في‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪53‬‬


‫بداية ‪ 1‬أفريل ‪.)1959‬‬ ‫و ُمنذ عودة أوائل املتر ّبصني الذين تابعوا‬ ‫تكوينهم بفرنسا‪ ،‬تس ّلمت البحر ّية‬ ‫التونس ّية وحدتني بحر ّيتني من البحر ّية‬ ‫الفرنس ّية‪:‬‬ ‫ األولى متثلت في اجلوالة "اإلستقالل" (‪31‬‬‫متر) التي متّ تس ّلمها في ‪ 22‬سبتمبر‪1959‬‬ ‫وكان أ ّول آمر لها املالزم بالبحر ّية بشير‬ ‫جديدي ‪،‬‬ ‫ الثانية متمثلة في اخلافرة نازعة األلغام‬‫(‪ )Aviso Chevreuil‬متّ تس ّلمها في ‪ 14‬أكتوبر‬ ‫"الدستور ‪"E71‬‬ ‫‪ 1959‬وتغيير تسميتها إلى ّ‬ ‫محمد‬ ‫وكان أ ّول آمر لها املالزم أ ّول بالبحرية‬ ‫ّ‬ ‫شاذلي صانشو‪ .‬وسنة ‪ 1963‬بلغ األسطول‬ ‫ستة زوارق وخافرتني‪.‬‬ ‫جيش الطيران‬ ‫استعمل جيش الطيران في بداية خطواته‬ ‫الطائرات املوروثة عن نادي الطيران وفي سنة‬ ‫‪ 1960‬مت شراء ‪ 15‬طائرة من السويد استغلت‬ ‫في التدريب مبدرسة سياقة الطائرات‬ ‫بالعوينة حتت إشراف فنيني سويديني‪ .‬وقد‬ ‫ساهم املواطن التونسي في هذا اجملهود‬ ‫الدفاعي وذلك بتخصيص نسبة من راتبه‬ ‫لفائدة الدفاع الوطني خالل هذه املرحلة‬ ‫وقد مت خالل العشرية املمتدة من ‪1956‬‬ ‫إلى ‪ ،1966‬تكوين ما يزيد عن األربعني ضابطا‬ ‫خاصة بفرنسا وبدرجة أقل بكل من بلجيكا‬ ‫واليونان في اختصاصات مختلفة (سياقة‬ ‫الطائرات ‪ -‬املالحة اجلوية ‪ -‬هندسة ميكانيك‬ ‫الطائرات)‪ .‬وإلى جانب الضباط‪ ،‬مت تكوين‬ ‫مجموعة من ضباط الصف خالل نفس‬ ‫العشرية في اختصاصات متعددة‪ .‬وبصفة‬ ‫موازية‪ ،‬مت بعث “مكتب الطيران” في أواخر‬ ‫سنة ‪ 1957‬الذي كان مبثابة اخللية األولى في‬ ‫طريق بعث جيش الطيران‪.‬‬ ‫وفي نوفمبر ‪ ،1960‬مت بعث مدرسة لقيادة‬ ‫الطائرات بالعوينة بالتعاون مع فنيني‬ ‫وقائدي طائرات من السويد‪ .‬وفي ماي ‪،1962‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪54‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫مت بعث اجملموعة اجلوية للجنوب بقابس‪.‬‬ ‫وخالل شهر أكتوبر من نفس السنة‪ ،‬مت بعث‬ ‫دائرة تدريب على الطائرات املروحية ضمن‬ ‫مدرسة الطيران‪ .‬ورغم تواضع االمكانيات‬ ‫وقلة األفراد ذوي الكفاءات املهنية‪ ،‬فإن بعث‬ ‫كل من مدرسة الطيران واجملموعة اجلوية‬ ‫باجلنوب هو تعبير عن إرادة القيادة بعث جيش‬ ‫طيران منظم بعد جالء القوات الفرنسية‬ ‫عن القاعدة اجلوية بسيدي أحمد والقاعدة‬ ‫اجلوية باخلروبة وحتويل العتاد والتجهيزات‬ ‫اجلوية إلى هاتني القاعدتني في أكتوبر ‪.1963‬‬ ‫ففتحت آفاق جديدة في طريق تركيز جيش‬ ‫الطيران وتنظيمه‪ .‬وفعال فقد صدر القرار‬ ‫عدد ‪ 15‬مؤرخ في ‪ 15‬جوان ‪ 1965‬القاضي‬ ‫ببعث هذا الهيكل الذي كان متكونا من‬ ‫أركان ووحدات جوية ووحدات إسناد‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫وزارة الدفاع‬ ‫الوطنـــي‬

‫تعاضد مجهود‬ ‫الدولة في مجال‬ ‫التشغيل‬

‫انخرطت وزارة الدفاع الوطني في اإلستراجتية الوطنية للنهوض‬ ‫بتشغيل الشباب وذلك بانتداب ‪ 12‬ألف شاب سيتم إدماجهم‬ ‫مباشرة بعد أداء اخلدمة الوطنية في صفوف اجليش الوطني‪.‬‬ ‫يتمتع الشاب اجملند بجملة من االمتيازات تتمثل في منحة شهرية تقدر ب ‪ 100‬دينار‬ ‫لغير احلاملني لشهائد عليا و‪ 200‬دينار ألصحاب الشهائد العليا إضافة إلى مجانية األكل‬ ‫واللباس والعالج والتنقل في كامل تراب اجلمهورية‪.‬‬ ‫وحرصا منها على حتقيق التوازن بني مختلف اجلهات خصصت املؤسسة العسكرية ‪11‬‬ ‫فريق عمل لتسجيل الشباب القاطن باملناطق النائية واحلدودية خاصة في الشمال الغربي‬ ‫واجلنوب‪.‬‬ ‫ومتر عملية التجنيد بجملة من املراحل تتمثل في ‪:‬‬ ‫ التسجيل في مكاتب التجنيد املنتشرة في كامل تراب اجلمهورية‪.‬‬‫ جتميع مختلف املطالب‪.‬‬‫ إعداد قائمات على املستوى املركزي في إدارة التجنيد والتعبئة‪.‬‬‫ تتولى وزارة الدفاع الوطني دراسة مطالب املترشحني‪.‬‬‫ إعداد القائمات النهائية‪.‬‬‫وقد مت في شهر مارس املنقضي إستدعاء املعنيني باألمر من طرف املكاتب اجلهوية‬ ‫للخدمة العسكرية لإلحتاق بإحدى مراكز التجنيد اخلمسة ( القصرين‪ ،‬باجة‪ ،‬القيروان‪،‬‬ ‫تونس‪ ،‬وسوسة) إلجراء فحص طبي وعرضهم على جلنة مختصة معينة من قبل الوزارة‪،‬‬ ‫ليلتحق الشاب اجملند بعد ذلك بإحدى مراكز التدريب املتواجدة في كامل أنحاء اجلمهورية‬ ‫ليتلقى تدريبا عسكريا يدوم ‪ 10‬أسابيع‪ ،‬ويواصل أداء واجبه الوطني بالوحدات العسكرية‬ ‫على أن تتم عملية انتدابه في صفوف اجليش الوطني مباشرة في السنة الثانية حسب‬ ‫اختصاصه ويتمتع براتب ورتبة عسكرية‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪55‬‬


‫حماة الوطن‬

‫نحن اجلنـود‪ ،‬نحـن األســو د‬ ‫نحمي التراب‪ ،‬نحمي احلــدود‬ ‫نصون البـالد عليهـا نــذود ‬ ‫بأجسامنـا نبنـي الســــدود‬ ‫على حبهـا قطعنـا العهـــود‬ ‫بالـدم نحـن عليهـا جنـــود ‬ ‫وفي كل شبـر نروم الوجــود ‬ ‫عشقنـا البـالد بغير حـــدود ‬ ‫شعارنا الوفاء الصبر والصمـود‬ ‫ذاك نشـؤنا منـذ عقــــود‬ ‫ودومـا بـه نروم الصعـــود‬ ‫وللشعـب نـحـن كخــل ودود‬ ‫شيبـا شبابــا عليهـا شهــود‬ ‫نصرنـا اجلموع نصرنـا احلشود‬ ‫بغيـر شـروط بغيـر قيـــود‬ ‫سهـرنا وقوفـا غيـر قعـــود ‬ ‫سهـاما لكـل عــدو لـــدود‬ ‫عهـد علينـا دمــاء الشهيــد‬ ‫بروحــه أقسمنـا ال ولـن نعود‬ ‫سنبنـي القبـور الرمـس واللحود‬ ‫فتونـس لنـا وبـأرضها نســود‬ ‫الدفاع‬ ‫‪56‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العريف عمر الرمضاني‬

‫حمـاة العرين حماة الوطــن‬ ‫وبالعـز نبنـي صـرح الزمن‬ ‫وأرواحنـا تهــدى ثمـــن‬ ‫درع يقيهـا عنـد احملـــن‬ ‫عهـد بغيـر شـك وظـــن‬ ‫بكـل عضو بهــذا البــدن‬ ‫نحمـي األرض بغيـر وهــن‬ ‫ال نرجـو فضـال ولسنـا منـن‬ ‫ونبـذ األنا بالقلـب قـد سكـن‬ ‫عليــه دأبنــا حـب الوطـن‬ ‫عزيـزا كرميــا نقيـه الفتـن‬ ‫أحبنـا الوليـد كـذاك املسـن‬ ‫في كـل شبـر قـرى أو مـدن‬ ‫في يـوم عظيـم بنـا تطمئـن‬ ‫إلى األفـق نرنـو ولن نستكـن‬ ‫بـرا وجـوا وركبنــا السفـن‬ ‫لكــل بـاغ بنـا يستهـــن‬ ‫ومن مـات غـدرا له ترتهــن‬ ‫عـن كـل عـدو غـادر أسـن‬ ‫وكــل أفـاك لنـا قـد ذعـن‬ ‫هي بنــا تكـون ونحن بها نكن‬


‫مؤسسو جيش البحر القدامى‬ ‫في ضيافة الجيل الجديد‬

‫في إطار االحتفاالت بالذكرى ‪ 60‬النبعاث اجليش الوطني‪ ،‬كرمت األكادميية البحرية يوم‬ ‫الثالثاء ‪ 31‬ماي ‪ 2016‬مبنزل بورقيبة كل من أمير اللواء بالبحرية متقاعد احلبيب فضيلة‪ ،‬ثاني‬ ‫رئيس أركان جيش البحر في تاريخ البحرية الوطنية‪ ،‬والنقيب بحري كان محمد الشاذلي‬ ‫صانشو أحد مؤسسي النواة األولى جليش البحر التونسي وأول آمر للخافرة «دستور»‪.‬‬ ‫وقد احتضنت قاعة احملاضرات اللقاء الذي‬ ‫جمع ضباط جيش البحر القدامى مع التالميذ‬ ‫الضباط اجلدد للتعرف على جتربتهما منذ انشاء‬ ‫النواة االولى جليش البحر‪.‬‬ ‫حتدث أمير اللواء‬ ‫وفي مستهل كلمته‪ّ ،‬‬ ‫بالبحرية متقاعد احلبيب فضيلة عن مسيرته‬ ‫في صفوف جيش البحر‪ ،‬مذكرا أن األكادميية‬ ‫البحرية بعثت خالل الفترة التي تسلم فيها‬ ‫قيادة أركان جيش البحر‪ ،‬ومقدما حملة عن‬ ‫حياته املهنية وكيف مت اقتناء الوحدات العائمة‬ ‫تدريجيا من أول طوافة إلى اخلافرات قاذفة‬ ‫الصواريخ نوع «جالطة» مرورا بصفقة املدمرة‬

‫«الرئيس بورقيبة» واجلرار «رأس أدار» وخافرات‬ ‫السواحل نوع «بنزرت»‪.‬‬ ‫كما تطرق إلى جملة التحديات التي‬ ‫اعترضته ملا قرر إحداث مدارس التكوين بتونس‪،‬‬ ‫وهي مركز التدريب البحري واألكادميية البحرية‪،‬‬ ‫منوها بأهمية ربط عالقات جيدة مع جيوش‬ ‫شقيقة وصديقة ملا لذلك من دور في تبادل‬ ‫اخلبرات وتدعيم قدرات األفراد واالنفتاح على‬ ‫العالم اخلارجي‪ .‬ثم حتدث عن التحديات التي‬ ‫اعترضتهم في السنوات األولى واإلجراءات‬ ‫املتخذة قصد إرساء اخملططات العملياتية التي‬ ‫من خاللها بدأت وحدات جيش البحر في القيام‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪57‬‬


‫باملهام املناطة بعهدتها وذلك بإحداث القواعد‬ ‫واملناطق البحرية‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬حتدث النقيب بالبحرية كان محمد‬ ‫الشاذلي صانشو عن إحداث أول نواة لضباط‬ ‫البحرية التونسية حيث عني في سبتمبر سنة‬ ‫‪ 1957‬صحبة البشير اجلديدي (أول رئيس أركان‬ ‫جليش البحر التونسي في ما بعد) ملتابعة دروس‬ ‫املدرسة البحرية الفرنسية ببراست‪ ،‬والتوقف‬ ‫عن متابعة دروس مدرسة البحرية التجارية‬ ‫مبرسيليا‪ .‬كما تطرق إلى مسألة تنصيبه كآمر‬ ‫للخافرة «دستور» واستعرض األحداث التي‬ ‫جرت إبان فترة حرب اجلالء عن بنزرت وإمضاء‬ ‫وثيقة انسحاب القوات الفرنسية من الترسانة‬ ‫البحرية (‪ )l’Arsenal‬مبدينة «فري فيل» آنذاك‬ ‫(منزل بورقيبة حاليا)‪ .‬كما روى كيف مت احتجاز‬ ‫اخلافرة «دستور» أثناء احتدام املعارك ضد القوات‬ ‫الفرنسية والتي انتهت باجلالء عن القاعدة بـ «‪La‬‬ ‫‪ »Pêcherie‬وكامل مدينة بنزرت‪ ،‬وإرساء الوحدات‬ ‫البحرية التابعة للبحرية التونسية بها‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪58‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫وقد مثلت االستضافة فرصة تعرف خاللها‬ ‫الضيفان على تطور املهام املوكولة لألكادميية‬ ‫البحرية واطلعا على مدى تطور نظام التدريس‬ ‫بها‪ ،‬مع ّبرين عن بالغ إعجابهما وفخرهما‬ ‫باملستوى الرفيع الذي بلغته هذه املؤسسة من‬ ‫خالل النتائج التي حققتها‪ .‬وأشادا مبواكبتها‬ ‫للتقدم العلمي وفق ما تقتضيه اللوائح‬ ‫واملعاهدات الدولية وخاصة حصولها عديد‬ ‫املرات على شهادة اجلودة‪.‬‬ ‫وقبل مغادرتهما األكادميية ع ّبر الضيفان‬ ‫عن امتنانهما الشديد لهذه اللفتة الكرمية من‬ ‫قيادة القوات املسلحة التي تبقى وفية ألبنائها‬ ‫وقياداتها الذين خطوا تاريخ هذه املؤسسة‬ ‫العريقة‪.‬‬ ‫وهي فرصة كذلك ملزيد تعميق التواصل‬ ‫بني األجيال املؤسسة واجليل اجلديد حامل‬ ‫املشعل مبا ينمي لديهم الروح الوطنية‬ ‫وحب الوطن والذود عن حرمته واحلفاظ‬ ‫على سالمة أراضيه‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫املالزم أول حميدة بن أحمد‬

‫الفصولاملتعلقة‬ ‫بالقوات املسلحة‬ ‫في الدستور اجلديد‬

‫اهتم الدستور التونسي اجلديد‪ 1‬املصادق‬ ‫عليه يوم ‪ 26‬جانفي ‪ 2014‬باجليش الوطني‬ ‫إذ حدد الفصل ‪ 18‬من الباب األول تعريفا‬ ‫مدققا ومفصال له “ اجليش الوطني جيش‬ ‫جمهوري وهو قوة عسكرية مسلحة قائمة‬ ‫على االنضباط مؤلفة ومنظمة هيكليا‬ ‫طبقا للقانون ويضطلع بواجب الدفاع عن‬ ‫الوطن واستقالله ووحدة ترابه وهو ملزم‬ ‫باحلياد التام ويدعم اجليش الوطني السلطات‬ ‫املدنية وفق ما يضبطه القانون”‪.‬‬ ‫وطالبت املؤسسة العسكرية بتضمني‬ ‫الدستور اجلديد أحكاما تضبط مهام‬

‫اجليش الوطني وتكرس حياده جتاه التجاذبات‬ ‫السياسية التي تشهدها البالد وذلك لتعزيز‬ ‫دور القوات املسلحة في بناء نظام جمهوري‬ ‫والسير بالبالد نحو تركيز مؤسسات‬ ‫دميقراطية في ظل انتقال دميقراطي سلمي‪.‬‬ ‫وفي نفس السياق أكد الفصل التاسع‬ ‫من الباب األول( املبادئ العامة )في الدستور‬ ‫على وجوبية اخلدمة الوطنية ملعاجلة ظاهرة‬ ‫العزوف عن أداء الواجب الوطني وترغيب‬ ‫الشباب في حب الوطن والتشبع بالقيم‬ ‫واملعاني الوطنية حلماية التراب الوطني‬ ‫من األعداء “اخلدمة الوطنية واجب حسب‬

‫‪ -1‬يتكون الدستور اجلديد من توطئة و‪ 146‬فصال مقسمة على ‪ 6‬أبواب‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪59‬‬


‫الصيغ والشروط التي يضبطها القانون”‪.‬‬ ‫وخص الدستور التونسي الدولة لوحدها‬ ‫بإنشاء القوات املسلحة وذلك خدمة‬ ‫للصالح العام الفصل ‪ 17‬من الباب األول‬ ‫“ حتتكر الدولة إنشاء القوات املسلحة‬ ‫‪”...‬ويرمي املشرع من خالل صياغة هذا‬ ‫الفصل إلى حماية حدود الوطن عبر جهاز‬ ‫مهيكل ومنظم طبقا للقانون‪.‬‬ ‫وملزيد توفير احلماية القانونية للمؤسسة‬ ‫العسكرية نص املشرع التونسي على‬ ‫ضرورة أن تكون القوانني املنظمة للقوات‬ ‫املسلحة قوانني أساسية وليست قوانني‬ ‫عادية الفصل ‪ 65‬من الباب الثاني (احلقوق‬ ‫واحلريات) من الدستور التونسي “تتخذ‬ ‫شكل قوانني أساسية النصوص املتعلقة‬ ‫بتنظيم اجليش الوطني”‪ .‬ويكمن الفرق‬ ‫من الناحية القانونية بني القانون األساسي‬ ‫والقانون العادي في األغلبية املطلوبة‬ ‫للمصادقة على القانون فالقانون األساسي‬ ‫يتطلب األغلبية املطلقة أي أكثر من ‪109‬‬ ‫نائبا من أصل ‪ 217‬نائب بينما يحتاج مترير‬ ‫القانون العادي إلى األغلبية النسبية واملقدرة‬ ‫بثلث النواب حوالي ‪ 75‬نائبا وبذلك تعتبر‬ ‫القوانني األساسية من الناحية العملية‬ ‫أهم من القوانني العادية إذ يصعب تعديلها‬ ‫أو تنقيحها ‪.‬‬ ‫حدد الدستور اجلديد عدة مهام للقائد‬ ‫كما ّ‬ ‫نص الفصل‬ ‫األعلى للقوات املسلحة حيث ّ‬ ‫‪ 77‬من الباب الرابع في الدستور وحتديدا‬ ‫القسم األول عىل ّأن رئيس اجلمهورية له‬ ‫جملة من املهام‪.‬‬ ‫يتولى رئيس اجلمهورية ‪:‬‬ ‫ رئاسة مجلس األمن القومي‬‫ قيادة القوات املسلحة‬‫ إعالن احلرب وإبرام السلم بعد موافقة‬‫مجلس نواب الشعب بأغلبية ثالثة أخماس‬ ‫أعضائه”‪.‬‬ ‫وحسب الفصل ‪ 78‬فإن التعيينات‬ ‫واإلعفاءات في الوظائف العليا العسكرية‬

‫الدفاع‬ ‫‪60‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫تكون بأوامر رئاسية‪“ .‬يتولى رئيس اجلمهورية‬ ‫بأوامر رئاسية” ‪:‬‬ ‫التعيينات واإلعفاءات في الوظائف العليا‬ ‫العسكرية والدبلوماسية واملتعلقة باألمن‬ ‫القومي بعد استشارة رئيس احلكومة‬ ‫وتضبط هذه الوظائف العليا بقانون”‪.‬‬ ‫ولم يقتصر اهتمام السلطة التشريعية‬ ‫على تعريف املؤسسة العسكرية دستوريا‬ ‫وضبط مهام القائد األعلى للقوات املسلحة‬ ‫بل كان للقضاء العسكري نصيب في‬ ‫الدستور التونسي اجلديد وعرف الفصل ‪110‬‬ ‫من الباب اخلامس (السلطة القضائية)‪،‬‬ ‫احملاكم العسكرية ‪،‬بأنها “محاكم‬ ‫متخصصة في اجلرائم العسكرية ويضبط‬ ‫القانون اختصاصها وتركيبتها وتنظيمها‬ ‫واإلجراءات املتبعة أمامها والنظام األساسي‬ ‫لقضاتها”‪.‬‬ ‫ومثلت األحداث امليدانية املتسارعة‬ ‫والهجمات اإلرهابية الغادرة التي عرفتها‬ ‫تونس من بني األسباب التي دفعت بالسلطة‬ ‫التشريعية إلى سن قانون أكثر صرامة في‬ ‫مكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫وقد صادق نواب مجلس الشعب يوم‬ ‫‪25‬جويلية ‪ 2014‬تزامنا مع االحتفال‬ ‫بالذكرى ‪ 58‬لعيد اجلمهورية‪ ،‬على القانون‬ ‫األساسي عدد ‪ 26‬لسنة ‪ 2015‬املتعلق‬ ‫مبكافحة اإلرهاب ومنع غسل األموال ومت‬ ‫ختم القانون من طرف رئيس اجلمهورية يوم‬ ‫‪ 7‬أوت ‪ 2015‬ودخل حيز التنفيذ في نفس‬ ‫الفترة‪.‬‬ ‫ويلغي القانون األساسي املتعلق مبكافحة‬ ‫اإلرهاب ومنع غسل األموال عدد ‪ 26‬لسنة‬ ‫‪ 2015‬القانون عدد ‪ 65‬لسنة ‪ 2003‬املؤرخ‬ ‫في ‪10‬ديسمبر ‪ 2003‬املتعلق بدعم اجملهود‬ ‫الدولي ملكافحة اإلرهاب ومنع غسل‬ ‫األموال‪ .‬ويتكون القانون األساسي اجلديد‬ ‫ملكافحة اإلرهاب ومنع غسل األموال من‬ ‫‪ 143‬فصال مقسمة على ‪ 3‬أبواب‪.‬‬ ‫ومتتد فصول الباب األول (في مكافحة‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫العمل اجلاد ملكافحة آفة اإلرهاب‪.‬‬ ‫إن اهتمام الدولة باجليش الوطني‬ ‫متواصل وتدعم من خالل تكوين جلنتني‬ ‫صلب مجلس نواب الشعب تهتمان بالقوات‬ ‫احلاملة للسالح وهما جلنة األمن والدفاع‬ ‫وجلنة الشؤون اإلدارية والقوات املسلحة‪.‬‬ ‫وتقوم جلنة األمن والدفاع “وهي جلنة‬ ‫خاصة صلب اجمللس” مبتابعة جميع امللفات‬ ‫واملسائل املتعلقة باألمن والدفاع ولها احلق‬ ‫في عقد جلسات حوار ومسائلة مع اجلهات‬ ‫املتداخلة في مجالي األمن والدفاع”‪.‬‬ ‫أما جلنة الشؤون اإلدارية والقوات‬ ‫املسلحة فهي جلنة قارة تشريعية مهمتها‬ ‫املصادقة على مشاريع القوانني الصادرة عن‬ ‫احلكومة واملتعلقة بالقوات املسلحة بعد‬ ‫مناقشتها وتعديلها ثم رفعها للجلسة‬ ‫العامة جمللس النواب ملناقشتها مجددا‬ ‫وعرضها على التصويت من طرف نواب‬ ‫الشعب للمصادقة على مشروع القانون‬ ‫برمته أوعدم املصادقة ‪.‬‬

‫اإلرهاب وزجره) من الفصل ‪ 5‬إلى الفصل‬ ‫‪ 91‬مقسمة إلى ‪ 11‬قسما وسعى املشرع‬ ‫في القسم األول “أحكام عادية” والقسم‬ ‫الثاني” في اجلرائم اإلرهابية والعقوبات‬ ‫املقررة لها “إلى حتديد تعريف قانوني ومدقق‬ ‫ملفهوم اإلرهابي أو ما يعبر عنه قانونيا‬ ‫ب”مرتكب جرمية اإلرهاب”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جل هذه الفصول العقوبات‬ ‫وحددت‬ ‫املسلطة على مرتكب جرمية اإلرهاب والتي‬ ‫تتراوح بني السجن املؤبد واخلطايا املالية‬ ‫واإلعدام‪.‬‬ ‫وأقر القانون األساسي املتعلق مبكافحة‬ ‫اإلرهاب ومنع غسل األموال إحداث جهازا‬ ‫القطب القضائي ملكافحة اإلرهاب حرصا‬ ‫من الدولة على تخفيف الضغط على‬ ‫احملكمة االبتدائية بتونس علما وأن قانون‬ ‫سنة ‪ 2003‬املتعلق مبكافحة اإلرهاب منح‬ ‫احملكمة االبتدائية بتونس دون سواها سلطة‬ ‫التتبع والتحقيق واحملاكمة في اجلرائم‬ ‫اإلرهابية‪.‬‬ ‫كما تسعى الدولة التونسية من خالل‬ ‫ومهما يكن من أمر فإن اجليش التونسي‬ ‫إرسائها لهذا القطب املتخصص في تتبع‬ ‫اجلرائم اإلرهابية‪ ،‬االستئناس بتجارب الدول سيواصل اجناز مهامه بكل إخالص وتفان‬ ‫الدميقراطية في تبنيها مجال التخصص حلماية الوطن والذود عن حرمته وسالمة‬ ‫القضائي لتوفير مقومات النجاح في إطار ترابه بعيدا عن التجاذبات السياسية‬

‫وسيظل وفيا ملبادئه ولعقيدته التي نشأ عليها وما فتئت تتأكد يوما بعد يوم‪.‬‬

‫املراجع املعتمدة‪:‬‬ ‫ الدستور التونسي اجلديد‪.‬‬‫‪ -‬القانون األساسي عدد‪ 26‬لسنة ‪ 2015‬املتعلق مبكافحة اإلرهاب ومنع غسل األموال‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪61‬‬


‫إدارة الّتوثيق واألرشيف‬ ‫وآفاق التطوير‬ ‫الرائد الزايـر عـون‬

‫تكتسي املعلومات‬ ‫أهمية بالغة في‬ ‫حياة الفرد واجملتمع‬ ‫وفي اتخاذ القرارات‪،‬‬ ‫باعتبـــــــــــارها أداة‬ ‫للثقافة ومقيـــاســا‬ ‫لتقدم الشعوب‪ ،‬وألن‬ ‫من ميتلك املعلومات‬ ‫هو األقوى فقد سعت‬ ‫أغلب الدول املتقدمة‬ ‫إلى إعطاء األهمية الالزمة لقطاع املعلومات من خالل بعث مؤسسات‬ ‫توثيقية تتولى معاجلة واستغالل وإتاحة املعلومات للمستفيدين وخصصت‬ ‫لها ميزانيات ضخمة وإطار بشري مختص‪ .‬وقد اعتمدت هذه املؤسسات على‬ ‫تكنولوجيا املعلومات واالتصال لتقوم مبهامها األساسية ولتقدمي خدمات‬ ‫جديدة تكون مواردها متاحة للجميع‪.‬‬ ‫ونظرا للدور الذي تلعبه إدارة التوثيق واألرشيف بوزارة الدفاع الوطني في‬ ‫دعم العسكريني مبصادر املعلومات اخملتلفة‪ ،‬وانطالقا من مهمته املتمثلة في‬ ‫تطبيق سياسة الوزارة في مجالي التوثيق واألرشيف وكذلك اقتناء واقتبال‬ ‫ومعاجلة وحفظ واستغالل وإتاحة ما يودع باإلدارة من أوعية املعلومات‬ ‫ونشرها وتوزيعها‪ ،‬سنركز على اجلانب التوثيقي‪.‬‬ ‫أدى االنتشار الواسع لألنترنات ولوسائل‬ ‫اإلعالم إلى العزوف عن املطالعة وقلة‬ ‫الوعي بأهميتها‪ .‬وهو ما جعل إدارة التوثيق‬ ‫واألرشيف تسعى لتحفيز القراء لإلقبال‬

‫الدفاع‬ ‫‪62‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫على املطالعة وتكريس تداول املعلومات‬ ‫فيما بينهم‪.‬‬ ‫كما ترغب اإلدارة في النهوض بوظيفتها‬ ‫وخدماتها لتحقيق النجاعة التي ميليها‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫الواقع ويفرضها املستقبل من خالل‬ ‫تشخيصها للوضعية احلالية وضبط احللول‬ ‫الكفيلة بتطوير هياكلها أساسا املكتبة‬ ‫ومدى فاعلية إستخدام التقنيات احلديثة‬ ‫في معاجلة وإسترجاع الوثائق واخلدمات التي‬ ‫تقدمها اإلدارة‪.‬‬ ‫فلقد تأسست إدارة التوثيق واألرشيف‬ ‫والتي كان يطلق عليها املركز العسكري‬ ‫للتوثيق سنة ‪ 1984‬إال أن العمل التوثيقي‬ ‫باإلدارة اقتصر على اخلدمات التي تقدمها‬ ‫“املكتبة” من خالل املعاجلة التقليدية‬ ‫للوثائق املقتضايات كالكتب واجملالت وإجناز‬ ‫جذاذات بيلوغرافية تبوب في فهرس وترتب‬ ‫أبجاديا لتسهيل العمل بها‪.‬‬ ‫وقد بقي احلال على ذلك عدة سنوات ثم‬ ‫توسعت بعد ذلك األنشطة من خالل إعداد‬ ‫منتوجات توثيقية مختلفة كما مت بعث‬ ‫مجلة التوثيق العسكري وتوزيعها على‬ ‫أغلب هياكل الوزارة‪ .‬ومواكبة للتطورات‬ ‫التكنولوجية مت اقتناء جملة من املعدات‬ ‫لتوظيفها في معاجلة الوثائق من خالل‬ ‫إنشاء قاعدة بيانات محلية ساهمت نسبيا‬ ‫في تطوير طرق العمل والبحث باملركز‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪ 2012‬وقع ربط اإلدارة إلعتمادها‬ ‫بشبكة األنترنات في اجناز البحوث وتغذية‬ ‫املعلومات اخلام وتدعيمها باعتبارها تشهد‬ ‫تدفقا معلوماتيا كبيرا‪ ،‬عالوة على أنها‬ ‫حتتوي على قواعد معلومات حديثة تسمح‬ ‫بالبحث بكل أنواعه وحتقق جتانس وترجمة‬ ‫لإلجابات وذلك باستعمال محركات بحث‬ ‫متطورة‪ .‬وعلى هذا األساس وجب التحلي‬ ‫باليقظة التوثيقية ومواكبة آخر املستجدات‬ ‫في القطاع والتحديث املستمر للبيانات‬ ‫والعمل على استشراف التطورات‪.‬‬ ‫واملالحظ انه رغم وجود بعض األسس‬ ‫التقنية فال يزال املركز يواجه عدة صعوبات‬ ‫حالت دون حتقيق التطورات الالزمة في‬

‫القطاع‪ ،‬كضعف املوارد املالية وعدم وجود‬ ‫برمجية توثيقية مختصة إضافة إلى‬ ‫قلة التجهيزات اإلعالمية الكافية وضيق‬ ‫املساحة‪ .‬ورغم هذه الصعوبات فقد‬ ‫عمل املركز على تقدمي جملة من اخلدمات‬ ‫ملستفيديه باإلمكانيات املتوفرة على أمل أن‬ ‫يكون املستقبل أفضل‪.‬‬ ‫وتتمثل أهم اخلدمات التي تقدمها‬ ‫املكتبة‪:‬‬ ‫العمل على تعليم املستفيدين طرق‬ ‫إستخدامهم الفهارس واملراجع وأدوات‬ ‫البحث املتاحة‪ ،‬وأيضا املساعدة على‬ ‫إجناز البحوث والدراسات من خالل الرصيد‬ ‫الوثائقي الذي تزخر به املكتبة أو اإلبحار على‬ ‫شبكة األنترنات‪ ،‬باإلضافة إلى إعداد امللفات‬ ‫التوثيقية والصحفية املتعلقة باألحداث‬ ‫الوطنية والعاملية أو بطلب من الوزارة‪ ،‬إلى‬ ‫جانب إعداد قوائم مبصادر املعلومات في‬ ‫موضوع معني أو مناسبة معينة‪،‬‬ ‫ ومن بني اخلدمات األخرى التي توفرها‬‫املكتبة إلى القراء هي خدمة البث‬ ‫االنتقائي للمعلومات‪ ،‬وأيضا إعـارة الوثائق‬ ‫للمستفيدين وهي عملية مناولة رواد‬ ‫املكتبة ما يطلبونه من وثائق‪ ،‬وتكـون إما‬ ‫على عني املكان أو خارج املكتبة بشروط ‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إلى أنه رغم ضعف نسبة‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪63‬‬


‫اإلقبال فإن إدارة التوثيق واألرشيف يستجيب‬ ‫بنسبة ‪ 70%‬حلاجيات املستفيدين البحثية‪،‬‬ ‫غير أن هذه اخلدمات أصبحت ال تفي بالغرض‬ ‫في ظل التحوالت التي تشهدها املكتبات‬ ‫وتبعا لذلك فإن اإلدارة تعمل جاهدة على‬ ‫حتقيق نقلة نوعية في خدماتها ملواكبة‬ ‫التطورات احلاصلة في القطاع‪.‬‬ ‫وفي إطار التوجه القاضي بتعصير اخلدمات‬ ‫وسعيا لتحقيق النجاعة والفاعلية‪ ،‬تسعى‬ ‫اإلدارة إلى املراهنة على التكنولوجيا احلديثة‬ ‫وإلى حتديث خدمات املعلومات وتطويرها مبا‬ ‫يرضي تطلعات املستفيدين مستغلة في‬ ‫ذلك ما تتيحه شبكات املعلومات من خدمات‬ ‫جديدة ذات قيمة مضافة‪ ،‬تتمثل في اعتماد‬ ‫البريد االلكتروني واالشتراك في املؤمترات‬ ‫وحلقات النقاش عن بعد وقد وقع ضبط‬ ‫جملة من املشاريع التي من شأنها أن تقدم‬ ‫اإلضافة إلى اخلدمات املوكولة إلى املكتبة‬ ‫كإجناز البوابة التوثيقية والتي انطلق العمل‬ ‫في إجناز املراحل األولى لهذا املشروع بالتنسيق‬ ‫مع اإلدارة العامة لإلشارة واإلعالمية‪ ،‬وهو‬ ‫يهدف إلى إرساء نظام الكتروني في الوثائق‬ ‫وإتاحة مجموعة خدمات عن بعد كالبحث‬ ‫الوثـائقي واإلحصائيات واالطالع على‬ ‫الوثائق مع إمكانية حتميلها‪ .‬كما ميكن من‬ ‫خاللها التعرف على حاجيات املستفيدين‬ ‫واقتراحاتهم‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪64‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫ووقع التفكير في بعث مكتبة افتراضية‬ ‫يعتمد رصيدها على الوسائط اإللكترونية‬ ‫املتعددة األشكال مثل املمغنطات واملليزرات‬ ‫وشبكات املعلومات وذلك لتخزين وإتاحة‬ ‫املعلومات عن بعد في أي موقع وزمان كان‬ ‫فهي “مكتبة بال جدران”(‪ .)1‬نظرا ألن‬ ‫املكتبة التقليدية أصبحت ال تفي باحلاجة‬ ‫وأن ظهور املكتبات الرقمية ليس مجرد‬ ‫نقلة تكنولوجية وإمنا استجابة لالحتياجات‬ ‫البحثية والتعليمية املتزايدة‪ .‬وذلك من خالل‬ ‫رقمنة جزء من الرصيد الوثائقي ووضعه على‬ ‫شبكة األنترنات وهو ما سعت إليه بعض‬ ‫املكتبات الوطنية وأغلب املكتبات األجنبية‬ ‫مثل املكتبة الوطنية الفرنسية من خالل‬ ‫موقع “كاليكا” ‪/Callica‬والتي تعتمد على‬ ‫برمجية “ ‪ ، ”Green Store‬مكتبة جامعة‬ ‫وايكاتو بنيوزيلندا ومكتبة الكونغرس(‪.)2‬‬ ‫وفي هذا اإلطار ميكن استعمال محركات‬ ‫بحث عربية مثل ‪)Arabe Vista )3‬‬ ‫وتعمل اإلدارة على توطيد عالقات التعاون‬ ‫مع املؤسسات التوثيقية الوطنية وذلك‬ ‫في إطار تبادل اخلبرات من خالل الزيارات أو‬ ‫إقامة تربصات للمختصني‪ .‬غير أن التطور‬ ‫التكنولوجي فرض نوعا من الشراكة من‬ ‫خالل التعاون والعمل مع مختلف الوحدات‬ ‫التوثيقية‪ ،‬وبالتالي تصبح كل املوارد‬ ‫مشتركة لكل اخملتصني ومتاحة مباشرة‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫للمستفيدين عبر شبكة األنترنات‪ .‬وفي هذا‬ ‫اإلطار تسعى اإلدارة إلى حتقيق هذا املشروع‬ ‫من خالل الوحدات التوثيقية العسكرية مبا‬ ‫يدعم التعاون والتنسيق واإلرادة في تقاسم‬ ‫املهام واألعمال واملوارد وطرق العمل‪ .‬وهذا‬ ‫يتطلب اقتناء وسائل تصرف مشتركة مثل‬ ‫قواعد البيانات اخملتصة في التصرف في‬ ‫املكتبات ومن ثمة يقع الربط فيما بينهم‬ ‫عبر األنترنات إضافة إلى توحيد اإلجراءات‬ ‫الفنية واإلدارية(‪ )4‬وهو ما من شأنه أن يتيح‬ ‫املزيد من الوثائق‪ ،‬إذ أن املستفيد بإمكانه‬ ‫توسيع بحثه إلى بقية خاليا الشبكة‪،‬كما‬ ‫ميكن املكتبات العسكرية املتعاونة من اجناز‬ ‫فهرس موحد للوثائق من خالل استعمال‬ ‫معيار ‪(UNIMARC‬الشكل الدولي‬ ‫لتبادل التسجيالت البيبليوغرافية بني‬ ‫الدول) كتقنني للوصف البيبليوغرافي(‪.)5‬‬ ‫ويهدف هذا املشروع إلى ترشيد النفقات‬ ‫وتقسيم اجملهودات (يقع اقتناء نسخة‬ ‫واحدة لعنوان ما‪ ،‬وتعالج من طرف نفس‬ ‫املكتبة على أن يقع استغالله من طرف كل‬ ‫املكتبات املتعاونة)‪.‬هذا التوجه سيكون ذا‬

‫جدوى وسيعود بالنفع خاصة على املدارس‬ ‫العسكرية باعتبار أن لها استقاللية مالية‬ ‫وبالتالي فإن االقتناء التعاوني سيجنبها‬ ‫مصاريف طائلة‪ .‬وجتدر اإلشارة إلى أنه ميكن‬ ‫اإلستئناس بتجربة وزارة التعليم العالي‬ ‫والبحث العلمي في الغرض‪.‬‬ ‫ومن بني املشاريع املبرمجة لفائدة مكتبة‬ ‫إدارة التوثيق واألرشيف العمل على توفير‬ ‫خدمة النشر االلكتروني وذلك من خالل‬ ‫إعداد منتوجات توثيقية رقمية موضوعية‬ ‫في مختلف االختصاصات العسكرية‬ ‫وإتاحتها للعسكريني باستعمال املنظومة‬ ‫املندمجة لتبادل معطيات اجليش(‪SICDA‬‬ ‫)إن أمكن‪ ،‬وبالتالي ميكن للعسكريني االطالع‬ ‫عليها من وحدتهم وهو ما سيمكنهم من‬ ‫ربح الوقت والكلفة‪.‬‬ ‫إلى جانب التفكير في إجناز قواعد بيانات‬ ‫خاصة باملؤسسة العسكرية بأركانها‬ ‫الثالث وأيضا العمل على إجناز قواعد بيانات‬ ‫خاصة بالدوريات‪.‬‬ ‫وأخيارا الربط بشبكة األنترانات (�‪IN‬‬ ‫‪.) TRANET‬‬

‫تساهم التقنيات احلديثة للمعلومات واالتصال بصفة فعالة في تطوير العمل التوثيقي إذ‬ ‫تتيح عدة حلول وخيارات سواء للمختصني أو املستفيدين‪ .‬وعلى هذا األساس راهنت اإلدارة على‬ ‫هذه التقنيات إميانا منها بأهمية املعلومات في دفع آليات التكوين والبحث العلمي وتفعيل‬ ‫النشاط الوثائقي وتعزيز النظام الوطني للمعلومات من خالل املساهمة في إتاحة املعلومات‬ ‫والقدرة على التواجد واملنافسة‪.‬‬ ‫وإن جناح عملية التطويـر تقتضي توفير التجهيزات الضرورية واملوارد املالية الكافية وجهدا‬ ‫مضاعفا من اخملتصني‪ ،‬و اإلقتداء بالدول املتقدمة من خالل تبادل التجارب واخلبرات بني اخملتصني في‬ ‫القطاع نظرا ملا يشهده مجال التوثيق من تغيرات وتطورات سريعة‬ ‫املراجع‪:‬‬ ‫‪ -1‬تقنيات املعلومات في املكتبات والشبكات‪/‬حشمت قاسم‪ -.‬الرياض‪ :‬مكتبة امللك عبد العزيز العامة‪.2009 ،‬‬ ‫‪2--Definition and purposes of digital library.URL:http// sunsite, berkely. edu.ARL / definition. HTML.‬‬ ‫‪ -3‬موقع اخلدمات عن بعد في استراجية اخلدمة املكتبية‪/‬د‪ .‬ريحان عبد احلميد‪ - .‬اجلزائر‪.2010 ،‬‬ ‫‪ -4‬الوصول احلر للمعلومات وتقاسم املعرفة‪/‬الدكتور وحيد قدورة‪ -.‬تونس‪ :‬املعهد العالي للتوثيق‪.2012،‬‬ ‫‪ -5‬النظم التعاونية العربية في مجال الفهرسة‪/‬د‪.‬فاتن سعيد‪ -.‬السعودية‪ :‬جامعة أم القرى‪.2011،‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪65‬‬


‫احلامية القانونية ألفراد حفظ ال ّسالم‬ ‫«اجلزء األول»‬

‫السالم التابعة‬ ‫تعتبر عمليات حفظ‬ ‫ّ‬ ‫ملنظمة األمم املتحدة وسيلة ملساعدة البلدان‬ ‫التي مت ّزقها نزاعات مس ّلحة على خلق ظروف‬ ‫مالئمة لتحقيق سالم دائم وشامل بهذه‬ ‫البلدان‪ .‬وهي مت ّثل أهم مظاهر التكريس‬ ‫الفعلي ألهداف منظمة األمم املتّحدة‬ ‫ّ‬ ‫ومقاصدها الواردة باملا ّدة األولى من امليثاق‬ ‫األممي‪.‬‬ ‫السالم ‪Peacekeeping‬‬ ‫ويقصد بحفظ ّ‬ ‫يتم‬ ‫عمل ّيات األمم املتحدة في امليدان التي ّ‬ ‫عسكريي أو شرطة‬ ‫من خاللها نشر أفراد‬ ‫ّ‬ ‫مدنيني تابعني لألمم املتحدة بهدف حفظ‬ ‫جتدد النزاع‪.2‬‬ ‫السلم وتوسيع إمكانيات منع ّ‬ ‫وهي مها ّم تختلف عن عمل ّيات فرض أو إنفاذ‬ ‫السالم ‪ Peace Enforcement‬التي يأذن‬ ‫ّ‬ ‫الدولي بناء على الفصل‬ ‫بها مجلس األمن ّ‬ ‫السابع من ميثاق األمم املتحدة وحتديدا املا ّدة‬ ‫ّ‬ ‫الثانية واألربعني منه التي تخ ّول له استخدام‬ ‫القوة العسكرية جملابهة كل تهديد أو إخالل‬ ‫بالسلم الدولي‪.3‬‬ ‫ّ‬ ‫ينص‬ ‫ورغم أ ّن ميثاق األمم املتحدة لم‬ ‫ّ‬ ‫صراحة على عمليات حفظ السالم‪ ،‬فإ ّن‬ ‫قرارات نشر قوات حلفظ السالم تتخذ اعتمادا‬ ‫السادس من امليثاق املذكور‬ ‫على الفصل ّ‬ ‫وحتديدا بناء على املا ّدة اخلامسة والعشرين‬ ‫الدول األعضاء توافق على‬ ‫تنص على أن ّ‬ ‫التي ّ‬ ‫قبول قرارات مجلس األمن وتنفيذها طبقا‬

‫الرائد قاضي أنيس املشرقي‬

‫يختص بحفظ‬ ‫نص عام ال‬ ‫ّ‬ ‫للميثاق‪ .‬وهو ّ‬ ‫السالم بل يتعلق ّ‬ ‫بكل قرارات مجلس األمن‬ ‫باعتباره اجلهاز التنفيذي للمنظمة‪ ،‬كما أنه‬ ‫ال مينح مجلس األمن والية عامة إلنشاء مثل‬ ‫هذه القوات‪ ،‬بل ميكن للجمعية العامة اتخاذ‬ ‫قرارات لهذا الغرض‪ ،‬إذا عجز مجلس األمن‬ ‫عن ذلك كما حدث في دورتها الطارئة األولى‬ ‫التي انعقدت مبوجب قرار اإلحتاد من أجل‬ ‫السالم في ‪ 5‬نوفمبر ‪ ،1956‬إذ اتخذت القرار‬ ‫ّ‬ ‫عدد ‪ 1000‬وكذلك القرار عدد ‪ 1001‬بتاريخ‬ ‫‪ 7‬نوفمبر ‪ 1956‬الذي أنشآ قوات الطوارئ‬ ‫الدولية األولى ‪ UNEF I‬بني القوات املصرية‬ ‫واإلسرائيلية‪.‬‬ ‫السالم‬ ‫وتعود فكرة نشر قوات حلفظ ّ‬ ‫تابعة لألمم املتحدة إلى رئيس الوزراء الكندي‬ ‫حتصل‬ ‫األسبق "لستر بولس بيرسن" الذي ّ‬

‫‪-1‬مستشار مبحكمة االستئناف العسكرية‪ ،‬ملحق مبكتب الدراسات والتشريع بوكالة الدولة العامة إلدارة القضاء العسكري‪.‬‬ ‫‪-2‬حسن نافعة‪ ،‬األمم املتحدة في نصف قرن‪ :‬دراسة في تط ّور التنظيم الدولي منذ ‪ ،1945‬اجمللس الوطني للثقافة والفنون و اآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬أكتوبر‬ ‫‪ ،1995‬ص‪. 412 .‬‬ ‫‪ -3‬اقتضت املا ّدة ‪ 42‬من ميثاق األمم املتحدة ما يلي‪ ":‬إذا رأى مجلس األمن أن التدابير املنصوص عليها في املادة ‪ 41‬ال تفي بالغرض أو ثبت أنها لم‬ ‫تف به‪ ،‬جاز له أن يتخذ بطريق القوات اجلوية والبحرية والبرية من األعمال ما يلزم حلفظ السلم واألمن الدولي أو إلعادته إلى نصابه‪ .‬ويجوز أن تتناول‬ ‫هذه األعمال املظاهرات واحلصر والعمليات األخرى بطريق القوات اجلوية أو البحرية أو البرية التابعة ألعضاء "األمم املتحدة" ‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪66‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫‪1‬‬


‫نتيجة لدوره في ّ‬ ‫السويس عبر‬ ‫حل أزمة ّ‬ ‫للسالم‬ ‫دواليب األمم املتحدة على جائزة نوبل ّ‬ ‫لسنة ‪ .1957‬والواقع أن األمم املتحدة ابتكرت‬ ‫السالم كي تؤقلم نفسها‬ ‫عملي ّات حفظ ّ‬ ‫مع نظام دولي ثنائي القطبية تبلور إثر احلرب‬ ‫العاملية الثانية يستحيل في ظله تطبيق‬ ‫نظام األمن اجلماعي وفقا للتص ّور الوارد في‬ ‫ميثاق األمم املتحدة‪ .‬وقد كان ابتكار هذا النوع‬ ‫حد ذاته دليال على‬ ‫يعد في ّ‬ ‫من العمليات ّ‬ ‫قدرة األمم املتحدة على التك ّيف والتأقلم مع‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫متغ ّيرات الوضع ّ‬ ‫الدول‬ ‫وتعتبر تونس تاريخيا من أ ّول ّ‬ ‫السالم‪ ،‬إذ‬ ‫املشاركة في عمل ّيات حفظ‬ ‫ّ‬ ‫تعود أ ّول مشاركة تونسية إلى سنة ‪1960‬‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬وذلك إلميان‬ ‫بجمهورية الكنغو ّ‬ ‫الدوليني‬ ‫السلم واألمن ّ‬ ‫تونس ال ّراسخ بقيم ّ‬ ‫وسعيها الفعلي للمساعدة في التخفيف‬

‫من معاناة الشعوب التي م ّزقتها ويالت‬ ‫احلروب‪ ،‬وتثبيتا ملتانة عالقات بالدنا مبنظمة‬ ‫األمم املتّحدة ومبختلف هياكلها وأجهزتها‬ ‫حد اليوم‬ ‫اخملتصة‪ .‬وقد ساهمت بالدنا إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫منذ اإلستقالل وبداية من سنة ‪ 1960‬في‬ ‫‪ 20‬عملية حفظ سالم في العالم في شكل‬ ‫بعثات عسكرية ومالحظني أمميني‪ 16 ،‬منها‬ ‫حتت راية األمم املتحدة وأربع حتت راية اإلحتاد‬ ‫اإلفريقي‪ ،‬ال تزال اثنتني منها متواصلتني‬ ‫في بعثة األمم املتحدة لتحقيق االستقرار‬ ‫بجمهورية الكونغو الدميقراطية( (�‪MONUS‬‬ ‫ومهمة األمم املتحدة بالكوت ديفوار‬ ‫‪)CO‬‬ ‫ّ‬ ‫‪. )ONUCI) 4‬‬ ‫وتنظم املساهمة العسكرية التونسية‬ ‫وعالقتها باألمم املتحدة مذكرة تفاهم �‪Me‬‬ ‫‪ morandum Of Understanding‬أو ما‬ ‫اصطلح على تسميته بـ ‪ MOU‬بني تونس‬

‫السالم بالعالم‪.‬‬ ‫‪-4‬انظر املوقع اإللكتروني لوزارة الدفاع الوطني ‪ ، www.defense.tn‬صفحة مشاركة القوات املسلحة التونسية في مها ّم حفظ ّ‬ ‫مخصصة ملساعدة‬ ‫السالم سنة ‪ 1992‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫كما وكيفا أنشئت األمم املتحدة إدارة عمل ّيات حفظ ّ‬ ‫‪ -5‬نتيجة تطور عملي ّات حفظ ّ‬ ‫السالم األمم ّية ّ‬ ‫مهمة اإلدارة املذكورة في التخطيط واإلعداد واإلدارة املباشرة‬ ‫السلم واألمن الدوليني وتتم ّثل‬ ‫األمني العا ّم ّ‬ ‫والدول األعضاء في جهودها للحفاظ على ّ‬ ‫ّ‬ ‫السالم بحيث تستطيع أن ّ‬ ‫السياسي والتّنفيذي لهذه العمليات وتتصل مبجلس‬ ‫تنفذ والياتها بشكل ّ‬ ‫فعال كما توفر التوجيه ّ‬ ‫لعمليات حفظ ّ‬ ‫األمن والبلدان املساهمة بالق ّوات واملال وأطراف النزاع في تنفيذ واليات مجلس األمن‪.‬‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪67‬‬


‫وإدارة عمليات حفظ السالم باألمم املتحدة‬ ‫وحتدد هذه املذكرة املركز القانوني‬ ‫‪.5‬‬ ‫ّ‬ ‫للعسكريني التونسيني وللمالحظني األمميني‬ ‫والقانون املنطبق عليهم في صورة اقترافهم‬ ‫ألي عمل إجرامي ‪.6‬‬ ‫السالم قانونا في‬ ‫ويتموقع أفراد حفظ ّ‬ ‫ّ‬ ‫حتتل منزلة‬ ‫منطقة غير واضحة املعالم‬ ‫بني املنزلتني‪ ،‬منزلة املقاتلني من جهة‬ ‫ومنزلة املدنيني من جهة أخرى‪ .‬فأفراد حفظ‬ ‫السالم ال يعتبرون متاما من املقاتل ني �‪Com‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ battants‬ألنهم ال يشاركون في العمل ّيات‬ ‫العسكرية العدوانية‪Hostile Military‬‬ ‫‪ Operations‬وال ميكنهم استعمال القوة‬ ‫إالّ دفاعا عن النفس‪ ،‬كما يصعب في اآلن‬ ‫نفسه تصنيفهم كمدنيني ألنهم يحملون‬ ‫عدة جيوش‬ ‫الصفة العسكرية وينتمون إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫حد أدنى‬ ‫نظامية ولهم‪ ،‬في أغلب احلاالت‪ّ ،‬‬ ‫من التجهيز العسكري كاألسلحة اخلفيفة‬ ‫والعربات والذخيرة‪ ،‬غير أ ّن هذه املنزلة‬ ‫أصبحت تتداخل في كثير من احلاالت مع‬ ‫منزلة املقاتلني نتيجة تط ّور عمليات األمم‬ ‫املتحدة حلفظ السالم من عمل ّيات تقليدية‬ ‫ذات منحى سلبي تعود بداياتها إلى احلرب‬ ‫الباردة وتتم ّثل أساسا في نشر أفراد غير‬ ‫مس ّلحني أو يحملون أسلحة خفيفة يعملون‬ ‫على فصل األطراف املتنازعة بعد توقيعهم‬ ‫التفاق سالم ومراقبة وقف إطالق النار إلى‬ ‫متعددة‬ ‫دور أكثر إيجابية من خالل عمليات‬ ‫ّ‬ ‫األبعاد تشمل تدابير بناء الثقة وتقاسم‬ ‫السلطة بني األطراف املتنازعة واملساعدة‬ ‫ّ‬ ‫على تنظيم انتخابات واملساعدة في التنمية‬ ‫االقتصادية واالجتماعية فضال عن مها ّم‬ ‫عمل ّياتية جديدة كإزالة األلغام األرض ّية‬ ‫وال ّلجوء إلى"جميع الوسائل الضرورية"‬ ‫حلماية املدنيني املتواجدين جوار أفراد حفظ‬ ‫السالم ومنع ممارسة العنف ضد املوظفني‬ ‫ّ‬

‫والعاملني التابعني للمنظمة‪.‬‬ ‫مهاما جديدة‬ ‫وهو تغيير جوهري أسند‬ ‫ّ‬ ‫السالم على أساس الفصل‬ ‫لعمليات حفظ ّ‬ ‫السابع من ميثاق األمم املتحدة ويهدف إلى‬ ‫ّ‬ ‫السالم التي تفتقر إلى‬ ‫متكني مها ّم حفظ ّ‬ ‫الضرورين من احتواء الفصائل‬ ‫املوارد واحلجم ّ‬ ‫املس ّلحة التي تظهر بعد النزاعات املس ّلحة‬ ‫وحماية أفراد حفظ السالم أنفسهم من‬ ‫الهجمات التي تستهدفهم‪.‬‬ ‫واعتبارا لتزايد اخلسائر البشرية في‬ ‫السالم في السنوات‬ ‫صفوف أفراد حفظ ّ‬ ‫األخيرة من قتلى وجرحى‪ ،‬والتي كان من‬ ‫أكثرها دمو ّية الهجوم الذي شنّه بتاريخ‬ ‫مس ّلحون على دورية للبعثة اخملتلطة لألمم‬ ‫املتحدة (قوات حفظ السالم واإلحتاد اإلفريقي‬ ‫في دارفور"يوناميد") شمالي نياال عاصمة‬ ‫والية جنوب دارفور في ‪ 13‬جويلية ‪2013‬‬ ‫والذي أودى بحياة سبعة جنود تنزانيني من‬ ‫أفراد حفظ السالم وأ ّدى إلى إصابة ‪ 17‬آخرين‬ ‫تابعني للبعثة ‪ ،7‬لذلك فإ ّن دراسة آليات‬ ‫الدولي‬ ‫احلماية القانونية التي يو ّفرها القانون ّ‬ ‫خاصة‪ ،‬إذ ال‬ ‫أهمية‬ ‫ّ‬ ‫لهؤالء األفراد تبقى ذات ّ‬ ‫السالم املساعدة‬ ‫ينتظر من أفراد حفظ ّ‬ ‫السلم ببلدان ذات وضع‬ ‫فعل ّيا في إحالل ّ‬

‫‪ -6‬ال ّرائد قاضي توفيق العيوني‪ ،‬العسكري التونسي واجلرائم املرتكبة في اخلارج‪ّ ،‬‬ ‫الدورة ‪ ،14‬ص‪.23 .‬‬ ‫مذكرة تخ ّرج من املدرسة احلربية العليا‪ّ ،‬‬ ‫‪ّ -7‬‬ ‫حد ‪ 29‬فيفري ‪2016‬‬ ‫أكدت إحصائيات األمم املتحدة أ ّن العدد اجلملي ألفراد حفظ السالم الذين قتلوا نتيجة اعتداءات عليهم منذ عام ‪ 1948‬إلى ّ‬ ‫بلغ ‪ 897‬فردا‪ ،‬متوفر على املوقع ‪http://www.un.org/en/peacekeeping/fatalities/documents/stats_4.pdf .‬‬ ‫وقد بلغ عدد التونسيني الذين قتلوا في مهام حلفظ السالم ‪ 19‬شخصا موزعني حسب املهام التالية‪ ،‬دون حتديد إن كان ذلك نتيجة اعتداء أم ال‪:‬‬ ‫(‪.MINURSO، (1) MINUSTAH، (3) MONUC، (11) ONUC، (1) UNOSCOM، (1) UNTAC، (1) UNTAG )1‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪68‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫أمني ّ‬ ‫اخلاصة‬ ‫هش إذا كانت ال تأمن سالمتها‬ ‫ّ‬ ‫باعتبار أن سالمة تلك الق ّوات عامل رئيسي‬ ‫املهمة األمم ّية‪.‬‬ ‫يؤ ّثر سلبا أو إيجابا على جناح‬ ‫ّ‬ ‫لذلك سنتع ّرض في مبحث أ ّول إلى املواثيق‬ ‫الدولية التي ك ّرست احلماية القانونية ألفراد‬ ‫ّ‬ ‫السالم وفي مبحث ثان إلى اآلليات‬ ‫حفظ ّ‬ ‫اإلجرائية الضامنة لتلك احلماية‪.‬‬ ‫الدولية املك ّرسة‬ ‫مبحث أ ّول‪ :‬املواثيق ّ‬ ‫حلماية أفراد حفظ السالم‪:‬‬ ‫السالم األممية‬ ‫رغم أ ّن عمل ّيات حفظ ّ‬ ‫تعود إلى منتصف القرن املاضي‪ ،‬فإ ّن ميثاق‬ ‫األمم املتحدة لسنة ‪ 1945‬واتفاقية امتيازات‬ ‫وحصانات األمم املتحدة التي أق ّرتها اجلمعية‬ ‫العامة لألمم املتحدة في ‪ 13‬فيفري ‪1946‬‬ ‫ّ‬ ‫خاصة بأفراد‬ ‫يتضمنا أحكاما حمائية‬ ‫لم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السالم‪ ،‬إذ منحت االتفاقية املذكورة‬ ‫حفظ ّ‬ ‫امتيازات وحصانات خاصة لبعض األصناف‬ ‫من موظفي األمم املتحدة ليس من بينهم‬ ‫أفراد حفظ السالم‪ .8‬وهو ّ‬ ‫متش ميكن إرجاعه‬ ‫إلى عدم وضوح الرؤية في تلك احلقبة‬

‫التاريخية بخصوص مهام حفظ ودعم‬ ‫ملحة وظاهرة‬ ‫السالم وعدم وجود حاجة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلقرار تلك احلماية عقب نهاية احلرب العاملية‬ ‫الثانية‪ .‬ولذلك أفرزت املمارسة األممية إبرام‬ ‫اتفاقات ثنائية متعلقة مبركز عمل ّية األمم‬ ‫املتحدة تبرمها الدولة املض ّيفة مع ّ‬ ‫منظمة‬ ‫األمم املتحدة ويطلق عليها بال ّلغة اإلجنليز ّية‬ ‫‪.]Status Of Force Agreement [SOFA‬‬ ‫تتضمن أحكاما بشأن‬ ‫وهي اتفاقات ميكن أن‬ ‫ّ‬ ‫امتيازات وحصانات العنصر العسكري‬ ‫السالم‪.9‬‬ ‫وعنصر الشرطة في عملية حفظ ّ‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬فإ ّن مواثيق وصكوك‬ ‫الدولي اإلنساني لم تعر األهمية‬ ‫القانون ّ‬ ‫الالزمة حلماية أفراد حفظ السالم واقتصرت‬ ‫على بعض األحكام العرضية التي شملتهم‬ ‫وخاصة بهم‪.‬‬ ‫دون أن متنحهم حماية مباشرة‬ ‫ّ‬ ‫وقد استم ّر الوضع على تلك احلال إلى سنة‬ ‫‪ 1994‬تاريخ اعتماد اتفاقية األمم املتحدة‬ ‫بشأن سالمة موظفي األمم املتحدة واألفراد‬ ‫املرتبطني بها‪ .‬وهي اتفاقية فارقة ومكسب‬

‫‪ -8‬صادقت اجلمهورية التونسية على االتفاقية املذكورة مبقتضى القانون عدد ‪ 30‬لسنة ‪ 1958‬املؤرخ في ‪ 10‬مارس ‪.1958‬‬ ‫‪ -9‬على سبيل املثال‪ ،‬أق ّرت اتفاقية الوضعية القانونية للق ّوات ‪ SOFA‬املبرمة بني منظمة األمم املتحدة وجمهورية الكونغو الدميقراطية املمضاة في‬ ‫‪ 4‬أفريل ‪ 2000‬أ ّن قائد القوة العسكرية ونائبه يتمتعان بالصفة الدبلوماسية وتنطبق عليهما من هذا املنطلق أحكام الفقرات ‪ 18‬و ‪ 19‬و ‪ 27‬من‬ ‫اتفاقية األمم املتحدة لالمتيازات واحلصانات‪ ،‬في حني ويتمتع املراقبون األمميون من جهة ثانية بصفة اخلبراء التي تسحب عليهم مقتضيات الفصل‬ ‫ضد أية تتبعات من أي نوع بخصوص أعمال قاموا بها ألداء مهمتهم لصالح األمم املتحدة وذلك‬ ‫‪ 6‬من االتفاقية املذكورة الذي مينحهم احلصانة ّ‬ ‫مدة هذه املهمة‪ .‬وتبقى هذه احلصانة سارية املفعول بخصوص تلك األعمال بعد انتهائهم من املهمة وحتى بعد مغادرتهم صفوف األمم‬ ‫طيلة ّ‬ ‫املتحدة‪ ،‬إالّ أنه ميكن لألمني العام لألمم املتحدة رفع تلك احلصانة كلما اقتضى األمر ذلك‪ .‬ورد مبذكرة التخرج “ العسكري التونسي واجلرائم املرتكبة‬ ‫في اخلارج” املشار إليها آنفا‪ ،‬ص‪.23-24 .‬‬ ‫للصليب األحمر‪،2007 ،‬‬ ‫‪-10‬جون ماري هنكرتس ولويز دوزوالد‪ -‬بك‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني العرفي‪ ،‬اجمل ّلد األ ّول‪ :‬القواعد‪ ،‬القاهرة‪ :‬اللجنة ّ‬ ‫الدولية ّ‬ ‫ص‪.101 .‬‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪69‬‬


‫تاريخي ها ّم نحو تركيز حماية مباشرة‬ ‫السالم‪.‬‬ ‫وفعل ّية ألفراد حفظ ّ‬ ‫ولإلحاطة بأبعاد هذه احلماية وتط ّورها‬ ‫التاريخي سنتع ّرض في فقرة أولى إلى‬ ‫الدولي التي أشارت إلى أفراد‬ ‫مواثيق القانون ّ‬ ‫السالم‪ ،‬لنفرد بالدراسة في فقرة ثانية‬ ‫حفظ ّ‬ ‫اتفاقية األمم املتحدة بشأن سالمة موظفي‬ ‫األمم املتحدة واألفراد املرتبطني بها نظرا‬ ‫ألهميتها في االرتقاء بحماية أفراد حفظ‬ ‫السالم من اإلعتداءات املس ّلطة عليهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فقرة أولى‪ :‬مواثيق القانون الدولي‬ ‫اإلنساني‪:‬‬ ‫بالبحث في اتفاقيات وصكوك القانون‬ ‫الدولي اإلنساني‪ ،‬يتبني أ ّن احلماية القانونية‬ ‫ّ‬ ‫التي متنحها ألفراد حفظ السالم بقيت‪ ،‬ومنذ‬ ‫جدا وغير ذات فاعلية‬ ‫سنة ‪ ،1949‬محدودة ّ‬ ‫الدولي اإلنساني‬ ‫تذكر‪ ،‬رغم أ ّن القانون ّ‬ ‫العرفي أق ّر قاعدة حظر توجيه الهجوم إلى‬ ‫أفراد وأعيان مستخدمني في مها ّم حفظ‬ ‫السالم وفقا مليثاق األمم املتحدة ما داموا‬ ‫ّ‬ ‫مؤهلني للحماية املمنوحة للمدنيني واألعيان‬ ‫املدنية‪ .10‬فقد احتوت تلك االتفاقيات على‬ ‫إشارات عرض ّية إلى أفراد األمم املتحدة دون أن‬ ‫تخصهم بحماية مباشرة وواضحة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فاتفاقية جينيف ال ّرابعة بشأن حماية‬ ‫األشخاص املدنيني في وقت احلرب واملؤرخة‬ ‫في ‪ 12‬أوت ‪ 1949‬عاملتهم معاملة املدنيني‬ ‫واعتبرت في ما ّدتها ال ّرابعة أفراد حفظ‬ ‫تخصهم بالذكر) أشخاصا‬ ‫السالم (دون أن‬ ‫ّ‬ ‫محم ّيني إذا وجدوا " أنفسهم في حلظة ما‬ ‫وبأي شكل كان‪ ،‬في حالة قيام نزاع أو احتالل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حتت سلطة طرف في النزاع ليسوا من‬ ‫عامة تسري على جميع‬ ‫رعاياه" وهي حماية ّ‬ ‫السالم‪،‬‬ ‫املدنيني وال‬ ‫ّ‬ ‫تخص حتديدا أفراد حفظ ّ‬ ‫كما أنّها مشروطة بقيام نزاع مس ّلح وهو‬ ‫األمر الذي ال يتفق واقعا مع جميع حاالت‬ ‫نشر تلك القوات‪.‬‬ ‫كما اقتضت املا ّدة ‪ - 1( 37‬د) من‬

‫الدفاع‬ ‫‪70‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫البروتوكول اإلضافي األ ّول التفاقيات جنيف‬ ‫الدولية‬ ‫املتعلق بحماية ضحايا النزاعات ّ‬ ‫املس ّلحة املؤرخ في ‪ 8‬جوان ‪ 1977‬أنّه يحظر‬ ‫قتل اخلصم أو إصابته أو أسره باللجوء إلى‬ ‫الغدر‪ .‬وتعتبر من قبيل الغدر تلك األفعال‬ ‫تعمد خيانة‬ ‫التي تستثير ثقة اخلصم مع ّ‬ ‫هذه الثقة وتدفع اخلصم إلى االعتقاد‬ ‫بأ ّن له احلقّ أو أ ّن عليه التزاما مبنح احلماية‬ ‫طبقا لقواعد القانون الدولي التي تطبق‬ ‫في النزاعات املسلحة‪ .‬ويعتبر من قبيل‬ ‫الغدر التظاهر بوضع يكفل احلماية وذلك‬ ‫باستخدام شارات أو عالمات أو أزياء محايدة‬ ‫خاصة باألمم املتحدة‪ .‬كما اقتضى الفصل ‪38‬‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )2‬من نفس البروتوكول أنّه يحظر استخدام‬ ‫الشارة املم ّيزة لألمم املتحدة إالّ على النحو‬ ‫الذي جتيزه تلك املنظمة‪.‬‬ ‫السياق‪ ،‬اقتضى الفصل التاسع‬ ‫في نفس ّ‬ ‫من اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة‬ ‫الضرر‬ ‫تقليدية معينة ميكن اعتبارها مفرطة ّ‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫أو عشوائية األثر التي متّ اعتمادها بجنيف في‬ ‫‪ 10‬أكتوبر ‪ 1980‬أ ّن ّ‬ ‫كل طرف سام متعاقد له‬ ‫أن ينقض االتفاقية أو أ ّيا من البروتوكوالت‬ ‫امللحقة بها‪" ،‬غير أن التزام الطرف املذكور‬ ‫يستم ّر في احلاالت التي تكون قوات األمم‬ ‫املتحدة أو بعثاتها مضطلعة فيها بحفظ‬ ‫السلم أو املراقبة أو مبها ّم مماثلة‪ ،‬وذلك إلى‬ ‫ّ‬ ‫أن تنتهي هذه املها ّم"‪ .‬وتوضح األحكام‬ ‫املذكورة أعاله أن عمليات األمم املتحدة‬ ‫وهامة‬ ‫خاصة‬ ‫السالم لديها مكانة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حلفظ ّ‬ ‫في اجملتمع الدولي‪ ،‬غير أنّها تقدم قليال من‬ ‫احلماية امللموسة لهذه العمليات‪.‬‬ ‫نص البروتوكول املتعلق‬ ‫من جهة أخرى‪ّ ،‬‬ ‫بحظر أو تقييد استعمال األلغام واألشراك‬ ‫اخلداعية والنبائط األخرى (البروتوكول الثاني‬ ‫املعدلة في ‪ 3‬ماي ‪ )1996‬امللحق‬ ‫بصيغته‬ ‫ّ‬ ‫باتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة‬ ‫تقليدية مع ّينة ميكن اعتبارها مفرطة الضرر‬ ‫أو عشوائية األثر في ما ّدته ‪ 2-( 12‬ب) على‬ ‫السالم‬ ‫بعض األحكام احلمائية ألفراد حفظ ّ‬

‫بالتنصيص على ما يلي‪:‬‬ ‫"يجب على ّ‬ ‫كل طرف سام متعاقد أو‬ ‫طرف في نزاع أن يعمد‪ ،‬إذا طلب منه ذلك‬ ‫رئيس البعثة إلى‪:‬‬ ‫‪-1‬اتخاذ التدابير الالزمة‪ ،‬بقدر ما تتوفر له‬

‫القدرة على ذلك‪ ،‬حلماية الق ّوة أو البعثة من‬ ‫آثار األلغام واألشراك اخلداعية وسائر النبائط‬ ‫في أية منطقة حتت سيطرته‪.‬‬ ‫‪ -2‬إزالة كافة األلغام واألشراك اخلداعية‬ ‫وسائر النبائط املزروعة في تلك املنطقة أو‬ ‫الضرر‪ ،‬عند اللزوم وبقدر ما‬ ‫جعلها عدمية ّ‬ ‫تتوفر له القدرة على ذلك‪ ،‬من أجل حماية‬ ‫فعالة‪.‬‬ ‫هؤالء املوظفني حماية ّ‬ ‫‪-3‬إبالغ رئيس الق ّوة أو البعثة مبواقع جميع‬ ‫حقول األلغام واملناطق امللغومة واأللغام‬ ‫واألشراك اخلداعية وسائر النبائط املعروفة‬ ‫في املنطقة التي تؤدي فيها الق ّوة أو البعثة‬ ‫مهامها‪ ،‬وإطالع رئيس الق ّوة أو البعثة‪ ،‬بقدر‬ ‫ّ‬ ‫اإلمكان‪ ،‬على كافة املعلومات املوجودة‬ ‫بحوزته فيما يتعلق بحقول األلغام واملناطق‬ ‫امللغومة واأللغام واألشراك اخلداعية وسائر‬ ‫النبائط هذه" ‪.‬‬ ‫ورغم متيز هذه األحكام بطابع أكثر واقعية‬ ‫من تلك املذكورة أعاله‪ ،‬نظرا ألنها تلزم الدول‬ ‫محددة لضمان سالمة أفراد‬ ‫باتخاذ إجراءات‬ ‫ّ‬ ‫حفظ السالم وموظفي األمم املتحدة في‬ ‫بعثات املراقبة في مناطق النزاع‪ ،‬فإنها تبقى‬ ‫غير كافية في مواجهة الوضعيات اخلطيرة‬ ‫واألخطار املتن ّوعة التي واجهت أفراد حفظ‬ ‫السالم في السنوات األخيرة وأ ّدت إلى قتل‬ ‫وجرح العديد منهم في حوادث اعتداء من‬ ‫أفراد وجماعات مسلحة‪ .‬ولذلك ظهرت‬ ‫احلاجة امللحة إلى االرتقاء بتلك احلماية‬ ‫وحتسينها من خالل اعتماد اتفاقية أممية‬ ‫السالم‪.‬‬ ‫مستقلة تعنى بأفراد حفظ ّ‬ ‫فقرة ثانية‪ :‬اتفاقية األمم املتحدة بشأن‬ ‫سالمة موظفي األمم املتحدة واألفراد‬ ‫املرتبطني بها‬ ‫اعتمدت اجلمعية العامة لألمم املتحدة‬ ‫بتاريخ ‪ 9‬ديسمبر ‪ 1994‬مبقتضى قرارها عدد‬ ‫‪ 49/59‬االتفاقية املتعلقة بسالمة موظفي‬

‫‪ -11‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 62‬املؤرخ في ‪ 4‬أوت ‪ ،2000‬ص‪ .2023 .‬وجتدر اإلشارة في هذا اإلطار إلى أ ّن اجلمهورية التونسية‬ ‫حتفظت على الفقرة األولى من املادة ‪ 22‬من االتفاقية واعتبرت نفسها غير ملزمة بأحكامها ّ‬ ‫وأكدت أنّه ال ميكن عرض اخلالفات املتعلقة بتأويل أو‬ ‫الدولية إالّ بعد املوافقة املبدئية جلميع األطراف املعن ّية‪.‬‬ ‫تطبيق االتفاقية على التحكيم أو على محكمة العدل ّ‬ ‫‪-12‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 9‬املؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪ ،2001‬ص‪.222 .‬‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪71‬‬


‫األمم املتحدة واألفراد املرتبطني بها‪ .‬وقد متّ‬ ‫اعتماد االتفاقية املذكورة باإلجماع بعد ّ‬ ‫أقل‬ ‫من تسعة أشهر من بدء املفاوضات بشأنها‬ ‫ودخلت ح ّيز التنفيذ سنة ‪ 1999‬بعد مصادقة‬ ‫ّ‬ ‫وتؤكد سرعة اعتماد هذه‬ ‫‪ 22‬دولة عليها‪.‬‬ ‫امللحة والعاجلة ملنح أفراد‬ ‫االتفاقية احلاجة‬ ‫ّ‬ ‫حفظ السالم حماية أفضل في أداء مهامهم‬ ‫ّ‬ ‫واملعقدة‪ ،‬باعتبار أنّه في السنة التي‬ ‫اخلطرة‬ ‫سبقت اعتماد هذه االتفاقية قتل ‪ 202‬فردا‬ ‫من أفراد األمم املتحدة العاملني في مهام‬ ‫لدعم السالم‪.‬‬ ‫وقد صادقت اجلمهورية التونسية على‬ ‫االتفاقية املتعلقة بسالمة موظفي األمم‬ ‫املتحدة واألفراد املرتبطني بها مبقتضى‬ ‫القانون عدد ‪ 74‬لسنة ‪ 2000‬املؤ ّرخ في ‪31‬‬ ‫جويلية ‪ ،11 2000‬ومتّ نشرها بال ّرائد ال ّرسمي‬ ‫للجمهورية التونسية مبقتضى األمر عدد‬ ‫‪ 298‬لسنة ‪ 2001‬املؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪2001‬‬ ‫‪ . 12‬وهي بذلك جزء من التشريع الوطني‬ ‫الدستور‬ ‫حسب منطوق الفصل ‪ 20‬من ّ‬ ‫اجلديد املؤرخ في ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬الذي‬ ‫اقتضى أ ّن "املعاهدات املوافق عليها من قبل‬ ‫اجمللس النيابي واملصادق عليها‪ ،‬أعلى من‬ ‫الدستور"‪ ،‬غير أ ّن إمكانية‬ ‫القوانني وأدنى من ّ‬ ‫الدفع بها واعتمادها من قبل احملاكم‪ ،‬يبقى‬ ‫ّ‬ ‫رهني إدخال اجلرائم الواردة بها صلب التشريع‬ ‫اجلزائي الوطني‪.‬‬ ‫السالم أبرز صنف من‬ ‫ويعتبر أفراد حفظ ّ‬ ‫ّ‬ ‫موظفي األمم املتّحدة الذين سعت االتفاقية‬

‫ضدهم‪ ،‬إذ‬ ‫إلى حمايتهم وجترمي االعتداءات ّ‬ ‫ّ‬ ‫موظفي‬ ‫ع ّرفت االتفاقية في ما ّدتها األولى‬ ‫ونصت صراحة‬ ‫األمم املتّحدة املعن ّيني باحلماية ّ‬ ‫السالم‬ ‫في الفقرة (أ‪ )-1‬على أفراد حفظ ّ‬ ‫باعتبارهم األشخاص الذين يستخدمهم‬ ‫العام لألمم املتّحدة أو يقوم بتوزيعهم‬ ‫األمني ّ‬ ‫بوصفهم أفرادا من العنصر العسكري أو‬ ‫عنصر ّ‬ ‫الشرطة أو العنصر املدني لعمل ّية‬ ‫تقوم بها األمم املتّحدة من أجل اإلضطالع‬ ‫بأنشطة دعما لتنفيذ والية منوطة بإحدى‬ ‫عمل ّيات األمم املتّحدة‪ .‬ويقصد بعبارة "عمل ّية‬ ‫لألمم املتّحدة" ّ‬ ‫كل عمل ّية ينشئها اجلهاز‬ ‫ّ‬ ‫املنظمة وفقا مليثاق األمم املتّحدة‬ ‫اخملتص في‬ ‫ّ‬ ‫ويضطلع بها حتت سلطة ومراقبة األمم‬ ‫املتّحدة‪.‬‬ ‫ويقتصر مجال تطبيق االتفاقية على‬ ‫عمليات األمم املتحدة التي يكون الغرض منها‬ ‫الدوليني‪،13‬‬ ‫السلم واألمن ّ‬ ‫صون أو إعادة إحالل ّ‬ ‫أي عمل ّية لألمم املتّحدة‬ ‫وهي ال تنطبق على ّ‬ ‫يأذن بها مجلس األمن كإجراء من إجراءات‬ ‫السابع من ميثاق‬ ‫اإلنفاذ مبوجب الفصل ّ‬ ‫األمم املتّحدة‪ ،‬باعتبار أ ّن أفراد األمم املتّحدة‬ ‫السالم يعتبرون مقاتلني‬ ‫في عمليات إنفاذ ّ‬ ‫وينطبق عليهم قانون النّزاعات املس ّلحة‬ ‫الدولية‪.14‬‬ ‫ّ‬ ‫نصت االتفاقية املذكورة على قاعدة‬ ‫وقد ّ‬ ‫تقدم حماية ملموسة ألفراد‬ ‫هامة ومبدئية ّ‬ ‫ّ‬ ‫حفظ السالم وتك ّرس من خاللها ما استق ّر‬ ‫عليه القانون الدولي العرفي من خالل منع‬

‫‪-13‬املادة األولى من االتفاقية‪.‬‬ ‫‪-14‬املا ّدة الثانية فقرة (‪ )2‬من االتفاقية‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪72‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫حرمة مق ّرات عملهم ال ّرسمية ومساكنهم‬ ‫معدات تنق ّلهم كما ج ّرمت أيضا الشروع‬ ‫أو ّ‬ ‫في ارتكاب اعتداءات من هذا القبيل‪.‬‬

‫ومعداتهم وأماكن‬ ‫جعل هؤالء املوظفني‬ ‫ّ‬ ‫ألي إجراء مينعهم‬ ‫عملهم هدفا لالعتداء أو ّ‬ ‫‪15‬‬ ‫من أداء الوالية املنوطةإليهم ‪ .‬وفرضت‬ ‫الدول األطراف اتخاذ جميع التّدابير‬ ‫على ّ‬ ‫ّ‬ ‫موظفي األمم‬ ‫املناسبة لضمان سالمة وأمن‬ ‫خاص‬ ‫املتّحدة واألفراد املرتبطني بها‪ ،‬وبوجه‬ ‫ّ‬ ‫اتّخاذ جميع اخلطوات املناسبة حلماية أفراد‬ ‫يتم نشرهم في إقليمها‬ ‫األمم املتّحدة ا ّلذين ّ‬ ‫بأي شكل‬ ‫من القتل واالختطاف أو االعتداء ّ‬ ‫آخر على حرمتهم اجلسد ّية أو على ح ّريتهم‪،‬‬ ‫كما ح ّرمت االعتداءات على أماكن العمل‬ ‫اخلاص أو وسائل‬ ‫السكن‬ ‫ّ‬ ‫ال ّرسم ّية أو على ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫املهمة األمم ّية أو‬ ‫ّنقل التي قد تع ّرض أفراد‬ ‫ّ‬ ‫ح ّريتهم للخطر‪.‬‬ ‫تقدمها‬ ‫ومن أوجه احلماية األخرى التي ّ‬ ‫اإلتفاقية والتي مت ّيز أفراد حفظ السالم عن‬ ‫املقاتلني أنه إذا متّ احتجاز أحدهم أثناء أداء‬ ‫واجبه ومتّ إثبات هو ّيته‪ ،‬ال يجوز استجوابه‬ ‫ويطلق سراحه على الفور بتسليمه إلى‬ ‫األمم املتحدة أو إلى السلطات اخملتصة األخرى‬ ‫ويعامل هؤالء األفراد أثناء احتجازهم وفقا‬ ‫ملعايير حقوق اإلنسان املعترف بها دول ّيا‬ ‫وملبادئ اتفاقيات جنيف لعام ‪.1949‬‬ ‫ورغم القفزة الكبيرة التي حققتها‬ ‫اإلتفاقية في مجال االرتقاء بحماية أفراد‬ ‫محددة‬ ‫حفظ السالم‪ ،‬فإنها لم جت ّرم إالّ أفعاال‬ ‫ّ‬ ‫وهي األفعال القصد ّية ذات الطبيعة اخلطرة‬ ‫متس إم ّا من احلرمة اجلسد ّية ألفراد‬ ‫التي ّ‬ ‫السالم كالقتل أو اإلختطاف أو من‬ ‫حفظ ّ‬

‫واجلدير بالذكر أ ّن مصادقة بالدنا على‬ ‫االتفاقية املذكورة‪ ،‬وإن كانت تعتبر خطوة‬ ‫هامة نحو حتسني احلماية القانونية‬ ‫ّ‬ ‫للعسكريني التونسيني املشاركني في‬ ‫السالم‪ ،‬فإنها تبقى خطوة‬ ‫عمليات حفظ ّ‬ ‫يتم إدخال اجلرائم التي‬ ‫منقوصة طاملا لم ّ‬ ‫تنص عليها االتفاقية املذكورة في القانون‬ ‫ّ‬ ‫اجلزائي الوطني‪ .‬وهو واجب محمول على‬ ‫ّ‬ ‫كل دولة طرف مبقتضى املا ّدة التاسعة من‬ ‫االتفاقية التي فرضت‪ ،‬أن جتعل ّ‬ ‫كل دولة‬ ‫املتعمد لألعمال املذكورة‬ ‫طرف االرتكاب‬ ‫ّ‬ ‫باملا ّدة جرائم مبوجب قانونها الوطني يعاقب‬ ‫عليها بعقوبات مناسبة تراعي طبيعتها‬ ‫اخلطرة‪.‬‬ ‫الدولي احملمول‬ ‫وتنفيذا لهذا االلتزام ّ‬ ‫الدولة التونسية‪ ،‬يجب على السلطة‬ ‫على ّ‬ ‫التشريعية إضافة عدد من األحكام اجلزائية‬ ‫صلب الكتاب الثاني من مجلة املرافعات‬ ‫والعقوبات العسكرية جت ّرم مبقتضاها أفعال‬ ‫القتل أو االختطاف التي تطال ّ‬ ‫كل عسكري‬ ‫مهمة حلفظ السالم‬ ‫تونسي مشارك في‬ ‫ّ‬ ‫أو االعتداء بشكل آخر على شخصه أو‬ ‫حريته‪ ،‬وكذلك جترمي اإلعتداءات على أماكن‬ ‫والسكن اخلاص و وسائل‬ ‫العمل ال ّرسمية‬ ‫ّ‬ ‫التنقل التابعة لهؤالء األفراد وترتيب عقاب‬ ‫جزائي عليها‪ ،‬حتى متنح احملاكم العسكرية‬ ‫التونسية والية قانونية فعلية على تلك‬ ‫ّ‬ ‫ويتمكن القاضي العسكري من‬ ‫االعتداءات‬ ‫التعهد بها‪ ،‬وذلك على غرار‬ ‫زجرها في صورة‬ ‫ّ‬ ‫ما قامت به بعض التشاريع املقارنة التي‬ ‫ج ّرمت تلك اإلعتداءات في قوانينها اجلزائية‪،‬‬ ‫على غرار قوانني ّ‬ ‫كل من أستراليا‪ ،‬كندا‪،‬‬ ‫الكنغو‪ ،‬أملانيا‪ ،‬مالي‪ ،‬اململكة املتحدة وغيرها‬ ‫‪16‬‬ ‫الدول‬ ‫من ّ‬

‫السابعة أ ّوال من اإلتفاقية‬ ‫‪ -15‬املا ّدة ّ‬ ‫‪- 16‬جون ماري هنكرتس ولويز دوزوالد‪ -‬بك‪ ،‬املرجع السابق ذكره‪ ،‬ص‪.102 .‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪73‬‬


‫دور األبحاث العسكرية‬ ‫في التطور التقني‬ ‫املقــدم جنوى العياري‬

‫خُلصت العديد من الدراسات في المجال اإلقتصادي إلى وجود عالقة قوّية بين إنفاق‬ ‫الحكومات على األبحاث العسكرية‪ ،‬وبين التطور التقني‪ ،‬وانعكاس ذلك نم ّوا إقتصادايا وازدهارا‬ ‫حضارّيا‪ .‬وكمثال على ذلك‪ّ ،‬‬ ‫أكد “فيرون روتان” في مقال له يحمل عنوان‪“ :‬هل الحرب ضرورية‬ ‫للنمو اإلقتصادي‪ ،‬على العالقة المتالزمة والمتشابكة بين البحث التقني في المجال العسكري من‬ ‫جهة‪ ،‬والتق ّدم في المجال الصناعي من جهة أخرى‪ ،‬حيث يتم نقل الّتقنيات المستحدثة في مجال‬ ‫بعد إدخال الّتعديالت ّ‬ ‫الضرورّية عل ْيها حّتى تتواءم‬ ‫الّتسليح من مجال نشأتها إلى المجال المدني‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلس ْ‬ ‫وليستدل على فكرته‪ ،‬استعرض الكاتب عديد األمثلة التي استقاها من‬ ‫تخدامات المدنّية‪.‬‬ ‫مع ْ‬ ‫ميادين مختلفة‪ ،‬كصناعة الطائرات‪ ،‬والطاقة الذرية‪ ،‬والكومبيوتر‪ ،‬والصناعات الفضائية‪ .‬ونتساءل‬ ‫في هذا اإلطار‪ :‬إذا لعبت المعارف التقنية (‪ )savoirs technologiques‬التي ت ّم إنتاج‬ ‫دورًا أساسّيا إلحداث التف ّوق العسكري واالقتصادي‬ ‫الكثير منها في ميدان البحث العسكري ْ‬ ‫والسياسي للبلدان المتق ّدمة‪ ،‬فهل لعبت المواصفات الفنّية (‪)Normes techniques‬‬ ‫ّ‬ ‫دورا ُمماثِال‪ ،‬وهي التي يت ّم إنتاجها باعتماد آلية الّتوافق (‪)consensus‬؟ وهل يكون ش ْرط‬ ‫ْ‬ ‫الصنف من المعارف وعلى امتناعها عن الّتوظيف لخدمة‬ ‫الموضوعّية ال ّذاتية لهذا ّ‬ ‫الّتوافق دليال على ْ‬ ‫األطراف األكثر ق ّوة؟ نحاول في هذا المقال تل ّمس بعض عناصر اإلجابة عن هذه األسئلة بآعتماد‬ ‫تاريخي‪.‬‬ ‫مدخل‬ ‫ّ‬

‫بعض احملطات التاريخ ّية بخصوص نشأة‬ ‫وتط ّور املواصفات الفنّية‬ ‫سمحت الثورة الصناعية التي حدثت في‬ ‫أوروبا خالل القرن الثامن عشر من االنتقال‬ ‫من اإلنتاج اليدوي إلى اإلنتاج امليكانيكي‪،‬‬ ‫وقد لعبت حينها املواصفات الفنية دوْر َ‬ ‫أداة قو ّية لترشيد اإلنتاج‪ ،‬ولضمان مردود ّية‬ ‫عاليتي‪.‬‬ ‫وجودة‬ ‫ْ‬ ‫وقد بدأت محاوالت توحيد خصائص‬ ‫املُنتجات في اجملال التقني في وقت مبكر‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪74‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫فيقال مثال أن اإلمبراطور الصيني "شي‬ ‫هوانغ دي" (‪ 259-210‬قبل امليالد)‪ ،‬ولتعزيز‬ ‫قبضته على كل الصني‪ ،‬أمر بت ْوحيد األوزان‬ ‫واملكاييل‪ ،‬وأعراض الطرق‪ ،‬واملباعدة بني‬ ‫عجالت العربات‪.‬‬ ‫في منتصف القرن السادس عشر‪ ،‬أمر‬ ‫"فرانسوا األ ّول" بت ْوحيد احلروف املستخدمة‬ ‫من قبل الطابعات‪ .‬وقد ّ‬ ‫متكن قارامون( (�‪Ga‬‬ ‫‪ )ramond‬سنة ‪ 1541‬من حتقيق األ ْمر امللكي‪،‬‬ ‫فاحتا الباب أمام ثورة علمية‪ ،‬وذلك بتسهيل‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫حركة نشيطة للطباعة والنشر‪.‬‬ ‫في عا م ‪ ،1825‬إقترح ستيفنسون (�‪Ste‬‬ ‫‪ )phenson‬اعتماد مقياس السكك احلديدية‬ ‫من أربعة أقدام وثمانية بوصات ونصف‬ ‫(أي ‪ 1435‬مم)‪ ،‬وهو تباعد يتوافق مع العرض‬ ‫املتداول ما بني العجالت في العصر الروماني‪،‬‬ ‫مالحظتي‪ .‬األولى هي أ ّن‬ ‫ولنا على هذا املثال‬ ‫ْ‬ ‫اختيار املواصفات الفنّية ال يخضع ملنهج ّية‬ ‫يتم هذا االختيار على‬ ‫واضحة املعالم‪ ،‬إذْ ّ‬ ‫أساس آثار يعود تاريخها إلى ‪ 2000‬سنة‬ ‫السابق!! واملالحظة الثانية‬ ‫كما في املثال ّ‬ ‫هي أنّه على ال ّرغم من قبول ُمعظم البلدان‬ ‫األوروبية سنة ‪ 1845‬للمسافة التي إقترحها‬ ‫السكك احلديد ّية‪ ،‬إال أ ّن‬ ‫ستيفنسون بني ّ‬ ‫بعض البلدان مثل روسيا وإسبانيا والبرتغال‬ ‫قدروا أ ّن هذا‬ ‫اختارت مقاسات أخرى‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ضد‬ ‫االختالف طريقة جيدة حلماية بلدانهم ّ‬ ‫الغزْو اخلارجي‪ ،‬إذا ما كان عن طريق استخْ دام‬ ‫السكك احلديد ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫في عام ‪ ،1765‬طلب "لويس اخلامس‬ ‫عشر" من قادة اجل ْيش إصالح املدفعية‪،‬‬ ‫املهمة‪.‬‬ ‫فتو ّلى قريبوفال (‪ )Gribeauval‬هذه‬ ‫ّ‬ ‫الضابط جملة من القرارات‪،‬‬ ‫وقد ق ّرر هذا ّ‬ ‫احلد من عدد أصناف‬ ‫أهمها ّ‬ ‫ّ‬ ‫املدافع والبنادق املستخدمة‪،‬‬ ‫واحلد بالتّالي من مقاسات‬ ‫ّ‬ ‫اخلراطيش ومقذوفات املدافع‪،‬‬ ‫وحتسني جودة موا ّد تصنيعها‪،‬‬ ‫وتوفير قطع الغيار الضرور ّية‬ ‫خملتلف العتاد احلربي‪ .‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫مكنت هذه اإلصالحات في‬ ‫وقت وجيز من حتْويل البحرية‬ ‫العسكرية الفرنسية إلى‬ ‫ْ‬ ‫أفضل ق ّوة عسكر ّية على‬ ‫اإلطالق‪.‬‬ ‫ثم مت تكليف لوبالن (‪ )Le Blanc‬مبهمة‬ ‫ّ‬ ‫توفير البنادق للمشاركني في الثورة‬ ‫الفرنسية سنة ‪ ،1785‬وقد حاول هذا‬ ‫بآستحداث طريقة‬ ‫مبهمته‬ ‫التقني القيام‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬

‫صنع ُمك ّونات‬ ‫يتم مبُقتضاها ُ‬ ‫عمل جديدة‪ّ ،‬‬ ‫ثم جمعها‬ ‫البنادق بصفة ُمستق ّلة‪ ،‬ومن ّ‬ ‫من دون احلاجة لإلستنجاد في هذه املرحلة‬ ‫بي ٍد عاملة ماهرة‪ ،‬بعد أن كانت الطريقة‬ ‫احلداد صناعة‬ ‫التقليد ّية تقتضي بأن يتو ّلى ّ‬ ‫اآلالت بصناعة مك ّوناتها قطعة بعد أخْ رى‪،‬‬ ‫ومن ث َ ّم ترْكيبها بالتّدرج‪ ،‬وهو الوحيد القادر‬ ‫على صيانة وإصالح أعطابها‪ .‬وقد كان هدف‬ ‫"لوبالن" باستخْ دام هذه ّ‬ ‫الطريقة في صناعة‬ ‫ّ‬ ‫تسريع اإلنتاج‪ ،‬وتوفير‬ ‫البنادق‬ ‫التمكن من ْ‬ ‫قطع الغيار لبنادق الث ّوار‪ ،‬إال أ ّن محاولته‬ ‫باءت بالفشل (‪.)Coujard, 2000‬‬ ‫وقد سنحت الفرصة للسفير األمريكي‬ ‫في فرنسا آنذاك‪" ،‬توماس جيفرسون"‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫باإلطالع على هذه التجربة‪ ،‬فأرسل بها‬

‫إلى السلط املعنية في بالده يُعلمها بها‪.‬‬ ‫وبناء على هذه املراسلة‪ ،‬طلبت احلكومة‬ ‫األمريكية من أحد اخلبراء‪" :‬إيلي ويتني" (‪Eli‬‬ ‫‪ )Whitney‬إنتاج ‪ 10‬آالف بندق ّية بآعتماد مبدإ‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪75‬‬


‫التبادل ّية املعيار ّية (‪،)interchangeabilité‬‬ ‫فكان النجاح حليفه‪ ،‬فاحتا الباب أمام ثورة‬ ‫والصيانة‪ ،‬ثورة‬ ‫هائلة على مستوى اإلنتاج‬ ‫ّ‬ ‫عرفت انطالقتها احلقيق ّية على يد "هنري‬ ‫فورد" في ميدان صناعة السيارات‪..‬‬ ‫ونختم هذه الفقرة باملثال التّالي‪ .‬في‬ ‫سنة ‪ ،1962‬طلب سالح اجل ّو األمريكي‬ ‫من مجموعة من الباحثني إنشاء شبكة‬ ‫لالتصاالت العسكرية قادرة على الصمود‬ ‫أمام هجوم نووي ُم ْحتمل ّ‬ ‫السوفياتي‪.‬‬ ‫لإلتاد‬ ‫ّ‬ ‫وقد ّ‬ ‫ساستهم‬ ‫متكن اخلبراء من حتْقيق طلب‬ ‫ْ‬ ‫سنة ‪ .1969‬تال ذلك نقل هذه التقنية من‬ ‫اجملال العسكري إلى اجملال املدني سنة ‪،1990‬‬ ‫بتأسيس الشبكة العاملية لإلنترنت (‪.)www‬‬ ‫ولضمان االتّصال بني مختلف املشتركني‪،‬‬ ‫فقد اقتضت هذه املنظومة بناء نظام ع ْن َونة‬ ‫(‪ )adressage‬يسمح بتدفق البيانات آليا‬ ‫إلى وجهتها (‪ .)TCP / IP‬وبآعتبار أ ّن نظام‬ ‫العنْون َة ي ْدخل ض ْمن املواصفات الفنّية‪،‬‬ ‫ويدخل بالتّالي ضمن مجال عمل املنظمة‬ ‫الدولية للمواصفات (‪ ،)ISO‬فقد عملت‬ ‫ّ‬ ‫هذه األخيرة على إنتاج نظام عنْونة أكثر‬ ‫فاعلية وانسياب ّية من النّظام األمريكي‪،‬‬ ‫رفضت هذا النّظام‬ ‫إال أ ّن الواليات املتحدة‬ ‫ْ‬ ‫السبب‬ ‫متحجج ًة مبس ّوغات تقنية‪ ،‬على أ ّن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدفاع عن إحتكارها ْ‬ ‫اإلشراف‬ ‫غير املُعلن كان ّ‬ ‫على إدارة هذه الوسيلة اإلتّصالية اخلطيرة‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪76‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫قراءة أخرى لعمل ّية إنتاج املُواصفات‬ ‫الفنّية‬ ‫إ ّن دوافع توحيد اآلالت التقنية ومنهج ّية‬ ‫بناء املُواصفات الفنّية غالبا ما ترتكز على‬ ‫ّ‬ ‫تظل‬ ‫مجموعة متنوعة من الشواغل‪ ،‬ولكن‬ ‫ُ‬ ‫العسكري هي امل ّرك‬ ‫احلاجيات في اجملال‬ ‫ْ‬ ‫ال ّرئيسي لت ْوجيه اختيار مواصفات فنّية‬ ‫ّ‬ ‫ويؤكد هذا القول العالقة‬ ‫بع ْينها دون أخرى‪.‬‬ ‫الوثيقة التي الحظها بعض الكتّاب (‪Fayet-‬‬ ‫‪ )Scribe et Canet, 1999‬بني إنتاج املُواصفات‬ ‫الفنّية واحلرب‪ ،‬والتي تتج ّلى بوضوح في بداية‬ ‫احلرب العاملية األولى سنة ‪ ،1914‬إذْ مبج ّرد‬ ‫ظهرت أولى عالمات اإلرهاق اإلقتصادي‬ ‫أ ْن‬ ‫ْ‬ ‫بني املتحاربني في هذه احلرْب‪ ،‬ظهرت احلاجة‬ ‫لتطوير املزيد من املواصفات الفنّية‪ ،‬وذلك‬ ‫من أجل تسريع نسق عمل ّيات اإلنتاج‪ ،‬وتوفير‬ ‫قطع غيار العتاد احلرْبي‪ ،‬مبا ُي ّكن اجلندي من‬ ‫القيام بصيانة وإصالح عتاده بنفسه في‬ ‫ساحة القتال‪ .‬وفعال‪ ،‬لم تنتهي احلرب إال وقد‬ ‫أسست جميع البلدان األوروبية مؤسساتها‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اخلاصة باملواصفات الفنّية (‪organismes de‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.)normalisation‬‬ ‫بح َياد‬ ‫على أساس ما سبق‪ ،‬يصبح القول ِ‬ ‫الصنف‬ ‫املواصفات الفنّية‪ ،‬وخضوع هذا‬ ‫ّ‬ ‫من املعارف إلى مبدإ التّوافق قوال ساذجا‬ ‫تدحضه الوقائع‪ ،‬يضاف إلى ذلك أنّه‪ ،‬ليكون‬ ‫هناك توافق في اآلراء‪ ،‬ال بد من التشاور بني‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫جميع الشركاء اإلقتصاديني واإلجتماعيني‪،‬‬ ‫ّإل أ ّن الواقع كثيرا ما ال يعكس هذا املبدأ‪،‬‬ ‫بآعتبار أ ّن الشركات الكبرى والغن ّية هي‬ ‫وحدها التي تكون قادرة على تشريك‬ ‫الساهرة على‬ ‫خبراءها في ال ّلجان ّ‬ ‫الدولية ّ‬

‫ضبط املواصفات الفنّية‪ ،‬إلرتفاع ُكلفة هذه‬ ‫املشاركة‪ ،‬وبالتّالي‪ ،‬فإ ّن املؤسسات الصغيرة‬ ‫واملتوسطة ستكون خارج دائرة التوافق‬ ‫الصنف من‬ ‫والتّأثير فيما يتع ّلق بإنتاج هذا ّ‬ ‫املعارف (‪.)Penneau, 1989‬‬

‫لقد كان اجملال العسكري‪ ،‬وال يزال‪ُ ،‬‬ ‫امل ّرك ال ّرئيسي لنشأة وتط ّور عديد املعارف‪ ،‬ومن ضمنها‬ ‫الصنف من‬ ‫األهمية‬ ‫املُواصفات الفنّية‪ ،‬كما أنّه من املعلوم‬ ‫القصوى التي يتمتّع بها هذا ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫املعارف بسبب إمكانية ت ْوظيفها إلحداث أسبق ّية على مستوى اإلنتاج والتّسويق‪.‬‬ ‫ص‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬وفي م ْعرض حتْليله للتوتّرات احمليطة مبجال بناء املُواصفات الفنّية‪ ،‬خلُ َ‬ ‫"وارسفول" (‪ )Warusfel‬إلى الق ْول بأنّه مبج ّرد أن تكون املُواصفات الفنّية املوضوعة على‬ ‫اخملتصة بالنّظر فيها على صلة مبصالح إقتصادية ُمع ّينة‪ ،‬فإنّنا نشهد‬ ‫طاولة بحث ال ّلجان‬ ‫ّ‬ ‫الدول النّافذة أو ّ‬ ‫الشركات الكبرى من أجل مترير‬ ‫آل ّيا ظهور تنافس حا ّد بني لوبيات ضغط ّ‬ ‫مشاريع ذات ُمواصفات تخدم مصاحلها‪.‬‬ ‫املؤسسة العسكر ّية ال ينْحصر في حماية بلدانها من األخطار‬ ‫من املُس ّلم به اليوم أ ّن دوْر‬ ‫ّ‬ ‫الدولة في تنفيذ بعض املشاريع‬ ‫اخلارجية‪ ،‬بل كثيرا ما يكون ال ّرهان عليها ل ُتعاضد مجهودات ّ‬ ‫التّنمو ّية الكبرى‪ ،‬أو في تصميم وصناعة منظومات تقنية‪ ،‬أو في إنتاج املعارف العلمية‪،‬‬ ‫مهما من عناصر األسبق ّية والتف ّوق في‬ ‫ومن ضمنها املواصفات الفنّية‪ ،‬والتي مت ّثل عنصرا‬ ‫ّ‬ ‫السائرة في طريق النم ّو غير معن ّية بإنتاج‬ ‫عديد اجملاالت‪ .‬وقد يذهب البعض إلى أ ّن البلدان ّ‬ ‫املعارف التقنية واملواصفات الفنّية‪ ،‬وأ ّن هذا اجملال يكاد يكون ْ‬ ‫املتقدمة‪ ،‬غير‬ ‫الدول‬ ‫ّ‬ ‫حكرًا على ّ‬ ‫أ ّن هذه القناعة تبدو في حاجة إلى املراجعة‪ .‬ذلك أ ّن لكل بلد خصوصياته وآحتياجاته‪ ،‬وثراءه‬ ‫املؤسسة العسكر ّية‪،‬‬ ‫وخاصة‬ ‫السلط املعنية تشريك اجلميع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبيعي أو البشري‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫حسن استغالل وتوظيف وت ْوطيد عناصر ق ّوتها‪ ،‬ومن‬ ‫في مجال البحث العلمي‪ ،‬من أجل ْ‬ ‫وتبي ج ْودتها وتف ّوق‬ ‫ذلك العمل على صياغة معايير ومواصفات فنية تخدم منتوجاتها ّ‬ ‫وأخص ّ‬ ‫بالذكر مثال مجال التمور‪ ،‬وزيت الزيتون‪ ،‬واملواد املنجمية‪...‬‬ ‫ر ْفعتها‪،‬‬ ‫ّ‬

‫املراجع‪:‬‬ ‫‪Vernon W. Ruttan .(2001) Technology, Growth, and Development: An Induced Innovation Perspective.‬‬ ‫‪.Oxford University Press‬‬ ‫‪http://www.darussalam.ae/print.asp?contentId=967‬‬ ‫‪Coujard, J.L. (2000). Du client au citoyen : l’apport des outils et méthodes du Management de la qualité à‬‬ ‫‪l’exploration des voies d’une participation citoyenne. 4ème rencontres Ville-Management, du 16 à17 novembre‬‬ ‫‪.2000 Nancy‬‬ ‫‪Fayet-Scribe, S., & Canet, C. (1999). De la Bibliographie générale et raisonnée de la France (1791) à la Des‬‬‫‪.cription bibliographique internationale normalisée (1975). SOLARIS, (GIRSIC), 6, février 2000‬‬ ‫‪Penneau, A. (1989). Règles de l’art et normes techniques. Cité in Rouland M, (2004). La normalisation‬‬ ‫‪technique : instrument de concurrence à la loi. Colloque du Centre de Droit civil du Contentieux Économique‬‬ ‫‪.de l’Université de Paris X-Nanterre‬‬ ‫‪Warusfel, B. (2000). La gestion de l’Internet entre autorégulation et rivalités institutionnelles : un phéno‬‬‫‪mène mondial à la recherche de son modèle de gouvernance. Annuaire Français de relations internationales‬‬ ‫‪.(AFRI), Vol 1‬‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪77‬‬


‫اسرتاتيجية التقرب غري املبارش‬ ‫املقدم عالء الدين السميري‬

‫"إن استراتيجية التقرب غير المباشر تهدف إلى عدم مجابهة العدو‬ ‫في اختيار مباشر للقوة‪ ،‬وهي وسيلة تفرض نفسها على أحد‬ ‫ّ‬ ‫التغلب‬ ‫المتصارعين‪ ،‬إذا كان يثق ثقة تامة بأنه يستطيع‬ ‫الخصمين‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫عدوه‪ ،‬والفكرة‬ ‫على خصمه في معركة تنشب على أرض يختارها‬ ‫ّ‬ ‫ال ّرئيسية فيها هي قلب ميزان القوى المتجابهة قبل اختيار المعركة‬ ‫بالمناورة ال بالقتال" ‪.‬‬ ‫”أندريه بوفر“‬

‫‪1‬‬

‫استخدم هذا النوع من اإلستراتيجية‬ ‫منذ العصور األولى‪ ،‬حيث ط ّبقها القائد‬ ‫القرطاجي حنبعل في عملياته ضد روما‬ ‫سنة ‪ 218‬ق‪ .‬م‪ ،‬إذ تقرب عن طريق إسبانيا‬ ‫إلى جبال "اآللب" وعرة املسالك‬ ‫في فرنسا وشمال إيطاليا‪ ،‬ثم متكن‬ ‫ّ‬ ‫وحقق‬ ‫حدده‪،‬‬ ‫من الوصول إلى الهدف الذي ّ‬

‫الدفاع‬ ‫‪78‬‬

‫ضد الرومان في معركة "كانه"‪ ،‬ولم‬ ‫أهدافه ّ‬ ‫يستخدم الطريق املباشر من قرطاج إلى‬ ‫روما عن طريق البحر رغم أنه أقصر وأسرع‪.‬‬ ‫كذلك األسلوب الذي طبقه القائد الروماني‬ ‫"فابيوس ماكسيموس" ضد قرطاج سنة‬ ‫‪ 201‬ق‪ .‬م‪ ،‬حيث ترك حنبعل وقواته املنتصرة‬ ‫في إيطاليا وحترك بجيشه إلى قرطاج‪ ،‬ودمرها‬

‫‪“-1‬أندريه بوفر”‪ :‬مدخل إلى اإلستراتيجية العسكرية‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪.1963‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫ومتكن من القضاء على حنبعل وقواته بعد‬ ‫حلاقه به في ما بعد‪.‬‬ ‫بلور املفكر العسكري البريطاني "ليدل‬ ‫هارت" ‪ 2‬في القرن العشرين نظرية متكاملة‬ ‫في مجال استراتيجية التقرب غير املباشر في‬

‫وسطية‪ -‬تؤدي إلى حتقيق الغاية النهائية‪-‬‬ ‫يجب أن تكون متناسبة مع أهمية ومتطلبات‬ ‫هذه الغاية‪ ،‬سواء كانت الغاية الوسطية‬ ‫تتمثل في احتالل هدف معني أو في إجناز عمل‬ ‫يساعد على إحداث نتيجة معينة‪ ،‬وذلك ألن‬

‫كتابه املشهو"ر"�‪STRATEGY OF THE INDI‬‬ ‫‪ " RECT APPROACH‬الذي ظهرت طبعته‬ ‫األولى سنة ‪ ،1929‬بعد الدراسة والتحليل‬ ‫للحروب اليونانية والرومانية والبيزنطية‪،‬‬ ‫مرورا بالنزاعات والصراعات التي دارت خالل‬ ‫والقرني السابع عشر‬ ‫القرون الوسطى‬ ‫ْ‬ ‫والثامن عشر وأثناء الثورة الفرنسية‪ .‬وميكن‬ ‫أن نوجز األفكار الرئيسية لهذه النظرية في‬ ‫ما يلي‪:‬‬ ‫• يتوقف جناح االستراتيجية العسكرية‬ ‫في األساس على إجراء تقدير سليم وتنسيق‬ ‫فعال بني غاية االستراتيجية وبني الوسائل‬ ‫املتاحة التي توصل لها‪ .‬إذا فالغاية املطلوبة‬ ‫يجب أن تكون متناسبة مع مجموع الوسائل‬ ‫املتوفرة‪ ،‬وفي الوقت نفسه فإن الوسائل‬ ‫واإلمكانيات املستخدمة للوصول إلى غاية‬

‫أي اختالل في التناسب بني الغاية والوسائل‬ ‫تكون له نتائج ضارة على العمل بشكل‬ ‫عام‪ ،‬سواء كان هذا االختالل ناجتا عن زيادة أو‬ ‫نقص في الوسائل أو الغايات‪ ،‬أي أن املطلوب‬ ‫إلجناح العمل االستراتيجي العسكري هو‬ ‫ضرورة حتقيق مطابقة حقيقية بني والغاية‬ ‫والوسيلة‪ ،‬وهو األمر الذي يعرف في لغة‬ ‫االستراتيجية باسم "االقتصاد في القوى"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يشكالن‬ ‫•إن عنصر ْي احلركة واملفاجأة‬ ‫وجهي لعملة واحدة في العمل العسكري‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ويتبادالن التأثير‪ ،‬فاحلركة حتى لو كانت جتري‬ ‫بشكل مكشوف للخصم ميكن أن تو ّلد‬ ‫املفاجأة إذا ما متّ الترفيع في معدل سرعتها‬ ‫أو تغيير اجتاهها بصورة تتعذر مواجهتها‬ ‫من جانب اخلصم‪ .‬كما أن املفاجأة تزيد من‬ ‫وتسهل الطريق أمامها مبا‬ ‫قوة دفع احلركة‬ ‫ّ‬

‫‪" -2‬بازيل هنري ليدل هارت"‪ :‬كتاب "إستراتيجية التقرب غير املباشر"‪.‬‬ ‫‪"-3‬صان تزو"‪ ،‬كتاب “فن احلرب"‪ 513 ،‬ق‪ .‬م‪ ،‬ترجمة "جان جاك أميو" نشر دار "بوكت" سنة ‪.1993‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫‪79‬‬


‫تخلقه من عرقلة لالجراءات والتحركات‬ ‫املضادة لها‪ .‬وهكذا يتحقق النصر بأقصى‬ ‫اقتصاد ممكن للقوى‪ ،‬أي بأقل ثمن بشري‬ ‫ومادي‪ ،‬وبتعبير آخر يكون الهدف من التقرب‬ ‫غير املباشر هو تشتيت قوى اخلصم وإشاعة‬ ‫الفوضى واالضطراب في صفوفه‪.‬‬ ‫•أدى ظهور الطائرة والدبابة والقوات‬ ‫احملمولة ج ّوا واملدفعية ذاتية احلركة‬ ‫واالتصاالت الالسلكية إلى إعطاء هذا‬ ‫األسلوب االستراتيجي أهمية كبرى‬ ‫وقدرات هائلة على تنفيذه بنجاح‪ .‬كما أن‬ ‫تكتيكات احلرب اخلاطفة واعتمادها على‬ ‫ثنائي "الطائرة والدبابة" في اخلرق وااللتفاف‬ ‫واحلركة املفاجئة أتاحت لهذه االستراتيجية‬ ‫مجاالت تطبيقية شاسعة‪ ،‬خاصة في حالة‬ ‫عدم إدراك اخلصم ألساليب حرب احلركة‬ ‫واالمكانيات احلقيقية للطائرة والدبابة‪ ،‬ذلك‬ ‫ما أثبتته خبرات احلرب اخلاطفة األملانية في‬

‫الدفاع‬ ‫‪80‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫بداية احلرب العاملية الثانية‪ ،‬حيث شهدت‬ ‫تطبيقا منوذجيا الستراتيجية التقرب غير‬ ‫املباشر خاصة في غزو بولونيا سنة ‪1939‬‬ ‫وغزو فرنسا سنة ‪.1940‬‬ ‫• ال تقتصر استراتيجية التقرب غير‬ ‫املباشر على اجلانب العسكري فقط‪ ،‬بل‬ ‫تتعدى ذلك إلى عدة اجتاهات أخرى مثل اجملال‬ ‫السياسي واالجتماعي واالقتصادي‪.‬‬ ‫كما تعرض املفكر "صان تزو" إلى هذه‬ ‫االستراتيجية قائال ‪:3‬‬ ‫"احليلة أساس فن احلرب‪ ،‬لذا ينبغي‬ ‫التظاهر بالعجز عندما تتوفر القدرة على‬ ‫الهجوم‪ ،‬والتظاهر بعدم العمل عند‬ ‫الرغبة في استخدام اجليوش‪ ،‬وإقناع‬ ‫العدو بأننا بعيدون عندما نكون على‬ ‫مقربة منه‪ ،‬وبأننا قريبون ونحن بعيدون‬ ‫عنه‪ .‬استخدموا الفخ الستدراج العدو‬ ‫وتظاهروا بالفوضى ثم أسحقوا"‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫"ميكننا أن نلجأ في احلرب إلى الطرق‬ ‫املباشرة للسير نحو املعركة‪ ،‬ولكن الطرق‬ ‫غير املباشرة ضرورية للحصول على‬ ‫النصر"‪.‬‬ ‫"ليدل هارت" واستراتيجية التقرب غير‬ ‫املباشر‪:‬‬ ‫• يعني التقرب غير املباشر عند "ليدل‬ ‫هارت" بأنه التقدم نحو اخلصم من اجتاهات‬ ‫غير منتظرة‪ ،‬مثل التقدم الذي قام به األملان‬ ‫في "األردين" أثناء احلرب العاملية الثانية‪ ،‬ثم‬ ‫التقدم‬ ‫في اجتاهات متعددة والقيام بتغييرها‬ ‫بحيث يتم صرف تفكير اخلصم عن األهداف‬ ‫احلقيقية‪ ،‬مثل التقدم الذي قامت به الفرقة‬ ‫املدرعة األملانية في احلرب العاملية الثانية ضد‬ ‫فرنسا‪ ،‬إذ زعزعت الترتيبة الدفاعية لقوات‬ ‫احللفاء حيث سادت ال ّريْبة واحليرة إجتاه‬ ‫الهجوم‪ ،‬هل هو باريس أم شمال فرنسا؟‬ ‫• طور "ليدل هارت" هذه االستراتيجية‬ ‫واعتبرها أفضل أنواع االستراتيجيات على‬ ‫اإلطالق‪ ،‬حيث تتضمن في مجال العمليات‬ ‫العسكرية عدم مجابهة اخلصم في اختيار‬ ‫مباشر للقوة‪ ،‬وعدم االقتراب منه إال بعد‬

‫إزعاجه ومفاجأته‪ ،‬وزعزعة توازنه بتقرب غير‬ ‫متوقع من قبله‪ .‬وميكن أن نعتبر أن تقدم‬ ‫األملان في "األردين" واإلنزال الذي نفذه احللفاء‬ ‫في شمال إفريقيا سنة ‪ 1942‬وإنزالهم‬ ‫في "النورماندي" سنة ‪ 1944‬من األمثلة‬ ‫امللموسة على تطبيق استراتيجية التقرب‬ ‫غير املباشر‪.‬‬ ‫طرفي النزاع ال يستطيعان‬ ‫بي أن‬ ‫• كما ّ‬ ‫ْ‬ ‫واثقي كل الثقة من ق ّوتهما دون‬ ‫أن يكونا‬ ‫ْ‬ ‫اعتبار اآلخر‪ ،‬ولو أحس أحدهما أنه قوي‪ ،‬فإن‬ ‫انتصاره سيكون باهظ التكاليف‪ .‬ولهذا‪،‬‬ ‫يقترح "ليدل هارت" االستخدام املنهجي‬ ‫للتقرب غير املباشر‪ ،‬والفكرة الرئيسية من‬ ‫هذا املفهوم هي قلب ميزان القوى املتجابهة‬ ‫قبل إختيار املعركة باملناورة ال بالقتال‪ ،‬فبدال‬ ‫من مجابهة اخلصم بشكل مباشر ميكن‬ ‫تطبيق أسلوب من شأنه أن يع ّوض النقص‬ ‫الذي نلمسه في صفوفنا بالنسبة إلى قوات‬ ‫اخلصم‪ .‬وتتميز هذه االستراتيجية بصفات‬ ‫املكر واخلداع ألنها في األصل غير مباشرة‪،‬‬ ‫ولكنها لم تفهم جيدا في معظم األحيان‪،‬‬ ‫والبد من التوضيح بأن هناك فرقا بني التقرب‬ ‫غير املباشر واالستراتيجية غير املباشرة‪،‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪81‬‬


‫وأن هذا الفرق ال يكمن في الطابع اجلغرافي‬ ‫للتقرب فحسب إذ أن التقرب غير املباشر‬ ‫يهدف إلى النصر العسكري‪ ،‬ولهذا ينضوي‬ ‫هذا األسلوب ضمن اإلستراتيجية املباشرة‪،‬‬ ‫بينما تنتظر اإلستراتيجية غير املباشرة‬ ‫حلول احلسم بوسائل أخرى‪ ،‬مثل الوسائل‬ ‫السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬ ‫باإلضافة طبعا إلى الوسيلة العسكرية‪ .‬كما‬ ‫تتميز اإلستراتيجية غير املباشرة بالطابع‬ ‫اخلاص الذي تتخذه في حرية العمل‪ ،‬إذ كلما‬ ‫ضاقت حرية العمل أصبح إستثمارها هاما‬ ‫ألنها تسمح وحدها مبجابهة الوضع القائم‪،‬‬ ‫وبقدر ما تضيق حرية العمل بقدر ما تصبح‬ ‫وسائل إستثمارها دقيقة وملتوية إلى أن‬ ‫تتخذ مظاهر تصبح فيها احلرب مفروضة‬ ‫تقريبا‪.‬‬ ‫نظرية "ليدل هارت" في التقرب غير‬ ‫املباشر‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫خلص "ليدل هارت" املبادئ األساسية‬ ‫للتقرب غير املباشر في اآلتي‪:‬‬ ‫• مطابقة الهدف مع اإلمكانيات‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪82‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫• اإلحتفاظ بالهدف ماثال أمامنا دائما‪ ،‬مع‬ ‫إجراء التعديالت الضرورية حسب الظروف‪.‬‬ ‫• إختيار محور التقدم األقل تو ّقعا من‬ ‫جانب اخلصم‪.‬‬ ‫• إستثمار خط املقاومة األضعف ما دام‬ ‫يؤدي إلى هدف ينتج عن إحتالله الوصول إلى‬ ‫الهدف العام‪.‬‬ ‫• التدرج في العمليات بحيث يتم إتباع‬ ‫احملور الذي يؤدي إلى أهداف متناوبة وليس إلى‬ ‫هدف واحد فقط‪.‬‬ ‫• مراعاة املرونة في التخطيط والتسيير‬ ‫بحيث يتالءمان مع الظروف‪.‬‬ ‫• عدم ال ّز ّج بكل اإلمكانيات إذا كان اخلصم‬ ‫يقظا‪.‬‬ ‫• عدم جتديد الهجوم على نفس احملور أو‬ ‫بنفس األسلوب بعد فشل الهجوم السابق‪.‬‬ ‫املبادئ الضرورية لنجاح التقرب غير‬ ‫املباشر‪:‬‬ ‫أ‪ -‬املباغتة‪:‬‬ ‫‪ -1‬تعتبر من أكثر األساليب جناعة من‬ ‫حيث إكتساب املبادرة واحملافظة عليها‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫لتحقيق حسم سريع وغير مكلف‪ .‬وتتمثل‬ ‫عناصرها في الكتمان‪ ،‬اإلختفاء‪ ،‬اخملادعة‪،‬‬ ‫اجلرأة‪ ،‬السرعة واإلبداع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املنفذة‬ ‫‪ -2‬يجب أن ال توحي الوحدات‬ ‫ملناورة التقرب غير املباشر للخصم بأن لها‬ ‫هدفا مع ّينا‪ ،‬بل تعطيه إنطباعا حول عدد من‬ ‫األهداف‪ ،‬وفي النهاية جتتمع القوى لتضرب‬ ‫النقطة الرئيسية وإستثمار خط املقاومة‬ ‫األضعف الذي يؤدي إلى الهدف الرئيسي‪.‬‬ ‫‪ 3‬تؤدي إلى إرباك اخلصم خاصة إذا تغلغل‬‫صاحب املناورة سريعا في قيادات اخلصم‬ ‫ومناطق متوينه وقطع خطوط مواصالته‪.‬‬ ‫‪ -4‬تظهر القيادات دورا رئيسيا في هذا‬ ‫النوع من املناورة ألنها ميكن أن تنهي احلرب‬ ‫باملناورة ال بالقتال‪.‬‬ ‫ب‪ -‬اخملادعة‪:‬‬ ‫‪ 1‬القصد منها إرباك وتضليل اخلصم‬‫ّ‬ ‫وشل قدرته على التفكير بحيث تأتي ردود‬ ‫فعله وفقا خلطة اخلداع التي خطط لها من‬ ‫قبل‪.‬‬

‫‪ 2‬تستهدف خطة اخملادعة في التقرب‬‫غير املباشر األهداف الضعيفة‪ ،‬والفواصل‬ ‫بني القوات واملفاصل التي تربط بينها‪ ،‬وميكن‬ ‫القول بأنها (اجلزء الهش في السلسلة)‪.‬‬ ‫ولهذا‪ ،‬فإن الكثرة العددية غير مطلوبة من‬ ‫أجل ضمان النجاح‪ ،‬سيما أنها ستوجه نحو‬ ‫نقاط واهنة وأن الغاية هي التفوق باملناورة ال‬ ‫بالقتال‪ .‬ولضمان أوفر أسباب النجاح وجب‬ ‫التكيف مع الظروف املتغيرة واألحداث غير‬ ‫املتوقعة‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬وميكن أن تتخذ اخملادعة أشكاال ثالثة‬ ‫هي‪:‬‬ ‫* الغموض املتزايد‪:‬‬ ‫هو أقل أنواع اخملادعة إمتيازا ويبنى على‬ ‫زيادة غموض اخلطط اإلستراتيجية بزيادة‬ ‫األهداف احليوية املستهدفة‪ ،‬لكي يبقى‬ ‫اخلصم غير متأكد مما يتصوره‪ ،‬وتؤدي‬ ‫املؤشرات املتناقضة ونقص املعلومات‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪83‬‬


‫وتالحق األحداث املتسارعة إلى إضاعة وقت‬ ‫اخلصم في جمع املعلومات وحتليلها وإحباط‬ ‫تقديراته للمواقف وجعله غير متأكد مما‬ ‫يعتقده‪ .‬وكمثال على هذا الشكل من‬ ‫اخملادعة ما حدث في احلرب العاملية الثانية‬ ‫عند غزو "النورماندي"‪ ،‬فقد كان الهدف‬ ‫الرئيسي من اخلداع هو منع األملان من املناورة‬ ‫بقواتهم من اجلهات األوروبية األخرى لتعزيز‬ ‫مسرح العمليات‪ ،‬وكذلك إقناع القيادة‬ ‫األملانية أن الهجوم الرئيسي سيكون خالل‬ ‫مضيق "كاليه" وهو أضيق جزء في املانع‬ ‫املائي‪ ،‬ومت إتخاذ إجراءات خداع عديدة من‬ ‫قبل احللفاء في مناطق مختلفة‪ ،‬تتميز‬ ‫بالغموض املتزايد‪ ،‬منها التهديدات بغزو‬ ‫مماثل في جنوب وغرب فرنسا وإيطاليا وشرق‬ ‫البحر األبيض املتوسط‪ .‬وإزاء هذه التهديدات‬ ‫املتعددة التي زادت من حالة الغموض‪ ،‬إعتقد‬ ‫األملان أن القنال األجنليزي سيكون أكثر‬ ‫إحتماال للهجوم من املناطق األخرى‪ ،‬فتم‬ ‫تعزيز القوات في كل من النرويج والبلقان‪،‬‬ ‫وتغافلوا عن تعزيز قوات "النورماندي" ملدة‬ ‫ستة أسابيع بعد بدء الهجوم‪ ،‬وبقيت القوات‬ ‫في منطقة “كاليه” تتهيأ لصد الهجوم‬ ‫الذي لم يحدث مما يؤكد جناح غموض خطة‬ ‫اخملادعة‪.‬‬ ‫* الوضوح املتزايد‪:‬‬ ‫هو من أكثر أنواع اخملادعة تعقيدا‪ ،‬وذلك‬ ‫بتقليل الغموض وجلب إنتباه اخلصم نحو‬ ‫بديل خاطئ بخلق سيناريوهات كاذبة‬ ‫وإنطالئها عليه‪ ،‬مما يؤدي إلى حشد كافة‬ ‫إمكانياته على هذا اإلحتمال‪ ،‬بينما يقوم‬ ‫اخملادع بإستغالل اإلحتماالت األخرى التي لم‬ ‫يقع التأكيد عليها من قبل اخلصم‪ ،‬وبذلك‬ ‫يقوم اخملادع بتعميق اإلعتقاد لدى اخلصم‬ ‫باإلحتمال األول بتغذية أفكاره بإستمرار‬ ‫بإجتاه اإلحتمال الذي يؤكد عليه‪ .‬وكمثال على‬

‫الدفاع‬ ‫‪84‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫ذلك نذكر خداع األملان لروسيا في هجومهم‬ ‫يوم ‪ 22‬جوان ‪ 1941‬عندما برروا حشودهم‬ ‫على احلدود الروسية بأنها مجرد تدريبات‬ ‫لغزو بريطانيا وخلقوا مبررات وهمية ولكنها‬ ‫مقبولة لتحضيراتهم وإستعداداتهم التي‬ ‫ال ميكن إخفاؤها‪ ،‬بإستغالل توقعات ستالني‬ ‫التي تقول إن األملان ال ميكن أن يهاجموا روسيا‬ ‫ويفتحوا جبهة رئيسية ثانية‪ ،‬وقد أثبتت‬ ‫الوقائع مدى املباغتة التامة التي أمنها األملان‬ ‫عند مهاجمة الدفاعات الروسية‪.‬‬ ‫* اجلمع بني الغموض املتزايد والوضوح‬ ‫املتزايد‪:‬‬ ‫هذا النوع من اخملادعة تتبلور فيه جملة‬ ‫من اإلجراءات تتصف بالغموض املتزايد‬ ‫في بعض األحيان والوضوح املتزايد في‬ ‫أحيان أخرى‪ ،‬حيث يتم اإلختيار بني كال‬ ‫األسلوبني في حتديد األهداف اخملتلفة حسب‬ ‫درجة قبول اخلصم وإقتناعه بفكرة اخلداع‪.‬‬ ‫ومثال ذلك عملية اإلنزال في "نورماندي"‬ ‫التي إحتوت على غموض متزايد في إجراءاتها‬ ‫األولية ثم الوضوح املتزايد حتى بعد اإلنزال‪،‬‬ ‫مما ص ّور ألملانيا أن اإلنزال في "نورماندي"‬ ‫متهيد لغزو أكبر في مضيق "كاليه"‪ .‬فعملوا‬ ‫على التظاهر بحشد القوات في جنوب شرق‬ ‫أنقلترا وعززوا ذلك باإلستعالمات والقصف‬ ‫اجلوي وبث اإلشاعات‪ ،‬مما أدى إلى جتاهل األملان‬ ‫تعزيز جبهة "نورماندي"لستة أسابيع بعد‬ ‫الهجوم‪ ،‬وبقيت القوات األملانية في منطقة‬ ‫صد الهجوم الذي لم‬ ‫"كاليه" في إنتظار ّ‬ ‫يحدث‪.‬‬ ‫نتائج التقرب غير املباشر‪:‬‬ ‫يؤدي هذا األسلوب إلى زعزعة كيان اخلصم‬ ‫وإرباكه وإرغامه على التغيير الشامل في‬ ‫خططه خالل وقت وجيز‪ ،‬وينتج عن ذلك ما‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫* قلب نشر قوات اخلصم بإستمرار‪،‬‬ ‫وإجبارها على التغيير املفاجئ في جبهتها‬ ‫مما يدخل اإلرباك في توزيع القوات وتنظيمها‬ ‫وحرمان اخلصم من حرية العمل‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫* تعريض اخلطوط اللوجستيكية للعدو‬ ‫إلى اخلطر‪.‬‬ ‫* منع اخلصم وعرقلة التدابير املتخذة‬ ‫لإلنسحاب أو إلعادة تنظيم الصفوف‪.‬‬ ‫* التأثير املعنوي على قوات اخلصم وفرض‬ ‫حالة من التمزق النفسي الناجت عن اخلوف‬ ‫وإضطراب القيادة في إتخاذ القرار املناسب‪.‬‬ ‫أسلوب الرد على إستراتيجية التقرب غير‬ ‫املباشر‪:‬‬ ‫ميكن إفشال التقرب غير املباشر للخصم‬ ‫بإتباع اإلجراءات التالية‪:‬‬ ‫* توخي املرونة في إجناز اخملططات املبنية‬ ‫على تقدير موقف إستراتيجي سليم يعالج‬ ‫كافة اإلحتماالت‪.‬‬ ‫* تنفيذ ضربات وقائية إستباقية‬ ‫تستهدف قوات اخلصم‪.‬‬ ‫ضد مناورة‬ ‫* رد الفعل السريع واملالئم ّ‬ ‫اخلصم‪.‬‬ ‫* تشكيل إحتياطي إستراتيجي يعتمد‬ ‫على قوة الصدمة والقابلية على احلركة‪.‬‬ ‫* التركيز على القوة اجلوية‪.‬‬ ‫* اإلعتماد على خطوط مواصالت متعددة‬ ‫وحماية النّظم اللوجستيكية‪.‬‬ ‫تعتبر مناورة التقرب غير املباشر مناورة‬ ‫احلركة املستم ّرة التي وفرها الثنائي "الدبابة‬ ‫والطائرة"‪ ،‬وتدعمها اآلليات املدرعة وشبه‬

‫املدرعة والقوات احملمولة جوا‪ ،‬لذلك أصبح‬ ‫لهذا األسلوب اإلستراتيجي أهمية بالغة‬ ‫وقدرات هائلة على تنفيذه‪ ،‬أتاحت لهذه‬ ‫اإلستراتيجية إمكانيات كبيرة أثبتت‬ ‫جناعتها في عديد املناسبات‪ .‬كما تتناغم‬ ‫هذه اإلستراتيجية مع مبادئ احلرب الثالثة‪،‬‬ ‫التي أوردها املاريشال الفرنسي "فوش"‪،‬‬ ‫تركيز اجلهد وحرية العمل واإلقتصاد في‬ ‫القوى‪ .‬كما يتبلور هذا األسلوب على‬ ‫اجملالي‬ ‫ليمس‬ ‫املستوى اإلستراتيجي‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫املعنوي واإلقتصادي‪ .‬فالبراعة تكمن في‬ ‫ّ‬ ‫شل اخلصم‬ ‫اإلستراتيجية التي تؤدي إلى‬ ‫وليس قتله ألن القتل يعني إنقاص واحد من‬ ‫األعداء‪ ،‬أما حتطيم معنوياته فيعني بث اخلوف‬ ‫والهلع في صفوف زمالئه‪ .‬أما على الصعيد‬ ‫اإلقتصادي فتهدف هذه اإلستراتيجية إلى‬ ‫تفتيت اإلمكانيات وبعثرتها ومنع اخلصم من‬ ‫بناء قوته اإلقتصادية واإلستفادة الكاملة من‬ ‫تؤمن له اإلكتفاء الذاتي‬ ‫ثرواته التي ميكن أن ّ‬ ‫الذي يعتبر رافدا من روافد القوة العسكرية‪.‬‬ ‫لهذا يكون من الضروري حتديد أهداف‬ ‫متتالية‪ ،‬وما أن ينجز هدف حتى يتم اإلنتقال‬ ‫إلى هدف آخر‪ ،‬وهكذا حتى يتحقق الهدف‬ ‫اإلستراتيجي احلاسم بضمان النجاح وتقليل‬ ‫إحتماالت الفشل إلى أدنى حد ممكن‬

‫املراجع‪:‬‬

‫متّ اإلعتماد في إجناز هذا العمل املقتبس واملترجم باألساس من املؤلفات التالية‪:‬‬ ‫‪- Basil Henry Liddell Hart: Strategy of the Indirect Approach and the Counter-Narcotics Campaign.‬‬ ‫‪Introduction à la stratégie, Général André Beaufre édition 1963 (préface signée par le capitaine Liddell Hart‬‬ ‫‪en 1963).‬‬ ‫‪-L’Art de la Guerre, SunTzu, Disponible. [en ligne]: <http://www.ifrance.com/artdelaguerreselonsuntzu/>, Dé‬‬‫‪cembre 2003. Encyclopédie WIKIPEDIA.‬‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪85‬‬


‫التفاعلبنيالتحليلالعمليايت‬ ‫و نظام املحاكاة‬ ‫للمساعدة عىل إختاذ القرار‬

‫ترجمة العقيد جالل الدين الشلي‬

‫إن االستغالل اجليد للوسائل الرقمية في‬ ‫ميدان املعركة يساعد على ديناميكية وسرعة األداء‬ ‫من جهة ومعرفة جيدة بالعدو وجتنب أخطاء الرمي كالتعرض‬ ‫للنيران الصديقة من جهة أخرى‪ ،‬يتحقق ذلك بواسطة استعمال جملة‬ ‫من األدوات كاحلواسيب و وسائل إلتقاط وإرسال الذبذبات التي تؤمن وتعالج‬ ‫املعطيات و البيانات وهذه األخيرة تعتبر ذات أهمية محورية لفائدة عدة تطبيقات‬ ‫نذكر منها على سبيل املثال نظام احملاكاة والعودة إلى التجارب "‪"RETEX1‬‬ ‫والتحليل العملياتي "‪."AO2‬‬

‫نلمس في املشهد‬ ‫الرقمي للدفاع تعايش‬ ‫احملاكاة مع عدة برمجيات‬ ‫إعالمية‪ .‬يأتي هذا املقال‬ ‫إلبراز األهمية البالغة لنظام‬ ‫احملاكاة في مجال العمليات‬ ‫الذي بدوره يتجاوز التدريب‬ ‫امليداني‪ ,‬لذلك فان احملاكاة‬ ‫لها رابط حميمي مع بعض‬ ‫الوظائف مثل العودة الى‬ ‫التجربة "‪ "RETEX1‬وحتليل‬ ‫"وإدارة‬ ‫العمليات"‪"AO2‬‬ ‫املعلومة "‪ ."IM3‬وهذا الرابط‬ ‫هو رقمنة فضاء املعركة‬

‫الدفاع‬ ‫‪86‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫"‪ "NEB4‬و حتديدا املعطيات‬ ‫املتوفرة بها "‪."NEB4‬‬ ‫يرتكز رقمنة فضاء‬ ‫املعركة "‪ "NEB4‬على‬ ‫مجموعة‬ ‫إستعمال‬ ‫من احلواسيب املرتبطة‬ ‫ببعضها أي منظومة‬ ‫العملياتية‬ ‫املعلومات‬ ‫"‪ ."SIO5‬متكن برمجيات‬ ‫مستعمليها‬ ‫اإلعالمية‬ ‫من بلوغ أهداف تتمثل‬ ‫في اإلرساليات والعروض‬ ‫التكتيكية والتصور للمناورة‬ ‫واإلطالع على األوامر‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العقيد جالل الدين الشلي‬

‫متنح مختلف البرمجيات‬ ‫املتوفرة باحلواسيب املكتبية‬ ‫املعتمدة في منظومة‬ ‫العملياتية‬ ‫املعلومات‬ ‫"‪ "SIO5‬جملة من اخلدمات‬ ‫األساسية حول معاجلة‬ ‫املعطيات‪ ,‬مثال برمجية‬ ‫مصممة على املقاس تعطي‬ ‫للمستعمل إمكانية امتالك‬ ‫أي معطيات‪ ،‬وتكون هذه‬ ‫املعطيات عادة على ذمة‬ ‫عدة تطبيقات وخصوصا‬ ‫لفائدة الوظائف األربعة‬ ‫(احملاكاة والتحليل العملياتي‬


‫واكتساب املعلومات بالرجوع‬ ‫إلى التجربة وإدارة املعلومة)‪.‬‬ ‫إذا احملاكاة في حاجة ملعطيات‬ ‫كـ(قاعدة البيانات‪ ،‬امليدان‪،‬‬ ‫العوامل املناخية‪ ،)...‬وفيما‬ ‫يخص التحليل العملياتي‬ ‫والعودة الى التجربة فهما ال‬ ‫ينتجان شيئا دون معطيات‬ ‫وبالتالي تهدف إدارة املعلومة‬ ‫إلى التصرف بفاعلية في‬ ‫هذه املعطيات حتى تكون‬ ‫مفيدة مستقبال‪.‬‬ ‫عادة ما ينظر إلى احملاكاة‬ ‫على أنها أداة للتكوين‬ ‫والتدريب‪ ،‬ويالحظ أن‬ ‫منظومة "العودة إلى‬ ‫املعلومة"تستعمل قبل كل‬ ‫شيء بيانات نصية وصور‬ ‫موثقة وبعض البيانات‬ ‫الرقمية‪ .‬تعتبر إدارة املعلومة‬ ‫مفهوم حلف أطلسي‬ ‫"‪ "concept otanien‬حديث‬ ‫العهد عبر تطبيقة تسمى‬ ‫مهمتها‬ ‫"‪،"Aminima‬‬ ‫تأمني املعلومات وحفظ‬ ‫يكون‬ ‫عندما‬ ‫األسرار‬ ‫التحليل العملياتي "‪"AO2‬‬ ‫مفقودا في احلاسوب‬ ‫املؤمن‪ .‬كما تعتبر هذه‬ ‫العمليات أساسية في جلب‬ ‫املعلومات القيمة املوجودة‬ ‫في منظومة املعلومات‬ ‫العملياتية‪ .‬إن رقمنة فضاء‬ ‫املعركة “‪ ”NEB4‬ال تقتصر‬ ‫مهمتها على املعلومة‪ ،‬بل‬ ‫هي مرحلة أولى ضرورية‬ ‫وجب إكمالها ملساعدة‬ ‫منظومة حتليل املعلومات‬ ‫العملياتية على إتخاذ القرار‬

‫عند التصرف و تفسير املعطيات نضمن التكامل بني التحليل العملياتي و نظام احملاكاة‬

‫نظرا لقدرتها الفائقة على‬ ‫التحليل‪.‬‬ ‫‪ )1‬املساعدة على اتخاذ‬ ‫القرار ‪ :‬احملاكاة والتحليل‬ ‫العملياتي‬ ‫إن املساعدة على اتخاذ‬ ‫القرار ليس نسخا للتفكير‬ ‫اإلنساني وفي ذلك يقول‬ ‫"‪...‬ال‬ ‫"‪:"Saint-Exupéry‬‬ ‫شيء مما يرتبط باإلنسان‬ ‫يحسب أو يقاس بالعني‬ ‫إمنا مرتبط بالعقل" **‪ .‬إن‬ ‫األداة املعلوماتية ال تعوض‬ ‫اإلنسان إلٌستنتاج حكم إمنا‬ ‫تعمل على مساعدته‪ .‬منذ‬ ‫القدم‪ ،‬اعتمد القادة على‬ ‫جملة من املعطيات إلتخاذ‬ ‫قراراتهم حيث أن املعرفة‬ ‫اجليدة باجلنرال اخلصم‬ ‫متكن من إستشعار ما‬ ‫ستكون قراراته‪ ،‬وباالستناد‬ ‫على توقعات احلالة اجلوية‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫يستطيع القائد اإلعالن عن‬ ‫ساعة اإلنزال في"نورماندي"‪.‬‬ ‫وبذلك نستخلص أن أجهزة‬ ‫اإلتصال واإلعالمية ال تعوض‬ ‫اإلنسان إال برغبته‪ ،‬وغالبا ما‬ ‫يكون ذلك غير محبذ وصعب‬ ‫التصور‪ ،‬حيث أن منظومة‬ ‫العملياتية‬ ‫املعلومات‬ ‫"‪ "SIO5‬ليست سوى أداة‬ ‫كبقية األدوات التي تساهم‬ ‫في مضاعفة قدرات اإلنسان‪.‬‬ ‫إن نظام احملاكاة فضاء‬ ‫شاسع تعمل فيه األدوات‬ ‫دورا أكثر من البناء والتدريب‪،‬‬ ‫أما برنامج "‪"APLET6‬‬ ‫فهو ميكن من تصور ما‬ ‫سيحصل في الغد في‬ ‫محاكاة ملنظومة املعلومات‬ ‫العملياتية" ‪ ."SIO5‬ومن‬ ‫وظائف البرمجة حتقيق‬ ‫املهمات الصعبة‪ ،‬وبذلك‬ ‫حتقق اللمسة النوعية‪.‬‬ ‫يسمح برنامج " ‪"APLET6‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪87‬‬


‫بالقيام آليا بعملية املقارنة‬ ‫بني طرق عمل األصدقاء(‪)MA‬‬ ‫وطرق عمل األعداء (‪)ME‬‬ ‫التي مت حتريرها في مرحلة‬ ‫التخطيط‪ ،‬وبذلك ميكن‬ ‫للمستعمل أن يطلب من‬ ‫اآللة "ما يتجاوز قدراته"‪.‬‬ ‫يسمح نظام احملاكاة‬ ‫بإبتكار جملة من الوسائل‬ ‫واألساسية‬ ‫اجلديدة‬ ‫للتخطيط ومثال على ذلك‬ ‫تقدير إستهالك الذخيرة‪،‬‬ ‫حسب اجلزء والوحدة (‪par‬‬ ‫‪ ،)tranche et par unité‬مع‬ ‫كل عملية قتالية ممكنة‪.‬‬ ‫وهذه املعلومة تصبح أجدى‬ ‫في البرمجة اللوجستيكيية‬ ‫وعلى مدى قدرة الوحدات‬ ‫املقاتلة في تنفيذ عملية‬ ‫قتالية ما‪.‬‬ ‫بعث التحليل العملياتي‬ ‫للمساعدة في إتخاذ القرار‬ ‫وهي وظيفته‪ ،‬كما يساهم‬ ‫في مقاومة مخلفات‬ ‫احلرب والتصدي النهيار‬ ‫املعطيات الراجعة للرقمنة‬ ‫واملقاربة الشاملة‪ .‬هكذا‬ ‫تعتبر احملاكاة علم متعدد‬ ‫الواجهات فلها دور إحصائي‬ ‫للمعلومات‪،‬‬ ‫حتليلي‬ ‫ومتثيل للمراجع اجلغرافية‬ ‫املعلوماتية‪ ،‬والبحث عن‬ ‫روابط غير مسلم بها بني‬ ‫األحداث أواحلقائق إلى‬ ‫آخره‪ .‬فهذه األدوات قادرة‬ ‫على إحداث مواقع خاصة‬ ‫مشفرة مهمتها توفير‬ ‫احللول ملن يحتاجها‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪88‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫َ‬ ‫متكن املعطيات الرقمية‬ ‫باإلضافة ملساهمتها في‬ ‫إتخاذ القرارات من الرجوع‬ ‫للتجارب املشفرة وحتميل‬ ‫البيانات الرقمية في‬ ‫املعلومات‪ ،‬مثال إذا أجزمنا‬ ‫"بأن العنف في أفغانستان‬ ‫يتراجع في شهر رمضان"‬ ‫فليس له صلة بأي مرجع‬ ‫علمي بفضل الكشف اآللي‬ ‫"‪"SIGACTS7‬‬ ‫لألحداث‬ ‫(قاعدة معلوماتية أمريكية)‪.‬‬ ‫وفي نفس املبدأ فإن كشف‬ ‫املعلومات خالل أي عملية‬ ‫قتالية يسمح باحتساب‬ ‫النجاعة والنتائج بصورة‬ ‫وإستخالص‬ ‫موضوعية‬ ‫الدروس منها‪ .‬فعملية‬ ‫للتصدي‬ ‫"‪"HARPIE‬‬ ‫للمارقني عن القانون الذين‬ ‫يبحثون عن الذهب في‬ ‫مناجم "‪"Guyane‬هي قابلة‬ ‫للتحليل‪ ،‬وإن استخدام‬ ‫العملياتية‬ ‫املعطيات‬ ‫وحتيني التعليمات وتوحيد‬ ‫القاعدة املعلوماتية "‪"IDB 8‬‬ ‫لوسيلة رقمية ضرورية‬ ‫حلساب اخملزون الواجب توفره‬ ‫بجيش البر مساهمة منها‬ ‫في املساعدة على إتخاذ‬ ‫القرار الرقمي تعتبر احملاكاة‬ ‫واملساعدة اإلعالمية ركيزتني‬ ‫مختلفتني‬ ‫أساسيتني‬ ‫ولكن توجد بينهما روابط‬ ‫متينة‪ .‬تستخدم احملاكاة‬ ‫من قبل دول حلفاء األطلس‬ ‫إلكمال املعطيات الناقصة‬ ‫في التحليل‪ .‬ويساعد‬ ‫التحليل العملياتي كذلك‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫على معاجلة املعطيات‬ ‫املمررة عبر احملاكاة وإكمال‬ ‫املالحظات املسجلة بعد‬ ‫األحداث كما ميكن إستخدام‬ ‫احملاكاة للتجربة والتثبت من‬ ‫السيناريوهات الصادرة عن‬ ‫التحليل العملياتي‪ ،‬مثال‬ ‫على ذلك يتم تصحيح فصيل‬ ‫االستعالمات العملياتية‬ ‫واملنظومة اإلعالمية البحرية‬ ‫التابعني ألركان البحرية‬ ‫"بتولوز"‪ ،‬حساباتهما بوضع‬ ‫سونار عائم يساعد على‬ ‫التصدي للغواصات املعادية‪.‬‬ ‫كما ميكن إدراج جتربة اجلهاز‬ ‫لتقليص‬ ‫اللوجستيكي‬ ‫وقت عمليات التزود بفضل‬ ‫مشبه"جانوس"‪.‬‬ ‫نستخلص إذا‪ ،‬التكامل‬ ‫الطبيعي والعملي بني‬ ‫التحليل العملياتي واحملاكاة‪،‬‬ ‫فهما يرتكزان على نفس‬ ‫املقوم لذا فإن املعطيات‬ ‫كما ذكر سابقا‪ ،‬تعتبر‬ ‫محور منظومة املعلومات‬ ‫العملياتية وهما يساعدان‬ ‫على العمل على عدة محاور‬ ‫في تكامل تام‪.‬‬ ‫‪ )2‬منهج التصرف في‬ ‫املعلومات‪ :‬إدارة املعلومة‬ ‫إن املعطيات املتواجدة‬ ‫في املنظومة املعلوماتية‬ ‫وخاصة أنظمة املعلومات‬ ‫العملياتية حتضى بقيمة‬ ‫خاصة أكثر من ظهورها‪.‬‬ ‫لذلك يجب التصرف‬ ‫معها وفق ما تكتسيه من‬ ‫أهمية‪ .‬يقوم املتصرف فيها‬


‫بتنظيمها وترتيبها باعتبارها‬ ‫عملية أساسية ويعمل على‬ ‫تسهيل وضع هذه املعطيات‬ ‫على ذمة األشخاص ذوي‬ ‫املعرفة الذين يتوجب عليهم‬ ‫القيام باألعمال الضرورية‬ ‫داخل مقر القيادة وبالتحديد‬ ‫في إدارة املعلومة وهو‬ ‫مفهوم معتمد لدى احللف‬ ‫األطلسي‪ ،‬تكون مهمة‬ ‫املتصرف فيه البحث عن‬ ‫تدفق املعلومات املتقاطعة‬ ‫داخل مقر القيادة الرقمية‪.‬‬ ‫تهدف "إدارة املعلومة" إلى‬ ‫اإلستغالل اجليد للمعطيات‪،‬‬ ‫والتي غالبا ما تظل مضمنة‬ ‫في املعطيات النصية‪ .‬ومن‬ ‫الصعب التصور أوحتى‬ ‫اقتراح اإلختفاء التام لهذه‬ ‫الوثائق احلرة وعادة يقع‬ ‫اإلطالع عليها وإختزالها في‬ ‫ملفات مشفرة وبذلك تصبح‬ ‫املعطيات النصية ملنظومة‬ ‫املعلومات العملياتية في‬ ‫شكل معطيات مشفرة‬ ‫يسهل إستغاللها في‬ ‫التحاليل املتقاطعة وهي‬ ‫ذات أهمية بالغة خاصة في‬ ‫مجال القتال‪.‬‬

‫يعتبر تفسير املعلومات‬ ‫املوجودة في بعض وثائق‬ ‫املعلومات‬ ‫منظومة‬ ‫العملياتية إجراء يدوي‬ ‫ميارسه اخملتصون في أيامنا‬ ‫هذه بفضل برنامج"‪-‬‬ ‫هذه‬ ‫‪"SAER9‬وتسمح‬ ‫العملية باحلصول على‬ ‫حتاليل شفافة كالتثبت من‬ ‫الشبكة اإلعالمية اخلاصة‬ ‫باألفراد لإلستفادة من قدرات‬ ‫املعاجلة وتخزين أنظمة‬ ‫العملياتية‬ ‫املعلومات‬ ‫العصرية‪ ،‬ويحبذ الترفيع في‬ ‫عدد املعلومات املتاحة وخلق‬ ‫الوثائق النموذجية بشكل‬ ‫مرتب ومن الضروري إرسال‬ ‫األمر ورد اخلبر‪ .‬إن حجم‬ ‫املعطيات املعاجلة بواسطة‬ ‫التحليل املعلوماتي‪ ،‬ميكن‬ ‫أن يكون مصدرا للمعلومات‬ ‫التي يجب التثبت منها‬ ‫وأخذها بعني االعتبار‬ ‫في عملية العودة الى‬ ‫التجربة"‪."RETEX1‬‬ ‫‪ )3‬العناية باملعلومات‬ ‫إن أهمية معطيات‬ ‫املعلوماتية‬ ‫األنظمة‬ ‫العملياتية تتمثل في كونها‬

‫قاعدة حيوية لألنظمة وهي‬ ‫مراقبة وموحدة لغويا من قبل‬ ‫مستعمليها‪ ،‬وقع تأمينها‬ ‫وتفعيل التوافق بينها‪ .‬ميكن‬ ‫جملموعة املعطيات أن مت َثل‬ ‫مرجعا ومصدرا للتوثيق‬ ‫النظامي فهي سهلة‬ ‫اإلستعمال في جميع األحوال‬ ‫سواء بإرتباطها مبنظومة‬ ‫املعلومات العملياتية أو‬ ‫بغيابها‪ .‬فاإلستغالل اجليد‬ ‫لهذه املعطيات يسمح‬ ‫بالتزود مبعلومات جديدة‬ ‫وعلمية ذات جودة عالية‪.‬‬ ‫إن اإلستعمال اجملدي‬ ‫للمحاكاة يستوجب إيجاد‬ ‫كفاءات ومهنيني مختصني‬ ‫في صفوف أفراد جيش البر‪،‬‬ ‫كما أنه من املهم في كل‬ ‫ذلك إيجاد وسائل للتصرف‬ ‫وإستغالل املعلومات‪ .‬وفي‬ ‫هذا اإلطار ميكن أن نضمن‬ ‫التطبيق احملكم لنظام‬ ‫احملاكاة بإرساء حوار قيم مع‬ ‫الصناعيني‪ ،‬وبالعمل على‬ ‫االستغالل احملكم لألنظمة‬ ‫املعلوماتية‪ ،‬وبتوفير حرية‬ ‫شاسعة للمناورة وبعقلنة‬ ‫أعمال فصائل األركان‬

‫*مقال للمقدم «ِ‪ »Sylvain SECHERRE‬من مجلة «‪ »Doctrine Tactique‬للجيش الفرنسي(مركز عقيدة إستخدام القوات)عدد‬ ‫‪/24‬أفريل ‪2012‬‬ ‫**‪Pilote de guerre , poche 1962 p105‬‬ ‫املراجع‪:‬‬

‫‪1- RETEX : le Retour d’Expérience.‬‬ ‫‪2- AO : Analyse opérationnelle.‬‬ ‫‪3- IM : le Management de l’Information.‬‬ ‫‪4- NEB : Numérisation de l’espace de bataille.‬‬ ‫‪5- SIO : Système d’information opérationnel.‬‬ ‫‪6- APLET : Aide à la planification d’engagement tactique.‬‬ ‫‪7- SIGACTS : Significant Activities ; base de données américaine.‬‬ ‫‪8- IDB : Instruction et données de base.‬‬ ‫‪9- SAER : Système d’aide à l’exploitation du renseignement.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪89‬‬


‫يف رحاب العلَم‬ ‫وقفت أمــــام سواري األمــــم‬ ‫وكنت سفير االخاء والـــسالم‬ ‫رنــوت لـشم هــواء الــــوطن‬ ‫فعاقت رجـــائي دروب الـسفر‬ ‫فهـــل يستجيب الي الـــــــقدر‬ ‫ركبت الزمـــان وكــــلي أمـــل‬ ‫تذكرت عهد الصبــا والشبــاب‬ ‫وكنت رفـــعت جنــــــاب العــلم‬ ‫ورفرف كالطـــير حذو السحاب‬ ‫وكـــان عــــــاله دواء لقلبـــــي‬ ‫فــــجند الـــــقتال يروم الـــــعال‬ ‫فتلك مـــــالذي لعهد الصبـــــــا‬ ‫تظل الطبيعة مهد احلياة‬ ‫ولو أن مثلي بها قد يدام‬ ‫أهيم بذاك األريج الندي‬ ‫وسيل يفيض يداوي العليل‬ ‫جبال رواسي‪ ،‬نسورا تضم‬ ‫متنيت أني بها لم أزل‬ ‫هجرت اخليال ولبي اندمل‬ ‫ورثت النضال وخيم الشيم‬ ‫ميني الوفاء ألحمي العباد‬ ‫أدك العدا عنك يوم الوغى‬ ‫نظام‪ ،‬سالم‪ ،‬وعدل شعار‬ ‫أتونس‪ :‬بيض صنائعنا‬ ‫اذا حل جور ببعض األمم‬ ‫فنحن الكرام بقلع الكرم‬ ‫وتلك الكرامة ثمار احلضارة‬ ‫لديك الفتوة وأصل النضارة‬

‫الدفاع‬ ‫‪90‬‬

‫***‬

‫***‬

‫***‬

‫***‬

‫أناجي بالدي وحسن العلم‬ ‫بأرض دهاها البالء والعدم‬ ‫وهمس النسيم وظل ومي‬ ‫ألمتع طرفي بأخت وأم‬ ‫وشوقي يؤول عناقا وضم‬ ‫سالحي سراج ينير العدم‬ ‫زمان انتدبت جليش أشم‬ ‫فيعلو الكرام‪ :‬حماة الذمم‬ ‫وسالت دموعي لتروي القسم‬ ‫وقوتا مجانا بأرض الكرم‬ ‫وشد الرحال جتاه القمم‬ ‫وحفظ دروسي وخط القلم‬ ‫تنير القلوب بعذب النغم‬ ‫غدا لن يكون أسير الندم‬ ‫مزار لقوم‪ :‬أناس كرم‬ ‫ودون طبيب يزول األلم‬ ‫وشيب الشتاء أشاخ الهرم*‬ ‫متوت أعالي وتعلو همم‬ ‫وذكراك يبقى دفني القسم‬ ‫وحربا لشعر سالحا أضم‬ ‫ورمل الصحاري وصخر أصم‬ ‫وذي رايتي غامد بالقمم‬ ‫وجنم لدين يعد القيم‬ ‫نصون احلرمي ونرعى الذمم‬ ‫لها حكموك‪ :‬فكنت احلكم‬ ‫وما البخل اال مزيل النعم‬ ‫لعهد تولى وآخر قدم‬ ‫فأنت األميرة ونحن اخلدم‬

‫* تشبيه اجلبل وهو مكسو بالثلج بالشيخ الذي غزاه الشيب‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الشاعر‪ :‬مصطفى اخلميري‬


‫شبكات التواصل االجتماعي‬ ‫داخل اإلستراتجية األمنية‬ ‫لنظم المعلومات‬ ‫ّإن التهديدات والهجامت عىل أنظمة املعلومات وشبكات االتصال‬ ‫عرب االستعامالت املختلفة لشبكات التواصل االجتامعي تتزايد‬ ‫املهم أن‬ ‫من حيث الحجم والنوع والتعقيدات‪ .‬وإ ّنه من‬ ‫ّ‬ ‫يكون التعامل مع هذه التهديدات متكامال حيث يتط ّلب ذلك‬ ‫إسرتاتجية واضحة املعامل يف التعامل مع املوضوع‪.‬‬ ‫تربز مالمح هذه اإلسرتاتجية من خالل ثالثة عنارص أ ّولها يتع ّلق‬ ‫بشبكات التواصل االجتامعي كمجال اهتامم واسع حسب ما‬ ‫تفيده األرقام ونوع ّية املتداخلني وثانيها يتم ّثل يف أمثلة للمخاطر‬ ‫والتهديدات املمكنة عند استعامل شبكات التواصل‪ ،‬يف حني ّ‬ ‫يغطي‬ ‫العنرص الثالث تقديم بعض الحلول واملقاربة التي ميكن إ ّتباعها‬ ‫للحامية والح ّد من املخاطر‪.‬‬

‫العقيد حسن الكشوطي‬

‫‪ -1‬شبكات التواصل اإلجتماعي كمجال إهتمام واسع‬ ‫في البداية ميكن القول إ ّن العالم يشهد في السنوات األخيرة نوعا من التواصل‬ ‫االجتماعي بني البشر في فضاء إلكتروني افتراضي متحور حول األنترنات‪ ،‬النظم املعلومات ّية‬ ‫اإللكترونية ّ‬ ‫مكنت من إلغاء احلدود‪ ،‬تقريب املسافات‬ ‫والتداخل بني الثقافات‪ .‬من امللفت لالنتباه في‬ ‫هذا التقدمي أن التواصل االجتماعي يتموقع في‬ ‫ميس النظم‬ ‫فضاء افتراضي في صلة باألنترنات و ّ‬ ‫املعلوماتية‪.‬‬ ‫لقد لعبت األحداث السياسية في عدة بلدان‬ ‫دورا بارزا في انتشار شبكات التواصل في العالم‪.‬‬ ‫في هذا الشأن تفيد األرقام في العالم بتواجد‬ ‫‪ 1.39‬مليار مستخدم فايسبوك‪ 1 ،‬مليار مستعمل‬ ‫يوتيوب و ‪ 288‬مليون مستعمل تويتر‪ .‬في تونس‬ ‫هنالك ‪ 5.81‬مليون مستخدم أنترنات‪4.6 ،‬‬ ‫مليون مستعمل فايسبوك وبنسبة زيارة يومية‬

‫و ا أل جهز ة‬

‫تقدرب‪ 32.5‬باملئة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تكشف األرقام أن شبكات التواصل هي مجال‬ ‫اهتمام واسع لألفراد‪ ،‬للجماعات وللمؤسسات‬ ‫وأيضا للمخترقني والقراصنة‪ .‬فاجلماعات اإلرهابية‬ ‫حريصة على امتالك آخر تكنولوجيات املعلومات‪،‬‬ ‫في الطرف املقابل أصبحت احلكومات متارس املراقبة‬ ‫الصريحة على مواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫إن احلديث عن شبكات التواصل داخل‬ ‫اإلستراتيجية األمنية لنظم املعلومات مي ّر حتما‬ ‫عبر الوقوف على أمثلة للمخاطر والتهديدات‬ ‫احملدقة مبختلف مك ّونات النظام املعلوماتي‪.‬‬ ‫هنالك عدة طرق أو تشكيالت للنفاذ إلى املواقع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪91‬‬


‫االجتماعية‪ ،‬حسب كل تشكيلة هنالك مك ّونات‬ ‫تكون عرضة للمخاطر‪.‬‬ ‫التشكيل األول‪ :‬يكون النفاذ إلى املواقع‬ ‫االجتماعية في استعمال فردي عبر األنترنات‪ .‬في‬ ‫هذه احلالة يكون اجلهاز ومحتواه هما العرضة إلى‬ ‫اخلطر‪.‬‬ ‫التشكيل الثاني ‪ :‬يكون النفاذ عبر مز ّود خدمات‬ ‫أنترنات خاص باملؤسسة يقدم باإلضافة خدمات‬ ‫أخرى كالبريد االكتروني ومواقع الواب وغيرها من‬ ‫متس التهديدات في هذه احلالة البنية‬ ‫التطبيقات‪ّ .‬‬ ‫التحت ّية وجزء من نظم املعلومات‪.‬‬ ‫التشكيل الثالث‪ :‬يكون النفاذ إلى شبكات‬ ‫التواصل عبر مز ّود خدمات معلومات ّية ّ‬ ‫ميكن من‬ ‫جهة النفاذ إلى شبكات التواصل عبر األنترنات ومن‬ ‫جهة أخرى النفاذ إلى نظم املعلومات والتطبيقات‬ ‫الداخلية‪ .‬هنا يكون اخلطر على النظم املعلومات ّية‬ ‫والبنية التحت ّية الداخل ّية للمؤسسة‪ .‬في‬ ‫التشكيالت الثالثة اجلهاز ميكن أن يكون حاسوبا‬ ‫قا ّرا‪ ،‬حاسوبا محموال أو هاتفا نقاال‪.‬‬ ‫‪ -2‬أمثلة خملاطر وتهديدات‬ ‫إ ّن األمثلة للمخاطر والتهديدات التي ميكن أن‬ ‫متس مك ّونات النظام املعلوماتي عند النفاذ إلى‬ ‫ّ‬ ‫متعددة ومتن ّوعة أشير على‬ ‫املواقع االجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫سبيل الذكر إلى أبرزها‪.‬‬ ‫املثال األول‪ ،‬الفيروسات والبرمجيات اخلبيثة‬ ‫مختص أ ّن ‪ 43‬ألف برمج ّية‬ ‫حيث يفيد موقع‬ ‫ّ‬ ‫خبيثة جنحت في التمركز على احلواسيب واألجهزة‬ ‫عبر الشبكات االجتماعية‪ .‬هذا النوع من اخلطر‬ ‫يستهدف التشكيالت الثالثة التي متّ ذكرها وهي‬ ‫االستعمال األول املنفرد‪ ،‬االستعمال الثاني عبر‬ ‫مو ّزع خدمات أنترنات وأيضا اإلستعمال الثالث عبر‬ ‫مز ّود خدمات معلوماتية‪.‬‬ ‫خطر آخر عند النفاذ إلى شبكات التواصل‬

‫الدفاع‬ ‫‪92‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫يتم ّثل في إهدار اخلصوصية‪ .‬فاملواقع االجتماعية‬ ‫اخلاصة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫تشجع على وضع املعلومات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هنالك إمكان ّية لنقل املعلومات إلى أطراف أخرى‪.‬‬ ‫من بني اخملاطر أيضا عمل ّيات التح ّيل عند استعمال‬ ‫الوسائط االجتماعية‪ ،‬فقد ينتحل املهاجمون‬ ‫صفة أحد األصدقاء إلستدراجك لتقدمي معلومات‬ ‫حساسة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال يفوتنا أيضا ذكر إستهالك سعة البيانات‬ ‫هامة من‬ ‫حيث تفيد بعض الدراسات أن نسبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫املوظفني يستخدمون الوسائط االجتماعية‬

‫ّ‬ ‫يشكل استهالكا‬ ‫أثناء العمل بصفة مط ّولة مما‬ ‫وضغطا على سعة البيانات‪ .‬فمثال إزالة الولوج‬ ‫املفتوح لشبكات التواصل تزيد في حركة البيانات‬ ‫هامة‪.‬‬ ‫بنسبة مئوية ّ‬ ‫النقالة ّ‬ ‫ال مجال للشك أن الهواتف ّ‬ ‫حققت في‬ ‫السنوات األخيرة انتشارا واسعا حيث أنّه هنالك‬ ‫منحى آلستبدال احلواسيب احملمولة بالهواتف‬ ‫ّ‬ ‫النقالة في العديد من التطبيقات‪ .‬هذا االنتشار‬ ‫خاص للمخترقني ومرتكبي‬ ‫الواسع صاحبه إهتمام‬ ‫ّ‬ ‫اجلرائم السيبرنية حيث أنّهم يعتبرون أن الهاتف‬ ‫ّ‬ ‫الهامة‬ ‫النقال هو مجال خصب القتناص البيانات‬ ‫ّ‬ ‫و لتمرير برمج ّيات خبيثة ّ‬ ‫متكن من السيطرة على‬

‫اجلهاز‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى هذه اخملاطر هنالك أضرار سلوكية‬ ‫متم ّثلة في إمكانية ربط العالقات مع أفراد‬ ‫مجهولني‪ ،‬نشر األفكار السياسية والدعائية‬ ‫وشن احلروب النفسية‪.‬‬ ‫وأيضا نشر الشائعات‬ ‫ّ‬ ‫حد اآلن‬ ‫مثلما يتبني من خالل ما متّ عرضه إلى ّ‬ ‫جدية تتر ّبص باملستعمل‬ ‫أنه هنالك مخاطر ّ‬ ‫عند النفاذ إلى املواقع اإلجتماعية‪ .‬فالنفاذ إلى‬ ‫شبكات التواصل ال يع ّرض احلاسوب فقط إلى‬ ‫ليمس النظم املعلومات ّية‪،‬‬ ‫يتعدى ذلك‬ ‫اخملاطر بل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البنى التحت ّية‪ ،‬قواعد البيانات وغيرها من مختلف‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫مك ّونات النظام املعلوماتي‪.‬‬ ‫واحلد من‬ ‫عدة طرق و حلول للحماية‬ ‫ّ‬ ‫هنالك ّ‬ ‫اخملاطر نكتشف البعض منها من خالل العنصر‬ ‫الثالث لهذه املقالة‪.‬‬ ‫‪ 3‬احلماية واحل ّد من اخملاطر‬‫أ ّول طريقة للحماية من اخملاطر التي تفرزها‬ ‫استعماالت شبكات التّواصل وهي التّوعية‬ ‫والتّحسيس عبر نشر وترسيخ ثقافة السالمة‬ ‫املعلوماتية والتي تتمثل باألساس في تبسيط‬ ‫املفاهيم والتعريف باألخطار املمكنة‪ .‬فباإلمكان‬ ‫إعداد أقراص ليزرية‪ ،‬ألعاب تربوية ومطو ّيات وتص ّور‬ ‫وإجناز مجموعة من األسئلة واإلجابات‪.‬‬ ‫طريقة أخرى تساعد على احلد من اخملاطر تتمثل‬ ‫في دليل املمارسات اجل ّيدة عند استعمال شبكات‬ ‫التواصل وهو عبارة على كتيب يحتوي على‬ ‫مجموعة من النصائح احمل ّبذ إتباعها والتص ّرفات‬ ‫الواجب جتنّبها‪ .‬دليل املمارسات يخضع إلى‬ ‫خاص ّيات‪.‬‬ ‫تتضمن طرق احلماية أيضا تركيز مضاد‬ ‫ّ‬ ‫الفيروسات والبرمجيات اخلبيثة حيث تكون طرق‬ ‫احلماية في شكل حلول برمجيات ذات تغطية‬ ‫شاملة و تخضع إلى مقاربة‪ .‬هذه املقاربة تخضع‬ ‫أيضا إلى تص ّور ومواصفات على غرار الوظائف‬ ‫الضرورية‪ ،‬اخلاص ّيات التقن ّية‪ ،‬إجراءات التركيز‬ ‫ّ‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫ال يفوتنا ذكر ضوابط اإلنتقائية في الشبكات‬

‫االجتماعية والتي تتمثل في تنفيذ إجراءات‬ ‫لألنشطة التي يقوم بها األفراد املستخدمون‬ ‫لشبكات التواصل مثل منع حتميل املرفقات‪،‬‬ ‫الصور‪ ،‬أو مقاطع الفيديو‪ .‬يتط ّلب ذلك نظاما ال‬ ‫يفحص فقط مصدر حركة البيانات بل نظاما‬ ‫يفحص أيضا ما الذي يجري داخل التطبيقات‪.‬‬ ‫من ضمن طرق احلماية إيالء العناية الالزمة وأخذ‬ ‫تدابير بالنسبة الى الهواتف النقالة على غرار غلق‬ ‫تؤمن اخلصوصية‬ ‫املنافذ املفتوحة وتركيز تطبيقات ّ‬ ‫وحت ّيني نظام التشغيل بآستمرار‪ .‬باإلمكان أيضا‬ ‫إعداد دليل آستعمال الهواتف النقالة وهو مطوية‬ ‫حتتوي على مجموعة من النصائح‪.‬‬ ‫من جملة احللول للتصدي إلى التهديدات ميكن‬ ‫التفكير في تركيز نظام ذكي لإلنذار ّ‬ ‫املبكر والدفاع‬ ‫الفوري‪ .‬هذا النظام هو عبارة على منظومة‬ ‫متكاملة تربط بني مختلف مك ّونات البنية‬ ‫التحتية املعلوماتية كاملوزعات واحلواسيب وغيرها‬ ‫بالسالمة‬ ‫من األجهزة والبرمج ّيات التي لها عالقة ّ‬ ‫املعلومات ّية‪ .‬يعمل هذا النظام على جتميع وحتليل‬ ‫يخص النظام الذكي لإلنذار املبكر‬ ‫سجالت اآلداء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫االستعماالت أو التشكيالت ‪ 2‬و ‪ 3‬أي النفاذ عبر‬ ‫مز ّود خدمات أنترنات أو مز ّود خدمات معلوماتية‪.‬‬ ‫دائما في عالقة بالنفاذ إلى شبكة التواصل عبر‬ ‫البنية التحتية للنظم املعلوماتية ميكن بعث مركز‬ ‫لالستجابة للطوارئ املعلوماتية (‪ )CERT‬تتم ّثل‬ ‫مهمته باألساس في الكشف ّ‬ ‫املبكر عن الهجمات‪،‬‬ ‫ّ‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪93‬‬


‫اإلعالم عن الثغرات‪ ،‬اليقظة التكنولوجية وكذلك‬ ‫والتقصي في الهجمات ومحاوالت‬ ‫التح ّري‬ ‫ّ‬ ‫اإلختراق للنظم املعلوماتية والفضاء السيبرني‪.‬‬ ‫املهمات في هذا املركز فمنها ما هو وقائي‬ ‫تتنّوع‬ ‫ّ‬ ‫وآستباقي ومنها ما هو حتقيقي ردعي‪.‬‬ ‫حد هذه املرحلة من املقالة متّ التط ّرق‬ ‫إلى ّ‬ ‫إلى جملة من الطرق للحماية عند إستعمال أو‬ ‫النفاذ إلى شبكات التواصل االجتماعي وذلك عبر‬ ‫للمؤسسة‪.‬‬ ‫البنى التحت ّية والنظم املعلوماتية ِ‬ ‫املضي قدما نحو إستراتيج ّية أشمل‬ ‫باإلمكان‬ ‫ّ‬ ‫ألمن املعلومات حيث تكون شبكات التواصل جزءا‬ ‫من هذه اإلستراتيج ّية‪ .‬الركيزة األساسية لهذه‬ ‫اإلستراجت ّية هي حتليل اخملاطر احملدقة فعل ّيا مبك ّونات‬ ‫النظام املعلوماتي‪.‬‬ ‫فتحليل اخملاطر يعني فهم العمليات اجلارية‬ ‫وقياس وتقييم العوامل التي قد حتدث أضرارا‬

‫مبك ّونات النظام املعلوماتي والبنية التحتية‬ ‫ّ‬ ‫سيمكن ذلك من‬ ‫واألجهزة االلكترون ّية بالتالي‬ ‫توفير سالمة تتناسب مع قيمة النظام وحتديد‬ ‫األولويات في معاجلة اخملاطر وكذلك تخصيص‬ ‫وتوزيع املوارد لتركيز احللول والتقنيات املناسبة‪.‬‬ ‫االستراجتية الشاملة ألمن املعلومات يجب أن‬ ‫تكون مكتوبة داخل وثيقة و ميكن أن تتف ّرع إلى‬ ‫عدة أجزاء مثل مجال مضاد الفيروسات‪ ،‬احلواسيب‬ ‫ّ‬ ‫والهواتف النقالة‪ ،‬التراسل االلكتروني‪ ،‬مواقع‬ ‫الواب وغيرها‪.‬‬

‫إن شبكات التواصل اإلجتماعي أعطت نقلة نوعية داخل عالم األنترنات حيث ميكن‬ ‫استعمال الوسائط االجتماعية بصفة آنفرادية منعزلة في البيت أو في العمل عبر البنية‬ ‫التحتيّة املعلوماتية للمؤسسة‪ .‬إ ّن إستعماالت شبكات التواصل تبدو في ظاهرها بسيطة‬ ‫لكن وجودها في عالم إفتراضي وفضاء سيبرني يجعلها عرضة لش ّتى األخطار والتهديدات‬ ‫التي ميكن أن تلحق أضرارا جسيمة مبكوّنات النظام املعلوماتي داخل املؤسسة‪ .‬إ ّن احلماية‬ ‫من األخطار احملدقة تتطلب حلوال وتدابيرا على غرار التحسيس والتوعية وآتباع املمارسات‬ ‫ّ‬ ‫املبكر وبعث مركز للطوارئ وغيرها‬ ‫اجليّدة وإيجاد احللول التقنيّة وتركيز نظام ذكي للكشف‬ ‫من احللول والتوجّ هات‪.‬‬ ‫إالّ أن تصوّر ووضع إستراتيجية أمنيّة شاملة لنظم املعلومات‪ ،‬تكون شبكات التواصل‬ ‫جزءا منها‪ ،‬يبدو هو ّ‬ ‫احلل األفضل واألجنع للمجابهة املتواصلة للمخاطر والتهديدات‬

‫الدفاع‬ ‫‪94‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫الطباعة ثالثية األبعاد‬ ‫الثورة الصناعية الثالثة‬ ‫املقدم فوزي احلمودي‬

‫لقد حلم العلماء لفترة طويلة بآلة لها القدرة على استنساخ‬ ‫أي جسم‪ ،‬هذا الوهم أصبح اليوم حقيقة‪ .‬إنها التكنولوجيا‬ ‫للتصنيع ثالثي األبعاد احلديثة والتي تسمى بـ” الطباعة ثالثية‬ ‫األبعاد “ وهي تقنية ثورية في مجال التصنيع‪ ،‬كانت مختصرة‬ ‫في البداية على اجملال الصناعي‪ ،‬لكنها بصدد الدخول بسرعة‬ ‫إلى منازلنا وبقدرات إنتاج ال نهاية لها‪.‬‬ ‫الطباعة ثالثية األبعاد هي دون شك ابتكار‬ ‫القرن ‪ 21‬ولها تاريخها ومميزاتها إضافة إلى‬ ‫عديد االستخدامات في اجملال العسكري‪.‬‬ ‫الطباعة ثالثية األبعاد (باإلنقليزية ‪3D‬‬ ‫‪ ) Printing‬هي شكل من أشكال “تكنولوجيا‬ ‫التصنيع” حيث يتم تكوين جسم ثالثي‬ ‫األبعاد بوضع طبقات متتالية من مادة‬ ‫معينة فوق بعضها البعض‪.‬‬ ‫تتيح الطباعة ثالثية األبعاد للمطورين‬ ‫القدرة على طباعة أجزاء وجتميعات وتركيبات‬ ‫مصنوعة من مواد مختلفة مثل البالستيك‬ ‫املنصهر أو الراتنج السائل واستخدام‬ ‫األشعة فوق البنفسجية إلنشاء مجسمات‬ ‫قابلة لالستخدام العادي ومبواصفات‬ ‫ميكانيكية وفيزيائية مختلفة و ذلك في‬ ‫عملية بناء واحدة حيث تنتج التكنولوجيات‬ ‫املتقدمة للطباعة ثالثية األبعاد تنتج مناذج‬ ‫تشبه كثيرا ً منظر وملمس ووظيفة النموذج‬ ‫األولي للمنتج‪.‬‬ ‫و قد ارتبط مصطلح الطباعة في أذهان‬

‫طابعة ‪ 3D‬منزلية‬

‫الكثيرين باملنتجات ذات البعدين وبتقنيات‬ ‫الزخرفة سواء على الورق أو النسيج أو حتى‬ ‫طباعة الصور‪ ،‬ولكن أن يرتبط مصطلح‬ ‫الطباعة بإحدى طرق التشكيل فذلك يعد‬ ‫ثورة في مجال التصميم الصناعي‪.‬‬ ‫بدأ “تشاك هال”‪ ،‬أحد مؤسسي شركة‬ ‫(‪ ) D Systems3‬في اختراع نظام التجسيم‬ ‫عام ‪ ،1986‬ليكون بذرة الطباعة ثالثية‬ ‫األبعاد فيما بعد والتي ابتكرها “إمانويل‬ ‫ساكس” في ‪ ،1993‬لتمثل في الوقت الراهن‬ ‫ثورة تكنولوجية جديدة‪ .‬ال تزال تكنولوجيا‬ ‫الطباعة ثالثية األبعاد حتت التطوير من قبل‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪95‬‬


‫بعض الشركات العاملية وذلك قصد الوصول‬ ‫إلى إنتاج سريع ومرن ألجزاء األمنوذج األول‬ ‫(‪ )prototype‬املصمم على احلاسوب اآللي‬ ‫مبساعدة برنامج األوتوكاد‪.‬‬ ‫وتتميز تقنية الطباعة ثالثية األبعاد بـ‪:‬‬ ‫ سهولة تعديل التصميم‪.‬‬‫ إمكانية نسخ التصميمات باستخدام‬‫نظام مسح ضوئي رقمي وحتويلها إلى منتج‬ ‫ثالثي األبعاد‪.‬‬ ‫ إمكانية احلصول على أجزاء كبيرة‬‫احلجم‪ ،‬األجزاء البارزة‪ ،‬األجزاء املتداخلة‪،‬‬ ‫واألجزاء املعشقة بزاوية أقل من ‪ 90‬درجة‬ ‫والتي من الصعب أو املستحيل احلصول‬ ‫عليها بطرق التشكيل التقليدية‪.‬‬ ‫ نظام استرجاع متكامل للخامات‪.‬‬‫ ال تستخدم أدوات أو أجهزة كثيرة وبذلك‬‫نختصر الوقت والتكلفة‪.‬‬ ‫ ال توجد حدود ملدى تعقيد التصميم‪.‬‬‫ تتفوق طريقة الطباعة الثالثية على‬‫طرق التشكيل التقليدية وذلك أن مكونات‬ ‫املنتج في طريقة الطباعة الثالثية تنافس‬ ‫أداء مثيالتها التي صنعت بطرق التشكيل‬ ‫التقليدية‪.‬‬ ‫ تكلفة أقل‪.‬‬‫ دورة إنتاج قصيرة جدا‪.‬‬‫ احلصول على منتج مطابق لكل‬‫املواصفات القياسية‪.‬‬ ‫وتتميز الطباعة ثالثية األبعاد بارتفاع‬ ‫تكلفتها مما جعلها متوفرة لدى فئة قليلة‬ ‫من الناس خاصة املطورين‪ ،‬و املنتظر خالل‬ ‫السنوات القادمة هو انخفاض سعر‬ ‫الطابعات وطرحها لعامة الناس بأسعار‬ ‫معقولة لطباعة معظم حاجياتهم اليومية‪.‬‬ ‫وتستخدم هذه التقنية في اجملوهرات‪،‬‬ ‫األحذية‪ ،‬التصميم الصناعي‪ ،‬الهندسة‪،‬‬ ‫واإلنشاءات‪ ،‬صناعة السيارات‪ ،‬طب األسنان‬ ‫والصناعات الطبية وصناعة الطائرات‪ .‬ويقع‬ ‫التركيز على استعمال الطابعات الثالثية‬ ‫األبعاد في اجملال الطبي و في عمليات البناء‬

‫الدفاع‬ ‫‪96‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫أذن مطبوعة من مادة حيوية‬

‫فك و أسنان طبعا بتكنولوجيا ثالثية األبعاد‬

‫وخصوصا في اجملال العسكري‪.‬‬ ‫ففي اجملال الطبي و بعد ظهور تطبيقات‬ ‫طبية حديثة ووجود وسائل تساعد املرضى‬ ‫على متابعة حاالتهم الصحية باستمرار‪،‬‬ ‫أصبحت صناعة األطراف تطبيقا مثاليا‬ ‫للطباعة ثالثية األبعاد حيث متكن من توفير‬ ‫أعضاء بديلة عن األعضاء البشرية املتضررة‬ ‫للذين فقدوا أيديهم أو أرجلهم في حوادث‪.‬‬ ‫وتسمى هذه التقنية بالطباعة احليوية ألنها‬ ‫تستخدم اخلاليا احلية في عملية الطباعة أو‬ ‫التشكيل‪ .‬و كمثال على ذلك‪ُّ ،‬‬ ‫متكن فريق من‬ ‫الباحثني في جامعة كورنيل من إنتاج هيكل‬ ‫أذن بشرية مصنوعة من خاليا املريض ذاته‪.‬‬ ‫أما املثال األشهر في التاريخ الطبي‬ ‫التكنولوجي هو زراعة فك سفلى وبعض‬ ‫األسنان في فم مريضة تبلغ من العمر ‪83‬‬ ‫عاما متت صناعتهم عن طريق طابعة ثالثية‬ ‫األبعاد من طرف فريق طبي بلجيكي‪ ،‬وبعد‬ ‫مرور يوم واحد كانت املريضة قادرة على‬ ‫الكالم والبلع بشكل طبيعي مرة أخرى‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫طباعة منزل‬

‫الطباعة ثالثية األبعاد هي الثورة‬ ‫عدة ميادين‬ ‫الصناعية القادمة و تظهر في ّ‬ ‫كالهندسة والبناء‪ .‬ففي هذا مجال‪ ،‬متكن‬ ‫اخملترع “أنريكو دينى” من ابتكار نظام بناء‬ ‫املبانى اآللية‪ .‬واستخدم طابعة ثالثية‬ ‫األبعاد‪ ،‬يطلق عليها ‪ ،D-Shape‬لبناء منزل‬ ‫ميسح ‪ 185‬مم‪ ، 2‬مكون من طابقني كاملني‬ ‫مع الدرج‪ ،‬والنوافذ واألبواب واألعمدة‪،‬‬ ‫واجلدران واألرضيات واستعمل مزيجا من‬ ‫املواد اجملمعة كالرمال والرخام وغيرها‪،‬‬ ‫للوصول في النهاية إلى نتائج البناء العادية‬ ‫نفسها بل تفوق متانتها وقوتها املباني‬ ‫اخلرسانية التقليدية زيادة على االقتصاد في‬ ‫املواد األولية و التكلفة والطاقة والوقت و‬ ‫احملافظة على البيئة‪ .‬كما متكن هذه التقنية‬ ‫من سهولة بناء جدران مقوسة من الصعب‬ ‫إجنازها بالطريقة التقليدية‪.‬‬ ‫أما في اجملال العسكري‪ ،‬حتظى الطباعة‬ ‫ثالثية األبعاد باهتمام واسع من طرف‬ ‫املؤسسة العسكرية األمريكية‪ ،‬وليس‬ ‫من قبيل الصدفة أن توجد العديد من‬ ‫مخابر البحث لتنمية هذه التكنولوجيا‪،‬‬

‫و قد بدأ التركيز الفعلي على أهمية هذه‬ ‫التكنولوجيا في اجملال العسكري على إثر‬ ‫صناعة أول مسدس مطبوع من طرف الشاب‬ ‫‪ Cody Wilson‬من والية تكساس والذي‬ ‫تسبب في طرح العديد من األسئلة و اخملاوف‬ ‫من انتشار هذه التكنولوجيا و من إمكانيات‬ ‫استخدامها ألغراض سلبية‪.‬‬

‫مسدس مطبوع‬

‫ويتيح التقدم في مجال الطباعة ثالثية‬ ‫األبعاد العديد من االستعماالت عل امليدان‪،‬‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬لقد قرر اجليش األمريكي‬ ‫تركيز طابعات ثالثية األبعاد في العديد من‬ ‫القواعد اجلوية لطباعة قطع غيار الطائرات‬ ‫وتغييرها بسرعة والهدف من ذلك إكساب‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪97‬‬


‫محرك طائرة نفاثة‬

‫الوحدات املقاتلة استقاللية على امليدان دون‬ ‫انتظار اإلمداد اللوجستيكي‪.‬‬ ‫ففي أفغانستان‪ ،‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫يستخدم اجليش األميركي عدة طابعات‬ ‫ثالثية األبعاد إلنتاج قطع تغيير التجهيزات‬ ‫العسكرية في امليدان عند احلاجة وبسرعة‬ ‫فائقة‪ ،‬دون طلب هذه القطع من واشنطن‬ ‫وانتظار وصولها بأساليب الشحن‬ ‫التقليدية‪ .‬من حيث طول مدة االنتظار زيادة‬ ‫على أثمانها الباهظة جدا‪ .‬ففي الصني‬ ‫تستخدم الطباعة الثالثية األبعاد منذ‬ ‫سنة ‪ 2009‬إلنتاج أجزاء مختلفة من احملرك‬ ‫النفاث لطائرة الركاب “كوماك أدفانسد جت‬ ‫جي‪.”21‬‬ ‫يقول “ بن فيتزجرالد “‪ ،‬جنم من النجوم‬ ‫الصاعدة في ميدان اإلستراتيجية احلربية‬ ‫املستقبلية‪ ،‬أن احلل هو استخدام الطباعة‬ ‫ثالثية األبعاد على خطوط “التجميع‬ ‫الروبوتي” لطباعة العديد من الطائرات بدون‬ ‫طيار واستعمالها في شكل أسراب يقع‬ ‫تشغيلها عن بعد من طرف طيارين رقميني‬

‫الدفاع‬ ‫‪98‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫“‪.“ Digital Pilots‬‬ ‫كما كشفت مجموعة من علماء‬ ‫ومهندسي شركة «بي أيه إي سيستمز‬ ‫‪ »BAE Systems‬عن تقنيات وتكنولوجيا‬ ‫جديدة تتيح طباعة وإنتاج طائرات صغيرة‬ ‫بدون طيار داخل طائرات كبيرة خالل املهمة‬ ‫وأثناء الطيران‪ ،‬واستعمالهم في مهمات‬ ‫ظرفية كالبحث و اإلنقاذ أو مهمات‬ ‫االستطالع و االستعالمات امليدانية زيادة‬ ‫على إمكانية جتهيزها باألسلحة و الصواريخ‬ ‫لإلسداء مهمات قتالية‪ .‬كما يجرى البحث‬ ‫في تطبيقات أخرى متعلقة بالطيران‬ ‫كمشروع (‪ )The survivor‬أين يقع تصميم‬ ‫تكنولوجيات حديثة من شأنها متكني‬ ‫الطائرات من ترميم نفسها خالل التحليق‪،‬‬ ‫إذا تعرضت خللل معني‪ ،‬و دون احلاجة إلى‬ ‫هبوطها‪.‬‬ ‫إن التطورات السريعة في ميدان الطباعة‬ ‫الثالثية األبعاد قد تتيح بدائل جديدة في‬ ‫املستقبل القريب‪ ،‬إذ تعتبر هذه األخيرة تقنية‬ ‫واعدة في العديد من اجملاالت‪ ،‬كاجملال الطبي‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫طائرة دون طيار مطبوعة‬

‫ لكن ال يجب أن ننسى أيضا أن‬.‫جديدة‬ ‫اإلعجاز التكنولوجي للطابعات ثالثية األبعاد‬ ‫قد يثير الكثير من اجلدل خاصة من اجلانب‬ ‫األخالقي والقانوني ملا له من استخدامات‬ ‫ من ناحية‬،‫إلنتاج األنسجة احلية واألعضاء‬ ‫واألسلحة والعتاد احلربي من ناحية أخرى‬

‫والبناءات و خصوصا اجملال العسكري أين يقع‬ ‫التعويل عليها خصوصا على امليدان جملابهة‬ ‫ ولعل الفضل‬.‫طول اإلمداد اللوجستيكي‬ ‫األكبر في ظهور وانتشار هذه التطبيقات‬ ‫يعود إلى االنخفاض الهائل في أسعار هذه‬ ‫الطابعات مما سيشكل حتما ثورة صناعية‬

1- http://www.3ders.org/index.html 2- www.3dprint.com 3- www.3dsystems.com 4- http://dailygeekshow.com/2014/01/25/les-maisons-du-futur-seront-peut-etre-entierement-construites 5- http://www.lesimprimantes3d.fr/wikihouse-imprimer-sa-maison-en-3d/ 6- https://www.kickstarter.com/projects/1387330585/hex-a-copter-that-anyone-can-fly 7-http://www.humanoides.fr/2014/07/10/bae-systems-imagine-le-futur-des-drones-et-des-imprimantes-3d/ 8- http://vespadrones.com/drones/3D_printed_drones_might_be_the_future 9- http://3dprintboard.com/showthread.php?1557-3D-Printed-Drones-Are-Coming-Fast 10- The American Society of Mechanical Engineers 11- http://www.techniques-ingenieur.fr/les-imprimantes-3d-au-coeur-des-operations-militaires

‫الدفاع‬ 99

64 ‫العدد‬

2016 ‫جوان‬

:‫املراجع‬


‫عسكريون‬ ‫من القرن التاسع عشر‬

‫املق ّدم عبدالعزيز بوڤ ّزي‬

‫يزخر تاريخ البالد‬ ‫التونسية بالعديد من‬ ‫الرجاالت الذين أجنبتهم‬ ‫هذه األرض الطيبة والذين‬ ‫اشتهروا في وقت ما‬ ‫بدورهم الهام في احلرب‬ ‫كما في السلم وساهموا‬ ‫في مسار تكوين الذاتية‬ ‫املتميزة‬ ‫التونسية‬ ‫وتسامحها‬ ‫بتفتحها‬ ‫وإميانها مببادئ االعتدال‬ ‫والوفاق واملصاحلة‪ ،‬لذا‬ ‫ارتأينا من خالل هذه الورقة‬ ‫ڤمرت سنة ‪1856‬‬ ‫نزول البعثة العسكرية املشاركة في حرب القرم بشاطئ ّ‬ ‫أن نساهم في تسليط بعض األضواء على عدد من عسكريي القرن التاسع عشر الذين تركوا‬ ‫بصماتهم بارزة ال في تاريخ تونس العسكري فحسب ولكن أيضا في تاريخها السياسي‬ ‫تقلدوها والسفارات التي ك ّلفوا بها‬ ‫تشعب اخلطط والوظائف التي‬ ‫والديبلوماسي‪ ،‬باعتبار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومحاوالت اإلصالح التي قاموا بها من أجل النهوض بتونس ورق ّيها‪.‬‬ ‫من هذا املنطلق سنتناول بالدرس سيرة بعض هذه الشخصيات ومواقفها وأسلوبها في‬ ‫القيادة في محاولة للتعريف بها وبآثارها‪.‬‬ ‫اجلنرال إسماعيل السني‬ ‫هو أبو الفداء إسماعيل صاحب الطابع‬ ‫امللقب بإسماعيل السنّي ملا عرف عنه من‬ ‫التقوى وااللتزام بالصلوات واألذكار‪ .‬كان‬ ‫ضابطا في اجليش خالل فترة حكم محمد‬ ‫باي (‪ )1859 - 1855‬ومحمد الصادق باي‬ ‫(‪ .)1882 - 1859‬ارتقى في الرتب العسكرية‬ ‫إلى أن وصل إلى رتبة أمير أمراء (فريق)‪ .‬كما‬ ‫تقلد العديد من اخلطط الوظيفية منها‬ ‫عامل على جزيرة جربة‪ ،‬وخطة صاحب‬

‫الدفاع‬ ‫‪100‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫الطابع ثم وزيرا لدى الباي محمد الصادق‪.‬‬ ‫أجنب ابنا سماه أحمد السني تق ّلد هو‬ ‫أيضا خطة صاحب الطابع في عهد البايات‬ ‫محمد الناصر ومحمد احلبيب وفي سنة‬ ‫‪ ،1857‬أرسل من قبل محمد الصادق باي إلى‬ ‫فرنسا كمبعوث خاص له لدى اإلمبراطور‬ ‫لويس نابوليون الثالث (‪ )1870 - 1852‬ليؤكد‬ ‫للحكومة الفرنسية املو ّدة والروابط األخوية‬ ‫التي مت ّيز العالقات بني البلدين‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫مدخل املدرسة احلربية باردو‬

‫اتهم بالتواطئ واملشاركة في التم ّرد‬ ‫الذي قاده محمد العادل باي ضد أخيه الباي‬ ‫احلاكم آنذاك محمد الصادق سنة ‪1867‬‬ ‫فقتل خنقا إثر عودته مريضا من محلة باجة‬ ‫ودفن بالزاوية املعروفة بالسيدة بركة يوم‬ ‫اجلمعة ‪ 6‬جمادى الثانية عام ‪ 1284‬هـ املوافق‬ ‫لـ ‪ 5‬أكتوبر ‪.1868‬‬

‫اجلنرال رستم‬

‫هو أبو ضياء رستم‪ ،‬أحد خ ّريجي املدرسة‬ ‫احلربية بباردو‪ ،‬سمي ضابطا في أواسط القرن‬ ‫‪ .19‬ارتقى في الرتب والوظائف العسكرية‬ ‫حتصل على‬ ‫وملع في آدائها وممارستها إلى أن ّ‬ ‫رتبة فريق سنة ‪ 1279‬هـ (‪.)1863 /1862‬‬ ‫شارك في حمالت إصالح أوضاع البالد وحتديث‬ ‫اإلدارة التي قادها صديقه الوزير املصلح خير‬ ‫الدين باشا زمن توليه الوزارة الكبرى (‪1873‬‬ ‫– ‪ .)1877‬تولى رئاسة بلدية احلاضرة وإدارة‬ ‫املعارف وواليا على جزيرة جربة ثم تولى وزارة‬ ‫العمالة فوزارة احلرب‪.‬‬ ‫قاد احمل ّلة في عهد محمد الصادق باي‬ ‫(‪ )1882-1859‬وخاصة خالل سنوات ‪1864‬‬ ‫و‪ 1865‬و‪ 1866‬وكان يدعى في املراسالت‬ ‫املوجهة إليه من حكومة الباي بـ "أمير‬ ‫األمراء رستم أمير احمللة األولى" وساهم في‬ ‫إخماد ثورة علي بن غذاهم بوسط البالد‪.‬‬ ‫ك ّلف اجلنرال رستم عندما كان على‬ ‫رأس وزارة احلرب بقيادة بعثة عسكرية نحو‬ ‫إسطنبول حملت إعانة حربية من باي تونس‬ ‫إلى السلطنة العثمانية لنصرتها في إحدى‬ ‫حروبها ضد روسيا‪ .‬وعمل على غرار كبار‬ ‫الض ّباط الذين عاصرهم على إصالح أوضاع‬ ‫اإلدارة التونسية أثناء اضطالعه بخطة‬ ‫وزير احلرب فأصلح قوانني التجنيد وطالب‬ ‫سنة ‪1873‬بإلغاء قانون العوض باملال رعاية‬ ‫للمصلحة العامة ورفقا بحال املواطنني‬ ‫وسعى إلى تسريح من طالت مدة خدمته‬ ‫من اجملنّدين‪ .‬أسند له الباي محمد الصادق‬ ‫نيشان العهد املرصع في نوفمبر ‪1875‬‬ ‫املوافق لشوال ‪.1291‬‬

‫اجلنرال رشيد‬

‫هو أبو محمد رشيد‪ ،‬مملوك من أصل‬ ‫جورجي‪ .‬نشأ بدار الوزير سليمان كاهية‬ ‫املتوفي سنة ‪ 1838‬ثم كفله حسني باي‬ ‫الثاني (‪ )1835-1824‬فنشأ مع ابنه حمودة‬ ‫باشا الذي أصبح بايا بني ‪1782‬و ‪.1814‬‬ ‫انخرط أبو محمد رشيد باجلندية ضمن‬

‫اجليش النظامي التونسي والتحق باملدرسة‬ ‫احلربية بباردو حيث تلقى تكوينا عسكريا‬ ‫عصريا وأتقن عدة معارف أخرى كالهندسة‬ ‫واجلغرافيا وشغف مببادئ الصناعة احلربية‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪101‬‬


‫وأشرف على تعليم رسم خرائط مناطق‬ ‫صفاقس وجربة وقرقنة باملدرسة احلربية‪.‬‬ ‫كما حذق الترجمة فع ّرب سنة ‪ 1863‬كتاب‬ ‫"شروط الدخول للسلك العسكري" من‬ ‫التركية‪ .‬ارتقى في الرتب العسكرية إلى‬ ‫أن أصبح سنة ‪ 1262‬هـ‪ 1847/‬م أمير آالي‬ ‫(عقيد) بعسكر سوسة‪ ،‬ثم سمي "قايد"‬ ‫على سوسة بعد مقتل الوزير شاكير صاحب‬ ‫الطابع لكنه ترك هذه اخلطة ّ‬ ‫ليركز اهتمامه‬ ‫على دراسة املؤلفات املتعلقة بالعلوم‬ ‫احلربية‪.‬‬ ‫في عهد املشير األول أحمد باي (‪1837-‬‬ ‫‪ )1855‬حصل على رتبة أمير أمراء وهي أعلى‬ ‫رتبة عسكرية كانت متنح في عهد البايات‬ ‫احلسينيني وأدى اجلنرال رشيد عدة مهام‬ ‫دبلوماسية م ّثل خاللها تونس لدى عدة دول‬ ‫أجنبية‪ ،‬فقام سنة ‪ 1847‬باسم تونس بزيارة‬ ‫مجاملة للمقيم العام الفرنسي باجلزائر‬ ‫الدوق دومال وقد د ّون أطوار هذه الرحلة‬ ‫ووصف بالد اجلزائر في مخطوط "كتاب بلد‬ ‫اجلزائر رحلة" كما أرسله أحمد باي سنة‬ ‫خاصا له إلى فرنسا مبناسبة‬ ‫‪ 1853‬مبعوثا‬ ‫ّ‬ ‫تولي اإلمبراطور نابليون الثالث احلكم‪.‬‬ ‫اختير اجلنرال رشيد من قبل أحمد باي‬ ‫سنة ‪ 1854‬لقيادة البعثة العسكرية‬ ‫التونسية إلى حرب القرم التي دارت رحاها‬ ‫بني اإلمبراطورية العثمانية وروسيا‪ ،‬فكان‬ ‫بذلك أول ضابط تونسي يقود جيشا نظاميا‬ ‫يخرج من تونس في اجتاه املشرق‪ .‬أظهر‬ ‫اجلنرال رشيد أثناء مختلف مراحل هذه‬ ‫املهمة حرفية هائلة وتفانيا كبيرا فاعتنى‬ ‫باملرضى وأشرف بنفسه على دفن من توفي‬ ‫من اجلنود‪.‬‬ ‫أجنز اجلنرال رشيد مشاريع كبرى لفائدة‬ ‫البالد منها بناؤه لقنطرة بحلق املنجل‬ ‫على طريق سوسة استفاد منها املسافرون‬ ‫وانتفعت منها املنطقة‪ ،‬واستصلح طريق‬ ‫خنقة احلمامات وأنزل أوعارها بحيث جعل‬ ‫مرور العربات منها سهال‪ .‬ومت ّيز بخصال‬

‫الدفاع‬ ‫‪102‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫حميدة منها أنه كان يحب اإلحسان ويعني‬ ‫احملتاج‪ .‬وقد وصفه ابن أبي الضياف مبا يلي‪:‬‬ ‫الهمة‪ ،‬سليم الصدر‪ ،‬صادعا‬ ‫"كان عالي‬ ‫ّ‬ ‫باحلق‪ ،‬وهي إحدى الكبر عن ملوك اإلطالق‪،‬‬ ‫شجاعا مقداما‪ ،‬صبورا جازما‪ ،‬صعب املقادة‪،‬‬ ‫أبي الضيم‪ ،‬غ ّر السج ّية‪ ،‬واملؤمن غ ّر كرمي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫متخ ّلقا بالطبع العسكري‪ ،‬كرمي النفس‪،‬‬ ‫وفي العهد‪ ،‬حافظا ملروئته‬ ‫حسن املعاشرة‪ّ ،‬‬ ‫من دنس املداهنة وامللق‪. "...‬‬ ‫استعان به محمد الصادق باي (‪1859-‬‬ ‫‪ )1882‬في عدة مهام وأعمال وع ّينه عضوا‬ ‫في مجلس الشورى وعضوا في مجلسه‬ ‫اخلاص‪ ،‬كما ك ّلفه بقيادة عسكر الساحل‬ ‫ومنح له إدارة سائر عساكر املشاة مبقتضى‬ ‫القانون العسكري لسنة ‪ ،1861‬كما ف ّوض‬ ‫له النظر في سائر أوقاف اإل ّيالة والتص ّرف‬ ‫سماه يوم‬ ‫فيها مبا يخدم مصلحة الدولة ثم ّ‬ ‫‪ 7‬فيفري ‪ 1867‬في خطة أمير لواء عسكر‬ ‫وعي معه ضابطا في هذه الفرقة‬ ‫اخليالة ّ‬ ‫وجعل ثكنتهم بقشلة منوبة‪ .‬وكان أعلى‬ ‫عي فيها اجلنرال رشيد هي وزارة البحر‬ ‫خطة ّ‬ ‫التي توالها بعد إسماعيل كاهية ‪.‬‬ ‫أثناء اضطالعه بقيادة جيش الساحل‬ ‫تدب في صفوف‬ ‫كانت بوادر الثورة والتمرد ّ‬ ‫العساكر وكثر هروب اجلنود من الثكنات‬ ‫وامتناعهم عن العودة إليها رغم نداءات‬ ‫اجلنرال رشيد الذي لم يستطع استعمال‬ ‫القوة إلعادة الفارين إلى ثكناتهم‪ .‬ورغم ذلك‬ ‫اتّهم اجلنرال رشيد بالتحريض على التم ّرد‬ ‫والتآمر على الباي احلاكم محمد الصادق‬ ‫الذي أحضره إلى قصر باردو وأمر بخنقه في‬ ‫‪ 4‬أكتوبر ‪ 1867‬املوافق لـ ‪ 6‬جمادي الثانية‬ ‫‪ 1284‬ودفن اجلنرال رشيد ليال بزاوية السيدة‬ ‫بركة بربض باب اجلزيرة مخلفا إبنا وحيدا‬ ‫اعتنى بتعليمه وتربيته خاله محمد العربي‬ ‫ز ّروق إلى أن كبر والتحق باخلدمة العسكرية‪.‬‬ ‫وتذكر بعض املصادر أن املشير محمد الصادق‬ ‫باي ندم على تس ّرعه في تصديق الوشايات‬ ‫وإعدام اجلنرال رشيد‪.‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫اجلنرال صالح شيبوب‬ ‫هو أبو الفالح صالح بن عثمان شيبوب‬ ‫اجلربي‪ ،‬ينحدر من عائلة من جزيرة جربة‪،‬‬ ‫كان أبوه تاجر أقمشة بسوق البركة‬ ‫مبدينة تونس‪ .‬انخرط في وجق املوسيقى‬ ‫العسكرية في عهد حسني باي الثاني‬ ‫(‪ )1835 - 1824‬وعمل فترة من الزمن في‬ ‫مح ّلة محمد باي ثم في فرقة املوسيقى‬ ‫العسكرية بباردو‪ .‬واصل العمل في عسكر‬ ‫املشير أحمد باي (‪ )1837-1855‬الذي رقاه‬ ‫إلى رتبة بنباشى (رائد) ثم إلى رتبة آالي‬ ‫أمني مك ّلف مبؤونة العسكر في محرم‬ ‫(مقدم)‬ ‫‪ 1258‬ثم رفع رتبته إلى قائم مقام‬ ‫ّ‬ ‫سنة ‪ 1259 / 1843‬هـ‪ ،‬تواصل تدرجه في‬ ‫الرتب العسكرية إلى أن أصبح أمير لواء‬ ‫على العساكر التي تخرج من اخلدمة‬ ‫بالعوض‪ ،‬ثم ع ّينه أحمد باي في خطة‬ ‫أمير لواء عساكر غار امللح وبنزرت وكاهية‬ ‫على جهة بنزرت في نوفمبر‪ / 1850‬محرم‬ ‫‪ 1267‬هـ ‪ .‬وسماه بعد ذلك وكيال على غابة‬ ‫الزيتون برأس اجلبل وواصل االعتماد عليه‬ ‫في إدارة وتسيير املناطق احمليطة ببنزرت‬ ‫فع ّينه “قايد” على جهتي ماطر وبجاوة‬ ‫بداية من سنة ‪1269‬هـ‪ 1852 /‬م كما كان‬ ‫حتت تصرفه قسم هام من أراضي البايليك‬ ‫عن طريق الوكالة واللزمة‪ .‬وهو يحمل‬ ‫الصنف األول من نيشان االفتخار في ‪1845‬‬ ‫م ‪ /‬ذي القعدة ‪ 1262‬هـ‪.‬‬ ‫قام اجلنرال صالح شيبوب بالعديد من‬ ‫املهمات الدبلوماسية خارج البالد أهمها‬ ‫إرساله من قبل أحمد باي ممثال لتونس وحامال‬ ‫لنيشان أسنده الباي إلى ملك سردينيا ‪.‬‬ ‫كان اجلنرال صالح شيبوب يحب جمع‬ ‫املال وتكديس الثروة ولو بطرق غير مشروعة‪،‬‬ ‫فاستغل مناصبه ليجمع ثروة طائلة في‬ ‫وقت قصير وبنى قصرا فخما في غار امللح‬ ‫يضاهي قصور امللوك فأ ّدى به هذا التص ّرف‬ ‫حد العزل من منصبه وسجنه بقصر‬ ‫إلى ّ‬ ‫باردو ثم سرعان ما عفى عنه أحمد باي‬

‫املوسيقى العسكرية‬

‫وأعاده إلى رتبته‪ .‬رغم ذلك لم يتّعظ اجلنرال‬ ‫وشدة في‬ ‫صالح شيبوب بل أظهر قسوة‬ ‫ّ‬ ‫معاملة سكان جهة بنزرت من ذلك سجنه‬ ‫إلبني الفقيه محمد العنّابي قاضي رأس‬ ‫قدمه‬ ‫اجلبل بصراية غار امللح وأخذ املال الذي ّ‬ ‫أبوهما فدية دون تسريحهما‬ ‫عند تو ّلي محمد باي (‪ )1859-1855‬احلكم‬ ‫نزع رتبته وقام مبصادرة أمالكه وسجنه في‬ ‫بيته بجربة‪ .‬بعد انتهاء مدة النفي وتسريحه‬ ‫من السجن‪ ،‬عاد اجلنرال صالح شيبوب إلى‬ ‫تونس وتأزمت عالقته بالباي ووصلت إلى‬ ‫حد القطيعة‪ ،‬فط ّلق زوجته وعاد إلى جربة‬ ‫موطنه األصلي وهناك تز ّوج ثانية وأجنب‬ ‫أطفاال‪ ،‬غير أن حياته لم تعرف االستقرار حتى‬ ‫بعد إبعاده عن الوظائف اإلدارية والسياسية‬ ‫وتخصيص املشير محمد الصادق باي (‪1859-‬‬ ‫‪ )1882‬جراية عمرية له قدرها ‪ 100‬ريال تدفع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪103‬‬


‫له شهريا من خزينة الدولة ‪.‬‬ ‫ابن أبي الضياف أن هذه الوفاة حدثت عند‬ ‫توفي اجلنرال صالح شيبوب سنة ‪1865‬م‪ /‬شروعه في تناول الكحول للترويح عن‬ ‫‪1282‬هـ إثر خصام بينه وبني زوجته‪ ،‬ويذكر نفسه ودفن بجربة‬

‫نيشان االفتخار‬

‫قائمة املراجع‬ ‫ ابن أبي الضياف‪ ،‬إحتاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد األمان‪ ،‬األجزاء ‪ 4‬و ‪ 5‬و ‪.8‬‬‫ بنبلغيث الشيباني‪ ،‬اجليش التونسي في عهد املشير محمد الصادق باي ( ‪.)1882 – 1859‬‬‫ بنبلغيث الشيباني‪ ،‬أضواء على التاريخ العسكري في تونس من ‪ 1837‬إلى ‪.1917‬‬‫ ‪MED EL AZIZ ben Achour : Les décorations tunisiennes à l’époque husseinite‬‬‫ األرشيف الوطني التونسي‪:‬‬‫السلسلة التاريخية‪:‬‬ ‫ملف ‪ ،991‬صندوق ‪180‬‬ ‫ملف ‪ ،994‬صندوق ‪180‬‬ ‫ملف ‪ ،375‬صندوق ‪22‬‬ ‫ملف ‪ ،97‬صندوق ‪11‬‬ ‫ملف ‪ ،928‬صندوق ‪78‬‬ ‫ملف ‪ 977‬مكرر‪ ،‬صندوق ‪179‬‬ ‫ملف ‪ ،768‬صندوق ‪258‬‬ ‫ملف ‪ ،50‬صندوق ‪03‬‬ ‫ملف ‪ ،158‬صندوق ‪ 209‬مكرر‬ ‫ملف ‪ ،878‬صندوق ‪75‬‬ ‫ملف ‪ ،880‬صندوق ‪75‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪104‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫ابراج مدينة تونس خالل العهد العثماني‬ ‫و دورها الدفاعي‬ ‫الرائد مختار الفرحاني‬

‫الزالت إلى يومنا هذا العديد من األبراج منتصبة‬ ‫بمدينة تونس‪ ،‬وقد بنيت هذه المعالم في فترات مختلفة‬ ‫ومتباعدة في بعض األحيان‪ ،‬إال أن هناك عودة لبنائها من‬ ‫جديد وترميمها في جل الفترات‪ ،‬والملفت لإلنتباه أن الكثير‬ ‫من هذه األبراج إن لم نقل كلها شيدت على مرتفعات‬ ‫وهضاب حتى ّ‬ ‫تمكن من مراقبة أطراف المدينة ومداخلها‬ ‫والتفطن إلى المخاطر التي يمكن أن تهددها من‬ ‫كل الجهات‪ ،‬وقد جهزت هذه األبراج بالمعدات الحربية‬ ‫(مدافع وذخيرة‪ )...‬إلى جانب ذلك كانت تستعمل‬ ‫كسكنى للعسكريين القائمين عليها والمكلفين بالحراسة‬ ‫والدفاع و سنتناول في هذا المقال أبرز هذه األبراج‬ ‫التي لعبت دورا كبيرا في حراسة المدينة والدفاع عنها‬ ‫خاصة من األخطار المتوقعة من الجزائر وطرابلس‪.‬‬ ‫‪ -1‬برج سيدي بلحسن‪:‬‬

‫‪1810‬م ‪ 1225 -‬هـ‪ ،‬ويؤدي هذا الباب إلى‬ ‫سقيفة مستطيلة الشكل تفضي إلى‬ ‫ساحة مربعة الشكل يبلغ طول ضلعها‬ ‫حوالي ‪ 18‬متر‪ ،‬ويبلغ علو احليطان ‪ 6‬أمتار‬ ‫وعرضها حوالي ‪ 1‬متر‪.‬‬

‫مت بناء هذا البرج في عهد يوسف داي‬ ‫(‪ )1637-1610‬على هضبة جبل اجلالز وكانت‬ ‫مهمته األساسية أو النتيجة املرجوة منه‬ ‫مراقبة املدخل اجلنوبي للمدينة والطرق‬ ‫الساحلية‪ ،‬وهو برج مستطيل الشكل ‪ -2‬برج السيدة املنوبية‪:‬‬ ‫بني هذا البرج على جبل السيدة املنوبية‬ ‫(‪ 40 *32‬م) وينتهي في أقصى اجلنوب بوجود‬ ‫حصن مثمن األضالع وفي أعلى الباب غربي مدينة تونس‪ ،‬ويعود تاريخ بنائه إلى عهد‬ ‫اخلارجي نقيشة يعود تاريخها إلى سنة علي باشا احلسيني سنة ‪1755‬م‪1169/‬هـ‪،‬‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪105‬‬


‫شيد على أنقاض آثار أغلبية‪ ،‬وبناؤه في‬ ‫هذا املكان بالذات يهدف إلى مراقبة املدينة‬ ‫من اجلهة الغربية والدفاع عنها‪ ،‬وجهزه علي‬ ‫باشا باملدافع وأوصله ببرج سيدي بلحسن‬ ‫بواسطة سور من احلجارة والطابية‪ ،‬يبلغ‬ ‫عرضه حوالي مترين‪.‬‬ ‫برج األندلس‪:‬‬ ‫ويطلق عليه إسم برج زوارة أو برج طاحونة‬ ‫الريح وهو على هضبة توجد بشمال غربي‬ ‫مدينة تونس على بعد ما يقارب ستة مائة‬ ‫متر (‪600‬م) بني خصيصا ملراقبة طرق باردو‬ ‫وبنزرت وأخذ هذا البرج شكل مثلث طول‬ ‫ضلعه حوالي ‪ 32‬متر‪ ،‬يوجد في أقصى شماله‬ ‫وأقصى جنوبه حصنني دائرين يبلغ قطر‬ ‫الواحد منهما ‪ 14‬مترا وفي اجلهة الشرقية‬ ‫يوجد حصن أكبر حجما من األولني دائري‬ ‫الشكل يبلغ قطره ما يقارب ‪ 26‬مترا ويبلغ‬ ‫ارتفاع احليطان ( ‪ 6.50‬متر) وعرضها (‪3‬أمتار)‬ ‫وقد بنيت باحلجارة الكلسية‪.‬‬ ‫برج الرابطة‪:‬‬ ‫يوجد هذا البرج على بعد حوالي ‪ 500‬متر‬ ‫غربي مدينة تونس على هضبة الرابطة قريبا‬ ‫من برج األندلس أو طاحونة الريح وقد شيد‬ ‫في نفس مكان القصبة األغلبية‪ ،‬وفي العهد‬ ‫احلفصي مت حتويله إلى حصن ولكنه تضرر‬ ‫كثيرا سنة ‪ 1535‬أثناء الصراع العثماني‬ ‫اإلسباني وبقي على حاله تلك طيلة القرن‬ ‫السادس عشر والسابع عشر‪ ،‬ولم يتم‬ ‫ترميمه وإصالحه إال أثناء فترة حكم ابراهيم‬ ‫الشريف وذلك لغاية صد اخلطر اجلزائري آنذاك‬ ‫وهكذا بني برج الرابطة على أنقاض احلصن‬ ‫احلفصي والذي لم يتم اإلنتهاء منه إال أثناء‬ ‫فترة حسني بن علي شأنه في ذلك شأن برج‬ ‫زوارة ولكن أثناء الفتنة الباشية احلسينية‬ ‫بني حسني بن علي وابن أخيه علي باشا فقد‬

‫الدفاع‬ ‫‪106‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫البرج جزءا كبيرا منه سنة ‪ .1735‬ولكن ملا‬ ‫وصل علي باشا إلى احلكم اهتم كثيرا بهذا‬ ‫البرج ورممه وجهزه باملدافع وفي عهد علي‬ ‫باشا األول أخذ البرج وضعه وشكله احلالي‬ ‫الذي هو عليه اآلن‪ .‬فهو تقريبا على شكل‬ ‫مستطيل يبلغ طوله ‪ 28‬متر وعرضه ‪ 26‬متر‬ ‫تنتهي زاواياه األربع ببريج ‪ BASTION‬على‬ ‫شكل دائرة قطرها ‪ 14‬مترا وميكن الدخول‬ ‫إليها بواسطة باب يوجد على حائطه‬ ‫اجلنوبي ويتم العبور إليه بواسطة القنطرة‬ ‫التي متكننا من عبور اخلندق (وقد اندثرت اآلن‬ ‫القنطرة وهدم اخلندق) وميكننا هذا الباب‬ ‫املوجود في وسط احلائط اجلنوبي من الولوج‬ ‫إلى سقيفة مستطيلة الشكل أبعادها‬ ‫‪5‬م*‪ 3.5‬متر مغطاة بواسطة أقبية متقاطعة‬ ‫(‪ )Voutes d’arrets‬تؤدي هذه السقيفة إلى‬ ‫باحة فسيحة‪ ،‬ويبلغ إرتفاع احليطان ‪ 6.60‬متر‬ ‫أما عرضها فهو متغير ففي اجلهة اجلنوبية‬ ‫‪2.30‬متر في اجلهة الشرقية بلغ ‪ 2.50‬متر‪،‬‬ ‫وفي الواجهة الغربية يصل إلى حدود ‪ 5‬أمتار‬ ‫فالبرجني (‪ )BASTIONS‬اجلنوبيني لهما نفس‬ ‫اخلصائص ونفس األبعاد‪ ،‬دائري الشكل ذوي‬ ‫ارتفاع ‪6.60‬متر مجوفني مغطيان بأقبية‬ ‫متقاطعة في أعالهما يوجد جدار حاجز‬ ‫(‪ )parapet‬يبلغ ارتفاعه (‪2.2‬متر) ميثل مكانا‬ ‫ثابتا لوضع املدافع وتوجيه فوهاتها‪ ،‬ومن‬ ‫األرجح أن هذين البرجني استغال في القرن‬ ‫‪ 18‬خلزن البارود وتزويد األبراج األخرى مبا‬ ‫حتتاجه من املادة‪ .‬فبعد أن شيده علي باشا‬ ‫على أنقاض البرج الذي بدأه عمه حسني بن‬ ‫علي وقع هدمه من طرف ابنه يونس باي أثناء‬ ‫ثورته على أبيه وخاصة من اجلهة اجلنوبية‬ ‫الغربية املواجهة لنيران القصبة‪ .‬وهذا ما‬ ‫حدا بعلي باشا إلى تقوية هذه الواجهة وهو‬ ‫ما قام به سنة ‪ 1755 - 1754‬وقد استعمل‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫هذا البرج كثيرا خلزن املواد الغذائية حتى‬ ‫أن ابن ابي الضياف يطلق عليه اسم رابطة‬ ‫احلبوب‪.‬‬ ‫برج باب اخلضراء‪:‬‬ ‫هو أول األبراج التي أمر حمودة باشا‬ ‫ببنائها بعد بناء السور ويقع هذا البرج شرق‬ ‫املدينة شرع في بنائه في ‪ 3‬ربيع األول من‬ ‫سنة ‪1217‬هـ ( ‪4‬جويلية‪.) 1804‬‬ ‫برج صاحب الطابع‪:‬‬ ‫شيد هذا البرج مباشرة بعد برج باب‬ ‫اخلضراء وهو مالصق له وعرف باسم برج‬ ‫صاحب الطابع ألنه هو من تكفل ببنائه من‬ ‫ماله اخلاص بعد أن أشار على حمودة باشا‬ ‫ببنائه لكن محمد العربي زروق عارض ذلك‬ ‫محتجا بعدم لزومه لكن يوسف صاحب‬ ‫الطابع أصر على بنائه وكل ما ينفق عليه‬ ‫يقع تسديده من ماله اخلاص‪ ،‬وأمت بناءه‬ ‫وعمره باملدافع وجميع لوازمه من ماله أيضا‬ ‫ّ‬ ‫وقد أصبح يطلق على هذا البرج فيما بعد‬ ‫برج درب العسال‪.‬‬ ‫برج فليفل‪:‬‬ ‫هذا البرج مت بناؤه من طرف علي باشا‬ ‫احلسيني حوالي سنة ‪1743‬م ‪1156 -‬هـ‬ ‫شمال غربي مدينة تونس على بعض مئات‬ ‫األمتار من برج الرابطة فهو ميكن من مراقبة‬ ‫القصبة من اجلهة الغربية ومنطقة املالسني‬ ‫والطريق الرابطة بني مدينة تونس وباردو‪ ،‬وهو‬ ‫على شكل دائري ينتهي ببرجني نصف دائرين‪.‬‬ ‫يتم الدخول إليه من الباب الوحيد املوجود‬ ‫في الواجهة اجلنوبية وهو يؤدي إلى سقيفة‬ ‫مستطيلة الشكل تؤدي بدورها إلى ساحة‬ ‫أو بهو‪ ،‬فالبرجني ذوي الشكل النصف الدائري‬ ‫بنيا من الطني املدقق مدعمني بحائط دعم‬ ‫من احلجارة الكلسية‪ ،‬أما البرج الدائري‬

‫اجلنوبي الغربي ذو األبعاد التالية ‪ 20‬متر‬ ‫قطر و‪ 7‬أمتار إرتفاع‪ ،‬فهو العنصر األساسي‬ ‫املكون لهذا البرج‪ ،‬مت بناؤه من قبل علي باشا‬ ‫احلسيني ثم وقع ترميمه واإلعتناء به من‬ ‫قبل حمودة باشا احلسيني وفي سنة ‪1830‬‬ ‫وقع جتهيزه بستة مدافع‪.‬‬ ‫برج سيدي يحي السليماني‪:‬‬ ‫هذا البرج يأتي الثالث في ترتيب ابن‬ ‫أبي الضياف ويعرف باسم برج سيدي يحي‬ ‫السليماني ألنه يوجد قرب زاويته وجامعه‪.‬‬ ‫برج سيدي عبد السالم‪:‬‬ ‫يأتي هذا البرج الرابع في ترتيب ابن ابي‬ ‫الضياف ويذكر مصطفى سليمان زبيس أن‬ ‫بناء هذا البرج إنتهى سنة ‪.1802‬‬ ‫برج باب سعدون‪:‬‬ ‫يأتي هذا البرج اخلامس في ترتيب ابن أبي‬ ‫الضياف‪.‬‬ ‫برج باب خالد‪:‬‬ ‫ويأتي هذا البرج السادس في ترتيب ابن‬ ‫ابي الضياف ويعرف أيضا باسم برج سيدي‬ ‫قاسم اجلليزي وذلك لوجوده قرب هذا الولي‬ ‫الصالح‪.‬‬ ‫تعددت األبراج امللحقة بأسوار مدينة‬ ‫تونس أو املتاخمة لها‪ ،‬ومن أهم مكوناتها‬ ‫مخازن املؤن وأعالف اخليل وصهاريج املاء أو‬ ‫اآلبار‪ ،‬وكلها مجهزة باملدافع والذخيرة‪ .‬أما‬ ‫مواد البناء املستعملة في هذه األبراج فهي‬ ‫الطابية وهي مكونة من التراب املرصوص‪،‬‬ ‫وقد يتجاوز سمكها في بعض األحيان عشرة‬ ‫أمتار مما يصعب دكها واختراقها‪ ،‬وقد اتخذت‬ ‫هذه األبراج عدة أشكال ومخططات منها‬ ‫ما هو دائري أو مستطيل أو مثلث أو على‬ ‫شكل جنمة بها عدة زوايا وتشترك كلها في‬ ‫أنها حتتوي على صحن مركزي يوجد حتته‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪107‬‬


‫أما برج طاحونة الريح أو برج زوارة أو برج‬ ‫األندلس فقد أنشأ شمال غربي مدينة تونس‬ ‫مثله مثل برج الرابطة فقد أوكلت له مهمة‬ ‫مراقبة طريق باردو وبنزرت أما برج فليفل‬ ‫فهو يوجد بالقرب من برج الرابطة واألندلس‬ ‫وأوكلت له مهمة مراقبة املدينة من اجلهة‬ ‫الغربية وخاصة منطقة املالسني‪ ،‬كل هذه‬ ‫األبراج وقع إنشاؤها فوق الهضاب خاصة من‬ ‫الناحية الغربية وذلك لتأمني الطرق القادمة‬ ‫من الشمال الغربي وذلك حتسبا للخطر‬ ‫احملتمل من جهة اجلزائر وكل هذه األبراج وقع‬ ‫تزويدها وجتهيزها بوسائل الدفاع كاألسلحة‬ ‫واملدافع وما يتطلبه من العساكر للقيام‬ ‫بذلك‪ ،‬فالعساكر كانت مرابطة بهذه األبراج‬ ‫ألداء مهامها على أكمل وجه‪ ،‬إال أنه وفي عهد‬ ‫حمودة باشا احلسيني‪ ،‬وفي نطاق إصالحاته‬ ‫العسكرية أمر ببناء عدة أبراج أخرى وعمرها‬ ‫باملدافع واجليوش‪ ،‬وتختلف عن التي سبقتها‬ ‫في أنها وجدت في األماكن غير املرتفعة وفي‬ ‫األماكن الشرقية ملدينة تونس‪ ،‬وقد كلف‬ ‫حمودة باشا املهندس(همبر) ببناء العديد من‬ ‫هذه األبراج‬

‫الصهريج أو البئر وحوله املالحق واملرافق‬ ‫ومن اخلارج يحيط بها سور تتخلله كوى‬ ‫للجند املسلحني بالبنادق وأماكن مخصصة‬ ‫ومهيئة ترتكز بها املدافع‪.‬‬ ‫إن هذه اجملموعة من األبراج املوجودة على‬ ‫القمم واملرتفعات ملدينة تونس من الناحية‬ ‫الشمالية والغربية واجلنوبية وجدت باألساس‬ ‫ملراقبة مداخل املدينة‪ ،‬فبرج سيدي بلحسن أو‬ ‫برج علي الرايس يوجد على هضبة اجلالز ويراقب‬ ‫املدخل اجلنوبي للمدينة كذلك برج السيدة‬ ‫املنوبية يوجد على هضبة أو جبل السيدة‬ ‫املنوبية أوكلت له مراقبة مدخل املدينة من‬ ‫اجلهة اجلنوبية الغربية أما برج الرابطة فهو‬ ‫يوجد على هضبة الرابطة على بعد حوالي ‪500‬‬ ‫متر من سور املدينة وبواسطته ميكن مراقبة‬ ‫املداخل الشمالية الغربية للمدينة وخاصة‬ ‫الطريق الرابطة بني باردو ومدينة تونس وقد وقع‬ ‫استعمال هذا البرج كثيرا خلزن احلبوب وتزويد‬ ‫اجليوش مبا حتتاجه من احلبوب واألعالف حتى‬ ‫أن ابن ابي الضياف كان كثيرا ما يطلق عليه‬ ‫رابطة الطعام‪.‬‬

‫املصادر واملراجع‬ ‫‪)1‬ابن أبي الضياف (أحمد)‪ ،‬إحتاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد األمان‪ :‬تونس‪9 ،2004 ،‬أجزاء‪.‬‬ ‫‪)2‬ابن يوسف (محمد الصغير)‪ ،‬املشرع امللكي في سلطنة أوالد علي التركي‪ ،‬تقدمي أحمد الطويلي‪ :‬تونس‪.1980 ،‬‬ ‫‪)3‬اإلمام (رشاد)‪ ،‬سياسة حمودة باشا في تونس‪ :‬تونس‪.1980 ،‬‬ ‫‪)4‬زبيس (سليمان مصطفى)‪ ،‬حول مدينة تونس العتيقة‪ :‬تونس‪.1981 ،‬‬ ‫‪)5‬زبيس (سليمان مصطفى)‪ ،‬آثار الدولة احلسينية بالقطر التونسي‪:‬تونس‪.1955 ،‬‬ ‫‪)6‬أرشيف أمالك الدولة‪ ،‬رسوم وأوقاف األبراج‪ ،‬صندوق ‪.197‬‬ ‫‪)7‬أرشيف أمالك الدولة‪ ،‬دفتر حتبيس حمودة باشا على سور وأبراج احلاضرة‪.‬‬ ‫‪8)Djelloul (Neji), les fortifications côtières ottomans de la régence de Tunis : Zaghouan, 1995, 2 vol.‬‬ ‫‪9)Djelloul (Neji), les fortifications côtières : Tunis 1999.‬‬ ‫‪10)Sebag (Paul), Tunis histoire d’une ville, paris 1998.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪108‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫ابراج مدينة تونس‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪109‬‬


‫المقابر العسكرّية‪:‬‬ ‫إحدى ّ‬ ‫الشواهد‬ ‫للمحافظة‬ ‫على ذاكرة‬

‫تونس"‬ ‫"حملة تونس‬ ‫حملة‬ ‫(‪ 8‬نوفمبر ‪13 -1942‬ماي ‪)1943‬‬

‫تع ّد تونس وريثة ما يزيد عن ثالثة‬ ‫آالف سنة من الّتاريخ‪ ،‬مفترق طريق‬ ‫لعديد الحضارات المتن ّوعة‪ ،‬ولقد كانت‬ ‫للصراعات‬ ‫في مرّات عديدة مسرحا ّ‬ ‫المسلّحة والحروب والمعارك‪.‬‬ ‫خالل القرن العشرين‪ ،‬عاشت‬ ‫تونس وعانت أحداث حربين عالمّيتين‪،‬‬ ‫األولى بين سنتي ‪1918 - 1914‬‬ ‫والّثانية بين سنتي ‪،1943 - 1939‬‬ ‫وتحديدا بين ‪ 8‬نوفمبر ‪ 1942‬و‪13‬‬ ‫ماي ‪ ،1943‬هذه الفترة الّتي يطلق‬ ‫عليها اسم "حملة تونس" والتي‬ ‫تمّثل نقطة تح ّول في سير العملّيات‬ ‫العسكرّية المستقبلّية خالل الحرب‬ ‫العالمّية الّثانية‪.‬‬ ‫الرائد محمد ناجي عاشور‬

‫حتدثنا عن احلرب العامل ّية ال ّثانية‪ ،‬ال يستطيع املرء أالّ يتط ّرق لتونس وأالّ‬ ‫ممّا ال ّ‬ ‫شك فيه‪ ،‬إذا ّ‬ ‫يذكر األحداث التي دارت خالل احلملة على تونس؛ ولقد بقيت جملة هذه ّ‬ ‫الشواهد منتشرة‬ ‫كل مكان وموجودة في ّ‬ ‫في ّ‬ ‫كل الكتابات التي تتع ّلق بهذه احلرب‪ ،‬فعلى الرغم من أ ّن الق ّوات‬ ‫الفرنس ّية املتمركزة في شمال أفريقيا اتّسمت برغبة غير عاد ّية وعنيدة لالنتقام رغم ضعف‬ ‫معداتها‪ ،‬وجدت أمامها اجليوش األملان ّية املد ّربة تدريبا ج ّيدا واملكتسبة خلبرة قتال ّية عالية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومن بني هذه ّ‬ ‫الشواهد نذكر املقابر العسكر ّية والتي حتوي قبور العسكر ّيني املوتى من‬ ‫املدمرة بني ق ّوات احملور واحللفاء الذين تك ّبدوا العديد من‬ ‫جنس ّيات مختلفة نتيجة املواجهات ّ‬ ‫اخلسائر املاد ّية والبشر ّية‪.‬‬ ‫ نتيجة حملة تونس على قوات احملور واحللفاء‬‫*اخلسائر البشرية‬ ‫متّ يوم ‪ 23‬أكتوبر ‪ 1942‬الهجوم على املواقع األملان ّية بالعلمني‪ ،‬وبعد ثالثة أشهر جلأت‬ ‫ق ّوات ‪ Afrika-Korps‬إلى تونس التي حتولت من حكم الفرنسيني لألملان الذين كانوا في حالة‬ ‫فوضى بعد خسارة ّ‬ ‫كل املنطقة‪ ،‬بعد اإلنزال األمريكي في شمال أفريقيا (نوفمبر‪.)1942‬‬ ‫في جانفي ‪ ،1943‬قامت الق ّوات الفرنس ّية" ‪ ، "Division Leclerc‬القادمة من التّشاد‬ ‫السيطرة اإليطال ّية واإلنضمام إلى الق ّوات البريطان ّية‬ ‫باحتالل منطقة الف ّزان من حتت ّ‬

‫الدفاع‬ ‫‪110‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫امتدت على ‪175‬‬ ‫للمشاركة في حترير تونس ليكون يوم ‪13‬ماي‪ 1943‬آخر أ ّيام احلملة التي‬ ‫ّ‬ ‫يوما بالتّمام والكمال وأسفرت عن ‪ 291‬ألف سجني في صفوف احللفاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫موحدة حلصيلة اخلسائر البشر ّية‬ ‫بال ّرجوع إلى العديد من املصادر لم‬ ‫نتمكن من حتديد أرقام ّ‬ ‫بل ّ‬ ‫وتقدم الباحثة ‪( Lillian Craig Harris‬وهي إبنة أحد‬ ‫توصلنا إليه أرقام متقاربة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كل ما ّ‬ ‫الضباط األمريك ّيني الذين شاركوا في هذه احلملة ومولودة بتونس خالل تلك األحداث) التي‬ ‫ّ‬ ‫زارت تونس وأصدرت كتابا سنة‪ 2007‬حول املقابر العسكر ّية البريطان ّية املوجودة بتونس‬ ‫األرقام التالية‪:‬‬ ‫حصيلة اخلسائر البشر ّية حسب ‪Lillian Craig Harris‬‬ ‫الق ّوات العسكرية‬

‫الجرحى‬

‫الفرنس ّية‬

‫‪16180‬‬

‫البريطان ّية‬

‫‪35940‬‬

‫األمريك ّية‬

‫‪18221‬‬

‫اجملمـــــــوع‬

‫‪70341‬‬

‫المفقودين‬ ‫‪21363‬‬

‫الموتى‬ ‫‪10290‬‬

‫تكبدها ‪4eme régiment des tirailleurs tunisiens‬‬ ‫في اجلدول التّالي ذكر للخسائر التي‬ ‫ّ‬ ‫وذلك خالل الفترة من ‪ 10‬جانفي ‪ 1944‬إلى ‪ 22‬ماي ‪ 1945‬هذا الفوج الذي بعث في ‪ 1925‬إلى‬ ‫غاية ‪ 1959‬والذي ساهم في حمالت املغرب من ‪ 1920‬إلى ‪ 1922‬وفي حمالت تونس م ّرتني‪ :‬من‬ ‫‪ 1939‬إلى ‪ ،1940‬ومن ‪ 1942‬إلى ‪.) 1945‬‬ ‫تكبدها ‪4eme régiment des tirailleurs tunisiens‬‬ ‫اخلسائر التي‬ ‫ّ‬ ‫خالل الفترة من ‪ 10‬جانفي ‪ 1944‬إلى ‪ 22‬ماي ‪1945‬‬

‫جنسّيات وأصناف العسكرّيين‬ ‫فرنسا‬

‫أملانيا‬

‫إيطاليا‬

‫العديد‬

‫ضبّاط‬ ‫ضبّاط الصفّ‬ ‫رجال اجليش‬ ‫اجملموع‬ ‫ضبّاط‬ ‫ضبّاط الصفّ‬ ‫رجال اجليش‬ ‫اجملموع‬ ‫ضبّاط‬ ‫ضبّاط الصفّ‬ ‫رجال اجليش‬ ‫اجملموع‬ ‫ضبّاط‬ ‫ضبّاط الصفّ‬ ‫ضبّاط‬ ‫اجملموع العام‬

‫الموتى الجرحى المفقدون حصيلة الخسائر‬ ‫‪11‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪294‬‬ ‫‪342‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪474‬‬ ‫‪575‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪104‬‬ ‫‪854‬‬ ‫‪1009‬‬

‫‪23‬‬ ‫‪175‬‬ ‫‪1525‬‬ ‫‪1723‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪297‬‬ ‫‪336‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪237‬‬ ‫‪1712‬‬ ‫‪1994‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪448‬‬ ‫‪3534‬‬ ‫‪4053‬‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪322‬‬ ‫‪374‬‬ ‫‬‫‬‫‪15‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪434‬‬ ‫‪490‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪771‬‬ ‫‪879‬‬

‫‪45‬‬ ‫‪253‬‬ ‫‪2141‬‬ ‫‪2439‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪398‬‬ ‫‪443‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪347‬‬ ‫‪2620‬‬ ‫‪3059‬‬ ‫‪141‬‬ ‫‪641‬‬ ‫‪5159‬‬ ‫‪5941‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪111‬‬


‫احلامة ‪ 29‬مارس ‪1943‬‬ ‫الد ّبابات في مشارف‬ ‫ّ‬

‫اجلنود البريطان ّيون على ّ‬ ‫خط مارث‬

‫* بروز املقابر العسكرية بتونس والهياكل الراعية لها‬ ‫قبل "حملة تونس" كان املرسوم الفرنسي املؤ ّرخ في ‪ 22‬فيفري ‪ 1940‬املرجع املعتمد‬ ‫ّ‬ ‫خاصة (أو معزولة) في املقابر‬ ‫تخصص لهم مساحات‬ ‫لدفن "املوتى في سبيل فرنسا" والتي‬ ‫ّ‬ ‫البلد ّية ثم تغ ّير هذا املرسوم والذي تاله املرسوم التّونسي املؤ ّرخ في ‪ 30‬ديسمبر ‪ 1943‬الذي‬

‫املقبرة األمريكية بقرطاج‬

‫املقبرة األملانية ببرج السدرية‬

‫املقبرة الفرنسية بقمرت‬

‫الدفاع‬ ‫‪112‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫املقبرة البريطانية بوادي الزرقة‬

‫خاصة ّ‬ ‫بكل "املوتى في سبيل فرنسا" وجتميعهم‬ ‫ينص على تخصيص مساحات منفصلة ّ‬ ‫ّ‬ ‫حسب املعتقدات‪ ،‬وهو ما مي ّثل خصوص ّية نوع ّية جديدة‪ ،‬كما أ ّن احلكومة الفرنس ّية هي‬ ‫تتكفل ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدفن وتهيئة املقابر وحراستها والعناية بها وذلك للفرنس ّيني‬ ‫التي‬ ‫بكل نفقات ّ‬ ‫وحلفائهم؛ وتو ّفر األراضي ال ّالزمة إلحداث أو توسعة املقابر حسب اتّفاق في الغرض‪.‬‬ ‫إن العدد اجلملي للمقابر العسكر ّية بالبالد التونس ّية يصل إلى أربع عشرة؛ ومن خالل‬ ‫اخلاصة "بحملة تونس"‪ ،‬نالحظ أن احلكومة‬ ‫تفحص اجلدول امل ّبني لقائمة املقابر العسكر ّية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكل من‬ ‫ثم تليها احلكومة الفرنس ّية ولها إثنان‪ ،‬كما أ ّن‬ ‫البريطان ّية لها ثمانية مقابر ّ‬ ‫احلكومة األمريك ّية واألملان ّية واحدة فقط؛ في حني أ ّن إيطاليا ليس لها مقبرة عسكر ّية‬ ‫بالبالد التّونس ّية تعود إلى هذه الفترة‪.‬‬ ‫كما يشير اجلدول إلى وجود مقبرتني وقع التخ ّلي عنهما من قبل احلكومة الفرنس ّية‬ ‫الدولة التّونس ّية بعد االستقالل‪ ،‬األولى في ّ‬ ‫حفوز واألخرى في بوعرادة‪.‬‬ ‫لفائدة ّ‬ ‫الصيانة‬ ‫الدفاع الوطني هي املسؤولة ّ‬ ‫إ ّن احلكومة التونس ّية وحتديدا وزارة ّ‬ ‫الدائمة على ّ‬ ‫والتعهد ملقبرتي بوعرادة ّ‬ ‫وحفوز التي أحيلت لها من قبل احلكومة الفرنس ّية وهي كذلك‬ ‫ّ‬ ‫تعنى مبقبرتني عسكر ّيتني وجدتا بعد "حملة تونس"‪ ،‬وهي مقبرة ّ‬ ‫الشهداء ببنزرت ومقبرة‬ ‫ّ‬ ‫الشهداء بالسيجومي‪.‬‬ ‫ويقدم اجلدول التّالي الهياكل األجنب ّية ال ّراعية للمقابر العسكر ّية في تونس وك ّلها‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة األملان ّية التي تنشط في إطار جمع ّياتي بحت (أنظر‬ ‫مؤسسات حكوم ّية ماعدا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلدول)‪.‬‬

‫األعياد واالحتفاالت التذكار ّية‬

‫*االطار القانوني‬ ‫سن القانون الفرنسي املؤ ّرخ في ‪ 25‬أكتوبر ‪1919‬‬ ‫مباشرة إثر احلرب العامل ّية األولى وقع ّ‬ ‫وحدد ليوم ‪ 2‬نوفمبر من‬ ‫بغرض إيجاد يوم وطني عرفانا للموتى من أجل فرنسا وعائالتهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل سنة ليشهد احتفاال وطن ّيا‪ .‬ولقد كان أ ّول احتفال وطني يوم ‪ 2‬نوفمبر ‪ 1934‬وذلك‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪113‬‬


‫الموقع‬

‫الوالية‬

‫البلد األصلي‬

‫عدد القبور‬

‫قرطاج‬

‫(الضاحية الشمال ّية)‬ ‫تونس ّ‬

‫الواليات املتّحدة األمريك ّية‬

‫‪2833‬‬

‫برج السدر ّية‬

‫(الضاحية اجلنوب ّية)‬ ‫تونس ّ‬

‫أملانيا‬

‫‪8562‬‬

‫برج العامري (‪)MASSICAULT‬‬

‫تونس‬

‫بريطانيا‬

‫‪1619‬‬

‫النّفيضة (‪)ENFIDAVILLE‬‬

‫سوسة‬

‫بريطانيا‬

‫‪1551‬‬

‫صفاقس‬

‫صفاقس‬

‫بريطانيا‬

‫‪1253‬‬

‫باجة‬

‫باجة‬

‫بريطانيا‬

‫‪475‬‬

‫مجاز الباب‬

‫باجة‬

‫بريطانيا‬

‫‪2903‬‬

‫وادي ال ّزرقاء‬

‫باجة‬

‫بريطانيا‬

‫‪250‬‬

‫تيبار‬

‫جندوبة‬

‫بريطانيا‬

‫‪99‬‬

‫راس ال ّراجل‬

‫جندوبة (طبرقة)‬

‫بريطانيا‬

‫‪500‬‬

‫قمرت‬ ‫ّ‬

‫تونس‬

‫فرنسا‬

‫‪1875‬‬

‫تكرونة‬

‫سوسة‬

‫فرنسا‬

‫‪235‬‬

‫ّ‬ ‫حفوز (‪)PICHON‬‬

‫القيروان‬

‫فرنسا‬

‫‪317‬‬

‫(‪)TARF ECHENA‬بوعرادة‬

‫سليانة‬

‫فرنسا‬

‫‪442‬‬

‫بحضور مم ّثل الباي احلسيني‪ ،‬املقيم العا ّم‪ ،‬الكاتب العا ّم للحكومة التونس ّية‪ ،‬القائد األعلى‬ ‫للق ّوات الفرنس ّية بتونس‪ ،‬رؤساء البلد ّيات ونائبيهم وكذلك رئيس جمع ّية "‪Le souvenir‬‬ ‫ّ‬ ‫مبؤسسة األرشيف الوطني‬ ‫امللف املتواجد‬ ‫‪( ،"français‬استنادا ملا ورد بالوثيقة عدد ‪ 6‬من‬ ‫ّ‬ ‫عدد‪.)SG2/C62/DOSS6‬‬ ‫الهياكل األجنب ّية ال ّراعية للمقابر العسكر ّية في تونس‬

‫البلد‬ ‫بريطانيا‬

‫‪« Commonwealth War Graves Commission » (C.W.W.C),‬‬ ‫)‪ (I.W.C.C‬الذي خلف » ‪« Imperial War Graves Commission‬‬

‫‪8‬‬

‫فرنسا‬

‫)‪« La Direction de la Mémoire, du Patrimoine et des Archives » (D.M.P.A‬‬

‫‪2‬‬

‫أمريكا‬

‫)‪« American Battle Monuments Commission » (A.M.B.C‬‬

‫‪1‬‬

‫أملانيا‬

‫« ‪)Volksbond Deutsch Kriegsgräberfürsorge » (V.D.K‬‬

‫‪1‬‬

‫« ‪)Commissarato Generle per le Onranze ai Caduti in Guerra » (C.G.O.C.G‬‬

‫‪0‬‬

‫إيطاليا‬

‫الدفاع‬ ‫‪114‬‬

‫الهيكل‬

‫عدد المقابر‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫منذ احلرب العاملية األولى ّ‬ ‫الدفن‬ ‫تنظم للموتى خالل احلرب تشريفات‪ ،‬حيث مت ّر مواكب ّ‬ ‫السلط احملل ّية‪ ،‬كما ّ‬ ‫تنظم احتفاالت خاشعة مبناسبة تشييع جثامني‬ ‫أمام احلامية وبحضور ّ‬ ‫العسكر ّيني الذين طلب ذويهم دفنهم خارج تونس ببلدهم األصلي‪.‬‬ ‫ثم تتالت العديد من التّشريعات الفرنس ّية لتخليد هذه الذكرى على غرار القانون‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسي املؤ ّرخ في ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1922‬وا ّلذي مبوجبه أصبح يوم ‪ 11‬نوفمبر العيد الوطني للنّصر‬ ‫سن‬ ‫واحلر ّيات؛ وأخيرا شهدت سنة‪ّ ،2012‬‬ ‫القانون املؤ ّرخ في ‪ 6‬ديسمبر ليكون يوم‬ ‫‪ 19‬مارس‪ ،‬يوم عيد وطني جديد "لذكرى‬ ‫املوتى العسكر ّيني واملدن ّيني حلرب اجلزائر‬ ‫ومعارك املغرب وتونس"‪.‬‬

‫اخلاصة بالضحايا أمام احلامية‬ ‫التّشريفات‬ ‫ّ‬ ‫(فم تطاوين باجلنوب التونسي)‬ ‫ّ‬

‫الدفاع الوطني‬ ‫*مساهمات وزارة ّ‬ ‫الحياء الذاكرة املشتركة‬ ‫الدفاع الوطني‬ ‫إن مساهمات وزارة ّ‬ ‫عديدة ومختلفة خالل االحتفال‬ ‫عامة‬ ‫بهذه األعياد التذكارية؛ وبصفة ّ‬ ‫يشهد شهر نوفمبر من ّ‬ ‫كل سنة‬ ‫موكب استرداد جثمان بشارع ‪( JULES FERRY‬احلبيب بورقيبة حاليا)‪.‬‬ ‫نشاطا مك ّثفا إلحياء ذكرى ضحايا‬ ‫وخاصة أولئك الذين نالحظ احلضور العسكري الفرنسي والتّونسي واألعداد الغفيرة من املواطنني‬ ‫احلرب العامل ّية ال ّثانية‬ ‫ّ‬ ‫سقطوا خالل"حملة تونس"‪ ،‬وعادة تكون‬ ‫االحتفاالت كاآلتي‪:‬‬ ‫ األحد األ ّول من شهر نوفمبر‪ :‬مقبرة تكرونة (فرنسا)‪.‬‬‫ األحد ال ّثاني من شهر نوفمبر‪ :‬مقبرة النّفيضة (بريطانيا)‪.‬‬‫ األحد ال ّثالث من شهر نوفمبر‪ :‬مقبرة برج السدر ّية (أملانيا)‪.‬‬‫ بخصوص مقبرة قرطاج (الواليات املتّحدة األمريك ّية)‪ :‬وقع استبدال االحتفال بتسجيل‬‫صوتي‪.‬‬ ‫ يوم ‪ 18‬جوان‪ :‬مقبرة تكرونة (فرنسا‪ ،‬اجالال "للجنرال ديغول" مبناسبة خطابه املشهور‬‫يوم ‪ 18‬جوان وا ّلذي ّ‬ ‫بث عبر اإلذاعة البريطان ّية ‪.) .B.B.C‬‬ ‫يتم استدعاء القيادات العسكر ّية‬ ‫ تكون املساهمة بصفة كبيرة ومك ّثفة حيث ّ‬‫كضيوف شرف‪.‬‬ ‫إ ّن اجملهودات املبذولة إلبراز ّ‬ ‫الذاكرة العسكر ّية املشتركة يتج ّلى من خالل االعتناء ا ّلذي‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪115‬‬


‫تشريك جمع ّية قدماء احملاربني التونسيني في مراسم االحتفال‬ ‫بقمرت‬ ‫باملقبرة الفرنس ّية ّ‬

‫تسهر عليه اجلمع ّية الفرنس ّية لقدماء احملاربني بتونس عن طريق الوسائل املمنوحة من قبل‬ ‫وأخص ّ‬ ‫بالذكر‪:‬‬ ‫الدفاع الفرنس ّية واحلرص الدائم لهذه املواقع‪،‬‬ ‫وزارة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتعد ‪ 4190‬قبرا للعسكر ّيني الفرنس ّيني أو ا ّلذين لقوا‬ ‫قمرت‪ :‬متسح ‪ 8‬هكتارات‬ ‫ّ‬ ‫* مقبرة ّ‬ ‫ثم أعيد توظيفها‬ ‫حتفهم اثناء اخلدمة‪ .‬هذه املقبرة التي وقع اعدادها مبناسبة "حملة تونس" ّ‬ ‫خاصة بهم‬ ‫لتجميع كل القتلى الفرنس ّيني واملتواجدين في مقابر تونس ّية في مر ّبعات‬ ‫ّ‬ ‫وا ّلذين شاركوا في مختلف احلمالت الفرنس ّية‪ .‬كما توجد باملقبرة عديد النّصب التذكار ّية متّ‬ ‫(احلمامات‪ ،‬سوسة‪ )…،‬وهي تشهد سنو ّيا عديد‬ ‫جتميعها من أماكن عديدة بالتّراب التونسي‬ ‫ّ‬ ‫االحتفاالت ّ‬ ‫بالذاكرة‪.‬‬ ‫* مقبرة تكرونة‪ :‬على مساحة هكتار جند ‪ 235‬قبرا لعسكر ّيني نصارى‪ ،‬مسلمني ويهود‬ ‫ماتوا خالل املعارك ا ّلتي دارت في منطقة النّفيضة من والية سوسة وذلك ما بني خريف‬ ‫خاصة بالقوات الفرنسية الخاصة وحتتضن سنو ّيا احتفاال‬ ‫‪ 1942‬وربيع ‪ .1943‬هذه املقبرة‬ ‫ّ‬ ‫يوم ‪ 18‬جوان‪.‬‬ ‫وسعيا إلبراز دور هذه املواقع وتوظيفها كناقل للمعلومات التاريخ ّية ميكن إدراجها ضمن‬ ‫مسالك سياح ّية ذات روابط وقواسم مشتركة؛ ال تزال مجهودات كبيرة تبذل في هذا ّ‬ ‫االتاه‬ ‫السياح ّية وال ّثقاف ّية التّونس ّية وإنشاء شبكات تربط عناصر أخرى بهذه‬ ‫لتعزيز املنتوجات ّ‬ ‫املواقع‬

‫الدفاع‬ ‫‪116‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫مراسم االحتفال باملقبرة األملان ّية ببرج السدر ّية‬

‫زيارة لتالمذة املدارس بصحبة مرشد للمقبرة األمريك ّية بقرطاج‬

:‫املصادر واملراجع‬

1-Archives Nationales : Série : SG/sous série : SG2/C.62 /Dos.6/Doc.n°3 2-BARRÉ (Général), Pourquoi les troupes tunisiennes ne sont pas intervenues le 9 novembre 1942, Paris, [s.d] 3-Convention pour la sauvegarde du patrimoine culturel immatériel datée du 17 octobre 2003 et ratifiée par le gouvernement tunisien le 24 juillet 2006. 4-Décret du 30 Décembre 1943, relatif aux sépultures militaires, paru dans le journal officiel tunisien du 5 janvier 1944. 5-Décret du 22 Février 1940, concernant les sépultures militaires, paru dans le journal officiel français du 25 Février 1940. 6-DEROO (Éric), Héros de Tunisie : spahis et tirailleurs d’Ahmed Bey 1er à Lamine Bey 1837-1957, Tunis, CERES Editions, 2005. 7-DOLOT (Général), Les Tombes militaires et le souvenir français en Tunisie 1881-1923, Tunis, imp. G .GUINLE, [s.d]. 8-EGRETAUD (C.), La Campagne de Tunisie : problèmes et controverses, Paris, 1973. 9-HARRIS (L. C.), Cemeteries and memories: the second world war in Tunisia, Oxford, 2007. 10-LABORIE (R.), La guerre par les cartes : 30 cartes concernant l’histoire de la seconde guerre mondiale, Paris, 1948. 11-Photothèque de l’institut supérieur d’histoire de la Tunisie contemporaine ( ancienne appellation : institut supérieur de l’histoire du mouvement national).

‫الدفاع‬ 117

64 ‫العدد‬

2016 ‫جوان‬


‫نجاعة المركز العسكري للّتعليم‬ ‫والمحاكاة لتقنّيات الّتخدير‬ ‫واإلنعاش ّ‬ ‫والطب العملّياتي‬

‫العميد طبيب مصطفى الفرجاني‬

‫على خلفّية العملّيات‬ ‫اإلرهابّية الّتي ج ّدت ببالدنا‬ ‫منذ سنة ‪ ،2012‬اّتخذت‬ ‫اإلدارة العا ّمة للص ّحة‬ ‫العسكرّية العديد من‬ ‫اإلجراءات بهدف تحسين‬ ‫ّ‬ ‫للطاقم‬ ‫األهبة العملّياتّية‬ ‫الطبي و الشبه ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبي وذلك‬ ‫للرفع من مردودّية أداء‬ ‫اإلسناد الص ّحي على الميدان‪.‬‬ ‫من بين اإلجراءات المّتخذة‬ ‫بعث المركز العسكري‬ ‫للّتعليم والمحاكاة لتقنّيات‬ ‫ّ‬ ‫والطب‬ ‫الّتخدير واإلنعاش‬ ‫العملّياتي بالمستشفى العسكري األصلي للّتعليم بتونس في شهر جانفي ‪.2014‬‬ ‫و تتمّثل مه ّمة هذا المركز في تكوين وتأهيل كا ّفة األطراف المتد ّخلة في منظومة‬ ‫اإلسناد الص ّحي من طاقم طبي وشبه ّطبي ومقاتلين ّ‬ ‫كل حسب اختصاصه ومكان تد ّخله‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪118‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫كانت االنطالقة الفعل ّية للعمل بهذا‬ ‫املركز في بداية شهر أفريل ‪ ،2014‬حيث‬ ‫صحة‬ ‫متّت برمجة أ ّول دورة تكوين في إسناد ّ‬ ‫موجه ّ‬ ‫للطاقم‬ ‫مستوى أ ّولي‪ .‬هذا التّكوين‬ ‫ّ‬ ‫الط ّبي وشبه ّ‬ ‫ّ‬ ‫الط ّبي املزمع تشريكه في‬

‫الص ّحي على امليدان‪ .‬هذا‬ ‫مهمة اإلسناد ّ‬ ‫ّ‬ ‫التّكوين كان له األثر امللموس على مردود ّية‬ ‫شجع‬ ‫ومعنو ّيات أفراد ّ‬ ‫الص ّحة على امليدان ممّا ّ‬ ‫املسؤولني على املركز إلى بعث مجاالت‬ ‫تكوين جديدة وعديدة وهي (جدول عدد ‪: )1‬‬

‫صحة مستوى أ ّولي؛‬ ‫ إسناد ّ‬‫ جراحة امليدان اإلستعجال ّية؛‬‫ التّنسيق ّ‬‫الط ّبي؛‬ ‫ املقاتل املسعف ‪ -‬مستوى أ ّولي؛‬‫الص ّحي؛‬ ‫ اإلخالء ّ‬‫صحة مستوى‬ ‫ مك ّون في مجال إسناد ّ‬‫أ ّولي؛‬ ‫ مك ّون في مجال املقاتل املسعف؛‬‫نظرا لإلمكان ّيات احملدودة للمركز من‬ ‫نقص في عدد ّ‬ ‫واملعدات والفضاءات‪،‬‬ ‫املؤطرين‬ ‫ّ‬ ‫وقع تطوير هذه البرامج التّكوين ّية بصفة‬ ‫تدريج ّية مع إعطاء أولو ّية التّكوين‬

‫للمتدخّ لني في املستوى األ ّولي من اإلسناد‬ ‫الص ّحي‪ .‬ومي ّثل التّكوين باحملاكاة القاسم‬ ‫ّ‬ ‫املشترك بني هذه البرامج ا ّلتي تعتبر حال ّيا‬ ‫من أجنع وسائل التّعليم احلديثة‪.‬‬ ‫وقع تقييم أغلب هذه البرامج التّكوين ّية‬ ‫ّ‬ ‫املنظمة‬ ‫من طرف خبراء أجانب (خبير من‬ ‫الص ّحة‬ ‫ّ‬ ‫الدول ّية للصليب األحمر وخبراء من ّ‬ ‫العسكر ّية الفرنس ّية) ا ّلذين صادقوا على‬ ‫أغلبها مع إدخال بعض التّعديالت ّ‬ ‫الطفيفة‪.‬‬ ‫إضافة إلى هذه األنشطة‪ ،‬فإ ّن املركز‬ ‫العسكري للتّعليم واحملاكاة ومبصادقة‬ ‫من اجلمع ّية األوروب ّية لإلنعاش في مجال‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪119‬‬


‫اإلسعافات عند تو ّقف القلب‪ ،‬أصبح مركزا‬ ‫للتّكوين في مجال(‪ )Basic Life Support‬مع‬ ‫منح شهادة تكوين معترف بها دول ّيا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الطب‬ ‫إ ّن برامج التّكوين في مجال‬ ‫العمل ّياتي كان له األثر اإليجابي على قدرات‬ ‫الطبي وشبه ّ‬ ‫الطاقم ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبي ا ّلذين اكتسبوا‬ ‫بذمة املصابني على‬ ‫املزيد من اخلبرات لألخذ ّ‬ ‫عني املكان خالل العمل ّيات اإلرهاب ّية‪ .‬هذا‬ ‫التّكوين كان له نتائج ملموسة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫مكن‬ ‫العسكريي خالل تدخّ ل‬ ‫من إنقاذ العديد من‬ ‫ّ‬ ‫الص ّحة العسكر ّية على امليـدان‪.‬‬ ‫طاقم ّ‬ ‫ونظرا لإلمكان ّيات احملدودة من عدد‬ ‫ّ‬ ‫املؤطرين‪ ،‬ا ّلذين يعملون بصفة غير متف ّرغ‪،‬‬ ‫حتد من‬ ‫ومن‬ ‫املعدات وفضاءات التّدريس ا ّلتي ّ‬ ‫ّ‬ ‫تغط ّية ّ‬ ‫الطلبات املتزايدة واملستم ّرة لتكوين‬ ‫الضروري إيالء‬ ‫املتدخّ لني على امليدان‪ ،‬فإنّه من ّ‬

‫الدفاع‬ ‫‪120‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫معدات‬ ‫الدعم ال ّالزم لهذا املركز من اقتناء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تكوين وتعزيزه باملك ّونني وإيجاد فضاءات‬ ‫أوسع للتّكوين ليتمكن من مواصلة‬ ‫الدعم وتطوير ميادين التّكوين‬ ‫طلب‬ ‫ّ‬ ‫عدة‬ ‫اجلاري بها العمل حال ّيا مع برمجة ّ‬ ‫مجاالت تكوين أخرى‪ ،‬أهمها تكوين اإلطار‬ ‫الطبي وشبه ّ‬ ‫ّ‬ ‫الص ّحي‬ ‫الطبي في اإلسناد ّ‬ ‫متقدم وتكوين اإلطارات ّ‬ ‫الطب ّية‬ ‫مستوى‬ ‫ّ‬ ‫العسكر ّية في ميدان اإلسعافات مستوى‬ ‫متقدم‪ ،‬تكوين املقاتل املسعف في مجال‬ ‫ّ‬ ‫متقدم وتكوين‬ ‫اإلسعاف امليداني مستوى‬ ‫ّ‬ ‫الطبي وشبه ّ‬ ‫اإلطار ّ‬ ‫الطبي للمستشفيات‬ ‫العسكر ّية لل ّرفع من نوع ّية اخلدمات‬ ‫املسداة للمرضى‪ .‬عالوة على تطوير ميادين‬ ‫البحث في مجال ّ‬ ‫الطب العسكري‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫جدول عدد ‪ : 1‬مختلف محاور الّتكوين بالمركـز‬ ‫صنف‬ ‫التّكوين‬

‫العنصر‬ ‫املعني بالتّكوين‬

‫مــدة‬ ‫ّ‬ ‫التّكويـن‬

‫صحة مستوى أ ّولي‬ ‫إسناد ّ‬

‫طاقم طبي أو شبه ط ّبي‬

‫‪ 03‬أ ّيـام‬

‫جراحة ميدان ّية‬

‫طبيب ج ّراح‬

‫يوم ونصف‬

‫التّنسيق ّ‬ ‫الط ّبي‬

‫أط ّباء التّنسيق ّ‬ ‫الط ّبي‬

‫يوم واحد‬

‫املقاتل املسعف مستوى أ ّولي‬

‫عسكري مقاتل‬

‫يومني ونصف‬

‫الص ّحي‬ ‫اإلخالء ّ‬

‫الص ّحي‬ ‫أط ّباء‬ ‫ّ‬ ‫معنيي باإلخالء ّ‬

‫ثالثة أ ّيـام‬

‫صحة مستوى أ ّولي‬ ‫مك ّون إسناد ّ‬

‫طاقم ط ّبي وشبه الط ّبي‬

‫يوميـن‬

‫مك ّون مقاتل مسعف‬

‫طاقم ط ّبي وشبه الط ّبي‬

‫يوميـن‬

‫اإلسعافات األ ّول ّية عند تو ّقف القلب مع استخدام‬ ‫آلة صدامات القلب (‪).B.L.S‬‬

‫طاقم ط ّبي وشبه الط ّبي‬

‫يــوم‬

‫جدول عدد ‪ : 2‬حصيلة عمل المركز منذ انبعاثه إلى مو ّفى سنة ‪2015‬‬ ‫صنف‬ ‫التّكوين‬

‫عـدد‬ ‫دورات التّكوين‬

‫عـدد‬ ‫املتكونني‬

‫صحة مستوى أ ّولي‬ ‫إسناد ّ‬

‫‪51‬‬

‫‪604‬‬

‫جراحة ميدان ّيـة‬

‫‪04‬‬

‫‪30‬‬

‫التّنسيق ّ‬ ‫الط ّبي‬

‫‪10‬‬

‫‪20‬‬

‫املقاتل املسعف مستوى أ ّولي‬

‫‪41‬‬

‫‪2161‬‬

‫الص ّحي‬ ‫اإلخالء ّ‬

‫‪02‬‬

‫‪19‬‬

‫صحة مستوى أ ّولي‬ ‫مك ّون إسناد ّ‬

‫‪03‬‬

‫‪21‬‬

‫مك ّون مقاتل مسعف‬

‫‪10‬‬

‫‪108‬‬

‫اإلسعافات األ ّول ّية عند تو ّقف القلب مع استخدام آلة‬ ‫صدامات القلب‬

‫‪29‬‬

‫‪528‬‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪121‬‬


‫منهجية تحرير المقال الطبي‬

‫املالزم أول محرز الزين‬

‫تتميز املقاالت الطبية مبنهجية مختلفة‬ ‫عند حتريرها وهو ما يتطلب إتباع قواعد‬ ‫ضرورية من اجل إيصال املعلومة الطبية‪ .‬وفي‬ ‫إطار النهوض بقيمة البحوث في اجملال الطبي‬ ‫وخاصة في مجال الصحة العسكرية نظمت‬ ‫اإلدارة العامة للصحة العسكرية درسا يعنى‬ ‫مبنهجيات حترير املقاالت الطبية بالتعاون مع‬ ‫مؤسسة ‪ New Med Publishing‬وقد واكب‬ ‫هذا الدرس املشترك ثلة من اإلطارات الطبية‬ ‫العسكرية واملدنية من تونس ومن دول‬ ‫شقيقة وصديقة على غرار اجلزائر وموريتانيا‬ ‫وفرنسا‪.‬‬ ‫ومن وصايا أهل االختصاص‪ ،‬إتباع جملة من‬ ‫الضوابط والقواعد األساسية التي بها تكتمل‬ ‫بنية املقال أو البحث الطبي‪ ،‬من بينها ضرورة‬ ‫وجود ظاهرة طبية آنية تستوجب البحث‬ ‫والوقوف على أسبابها ومستجداتها وضرورة‬ ‫االستعانة مبراجع ومصادر واضحة وموثوقة‬ ‫إلضفاء املصداقية على البحث وذلك حلساسية‬ ‫اجملال الذي يندرج فيه‪ ،‬ومن الضروري كذلك‬ ‫رسم صورة واضحة لتحديد اإلنتاجات واألهداف‬ ‫املرجوة من هذا البحث واالعتماد في ذلك على‬ ‫كتابة سليمة وسلسة‪.‬‬ ‫هذا واكتسب هذا الدرس أهمية بالغة نظرا‬ ‫وقد اثنت الكفاءات احلاضرة في هذه الدورة للخبراء احلاضرين وما مثلته جتاربهم من فرصة‬ ‫على األهمية القصوى للبحوث الطبية‪ ،‬التي استفادة الدارسني من خبراتهم‬ ‫من شأنها أن ترتقي مبجال الصحة العسكرية‬ ‫وأن تقدم إجابات ولو نسبية لظواهر طبية‬ ‫مستحدثة وحتديد أسبابها ‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر فان البحوث الطبية اليوم حتظى‬ ‫بأهمية بالغة وتعتمد في إعدادها أحدث وسائل‬ ‫البحث‪.‬‬ ‫وقد أكد اخلبراء على وجود عديد املقاييس التي‬ ‫تساعد على حتديد مدى أهمية البحث الطبي‪،‬‬ ‫فباإلضافة إلى املعايير التي ال بد من إتباعها‪ ،‬ال‬ ‫بد أن يقدم املقال أو البحث رؤية واضحة ملشكل‬ ‫أو إشكال طبي بالتحديد والبحث عن أسبابه‬ ‫وهو ما من شانه أن يفضي إلى تصور حلول‬ ‫جذرية أو حتى جزئية لكل إشكال طبي‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪122‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫القوات المسلحة التونسية‬

‫تنظم سباق‬ ‫نصف الماراطون العسكري‬ ‫نظمت القوات املسلحة مبناسبة‬ ‫الذكرى ‪ 60‬إلنبعاث اجليش الوطني‬ ‫سباق نصف املاراطون العسكري‬ ‫وذلك يوم ‪ 8‬ماي ‪ 2016‬بالعاصمة‪.‬‬ ‫وشارك في هذا السباق حوالي‬ ‫عداء بني مدنيني وعسكريني‬ ‫‪ّ 2000‬‬ ‫من تونس ومن منتخبات عسكرية‬ ‫من الدول الشقيقة والصديقة وهي‬ ‫اجلزائر وليبيا واملغرب ومصر وفرنسا‬ ‫وإيطاليا وأملانيا‪.‬‬ ‫وتضمن البرنامج ‪ 4‬سباقات‬ ‫وهي السباق العسكري الدولي‬ ‫مسافة ‪ 21‬كلم وسباق بني املدارس‬ ‫العسكرية ‪ 21‬كلم (ذكور وإناث)‬ ‫وسباق رياضة للجميع على مسافة‬ ‫‪ 21‬كلم مبشاركة اجلمعيات الرياضية‬ ‫العسكرية واملدنية واملشاركات‬ ‫الفردية وقدماء العدائني فضال عن‬ ‫سباق خاص باملعوقني مسافة ‪4‬‬ ‫كلم مبشاركة بعض العسكريني من‬ ‫جرحى العمليات اإلرهابية‪.‬‬ ‫وقد توج املغربي محمد الزياني من‬ ‫اجليش املغربي بامليدالية الذهبية في‬ ‫سباق ‪ 21‬كلم متقدما على مواطنيه‬

‫محمد رضا عرابي وفتحي عبد العزيز‬ ‫بتوقيت ‪ 1‬س ودقيقة و‪ 2‬ثانية‪ ،‬فيما‬ ‫فازت محبوبة بلقاسم من تونس‬ ‫ببطولة سباق نصف املاراطون في‬ ‫صنف السيدات بتوقيت ‪ 1‬س و‪16‬‬ ‫دقيقة و‪ 34‬ثانية‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إلى أن التوقيت‬ ‫املسجل في هذه املسابقة يعتبر‬ ‫توقيتا ممتازا خملتلف العدائني املتوجني‬ ‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪123‬‬


‫دورة األلعاب العالمية‬ ‫العسكرية السادسة‬ ‫كوريا ‪2015‬‬ ‫العقيد طارق ترجت‬

‫ألعاب القوى‬

‫املالكمة‬

‫التايكواندو‬

‫شعار الدورة‬ ‫املصارعة‬

‫اجلودو‬

‫الرماية‬

‫تعتبر دورة األلعاب العاملية العسكرية أهم تظاهرة رياضية دولية بعد األلعاب‬ ‫األوملبية من حيث املستوى الفني وعدد املشاركني مع تواجد األبطال األوملبيني‬ ‫في الرياضات الفردية في مختلف اإلختصاصات‪ .‬حيث سجلت حضور ‪8770‬‬ ‫مشارك من بينهم ‪ 2785‬جندي مدعو (متّ جتنيدهم بصفة إستثنائية من طرف‬ ‫البلدان املشاركة ألهمية هذه التظاهرة) من أصل ‪ 4777‬رياضي تابعني لـ‪120‬‬ ‫بلدا في ‪ 24‬إختصاص رياضي‪.‬‬ ‫شارك الوفد العسكري التونسي في دورة األلعاب العاملية العسكرية‬ ‫السادسة‪ ،‬من ‪ 02‬إلى ‪ 11‬أكتوبر ‪ ،2015‬بوفد متكون من ‪ 42‬فردا من بينهم‬ ‫‪ 22‬رياضي عسكري ذكور‪ ،‬ينتمون إلى ّ‬ ‫ست رياضات عسكرية مستهدفة هي‬ ‫املالكمة واملصارعة والتايكواندو والرماية وألعاب القوى واجلودو‪.‬‬ ‫وقد شهدت مدينة ‪ mung yeng‬حفل إفتتاح هذه األلعاب التي تدور حتت‬ ‫إشراف اجمللس الدولي للرياضة العسكرية‪.‬‬ ‫الدفاع‬ ‫‪124‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫شعارها "الصداقة عبر الرياضة" ويضم ‪ 134‬دولة‪ ،‬وترأسه ملدة ‪ 8‬سنوات الفريق محمد‬ ‫الصالح املقدم (‪.)1986 - 1979‬‬ ‫إنخرطت القوات املسلحة التونسية منذ سنة ‪ 1961‬ضمن اإلحتاد الدولي للرياضي‬ ‫العسكرية‪ ،‬وحتتل تونس املرتبة ‪ 41‬في تصنيف اإلحتاد الدولي للرياضة العسكرية‬ ‫(السادسة عربيا)‪ ،‬إثر حصول الوفد العسكري التونسي على ‪ 15‬ميدالية (‪ 5‬ذهبية‪4 ،‬‬ ‫فضية‪ 6 ،‬برنزية) خالل جميع مشاركاته في دورات األلعاب العاملية العسكرية منذ ‪.1995‬‬ ‫وفيما يلي حصيلة النتائج املسجلة في الدورات اخلمس السابقة‪،‬‬ ‫ الدورة األولى‪ :‬صفر ميدالية‪ ،‬املرتبة األخيرة‪ ،‬سنة ‪ 1995‬بروما "إيطاليا"‪.‬‬‫ الدورة الثانية‪ 2 :‬ميداليات (‪ 1‬ذهب‪ 1 ،‬برنزية)‪ ،‬املرتبة ‪ 50 / 28‬دولة‪ ،‬سنة ‪1999‬‬‫بزغرب "كرواتيا"‪.‬‬ ‫ الدورة الثالثة‪ 3 :‬ميداليات (‪1‬ذهب‪ 2 ،‬برنزية)‪ ،‬املرتبة ‪ 50 / 24‬دولة‪ ،‬سنة ‪2003‬‬‫كاتانيا "إيطاليا"‪.‬‬ ‫ الدورة الرابعة‪ 2 :‬ميداليتني (‪1‬فضة‪1،‬برنزية)‪ ،‬املرتبة ‪ 49 / 39‬دولة‪ ،‬سنة ‪2007‬‬‫هيدرباد "الهند"‪.‬‬ ‫ الدورة اخلامسة‪ 4 :‬ميداليات (‪ 3‬فضة‪1،‬برنزية)‪ ،‬املرتبة ‪ 57 / 41‬دولة‪ ،‬سنة ‪2011‬‬‫برييو دي جانيرو"البرازيل"‪.‬‬ ‫وقد حقق الرياضيون العسكريون نتيجة مشرفة‬ ‫جدا و ببلوغهم املرتبة الـ‪ 18‬في الترتيب اجلماعي‬ ‫للفرق والثالثة إفريقيا‪ ،‬والتتويج بأربع ميداليات‪،‬‬ ‫‪ 3‬ذهبية عن طريق كل من اجلندي أول حسان‬ ‫الشقطمي في املالكمة وزن ‪ 91‬كغ واجلندي مدعو‬ ‫أسامة الوسالتي في التايكواندو واجلندي مدعو‬ ‫عمر بن يحيى في ألعاب القوى فيما أتت امليدالية‬ ‫البرنزية عن طريق اجلندي متطوع فرج الذويبي‬ ‫وهي حصيلة حتقق ألول م ّرة في تاريخ املشاركات‬ ‫العسكرية منذ املشاركة األولى سنة ‪:1995‬‬ ‫وفيما يلي احلصيلة اجلملية للنتائج احملققة في الست إختصاصات رياضية التي شارك‬ ‫فيها املنتخب العسكري التونسي‪.‬‬ ‫‪ -1‬املالكمة‪:‬‬ ‫النتيجة احملققة‬

‫الرياضة‬

‫اإلسم واللقب‬

‫املالحظات‬

‫ املرتبة السادسة ترتيب جماعي من مجموع ‪ 40‬بلد مشارك‬‫ شارك الوفد التونسي بسبعة مالكمني من ضمن ‪ 172‬مالكم في ‪ 10‬أوزان‬‫ذهبية‬

‫وزن ‪ 91‬كلغ‬

‫اجلندي أول حسان الشقطمي‬

‫¼ نهائي‬

‫وزن ‪ 64‬كلغ‬

‫اجلندي مدعو أحمد املاجري‬

‫¼ نهائي‬

‫وزن ‪ 81‬كلغ‬

‫اجلندي متطوع وجدي الفاسي‬

‫¼ نهائي‬

‫وزن ‪ 56‬كلغ‬

‫اجلندي مدعو بالل احملمدي‬

‫¼ نهائي‬

‫وزن ‪ 91 +‬كلغ‬

‫اجلندي أول أمين الطرابلسي‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫بطل إفريقيا لسنة ‪ ،2015‬لم‬ ‫تتم دعوته للمنتخب الوطني‬ ‫ينتمي للمنتخب الوطني‬ ‫‬‫ينتمي للمنتخب الوطني‬ ‫‪-‬‬

‫الدفاع‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪125‬‬


‫‪ -2‬ألعاب القوى‪:‬‬ ‫الرياضة‬

‫النتيجة احملققة‬

‫املالحظات‬

‫اإلسم واللقب‬

‫ املرتبة الثانية عشر ترتيب جماعي من مجموع ‪ 71‬بلد مشارك‬‫ شارك الوفد التونسي بثالثة عدائني من ضمن ‪ 514‬رياضي‬‫‪ 3000‬م موانع‬

‫ذهبية‬

‫اجلندي عمر بن يحي‬

‫عضو باملنتخب األوملبي‬

‫‪ -3‬التايكواندو‪:‬‬ ‫النتيجة احملققة‬

‫الرياضة‬

‫املالحظات‬

‫اإلسم واللقب‬

‫ املرتبة الثامنة ترتيب جماعي من مجموع ‪ 41‬بلد مشارك‬‫ شارك الوفد التونسي بأربعة رياضيني من ضمن ‪ 229‬رياضي‬‫ذهبية‬

‫وزن(‪ 80)-‬كلغ‬

‫اجلندي أسامة الوسالتي‬

‫¼ نهائي‬

‫وزن ‪ 63‬كلغ‬

‫الرقيب وحيد البريكي‬

‫مترشح لأللعاب األوملبية ‪2016‬‬ ‫ينتمي للمنتخب الوطني‬

‫‪ -4‬اجلودو‪:‬‬ ‫الرياضة‬

‫امليدالية‬

‫املالحظات‬

‫اإلسم واللقب‬

‫ املرتبة اخلامسة عشر ترتيب جماعي من مجموع ‪ 56‬بلد مشارك‬‫ شارك الوفد التونسي بأربعة رياضيني من ضمن ‪ 257‬رياضي‬‫برنزية‬

‫وزن أقل من ‪ 60‬كلغ‬

‫اجلندي متطوع فرج الذويبي‬

‫منتمي للمنتخب الوطني ومتحصل‬ ‫على امليدالية البرنزية في األلعاب‬ ‫اإلفريقية بالكونغو برازفيل أكتوبر ‪2015‬‬

‫نهائي ¼‬

‫وزن أقل من ‪ 81‬كلغ‬

‫اجلندي عبد العزيز بن عمار‬

‫منتمي للمنتخب الوطني‬

‫‪ -5‬الرماية‪:‬‬ ‫ املرتبة الثانية والعشرون ترتيب جماعي من مجموع ‪ 53‬بلد‬‫مشارك‪.‬‬ ‫ شارك الوفد التونسي بثالثة رماة من ضمن ‪ 413‬رياضي‬‫‪ -6‬املصارعة‪:‬‬ ‫ شارك الوفد التونسي مبصارع واحد من بني ‪ 203‬مصارع‬‫منتمني إلى ‪ 36‬بلد‪ ،‬إنسحب في الدور األول ويذكر أن األلعاب‬ ‫العاملية العسكرية تدور حتت رعاية اجمللس الدولي للرياضة‬ ‫العسكرية والذي مت تأسيسه سنة ‪ 1948‬ومقره بروكسيل‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪126‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫الترتيب الجماعي للمنتخبات المشاركة (الـــــ‪ 27‬األوائل)‬ ‫الترتيب‬ ‫النهائي‬

‫البلد‬

‫مجموع امليداليات‬ ‫عدد الرياضيني‬ ‫مجموع امليداليات حسب‬ ‫اجملموع‬ ‫املشاركني‬ ‫املعدن‬ ‫العام للميداليات‬ ‫فضة برنز‬ ‫ذهب‬

‫‪1‬‬

‫روسيا‬

‫‪59‬‬

‫‪43‬‬

‫‪33‬‬

‫‪135‬‬

‫‪217‬‬

‫‪2‬‬

‫البرازيل‬

‫‪34‬‬

‫‪26‬‬

‫‪24‬‬

‫‪84‬‬

‫‪281‬‬

‫‪3‬‬

‫الصني‬

‫‪32‬‬

‫‪31‬‬

‫‪35‬‬

‫‪98‬‬

‫‪222‬‬

‫‪4‬‬

‫كوريا‬

‫‪19‬‬

‫‪15‬‬

‫‪25‬‬

‫‪59‬‬

‫‪266‬‬

‫‪5‬‬

‫بولونيا‬

‫‪10‬‬

‫‪13‬‬

‫‪19‬‬

‫‪42‬‬

‫‪122‬‬

‫‪6‬‬

‫فرنسا‬

‫‪9‬‬

‫‪9‬‬

‫‪11‬‬

‫‪29‬‬

‫‪172‬‬

‫‪7‬‬

‫أملانيا‬

‫‪8‬‬

‫‪10‬‬

‫‪15‬‬

‫‪33‬‬

‫‪184‬‬

‫‪8‬‬

‫البحرين‬

‫‪7‬‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫‪13‬‬

‫‪80‬‬

‫‪9‬‬

‫إيطاليا‬

‫‪5‬‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫‪28‬‬

‫‪82‬‬

‫‪10‬‬

‫أكرانيا‬

‫‪5‬‬

‫‪9‬‬

‫‪12‬‬

‫‪26‬‬

‫‪65‬‬

‫‪11‬‬

‫مصر‬

‫‪4‬‬

‫‪4‬‬

‫‪6‬‬

‫‪14‬‬

‫‪85‬‬

‫‪12‬‬

‫كازاخستان‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪6‬‬

‫‪13‬‬

‫‪55‬‬

‫‪13‬‬

‫اجلزائر‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪9‬‬

‫‪50‬‬

‫‪14‬‬

‫النرويج‬

‫‪4‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪6‬‬

‫‪43‬‬

‫‪15‬‬

‫إيران‬

‫‪3‬‬

‫‪10‬‬

‫‪15‬‬

‫‪28‬‬

‫‪80‬‬

‫‪16‬‬

‫منقوليا‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪6‬‬

‫‪13‬‬

‫‪59‬‬

‫‪17‬‬

‫تشيكيا‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪6‬‬

‫‪24‬‬

‫‪18‬‬

‫تونس‬

‫‪3‬‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪4‬‬

‫‪22‬‬

‫‪19‬‬

‫أذر بدجان‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫‪6‬‬

‫‪12‬‬

‫‪32‬‬

‫‪20‬‬

‫كينيا‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫‪4‬‬

‫‪10‬‬

‫‪64‬‬

‫‪21‬‬

‫فنلندا‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫‪1‬‬

‫‪7‬‬

‫‪43‬‬

‫‪21‬‬

‫النمسا‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪7‬‬

‫‪22‬‬

‫‪23‬‬

‫سويسرا‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪6‬‬

‫‪42‬‬

‫‪24‬‬

‫الواليات املتحدة‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪6‬‬

‫‪157‬‬

‫‪25‬‬

‫بلجيكا‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪5‬‬

‫‪17‬‬

‫‪26‬‬

‫السويد‬

‫‪2‬‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫‪65‬‬

‫‪27‬‬

‫السعودية‬

‫‪2‬‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪33‬‬

‫‪0‬‬

‫املرجع‪ :‬بوابة األلعاب العاملية العسكرية السادسة كوريا ‪)Korea 2015 mwg org( 2015‬‬ ‫مالحظة‪ - :‬متّ ترتيب الفرق حسب مجموع امليداليات املتحصل عليها في جميع األصناف (إناث‪ ،‬ذكور‪،‬‬ ‫مزدوج)‪.‬‬ ‫‪ 55‬بلد فقط حتصل على ميداليات من أصل ‪ 120‬بلد مشارك‪.‬‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪127‬‬


‫سحر الصحراء‬ ‫عندما يسدل الليل ستاره على الربوع الصحراوية تنعدم رؤية البدوي لكل ما‬ ‫كان يشغل يومه ويؤثث حياته من أعباء التنقل والرعي والكدح الدؤوب‪ ،‬وتختبئ‬ ‫كل المناظر المألوفة لديه في وضح النهار ليحل محلها الظالم الحالك من حوله‬ ‫والسكون المريح إال من نباح كلب هنا أو عواء هناك لذئب ال يجرؤ على االقتراب‪ ،‬أو‬ ‫صرير صرصار يعطي الليل نكهته الصحراوية ويصمت فتبقى بعض التكتكة ألعواد‬ ‫الحطب في النار التي منها دفؤه وحمايته من الحشرات و طمأنته من وحوش‬ ‫البرية‪ .‬يفترش البدوي األرض ويلتحف السماء المزينة بالنجوم‪ ، 1‬فيبوح لها بما في‬ ‫خاطره ويسقط عليها صور بيئته األرضية المعهودة لديه والتي تمثل كل تفاصيل‬ ‫حياته البدوية‪ .‬يصور فيها كوكبات النجوم على شاكلة األشياء التي كونت المخيال‬ ‫البدوي العام عبر تاريخ الحضارات اإلنسانية التي نشأت وتكونت وازدهرت في الصحراء‬ ‫وتركت اإلرث الحضاري الضخم والذي يرجع في معظمه إلى البدوي العربي‪.‬‬ ‫العميد سالم الطريقي‬

‫فعن طريق التقاليد الشفوية مثل‬ ‫الشعر والزجل الذي كتبه ليتذكر به كل ما‬ ‫يحتاجه من السدمي في السماء ليتحصل‬ ‫على أحسن مردود في األرض‪ ،‬تعلم البدوي‬ ‫أن القمر يؤثر ليس فقط على املد واجلزر‬ ‫واملياه‪ ،‬بل كذلك على التربة والنباتات‪ ،‬وأن‬ ‫القمر في أبراج معينة‪ ،‬له تأثير فعال على‬ ‫نوعية وكمية املنتجات الزراعية على النسغ‬ ‫والطعم واللون في مناطق مختلفة من‬ ‫النبات‪ ،‬سواء كان ذلك في اجلذور أو األوراق أو‬ ‫األزهار أو الفاكهة‪.‬‬ ‫صنف البدوي العربي الكوكبات التي‬ ‫ترى في السماء كما تخيلها‪ ،‬فحدد‬ ‫أماكن الكواكب القارة ليستدل بها عابرا‬ ‫والصحارى في أسفارهم والبحارة في‬ ‫املالحة‪ ،‬وأصبحت أرصادا يوظفها الفلكيون‬ ‫في مختلف تنبؤاتهم وعديد أرصادهم‬ ‫متنوعة في الصناعة والفالحة والوقت‬ ‫احملدد للزراعة‪ ،‬والتسميد واحلصاد وحتى‬ ‫الزواج والطالق والتجارة واحلرب والسلم‬

‫الدفاع‬ ‫‪128‬‬

‫ولصنع املربى والعصائر والعطور الطيبة‬ ‫والتداوي والعالج بالطب واجلراحة‪.‬‬ ‫كانت الكواكب واجملرات معروفة جيدا‬ ‫عند ال ّرحل الذين يجوبون الصحارى والقفار‬ ‫والبحارة الذين ميخرون احمليطات والبحار‪،‬‬ ‫فالسماء الصافية متثل لهم خارطة يقرؤون‬ ‫أشكالها ويفهمون أسرارها حني يذهب ضوء‬ ‫النهار و يحل ظالم الليل و يستحيل وجود‬ ‫دليل مرئي يوجههم و ينير لهم السبيل‪.‬‬ ‫إن تلك املعرفة التجريبية كانت لكثير‬ ‫من الشعوب تقليدا شفويا تتناقله األجيال‬ ‫حتى يتحسسون طريقهم ويتعرفون على‬ ‫األشكال الفلكية املبشرة باملواسم‪ .‬وكان‬ ‫للعرب في عصر اجلاهلية تقوميا قمريا يدعى‬ ‫"األنواء" ينبئ مبواسم املطر وعدة تنبؤات‬ ‫أخرى‪ .‬وكان أدب األنواء يرتكز على عادات‬ ‫وتقاليد البدو من األعراب‪ .‬وفي القرن احلادي‬ ‫عشر ذكر عدد ثمان وعشرين ‪ 28‬موقعا للقمر‬ ‫بأسماء عربية وغيرها أشير إليها ب"منازل‬

‫("إنا زينا السماء الدنيا مبصابيح" قرأن كرمي‪ ،‬سورة امللك)‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫القمر"‪ .‬فقام العلماء املسلمون األوائل‬ ‫بخطوة كبيرة إلى األمام من خالل دحض‬ ‫األساطير الوثنية وإزالتها وخلق مفهوم‬ ‫جديد يقوم على احلسابات العلمية‬ ‫لنقل املعلومات في إطار متماسك‪ .‬كما‬ ‫حسنوا من األدوات التي حتمل البيانات‬ ‫خالل القرون الثالثة األولى من العصر‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬مثل اإلسطرالب الذي كرس‬ ‫وجسد املفاهيم النظرية والعملية مثل‬ ‫حساب الوقت‪ ،‬ووضع اإلحداثيات للمالحة‬ ‫وحتديد وجهة القبلة (االجتاه للصالة)‬ ‫واتباع املواسم املتتالية‪.‬‬ ‫وقد ظهرت أسماء قدمية جدا ً للنجوم‬ ‫بني الناس الذين يعيشون في شبه اجلزيرة‬ ‫العربية منذ أكثر من ألف وخمسمائة‬ ‫سنة‪ ،‬وذلك قبل ظهور اإلسالم‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫نشأت العديد من أسماء النجوم في‬ ‫التاريخ وترجمت بعض األوصاف من اللغة‬ ‫اليونانية القدمية‪ .‬جمع الفلكي كالوديوس‬ ‫بطليموس (الذي عاش قبل نحو ‪ 2000‬سنة‬ ‫في اإلسكندرية‪ -‬مصر) أوصافا ً لـ‪ 1025‬جنما‬ ‫في كتاب يُسمى "النظام األكبر في علم‬ ‫الفلك" والذي نُشر حوالي عام ‪150‬م‪ .‬وتُرجم‬ ‫كتاب بطليموس إلى اللغة العربية خالل‬ ‫القرنني الثامن والتاسع امليالد ّيني‪ ،‬واشتهر‬ ‫بعد ذلك باسمه اخملتصر الذي أطلقه عليه‬ ‫العرب "اجملسطي"‪.‬‬ ‫واكتشف الفلك ّيون املسلمون الحقاً‪،‬‬ ‫العديد من النجوم اجلديدة بواسطة الرصد‬ ‫ّ‬ ‫أهمها‬ ‫ولعل‬ ‫املتواصل‪ .‬أصدرت عديد الكتب‬ ‫ّ‬ ‫كتاب "صور الكواكب الثمانية واألربعني"‬ ‫في علم الفلك والذي وضعه عبد الرحمن‬ ‫بن عمر الصوفي (املعروف باسم ‪Azophi‬‬ ‫في الغرب)‪ ،‬في القرن الرابع الهجري (القرن‬

‫العاشر امليالدي) وتابعته بعد ذلك ابنته‬ ‫"أرجوزة بنت الصوفي" والذي حتدث عن‬ ‫الكويكبات التي تخيلها العرب القدامى‬ ‫والتي بلغ عددها ‪ ،48‬ويَصف الكتاب مواقع‬ ‫النجوم في الكوكبا ت وأقدار ملعانها (حيث‬ ‫كان القدماء يُصنفون النجوم ضمن ستة‬ ‫أقدار حسب ملعانها‪ ،‬وكانوا مضطرين لتقدير‬ ‫اللمعان بسبب عدم توفر أدوات قياس دقيقة‬ ‫وقدم شرحا ً شامالً جلميع‬ ‫كاملتوفرة حالياً) ّ‬ ‫تضمن صفاتها‬ ‫النجوم عبر أرصاده اخلاصة‪ ،‬و‬ ‫ّ‬ ‫ومواقعها وألوانها وأقدارها (القدر هو وحدة‬ ‫تُستخدم منذ القدم لقياس سطوع األجرام‬ ‫السماوية)‪.‬‬ ‫وقد مت نسخ العديد من أسماء النجوم‬ ‫القدمية أو ترجمتها بشكل غير صحيح من‬ ‫قبل كتب مختلفة‪ ،‬في أروبا خالل العصور‬ ‫الوسطى وبعضهم ال يعرف اللغة العربية‬ ‫جيداً‪ .‬ونتيجة لذلك ف ُيمكن أن يكون اسم‬ ‫النجم معقدا ً أو مح ّرفاً‪.‬‬ ‫و قال ريتشارد ألن في كتابه املهم للغاية‬ ‫"أسماء النجوم تقاليدها ومعانيها"‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪129‬‬


‫جنما كشف أن ‪ 175‬اسما (أي بنسبة ‪)70٪‬‬ ‫هي العربية و‪ 47‬إسم أي بنسبة ‪ 19٪‬هي‬ ‫يونانية أو التينية فثلثي األسماء الشائعة‬ ‫من النجوم املسجلة في قوائم الفلك‬ ‫العاملية لها أصل عربي‪ ،‬ولكن اخمليال الذي‬ ‫أتى بتلك األسماء كلها يتم جتاهله متاما‬ ‫من طرف الذين يستخدمونها في جميع‬ ‫أنحاء العالم‪ ،‬مبا في ذلك العرب أنفسهم‪.‬‬ ‫فمن جملة ثمانية وثمانني برجا من‬ ‫األبراج التي نستخدمها‪ ،‬ثمانية وأربعون‬ ‫كانت موجودة بالفعل في زمن اإلغريق الذين‬

‫(‪ )1899‬أن األسماء األوروبية للنجوم جاءت‬ ‫أساسا من عند العرب و‬ ‫استنتج ألني‪ ،‬الذي‬ ‫ليس لديه فهم‬ ‫حقيقي للغة‬ ‫العربية‪ ،‬أن‬ ‫العديد من‬ ‫ا أل سما ء‬ ‫ا لعـــــر بية‬ ‫للنجوم كانت‬ ‫ترجمات‬ ‫فعال‬ ‫الكرة السماوية‬ ‫املصطلحــــات الوصفية‬ ‫اإلسالمية‪1630 ،‬‬ ‫اليونانيـــة التي انتقلت عن طريق اللغة‬ ‫‪2‬‬ ‫العربية إلى الالتينية (ومن اللغة الالتينية‬ ‫إلى اللغة اإلجنليزية وغيرها من اللغات)‪.‬‬ ‫عندما قام اللغوي ‪ Pei Mario‬مبراجعة ‪183‬‬ ‫اسما من األسماء االجنليزية للنجوم خلص‬ ‫إلى أن ‪ 125‬اسما كانوا من اللغة العربـية‪،‬‬ ‫و‪ 9‬كانوا من العربية‪-‬الالتينية‪.‬‬ ‫كما قام بول كونيتش وتيم سمارت في‬ ‫(معجم األسماء احلديثة للنجوم ‪ ،2006‬كانوا أنفسهم يدينون بنصفهم للبابليني‪،‬‬ ‫صفحة ‪ )11‬بتحليل إحصائي ألسماء ‪ 254‬مبا في ذلك ‪ 12‬برجا من دائرة البروج‪ .‬أما‬

‫الدفاع‬ ‫‪130‬‬

‫‪Story of the English Language by Mario Pei (1967; Page 225).‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫بالنسبة إلى النجوم‪ ،‬الثلثني لديهما اسما من تسليط الضوء على املوروث املشترك من‬ ‫عربيا‪ ،‬مثل الدبران‪ ،‬ويد اجلوزاء وغيرها‪ .‬التي التراث الثقافي الذي أسهمت فيه جميع‬ ‫احلضارات على ضفتي املتوسط‪.‬‬

‫مجرد ذكرها واستحضار صورها السماوية‪،‬‬ ‫والثروة الهائلة من األساطير التي حتكيها‬ ‫والكم الرائع من شحنات السحر اخلالب‬ ‫الذي يالزمها‪ ،‬يأخذ اخلاطر في سفر رائع‬ ‫عبر سماء الصحراء الكتشاف إبداع اخليال‬ ‫العربي‪ ،‬فالناقة موجودة و"الدليل" الذي‬ ‫يأخذ مكان الدب األكبر‪ ،‬ويتزوج ببنات الليل‬ ‫(الثريا) و"أوريون" او املشبوه أو "املصلوب"‪،‬‬ ‫ذلك اآلثم من شعب ثمود الذي قتل ناقة‬ ‫النبي صالح‪ ،‬فذلك اخليال اخلصب يتحدث‬ ‫إلى القلب من وراء حدود الزمان واملكان‪ّ ،‬‬ ‫وميكن‬

‫هكذا قدم البدوي العربي للبشرية علما‬ ‫عظيما خ ّلد فيه بصمته طوال السنني رغم‬ ‫التحريفات العديدة التي استهدفت أسماء‬ ‫النجوم والكواكب واجملرات التي أسقط‬ ‫عليها عامله الصحراوي الشيق فعلم الفلك‬ ‫من أوائل العلوم التي نشأت في فجر التاريخ‪،‬‬ ‫وهو علم يهتم مبراقبة ودراسة األحداث‬ ‫التي تقع خارج الكرة األرضية وغالفها‬ ‫اجلوي‪ ،‬والتنبؤ بالظواهر الفلكية‪ .‬ويدرس‬ ‫بدايات األجسام التي ميكن مراقبتها في‬ ‫السماء‪ ،‬وتطورها وخصائصها الفيزيائية‬ ‫والكيميائية‪ ،‬واألحداث املرافقة لها وكان‬ ‫اإلنسان األول قد شغل تفكيره باحلركة‬ ‫الظاهرية املتكررة للشمس والقمر وتتابع‬ ‫الليل‪ ،‬حيث يظهر الظالم وتظهر النجوم‪،‬‬ ‫يتبعه النهار لتتوارى في نوره‬

‫املراجع‪:‬‬ ‫‪"Richard Hinckley Allen: " Star Names,Their Lore and Meaning‬‬ ‫‪".)Story of the English Language" by Mario Pei (1967; Page 225‬‬ ‫«‪Le bestiaire du désert dans le ciel arabe » Roland Laffitte‬‬ ‫ كتاب "صورالكواكب الثمانية واألربعني"في علم الفلك والذي وضعه عبد الرحمن بن عمر الصوفي(املعروف باسم ‪ ) Azophi‬في القرن‬‫الرابع الهجري‬

‫الدفاع‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪131‬‬


‫جديد تعاونية الجيش الوطني‬ ‫ابتداء من ‪ 1‬أوت ‪ 1987‬أصبحت تسمى تعاونية اجليش الوطني‪ .‬ويوجد مقرها حاليا‬ ‫بالقاعدة العسكرية بالعوينة ويديرها مجلس إدارة يتكون من رئيس و‪ 7‬أعضاء‪ .‬وتعقد‬ ‫مداوالت اجمللس مبعدل أربعة مرات في السنة وال تصيح قراراته نافذة املقعول إال بعد مصادقة‬ ‫السيد وزير الدفاع الوطني‪.‬‬ ‫أهم اخلدمات ‬ ‫عدة خدمات لفائدة وعائالتهم في اجملاالت‬ ‫وتسهر تعاونية اجليش الوطني على توفير ّ‬ ‫التالية ‪:‬‬ ‫ املنح‪:‬‬‫والدة‪ ،‬دروس خصوصية‪ ،‬جائزة الناجحني في الباكالوريا‪ ،‬جائزة املتفوقني في التعليم‬ ‫العالي‪ ،‬السكن اجلامعي‪ ،‬انتهاء اخلدمة العسكرية‪ ،‬الوفاة والدفن‪.‬‬ ‫ كما تساهم في تغطية بعض مصاريف العالج الطبي‪:‬‬‫نظارات أو عدسات طبية‪ ،‬تركيب أسنان ثابتة بديلة‪ ،‬آلة السمع البديلة لفائدة العسكري‬ ‫املنخرط‪ ،‬القرين غير املطلق أو األبناء‪ ،‬واملساهمة في مصاريف التخصيب اإلصطناعي‪.‬‬ ‫ ومتنح أيضا القروض وهي عديدة‪:‬‬‫قرض عيد األضحى‪ ،‬القرض املدرسي‪ ،‬قرض مباشر‪ ،‬قرض قصير املدى‪ ،‬قرض متوسط‬ ‫املدى‪ ،‬قرض سكني‪ ،‬قرض سيارة والقرض العقاري في إطار منظومة االشتراك التكميلي‪.‬‬ ‫كما تبرم اتفاقيات مع بعض املؤسسات البنكية لتمكني املنخرطني من قروض بشروط‬ ‫ميسرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مالحظة‪“ :‬ال يتمتع بقروض التعاونية املتقاعد والقرين الباقي على قيد احلياة”‪.‬‬ ‫ و تؤمن خدمات اجتماعية وترفيهية‪:‬‬‫كراء قاعة األفراح بأثمان ميسرة‪ ،‬تنظيم الرحالت‪ ،‬إبرام اتفاقيات مع املزودين والنزل‬ ‫وشركات املالحة ووكاالت األسفار واحملطات االستشفائية‪ ،‬التدخل لدى املهرجانات الدولية‬ ‫وتقدمي املساعدات مبناسبة األعياد الدينية واإلعانات االستثنائية عند احلاجة كما تساهم‬ ‫في مصاريف مناسك احلج والعمرة‪.‬‬ ‫عدة أشكال للتواصل‪:‬‬ ‫ولضمان التواصل مع منخرطيها‪ ،‬وضعت التعاونية ّ‬ ‫ضابط إتصال الوحدة وذلك عبر دليل املنخرط‪ ،‬إرساليات قصيرة أو عبر الهواتف املوضوعة‬ ‫على الذمة‪ ،‬فضال عن التواصل باملواقع التالية‪:‬‬ ‫ ‬

‫الدفاع‬ ‫‪132‬‬

‫املوقع‬ ‫موقع الواب‬ ‫القاعدة العسكرية بالعوينة‬ ‫مكتب اإلرشادات‬ ‫مق ّر التعاونية‬ ‫)قاعة األفراح (قصر السعيد(‬ ‫العدد ‪64‬‬

‫ ‬ ‫العنوان أو الهاتف‬ ‫ ‬ ‫‪www.defense.tn‬‬ ‫ ‬ ‫‪71 760 900‬‬ ‫أو ‪ 13491 13492‬‬ ‫ ‬ ‫القاعدة العسكرية بالعوينة – ‪ 2045‬تونس‬ ‫اخلط املدني ‪ 26255-71.545.556 :‬‬ ‫جوان ‪2016‬‬


‫الذكرى الستني النبعاث اجليش الوطني‪:‬‬ ‫مسابقات في الرسم والشعر‬ ‫مبناسبة الذكرى الستني النبعاث اجليش الوطني نظمت وزارة الدفاع الوطني مسابقتني‬ ‫واحدة وطنية وأخرى خاصة بالعسكريني في الرسم الزيتي والشعر العربي‪.‬‬ ‫شارك في هذين املسابقتني ‪ 25‬شخصا بني عسكريني ومدنيني توزعت أعمالهم كما يلي‪:‬‬ ‫ ‪ 14‬لوحة زيتية من بينها ‪ 12‬من إجناز عسكريني‪.‬‬‫ ‪ 11‬قصيدا منها ‪ 7‬من نظم عسكريني‪.‬‬‫وقد استعرضت جلنة التحكيم املكونة للغرض كافة األعمال التي متّ إخفاء هوية‬ ‫أصحابها وإسناد أرقام لها حتى تكون عملية التقييم في إطار الشفافية التامة واملساواة‬ ‫بني جميع األفراد وأسفرت مداوالتها على النتائج التالية‪:‬‬ ‫ حجب اجلائزة األولى للمسابقة الوطنية في الرسم الزيتي وإسناد اجلائزتني الثانية والثالثة‬‫ اختيار األعمال الثالثة األولى للمسابقة اخلاصة بالعسكريني في الرسم الزيتي للحصول‬‫على جائزة‪.‬‬ ‫أما في ما يتعلق مبسابقة الشعر العربي فقد اختارت اللجنة قصيدا واحدا من املسابقتني‬ ‫الوطنية والعسكرية لنيل اجلائزة األولى على املستوى الوطني‪ ،‬ومت حجب بقية اجلوائز لغياب‬ ‫أعمال تستجيب للمقاييس التي وضعتها جلنة التحكيم‪.‬‬ ‫قامئة جلنة حتكمي مسابقيت الرمس الزييت والشعر العريب لسنة ‪2016‬‬ ‫من اجلانب العسكري‪:‬‬ ‫العميد عبد العزيز التليلي‪ :‬مدير التراث واإلعالم‬ ‫والثقافة‬ ‫العميد سالم الطريقي‪ :‬مساعد مدير التراث واإلعالم‬ ‫والثقافة‬ ‫املقدم عبد العزيز بوڤزّي‪ :‬رئيس دائرة الثقافة بإدارة‬ ‫التراث واإلعالم والثقافة‬ ‫املقدم فائق اخلنيسي‪:‬إدارة التراث واإلعالم والثقافة‬ ‫املقدم رضا بن يوسف‪ :‬أركان جيش البر‬ ‫الرائد محمد زكري‪ :‬ديوان السيد وزير الدفاع الوطني‬ ‫النقيب مصباح ناجي‪ :‬التفقدية العامة للقوات املسلحة‬ ‫النقيب محمد بن مسعود‪ :‬أركان جيش الطيران‬ ‫املالزم أول بالبحرية سلمى ح ّراث‪ :‬أركان جيش البحر‬ ‫املالزم أول محمد الهمامي‪ :‬إدارة التراث واإلعالم‬ ‫والثقافة‬

‫املالزم أول عبد السالم امليساوي‪ :‬إدارة التراث واإلعالم‬ ‫والثقافة‬ ‫املالزم أول محسن فضلي‪ :‬وكالة االستخبارات واألمن‬ ‫للدفاع‬

‫من اجلانب املدني‪:‬‬

‫السيدة سناء الطمزيني‪ :‬مديرة الفنون التشكيلية‬ ‫بوزارة الثقافة واحملافظة على التراث‬ ‫رسام عضو إحتاد الفنانني‬ ‫السيد باكر بن فرج‪ّ :‬‬ ‫التشكيليني‬ ‫السيد صالح الدين احلمادي‪ :‬رئيس إحتاد الكتّاب‬ ‫التونسيني‬ ‫السيد فتحي النصري‪ :‬أستاذ جامعي عضو إحتاد الكتّاب‬ ‫التونسيني‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪133‬‬


‫اللوحة الفائزة باجلائزة الثانية‪:‬‬ ‫النقيب جنم الدين احلسناوي‬

‫الدفاع‬ ‫‪134‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫اللوحة الفائزة باجلائزة الثالثة‪:‬‬ ‫العقيد فتحي اجلريدي‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪135‬‬


‫اللوحة الفائزة باجلائزة األولى‪:‬‬ ‫الوكيل أعلى عبد العزيز الوشتاتي‬

‫الدفاع‬ ‫‪136‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫اللوحة الفائزة باجلائزة الثانية‪:‬‬ ‫التلميذ ضابط مباشر مروان اجلريدي‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪137‬‬


‫اللوحة الفائزة باجلائزة الثالثة‪:‬‬ ‫الرائد عبداحلكيم التيمومي‬

‫الدفاع‬ ‫‪138‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫حتايا اجلالل‬

‫املسابقة الوطنية في الشعر العربي‬ ‫القصيد الفائز باجلائزة األولى‪:‬‬ ‫السيد معز عثمان التوري‬

‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪139‬‬


‫الدفاع‬ ‫‪140‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫جوان ‪2016‬‬


‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪141‬‬


‫جوان ‪2016‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪142‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪1 6‬‬ ‫‪4 9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪9 4 1‬‬ ‫‪8 9‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪7 4‬‬ ‫‪6 5 2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8 3‬‬ ‫‪9‬‬


‫ماهو ؟‬ ‫اإلجابات‬ ‫‪ 1‬اإلبره‬ ‫‪ 2‬املاء‬ ‫‪3‬حرف السني‬ ‫‪ 4‬الباب املفتوح‬ ‫‪ 5‬متوز‬ ‫‪ 6‬الصمت‬ ‫‪ 7‬السلحفاة‬ ‫‪ 8‬آدم‬ ‫‪9‬جامعةالدول العربية‬ ‫‪ 10‬الكفيف‬ ‫‪ 11‬الظالم‬ ‫‪ 12‬السمك و اجلراد‬ ‫‪ 13‬الضابط‬ ‫‪ 14‬الطاحونة‬ ‫‪ 15‬الرماد‬ ‫‪ 16‬الدخان‬ ‫‪ 17‬االذن‬ ‫‪ 18‬السحابه‬ ‫‪ 19‬عدمي اللون‬

‫هل تعلم ؟‬

‫‪-1‬ماهو الشي الذي يكسو الناس وهوعار بدون مالبس؟‬ ‫‪ -2‬ماهو الشي الذي اليجري والميشي؟‬ ‫‪-3‬شي في السماء و ليس في املاء ‪,‬فماهو؟‬ ‫‪ -4‬ماهو الباب الذي ال ميكن فتحه؟‬ ‫‪ -5‬ماهو إسم الشهر امليالدي الذي إذا حذفت أوله‪ ،‬حتول إلى إسم فاكهه؟‬ ‫‪ -6‬ماهي الكلمه التي يبطل معناها إذا نطقنا بها؟‬ ‫‪ -7‬ماهو الذي حلمه من الداخل وعظمه من اخلارج ؟‬ ‫‪ -8‬من هو الذي مات و لم يولد؟‬ ‫‪ -9‬ماهية اجلامعه اخلالية من الطالب؟‬ ‫‪ - 10‬من هو الذي تراه وال يراك ؟‬ ‫‪ - 11‬ما هو الشي الذي تراه في الظالم في كل مكان ؟‬ ‫‪- 12‬ما هما امليتتان اللتان يجوز أكلهما بدون إثم ؟‬ ‫‪ - 13‬رجاله على االرض و رأسه فوق النجوم ‪ ..‬فما هو ؟‬ ‫‪ - 14‬تدور و ال تتعب ‪ ..‬و تأكل و ال تشرب ‪ ..‬فما هي ؟‬

‫‪ - 15‬ما هو الشي الذي ينام وال يقوم ؟‬ ‫‪ - 16‬ما هو الشي الذي يذهب وال يرجع ؟‬ ‫‪ - 17‬قطعه وراء جبل التقطت كل خبر ‪ ..‬فما هي ؟‬ ‫‪ - 19‬ما هي التي متشي بال رجلني و تبكي بال عينني ؟‬ ‫‪ - 20‬ما هو لون املاء في النيل األزرق ؟‬

‫املشروبات الغازية تسبب عسر الهضم وزيادة الوزن بسبب‬‫السكر املضاف إليها‪.‬‬ ‫ ان للماء فائدة كبيرة ليس فقط ألنه يساعد علي زيادة كفاءة‬‫اجلسم في تنفيذ مهامه‪ ,‬ولكن ايضا لتجنب العديد من األمراض‬ ‫الصحية مثل الصداع وإلتهاب املفاصل وارتفاع ضغط الدم‪.‬‬ ‫ الطماطم تكافح سرطان البروستاتا‪.‬‬‫ اآلخطبوط حيوان بحري له ‪ 10‬أرجل وثالثة قلوب‪.‬‬‫ اجلزء الوحيد الذي ال يصل إليه الدم في جسم االنسان هو قرنية‬‫العني‪.‬‬ ‫‪ -‬تعيش أشجار الزيتون أكثر من ‪ 400‬سنة ‪.‬‬

‫الدفاع‬

‫ان ما يرد باملقاالت املنشورة ال يعبر عن موقف‬ ‫وزارة الدفاع الوطني‪ ،‬بل هي ملزمة الصحابها‬

‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪143‬‬


‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪144‬‬


‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪145‬‬


‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪146‬‬


‫الدفاع‬ ‫جوان ‪2016‬‬

‫العدد ‪64‬‬

‫‪147‬‬


ISSN : 1737 - 3069


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook

Articles inside

الصحراء سحر

6min
pages 128-131

بكوريا السادسة العسكرية األوملبية األلعاب دورة

5min
pages 124-127

العسكري املاراطون نصف سباق

1min
page 123

منهجية حترير املقال الطبي

1min
page 122

الدفاعي ودورها العثماني العهد خالل تونس مدينة أبراج

8min
pages 105-109

عشر التاسع القرن من عسكريون

9min
pages 100-104

الثالثة الصناعية الثورة األبعاد ثالثية الطباعة

6min
pages 95-99

املباشر غير التقرب إستراجتية

12min
pages 78-85

الم ّ احلماية القانونية ألفراد حفظ الس

20min
pages 66-73

التقني التطور في العسكرية األبحاث دور

10min
pages 74-77

احملاكاة ونظام العملياتي التحليل بني التفاعل

7min
pages 86-89

واألرشيف التوثيق إدارة

6min
pages 62-65

اجلديد الدستور في الوطني باجليش املتعلقة الفصول

4min
pages 59-61

املقاومـة املسلحـة التونسيـة ضـد االستعمـار الفرنسـي

25min
pages 34-47

التشغيل مجال في الدولة مجهود تعاضد الوطني الدفاع وزارة

1min
page 55

للصحافيني ميدانية زيارات

19min
pages 12-26

مؤسسو جيش البحر القدامى في ضيافة اجليل اجلديد

2min
pages 57-58

النواة األولى للجيش الوطني

11min
pages 48-54

دورة استثنائية لرؤساء التحريرمبعهد الدفاع

3min
pages 27-31

و هل هناك أسمى من حب الوطن

2min
pages 9-11

أحد البالد يحب ال كما البالد يحبون

2min
pages 6-8
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.